مبادرة الطنطاوي..هل تكون خطوة نحو رؤية شاملة لمستقبل مصر؟

تظل مبادرة النائب الناصري أحمد طنطاوي، التي جاءت تحت سقف النظام الحاكم بمصر، حجرا مهما لتحريك المياة الراكدة في بحر السياسة الآسن في مصر في ظل الانقلاب العسكري. جاءت المبادرة، كمحاولة لتجاوز بعض    الخطوط الحمراء للنظام، والتي واجهها النظام باحالة النائب إلى لجنة القيم، تمهيدا لعزله من البرلمان، بدواعي تجاوز الخطوط الحمراء، للنظام، التي خطها رئيس البرلمان علي عبد العال، بأن الرئيس والدولة والجيش وتعديلات الدستور خطوط حمراء، لا ينبغي تجاوزها، على الرغم من أن الدستور كان عرضة للانتهاك بتعديلات لا دستورية، منذ أيام، حيث وصف –وقتها- بأنه ليس قرآنا ولا نصوصا مقدسة، وجرى تعديله بشكل هزلي.. وفي ذات الوقت، نالت مبادرة الطنطاوي انتقادات من أطراف معارضة، كونها تشرعن لحكم السيسي.. وهو ما يزيد الحياة السياسية جمودا على جمودها، حيث ضنت المعارضة على منحها ، مجرد الاستحسان، المشجع على الاستمرار في الأطروحات السياسية… نصوص المبادرة     وانطلقت مبادرة طنطاوي من مقولة السيسي، التي وجهها للبرلمان، في ظل سعيه لإظهار أن هناك سياسة ومعارضة –شكلية- في مصر..“عليكم مسؤولية وكل أمر محل شكوى لازم تتصدوا له وتعملوا لجان وتعملوا تقارير ويعلنوها للناس“. ..هكذا تحدث السيسي، قبل أيام، موجها خطابه لأعضاء مجلس النواب المصري، ومطالبا إياهم بتفعيل دور المجلس في مراقبة الحكومة.   وهو ما حدا بالطنطاوي ليتحرك، ظانا أن الأمر جاد، وأن هناك نية من النظام المصري لبدء مرحلة من الإصلاح السياسي في البلاد، فأطلق مبادرته.. وتتضمن مبادرة النائب عن دائرة “دسوق وقلين” بمحافظة كفر الشيخ، 12 بندا، أبرزها، وأخطرها على النظام المصري، ما يتعلق بإلغاء التعديلات الدستورية التي تسمح لـ”السيسي” بالبقاء في السلطة حتى 2030.   ودعا “الطنطاوي”، العضو السابق في حزب “الكرامة” المعارض، عبد الفتاح السيسي إلى مغادرة الحكم في عام 2022، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة لا يكون مترشحاً فيها أو منافساً، التزاماً منه بالتعهد الذي قطعه على نفسه مراراً بعدم الاستمرار في الحكم لأكثر من دورتين رئاسيتين. وطالب بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد، وتوفير حريات وتعددية حقيقية وإطلاق سراح المعتقلين، وإعادة هيكلة مؤسستي القضاء والداخلية، ومراجعة الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية التنازل عن جزيرتي “تيران” و”صنافير” للسعودية 2016.   لكن الأخطر، هو مطالبة المبادرة بمناقشة تضخم اقتصاد المؤسسة العسكرية، والذي يحظى بإعفاءات جمركية وضريبية، ولا يخضع لأية رقابة، كما لا تدخل موارده ضمن الموازنة الرسمية للدولة..   السياق السياسي   تلك المبادئ والمطالبات والحقوق التي تبناها الطنطاوي، مقدرة ومعتبرة، إلا أنها تأتي في ضوء الاستجداء السياسي لسلطة، دهست كل القيم وتجاوزت في قمعها الجميع، الذين ياتوا مجرد أرقام بلا قيمة في ضوء النظرة العسكرية للمجتمع المصري بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وهو ما يرفضه الكثير من المصريين الذين يريدون إزاحة نظام السيسي، لكن بلا آليات واضحة، وبلا استماع ولو للحظة من قبل النظام لتلك المطالب..   ولعل ما أكسب المبادرة زخما بعض الشيء، وفي الوقت ذاته قلقا حكوميا، تأييدها من قبل المقاول والفنان المصري المقيم في إسبانيا “محمد علي”، صاحب دعوات رحيل “السيسي”، عبر تسريب وقائع فساد وإهدار للمال العام، تورط فيها السيسي بمليارات الجنيهات.   لكن تحالف الأحزاب المصرية الذي يضم 40 حزبًا سياسيًا داخل النظام الحاكم، شن هجوما حادا على “الطنطاوي” ووصفه بأنه “دمية في يد الإرهابيين”، وأن مبادرته “محاولة مكشوفة يتستر خلفها من يسعون لهدم الدولة المصرية، خاصة جماعة الإخوان”..     زاد على ذلك، رئيس مجلس النواب “علي عبدالعال”، بالقول: “معنديش مبادرات.. واللي يعلن يعلن زي ما هو عايز في الجرائد.. ولا ألتفت إلى مثل هذا الكلام“.   وأضاف: “من يشكك  في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أو يطالب بالعدول عنها، إنما هو يشكك في شرعية المسؤولين الحاليين… ومن يتناول هذا الوطن أو القيادة السياسية بالسلب لا مكان له في مصر عموماً، وعليه أن يذهب بعيداً إلى بلد آخر، لأن هناك خطوطاً حمراء في هذا البلد لا يجب المساس بها على وجه الإطلاق“. وخلال جلسة سريعة بالنواب، الثلاثاء، 5 نوفمبر الجاري، تقرر إحالة “الطنطاوي”إلى لجنة القيم، بموجب طلب تقدم به 95 نائبا بالمجلس، وذلك للتحقيق معه، في إجراء قد يمهد لعزله وإسقاط الحصانة عنه.   تباين مواقف المعارضة   وتباينت ردود المعارضة المنقسمة في الداخل والخارج، بين مؤيد ومتحفظ ومعارض، حيث اعتبر النقابي المصري، “أحمد رامي”، أن المبادرة نزلت بسقف طموحات المصريين، لكنه عبر عن الترحيب بها من حيث المبدأ، كدعم لأي حراك سياسي قد يكون بداية لحراك أكبر.   لكن رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، “عمرو عادل”، اعتبر أن المبادرة لا تختلف عما حدث قبل ذلك، وستنتهي كما انتهت مبادرات سابقة، محذرا من أي مبادرة تخرج من برلمان تم اختياره بعناية من قبل الأجهزة الأمنية. بينما كان الصمت لسان حال قوى أخرى، أبرزها “الإخوان” و”6 أبريل”، ربما في انتظار ما ستسفر عنه المبادرة، أو ظنا بأنها ستلقى مصير مبادرات مماثلة للمصالحة الوطنية، طرحها القيادي الإخواني السابق “كمال الهلباوي”، وأستاذ علم الاجتماع السياسي “سعد الدين إبراهيم”، والأكاديمي المعروف “حسن نافعة”، وكلهم لاقوا مصير التجاهل أو النفي أو الاعتقال.   أما الحركة المدنية، التي تضم عدة أحزاب ليبرالية ويسارية، فعبرت عن تأييدها للمبادرة، معتبرة عبر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي “مدحت الزاهد”، أنها تتضمن توجهات إصلاحية.   وأضاف “الزاهد” أن المبادرة تتفق مع ما أطلقته الجمعية العمومية للحركة، الشهر الماضي، من مطالب أهمها الإفراج عن سجناء الرأي ورفع القيود عن الحريات، وزيادة المعاشات والأجور وتطوير خدمات التعليم والإسكان والصحة وشبكة الأمان الاجتماعي وإصلاح النظام الضريبي. ومنذ أكثر من 6 سنوات، تزخر الساحة السياسية في مصر، بمبادرات لحقن الدماء، ووقف حملات القمع بحق المعارضة، وإطلاق الحريات، وتعزيز حرية الإعلام، واستقلال القضاء، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة، لكنها ذهبت أدراج الرياح.   جدل حول الطنطاوي   واشتهر “الطنطاوي” بانتقاد الحكومة والأوضاع السياسية والاقتصادية في كلمات له تحت قبة البرلمان، وتصريحات إعلامية، مما جعله هدفا لعدة بلاغات تقدم بها محامون مؤيدون للنظام، تطالب بتجريده من الحصانة البرلمانية والقبض عليه، بتهمة إهانة الرئيس ونشر أخبار كاذبة ضد الدولة. فيما يرى بعض المعارضين أن الطنطاوي وصل إلى البرلمان بدعم أطراف في النظام، وأنه مجرد واجهة ديكورية لإظهار أن النظام يقبل بالمعارضة والآراء الأخرى.. بينما يرى آخرون،  أن الطنطاوي وغيره من تحالف 25/30، شخصيات سياسية حاول النظام استغلالهم والأتيان بهم عبر ترتيبات أمنية مخابراتية، مباشرة وغير مباشرة، إلا أنهم خرجوا عن النص ورفعوا مستوى المعارضة متجاوزين التوجيهات أو المستوى الذي كانت تخطط له المخابرات العامة، بخلق برلمان شبه متوازن، يحتوي على معارضين دون سقف النظام.. وهو ما ينبغي البناء عليه بتغيير نظرة المعارضة للطروحات التي تأتي بها المعارضة بالداخل، والتي لن تتجاوز حدودا معينة، لعدم اغضاب النظام بصورة كبيرة، غير الطروحات التي تأتي ممن هم خارج مصر.. الحلول الثورية…

تابع القراءة

الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري بالأمم المتحدة..انتهاكات بالحملة تحميها المصالح السياسية

