تعيين حمادة الصاوي نائبا عاما  ..حلقة في سلسلة اهانات السيسي للقضاء المصري

لم يتعرض جهاز او مؤسسة لإهانات واهدار قيم ونظم وتجاوزات وتوغل من السلطة التنفيذية أكثر من السلطة القضائية بمصر في عهد السيسي… حيث حظيت السلطة القضائية ، بكم كبير من التجاوزات التي أهدرت استقلاليتها المعهودة في التعيينات والترقيات وحتى المكافآت المالية، التي تحكم بها شخص السيسي، الذي يعاني من أزمة نفسية مع السلطة القضائية ، التي تصورها دوائر السيسي بأنها سلطة عصية على الانصياع للحكم العسكري الذي تعايشه مصر… وقد مثل تعيين حمادة الصاوي النائب العام الجديد من قبل السيسي ، وفق تعديلات قانون السلطة القضائية، المقر عقب التعديلات الدستورية الأخيرة، أحد أبرز التجاوزات للنظم القضائية..   غضب بين القضاة   وأدى تعيين الصاوي إلى ردود فعل مختلفة بين القضاة وأعضاء النيابة العامة، حيث تقدم النائب العام المساعد مصطفى سليمان فور معرفته بقرب تعيينه بطلب لمغادرة النيابة العامة والعودة لمنصة القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، نظراً لخلافات بينهما..   أزمة “نبيل صادق”   وشهدت عملية تعيين النائب العام الجديد، أزمة مكتومة بالدوائر القضائية.. فبحسب جريدة «الأخبار» اللبنانية طلب نبيل صادق «النائب العام» المنتهية ولايته  مساواته مع السيسي من حيث الطريقة التي تُحتسب بها ولايته، ساعيًا إلى أن يبقى في منصبه 4 سنوات جديدة، مثلما فعل السيسي بتعديلاته الدستورية، التي منحته مدّاً في فترته الرئاسية من 4 سنوات إلى 6 سنوات. وأراد صادق ، الذي تنتهي ولايته في الثامن عشر من الشهر الجاري، في البقاء مدة جديدة، بالطريقة نفسها التي مدّد السيسي لنفسه بها. وجاء من جملة التعديلات الدستورية الأخيرة، مادة خاصة بالنائب العام، تنص على أن يكون شغل المنصب لولاية واحدة فقط مدتها 4 سنوات. هكذا قلّص التعديل ولاية «النائب العام» من مدّتين كلّ منهما 4 سنوات كحدّ أقصى، إلى ولاية واحدة فقط. ومع اقتراب انتهاء ولايته، قدم النائب العام في مذكرته التي وجهها إلى «مجلس القضاء الأعلى»، شرحًا قانونيًا ودستوريًا يُركّز فيه على أن التعديلات الدستورية الأخيرة «لا تنطبق عليه»؛ لأنه كان مُعيَّنًا وقت إقرارها، ولذلك لديه «حق في شغل المنصب مرة أخرى»، وسريان القواعد الجديدة عليه بدءًا من الفترة التالية التي يشغل فيها المنصب. وعلى الرغم من وجود منافسة حول منصب «النائب العام» بين أكثر من قاضٍ، فإن «القضاء الأعلى» لم يرسل سوى اسم النائب الحالي «نبيل صادق»، في مخالفة واضحة للنص الدستوري الجديد، ثم أعاد ارسال مرشحين آخرين..   ورغم كل هذا الصراع، تبقى بيد السيسي وفق التعديلات الدستورية الأخيرة «صلاحية رفض المذكرة في حال رغبته في اختيار نائب عام جديد»، وهنا يمكنه الاختيار مباشرة من بين مئات الشخصيات من دون الرجوع حتى إلى «مجلس القضاء الأعلى» أعلى جهة قضائية في البلاد.   وإن كان السيسي قد استخدم «نصًا انتقاليًا» متمثلًا بالتعديلات الدستورية؛ ليترشح لمرة ثالثة للانتخابات، وهو نفس المنطق الذي أراد تطبيقه صادق، بالحصول على صكّ الموافقة على بقائه في منصبه كـ«مكافأة» على ما قدمه للنظام على مدى سنوات. إلا أن السيسي الذي ألفى الخصانة الدستورية عن وزير دفاعه وشريكه في الانقلاب العسكري صدقي صبحي،لم يرد أية حصانة لأحد غيره، وجاء بحمادة الصاوي نائبا عاما جديدا..     وكان نبيل صادق عين في منصب النائب العام في 2015، وتنتهي ولايته يوم 19 سبتمبرالجاري.   تعديلات قانون السلطة القضائية   وينص قانون السلطة القضائية ، المقر مؤخرا، على أن ولاية القاضي في منصب النائب العام، تكون لمدة 4 سنوات فقط غير قابلة للتجديد، على أن يعرض مجلس القضاء الأعلى 3 مرشحين ممن هم على درجة رئيس محكمة استئناف، أو نائبا لرئيس محكمة النقض، على رئيس الجمهورية للاختيار من بينهم.   وجاء اختيار السيسي للصاوي بعد أن فوضه المجلس الأعلى للقضاء في اختيار النائب العام من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بمحاكم الاستئناف، والنواب العامين المساعدين «بدون التقيد بترشيحات المجلس الأعلى للقضاء أو قواعد الأقدمية»، وذلك بعد أن أبدى عدد كبير من المستشارين رغبتهم في الترشح للمنصب.   من هو حمادة الصاوي؟   وبحسب مراقبين، يخلو سجل النائب العام الجديد حمادة الصاوي من أي إنجازات لافتة للنظر، عدا أنه حافظ لفترة طويلة على مواقعه المتميزة في النيابة العامة في عهد النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود قبل ثورة يناير وبعد انقلاب يوليو 2013، عندما كان على رأس العائدين إلى النيابة العامة بعد الإطاحة بالنائب العام الأسبق طلعت عبد الله، الذي كان قد عينه الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي، مما يعطي دلالة كافية على قرب الصاوي من الدوائر الأمنية والسيادية، وأنه يحظى بثقة السلطة التنفيذية.   بدأ الصاوي حياته القضائية في النيابة العامة عام 1986، وتنقل بين النيابات الجزئية إلى أن عين بنيابة الأموال العامة العليا في العام القضائي 1992-1993، ثم انتقل إلى منصة القضاء متدرجاً في المحاكم الابتدائية لأربع سنوات، قبل أن يعود للنيابة العامة عام 1998 كرئيس لنيابة الزيتون الجزئية، ثم رئيساً لنيابة غرب القاهرة الكلية، ثم رئيساً لنيابات مرور القاهرة لثلاث سنوات، حتى ترقى محامياً عاماً لنيابة الجيزة الكلية لثلاث سنوات حتى نهاية 2010.   وبعد عودته لدائرة الضوء في 2013، عين رئيساً للمكتب الفني للمركز القومي للدراسات القضائية وأميناً عاماً له، وفي عام 2015 تم ندبه بالمكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة، ثم قاضياً للتحقيق في عدة قضايا، ثم شغل منصب رئيس لجنة الشكاوى بالأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات البرلمانية، إلى أن انتدبه النائب العام المنتهية ولايته نبيل صادق محامياً عاماً أول لنيابة استئناف القاهرة في أكتوبر 2015، وهو المنصب الذي كان يعني ضمنياً أنه من بين أقوى 5 شخصيات في النيابة العامة وأكثرهم نفوذاً. وفي ذلك المنصب أشرف الصاوي على التحقيقات في العديد من القضايا التي أعطتها السلطة التنفيذية أولوية، وعلى رأسها تفجير الكنيسة البطرسية، وهي الواقعة التي تحولت فيما بعد إلى جزء أساسي من قضية تفجيرات الكنائس الكبرى، وكان هو أول من حقق وأمر بحبس المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقاً للتحقيق معه في بلاغات مختلفة، من بينها بلاغ قدمه وزير العدل الأسبق أحمد الزند يتهمه بالإدلاء بتصريحات الغرض منها الإساءة لمؤسسات الدولة، وهز ثقة الرأي العام فيها، وفي العامين القضائيين الأخيرين تم ندبه مديراً لمعهد البحوث الجنائية والتدريب بالنيابة العامة.   سلسلة اهانات السيسي للقضاة   وبحسب مراقبين ، تعددت اهانات السيسي للقضاة والقضاء المصري، الذي دخل عصر العسكرة منذ الانقلاب العسكري…وتمثلت أوجه الاساءات في العديد من المظاهر والقرارات، منها:   -طريقة تعيين النائب العام فبعد التعديلات الدستورية الأخيرة، أعطى قانون السلطة القضائية، للسيسي حق الاختيار من بين 3 مرشحين لشغل منصب «النائب العام» يختارهم مجلس القضاء الأعلى، ويحق للسيسي الختيار من خارجهم…وهو ما جرى بتعيين حمادة الصاوي..   -تعيينات الهيئات القضائية بطريقة أمنية:   وفي يوليو الماضي، سادت حالة من الغليان في الأوساط القضائية بعد الاختيارات الأخيرة من قِبل…

