اليمن: حرب السنوات الخمس أعادت البلاد إلى الوراء 20 عاما

ملفات ساخنة مصرع أكثر من  250 ألف شخص ونسبة الفقر والبطالة 83% الجوع والمرض يقفزان بالوفيات إلى 5 أضعاف و أكثر من 80% من السكان يحتاجون مساعدات عاجلة تفشي ظاهرة الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري.. وأمريكا تغذي قيام حرب أهلية حزب الإصلاح اليمني في دائرة الاستهداف من الجميع لإصراره على الانحياز للوطن تقرير خاص: تشهد اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 24 مليون شخص – حوالي 80 في المئة من السكان – لمساعدة إنسانية، بمن فيهم أكثر من 12 مليون طفل. ومنذ تصاعد النزاع في مارس 2015، أصبح البلد جحيماً لا يطاق([1]). وبلغت نسبة الفقر والبطالة أكثر من 83%، كما قفز الجوع والمرض بمعدلات الوفيات الى 5 أضعاف الوضع الطبيعي، ووصلت نسبة الدين العام إلى 75% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017 ، بحسب آخر إحصائيات متاحة. وأدت الحرب إلى مصرع أكثر من  250 ألف شخص منذ 2014  بينهم 6872 مدنيا، مع تزايد مضطرد في الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري من قبل الحوثيين والإمارات. وفي الشق السياسي تعاني اليمن تفككا واضحا تحت تأثير تدخل التحالف السعودي الإماراتي المدعوم أمريكيا،  حيث تغذي أمريكا قيام حرب أهلية في اليمن لضمان استمرار مبيعات الأسلحة وتفكيك الدولة، بينما تستهدف الإمارات في المقام الأول حزب الإصلاح كونه يمثل الإخوان المسلمين. وأفاد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأن الحرب الدائرة في اليمن تسببت في تراجع التنمية البشرية بمقدار عشرين عاما. وخلّف هذا الصراع المتواصل منذ 2014 عواقب مدمرة، منها مصرع نحو 250 ألف شخص، سواء بسبب العنف بشكل مباشر أو لانعدام الرعاية الصحية وشح الغذاء، كما “ستكون لهذا الصراع آثار سلبية واسعة النطاق تجعله من بين أكثر النزاعات تدميرا منذ نهاية الحرب الباردة”([2]). ويستند تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى دراسة أعدها فريق من الباحثين من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، تتناول بالبحث انعكاسات الصراع في اليمن على مسار تحقيق أولويات التنمية التي اعتمدتها الدول الأعضاء في خطة 2030 للتنمية المستدامة. وحسب التقرير، فإن اليمن كان يحتل المرتبة 153 بين دول العالم على مؤشر التنمية البشرية، كما أن التوقعات أشارت إلى أنه لم يكن ليحقق أيا من أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وفق ما اتفق عليه قادة العالم، حتى لو لم يندلع الصراع. ومع نشوب الصراع “لم تتعطل التنمية البشرية في اليمن فحسب، لكنها تراجعت بالفعل سنوات إلى الوراء”، كما أكد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما، الذي قال “لو تحقق السلام غدا، فقد يستغرق الأمر عقودا حتى يعود اليمن إلى مستويات التنمية ما قبل الصراع. هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني”([3]) 88,8 مليار دولار خسائر اقتصادية تتوقع الدراسة أنه إذا ما انتهى الصراع خلال عام 2019، سيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 88,8 مليار دولار. ويعني ذلك انخفاضا قدره 2000 دولار في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. أما إذا ما انتهت الحرب عام 2022، فسيبلغ معدل التراجع في مكاسب التنمية حوالي 26 عاما، أي ما يقارب جيلا بأكمله. وإذا ما استمرت الحرب حتى عام 2030 فسيتزايد معدل النكوص إلى أربعة عقود. وإذا استمر الصراع حتى عام 2030، تتوقع الدراسة أن يعيش 71% من السكان في فقر مدقع، فيما سيعاني 84% منهم من سوء التغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار، أي فقدان 4,600 دولار من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي([4]). وأدى احتدام النزاع عام 2015 إلى تجميد صادرات الطاقة والمنح الخارجية، مع هبوط حاد في الموارد الضريبية في ظل الانهيار الشامل للاقتصاد والدولة. ونتيجة لذلك ارتفع الدين العام، فيما تجزأت مؤسسات الدولة بين أطراف الصراع المختلفة وتعثرت عملية جباية الموارد العامة، وكذلك الأمر بالنسبة للسياسات المالية والنقدية. قبل أن تنتزع جماعة الحوثيين المسلحة بدعم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، كانت عائدات قطاع النفط تشكل 25% من الناتج المحلي الإجمالي و65% من الموازنة العامة. صحيحٌ أن الحكومة حاولت في مرحلة ما قبل الصراع الجاري أن تقوم بتنويع الاقتصاد من خلال تبني برامج إصلاحية هدفت إلى دعم القطاعات غير النفطية والاستثمارات الأجنبية، إلا أن هذه المحاولات لم تستطيع زحزحة هيكلية المالية العامة من الاعتماد على النفط سوى بنسب زهيدة([5]). في المقابل، شكلت المنح والمعونات الخارجية ما نسبته 14.4% من إجمالي الموارد العامة للموازنة في الفترة 2012-2014. وكان عجز الموازنة العامة حاضراً بصورة مستمرة، وقد ارتفع من 266 مليار ريال يمني عام 2010 إلى 908 مليار ريال يمني عام 2015. وقدر معدل نمو الدين العام بنسبة 13.5% في الفترة 2010-2014، ومن ثم قفز حجم الدين العام بشكل كبير من 4.74 تريليون ريال يمني (ما يعادل 22 مليار دولار) عام 2014 إلى 5.56 تريليون ريال يمني (ما يعادل 25 مليار دولار) عام 2015 وباحتدام النزاع عام 2015، تم تجميد صادرات الطاقة بصورة كاملة في أبريل 2015، وهو ما كان يمثل النسبة الأكبر من واردات اليمن والموارد العامة للدولة في السنوات السابقة، حيث شكلت صادرات الطاقة أكثر من 90% من الصادرات الكلية لليمن في الفترة 2011-2013، وكانت تسهم بما نسبته 40% من إجمالي الموارد العامة دون حساب الإيرادات المحصلة من المنح. تم أيضاً تجميد المنح والمساعدات الخارجية التي كانت قناة دعم هامة ما بعد 2011، وسرعت الحرب أيضاً عجلة الانهيار العام الذي شمل الاقتصاد والدولة، وقاد ذلك الى تدهور في ايرادات الضرائب. قدرت نسبة الموارد العامة للدولة (أي إجمالي الموارد العامة الحكومية/الناتج المحلي الإجمالي) بـ 24% قبل اندلاع النزاع، وانخفضت هذه النسبة إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2018. ويقدر البنك الدولي أيضاً أن نسبة الدين العام قد قفزت إلى 75% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2017، وقدر العجز الحكومي لعام 2018 لاحقاً بـ 600 مليار ريال يمني، حيث تم تمويله بصورة شبه كاملة عبر الاقتراض من البنك المركزي، وتم صرف 60% من هذا التمويل لسداد رواتب القطاع العام، و17% نفقات تشغيلية، و14% منافع اجتماعية، وما تبقى تم استخدامه في تمويل أصول أعباء الدين العام المحلي([6]). وفيما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد الكلي، فقد هبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي اليمني من 3.3% عام 2010 إلى -30.3% عام 2015، واستقر المعدل عند -10.9% عام 2017، وتقدر الخسائر التراكمية التي تكبدها الناتج المحلي الإجمالي بـ 47% خلال السنوات الثلاث التي تلت اندلاع الحرب([7]). الجوع والمرض يرفعان الوفيات الى 5 أضعاف بحسب تقرير الأمم المتحدة المشار اليه، ستزداد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن نقص القدرة على شراء الأغذية ونقص الرعاية الصحية وخدمات البنية التحتية، حتى تزيد عن خمسة أضعاف الوفيات المباشرة. ويقول تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” للعام 2018، الصادر في بداية 2019 إن النزاع المسلح في اليمن تسبّب منذ…

