المؤتمرات الشبابية .. السيسي على خطى عبد الناصر .. قراءة في الجدوى والرسائل

فكرة المؤتمرات الشبابية ليست وليدة اليوم، بل لها جذور قديمة منذ انقلاب 23 يوليو 1952م، وقد أدرك نظام الدكتاتور جمال عبد الناصر  ومن بعده المستبدان محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، أهمية تجنيد قطاع من الشباب لتربيتهم على أفكار النظام والولاء المطلق له؛ ولتحقيق هذه الأهداف تم تنظيم عدة مؤتمرات: الأول: احتضنه مبنى المدينة الجامعية لجامعة القاهرة،  تحت مسمى «اللقاء الأول لشباب الجامعات المصرية سنة 1954م”  والذي أشرف عليه أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة الضابط كمال الدين حسين، وشارك فيه ما يزيد عن “800” طالب وطالبة. وبدأ اللقاء بطابور عرض للطلاب المشتركين في الحرس الوطني، وفي إطار النشاط الفني تم تقديم مسرحية قام ببطولتها الفنان فؤاد المهندس الذي كان طالبًا بمرحلة الدراسات العليا بكلية التجارة جامعة القاهرة في ذلك الوقت، كما شارك الفنان والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب الذي لحَّن أغنية قامت بها الطالبة ليلي سعودي والتي تم مكافأتها بعد ذلك بتعيينها في منصب مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بمكتب وزير التعليم. المؤتمر الثاني: لشباب الجامعات تم في يوليو 1956م،  عام قرار تأميم قناة السويس. ثم بعد ذلك تم إلغاء المؤتمرات الشبابية بعد احتلال العدوان الثلاثي لسيناء وعدوانهم على مدن القناة “بورسعيد والإسماعيلية والسويس”. الثالث: نظمته جامعة عين شمس  خلال فترة الستينات، والذي ضم مجموعة منتقاة  من الشباب الذي يتصفون بالولاء المطلق للنظام والدفاع عن سياساته وتوجهاته، (شباب التنظيم الطليعي) وتقريبا تم تعيين معظم المشاركين فيه في مراكز ومناصب مهمة وحساسة بعد عدة سنوات ليكونوا عين النظام على الآخرين ورجاله في إدارة دواليب العمل الحكومي من أجل التحكم المطلق في جميع مفاصل الدولة. وهو اللقاء الذي أعقبته مباشرة الهزيمة المدوية سنة 1967م. فتم إلغاء هذه المؤتمرات لحين استرداد الأرض حتى سنة 1973م. مضى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات دون اهتمام بتنظيم مؤتمرات شبابية، حتى جاء عهد حسني مبارك، فتم إقامة اللقاء الرابع للشباب في أغسطس سنة 1987م، بمدينة الإسماعيلية والذي حضره مبارك. ورغم الدعاية الضخمة لانعقاد مؤتمر شباب الجامعات في رحاب جامعة القاهر في يناير 1991م، والتأكيد على أن مبارك سوف يفتتح إشارة البدء لأضخم مؤتمرات الشباب إلا أن مبارك اعتذر ولم يحضر. وظل أسبوع شباب الجامعات يعقد بشكل منتظم خلال الفترة من (1991م حتى 2010م) تحت رعاية جمعية “حورس” التي كان له فرع في جميع كليات الجامعات تحت إشراف أمن الدولة مباشرة، لكن مبارك لم يشارك في أي منها، وبدأت جمعيات حورس تفقد دورها لسببين: الأول تمييز شبابها على باقي الشباب في برنامج قطارات الشباب التي كانت تنطلق إلى محافظات مختلفة بدعم واسع من النظام فكان لهم سكن مميز ونفوذ وامتيازات عن باقي المشاركين وغالبهم شباب عادي غير مسيس. والثاني هو فضائح شباب حورس الجنسية التي فضحتها حملات صحفية مميزة وحجم الانحلال الأخلاقي بين شبابها وفتياتها. وفي سنة 1998م، بدأ طموح مبارك الابن في وراثة الحكم عن أبيه، وتم تدشين جمعية “جيل المستقبل” وكانت أهدافها المعلنة هي تطوير قطاع الموارد البشرية بمصر، بحيث يصبح قادرا على خوض غمار المنافسة على الساحة العالمية. وأيضا نقل ثقافة القطاع الخاص وإعادة تكييفها بحيث تتلاءم مع مستويات التميز والإنجازات العالمية من خلال تطوير قطاع الموارد البشرية. شارك في تأسيسها عدد من الوزراء ورجال الأعمال وقادة الحزب الوطني وقتها، منهم أحمد عز ورشيد محمد رشيد وأحمد المغربي ومعتز الألفي، وكان جمال هو رئيس مجلس إدارتها. واستهدف تأسيسها في  حقيقة الأمر، تكوين جيل شبابي يتبنى أفكار مبارك الابن ويساهم في تمكينه لاحقا من وراثة الحكم بعد أبيه، وذلك بعد تربية هؤلاء الشباب على الولاء المطلق لمبارك الابن وأفكاره وتعيين هؤلاء في مناصب الدولة الحساسة حتى يكونوا سند النظام عندما تحين فرصة التوريث.   «12» مؤتمرا في عهد السيسي وبعد انقلاب 30 يونيو 2013م على المسار الديمقراطي والإطاحة بالرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، تبنى نظام الطاغية عبد الفتاح السيسي أفكار الدكتاتور الأول لانقلاب 23 يوليو  جمال عبد الناصر، ومضى على خطاه في سبيل تكوين جيل شبابي يتمتع بالولاء المطلق لنظام 30 يونيو والدفاع عن سياساته مع منح هؤلاء امتيازات خاصة وتعيينهم في مناصب الدولة الحساسة تماما كما فعل عبد الناصر مع شباب “التنظيم الطليعي”. وفي سبيل ذلك، تبنى تأسيس هيكلين لاحتواء قطاع من الشباب الموالي للنظام: الأول: هم شباب البرنامج الرئاسي، الذي أسسه الطاغية في سبتمبر 2015م. وهو أخطر تنظيمات السيسي الشبابية ومنهم تم تعيين نواب محافظين ومساعدين لوزراء. الثاني: اللجنة التنسيقية لشباب الأحزاب الموالية للسيسي والذي جرى تأسيسها بعد اجتماعات سرية في دهاليز المخابرات العامة تحت إشراف الضابط أحمد شعبان. ومنذ مؤتمر الشباب الأول الذي انعقد بشرم الشيخ بين  “25 ــ 27 أكتوبر 2016م” تحت شعار “أبدع.. انطلق”، عقد السيسي خلال السنوات الثلاث الأخيرة وحتى ديسمبر 2019م  (12) مؤتمرا شبابيا، منها 8  وصفها إعلامه بالوطنية المحلية، و3 مؤتمرات تم وصفها بمنتديات عالمية (بالإنجليزية: World Youth Forum – WYF) تقام عادة في شهر نوفمبر من كل سنة بمدينة شرم الشيخ بحضور أكثر من 5 آلاف شاب وفتاة من جنسيات مختلفة، إضافة إلى (ملتقى الشباب العربي والإفريقي ” Arab and African youth platform”) بمدينة أسوان  في مارس 2019م، والذي تزامن مع دور مصر في  ترؤس الاتحاد الإفريقي. ويعتبر المؤتمر الثامن..(القاهرة الجديدة 14 ــ 15 سبتمبر 2019م) أشهرها على الإطلاق حيث تم تنظيمه خصيصا بشكل مفاجئ وبطلب من السيسي للرد على الاتهامات التي وجهها الفنان والمقاول محمد علي للسيسي وأسرته والمؤسسة العسكرية بالفساد الذي يصل حجمه إلى مليارات الجنيهات. والتي راجت بشدة وعلى نطاق واسع بين الناس، وذلك بحضور 1600 مشارك كلهم من شباب البرنامج الرئاسي وتنسيقية الشباب، بمركز المنارة للمؤتمرات في القاهرة الجديدة. وبعده بشهرين فقط، اختتم المنتدى الثالث لشباب العالم أعماله (شرم الشيخ 14ـ 17 ديسمبر 2019م) بمشاركة أكثر من 7 آلاف شاب وفتاة يمثلون 196دولة.   رسائل النظام الرسالة الأولى أن مؤتمرات السيسي الشبابية تمثل بديلا سياسيا ظاهرا لفكرة الأحزاب التي لا يؤمن بها الطاغية من الأساس، إلا إذا كانت تدور فلك النظام وتسبح بحمده وتدافع عن سياساته حتى لو كانت بالغة الخطأ والشذوذ، إضافة إلى أن هذه المؤتمرات ما هي إلا انعكاس وصدى وصورة ظاهرة لما يجري في الخفاء داخل ما يسمى بشباب البرنامج الرئاسي أو  اللجنة التنسيقية لشباب الأحزاب؛ وهي تماثل تماما فكرة «التنظيم الطليعي» عندما رفض الديكتاتور عبد الناصر فكرة التعدد في الكيانات السياسية، مستعوضًا عنها بكيان واحد يضم التيارات المسموح بوجودها فقط والتي تدعم النظام وتدافع عن سياساته؛. والهدف من كلاهما في حالتي عبد الناصر والسيسي هو تجنيد العناصر  التي تراها السلطة صالحة للقيادة وتنظيم جهودها لخدمة النظام. الرسالة الثانية، موجهة لكل شباب مصر والقوى السياسية الأخرى، أنه لا مكان في مستقبل…

