“وثيقة محمد علي للتوافق” خطوة بطريق استعادة الثورة المصرية قبيل ذكراها التاسعة

يأتي الإعلان عن وثيقة الفنان والمقاول محمد علي، مؤخرا، ضمن الحراك السياسي الذي أطلقه علي في 20 سبتمبر 2019، والتي حركت المياه الراكدة في المجتمع المصري، بتظاهرات شعبية جرى قمعها ووقفها في 27 سبتمبر الماضي، بقبضة أمنية شديدة، ما زالت تمسك المجتمع المصري من كافة توجهاته واتجاهاته وفاعليه.   وتأتي الوثيقة تنفيذا لدعوة أطلقها المقاول المعارض في 20 نوفمبر الماضي لإعلان ما أسماه “المشروع الوطني الجامع للمعارضة”.   الوثيقة الجديدة وفق ما تقول بهدف “توحيد القوى المعارضة” ضد عبد الفتاح السيسي، قبل أسابيع من الذكرى التاسعة لثورة يناير. وركزت أبرز بنود الوثيقة التي طرحت الجمعة الماضية، وتتضمن 8 مبادئ عامة و11 بندا للأولويات على تغيير النظام الحاكم بمصر، والإفراج عن السجناء السياسيين.   بنود وأولويات الوثيقة ونصت الوثيقة التي شارك فيها عدد كبير من المهتمين بالعمل السياسي والوطني والتيارات المعارضة بالخارج، وفق محمد علي، على عدة بنود، منها: -نظام الحكم في مصر مدني ديمقراطي يقوم على العدل وسيادة القانون، الشعب فيه مصدر السلطات، مع ضمان الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالإضافة إلى استقلال الإعلام ورقابة بعضهم البعض، والتداول السلمي.   -ضمان حرية إنشاء وإدارة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية والمؤسسات الدينية وكافة منظمات المجتمع المدني غير الحكومية بالإخطار.   – العمل على تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية، وإنشاء آليات للمحاسبة والتقاضي عبر قضاء ومحاكم مستقلة لا تجنح لانتقام.   -التوافق في ظل مشروع وطني جامع يشمل كافة التيارات المصرية لتحقيق مبادئ ثورة 25 يناير 2011 “عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية”.   – تغيير النظام الحاكم -إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين، وإلغاء كافة قرارات الفصل التعسفي الجائرة وقرارات مصادرة الأموال والممتلكات.   -الدخول في مرحلة انتقالية على أسس توافقية وتشاركية بين كافة التيارات الوطنية المصرية من أجل إنقاذ مصر، عن طريق المشروع الوطني الجامع الذي يشمل اتخاذ إصلاحات اقتصادية عاجلة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال الديمقراطي وإصلاح دستوري شامل، وصولا إلى انتخابات ديمقراطية تنافسية في نهاية المرحلة الانتقالية   تعهد بدولة مدنية   ومن أبرز المبادئ الحاكمة التي تضمنتها الوثيقة، هو تأكيد مدنية وديمقراطية مصر، وتعزيز حق المواطنة، واحترام حقوق الإنسان، وضمان حرية إنشاء وإدارة الأحزاب السياسية، وإعادة هيكلة علاقة الدولة مع كافة المؤسسات الدينية، واعتبار أن العدالة الانتقالية ضمانة لتحقيق المصالحة المجتمعية. كما تضمنت أولويات العمل، التوافق على مشروع وطني جامع، وإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين والمعتقلين، والدخول في مرحلة انتقالية على أسس توافقية وتشاركية، ورفع معدل النمو الاقتصادي، ورفض الانقلابات العسكرية وتجريمها. وشملت أولويات العمل،  أيضا، الاستقلال التام للسلطة القضائية، وإعادة هيكلة الشرطة، ووضع منظومة شاملة لمكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي داخل مؤسسات الدولة، فضلا عن مراجعة الاتفاقات الخارجية التي أبرمها النظام الحالي، ووضع قوانين انتخابات تضمن المساواة بين كافة المرشحين.   تدرج نحو مرحلة انتقالية   ومن الحنكة السياسية، حديث الوثيقة وتضمنها الدخول في مرحلة انتقالية على أسس توافقية وتشاركية بين كافة التيارات الوطنية المصرية  من أجل إنقاذ الوطن، عن طريق المشروع الوطني الجامع الذي يشمل اتخاذ إصلاحات اقتصادية عاجلة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال الديمقراطي وإصلاح دستوري شامل، وصولا إلى انتخابات ديمقراطية تنافسية في نهاية المرحلة الانتقالية، ورفع معدل النمو الاقتصادي لتحسين مستوى المعيشة وعلاج الفقر، والتعامل مع ملف الديون، مع ضمان عدالة توزيع الثروة من خلال إصلاح المنظومة الضريبية والانحياز للتنمية البشرية عن طريق منظومة تعليمية وصحية حديثة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الشباب وتعزيز قدراتهم.   وأكدت الوثيقة على «رفض الانقلابات العسكرية وتجريمها، وحصر دور المؤسسة العسكرية في حماية حدود الوطن والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه، ولا يجوز لها التدخل في الحياة المدنية أو السياسية أو الاقتصادية، وتخضع المؤسسة العسكرية لرقابة الهيئات النيابية المنتخبة وكذلك تخضع ميزانيتها وإنفاقها ومشروعاتها وحسابات كبار ضباطها لرقابة الهيئات الرقابية والمالية، والاستقلال التام للسلطة القضائية بمن في ذلك النائب العام، وإعادة هيكلة قوانين تنظيم القضاء بحيث تخضع لموافقة السلطة التشريعية ورقابتها، ووقف إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وتنحصر ولاية القضاء العسكري فقط بالجرائم العسكرية التي تقع من أفراد من القوات المسلحة، وإعادة هيكلة الشرطة وإخضاع وزارة الداخلية لرقابة القضاء والهيئات النيابية المنتخبة.   كما طالبت الوثيقة بـوضع منظومة شاملة لمكافحة الفساد المالي والإداري والسياسي داخل مؤسسات الدولة، ومراجعة الاتفاقات الخارجية التي أبرمها النظام الحالي والتي من شأنها التنازل عن أرض مصر والتفريط في ثرواتها الطبيعية وإهدار مياه النيل، ووضع قوانين الانتخابات بحيث تضمن المساواة بين كافة المرشحين في الإمكانات المالية والظهور الإعلامي، ومنع الحصول على أي تمويل من الخارج في العملية الانتخابية لضمان عدم تدخل جهات أجنبية في الشؤون الداخلية المصرية.   تباين ردود الفعل   إعلان الوثيقة التي تجاهلها نظام السيسي نهائيا، وكأنه يعيد مشهد مبارك في 2010، حينما أعلنت المعارضة آنذاك عن تشكيل البرلمان الموازي، قائلا: “خليهم يتسلواا”. إلا أن ردود الفعل تباينت إزاء  الوثيقة الصادرة، بين مؤيد ومعارض، حيث يراها المؤيدون أنها فرصة للتجمع قبل ذكرى ثورة يناير، في مقابل آراء معارضة أنها تؤسس لشرعية النظام الحالي والإقرار به.   غير أنه كان من أبرز المؤيدين جماعة الإخوان المسلمين، وقالت الجماعة في بيان لها، الأحد الماضي: إنها “تؤيد” وثيقة محمد علي، معتبرة إياها “أساسا مناسبا لتعاون المخلصين من أبناء الوطن  لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تختار مؤسساتها ورئيسها عبر انتخابات حرة ونزيهة”.   وتابعت: “إذ تؤيد الجماعة هذه الخطوة فإنها تهيب بكل القوى الوطنية سرعة الالتقاء معًا في صف واحد”.. وقالت إن “الجماعة تعاهد الله ثم الشعب المصري العظيم على مواصلة مسيرة الكفاح، مع أبنائه الشرفاء، دون أن تتقدم عليهم أو تتأخر عنهم”. ويعد البيان أول خطوة إجرائية معلنة من الجماعة، وذلك بعد تأكيدها في 12 ديسمبر 2019، تنازلها عن ما تعتبره “شرعية الرئيس”، عقب وفاة مرسي، قبل أشهر، معلنة حينها، أن الشرعية عادت للشعب المصري يخولها من يشاء عبر انتخابات حرة. ومنذ يوليو 2013، رفضت الجماعة التنازل عن “شرعية مرسي”، وتتمسك بها مما شكل “عائقا”، وفق مراقبين، لرفض معارضين لها وللسيسي الاتفاق معها على هذه النقطة لاسيما ممن كانوا يعارضونها إبان كان مرسي بالحكم، وهذا التمسك بشرعية مرسي كان يعتبره مؤيدون للنظام أمرا غير معقول، خاصة مع مجئ السيسي بانتخابات، حتى وإن كانت هزلية.   فيما قال المعارض الليبرالي، أيمن نور: إن “الوثيقة الوطنية التي عرضها محمد علي تعبر بشكل واسع عن قضايا توافقت عليها الجماعة الوطني المصرية خلال السنوات الماضية ويمكن البناء عليها في المرحله القادمة”.   وبحسب نشطاء، فإن محمد علي جمع الكثير من بنود من مبادرات سابقة أعلنتها قوى وطنية في أوقات ماضية، إلا أنها في شكلها الخالي وفي ظروفها القائمة، تنال القبول عما قبل، بفعل الظروف السياسية الراهنة، والقمع الذي مارسه السيسي ضد الجميع، وانغلاق فرص…