تابع القراءة

عملية “نبع السلام” التركية في سوريا…الدوافع والمآلات المستقبلية

كشف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان  ، الثلاثاء، عن نجاح عملية “نبع اللام” التركية، التي انطلقت قبل أسبوع، في اقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، بعرض 444 كلم من الغرب إلى الشرق وبعمق 32 كلم، سيجري إعادة نحو 4 مليون سوري من اللاجئين السوريين في تركيا إليها، في الفترة المقبلة.. وقال “أردوغان” على هامش اجتماع القمة السابعة لـ”المجلس التركي”، للدول الناطقة بالتركية بالعاصمة الأذرية باكو: “الدعم المقدم حتى اليوم لقرابة 4 ملايين من طالبي الحماية في بلدنا معروف، ونفقاتنا تجاوزت 40 مليار دولار، وقلت لجميع القادة تقريبا، هلمّوا لنعلن شمالي سوريا منطقة آمنة، الكل قال جميل، ولكن عند تقديم الدعم لم يخرج ولا قرش من جيوبهم”.   دوافع تركيا لاطلاق “نبع السلام“   منذ اندلاع حرب بشار الأسد على الثورة السورية، نفذت وحدات حماية الشعب الكردية، العديد من التجاوزات بحق السكان المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها شمال سوريا، ووقعت عمليات تصفية عرقية حيث ارتكبت قوات سوريا الديمقراطية أساليب مختلفة كالقتل والترويع والتشريد واستخدام المدنيين العرب والتركمان والآشوريين كدروع بشرية في الحرب ضد خصومها. وفي تقرير سابق لمنظمة لعفو الدولية التي نشرت تقريراً مفصلاً عن الأوضاع في المناطق الشمالية من سوريا، جاء فيه أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي يتحمل المسؤولية الكاملة عما وصفته بالتهجير القسري من المنطقة وتدمير المنازل، وهي العمليات التي تُعد بمثابة جرائم حرب.   كما تحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش عن عمليات اعتقال قامت بها وحدات حماية الشعب الكردي ضدّ العرب والتركمان بحجة الانتماء لتنظيم الدولة أو مناصرته، حيث وضعوا في سجون سرية في “تل أبيض” وترددت أنباء عن تصفيتهم أو إجبارهم على التنازل عن منازلهم وممتلكاتهم، وهو ما تمّ تفسيره على أنّ وحدات حماية الشعب الكردية تتبع سياسة التطهير العرقي بحق كل من هو غير كردي في مساعٍ للأكراد بإنشاء دولة كردية.   وأجرت قوات الأمن في مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي سلسلة مداهمات لإغلاق مكاتب الأحزاب السياسية المعارضة، واحتجزت وضايقت معارضين سياسيين وناشطين. اعتقلت معظمهم من دون توجيه أي تهمة.   وقال تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “قوات الأسايش”، القوة الأمنية داخل المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية؛ أقدمت بالاشتراك مع قسد، على تجنيد الأطفال دون سن 18 عاماً، للقتال في صفوفها، وذلك منذ عام.   وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن ممارسات القوات الكردية ضد السوريين ترقى إلى جريمة حرب، مشيرة إلى أن القوات الكردية أحرقت قرى عربية وتركمانية شمالي سوريا، وأجبرت سكانها على المغادرة تحت التهديد بالقتل.   ومع خسارة الثورة السورية لمعظم مناطقها وانكفائها إلى جيوب صغيرة أكبرها إدلب وتنامي قوة المليشيات الكردية المعادية لتركيا بفضل الدعم الأمريكي والأوروبي لها، والرغبة الجامحة لبشار الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس في الانقضاض على إدلب آخر أوراق الثورة السورية، ستصبح تركيا نفسها دون أي أوراق قوة أو ضغط في الملف السوري، وتصبح بين فكي كماشة؛ المشروع الانفصالي الكردي وملايين اللاجئين السوريين الذين لن يعودوا إلى سوريا في حال انتصار أسد.   وفي ظل تنامي الاحتجاجات الداخلية التركية على استقبال اللاجئين السوريين وخسارة حزب العدالة في انتخابات بلدية إسطنبول لأول مرة منذ ما يزيد على سبعة عشر عاماً.   باختصار الدوافع التركية تكمن في هواجس الأمن القومي حيث تريد بععض الطراف الاقليمية استمرار تأزم الحدود التركية السورية وتحيلها كمعبر للجماعات المسلحة والمناوئة لتركيا كحنجر في الخاصرة التركية، وحسابات الانتخابات وخسارة أوراقها التفاوضية في سوريا.   أهداف “نبع السلام“   وبعد عمليتين عسكريتين في سوريا، “درع الفرات”، و”غصن الزيتون” اللتين استهدفتا المناطق الحدودية السورية التركية، جاءت عملية عملية “نبع السلام”، في منطقة شرق الفرات شمالي سوريا، لمحاولة إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترا، تهدف إلى ضمان أمن الحدود، ومنع إنشاء ممر إرهابي، بالإضافة إلى توفير الشروط المناسبة من أجل عودة السوريين إلى ديارهم، بالقضاء على التهديدات، التي يمثلها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية السورية، عصب قوات “سوريا الديمقراطية” (قسد) ومسلحو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).   وأطلق الجيش التركي، في التاسع من أكتوبر الجاري، عملية “نبع السلام” في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، معلنا أن هدفه “تطهير المنطق من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ووحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم“. وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية فرعا لحزب العمال الكردستاني الانفصالي، وتصنفها ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.   مواقف دولية متضاربة   وقد أثارت عملية “نبع السلام” العسكرية موجة من الاحتجاجات الدبلوماسية والسياسية، على الصعيدين الدولي والاقليمي، فقد ثارت ثورة جامعة الدول العربية، فضبا، من العملية، فيما لم يحرك الجامعة قيد أنملة وقوع آلالاف الضحايا السوريين من جراء عمليات نظام الأسد ، أوالتدخل الإيراني، أو الروسي، الذي قصفت قواته المستشفيات والمدنيين بلا هوادة، وكذا الاختراق الاسرائيلي للأراضي السورية.. وهو ما رد عليه أردوغان باستهزاء مستحق  بأن الجامعة العربية لا تمثل الشعوب العربية، وان كلامها وبياناتها مرفوضة ولا قيمة لها.. فيما توالت الادانات الغربية ، التي تنطلق من مواقف ومصالح غربية بإبقاء سوريا مقرا للتنظيمات المسلحة كداعش وغيرها، في ظل تقارير عدة عن أن أغلب عناصر داعش الغربيين يتخذون من الشمال السوري مقرا، بتنسيق مع نظام بشار. كما ان اعادة السوريين  اللاجئين لأراضيهم سيضع مسئولية اضافية على الغرب لتقديم دعم إنساني مؤجل، في الوقت الذي تتحمل فيه تركيا العبء وحدها.   وعلى الرغم من مذابح نظام الأسد ضد شعبه ، إلا أنه أعلن رفضه للعملية، وتقاطرت التصريحات السورية المناوئة للعملية والتي تصفها بالاحتلال. ونالت “نبع السلام” تنديدا أوربيا واسعا، وانخرط الإعلام الفرنسي بالذات في حملة قوية ضد أردوغان، أما روسيا فقالت إن لتركيا الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها في الوقت ذاته تؤكد أنه ينبغي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأنه على كل القوات العسكرية الأجنبية التي لها “وجود غير مشروع” أن ترحل عن سوريا. فيما راوح الموقف الإيراني بين التفهم –على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني- والتأكيد على أن من حق تركيا تبديد مخاوفها على حدودها الجنوبية، وبين الدعوة من طرف وزارة الخارجية الإيرانية إلى إيقاف العملية العسكرية التركية في سوريا بشكل عاجل وخروج القوات التركية من الأراضي السورية.   وقد رد الرئيس التركي على الانتقادات والمواقف الدولية، بمقال نشره بصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، موضحًا الأسباب التي دفعت بلاده لبدئها. منتقدا المواقف الأوروبية والعربية من العملية. لافتا إلى فرنسا التي قررت منع بيع السلاح لتركيا تجاهلت مرارًا التحذيرات التركية في عامي 2014، و2015م بشأن الهجمات الإرهابية الوشيكة. أما أعضاء جامعة الدول العربية، الذين وصفوا عملية تركيا في شمال سوريا بأنها غزو، فاعتبر الرئيس التركي ذلك رفضا لجهود تركيا لجمع شمل اللاجئين السوريين بأراضي أجدادهم، ووجه عدة تساؤلات للقادة العرب: كم عدد ضحايا الحرب الذين اعترفوا بهم؟ كم أسهموا…

تابع القراءة

توجهات السياسة المصرية في ضوء خطاب السيسي  بالندوة التثقيفية الـ31 للجيش

جاءت كلمات عبد الفتاح السيسي في أول ظهور مباشر له، في الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة، وذلك عقب تظاهرات 20 سبتمبر الماضي، بعد بيانه الاحتفالي بذكرى أكتوبر، والتي أسماه “عيد القوات المسلحة” بدلا من ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، خشية اغضاب الصهاينة  –جاءت- كاشفة وحاسمة لكثير من التوجهات المستقبلية للسياسة المصرية الداخلية. حيث بدا السيسي مهزوزا في كثير من كلماته أمام قيادات الجيش الحاضرين، محاولا حشر نفسه داخل المؤسسة العسكرية، مصطفا معها ، رابطا مستقبله بمستقبلها.. وتمثلت أبرز التوجهات المستقبلية، في أن الحوار مع السياسيين غير مجد، وهو ما يعتبر انتصار لفكر وتوجهات المخابرات الحربية ودائرة السيسي الأكثر قربا منه، والمتمثلة في زجهة نظر نجله محمود، الذي جرى تصعيده كوكيل للمخابرات العامة، والذي سبق وأن رفض أن تقدم الدولة تنازلات سياسية او اقتصادية، تظهر النظام وكأنه يتراجع أمام التظاهرات الشعبية التي انطلقت في 20 سبتمبر الماضي. وهو ما اختلف معه رئيس جهاز المخابرات عباس كامل، في هذا الشأن، حيث ذهب إلى ضرورة اطلاق حوار سياسي مع المعارضين، بجانب اصلاحات اقتصادية، وتبنته بعض الأذرع الاعلامية، والتي كان من ضمنها، دعوة الاعلامي المقرب من جهاز المخابرات العامة، عمرو أديب بدعوته لحوار سياسي مع المعارضة والإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين، الذين جرى اعتقالهم على خلفية تظاهرات 20 سبتمبر، كحسن نافعة وماهينور المصري وحازم حسني وخالد داؤد… والتي رد عليها الاعلامي المقرب من جهاز الأمن الوطني أحمد موسى، مؤكدا أنه لا يوجد في مصر أي معتقلين سياسيين، وأن كل المحبوسين هم مجرمون جنائيين اقترفوا أفعالا  يعاقب عليها القانون…وهو ما يعكس خلافات بين أجنحة النظام، حول طريقة التعاطي مع التظاهرات والغضب الشعبي المتصاعد في مصر منذ20 سبتمبر…   مزيد من العنف:   وجاءت كلمات السيسي معبرة عن ربط استراتيجي لدى السيسي، بين التظاهرات الشعبية والعمليات “الإرهابية” ، وهو نفس النهج القمعي الذي يعمل به السيسي منذ انقلابه العسكري،  في اطار المواجهة العنيفة من قبل النظام ضد معارضيه، سواء السلميين والسياسيين ومن ينتهج العنف..وهو ما أوصل مصر إلى مرحلة من التردي المجتمعي والعنف الأمني الذي قتل أكثر من 3 آلاف مصري منذ الانقلاب العسكري، واعتقال أكثر من 120 ألف بالسجون…وهو على ما يبدو سيكون نهجا مستمرا للنظام في الأيام المقبلة، خاصة مع تزايد الاحتقان والغضب الشعبي في ظل عدم التنفيس السياسي والمجتمعي، وهو  ما قد يؤدي لانفجار مجتمعي في الذكرى التاسعة لثورة يناير ، وفق تقديرات بحثية.. وهو ما عبر عنه السيسي بقوله:  :”التحدى الحقيقى الذى يجابه منطقتنا هو تماسك شعوبها وعدم الخروج على الدولة”.، وهو  نهج طبقه العسكر في تظاهرات 27 سبتمبر الماضي، باغلاق مصر وقمع كل من بالشارع بتفتيش تلفوناتهم او ما يحملونه ومتعلقاتهم الشحصية في سبيل بقاء السيسي في الحكم.. ولعل ما يمثل رسالة من السيسي، هو تاميده على ربط المعارضة السلمية وحق التعبير عن الرأي بالارهاب، وهو ما تتلقفه مؤسسات الأمن بصياغته كقاعدة للتعامل مع المعارضة السياسية.. زاعما : “عندما كنت في نيويورك لم تنفذ أية أعمال إرهابية في سيناء لمدة أسبوعين وتركوا الفرصة للهدوء حتى يحركوا الناس في مصر ولكن عندما فشل ما يسعون إليه نفذت العملية الإرهابية في سيناء في نفس اليوم .. أي عندما فشلت عملية التحرير ، بدأت العملية الإرهابية لكي يعيدوا الكرة مرة أخرى“.  وهو ربط غير منطقي، يستهدف خلط أوراق اللعبة السياسية، لشيطنة معارضي السيسي، الذي يصر على تجاهل هموم ومطالب الشعب المصري..   تشوية ثورة يناير: وفي اطار التشوية المستمر للثورة المصرية والمنتميين إليها، طالبا من المصريين عدم اعادة الكرة مرة ثانية.. وحمل السيسي ثورة يناير أسباب فشله في كافة المجالات، واصفا ثورة يناير بالمرأة اللعوب، التي تتخلى عن ملابسها، ليفعل بها المنكر، قائلا: “مصر كشفت ضهرها وعرت كتفها في 2011 فأي حاجة تتعمل بقى “، متابعا:  “لو مكانش 2011 كان هيبقى فيه اتفاق قوي وسهل من أجل إقامة سد  النهضة”…وهو ما يتصادم مع دور السيسي الفاشل الذي يعرض مصر للخطر الوجودي، مقابل ان يحصل لانقلابه على اعتراف من افريقيا..بتوقيع اتفاق المبادئ لسد النهضة في مارس 2015، والي قنن مشروع سد النهضة، وأطلق يد الاثيوبيين في الحصول على قروض ومساعدات دولية لاكمال بناء السد… وأمام التحديات الوجودية التي يثيرها سد النهضة الإثيوبي في وجه المصريين، ذهب السيسي لإطار مغاير باحثا عن بدائل للمياة التي فرط بها لصالح الاثيوبيين، من أجل مصلحة شخصية لنفسه بالاعتراف الافريقي بانقلابه العسكري على غير ما هو متعارف عليه افريقيا.. كاشفا عن سلسلة من المشروعات الخاصة باطلاق محطات تحلية المياة ، سواء مياة البحر، أو مياة الصرف الصحي بتكلفة تصل 200 مليار جنيه…وهو ما قد يتضمن أيضا  سلسلة من الأمراض تهدد صحة المصريين..   وأوضح السيسي “إن حصة مصر من المياه حاليا مع بلوغ عدد سكانها 100 مليون نسمة هي نفس الحصة التي كانت تحصل عليها عندما كان عدد سكانها 15 مليونا ، ووفقا للمعايير الدولية نحن دخلنا في مستوى الفقر المائي للإنسان 500 متر في السنة ، ونحن كدولة قمنا بإعداد خطة متكاملة منذ 2014 وحتى الآن ، أنفقنا فيها ما يقرب من 200 مليار جنيه ؛ لإعادة تدوير المياه من خلال محطات معالجة ثلاثية متطورة عشان نقدر نستخدم المياه أكثر من مرة يعني تعظيم المتاح“.   وتابع :”إننا نقوم بإنشاء حجم ضخم من محطات المياه بالتحلية ، وهناك محطة في العلمين وأخرى في الجلالة ومحطة في شرق بورسعيد ومحطة في السخنة لإنتاج 150 ألف متر مكعب لكل محطة ، نحن نتحدث عن مليون ونصف مليون متر في اليوم ، هناك محطات أنشأناها للتحلية في شمال وجنوب سيناء وفي الغردقة وفي مطروح”..لافتا إلى أن هذه المشروعات ليست مقامة فقط لمجابهة سد النهضة ، وإنما لتوفير المياه اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين.   استمرار محاربة طواحين الهواء “السوشيال“ وتشير كلمات السيسي إلى استمرار نهجه في معاداة السوشيال ميديا، التي يعتبرها عدو للمصريين بعج فشل نظامه ولجانه الالمتروية في مواجهة الحقائق التي تكشف عبر تلك الشبكات، هاتكة أستار السيسي التي يفرضها على مل معلومات الدولة ومصائبه وكوارثه التي يحدثها في كافة قطاعات الحياة المصرية. واستغل السيسي الحديث عن سد النهضة الذي يمثل أولوية عند المصريين ومصدرا للرعب والقلق لديهم، لتخويفهم من وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه تابع خلال الفترة الماضية التعليقات التي وردت على مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص هذا الموضوع .. ووجد أن هناك مبالغة كبيرة جدا في ردود الأفعال .. مخاطبا الإعلاميين .. قائلا : “إن القضية لن تحل بهذا الشكل بل بالحوار وبالهدوء وهناك سيناريوهات مختلفة للتعامل مع كل موضوع“.   وتحدث السيسي عن الجيل الرابع للحروب، وإشعال الموقف قائلا : “إن التليفون الذي تحمله هو جهاز يعطي كل تفاصيل شخصية الفرد، والتفاصيل هذه تحول إلى دراسات لحواسب…