تابع القراءة

السيسي والإرهاب .. قراءة في المضامين والتوجهات والتوظيف السياسي

تذهب تفسيرات رصينة إلى أن وجود بل صناعة  تنظيم مسلح على غرار “داعش” أو “ولاية سيناء” يمارس عنفا ووحشية مفرطة، كما حدث في جريمة مسجد الروضة سيناء نوفمبر 2017 والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من “300” مصل؛ هو في حد ذاته، حاجة ضرورية للنظم المستبدة، لأسباب عديدة، أهمها، أن هذه النظم تسوق نفسها أمام الأمريكان والغرب باعتبارها رأس حربة ضد التنظيم الدموي الذي يخشاه الغرب كثيرا، وثانيا، تكتسب هذه النظم بوجوده أو صناعته وتضخمه شرعية مفقودة، وثالثا، تخلط به هذه النظم الأوراق بين التنظيمات المسلحة “داعش والقاعدة” والحركات الإسلامية المعتدلة المؤمنة بالحريات والانتخابات والتداول السلمي للسلطة مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس والجماعة الإسلامية وغيرها، كما توظف هذه النظم وجود مثل هذه التنظيمات الدموية (داعش/ ولاية سيناء) لإسكات معارضيها بحجة قدسية الحرب على الإرهاب وممارسة انتهاكات صارخة ومصادرة الحريات وتكريس الاستبداد بهذه الحجة الملفقة والشماعة الجاهزة. كما يحقق نظام 30 يونيو من استمرار الحرب على الإرهاب خلال المرحلة الراهنة ترميما لشعبية الجنرال السيسي التي تآكلت بفعل السياسات الخاطئة والفشل المتواصل في كل الملفات السياسة والاقتصادية، كما تمنح الجنرال ذريعة تمكنه من فرض هيمنته على المشهد السياسي والإعلامي وإسكات أصوات منتقديه ومعارضيه بحجة التفرغ للحرب على الإرهاب. ويمثل استمرار العمليات كذلك غطاء ممتازا لفشل العملية السياسية وسحق كل من يفكر في منافسة الجنرال كما جرى مع الفريق شفيق وسامي عنان وغيرهم قبل مسرحية الرئاسة 2018م. معنى هذا أن الحرب ستظل مفتوحة لتؤدي دورها السياسي المطلوب وهو القضاء على الحياة السياسية”، فالقضاء على الإرهاب يعني بث الروح في الحياة السياسية وهي خطر داهم على النظام الفاشي، وعندما يستمر ويعلو صوت المعركة ضد الإرهاب تستطيع إسكات كل الأصوات والزج بأصحابها خلف القضبان”. ويذهب آخرون إلى اتهام سلطات نظام 30 يونيو العسكر الانقلابي بافتعال معركة التطرف الديني والإرهاب باسم الدين، مؤكدين أن «وراء هذه الحرب المفتعلة «مافيا» تسترزق من ورائها ولا تريد لها أن تتوقف أبدا بل سيقاومون حتى النهاية من أجل سبوبة الاسترزاق». هذه المافيا التي تقف وراء استمرار الحرب على ما يسمى بالإرهاب وتطالب بتمديدها رغم أنها مستمرة منذ سنوات دون قدرة على الحسم، تتشكل من جنرالات كبار في الجيش والشرطة وتضم قضاة وإعلاميين ورجال أعمال ومراكز بحث وأصحاب أجندات تستهدف استمرار حالة النزيف الذي يفضي في النهاية إلى إضعاف مصر ودخولها في دوامة لا تتوقف، وربما يستهدف البعض جزأرة المشهد المصري أو تدحرجه إلى السيناريو السوري أو الليبي تحت مزاعم أزمة الخطاب الديني.   دور السيسي في صناعة الإرهاب ويتبنى قطاع من الخبراء والمتخصصين والمحللين السياسيين  وقوف نظام السيسي وراء صناعة ظاهرة الإرهاب وتضخيمها والمبالغة فيها لاعتبارات تتعلق بالتوظيف السياسي لهذه الظاهرة في خدمة النظام لتحقيق أهدافه ومآربه. فالنظام أولا تأسس على انقلاب عسكري اتسم بأعلى درجات الوحشية والتطرف وأجهض المسار الديمقراطي  الذي جاء ثمرة  من ثمار ثورة 25 يناير السلمية فتم اعتقال الرئيس ورموز الحكومة الشرعية المنتخبة والزج بهم في السجون بتهم سياسية ملفقة. كما ارتكب نظام 30 يونيو عشرات المذابح بحق الملايين الذين خرجوا معبرين بسلمية عن رفضهم لهذا الانقلاب فتم قتل الآلاف في رابعة والنهضة ومصطفى محمود ورمسيس والمنصة والحرس الجمهوري وغيرها. كما تم اعتقال عشرات الآلاف من أنصار الرئيس المنتخب ومورس بحقهم عمليات تعذيب وحشي يندى لها جبين الإنسانية. وتلا ذلك محاكمات مسيسة وصدرت عشرات الأحكام بالإعدام الجماعي وتم اغتيال مئات الشباب خارج إطار القانون وكلها أعمال إرهابية مارستها أجهزة الدولة التي تآمرت وانقلبت على النظام الشرعي المنتخب. الانقلاب بهذه الصورة الوحشية وضع جماعة الإخوان المسلمين في مأزق كبير حيث كان يقوم خطابها في شقه السياسي على التنافس والمشاركة في العملية السياسية والفوز بثقة الشعب وقد حققت ذلك كله وفازت بالرئاسة والبرلمان؛ فماذا حدث بعد ذلك؟ انقلب الجيش على كل ذلك وأطاح بإرادة الشعب الحرة، فأول برلمان منتخب بنزاهة منذ انقلاب 23 يوليو 1952م، تم حله بجرة قلم بعد 5 شهور فقط من انتخابه، والرئيس المدني المنتخب تم الانقلاب عليه بعد سنة واحدة فقط، والدستور الذي أقره الشعب بنسبة 64% في ديسمبر 2012م، لم يستغرق العمل به سوى 6شهور حتى أوقف العسكر العمل به! هذه الإجراءات الاستبدادية المنحرفة شكلت مخرجا لخطاب الجماعات المسلحة التي لا تؤمن أساسا بالعمل السياسي والانتخابات والديمقراطية وراحت تسخر من الإخوان وما آل إليه مسارهم؛ وبذلك بث انقلاب السيسي والعسكر في 30 يونيو 2013م الروح من جديد في خطاب القاعدة وداعش بعد أن كاد هذا الخطاب يتلاشى بعد ثورة 25 يناير2011م. ثانيا، تؤكد مراكز البحث والتحقيقات الرزينة أن عمليات التعذيب الوحشي التي تمارس في السجون والمعتقلات ومقار الأمن الوطني وأماكن الاحتجاز في المراكز والأقسام المنتشرة في جميع المحافظات منذ انقلاب 30 يونيو حتى اليوم تسهم بلا شك في تعزيز التطرف والإرهاب وتبث روح الثأر والكراهية المتبادلة. وهو ما يتوافق تماما مع الترجمة العربية التي قام بها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم 8 مايو 2019 لتقرير “كالنار في الهشيم: نمو التطرف العنيف داخل السجون المصرية”، الصادر عن منظمة هيومن رايتس فيرست، والمنشور في فبراير2019م. يستند التقرير إلى شهادات مروعة جمعها باحثون هيومن رايتس فيرست من سجناء سابقين في مصر، تعكس كيف أن السجون المصرية قد تحولت- في السنوات الأخيرة في ظل حكم السيسي – لبؤر تجييش لجماعات التطرف العنيف. وتتوافق استنتاجات تقرير منظمة هيومن رايتس فيرست مع استنتاجات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في كتابه الصادر عام 2017 “النُظم التسلطية العربية حاضنة الإرهاب”،* والذي درس العلاقة بين السياسات الاستبدادية والأسباب الجذرية للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بل يتفق كذلك مع التحقيق الاستقصائي الذي نشرته صحيفة “الشروق” في إبريل 2016م تحت عنوان «ملف.. هنا طرة.. مركز حكومي لتجنيد الدواعش” والذي انتهى إلى أن إدارة السجن تتسامح مع انتشار أفكار تنظيم “داعش” وتسمح لهم بالاختلاط بالشباب صغار السن عمدا وهو ما يثير شكوكا حول دور النظام نفسه في ترويج أفكار داعش وبقاء استمرارها لتوظيفها سياسيا لخدمة أهداف النظام. ثالثا،  يعزز هذه النتيجة ودور النظام في ضمان بقاء التطرف والإرهاب الاتهامات التي وجهها الناشط السيناوي مسعد أبو فجر للسيسي ونجله محمود وكيل جهاز المخابرات العامة، حيث يؤكد أن أحد الضباط هو من ينفذ عمليات قتل الجنود في سيناء بتكليف من السيسي ونجله. وأن الدور القذر الذي يمارسه السيسي في سيناء يمتد إلى مراحل سابقة عندما كان مديرا لجهاز المخابرات الحربية. وأن ضابط المخابرات الذي رمز له بـ”س”  كان يقوم بتأجير الأطفال في سيناء مقابل 200 جنيه مصري (ما يقارب 12 دولاراً أمريكياً) من أجل إطلاق النار على الجنود في سيناء،  وتصوير ذلك على أنها هجمات من تنظيم داعش. وكشف أبو فجر عن أن أجهزة المخابرات أبلغت بعض النشطاء في سيناء بأن السلطات قادرة على…