معركة النظام المصري لكسر عظام المدافعين عن حقوق الانسان قبل الاستعراض الدوري بالأمم المتحدة على الرغم من اقتراب موعد الاستعراض الدوري الشامل لملف مصر لحقوق الانسان ، أمام  مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف في 13 نوفمبر الجاري، إلا أن الانتهاكات الحقوقية تتواصل بحق الجميع في مصر، من اعتقالات وتعذيب للمعتقلين واعلان تصفيات خارج إطار القانون لما تسميهم السلطات المصرية “مسلحين”، سواء في سيناء أو غيرها من المحافظات المصرية، أو اعتقال نساء وفتيات من وسائل المواصلات، أو من خلال توقيفهن بالشوارع والميادين وفحص تليفوناتهن، بجانب استهداف المدافعين عن حقوق الانسان، والنشطاء والسياسيين، الذين يخرجون من قضية ليدخلوا غيرها، بعد استئناف النيابة على قرارات الافراج عنهم.   وتستعد مصر للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في دورته الرابعة والثلاثين، في «جنيف»، وسط سيل من تقارير  حقوقية دولية واقليمية ومحلية فاضحة لسجلها الحقوقي، عبر المنظمات الحقوقية الدولية والمستقلة، تقابلها تقارير تجميلية حكومية واتصالات سياسية مع السفارات الغربية والمؤسسات الدولية والفاعلين بالمجال الحقوقي، وقرارات سياسية تجميلية، كإلغاء 4 دوائر مختصة بقضايا الإرهاب، واصدار بعض قرارات العفو الرئاسي ، شملت قليل من السياسيين الذي قاربوا على الانتهاء من قضاء مدد حبسهم، وكثير من الجنائيين، أشهرهم البلطجي صبري نخنوخ..   بجانب حملة تكسير عظام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان داخل مصر، وصلت للاعتداءات البدنية على الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وسرقة سيارته وهاتفه المحمول، واعتقال المحامي محمد الباقر من داخل النيابة العامة أثناء دفاعه عن الناشط علاء عبد الفتاح، واعتقال الناشطة إسراء عبد الفتاح من سيارتها بالشارع، وتعريضها للتعذيب البدني والنفسي الشديد..   تحركات دبلوماسية وعقدت الخارجية المصرية، 31 أكتوبر الماضي، سلسلة من اللقاءات مع السفراء المعتمدين لدى مصر، اختتمها باجتماع موسع مع سفراء الدول الغربية، وقدّم أحمد إيهاب جمال الدين مساعد وزير الخارجية خلال هذه الاجتماعات عرضاً حول الاستعدادات المصرية للاستعراض الدوري الشامل. بجانب وعود أطلقها مساعد وزير الخارجية للسفراء الأجانب بأن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية ستبدأ عملها قريبا، من أجل صياغة استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، والنظر في الخطوات المؤسسية والتشريعية المطلوبة، وتعزيز التواصل الإعلامي في الداخل والخارج، بالإضافة إلى بناء القدرات والتدريب، ونشر ثقافة حقوق الإنسان وإدماج مبادئها في المراحل التعليمية المختلفة..     ومن المقرر أن يرأس الوفد المصري بالأمم المتحدة المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، لتقديم تقرير مصر حول ما أنجزته في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأربع الأخيرة. من جهته، قال علاء شلبي، رئيس المنظمة للعربية لحقوق الإنسان، إن مصر نفذت 223 من إجمالي 300 توصية، للمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أبرزها إصدار قانون العمل الأهلي (إلا أن اللائحة التنفيذية لم تصدر حتى الآن) ، وإصدار قانون النقابات العمالية (والذي نال انتقادات حقوقية جمة لنزع الدسم والفعالية من النقابات، وإلغاء النقابات المستقلة بجانب زيادة الصعوبات الإجرائية أمام العمال لتشكيل نقاباتهم أو تنظيماتهم العمالية).. وأكد «شلبي» خلال كلمته في الملتقى الدولي الـ13 لمنظمات المجتمع المدني، أن هناك كثافة في الملاحظات الواردة من منظمات حقوقية دولية بشأن الاختفاء القسري في مصر، ويجب الرد عليها، وحتى تتمكن الدولة من ذلك يجب إنشاء قاعدة بيانات للمحتجزين، وتفعيل آلية رصد حالات الاختفاء القسري من قبل النيابة العامة، والنيابة أعلنت اتجاهها لإنشاء هذه الآلية بالفعل..وهو ما لم يحصل حتى الآن، وسط تزايد أعداد المختفين قسريا، الذين باتوا أكثر عرضة للتصفية الجسدية في أي وقت، أو ادراجهم في قضايا لا يعلمون عنها شيئا.. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في «جنيف»، أصدر في 7 نوفمبر 2014، تقريرًا يتضمن 300 توصية إلى مصر، بغية تحسين ظروف حقوق الإنسان لديها، مما أثار ضجة امتزجت كبيرة بسخرية واسعة، إذ توقع البعض دخول مصر موسوعة «جينيس» على إثر تدخل 125 دولة بـ300 توصية بمراعاة حقوق الإنسان لديها.   وتضمنت أبرز التوصيات التي عرضها التقرير الحقوقي بشأن مصر في 2014،  «معاقبة قوات الأمن جراء جرائم التعذيب التي ارتكبتها، وضمان عدم تعرض المعتقلين لأي تعذيب أو معاملة سيئة، والتحقيق في كافة المزاعم المتعلقة بتعذيب المعتقلين والمحتجزين، والتصدي لظاهرة العنف ضد المرأة، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية قضايا متعلقة بحرية الرأي، والإفراج العاجل عن الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإقرار قانون جديد خاص بالمؤسسات الأهلية، يتواءم مع المعايير الدولية، وإلغاء عقوبة الإعدام».   فيما جاءت ردود الوفد المصري حينها أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي، بعبارات فضفاضة وتجميلية للواقع المرير من عينة، الزعم بعدم وجود صحفي محتجز في مصر بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير ، على الرغم من تقارير حقوقية ثبوتية بوجود اكثر من 90 صحفي معتقل، آنذاك، منهم ؛ محسن راضي وهشام جعفر وإبراهيم الدراوي…وغيرهم..   فيما زعم ممثل النيابة العامة في وفد مصر بجنيف، إن الحكومة المصرية تدرس إمكانية تغيير بعض مواد قانون التظاهر، وهو ما لم يت حتى اللحظة، مضيفا: “لا يوجد محبوس في مصر دون أمر قضائي” وهو ما يتعارض مع كم الاعتقالات الكبيرة التي تمارس، ثم يحال بعدها المعتقلون لقضايا هلامية…   وأثارت وقتها، الردود المصرية موجة من الانتقادات الحقوقية الدولية، بدأتها منظمة العفو الدولية في بيان لها، أكدت خلاله أن “محاولة النظام المصري الدفاع عن سجل حقوق الإنسان، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان، كانت «مثيرة للسخرية».   أوراق المنظمات الحقوقية   ومن جهة أخرى ، تستعد المنظمات الحقوقية لعرض انتهاكات مصر في المؤتمر المقبل، حيث أعدت منظمة «العفو الدولية» تقريرا جديدا مفصلا ستعرضه على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ، لمواجهة الوفد المصري به، يتناول متابعة لتنفيذ مصر التوصيات السابقة من عدمه، ووضع حقوق الإنسان حسب القوانين التي تمك تعديلها في الدستور المصري، ثم وضع هذه الحقوق على أرض الواقع وتحويلها من المساق المكتوب إلى المساق الحقيقي، ثم توصيات جديدة.   ومن أبرز الانتهاكات التي ستُواجه مصر بها: انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب باسم مكافحة الإرهاب، التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، المحاكمات الجائرة، الإفلات من العقاب، عدم التعاون مع آليات الأمم المتحدة.   بالإضافة إلى الإعدام خارج نطاق القضاء، والإفلات من العقاب، وعقوبة الإعدام، والتمييز والعنف الجنسي، وحرية التجمع، والاختفاء القسري.     ومن المتوقع أيضا، أن يتم مواجهة مصر بقضايا أثارت الرأي العام محليا وعالميا مثل؛ قضية الباحث الإيطالي «جوليو ريجيني»، ووفاة الرئيس «محمد مرسي» في قاعة المحكمة، وتصفية مئات المعارضين بذريعة الحرب على الإرهاب، واعتقال أكاديميين ورجال أعمال وقيادات عسكرية وغيرهم، ووفاة معتقلين بالموت البطيء بسبب ما يتعرضون له من إهمال طبي.       وكانت 6 منظمات حقوقية دولية ومصرية، ضمنهم «النديم» و«عدالة»، قد استبقت مراجعة ملف مصر الحقوقي أمام الأمم المتحدة بإصدار تقرير مشترك حول أوضاع الاحتجاز في السجون المدنية والعسكرية وعن جرائم التعذيب…

