السيسي والتحولات الضخمة في بنية المجتمع.. قراءة في التأثيرات السلبية للانقلاب

مقدمة استقرّت المفاهيم السياسية لنشأة الدول على أربعة أضلاع:  أولا،مجتمع أو شعب. ثانيا،أرض أو إقليم يمثل الوعاء الحدودي لهذه الجماعة.  ثالثا، المعتقدات والتصورات السائدة في المجتمع. وأخيرا، سلطة تنظّم العمل داخل هذه الجماعة، تخدم الشعب وتحمي الأرض وتصون المعتقدات. وما تشكلت السلطة أي سلطة إلا من أجل تحقيق أهداف البشر والمجتمع نحو النمو والاستقرار والأمان؛ لأن  الإنسان هو أصل الاجتماع، وغاية التنظيم، وأي انحراف عن هذه الأولويات إنما يمثل تعزيزا لوضع السلطة على حساب المجتمع.  ولذلك فإن وجه الخطورة ليس في مجرد الاجتماع أو التنظيم، بل في استبداد أصحاب السلطة على مر العصور، وأخطر منه تحولها إلى وراثة داخل الأسرة الواحدة كما في النظم الملكية والإمارات الصغيرة أو داخل الطائفة أو الفئة والطبقة الاجتماعية كوراثة الحكم داخل النظم العسكرية الشمولية. وبمقدار صلابة المجتمعات  وتماسكها ووعيها بخطورة حكم الفرد واستبداده بالحكم والقرار على حساب المجتمع تتحدد ملامح نظام الحكم، فإذا كانت الأولوية لضلع المجتمع وتقديس حريته واحترام قراراته عبر آليات منظمة يتم التوافق عليها يكون مجتمعا راقيا ونظام حكم يمضي على المسار الصحيح. وإذا طغى ضلع السلطة كان نظام الحكم استبداديا شموليا  وكان في حد ذاته تهديدا لأمن واستقرار المجتمع كله والعصف بكل مكاسبه وطموحاته وأهدافه، وإذا طعى ضلع “المعتقدات” وتوظيف “الدين” بما يمنح مزايا لطبقة رجال الدين والكهنوت على حساب المجتمع،  يكون نظام الحكم “ثيوقراطيا” وهي صورة من نظم الحكم اختصت بها أوروبا في العصور الوسطي عندما كانت الكنيسة تتحكم في كل شيء وتفرض تصوراتها على الجميع باسم الدين. لهذه الأسباب؛ فإن المستبدين والطغاة دائما ما يعملون على تفكيك مظاهر القوة داخل المجتمع وإضعافه من أجل تكريس حكمهم؛ ولتحقيق هذه الغاية المدمرة، فإنهم غالبا ما يتسترون وراء عبارات منمقة مثل حماية الدولة والمجتمع من الفوضى وعدم الاستقرار ؛ رغم أنهم في حقيقة الأمر  أبرز عوامل زعزعة الأمن والاستقرار داخل المجتمعات. إزاء هذه المفاهيم يمكن تفسير ما جرى في 30 يونيو 2013م، وما أعقبه من انقلاب على المسار الديمقراطي الذي كان يمثل حالة نادرة من التوافق داخل المجتمع المصري في أعقاب نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بالمستبد محمد حسني مبارك  من سدة الحكم، والإصرار على إقامة نظام تعددي يسمح بالحرية والتداول السلمي للسلطة عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع النزيهة التي لا تعبث بها يد الشيطان؛ وتعزيز قدرات المجتمع وحماية منظمات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بتنوعاتها المختلفة،  وتعزيز قيم الحريات والانتصار للعدالة ومصالح المجتمع على حساب شبكات المافيا والفساد وأركان الدولة العميقة.  ومع نجاح الجيش في إجهاض المسار الديمقراطي والانقلاب على الحكومة المنتخبة قبل عام واحد فقط،  كان لذلك تأثيرات شديدة الخطورة  على مستقبل البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؛ حيث تحولت مافيا الدولة العميقة وشبكات المصالح من حكم البلاد من وراء ستار إلى الانفراد بالسلطة مباشرة وبشكل سافر. وفي هذه الدراسة نستعرض بالرصد والتحليل  جزءا من التأثيرات  الاجتماعية شديدة الخطورة على مستقبل مصر والتي تفاقمت بشدة في مرحلة ما بعد الانقلاب، وباتت  مهددة للمجتمع  وتكريسا لحالة التشظي والانقسام الحاد في اعقاب حملات الكراهية التي  شنتها سلطات انقلاب 30 يونيو لإضعاف قوى المجتمع و تدمير قدراته المناعية.   تحولات كبرى في بنية المجتمع فمرحلة ما بعد انقلاب 30 يونيو تتسم بقدر هائل من السلوكيات السلبية التي تفاقمت داخل المجتمع المصري  حتى تحول بعضها  إلى ظاهرة تستوجب المواجهة قبل خروجها عن السيطرة؛ حيث يشهد المجتمع المصري تفشيا للإلحاد والعنف والجريمة والمخدرات والانتحار والطلاق، وسط مؤشرات تؤكد كثافة نشاط عبدة الشيطان والشواذ، وباتت الجريمة المنظمة أكثر اختراقا داخل المجتمع من خلال مافيا بيع الأعضاء وخطف الأطفال وتهريب الآثار، بينما تؤكد أرقام وبيانات وزارة الداخلية تزايدا مضطردا في معدلات الجرائم، وأهمها السرقة بالإكراه في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الغلاء وتآكل قيمة الأجور والمرتبات بعد قرارات التعويم الكارثية في نوفمبر 2016م، والتي أفضت إلى هبوط عشرات الملايين من المصريين تحت  خط الفقر دفعة واحدة، بعد أن انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بنسبة تصل إلى أكثر من 100%، وفاقم من تفشي هذه الظواهر عدة أسباب أخرى على  رأسها توجهات النظام نحو رفع  أسعار جميع  السلع والخدمات بشكل يفوق دخول المصريين ومرتباتهم، إضافة إلى الاستبداد السياسي وقمع المعارضين واحتكار المؤسستين العسكرية والأمنية الفضاء السياسي والإعلامي والاقتصادي، وسط توجهات وسياسات تستهدف الحد من قدرة المجتمع المدني على المشاركة في مواجهة هذه الظواهر والحد من مخاطرها.   أولا التلاعب في الهوية المصرية الأكثر خطورة هو التلاعب بالهوية المصرية حيث يجري في هدوء أوسع انقلاب على تلك الهوية المصبوغة بالعروبة والإسلام؛ من أجل تشكيل أجيال جديدة لا تستمد قيمها من الإسلام ولا تجري في دمائها أصول العروبة وشموخها، مع الإخلال بهذه التركيبة من أجل دمج الكيان الصهيوني لتتحول العلاقة مع الاحتلال من عدو إلى صديق في إطار تشكيل ما يسمى بالشرق الاوسط الكبير؛ وذلك بعد أن تمكن جنرالات العسكر من تغيير العقيدة القتالية للجيش ليكون العدو هو من يرفض دمج “إسرائيل” في التركيبة الإقليمية برعاية أمريكية خالصة. وكان «مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي»[1]قد أصدر في 28 يناير 2019م، دراسة أعدها الباحثان عوفر فنتور وأساف شيلوح، بعنوان «هوية مصر في عهد السيسي: السمات المميزة للإنسان المصري الجديد»، تناولت فيها مظاهر ومآلات الحملة الواسعة التي يشنها نظام زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي من أجل إعادة صياغة الهوية الوطنية لمصر؛ من خلال السعي أولا  لتقليص مركّبها الإسلامي والعربي، وثانيا احتواء سماتها الثورية، وثالثا العمل على بناء جيل مصري جديد يكون أكثر استعداداً للاصطفاف حول الأجندة التي يفرضها النظام، إلى جانب أنها ترمي رابعا إلى تحسين صورة النظام في الخارج. وتقول الدراسة، إن الخطاب الحاكم لجدل الهوية الذي فجره نظام السيسي، يقوم على مبدأين أساسيين:  أولاً؛ الإنسان المصري يمثل النقيض للإسلامي.  ثانياً؛ الهوية المصرية تمثل فسيفساء من 8 مركّبات: الفرعونية، اليونانية، الرومانية، القبطية، الشرق أوسطية، والأفريقية، إلى جانب المركّبين الإسلامي والعربي. وتلفت الدراسة إلى حقيقة أن النظم الشمولية هي التي عادة ما تنشغل في شنّ حملات، تهدف إلى التأثير على مركّبات الهوية الوطنية أو تسعى إلى بناء توازنات جديدة فيها؛ من أجل إيجاد متطلبات تضمن بقاء نظامه وضمان استمراره واستقراره، من خلال إثارة جدل الهوية أملا في أن يسهم ذلك في صياغة بيئة داخلية وبناء نخبة شبابية، تكون أكثر استعداداً لاستخدام كل الأدوات والوسائل التي تخدم النظام وتعمل على تحقيق أهدافه. وفي يوليو 2018 كلف زعيم الانقلاب القوات المسلحة بتنبي ما أسماه بمشروع “الهوية المصرية”[2]وذلك لأن عقيدة الجيش المصري تغيرت بالفعل وفقا لتصورات السيسي وأركان نظامه، فبات الإسلاميون والثوار هم “الآخر العدو” وأضحت “إسرائيل” هي الصديق الذي يتعين دمجه والتقرب منه والعمل على ضمان أمنه واستقراره بتوثيق العلاقات والتحالفات العسكرية والاقتصادية والسياسية!   ثانيا الانقسام الحاد وبالتزامن مع السعي…