تابع القراءة

المشهد السياسي الأسبوعي 15 ديسمبر 2019

أولاً: المشهد المصري الداخلي: هل يتم الإطاحة بوزير الدفاع في التعديل الوزاري القادم: ثارت أحاديث مؤخراً عن إرجاء التعديل الوزاري في مصر بسبب التردد بشأن تقرير مصير وزيري الدفاع والداخلية، الفريق أول محمد أحمد زكي واللواء محمود توفيق. يرى البعض أن هناك مجموعة من الأسباب التى تدعم إمكانية تغيير وزير الدفاع منها: (1) الغضب الأمريكى من صفقة الطائرات الروسية التي عقدتها المؤسسة العسكرية برئاسة زكى مع موسكو. (2) أن تصريحات زكي إبان ذروة الاحتجاجات التي أعقبت انتشار فيديوات المقاول والممثل محمد علي في سبتمبر الماضي، والتي فُسرت بأكثر من طريقة، خصوصاً وأن وزير الدفاع ظهر إعلامياً من دون تنسيق مع السيسى، فضلاً عن التعامل الضعيف من قبل الجيش مع التظاهرات، والتى أوحت للكثيرين أن هناك رغبة من الجيش فى عدم قمع هذه التظاهرات التى تطالب بإقالة السيسى. (3) أن إقالة زكى قد تأتى لإرضاء القيادات العسكرية الغاضبة، لسببين محتملين؛ الأول: أن وزير الدفاع يأتى من سلاح الحرس الجمهورى، على عكس المعتاد أن يأتى الوزير من سلاح المشاة. الثانى: وجود مساعى من قبل السيسى لاستقلالية الحرس الجمهورى بعيداً عن الجيش بحيث يكون خاضعاً مالياً لمؤسسة الرئاسة، ويخضع لإشراف السيسى مباشرة، وإن كان سيظل ضمن الهيكل الإدارى للجيش. فى المقابل، يرى البعض أنه لن يتم تغيير وزير الدفاع، على الأقل فى الأجل القريب؛ نظراً لوجود مجموعة من الأسباب تأتى على رأسها؛ الأول: أن السيسى يعمل حالياً على لم شمل الفئات الغاضبة من حكمه، خاصة بعد أن زاد الحديث عن وجود جهات داخل الدولة تدعم دعوة محمد على للإطاحة بالسيسى، وعليه فمن المستبعد أن يقوم السيسى بإقالة وزير الدفاع لما قد ينتج عن ذلك من غضب داخل المؤسسة العسكرية. الثاني: أنه لا توجد أحداث سياسية أو عسكرية كبيرة تستدعى إقالة وزير الدفاع، فلا يوجد مثلاً واقعة كحادث الواحات التى أدت إلى إقالة رئيس الأركان السابق محمود حجازى.   نظرة العسكريون للمجتمع المدني بين الاستهزاء والتملق.. كامل الوزير يهاجم النقابات العمالية. شن كامل الوزير وزير النقل، هجوما حاداً على النقابات العمالية في قطاع النقل، متهماً إياهم بعرقلة أي عمليات تطوير داخل القطاع، بحجة الدفاع عن حقوق العاملين. قائلا: “النقابات العمالية بتقوي العمال على الغلط وهما مش فاهمين، كل ما أخد قرار لتطوير هيئة خاسرة، الناس تهيج ويقولك بيشردنا، إزاي مؤسسة خسرانة وعاوزة تاخد أرباح؟!، أنا جاي من مؤسسة متعرفش الكلام دا”. وشدد الوزير على ضرورة أن تعمل النقابات العمالية لصالح الدولة، قائلا: “مش معقول الشركات تبقى خسرانة وييجي نقيب عمال يقعد يشتم فينا، العامل دلوقتي مش عايز مستثمر يشغله، لأننا أول ما نقول هنعمل تطوير يقول هيشردونا، هما عايزين يقضوا وقت وياخدوا بسكوت ويروحوا يشتغلوا شغلانة تانية”. وعقب موجة هجوم على تصريحات الوزير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عادت وزارة النقل والمواصلات ونشرت بيان أكدت فيه “أن كل ما أثير في وسائل الإعلام المختلفة من تصريحات منسوبة للفريق مهندس كامل الوزير وزير النقل، بشأن النقابات العمالية عارٍ تماما من الصحة”. تصريحات الوزير التي انتقد فيها النقابات العمالية، ووصفها بأنها “تقوي” العمال على الخطأ، ثم قارن ذلك بالمؤسسة العسكرية بقوله ” أنا جاي من مؤسسة متعرفش الكلام دا”، ثم مطالبته النقابات أن تعمل لصالح الدولة، واصماً العمال بأنهم “عايزين يقضوا وقت وياخدوا بسكوت”. تكشف عدم وعي الوزير بالدور الذي يجب أن تلعبه النقابات العمالية، وهو الدفاع عن العمال في مواجهة أصحاب رؤوس الأموال وفي مواجهة الجيش الداعم لأصحاب رؤوس الأموال، أو كونه أصلاً أحد أصحاب رؤوس الأموال تلك. وهو يكشف عن نظرته الفوقية للقطاع المدني عبر قوله أنه ابن مؤسسة لا تعرف هذه الممارسات. كما يكشف عن نظرة السلطة الأبوية للمجتمع؛ فالنقابات –عنده- يجب أن تعمل لحساب الدولة لإجبار العامل على التخلص من الكسل والتوقف عن المطالبة بالمرتبات والحوافز. وهو من جهة أخرى يظهر أن رغم السيطرة الكاملة في المجال السياسي إلا أن المجال العمالي يظهر أنه لازال للنقابات دور تلعبه، يخالف مواقف الدولة في أحيان كثيرة؛ ونقد الوزير لموقف النقابات يظهر مخالفتها توجهاته. هذه النقطة الأخيرة تحديداً تثير تساؤل بشأن حاجة الدولة للنقابات: لما لم تجمد الدولة النقابات وتتعاطى مباشرة مع العمال؛ فهل لأن الدولة في حاجة لنقابات تعمل كحلقة وصل بينها والعمال؟ أم أن عدم تجميد النقابات خوفاً من تداعيات ذلك القانونية الدولية وليس ناتج عن إيمان بدورها. النقطة الأخيرة: أن بيان الوزارة التي نفت فيه أن يكون الوزير قد أساء للعمال والنقابات يدعم فكرة أن الحكومة لا تزال تخاف من قطاعات اجتماعية، وأن الخوف هو الذي يوفر لهذه القطاعات بعض حقوقها من أن تطالها يد سياسات التقشف.   تقييم ملف الإعلام خلال عام 2019.. تخبط وإرتباك وإقرار بالفشل. أقر السيسى فى أكثر من مناسبة خلال تلك الفترة الماضىة، بفشل جهاز الإعلام فى تحقيق أهدافه. كما أقر عدد من خبراء الإعلام بإن عام 2019 قد شهد فشل نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في إدارة ملف الإعلام على الرغم من سيطرته المطلقة على جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، سواءً بالإستحواذ واحتكار المجال الإعلامي والإعلاني والفني، أو بالولاء المطلق. على الرغم من حجم الإنفاق الكبير على القنوات والذي بلغ نحو 6 مليارات جنيه في العام الواحد. ووفقاً لخبراء، فهناك مجموعة من العوامل التى أدت إلى ضعف وتراجع أداء الجهاز الإعلامى خلال الفترة الماضية، منها؛ بداية إنسحاب الإمارات من الاستثمار فى الإعلام المصرى، خصوصاً مع قرارها الأخير بإغلاق قناة TeN المحسوبة عليها، والتي يتحدث إعلاميون عن أنها مُمولة من القيادي المفصول من حركة فتح “محمد دحلان” المُقيم في الإمارات. إلى جانب فشل المنظومة الإعلامية التى يعتمدها نظام السيسى، تلك القائمة على السيطرة على جميع القنوات والمواقع الخاصة من خلال شركات مخابراتية بواجهة مدنية، مما أدى إلى فقدان المصداقية، ما أدى إلى انصراف الجمهور عن قنواتهم ومواقعهم والتوجه للقنوات المعارضة والقنوات العالمية الكبيرة. إضافة إلى نجاح إعلام الخارج، من خلال نجاح بعض القنوات والمواقع الإخبارية فى تقديم إعلام يحمل قدراً كبيراً من المصداقية، مما أدى إلى انجذاب الجمهور المحلى إليه. وفى محاولة من النظام لإعادة إحياء جهاز الإعلام من جديد، فقد أجرى النظام بعض الإصلاحات، تتمثل فى استدعاء بعض الوجوه المُبعدة، ونقل بعض الوجوه الأخرى من قناة لأخرى في محاولة لإعادة رسم الخريطة البرامجية. إلى جانب سعى السيسى إلى سحب ملف الإعلام من أيد المخابرات العامة من خلال الإطاحة بمسؤولي مكتب الإعلام في مكتب اللواء عباس كامل، وهما المقدم أحمد شعبان، مسؤول ملف الإعلام ومدير مكتب كامل، والمقدم محمد فايز، أحد المسؤولين عن ملف الإعلام بالمخابرات، وذلك لإخفاقهم بشكل كبير في غالبية الملفات والمهام التي كان من المفترض أن يؤدوها على أتم وجه، والذى تسبب في إحراج النظام داخليا وخارجيا، والتى من أهمها ملف رجل الإعمال…

تابع القراءة

دلالات ورسائل مصادرة أموال “الإخوان” والمعارضين  المتحفظ عليها ونقلها لخزانة الدولة

في تصعيدٍ جديد من نظام عبد الفتاح السيسي ضد المعارضين، وبصفةٍ خاصة في التيار الإسلامي، حيث أصدرت “لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين والكيانات المدرجة على قائمة الإرهاب، قرارات سرّية عدة خلال الأسبوع الماضي، تقضي بالمصادرة النهائية لأموال أكثر من 120 شخصاً من المتهمين في قضايا تمويل الجماعة وإعادة إحياء نشاطها الاقتصادي. وتأتي القرارات إثر صدور أحكامٍ نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل “الإخوان” والإرهاب، ضد قرار اللجنة، بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة.   وكانت الشخصيات التي صدِرت قرارات تنفيذية بمصادرة أموالها، معظمهم من قيادات الصفين الثاني والثالث من الجماعة، وليس من بينهم العديد من رجال الأعمال الكبار، لكنهم يضمون بعض أصحاب المدارس والمستشفيات المتحفظ عليها منذ عام 2014.   أهداف التحول من التحفظ إلى المصادرة:   أولا: تأتي تلك القرارات إثر صدور أحكامٍ نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل “الإخوان” والإرهاب، ضد قرار اللجنة، بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة، وذلك على الرغم من صدور نحو 274 حكما قضائيا من محاكم القضاء الإداري بدرجاتها المختلفة، وعدم اختصاص محكمة الأمور المستعجلة بنظر قرارات التحفظ بالأساس.   ثانيا: تعد تلك القرارات التنفيذية هي الأولى التي تصدر في هذا الشأن، بعد شهورٍ من الصمت، على الرغم من بدء صدور أحكام متتالية من محكمة الأمور المستعجلة منذ ديسمبر 2018 وحتى يوليو الماضي. وكان بعض المراقبين المتفائلين قد اعتبروا صمت السلطة إشارةً إلى عدم حسم النظام موقفه مما إذا كان سيمضي قدماً في تنفيذ قرارات المصادرة، وتحمّل التبعات الاقتصادية الخطيرة لها على بيئة الاستثمار من عدمه، في ظلّ سيطرة حالةٍ من القلق بين الشركاء السابقين والحاليين من المستثمرين لبعض كبار رجال الأعمال المتهمين في تلك القضايا، في ظل هروب نحو 7.7 مليار دولار من مصر خلال شهر أكتوبر الماضي، إثر سياسات العسكرة التي تبتلع الاقتصاد المصري بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة.   ثالثا: تعد تلك القرارات استجابةً لتعليمات مباشرة من دائرة عبد الفتاح السيسي، التي لم تكن راضية عن الطريقة التي أدارت بها الشركات القابضة والمؤسسات الحكومية عدداً من أكبر المؤسسات الاقتصادية، التي جرى التحفظ عليها منذ ست سنوات. وكانت معظم هذه المؤسسات قد تعرضت لخسائر فادحة، ما اضطر الإدارات الحكومية الجديدة لها إلى إغلاق بعضها وتخفيض العمالة فيها، وتقليص حجم العمل للبعض الآخر، بما في ذلك المؤسسات الاستهلاكية الناشطة في مجال تجارة التجزئة والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والسلع والأثاث.   رابعا: وقد ترتبط هذه الخطوة التصعيدية بالخطة الحكومية الجارية لفصل آلاف الموظفين والمعلمين بحجة تعاونهم مع “الإخوان” وتعاطفهم مع الجماعة، وذلك في إطار خطة أوسع للتنكيل بالجماعة وامتداداتها في المجتمع المصري، وتجفيف البيئات التي قد تبدي تعاطفاً مع أعضائها وأنصارها، وبالتالي إشعارها دائماً بأنها تحت الضغط، وغير مسموحٍ لها بالعودة إلى المشهد.   خامسا: وبحسب مراقبين،  فإن ما أخّر إصدار القرارات التنفيذية بالمصادرة طوال هذه المدة، وجود خلافات بين جهاز الاستخبارات، وهو العنصر الأبرز في دائرة السيسي، وحكومة مصطفى مدبولي التي تقترح تصفية بعض المصالح الاقتصادية المتحفظ عليها، والتصرف في أصولها بعد تنفيذ قرار المصادرة.   سادسا: ترغب الحكومة في اعتماد هذه الخطوة نظراً لعدم استطاعة الدولة إدارة هذه المصالح، أو لحاجتها إلى خبرات نادرة تتطلب بقاء أصحابها فيها.   سابعا: تنشيط الصندوق السيادي، ومن زاوية أخرى، فإن مقترح التصفية تدعمه وزارة قطاع الأعمال التي طلبت إعادة النظر في الشركات والأملاك التي تسلمتها لإدارتها، لعدم ملاءمة بعضها للإدارة الحكومية من الأساس، وافتقار الشركات القابضة إلى الخصائص الإدارية المناسبة لتشغيلها. فمن جهتها، طلبت وزارة الصحة السماح لها بدمج بعض المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة التي تديرها حالياً، بعد التحفظ عليها، بواسطة الإدارات الإقليمية في كل محافظة. ويعود السبب وراء هذا الطلب إلى صعوبة التعامل مع الأطباء والممرضين والصيدليات والمرضى بشكلٍ منفصل في هذا العدد الضخم من المنشآت المتحفظ عليها، مقابل انخفاض عدد الأطباء الإداريين المكلفين بتشغيلها، فضلاً عن افتقاد بعض المنشآت مزايا تنافسية تمتلكها منشآت أخرى. لكن في المقابل، لا تبدو الاستخبارات جاهزة حالياً لتولي إدارة تلك المصالح الاستثمارية المصادرة، أو حتى بعضها، نظراً إلى المشاكل التي تعرضت لها جرّاء إدارتها الفاشلة للمشروعات الإعلامية طوال السنوات الثلاث الماضية. ويعطل هذا الواقع تفعيل مقترح جديد سبق وأن أعلن عنه في أغسطس الماضي، يتمثّل بإنشاء شركةٍ جديدة، تحت إدارة الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، وتمثل في مجلس إدارتها بعض الشركات القابضة. ومن مهام الشركة الجديدة، التصرف في الأملاك المصادرة التي ترغب الحكومة في التخلص منها، ليتاح لهذه الشركة الجديدة أن تبيع وتؤجر وتستثمر في هذه الأملاك، ويكون لها حق مشاركة الغير من داخل مصر وخارجها في هذه التصرفات، بما في ذلك الصناديق المالية المختلفة. ثامنا: ابتلاع نهائي لأموال المعارضين من باب النكاية، وفي هذا الاطار ، تسعى وزارة العدل عبر قطاع التشريع بإعداد تعديلات على قانون التحفظ والمصادرة رقم 22 لسنة 2018 لحماية التصرفات الحكومية أو غير الحكومية في الأملاك المصادرة، خوفاً من صدور أي حكم قضائي مدني أو دستوري ببطلان المصادرة، مستقبلاً. هذا القانون هو نفسه الذي يبعد مجلس الدولة ومحكمة النقض عن النظر بقضايا التحفظ نهائياً، وهو ما يتناقض مع المادة 40 من الدستور، التي تنص على أن “المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي”. فالمقصود بالمصادرة الخاصة هنا، أن تحدد المحكمة الجنائية حصرياً الأدوات أو الأموال التي استخدمها الجاني في عمله الإجرامي، ومن ثم تحكم بمصادرتها بعد ثبوت استخدامها في مخالفة القانون، كمصادرة السيارات والأسلحة والمخدرات في قضايا التهريب والقتل والإرهاب، الأمر الذي يختلف تماماً عن حالة الأموال المتحفظ عليها جميعاً من أشخاص يشتبه في تمويلهم لجماعة “الإخوان”.   عصف قانوني بحقوق معارضي النظام     وكان الشهر العقاري في مختلف المحافظات قد أنهى، العام الماضي، حصر كل الأملاك والعقارات المتعامل عليها، التي كانت مملوكة للمتهمين، وأُرسل إلى مكتب وزير العدل حسام عبد الرحيم، استعداداً لنقلها إلى ملكية الخزانة العامة للدولة رسمياً، بعد صدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة بتأييد المصادرة. وقد حصل ذلك بالفعل خلال الأشهر الماضية بالنسبة إلى مئات الحالات، من بين أكثر من 1500 شخص مدرجين على القائمة الرئيسية لمتهمي تمويل “الإخوان”، ومن بينهم نجم الكرة السابق المقيم في قطر حالياً محمد أبو تريكة، الذي لم تجرِ حلحلة موقفه حتى الآن، على الرغم من تدخل العديد من الوسطاء العرب.   كما سبق أن استدعى جهاز الأمن الوطني في بعض المحافظات عدداً من المتهمين بتمويل الجماعة المدرجين في قائمة الإرهاب، ممن لم يدخلوا السجون في قضايا أخرى، وأبلغهم بضرورة تسوية الأوضاع المالية لشركاتهم وأملاكهم سريعاً، تمهيداً لمصادرتها من قبل الدولة.   وأشارت المصادر إلى أنّ التعليمات…