تابع القراءة

أبعاد التوافق الفلسطيني حول إجراء  انتخابات تشريعية ورئاسية

بعد طول انتظار طويل، ومماطلة من جانب حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية، المنتهية ولايته، محمود عباس، بالتلكؤء إزاء  إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، أعلن عباس موافقته على إجراء الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية بفارق زمني لا يزيد على 3 أشهر ، فيما أبدت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة توافقا تاما في اجتماعها مع وفد اللجنة المركزية للانتخابات، يوم الأحد 3 نوفمبر 2019، على إجراء الانتخابات. وهو ما يعد خطوة على طريق التوافق الوطني وإنهاء الانقسام الفلسطيني. وهو ما اعتبرته حركة حماس على لسان رئيسها يحي السنوار “خطوة للخروج من المأزق الذي تمر به القضية الفلسطينية”، مشيرا  إلى أن “الانتخابات التي نتحدث عنها ستجري في الداخل والقدس يجب أن تكون على رأس النقاش والتباحث ولا انتخابات بدونها، ولن نسمح للاحتلال الإسرائيلي بتعطيل إجراء هذه الانتخابات”.. داعيا لأن “يكون للفلسطينيين في الشتات دورهم في اختيار القيادة الفلسطينية ونحن إيجابيون وسنذلل كل العقبات التي من شأنها أن تقف في وجه هذا المسار”… وتأتي موافقة حماس كبادرة حسن نوايا، بعد اتهامات من جانب عباس لها بتعطيل مسار الانتخابات، برفضها إشراف المحكمة المركزية على الانتخابات، وهو ما كانت ترفضه حماس، خشية التزوير. وبحسب مراقبين، قدمت حماس العديد من الإجراءات التي استهدفت التعامل الايجابي مع الشأن الداخلي الفلسطيني، حيث تخلت عن حقها في إدارة الشأن الحكومي عام 2014 برغم أغلبيتها التشريعية، وحلت اللجنة الإدارية وسلمت المعابر عام 2017.   وأعلنت الفصائل خلال اجتماع مع وفد اللجنة، الاثنين الماضي، موافقتها على إجراء الانتخابات العامة دون تزامن بفاصل زمني لا يزيد عن 3 شهور بين الانتخابات التشريعية والرئاسية. وجاءت  الزيارة الثانية للجنة الإنتخابات المركزية، خلال اسبوع، وسط ترحيب من الجامعة العربية،  حيث اجتمعت مع قادة الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني للاستماع لرأيهم حول الانتخابات التي أعلن عنها الرئيس محمود عباس نهاية اغسطس الماضي . من جانبه، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن قيادة حماس والفصائل الفلسطينية، تلقت رداً من الرئيس محمود عباس بالموافقة على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية . وقال في هذا الصدد: “أكدنا أن تكون الانتخابات شاملة نبدأها بالرئاسية والتشريعية وصولا إلى إعادة بناء المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ باعتبار ذلك استحقاقا وطنيا داخل فلسطين وفي الشتات“.   وفي 27 أكتوبر الماضي،  وصل وفد اللجنة إلى القطاع، في زيارة استمرت 3 أيام. وعقد وفد اللجنة آنذاك، اجتماعاته مع حركة “حماس” والفصائل، تباحثوا خلالها حول إجراء الانتخابات التشريعية أولا، على أن يتبعها الانتخابات الرئاسية، بفارق زمني لا يزيد على 3 أشهر، حسب بيان سابق صدر عن اللجنة. وأعلنت حركة “حماس”، موافقتها على عدم تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو الموقف الذي كانت ترفضه سابقا.   وعقدت آخر انتخابات رئاسية في 2005، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية 2006.   دوافع الذهاب للانتخابات   ولكل نشكيك كثير من الخبراء حول جدية عباس في الذهاب إلى خيار الانتخابات العامة، يستوجب الوقوف  على أبعاد القرار، وأهدافه ودوافعه…وهو من ماطل كثيرا وسعى لاستمرار الانقسام لضمان سيطرته على الضفة ومزايا التعاون مع إسرائيل في مواجهة حماس ومشروع الفصائل المقاوم..   أسباب القرار ويأتي في مقدمة دوافع عباس للذهاب لخيار الانتخابات، واقع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وما وصلت إليه عملية التسوية ربما يفسر جزئياً مسعى رئيس السلطة لإجراء انتخابات، فالسلطة الفلسطينية ومشروعها السياسي ومنذ سنوات تعاني من فراغ سياسي يسند شرعيتها، ويُبقي على أسباب وجودها، وهذه مسألة جوهرية بالنسبة للسلطة على الأقل أمام الشعب الفلسطيني، فقد انتهت عملية التسوية عملياً مع انهيار مفاوضات كامب ديفيد صيف عام 2000 واندلاع انتفاضة الأقصى، ومعها تراجع حضور السلطة وانحسرت مكانتها تدريجيا، وتآكلت صلاحياتها السيادية التي نصت عليها اتفاقيات أوسلو، ومع صعود اليمين الاستيطاني المتطرف لسدة الحكم تصاعدت الهجمة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس، حتى انتشر سرطان الاستيطان في جسد الضفة، وتلوى جدار الفصل العنصري في عمق الضفة الغربية بما يشبه الثعبان، بحيث يستحيل معه تحقيق حل الدولتين؛ الركن الأساس في مشروع السلطة السياسي، وتسارعت خطوات التهويد وتزوير الذاكرة والمعالم العربية والإسلامية التاريخية في مدينة القدس، مع اقتراب حسم المسجد الأقصى لصالح مخطط الفصل الزماني والمكاني التوراتي التهويدي، وهي العاصمة المستقبلية برمزيتها الإسلامية والتاريخية للدولة الفلسطينية، ولكن ورغم هذه الهجمة المنظمة المخططة على الشعب الفلسطيني ومقدراته وعلى السلطة الفلسطينية نفسها، إلا أن علاقة السلطة الفلسطينية مع إسرائيل لم يطرأ عليها أي تراجع، خاصة التنسيق الأمني ومواجهة فصائل المقاومة، والتنازلات التي قدمتها حركة فتح باسم منظمة التحرير بالاعتراف بإسرائيل والتخلي عن نهج الكفاح المسلح، وقد لجأت السلطة بعدما تأكدت من خسارتها لأي مواجهة مع إسرائيل، إلى التشبث بالشرعية الدولية والسعي نحو توسيع قاعدة الاعتراف الدولي بالسلطة الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بالمشاركة في مؤسسات الأمم المتحدة، ومطاردة إسرائيل في المحافل الدولية ورفع دعاوى قضائية في محكمة الجنايات الدولية، وهذه أيضاً وصلت إلى طريق مسدود مع تربص الإدارة الأميركية وحلفاء إسرائيل المقربين من دول الاتحاد الأوروبي بالسلطة الفلسطينية وتحركاتها على الساحة الدولية، وبالتالي فإن السلطة ومع انحسار هامش خياراتها أمام إسرائيل وجدت نفسها في حالة انكشاف سياسي، لا بد من تداركه ولو بإجراءات شكلية توحي بالحركة السياسية، وبالحيوية النضالية، وبالفعالية الاستعراضية، وهو ما تحققه الانتخابات، حتى لو لم تجر الانتخابات فإن السلطة قد كسبت بعضاً من الوقت بإشغال الجمهور الفلسطيني بمسألة الانتخابات ومشاركة الفصائل الفلسطينية فيها، وإشاحة الأنظار ولو مؤقتاً عن التحديات المصيرية التي تعجز السلطة عن التعاطي معها وتسبب إحراجاً لها.     وايضا لم تكن حركتا فتح وحماس على وفاق وانسجام في ظل التنافس النضالي الميداني، وعلى إثبات الحضور والفعالية الجماهيرية، والخلاف لم يقتصر على التنافس، بل يرجع بالأساس إلى تناقض الرؤى والتوجهات، وتصادم برنامجين، برنامج منظمة التحرير التسووي، ومشروع المقاومة المسلحة الذي يستند إلى المرجعية الإسلامية، واتخذت العلاقة منحى آخر بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، ورفض حركة فتح التعاطي مع نتائجها الذي أدى إلى تدهور الأوضاع وتصاعدها إلى الصدام المسلح الذي انتهى بسيطرة حماس على غزة. طبعاً حركة فتح اعتبرت ما حدث في غزة انقلابا، ومنذ العام 2007 والسلطة الفلسطينية تتعامل بمنطق عدائي مع قطاع غزة، وساهمت في فرض الحصار، الذي تقاطعت فيه ربما عن غير قصد مع إسرائيل والغرب والنظام العربي الرسمي. حماس من جانبها، تعاملت مع حركة فتح بالمنطق نفسه ولكن ليس بمستوى ما يحدث في الضفة الغربية. وقد حاولت السلطة نزع الشرعية عن حركة حماس بمحاربتها دون هوادة في الضفة الغربية، وبمحاصرتها سياسياً ونزع أي صفة تمثيلية عن سلطتها في غزة، وفي هذا السياق أصدرت المحكمة الدستورية العليا في الضفة ديسمبر 2017 قراراً بحل المجلس التشريعي، مع تحويل صلاحيات المجلس وبقرار غير معلن إلى المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير، وفرضت السلطة الفلسطينية عقوبات صارمة في مارس 2017 تحت شعار “تقويض سلطة…

تابع القراءة

موجة جديدة من ثورات الربيع العربي

بقلم: حازم عبد الرحمن في أواخر عام 2010 ومطلع 2011 بدأت ثورات الربيع العربي على الفساد وغياب الحريات وسوء الأحوال المَعيشية، في معظم البلاد العربية، وكانت البداية من تونس التي اندلعت ثورتها على أثر إحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، وعدم تمكنه من تأمين قوت عائلته، ونجحت الثورة في خلع دكتاتور تونس الراحل زين العابدين بن علي،  وبعدها بأيام نجحت ثورة 25 يناير في إسقاط حكم المخلوع حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية التي انتهت بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، وتلتها الثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي.   وبعد نجاح الموجة الأولى من الثورات العربية في خلع أربعة من الحكام الدكتاتوريين, تداعى أعداء الشعوب العربية من الصهاينة وأنظمة الحكم العميلة المعادية لحريات الشعوب, وتكفلت السعودية والإمارات برعاية الانقلاب على إرادة الشعوب التي بدأت خطواتها الأولى في طريق الحرية والانعتاق من الاستبداد؛ فوقع الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 على الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر, وجرى ارتكاب المذابح التي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء الذين خرجوا مدافعين عن حريتهم وإرادتهم, وفي اليمن تم إغراء جماعة الحوثي باجتياح العاصمة صنعاء, وطرد أول رئيس يمني بعد الثورة ليعيش أسيرا لدى السعودية ينفذ إملاءات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي عهد السعودية محمد سلمان تحت لافتة الحكم الشرعي, في حين يجري التآمر لتقسيم اليمن, وزرع الفتنة بين مكونات شعبه, وعلى نفس النهج تم ارتكاب جريمة الانقلاب العسكري الذي لم ينجح في ليبيا, وما زالت الحكومة الشرعية في طرابلس تتصدى لميليشيات الجنرال العميل خليفة حفتر, والمرتزقة الذين جلبهم بتمويل إماراتي سعودي, وموافقة أمريكية فرنسية. وبرغم المؤامرة على تونس وتجربتها الديمقراطية, إلا أنها نجت من استهدافات الثورة المضادة, وما زال بها بقايا نظام بن علي القمعي التي ترتبط تماما برعاة الانقلابات على الربيع العربي, وأصبحت تونس اليوم في عداد الدول الديمقراطية, وشهدت انتخابات حرة عديدة أسفرت عن اختيار رؤساء بنزاهة تامة, فجرى انتخاب المنصف المرزوقي رئيسا لأول مرة بعد خلع بن علي دون شوائب التزوير, وتلاه فوز الباجي قائد السبسي , ثم الرئيس الحالي قيس سعيد , مع برلمانات وحكومات منتخبة تمثل إرادة الشعب التونسي. * تراجع الثورة المضادة ويبدو أن استعصاء تونس على الثورة المضادة , ومن بعدها صمود الحكومة الليبية الشرعية في طرابلس كانا بداية تراجع الانقلابات العسكرية على إرادة الشعوب العربية, وقد انشغلت كل من السعودية والإمارات في مشاكلهما مع إيران واليمن, خاصة بعد أن طالتهما تهديدات ميليشيا الحوثي التي قصفت العمق السعودي وأصابت وعطلت إنتاج شركة أرامكو ( وهي الشركة السعودية الوطنية للنفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والأعمال المتعلقة بها من تنقيب وإنتاج وتكرير وتوزيع وشحن وتسويق ), وقد ساءت أخيرا علاقة محمد بن سلمان مع عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري, وتوقف الإمداد البترولي المجاني, ومن قبله مليارات الدولارات,  وقد شهدت مصر موجة احتجاج جديدة، بمعزل كامل عن الأحزاب والقوى السياسية التقليدية, وهو احتجاج لمواطنين سقطوا تحت خط الفقر والقمع والاستبداد. ، ولم يعد ممكنا للولايات المتحدة بإدارة ترامب أن تقدم الكثير من الدعم لهذه الأنظمة الدكتاتورية, كما لم تعد الشعوب العربية تذكر السعودية والإمارات إلا  بجرائمهما وسوء  فعالهما ضد أحلام الشعوب بالحرية, وقد بات من الواضح أن الثورة المضادة في العالم العربي تمر بأضعف أحوالها، والأنظمة التي دعمتها تبدو هي الأخرى في أسوأ حال، وهي تسجل فشلاً تلو الآخر بعد أن أنفقت مليارات الدولارات على الحروب والسلاح وتمويل الانقلابات، والأمر المؤكد أن المنطقة العربية تستأنف اليوم موجة التغيير والتحرر، لأن شعوبها تستحق أن تعيش في ظل أنظمة ديمقراطية حرة ومنتخبة، وهذه هي سنة التاريخ. *الموجة الجديدة تعيش البلدان العربية الآن موجة ثورية جديدة تمتد من الجزائر غربا إلى العراق شرقا, ومن سورية ولبنان شمالا إلى اليمن والسودان جنوبا, ويخطئ من يتصور أنها مجرد احتجاجات أو مظاهرات عابرة لمطالب محدودة؛ فالشعب الجزائري يواصل حراكه منذ 22 فبراير 2019 في جميع أنحاء البلاد للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة؛ وقد حقق الحراك السلمي حتى الآن انتصارات كبيرة على منظومة الحكم العسكري التي مازالت تراوغ للاستمرار في مقاعدها ومصادرة حق الشعب في الحرية واختيار من يمثله دون وصاية من الجنرالات. ويشهد العراق منذ أول أكتوبر 2019 مظاهرات في بغداد وبقية محافظات جنوب العراق احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد الإداري والبطالة. ووصلت مطالب المتظاهرين إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة. وندّدوا أيضاً بالتدخل الإيراني في العراق وحرق العديد منهم العلم الإيراني. وقد واجهت القوات الأمنية هذه المظاهرات بعنف شديد, وقد تغير المزاج الشعبي في العراق بعدما رأى الدولة تسقط في قبضة المليشيات, وتخضع لمرجعيات طائفية خارج الحدود. وفي لبنان سئمت الأجيال الجديدة نظام المحاصصة الطائفية البغيض الذي يقدس الطائفة على حساب الوطن, والذي أفرز أمراء وبارونات في كل طائفة أصبحوا يستحوزون على كل المخصصات والمنافع في حين أن باقي الطائفة باتوا منبوذين بعيدا عن مراكز الهيمنة على المحاصصة الطائفية, وما تحتاجه هذه المراكز والقيادات والتكتلات السياسية الطائفية من اقتناص للخدمات وتعزيز لنفوذها على حساب الدولة ومؤسساتها، من أجل استمرار الحصول على ولاء الجمهور, وأصبحت الأجيال الجديدة من اللبنانيين تتوق إلى “مواطنة بلا طائفية” وأحزاب سياسية حقيقية تقدم برامج لنهضة الوطن وليس كما يجري في ظل النظام الطائفي الذي جعل دولا خارجية مثل السعودية وإيران وفرنسا هي صاحبة القرار في الداخل اللبناني, بعيدا عن الحق الأصيل للشعب. وبرغم أن هناك غالبية ساحقة من اللبنانيين المتضررين من الفساد والنظام الطائفي الفاسد، وهي تشمل مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية والطوائف والمناطق فإنه لا يمكن القول بأن أسباب استمرار الحراك المدني في لبنان ونجاحه متوافرة تلقائيا، لكنه يضع الحراك في السياق السياسي العام ويؤمن له الرؤية للاستمرار وحسن التعامل وادارة الامور نحو تغيير طويل المدى وتدريجي من أجل بناء الدولة المدنية الديموقراطية، دولة الحق والقانون والمؤسسات والعدالة, بدلا من النموذج الطائفي البغيض. وفي اليمن, ورغم كل المآسي التي ذاقها على يد السعودية والإمارات, أصبح هناك وعي كامل بما نال البلاد جراء انقلاب الحوثي, المدعوم من إيران, وما تبعه من تدخل الإمارات والسعودية, وانكشاف أطماعهما في ثروات اليمن وموانئه؛ مما صنع رأيا عاما لدى اليمنيين بأن بلدهم تحت الاحتلال ولا بد من ثورة جديدة لتحريره.  وفي السودان تم التخلص من الانقلاب العسكري الذ قاده البشير قبل ثلاثين عاما, لكن الطريق ما زال غير معبد, ويحتاج إلى المزيد من العمل لتمكين الشعب من تحقيق أحلامه؛ فما زال للعسكر وجود قوي وخطير في السلطة, لكن الشعب السوداني تغير كثيرا من ناحية نظرته إلى ضرورة الحكم المدني بعيدا عن وصاية العسكر….