تابع القراءة

الجزائر.. مصير مراوغات العسكر في مواجهة مطالب التغيير

بقلم: حازم عبد الرحمن للشهر الثامن على التوالي, يواصل الشعب الجزائري فعالياته لإنهاء حكم العسكر, ولا يجد ردا شافيا من المؤسسة العسكرية يؤكد تخليها عن الوصاية على الشعب, بل إن تتبع خطابات رئيس الأركان الجزائري، أحمد قايد صالح (80 عاما)، يظهر عنادا وتصعيداً في لهجته بإزاء الفعاليات، وقد قال أخيراً إن “التحامل على المؤسسة العسكرية هو جزء من مخطط خبيث هدفه الوصول إلى تقييد أو تحييد دور الجيش”. مع إشاراته المستمرة إلى ما يسميه “المؤامرة”، وتهديده بوجود معلوماتٍ مؤكدةٍ حول تورط جهات محددة، قال إنه سيكشف عنها في الوقت المناسب, ويتجاهل الجنرال الثمانيني أن تصريحاته حول الشأن السياسي لا تستند إلى شرعية دستورية؛ فمؤسسات الدولة المعنية بالانتخابات الرئاسية قائمة, وهناك الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح في موقعه منذ مارس 2019 , وهو المنوط به مخاطبة الشعب فيما اغتصبه منه رئيس الأركان القلق جدا على مستقبل العسكر في حكم البلاد, ويصطنع لذلك مناسبات وزيارات, زادت عن حدها المعتاد, بما يعني أن هدف الجنرال هو استمرار نهج الحكم بوصاية العسكر, مع تجاهل تام لمطالب الشعب الجزائري, والتي توجه جانب منها إليه شخصيا, يطالبه بالرحيل باعتباره من أفراد العصابة. *مصالح الجنرال مثل كل العسكرين القابضين على سلطة الحكم في دول العالم الثالث, هناك مكاسب للجنرالات تدفعهم إلى التشبث بمقاعدهم, ورئيس الأركان الجزائري أحمد قايد صالح لديه الكثير من الأعمال والاستثمارات هو وأولاده السبعة، وله أرصدة كبيرة في بنوك دولة الإمارات العربية المتحدة, ويعقد أنجاله صفقات تجارية مربحة مع الجيش, وهناك فساد يغطي عليه بقاء العسكر المتسلطين, أما أن يحكم الشعب فهذا يعني فتح ملفات الفساد للجنرالات, ويوقف استنزافهم لاقتصاد البلد وافر الثروة, وهو ما يقلقهم من مطالب الشارع. وفي وصفه للجنرال قايد صالح يقول غازي حيدوسي، وزير الاقتصاد الأسبق أن الجنرال صالح ذو قدرات فكرية محدودة جداً، ويري حيدوسي أن الجنرال قايد صالح ما هو إلا “الناطق الرسمي باسم جنرالات المافيا الذين لا تزال قبتهم في مكانها.. وتمسك بالسلطة الحقيقية”, كما أنه معروف بكونه ‘‘شخصية فظة ومتهورة وقليل التفكير؛ وهو ما يعني أن زملاءه قد يضحون به ويقدمونه قربانا للشعب من أجل الحفاظ على بقاء النظام العسكري, وهذا الاحتمال وارد بنسبة كبيرة, خاصة بعد أن حدد المتظاهرون اسم قايد صالح كمطلوب للرحيل, ويبدو أن الدور سيأتي عليه. *مغادرة العسكر السياسة من الصعب مغادرة الجيوش الحاكمة لسلطات الحكم والسياسة؛ بسبب ما تنهبه من ثروات الشعوب, لكن مغادرتها ممكنة,  جبرا وقسرا بثورة كاملة, أو طوعا تدريجيا بالسياسة, كما حدث في تركيا؛ حيث جرى خلع الجنرالات من السياسة بالتدريج, وفي حالة الجزائر يصعب تصور خروج العسكر الطوعي من الهيمنة على السلطة السياسية, وقد تغول الجنرالات بعد بقائهم في الحكم فترات طويلة, وأصبحوا يخططون للاستمرار في البقاء, والالتفاف على مطالب التغيير, وقد أثبتت التجربة أن استجابتهم لمطالب الجماهير غير حقيقية, وأنهم لا يلبثون إلا أن يعودوا مرة أخرى إلى فرض الوصاية على الشعب وإلغاء إرادته وحقه في أن يحكم نفسه بنفسه؛ لذلك ليست هناك ثقة في تنظيم العسكر أي انتخابات نزيهة, وعندما جرت في الجزائر قبل 27 عاما انقلبوا عليها لأنها لم تكن في صالحهم، ويرى الجزائريون أن دعوات رئيس الأركان إلى الإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية هي استمرار لطريقة العسكر في الإدارة حتى يستنسخوا النظام المهترئ وينقذوا أنفسهم من المحاسبة، وبعد الانقلابات على الربيع العربي انعدمت الثقة في وعود العسكر وتعهداتهم, ويؤكد التاريخ أن المؤسسة العسكرية ظلت تلعب الدور المركزي في اختيار رؤساء الجزائر، منذ انقلابها على الحكومة المؤقتة عام 1962، ثم الانقلاب على الرئيس أحمد بن بلة في 1965، وفرض الرئيس الشاذلي بن جديد عام 1979، ووقف المسار الانتخابي في يناير 1992، واختيار محمد بوضياف رئيسا لمجلس الدولة، ثم الدفع بالجنرال ليامين زروال إلى الرئاسة عام 1995، واستقدام عبد العزيز بوتفليقة عام 1999. *مفاجأة الجيش في مفاجأة لم تكن في الحسبان, أعلن الجيش الجزائري أنه بصدد “التوبة السياسية” عن التدخل في صناعة الرؤساء في البلد، و”تحرير المبادرة الشعبية”، وهاجم مجموعة من القوى السياسية والقنوات والكتاب الذين يتبنون مواقف مناوئة له ولخياراته في الأزمة السياسية الراهنة, وجاء في بيان افتتاحي نشرته مجلة “الجيش” الناطقة باسم المؤسسة العسكرية، وتصدرها وزارة الدفاع، أن “عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة”، مشيرا إلى أن “بعض المناوئين للجيش يجهلون ذلك”, لكن البيان قال أن قرار الجيش “ترجيح الشرعية الدستورية، من خلال تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، يتمخض عنها انتخاب رئيس للجمهورية بعيدا عن كل المهاترات والمزايدات، ومحاولة فرض الشروط التعجيزية والإملاءات المسبقة، والترويج لأفكار استعمارية بائدة لفظها التاريخ ورفضها الشعب”. ولا تبدو عبارة أن “عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة” جذابة اليوم, بعد التعهدات الكثيرة التي قطعها العسكر على أنفسهم, ثم نكثوا بها, وإذا كانت الرسالة صادقة, والوعد أكيدا؛ فإن ما يجب عمله فورا هو الاستجابة لمطالب الشارع التي يكررها منذ أكثر من سبعة أشهر؛ بمرحلة انتقالية وبناء نظام سياسي مدني, بعيدا عن هيمنة العسكر, أما أن تزعم قيادة الجيش في الوقت الحالي أنها قررت الابتعاد عن التدخل في الشأن السياسي، وعدم لعب أي دور في المسارات السياسية، وأنها لن تلعب أي دور في اختيار الرئيس المقبل، فإن غالبية القوى والمتابعين للشأن الجزائري لا يصدقون ذلك، ويعتبرون أن تدخل الجيش لفرض الحل الدستوري للأزمة السياسية التي تلت استقالة الرئيس بوتفليقة، وتمسكه بحكومة نور الدين بدوي، دليل على استمرار التأثير السياسي للجيش، وأن ذلك مؤشر على إمكانية لعبه دورا خفيا لصالح مرشح رئاسي من رجالات النظام سابقا.  وقد أخطأ الجيش في مهاجمة قوى سياسية ومدنية مناوئة لمواقفه والمسار السياسي الذي يتبناه، واتهامه بعضهم  بأنهم ” بعض الأذناب التي تحاول تعكير صفو مسار الحوار بالترويج لمراحل انتقالية للوقوع في فخ الفراغ الدستوري، ومحاولة تغليط الرأي العام داخليا وخارجيا بأفكار مشبوهة ومسمومة، مستغلة في ذلك آمال وطموحات ومطالب الشعب المشروعة”, كما أن زعم الجيش بأن المسار والمواقف التي تبناها حظيت بـ”تزكية من الشعب الجزائري بكل مكوناته لا يمكن تصديقه لأن الفعاليات الأسبوعية لإقصاء الجيش عن السياسة والحكم تقول بغير ذلك, وكان من دواعي عدم الثقة والتصديق أيضا استخدام بيان الجيش مصطلح “العصابة” للدلالة على الرموز والمجموعات السياسية والمالية التي كانت في محيط نظام بوتفليقة ومستفيدة منه، وأغلبهم في السجن أو قيد الملاحقة السياسية”، لكنه استخدم نفس المعنى للدلالة على قوى سياسية ديمقراطية تطالب بمرحلة انتقالية ومجلس تأسيسي. ويعكس بيان مجلة الجيش محاولة الجنرالات تقديم خطاب يقترب من فعاليات الشارع ومطالبه, للالتفاف حولها, وهي حالة تتشابه مع ما فعله العسكر في مصر في أثناء ثورة 25 يناير حيث تراجعوا تكتيكيا بإعلانهم تأييد الثورة, وزعموا أنهم حماتها في حين كانوا يخططون للانقضاض عليها, وما عاد أحد يصدق أن…