تابع القراءة

الشهادات الجديدة ضد الانقلاب.. إدانة وارتباك

بقلم: حازم عبد الرحمن منذ وقوع الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013  ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر, اعتمد السيسي وعصابته على أذرعهم المتمثلة في الجيش والشرطة والقضاء والإعلام ورجال الأعمال الموالين للمخلوع مبارك, وصاروا جميعا طوع الحكم العسكري الجديد؛ ولذلك كانت قوات الجيش والشرطة تتعامل بقسوة مع كل من يعترض على الانقلاب, وأصبح استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين, وسقوط الشهداء  منهم أمرا معتادا في المسيرات السلمية التي تندد بالانقلاب, في حين يتكفل القضاء البائس بمعاقبة من يقع في قبضة الشرطة بالحبس الاحتياطي سنوات, ليصدر ضده بعد ذلك حكم جائر بالسجن أو الإعدام, وساءت سمعة مصر بين دول العالم في مجال حقوق الإنسان, كما حدث في جنيف خلال مناقشة ملف حقوق الإنسان في مصر, حيث شهد انتقادات دولية واسعة لسلطة الانقلاب, ورافق ذلك ارتكاب السيسي عددا من الجرائم التي تفرض محاكمته بتهمة الخيانة العظمى مثل بيعه جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية, وتنازله عن حصة مصر التاريخية في مياه نهر النيل لصالح إثيوبيا, وكذلك تنازله عن حقوق مصر في الغاز والبترول لصالح العدو الصهيوني, كما أنه طوال ست سنوات منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وحالة الاقتصاد تتردى أكثر؛ بسبب قراره برفع الدعم,  وما ترتب عليه من غلاء الأسعار, وقد اعترف السيسي نفسه بإهدار المال العام في حفر ترعة قناة السويس بحجة رفع معنويات الشعب, وبناء القصور الفارهة على نفقة المواطنين الفقراء, وبلغت الديون الخارجية 112 مليار دولار, وتجاوز الدين الداخلي أربعة تريليونات. وتجري جرائم عبد الفتاح السيسي وعصابة الانقلاب تحت حماية القوة الغاشمة للجيش والشرطة وتواطؤ القضاء التابع للعسكر, ودفاع الأذرع الإعلامية للانقلاب, ورغم ذلك توالت الأخبار عن فساد السيسي وعصابة الانقلاب, ثم جاء الفنان والمقاول محمد علي من داخل دائرة العاملين مع الجيش ليؤكد تفشي الفساد والرشوة في قيادات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة, ويكشف عن عمليات النهب المنظم التي يقوم بها جنرالات الهيئة, بما فيهم اللواء كامل الوزير وزير النقل الحالي بحكومة الانقلاب, وتبين أن هذه القيادات داخلة في  شراكات كبرى مع رجال أعمال للتغطية على فساد العسكر في نهب المال العام, ولم يستطع السيسي أن ينكر ما كشف عنه محمد علي؛ فاعترف بأنه يبني القصور الفارهة وأنه مستمر في بناء قصور جديدة؛ فاستفز الجماهير الناقمة على سوء أوضاعها المعيشية؛ لتندفع إلى ميدان التحرير للهتاف “ارحل يا سيسي”. وقد شغل محمد علي  الرأي العام المصري ووسائل الإعلام العالمية, بعد أن نشر سلسلة من الفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اتهم فيها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وكبار قادة الجيش بالفساد وإهدار مليارات الجنيهات على منشآت لا تعود بأي نفع على المواطن المصري العادي، مثل بناء فنادق وقصور فاخرة للسيسي وأسرته في عمليات بعيدة عن الشفافية والرقابة, وهي شهادة  “شاهد من أهلها” عمل على مدى 15 عاما، مقاول إنشاءات في مشروعات يمولها الجيش. واضطر لترك البلاد والإقامة في إسبانيا لأن الجيش لم يسدد له مستحقات مالية بأكثر من مائتي مليون جنيه, وهي وقائع فساد تتم بمعرفة قيادات في الجيش تكشف عن سيطرتها على مشروعات متنوعة تشمل الطرق والبنى التحتية, وكذلك المباني السكنية والفنادق وقاعات الاحتفالات بل وحتى محطات الوقود والصناعات الغذائية, وسبق أن قال العقيد تامر الرفاعي المتحدث باسم القوات المسلحة في تصريحات صحفية سابقة إن الجيش يشرف على تنفيذ حوالي 2300 مشروع، يعمل فيها ما يقارب خمسة ملايين مدني. وأضاف أن القوات المسلحة تشرف على تنفيذ تلك المشروعات “مراعاة لدقة المعايير وتسلمها بعد ذلك للجهات المدنية التي تديرها”(!). *وثائق غاز المتوسط والشهادة الثانية كشفت عنها وثائق مسربة نشرتها قناة “الجزيرة مباشر” عن تجاهل السيسي تحذيرات وزارة الخارجية حول حقوق مصر بغاز المتوسط , وعرضت جانبا من خفايا التفاوض بين مصر واليونان بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين, حيث نشبت خلافات عديدة بين الجانبين المصري واليوناني، وكانت هناك توصية من الخارجية المصرية للسيسي برفض الطرح اليوناني لتعيين الحدود البحرية, وتضمنت الوثائق مذكرة من الخارجية بتوقيع سامح شكري للعرض على قائد الانقلاب تقر بوجود خلافات في رؤية الجانبين المصري واليوناني لتعيين الحدود بينهما، وأن تمسك اليونان برؤيتها يؤدي لخسارة مصر 7 آلاف كيلو متر مربع من مياهها الاقتصادية، واقترحت التوصية رفض المقترح اليوناني, كما تؤكد الوثيقة أن الطرح اليوناني يفضي إلى إقرار القاهرة بأحقية أثينا في المطالبة بمياه مقابلة لمصر أمام السواحل التركية مساحتها نحو 3 آلاف كلم مربع. كما نشرت “الجزيرة مباشر” وثيقة ثانية قدمها المستشار القانوني في وزارة الخارجية عمرو الحمامي, اتهم فيها الجانب اليوناني باللجوء إلى “المغالطات والادعاءات الواهية والأساليب الملتوية” في المفاوضات, واتهمت الوثيقة الجانب اليوناني بتعمد استغلال التوافق السياسي بين البلدين لإحراج فريق التفاوض المصري رغم استناده إلى حجج قانونية قوية. أما الوثيقة الثالثة – وهي موقعة باسم اللواء عباس كامل المدير السابق لمكتب السيسي فتكشف عن تجاهل قائد الانقلاب توصيات وزارة الخارجية فيما يتعلق بتعيين الحدود البحرية مع اليونان, وطالب بتكثيف التحركات الدبلوماسية لتوطيد العلاقات مع اليونان وقبرص. وتعني هذه الوثائق المسربة أن السيسي لا تعنيه المصالح العليا للبلاد في سبيل مكايدة تركيا مجانا؛ بالتعاون مع اليونان خصمها اللدود, ومما يؤكد خيانة السيسي لمصالح مصر رفضه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها تركيا مؤخرا مع ليبيا, برغم أنها تعيد إلى مصر حوالي ٤٠ ألف كيلو متر مربع كانت قد منحتها لليونان بعد اتفاقية وقعها السيسي ، لذلك ترفض اليونان الاتفاقية, لكن لا مبرر لرفض السيسي سوى مزيد من التفريط في حقوق البلاد كما سبق في تيران وصنافير للسعودية, ومياه النيل لإثيوبيا, والغاز للصهاينة.    *مفيد فوزي وبسمة وهبة يعمل مفيد فوزي في الصحافة والتلفزيون منذ سنة 1957 وظل في خدمة السلطة حتى اليوم, وما زال ولاؤه خالصا لحكم العسكر, ولا مانع لديه أن يتلقى تعليمات من ضابط بأحد الأجهزة الأمنية في سن أحفاده, لكنه فاجأ الجميع بمقال في المصري اليوم” بعنوان “شيء من الخوف”, وهو شهادة منه تؤكد سيطرة الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام, وهو كلام صحيح, الغريب فيه أن يصدر من مفيد فوزي, الذي يدعو كثيرا في مقالاته إلى الاستعانة بالخبرات في مجال الإعلام, وكأنه ينظر بعين الحسد إلى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام, وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة, ويقدم نفسه منافسا, ومرشحا محتملا, إلى أي من المنصبين, لكن أيادي الأجهزة التي انتقدها مفيد ما لبثت أن استدعته إلى ندوة نظمتها “صوت الأمة” و” اليوم السابع” لمحاولة تعديل معنى ما ورد في المقال, وتفسير المقصود؛ فاستجاب مفيد (وهو لا يملك غير ذلك), وقدم ما يرضي سيده الذي في المخابرات, لكن يبقى مقال مفيد فوزي شاهدا من أهلها على استبداد العسكر, وحالة الفشل الإعلامي منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 , بعد أن عاشت…