تابع القراءة

تركيا ومواجهة التواطؤ الدولي في ليبيا.. الثورة المضادة تتراجع

بقلم: حازم عبد الرحمن تعيش ليبيا على وقع حرب تشنها ميليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ضد الحكومة الشرعية لبلاده, مدعوما من عدة دول, ويحدث ذلك بالرغم من مخالفته القانون وتوصيات الأمم المتحدة والأعراف الدولية؛ فالإمارات وفرنسا والسعودية وقائد الانقلاب في مصر يقدمون كل ما يمكن من الدعم لحفتر؛ لكي يهاجم العاصمة طرابلس, وهو يفشل في كل مرة, ويتواصل دعمه من باريس وأبو ظبي والرياض والقاهرة وموسكو, ويأتي المرتزقة من السودان وتشاد وروسيا لقتال الحكومة الشرعية, في محاولة للاستيلاء على العاصمة طرابلس, ويحدث ذلك على مرأى ومسمع من العالم كله, وبالرغم من أن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا تقاتل متمردا عليها, خارجا على القانون إلا أن التواصل والدعم من محور الثورة المضادة والدول الأوروبية مستمر إلى الجنرال الذي يسعى للانقلاب على الشرعية, ودون مواربة اتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علنا بحفتر, واستقبلته روسيا وغيرها, ومؤخرا ضاعفت الإمارات ومصر وجودهما وتأثيرهما في الساحة الليبية، وأكدتا المزيد من الاصطفاف إلى جانب حفتر، بمستويات متعددة من الدعم السياسي والتأثير في القرار الدولي، حيث بات الوسطاء الدوليون جزءا من أجندة الإمارات توظفها لصالح حفتر، يضاف إلى ذلك الدعم العسكري بالطيران والاستخبارات والتخطيط والتنفيذ الميداني, في استهانة واضحة بشرعية الحكومة الليبية, والدماء التي تسيل بسبب هذه الحرب. والتفسير الوحيد لصمت المجتمع الدولي وتواطئه هو الرغبة في إبقاء الحكم الدكتاتوري مهيمنا على السلطة بيد الجنرالات؛ فهم أكثر طاعة من غيرهم في تلبية أطماع الدول الغربية, بالإضافة إلى رغبة محور الثورة المضادة في قطع الطريق على الشعوب العربية في التحرر من الدكتاتورية؛ حتى لا تنتقل إليها عدوى الحرية, ولذلك  فإن جرائم عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر, وبشار الأسد في سورية, وخليفة حفتر في ليبيا, ومحمد بن زايد في اليمن… هذه الجرائم تتم دون إدانة واضحة من المجتمع الدولي الذي يرى مصلحته في بقاء الأنظمة المستبدة. لكن تركيا كانت على النقيض من التواطؤ الدولي مع الدكتاتوريات العربية؛ فقد أدانت منذ اللحظة الأولى الانقلاب العسكري في مصر  3 يوليو 2013 , وأيدت الثورة السورية ضد بشار الأسد, وهي الآن تمد يد العون للحكومة الشرعية في ليبيا في مواجهة انقلاب يقوده جنرال متقاعد مدعوم من محور الثورة المضادة, والدول الغربية, ومع أن الدعم التركي يأتي في إطار قانوني, بعد اتفاقيات بين البلدين إلا أن المجتمع الدولي المتواطئ أزعجه التحرك التركي المنفرد لدعم حكومة شرعية, بمعنى أنه لا يدعمها, ولا يريد لتركيا أن تدعمها؛ حتى تسقط الحكومة في قبضة انقلاب عسكري بيد جنرال متعطش للسلطة لا يسعى لتحقيق مصالح بلاده بقدر ما يكون وكيلا لتنفيذ مصالح الدول الغربية, ويسلم اقتصاد الدولة إلى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد, كما يفعل السيسي في مصر الآن. *جدية الدعم التركي في ظل حكومات حزب العدالة والتنمية ( وصل الحزب إلى الحكم عام 2002 ), حققت تركيا قفزات كبرى على الصعيدين الاقتصادي والعسكري, وهما من أهم عناصر القوة المؤثرة في الساحة الدولية, وقد حققت في عهد إردوغان نجاحات كبيرة في مجالات التصنيع والسياحة وغيرها؛ ما جعلها قوة اقتصادية كبرى ضمن أقوى عشرين اقتصادا في العالم, كما أصبحت قوة عسكرية كبيرة تتقدم على ألمانيا في ترتيب ميزان القوى العسكرية؛ وهي تتمتع بمصداقية في دعم الحريات, ورفض أنظمة الاستبداد وإدانتها بقوة؛ لذلك فهي عندما تتحرك على الساحة تزعج أصحاب المخططات السوداء في امتصاص دم الشعوب المغلوبة على أمرها, ومن ثم كان تحركها لدعم الشرعية في ليبيا مقلقا؛ فهي كقوة عسكرية كبيرة عضو في “الناتو” تنشر قوات خارج حدودها في 13 بلدا مثل سورية وقطر وأفغانستان وغيرها, وقد بات مشهورا عن رئيسها إردوغان تحدي التواطؤ الدولي ضد إرادة الشعوب الإسلامية, وكان من أبرز المشاركين في قمة كوالالمبور دفاعا عن حقوق المسلمين, وفي ليبيا يبدو التحرك التركي قويا مدعوما من البرلمان الذي قرر عقد جلسة طارئة للموافقة على نشر قوات عسكرية في ليبيا, وقد أعلنت أحزاب سياسية تركية تأييدها لدعم حكومة طرابلس. *هلع في مصر والإمارات  تسبب التحرك التركي في حالة من الهلع لدي قائد الانقلاب في مصر وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد؛ فالأول أجرى اتصالات مكثفة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي, بشأن عزم تركيا إرسال قوات عسكرية لدعم حكومة الوفاق الليبية, أما محمد بن زايد فقد أوعز إلى أذرعه الإعلامية بالترويج لضرورة التصدي العربي للتدخل التركي في ليبيا, وهو نفس ما فعلته هذه الأذرع عندما دخل الجيش التركي شمال سورية لمطاردة القوات الكردية الانفصالية, وهو ما كان يستحق الإشادة والتأييد؛ لكونه يحافظ على وحدة الأراضي السورية, لكن ابن زايد اعتبره عدوانا على دولة عربية, وتجاهل أن سورية تمرح على أراضيها قوات إيرانية وأمريكية وفرنسية وروسية, واختار فقط إدانة التدخل التركي الذي يحارب مخططا كرديا للانفصال عن سورية. ومما يزيد من قلق السيسي وابن زايد رفض الحكومة الشرعية في طرابلس مشاركة حفتر في أي تسوية سياسية في المستقبل، وقد أعلنت أيضا أنها حافظت على المكاسب الميدانية التي حققتها مطلع هذا الأسبوع, وأكدت أنها لا تعلق آمالا كبيرة على مؤتمر برلين، ولا على المجتمع الدولي، لحل الأزمة في ليبيا. *ما بعد الدعم التركي بعد وصول الدعم العسكري التركي إلى طرابلس سيكون وجود القوات الأجنبية الداعمة لحفتر عديم الجدوى ؛ فقوات المرتزقة القادمة من السودان وتشاد وروسيا لن تفلح في مهاجمة طرابلس, كما أن الدعم التركي سيحرم حفتر من عنصر التفوق النوعي الوحيد الذي كان يمتلكه، وهو الطيران، فوجود الدفاعات التركية الجوية في مصراتة وطرابلس سيمثل رادعا قويا للإمارات ومصر من المجازفة بإرسال طيرانهما لقصف المدينتين. ويحمل الوجود العسكري التركي في ليبيا معه خبرة طويلة في التعامل مع المقاتلين شبه النظاميين (مثل ميليشيات حفتر) في جنوب تركيا، وشمال العراق، وشمال سوريا خلال السنوات الماضية, وسيقدم تسليحا  نوعيا يقابل أو يفوق التسليح الذي توفره الإمارات، خاصة من حيث النوعية، والخبرة في الاستخدام, وسوف يتوارى الدعم المصري والإماراتي والفرنسي لكونه ليس مشروعا بل هو مرفوض من جانب الحكومة الشرعية في طرابلس, وهو يجري من خلف ستار, بل إن هذه الدول الثلاث تنكر دعمها حفتر من الأساس, ويزيد على ذلك إصرار تركيا على حماية الحكومة الشرعية لضمان الاتفاقية البحرية التي عقدتها مع ليبيا في 27 نوفمبر الماضي، والتي يلزمها بقاء حكومة السراج صامدة, بل إن تركيا ترى أنها إذا لم تتمكن من ذلك فلن تستطيع حماية حدودها الوطنية، خاصة بعد الاتفاقية التي جعلت ليبيا جارا بحريا لها، ولا يمكن أيضا إغفال الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين. وسيكون نجاح الدعم التركي سابقة خطيرة في كشف التواطؤ الدولي الداعم للدكتاتوريات العربية, بل مواجهة هذا التواطؤ, والانتصار لإرادة الشعوب, بفرضه حلا سياسيا عادلا, يغير من موازين القوى وليس عسكريا بعكس ما كان يخطط له…

تابع القراءة

موجة الانتفاضات العربية الجديدة.. صعود سلمى مستمر

نشر مركز كارنيجى تقريراً يتناول فيه طبيعة الموجة الاحتجاجية التى يشهدها أقليم الشرق الأوسط هذا العام، مشيراً إلى أن الانتفاضات العربية في 2019  قد دخلت فى مرحلة من صراع سياسي من المرجح أن يستمر، فعلى الرغم من أن البعض يرى أن موجه الاحتجاجات التى تجتاح منطقة الشرق الأوسط حاليًا، بإنها تقليد شاحب لاحتجاجات عام 2011، إلا أن انتفاضات 2019 أصبحت أكثر إثارة للإعجاب من نواح كثيرة؛ فقد استمرت لفترة أطول وأظهرت مرونة هائلة، كما حققت إنجازات كبيرة. لكن، بقطع النظر عن النجاح الهائل للسودان، فإن حركات الاحتجاج الجديدة هذه ليست أقرب إلى إيجاد طرق لفرض تغيير نظامي داخل الدول. وفيما يلى ترجمة التقرير؛ تجدر الإشارة إلى أن موجة الاحتجاجات هذا العام مدفوعة بنفس مظالم 2011 المتمثلة فى؛ الفشل فى إدارة البلاد، الأوضاع الاقتصادية الكارثية، والفساد، وإفلات النخبة من العقاب، وانتهاكات الخدمة الأمنية، ونفاد صبر الأجيال على  وتيرة التغيير. إلا أنه يبدو أن المتظاهرون قد تعلموا دروسًا مهمة من إخفاقاتهم الماضية فضلاً عن تجارب البلدان الأخرى. على الرغم من أن الانتفاضات العربية لعام 2011، كانت من القوة بمكان إلا أنها لم تدم طويلاً بشكل عام. فقد استمرت انتفاضة مصر النموذجية ثمانية عشر يومًا فقط، تلتها مظاهرات عرضية لكنها أقل فعالية بكثير، واستمرت تونس حوالي شهر، بينما تدهورت ليبيا بسرعة إلى الحرب. كما كانت الأوضاع في اليمن وسوريا في عام 2011 متدهورة في كلا البلدين، فقد استمرت الحركات اللاعنفية لأكثر من عام في مواجهة عنف الدولة المتطرف قبل أن تتغلب عليها الحرب الأهلية. على العكس من 2011، فقد استمرت احتجاجات 2019 لفترة أطول بكثير من سابقاتها، فقد استمرت احتجاجات السودان لمدة نصف عام وعادت إلى الظهور في نقاط حرجة. كما لازالت الجزائر مستمرة منذ ما يقرب من تسعة أشهر تقاوم كل الجهود المبذولة لإنهاكها، كما ظلت كلاً من العراق ولبنان تواصل مظاهرات متواصلة في تحد للعنف والانقسامات الطائفية  ويأس من تحدي إفلات النخبة من العقاب الذي تتعرض له النظم الطائفية. ولم تكن مرونة حركات الاحتجاج هذه ملحوظة، فقد تمكنت حركة الاحتجاج السودانية من التعافي وإعادة تكوين نفسها بعد هجوم يونيو العنيف على اعتصام في الخرطوم  واعتقالات جماعية لمنظميها وأعضائها، وإغلاق الإنترنت، كما استمرت الاحتجاجات الجزائرية على الرغم من تغييرات الحكومة  والانتخابات التي كانت مثيرة للجدل والاعتقالات المتصاعدة، حيث احتلت الاحتجاجات العراقية المساحات العامة في جميع أنحاء الجنوب وإلى بغداد. كما تحدى لبنان الكارثة الاقتصادية والعنف المتقطع. فقد حافظت حركات الاحتجاج هذه، على الرغم من افتقارها الواضح للقيادة أو الهيكل التنظيمي ، إلى الانضباط المذهل للرسائل، حيث أصروا على التغيير المنهجي في الوقت الذي يرفضون فيه العروض التي تقدمها الأنظمة لإنهاء الاحتجاجات من خلال وعود بالانتخابات، أو إصلاحات تجميلية، أو مجرد التخلي عن زعيم – على سبيل المثال الرؤساء – عمر البشير في السودان أو عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، فقد أظهروا التزامًا غير عادي بالبقاء سلميًا في مواجهة حملات النظام. على الجانب الأخر، فقد أدرك المستبدون كذلك أنه لن يكون هناك استجابة دولية ذات معنى تذكر لاستخدامهم للعنف، لذا أصبحوا أساتذة في التلاعب بالوسائط الاجتماعية — من المراقبة إلى إطلاق العنان لجيوش الروبوتات إلى تقسيم المنافسين وإعادة تشكيل الروايات إلى إغلاق الإنترنت حسب الحاجة. فمن الواضح أن الائتلافات السياسية المعارضة – سواء أكانت من المعتدلين والمتشددين الإيرانيين، وحزب الله والموالين لرئيس الوزراء سعد الحريري في لبنان، أو السياسيين في المنطقة الخضراء العراقية – قد اجتمعت للدفاع عن امتياز النخبة والوضع الراهن ومنع ظهور بدائل سياسية معقولة. لقد تعلمت الأنظمة أن بإمكانهم استخدام سلطتهم للتخلص من تماسك وحماس جماهيريهم، فقد أدركت الأنظمة أنه ليس لديهم ما يخشونه من خلال الضغط الدولي، وأصبحوا  يعرفون أن عسكرة الاحتجاجات أو تصعيدها أصبحت بأيديهم، في حين أن الجمهور سئم من المتظاهرين، وأصبحوا متلهفين للعودة إلى الحياة الطبيعية،  وبينما تخاطر الأنظمة التي تستخدم العنف بشكل عشوائي بإثارة الغضب وإحضار المزيد من الناس إلى الشوارع، إلا أنها أكثر مهارة في الاستنزاف البطيء من خلال الاعتقالات والترهيب  وعمليات القتل المستهدفة. فعلى سبيل المثال، فقد أكد النظام الجزائري بوضوح على قدرته على الحفاظ على الوضع الراهن للمظاهرات المنتظمة مع القمع المتصاعد باستمرار، مع الحفاظ على واجهة الانتخابات الديمقراطية. كما اتخذ نظام إيران إجراءات صارمة وحاسمة وبتكلفة بشرية كبيرة. كما يُظهر نخب العراق ولبنان تجاهل حيال إلحاح الوضع القائم، فى ظل مخاطر الانهيار الاقتصادي في لبنان، وفى ظل مخاطر التحول إلى حرب أهلية في العراق. إلا أن المتظاهرون الحاليين قد أدركوا أن حمل السلاح هو على الأرجح بداية النهاية لحركتهم، حيث يدعو العنف إلى انتقام النظام، كما يُفقد الدعم الدولي  وينفر المواطنين العاديين الذين يتعاطفون مع مطالب المحتجين. وربما يرجع ذلك إلى استيعاب الدروس من سوريا وليبيا. وبالتالى ظل الالتزام باللاعنف ثابتًا ومنضبطًا بشكل ملحوظ بالنظر إلى الطبيعة غير المتبلورة لحركات الاحتجاج. ومع استمرار التظاهرات، يزداد دافع الأنظمة لاستخدام العنف، سواء لتطهير الشوارع أو دفع المتظاهرين نحو ردود فعل عنيفة من شأنها أن تبرر حملة قمع كاسحة. فى ظل عدم إمكانية التنبؤ بمآلات ذلك العنف، فقد أدت وحشية إخلاء النظام السوداني للاعتصام إلى نتائج عكسية مما أدى إلى تحول الرأي العام العالمي ضده في الوقت الذي أغضب الكثير من المواطنين، كما أدى العنف بين المتظاهرين والميليشيات إلى تعطيل المظاهرات العراقية لبعض الوقت، مع بعض العلامات المثيرة للقلق المتمثلة في عودة جماعات المعارضة بطرق خطيرة. ماذا يعني هذا في النهاية؟ من المهم عدم الخلط  بين النجاح وتغيير النظام. حتى عندما أثبتت المظاهرات أنها غير قادرة على الإطاحة بالأنظمة، فقد حولت بوضوح الحياة الاجتماعية والسياسية بطرق أساسية وعميقة، إن الإحياء الثقافي واختبار الأفكار السياسية الجديدة خصبة في بيروت وبغداد كما كانت في الخرطوم والجزائر. ما حدث في عام 2019 يجب ألا يُنظر إليه على أنه موجة ثانية من الاضطرابات بعد فشل عام 2011، بل يجب أن يُنظر إليه على أنه حلقة واحدة أخرى في صراع سياسي طويل مع العديد من الحلقات الأخرى التي يجب أن تستمر. [1] MARC  LYNCH.Up without Arms. Karnegi middle East Center. Date:1612.2019 LINK. https://carnegie-mec.org/diwan/80600?fbclid=IwAR0cMYdYpkYiE7iaRlnPEZhObuB2D6AaXfy4U-vbOrlkgqpVGn6EnTwsYzk  