تابع القراءة

الانتخابات التشريعية التونسية.. مكاسب وتحديات

بقلم: حازم عبد الرحمن سطر الشعب التونسي إنجازا جديدا في طريق الانتقال الديمقراطي بإجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر 2019 , والتي تجاوزت نسبة المشاركة فيها 41%, وأسفرت نتائجها عن تصدر حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي بـ52 مقعدا، تلاه حزب “قلب تونس” الذي يتزعمه مرشح الرئاسة المفرج عنه من السجن نبيل القروي بـ38 مقعدا, وأظهرت النتائج حصول حزب التيار الديمقراطي على 22 مقعدا، يليه ائتلاف الكرامة بـ21 مقعدا، فالحزب الحر الدستوري (17)، وبعده حركة الشعب (16)، ثم حزب “تحيا تونس” الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد (14), وقد أشادت بعثة “مركز كارتر” لمراقبة الانتخابات التونسية بما وصفتها بـ”الإدارة الجيدة للانتخابات البرلمانية”. ورغم تصدر “النهضة” لنتائج الانتخابات, إلا أنه من الملاحظ تراجع شعبية الحزب الذي حصل في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011 على 89 مقعدا داخل المجلس. وفي أول انتخابات تشريعية تجري بعد إقرار دستور 2014، حصل على 69 مقعدا داخل مجلس النواب المنتهية ولايته. ولكن على الرغم من أن “النهضة” ظل الأكبر في مجلس النواب، إلا أنه خسر 20 مقعدا بالمقارنة بنتائج انتخابات 2011؛ فكيف حدث هذا التراجع؟ الواقع أن التراجع لم يكن من نصيب “النهضة” فقط, وإنما شمل جميع الأحزاب التي شاركت في السلطة, وكان أداؤها غير مرض للشارع الذي يعاني أزمة اقتصادية متفاقمة, صنعت شعورا جمعيا بفشل الحكومات والأحزاب السياسية؛ ما دعا بعض المرشحين في الانتخابات البرلمانية إلى رفع شعارات “مناش حزب” أي أنه لا ينتمي إلى حزب سياسي؛ بسبب ما طال الأحزاب من انتقادات لمشاركتها في حكومات ما بعد الثورة منذ 2011 وحتى الآن, وقد أسقطت الانتخابات حزب “نداء تونس” تماما, الذي أسسه الرئيس الراحل قائد السبسي, وتفكك الحزب وأصبح أثرا بعد عين, ولم يحصل حزب “تحيا تونس” الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلا على 14مقعدا؛ وأعلن رئيس حزب آفاق تونس ياسين إبراهيم استقالته من رئاسة الحزب على خلفية الفشل الذريع للحزب في الانتخابات التشريعية؛ لذلك يمكن القول إن تراجع “النهضة” هو نصيبها من دفع فاتورة التوافق مع حزب “نداء تونس” لترسيخ التحول الديمقراطي والحيلولة دون تعطيل مسيرة البلاد في نجاح تجربتها الجديدة, التي يترصد لها محور الثورة المضادة المعادي للربيع العربي وحريات الشعوب, وقد تعرضت “النهضة” لحملات تشويه, واتهامات باطلة, وهذا ليس بعيدا عن مؤامرات أنصار الثورات المضادة الذين يرهبون الشعوب بـ “فزاعة” الإسلام السياسي لمصادرة حقوقها وحرياتها، وفي الوقت نفسه تفتقد “النهضة” الذراع الإعلامي القوي الذي يدافع عنها ويروج لبرنامجها وأفكارها, مثلما حدث مع المرشح الرئاسي نبيل القروي وحزبه “قلب تونس”, بسبب حجم الدعاية الضخم الذي تم تسخيره له في الانتخابات البرلمانية, ولرئيسه كمرشح للرئاسة. * أثر الثورة المضادة بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في 3 يوليو 2013 أعرب أنصار الربيع العربي عن خشيتهم من تكرار التجربة في تونس, وكان محور الثورة المضادة يجهز بالفعل مؤامراته للانقضاض على التجربة الوليدة في الأرض التي شهدت ميلاد ثورات الربيع العربي, وكان من أبرز تجلياتها ما خطط له وزير الداخلية السابق لطفي براهم، بالتعاون مع الإمارات؛ لنسف التجربة الديمقراطية بالبلاد, والعودة بها إلى الدكتاتورية, ورغم فشل هذه المحاولة وغيرها, إلا أنه بات من المؤكد استمرار محور الثورة المضادة في العمل ضد تونس, ومحاولة إفشال تجربتها الديمقراطية,  خاصة مع بقاء موالين للنظام البائد في دوائر الأحزاب ووسائل الإعلام ومراكز المال والنفوذ، وهم مرتبطون بالرعاة الإقليميين للثورة المضادة الذين يسعون إلى إسقاط التجربة التونسية الرائدة, وقد أدلت قيادات حزبية بتصريحات, تؤكد أن هدفها هو إقصاء حركة النهضة, وعزلها, وهذا السلوك مؤشر خطير على فعل الثورة المضادة وخلاياها السياسية النائمة, فهي لا تهتم بالوصول إلى السلطة الآن, وإنما بإقصاء “النهضة” حتى يضعف الصف الثوري ويعود نظام بن علي البائد من بوابة الديمقراطية, وهذا ما دفعها, مع غيرها إلى الحفاظ على استمرار التوافق بعد نجاح الثورة ثم طوال فترة رئاسة السبسي, الذي كان من نتائج رحيله صعوبة إجراء التوافق السابق الذي كان من نتائجه أيضا تضحية الحركة بجزء كبير من قاعدتها الانتخابية لتفكيك المنظومة القديمة من جهة أولى، ولضمان الشروط الضرورية لاستمرار الانتقال الديمقراطي, وهو ما جعلها الآن في وضعية حرجة لا تسمح لها بهامش مناورة كبير . وقد اتهم وزير الخارجية التونسية الأسبق، القيادي في حركة “النهضة” رفيق عبد السلام دولة الإمارات العربية المتحدة، بأنها عراب الثورات المضادة ومشاريع الخراب في المنطقة العربية، وقال إنها تكفلت بدفع مليون دولار لشركة علاقات عامة أمريكية لتحسين صورة المرشح للرئاسيات التونسية نبيل القروي مؤكدا أن مشروع القروي لا يزيد عن كونه حلقة جديدة في مسار تدمير الديمقراطية وضرب الثورة التونسية في مقتل, وأن الجهة التي تكفلت بدفع هذا المبلغ (مليون دولار أمريكي) هي أبو ظبي. * تحدي تشكيل الحكومة إذا كان نجاح إجراء الانتخابات التشريعية ترسيخا للديمقراطية, فإن تشكيل الحكومة التونسية يمثل تحديا تجلت مظاهره في تصريحات قيادات الأحزاب الفائزة في الانتخابات؛ ففي حين أعلنت حركة “النهضة” وضع شروط تحدد ملامح تحالفاتها المقبلة بادرت قوى سياسية أخرى مثل حزب “قلب تونس” إلى تأكيد أنها ستختار المعارضة ولن تتحالف مع النهضة التي أكدت أنها ستعمل على التفاوض مع الأحزاب والمستقلين القريبين منها من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة تستجيب لطلبات التونسيين في العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد, ومثل حزب “قلب تونس” يأتي “الحزب الدستوري الحر” سليل الحزب الحاكم السابق لنظام بن علي, وتقوده عبير موسى المعادية للثورة التونسية, وقد أعلنت “النهضة” أنه لا مجال لإجراء مشاورات مع الأحزاب المتورطة بشبهات فساد مالي، أو أحزاب لا تعترف بالثورة وما زالت مشدودة إلى منظومة الاستبداد، في إشارة إلى حزب “قلب تونس” و”الحزب الدستوري الحر”, ولذلك لن تكون هناك خيارات مريحة أمام “النهضة” في مشاورات تشكيل الحكومة, وإذا لم تنجح المشاورات, واستحضار روح التوافق التي رسخت التجربة الديمقراطية, فإن البديل لن يكون في صالح أي من الأحزاب, وسيكون الجميع أمام انتخابات تشريعية جديدة, تترك آثارا على ثقة الشارع التونسي في الأحزاب جميعا, وتفاقم من الأزمات التي تعيشها البلاد. لذلك فإنه ليس أمام الأحزاب والمستقلين الذين تم انتخابهم إلا تنحية خلافاتهم جانبا، واتخاذ خطوات سريعة لتعزيز المؤسسات الديمقراطية الجديدة في تونس، وتحسين الوضع الاقتصادي، وتجديد ثقة المواطنين في قدرة البلاد على استكمال الانتقال الديمقراطي.