تابع القراءة

موجة الاحتجاجات والثورات العالمية: تحليل الخصائص والمالآت

تقدم هذه الورقة تحليلاً لأبرز خصائص الموجة الحالية من الاحتجاجات الثورية عبر العالم ومدي قدرتها علي تحقيق آثارها بما يمكن أن يساهم في تطوير الرؤي والأفكار حول مستقبل الاحتجاجات في العالم العربي. وبشكل عام تطالب الاحتجاجات الجماهيرية بطريقة سلمية من رؤسائهم بالتنحي، حيث يعد إيفو مورالس رئيس بوليفيا اليساري لمدة ثلاث دورات رئاسية متتالية، آخر ضحية للمظاهرات الجماهيرية، بعد أن ترك الحكم للجيش، وقد سبقه الرئيسان السوداني والجزائري خلال الأشهر الماضية. وفي الرقت الراهن يتظاهر الناس ضد حكوماتهم في أماكن متنوعة مثل شيلي ولبنان والإكوادور والأرجنتين وهونغ كونغ والعراق وبريطانيا، يأتي ذلك عقب احتجاجات ملحوظة في السودان والجزائر ما يعد عودة مجددة للربيع العربي، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، قد تعرضت لموجة احتجاجية في يناير 2017 ضد إدارة ترامب وسياساته غير المقبولة. قد نكون في خضم أكبر موجة من الحركات الجماهيرية اللاعنفية في تاريخ العالم، وقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية – ولكن ، ربما من المفارقة ، تعاني الجماهير من تلك الوسائل أيضًا. فمع تصاعد هذه الحركات بسرعة أكبر في جميع أنحاء العالم، تعرضت لبعض التحديات المشتركة، التي يصعب عليها تحقيق نجاحات محورية، بل إن أعظمها يحقق مكاسب تكتيكية قصيرة الأجل[1]. هذا صحيح بشكل خاص، لاسيما عندما يكونون بلا قيادة أو غير منظمين.  وفيما يلي نناقش أبرز خصائص تلك الموجة ثم نقوم بتحليل أسباب ضعف قدرتها علي الإنتصار. أولاً: خصائص الموجة الراهنة من حركات الإحتجاج العالمية 1. منهج اللاعنف يترافق مع الأنشطة الإضطرابية شبه العنيفة: في حين أن معظم هذه الاحتجاجات سلمية، فإن بعضها له مسارات اضطرابية شبه عنيفة، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن حرب الشوارع، والاضطرابات العنيفة – مثل زجاجات المولوتوف أو إلقاء الحجارة – ، والحقيقة أن  مثل هذه الأنشطة تهدف لجعل الحياة العادية أكثر صعوبة مما يفرض علي الناس والحكومة عدم تجاهلها، وبالتالي الضغط على النخب لحل الأزمة ، وهو ما يمنحها القوة، طالما أن الحركة ككل سلمية ومنظمة بشكل جيد، وموزعة الأدوار. وهناك تقييمات أخرى، تشير إلى أن الحركات العنيفة المسلحة، تجعل النتائج أقل نجاحًا على المدى القصير والطويل، لأنها تميل إلى قلق المشاركين والذين لديهم ميل أو احتمال للمشاركة، وكذا جعل المعارضين أقل عرضة للانضمام إلى مطالب المحتجين. والحقيقة أنه قد انتصرت العديد من الحركات، وتمكنت من حصد مكاسب كبيرة، بالمشاركة السياسية السلمية؛ ويفعلون ذلك من خلال التنظيم الجيد والتخطيط لنضال طويل الأجل. كما نجحت حركات سلمية أخرى، على الرغم من وجود الأجنحة العنيفة، عن طريق الحفاظ على حشد أعداد كبيرة من المشاركين، وتشتيت الانتباه عن أولئك الذين يستخدمون العنف، بتحييدهم. وكلما طال عمر الحركة أكبر، كلما طالت معركتها ضد الحكومة، كلما ساهم ذلك في زيادة احتمالية ظهور حركات إثارة الشغب. فعندما تظهر قوات أمن الدولة في أعمال الشغب، أو عندما يعرقل المحرضون في ثياب مدنية المظاهرات السلمية ، فمن الصعب حتى القيام بحملات منضبطة جيدًا لقمع العنف، ما يجعل العنف أكثر قدرة على التواجد، بمنطق مواجه لقمع الدولة[2]. 2. التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزز الحركة أو تضعفها: تتيح وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من الأشخاص التعلم من بعضهم البعض، نتيجة نشر المعلومات والإلهام بسهولة أكبر مما كانت عليه في الماضي. غالبًا ما تجعل شبكات التواصل الاجتماعي الأشخاص يشاركون في الاحتجاجات بسرعة. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تجعل الاحتجاجات أكثر عرضة للنمو بمجرد إطلاقها. لكن يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي، أن تعيق الحركات طويلة الأجل من أجل التغيير، لأنه يمكن أن يجمع الناس بسرعة، ولكن بدون أساس للمشاركة المستمرة ، الأمر الذي يتطلب فرصًا للتخطيط والتدريب والاستعداد وصياغة الإستراتيجية. والأكثر من ذلك ، تستخدم الحكومات أدوات الإنترنت لتقويض الحركات، حيث يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تساعد في نشر المعلومات الخاطئة. والأدوات والمنصات الرقمية معرضة بدرجة كبيرة للمراقبة والتسلل ومخاطر أخرى[3]. 3. يحشد الديكتاتوريون مظاهراتهم المضادة: وفقًا لإحدى الدراسات ، نظمت الحكومات الاستبدادية نظيرًا مضادًا لكل احتجاج ضد النظام. من خلال جلب أنصارهم إلى الشوارع ، يسعى الديكتاتوريون للتأكيد على الشرعية الشعبية والقوة السياسية. يمكن أن تسمح الاحتجاجات المضادة للديكتاتوريين بتأطير الاحتجاجات المناهضة للنظام، ليس كمعركة بين الشعب والنظام ، ولكن كمصدر للاضطرابات الداخلية. وغالبا ما تثير الاحتجاجات المضادة العنف أو تدفع المتظاهرين المعارضين إلى الخروج من الشوارع. ففي هونغ كونغ ، اشتبك المحتجون المؤيدون للديمقراطية مع المتظاهرين المؤيدين لبكين. وكذا في لبنان ، يحتج المتظاهرون المؤيدون للحكومة في الشوارع ، ويتصادمون مع الحركة المناهضة للنظام. يمكن للحركات التي تفوق باستمرار أعداد أنصار النظام، أن تعزز مساراتها نحو الأمام، ولكن شريطة الحفاظ  على الانضباط في وجههم، وذلك لأن التحركات بدون خطة لاحتواء الاحتجاجات المناهضة، تكون مخاطرة بفقدان الكفاح العام من أجل الشرعية، وقد تؤدي لحدوث حرب أهلية[4]. 4. الحركات بلا قيادة تكافح للتفاوض من الشوارع: تميل حركات اليوم إلى اعتناق المقاومة بلا قيادة، في حين أن هذا له مزايا تكتيكية وجاذبية أيديولوجية ، كما أن له في المقابل ثمن باهظ، حيث تستفيد الحركات عادة من بعض أشكال القيادة الجماعية ، سواء كانت تسمى بالمجالس أو التعاونيات أو أي شيء آخر. يمكن أن تساعد هياكل القيادة الحركات في التعبير عن مطالبها والتفاوض والتوازن في القوة داخل الائتلاف. كان لدى معظم القادة الكاريزميين ، بمن فيهم مارتن لوثر كنغ وغاندي ، قاعدة متينة من الخلفاء المحتملين وتم مساءلتهم من قبل قادة الحركة الآخرين ، مما أبقى معظم أعمالهم متسقة مع ما تريده قاعدة الحركة. الحركات المنظمة هي أكثر قدرة على مقاومة ردود الفعل الحكومية، حيث يبدو أن الحركات بلا قيادة أقل فعالية في المناورة حول القمع الحكومي ، والحفاظ على الانضباط اللاعنفي ، أو التفاوض مع الحكومة. وحتي عندما تقدم الحكومة تنازلات ، تميل الحركات الأفقية أو التي تفتقد للقيادة إلى الحشد في حراك مستمر، وما يحدث عندما تستوعب الحكومات الحركات بلا قيادة: إنه ببساطة يشجع تلك الحركات على طلب المزيد. على سبيل المثال ، على الرغم من موافقة الحكومة اللبنانية على التغييرات الاقتصادية الرئيسية، تصاعدت الاحتجاجات إلى مطالب لإصلاح النظام السياسي في البلاد. ويمكن القول أن الحراك الشعبي بلا قيادة تنظم العلاقات بين المجموعات المختلفة للحركة يسمح بظهور دور أكبر للجماعات المؤسسية الأكثر تنظيماً بالانتصار.ويضرب الكاتب مثالاً بأنه  في مصر ، كان الإخوان المسلمون أفضل كيان سياسي منظم بعد ثورة 25 يناير 2011 ، التي أطاحت بحسني مبارك، فقد فاز الاخوان في الانتخابات التي تلت ذلك. لكن الانقلاب المعادي للثورة من قبل الجيش الأكثر تنظيماً بتحالفاته المنظمة نجح في الاطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي. تنطوي الحركات اللاعنفية الناجحة على أكثر من مجرد احتجاج في الشوارع. إنهم يحتاجون إلى دائرة انتخابية متنوعة ومتنامية باستمرار وخطة وقدرة على إعادة…