تابع القراءة

سيناريوهات الصراع المصري التركي في شرق المتوسط وليبيا

دخلت الأزمة التركية المصرية منعطفا حادا نحو الانزلاق لمواجهة غير مسبوقة، على الصعيدين السياسي والعسكري. تجلت خلال الأيام التالية لتوقيع تركيا وحكومة طرابلس الليبية اتفاق أمني اقتصادي لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مع إعلان تركيا استعدادها لإرسال دعم عسكري مباشر ومعلن إلى ليبيا في مواجهة عدوان خليفة حفتر وداعميه الإقليميين. تجلى التصعيد العسكري من قبل القاهرة، بعدد من الخطوات العسكرية، كمناورات بحرية في البحر المتوسط وإطلاق صاروخ بحري من غواصة، ولقاء السيسي بقائد القوات البحرية أحمد خالد سعيد، ووزير الدفاع محمد زكي، وإعلان القوات المسلحة المصرية قدرتها على ردع أي اعتداء عسكري في البحر المتوسط، تلى ذلك لقاءات سياسية مع السيسي ورؤساء  وزراء اليونان وقبرص مؤخرا بالقاهرة. وفي مقابل ذلك، قام الرئيس التركي بطلب من البرلمان التركي بالموافقة على تخويله إرسال قوات عسكرية لليبيا، بناء على طلب حكومة طرابلس. فيما دخل الاتفاق الأمني الليبي التركي حيز التنفيذ فجر الخميس 26 ديسمبر، بعد نشره في الجريدة الرسمية التركية. ونشرت الجريدة قرار المصادقة على مذكرة التفاهم التي أبرمت بين حكومتي تركيا والوفاق الوطني الليبية في 27 نوفمبر الماضي. وفي 21 ديسمبر الجاري، وافقت الجمعية العامة للبرلمان التركي على مقترح قانون حول المصادقة على مذكرة التفاهم. وتشمل المذكرة دعم إنشاء قوة الاستجابة السريعة التي من ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والدعم التدريبي، والاستشاري والتخطيطي والمعدات من الجانب التركي. عند الطلب يتم إنشاء مكتب مشترك في ليبيا للتعاون في مجالات الأمن والدفاع بعدد كاف من الخبراء والموظفين.   كما تنص المذكرة على توفير التدريب، والمعلومات التقنية، والدعم، والتطوير والصيانة، والتصليح، والاسترجاع، وتقديم المشورة، وتحديد الآليات، والمعدات، والأسلحة البرية، والبحرية، والجوية، والمباني، والعقارات، ومراكز تدريب بشرط أن يحتفظ المالك بها.   وتشمل أيضا تقديم خدمات تدريبية واستشارية تتعلق بالتخطيط العسكري ونقل الخبرات، واستخدام نشاطات التعليم والتدريب نظم الأسلحة والمعدات في مجال نشاطات القوات البرية، والبحرية، والجوية المتواجدة ضمن القوات المسلحة داخل حدود البلدين.   هذا إلى جانب المشاركة في التدريب والتعليم الأمني والعسكري، والمشاركة في التدريبات العسكرية أو المناورات المشتركة، والصناعة الخاصة بالأمن والدفاع، والتدريب، وتبادل المعلومات الخاصة، والخبرات وتنفيذ المناورات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود البرية، والبحرية، والجوية.   كما تنص المذكرة على التعاون في مجال مكافحة المخدرات، والتهريب، وعمليات التخلص من الذخائر المتفجرة والألغام، وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية، والتعاون في مجال الاستخباراتي والعملياتي. ومن ضمن مجالات التعاون بين الطرفين، الخدمات الطبية والصحية للشرطة والجيش، ونظم الاتصالات والإلكترونيات والدفاع (السيبراني) الإلكتروني، وحفظ السلام، وعمليات الإسعاف الإنسانية ومكافحة القرصنة، وتبادل المعرفة حول قانون البحار والنظم القانونية العسكرية، والتخريط وعلم وصف المياه، وتبادل الموظفين الضيوف والمستشارين والوحدات، وتبادل المعلومات والخبرات في مجالات البحث العلمي والتقني في المجالات العسكرية والأمنية، والنشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية، والتاريخ العسكري، الأرشيف، النشر وعلم المتاحف، وتبادل وتشاطر المعرفة حول الوعي بالحالة في البحار والتعاون في عمليات أمن البحار.   وفي السياق نفسه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس: إن هناك دولاً تدعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وإن تركيا لن تسمح بتكرار انقلاب مصر في ليبيا، مشددا على أن تركيا ستلبي أي دعوة إلى إرسال قوات تركية لليبيا. ولفت أردوغان إلى أن تركيا تذهب إلى الأماكن التي تُدعى إليها، مبدياً معارضته لما يقوم به  حفتر.   وأضاف أردوغان، في اجتماع لقيادات محلية في حزب العدالة والتنمية “سنقدم جميع أنواع الدعم لحكومة طرابلس في كفاحها ضد الجنرال الانقلابي المدعوم من دول أوروبية وعربية مختلفة”. وتابع: “سنعرض على البرلمان مشروع قانون لإرسال قوات إلى ليبيا عندما يستأنف عمله في يناير”، معرباً عن إصرار تركيا على مشاركة تونس والجزائر وقطر في مؤتمر برلين المرتقب حول ليبيا.   حقوق تركية   وبشأن الاتفاق التركي الليبي، قال الرئيس التركي: “هدفنا في البحر المتوسط ليس الاستيلاء على حق أحد، بل على العكس من ذلك، نهدف إلى منع الآخرين من الاستيلاء على حقنا”.     تركيا وتونس كما جاءت زيارة لأردوغان غير معلن عنها مسبقا لتونس، الأربعاء الماضي،  بصحبة وفد ضم وزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات ومستشارين أمنيين. وهي أول زيارة لزعيم أجنبي لتونس منذ انتخاب الرئيس “قيس سعيد” رئيسا للبلاد واستلامه لمنصبه في أكتوبر الماضي. وخلال الزيارة جرى الإعلان عن توافق في الرؤى الأمنية الإقليمية والاتفاق على تفعيل تعاون إقليمي تركي قطري تونسي جزائري،  حول ليبيا  من أجل الوصول لحلول سلمية للقضية الليبية. حيث أعلنت الرئاسة التونسية، الأربعاء: أن الرئيس “قيس سعيد” طرح أثناء لقائه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، مبادرة للسلام في ليبيا. وتضمنت محادثات الرئيس التونسي ونظيره التركي طرح “مبادرة تونس للسلام” في ليبيا تقوم على جمع الليبيين على كلمة سواء وطي صفحة الماضي. وأضافت: إن ممثلي القبائل والمدن الليبية أعربوا عن استعدادهم لهذه المبادرة، مشيرة إلى  تأكيد الرئيس التركي على أن استقرار ليبيا مهم لاستقرار دول الجوار، وفي مقدمتها تونس، مشددا على أن لتونس دورا مهما في استتباب الأمن في ليبيا. وشملت المباحثات سبل الإسراع بالعمل على وقف إطلاق النار في ليبيا في أقرب وقت. وأكد أردوغان أنه طلب من المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” والرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” مشاركة قطر وتونس والجزائر في قمة برلين حول النزاع في ليبيا. وقال “سعيد”، في المؤتمر الصحفي: إن الاتفاق الموقع بين تركيا وليبيا والمتعلق بترسيم الحدود البحرية لا يمس تونس، ولم يكن مطروحا في لقائه مع “أردوغان“. ومن جهته، أوضح الرئيس التركي أن دولتي تركيا وليبيا تملكان كامل الصلاحيات لاتخاذ القرارات بشأن الاتفاقية وأن التحفظ اليوناني لم يكن مبررا. وعلى الجانب الآخر، أعلن وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، “فتحي باشاغا”، أن بلاده تعتزم الدخول في تحالف موحد مع كل من تركيا وتونس والجزائر، داعيا في الوقت ذاته لتوحيد الجهود لإطلاق عملية سياسية من شأنها وقف إطلاق النار. وقال “باشاغا” في مؤتمر صحفي، الخميس 26 ديسمبر: “سيكون هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر، وسنكون في حلف واحد، وهذا سيخدم شعوبنا واستقرارنا الأمني”. وأضاف وزير الداخلية أن حكومة الوفاق تقبل حل أزمة البلاد سياسيا، “لكن الطرف الآخر يرفض ذلك”. إلا أن الرئاسة التونسية  سارعت ونفت انضمامها لأية تحالفات إقليمية، وقالت المكلفة بالإعلام في الرئاسة التونسية، “رشيدة النيفر”، في تصريحات صحفية، أكدت أن بلادها “لم تنضم لأي تحالف“. وشددت “رشيدة” لصحيفة “الصباح نيوز” المحلية، أن “تونس متمسكة بحيادها في الملف الليبي، على نفس المسافة من مختلف الأطراف، ولم تنضم لأي تحالف”. ويرجع مراقبون أن سبب ذلك الإعلان المرتبك، يرجع لغضب بعض الاحزاب التونسية، حيث عبّرت أحزاب سياسية تونسية، وهي حركة “مشروع تونس” و”التيار الشعبي والدستوري الحر” و”آفاق تونس” و”حزب العمال” في بيانات لها عن توجّسها من أهداف الزيارة التي أداها الرئيس التركي إلى البلاد…