تابع القراءة

المشهد السياسي الأسبوعي 8 سبتمبر 2019

أولاً: المشهد  الداخلى النظام الانقلابى وهوس العسكرة – عسكرة البرلمان.. من يخلف أمين عام البرلمان المستقيل: بعد استقالة أمين عام برلمان نظام الانقلاب، المستشار أحمد سعد الدين، من منصبه، ثمة حديث عن إتجاه السلطات إلى تعيين لواء من جهاز الاستخبارات العامة، في منصب أمين عام مجلس النواب (البرلمان)؛ بغرض إحكام سيطرة الدائرة التي يقودها رئيس جهاز الاستخبارات اللواء “عباس كامل”، على المناصب القيادية في البرلمان[1]. هذا السعي من الاستخبارات العامة للسيطرة على البرلمان بدأت بتعيين لواء الجيش، علاء ناجي، مديراً لمكتب رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، وقد جاء تعيين “ناجي” في منصبه قبل عامين –بحسب مصادر- بتعليمات مباشرة من عباس كامل، حين كان يشغل منصب مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولدفعه للاستقالة من منصبه فقد بقي “سعد الدين” بلا صلاحيات حقيقية، خلال دورَي الانعقاد الماضيين للبرلمان كتمهيد للاستغناء عنه -لا سيما بعد تعيين “ناجي” مدير لمكتب رئيس البرلمان- ما دفعه للحديث أكثر من مرة مع رئيس البرلمان للتدخّل بلا جدوى[2]. إلا أن هناك من يرى في استقالة “سعد الدين” أنها جاءت نتيجة خلافات بينه وبين رئيس البرلمان علي عبدالعال. يذكر أن “سعد الدين” تلقي عرضًا للعمل كمستشار قانوني بالبرلمان الإماراتي. جدير بالذكر أيضاً أن المستشار المستقيل قد التحق بالعمل القضائي بعد ثلاث سنوات من العمل كضابط شرطة[3]. إنشاء هيئة مصرية للدواء ومنحها اختصاصات واسعة تخولها السيطرة على صناعة الدواء في مصر: بعد موافقة البرلمان قبل الانتهاء من دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الأول، صدق السيسي بالموافقة على قانون يقضي بإنشاء هيئة للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية. الهيئة الجديدة بديلاً للهيئة العامة للبحوث والرقابة الدوائية، والهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية. من أدوار الهيئة الجديدة “الرقابة على الاستيراد والتصدير والتوزيع والتخزين للمستحضرات والمستلزمات الطبية، الرقابة والمتابعة والتفتيش على جميع أنواع المؤسسات الصيدلية وعلى العاملين فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين، إعداد خطط وبرامج وقواعد التدبير والشراء الموحد من الداخل أو الخارج…إلخ”[4]. فالهيئة ببساطة هي شرطة سوق الدواء في مصر. في سياق العسكرة أيضاً قرار رئاسي رقم 380 بتخصيص 47 جزيرة من الأراضي المملوكة للدولة المصريّة لصالح القوّات المسلّحة المصريّة، كأراض “استراتيجيّة ذات أهميّة عسكريّة”، الغريب أن الجزر الني نقلت ملكيتها للجيش هي مناطق سياحية بالاساس. في الشهر ذاته صدر قرار آخر حمل رقم 378 ونشر في الجريدة الرسميّة في 4 أغسطس 2019، وقضى بتخصيص عشرات الآلاف من الأفدنة في مناطق سياحيّة تعود ملكيّتها إلى الدولة والوزارات المدنيّة، لصالح القوّات المسلّحة. وقد سبق هذين القرارين بشهر، وبالخصوص في يوليو 2019، قرار آخر قضى بتخصيص أراض مدنيّة في مدينة العريش لصالح الجيش، وقد شمل القرار منح الجيش سلطة تحديد أيّ من الأراضي التي يرى أنّه يحتاج إليها لضمّها من المدنيّين لصالحه، إضافة إلى تخصيص أرض ميناء العريش وما يحيط بها من مناطق سكنيّة كلّها لصالحه[5]. في سياق العسكرة كذلك، وهي ملمح بارز للحياة العامة المصرية في الفترة الأخيرة، إعلان وكيل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بالإسكندرية، يوسف الديب، عن تحويل مدرسة طوسون الثانوية الفنية بنين، التابعة لإدارة المنتزه التعليمية، إلى أول مدرسة صناعية عسكرية في الاسكندرية. وأوضح “الديب” أن تحويل المدرسة إلى صناعية عسكرية يأتى في إطار ترجمة واقعية لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاهتمام بالتعليم الفنى. مؤكداً أنه سيتم إمداد المدرسة بفريق من الضباط وصف الضباط لتحقيق الانضباط بين الطلاب بمعرفة قائد قوات الدفاع الشعبي والمستشار العسكري لمحافظة الإسكندرية[6]. المتحدث العسكرى يكشف عن إمبراطورية الجيش الاقتصادية ويصطدم مع تصريحات السيسى: كشف الجيش المصري معلومات عن تعداد وطبيعة المشروعات الاقتصادية التي يشرف عليها، وأعداد الموظفين العاملين فيها، بعد أن صرح المتحدث العسكرى باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب “تامر الرفاعي”، بإن الجيش المصري “يشرف على نحو 2300 مشروع، يعمل بها خمسة ملايين موظف مدني في جميع التخصصات”[7]. حيث يشير ذلك إلى أن المؤسسة العسكرية تتحكم فى حوالى  20% من اقتصاد البلاد -إذا كانت قوة العمل في مصر هي 28.8 مليون مواطن وفق مصادر رسمية-،  وهذا ما ينافى تصريحات السيسى السابقة خلال مؤتمر الشباب المقام فى شرم الشيخ، فى نهاية أكتوبر الماضي أن “الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة تعادل ما بين 1% إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وإن الجيش لا يتطلع إلى منافسة القطاع الخاص”، هذا فى مقابل تقرير صحيفة الواشنطن بوست الأميركية، التى أشارت فيه إلى أن الجيش يسيطر على 60% من الاقتصاد. بما يكشف عن تزايد عسكرة الاقتصاد المصري، وزيادة سيطرة مؤسسات القوات المسلحة على القطاعات الاقتصادية الحيوية وعلى الخدمات الأساسية، ما يؤسس لمرحلة جديدة تقوم على ربط مصالح المواطنين وحاجاتهم بالمنظومة العسكرية[8]. وقد جاءت تصريحات “الرفاعى” بعد ساعات من نشر رجل الأعمال “محمد على” فيديو يتهم فيه قيادات من القوات المسلحة والرئيس عبد الفتاح السيسي بإهدار المليارات في مشاريع وإنشاءات كان ينفذها لصالح الجيش، والذى شاهده أكثر من مليون مصرى، ثم قامت إدارة فيس بوك بحذفه، وتعرض “محمد على ” لحملة هجوم إعلامية تربطه بالإخوان، وبلاغ للنائب العام ضده. لكن لم يخرج أى رد رسمى يكذب ما قاله “على” فى الفيديو بما يرجح احتماليه صدقه على تكذيبه[9]، ولكن هذا يكشف عن خطورة الدور الاقتصادى الذى يلعبه الجيش، حيث يشير الخبراء إلى أن إحكام الجيش سيطرته على الاقتصاد يساهم في تراجع المنافسة داخل السوق المصرية، ما يضرب القطاع الخاص ويخفض حجم الوظائف، إضافة إلى ربط السوق المصرية بقوة احتكارية قد تدوم لسنوات طويلة. خصوصاً أن الاستثمارات العسكرية لا تتوقف على المشاريع الضخمة، إنما تمتد إلى كافة القطاعات الاقتصادية الحيوية تقريباً، ويؤكد رصد قامت به “العربي الجديد”، أن العسكرة تسيطر على كافة القطاعات المدرة للأرباح، خصوصاً تلك المرتبطة بحاجات المأكل والمسكن[10]. وهذا فضلاً على أن الجيش يتمتع بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات سواء العامة المملوكة للدولة أو الخاصة، ولا تمر موارد المؤسسة العسكرية عبر الخزينة العامة للدولة، ولا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، بما يفتح باب الفساد على مصراعيه. حملة «علماء مصر غاضبون» أحد طرق المجتمع في تخطي حواجز التأميم والعسكرة … و العسكر يعتقلون نفذت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات طالت عددا من أساتذة الجامعات، على خلفية مشاركتهم في حملة «علماء مصر غاضبون» التي انطلقت منذ أيام، وشهدت تفاعلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووفق مصادر حقوقية، فقد تم القبض على عدد من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، واستدعاء آخرين، ممن كانت لهم مشاركات وتفاعلات مع هذه الحملة، ولا يزال أغلبهم قيد الاحتجاز، بينما تعرض البعض لاختفاء قسري ولم يستدل على أماكن احتجازهم[11]. وفي هذا السياق، اعتقل أستاذين للطب من جامعات عين شمس وبنها -أفرج عن أحدهم لاحقاً- إثر مشاركتهما النشطة في الحملة. وكان عدد من الأكاديميين قد دشنوا…