تابع القراءة

القمة الروسية الإفريقية…محاولة لاستعادة النفوذ السوفيتي تصطدم بالمصالح الغربية

تحت شعار “من أجل السلام والأمن والتنمية”، انعقدت القمة الروسية الافريقية بمنتجع سوتشي الروسي، يومي 23 ،24 أكتوبر الماضي، بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعبد الفتاح السيسي بوصفه رئيس الاتحاد الافريقي في دورته الحالية، وبحضور نحو 54 رئيس دولة وحكومة أفريقية.   وأسفرت القمة عن توقيع عقود تجارية كبرى، واتفاقات لتحقيق شراكة استراتيجية بين الطرفين. وعكس البيان الختامي للقمة التوصل إلى اتفاقات لتعزيز التعاون في المجالات المختلفة، وأعلن بوتين في مؤتمر صحافي ختامي، أن الأطراف اتفقت على تحويل القمة الروسية – الأفريقية إلى آلية ثابتة لتعزيز الشراكة، مع الاتفاق على عقد لقاءات مماثلة، مرة كل 3 سنوات، وبالتناوب في استضافتها بين روسيا وأحد بلدان القارة، مع وعود  روسية بإمكانية زيادة حجم التجارة بين روسيا وأفريقيا، الذي يبلغ حالياً نحو 20 مليار دولار، إلى 40 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة. كما أشار إلى أن الشركات الروسية مستعدة للتعاون مع الشركاء الأفارقة في مجالات، مثل تحديث البنية التحتية، وتطوير أنظمة الاتصالات، والتكنولوجيا الرقمية، مشدداً على أن الشركات الروسية توفر أحدث التقنيات والخبرات للشركاء في أفريقيا. فيما أعلن أنطون كوبياكوف مستشار الرئيس الروسي أن حجم الصفقات المبرمة قد بلغ 13 مليار دولار، مشيراً إلى أنه شارك في فعاليات المنتدى أكثر من 104 دول وكيانات أجنبية، إلى جانب الدول الأفريقية. وكان الكرملين أشار إلى توقيع أكثر من 30 عقداً ومذكرة تعاون مع بلدان القارة الأفريقية. وأبرز ما أعلن عنه هو إطلاق صندوق استثماري مشترك بقيمة 5 مليارات دولار، وعقد مهم لشركة السكك الحديدية الروسية مع مصر، تبلغ قيمته الإجمالية نحو مليار دولار، فضلاً عن عقود عسكرية كبرى مع عدد من بلدان القارة الأفريقية.   وكان الرئيس فلاديمير بوتين شدد في افتتاح أعمال المنتدى على أن روسيا «مصممة على تعزيز وجودها في القارة»،وهو ما يلخص أهداف القمة الأولى من نوعها.   وتفتح القمة الباب واسعا إمام تعميق النفوذ الروسي بافريقيا، على الطريقة الصينية التي تتوسع بشكل متسارع في العمق الإفريقي..   الإرث السوفييتي   وبحسب مراقبين سياسيين، تأتي القمة كمحاولة روسية للحاق بركب التنافس الاقتصادي على ثروات القارة السمراء وأسواقها، مستغلة الإرث السوفييتي، وصعود دورها العالمي..بعد سنوات التسعينيات “العجاف” التي شهدت انهيار الاتحاد السوفييتي وتخلي وريثته روسيا عن معظم حلفائه في حقبة صعود الإصلاحيين وما رافقها من انهيار اقتصادي وانكفاء عن العالم. حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة مع وكالة “تاس” أن بلاده “ستعود إلى أفريقيا وترغب بالتعاون مع دول القارة بطريقة حضارية وفي إطار القانون”، مشدداً على أنه “لا نسعى لتوزيع ثروات القارة، ولكننا نريد التنافس على التعاون مع أفريقيا”، وأن “التنافس يجب أن يكون حضارياً” وأن يتم في الإطار القانوني. وفي تذكير بالخطاب السوفييتي، قال بوتين “تفضّل بعض الدول الغربية الضغط والابتزاز بدلاً من التعاون المثمر مع الدول ذات السيادة الأفريقية. لذلك يحاولون إعادة المستعمرات المفقودة “في غلاف جديد” من أجل الحصول على أرباح كبيرة”، مضيفاً “إنهم يسعون جاهدين لاستغلال القارة من دون اعتبار للأشخاص الذين يعيشون هناك والمخاطر البيئية وغيرها”. وأشار الرئيس الروسي إلى أنه ليس فقط أوروبا الغربية والولايات المتحدة والصين تهتم بمشاريع مشتركة مع الدول الأفريقية، مؤكداً أن أفريقيا “قارة الفرص، التي تجذب تركيا والهند ودول الخليج وإسرائيل وغيرها من البلدان المتقدمة”، لافتاً إلى اتفاقات عسكرية تربط روسيا مع 30 بلداً أفريقياً. وخلص إلى أن موسكو مستعدة للتعاون مع أفريقيا في محاربة الإرهاب والجريمة وتجارة المخدرات والهجرة، وأن “أجندة موسكو الأفريقية موجّهة نحو المستقبل ولا تقبل الألعاب الجيوسياسية“.   ويبدو أن موسكو قررت تكرار تجارب القوى العظمى الأخرى بعدما كانت مترددة، فالصين عقدت مؤتمرات قمة مع القادة الأفارقة منذ العام 2000. وفي عام 2018، وقّعت في منتدى التعاون الصيني الأفريقي نحو 150 اتفاقية تعاون، وانضمت 28 دولة أخرى في المنطقة إلى المشروع الصيني “الحزام والطريق“. وفي العام الماضي، وفي تصريحات أثناء جولة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على عدد من البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، اقترح لافروف على أديس أبابا تعاوناً بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوراسي، والتركيز حالياً على إنشاء مناطق اقتصادية خاصة لجذب الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري، بدلاً من تشكيل مجلس “روسيا أفريقيا”، كما هو الحال في الآليات المعتمدة مع الاتحاد الأفريقي من الصين والهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا.   السلاح والأمن وفي مؤشر إلى أهم المنتجات التي يمكن أن تقدّمها موسكو للقارة السمراء، نظّمت شركة “روس ابرون إيكسبورت” المعنية بتجارة السلاح معرضاً ضخماً للمنتجات العسكرية الروسية روجّت فيه لأنظمة الدفاع الجوي المختلفة، وبعض أصناف الأسلحة ومحطات الرادار، وعرضت قرب مدخل المركز الإعلامي للقمة طائرة “ميغ 35” الحديثة. وفي تصريحات قبل القمة، قال المدير العام للشركة ألكسندر مخييف “نحن نتفهم جيداً احتياجات شركائنا وأصدقائنا ونقدّر تقديراً كبيراً رغبتهم في جعل أفريقيا منطقة آمنة. أنا متأكد من أن المنتجات الروسية الصنع التي تم اختبارها في ظروف قتال حقيقية تتوافق مائة في المائة مع هذه الأهداف”، لافتاً إلى أن الشركة جاهزة لتنفيذ “عدد من المشاريع المهمة” في القارة ولذلك تنظر إلى هذا العام على أنه “عام أفريقيا لنظام التعاون العسكري التقني الروسي“.   وتستأثر روسيا تاريخياً بحصة كبيرة  في سوق السلاح في أفريقيا، وتشير وثائق هيئة التعاون العسكري إلى أن 20 بلداً أفريقياً كانت تعتمد في تسليحها على الاتحاد السوفييتي، وأن حجم الصادرات بين عامي 1984 و1991 تجاوزت 17.2 مليار دولار. وحسب شركة “روس ابرون إيكسبورت”، حلّت روسيا في المرتبة الأولى لصادرات السلاح إلى بلدان جنوب الصحراء بين 2011 و2015 بحصة 30% من حاجة هذه البلدان.   وأفاد معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام بأن صادرات السلاح الروسي إلى أفريقيا ما بين 2000 و2015 بلغت 12 مليار دولار ما يشكّل نحو 11% من إجمالي صادرات الأسلحة الروسية. وتأمل روسيا في زيادة صادرات المروحيات والطائرات والصواريخ والدبابات بعد حقل التجارب السوري، علماً أن معظم التعاون العسكري حالياً يعتمد على ذخائر الأسلحة القديمة، وإعادة تحديثها، إضافة إلى الآليات والمركبات العسكرية. وذكرت إحصاءات رسمية روسية أن حجم الطلبيات الأفريقية على الأسلحة الروسية وصل إلى 20.4 مليار دولار في 2018.   وفي حواره الأخير مع “تاس”، ذكر بوتين أن نحو 2500 عسكري أفريقي يتدربون في الكليات العسكرية الروسية حالياً. ومنذ مطلع العام الماضي، تُقدّم روسيا أسلحة للجيش في جمهورية أفريقيا الوسطى بعد حصولها على تخويل من الأمم المتحدة للقيام بذلك، فيما توفر الحماية الأمنية للرئيس فوستين أرشانج تواديرا الذي يعتمد على مستشار أمني روسي، كما أرسلت في العام 2018 خمسة ضباط عسكريين و170 مدنياً بصفة “مدربين” للقوات المسلحة في أفريقيا الوسطى، على الرغم من أن هذه القوات تتلقى تدريباً من قبل الاتحاد الأوروبي. كما ترسل روسيا أسلحة إلى الكاميرون لدعمها في حربها ضد جماعة “بوكو حرام” المتطرفة، ووقّعت عقود شراكات عسكرية…