تابع القراءة

العراق الجريح أسئلة انتفاضة أكتوبر فورة سريعة أم ثورة ممتدة

المقدمة: اندلعت، في أكتوبر الماضي، مظاهرات شعبية واسعة النطاق في بغداد والعديد من المدن الجنوبية، لم تكن التظاهرات الحالية حدثًا استثنائيًّا بحد ذاتها رغم أنها كانت الأضخم والأهم والأخطر على النظام السياسي منذ غزو العراق 2003. ولعل من أسباب تميز التظاهرات الحالية عن سابقاتها أنها تجاوزت محدودية التظاهرات السابقة، حيث رفع المتظاهرون سقف المطالب بشكل كبير إلى إسقاط النظام بكامله، وعدم القبول بأية إصلاحات ذات طبيعة جزئية. وقد تمحورت تساؤلات الجميع ومنهم الطبقة السياسية في العراق لاسيما الأحزاب والقوى المسلحة الموالية للحكومة حول أمرين: – هل تريد هذه التظاهرات الوصول إلى ثورة أم انتفاضة أو طرح مجموعة من المطالب الاقتصادية والاجتماعية؟ ماذا عن سؤال العنف؟ وما هي القوى التي مثَّلت المحرك الرئيسي للتظاهرات؟ وكيف يرى الحراك سؤال التنظيم؟ وهل تكون الانتخابات بداية الطريق لتحقيق أهداف الحراك؟ أسئلة عديدة سيحاول هذا التقرير منافشتها.   غلاء المعيشة وانتشار البطالة: السر في البعد الاقتصادي: تعاني الأغلبية من الشعب العراقي ضيق العيش، ومرارة الفقر، وسوء الخدمات التي تقدمها الدولة، رغم ثراء البلد بالذهب الأسود، ولذلك كان للبعد الاقتصادي كلمة السر في نزع فتيل الانتفاضة الأخيرة. وفي حقيقة الأمر وينقــل لنــا تاريخ تظاهرات ما بعد 2003 في العراق أنــه كلمــا أدركــت فئات معينــة أنهــا أصبحــت مهمشة ومظلومة، ســارعت إلى التظاهر للمطالبة بحقوقها المشروعة في تقاسم الثروات الوطنية وفرص إدارة الدولة، ولذلك كان العامل الاجتماعي حاضرًا بالتوزاي مع الاقتصادي، وفكل طائفة وكل قبيلة تسعى للحفاظ على وضعها، أو التقدم خطوات للأمام، وسنشير أكثر لدور القبيلة تحديدًا في الانتفاضة الأخيرة لاحقا. وكان البعد الاقتصادي واضحًا في الشعار الرئيسي للتظاهرات “نازل أخد حقي”، احتجاجًا على انتشار الفساد والمطالبة بمكافحته، وتردي الخدمات العامة ضرورة تحسينها، وتوفير حياة كريمة للمواطن، والتخلص من غلاء المعيشة،  وما زاد الأمر احتقانًا، هو قرار الحكومة بإزالة العشوائيات وهدم البيوت والأسواق غير النظامية أو المرخصة، بدون توفير بدائل مناسبة وكريمة، مع ضرورة توفير فرص عمل للشباب، وكذلك تقليص الامتيازات الاقتصادية للنخبة السياسية. وبحسب إحصائيات البنك الدولي، فإن وحدًا من كل 5 عراقيين يعيش تحت خطر الفقر، كما بلغت معدلات البطالة في البلاد نسبة 25 في المئة.[1] وكان بروز ظاهرة “التوكتوك” في الاحتجاجات، أكثر تعبيرًا عن طبيعة الفئات التي قادت التظاهرات، حيث يعاني هؤلاء من الأوضاع المعيشية الصعبة، التي دفعتهم في النهاية لاستخدام وسيلة كسب رزقهم في نقل المصابين والقتلى، فل ظل تعمد الحكومة التعنت في استخدام عربات الإسعاف. لم تهتم الحكومة بمطالب المحتجين في البداية، وقامت بقمعهم بقسوة لمدة 6 أيام دامية، فكانت النتيجة توسع نطاق التظاهرات، لذلك عندما قامت الحكومة، بتوفير 108 آلاف وظيفة للمفسوخ عقودهم، 2000 درجة وظيفية لحملة الشهادات العليا، وسكن اجتماعي للشباب وغيرها من الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية، كان الوقت قد مضى، وتحولت التظاهرات لانتفاضة ذات مطالب سياسية واضحة، تتمثل في رحيل النخبة السياسية التي صنعها الإحتلالين الأمريكي والإيراني، ناهيك عن اعتقاد سائد وسط الناس، بأن الحكومات السابقة لم تف بوعودها خلال كل الحركات الاحتجاجية السابقة، وأن هذه الوعود والقرارات هي من أجل امتصاص الغضب والتهدئة وإيقاف الاحتجاجات. فأضحت المحصلة النهائية، أن أصبح المطلب الأول للتظاهرات هو (أريد وطنًا) في ترميز واضح ومباشر بأن وطنهم سُرق منهم وأنهم فقدوا هويتهم الوطنية وكذلك الحقوق المترتبة على هذه الهوية بسبب النظام المحاصصي والطائفي القائم منذ عام 2003.[2]   أدوات متنوعة للقمع: سؤال العنف: لم يتبني الحراك أي استخدام علني للعنف، بل أكد على سلميته مذ اليوم الأول، ورغم ذلك تعرض الحراك العراقي لحالة قمع هي الأعنف مذ سنوات، أدت لمقتل واعتقال المئات ، واصابة ما يزيد عن 25 ألف مواطن، وهو رقم كبير جدا، ربما يتجاوز العنف الذي تعرضت له الطائفة السنية الأخيرة، ولذلك فكان مستغربًا استعمال الحكومة العنف بصورة كبيرة، رغم أن المتظاهرين كانوا من الطائفة الشيعية، وهناك عدة أراء في هذا الأمر، بعضها يقول، أن تفسير العنف الرسمي وغير الرسمي، بسبب اللفتات والهتافات المعارضة للوجود الإيراني، وهو ما استفز الحكومة بشدة، كما أن هناك من يقول أن الحكومة لم تستخدم العنف، بل هناك أيادي تحركها جهات خارجية أمريكية، استخدمتها في قتل المتظاهرين لاشعال الأوضاع، بعد الاتفاقية الكبيرة التي عقدتها الحكومة العراقية مع الصين، اعتمادًا على مبدأ “النفط مقابل الاستثمار”، وتتبني وسائل الإعلام الرسمية هذه الرواية. إن غيــاب الظــروف القانونية والإنسانية وتسلُّط الأحزاب الهجينة وفاعليها المسلحين، قد ساهم في قمع التظاهرات بطريقة بالغة العنف وبالرصاص الحي والقنص المتعمد. ومنذ البداية، اعتبرت الحكومة العراقية هذه التظاهرات غير قانونية، لأنها “غير مرخصة” وبالتالي منحت الحكومة نفسها حق قمعها من قبل قوات مكافحة الشغب والفصائل المسلحة التابعة للأحزاب الحاكمة التي اجتهدت بمواجهتها بكافة الوسائل العنيفة. وما ساهم في تعرية المتظاهرين، هو عدم وجود ظهير حزبي ورسمي لحمايتهم، لذا كانت العفوية مغامرة لم تلاقي احترامًا أو حماية من قبل السلطة والنتيجة استضعافهم وقمعهم، فالتجربة الاحتجاجية العراقية تؤكد أن السلطة لا تحمي القلَّة ولا تحترمها بل تنكِّل بها، وهي تخشى وتحترم وتتجاوز عن التظاهرات ذات الكتـل البشريـة المليونية المرخصة وغير المرخصة، فتظاهرات التيارين، الصدري والمدني، نجحت في إفقاد قوات الأمن الاتزان وبالأخص ضد تظاهرات المنطقة الخضراء وساحة التحرير، وبالتالي الإحجـام عـن قمعها. على الجهة الأخرى، تأكــدت ســلمية التظاهرات بفعــل نوعيــة الفئــات التــي انخرطــت أكثــر فــي التظاهرات والتي ترفض بشكل قطعي ممارســة العنــف كردَّة فعل على قمع القوات الأمنية في هــذا الشــكل مــن الممارســة الاحتجاجيــة؛ إذ ضــمَّت المظاهرات فئات متعددة منهم خريجــو معاهــد وجامعــات وحملة شهادات عليا جمعهــم مطلــب الوظيفة والعمل فقط. ونظرًا إلى مســتواهم التعليمــي، ترســخ لديهــم شــعور بضرورة سلمية تظاهراتهم. فالثورة العراقية أظهرت للقاصي والداني أنها ثورة سلمية، على الرغم من تعرّضها لاستخدام القوة العسكرية، وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى. ومؤخرًا، ظهر بشكل لافت ومريب؛ تصاعد معدلات اختطاف الناشطين من ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، إذ تستخدم جماعات مسلحة طرقًا مختلفة لاستدراج المحتجين، مرة بكمين في أزقة العاصمة بغداد، أو عبر استدراجهم عبر نساء أجيرات، أو دعوتهم للقاء بحجة توفير الدعم لحراكهم السلمي، بعضهم أفرج عنه، والبعض الآخر وجدت جثثهم فيما بعد مرمية على الطرقات، عبر شهادات بعض الناجين من عمليات الاختطاف والذين يعتصمون في ساحة التحرير ولا يستطيعون الخروج منها نتيجة تلقيهم تهديدات بالتصفية أو الاختطاف أو الملاحقة، إذ صارت ساحات الاحتجاجات الملاذ الآمن الوحيد للمشاركين في الاحتجاجات. وتتأمر جهات غير رسمية مع جهات رسمية في تنظيم عملية الاختطاف، فمع كل إطفاء للتيار الكهربائي تختطف المجاميع المسلحة عددًا كبيرًا من الناشطين..وتتجاهل السلطات العراقية التقارير الدولية التي حملتها مسؤولية عمليات الاختطاف، وفي آخر تقرير لـ”هيومن رايتس ووتش” تؤكد المنظمة أن “الحكومة تتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامة الناس من الاستهداف وأن الحكومة خذلت مواطنيها؛ إذ سمحت للقوات المسلحة باختطاف الناس[3]“. ونظرًا لارتفاع ظاهرة الاختطاف، فقد ندد…