تابع القراءة

الغارة الأمنية على “مدى مصر”.. الرسائل  والأصداء

صباح السبت 23 نوفمبر 2019م،  أصدرت أسرة التحرير  بموقع “مدى مصر” الإخباري بيانا أكدت فيه أن قوات الأمن المصرية اعتقلت الزميل شادي زلط، الصحفي بالموقع منذ (6)سنوات؛  وبعد مرور (18) ساعة على اعتقاله أصدر الموقع بيانا ثانيا[1]، ينقل عن لينا عطالله، رئيس تحرير الموقع «نحن جميعًا في خطر. إن لم ندافع عن أنفسنا سنصبح جميعًا، كزملاء لشادي، سجناء لدى السلطات. خيارنا الوحيد هو مواصلة الكفاح لضمان أمان زميلنا الشخصي، وكذلك لضمان قدرتنا على أداء وظيفتنا». وأهم ما ورد بالبيان الثاني، أنه أوضح الموقف من إجراءات تقنين الموقع وتسوية وضعه القانوني مؤكدا «تقدّمنا العام الماضي بطلب لتسوية وضعنا القانوني من خلال قانون الصحافة والإعلام الجديد؛ (القانون رقم 180 لسنة 2018). فعلنا ذلك دون أية أوهام عن دور الصحافة، وكيف تنظر السلطات لها. مرّ عام كامل على تقديم الملف، ولم نتلق ردًا حتى اليوم». ما لم يذكره البيان وكان معلوما للجميع أن الموقع قبل ذلك بثلاثة أيام، قد نشر الأربعاء 20 نوفمبر2019، تقريرا خطيرا تحت عنوان («مهمة عمل طويلة».. إبعاد محمود السيسي إلى روسيا).فجَّر فيه الموقع عدة مفاجآت نقلا عن مصدرين بجهاز المخابرات العامة ومصدرين حكوميين رسميين: أهمها أن قرارا صدر من السيسي بناء على توصيات من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والدائرة الاستشارية الضيقة للسيسي بإبعاد نجله العميد محمود السيسي وكيل جهاز المخابرات العامة ليعمل ملحقا عسكريا في روسيا؛لأن النفوذ الواسع لنجل السيسي في المخابرات أثر سلبًا على والده، حسبما رأى بعض المنتمين للدائرة المحيطة بالسيسي. إضافة إلى عدم نجاح الابن في إدارة عدد من الملفات التي تولاها. وعلى رأسها الإعلام ومواجهة الحملات التي يشنها الفنان والمقاول محمد علي ضد السيسي ونجله وأسرته ومشروعات الجيش التي تديرها الهيئة الهندسية. كما استهدف القرار تخفيف حدة التوتر المتزايد داخل جهاز المخابرات العامة، إزاء الدور الذي يقوم به السيسي الابن داخل الجهاز منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم في 2014، من عمليات «تطهير» طالت مجموعة من كبار العاملين في الجهاز بدعوى أنهم من «رجال عمر سليمان ؛ ولا ولاء لهم للدولة الجديدة». كما أن هناك حالة من عدم الارتياح داخل الجهاز إزاء الطريقة «الصدامية» و«الحادة» التي يتعامل بها السيسي الابن مع الملفات وتجاهله لكثير من النصائح التي ترفع إليه.   رسائل الغارة الأمنية اعتقال الزميل شادي، إذا، تم من أجل الضغط عليه لمعرفة المصدرين اللذين اعتمد عليهما التقرير من داخل جهاز المخابرات، لا سيما في ظل الأوضاع المتوترة والحملة الشرسة التي يقودها الفنان والمقاول محمد علي ضد نظام السيسي ويقين النظام أن من يقف وراء هذه الحملة هم قيادات نافذة داخل الجهاز والذي يشعر قادته بمرارة بالغة بعد أن أجهز السيسي على الجهاز وهمش قادته الرفيعه لحساب نجله وضباط صغار جيء بهم من المخابرات الحربية. ويبدو أن شادي لم يكن يعرف المصدرين ما دفع النظام إلى شن غارة أمنية واقتحم مقر الموقع  ظهر الأحد 24 نوفمبر 2019م، واحتجز أسرة التحرير وعددا من الصحفيين الأجانب كانوا بالموقع وقت الاقتحام لبث تقارير عن اعتقال زلط. أراد النظام  بهذه الغارة عدة رسائل، أهمها  التأكيد على الخطوط الحمراء للإعلام وأن النشر عن أسرة السيسي وخصوصا نجله العميد محمود تابوه لا يجوز المساس به، كما لا يجوز الحديث والنشر عن شئون ما تسمى بالأجهزة السيادية (الجيش والمخابرات والأمن الوطني والشرطة والقضاء). كما استهدف النظام بهذه الغارة مزيدا من الترويع للصحفيين والتأكيد على أنه لن يقبل بأي مسحة من حرية الصحافة والإعلام حتى لو كانت هامشية للغاية. وثالثا، الإصرار على خنق حرية الصحافة والإعلام وعدم الاكتراث بالانتقادات الدولية والحقوقية التي تلاحقه وآخرها ما جرى في اجتماعات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالعاصمة السويسرية جنيف.   لماذا تراجع النظام؟ الغارة الأمنية على الموقع  أسفرت عن احتجاز رئيس التحرير  لينا عطالله والزملاء محمد حمامة ورنا ممدوح عدة ساعات، ومصادرة هواتفهم وحواسبهم المحمولة (لابتوب)؛ ثم تم اصطحاب الزملاء الثلاثة مع قوة أمنية في ميكروباص إلى قسم شرطة الدقي ثم نقل الزملاء إلى سيارة ترحيلات مكبلين في الأصفاد باتجاه مقر الأمن الوطني بالشيخ زايد؛ وفجأة عادت السيارة أدراجها إلى قسم الدقي، وأخلوا سبيل الزملاء الثلاثة جميعا. وبعد دقائق، تلقى محامي «مدى» اتصالا من الزميل شادي زلط، ليخبره أنه تم إخلاء سبيله، وتُرك على الطريق الدائري بعد يوم ونصف من اعتقاله من منزله.[2] فلماذا تراجع النظام بهذه السرعة؟ وما الأسباب التي أجبرته على إخلاء سبيل الزملاء؛ رغم أنه يمارس مثل هذه الجرائم وأكثر بشاعة منها منذ انقلاب 30 يونيو 2013م؟ أولا،يمكن تفسير هذا التراجع المفاجئ إلى المكانة التي يحظى بها الموقع على المستوى الدولي، باعتباره النافذة الوحيدة الباقية من المواقع المهنية المستقلة والتي يتابع نسختها الإنجليزية الدبلوماسيون وكبار الساسة على مستوى العالم لمعرفة الأوضاع في مصر. حيث تحظى النسخة الإنجليزية للموقع باحترام شديد على المستوى الدولي. في ظل عمليات الحجب التي مارسها النظام ضد مئات الصحف والمواقع خلال السنوات الماضية التي أعقبت انقلاب 30 يونيو2013م، إضافة إلى أن حسام بهجت مدير الموقع يرتبط بعلاقات وثيقة مع جهات وشخصيات خارجية لها نفوذ واسع في الحكومات الأوروبية والمؤسسات الإعلامية الدولية والحقوقية. ثانيا،وجود صحفيين أجانب تم احتجازهم بالموقع يمثلون ثلاث جنسيات أجنبية أمريكية وبريطانية وفرنسية؛ إضافة إلى خشونة القائمين على الغارة الأمنية كعادتهم مع الصحفيين المحتجزين وعددهم “16” من أسرة الموقع والكتاب المتعاملين معه من الأجانب؛  وعدم الكشف عن الجهة التي ينتمي إليها الضباط وعدم الكشف كذلك عن قرار النيابة،  موجهين ردودًا غاضبة وعدائية على كل أسئلة الفريق القانونية. كما تم استجواب صحفيين اثنين يعملان في الموقع الانجليزي وهما  (إيان لوي)، وهو أمريكي الجنسية، و(إيما سكولدنج)، وهي بريطانية، بالإضافة إلى زميلين آخرين من قناة فرانس24، كانوا قد وصلوا إلى المكتب لإعداد تقرير عن اختطاف زلط. ثالثا احتجاز بعثة فريق “فرانس 24” دفع ممثلين عن سفارة فرنسا بالقاهرة إلى التدخل والحضور مباشرة والتواصل مع المحتجزين في الداخل والاطمئنان على الفريق الفرنسي؛ وتمكن ممثلو السفارة الفرنسية من اصطحاب فريق فرنس24، كما توجهت قوة أمنية مع الزميلين إيان) و(إيما)، إلى منزليهما للإطلاع على جوازات سفرهم، ثم أخذوا نسخة عنها، قائلين لهم «المشكلة ليست معكم. المشكلة مع موقعكم». رابعا،أثناء الغارة الأمنية، دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن الصحفيين المحتجزين بمقر موقع “مدى مصر” في القاهرة. وقالت المنظمة في حسابها الرسمي على تويتر إنه “في تصعيد خطير، تقوم قوات الأمن المصرية الآن باقتحام مكتب مدى مصر ومنع المحامين من دخول المكتب، يأتي ذلك بعد اعتقال الصحافي شادي زلط بالأمس”. وأضافت: “على السلطات الأمنية مغادرة المكان فورا وعدم التعرّض للصحافيين بسبب قيامهم بعملهم”. خامسا،أثناء وجود الزملاء الثلاثة في قسم الدقي وصل مندوب من السفارة الأمريكية، وآخر من السفارة البريطانية، إلى مقر القسم، لمتابعة التحقيقات والوقوف على التفاصيل،…