تابع القراءة

مستقبل غامض للمصالحة القطرية الخليجية بعد قمة الرياض!!

جاء انعقاد القمة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي بالرياض بمشاركة قطر، في أجواء تصالحية لمحاولة اعادة الروح للمجلس المتشظي، إثر سياسات واهداف اماراتية سعودية، للعمل بالمنطقة وفق أجندات خاصة بعيدا عن السياسات الجمعية للمجلس.. وجاءت مشاركة قطر بعد أكثر من عامين من المقاطعة السعودية الاماراتية البحرينية ومعهم مصر، على خلفية اتهامات للدوحة بتمويل جماعات إرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار.‏ وشاركت قطر بعد تلقي دعوة رسمية من الرياض في 3 ديسمبر الجاري، من العاهل السعودي، عن طريق عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.   مقدمات تصالحية   وسبق ذلك العديد من المقدمات التصالحية وبضغوط أمريكية، لمحاولة صف الدول الخليجية ضد النفوذ الايراني المتصادم مع الأجندة الأمريكية بالمنطقة. وجرت ترتيبات مفاجئة، نقلتها صحف دولية، عن زيارة سرية، لوزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن إلى الرياض والتباحث سرًا في الازمة الخليجية وكيفية حلها، ـ ولو بين السعودية وقطر ـ على أن يكون الثمن، مقاطعة جماعة الإخوان المسلمين.   وبعد أيام من الغموض وتجنب التعليق على الأخبار من الجانبين القطري والسعودي، عاد وزير الخارجية القطري للأضواء مجددًا، واعترف خلال مشاركته في منتدى حوارات المتوسط المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما، أن بلاده تجري مباحثات مباشرة مع السعودية، بشأن الأزمة الخليجية، وأعرب عن أمله في أن تسفر عن نتائج إيجابية.   ضمن ما قاله وزير الخارجية القطري، أن المباحثات أحدثت تقدمًا وانتقلت بالأزمة من طريق مسدود إلى الحوار عن رؤية مستقبلية بشأن العلاقة مع السعودية، دون أن يتحدث عن الإمارات أو البحرين ومصر، وكان لافتًا تأكيد بن عبد الرحمن أن المباحثات لم تتضمن المطالب الـ13 التي وضعتها البلدان الأربعة كشروط قاطعة لإعادة العلاقات مع الدوحة، كما لم يتطرق من قريب أو بعيد إلى قضية دعم الإخوان أو تقديمها قربانًا للمصالحة، كما أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلًا عن مصدر لم تسمه.   وفي سياق التقارب، جاء إعلان منتخبات السعودية والإمارات والبحرين المفاجئ، بالمشاركة في بطولة “خليجي 24” لكرة القدم، التي استضافتها الدوحة، وتوج بها منتخب البحرين، ليؤكد أن هناك شيئًا ما يجري خلف الستار، خاصة أن البطولة شهدت أجواءً إيجابيةً وروحًا رياضيةً عاليةً من جميع اللاعبين، تختلف جذريًا عن بطولة كأس آسيا التي استضافتها الإمارات قبل تسعة أشهر وفازت بها قطر، في ظل أجواء عدائية كشفت ما يكمن في النفوس بين أبناء البلدان الخليجية.   وقبيل القمة، نشر الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، على حسابه على تويتر قائلاً: “أبشركم بتطورات مهمة لحل الخلاف الخليجي بأقرب مما تتوقعون”، لكن دون ذكر أي تفاصيل.   وبعدها بساعات قليلة غرد الكاتب الصحفي الإماراتي محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية بجملة مكونة من كلمتين فقط “الصلح خير”، ورغم عدم الإفصاح عن نوايا الكاتب من وراء هذه الكلمات…   وفي نوفمبر الماضي، استضافت عمان اجتماعًا للجنة العسكرية العليا لرؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي، بمشاركة مسؤول عسكري قطري بارز، وهو ما فسره مقربون ببادرة أمل.   وفي مايو الماضي أيضا، وخلال مقابلة له مع وكالة “سبوتنيك” الروسية قال صدقة يحيى فاضل رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السعودي: “أعتقد أن أزمة السعودية والإمارات والبحرين مع قطر تتجه إلى الحل”، موضحًا “هذا قد يكون من باب التمني، لكن هناك بعض المؤشرات التي توحي بأن الأزمة في طريقها للحل، وبالشكل الذي يُرضي الأطراف كافةً“. وجاءت تصريحات فاضل عقب اتصال رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو الاتصال الذي نقلته وكالة الأنباء البحرينية عن وزير شؤون مجلس الوزراء، محمد إبراهيم المطوع، قوله إنه “لا يؤثر في التزام المملكة مع شقيقاتها، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، بشأن تنفيذ دولة قطر ما التزمته في اتفاقية 2013 و2014 وما تبعها من مطالب عادلة“.   وفي يوليو الماضي وبعد 25 شهرًا من تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة إرضاءً للرياض وأبو ظبي على خلفية الأزمة الخليجية، أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مرسومًا ملكيًا، بالموافقة على تسمية الأمين العام لوزارة الخارجية زيد اللوزي سفيرًا للمملكة لدى قطر، وهو ما أعطى الضوء الأخضر لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوياتها السابقة، ما قبل الـ5 من يونيو 2017.. قمة الابتسامات   وانطلقت القمة برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحضور أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك البحرين حمد بن عيسى، ورغم غياب قادة قطر وسلطنة عمان والإمارات، فإن تمثيل الدول الثلاثة كان رفيع المستوى، بداية من قطر التي أرسلت وفدًا برئاسة الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، في حين ترأس وفد سلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء العماني، كما ترأس وفد الإمارات محمد بن راشد رئيس الوزراء وحاكم دبي. وأكد البيان الختامي إلى أهمية التكامل العسكري والأمني بين البلدان الخليجية، وفقًا لاتفاقية الدفاع المشترك، وعاد لبيانات المجلس التيمة القديمة التي اختفت خلال العامين الماضيين، بالتذكير الدائم أن الاعتداء على أي دولة في المجلس، هو اعتداء على المجلس بأكمله.   وعلى المستوى الاقتصادي، أشارت القمة إلى ضرورة العمل الجماعي للوصول إلى الوحدة الاقتصادية الكاملة والمواطنة الخليجية بحلول عام 2025، وتحقيق الأمن الغذائي وتطوير آليات الحوكمة المالية والشفافية والمساءلة..   رغبة سعودية وبغض النظر عن الخطاب الختامي الرسمي، الصادر بعد أقل من ساعة من بدء القمة التي استغرقت نحو 30 دقيقة، يكشف تحليل كلمة الملك سلمان في القمة، نفسية السلطة السعودية في الوقت الراهن، التي يبدو أنها تشعر بقلق بالغ من الأخطار المحيطة وتعقيدات الموقف الدولي وتلاعبه بالأطراف المتصارعة من أجل تحقيق المزيد من المكاسب، فضلًا عن صعوبة مواجهة المملكة لهذه التحديات دون توحيد الجبهة الخليجية وضمان عدم اختراقها إقليميًا ودوليًا. بل كان لافتًا تبرير الملك سلمان في كلمته، تحريك المياه الراكدة مع قطر، بتأكيده أن مجلس التعاون الخليجي تمكن منذ تأسيسه من تجاوز الأزمات المختلفة والعودة سريعًا إلى اللحمة من جديد، ما انعكس على كل الأطراف التي حضرت القمة ومهدت منذ البداية، وما زالت تسعى لإحداث تغيير في المواقف الصلبة، وخاصة الكويت التي أكد أميرها الأجواء الإيجابية والخطوات التي تبذل لطي صفحة الماضي.   سبق كلمة سلمان المختلفة في كلماتها وتعبيرات الملك الجسدية خلال إلقائها وردود الفعل حولها من الحضور، استقبال حافل للوفد القطري لدى وصوله إلى المطار في العاصمة السعودية، تبادل فيه مسؤولو الطرفين الأحاديث الجانبية والابتسامات، صاحبها احتفاء المعلق السعودي بالوفد بطريقة كرنفالية، غابت عن الأسماع خلال العاميين الماضيين، وخاصة مع تأكيده بشكل متتال على أن السعودية بلد القطريين الثاني. وفي المقابل، انعكست طريقة الاستقبال على رئيس الوزراء القطري الذي ترأّس وفد بلاده من قبل في قمة مكة مايو الماضي، لبحث التوترات بين دول الخليج،…