تابع القراءة

دراسة دور  الإمارات والسعودية في الانقضاض على طموحات الشعوب من ٢٠١١ حتى الآن

دعمت السعودية و الإمارات باكرا قوى الثورة المضادة ممثلة أساسا في الأذرع المالية والأمنية والعسكرية والسياسية للأنظمة التي ضربتها أمواج الثورات، حيث آوت مبكرا عددا هائلا من القيادات التابعة للنظام القديم بدول الربيع، وشكلت بسرعة غرف عمليات معقّدة لإجهاض الثورات وضرب المسارات الانتقالية وإعادة المنظومات القديمة  إلى سدة الحكم. ومنذ اللحظات الأولى لثورات الربيع العربي، اتخذت دولتا  الإمارات والسعودية موقفا مضادا لحركة التغيير والتحول نحو الحرية والديمقراطية. وفي تضاد لإرادة الشعوب العربية، شكلت الدولتان معسكرا مضادا للربيع العربي، في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، بل ومؤخرا في السودان وضد التمدد الإسلامي في المغرب والجزائر أيضا. كما خططت  الإمارات لقيادة انقلاب في الصومال للسيطرة على القرن الأفريقي، ودعمت وروجت في إعلامها لنجاح العملية الانقلابية التركية وهروب أردوغان. وأمدت كل من السعودية و الإمارات المجلس العسكري السوداني بكل أنواع الدعم لامتصاص ثورة السودانيين وحرف ثورتهم بعيدا عن التغيير الشامل. المشهد لم يقتصر على دعم التجارب الانقلابية، بل تجاوزها  إلى ضرب خطوط إمداد الثورات سواء ماديا أو إعلاميا أو سياسيا. وهذا الخيار -الذي يمثل جزءا مركزيا في عقل الثورة المضادة- هو الذي يفسر حرب الانقلابات على الأنظمة والقوى الداعمة للثورات، سواء خليجيا عبر حصار قطر والعمل على تغيير نظام الحكم فيها بالتآمر العلني، أو عبر العداء الصريح لدولة تركيا. فما يجمع قطر وتركيا هو رفضهما الانخراط في منظومة الدول الراعية والداعمة للانقلاب على التجارب الثورية وتدميرها، وهو ما يفسر وقوع هذه الدول تحت دائرة التهديد الانقلابي الذي فشل في تركيا أولا، ثم سقط وتبخر في قطر. حرب صليبية ومؤخرا، وصف موقع “لوب لوج” الأمريكي جهود  الإمارات ضد ثورات الربيع العربي التي بدأت عام 2011، بثورة تونس ومصر وثورات ليبيا وسوريا واليمن مروراً بالجزائر والسودان بـ ” الحملات الصليبية ”. ومنذ انطلاق ثورات الربيع العربي تسعى  الإمارات والسعودية لتقويض أية ثورة شعبية تقوم بها المجتمعات المدنية والجهات السياسية الفاعلة في الشرق الأوسط بهدف تغيير الواقع الصعب لهذه الدول، وقد نجحت  الإمارات والسعودية في ” الحملات الصليبية ” الجديدة في وقف هذه الثورات  إلى انقلابات وظلم وقتل وتعذيب في معظم البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي. ولعبت  الإمارات دوراً كبيراً في دعم الانقلاب على مرسي بعد الانتخابات المصرية، من خلال دعم الجيش المصري الذي انقلب على مرسي، وكأنها تقوم بتنفيذ حملة صليبية على غرار الحملات الصليبية قديماً. وكان للإمارات دوراً في ليبيا بدعم حليفها خليفة حفتر وكذلك كان لها دور بارز في اليمن من خلال لعب دور قوي مع حلفائها في جنوب اليمن بمن فيهم الميلشيات المسلحة والمقاتلين السلفيين الذين كانوا ينوون الانفصال عن حكومة هادي آنذاك. وتخشى الإمارات ودول الخليج من نجاح أي من ثورات الربيع العربي حتى لا يكون ملهماً لإحداث تغيير داخل دول الخليج، لذلك نفذت الحملات الصليبية والتي أدت لإفشال ثورات الربيع العربي. ويقول الموقع الأمريكي: في الوقت الذي احتفل فيه المراقبون الدوليون الذين يدفعون من أجل التغيير بالربيع العربي في ذلك الوقت، لاحظت  الإمارات ذلك بالخوف والشك، خاصةً بسبب تأثير الدومينو في جميع أنحاء المنطقة. هذه الخشية ازدادت مع دعوة بعض الأكاديميين والناشطين  الإماراتيين في عام 2011  إلى إجراء إصلاحات، لا سيما ناصر بن غيث وأحمد منصور، حيث أطلقت السلطات الإماراتية حملة قمع ضد هؤلاء المعتقلين أحكاماً طويلة بالسجن وغرامات ضخمة. وتشعر أبو ظبى بالقلق لنجاح ثورة تونس في انتقالها الديمقراطي والتي نجت من تدخل  الإمارات. فثورة تونس بحسب الموقع لها سمعة طيبة كونها نموذجاً إقليميا ناجحاً نسبياً، وهو ما تخشاه من أن يلهم هذا النجاح دولاً أخرى. وسبق للإمارات أن حاولت تقويض حزب النهضة الإسلامي المؤيد للديمقراطية، ودعمت بهدوء حزب نداء تونس العلماني، بقيادة وزير سابق للشؤون الخارجية في عهد الديكتاتور السابق ابن علي. وبحسب ما ورد عرض المسؤولون الإماراتيون الكثير من المساعدة لنداء تونس إذا كان يكرر النموذج المصري بالاستيلاء على السلطة من النهضة. وسبق للرئيس التونسي منصف مرزوقي اتهام دولة  الإمارات العربية المتحدة بمحاولة زعزعة استقرار البلاد ودعم القوى الرجعية. لكن عدم وجود جيش قوي في تونس، كما هو الحال في مصر، جعل من الصعب على  الإمارات تعطيل الديمقراطية في البلاد. وعلى طوال سنوات المسار الثوري في المنطقة العربية تبدلت وتنوعت وسائل التدخل من قبل تحالف الثورة المضادة بجانب إسرائيل. ولعل ما ساعد على ذلك هو حالة فراغ القوة المؤثرة التي خلت منها المنطقة العربية. فعملت جاهدة على تفخيخ هذه الثورات واستنساخ البديل عن الأنظمة المخلوعة، متخلية عن وعودها في دعم الثورات وكاشفة عن مخاوف حقيقية للانظمة الخليجية من تهديد حقيقي لعروشهم، ترجمته السياسة الخارجية للإمارات وحلفائها بالرياض في التعاطي مع ملف الربيع العربي. نماذج التدخل السعودي  الإماراتي التجربة التونسية سعى النظام  الإماراتي في اختراق اللحمة الاجتماعية والتوافق السياسي للأحزاب التونسية، إلا أن الوعي الشعبي التونسي، أفشل التحركات  الإماراتية، التي استخدمت المال ومنعه عن مشروعات كانت متفق عليها في تونس، تارة، وتارة أخرى بدعم قنوات إعلامية، لضرب التوافق السياسي بين الإسلاميين ونظام الباجي قايد السبسي، الذي طلبت منه  الإمارات الانقضاض على حركة النهضة الإسلامية ولكنه رفض ذلك، وكذا قرار رفض استقبال المضيفات التونسيات على الطيران التونسي المتجهة لأبوظبي. وغيرها من القرارات التي استهدفت تأزيم الواقع التونسي. وانتهت المحاولات بالفشل و لم تصب في تدمير الثورة لعدم استجابة الوعي في العقول التونسية  إلى “مزاجية” حكام  الإمارات والسعودية، ولم تتمكن  إلى هذه الساعة من إقناع الشعب التونسي أو ممثليه السياسيين من البحث في إحلال النظام العسكري كبديل عن النظام المدني الديمقراطي، فخيرت التوجه إلى المناطق الأكثر اضطرابا وهشاشة. التدخل في ليبيا وقد استغرب الليبيون الظهور المفاجئ للواء حفتر، قائد عسكري متقاعد وشخصية مغمورة في الشأن الليبي أثناء فترة حكم القذافي، طيلة مسيرته المهنية، وكان مشهد إعادته  إلى الساحة السياسية الليبية سنة 2014، نتيجة تلقيه لدعم جاء لقطع الطريق على الإسلاميين الذين تزايد دورهم في الدولة الليبية، خاصة في منطقة سرت، وبني غازي وطرابلس منذ اندلاع الثورة الليبية. ولقد أثار الوضع السياسي الهش في ليبيا مطامع العديد من الدول ولكن رغم المجهودات المبذولة في دعم مشروع التدخل العسكري في ليبيا، لم تنجح أي جهة في إقناع أعضاء حلف الشمال الأطلسي التي اتعظت من تجربة العراق الفاشلة في تغيير الأنظمة السياسية باستعمال القوة العسكرية، لذلك كانت الساحة الليبية شبه خالية أمام النظام  الإماراتي لفرض مخططاته. ولقد اختار قادة النظام  الإماراتي تدعيم حفتر، دون غيره، لوضوح خياراته السياسة في الساحة الليبية، فقد أثبت عداءه لجماعة الاخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الاخرى النافذة، عبر قيامه ببعض الهجمات الوقائية ضد الإسلاميين، واعتبرها جزءا من عملية “كرامة ليبيا” ردا على ما اعتبره استباحة للأرض الليبية وردعا لموجة الاغتيالات التي اجتاحت شرق البلاد في السنوات الأخيرة.   وتحول حفتر في الفترة الماضية  إلى الشخصية الأكثر حظوظا في…