تابع القراءة

المشهد السياسى من 30 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2019

أولاً: المشهد الداخلى تداعيات مظاهرات 20 سبتمبر إطلاق سراح 96 من المقبوض عليهم على خلفية مظاهرات 20 سبتمبر. أفرجت أقسام شرطة بمحافظات السويس والإسكندرية ودمياط وبورسعيد، الإثنين 30 سبتمبر 2019، عن 96 على الأقل من المقبوض عليهم على خلفية مظاهرات 20 سبتمبر، بينهم 20 طفلًا (أقل من 18 عامًا). جدير بالذكر أن عدد المقبوض عليهم على خلفية مظاهرات 20 سبتمبر 2019، تجاوز الألفي شخص، مَثُل 1859 شخصًا منهم أمام النيابة، بحسب إحصاء المركز المصري[1]، بينما أعلنت «المفوضية المصرية للحقوق والحريات» في وقت لاحق، أن أعداد المعتقلين في أحداث 20 سبتمبر، بلغت 3080 معتقلا، فضلا عن 40 معتقلا رفضت أسرهم الحديث عنهم[2]. في السياق ذاته، فقد جددت نيابة أمن الدولة، حبس طارق الشيخ، أستاذ القانون بجامعة الزقازيق، 15 يومًا على ذمة التحقيق، في اتهامه بـ«إذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإدارة موقع يحض على الإضراب والامتناع عن العمل في الجامعات والعمل على تكدير الأمن العام». والموقع المذكور في الاتهامات، المقصود به الجروب الخاص بـ «علماء مصر غاضبون» على فيسبوك. كان “الشيخ” قُبض عليه في 31 أغسطس 2019، وعُرض على نيابة أمن الدولة في 4 سبتمبر 2019. هناك من يرى أن الإفراج جاء على خلفية إشارة بيان النائب العام عقب الحادث، إلى إفادة بعض المقبوض عليهم أنهم أُلقي القبض عليهم لتواجدهم عرضًا بأماكن التظاهرات، فضلًا عن عدد آخر تواجد لعلمه بوجود احتفالات عقب فوز النادي الأهلي بكأس السوبر المصري. بينما هناك من يعتقد أن الإفراج ربما نتيجة موقف سياسي من الدولة المصرية، فالكثير من المحبوسين على ذمة التحقيق تواجدوا بالصدفة حسبما أفادوا في التحقيقات ولم يُفرج عنهم. من الممكن أن يكون المفرج عنهم ممن ليس له نشاط أو انتماء سياسي؛ خاصة أن هناك ما يزيد عن 2800 شخص لا يزال رهن الاعتقال، كما أن هناك اختفاءات قسرية على خلفية تظاهرات 20 سبتمبر؛ مثل: العضو المؤسس بحزب العيش والحرية، محمد وليد سعد أمين، والذي اختفى من مطار القاهرة حيث كان متوجهًا للعاصمة السعودية الرياض لاستئناف عمله هناك بعد قضائه إجازة لمدة شهر في القاهرة. واختفاء عبدالله غنيم، مُنتج محتوى لعدد من المواقع الصحفية. النظام والبحث عن كبش فداء.. رئيس البرلمان يحمل الحكومة مسئولية المظاهرات ودعا للوقوف خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة والشرطة المصرية. في أولى جلسات دورة الانعقاد الخامسة والأخيرة للبرلمان، قال رئيس المجلس علي عبدالعال “لن نسمح لكل المسئولين التنفيذيين أن يصدروا المشاكل لرئيس الجمهورية، وعليهم أن يتحملوا المسئولية، وأن يحنوا على الشعب الذي ينتظر منهم كثير”، داعياً البرلمان إلى ضرورة أن يبادر في تنفيذ كل الأدوات الرقابية، مؤكدًا أن التاريخ لن يرحم هذا المجلس إذا ترك التنفيذيين بهذه الصورة، وأضاف “المشكلة تتمثل في رئيس يقفز في سبيل تحقيق الأهداف، وحكومة تسير على قدم واحدة، ومجالس محلية غائبة، والتي حان الوقت لإجراء انتخاباتها، لاحتواء الشباب بدلاً من الجلوس في المقاهي”[3]، مضيفاً أن “هذه الجلسة لإعلان اللحمة الوطنية، والوقوف خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة والشرطة المصرية”[4]. خلال الجلسة ذاتها، قال مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، “نريد مصالحة وطنية حقيقية مع الطبقة الوسطى التي تآكلت وانضمت للطبقة الكادحة، ومصالحة مع الصحافة التي تحولت إلى إعلام المنع والمنح ولم تعد تستطيع استضافة نائب أو وزير أو محافظ، ونريد للقوى الناعمة أن تقوم بدورها”، وتابع بكري “هناك فقر ومآسي كثيرة وواقع مرير يزداد وحكومات شبه بعض ووزراء مينفعوش، وإنقاذ مصر من مخطط الفوضى في يد الرئيس.. الأحزاب السياسية ماتت ويجب أن يعطيها الرئيس قوة ودفعة، ومن حق المعارض أن يكون له وجود وأن يكون للإعلام رأي آخر”، واستطرد بكري مخاطبا الرئيس “بص في الدولاب يا ريس كويس، هتلاقى حاجات كتير عايزة تتغير”[5]. كما شن الإعلاميون الموالون للنظام هجومًا شديدًا على الوزراء وأدائهم، ودعوا إلى ضرورة مراجعة سياساتهم المتبعة، الإعلامي محمد الباز، مقدم برنامج “90 دقيقة” على قناة المحور، قال إن قرارت الحكومة المصرية ليست قرآنًا، والأخطاء بها واردة ويمكن مراجعتها، مشيرًا إلى أن هناك بعض القصور في تطبيق قرار رفع الدعم عن غير المستحقين، ولكن هناك وعي لمعالجة تلك الأخطاء. وهناك احتمالية إجراء تغيير وزاري واسع النطاق خلال الأيام القليلة الماضية، في محاولة لضخ دماء جديدة والإطاحة بالأسماء التي لم تكن على قدر المسؤولية ولم تضع مشاكل المواطنين نصب أعينها وفق ما تم الترويج له. الأسماء التي يتوقع أن يشملها التعديل الوزاري تمثل الحلقة الأضعف في دائرة السيسي على رأسها وزير المالية محمد معيط ووزير العدل حسام عبد الرحيم ووزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق ووزيرة التخطيط هالة السعيد ووزير التعليم العالي طارق شوقي، بجانب وزير التضامن الاجتماعي محمد مصيلحي[6]. بعد موجة التظاهرات الأخيرة: النظام يسعى لاسترضاء المواطنين. أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية إعادة مليون و800 ألف مستبعد إلى بطاقات صرف السلع التموينية. وقالت وزارة التموين، أن بعد توجيهات الرئيس السيسي، بالتزام الحكومة بالحفاظ على حقوق المواطنين البسطاء فيما يتعلق بالدعم، فإنها تبحث بشكل عاجل ملفات المُتظلمين من الحذف من القاعدة التموينية، وأنّ اللجنة الخاصة بالعدالة الاجتماعية والوزارة تراعى توجيهات الرئيس لضمان عدم حدوث أي أخطاء في وصول الدعم لمستحقيه، وأي مواطن ثبت أنّ بطاقته توقفت بالخطأ ستعود، ويحصل على حقه دون نقصان، وأنّ ما تردد من شائعات خلال الأيام الماضية، بحذف أي موظف حكومي راتبه أقل من 2000 جنيه حديث يراد به باطل وغير صحيح، فهذا الموظف ومعه المرأة المعيلة والأرملة لهم الأولوية في الحصول على البطاقة التموينية[7]. وكتب السيسي، على حسابه الرسمي على موقع “فيسبوك”: “في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل، فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلباً ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية، وحذف بعض المستحقين منها”[8]. وإن كان ثمة حديث عن رأيان قدّمهما جناحان إلى السلطة، الرأي الأول يقول: إن إعلان أيّ قرارات حالياً سوف يُفسَّر بأنه تنازلات من النظام أمام الضغوط التي يتعرّض لها، وسوف يزيد الوضع تعقيداً، ما يشكّل خطراً على النظام في المدى المتوسط، ولذلك شدّد أصحاب هذا الرأي على ألا تكون هناك قرارات استثنائية الآن. أما الرأي الثاني فيطالب بإعلان قرارات تخدم المصلحة العامة، وتكون صلاحيات الرئيس فيها محدودة، لتأكيد أن الدولة تعمل للمواطنين، وهو ما يبدو أن النظام أُخذ به[9]. ولعل ما يدعم ذلك حديث إعلاميون على رأسهم ياسر رزق رئيس مؤسسة أخبار اليوم، وأحد أبرز المقربين من السلطة الحاكمة، الذي صرح أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة بأنه يتوقع “حدوث انفراجة في اتساع المجال العام للأحزاب، وفي مجال حرية الرأي والتعبير للكتلة الوطنية المنضوية تحت لواء 30 من يونيو، ومن الخطأ الجسيم إقصاء أي فصيل من المشاركين في تحالف يونيو، فلا بد أن يتسع مجال الحريات في الإعلام، فليست الحرية على النحو المنشود”[10]. ويدعمه أيضاً قرار الحكومة المصرية بتخفيض سعر الوقود[11]،…