تابع القراءة

إلغاء ترامب محادثات السلام مع طالبان…حسابات انتخابية تفاقم الحرب في أفغانستان

ما بين المراوغة التي يجيدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتجاوز الغضب في داحل ادارته من قرارته، بالتفاوض المباشر مع حركة طالبان الأفغانية واعلان اتفاق سلام معها على الأراضي الأمريكية قبيل ساعات من يوم 11 سبتمبر، الذي يحمل للأمريكان ذكريات دامية…وما بين ضغزط جديدة تخطط لها إدارة ترامب لتحسين الاتفاق السيء الذي توصلت له إدارة ترامب مع طالبان، التي لم تقدم الكثير سواء للأمريكان، بعدم اعترافها بعلاقاتها مع تنظيمات القاعدة وغيرها من التنظيمات المسلحة التي لم تجرمها طالبان، على عكس ما كان يرنو الأمريكان، أو للحكومة الأفغانية التي استبعدها ترامب من عملية التفةض والاتفاق مع طالبان، بالرغم من صلتها الوثيقة بكل ما يجري الاتفاق عليه ، وبدا وكأن ترامب يريد الانسحاب على عجل من المستنقع الأفغاني…كل تلك الأوضاع والتقديرات قد تكون أحد دوافع ترامب للاعلان عن وقف التفاوض مع طالبان وإلغاء اجتماعا على مستوى عال بكامب ديفيد ، للاعلان عن الاتفاق مع طالبان، الأحد الماضي.. حيث أعلن، يوم السبت، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلغاء المحادثات مع قادة حركة طالبان الأفغانية، مجددا قراره يوم الاثنين الماضي، بالقول ن المحادثات مع طالبان  أن “المحادثات ماتت، وإنّه لا يزال يفكر في سحب القوات الأميركية من أفغانستان.. “. وجاء قرار ترامب، بعد عام من التفاوض، ومع قرب التوصل إلى اتفاق، متذرعا بهجوم تبنته الأخيرة على كابول، سقط فيه أكثر من عشرة قتلى، بينهم أمريكي. وجاء قرار ترامب مستغربا، إذ أن طالبان، في الواقع، لم توقف هجماتها على مدار العام الماضي، لا بل ازدادت وتيرتها منذ مطلع 2019، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب اتخاذ ترامب قراره –الذي يصفه البعض بالمراوغ-  في هذا التوقيت، لا سيما وأنه يأتي أيضا بعد أسبوع على الإعلان عن التوصل لصيغة اتفاق من شأنه أن يحد من القتال ويسمح بعقد محادثات سلام شاملة بين الأفغان. وعلى العكس من القلق الدولي والتوقعات المتشائمة من اشتعال التفجيرات وأعمال العنف في أفغانستان، ردا على القرار الأمريكي، إلا أن مكتب الرئيس الأفغاني أشرف غني، رحب به الأحد، مشيرا في بيان له على أن “السلام الحقيقي لا يمكن تحققه إلا بتوقف حركة طالبان عن العنف وإجراء محادثات مباشرة مع الحكومة“… فيما طالبت باكستان وإيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وبدت حركة طالبان مصدومة من الخطوة الأمريكية، إلا أنه أعلنت استعدادها للعودة للتفوض، مشيرة إلى أن كل الخيارات باتت مفتوحة، وبطريقة غير مباشرة انفجرت قنبلة على إحدى الطرق بكابول، في منطقة غير أهولة كرسالة غير مباشرة من الحركة بالعودة إلى التفجيرات والعمليات المسلحة ضد القوات الأجنبية والحكومة الأفغانية…   أسباب غير منطقية   ولعل الاعتقاد بأن العملية المسلحة التي راح ضحيتها 12 في كابول بالقرب من السفارة الأمريكية، بينهم أمريكي ، عشية القمة، لم تكن السبب المباشر لإلغاء القمة، بقدر ما جرى التعامل معها كرسالة بأن “طالبان” ليست في وارد التزحزح عن شروطها، بما قد يؤدي على الأرجح إلى فشل القمة وافتضاح أمرها، مع ما يترتب على ذلك من خسائر سياسية خارجية وداخلية، وبالتحديد انتخابية. هذا الاحتمال، مع الانتقادات والتحذيرات التي تزايدت وتيرتها في المدة الأخيرة، حمل البيت الأبيض على الاستدراك لتقليل الخسائر والنأي في آخر لحظة عن قمة “متسرّعة” لم تنضج شروطها بعد.   لكن الاستدراك حصل متأخراً، ما زاد من الصورة المشوشة التي رسختها تقلبات الرئيس ترامب في تعامله مع الأزمات الخارجية. حتى وزير الخارجية مايك بومبيو وجد صعوبة في تعليل وتسويق فكرة القمة، خلال مقابلاته التي أجراها الأحد مع شبكات التلفزة الخمس الرئيسة في برامجها لحصاد الأسبوع؛ أثنى على شطبها، لكنه لم يقوَ على تقديم تبرير متماسك للدعوة إليها، وكأنه كان يدرك مدى سرعة عطبها.   خطأ استبعاد الحكومة الأفغانية   ووفق مراقبين، كان التفاوض الأمريكي مشوباً بأعطاب عدة، “على رأسها التفاوض من دون الرئيس أشرف غني”، والذي أدى إلى “خطأ الدعوة إلى قمة بهذا الشكل”، حسب جين هارمن، النائبة الديمقراطية السابقة ورئيسة مؤسسة “وودرو ويلسون” للدراسات في واشنطن حالياً.   الرهان الانتخابي ويرى البعض أن ترامب أقدم كعادته على مجازفة غير محسوبة. دفع المفاوضات نحو التوصل إلى خطوة دراماتيكية عاجلة ترتبط باسمه لعدة حسابات، الانتخابية منها في الأساس، لكن العجلة أوقعته في مأزق، والتراجع عنها تبين أنه مكلف كما كشفت الردود، والمضي بها أكثر كلفة لو فشلت. إلا أن اختيار الأقل كلفة لن يشفع بالمفاوضات، التي صارت بحكم المتوقفة حتى إشعار آخر، مع تزايد مرجح في التصعيد الأمني على الساحة الأفغانية، وتجميد الانسحاب الأميركي الجزئي في الأشهر القادمة، كما كانت الإدارة تأمل. وبذلك يتأكد مرة أخرى، بأن معالجة الأزمات، خاصة الصعبة مثل أفغانستان، لا تستقيم بعقلية الصفقة، كما أثبتته “صفقة القرن”.   مفاجآت وتقلبات ترامب   ومن ضمن أسباب القرار الأمريكي ، سياسة المفاجآت والصدمات التي يتبعها ترامب، والتي  صارت حالة ملازمة لرئاسته. فقد ألغى أكثر من قمة ولقاء وزيارة. انتقل من موقف إلى نقيضه في أكثر من قضية ومسألة وأزمة. أحياناً جاء التراجع بمثابة تصحيح مرغوب، كما في الحالتين الكورية الشمالية والإيرانية. لكن هذا النهج لم ينتهِ إلى حلول. في أحسن الأحوال أدى إلى تعليق الأزمات.   أهداف المحادثات الملغاة ولعل ما يشير لمدى الخلل في القرار الترامبي، معرفة أهداف  المحادثات التي استمرت لعام ..   حيث كانت المحادثات تهدف إلى تأمين اتفاق سلام لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 عاماً. وفي ما يتعلق بسحب بعض من القوات الأميركية من أفغانستان؛ والبالغ قوامها 14 ألفاً، قال ترامب: “نود أن ننسحب لكننا سنخرج في الوقت المناسب” … وشهدت الأيام الأخيرة تسارع وتيرة المفاوضات الماراثونية بين أمريكا وطالبان، من أجل التوصل إلى اتفاق ، بعد 18 عاما من الاجتياح الأمريكي لأفغانستان للإطاحة بنظام طالبان وتصفيتها في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وكانت واشنطن ، على خلاف طالبان، تسابق الزمن في سبيل تحقيق اتفاق سلام مع الحركة، قبل موعد الانتخابات الأفغانية المقررة في 28 سبتمبر 2019، وقبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2020، بينما لا تبدو طالبان في عجلة من أمرها في ظل زيادة نفوذها وسيطرتها على الأرض. وقد صعّدت حركة طالبان عملياتها العسكرية ووسعت من نطاق هجماتها مع تقدم المفاوضات في الجولة التاسعة، التي انعقدت في الدوحة في 6 سبتمبر 2019. وكانت الجولة الثامنة من المُفاوضات بين حركة طالبان والولايات المتحدة، في 12 أغسطس الماضي، قد انتهت دون صدور أيّ بيان ختامي مُشترك يؤكّد التوصّل إلى اتّفاق، واكتفى زلماي خليل زاد، المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان، بالحديث عن التوصّل إلى مشروعِ اتّفاقٍ، وتحقيق تقدّمٍ مُشجّع.   بنود الاتفاق   وتركز الاتفاق غير المعلن، حول الحديث عن انسحابٍ أمريكي تدريجي على مدى 18 شهرا، يُؤدّي في النّهاية إلى عودة نحو 14 ألف جندي إلى الولايات المتحدة، تطبيقا لوعود الرئيس دونالد ترامب، بينما لم تقدم حركة طالبان…