تابع القراءة

المشهد الأسبوعي 20 أكتوبر 2019

أولاً المشهد الداخلي  في مصر وحدة الهم العربي.. الحراك اللبناني يشحن الشارع العراقي ويشجع المصريين…توالي الهتافات في المدن العربية ضد السيسي. تابع الشارع المصري على مواقع التواصل الاجتماعي الحراك في الشارع اللبناني، بدت المتابعة في تجاوز وسم “هتغور يا سيسي” حاجز الخمسين ألف تغريدة، مع هجوم شديد على النظام الحاكم، وقد ربط كثير من المغردين بين الحراك في الشارع اللبناني والشارع المصري[1]. وفي العراق يستعد العراقيون في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، لاستئناف التظاهرات مرة أخرى ، وذلك بعد توقفها لنحو أسبوعين اعتبرت هدنة بين المتظاهرين والحكومة العراقية لتهيئة أجواء إحياء زيارة الأربعين في كربلاء. وقد جاءت تظاهرات لبنان بمثابة الشاحن أو المحفز للعراقيين لاستئناف تظاهراتهم مرة أخرى، وهو ما بدا من خلال تناولهم الحدث اللبناني على منصات التواصل الاجتماعي، التي ضجت بالتعاطف والتأييد والدعم للمتظاهرين في لبنان، معتبرين أن بينهم وبين اللبنانيين مشتركات[2]. والحقيقة أن احتمالات تحول لبنان لثورة واردة وإن كانت ضعيفة ، ولكن هذه خطوة في اطار موجة جديدة من الانتفاض الشعبي فهوخطوة علي الطريق ، تداعيات تحول ما يحدث في لبنان إلي ثورة ستكون كبيرة جدا في العراق وسوريا وإن كان يمكن أن تكون اكثر دموية مما يتخيل الجميع ، وبالطبع لو دخلنا في سلسلة من الاحداث نتيجة التراكمات من الموجتين الأولي والثانية للثورات العربية سيكون هناك سيناريو ضاغط بشكل كامل علي الخليج ومصر ، وبالأخص لو أخدنا في الاعتبار إرتفاع التداخل الاقليمي ووصوله إلي أعلي المستويات ، من جانب إيران وإسرائيل في حسابات معقدة جدا هما والانظمة العربية الهشة تماماً أمام تصاعد الاحداث لو استمر ، واحتمال كبير يبقي الضغط في مصر بأكثر مما يتخيله الجميع لو اخدنا في الاعتبار أنه في عالم الشباب العربي هناك حالة تحفيز عالية للحالة المصرية وعلامته الشتائم المنتظمة التي تطال أعلي السلطة السياسية والمتابعة الواضحة لمصر ونشطائها وأضف إليه حالة الاستعداء الشبابي العالية جدا والمنتشرة بكثافة علي مستوى مصر والعالم العربي علي أي وضع استمرت الاحداث او خمدت لفترة ، ما هو قادم أكبر بكثير من المحاولات الاكثر رشادة للثورات العربية التي يتضح أنها في حالة استعادة المسار  للتحرك للأمام بشكل لا يعتقد كثيرون أنه قد  مر علي المنطقة في تاريخها كله حراكات بهذه المستوى من التعدد والاقتراب الزمني . تكشف تفجر الاحتجاجات الأخيرة، في الجزائر والسودان، ثم في مصر، ومن بعدها في العراق، وأخيراً في لبنان؛ عن وحدة الهم العربي. كما تكشف فشل الدولة العربية في الوفاء بمسوغات وجودها وفي الوعود التي قطعتها على نفسها. كما تكشف هذه الاحتجاجات –التي اختلفت مخرجاتها ومآلاتها التي تواصل التشكل حتى اللحظة- أن الفضاء الافتراضي بات مجال للتعبير بعيداً عن قمع وسطوة أجهزة الأمن مقارنة بالفعل الحقيقي في الشارع. وأخيراً يمكن القول أنه لم يبقى أمام الدولة العربية الكثير؛ إما الإصلاح أو الانهيار –ويبدو أن خيار الفشل والمؤدي للانهيار هو الأقرب ، أما خيار الاستمرار على ذات المنوال فلم يعد ممكنا. الشارع المصرى Top of FormBottom of Form غضب عارم بعد كلمة السيسى فى الندوة التثقيفية ال31 للقوات المسلحة. شهد عبد الفتاح السيسي يوم الأحد، الموافق 13 أكتوبر، الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، والتى وجه فيها مجموعة من الرسائل الهامة، كان أبرزها التأكيد على أهمية دور الجيش فى الحياة السياسية فى مصر، مشيراً إلى الإنجازات التى حققها الجيش على مدار ال10 سنوات السابقة، وتحمله لتكلفه الحرب فى سيناء دون أن يطلب من الشعب تحمل تلك التكلفة معه[3]. إلى جانب ذلك، أشار إلى أزمة المياه التى ستعانى منها مصر فى المستقبل القريب، بعد فشل المفاوضات مع أثيوبيا، وقد أشار إلى أن تلك الأزمة كان يمكن أن يتم حلها بالحوار، إلا أن ثورة يناير كانت العائق أمام ذلك، على حد تعبيره، مؤكداً على دخول مصر مرحلة الفقر المائى، حيث اعتبر أن أحداث 2011 كانت السبب فى ظهور مشروع سد النهضة، حيث صرح بـالتالى: “لولا 2011 كانت مصر ستشارك في اتفاق قوي وواضح لبناء السد، متابعًا: «البلد كشفت ضهرها، وللأسف عرت كتفها، ولو مخدتوش بالكم هيتعمل فيكم أكتر من كده»، حسب تعبيره[4]. حيث أضحى الذمّ في «ثورة 25 يناير»، هى النغمة التى يعزف عليها النظام  الآن، ومحور هوس أساسي لدى السيسى، فمنذ إجراء النظام لتعديلاته الدستورية فى أبريل الماضى التى شرّعت له التوالى فى الحكم حتى 2030، إلا أنه قد خلقت له أساس للوسوسة من رجعة  ثورة يناير مرة أخرى، فعلى الرغم من أنها-التعديلات الدستورية- أزالت الحواجز الزمنية التي كانت تحول دون بقاء السيسي في الرئاسة، واختزلت السلطتين التشريعية والقضائية في السلطة التنفيذية وهى مؤسسة الرئاسة، إلا أنه انطوت على ما يحمل المخاوف نفسها للنظام، متمثلة فى “المادة  200″، التى تنيط بالقوات المسلّحة الحفاظ على أمن البلاد وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، أي أنها تجيز انقلاب «المماليك» على سلطانهم باسم الديمقراطية. وبالتالى يبقى النظام مُهدد مرة آخرى بهذا المفتاح، وهو ما تأكد لديه عندما عوّل المقاول ” محمد على” على ذلك الأمر أثناء دعوته الناس للخروج والتظاهر والمطالبة برحيل السيسى بدعوة أن قيادات الجيش سوف تقف إلى جانب الشعب وتُحدث إنقلاب على رأس النظام. وبالتالى فقد أصابت الهبة الأخيرة، فى سبتمبر الماضى، السيسى بذعر، فيه صدى للذعر المكبوت من هذا المفتاح المعطى للجيش لتقويم الإعوجاج في الرئاسة متى أحب، وبموجب مادة دستورية. فيفرز هذا الذعر كابوسين: كابوس رجعة 25 يناير، ومشهد الإنتفاضة الشعبية، أو كابوس رجعة 3 يوليو نفسها، أي كابوس الإنقلاب العسكري على الرئيس، مع فارق أنه كان رئيساً مدنياً منتخباً بحرية يومها، وهو عسكري متغلب لا تزال لديه عناصر كثيرة لإدامة تضامن المؤسسة العسكرية معه، فى مقابل مجموعة من الشروط ينبغى عليه تلبيتها، كى يبقى المفضل لدى كبار العسكر[5]. رد فعل الشارع على كلمته: جاء رد فعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى غاضباً من وصف مصر بتعبير غير لائق عند وصفها بـ “كشفت ضهرها، وعرت كتفها”، حيث انهالت الكثير من التعليقات الغاضبة على تصريح السيسى، متهمينة بإهانة مصر والحط من مكانتها ومن ثورة يناير، وتصدر هاشتاج “السيسى عرى مصر” موقع التواصل الاجتماعى “تويتر”[6]. ويحمل ذلك مجموعة من الدلالات الهامة؛ أولها: تهاوى شعبية عبد الفتاح السيسى ومصداقيته، فى سبيل تصاعد شعبية فكرة التعجيل بالإطاحة الشعبية به، على الرغم من إنها لم تستجمع الحد الأدنى من شروط تحقيقها بعد. ثانيها: مع تهاوى شعبية السيسى يتم فتح باب الاحتمالات على مصراعيه فيما يتعلق بسد النهضة، حيث يمكن أن نذهب به بعيداً ونفترض أن هناك اتفاق ضمنى أن يتم تدويل أن هناك أزمة فى التفاوض مع أثيوبيا بشأن السد وأن مصر قادمة على مرحلة الفقر المائى، وتحميل ثورة يناير سبب ذلك للتنفير منها، لفترة، على أن يتم حل الأزمة…