تابع القراءة

لماذا دعت الولايات المتحدة حفتر إلى وقف الحرب على طرابلس؟

يبدو أن هناك تغير فى الموقف الأمريكى تجاه أطراف الصراع فى ليبيا، فبعد أن كان هناك دعم ضمنى لحرب حفتر على طرابلس، والذى ظهر فى الاتصال الهاتفى بين ترامب وحفتر، فى إبريل الماضى، وإعلان الأول دعمه للأخير باعتباره يحارب الإرهاب. دعت الولايات المتحدة حفتر إلى انهاء حربه على طرابلس عقب الاجتماع الذى عقد فى واشنطن، 13 نوفمبر 2019، بين وزير الداخلية فتحي باشاغا، ووزير الخارجية محمد الطاهر سيالة، ومسؤولين أميركيين من وزارات الدفاع والخارجية ومجلس الأمن القومي وقيادة الأركان المشتركة.   دوافع الدعوة الأمريكية بوقف الحرب على طرابلس: يمكن الإشارة إلى مجموعة من الدوافع التى تقف خلف الدعوة الأمريكية بوقف الحرب على طرابلس، تتمثل أبرزها فى: تزايد التدخل الروسى: فقد حرص الوفد الأمريكى على التأكيد، فى البيان المشترك الذى صُدر عقب الإجتماع المشار إليه أعلاه، على “دعمه سيادة ليبيا ووحدة أراضيها في وجه المحاولات الروسية لاستغلال الصراع ضد إرادة الشعب الليبي”[1]. وتشير العديد من التقارير إلى تزايد النشاط الروسى في ليبيا، والذى بدأ مع تسريب مجموعة رسائل إلكترونية داخلية بين موظفين تابعين لـ”مؤسسة حماية القيم الوطنية” الروسية، يتم الحديث فيها عن خطة لدعم سيف الإسلام القذافي، عبر حملة إعلامية لصالحه وتقديم مشورة له. كما أشارت وسائل إعلام “مالطية” إلى إنه تم حجز سفينة محملة بكميات من العملة مطبوعة في روسيا وموجهة إلى شرق ليبيا، مع الإشارة إلى أن تلك العملة معمول بها في شرق البلاد منذ أعوام، وتطبعها شركة روسية خاصة، وهي لا تشبه العملة الصادرة عن المصرف المركزي المعترف به والتي يُتعامل بها في بقية مناطق ليبيا[2]. كما تداولت وسائل إعلام أخيراً أخباراً عن نشر مرتزقة روس تابعين لشركة “فاغنر” في ليبيا، للقتال إلى جانب قوات حفتر. وفى هذا السياق، أشار مسؤول ملف شمال أفريقيا السابق في الخارجية الأميركية وليان لورانس خلال لقاء أجرته معه قناة “الجزيرة”، إلى أن عدد الجنود الروس في ليبيا، تضاعف، في الأسابيع الأخيرة، من 200 عنصر إلى 1400، مضيفاً أن “الروس سيطروا على الكثير من جوانب العمليات العسكرية التي يقوم بها حفتر”، معرباً عن مخاوفه من تنامي الدعم الروسي لحفتر. وأكد أيضاً على أن بلاده ستطلب من حلفائها، مثل فرنسا ومصر والإمارات، أن تتخلى عن دعم حفتر[3]. من جانبها قالت وكالة “بلومبيرغ”، 15 نوفمبر 2019، أنه “تم نشر 25 طياراً ومدرباً وطواقم الدعم، وأن الطيارين كانوا يقومون بتنفيذ طلعات جوية بطائرات سوخوي 22 تم إعادة تأهيلها تابعة لحفتر”. وفي إطار ذلك، قال رئيس تحرير موقع “ميدل إيست أي” البريطاني ديفيد هيرست، أن “موت القذافي المذل كان درساً عملياً لبوتين حيث إنه لم يحزن كثيراً على خسارة حليف بقدر ما حزن على خسارة مليارات الروبلات في مبيعات الدفاع”. وأضاف هيرست في مقال له نُشر فى15 نوفمبر 2019 (ترجمه موقع الجزيرة نت)، إن “ليبيا عام 2011، وليس غزو العراق عام 2003، هي التي ولدت فكرة وجوب عودة القوات الروسية إلى الشرق الأوسط بعد عقود من الغياب”[4]. – إنجاح مؤتمر برلين: تأتى الدعوة الأمريكية لحفتر بوقف حربه على طرابلس بالتزامن مع الجهود الألمانية لعقد مؤتمر حول الأزمة الليبية فى برلين (من المقرر أن يعقد فى ديسمبر المقبل). ويرى العديد من المراقبين أن المبادرة الألمانية ما هى إلى واجهة للتحركات الأمريكية لحل الأزمة الليبية. – التفرغ لمواجهة ملفات أخرى: ربما تسعى واشنطن إلى إغلاق الملف الليبى من أجل التفرغ لملفات أكثر أهمية مثل تصاعد المظاهرات فى لبنان والعراق، ومحاولة الولايات المتحدة الاستفادة من هذه التظاهرات لتقليل النفوذ الإيرانى فى هذه الدول. وربما تكون الرغبة الأمريكية تلك هى ما تقف أيضاً خلف المصالحة الخليجية التى تتم الآن، وتقف أيضاً خلف قيام السعودية بمحاولة إغلاق الملف اليمنى عن طريق المصالحة بين المجلس الإنتقالى الجنوبى والحكومة الشرعية عبر حوار جدة فى أكتوبر الماضى. – عودة دول الجوار المناهضة لحفتر: ففى تونس، جاءت الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية معاكسة لمحور الثورات المضادة. فقد فاز قيس سعيد برئاسة تونس، ومعروف عنه أنه ليس من جناح “الثورات المضادة” في الوطن العربي. كما أن حركة النهضة التونسية (إسلامية) فازت بالانتخابات البرلمانية. ولا شك أن تونس في ثوبها الجديد، ستكون أكثر دعماً لحكومة الوفاق منها لحفتر. وبالنسبة للجزائر، فقد تصب الإنتخابات الرئاسية بها، المقررة في 12 ديسمبر المقبل، ضمن الموجة الجديدة للتحول الديمقراطى فى المنطقة. كما أن استقرار الأوضاع السياسية فى الجزائر قد يدفعها نحو لعب دور أقوى فى الملف الليبى[5]. وهذا الدور سيكون فى الغالب فى غير صالح حفتر؛ نظراً لأن حكومة الوفاق هى من تتحكم فى المنطقة الغربية الليبية المجاورة للجزائر، كما أنه سبق وأن حدثت مناوشات بين حفتر ومسئوليين جزائريين، فى سبتمبر 2018، على أثر اتهام حفتر الجيش الجزائري باستغلال وضع الحرب للدخول إلى الأراضي الليبية.   هل هناك تحول جذرى فى الموقف الأمريكى: يرى البعض أن هناك تحول قوى فى الموقف الأمريكى لصالح حكومة الوفاق، وهو ما يتمثل فى دعوة حفتر بوقف الحرب على طرابلس بعد أن كانت تدعمه فى البداية، والإعلان عن عودة التنسيق الأمنى الأمريكى مع حكومة الوفاق، إلى جانب الاعتراف بحق حكومة الوفاق فى الدفاع عن العاصمة. فقد أشارت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، في بيان صحافي، أنه كان من بين المسئوليين الأمريكيين مسؤول في مجلس الأمن القومي، وأنه تم الإتفاق على إعداد خطة أمنية تشمل التعاون في برامج التدريب. كما نقل الموقع الرسمي للوزارة عن الجانب الأميركي تأكيده رغبة واشنطن في عودة الحل السياسي ووقف القتال، وتأكيد الجانب الليبي حق حكومة الوفاق في الدفاع عن العاصمة ومشروع الدولة المدنية[6]. وفى المقابل، فهناك من يرى (منهم كاتب هذا التقرير) أنه ليس هناك تحول جذرى فى الموقف الأمريكى تجاه أطراف الصراع فى ليبيا، حيث لا يمكن القول أن الولايات المتحدة تحولت بصورة كاملة ناحية دعم حكومة الوفاق، وهو ما ظهر فى أن لقاءات الجانب الأميركي مع مسئولى حكومة الوفاق لم يرق إلى المستوى الوزاري، فلم يلتقى وزراء حكومة الوفاق مع نظرائهم في واشنطن. كما أن حديث المسؤولين الأميركيين عن تعاون مع حكومة الوفاق، لا يعني سوى رسائل تهديد لحفتر فقط[7]. أكثر من ذلك أن حفتر حتى الآن لم يأخذ على محمل الجد الدعوة الأمريكية لوقف هجومه على طرابلس، بل إن المعارك على أشدها، وفي أغلب المحاور والجبهات[8]. ختاماً، يبدو أن هناك انقسام داخل الإدارة الأمريكية بين الرئيس ترامب، الأقرب إلى دعم حفتر فى ظل رؤية ترامب القائمة على دعم العسكريين، والتقارب مع محور الثورات المضادة بقيادة السعودية والإمارات. وبين وزارة الدفاع والأمن القومى اللذين يركزوا على أولوية مواجهة خطر التمدد الروسى فى ليبيا، وهو التمدد الذى يتم عن طريق مع حفتر، لذلك فإنهما قد يدفعا نحو تعزيز العلاقات مع حكومة الوفاق.     [1]                      “ليبيا | التدخّل الروسي يُبدّل موقف واشنطن:…

تابع القراءة

مصر والموجة الجديدة للربيع العربي.. تطورات مهمة

بقلم: حازم عبد الرحمن عاد الربيع العربي بموجة ثورية جديدة, طوال هذا العام, شملت السودان و الجزائر ولبنان والعراق,  وحملت هذه الموجة خبرة من سابقتها في 2011 , فخلال عام 2019 نجحت في خلع الرئيس السوداني عمر البشير بعد ثلاثين عاما من انقلابه العسكري على حكومة مدنية منتخبة, وما زالت الثورة تكافح الدولة العميقة التي بناها العسكر, وتحقق نجاحات مهمة, وأمامها الكثير من التحديات, ويواصل الشعب الجزائري حراكه الثوري ضد حكم الجنرالات ووصايتهم المرفوضة على أحلام الشعب, وقد استمر حراكه بعد واحد وأربعين أسبوعا, بإصرار دون كلل, مطالبا بإزاحة الجنرالات, وحقق في سبيل ذلك نجاحات واضحة, أهمها إجبار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على عدم الترشح لولاية خامسة, وبدء محاكمات الفاسدين, وانصاع العسكر لعدد من المطالب, لكن الأهم هو رفع وصايتهم عن الشعب الجزائري, وهو ما يعني استمرار الحراك الثوري, وفي ليبيا حدثت تطورات مهمة لصالح الحكومة الشرعية ضد ميليشيات الانقلابي خليفة حفتر المدعوم من السعودية والإمارات؛ فقد كثر داعموه حتى دخلت روسيا على الخط؛ لتبحث عن نصيب لها في الكعكة الليبية, وتسلل مرتزقة “فاجنر” عبر الحدود الليبية المفتوحة، ليصلوا إلى مناطق الساعدية وعين زاره ووادي الربيع، ثم زاد حضورهم في أهم قواعد ليبيا، في الوطية والجفرة؛ ما استفز الولايات المتحدة, وجعلها تطلب من الجنرال المنقلب وقف هجومه على طرابلس العاصمة مقر الحكومة الشرعية, التي بدأت في تعزيز موقفها بزيارة رئيسها فايز السراج إلى تركيا على رأس وفد كبير وتوقيع مذكرتي تفاهم، إحداهما حول التعاون الأمني، والأخرى مذكرة تفاهم في المجال البحري، وهو ما أقلق داعمي حفتر كما ظهر في تصريحات حكومة الانقلاب في مصر؛ لكون دعم تركيا لحكومة الوفاق الشرعية مع الموقف الأمريكي ضد الوجود الروسي؛ قد ينهي تماما مشروع حفتر الانقلابي. *لبنان والعراق  هناك تشابه بين الثورتين القائمتين اليوم في كل من لبنان والعراق من حيث التدخل الخارجي والنفوذ الخطير المترتب على ذلك؛ ففي لبنان يتضح نفوذ إيران والسعودية وفرنسا تماما من خلال القوى المهيمنة على المشهد السياسي, وولاء كل منها, وهي لم تعد تخجل من علاقاتها المشينة مع النفوذ الأجنبي الداعم لها, وباتت تقدمه على المصالح الحقيقية للوطن؛ فاستأثرت فئات محدودة من كل طائفة بالمنافع دون عامة المواطنين الذين أصابهم اليأس من إصلاح الواقع المرير في بلدهم؛ فخرج هتاف يطالب كل النخبة السياسية بالرحيل, ولم تفلح استقالة سعد الحريري صاحب الجنسية السعودية في إقناع الثوار بالاستجابة لمطالبهم, وظلت الثورة مشتعلة في الميادين, وسقط القناع عن حزب الله وإيران راعيه الرسمي, كما سقط عن كل الطبقة السياسية, بعدما فشلت في تقديم شيء للمتظاهرين سوى النفاق ومحاولات الخداع غير المجدية, أما في العراق الذي سقط في يد النفوذ الأجنبي بعد انهيار حكم صدام حسين, وطال صبر الشعب سنين عديدة, انتظارا للوعود بالحرية والعدالة, واحتج الشعب أكثر من مرة, لكنه لم يتوقف منذ أول أكتوبر 2019 عن التظاهر في بغداد وبقية محافظات الجنوب احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفساد الإداري والبطالة. وقد نجحت في إجبار رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة التي استأذن فيها مرجعه السيستاني، وجرت المواجهة الصريحة بين الشعب العراقي الثائر والجارة اللدود إيران التي تسبب تدخلها في تدمير ثروة العراق البلد الغني بموارده وإمكاناته, وحولته إلى مجتمع طائفي لم يكن يجرؤ فيه أكثر الطائفيين تطرفا على رفع هذه النعرة في فترة حكم صدام حسين, على رغم ما كان فيها من مساوئ, وقد كان عقاب الشعب حاضرا بالهجوم على إيران, والتنديد بأفعالها,  وإقدام البعض على إحراق أحد مقار بعثاتها الدبلوماسية. *الثورة في اليمن الاتفاق الأخير الذي أجبرت فيه كل من السعودية والإمارات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على الاعتراف بانفصاليي الجنوب صنيعة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد, وإشراكهم في الحكم, جعل اليمنيين يفقدون ثقتهم في قرارات رئيسهم الأسير المقيم بالرياض, والذي ينفذ تعليمات ولي العهد السعودي, وأعلن أكثر من قيادة يمنية مؤيدة للشرعية أنهم لم يعودوا يثقون بتحالف السعودية والإمارات, بعد أن ثبت أن هذا التحالف يخطط لتقسيم اليمن, وأن الشرعية لن تعود مادامت بلادهم تحت نير التحالف, وقرروا أن هدفهم الأول يتمثل في تخليص اليمن من الاحتلال الذي بات واضحا من خلال الوجود العسكري الإماراتي وخططه لتقسيم الجنوب, وتكوينه ميليشيات مسلحة تقتل اليمنيين, وإنشائه سجونا لاعتقال المواطنين وتعذيبهم, وكل ذلك ثابت بالوثائق. *المشهد في مصر الثابت تاريخيا أن الثورات وحركات التحرر تنتشر بالعدوى, ويمكن القول أن الثورة نجحت في تونس, وحققت نجاحا منقوصا في ليبيا, وعادت في اليمن إلى نقطة البداية, ولم تمت, وهي مستمرة في لبنان والعراق, وتكمل طريقها ببطء في السودان, أما عن المشهد في مصر فقد تراكمت كل الأسباب المؤدية إلى ثورة كاسحة؛ حيث باع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية, وتنازل عن حصة مصر التاريخية في مياه نهر النيل لصالح إثيوبيا, كما تنازل عن حقوق مصر في الغاز والبترول لصالح العدو الصهيوني, وطوال ست سنوات منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وحالة الاقتصاد تتردى أكثر؛ بسبب القرارات الحمقاء, ورفع الدعم,  وغلاء الأسعار, وإهدار المال العام في حفر ترعة قناة السويس بحجة رفع معنويات الشعب, وبناء القصور الفارهة على نفقة المواطنين الفقراء, مع حالة غير مسبوقة من القمع والاعتقالات وقتل الأبرياء في السجون, وتنفيذ أحكام جائرة بالإعدام, وهو ما أدانته المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة والدول الداعمة للانقلاب في مصر مثل الولايات المتحدة وبريطانيا, وغيرهما, كما كان ظهور الفنان والمقاول محمد علي إضافة جديدة لفضح الفساد الذي يرعاه السيسي وعصابة من العسكر لنهب اقتصاد البلد وإساءة استخدام المال العام في بناء القصور, بينما غالبية الشعب تعاني من تردي أحوالها المعيشية. وقد تأكد أن الغليان الشعبي في تصاعد مستمر, وينتظر الفرصة للانفجار في وجه العسكر ليسقط حكمهم إلى الأبد في مصر؛ ففي 20 سبتمبر الماضي تسابق الآلاف إلى التظاهر في ميدان التحرير, عندما دعا محمد علي إلى التظاهر أمام المنازل, لكن مراجل الغضب قفزت بالشباب إلى ميدان الثورة الأول, بما له من رمزية في انتصار إرادة الشعب وخلع الدكتاتور؛ ما يعني أن الثورة تنتظر الشرارة الأولى لتندلع, وهي باقية برغم كل أساليب القمع والإرهاب التي يمارسها السيسي وعصابته ضد الشعب المصري, خاصة مع تحقق المزيد من الوعي لدى الشعب بضرورة إسقاط السيسي الذي ثبتت خيانته, مع زيادة كارهي حكم العسكر ممن كانوا مؤيديه من قبل, وهو ما ترصده التقارير الأمنية لقائد الانقلاب, أولا بأول, وقد تسبب ذلك في رعب وقلق كبيرين أفزعا السيسي وعصابته, وجعل قبضتهم الأمنية تزداد توحشا, مع تقديم تنازلات غير مسبوقة لإرضاء جهات في النظام العسكري تعيش حالة من الغضب المكتوم بسبب ما طالها من انتقام وتهميش, مثل المخابرات العامة التي عين فيها السيسي أحد رجال عمر سليمان, وهو اللواء ناصر فهمي؛…