تابع القراءة

مبادرة اسرائيل لتطبيع العلاقات مع “الخليج” دون سلام مع الفلسطينيين

الأهداف والتداعيات والمخاطر : في تطور استراتيجي، وفي توقيت بالغ الدفة، ووسط تحديات جمة تواجهها دول الخليج العربي ، سواء بالتصعيد الإيراني أو الانسحاب الأمريكي المتواصل من الشرق الأوسط وعرضها خدمات الحماية مقابل المال لمن يدفع، بجانب تشظي الموقف الخليجي وسط الانقسامات الاستراتيجية  والحصار المفروض على قطر من قبل السعودية والامارات والبحرين..عرضت إسرئيل على دول خليجية مبادرة لاتفاق لتطبيع العلاقات، دون النص في هذه المرحلة على إمكانية توقيع اتفاقيات سلام كاملة بسبب بقاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكشفت “القناة 12” الإسرائيلية في تقرير لها يوم 6 أكتوبر،  النقاب عن مساع تبذلها تل أبيب من أجل توقيع اتفاقية “عدم حرب” مع دول بالخليج بهدف التصدي لخطر إيران وتحجيم نفوذها في الشرق الأوسط، وفق ما ذكر موقع “آي 24” الإخباري الإسرائيلي.   وذكرت أيضا أن إسرائيل تسعى من وراء هذا الاتفاق أيضا لتطبيع علاقاتها مع دول الخليج في مجالي “مكافحة الإرهاب” والتعاون الاقتصادي، بسبب إدراكها أنه من “المستحيل” في المرحلة الحالية إبرام اتفاق سلام كامل في ظل استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتحدثت مصادر إسرائيلية عن أن وزير الخارجية “يسرائيل كاتس” عرض المبادرة على نظرائه الخليجيين، في سلسلة لقاءات عقدها معهم على هامش المؤتمر السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك. بل يشير البعض إلى تشكيل طواقم عمل مشتركة لإنجاز الاتفاق الذي تحدث البعض عن أنه سيتكون من 12 بندا. وكتب “كاتس” على حسابه على الفيس بووك، أن “هذه الخطوة التاريخية ستضع نهاية للصراع وستسمح بالتعاون المدني لحين التوقيع على اتفاقيات سلام“.   بنود الاتفاق   ويشمل الاتفاق أربعة بنود، هي: أولا : “تطوير الصداقات والتعاون بين الجانبين، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي“.   ثانيا: “اتخاذ خطوات ضرورية وفعالة لضمان عدم انطلاق نشاطات أو تهديدات قتالية وعداء وتآمر وعنف أو تحريض ضد طرف، لا تُبلور أو تمول من أرض الطرف الآخر“.   ثالثا: “الامتناع عن الانضمام والدفع أو مساعدة ائتلاف أو منظمة أو تحالف ذي طبيعة عسكرية أو أمنية، مع طرف ثالث”.   رابعا: أن “يتم حل أي خلافات ناشئة عن الاتفاقية عن طريق المشاورات“.   تطبيع مجاني   وعلى الرغم من عدم اقامة علاقات دبلوماسية معلنة بين دول الخليج وإسرائيل، إلا أن التطبيع السري المتبادل والمجاني يسير على قدم وساق، جاءت المبادرة لتقنين التطبيع الاسرائيلي مع الدول الخليجية، فقبل أيام من الاعلان عن المبادرة الإسرائيلية، هنأت السعودية من خلال سفارتها في واشنطن، “يهود أمريكا” بمناسبة رأس السنة العبرية، في خطوة تُعد الأولى من نوعها بتاريخ المملكة، وهو ما يعطي مؤشراً على تقدُّم العلاقات الإسرائيلية-السعودية منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد.   وقبل الرياض، هنأ وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد برأس السنة العبرية في تغريدة نشرها على حسابه كتبها بـ”اللغة العبرية”، فضلاً عن لقاءات كثيرة لوزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة مع مسؤولين إسرائيليين ويهود، وتصريحاته المثيرة للجدل، والتي أقر من خلالها بـ”حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها”، كما زعم. بجانب تطبيع رياضي وثقافي على استحياء من قبل الدوحة، وتعمق علاقات الاقتصادية والتجارية بين اسرائيل وسلطنة عمان.   ومع صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم وتوليه منصب ولاية العهد، لوحظ وجود بعض العلاقات بشكل مباشر وغير مباشر مع “إسرائيل”، تُوِّجت بزيارة عدد من الشخصيات السعودية لها، وإبرام اتفاقيات عسكرية وأمنية واقتصادية.   وانتقلت العلاقة بين المملكة و”إسرائيل” من مرحلة الأحاديث الإعلامية إلى أرض الواقع؛ من خلال لقاءات جمعت مسؤولين من البلدين بشكل مباشر، ليعطوا بذلك إشارة بدء الظهور للعالم، وإنهاء مرحلة التخفي الطويل في العلاقات فيما بينهم.   كما تصدرت الإمارات قطار التطبيع مع الاحتلال، وكان أبرزها ما كشفه وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي ووزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، إذ طرح خلال زيارته مؤخراً إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي مبادرة لربط السعودية والخليج مروراً بالأردن بخط السكك الحديدية الإسرائيلية وصولاً إلى حيفا، وفق ما بينت صفحة “إسرائيل بالعربية” التابعة لخارجية الاحتلال. وحققت العلاقات الإماراتية الإسرائيلية قفزة كبيرة، وبدأت تنتقل العلاقات السرية للعلن، وتمثلت آخر حلقاتها بدعمها ومشاركتها في ورشة البحرين الخاصة بالشطر الاقتصادي لـ”صفقة القرن“. كذلك زار وفد عربي ضمّ مسؤولين سعوديين وإماراتيين أمنيّين وعسكريين “تل أبيب”، مطلع يوليو الماضي، وأجرى لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين تتعلّق بالجانب العسكري.   وتحمل الإمارات راية التطبيع مع “إسرائيل” في السنوات الأخيرة، واستضافت وزراء وشخصيات إسرائيلية بارزة، فضلاً عن استقبال البعثات الرياضية الإسرائيلية؛ كبطولة العالم للجودو، ورالي أبوظبي الصحراوي، وغيرها.   وأعلنت الإمارات ضمن علاقاتها المتينة مع “إسرائيل”، في سبتمبر الماضي، إنشاء أول معبد يهودي رسمي في البلاد، سيكتمل في ثلاث سنوات.   وآخر ما كُشف عنه من العلاقات بينهما كان في الثامن من يناير الماضي؛ إذ بينت القناة العاشرة العبرية أن زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب العمل، آفي غباي، زار العاصمة الإماراتية أبوظبي سراً، في الثاني من ديسمبر الماضي.   كما سبق أن استُقبلت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف، على رأس وفد رياضي قادم من “تل أبيب”، للمشاركة في بطولة أبوظبي للجودو بأكتوبر الماضي، وفي خطوة أثارت استفزاز العالم الإسلامي دخلت إلى مسجد الشيخ زايد، أكبر مساجد الدولة.   كذلك التقى سفيرا الإمارات والبحرين؛ يوسف العتيبة، وعبد الله بن راشد آل خليفة، رئيسَ الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مطعم راقٍ بواشنطن، في مارس 2018، وناقشا معه العلاقات الثنائية.       أهداف اسرائيل   ولعل الخطوات التشجيعية الخليجية التي قدمتها العواصم الخليجية لتل أبيب، تؤكد أن العلاقات على أعلى درجات التنسيق في المواقف، والدعم المتبادل، إلا أن تل أبيب ترغب في تأطير تلك العلاقات في شكل دبلوماسي وبرتوكولي، خشية تغير أنماط الحكم والحكام الخليجيين الموجودين حاليا. كما تستهدف التمهيد السياسي والدبلوماسي لتفاهمات عربية أكثر تناسقا مع الخطة الأمريكية الاسرائيلية المتعلقة بصفقة القرن، حيث من المتوقع أن تبتز إسرائيل وواشنطن الأموال العربية عبر تلك  الاتفاقية، تحت ستار مكافحة الإرهاب، سواء الفلسطيني المسمى مقاومة –بحسب اسرائيل- أو بالمثل الإرهاب الايراني بحسب الحسابات الخليجية، ومن ثم تكون المصالح متبادلة. كما تستهدف اسرائيل النشارك بقوة في أمن الخليج العربي، بعد الانسحابات المتتالية للقوات الأمريكية من الشرق الأوسط، فتريد اسرائيل احلال قواتها ودعمها العسكري ودفاعاتها الصاروخية مكان الأمريكية، بما يضمن لها ولشركاتها الأمنية حصة في كعكة تأمين الخليج مستقبلا. ولعل ما يؤكد ذلك، ما كشف عنه في سبتمبر 2018، عن شراء السعودية  لمنظومة “القبة الحديدية” الاسرائيلية، كذلك جرت خلال الفترة الماضية مشاورات ولقاءات سرية جديدة بين مسؤولين سعوديين و”إسرائيليين؛ بهدف التوقيع على اتفاقيات شراء منظومات أمنية متطورة، وتدعيم تبادل الخبرات العسكرية بين الطرفين. كما تبرز مواجهة إيران، كهدف اسرائيلي أساس في المنطقة، حيث سبق وأن قدمت إيران مبادرة عدم اعتداء، لإحلال سلام مشترك بين إيران ودول لخليج، يبدو أنه محل دراسة من قبل…