تابع القراءة

أزمة تعيين المعيدين بالجامعات..قمع أكاديمي لقتل الإبداع والسيطرة العسكرية

في كارثة علمية غير مسبوقة تهدد مصر باهدار قيمة الابداع والتفوق العلمي وهجرة العقول للخارج ونزيف مقدرات مصر العلمية والبشرية، اعتمدت حكومة السيسي نطام التعيين بالتعاقد للكوادر الاكاديمية بالجامعات، بدلا من الاعتماد على حصيلة الدرجات والترتيب على الدفعة… حيث قرّر “المجلس الأعلى للجامعات” برئاسة وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، السبت الماضي، استبدال نظام التعيين في شغل وظيفة المعيد بعقود مؤقتة لمدة ثلاث سنوات، قابلة للتجديد بموجب قرار من مجلس الجامعة.   ويأتي القرار تنفيذاً لتوجيهات عبد الفتاح السيسي، بشأن اعتماد “نظام التعاقد الوظيفي المؤقت” كبديل للتعيينات في جهاز الدولة الإداري، إلى حين انتهاء المشروع القومي للتحديث الوظيفي، في إطار خطة الحكومة الهادفة إلى خفض أعداد الموظفين الحكوميين إلى نحو 4 ملايين موظف، في نهاية عام 2021، التزاماً منها باشتراطات صندوق النقد الدولي.   ووافق المجلس الأعلى للجامعات على إضافة مادة جديدة برقم (141 مكرر) إلى قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، وتنص على أنّه “مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالسلطة المختصة بالتعيين، والآليات والشروط ومعايير المفاضلة اللازمة لشغل وظائف المعيدين والمدرسين المساعدين الواردة بالقانون، يكون شغل هذه الوظائف بموجب عقود توظيف مؤقتة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، بموجب قرار من مجلس الجامعة، وبعد أخذ رأي مجلس الكلية المختص“.   ونصت المادة المستحدثة على أنّه “في حال حصول المعيد على درجة الماجستير أو ما يعادلها خلال مدة سريان العقد، يُبرم معه عقد لشغل وظيفة مدرس مساعد، وفي جميع الأحوال يشترط لإبرام أو تجديد العقد استيفاء الضوابط والمتطلبات التي يصدر بها قرار من المجلس الأعلى للجامعات، على أن تطبق المادة اعتباراً من العام الجامعي المقبل 2020-2021“.   ووجّه المجلس باتخاذ الجامعات الآليات اللازمة لتوفيق أوضاع الهيئة المعاونة لهيئة التدريس المتجاوزين المدد القانونية المقررة لهم، للحصول على الدرجات العلمية للماجستير والدكتوراه، في ضوء الضوابط والقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن، بالإضافة إلى اهتمام الكليات المختلفة بالجامعات بالإعداد الجيد للحصول على شهادة ضمان الاعتماد والجودة، خلال الفترة المقبلة.   وبحسب مراقبين، فقد أثار القرار الجديد حالة واسعة من السخط بين المعيدين، الذين قضوا أعواماً في التعلم للحصول على وظيفة أكاديمية تساعدهم في تأمين مستقبلهم.. ويمثل النظام  الجديد تهديدا لمستقبل الطلاب و الخريجين المتفوقين، ويقتل دوافع التفوق في نفوس الطلاب .. وهو ما تراه الدكتورة الأمين العام لنقابة أطباء مصر، منى مينا،كارثة جديدة، إذ ان كل المعيدين و نواب الجامعة،  المفترض انهم في نيابات الجامعة بمجموعهم واجتهادهم في الدراسة اصبحوا موجودين في مكانهم كعقود مؤقته، لمدة 3 سنوات فقط، و بعدها ممكن يتم التعاقد مع المعيد أو النائب بعد حصوله على الماجستير كمدرس مساعد لمده 3 سنوات جديدة أو لا يتم ..وسابقا كانت هناك نسبة من النواب لا يتم تعينهم، وهم يعلمون ذلك، ونسبة تعين بعد إنتهاء فترة النيابة والحصول على الماجستير. أما النظام الجديد فيحول التعيين بعد الحصول على ماجستير لتعاقد جديد كمدرس مساعد … وفي حال وافق مجلس النواب على هذا المشروع لا يوجد أي ضمان لوظيفة ثابته للخريج المتفوق والطلبة أوائل دفعاتهم كأعضاء هيئة تدريس..إذ من المتوقع أن تتدخل العديد من الجهات الأمنية والسياسية والوساطات والمحسوبية، في قرار التعاقد..وهو ما يضع مستقبل الطلاب والخريجين المتفوقين في مهب الريح، و يقتل دوافع التفوق في نفوس الطلاب . يشار إلى أن هذا النظام تم تطبيقه في فترة سابقة في تعيينات النواب بالمستشفيات الجامعية، ثم جرى إلغائه، بناءا على الاعتراض الشديد عليه من نقابة الأطباء وأغلب أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب ..   مغزى القرار ولعل مجريات الواقع المصري الذي تحكمه القبضة الأمنية هو ما يفسر مثل تلك القرارات ، التي يتحكم من خلالها السيسي في مفاصل العملية التعليمية بكافة مستوياتها، الطلابية والأكاديمية والمهنية…فقد سبق وأن اتخذ نظام السيسي  العديد من القرارات المتعلقة بالشأن الجامعي، تجلى فيها البعد الأمني على حساب العملية التعليمية والقواعد العلمية.   البعد الأمني فبحسب نشرة “الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة”، الصادرة في  أغسطس 2015، التي  تصدر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير والتي تسلط الضوء على قضايا الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات، فقٌد توالت قرارات النظام لتقييد حرية البحث والتدريس والتعلم والنقاش الأكاديمي، بحيث تصبغ القيود المفروضة على الحرية الأكاديمية بالطابع القانوني.   فقد صدر قرار لنائب رئيس جامعة طنطا لشئون الدراسات العليا والبحوث، في نهاية يوليو 2015، يلزم أعضاء هيئة التدريس بالحصول على موافقة وزارة الخارجية عن طريق وزارة التعليم العالي كشرط مسبق للمشاركة في الندوات أو المؤتمرات أو ورش العمل الدولية أو تقديم أوراق بحثية لجهات أجنبية. وعلى نفس المنوال، جاء إعلان رئيس جامعة دمنهور حاتم صلاح الدين، نهاية يوليو 2015، منع توقيع أي بروتوكولات ولا اتفاقيات مع أي جامعة أجنبية داخل كليات الجامعة، إلا بعد الحصول على موافقات من وزارة الخارجية والجهات الرقابية والأمنية. وكانت جامعة عين شمس قد ألغت اتفاقية مركز التعليم المفتوح الموقعة بين الجامعة وتركيا، لسفر عدد من الأساتذة للإشراف على امتحانات الطلاب السوريين اللاجئين المقيمين بتركيا، في يونيو 2015، وتم منع سفر الطلاب الأوائل بقسم اللغة التركية بكلية الألسن إلى تركيا في إطار المنحة المقدمة من السفارة التركية للطلاب، بسبب رفض الأجهزة الأمنية بسبب توتر العلاقات السياسية بين البلدين. وتعبر هذه القرارات وغيرها عن توجه لدى إدارات الجامعات بفرض مزيد من القيود على الحرية الأكاديمية، وإلزام أعضاء هيئة التدريس بالعمل تحت وطأة موافقات الجهات التنفيذية والأمنية. وتعيق هذه القيود تواصل أعضاء هيئة التدريس مع الجامعات ومراكز الأبحاث الأجنبية، مما يلقي بظلال سلبية على تطور العمل الأكاديمي في الجامعات المصرية، وقدرة أعضاء هيئة التدريس والطلاب على البحث والإبداع والتعلم. وبحسب د.محمد عبد السلام، مسئول الملف الأكاديمي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، تستمر تلك السياسات وتتزايد وتتنوع قيودها وأشكالها، حتى الآن.. وتعد القيود الجديدة مخالفة صريحة للقانون وتشكل إنتهاكاً إضافياً لاستقلالية الجامعات في إدارة الشأن الأكاديمي، فضلاً عن كونه مدخلاً غير مباشر يتيح للأجهزة الأمنية مواصلة تدخلها  في العملية التعليمية، فخلال الربع الأول من العام 2017، أقر وزير التعليم العالي تشكيل لجنة مختصة بترشيح القيادات الجامعية. يمنح القرار  سلطة جديدة  لوزير التعليم العالي تتمثل في الاعتراض على ترشيحات اللجان المختصة وإعادة إجراءات الترشيح مرة أخرى. مما يرسخ تدخلات السلطة التنفيذية في اختيار القيادات الجامعية، منذ منح السيسي لسلطة تعيين القيادات الجامعية وإلغاء نظام الانتخاب في العام 2014.   أما فيما يتعلق بالحقوق والحريات الطلابية، فقد شهد الربع الأول من العام 2017  تدخل وزارة التعليم العالي لوضع لائحة طلابية جديدة بما يزيد من تدخلات الوزارة في انتخابات الهيئات الطلابية عبر وضع شروط جديدة للترشح والحد من الاستقلالية المالية لاتحادات الطلاب مما سيقود إلى إضعافها كثيرا. لاحقاً، تم التأكيد على تأجيل إجراء الانتخابات الطلابية، لتخوف السلطة التنفيذية متمثلة في وزارة التعليم العالي من تكرار تجربة الانتخابات الطلابية التي استطاع…