تابع القراءة

الإفراج عن رئيس الأركان سامي عنان وترتيبات بالجيش .. ماذا يجري في مصر؟

الأحد الماضي، أفرجت السلطات المصرية عن رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان، بعد نحو سنتين من الحبس إثر إعلان نيته الترشح للرئاسة. وذلك على الرغم، من أن”عنان” كان يقضي حكما بالسجن، لمدة 10 سنوات، على خلفية الإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، في مواجهة “عبد الفتاح السيسي”، وتحدثه عن أحوال البلاد. وتم نقل “عنان” إلى منزل تحت حراسة كاملة داخل منطقة عسكرية، شرقي القاهرة. وتولى عنان منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية بين عامي 2005 و2012 قبل أن يقوم الرئيس الراحل، محمد مرسي، بإقالته ووزير الدفاع، محمد حسين طنطاوي، وتحويلهما إلى مستشارين لرئيس الجمهورية، وتعيين عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع.   وبعد الانقلاب على مرسي، استقال عنان من منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية، قبل أن يظهر اسمه مرة أخرى كمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2018. وفي يناير 2018 أعلنت حملة عنان الرئاسية توقيفه وإحالته للتحقيق بتهمة مخالفات تتعلق بالترشح للانتخابات الرئاسية، وأصدرت القوات المسلحة المصرية آنذاك بيانا اتهمت فيه عنان بالتزوير في المحررات الرسمية المتعلقة بإنهاء خدمته العسكرية، كما وجهت له اتهاما بالتحريض ضد الجيش.   ويبلغ عنان من العمر 71 عاما وينتمي إلى مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية وقد شغل عدة مناصب منها قائد قوات الدفاع الجوي.     بلع الأحكام القضائية   ويأتي الإفراج عن عنان رغم إصدار محكمة الجنايات العسكرية في يناير الماضي، في جلسة سرية، حكمًا بحبس عنان لمدة أربع سنوات عن تهمة “تزوير استمارة الرقم القومي، والتي ورد فيها أنه فريق سابق بالقوات المسلحة ولم يذكر أنه مستدعى”، كما قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس عنان 6 سنوات عن تهمة “مخالفة الانضباط العسكري، بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الانقلاب، وتحدثه عن أحوال البلاد”، ليكون بذلك مجموع الأحكام عشر سنوات. وعقب حبس عنان بدأت سلطات السيسي النبش في السجل المالي له؛ حيث كشفت وسائل إعلام عن انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل في حكومة الانقلاب من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطًا باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات كانت مجمدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية؛ حيث أخلت النيابة العسكرية سبيل عنان في هذه القضية مع استمرار حبسه في قضية مخالفة الاستدعاء العسكري بإعلان ترشحه للرئاسة، ثم قضية تزوير بياناته وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، كما حبست نجله سمير عدة أيام لحين دفع كفالة لكليهما بلغت نحو مليوني جنيه، على ذمة اتهامهما بالكسب غير المشروع والفساد المالي. وذكرت مصادر صحفية آنذاك أن عنان عرض التبرع بعدد من ممتلكاته العقارية لصالح الجيش، لكن القضاء العسكري رفض هذا التبرع باعتباره يعد تهربًا من الاتهام، في غضون ذلك، فتحت النيابة العسكرية عقب القبض على عنان ملفات حول تضخم ثروته ووقوع مخالفات مالية في إنشاء بعض الدور والأندية التي كان عنان مشرفًا على إنشائها خلال رئاسته سلاح الدفاع الجوي؛ حيث كانت إدارة كل سلاح تتولى التصرف في الأموال المخصصة لها لإنشاء مشروعات ذات طبيعة استثمارية ربحية تدر دخلا لصناديق رعاية أعضائها، فضلاً عن التحقيق في مخالفات مالية قديمة بشأن منتجعات تابعة لسلاح الدفاع الجوي، ثم منتجعات مغلقة تابعة لقيادة الجيش، كان عنان يتولى إدارتها ماليا بتفويض من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي. ويتضمن هذا الملف اتهامًا لعنان بممارسة أعمال “سمسرة” للتربح من إعادة بيع أراضٍ كانت مخصصة للجيش وتقرر التصرف فيها، وكذلك من عمليات شراء و”تسقيع” أراضٍ بور لإعادة بيعها بعد دخولها للحيز العمراني، استغلالاً للمعلومات التي كان يتحصل عليها مبكرًا عن خطط التوسع العمراني في مناطق الساحل الشمالي غرب الإسكندرية، بالتنسيق مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان؛ حيث يملك عنان وزوجته ونجله مجموعة متنوعة بين العقارات والمزارع والأراضي الفضاء بمارينا وسيدي كرير والقاهرة الجديدة وطريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، بعدما كان كل ما يملكه قبل 20 عامًا شقة بعمارات الضباط بمنطقة الرماية بالجيزة.   تأويلات عدة وقد أثار الإفراج المفاجئ عن الفريق سامي عنان العديد من التساؤلات والتأويلات على الساحة السياسية. وتزامن الإفراج عن عنان  مع حركة تنقلات واسعة داخل قيادات القوات المسلحة… البعض فسرها على أنها جزء من رياح مظاهرات 20 سبتمبر ضد السيسي، والبعض الآخر فسرها على أن هناك تسوية تمت داخل المؤسسة العسكرية لاحتواء الأزمة الداخلية التي أعقبت ظهور الفساد الملياري الذي كشف عنه الفنان والمقاول محمد علي، وأنه نتج عن هذه التسوية إبعاد محمود السيسي وعودة اللواء أسامة عسكر وأخيرا الإفراج عن الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش سابقا..   فبالتزامن مع التغيير الوزاري في مصر يتم الإفراج عن الفريق سامي عنان؛ في نفس الوقت يتم إرجاع عدد من اللواءات الذين خرجوا من دولة يوليو مثل الفريق أسامة عسكر للخدمة؛ وكذلك عودة محمود حجازي رئيس الأركان السابق ليتولى ملف الإعلام. وهناك من يري أن إطلاق سراح سامي عنان جاء لأنه مريض منذ فترة ولا يريد السيسي أن يقال إنه قتل رئيس أركان الجيش السابق ورئيسه في العمل داخل السجن. فالإفراج عن سامي عنان في هذا التوقيت مريب جدا فربما يكون مريض بمرض خطير أو جري تسميمه بسم طويل المفعول ليموت في منزله وتبدو الوفاة طبيعية.. وفي هذا الإطار، نقلت وكالة أنباء أسوشيتد برس عن ناصر أمين محامي عنان قوله إن الإفراج تم لـ “أسباب صحية“. فيما كتبت الدكتورة غادة شريف -التي دعمت السيسي ثم انقلبت عليه- تري أنه: “خرج علشان عنده شلل رباعي بقاله سنة وحالته تدهورت، والشلل جاله بعد عملية لإزالة ورم في المخ عملها له جراحين من فرنسا جابهم على حسابه“. قبلها صرح ناصر أمين محامي الفريق عنان لـ CNN : “لا أعرف الصيغة القانونية التي بموجبها أفرج بها عن موكلي سامي عنان“!! كما نفى ناصر أمين لموقع “القاهرة 24″، تقديم الفريق عنان التماسا لتخفيف الحكم أو صدور عفو بشأنه من الحاكم العسكري، وقال إن الأحكام التي صدرت في يناير الماضي من المحكمة العسكرية، لم يتم التصديق عليها من الحاكم العسكري، ومن ثم يحق وفقًا لصلاحيات القضاء العسكري الإفراج عن المتهم في أي وقت دون إبداء أية أسباب.   أسباب قرار الإفراج المفاجئ   وبحسب خبراء، يبدو من بعض المؤشرات أن ما يحدث انقلاب ناعم ضد السيسي قد يبدو ليس كاملا ولكنه نتيجة ضغوط أو مؤشرات نقلتها لها مخابراته الحربية التي كان يتولى مسئوليتها سابقا عن تململ داخل الجيش لأسباب مختلفة منها البطش بكبار الضباط وسجن بعضهم وتورط الجنرالات في البيزنس. ومن ضمن اشتراطات الانقلاب الناعم والضغوط التي جوبه بها السيسي؛ بعد تحرير سامي عنان من سجنه وإبعاد محمود السيسي إلي موسكو وإخراج الفريقين محمود حجازي وأسامة عسكر من ثلاجة…