تابع القراءة

المشهد السياسي الأسبوعي 8 ديسمبر 2019

أولاً المشهد الداخلي التغييرات السرية في الحرس الجمهوري وديوان الرئاسة والمخابرات.. مزيد من القمع أم تحول جذري في السياسات. تغييرات جديدة تضاف للتسريبات التي تحدثت عن تغييرات في ادارة المخابرات العامة ، تغييرات قيل أنها طالت نجل السيسي ذاته. هذه التغييرات الجديدة تدعم ما جاء في التسريبات، وفي نفس الوقت تثبت أن التغييرات ليست متعلقة بنجل السيسي فقط ودوره ونجاحه أو فشله، إنما مرتبطة بحدوث تحول في سياسات السيسي تجاه أجهزة الدولة السيادية من جهة، وتجاه الشارع من جهة أخرى. هذه التغييرات الجديدة حدثت على مستوى مؤسسة الرئاسة، وشملت “تعيين اللواء مصطفى شوكت قائدا للحرس الجمهوري، وتعيين اللواء أحمد علي رئيسا لديوان رئاسة الجمهورية، واللواء محمد فوزي نائبا لرئيس الديوان برئاسة الجمهورية”. كما تزامنت معها تغييرات مفاجئة أجراها وزير الداخلية المصري محمود توفيق، في صفوف قيادات الوزارة طالت نحو 11 لواء ومساعد وزير على مستوى الجمهورية. وتردد العديد من الاحتمالات حول قيام السياسي بالتفكير في اقالة وزير الدفاع في تعديل وزاري قادم . إلا أن ثمة تباين في قراءة المراقبين لهذه التغييرات؛ فهناك من يراها استمرار لسياسات رأس النظام ومخرجات للصراع على النفوذ بين رجاله ومزيد من حماية موقع السيسي، في حين هناك من يرى فيها تحول جذري في فلسفة النظام، ولكل منهم دلائله ومؤشراته. الرأي الأول: أن التغييرات التي طالت رئيس ديوان الرئاسة، على وجه الخصوص، جاءت بعد خلافات بين الأخير وعباس كامل تحديداً، بسبب توسيع كامل المطرد لصلاحياته واستحواذه حصرياً على بعض المهام التي كانت سابقاً، ووفقاً لطبيعتها الإدارية والبروتوكولية البحتة، تدار بواسطة رئيس ديوان الرئاسة، مثل التنسيق مع الأجهزة المختلفة لتنظيم زيارات السيسي الخارجية، واتخاذ الترتيبات البروتوكولية اللازمة، والتواصل مع الزعماء والسياسيين الأجانب، فضلاً عن ملفات التواصل الإعلامي وتوجيه الصحف والفضائيات وتنسيق المؤتمرات برعاية الرئاسة وحضور السيسي والبرامج والمبادرات الرئاسية. كما جاءت في إطار مساعي السيسي لهيكلة الحرس الجمهوري، ورفع كفاءته، مع تشديد إجراءات التأكد من الولاء للقيادة، وفي هذا السياق تم نقل نخبة من ضباط القيادات الوسطى إليه، مع منحهم مزايا مالية ووظيفية استثنائية، مما يحول الحرس الجمهوري إلى مفرزة لتصعيد قيادات بارزة على مستوى الجيش والسلطة التنفيذية وهذا يمكن السيسي من ابقاء الحرس الجمهوري قوة تحفظ أمنه الشخصي في مواجهة الشعب أو حتي قوات عسكرية أخري. فالسيسي يتخوف من ان يتآمر عليه أحد من المجموعة القريبة منه، وبالتالي هو يحرص على الا يبقى أحد في منصبه فترة كافية تخوله بناء نفوذ وتحالفات قد تخوله إزاحة رئيس النظام من موقعه. الرأي الثاني: أن هذه التغييرات ناتجة عن تغيير في فلسفة النظام ومنطق تعامله مع أجهزة الدولة و-حذف-السيادية ومع المجتمع في اتجاه الموائمة بين القمع وادعاء الانفتاح الاعلامي، وأن هذه التغيرات نتيجة مباشرة لتظاهرات 20 سبتمبر 2019، وأن رغم نجاح النظام في احتواء الاحتجاجات فإنه بات يعلم أن شعبيته في أضعف حالاتها؛ فهو يسعى للحيلولة دون تكرار ما حدث، ويسعى دون أن يستغل أحد غضب الشارع في تكرار ما حدث في 3 يوليو 2013؛ وفق منطق “أن أي حراك عسكري يستلزم حراك شعبي لتبريره”. أما السياسة الجديدة للنظام فهي؛ فيما يتعلق بالأجهزة السيادية: أن يستبدل سياسات التنكيل والاستبعاد بحق من يتشكك في ولائه، بسياسات الاستيعاب والاحتواء، لكن مع الحذر ووضع خطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها، مع الرقابة الحازمة والدقيقة عليهم. وفي هذا الإطار جاءت عودة الحرس القديم للسلطة، محمود حجازي الذي يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، واللواء أركان حرب محمد رأفت الدش الذي تم تعيينه مؤخرا قائدا لقوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب، والفريق أسامة عسكر الذي يشغل منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشؤون تنمية سيناء، ونائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، وهو أحد رجال الراحل عمر سليمان.. وآخرون قد يتم الكشف عنهم مستقبلا” فيما يتعلق بالشارع: فمن الناحية الأمنية الحيلولة دون وقوع أية مظاهر احتجاجية قد تتتسع بمرور الوقت بما يصعب التعامل معها وقد يكون لها نتائج كارثية، أو يفتح المجال لتصبح هذه التظاهرات تكأة لتدخلات من العسكريين. من الناحية الاقتصادية: محاولة تجميل صورة النظام من خلال إعادة المحذوفين من بطاقات التموين، وخفض أسعار بعض السلع. من الناحية السياسية: تحذير النوافذ الإعلامية للنظام من التداعيات السلبية للتظاهر والفوضى والتخويف بنماذج انزلقت لمهاوي الحروب الأهلية. السيسي يبرر سياسات الاستدانة ويحذر من تكرار مشهد ثورة يناير. في كلمته خلال افتتاح عدد من المشروعات بدمياط في الثالث من ديسمبر 2019، وقبلها بيومين، في كلمته خلال مؤتمر القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حرص السيسي على إيصال عدد من الرسائل للشارع المصري، أبرزها: (أ)- تبرير سياسات الاستدانة بأنها لتحقيق التنمية: حيث صرح في هذا السياق أن الدولة أنفقت حوالي 615 مليار جنيه لتطوير قطاع الكهرباء، استخدمت في زيادته الإنتاجية من 24-25 ألف ميجا إلى ما يزيد عن 50 ألف ميجا. ورداً علي نفسه وما قاله سابقاً بأنه يشتغل بلا درسات جدوي عاد ليقول “مافيش حاجة بتتعمل إلا بتخطيط، تخطيط كبير قوي قوي، ومتابعة تنفيذ بشكل كبير قوي”. (ب)- تبرير التهجير القسري وربط الفشل بالمجتمع: تحدث في هذا الإطار في كلمته عن البناء العشوائي والخسائر الكبيرة التي يكلفها للدولة، قائلاً: “أحنا قاعدين دايما نلاحق، نلاحق البناء العشوائي وتصويب الأخطاء الناجمة عنه في الصرف الصحي، وفي الميه، في الكهربا، في الغاز.. في مناطق مش قادرين ندخل فيها الغاز، نريح الناس، وتكلفة تبقى اقتصادية لينا، عشان المناطق غير، يعني، غير آمنة إن أنا أدخل فيها غاز”. وفي السياق ذاته تحدث عن دمياط وصناعة الأساس فيها مشيراً إلى الجهود التي تبذلها الحكومة لمساعدة أهالي المدينة في تطوير منتجاتهم وفي نفس الوقت عاتباً على أهالي المدينة، على تراجع صناعتهم! (ج) الرهان على الاستثمارات الأجنبية  في التنمية: أكد على اهتمام الدولة بتشجيع الاستثمار الأجنبي، وعن إيمانها بالحوكمة ومحاربة الفساد وبالرقمنة وتحييد العامل البشري؛ فيقول:”أن مصر فيها فرصة، فرصة كبيرة جدًا جدًا، مصر سوق كبير، كبير، إحنا بنتكلم في 100 مليون إنسان، بينمو وبيزداد، وبعدين إحنا متحركين في هذا المجال كدولة (..)إحنا في استراتيجيتنا وفي حركتنا في هذا المجال إن هو ده اللي هايحقق لينا كل العناصر النجاح اللي إحنا بنتمناها للدولة المصرية. لو بنعمل حوكمة، لو بنكافح فساد، لو بنقلل التدخل البشري في شغل الحكومة وفي إجراءاتها. (د) التحذير من سيناريو الثورة وخطر الأجيال الجديدة علي حكمه: ثم يتحدث محذراً من الاحتجاجات، مذكراً بما تشهده دول المنطقة من حالة عدم الاستقرار؛ فيقول “أرجو إن إنتوا تبصوا للمنطقة حوالين منكم وتشوفوا.. عندما يتحرك الناس، قادرين على إن هم يهدوا بلادهم”، مضيفاً “ده أنا هافضل أكرر وأكرر وأكرر الموضوع ده، حتى يبقى عندنا مناعة إن حد ياخدنا يخلينا نهد بلدنا، وندمرها”، معللاً ذلك بقوله “عشان المناعة لشبابنا الصغير اللي لسة طالع، اللي…