تابع القراءة

انتفاضة لبنان العابرة للطائفية هل تضع اللبنانيين أمام أزمة دولية ؟

مع ظهور ورقة الموازنة  اللبنانية للعام المالي الجديد 2020، وما تضمنته من اجراءات اقتصادية تقشفية وضرائب جديدة، ختى انفجر اللبنانيون في كل المدن اللبنانية، في النبطية وبيروت وصور والعديد من المدن اللبنانية … وبمجرد الإعلان عن مشروع قرار بفرض ضرائب على اتصالات الواتساب، وزيادة القيمة المضافة من 11 إلى 14% وتظاهر آلاف اللبنانيين الغاضبين، ووصلت الاحتجاجات لقلب العاصمة بيروت، وسط مطالبات حزبية وشعبية صريحة باستقالة حكومة الحريري والتي ألغت قرار ضرائب الواتس أب خلال ساعات.   وأهم ما ميز انتفاضة الشعب اللبناني، تجاوزها الموزاييك الطائفي والتقسيمة الطائفية ، بل إن القوى السياسية بأطيافها  المختلفة تحاول ركوب الموجة الشعبية، بتحميل الأطراف الأخرى أسباب التظاهرات المتفجرة بلبنان… وسط حياد من الأجهزة الأمنية والجيش، الذين يسعون فقط لفتح الطرق وضمان سلامة المعتصمين، والبقاء في أماكن محددة وبعيدا عن الطرقات العامة، لضمان عودة الحياة المتوقفة بللبنان… فيما يسعى البعض من الطبقة السياسية ليُخرج نفسه من هذه الورطة بالقول إنه مع هذا الحراك، وذلك بالرغم من أنه شريك في السلطة وشريك بالفساد وبالصفقات، شركاء السلطة بدءًا من رئيس الجمهورية وصولاً إلى شركاء السلطة من القوى السياسية مسؤولون عن الوضع المتردي الآن…     أسباب اقتصادية ويعاني لبنان من تراجع معدل النمو من 10% في 2010 إلى 1% في 2018، كما تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي معادلًا بالقوة الشرائية من حوالي 14400 دولار في 2010  إلى 11600 دولار في 2018 …   وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نموًا بالكاد بلغ 0.2%، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد. كما يعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي. بجانب ارتباك سوق الصرف المحلية، وتذبذب وفرة الدولار، وارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء فوق 1650 ليرة/دولار، مقابل 1507 رسميًا.        وبجانب ازمات تراجع النمو، التي أثرت على المواطنين، تراجعت التدفقات الخليجية مغاضبةً حينًا من نفوذ حزب الله الإيراني، ومنشغلةً حينًا بمعارك أخرى في سوريا واليمن ومصر وليبيا، وقاصرةً أخيرًا عن مواصلة الدفع بلا حساب في ظل تراجع أسعار النفط. فجأة، صار لبنان، مصرف العرب الكبير وبوابة أموالهم التي لم تنغلق حتى في أيام الحرب، خاضعًا لعقوبات الخزانة الأمريكية بسبب حزب الله، ولم يعد في باريس صديقًا للحريري الابن كما كان شيراك للأب. والجارة الكبرى ظلت، بعد اندلاع الثورة فيها، معضلة للداخل اللبناني رغم انسحاب جيشها منه.   الطبقة الوسطى العابرة للطائفة   ولعل ما بعطي الحراك اللبناني فعاليته، ألطبقة الوسطى العابرة للطوائف، تنشغل بالتعليم والعمل والإثراء والمهنة والسفر عن سلاح الطائفة وحربها، وهي تريد إنصاف الدولة، لا دفء الطائفة، وكفاءة البيروقراطي لا نزاهة شيخ الملة. لم يعد الماروني أفندي لبنان الوحيد، فاليوم ثمّ أفندية سنة، ولم يعد كثير من الشيعة «محرومين» كآبائهم، ولم تعد «الفينيئية» حصرية على السيد باسيل وأتباعه. لا تدعو تلك الصورة إلى التفاؤل وإنما إلى فهم أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، وأنك لا تنظر إلى النهر الواحد مرتين.   الأزمة الطائفية ولعل من ابرز المعضلات أمام لبنان، البناء الطائفي، فقبل عدة أعوام، تغيرت خريطة القوى السياسية/الطائفية في لبنان. عاد العماد ميشيل عون ليكون رجل المارون الأقوياء، وليكون صهره جبران باسيل رجل الحكومة القوي. وجد حزب الله في التيار الوطني الحر (عون) حليفًا مارونيًا يوفر غطاء دوليًا ودعمًا رسميًا ضروريًا للحزب، ووجد عون في الحزب ظهيرا محليا لا يمكن اللعب بدونه. الحريري نزل على موازين القوى القائمة التي يفرضها سلاح الحزب وتحالفاته المتماسكة. أدى ذلك إلى الاتفاق الرئاسي الشهير في أكتوبر 2016، لعون الرئاسة وللحريري الحكومة، وللحزب التحكم دون الحكم.   ما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهر أن القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع نجحت في منافسة التيار الحر على ثقة الطائفة، فتقلص الفارق جدا بين الحزبين. حزب الله بدا اللاعب الأعقل وفرس الرهان الرابح دوما، فتقدم كثيرا برفقة حلفائه من السنة. أما الحريري، فقد حصد ثمار ضعفه وتردده بهزيمة انتخابية ساحقة. لكن ما بدا خسارة آنذاك، قد يكون فرصة تاريخية للحريري اليوم. وشكل الحريري حكومته في يناير الماضي بعد ابتزاز شديد من حزب الله والتيار الوطني الحر (الذي أصبح اسمه البرلماني كتلة «لبنان القوي» واشتهر باسم «العهد») أدى إلى أن يكون ضمن الحكومة الثلاثينية العدد نحو 11 وزيرا من التيار الوطني الحر وحده، فضلا عن الوزراء الشيعة الذي يؤمّنون لقوى 8 آذار (حزب الله وحلفائه أمل والتيار الحر) أغلبية حكومية مريحة على غرار أغلبيتهم البرلمانية وهيمنتهم الفعلية؛ حيث يبدو جبران باسيل رئيس الوزراء الفعلي لا الحريري.   وجاء الحراك مطالبا بازاحة الجميع من المشهد السياسي، تحت شعار المظاهرات «كلّن يعني كلّن»، ورغم أن هجوم أبناء الطوائف الحاسم على رؤسائهم التاريخيين كما حدث مع الرئيس بري في صور، ومع الرئيس ميقاتي في طرابلس، ومع عون نفسه في بعبدا،  وضد قيادات حزب الله في الجنوب اللبناني، يعني أن ثمة إرادة شعبية فعلية لتجاوز لعبة الكراسي الموسيقية بين زعماء الطوائف وأحزابها وصولا إلى حزب الله الذي حاول أن يتخفى كثيرا وراء شعار المقاومة؛ إلا أن الواقع لا يسمح بتحقّق هذا الشعار قبل انتخابات برلمانية جديدة، وقبل أن تنشأ قوى سياسية جديدة عابرة للطوائف، وهو حلم بعيد المنال.   موازنات القوى السياسية   ويبدو «العهد» الخاسر الأكبر الذي ستنصب عليه وعلى رجله في الحكومة جبران باسيل، لعنات الجميع. يحاول خصما العهد، القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع من المارون، والتقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط من الدروز، استغلال الأزمة لإسقاطه. جعجع يسعى لحصد أراضٍ جديدة داخل طائفته يكسر بها أغلبية التيار الوطني النسبية.   أمام الحريري في المقابل فرصة تاريخية لاستعادة هيمنة أبيه وفرض نفسه على الطاولة، خاصة إذا صدقت الوعود السعودية بقروض ومساعدات جديدة لحكومته. يمكن للحريري أن يقدم نفسه ضحية لابتزاز العهد وتحالف 8 آذار بين نصر الله وعون وبري، وهو التحالف الذي لم يقدم شيئًا للجماهير إلى اليوم رغم قوته، بينما تبدو بقايا قوى 14 آذار (القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي) بانتظار فرصة لاستعادة ذكريات الحريري الأب. وهو ما يبدو أن الحريري يلعب عليه باعلانه الاقتصادي، الذي تضمن 10 وعود اقتصادية، قلل من شأنه اللبنانيون الذين ينتظرون الكثير، سواء بانتخابات مبكرة، او اجتثاث لقواعد اللعبة الطائفية من حذورها..وهو ما استجاب له الحريري يوم الاثنين 21 اكتوبر، باعلانه استعداده الذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة ، وهو على ما يبدو لا يروق لتحالف حزب الله، في الآونة الأحيرة، وسط ضغوط دولية على ايران في الخليج العربي وفي سوريا…بجانب أن رحيل الحريري عن الحكومة يعني تولي حزب الله الحكومة، وو ما سيتواجه مع تحديات دولية بوضع الحزب ضمن ما…

تابع القراءة

حكومة “العثماني” الثانية بالمغرب ..تحديات مؤجلة لانتخابات 2021

تقف الحكومة الثانية لسعد الدين العثماني أمام تحديات الشارع المغربي، باشكالاته الاقتصادية وصراعاته الحزبية، وسياقاتها الثقافية المضطربة بين الفرنسة والتعريب، بل وصلت الخلافات لداخل أطر حزب العددالة والتنمية الحاكم.. تلك الاشكالات والتحديات قد تقلب الموازنة الانتخابية في 2021 لغير صالح الأحزاب المشاركة بالائتلاف الحاكم حاليا..   تشكيل حكومي مأزوم   وتتزايد الرهانات المغربية على التشكيل الحكومي الجديد، والذي تم اعتماده من قبل الملك محمد السادس، يوم الأربعاء 15 أكتوبر الجاري، بعد أن دعا إليه الملك في عيد تنصيبه الـ20 في نهاية يوليو الماضي ، وضم 23  وزيرًا (4 نساء) بعد أن كانت 39 وزيرًا، لتكون بذلك الأصغر في تاريخ المغرب السياسي الحديث، وذلك بعد تجميع عدد من القطاعات الوزارية وحذف كتابات الدولة وهي قطاع حكومي أقل من الوزارة يكون تحت مسؤولية وزارة ما، وتضم الهيكلة الجديدة 18 وزارة وخمس وزارات منتدبة وهي “وزارة ملحقة” بوزارة رئيسة.   هذه النسخة الجديدة غيّرت توزيع الحقائب بين الأحزاب المكونة لها، فقد أصبحت الحكومة موزعة بين 7 حقائب وزارية لحزب “العدالة والتنمية”، منها رئاسة الحكومة، و4 حقائب وزارية لحزب “التجمع الوطني للأحرار”، وحقيبتان وزاريتان لحزب “الحركة الشعبية”، وحقيبة واحدة لكل من حزبي “الاتحاد الاشتراكي” و”الاتحاد الدستوري”. في المقابل، أصبح الوزراء غير المنتمين إلى الأحزاب السياسية يشكلون أكبر كتلة داخل الحكومة، بحيازتهم 9 حقائب تتضمن أهم القطاعات السيادية. وقد انسحب حزب التقدم والاشتراكية من الائتلاف الحكومي، وهو أكثر الأحزاب دعما للعدالة والتنمية، بسبب تقليص حصته الوزارية، بوزير واحد.. ورغم انسحابه غير المؤثر من الائتلاف الحكومي، إلا أنه يؤثر على قوة العدالة والتنمية في المنظومة البرلمانية والحكومية، فهو الحزب الوحيد الذي تحالف معه “العدالة والتنمية” قبل الانتخابات البرلمانية عام 2016.     الخريطة البرلمانية   تتشكل الحكومة الجديدة من خمسة أحزاب، بعدما غادرها حزب التقدم والاشتراكية، تلك الأحزاب لها أوزان برلمانية، كالتالي: العدالة والتنمية (125 نائبا بمجلس النواب الغرفة الأولى للبرلمان من أصل 395)، التجمع الوطني للأحرار (37 نائبًا)، والحركة الشعبية (27)، والاتحاد الاشتراكي (20)، والاتحاد الدستوري (23).‎   الأسماء: سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة. المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان. عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية. ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. محمد بنعبد القادر، وزير العدل. أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة. محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة. عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي. خالد آيت الطالب، وزير الصحة. مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي. عبد القادر إعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء. نزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي. عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة. محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني. الحسن عبيابة، وزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة. جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة. عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني. نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية. محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. نزهة الوافي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. إدريس إعويشة، الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.   تحديات اقتصادية وتواجه الحكومة الجديدة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قد تهدد المسار الديمقراطي بالمغرب، والذي ينتظر انتخابات تشريعية جديدة في اكتوبر 2021..ومنها: الاحتجاجات الشعبيية المتنوعة   وإثر الفقر وتراجع معدلات التنمية وتزايد الفجوات الطبقية وأزمات البطالة وضعف التشغيل ، تنوعت الاحتجاجات، بداية من حراك الريف، حيث تشهد مدن الشمال احتجاجات متواصلة للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد، وصولاً إلى احتجاجات منطقة “جرادة”، مرورًا بـ”حراك العطش”، في مدينة زاكورة، للمطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب في المنطقة التي تعاني منذ فصل الصيف نقصًا شديدًا في المياه، فضلاً عن الانقطاع المتكرر، واحتجاجات الأساتذة المتعاقدين واحتجاجات الأطباء. يشار إلى أنه، خلال العقدين الماضيين، تمكن المغرب من مضاعفة ناتجه الإجمالي من 41.6 مليار دولار عام 1999 إلى 121.4 مليار عام 2019 لتصبح بذلك القوة الاقتصادية الخامسة في إفريقيا، كما تحولت إلى واحدة من أكثر الدول جذبًا للاستثمار بإفريقيا. إلا أن تلك النحاحات لم تصل للمواطن المغربي ، فالبطالة عند الشباب التي تعتبر أكبر الفئات في المجتمع المغربي في تزايد، وايضا الفقر والتهميش والفوارق البنيوية بين المدينة والبادية، ويعود هذا التفاوت إلى النموذج التنموي الذي تعتمد عليه المملكة المغربية، بجانب الفساد المنتشر في قطاعات كبرى في المملكة، وهو ما أدى لتكوين مجموعات مالية مرتبطة بالسلطة السياسية استحوذت على خيرات البلاد. وتتمثل مظاهر الفساد مثلاً في التهرب الضريبي للمقربين من السلطة وإعفاء كبار رجال الأعمال والفلاحين من دفع الضرائب مقابل فرضها على الفقراء في مزيد من اتساع رقعة الفوارق الاجتماعية في المملكة. وكان المغرب حل في المرتبة الـ73 من أصل 180 دولة في التصنيف الدولي لمؤشر مدركات الفساد لعام 2018 الصادر عن منظمة الشفافية الدوليةّ. وكان التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي لعام 2019 بشأن الاقتصاد المغربي قد دعا لـ”التوجه نحو نموذج تنموي أكثر استيعابًا للمواطنين يكون مبنيًا على القطاع الخاص، مع العمل على تقليص الفوارق الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر هشاشة“.   وبجانب ذلك تعاني المغرب من هشاشة النمو الاقتصادي، فقد كانت آخر مرة تجاوز فيها معدل النمو سقف 5% في 2011، ثم تراجع دون ذلك في الأعوام الثمانية الأخيرة، إذ تشير توقعات البنك المركزي إلى بلوغه 2.7% خلال العام الحالي. علاوة على تراكم احتياجات الشباب من فرص العمل، والذي يعد التحدي الأبرز لحكومة العثماني، التي أعلنت مؤخرا أن برامج إنعاش التشغيل خلقت أكثر من 138 ألف وظيفة بين 2017 و2019، ووضل معدل البطالة نحو 14.5% في المدن، و24.1 % بين الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما و17.1% بين حاملي الشهادات.   ويفاقم أزمات الاقتصاد المغربي، الركود ألحاد  بقطاع العقارات، الذي يستحوذ على 30% من القروض البنكية، وتتصاعد أزمة الركود بالعقارات منذ ثمانية أعوام، وهو الركود الذي تجلى عبر انخفاض القروض البنكية، وتراجع مبيعات الإسمنت، الذي يرتبط بقطاعي البناء والأشغال العمومي.   التحديات السياسية   أزمة العدالة والتنمية الداخلية:   ويعيش الحزب الحاكم والحاصل على المرتبة الأولى في الاستحقاقات الماضية، أزمة داخلية غير مسبوقة ، منذ إبعاد عبد الإله بنكيران عن رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني بديلاً له، واحتد الصراع بعد محاولات بعض القياديين تعديل المادة 16 من النظام الداخلي للحزب من أجل السماح لبنكيران بالترشح لولاية ثالثة لرئاسة الحزب، التي تنص على حصر ولاية الأمين العام للحزب في ولايتين، إلا…