تابع القراءة

عودة تركي أل الشيخ لمصر: السؤال الحائر والإجابات غير المكتملة

عاد تركي أل الشيخ مجددا إلى واجهة الرياضة المصرية، بعد حدوث مصالحة بينه وبين رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي الكابتن محمود الخطيب، بعد تلميحات الإعلامي وكابتن الأهلي السابق أحمد شوبير بحدوث مصالحة قبل مقابلتهم، حيث قام تركي بنشر أكثر من منشور على صفحته، يعلن فيه نيته التصالح مع إدارة الأهلي، وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى مجموعة مشاهد هامة قبل الوصول للمصالحة: لقد باع تركي أل الشيخ ملكيته في نادي بيراميدز للإماراتي الشميسي، وترك الاستثمار في مصر وتوجه نحو أسبانيا، وبالفعل قام بشراء نادي ألميريا الإسباني، ويبدو أنه كان سعيدًا بالعمل هناك، فما الداعي للعودة الآن؟ هناك أكثر من جواب محتمل في هذا السياق، اولهم، أن تركي عاد إلى مصر في ظل سياق أوسع للمصالحة الخليجية- المصرية، وأن تركي سيقود ملف الرياضة، وسيمهد للمصالحة السياسية، من خلال تهية الأجواء، ومن ثم يكون له اليد الطولي في عودة أبو تريكة لمصر، وما لذلك من عودة للعلاقات بين قطر ومصر. وهناك جواب ثانٍ، أن تركي عاد بضغط من الحكومة المصرية على إدارة الأهلي لقبول المصالحة، بهدف اعادة ضخ الاستثمارات من جديد في الرياضة والفن في مصر، وأهمية ذلك للاقتصاد، وحاجة البلاد له، وبالتالي فهنا يمكن قراءة ملف المصالحة، بأن الدولة تحركت وطلبت من تركي العودة مرة أخرى، لأنها غضت الطرف عن المصالحة، عندما قرر تركي شراء نادي بيراميدز، لأنها اطمأنت أن الاستثمارات ستظل في البلاد، إلا أنه بعد خروجه تمامًا، أضحى ملف المصالحة ضرورة. والجواب الثالث، أن تركي عاد من ناحية رياضية- استثمارية بحتة، حيث طلب الأهلي منه العودة للرئاسة الشرفية، لحاجة النادي لتمويل الصفقات، خاصة بعد رحيل محمد كامل عن رئاسة بيرزنتيشن، وقد كان الراعي الرئيسي للأهلي عقب رحيل تركي، حيث تعاقد مع الأهلي عقد رعاية بنصف مليار جنية، وهو رقم كبير جدا لم تشهده الرياضة المصرية من قبل، إلا أنه بعد رحيل محمد كامل، وقدوم رئيس جديد للشركة صاحب خلفية زملكاوية، سيصعب من استكمال التعاقد، خاصة في ظل تأزم وضع الشركة المالي. من جهتها، قابلت السوشيال ميديا الجماهيرية للأهلي، والذي يقال أنه تدار من داخل مجلس إدارة الأهلي، قابلت منشورات تركي آل الشيخ، بود كبير، ودعت إلى عدم وقوع جماهير الأهلي، في الفخ الذي حفره له جمهور الزمالك باستفزازتهم، بوجود كفيل للأهلي، وهو ما عرضها لعدد كبير من الانتقادات، لأن تركي هو من سجن جمهور الأهلي، وقام بسب مجلس إدارتها، وتشويه صورته تمامًا، إلا أن تلك الصفحات أخذت تهيئ الجمهور، بأهمية المصالحة، ثم جاء تنازل تركي عن القضايا التي رفعها على الجمهور، وبالفعل اطلاق صراحهم، ساهم ذلك في تقبل الجمهور للمصالحة، لاسيما بعد اللعب على وتر عودة أبوتريكة لمصر، حيث أخذت الصفحات، تدافع عن نفسها بأنها وافقت بالمصالحة، عندما علمت بأنه سيكون في مقابلها خروج الجمهور المعتقل، وعودة أبوتريكة للبلاد. ملف المصالحة بين تركي والخطيب، تم الاعداد له جيدًا، وكان ضرورة للجميع أن يتم، ولكن لم يظهر تحديدًا أي الأسباب أقرب، ربما تظهر ارهاصات قريبة توضح، دلالات عودة تركي أل الشيخ للرياضة المصرية.

تابع القراءة

قراءة في التغيير الحكومي المتوقع

تداولت وسائل الإعلام مؤخرا تسريبات خاصة بتغيير وزاري محتمل يشمل من سبع إلي عشر وزارات تشمل الصحة والتعليم والتضامن والاجتماعي والسياحة والري والخارجية، واستثنت التسريبات من التعديل وزارتي الداخلية والدفاع بالإضافة إلي المجموعة الاقتصادية وعلي رأسها الاستثمار والتخطيط، وبالنظر إلي تلك التسريبات نلحظ أنها في مجملها تغييرات شكلية لن تحدث تغييراً ملحوظا في مسيرة التنمية المصرية، لأنها تصب في مجملها علي الوزارات الخدمية وتستثني المجموعة الاقتصادية المسئولة عن تردي الأوضاع الاقتصادية وضياع الفرص الاستثمارية علي مصر. ويشير ذلك إلي جملة من الملاحظات يأتي علي رأسها ما سبق وأن أشرنا إليه في قراءات سابقة من أن النظام الحالي لا يرغب في تحقيق تحول حقيقي في مسار التنمية المصرية، بل علي العكس هو يعمل علي عرقلة هذا المسار، من خلال الإبقاء علي مجموعة من الوزراء الذين يفتقدوا للمهارة والقدرة علي إحداث تحول اقتصادي حقيقي وتحقيق ما يطلقون عليه التنمية المستدامة، فالرجل وعلي عكس ما ينادي به يعول علي مشروع توشكي الجديد المتمثل في العاصمة الإدارية الجديدة والتي استنزفت 300 مليار جنيه حتى الآن من غير ما يكون لها أي مردود اقتصادي او استثماري. يضاف إلي ذلك أن بقاء تلك المجموعة وعدم تغييرها بالكامل إنما يعني بقاء الأوضاع الاقتصادية والمستويات المعيشية علي ما هي عليه، فأجندات وبرامج التغيير ليست اختراع وإنما هناك عشرات المشاريع التي يمكننا فقط في حالة تنفيذها أن تنهض الدولة بشرط أن يتم البدء بمعالجة الفساد المستشري في ربوع الدولة، ولكن أن يتم إهمال الفساد والفاسدين والوزراء الذي يفتقدون للقدرة والإمكانية علي أخذات تغيير حقيقين فإن هذا أبعد ما يكون عن التغيير. لقد تسببت الحكومة الحالية في إهدار قيم المؤسسية بعد أن تحولت الوزارات إلي إقطاعيات يسيطر عليها أصحاب الحظوة والسطوة من البواءات ومن يدور في فلكهم، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان إحداث تحول حقيقي في حال إجراء التغيير المزعوم لبعض الوزارات الهامشية التي يتم تغييرها وحدها دون غيرها في كل مره، حيث كانت هذه هي نفس الوزارات التي سبق وأن غيرها المنقلب منذ عامين أو أكثر. نخلص من ذلك إلي عدة أمور أهمها: أنه لا توجد جدية حقيقية في التغيير. النظام يقوم بتجريف الدولة وإفقارها جل التغييرات التي تتم تغييرات شكلية وليست حقيقية يتم الإضرار بمؤسسات الدولة وتفريغها من الخبرات والإبقاء علي أصحاب الولاء فقط النظام لا يعنيه مواجهة الفساد بقدر ما يعنيه ترويج الأكاذيب والاستعراضات الخاصة بالتنمية لا أمل حقيقي في التغيير الوزاري الحالي وهو تغيير في الشكل وليس المضمون.