تابع القراءة

إثيوبيا تتمدد عسكريا.. تهديد جديد لمصر

بقلم: حازم عبد الرحمن بناء سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق, وضع مصر تحت خطرين غير مسبوقين في تاريخها.. الأول هو ضياع حصتها التاريخية في مياه نهر النيل, والآخر إغراق مصر (مع السودان) حال انهيار السد لأي سبب, ويبدو التخطيط عدوانيا بامتياز؛ لصناعة خطر دائم يهدد مصر, وقد لقي رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتانياهو ترحيبا كبيرا في زيارته أديس أبابا, ونصح الإثيوبيين بنشر صواريخ حول منطقة السد لحمايته من أي هجوم محتمل؛ حيث تؤكد الخبرة التاريخية أن مصر لم تكن تسمح ببناء سدود على نهر النيل, وتعتبر ذلك مساسا بأمنها القومي, وكانت إثيوبيا في كل مرة تحاول فيها بناء سدود تواجهها مصر بالتهديد العسكري؛ فتتراجع إثيوبيا, حتى جاء الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي, ووافق على بناء سد النهضة, وتعامل معه كواقع يمكن التعايش معه, برغم تحذيرات تقارير المخابرات والأمن القومي والخارجية والدفاع, وهي التي لم يكترث لها السيسي؛ فقدم بذلك حلا لأزمة تمويل السد المتعطل؛ لأن الشركات الأوروبية كانت ترفض تمويل المشروع قبل موافقة بقية الدول المُتضررة، وهي نقطة القوة وأكبر ورقة ضغط فقدتها مصر بتوقيع السيسي, الذي استمر بعد ذلك في تخدير المصريين بقوله: ” أنا ما ضيعتكمش قبل كده عشان أضيعكم تاني” وإعلانه إنشاء أكبر محطة لتنقية مياه المجاري, وهو ما كان يستوجب عزله ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى؛ بسبب رفضه توجيه ضربة عسكرية للسد؛ لحماية البلاد من الجوع والعطش؛ ما وضعها تحت رحمة إثيوبيا والكيان الصهيوني, واستجداء الوسيط الأمريكي للتدخل. *تهديد مصر عسكريا بعد ما أنجزت إثيوبيا الجزء الأكبر من السد, وحصل رئيس وزرائها آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام, بدأت في التنمر والتخلي عن لغتها الهادئة والتشدد في خطابها, وازدراء المطالب المصرية, وترديد أنها صاحبة المياه, ولها الحق في استخدامها كيفما تشاء, ولم يكن لها أن تفعل ذلك إلا بعد النصائح والإمدادات الصهيونية بالصواريخ والخطط العسكرية لحماية السد, وقد تم ذلك تحت سمع وبصر عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب, مع تلقي إثيوبيا استثمارات خليجية بالمليارات, ما صنع تجمعا للعدوان على مصر بتعطيشها وتجويعها, وهو أمر لم يكن يصلح معه إلا العودة إلى سياسات رؤساء مصر السابقين, وهو إعلان الحرب, لكن ما حدث هو العكس, حيث هدد رئيس الوزراء الإثيوبي مصر بحشد الملايين حال إعلان الحرب, ولم يكن رد السيسي ونظامه سوى الإعراب عن الصدمة من هذه التصريحات؛ مما وضع مصر في مكانة أدنى بكثير من قدراتها الحقيقية؛ فهي الدولة الأقوى عسكريا في إفريقيا كلها, وتتفوق على إثيوبيا أضعافا مضاعفة, لكن خنوع قائد الانقلاب وفقدانه الشرف العسكري هو وعصابته من جنرالات نهب الاقتصاد جعلهم يرضون الدنية, ويبتلعون الإهانة بدلا من استدعاء تهديد المشير الراحل عبد الحليم أبو غزالة بتوجيه ضربة عسكرية لإثيوبيا إذا أصرت على بناء سدود على نهر النيل. ونشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية طلب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المساعدة في تقوية سلاح الطيران الإثيوبي, ويتضمن الطلب 12 طائرة حربية من بينها رافال وميراج, و18 هليكوبتر مقاتلة وطائرتا نقل جنود, و10 طائرات مسيرة, ونظام تعتيم الرادار, وتزويده بصواريخ بعيدة المدى ( 30 صاروخا من طراز M51 بمدى 6 آلاف كيلومتر وقادرة على حمل رءوس نووية), وبعد ذلك بفترة قصيرة أعلنت مصادر إعلامية إثيوبية استعداد القوات البحرية الإثيوبية البدء في إنشاء وتنفيذ قاعدة عسكرية تعتبر الأولى لها على سواحل جيبوتي, خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي يحمل الكثير من الدلالات والرسائل الداخلية والخارجية في الوقت نفسه, وتخطط إثيوبيا لأن تتمركز قواتها البحرية على سواحل جيبوتي على خليج عدن، حسب نتائج الزيارة التي قام بها وفد عسكري إثيوبي للسواحل الجيبوتية، ما يعكس خطط آبي أحمد للقيام بدور طموح بمنطقة القرن الإفريقي، بعدما فقدت إثيوبيا ساحلها المهم على البحر الأحمر باستقلال إريتريا عنها . ويمثل الطموح العسكري الإثيوبي المدعوم صهيونيا وفرنسيا وأمريكيا خطرا على مصر التي ترى في البحر الأحمر بحيرة عربية لها اليد الطولى فيه, ويدخل حده الجنوبي في الأمن القومي العربي, وتتصارع قوى دولية وإقليمية للوجود في القرن الإفريقي, وتستعد إثيوبيا ليكون لها موطئ قدم هناك؛ ليكون لها التأثير الكبير سياسيا واستراتيجيا في المنطقة, وإذا تم وضع علاقتها المتصاعدة مع العدو الصهيوني في الاعتبار؛ فإن المخاطر تبدو واضحة, خاصة بعد زيارة آبي أحمد إلى تل أبيب في سبتمبر 2019 والتي أكد خلالها  تعاون بلاده مع الصهاينة في الري والمياه والطاقة والملاحة والزراعة وأن التعاون بينهما يتعدى العلاقة الثنائية ليصل إلى القضايا الإقليمية والدولية، كما سوف تعمل إثيوبيا من خلال شراكة ديناميكية للنهوض بالسلام والأمن الإقليمي والدولي. ولا يمكن إغفال أن ثقل إثيوبيا الإفريقي بدأ يتزايد عاما بعد آخر خاصة مع خلو الساحة تمامًا من المنافسين، وهو ما أهل أديس أبابا لتتصدر المشهد في كثير من الملفات الساخنة والتي كان منها الثورة السودانية، ما انعكس بشكل كبير على مكانتها وقادتها لدى دول إفريقيا, وسوف تزداد هذه المكانة بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي بهدف السيطرة على مدخل البحر الأحمر أو منع أي أحد آخر من السيطرة عليه، وهذا ما يشغلها الآن، فبرغم أن البحر الأحمر بحيرة عربية عملاقة، ترسل أثيوبيا رسالة مفادها : “إذا كان العرب يسيطرون على البحر الأحمر والضفة الشرقية، فالضفة الغربية إفريقية إثيوبية”, ولا تخفى نغمة العداء التي تروج لها إثيوبيا ضد العرب في مواجهة الأفارقة, مع أن شمال إفريقيا حتى وسطها وشرقيها كله عرب, بينما يردد قائد الانقلاب مقولته الممجوجة “أشقاءنا في إثيوبيا” ويروج إعلامه للعلاقات الأخوية التي ليس لها الآن وجود لدى الحكومة الإثيوبية الحالية وأنصارها من المتعصبين. *رد قائد الانقلاب على التهديد الإثيوبي بعد تهديد رئيس وزراء إثيوبيا لمصر بالحرب, اكتفى نظام الانقلاب وإعلامه بالتعبير عن الصدمة, وتجاهل السيسي الإهانة صاغرا حين التقى آبي أحمد في روسيا, وبدت لغة جسد الأخير غير مكترثة بالسيسي الذي يعاني من فقدان شرعيته أمام رئيس حكومة منتخب, ومن هنا يبرز السؤال المهم: إذا كان السيسي عاجزا كسيحا أمام تهديد إثيوبيا للأمن القومي لمصر فأين الجيش؟ فمصر تتعرض الآن لخطر يهدد وجودها بينما جيشها يحتل المركز الأول بين جيوش القارة الإفريقية, ويمتلك ترسانة عسكرية لا تتوفر لدى أي دولة إفريقية أخرى؛ فما جدواها إن لم تستخدم اليوم دفاعا عن حياة الشعب؟, ولدى مصر أوراق أخرى خطيرة تخيف القيادات الإثيوبية الجامحة ( ورقة الأقليات), كما أن لدى مصر ما تستند إليه في وقف جموح قادة أديس أبابا حسب القانون الدولي؛ إذ أن إثيوبيا اعتدت عليها, وهددت أمنها وسلامة شعبها, وانتهكت حقوقها التاريخية في نهر النيل المصدر الأساسي للمياه والحياة, ولا اعتبار لأي تنازل قدمه عبد الفتاح السيسي عن حقوق مصر في مياه النيل؛ ولا بد من إقالته ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى. وتتمثل خيانة السيسي في تجاهله التمدد العسكري الإثيوبي الذي يهدد مصر,…

تابع القراءة

مسارات مغلقة للأزمة العراقية مع قرب نهاية المهلة  الدستورية لاختيار رئيس الحكومة

في الوقت الذي يتزايد فيه إهدار الدم العراقي في الشارع، يتباعد التوافق السياسي بين الأطراف السياسية العراقية حول شخصية رئيس الحكومة المؤقتة، للخروج بالأزمة السياسية من النفق المظلم، الذي دخلت فيه البلاد، بفعل مواجهة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المناهضة للفساد والحرمان، بالعنف المفرط الذي أوقع مئات القتلى وآلاف المعتقلين، وسط نلاعب طائفي مقيت، عبر مليشيات مسلحة تؤجج الأوضاع بممارسات دموية لإخافة الشارع العراقي من البحث عن بديل. وعلى رأسها الحشد الشعبي الشيعي المتورط في قتل المتظاهرين، من خلف قوات الأمن النظامية. وعلى الرغم من امتلاك العراق لواحد من أكبر احتياطات النفط في العالم، فإن معدلات البطالة مرتفعة للغاية والخدمات العامة توشك على الانهيار. وهو ما نتج عنه حالة من عدم الرضا العميق وسط العراقيين، الذي يقل أكثر من نصف عدد سكانه عن 21 عاما. مطالب مشروعة ويطالب المحتجون بتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد، وينددون بتردي الخدمات العامة في بلادهم الغنية بالنفط. فبحسب المحلل السياسي العراقي جمال جصاني، في صحيفة “الصباح الجديد” العراقية فإن “مشكلة العراقيين تمتد بجذورها إلى لحظة ولادة العراق الحديث (في العام 1921)، حيث فشلوا في الوصول إلى عقد اجتماعي وسياسي يؤسس لنظام يضع حدا لصولات العراقيين ضد بعضهم البعض. هذا الخلل البنيوي الذي أكدته الاحتجاجات الأخيرة”. وقد جاءت التظاهرات العراقية كاسرة كافة الحواجز والخطوط الحمراء، ومتجاوزة للطائفية، منذ أكتوبر الماضي، رغم المذابح والاعتداءات المتتالية في الميادين في بغداد وكربلاء والجنوب، حتى اضطر عبد المهدي للاستقالة. والتي جاءت بعد إدانة المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين ودعوته مجلس النواب إلى تشكيل حكومة جديدة. وقال السيستاني: “بالنظر إلى الظروف العصيبة التي يمر بها البلد، وما بدا من عجز واضح في تعامل الجهات المعنية مع مستجدات الشهرين الأخيرين… فإن مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعو إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق. مهلة دستورية ومع اقتراب المهلة الممنوحة من الرئيس العراقي برهم صالح للبرلمان لتسمية رئيس وزراء بديل للمستقيل عادل عبد المهدي، تستمر الخلافات بين الكتل البرلمانية في الوصول لشخصية تجمع عليها الأطراف السياسية. ووفق الدستور العراقي، يكلف رئيس الجمهورية زعيم الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة الجديدة ويمهل 30 يوما لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان لنيل الثقة. وإذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومة أو رفض البرلمان منح الثقة للحكومة المقترحة، يقوم الرئيس بتكليف شخص آخر بتشكيل الحكومة خلال 15 يوما. معضلة الاشتراطات الحزبية وفي ظل ضبابية المشهد السياسي، ومع تصعيد العنف بمواجهة التظاهرات الشعبية المتواصلة في بغداد والمحافظات الجنوبية، وعدم التوافق بين الكتل على مرشح لقيادة الحكومة للمرحلة المقبلة، تتعقد الأزمة بشكل قد يصعب حلها بمرشح يحظى بتوافق سياسي، وسط عدم تفاؤل من قبل كتل سياسية فاعلة بالمشهد العراقي. حيث يضع بعض النواب وبعض الكتل شروط معينة يجب أن تتوافر برئيس الحكومة الجديد، مما يُعقد من إمكانية التوافق، وهو ما قد يهدر المهلة الدستورية لاختيار البديل لرئيس الحكومة التي تنتهي في 17 ديسمبر الجاري، وفق الدستور العراقي. وفي مطلع الأسبوع الجاري تلقي الرئيس برهم صالح، شروطا جديدة لاختيار رئيس للحكومة، موقعة من 120 نائبا. وقال النائب عن المكون المسيحي، يونادم كنا، في تصريح صحفي، إن “20 نائبا من كتل مختلفة التقوا صالح، وقدموا له قائمة مذيلة بتواقيع عشرات النواب، تضم شروطا محددة يجب أن تنطبق على رئيس الحكومة المقبل”، مبينا أن “من أهم تلك الشروط، ألا ينتمي إلى حزب وألا يكون مزدوج الجنسية، وهي شروط تتناغم مع شروط المتظاهرين”. وأشار إلى أنه “حتى الآن لا يوجد مرشح للمنصب، وإذا لم يتم تقديم مرشح خلال الفترة المتبقية، فإن كتلة “سائرون” ستتولى ترشيح شخصية منها”. من جهته، وجه زعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، دعوة لرئيس الجمهورية، لـ”إنقاذ العراق”، داعيا رئيس الجمهورية، في بيان، لبدء حوار شامل يضم ممثلين عن بعض القوى السياسية التي لم تشارك بالقمع، والتي ناهضت الدكتاتورية السابقة، ومن المتظاهرين السلميين ومن الاتحادات والنقابات المهنية، وذلك للحوار حول مفوضية وقانون الانتخابات، ورئاسة الوزراء، ودور ومهام الحكومة المؤقتة ومحاسبة من تسبب بعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين، ليكون الحوار خطوة في طريق إنقاذ البلاد. وحذر من أن “الأوضاع الحالية تتطلب من رئيس الجمهورية إجراءات سريعة للمساهمة في الخروج من المأزق الحالي، والحفاظ على قراره السيادي ووحدته الوطنية بتصحيح مسار العملية السياسية ومعالجة الانحرافات التي شهدتها طيلة السنوات الماضي”.   توازنات القوى ومعضلة التوافق ويتخوف الكثيرون من المشاورات السياسية، والتي تعتمد في إجمالها على توازنات القوى السياسية القائمة، وهو ما ينذر بإعادة إنتاج عادل عبد المهدي جديد، باسم جديد، وهو ما حذر منه المحلل السياسي، محمد السعيد إدريس في “الخليج الإماراتية” بتأكيده أن “مشاورات هذه الطبقة الحاكمة المطلوب إسقاطها لاختيار خليفة لعادل عبد المهدي تؤكد أن ما يحدث الآن هو إعادة إنتاج عبد المهدي، وإعادة إنتاج حكومته مع تغيير فقط في الأسماء وفي تولي الحقائب الوزارية، وهي إجراءات ليس لها غير معنى واحد هو التخطيط لإخماد الانتفاضة الراهنة للشعب العراقي اعتماداً على أدوات الاستبداد والقهر الأمني، وهو ما يفرض مما لاشك فيه ثمنا مضاعفا سواء في أعداد القتلى والجرحى أو في تدمير مؤسسات الدولة، وهي كلها مطالب تخدم مصالح كل من يعملون، بشتى السبل، للحيلولة دون عودة العراق دولة قوية موحدة ومتماسكة وقادرة على الدفاع عن سيادتها الوطنية، وتحقيق التقدم واستقلالية القرار الوطني دون أي تبعية أو إملاءات خارجية إقليمية إيرانية أو دولية أمريكية. مسارات المستقبل المضطرب وأمام هذه الأوضاع، فمن المرتقب أن تتجه الصراعات حول من يخلف عبد المهدي بين الكتل السياسية إلى مزايدات لكسب رضا الشارع الثائر، وهو أمر صعب المنال، لأنه لم يعد يثق بالوعود التي مل الاستماع إليها لعدم جدواها، فضلاً عن القناعة بعدم قدرة هذه الكتل على القيام بإصلاحات جوهرية ترقى إلى مستوى طموحاته. إذ أن تشكيل الحكومة الجديدة وتسمية رئيس الوزراء الجديد سيكون بمثابة اختبار للنخب السياسية فيما يتعلق بمدى جدية دعواتها للاستجابة لرغبات الشارع المنتفض. حيث تريد الأطراف المسيطرة على السلطة بالعراق تسويق فكرة أن استقالة الحكومة، التي جاءت اضطرارا وليس اختيارا، كافية تماما لتلبية مطالب المحتجين، وكأن المشكلة التي أخرجت هؤلاء المحتجين إلى الشوارع، وجعلتهم يدفعون فاتورة دم حقيقية (أكثر من 400 ضحية و18 ألف مصاب)، هي مشكلة شخصية مع عادل عبد المهدي، أو مع مجلس الوزراء، وقد انتهت باستقالته، وليست مشكلة جوهرية تتعلق بالنظام السياسي نفسه، والأطراف الخارجية المتحكمة به. وأمام هذا، يرى مراقبون أن المخرج الأنجع –بحسب التقديرات الاستراتيجية- في ظل التطورات الراهنة، تنحصر في صياغة لقانون انتخابات جديد، وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة، يمكنهما ضمان انتخابات عاجلة نزيهة وشفافة، يجب أن تنجزا بعيدا عن سطوة مجلس النواب الحالي، وأن هكذا مهمة يجب أن تكون من مهمات الحكومة…