تابع القراءة

تشكيل الحكومة اختبار صعب أمام برلمان تونس المنقسم

في رابع اختبار ديمقراطي منذ ثورة الياسمين في 2011، نجح التونسيون في إنجاز انتخابات حرة وديمقراطية، وتأصلت بشكل واضح ونهائي مسألة التداول السلمي للسلطة وقداسة الصندوق الذي يحمل في طياته قرار الشعب باختيار من يحكمه، وهو الإنجاز الأهم والأكبر الذي حققته التجربة التونسية.   النتائج شبه النهائية   وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية كانت في حدود 41.32% داخل تونس و16.4% خارجها.. وكشفت الأرقام الأولية، أن 68.9% من الناخبين صوّتوا لأحزاب و17.7% لقائمات ائتلافية و13.4% لمستقلين.   وقد جاءت  حركة النهضة في مقدمة الأحزاب بحوالي 18% من الأصوات يليها حزب “قلب تونس” بـ16% ، ثم “الحزب الدستوري” بـ6.8% و”ائتلاف الكرامة” بـ6.1% ثم حزب “التيار الديمقراطي” بـ5.1% و”حركة الشعب” بـ4.7% و”تحيا تونس” بـ4.7% و”عيش تونسي” بـ2.6% وحزب “البديل” بـ2.1% و”نداء تونس” بـ2% فقط من الأصوات.   وبحسب هذه النتائج الأولية، ستكون حركة النهضة صاحبة المرتبة الأولى بأكثر من 40 مقعداً، وربما تتجاوز 45 مقعداً بإضافة نواب الخارج، وحزب قلب تونس بـ33 مقعداً وائتلاف الكرامة بـ18 مقعداً وحركة “تحيا تونس” بـ16 مقعداً وحركة الشعب بـ15 مقعداً والحزب الدستوري الحر بـ14 مقعداً والتيار الديمقراطي بـ14 مقعداً وعيش تونسي بـ5 مقاعد وحزب البديل التونسي بـ3 مقاعد وحركة نداء تونس بما بين مقعد وحيد وأربعة مقاعد. فيما ينتظر المستقلون اعلان النتائج النهائية لتحديد الفائزين من المستقلين، الذين يقدر عددهم بنحو 16% ، وهو رقم يمكن أن يكون محدداً سواء لائتلاف الحكم أو المعارضة.     مؤشرات انتخابية   ضعف المشاركة: وأرجع مراقبون ضعف نسبة التصويت لأسباب متعددة من بينها تلازم الانتخابات التشريعية والرئاسية وعدم قيام الهيئة بجهد في تشجيع الناخبين، وتركيز الجميع طيلة الأسبوع الماضي على مشاكل الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى مسائل تقنية متعددة تتعلق ببعد مراكز الاقتراع وطريقة تسجيل الناخبين وغيرها، تضاف إليها تداعيات نفور الناخبين من العمل السياسي التي ظهرت في كل المواعيد الانتخابية الأخيرة، ما جعل حوالي 60% من الناخبين يمتنعون عن التصويت.   برلمان منقسم:   وتعبر النتائج أيضا عن انقسام محتمل، في البرلمان الجديد، فالنتائج لم تعط أي قوة لأي حزب أو قوى منفردة، وجاءت دون منح أي قوة سياسية أغلبية ولو نسبية تمكنها من العمل بأريحية وتنفيذ برامجه التي انتخب على أساسها، بل إن هذه النتائج ضاعفت المخاوف من دخول المشهد السياسي الجديد مرحلة تقلبات متواصلة وعدم استقرار قد يتكرر على مدى السنوات القادمة. ومن واقع الخبرة التونسية، فقد كان حزبي النهضة ونداء تونس يتمتعان بـ69 مقعداً و89 مقعداً على التوالي في البرلمان السابق، ومعهما أحزاب  أخرى، ومع ذلك لم ينجحا في تكوين حكومة مستقرة بإمكانها تحقيق مطالب الناس، وتشكلت على مدى السنوات الخمس الماضية أربع حكومات، فكيف سيكون عليه الأمر بهذا التوزيع للمقاعد، ومن بإمكانه أن يتحالف مع من..في ظل تفتيت القوى البرلمانية، بين القوى المتعددة.   توافق حكومي بعيد المنال ومع الموزازييك السياسي الناجم عن الانتخابات التشريعية الثانية في تونس منذ ثورة الياسمين، من المتوقع أن يعجز البرلمان حتى عن تشكيل حكومته الأولى، حيث ستوكل مهمة تكوينها لحركة النهضة وفق ما ينص عليه الدستور، بينما أعلن كل من حزب قلب تونس والتيار الديمقراطي والحزب الدستوري عن عدم استعدادها للتحالف مع النهضة بمجرد صدور النتائج. ناهيك عن امكانية النجاح في تحقيق أي حزب أو ائتلاف لبرنامجه الانتخابي.. وهو ما استبقته حركة النهضة بالاعلان عن قاعدة اختيارها للحكومة القادمة، حيث أكّد القيادي بحركة النهضة عبد الكريم الهاروني في تصريح للقناة الوطنية الأولى أنّ الحركة ستجري مشاورات لتكوين حكومة كفاءات سواء من داخل الأحزاب أو خارجها. وعبّر عن أمله في أن توفّق النهضة في تكوين الأغلبية حتى ”لا نجد أنفسنا أمام إعادة الانتخابات”، مضيفاً أنّ النهضة ستبني تحالفات مع الثورة وضدّ الفساد، حسب قوله. فيما اعتبر زعيم الحركة راشد الغنوشي في ندوة صحافية، الأحد، أنّ حركته تعلمت من أخطاء المرحلة السابقة، وأنها تلقت رسائل وتحذيرات التونسيين، متعهّدا بأن تحكم النهضة ببرنامج ضدّ الفساد وتتخذ قرارات قوية وأن تضرب بقوة على أيدي الفاسدين، وأنّها في المقابل تطلب مساندة الشعب لتنفيذ تعهداتها، وفق تصريحه.   وشدّد الغنوشي على أنّ تونس تعيش مرحلة جديدة، مؤكّدا أهمية انسجام السلطة وقيامها على برنامج، وليس على توافقات بين أشخاص، على رأسها محاربة الفساد وتحقيق التنمية. وأشار إلى ضرورة الانسجام بين أقطاب السلطة، معتبرا أنّ من سلبيات المرحلة السابقة أن السلطة لم تكن على انسجام مرات كثيرة. وفيما تميز برلمان 2014 بوجود أغلبية مطلقة في مقابل معارضة محدودة العدد، سيتميز هذا البرلمان بوجود أغلبية نسبية، إن تحققت، ومعارضة واسعة وقوية، ما يعني أنها ستصطدم بمعارضة قوانينها ومشاريعها، علاوة على استكمال وضع المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية. فرز حزبي ومن ضمن المؤشرات السياسية التي عبرت عنها تشريعيات تونس، جاءت انتخابات 2019 لتنحي أحزابا أخرى من بينها “التكتل” و”الجمهوري” و”حراك تونس الإرادة” و”مشروع تونس” و”آفاق تونس”، وخصوصا اليسار التونسي التقليدي ممثلا بـ”الجبهة الشعبية”، و”نداء تونس” الذي سقط من القمة إلى القاع سقوطاً مدوياً، أكد أن هذا الحزب لم يكن إلا محطة سياسية عابرة تأسست على فكرة مؤقتة ماتت بموت صاحبها. لكنها في المقابل قدمت قوى جديدة للساحة السياسية، من بينها “ائتلاف الكرامة” و”عيش تونسي”، و”الجمعية” التي تتحول شيئا فشيئا إلى حزب، وحزبا “حركة الشعب”، “التيار الديمقراطي” اللذان رُفعا إلى مرتبة أعلى ومرحلة جديدة من مساريهما، بالإضافة إلى “الحزب الدستوري الحر” الذي يدخل البرلمان بقوة وسيكون صوتاً معارضاً قوياً على مدى السنوات القادمة.   عدم إجماع وفي السياق ذاته، تعبر النتائج عن عدم وجود قوة  سياسية واحدة تمكنت من إقناع غالبية الناخبين، فقد شكلت خليطاً بين قوى الثورة والنظام القديم، والإسلاميين والحداثيين، واليسار الاجتماعي والأحزاب الليبرالية، بما يؤكد أن المزاج التونسي العام لا ينتصر لفكرة محددة أو لمرجعية أيديولوجية ثابتة، وإنما هو بصدد البحث أساسا عمن يمكن أن يحقق أهدافه التي ثار من أجلها.   تصويت عقابي كما كان لافتا تراجع حصة حزب الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي من مقاعد البرلمان من 89 مقعدا منحته الصدارة في انتخابات 2014 إلى 3 برلمانيين فقط. وفي حين تقول وكالة “سيغما كونساي لسبر الآراء” إن “النداء” حصل على 2% من الأصوات، تفيد وكالة “اميرود كونسيلتيغ” بحصول الحزب على 2.57% من الأصوات، أي ما يقارب مقعدين إلى ثلاثة مقاعد. يذكر أن الحزب نفسه نال 38% من الأصوات في عام 2014. وبحسب مراقبين، فإن نتائج “نداء تونس” جاءت حصيلة حتمية لأداء قيادته ونوابه، فمن جهة حصد الحزب ضريبة الحكم الثقيلة وتحمل مسؤولية الفشل الحكومي والبرلماني ومسؤولية فشل كامل منظومة الحكم فكان جزاء الناخبين له على شاكلة تصويت عقابي بإقصاء الحزب من المشهد عبر صناديق الاقتراع… ويعتبر “نداء تونس” هو “حزب الرئيس، هو فعليا حزب الرئيس الباجي قايد السبسي،…

تابع القراءة

سد النهضة الإثيوبي وتهديد مصر.. سؤال عن جدوى الجيوش

بقلم: حازم عبد الرحمن في شهر أبريل من عام 2011 وقف رئيس الوزراء الإثيوبي السابق “ميليس زيناوي” على ضفاف النيل الأزرق عند موقع سد النهضة ليضع حجر الأساس لبنائه، مرددًا أن بلاد ستتغلب على جميع العقبات التي تعترض إنشاء أكبر محطة للطاقة الكهربائية في إفريقيا، وأنه «سيستمر منفردًا» في بناء السد لو لم يقف أحد بجانبه, وكانت مصر في ذلك الوقت تعيش فترة استثنائية عقب خلع مبارك يدير فيها المجلس العسكري شئون البلاد, ولأن السد يستمد طاقته المائية من نهر النيل الأزرق الذي يُغذي 85% من مياه النيل، فإنه بات يهدد مصر بالجفاف, وقد زار وفد شعبي إثيوبيا, ليحذر بدبلوماسية من هذه المخاطر, ثم تجاهل المجلس العسكري الأمر بعد ذلك. وعندما تولى الرئيس محمد مرسي الحكم قال في كلمته، بمؤتمر فعاليات اللقاء الشعبي حول حقوق مصر المائية، إن النيل هبة الله لمصر، وذلك فيه خير ضمان لكي ننظر لمستقبل أفضل لمصر، وعلينا الحفاظ على مياه النيل، وإذا نقصت قطرة واحدة من ماء النيل فإن دماءنا هي البديل, وأكد ضرورة العمل للوقوف ضد أي تهديد للوطن. وقبل الانقلاب عليه بشهرين زار الرئيس محمد مرسي إثيوبيا لمناقشة ملف المياه، وتشكلت لجنة من 10 خبراء مصريين، وإثيوبيين، وسودانيين وأربعة خبراء دوليين محايدين، وكانت مهمتها فحص ومراجعة الدراسات الإثيوبية الهندسية ومدى مراعاتها للمواصفات العالمية وتأثير السد على دولتي المصب السودان ومصر، لكن المفاوضات توقفت بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو  2013، لتعلن أديس أبابا بعدها بدء العمل رسميًا في بناء سد النهضة، وبدء تحويل مجرى النيل الأزرق. وبعد الانقلاب العسكري بدا أن عبد الفتاح السيسي يسعى للبحث عن شرعية مفقودة لدى “الاتحاد الإفريقي” الذي علق عضوية مصر بعد الانقلاب؛ فذهب يقدم التنازلات عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل, وظهر وهو يوقع وثيقة خيانته للشعب المصري الذي بات مهددا بكارثة خطيرة من العطش والجوع, بدأت مظاهرها تتجلى في انخفاض مستوى نهر النيل وظهور الجزر والقيعان في كثير من أجزائه, وجفاف قنوات مياه الري, مع شكاوى المزارعين من قلة المياه وعدم كفايتها لري المحاصيل الأساسية, وهو أمر لم يسبق أن شهدته مصر في تاريخها منذ آلاف السنين؛ فلم يحدث أن جرى احتجاز مياه النيل أو تحويلها عن مجراها الطبيعي من قبل؛ بل إن الفراعنة بحثوا عن منابع النيل لتأمينها ووضعوا مقاييس نظامية في كثير من المناطق؛ للرجوع إليها في موازنة المياه وتوزيعها بين الأقاليم توزيعًا ثابتًا يفي بحاجتها الطبيعية، وبنوا هذه المقاييس على نسب في فصول السنة كلها، لتكون ميزانًا صحيحًا؛ فلا يحدث إخلال بالنظام وهو ما استمر عليه الوضع منذ آلاف السنين وحتى الآن, وقد نال البحث في هذا الموضوع تقدير العلماء والباحثين لجهود الفراعنة في هذا المجال, وقد تغنى بالنيل مئات الشعراء العرب قديما وحديثا. *حروب المياه يقول الباحثون أن قضايا المياه وحدها لم تكن السبب الوحيد للحرب في الماضي، إلا أن التوترات بشأن إدارة المياه العذبة واستخدامها، تمثل إحدى القضايا الرئيسية في العلاقات السياسية بين الدول المطلة على الأنهار، وقد تؤدي إلى تفاقم التوترات القائمة، وتزيد من عدم الاستقرار الإقليمي والاضطرابات الاجتماعية, وقد ذكروا أن نهر النيل ودجلة والفرات من بين هذه المناطق. والحقيقة أن التنبؤ بحروب المياه ـ وخاصة نهر النيل ـ له أساس من التاريخ؛ فمنذ الحروب الصليبية كانت هناك دعوات من المتعصبين في أوربا إلى الحبشة لتحويل مجرى نهر النيل عن مصر التي واجهت الغزاة الصليبيين, وفي عصرنا عندما اعتزمت إثيوبيا إنشاء سد كبير على النيل  لتوليد الكهرباء، بعث الرئيس جمال عبد الناصر بخطاب إلى الإمبراطور هيلا سيلاسي، جاء فيه: «نطالبكم بوقف أعمال بناء السد، لأننا نعتبره تهديدًا لحياتنا؛ مما يستدعي تحركًا مصريًا غير مسبوق»، فامتثلت إثيوبيا بعد نصيحة الرئيس الأمريكي أيزنهاور، وقللت ارتفاعه من 112 مترًا إلى 11 مترًا فقط, وعندما عادت إلى هذه المحاولات في عهد الرئيس السادات أرسلت القاهرة رسالة رسمية عبر وزير خارجيتها: «إذا قامت إثيوبيا بعمل أي شيء يعوق وصول حقنا في الماء كاملًا، فلا سبيل إلا استخدام القوة». وقد تكرر التهديد بإعلان الحرب على إثيوبيا في عهد المخلوع حسني مبارك عندما تأزمت العلاقات وشرعت إثيوبيا في استئناف خططها التنموية لمواردها من مياه النيل، وإقامة السدود لتوليد الكهرباء,  وهو ما قوبل بتهديد مصر بإعلان الحرب، عبر تسريبٍ صوتي منسوب لمبارك, قال فيه إنه مستعد لضرب السد بطائرة «توبوليف» – قاذفة قنابل سوفيتية تسبق سرعة الصوت – في حال أقدمت على تنفيذ تهديدها. وحسب وثيقة سربها موقع «ويكيليكس» عام 2013 جاء فيها أن مبارك طلب في أواخر حكمه من الخرطوم إنشاء قاعدة عسكرية تستخدمها القوات الخاصة المصرية إذا أصرت إثيوبيا على بناء سد. وتقوم إثيوبيا حاليا بإنشاء السدود لتحجز المياه عن ملايين البشر, وقد تسبب ذلك في جفاف نهر شبيلي بالصومال, ويجري الآن مثل ذلك على نهر النيل في مصر والسودان. *خيانة السيسي منذ اغتصابه السلطة في يونيو 2014، تعامل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي مع السد على أنه واقعٌ يمكن قبوله والتعايش معه ، والبداية كانت عندما أعلن رئيس حكومة الانقلاب الأولى حازم الببلاوي أن السد قد يكون مصدر رخاء لإثيوبيا والدول المُحيطة، ومنها مصر, وهي جريمة خيانة عظمى من أول رئيس لحكومة الانقلاب, ثم أكمل السيسي بعد ذلك طريق الاستسلام بتوقيعه في مارس عام 2015 على وثيقة «إعلان مبادئ سد النهضة»، مع نظيره السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي، وتتلخص الاتفاقية بسماح الدول الثلاث ببناء السدود على نهر النيل لتوليد الكهرباء، وهو ما يعني اعترافًا مصريًا سودانيًا بشرعية بناء سد النهضة, وقد تم ذلك برغم تحذيرات تقارير المخابرات والأمن القومي والخارجية والدفاع, وهي التي لم يكترث لها قائد الانقلاب؛ فقدم بذلك حلا لأزمة تمويل السد المتعطل؛ حيث كانت الشركات الأوروبية ترفض تمويل المشروع قبل موافقة بقية الدول المُتضررة، وهي نقطة القوة وأكبر ورقة ضغط فقدتها مصر بتوقيع السيسي, الذي استمر بعد ذلك في تخدير المصريين بقوله: ” أنا ما ضيعتكمش قبل كده عشان أضيعكم تاني” وإعلانه إنشاء أكبر محطة لتنقية مياه المجاري, وهو ما كان يستوجب عزله ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى . وبعد ما أنجزت إثيوبيا الجزء الأكبر من السد بدأت تتخلى عن لغتها الهادئة وتتشدد في خطابها, وتزدري طلبات مصر, وتعلن أنها صاحبة المياه, ولها الحق في استخدامها كما تشاء, ولم يكن لها أن تفعل ذلك إلا بعد النصائح والإمدادات الصهيونية بالصواريخ والخطط العسكرية لحماية السد, وقد تم ذلك تحت سمع وبصر عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب, مع تلقي إثيوبيا استثمارات خليجية بالمليارات, أي هناك تجمعا للعدوان على مصر بتعطيشها وتجويعها, وهو أمر لا يجوز معه إلا العودة إلى سياسات رؤساء مصر السابقين, وهو إعلان الحرب. *وظيفة الجيوش حال تعرض أي بلد في العالم للأخطار الخارجية؛ فإن المنوط به الدفاع وحماية البلاد هو الجيش,…