تابع القراءة

المشهد السياسي الأسبوعي 22 ديسمبر 2019

أولاً: المشهد الداخلي عن الجدل بشأن تغيير النظام توجهاته صوب المزيد من الانفتاح. يستمر الجدل بشأن التوجهات الكامنة وراء السياسات الأخيرة للسيسي بعد الافراج عن رئيس الأركان السابق سامي عنان وتقليص دور نجله ورئيس الجهاز عباس كامل، ونائب الأخير أحمد شعبان، إضافة إلى إجراءات أخرى بشأن الإعلام، وبخصوص خفض أسعار بعض السلع، وصرف علاوات إضافية للموظفين. فهناك من المتابعين من يرى في هذه الإجراءات هامشية لا تُحمل معنى وجود تغير حقيقي وكبير في سياسات النظام. في المقابل هناك من يعتبرها تؤشر على تغير كبير في سياسات النظام، وأن هذه التغيرات نتيجة للخوف من احتمالية تكرار ما حدث في 20 سبتمبر، أو حدوثه بصورة أوسع وأكثر خطورة. الربط بين ما حدث في 20 سبتمبر وبين الاجراءات التي تبدو محاولة لتخفيف الضغط عن المجتمع وعن نخب الدولة العميقة المتضررة من سياسات دائرة صنع القرار، يحمل معنى أن ما حدث في 20 سبتمبر كان له تأثيرات كبيرة جدا، بعكس ما بدا ظاهراً من أن الأحداث لم تكن شديدة التأثير وأن النظام تمكن من احتوائها عبر القمع والملاحقات الأمنية، وهو ما يعني أن أجهزة الأمن والمخابرات لديها قراءة جيدة للواقع ولا زالت تمسك بخيوط اللعبة رغم الانتكاسة التي تعرضت لها الأجهزة الأمنية في يناير، وأيضاً رغم التغييرات الكبيرة التي أجراها السيسي في المخابرات العامة، التغييرات التي كادت تصل درجة التطهير الكامل، وهو يعني من جهة أخيرة أن هناك تواصل جيد بين السيسي وهذه الأجهزة، وبالرغم من النرجسية الشديدة التي تبدو في تصريحاته وسلوكياته، إلا أن السيسي أخذ يستمع للأجهزة ويأخذ توصياتها في الحسبان، وذلك الموقف من الخائن تجاه أجهزته –في حال كان متحققاً في الواقع الفعلي- يهدف لإطالة عمر النظام ومساعدته في تجاوز الكثير من التحديات التي تتهدد بقائه. قرارات السيسي خصوصاً في الشأن العسكري تأتي بقرارات فردية منه أو باستشارة عدد من المقربين منه، أبرزهم وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، وعدد من ضباط المخابرات الحربية السابقين من زملائه، والذين كان انتدبهم قبل أشهر للعمل في الرئاسة كمستشارين غير معلنين، تحت إشرافه مباشرة، وبعيداً عن سلطة مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل. أما بخصوص هذه الإجراءات فقد شملت: منح مساحة أكبر للأمن الوطني تحت إشراف أحمد جمال الدين مستشار الخائن الأمني. توزيع مسئوليات كانت محصورة في نجل الخائن وعباس كامل ومساعد الأخير أحمد شعبان  على شخصيات جديدة غير معروفة. دعوة الأمن الوطني لشخصيات حزبية ليبرالية ويسارية لعقد مؤتمر برعاية السيسي تحت مسمى (مؤتمر الشأن العام). وقد أمر السيسي عباس كامل بتوزيع السلطات والصلاحيات التي كانت مقتصرة عليه وعلى مساعده ونجل السيسي، على عدد أكبر من الضباط الموثوقين، والتي بدأت بتوزيع ملف إدارة الإعلام على أربعة من ضباط الجهاز الذين كانوا يساعدون أحمد شعبان، وكذلك إسناد إدارة منتدى الشباب الأخير لثلاثة ضباط كانوا يمارسون عملهم في ظلّ شعبان سابقاً، وإشراف كامل على الترتيبات النهائية للمنتدى بنفسه. وهذه الترتيبات لا تعني بالضرورة استبعاد شعبان، ولكن بصورة ما، تمّ خلق مستوى تنفيذي مباشر أكثر تخصصاً في بعض الملفات، في حين تمّ إسناد بعض المهام الجديدة لشعبان، بعيداً عن إدارة الإعلام والشركات الدعائية وملف الشباب بشكل مباشر. وتشير بعض المصادر إلي أن اقتراح ارسال نجل السيسي لموسكو قد أُلغي بعد الموافقة عليه من قبل السيسي، وذلك بعد وقوف زوجته ضدّ الأمر بشدة، موضحاً أنّ محمود السيسي عاد إلى جهاز الاستخبارات العامة، ولكن تمّ سحب بعض الملفات منه، بسبب مشاكل تتعلّق بفشله في الإدارة وبصفة خاصة في ما يتعلّق بملف الإعلام. كما يتزايد دور مدير مكتب السيسي اللواء محسن عبد النبي، والذي كان عباس كامل قد اختاره بنفسه ليكون بمثابة مساعد له لإدارة المكتب قبل انتقاله لإدارة المخابرات، ولا سيما بعدما استطاع الدفع في الفترة الماضية بالعديد من الضباط والموظفين للعمل في الرئاسة ليكونوا موالين له وحده، وإبعاد عدد ممن تم تعيينهم في عهد كامل. فضلاً عن تكوينه فريقاً إعلامياً جديداً خاصاً به في الرئاسة من غير أولئك الذين يدينون لكامل بالولاء. وبالتالي فإن هناك من يدفع بأن النظام لن يغير توجهاته بشأن إدارة المشهد السياسي في مصر، ويستشهد بأن استمرار الأوضاع السيئة في السجون، وتنفيذ أحكام الإعدام بحق 13 معتقل ينفي وجود نية حقيقية لدى النظام بتحقيق انفتاح فعلي في المشهد السياسي، وأن تواصل أجهزة الأمن مع شخصيات حزبية ليبرالية ويسارية هو تكرار لما حدث في وقت سابق من لقاءات أسفرت من تدشين تنسيقية شباب الأحزاب التي باتت مجرد إمتداد لأكاديمية الشباب وتتبع للمخابرات العامة. النقطة الأخيرة إن حدوث تغير حقيقي في توجهاته وكون هذه الإجراءات الأخيرة جزء من عملية التغير تلك التي أشار إليها مراقبون يعني أن النظام الحالي بمرور الوقت يصبح أشبه بنظام الرئيس الأسبق مبارك، فهل هذا التشابه في السياسات يقود إلى تشابه مماثل في سيناريوهات النهاية. الافراج عن سامي عنان واعادة أسامة عسكر لاحتواء القلاقل داخل المؤسسة العسكرية: هناك ارتباط بين قرار الافراج عن سامي عنان وبين إعادة الفريق أسامة عسكر إلى العمل العسكري مرة أخرى بتولّيه رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة. والأخير كان مجمداً في مناصب ذات صبغة إدارية لمدة عامين تقريباً، من بينها مستشار وزير الدفاع لشؤون تنمية سيناء، ومسؤول مشاريع الجيش في المنطقة المركزية، وذلك بعدما كان تم إبعاده من منصب قائد منطقة سيناء العسكرية ومكافحة الإرهاب، بادعاءات تتعلّق بفساد مالي بملايين الجنيهات نهاية عام 2016. ويأتي ذلك من أجل تهدئة الغضب داخل قيادة الجيش بسبب التدخلات المستمرة في عمله من قبل المخابرات العامة ممثلةَ في عباس كامل ومساعده أحمد شعبان ونجل السيسي محمود، وجميعهم سبق أن كانوا ضباطاً في الجيش، لكنهم تعاملوا في الفترة الأخيرة معه باعتباره تابعاً للمخابرات، في إطار رغبة الثلاثة في السيطرة المطلقة على جميع الأجهزة، وقطع العلاقات بينها وبين الرئاسة إلا من خلال جهاز المخابرات العامة.  وكانت العلاقات بين قيادة الجيش والمخابرات ساءت إلى حدّ بعيد على خلفية استئثار الجهاز، وتحديداً محمود السيسي، باتخاذ القرار الأمني في الأيام الأولى من أزمة سبتمبر، وإصداره بعض التعليمات لوزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، والذي لم ينفذها إلا بعد الرجوع للسيسي والتنسيق مع مستشاره الأمني أحمد جمال الدين ووزارة الداخلية. الأمر الذي أدى لانتشار بعض الأقاويل المنسوبة لقيادات عسكرية رفيعة تنتقد أسلوب إدارة شؤون البلاد، وهو ما أزعج السيسي بشدة، بعدما نقل هذه الانتقادات له مدير مكتبه محسن عبد النبي، الذي بات منافساً قوياً لعباس كامل في الآونة الأخيرة، وينازعه سلطاته. وإلي جانب الاستياء داخل الجيش من انتشار الشائعات والمعلومات عن الفساد المالي ، فإنه قد تم رصد استياء بين ضباط الجيش في جميع الأسلحة، وبصفة خاصة الدفاع الجوي، بسبب التجاهل المستمرّ للوساطات والمساعي للإفراج عن سامي عنان، ليس فقط بسبب ما تردّد عن معاناته من بعض…

تابع القراءة

قمة كوالالمبور.. السعودية بين تراجع المكانة وحلم الزعامة

بقلم: حازم عبد الرحمن شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور في الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر 2019 انعقاد قمة إسلامية مصغرة لمناقشة عدد من المشكلات في الدول الإسلامية مثل التخلف والفقر وتدهور برامج التنمية, وظاهرة الإسلاموفوبيا واتهام الإسلام بالإرهاب, وجرائم الإبادة والتطهير العرقي , والحروب داخل البلاد الإسلامية.  وقد شارك في القمة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان, والرئيس الإيراني حسن روحاني, وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني, ورئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، وغابت السعودية عن القمة, وبعثت برسالة اعتذار عن عدم الحضور، تقول إن سبب قرارها بالغياب هو أن القمة ليست الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهم مسلمي العالم، البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة، والحقيقة أن المملكة انزعجت بعد أن تلقت دعوة للحضور؛ لكونها تترأس منظمة التعاون الإسلامي حاليا, وبها مقرها الرئيسي؛ فاستشعرت أن القمة تمثل محاولة، لإيجاد قيادة جديدة للعالم الإسلامي، وكذلك خشيتها التعرض للعزلة الدبلوماسية، في ظل حضور كل من إيران وقطر وتركيا. وفي ختام القمة قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات له إن باكستان تعرضت لضغوط سعودية لإثنائها عن المشاركة، مشيرا إلى أن السعوديين هددوا بسحب الودائع السعودية، من البنك المركزي الباكستاني، كما هددوا بترحيل أربعة ملايين باكستاني يعملون في السعودية، واستبدال العمالة البنغالية بهم، وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي كان من الداعين أساسا لعقد القمة، قد اتخذ قرارا في اللحظة الأخيرة بعدم الحضور. وشن الإعلام السعودي والإماراتي هجوما حادا على قمة كوالالمبور ووصفها بالتغريد خارج السرب، والإضرار بالتعاون والعمل الإسلامي المشترك، وقد ردت كل من تركيا وماليزيا على ذلك بالتأكيد على أن المخاوف من أن تكون قمة كوالالمبور المصغرة، بديلا لمنظمة التعاون الإسلامي ليس لها ما يبررها, وأنه يجب ألا تخاف أي دولة من أي تعاون بدأ صغيراً، لأنه من الممكن أن يتوسع مع الوقت ويضم كل العالم الإسلامي داخله. *مكانة السعودية احتلت السعودية منذ إنشائها  سنة 1932 مكانة متميزة لدى العالم الإسلامي, فيوجد بها المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، واللذان يعدان أهم الأماكن المقدسة عند المسلمين, ويصف العاهل السعودي نفسه بأنه خادم الحرمين الشريفين, وتمتلك الدولة ثاني أكبر احتياطي للبترول في العالم, وسادس احتياطي للغاز، وتعتبر أكبر مصدر نفط خام في العالم والذي يشكل قرابة 90% من الصادرات، وتحتل المرتبة التاسعة عشر من بين أكبر اقتصادات العالم ولذلك فهي من القوى المؤثرة سياسيًا واقتصاديًا في العالم. لكن الصورة الحالية للسعودية باتت مختلفة؛ فقد أصبحت المملكة ذيلا لإمارة أبو ظبي  في رعاية الثورة المضادة ونموذجا في ممارسة القمع, والاستبداد, والفساد, وانهيار القانون, وغياب العدالة, والتحالف مع العدو.. كل ذلك أمام وعي جماهيري كبير بالأحداث وخلفياتها, بسبب انهيار جدار القمع الإعلامي المتمثل في سقوط احتكار السلطة لوسائل الإعلام, وظهور الإعلام الاجتماعي البديل, الذي تصنعه الشعوب وليس السلطة,. وقد بلغ القمع في السعودية حدا غير مسبوق باعتقال أعداد كبيرة من العلماء والدعاة ورجال الأعمال وتعذيبهم, ومطاردة من نجح في الهروب إلى الخارج, حتى يتم الإيقاع به وقتله وتقطيع أشلائه, كما حدث في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول بتركيا,  ولا يوجد في الدولة برلمان حقيقي له سلطة الرقابة والتشريع, ونظام الحكم مطلق تماما, يقوم بتسخير مقدرات الشعب لخدمة النظام؛ فلا أحد يعرف شيئا عن ثروة الدولة التي ينهبها أفراد السلطة الحاكمة, ولا يستطيع مواطن أن يسأل عن الثروات المليارية التي تنقلها العائلة الحاكمة إلى الخارج وتودع في بنوك أجنبية, في حين أن الفقر يغزو مناطق كثيرة بمملكة البترول الغنية. ولا يجرؤ أحد على مساءلة الحكومة التي يرأسها الملك نفسه عن خطأ ارتكبته, أو ظلم أوقعته على أحد من الرعية, ولا توجد خطط مستقبلية لمشاركة الشعب في مسئوليات الحكم, وأصبح من يدير الحكم المطلق في البلاد هو ولي العهد محمد بن سلمان, بمعاونة مجموعة من أقرانه يرتبطون في الأساس بمحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي وقاموا بتوريطه في جرائم وفضائح جعلت مكانة المملكة تنزلق إلى هوة سحيقة غير مسبوقة؛ بسبب غرور الأمير الشاب الذي أسكرته السلطة فرأى نفسه ملكا قبل الأوان, دون أن تتوفر له مؤهلات الملك, من حكمة وخبرة ودربة ورجال مخضرمين صادقين معه, فانقاد لمؤامرات أستاذه محمد بن زايد, وراح يخطط لغزو قطر عسكريا للاستيلاء على غازها, وأشعل حربا في اليمن فشلت في تحقيق أهدافها, واعتقل العلماء والدعاة والمثقفين ورجال الأعمال, بل اعتقل رئيس وزراء لبنان سعد الحريري وكذلك وزراء من الحكومة الشرعية باليمن, وهي ممارسات غير مسبوقة في تاريخ المملكة أساءت إليها, ونالت من مكانتها, وقد فشل الأمير في الدفاع عن بلاده أمام عصابة مسلحة, وراح يستنجد مع والده الملك سلمان بمؤتمرات قمة خليجية وأخرى عربية من هجوم جماعة الحوثي اليمنية بالطائرات المسيرة على المملكة التي تشتري صفقات السلاح الأمريكية بمئات المليارات من الدولارات. *مقاطعة القمة وقد كانت المقاطعة السعودية لقمة كوالالمبور تعبيرا عن شعور بخسارة جانب من المكانة التي ترسخت عبر عقود, ودفاعا عنها في عصر جديد جاء حكامه عبر انتخابات حرة, ويدعون إلى استعادة أمجاد الحضارة الإسلامية, والتباحث للوصول إلى حلول قابلة للتنفيذ لمشاكل العالم الإسلامي, والمساهمة في تحسين العلاقات بين المسلمين وبين الدول الإسلامية فيما بينها, وتشكيل شبكة تواصل فعالة بين القادة والعلماء والمفكرين في العالم الإسلامي؛ فكيف ترضى السعودية أن يستحوذ أحد غيرها على هذه القيمة الكبيرة, التي تعني تصدر مكانتها على الساحة الإسلامية, وقد زاد الإحساس بتضخم الذات السعودية بعد تراجع الدور المصري إثر الانقلاب العسكري على الحكم الشرعي في 3 يوليو 2013 وتسليم عبد الفتاح السيسي دور مصر القيادي إلى السعودية التي كانت الراعي الأول للانقلاب, لكن صعود تركيا في عهد إردوغان كدولة إسلامية قوية مؤثرة في الساحة الدولية لم يدع للسعودية فرصة الاستئثار بالزعم أنها تتصدر قيادة العالم الإسلامي؛ فقد كانت مواقف تركيا الأقوى بين الدول كافة في الدفاع عن الأقصى والقضية الفلسطينية, وبثت الروح في منظمة التعاون الإسلامي عندما تولت رئاستها, وأحرجت كثيرا ممن يزعمون الدفاع عن الحق الفلسطيني, وعلى رأسهم السعودية ومصر.. من هنا كانت نظرة الرياض إلى قمة كوالالمبور كخصم من رصيد السعودية ومكانتها, وطلبت وضعها تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي؛ حتى يتسنى لها تصدر المشهد, زاعمة أن طلبها يهدف إلى توحيد دول المنظمة, وهو غير صحيح؛ فالقمم العربية المصغرة التي انعقدت عشرات المرات بين زعماء مصر والسعودية وسوريا والعراق وغيرها من الدول العربية وفي أوقات وظروف متنوعة استدعت عقد مثل تلك القمم- لم تتسبب في تهميش دور جامعة الدول العربية، ولم ينظر إليها أحد على أنها تهدف إلى تشكيل تكتل عربي جديد بديلاً عن الجامعة, بل إنه سبق أن شكلت دول الخليج الست منظمة للتعاون بعيدا عن جامعة الدول العربية, من دون أن يعني ذلك تمزيق الصف العربي,…