تابع القراءة

ملاحظات على  تراجع الدور المصري عربياً وإقليمياً

كتب ناصر السهلي في العربي الجديد عن الدور المصري في ظل النظام الحالي يقول: أن مصر باتت تعاني من تراجع دورها ومن خفة وزنها الإقليمي. تراجع وخفة ردها الكاتب إلى هامشية وتبعية ينسفان التشابك العميق الذي يجمعها مع الدول العربية على مصالح واحدة. في تفسيره للخفة والتراجع وما نجم عنها من تبعية وهامشية يرى “السهلي” أن وجود جمهورية عسكرية موازية في مصر، تحكم البلاد بدموية لـ 6 سنوات، تستهدف (الشباب، والنخب، والأحزاب، وحرية التعبير، والصحافة). هذه النخبة متحالفة مع من أسماهم “حفنة أرتزاق طفيلية” يستخدمها في تجميل قبح الصورة. هذه النخبة العسكرية وحليفتها الطفيلية، ولما تعانيه من تآكل شرعيتها، واعتمادها فقط على القمع والتزييف وسيلة للاستمرار، هي السبب الرئيس لتقزم دور القاهرة وشيوع أدوار دول أصغر “مدفوعة الأجر/ مستأجرة”. وكأن الكاتب يقول أن فشل النخبة العسكرية الحاكمة وحليفتها الطفيلية على المستوى الوطني، أدى لتآكل شرعيتها، ما دفعها للبحث عن شرعية بديلة في الخارج، على المستوى العربي والإقليمي، وهو ما قزَّمَ دورها وأزاحها عن دائرة التأثير وهمٌش دورها. ثم انتقل من حديثه عن مصر وتراجع دورها والعوامل المفسرة لهذا التراجع، إلى الحديث عن فاعلين يشاركان في خلق المشهد العربي الراهن: الأول: “واشنطن وتل ابيب” الذي يعتبرهم “السهلي” أنهم مسئولين عن المشهد العربي الفوضوي الراهن؛ فيرى أن كل الممارسات السلطوية العربية تستهدف نيل رضا واشنطن وتل أبيب، فيقول “في كل ذلك تبقى الأعين شاخصة على ما يُرضي واشنطن وتل أبيب”. الفاعل الثاني: دول الاتحاد الأوروبي وروسيا، فيصف سلوكهم في التعاطي مع القضايا العربية بأنه “انتهازية سياسية” ثم يضيف “يعبّر عنها أصدق تعبير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غرباً، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين شرقاً”. وهي مقارنة تستحق التوقف عندها؛ بين سلوك واشنطن وتل أبيب الذي يعتبره الكاتب نابع عن توجهات ورؤية محددة تجاه المنطقة دول ومجتمعات. وسلوك دول أوروبا وروسيا الذي يرى الكاتب أنه سلوك برجماتي يقوم على الاستفادة من أي وضع قائم في تحقيق مصالحه. وكأنه يقول أن سلوك واشنطن وتل أبيب تحدده أيديولوجية ومصالح ثابتة بينما سلوك موسكو ودول اوروبا هو سلوك نفعي وليد اللحظة. لكنه يعود ليقول أن دول أوروبا كانت خائفة من أن يكون للرأي العام العربي وزن وتأثير، وهي مقولة تتناقض مع وصفه لمواقف دول اوروبا وروسيا بالبرجماتية. لكن يمكن الجمع بينها بالقول: أن مواقف دول اوروبا وروسيا من المنطقة دول ومجتمعات برجماتية وتتسم بالنعومة أحياناً ومعارضة السياسة الأمريكية أحياناً أخري بينما مواقف واشنطن وتل أبيب لها محددات أيديولوجية قبلية. لكن هذه الدول اجتمعت على الخوف من أن يكون للرأي العام العربي وزن. وهذا يعني أن هذه الدول ومن البداية كانت معادية لثورات الربيع العربي وساعدت في احتوائها ثم في اجهاضها. في النهاية يعود “السهلي” للسؤال الأساسي الذي طرحه في بداية مقالته عن أسباب تراجع وخفة الدور المصري على الصعيد العربي والإقليمي ليؤكد أن هذا التراجع مستمر ما استمرت النخبة العسكرية الحاكمة بتحالفاتها القائمة مع واشنطن وتل أبيب؛ لأن القاهرة –والكلام للسهلي- “محكومة بنظام يكسب المال المشروط بإخراج مصر تماماً من دورها وعمقها العربي”.   تعليق نقدي: تثير مقالة السهلي التساؤل عن الفرضية السائدة التي تعتبر أن هناك علاقة حتمية بين الحكم العسكري وبين التراجع العام سياسياً وإقتصادياً، وعلى المستوى الوطني، وعلى صعيد العلاقات الخارجية. فهل بالفعل هناك علاقة حتمية بين حكم العسكريين وتدهور الأوضاع، أم أن سبب التراجع هو الوصول للحكم من طريق غير مقبول شعبياً بداية. ثم غياب الإنجاز ثانيةً. ولو طبقنا ذلك على النظام العسكري الحاكم في مصر، لوجدنا أن وصول رجل عسكري لسدة الحكم حظي بقبول قسم من الشعب بداية من الطبقات الداعمة تاريخياً للنظام والمعادية للإسلاميين، ومن ثم كان تراجع شرعيته سريعاً ناجم عن اعتماده على القمع والتزييف في تثبيت أركان حكمه، وعن غياب التنمية الحقيقية التي تتغذى عليها شرعيته السياسية. المقولة الثانية في مقالة السهلي، أن هناك عداء للربيع العربي أوروبا وروسيا وواشنطن وبالتأكيد تل أبيب، وأن هذا العداء لرغبة هذه القوى في أن يبقى الرأي العام العربي مهمشاً. تبدو هذه المقولة واقعية بشكل كبير لغياب كل ما يناقضها. وكأن وجود نظم حكم عربية فشلت في تحقيق التنمية واحتفظت بسلطاتها من خلال القمع فقط وعبر التحالف مع نخب طفيلية/ مرتزقة. فتح المجال للقوى الأجنبية “أوروبا، روسيا، واشنطن، تل أبيب” لأن تتحالف مع نظم الحكم العربية المستبدة، وفق شروط: أن تدعم هذه القوى الكبرى بقاء نظم الحكم العربية القائمة مقابل أن تلتزم هذه النظم برعاية مصالح هذه القوى الكبرى وبتنفيذ أجنداتها في المنطقة. وبالتالي يصبح تغيير هذا الواقع مسئولية الشعوب ونخبها الملتزمة بقضايا مجتمعاتها.

تابع القراءة

مملكة الجبل الأصفر بين صفقة القرن وأزمة اللاجئين العالمية وفساد السيسي المالي

كثير من التكهنات والغموض يحوط بالاعلان عن اقامة مملكة الجبل الأصفر على الحدود المصرية السودانية، والذي جرى يوم 5 سبتمبر الجاري، وسط صمت مصري رسمي في ظروف اقليمية مضطربة حول صفقة القرن، الساعية لتصفية القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في خارج أراضيهم التاريخية، بجانب مساومات يديرها نظام عبد الفتاح السيسي مع الغرب لحل أزمة اللاجئين عالميا ، عبر اقامة مراكز إيواء في مصر مقابل دفع أموال للحكومة المصرية….   حيث ضجت العديد من شبكات التواصل الاجتماعي بتداول مقاطع فيديو، وصور، وخرائط، عن تأسيس كيان سياسي جديد، باسم “مملكة الجبل الأصفر”، بالقرب من حدود مصر والسودان…   وسط صمت مصري وسوداني ، وتشكيك في جدية الإعلان، وأهدافه وتوقيته.   وبحسب مصادر عسكرية مصرية، “حتى الآن ما تم الإعلان عنه “محاولات ليست جديدة، وليس لها أي سند، أو وجود حقيقي على الأرض، وهي عبارة فقط عن تحركات إعلامية ليست لها أي قيمة“. وتابعت المصادر العسكرية،  أن “أجهزة مصرية رفيعة المستوى تتبعت أصول الشخصيات، من الذين يقفون وراء تلك الدعوة، وتعرفهم جيداً وتعرف حجمهم الطبيعي، لذلك لا يوجد قلق لدى القيادة المصرية من تلك الدولة المزعومة“.   الاعلان وكانت سيدة تدعى نادرة ناصيف، حرجت يوم 5 سبتمبر الجاري، لتعلن عن قيام دولة عربية إسلامية جديدة اسمها مملكة الجبل الأصفر، تقع بين السودان ومصر، ومساحتها تعادل مساحة دولة الكويت. ونشرت ناصيف، التي يبدو من لهجتها، أنها لبنانية، على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بياناً، بصفتها “رئيس مجلس وزراء مملكة الجبل الأصفر”، نيابةً عن ملك المملكة المزعومة، لإعلان قيام “‎مملكة الجبل الأصفر” بشكل رسمي، وذلك بمدينة أوديسا، بأوكرانيا. ونشرت ناصيف على حسابها رسوماً هندسية ومخططات عمرانية لتلك المملكة المزعومة، وبيانات ورسائل ممن يصفون أنفسهم بوزراء خارجية أو مالية تلك المملكة. ومن ضمن تلك البيانات، جاء بيان لشخص يُدعى عبد المنان بن إسحاق السبحاني، وصف بأنه وزير الشؤون الإسلامية بمملكة الجبل الأصفر، قدم فيه “التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام“. وقالت ناصيف، في منشور سابق لها، إن الدولة الجديدة تمثل “الحلم الذي يسعى إليه كل إنسان يشعر بعذاب ومهانة أطفالنا والنساء والعجزة الذين شردتهم الحروب سعياً وراء بقعة أمن وأمان“. وأضافت: “لم نرهم، سوى أن البرد والحر يأكلان من أجسادهم في الخيم، ونسأل أنفسنا ما هو الحل لمن حرموا من أدنى حقوقهم الإنسانية.. الإنسانية تجمعنا”… الفكرة وبحسب ما نشر في بعض وسائل الإعلام عن المملكة، فهي “دولة إسلامية عربية سوف يتم البدء في وضع حجر الأساس لها بداية عام 2020 المقبل، وسوف يتم إنشاؤها في منطقة الشرق الأوسط، تحديداً في شمال إفريقيا بين دولتي مصر والسودان، وسوف تتمتع الدولة الحديثة بالخصائص السياسية واللوجستية مثل دول العالم الأخرى“. وستشهد نظام حكم ملكياً، مكوناً من ملك الدولة وطاقم مستشاري الملك الذي لم يتم الإفصاح عنه حتى الآن، كما سيتم تأسيس هيئة حكومية، ومجلس وزراء وإقامة العديد من الوزارات لتنظيم وإدارة مؤسسات الدولة، كما أنها ستستقبل أصحاب الشهادات العلمية من أجل أن يشاركوا في بناء المملكة وجعلها بلداً قوياً“. نادرة ناصيف   رئيس مجلس وزراء الجبل الأصفر، وهي أمريكية من اصل لبناني نشطت في السنوات الماضية بين السعودية وامريكا، وقدمتها وسائل الاعلام السعودية “صحيفة الحياة / قناة العربية” كصاحبة مركز استشاري دولي مختص بالشؤون التعليمية وتعزيز السلام.     بينما يرى  الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حمدي عبد الرحمن، إن الحديث هو عن منطقة منعزلة جنوب خط عرض 22 لا تعترف بها مصر ومساحتها 800 ميل اسمها “بيرطويل”. وعادة ما يقصدها المغامرون ويدعون أنهم أسسوا مملكة جديدة لهم، منهم مغامر هندي أعلن عن قيام مملكة ديكست، والمغامر الأميركي الذي أعطاها هدية عيد ميلاد لابنته.   وأضاف، في تصريحات اعلامية، “عموماً هي وفق القانون الدولي يطلق عليها unclaimed land. مؤكداً أنه لا أحد يملك السيادة سوى الدول المعترف بها في النظام الدولي…   اللعب بورقة اللاجئين   وبحسب البيان المعلن من مدينة أوديسا بأوكرانيا، فأن هذه الدولة تسعى إلى تجنيس اللاجئين والمهجرين من حول العالم بهدف حل أزمتهم وفق دعم دولي.. حيث تسعى الدولة لتأسيس مركز تجاري ومالي عالمي بالتعاون وبدعم من العديد من الدول العربية والآسيوية.   وتابع البيان: كثيرون تكلموا وأجروا بحوثاً لعرض أزمة النازحين والمهجرين ومكتومي القيد ولكن يتوقف عملهم في أكثر الأحيان عند هذا الحد، وأما إذا تعداه فيكون لطرح القضية على المؤسسات الانسانية لتأمين بعض المساعدات التي توفر لهم أدنى مستوى من العيش الكريم، أما نحن فقد أخذنا على عواتقنا هذه الأزمة وجميع الدراسات التي نُشرت حولها وجعلنا منها محوراً لرؤية كاملة لتكون هي الحل.   وقال البيان: إننا نؤمن بأن الإنسانية هي أفعال وليست أقوالاً وشعارات، ولهذا السبب بالذات نحن اليوم هنا نطالب بتأييدكم ودعمكم لقضيتنا التي تتمحور في الدرجة الأولى حول حياة الإنسان وعيشه بكرامة واستقرار وأمان.. متابعا: “في ظل تزايد احصائيات اللاجئين حول العالم والأفراد عديمي الجنسية والذين تم حرمانهم من الجنسية في البلدان التي ولدوا بها بسبب عرقهم أو لونهم أو بسبب انتمائهم الديني، ستكون مملكة الجبل الاصفر ملاذاً آمناً لهؤلاء الأشخاص…”..   وهو ما يؤكده المستشار السعودي في مجال الدول ذات الاعتراف المحدود والمتوسط والجديدة والمستشار بالشؤون الجيوسياسية الدكتور عبد الإله اليحيا عزم هذه الدولة على تجنيس أكبر عدد ممكن من اللاجئين والمهاجرين العرب والمسلمين وفق خطة معينة في الفترة بين ٢٠٢٠ وحتى ٢٠٤٠م.  متوقعا أن يصبح  عدد المواطنين حتى عام ٢٠٤٠م نحو  ٢١ مليون نسمة تقريباً.   جدير بالذكر أن كلاً من السودان ومصر يتبرآن من ملكية هذه المنطقة لأن لها علاقة بمشكلة حلايب، فالسودان يقول إن حدوده مع مصر متعرجة وحسب هذا التعريج فإن حلايب سودانية وحسب هذا التعريج أيضاً فإن منطقة الجبل الأصفر أرض مصرية، بينما تقول مصر إن حدودها مع السودان مستقيمة مسطرة، وحسب هذه الاستقامة فإن حلايب مصرية وحسب هذه الاستقامة فإن منطقة الجبل الأصفر أرض سودانية.    وفي هذا السياق  ، تبرز مخاوف عدة من  دخول المنظمات الدولية والاقليمية وبعض الدوائر الغربية على خط اقامة الكيان المعلن، بشكل فعلي، ما يضع مصر والسودان في مواجهة غير معلومة المصير مع المجتمع الدولي… وفي 21 أغسطس 2019 أعدت  وزارة الخارجية بحكومة السيسي  ملفا لتوزيعه على نطاق واسع بين ممثلي الدول الكبرى الذين بقمة مجموعة السبع الكبرى، التي عقدت في 27 أغسطس الماضي، في بياريتز بفرنسا، للترويج لأحقية مصر في الحصول على دعم أوروبي مالي ولوجستي متزايد، بحجة دعم جهود حكومة السيسي في استضافة اللاجئين العرب والأفارقة الذين ينوون الانتقال إلى أوروبا، والتصدي للهجرة السرية.   وجاءت هذه الخطوة في محاولة لإحياء المفاوضات التي كانت قد تعطلت بين…