تابع القراءة

المشهد الأسبوعي 29 سبتمبر 2019

أولاً: المشهد الداخلي الاحتجاجات فى مصر: النظام يجهض تظاهرات جمعة الخلاص 27 سبتمبر خلال الاسبوع الماضي، اندلعت تظاهرات في محافظات مصرية منددة بسياسات النظام ومطالبة برحيل السيسي. بدأت التظاهرات يوم الجمعة 20 سبتمبر 2019، في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس والغربية  والدقهلية  وبني سويف والشرقية والغربية ودمياط، وكان زخمها الأكبر في القاهرة والإسكندرية والسويس[1]؛ استجابةً لدعوة الممثل والمقاول محمد علي للتظاهر عقب انتهاء قمة كأس السوبر لكرة القدم بين فريقي الأهلي والزمالك[2]، وقد استمرت التظاهرات خلال الأيام التالية، خاصة في السويس[3]. وقد دعا رجل الأعمال محمد على المواطنين للنزول للميادين، يوم الجمعة 27 سبتمبر، باعتبارها جمعة الخلاص من حكم عبد الفتاح السيسى، بعد أن نجحت تظاهرات الجمعة الأولى، الذي اعتبر أنها حققت أول أهدافها، وهو كسر حاجز الخوف بعد سنوات من القمع، على حد قوله. حيث دعا الشعب فى أخر فيديو له، يوم الخميس 26/9 ، للتجمع بعد صلاة الجمعة والاحتشاد بأعداد كبيرة حتى تصل إلى الميادين الكبرى فى كل محافظة. وقد خرجت عدد من المظاهرات بقنا وجزيرة الوراق والمطرية وعدد من المحافظات. أما ميدان التحرير فقد نجحت الداخلية فى إغلاق جميع الطرق المؤدية إليه بالكامل، إضافة إلى إغلاق كوبري قصر النيل والجلاء، بحسب شهود عيان، فيما انتشرت تعزيزات أمنية أعلى كوبري 15 مايو و6 أكتوبر وفي الأحياء القريبة لوسط المدينة، كما أُغلقت محطات مترو الأوبرا، وأنور السادات، وجمال عبدالناصر، وأحمد عرابي، وأعلنت إدارة المترو أن الغلق لإجراء الصيانة. وانتهى نهار الجمعة دون حدوث أحداث كبرى[4]، كما نجحت في فرض حصار كامل على الميادين الكبرى في المحافظات التي شهدت احتجاجات في أوقات سابقة خلال الأسبوع. بالنظر إلى كفة المكاسب والخسائر لتلك التحركات، نجد أن كفة المكاسب التى حققها الشعب هى الراجحة؛ فقد نجح الشعب فى إرسال رسالة قوية ولاذعة للنظام تفيد بفشل سياساته القمعية التى أنتهجها منذ بداية عهده فى امتصاص غضب الشارع، إلى جانب أن النظام أدرك أنه قد فقد قطاعات واسعة جداً من المصريين دخلت على خط الغضب بسبب الفقر والبطالة وكبت الحريات. ويبقى ما بعد تلك التظاهرات يعتمد على؛ قدرة السيسي على الإستمرار في إغلاق الميادين بجنود وضباط الداخلية، وقدرة أجهزته على حشد مؤيدين مأجورين. فضلاً عن قدرته على التعامل مع أسباب الغضب التي دفعت الناس للتظاهر. النظام يستعيد المبادرة .. السيسي يلجأ للحشد المضاد. جرت تحركات حزبية، خاصة من خلال بعض نواب البرلمان، لحشد أنصارهم  للتظاهر؛ تأييدًا للرئيس في ميدان رابعة العدوية (هشام بركات حاليًا)، وأمام المنصة بطريق النصر، حيث جرى إعداد مسرح و«دي جي». كما ذكر مصدر برلماني في حزب اﻷغلبية، «مستقبل وطن»، أن جهاز اﻷمن الوطني أصدر تعليمات لعدد من مديريات الصحة والتعليم والشباب والرياضة وشركات في قطاع البترول، في المحافظات، لحشد العاملين فيها للحضور في التظاهرات المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي[5]. في ذات السياق أصدر حزب مستقبل وطن بيانًا، أكد فيه كامل ثقته في «القيادة السياسية الرشيدة»، معلنًا رفضه البيانات الصادرة عن أحزاب أنشأتها «القوى الإرهابية في غفلة من تاريخ الوطن، ولم يكن لها اسما يوما سوى في تخريب وتدمير الوطن وتنفيذ خطة الجماعات الارهابية داخل الوطن»[6]. في الوقت نفسه بدأ عدد من النواب البرلمانيين في استخدام حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، للترويج للتظاهرة المتزامنة مع دعوة التظاهر التي أطلقها الممثل والمقاول محمد علي ليوم الجمعة الثاني على التوالي، للاحتجاج على سياسات السيسي[7]. وفي إطار ردة فعل النظام على التظاهرات، وبعد أيام من الاحتجاجات عاد السيسي للقاهرة، عقب زيارته نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة على مدار أسبوع، دون تفاصيل أكثر. وكان في انتظاره تجمع مؤيد له، لأول مرة منذ توليه السلطة[8]، وكما كان في استقباله بمطار القاهرة رئيسا الوزراء والبرلمان ووزيرا الدفاع والداخلية[9]. وقد حاول الرئيس إظهار تماسكه رغم التوتر البادي عليه، مهدداً بطلب تفويض جديد[10]، هو يعلم أن شرعيته لم تعد تسمح بتجديده، وفي استقبال وزراء الدفاع والداخلية إشارة من النظام أنه متماسك، وفي وجود رجل دين مسيحي وآخر مسلم رسالة مؤداها أنه ضامن للاستقرار في مواجهة تطرف الإسلام السياسي. كما استعان النظام في معركته ضد معارضيه بالحرس القديم؛ فقد عادت بعض الوجوه الإعلامية للظهور بعد فترة طويلة من الغياب عن الشاشات مثل الإعلامي يوسف الحسيني والصحفي عبد الحليم قنديل اللذين ظهرا على برنامج «الآن في قناة إكسترا نيوز». وكان برنامج الحسيني على قناة «أون» قد توقف منذ مايو 2018 الماضي، وبدأ في تقديم عدد من البرامج الإذاعية، كما خرج قنديل من السجن بعفو صحي في مايو 2019، بعدما تعرض للاحتجاز منذ أكتوبر 2018 على ذمة قضية «إهانة القضاء»، المحكوم عليه فيها بالسجن ثلاث سنوات. أما عمرو أديب، فخرج على قناة «إم بي سي مصر» السعودية لطمأنة مشاهديه بأنه سيعمل بشكل استثنائي طوال أيام الأسبوع «عشان محدش يخاف»[11]. موقف الأحزاب….حزب الاستقلال منفرداً يدعم الاحتجاج أما مواقف المعارضة.. الخوف والاضطراب والعمالة هو سيد الموقف. الحزب الوحيد الذي دعم الاحتجاجات هو حزب «الاستقلال» -منفردا- حيث دعا جميع طوائف الشعب المصري إلى المشاركة في مظاهرات «جمعة الغضب»، االتي تطالب برحيل «عبدالفتاح السيسي»، كما ناشد ضباط الجيش والشرطة الانحياز لمطالب الشعب والسماح بالمظاهرات. مما دفع قوات الأمن إلى اعتقال 22 من قيادات وكوادر الحزب[12]. فيما التزمت مختلف الأحزاب في الداخل المصري الصمت حيال التطورات الأخيرة. بينما اكتفت الحركة المدنية بإصدار بيان دعت فيه إلى “الإفراج الفوري عن سجناء الرأي المحبوسين احتياطيًا وعن المواطنين الذين جرى توقيفهم مؤخرًا، و«رفع الحجب عن المواقع الإعلامية وانفتاح الإعلام المملوك للدولة على كل تيارات المجتمع»، وكذلك عدم محاصرة الأحزاب و«مصادرة التنظيم النقابي المستقل»، وفتح تحقيق شامل في كل ما أُثير عن وقائع الفساد ومحاكمة المسؤولين عنه، وإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد، و«عدم الزج بـ[القوات المسلحة] في مواضع شبهات وفي تجاذبات السياسة والاقتصاد».. إلخ”[13]. تكشف ردة الفعل الحزبية في مصر مقدار الهشاشة التي تعاني منها الحياة الحزبية المصرية؛ فهي رغم القمع بات واضحاً كم هي كرتونية، وأضعف من أن تمثل خطر حقيقي على النظام، ولعل ذلك هو السبب في استمرارها رغم التأميم الكامل للمجال السياسي. من جهة أخرى يكشف ما حدث، أن الحياة السياسية المصرية قد تضررت كثيراً من حملات التصفية التي تعرض لها الاخوان المسلمين في مصر؛ فيبدو أن في حال وجود الاخوان  في مشهد الاحتجاجات الأخيرة، لكان قادراً على تغيير مخرجاته بصورة جذرية. الاستنتاج الأخير؛ أن أي نظام قادر في الحقيقة أن يحتفظ بالحكم ولو إلي حين، ما دام يحتكر العنف وأدواته، حتى لو خسر شرعيته، بالطبع هذا الاستمرار يظل محفوف بالمخاطر، لكنه سيظل ممكناً، خاصة لو جرف الحياة السياسية وأمم المجال السياسي، وجعل من إمكانية وجود بديل له في صفوف المعارضة أمراً في غاية الصعوية. التداعيات الاقتصادية للاحتجاجات في مصر.. البورصة المتضرر الأبرز. في ظل الاحتجاجات فقد هبط المؤشر…