تابع القراءة

التعديل الوزاري.تهميش للمصريين ومصالح للإماراتيين وارتباك بعلاقة السيسي مع الجيش

بعيدا عن طموحات الشارع المصري، جاء التعديل الوزاري الخامس في عهد السيسي، أقر البرلمان المصري تعديلات وزارية محدودة، الأحد، شملت عددا من الحقائب الوزارية، بموجب مقترح سابق قدمه عبد الفتاح السيسي، لإجراء عمليات تغيير ودمج في بعض الوزارات. وشملت التغييرات، تعيين نيفين جامع وزيرة للصناعة، ورانيا المشاط وزيرة للتعاون الدولي، وتولي مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مهام الوزير المختص بالاستثمار والإصلاح الإداري إلى جانب مهامه.   ووافق البرلمان أيضا على دمج وزارة السياحة مع الآثار كما جاء بخطاب السيسي إلى المجلس، على أن يتولى هذه الحقيبة خالد العناني، وزير الآثار الحالي، وتعيين هالة السعيد وزيرة للتخطيط والتنمية الاقتصادية بعد فصل الإصلاح الإداري عن الوزارة وضم التنمية الاقتصادية لها. وضمت التغييرات تعيين نيفين القباج وزيرة للتضامن الاجتماعي، والسيد القصير وزيرا للزراعة، وعمر مروان وزيرا للعدل، واستحداث وزارة دولة لشؤون الإعلام على أن يتولاها أسامة هيكل وزير الإعلام السابق، وعلاء فؤاد وزيرا للمجالس النيابية.   وأقر البرلمان تعيين غادة نبيل نائبة لوزير الاتصالات وطارق توفيق نائبا لوزير الصحة والسكان ومنتصر مناع نائبا لوزير الطيران وأيمن عاشور نائيا لوزير التعليم العالي ورضا حجازي نائبا لوزير التربية والتعليم. ووافق أيضا على تعيين أحمد طاهر نائبا لوزير التربية والتعليم وعلاء الدين عبد الحكيم نائبا لوزير البترول ومصطفى الصياد نائبا لوزير الزراعة، وسيد إسماعيل نائبا لوزير الإسكان، ورأفت عبد العزيز هندي نائبا لوزير الاتصالات وغادة شلبي نائبة لوزير السياحة والآثار.   وفيما يأتي أبرز الأسماء في التعديلات الجديدة:   1– وزير الاستثمار والاصلاح الإداري مصطفى مدبولي (إلى جانب رئاسة الوزراء).   2– خالد عناني وزيرا للسياحة والآثار.   3– عمر مروان وزيرا للعدل.   4– هالة السعيد وزيرة للتخطيط والتنمية الاقتصادية.   5– رانيا المشاط وزيرة للتعاون الدولي.   6– أسامة هيكل وزيرا للدولة للإعلام.   7– محمد منار كمال عبد الحميد عنبة وزيرا للطيران المدني.   8– نيفين الكباج وزيرة للتضامن الاجتماعي.   9– محمد مرزوق القصير وزيرا للزراعة.   10– نيفين جامع وزيرة للتجارة والصناعة.   11– علاء فؤاد أبو الحسن وزيرا للمجالس النيباية.   12– غادة لبيب نائبا لوزير الاتصالات لشؤون التطوير المؤسسي.   13– طارق أمين نائبا لوزير الصحة والسكان لشؤون السكان.   14– منتصر مناع نائب وزير الطيران المدني.   15– أيمن عاشور نائبا لوزير التعليم العالي لشؤون الجامعات.   16– رضا حجاي نائبا لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني لشؤون المعلمين.   17– أحمد محمد ضاهر محد حسن نائبا لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني لشؤون التطوير التكنولوجى.   18– علاء الدين عبد الحكيم إمام خشب نائبا لوزير البترول والثروة المعدنية لشؤون الثروة المعدنية.   19–مصطفى الصياد نائبا لوزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة.   20– سيد إسماعيل علي أحمد نائبا لوزير الإسكان لشؤون البنية الأساسية.   21– رأفت فهمي نائبا لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشؤون البنية التحتية   22– غادة شلبي نائبة لوزير السياحة والآثار لشؤون السياحة.     المسوغات القانونية للتعديل   وتنص المادة 129 من لائحة البرلمان على أن لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء.   ويرسل كتابا بذلك إلى مجلس النواب يبين فيه الوزارات المراد إجراء تعديل فيها، ويعرضه رئيس المجلس في أول جلسة تالية لوروده. ويُعد التعديل الوزاري الحالي، الخامس منذ اعتلاء السيسي السلطة قبل 5 سنوات رسميا، بوزارتي ابراهيم محلب وشريف اسماعيل، والثالث في حكومة مصطفى مدبولي الحالية، والتي كلف بتشكيليها في يونيو 2018، خلفا لحكومة “شريف إسماعيل” التي تقدمت باستقالتها آنذاك. وأجرى مدبولي تعديلين على حكومته الأولى في فبراير 2019، بترك منصب وزير الإسكان لآخر، وفي مارس 2019، بتعيين كامل الوزير وزيراللنقل عقب استقالة سلفه. ويحمل التعديل الوزاري العديد من الدلالات والمؤشرات السياسية والأهداف التي تعبر عن أزمة داخل نظام السيسي.   أهداف التغيير التعديل الوزاري يعتبر تغييرا في الشكل لا الجوهر، وهو ما لا شك فيه لن يؤدي لأي تغيير حقيقي أو إيجابي في المشهد. ويعتبر التغيير الوزاري محاولة تفادي الضغوط التي يتعرض لها، ومن أجل تحميل الحكومة لا الرئاسة، مسؤولية إفقار المصريين وأزماتهم المعيشية.   وقد استبق نظام السيسي التغيير الوزاري بحملات إعلامية تضمنت انتقادات واسعة لعمل عدد من الوزارات وتحميل الوزراء المسئولية عن تردي الأوضاع المعيشية، بل وصل الأمر أن يطلق السيسي نفسه نداءً للبرلمان ليستجوب الوزراء ويقوم بدوره في مراقبة الحكومة، في ابتزال واضح لدور البرلمان الذي يحركه السيسي بالريموت كنترول. وتجلى ذلك عقب تظاهرات 20  سبتمبر الماضي، حيث أوصت دوائر مخابراتية، باتخاذ عدة إجراءات لتهدئة الغضب الشعبي بسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية، مثل إعادة نحو مليوني شخص لمنظومة البطاقة التموينية، وخفض رمزي لسعر الوقود، وتطبيق الحد الأدنى للأجور.     عرائس ماريونيت   وبحسب مراقبون للشأن المصري، فإن التعديل الوزاري، مجرد لعبة لإلهاء الشعب، والإيهام بأن هناك تغييرا سياسيا يحدث في مصر، حيث من المقرر أن تنطلق حملة إعلامية موسعة للتطبيل للتغيير الوزاري، كما جرى مع حركة تغيير المحافظين، وتعيين نوابا من الشباب لهم، وهم من صناعة مخابرات السيسي، في تنسيقية شباب الأحزاب السياسية، أو البرنامج الرئاسي، وهو ما تعتبره الأجهزة السيادية إنجازا، يصلح استخدامه في تجميل وجه النظام القبيح، بعد سلسلة من الأزمات التي يعايشها المصريون، من فقر وتردي اقتصادي واجتماعي، وأزمات إقليمية ودولية يتسبب فيها نظام السيسي.   ومن ثم فالتعديل الوزاري الأخير مجرد لعب بالعرائس، إذ أن الوزير في ظل نظام السيسي، مجرد موظف كبير فقط، لا يقر سياسة ولا يتخذ قرارا إلا بتعليمات أمن السيسي المتحكم في عموم المشهد المصري.   ومن ثم فإن أية تعديلات حكومية تعتبر محاولة للتأثير على الشكل لا الجوهر. والجوهر لا يصنعه الوزراء، بل يصنعه الأمريكان والصهاينة، وينفذه السيسي في القضاء على الديمقراطية والحريات وإقصاء الدين والحرب عليه، وذلك عبر المجازر والسجون والتعذيب حتى الموت، والافقار والقتل الاقتصادي للشعب.   مؤشرات التعديل الوزاري   -العودة لوزارة الإعلام: والتي تم إلغاؤه قبل 5 أعوام، واستبدالها بالمجلس الأعلى للإعلام، حيث وافق مجلس النواب على عودة وزارة الإعلام مجددا وأسندها إلى النائب أسامة هيكل، الذي تولي نفس الحقيبة في وقت سابق في حكومة رئيس الوزراء المصري الأسبق عصام شرف، إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير  2011. ويعبر القرار عن أزمة تضرب النظام المسيطر على الإعلام من أول لحظة للانقلاب العسكري، في 2013، ورغم سيطرة الأجهزة الأمنية على جميع المنافذ الإعلامية الخاصة والعامة، عبر شراء موسع للحصص عبر شركات تابعة للمخابرات الحربية والمخابرات العامة، تسببت في إغلاق العديد من القنوات والوسائل الإعلامية، وإبقاء عددا من القنوات والشركات الإعلامية التي تدار عبر مكتب رئيس المخابرات عباس كامل، ثم نقل إدارتها إلى لجنة ثلاثية من الرئاسة والمخابرات بقيادة رئيس الأركان المقال سابقا محمود حجازي، لإحكام السيطرة على السوق الإعلامية وأيضا شركات الإنتاج…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022