تابع القراءة

استبعاد الحل العسكري مع إثيوبيا.. ماذا عن الخيارات البديلة؟

بقلم: حازم عبد الرحمن في الخامس من أكتوبر2019 , وكما كان متوقعا, أعلنت حكومة الانقلاب في مصر أن المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي وصلت إلى طريق مسدود, وطالبت بوسيط دولي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية, وهي إثيوبيا، والسودان, ومصر, وقد كانت نتيجة هذه المطالبة صدور بيان أمريكي هزيل يزعم أنه يدعم المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق تعاوني ومستدام ومتبادل المنفعة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي, وهو بيان معدوم القيمة والتأثير, جرت صياغته ليرضي جميع الأطراف، ولم ينص على احترام اتّفاقيّات توزيع المِياه الدولية التي تحصل مصر بمقتضاها على حصتها, خاصة أن إثيوبيا أعلنت أنها ترفض التدخل والوساطة من أي جهة .   وليس صحيحا ما حاول عبد الفتاح السيسي أن يرهب به الشعب بالزعم بأن ثورة 25 يناير هي المسئولة عن بناء السد , فإذا كانت إثيوبيا قد وضعت حجر الأساس عام 2011،  في عهد حكم المجلس العسكري الذي كلفه المخلوع مبارك بإدارة شئون البلاد, فإنها ـ حسب خرائط جوجل إيرث ـ لم تشرع في بناء السد فعليا إلا بعد الانقلاب العسكري, وتوقيع قائد الانقلاب على  وثيقة تنازل يوم 23 مارس 2015, تسمح ببناء سد النهضة على نهر النيل لتوليد الكهرباء، وهو ما يعني اعترافًا مصريا بشرعية بناء السد الكارثي؛ فقدم بذلك حلا لأزمة تمويل السد المتعطل؛ حيث كانت الشركات الأوروبية ترفض تمويل المشروع قبل موافقة بقية الدول المُتضررة، وهي نقطة القوة, وأكبر ورقة ضغط  فقدتها مصر بتوقيع السيسي, الذي استمر بعد ذلك في تخدير المصريين بقوله: ” أنا ما ضيعتكمش قبل كده عشان أضيعكم تاني” وإعلانه إنشاء أكبر محطة لتنقية مياه الصرف الصحي,  وهو ما كان يستوجب عزله ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى . *سياسة مصر الثابتة في تصريح تاريخي هدد  وزير الدفاع المصري المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بتدمير أي سدود على نهر النيل, مؤكدا أن مصر ستستخدم القوة الشاملة ضد ما يهدد حصتها من مياه نهر النيل (  https://www.youtube.com/watch?v=NAVckLEV82I ), ولم يكن تهديد أبو غزالة جديدا على السياسة المصرية تجاه أطماع إثيوبيا في الاستئثار بمياه النيل دون غيرها؛ فعندما اعتزمت إنشاء سد كبير على النيل  لتوليد الكهرباء، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بعث بخطاب إلى الإمبراطور هيلا سيلاسي، جاء فيه: «نطالبكم بوقف أعمال بناء السد، لأننا نعتبره تهديدًا لحياتنا؛ مما يستدعي تحركًا مصريًا غير مسبوق»، فامتثلت إثيوبيا بعد نصيحة الرئيس الأمريكي أيزنهاور، وقللت ارتفاعه من 112 مترًا إلى 11 مترًا فقط, وعندما عادت إلى هذه المحاولات في عهد الرئيس السادات أرسلت القاهرة رسالة رسمية عبر وزير خارجيتها: «إذا قامت إثيوبيا بعمل أي شيء يعوق وصول حقنا في الماء كاملًا، فلا سبيل إلا استخدام القوة», وقد تكرر التهديد بإعلان الحرب على إثيوبيا في عهد المخلوع حسني مبارك عندما تأزمت العلاقات وشرعت إثيوبيا في استئناف خططها التنموية لمواردها من مياه النيل، وإقامة السدود لتوليد الكهرباء,  وهو ما قوبل بتهديد مصر بإعلان الحرب، عبر تسريبٍ صوتي منسوب لمبارك, قال فيه إنه مستعد لضرب السد بطائرة «توبوليف» – قاذفة قنابل سوفيتية تسبق سرعة الصوت – في حال أقدمت على تنفيذ تهديدها. وحسب وثيقة سربها موقع «ويكيليكس» عام 2013 جاء فيها أن مبارك طلب في أواخر حكمه من الخرطوم إنشاء قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الخاصة المصرية إذا أصرت إثيوبيا على بناء سد, وفي عهد الرئيس محمد مرسي قال على الهواء مهددا: “إذا نقصت قطرة واحدة من ماء النيل فإن دماءنا هي البديل”. لذلك فإن سياسة مصر الثابتة لحماية حصتها من مياه نهر النيل كانت الخيار العسكري, الذي كان ناجحا في كل مرة يتم التلويح به فيها, لكن الحكم العسكري الذي جاء بعد انقلاب 3 يوليو 2013 بقيادة عبد الفتاح السيسي كان أول خروج على سياسة مصر الثابتة لحماية حقوقها في مياه النيل, وهي تستند في ذلك إلى حقوق تاريخية بموجب اتفاقيتي 1929 و1959 اللتين تمنحانها 87% من مياه النيل وهو ما يقدر بـ 55 مليار متر مكعب سنويا, وبموجب هاتين الاتفاقيتين أيضا تمتلك مصر حقّ الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع, لكن إثيوبيا تجرأت اليوم لتعلن إنها ترفض الاعتراف المباشر أو غير المباشر بأي معاهدة سابقة لتحديد حصص المياه, ولم يكن ذلك ليحدث إلا بتخطيط ورعاية صهيونية للضغط على مصر وإضعافها, وتواطؤ من قائد الانقلاب الذي وقع على وثيقة تنازل مصر عن حقها في مياه النيل, ومنع بناء أي سدود تؤثر على حصتها فيها. *استبعاد الخيار العسكري مما راج في الفترة الأخيرة عبر وسائل الإعلام سواء المؤيدة أو الرافضة للانقلاب استبعاد الخيار العسكري في أزمة سد النهضة الذي يهدد الحياة في مصر, ويجعلها عرضة للغرق إذا ما أقدمت على ضرب السد الإثيوبي, مع إغفال أن الخيار العسكري يمكن أن يكون هو أحد الحلول,  إذا ما تم التفكير فيه جيدا من كل الزوايا بحيث تقل أو تنعدم الأخطار المحتملة من العمليات الموجهة نحو السد؛ فهناك طوفان المياه على الوادي والدلتا, وهو خيار مدمر, لكن من قال إن خطط الحروب لا تضع في اعتبارها المخاطر, والاستعداد للوقاية منها, وإذا كان هناك من يحذرون من ضرب سد النهضة عسكريا بسبب ما ينتج عنه من مخاطر؛ فما هي نصائحهم إذا انهار هذا السد ذاتيا كما يقول خبراء آخرون؟, وهم يؤكدون أن هذا سيحدث, وأن طبقات الطمي ونوع التربة من العوامل التي تجعل العمر الافتراضي لأي سد في إثيوبيا يتراوح ما بين 5 سنوات و 20 عاما على الأكثر، بسبب النحت للأراضي. إحدى الدراسات حول “أخطار انهيار السد العالي” اقترحت عدة فتحات علوية كمفايض علي جانبي بحيرة ناصر  وذلك بخفض ارتفاعات بعض المناطق بحافتي البحيرة من الشرق والغرب  وفق مقاييس هندسية  تسمح باستقبال  أي زيادة في الماء عن المنسوب الذي يهدد سلامة السد ، ودون أن تسحب من المخزون المائي بالبحيرة  علي أن يكون تصريف هذه المياه في المنخفضات غير المأهولة بالسكان والخالية من الأنشطة الاقتصادية, وتقترح كذلك عمل عدة مفايض بعد السد العالي تسمح بتصريف الماء في الصحراء بحيث تكون الفتحات الجانبية قادرة علي استيعاب 91 مليار متر مكعب من الماء   حتى ينتهي تأثير اندفاع الماء إلي الشمال وذلك في مسافة لا تتجاوز 100 كيلوا متر علي أقصي تقدير ، وذلك وفق  نظام يسمح بإعادة استخدام المياه من جديد ، مع وضع خطط وخطوط سير آمنة لإنقاذ المدنيين في هذه المنطقة  . واقترحت الدراسة أيضا تقسيم تخزين الماء بين  السد العالي ومناطق آخري، وذلك بأن توزع كميات المياه علي خمس خزانات  أو بحيرة صناعية جديدة  منخفضة  عن سطح البحر ، أو في أماكن لا يؤثر  فيها القصف علي المدنيين،  وتعد  توشكي أحدى هذه المناطق المقترحة ،   واستحداث بحيرة ثانية  لتغذية وسط الصعيد بالماء ، وبحيرة  ثالثة بالفيوم ، ورابعة بالصحراء الغربية…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022