تابع القراءة

المشهد السياسي الأسبوعي 24 نوفمبر 2019

أولًا: المشهد الداخلي: تحولات في دوائر النظام الضيقة: ابتعاث محمود لروسيا: حركة تصحيح أم تجهيز السيسي الابن لخلافة والده. تقرير[1] على “مدى مصر” يتحدث عن قرار بندب محمود السيسي، نجل السيسي وأحد قيادات الجهاز، للقيام بمهمة عمل طويلة –قد تطول لشهور أو لسنوات- كمبعوث عسكري في بعثة مصر العاملة في روسيا. أما عن الأسباب؛ فهي: فشل السيسي الابن في إدارة عدد من الملفات التي كلف بها (ملف الإعلام – ملف المقاول محمد علي وتبعاته من مظاهرات 20 سبتمبر وحملة الاعتقالات الواسعة التي تلتها – تكليفه عمرو أديب إعلان إستضافة محمود السيسي نجل الرئيس ليعلن بعدها أنه يقصد محمود السيسي أحد مالكي صيدليات 19011، لإحراج إعلام المعارضة من الخارج، ولإيهام الرأي العام بأن الصيدليات ليست ملكاً للعسكريين)، إضافة إلى الطريقة الصدامية التي يتعامل بها نجل السيسي مع جهاز المخابرات والعاملين فيه؛ ما خلق حالة من الشحن داخل الجهاز، أيضاً بروز اسمه إعلامياً كأحد أهم صناع القرار في مصر، في وسائل إعلام عربية وأجنبية ما أثر بالسلب على صورة السيسي واستقرار النظام، كل هذا غذى الخوف في أوساط النظام من أن تكون تجربة محمود السيسي تكرار لتجربة (مبارك – جمال). أما عن إختيار روسيا: بسبب إعجاب صانع القرار المصري بنموذج بوتين، إضافة إلى العلاقات القوية بين القاهرة وموسكو. صاحب مقترح رحيل السيسي الابن: قيل أنها جاءت بتوصية من الإمارات ــ محمد بن زايد، وأن مثل هذا المقترح يصعب أن يخرج من أحد المقربين من السيسي؛ خاصة أن هناك حديث عن تقلص صلاحيات عباس كامل رجل السيسي المقرب، وهو ما بدا واضحاً في عدم مشاركة “كامل” في المهام التي كلف بها سامح شكري في الخارج -منها ملف سد النهضة- كما كان متبعاً في السابق. وأن الموافقة على المقترح الإماراتي جاءت بعد مشاورات مع الدائرة الضيقة للسيسي (عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، ومحسن عبدالنبي، مدير مكتب السيسي). يذكر التقرير أن رحيل السيسي الابن عن المخابرات، جاء في سياق حركة تغيير داخل جهاز المخابرات العامة، طالت هذه الحركة المقدم محمود شعبان، المشهور بأنه مهندس الاعلام المصري، الذي جرى تداول اسمه بصورة واسعة خلال الفترة الماضية بشكل لا يتناسب مع طبيعة عمله في المخابرات. بحسب التقرير سيتم نقل نجل السيسي للمخابرات الحربية وبعده ينتدب كملحق مصر العسكري بموسكو. يبدو أن التقرير بما ورد فيه من بيانات متماسك ومنطقي، لكن تغييرات على هذا المستوى من السرية، وفي دائرة قربية جدا من الرئيس، من غير المستبعد أن يكون تسريبها جاء متعمداً من قبل نخبة الحكم، وهدفها إقناع الناس بهذا التفسير وهذا التصور عن الحدث –حدث إبعاد نجل السيسي لموسكو- ولفتهم عن الهدف الحقيقي لهذا القرار، والذي قد يكون محاولة لتلميع محمود السيسي وتجهيزه لخلافة والده. فيكون عمل السيسي الابن في موسكو بغرض إطلاعه على الشأن الدولي وطريقة العمل والتحرك في المجال الخارجي، بعد أن إطلع على سير الامور في الداخل من خلال وجوده في جهاز المخابرات. أما عن اختيار موسكو؛ لأن واشنطن من المرجح أن تعارض سيناريو التوريث خاصة إذا أسفرت الانتخابات عن فوز الديمقراطيين، بينما سترحب موسكو بذلك ما دام سيقوي علاقاتها مع القاهرة وسيزيد من نفوذها في المنطقة. ولعل نقل نجل السيسي للمخابرات الحربية قبل سفره لموسكو؛ بغرض قبول المؤسسة العسكرية بحكم السيسي الابن بعد رحيل ابيه باعتباره ابن المؤسسة العسكرية، والمطلع على خباياها من خلال عمله بالمخابرات الحربية. أجهزة سيادية تتدخل للإفراج عن صحفيي “مدي مصر” بعد تدخلات دولية: ألقت قوات الأمن القبض على شادي زلط، الصحفي بـ”مدى مصر”، فجر يوم السبت 23 نوفمبر، ويوم الأحد قامت قوات أمن بزي مدني باقتحام المقر الرئيسي للموقع في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، واحتجزت الصحفيين العاملين به ثم اقتادت لينا عطا الله، رئيس تحرير الموقع، والصحفيين، محمد حمامة، ورنا ممدوح، إلى قسم شرطة الدقي، قبل أن يتركوا الموقع ويعيدوا الهواتف المحمولة إلى أصحابها من صحفيي “مدى مصر”، بعد ثلاث ساعات من الاحتجاز. كما اصطحبت قوات الأمن كلًا من إيان لوي، أمريكي الجنسية، وإيما سكولدنج، بريطانية الجنسية، إلى منزليهما، وسمع الموجودون الضابط يخبرهما بأنه يرغب في التأكد من هويتيهما بالاطلاع على جوازي السفر، بحسب “مدى مصر”. ولفت القائمون على الموقع، إلى أن قوات الأمن استجوبت صحفييْن من قناة “فرانس 24″، تواجدا داخل المقر لإعداد تقرير عن القبض على شادي زلط، موضحين أن ممثلَيْن من السفارة الفرنسية حاولا الدخول إلى المكتب، للاطمئنان على مراسلي القناة الفرنسية، لمدة ساعة و تم منعهما. مصدر سياسي مسئول قال لـ”القاهرة 24″[2]، إن التقديرات التي تم رفعها للأجهزة السيادية، أوصت بأن يتم الإفراج الفوري عن صحفيي “مدى مصر” بعد ساعات من احتجازهم، وهو ما تم لاحقًا، مشيرًا إلى أن القبض على صحفيين مدى مصر واقتحام الموقع سبّبَ حرجًا للدولة خصوصاً بعد أحداث 20 سبتمبر . وتابع المصدر، تقدير الموقف الذي تم رفعه أفاد بأن ما تعرض له صحفيو “مدى مصر” يأتي بالتزامن مع قرب انعقاد منتدى شباب العالم، الذي تستضيف فيه مصر الآلاف من الشباب من كل دول العالم، ويرعاه السيسي، مما قد يُعطي مؤشرًا سلبيًا عن المنتدى. محمد علي.. نشاط في التحركات وتطور في الخطاب…ارتباطه المباشر بالمعارضة هل يساعدهم في تقديم حلولاً أفضل؟ تحركات نشطة وسريعة للمقاول والفنان المصري محمد علي خلال الأيام الماضية، يمكن رؤيتها بوضوح في تصريحاته الصحفية وحواراته الإعلامية، فقد تواصل مع (الجارديان البريطانية[3]، نيوزويك الأمريكية[4]، الجزيرة القطرية[5]، مكملين والحوار المحسوبتان على جماعة الإخوان المسلمين[6]، المؤتمر الوطني في لندن الذي نظمته “إيجيبت واتش”[7]). هذه التحركات النشطة واكبها تطور في خطاب محمد علي؛ فهو في خطابه يسعى من جهة للتواصل مع الغرب، وتخويفهم من التداعيات السلبية لبقاء السيسي في الحكم على هذه الدول ومجتمعاتها، عبر تهديدهم بـ “عصا المهاجرين” وأن بقاء الوضع الاقتصادي المتردي، واستمرار القبضة الأمنية، ومع استعار أزمة سد النهضة، كل هذا سيزيد من الهجرات غير الشرعية للهروب من الواقع المتردي في مصر، وينتقد الدعم الغربي لنظام السيسي وأن هذا الدعم سينعكس بالسلب على استقرار المجتمعات والدول في أوروبا وواشنطن. وتبدو اختياراته للموضوعات التي يطرحها في نقده للسيسي في الإعلام الغربي موفقة للغاية؛ فهو ينتقد تردي أوضاع حقوق الإنسان، وينتقد الفشل الواضح في ملف السياسات العامة وكيف يؤثر هذا الفشل على المجتمع ويزيد من معدلات الفقر والبطالة، ما يدفع الكثيرين للهجرة. وهو من جهة أخرى بدأ يراهن على قوى المعارضة المصرية، وسعى للتواصل معها، وقدم نفسه باعتباره منسق بين قوى المعارضة ولا يسعى لطرح نفسه كقائد للمعارضة أو بديلاً لها. فهو يسعى لإقناع قوى المعارضة بأنها يراهن عليها ويعتمد عليها، ولتفعيل هذا الجانب جاءت دعوته لتأسيس حركة جامعة، تضم مختلف ألوان الطيف السياسي، بشكل يتجاوز الاستقطاب القائم بين قوى المعارضة. ومن جهة أخيرة، هو يعمل جاهداً على الحفاظ…