تابع القراءة

الاتفاق الأمني التركي مع “طرابلس” وتأثيراته على مستقبل ليبيا في ضوء الصراع الروسي الأمريكي

وسط صراع محموم بين أطراف إقليمية ودولية، تْطحن ليبيا شعبا وأرضا ومواردا ودولة ومجتمعا، بين العديد من الأطراف الدولية كالولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا وفرنسا وإيطاليا. وإقليميا  تتنافس الإمارات ومصر والسعودية على نيل أكبر كم من الثروات الليبية، بمزاعم مكافحة الإرهاب وعبر دعم الانقلابي خليفة حفتر ضد الحكومة الشرعية. وبين كل تلك الأطراف  يجري تصفية الشعب الليبي المنقسم بنيران الأعداء والأصدقاء، وسط عجز دولي على إرغام الأطراف الليبية لاحترام الشرعية ومصالح الشعب الليبي ووقف القتال المسلح والمتصاعد منذ إبريل الماضي بشن حفتر حملة عسكرية ضد حكومة طرابلس. بجانب تحركات منحازة من قبل روسيا، التي كان السراج وحكومة طرابلس يسعى لتحييد دورها، عبر زيارات رسمية إلى موسكو، ووعود بعقود إعادة الإعمار، عقب الاتفاق السياسي الذي تدفع نحوه أطراف غربية، إلا أن واقع التمدد الروسي والتماهي مع أجندة حفتر في الصراع، دفع روسيا  نحو سياسات عدائية تجاه حكومة طرابلس، حيث تمدد الدعم العسكري الروسي لحفتر، عبر قوات نظامية من سلاح المدفعية والدبابات، يعملون في قواعد ليبية لدعم قوات حفتر، وهو ما دفع السراج لتفعيل الدور التركي الموازن في ليبيا، عبر اتفاق أمني مع تركيا  لموازنة موازين القوى في ليبيا، والتي تميل باتجاه حفتر بدعم روسي مصري إماراتي سعودي فرنسي، في مقابل دعم سياسي إيطالي لإنهاء الصراع، وتردد أمريكي بين الانسحاب من الشرق الأوسط بعد مقتل سفيرها في ليبيا ونقل مقر سفارتها لتونس، وإعطاء الضوء الأخضر لإيطاليا وفرنسا للتحرك في الفضاء الليبي.   اتفاق أمني مع تركيا وهو ما دفع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا بقيادة فايز السراج للذهاب نحو تركيا التي تدعم الشرعية بليبيا،بعقد اتفاق استراتيجي لمواجهة المطامع الدولية المتناحرة. حيث أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الأربعاء الماضي، توقيعه مذكرتي تفاهم، إحداهما حول التعاون الأمني، والثانية مذكرة تفاهم في المجال البحري، وذلك بعد لقاء جمع رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في العاصمة التركية أنقرة، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي. وتثير الخطوة التركية الجديدة، بعد إعلان الرئيس التركي، في إبريل الماضي، دعمه لحكومة الوفاق ووصفه لعدوان حفتر بــ”غير الشرعي”، أسئلة عن الدور التركي المرتقب في ليبيا وتأثيره بتغيير موازين الميدان جنوب العاصمة طرابلس، في ضوء الصراع الاستراتيجي بين أمريكا وروسيا. ويؤكد الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، أن الزيارة المفاجئة التي أجراها السراج وفريقه الحكومي رفيع المستوى، جاءت بعد تحديد الولايات المتحدة الأميركية موقفها من حرب حفتر على العاصمة، ما يعني أنه ضوء أخضر أميركي لكل من الحكومة وتركيا. واعتبر الأطرش، في تصريحات صحفية، أن واشنطن التي صعّدت من موقفها ضد التدخل الروسي إلى جانب حفتر لا تريد المواجهة المباشرة مع موسكو، ولجأت إلى وسائل أخرى، من بينها الاستعانة بحلفائها، وعلى رأسهم تركيا، العضو المؤثر في حلف “الناتو”، كرمزية واضحة لموقف الحلف الرافض لسعي روسيا إلى أن يكون لها وجود في حوض المتوسط. مضيفا أن “الاتفاق لا يرقى إلى مستوى اتفاق دفاع مشترك بين الحكومتين، لكنه يؤثر بشكل الميدان وموازين القوى، وما يهمّ المجتمع الدولي أن يضغط الوجود التركي إلى جانب الحكومة على روسيا لتغيير موقفها وسحب قواتها، كذلك فإنه سيجبر حفتر على التفكير عدة مرات قبل أن يتقدم خطوة واحدة باتجاه أحياء جديدة جنوب طرابلس“. واختلفت ردود الفعل الليبية حيال الاتفاق الأمني. فبينما وصف عضو المجلس الأعلى للدولة بطرابلس، عبد الرحمن الشاطر، الاتفاق بأنه “انتصار للوطن. ودعم للمدافعين عن حياضه، ورفع لمعنويات أنصار الحرية والدولة المدنية”، أعلنت حكومة حفتر المنبثقة من مجلس النواب المنتهي ولايته، شرق البلاد، رفضها لتوقيع الاتفاق مع الجانب التركي، معتبرة أنه “يهدف إلى تقويض جهود القوات المسلحة في اجتثاث الإرهاب من العاصمة طرابلس وطرد الميليشيات المسلحة منها”. وبحسب أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية، خليفة الحداد، تبرز أهمية الاتفاق الليبي التركي بأن “حكومة الوفاق عملت بدبلوماسية عالية للاستفادة من المصالح التركية في ليبيا؛ فالاتفاق له شقان: أمني يهمّ الحكومة وبحري يهمّ تركيا”، موضحاً بشكل أكثر تفصيلاً أن “تركيا بعد أن نجحت عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام العسكرية بدأت بالسعي في تحديد مناطق نفوذها في المتوسط لقطع الطريق أمام المساعي اليونانية القبرصية للسيطرة على الثروات البحرية في المنطقة“. وكان رئيس أركان القوات البحرية التركية، جهاد يايجي، دعا في كتاب أصدره الشهر الماضي عنوانه “ليبيا جارة تركيا من البحر” حكومة بلاده لعقد اتفاق مع ليبيا لتحديد المناطق الاقتصادية التركية في البحر المتوسط. منطلقا من أن القيمة الإجمالية لاحتياطي الغاز الطبيعي في المجال البحري شرق المتوسط تبلغ 3 تريليونات دولار أميركي، التي توفر لتركيا من الغاز الطبيعي ما يكفي حاجتها  لمدة 572 عاماً، واحتياجات أوروبا لـ30 عاماً.   وقد استثمر السراج الموقف الأميركي من الوجود الروسي، وأسرع إلى تمتين العلاقة مع الجانب التركي بعد التراخي الإيطالي وتراجع إيطاليا عن دعمها لحكومته، حيث يتيح الاتفاق لتركيا أن تتحرك بشكل شرعي وقانوني؛ فالاتفاق له سند قانوني ومبني على اتفاق سابق بين ليبيا وتركيا، صدّق عليه البرلمان عام 2013.   ويستهدف الاتفاق التركي الليبي منع زيادة تدخل الدول الداعمة لحفتر، وتحديداً مصر والإمارات؛ إذ لن يكون بمقدورها التصعيد أكثر والدخول في مواجهة مع تركيا لثقلها السياسي الدولي؛ فهي شريك أساسي في حلف الناتو”، كما أن “قوة الاتفاق والوجود التركي الجديد يختلف عن السابق؛ لكونه جاء متسقاً مع موقف أميركي متشدد من عملية حفتر الذي دعته بشكل واضح إلى وقف هجومه على طرابلس. وكان  حفتر وجه عدة تهديدات  لتركيا، وصلت لحد إغلاق مطاعم تركية في بنغازي، والقبض على ستة أتراك يقيمون بشكل قانوني في أجدابيا وبنغازي، ثم أرغم على إطلاق سراحهم بعد ساعات من اعتقالهم“. ويمنح الاتفاق غطاءً قانونياً وشرعياً لأي دعم تركي عسكري للحكومة في طرابلس، لكنه في الوقت ذاته لن يكون عاملاً لإنهاء مشروع حفتر في ليبيا، بتأكيد أردوغان نفسه بأن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة بليبيا.   تهديدات حفتر بحظر الطيران كما تبرز أهمية الاتفاق بين السراج وتركيا، عقب إعلان حفتر حظر الطيران الجوي في ليبيا إلا بإذن منه، ففي 23 نوفمبر 2019، أعلنت قوات حفتر فرض ما وصفتها بمنطقة حظر جوي فوق طرابلس باستثناء مطار معيتيقة شرقي المدينة. وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، إن هذا الحظر يمتد من منطقة المايا غرب طرابلس إلى منطقة القره بوللي شرقاً، ومن مدينة ترهونة إلى مدينة غريان جنوباً. وعقب هذه التهديدات حذَّرت حكومة الوفاق الليبية، في 24 نوفمبر، قوات حفتر، من أن أي وقائع جديدة تهدد سلامة الطيران المدني أو المطارات المدنية تعتبر “جرائم يعاقب عليها القانونان الوطني والدولي“. واتهم البيان قوات حفتر بتسليم القاعدتين الجويتين؛ الجفرة (600 كم جنوب شرقي طرابلس)، والوطية (140 كم جنوب غربي طرابلس)، إلى طيارين من شركة “فاغنر” الروسية، يستعملون طائرات سوخوي، إضافة إلى عمليات استخباراتية وأعمال شبه عسكرية….