تابع القراءة

مصر فى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع…بين النجاحات والإخفاقات

شارك السيسي، في الدورة (45) لقمة مجموعة الدول الصناعية السبع، المعروفة إعلاميًا بـ”G7″، في مدينة بياريتز الفرنسية، على مدى ثلاثة أيام من الفترة 24 إلى 26 أغسطس 2019. وهى الزيارة التى شهدت ردود فعل متباينة بين من يرى أنها حققت العديد من النجاحات، وبين من يرى أنها شهدت مجموعة من الإخفاقات. يرجع حضور مصر إلى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع لسببين: الأول/ استجابة للدعوة الفرنسية، حيث أنه من حق الدولة المضيفة أن تدعو عدداً من الدول، التى ترى أنها تمتلك فرصاً استثمارية تتماشى مع الشروط الدولية. والثانى/ هي رئاسة مصر للقمة الأفريقية، حيث يتم دعوة رؤساء المجموعات الإقليمية للتعبير عن وجهة نظرهم.   رواية داعمي النظام :نجاحات مصرية: ويرى العديد من الخبراء داعمي النظام أن مشاركة مصر فى القمة تحقق لها مجموعة من المكاسب منها: مكاسب سياسية: تعتبر مشاركة مصر فى هذه القمة هى المشاركة رقم 19 فى القمم الكبرى منذ بداية الفترة الرئاسية الثانية للسيسى (18/6/2018)، وكان السيسي رئيساً لنحو 7 من هذه القمم. ويعطى حضور مصر لمثل هذه القمم مكانة إقليمية ودولية كبيرة، ويعكس اهتمام العالم بدورها والاستماع إليها فى العديد من القضايا[1]. وما يعكس تزايد هذه المكانة أن عدداً كبيراً من القمم التى حضرتها مصر لم تكن عضواً بها، ومن هذه القمم قمة مجموعة السبع تلك، التى تشارك بها مصر للمرة الأولى[2]. كما يعكس حرص مصر على الحضور الدائم بالقمم الدولية رغبتها فى تحسين علاقاتها مع جميع القوى الدولية، دون التكتل خلف قوة دولية واحدة، حتى لا يتكرر ما حدث بعد 2013، عندما قامت الولايات المتحدة بممارسة نوع من الضغط على النظام عبر تعليق واقتطاع جزء من المعونات العسكرية والاقتصادية لمصر. بالإضافة إلى أن حضور مثل هذه القمم يعزيز الشرعية السياسية للنظام فى الداخل. خاصة بعد تراجع هذه الشرعية التى كانت تقوم على أساس مواجهة جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية والجهادية. والآن بعد أن احتوى جهاز السيسى الأمني الإخوان وقلّص بشكل ملحوظ عدد الهجمات الإرهابية، يعتقد على ما يبدو أن عليه تغيير طريقة تصرّفه أمام الشعب المصري من أجل الحفاظ على قبضته المحكمة على السلطة. ومن بين الطرق للقيام بذلك هي التقرّب من قادة العالم والظهور على الساحة الدولية بأكبر وتيرة ممكنة لكي يُظهر لشعبه أنه لا يزال مهماً[3]. مكاسب اقتصادية: تساهم دول مجموعة الـ”G7″، بـ40% من الناتج العالمي، و60% من التجارة العالمية. وبالتالى فإن حضور مصر للقمة سيساعد على اطلاعها على الخطط المستقبلية والتوجهات الاقتصادية للدول الكبرى في العالم. كما أن تواجد مصر سيساعدها في الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة بها، وسيفتح أمامها آفاق جديدة للاستثمار والتبادل التجاري مع الدول الصناعية الكبرى[4]. كما أنه بصفة مصر رئيساً للاتحاد الأفريقي، يمكنها جذب استثمارات للقارة الأفريقية وعرض فرص الاستثمار بها. خاصة الاستثمار في مجال البنية التحتية في القارة الإفريقية وما يمكن أن تسهم به الدول الصناعية السبع الكبرى والشراكات الدولية للقارة الإفريقية في معاونة القارة على التغلب على هذه المشكلة ببناء المزيد من الطرق والسكك الحديدية، ورفع قدرات الموانئ الإفريقية وغيرها من مشروعات البنية التحتية[5].   إخفاقات النظام: دعم صفقة القرن: يبدو أن هناك تحول فى الموقف المعلن من صفقة القرن، فبعد أن كان خطاب السيسي عن الصفقة خلال زيارته إلى واشنطن، في إبريل 2019، متحفظاً حذراً، حيث أعلن آنذاك عن حرص مصر على إنشاء دولة مستقلة للفلسطينيين على حدود 1967. إلا أن السيسى أكد خلال لقائه بترامب على هامش القمة، أنه يدعم الحل الذى “يفتح آفاق جديدة تستفيد منها جميع شعوب المنطقة”، وهذه المرة الثانية، بعد لقاء السيسي بمستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، مطلع الشهر الحالي (أغسطس 2019)، التي تتحدث فيها مصر رسمياً عن قبولها لـ”فتح آفاق جديدة لجميع شعوب المنطقة”، وهو ما يتكامل تماماً مع الرؤية الأميركية، التي تعبر عنها من خلال الشق الاقتصادي للصفقة، والذي تم إعلانه رسمياً في ورشة المنامة في يونيو 2019. دعم حفتر: طالب السيسي ترامب خلال لقائهما باتخاذ خطوات أكثر فاعلية في الملف الليبي، وتحديداً لدعم حفتر والبناء على التواصل الأخير الذي جرى بينه وبين ترامب بوساطة مصرية، قبيل بدء حملته على طرابلس، وذلك على خلفية ظهور خلافات بين القاهرة وباريس حول أهمية وأولوية دعم حفتر في هذه المرحلة الحرجة من الصراع الميداني في ليبيا. لكن ترامب لم يعد السيسي بشيء ملموس. كما طرح السيسي على ترامب، خلال العام الحالي، حضور مؤتمر في القاهرة، سيركز في الأساس على الشأن الليبي، لكن ترامب لم يبد قبولاً أو رفضاً للعرض، ووعد بالتفكير فيه على ضوء التزاماته المختلفة. كما فشل السيسى فى اقناع الأطراف المعنية بالأزمة الليبية ( إيطاليا وألمانيا وبريطانيا) فى وقف دعمهم السياسى والعسكرى لحكومة الوفاق. ملف حقوق الإنسان: خيم التوتر على اجتماع السيسى مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي المستقيل جوزيبي كونتي، اللذين حضرهما معه مدير المخابرات العامة عباس كامل ووزير الخارجية سامح شكري. وتم توجيه استفسارات عدة للسيسي بشأن ملفات إشكالية، أبرزها جمود التحقيقات في قضية مقتل الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة مطلع 2016، وامتناع مصر عن مساعدة إيطاليا في التوصل إلى الحقيقة حتى الآن، حيث اكتفى السيسي بالتسويف وتكرار التعهدات. كما ركزت ميركل فى حديثها مع السيسى على ضمانات حقوق الإنسان في مصر، والوضع الحالي لمنظمات المجتمع المدني، المحلية والألمانية، وما سيستجد بشأنها بعد صدور القانون الجديد لتنظيم العمل الأهلي[6]. ملف الهجرة غير الشرعية: يحاول السيسى الحصول على دعم مالى كمقابل لجهوده فى وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وهناك أحاديث عن إعداد وزارة الخارجية ملف لتوزيعه على نطاق واسع بين ممثلي الدول الكبرى الذين يحضرون قمة مجموعة السبع الكبرى، بهدف الترويج لأحقية مصر في الحصول على دعم أوروبي مالي ولوجستي متزايد، بحجة دعم جهود حكومة السيسي في استضافة اللاجئين العرب والأفارقة الذين ينوون الإنتقال إلى أوروبا، والتصدي للهجرة غير الشرعية. وتأتي هذه الخطوة في محاولة لإحياء المفاوضات التي كانت قد تعطلت بين الاتحاد الأوروبي، ممثلاً في المستشار النمساوي سيباستيان كورتس ودوائر عدة في ألمانيا وإيطاليا، وبين مصر، حول تطوير أفكار مشتركة لدعم استضافة مصر للمزيد من اللاجئين، سواء بالدعم المالي واللوجستي، أو ببحث توطين اللاجئين في مجتمعات صغيرة في البلاد، وتمويلها من الاتحاد الأوروبي تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم، وهي الفكرة التي يقال أن الأجهزة المصرية السيادية قد تحفظت عليها وأوصت بطرح بدائل مختلفة. وكشفت مصادر دبلوماسية، عن أن مصر تحاول حالياً تأمين الحصول على نحو 125 مليون دولار سنوياً في صورة دعمٍ دولي من الولايات المتحدة وأوروبا، بحجة سدّ زيادة الإنفاق في مجالي الصحة والتعليم على اللاجئين من جميع الجنسيات وحصولهم على خدمات في هذين المرفقين موازيةً للخدمات التي يحصل عليها المواطن المصري. ولكن هناك خلاف بين الطرفين يتمثل فى عدم اعتراف مصر بالأرقام الرسمية المعتمدة…