تابع القراءة

مستقبل الاحتجاجات العراقية في ضوء ارتباك حكومة “عبد المهدي” والمحاصصة الطائفية

في أولى حركات الاحتجاج التي تواجهها الحكومة العراقية التي تسلمت السلطة قبل نحو عام، تصاعدت التظاهرات الغاضبة في العديد من المدن العراقية ، منذ أيام، بلغت حدتها الأربعاء 2 أكتوبر، بعد مقتل 4 متظاهرين واصابة المئات، بعد اطلاق قوى أمنية وملثمون الرصاص الحي على المتظاهرين من فووق أسطح المنازل.. وتسببت مماطلة الحكومة وعدم الاستجابة لمطالب الخريجين المعتصمين منذ أشهر أمام المباني الحكومية، طلبا للتوظيف، في انفجار الاحتجاجات التي كانت عفوية، بل كانت ردود فعل طبيعية لم يسبق للعراق أن شهدها، ولم تحسب الحكومة لها أدنى حساب، أبطالها الخريجون العاطلون عن العمل الذين بُحت أصواتهم وهم يطالبون بفرص عمل من دون أن يجدوا أذنًا صاغية وقلبًا واعيًا من هذه الحكومة على الرغم من هشاشة الأرض التي تقف فوقها. وجاء شعار المتظاهرين  “باسم الدين سرقونا الحرامية”، في إشارة إلى الطبقة الحاكمة في البلد الذي يحتل المرتبة الـ12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. وشهدت مواثع التواصل الاجتماعي، دعوات شبابية للتظاهر، لم تعرها الحكومة اهتماما، بسبب أن “التيار الصدري” و”الحزب الشيوعي” تنصّلا منها وأعلنا أنهما لن يشاركا فيها، إلا أن عدد المتظاهرين غير المنظمين أو العشوائيين الكبير أثبت خطأ التقديرات تلك.   عنف أمني   وضربت التظاهرات بغداد في ساحة التحرير وساحة الطيران بمنطقة الباب الشرقي وأحياء في الصدر وحي أور والصليخ والزعفرانية والشعلة والشعب، وامتدت خلال ساعات إلى ذي قار وميسان ومدن أخرى جنوبي البلاد، قابلتها قوات الأمن بارتباك واضح وقمع شديد، تسبب حتى –ظهر الأربعاء- في مقتل 4 متظاهرين، جميعهم دون سن الثانية والعشرين عاماً، وإصابة ما لا يقل عن 300 آخرين.   وشهدت تظاهرات الأربعاء تصعيداً، إذ قطع المتظاهرون عدداً من الطرق الرئيسة، ومنها طريق يربط العاصمة بغداد بالمحافظات الشمالية، من خلال حرق إطارات السيارات، فيما قامت قوات مكافحة الشغب بتفريق متظاهري الزعفرانية، من خلال استخدام الرصاص الحي، الذي أدى إلى سقوط عدد من الجرحى..   ردود فعل محلية ودولية   وأثارت التظاهرات ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية، إذ دان ائتلاف “النصر” بزعامة حيدر العبادي، “استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين”، فيما اعتبر ّ زعيم مليشيا “العصائب” قيس الخزعلي، التظاهرات  “دليلاً على وجود أيادٍ خبيثة تريد العبث باستقرار البلاد على حساب أرواح الأبرياء”، مؤكداً في بيان له أننا “كنا قد حذرنا من وجود مشروع كهذا قبل انطلاقه وما زلنا نحذر منه“.   ودولياً، أكدت منظمة “العفو” الدولية (أمنيستي)، ومقرّها لندن، أنّها تتابع الاحتجاجات في بغداد، وطالبت، في تغريدة على “تويتر”، الثلاثاء، السلطات العراقية بـ”ضبط النفس واحترام حرية التعبير عن الرأي والتجمع وعدم استخدام الأسلحة النارية والعنف المفرط“.   من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، الأربعاء، عن “قلقها البالغ” إزاء العنف الذي رافق تظاهرات بغداد ومحافظات عراقية، وطالبت قوات الأمن بـ”ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات“.   وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق جينين هينيس بلاسخارت، في بيان “نعرب عن قلقنا البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض التظاهرات في بغداد ومحافظات أُخرى”، داعية إلى التهدئة. ونقٌلت وسائل اعلام عدة  آراء المتظاهرين، ومنها : “الحكومة العراقية توفر ملاذًا للعصابات، وهي تتقاسم عبر المحاصصة كل شيء فيما بينها”، …”الطبقة الحاليّة لم تجلب إلى البلاد إلا الحرب والدمار والفقر“.   أسباب تصاعد الاحتجاجات -وأرجع رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، تصاعد الاحتجاجات إلى أن الشباب العراقي شعروا بالظلم وبإهانتهم خلال التظاهرات التي سبقت، وكانت آخرها تظاهرة حملة الشهادات العليا”. وبيّن الهاشمي أن “التيار الصدري والحزب الشيوعي، اللذين كانا سابقاً من يقودان التظاهرات، انسحبا منها ولم يشاركا فيها“. ورأى أن “التيار الصدري والحزب الشيوعي تورّطا بعدم المشاركة في هذه التظاهرات، فهما كانا يعتقدان أن لا تظاهرات في العراق إلا من خلالهما، لكن التظاهرات والأعداد الكبيرة التي شاركت فيها، سحبت البساط من تحت الصدريين والشيوعيين“. مستبعدا وقوف جهات وراء التظاهرات، مشيرا إلى أن من “قاد التظاهرات شبان، لم يعيشوا في فترة “البعث”، لذلك حديث البعض عن أنهم مندسون أو بعثيون غير صحيح ولا يمكن تقبله“. -ارتباك قرارات حكومة عبد المهدي وانصياعها للطائفية: ومن ضمن أسباب تصاعد الاحتجاجات وغياب أفق الحلول السياسية لأزمات المحتجين، ارتباك رئيس الوزراء، المتوافق عليه والذي بلا سند برلماني حقيقي.. ويواجه عبد المهدي، انتقادات حادة من كتل سياسية وبرلمانيين فضلا عن مواطنين، بسبب ما يصفونه تباينا في قراراته، وخضوعه لإملاءات وضغوط قوى سياسية مقربة من إيران، تسببت في الأشهر الثلاثة الأخيرة بإلغاء عدة قرارات له، واتخاذ أخرى اعتبرت غير مبررة. فقد ألغى بشكل مفاجئ مؤتمراته الصحافية الأسبوعية، وهو التقليد الذي دأب عليه رؤساء الحكومات الخمس السابقين منذ 2003 ، في خطوة اعتبرت لتفادي أسئلة الصحافيين.. تراحعات عبد المهدي في قراراته الأمنية، سببت ارتباكا واضحا ، لا سيما تلك التي تراجع عنها بسبب ضغوط قادة بفصائل “الحشد الشعبي، فسبق أن تراجع في أغسطس الماضي عن قرار بسحب مليشيا “الحشد الشعبي” من منطقة سهل نينوى، شمال الموصل، بعد تعرضه لضغوط من قادة فصائل مسلحة. كما أصدر عبد المهدي في يوليو 2019 أمرا ديوانيا لحل “الحشد الشعبي” ودمجه بمؤسسات الدولة الأخرى خلال شهر، إلا أن هذا الأمر لم يطبق ليعود بصفته القائد العام للقوات المسلحة ليشرك “الحشد” في قيادة العمليات المشتركة.   كذلك صادق مؤخرا  على هيكلية جديدة لـ”الحشد الشعبي”، ما يعني تراجعا عن قرار دمجه بالمؤسسة الأمنية، إضافة إلى تراجعه عن قرار أمر بموجبه بتفكيك السور الذي شيد حول بغداد، بعد ضغوط من قيادات مليشياوية وسياسية قريبة من إيران، عدا عن إلغاء قرارات في كركوك لصالح قوى كردية.   كما أصدرت الحكومة قرارا سابقا بعودة نازحي جرف الصخر (شمال محافظة بابل)، إلى مناطقهم، إلا أنها تراجعت عن قرارها بضغوط من مليشيات مسلحة تسيطر على المنطقة.   وأخيرا أثار إصرار رئيس الوزراء على تجريد أحد أبرز الشخصيات التي برزت خلال القتال ضد تنظيم “داعش”، وهو الجنرال عبد الوهاب الساعدي، من قيادة قوات جهاز مكافحة الإرهاب، ونقله إلى دائرة الاحتياط في وزارة الدفاع والتي اعتبرت بمثابة العقوبة له، لغطا واسعا داخل الشارع العراقي، متهمين إياه بميله إلى جهة سياسية دون أخرى في العراق. تزامن ذلك مع قيام قوات عراقية بإزالة نصب تذكاري للجنرال الساعدي كان من المقرر افتتاحه نهاية سبتمبر الماضي..فيما لم يستجب لمطالب قوى سنية بأبإزالة صور القادة الإيرانيين في الموصل، بعد إزالة النصب التذكاري للساعدي.!!   -فساد مؤسسات الحكم: وبحسب دراسات عدة، فإنه في غضون عقد ونصف من السنوات، منذ عام 2003، ثروة عظيمة تختفي من أموال الشعب المنتفض للمطالبة بها اليوم، إذ تكشف تقارير رسمية اختفاء فص الملح العراقي الذي تقدر قيمته بـ450 مليار دولار من الأموال العامة، وهو ما يعادل أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وفي كل الأحوال،…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022