تابع القراءة

مستقبل الانتخابات الرئاسية بالجزائر في ظل أزمة الثقة بين الحراك الثوري ومؤسسات الدولة

يرفض المتظاهرين في الحراك السلمي المستمر منذ نحو تسعة أشهر بالجزائر الانتخابات الرئاسية المقررة 12 ديسمبر المقبل، معللين ذلك بترشح عدد من قادة النظام السابق، تدخل الجزائر منعطفا خطيرا، قد يقود الثورة الجزائرية المتمسكة  بالسلمية لاستكمال حراكها حتى نهاية مسارها الديمقراطي إلى مآلات غير متوقعة، بصدام عنيف مع العسكريين الذين يقودون البلاد، نحو نتائج يريدونها تصب في جيبهم، أو حتى الانزلاق نحو عشرية سوداء جديدة. حيث تتمسك قيادة أركان الجيش بإجراء الانتخابات الرئاسية، فيما تذهب الحكومة المؤقتة إلى أن الانتخابات هي الحل الوحيد الذي يكرس الخيار الدستوري، للخروج من أزمة الفراغ السياسي القائم منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 إبريل الماضي. فيما لم يقدم الثوار أو القوى السياسية مرشحا متوافقا عليه يمنحونه ثقتهم بالانتخابات، وذلك لتمسكهم بإلغاء شكل المعادلة السياسية من الأساس، والتي يتحكم فيها العسكر حتى الآن، ويريدون فرضها على الجزائريين باستخدام رهانات معينة يرفضها الشارع الثائر؛ كالتخويف من الفراغ السياسي أو الأزمات الاقتصادية أو أن الثوار لا يملكون قوة ناظمة لهم، أو تصدير الأزمة الأمازيغية وربطها بالحراك بالشارع. بل يصف المعارضون تلك الانتخابات بأنها “مسرحية سمجة على الهواء الطلق”، مستشهدين بأن أسماء المرشحين الخمسة المنتمين جميعا للنظام السابق، سيحظون بشرعية شعبية بعد الانتخابات، لإعادة إنتاج النظام السابق.   حيث من المؤكد أن بعض الأخزاب القديمة القائمة ستكون المستفيد الأول من أية استحقاقات قادمة في ظل المقاطعة الكبيرة التي تبدو في أفق الحياة السياسية في الفترة الماضية والمقبلة. ويطالب ناشطو الحراك بأن تكون هناك “مرحلة انتقالية حقيقية” لا يشارك فيها أي من رموز النظام السابق ومسؤوليه، وأن أي انتخابات يجب أن تشرف عليها سلطة تنفيذية مستقلة، تنبثق عن حوار شامل مع كل قوى المجتمع. ويتبلور سؤال اللحظة، في الأوساط الثورية الجزائرية، حول: “كيف يمكن تنظيم انتخابات رئاسية بالقوة ورغم أنف الشعب الذي يرفضها رفضًا تامًا؟ بدليل تظاهرات شعبية تنطلق عند قاعات الدعاية الانتخابية أو أمام المؤتمرات التي يعقدها المرشحون في أي وقت.  وهو ما يضع الجزائر أمام مستقبل مجهول المآلات. بل إن إعادة إنتاج النظام السابق عبر 5 مرشحين ينتمون إليه، يضع الجزائر في موقف أكثر بؤسًا من ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة. !! مناخ سياسي ملبد وتعد الانتخابات الرئاسية التي دعت إليها السلطة للمرة الثالثة، في وقت قصير وهي تعيش حالة اضطراب قصوى مهمة للغاية، بعد أن فشلت السلطة في تنظيم استحقاقين انتخابيين في 18 أبريل و4 يوليو 2019؛ الأول منهما نتيجة الرفض الشعبي بعد ترشح بوتفليقة لها للمرة الخامسة، أما الثاني فقد ألغي بحجة عدم تقدم مرشحين له في الآجال القانونية نتيجة المقاطعة الشعبية الكبيرة التي قوبل بها. في المقابل، تقدم إلى هذه الانتخابات المفترض إجراؤها في 12 ديسمبر 2019، 143 مرشحًا حزبيًّا، وعدد كبير من المستقلين غير المعروفين على مستوى الساحة السياسية في الغالب، باستثناء بعض الوجوه الإعلامية، وقد عبَّروا عن نيتهم التقدم لها.  تمت غربلة 23 مرشحًا منهم فقط، وهم من تمكنوا من إيداع ملفاتهم شكليًّا لدى الهيئة المستقلة للانتخابات، ولم يبق منهم في المرحلة الأخيرة للترشح الرسمي إلا خمسة مرشحين استوفوا شروط الترشح الرسمي، والتي على رأسها جمع خمسين ألف توقيع تزكية مصادق عليها من قبل الإدارة المحلية في خمس وعشرين ولاية من ولايات الجزائر  البالغة ثماني وأربعين ولاية. ومن المتوقع أن تجري الانتخابات في إطار قانوني جديد جاء بعد الإعلان عن تكوين هيئة وطنية عليا وُصفت رسميًّا بالمستقلة للإشراف عليها وتنظيمها، بدل إدارة وزارة الداخلية.  وقد تم تنصيب هذه الهيئة بعدما سُمي بجولة الحوار الوطني التي قاطعتها القوى السياسية الرئيسة، وبعد الانتهاء من عملها بتسرع.  ولم يحظ هذا التنصيب بالإجماع الذي كان مطلوبًا في هذه التجربة السياسية الأولى التي يعول عليها كثيرًا لإحداث القطيعة مع النظام السياسي المرفوض شعبيًّا خصوصًا آليات عمله القديمة. حراك الشارع ويبقى الحراك الشعبي أهم متغير سياسي ميَّز هذه المرحلة التي شهدت استقالة الرئيس بوتفليقة واستقالة الكثير من الوجوه المرتبطة بنظامه، بل وصل الأمر إلى حدِّ سجن العديد منهم بتهم الفساد والتربح وسوء الإدارة، على غرار الوزيرين الأولين السابقين: أحمد أويحيى وعبد المالك سلال والعديد من الوزراء ورجال الأعمال المعروفين بعلاقاتهم برجال السلطة وحاشية الرئيس القريبة منه والتي كان على رأسها السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره. وظل الحراك يرفض بشكل واضح إجراء هذه الانتخابات الرئاسية، في تاريخها المعلن، 12 ديسمبر 2019، مشترطًا حزمة من المطالب، من بينها: ذهاب من تبقى من الرموز السياسية لنظام بوتفليقة، وفتح الساحة الإعلامية أمام الجميع وعلى رأسها المجال السمعي البصري، وإطلاق سراح المعتقلين من شباب الحراك، والتوقف عن التحرش الأمني بالمسيرات التي تنظم في العاصمة تحديدًا كل يوم جمعة.  كما طالبت أغلبية القوى السياسية والشخصيات المعارضة بإجراءات تكون على شكل تطمينات قبل الذهاب للانتخابات مما يخلق جوًّا توافقيًّا يسمح بمشاركة شعبية يوم الاقتراع، وهذا ما سيسمح باختيار رئيس يتمتع بقدر كبير من الشرعية.  وهي أمور لم تلبها السلطات العسكرية المتحكمة في المشهد الجزائري. وهو ما يخشى معه أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة اللعنةُ التاريخية التي ارتبطت بها الانتخابات في الجزائر، كما حصل في 1991 على سبيل المثال عندما كانت تلك الانتخابات من أسباب دخول البلاد في أتون الحرب الأهلية، بعد إلغاء التشريعيات التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ وهل ستنتقل الجزائر من انتخابات ملغاة إلى انتخابات دون مرشحين ومن ثم إلى انتخابات من دون مقترعين كما يمكن أن يحصل في ديسمبر المقبل؟ إصرار سلطوي وبدلا من التطمينات المطلوبة شعبيًّا، ذهبت السلطة الفعلية، عكس الاتجاه فزادت في عدد الاعتقالات، وأحكمت إغلاق الساحة الإعلامية بشقيها العام والخاص، ورفعت من منسوب التهديد والوعيد لفرض إجراء الانتخابات في تاريخها المعلن. ولهذا قاطع الكثير من الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات من مختلف الطيف السياسي، والتي كانت سباقة في وقت مضى للمشاركة في كل استحقاق، الدعوةَ لهذه الانتخابات وتحفظت عليها. رهانات المقاطعة وبحسب مراقبين، لم يُعوَّل يومًا وبشكل جدي داخل نظام سياسي على الانتخابات كوسيلة تغيير أو إنتاج نخبة سياسية بديلة أو مشاركة شعبية في الشأن العام.  فالشباب الذي يشكِّل أغلبية المجتمع الجزائري ابتعد مع الوقت وبشكل جلي ومتزايد عن المشاركة في هذا النوع من الانتخابات التي نادت بها السلطة تاريخيًّا، ولم يعد يشارك فيها إلا بنسب ضئيلة جدًّا.  والحال عكس ذلك بالنسبة لكبار السن الذين كانوا أكثر ارتباطًا بالخطاب الوطني الرسمي.  ونفس الحال بالنسبة لسكان المدن الكبرى والمتوسطة في الشمال على وجه الخصوص التي يعيش داخلها أغلبية الجزائريين (ثلثا السكان)، فهؤلاء السكان لم تعد تستهويهم هذه الانتخابات المحسومة النتائج مسبقًا.  وهذه الفئات الحضرية تحولت مع الوقت إلى القاعدة الأساسية لكل أنواع الحركات الاجتماعية المطلبية التي عرفها المجتمع الجزائري منذ سنوات.  كما أنه  كلما ابتعد الجزائريون عن الأمية وتحسن تعليمهم، زاد رفضهم للمشاركة في هذه النوع من الانتخابات التي…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022