تابع القراءة

قوى الحرية والتغيير في السودان واللحظات الثلاث

التاريخ 28 أغسطس 2019 بدأت الثورة في السودان بتراكم المظالم المجتمعية جراء السياسات التقشفية والقمعية للنظام، إضافة إلى ترهل أجهزة الدولة والفشل والفساد في سائر حزم السياسات العامة، هكذا تبدأ الثورات عادة، أن تتراكم المظلوميات فتضج الجماهير على ما يحدث، ومع ترهل النظام ووجود نقاط مهترئة في الحصار المفروض على حركة الشارع تسمح للغاضبين بالخروج على دائرة الحصار المفروضة عليهم. تشهد دول الثورات في هذا التوقيت ميلاد نخب جديدة، وفي الغالب من خارج عباءة التنظيمات والكيانات التقليدية القائمة. بمرور الوقت تلحق التنظيمات القديمة بركاب الثورة وتتحالف أو تحاول التقارب مع النخب الجديدة القائدة للحراك. يظل التحالف قائماً حتى إذا نجحت الثورة في إزاحة رأس النظام تبدأ الخلافات تدب بين رفاق الأمس، وما تزال تتنامى الخلافات والصراعات وتتباين المصالح والأولويات، حتى تحدث القطيعة التي تستغلها الدولة العميقة في استعادة زمام المبادرة مرة أخرى. عادة هذا ما يحدث في سائر الهبات الشعبية ما لم تسفر عن قوى سياسية متماسكة ولها رؤية واضحة واستراتيجيات واعية ومحددة قادرة على توظيف الزخم الشعبي وتوجيهه والحفاظ عليه وعدم تبديده، واستخدامه في تحقيق مطالب المجتمعات التي خرجت من أجلها. مما سبق يبدو أن هناك مراحل ثلاث للحراك الثوري؛ المرحلة الأولى: خروج الجماهير للشوارع مطالبة بالتغيير. تستمر هذه المرحلة حتى ينجح المنتفضون في اسقاط الجزء الظاهر من النظام، رؤوسه ورموزه. المرحلة الثانية: المرحلة الانتقالية، والتي تقع بين لحظة الثورة ولحظة الاستقرار أو الدولة، وهي اللحظة التي تشهد بدأ ظهور التباينات بين رفقاء لحظة الثورة، وهي التباينات التي تبدأ قوى الدولة العميقة في محاولة استغلالها في تفكيك الصف الثوري. المرحلة الأخيرة: مرحلة الدولة، وتبدأ مع نهاية المرحلة الانتقالية، وفي السنوات الأخيرة يكون اقرار دستور جديد وبدء عملية انتخابية هي صافرة البداية للولوج لمرحلة الدولة، أو النظام الجديد الذي تدشنه الثورة. وهي لحظة تشهد تحديات أساسية ترتبط بموضوع التقرير؛ التحدي الأول: أن تصبح نخبة الثورة في مواجهة الشارع مع توليها زمام الأمور كبديل للنظام الذي أقصاه الثوار. التحدي الثاني: أن تصبح نخبة الثورة في مواجهة مباشرة مع مشكلات السياسات العامة وتحديات إدارة المشهد السياسي. نحاول في هذه الورقة استقراء رؤية “قوى الحرية والتغيير في السودان” وتفاعلها مع لحظتي الثورة والمرحلة الانتقالية، كما تحاول استشراف رؤية وموقف الحرية والتغيير من اللحظة الثالثة، وهي لحظة الدولة، وهي مرحلة مستقبلية لم تأت بعد. فالورقة بذلك تستكشف مرحلتين، مرحلة ماضية “الثورة” ومرحلة قائمة أو حاضرة “المرحلة الانتقالية”، وتستشرف مرحلة ثالثة لم تبدأ بعد، وهي مرحلة الدولة. من أهم الإشكاليات التي واجهها التقرير أن قوى الحرية والتغيير عبارة عن تحالف واسع يتشكل من قوى تمثل مختلف الطيف السياسي والايديولوجي، ومن ثم من الصعوبة بمكان رصد واستشراف رؤيتهم للحظات الثلاث “الثورة، والانتقال، والدولة” في هذه المساحة الصغيرة وفي الوقت القليل المتاح؛ لذلك لجأت الورقة إلى استراتيجية بديلة؛ وهي: رصد واستشراف موقف “تجمع المهنيين السودانيين” كدراسة حالة وذلك لأسباب ثلاث؛ الأول: أن بصمة التجمع واضحة على الوثيقة الدستورية التي بموجبها تم تقاسم السلطة بين قوى الحرية والتغيير وبين العسكريين السودانيين. هذه البصمة يمكن تلمسها من خلال المقارنة بين الوثيقة الدستورية وبين وثيقة للتجمع تطرح تصور المهنيين لإدارة المرحلة الانتقالية في السودان. الثاني: أن تجمع المهنيين هو المكون الأكثر تجانساً بين مكونات قوى الحرية والتغيير. الثالث: أن تجمع المهنيين السودانيين في صياغتهم لرؤيتهم للثورة والانتقال والدولة، أكدوا أنهم استعانوا بباقي قوى الحرية والتغيير في صياغة رؤاهم تلك عن الثورة والانتقال والدولة. كما لجأت الورقة إلى استراتيجية إضافية تتمثل في تقديم قراءة للوثيقة الدستورية التي بموجبها جرى الاتفاق على تقاسم السلطة بين قوى الثورة والعسكريين السودانيين. والدافع وراء تقديم هذه القراءة؛ أن الوثيقة بطريقة ما تعبر عن تطلعات قوى الثورة ورؤاهم بشأن الثورة والمرحلة الانتقالية والدولة. تتناول الورقة هذه النقاط تحت محاور ثلاث؛ الأول: ويحاول تقديم صورة مختصرة ومصغرة للمكونات المُشكلة لقوى الحرية والتغيير. المحور الثاني: يقدم تصور تجمع المهنيين السودانيين للثورة والانتقال والدولة، من خلال وثيقة منشورة على موقع التجمع على الانترنت تثدم تصور التجمع لهذه القضايا الثلاث. المحور الثالث: يقدم قراءة للوثيقة الدستورية التي بموجبها جرى الاتفاق على تقاسم السلطة بين الثورة والدولة في السودان.   خريطة قوى الثورة في السودان: تتكون قوى الثورة السودانية من خليط واسع من القوى، هذا الخليط الواسع نجده ممثلاً في قوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك وفاوضت العسكريين، وكان ثمرة هذا التفاوض الوثيقة الدستورية، والمجلس العسكري المدني المشترك، والحكومة المدنية بقيادة الحمدوك. ومن ثم يكون السؤال عن خريطة القوى الثورية في السودان، هو في حقيقته، عن القوى المكونة للحرية والتغيير السودانية. أُطلق «إعلان الحرية والتغيير» في الأول من يناير 2019، برعاية أربع قوى رئيسية: «تجمع المهنيين السودانيين»، «الإجماع الوطني»،«نداء السودان»، و«التجمع الاتحادي المعارض». بعدها وفي 11 أبريل 2019، أعلن الجيش السوداني بيانه الذي يُعلن فيه الانقلاب على الرئيس السوداني عمر البشير وتشكيل مجلس عسكري يقود البلاد لمدة عامين[1]. رفضت قوى الحرية والتغيير بيان الجيش وأعلنت استمرارها في الميدان حتى يتسلم المدنيين السلطة؛ حاول العسكريون قمع الثورة من خلال فض اعتصام الثوار بمحيط القيادة العامة للجيش[2]، لكن هذا الإجراء لم يحقق أهدافه واستمرت الفاعليات الاحتجاجية محتفظة بزخمها، ما الجأ العسكريين للتفاوض مع قوى الحرية والتغيير. تجمع المهنيين السودانيين: من اسمه هو تجمع مهني يضم أطباءً، مهندسين، وأساتذة جامعيين، وغيرهم من مُختلف المهن. التجمع تشكل جراء “حظر القانون السوداني تشكيل نقابات مهنية مُستقلة، فبدأ 200 أستاذ بجامعة الخرطوم تكوين نقابة لهم بشكل غير رسمي عام 2012. شجَّع ذلك بقية المهنيين في السودان على الاقتداء بهم، ثم في 2016 قررت ثمانية تجمعات غير رسمية الانضواء تحت لواءٍ واحد اسمه «تجمع المهنيين السودانيين». من بين الثمانية يوجد البيطريون، الإعلاميون، الصيادلة، المعلمون، والمحامون”[3]. ولعل تبني البشير لسياسات تقشفية يكون تأثيرها الأكبر على الطبقة الوسطى، ومعظمها من الأفندية، فيه تفسير لظهور “تجمع المهنيين” بدون وجود هيكلٍ تنظيمي، وتأكيد “التجمع” أكثر من مرة أنه ليس لديه للتحول إلى حزب سياسي[4]. قوى الإجماع: هو تحالف تأسس في أواخر عام 2009، متكونًا من 17 حزبًا معارضًا. تتألف الأحزاب السبعة عشر من 4 أحزاب رئيسية، وعدة أحزاب يسارية صغرى. للتحالف هدف محدد وهو رفض بقاء “البشير” في السلطة، وعلى هذا الأساس أتخذ التحالف موقف بعدم المشاركة في الحياة النيابية السودانية[5]. أما الأربعة الكبار في قوى الإجماع، فهم: حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي الجناح السياسي لجيش التحرير الشعبي السوداني وقد غرس بذرتها جعفر النميري، حزب المؤتمر الشعبي السوداني الذي أسسه حسن الترابي سنة 1999 عبر انشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الحزب الشيوعي السوداني. نداء السودان: أطلق في 2014، من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، كمنصة معارضة. يجمع في صفوفه بين قوى مدنية وقوى عسكرية مسلحة. الصادق…