تابع القراءة

القبض على ياسر سليم وعلاقته بعمليات الفك والتركيب في إعلام السيسي

بعد الضجة الكبرى التي أعقبت التقارير الصحفية التي كشفت عن إبعاد نجل السيسي العميد محمود وكيل جهاز المخابرات العامة إلى روسيا في مهمة عمل طويلة والإطاحة به من الجهاز وقد كان يمثل الرقم الأهم في المخابرات بنفوذه الواسع؛ فاجأ إعلام النظام العسكري متابعيه والمهتمين بالشأن المصري  صباح الجمعة  29 نوفمبر 2019م، بالكشف عن إلقاء القبض على المنتج الفني والإعلامي الشهير ياسر سليم، والذي يعد الرجل الثاني في الواجهة الشكلية لإدارة منظومة الإعلام التابعة للنظام،  ويطلق عليه «إمبراطور الإعلام»؛ لما له من نفوذ واسع وسيطرة شبه مطلقة يستمدها من علاقته بجهاز المخابرات العامة المتحكم الفعلي في منظومة الإعلام التابعة للنظام بمصر. السبب المباشر للقبض على سليم  قيل إنه  أصدر شيكات بدون رصيد بنكي وأن عملية القبض تمت بناء على إذن من النيابة العامة؛ ولكن موقع «كايرو 24»[1]، الذي غطى خبر القبض عن سليم مصحوبًا بصورة له داخل سيارة الشرطة وقت القبض عليه، نقل عن مصدر أمني أن القبض على سليم جاء بسبب صدور أحكام قضائية ضده في قضايا شيكات بدون رصيد لصالح الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي يترأسها تامر مرسي، الذي يعد الرجل الأول في المنظومة الإدارية لإعلام النظام والسيطرة خلال العامين الماضيين على سوق الدراما كذلك. لكن  صحيفة “العربي الجديد”[2] التي تصدر من لندن، تنقل عن أحد المصادر المطلعة أن السبب الرئيس في إبعاد ياسر سليم، هو انتقاده لمحمود السيسي وطريقة إدارة الملف الخاص بمنظومة تسويق تراث الإذاعة والتلفزيون وتدشين المنصة الإعلامية الجديدة المملوكة للمخابرات “ووتشيت”، التي حازت بالأمر المباشر على معظم محتوى مكتبة اتحاد الإذاعة والتلفزيون ومنعت إتاحته مجاناً على منصات التواصل الاجتماعي المجانية، وذلك نظراً لتفضيل المسؤولين عن المنصة الجديدة شركة جديدة على حساب شركة ياسر سليم “بلاك أند وايت” في مجال الدعاية، وحرمانه من تحقيق أرباح من المشروع الجديد. والسبب الثاني هو خصومة قديمة بينه وبين شخص جديد يشاركه الماضي المخابراتي لكنه يحظى بثقة أكبر لدى نجل السيسي وعباس كامل، هو الضابط السابق منتصر النبراوي، الذي تدرج بسرعة الصاروخ منذ أن كان مسؤول العلاقات العامة بإعلام المصريين، ليصبح في ظرف عامين عضواً في مجلس الإدارة ونائباً لرئيس شركة “بي أو دي” المتخصصة في الدعاية والتابعة للمجموعة نفسها. وهي الشركة التي تملك أكبر الحقوق الحصرية للإعلانات في مصر حالياً، فضلاً عن كونه المسؤول الأول عن منظومة التسويق الجديدة “تذكرتي” التي ظهرت في كأس الأمم الأفريقية الماضية، وكذلك بات أحد المسؤولين الرئيسيين عن منصة “ووتشيت” الجديدة. السبب الثالث أن انتقادات سليم  لسياسات نجل السيسي ـ بحسب هذه المصادر ــ قادته إلى التواصل أكثر من مرة مع ضباط مخابرات سابقين تم إبعادهم في السنوات الأخيرة، لكونهم من التابعين لرئيس المخابرات الراحل عمر سليمان ولعدم ثقة دائرة السيسي بهم، إذ كان يبحث معهم تدشين مشاريع جديدة في الفترة المقبلة لمزاحمة شركائه القدامى، خصوصاً في مجال الإنتاج التلفزيوني. وهو ما يعتبره السيسي ونجله عداء صريحا وعدم ولاء للنظام في ظل يقين السيسي أن من يقف وراء حملة الفنان والمقاول محمد علي  ضد النظام هم قيادات رفيعة تم الإطاحة بها من الجهاز للشك في ولائها لنظام السيسي.   الأدوار الخفية ويحمل القبض على سليم كثيرا من الرسائل والدلالات ترتبط بشكل وثيق بصراع الأجنحة داخل مؤسسات نظام 30 يونيو، كما ترتبط أيضا  بعمليات إعادة الفك والتركيب في منظومة الإعلام التابعة للنظام والتي شهدت خلال سنوات ما بعد انقلاب 30 يونيو 2013م هيمنة شبه مطلقة لأجهزة الدولة الأمنية على جميع مفاصل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع التي تبث وتنشر من داخل مصر. وبحسب موقع “مدى مصر” فإن مرسي وسليم ضابطان سابقان بالمخابرات العامة، يتصدران المشهد الإعلامي والدرامي منذ بداية 2017م، بوصفهما مالكيين لغالبية المؤسسات الإعلامية، ومحتكرين لسوق الإنتاج الدرامي في مصر. ترأس مرسي في بداية 2018 مجلس إدارة شركة «إعلام المصريين»، التي كانت تمتلك وقتها شبكات قنوات «أون ON» و«الحياة» وإدارة راديو النيل وموقع وجريدة «اليوم السابع»، وتساهم في مجالات الإنتاج والإعلان والعلاقات العامة والتسويق الرياضي وخدمات الإعلام الرقمي. وفي يوليو 2018،  عين مرسي ياسر سليم نائبًا له، وأسند له رئاسة مجموعة قنوات الحياة وقناة العاصمة وراديو drn، غير أن موقع «اليوم السابع» ذكر في أبريل 2019م، أن تلك المؤسسات لم تعد تابعة لشركة إعلام المصريين وإنما لشركة «إيجيبت ميديا» برئاسة سليم. أما مرسي، فإلى جانب امتلاكه لمجموعة إعلام المصريين، أصبح يترأس الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تضم تحت لوائها «إعلام المصريين» وقنوات «on» و«الحياة»، وصحف ومواقع «اليوم السابع» و«صوت الأمة» و«عين»، وكذلك إدارة شبكة راديو النيل، وعدة شركات مثل «برزنتيشن» و«سينرجي» [المملوكة لمرسي]، و«إيجل كابيتال» التابعة لصندوق استثماري تملكه المخابرات العامة، إضافة إلى مجموعة المستقبل المالكة لقنوات «cbc»، ومجموعة «دي ميديا» المالكة لقنوات «dmc»، و«الناس»، وصحف «الوطن»، و«الدستور»، وموقع «مبتدا»، وراديو «9090» كذلك. وقبل سنتين نشر الناشط السياسي والمسؤول السابق في حملة ترشح عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية 2014،  حازم عبد العظيم المعتقل حاليا نص مكالمة صوتية بينه وبين ضابط في المخابرات العامة كشف فيها ترتيب جهاز المخابرات لقائمة “في حب مصر” الموالية للسيسي قبل الانتخابات للسيطرة على مقاعد البرلمان، وهو ما حدث بالفعل، فالقائمة الآن تشكل أغلبية مقاعد مجلس النواب.  المكالمة التي تمت في يونيو/حزيران 2015 كشفت دعوة ضابط المخابرات هذا لعبد العظيم إلى حضور اجتماع لجان التنسيق للقوائم الانتخابية، وهو ما رفضه حازم مبررا بأنه انسحب من القائمة وابتعد عن السياسة، فرد عليه ضابط المخابرات بأنه لا يعلم ذلك حيث جاءته التعليمات من “سيادة” الوكيل إيهاب “وكيل المخابرات” بدعوته لحضور الاجتماع في “المقر”.  وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كشف عبد العظيم عن هوية ضابط المخابرات الذي وصفه بـ”الممول لأنشطة المخابرات الإعلامية” وأوضح أن هذا الضابط هو من “يدير ملف الإعلام داخل جهاز المخابرات وأحد القائمين الرئيسيين على تشكيل المشهد الإعلامي المصري لدعم السيسي”. وقال إن هذا الضابط هو ياسر سليم.[3] وإلى جانب ذلك، كانت لياسر سليم الذي يلقب في أوساط المخابرات والإعلام الموالي للسلطة بـ”القبطان”، أنشطة استثمارية أخرى في مجال المطاعم السياحية والفنادق وتجارة السيارات، بالشراكة مع رجال أعمال آخرين. وبدأ صعود سليم في أعقاب نجاح الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق عبدالفتاح السيسي منتصف 2013م ضد المسار الديمقراطي والرئيس المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي؛ حيث ظهر فجأة في الوسط الإعلامي وشارك في إدارة المشهد الفني والإعلامي عبر شركة “بلاك آند وايت” للإنتاج الفني والتي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها. في يونيو2014، فازت شركة “بلاك آند وايت” وشركة “برومو ميديا” والتي رأس مجلس إدارتها رجل الأعمال نجيب ساويرس بالحقوق الحصرية لإعلانات جريدة اليوم السابع المطبوعة والموقع الإلكتروني. وفي يوليو 2015 ظهر ياسر سليم بقوة حيث افتتح مطعم “باب الخلق” في التجمع الأول بالقاهرة الجديدة، بحضور مجموعة من أبرز نجوم الفن والإعلام في مصر. واقتحم…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022