تابع القراءة

الإسلاميون فى ليبيا…بين الحوار السياسى والصراع العسكرى

تنتشر العديد من التيارات الإسلامية فى ليبيا، وقد أصبحت هذه التيارات من أهم الفواعل المحركة للمشهد الليبى منذ قيام ثورة فبراير 2011 ضد القذافى. وعلى الرغم من إنطلاق هذه التيارات من مرجعية وعقيدة واحدة، وإتفاق أغلبها على أهداف مشتركة تتمثل فى ضرورة تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية، ولكنها تختلف فيما بينها حول طبيعة هذه الدولة، وطرق ووسائل إقامتها. وهو ما ستتطرق إليه الورقة فى السطور القادمة عبر التركيز على التيارين الإسلاميين الأساسيين فى ليبيا: الإخوان المسلمين والسلفيين.   أولاً: جماعة الإخوان المسلمين: لا يختلف حالة التيار الإٍسلامي العام المرتبط بمدرسة الاخوان المسلمين فى ليبيا عن حالة مثيلته فى مصر، حيث تواجه الجماعة ما يشبه الصراع والتنافس بين تيارين رئيسيين: تيار يطالب بالتمسك بالخيارات الثورية والعسكرية، وتيار آخر يؤكد على ضرورة التمسك بالخيارات السلمية والسياسية. ويمثل التيار الأول فى ليبيا دار الإفتاء، بينما يمثل التيار الثانى حزب العدالة والبناء. وهو ما يمكن تلمسه فى مواقف كلاً منهما فى العديد من الأحداث المفصلية التى مرت بها ليبيا كما يلى: أ- الموقف من قانون العزل السياسى: دعم كلاً من حزب العدالة والبناء ودار الإفتاء فكرة إصدار قانون العزل السياسى الذى يستبعد بعض أركان نظام القذافى. وقدم الحزب مقترحات وشارك فى نقاشات داخل المؤتمر الوطنى (برلمان طرابلس) حول هذا القانون، فى حين أصدر المفتى الليبى الصادق الغريانى فتوى، في مارس 2013، بحرمة الخروج للتظاهر ضد عزم المؤتمر الوطني إصدار قانون العزل السياسي، معتبراً أن “إصدار القانون واجب شرعي لإبعاد من عمل في منظومة نظام القذافي من الحياة السياسية”[1]. ولكن يختلف الطرفين فى نطاق تطبيق القانون، ففى حين سعت دار الإفتاء إلى توسيع نطاقه ليشمل الوظائف الإدارية، فإن الحزب سعى إلى  تضييق نطاق الحرمان ليقتصر على الحقوق السياسية[2]. ب- الموقف من الحوار الوطنى: كانت الفكرة المركزية التي يركز عليها المفتي الصادق الغريانى، ليست في الاعتراض على الحوار السياسي، لكنها في ضرورة إجراء الحوار بشروط معينة منها: 1- ضرورة إجراء الحوار بعيدًا عن الهيمنة الأجنبية، وهو ما يشكل أساس رفضه للحوار الوطني تحت مظلة الأمم المتحدة. 2- ضرورة إبعاد البرلمان وحفتر من الحوار[3]. بينما نجد أن حزب العدالة والبناء يقوم بالحوار والتفاوض مع مجلس النواب، وتحت مظلة الأمم المتحدة. ج- الموقف من الإتفاق السياسى: أعتبر المفتي أن الترتيبات اللاحقة على إتفاق الصخيرات 2015، أرست الفساد وتردي الدولة، وفي مارس 2016، طالب الغرياني المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بالخروج من طرابلس و”تجنيب البلاد إراقة الدماء”، بل توعد في ظهور تلفزيوني له، داعمي حكومة الوفاق بـ”عذاب من الله”، ووصف حكومة الوفاق بـ”حكومة الوصاية الدولية”، ووصف الإتفاق السياسي بأنه “استهداف للثوار، وحيلة دولية لتمكين مشروع حفتر الانقلابي من البقاء في البلاد، تحت رعاية حكومة الوفاق”[4]. وفى المقابل، أيد حزب العدالة والبناء الإتفاق، فقد نظر الحزب، وفق بيانه في 19 ديسمبر 2015، إلى الإتفاق من وجهة أنه الحل الممكن في الظروف الحالية لتحقيق الاستقرار ووقف الحرب، ويمثل خطوة في بناء الدولة وصياغة الدستور. كما أن الخلفية التي شكلت موقف العدالة والبناء ترجع إلى اعتبار الأطراف الدولية أن المسودة المعروضة هي الصيغة الوحيدة لإدارة الدولة خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما يرفع سقف الضمانات الدولية تجاه ليبيا. ويمكن القول أن الخلاف بين الحزب ودار الإفتاء يختلف وفقاً لقراءة كلا طرف، ففى حين يعتبر الحزب أن صدور الإتفاق سوف يشكل نقطة البداية، لتحقيق السلام اعتمادًا على الثقة في الأمم المتحدة بصفتها منظمة دولية، فأن دار الإفتاء ترى أنه لا يتوافر ضمانات لتنفيذ الإتفاق، وأن ما يجرى على الأرض يقوض أي إتفاق قبل إعلانه وخصوصًا في ظل غياب قوة ملزمة يمكن الإطمئنان إليها[5]. د- الموقف من الصراع المسلح: إزاء اندلاع الأزمة السياسية في ليبيا ونشوب الصراع المسلح في يوليو 2014، صدرت فتوى عن دار الإفتاء أكدت فيها على أن القصاص من الجاني وردعه هو شرط أساسى من شروط المصالحة وحقن الدماء، وقد شكلت هذه الفتوى الأساس الشرعي للتصدي للانتهاكات الأمنية في طرابلس، ومهدت الطريق لعملية فجر ليبيا كاتجاه سياسي لردع الانتهاكات ضد المدنيين[6]. وقد أظهرت تصريحات الغرياني وفتاواه ومواقفه انحيازاً للثوار ومعارضة كل ما من شأنه تهديد الثورة، فقد شرعن قتال المجموعات المسلحة التابعة للزنتان والموالية لحفتر، من قبل مقاتلي عملية “فجر ليبيا” نهاية عام 2014. كما اعتبر أن القتال في صفوف مجالس شورى بنغازي ودرنة ضد قوات حفتر “واجب شرعي”[7]. بينما يتمثل موقف حزب العدالة والبناء من الصراع المسلح فى ضوء رؤيته لخيارات المتضرر، حيث طرح ثلاثة خيارات؛ “إما القصاص، وإما العفو، وإما جبر الضرر”، ويرى أن القصاص يكون عبر القضاء، ومن اختار العفو فأجره على الله، وتوفير ضمانات لجبر الضرر، وهذه البدائل تشكل واحدًا من أطر تنفيذ العدالة الانتقالية، بحيث تضمن التعويض العادل كحد أدنى، لأنها لا توفر الضمانات القانونية والشروط السياسية لحماية المتضررين، وخصوصًا في ظل ضعف وتفكك مؤسسات الدولة (أى أن الحزب يستبعد فكرة القصاص فى ظل تفكك الدولة). وقد أدى موقف العدالة والبناء إلى نتيجتين: الأولى استقالة بعض الأعضاء من الحزب، لعدهم موقفه تخلّيًا عن تيار الثورة، والثانية ظهور خلافات بين الحزب ورئاسة المؤتمر الوطني، مما أدى لاحقًا إلى تصدع المؤتمر، فبينما اتجهت كتلة العدالة والبناء إلى المضي في تشكيل (المجلس الأعلى للدولة) ظلت غالبية كتلة (الوفاء لدماء الشهداء) في المؤتمر الوطني[8]. ز- كيفية التغيير: قدم المفتى الصادق الغريانى اقترح مبادرة بديلة تتضمن تشكيل جسم تشريعي بديلًا عن المؤتمر والبرلمان يكون أعضاؤه وجوهًا جديدة من قوائم انتخابات 2012، تكون مهمتها الإتفاق على وثيقة  تكون بمثابة دستور مؤقت للمرحلة الانتقالية. وتقوم رؤيته المرحلية على أهمية وقف التدهور الحالي من خلال حزمة سياسات تقوم على دعم الثوار وسرايا مجاهدي بنغازي، ومقاومة داعش، وقوات الردع الخاصة (المحسوبة على التيار السلفى المدخلى)، ولكنه وضع في حالة التعامل مع المداخلة، تصنيفين: القسم الأول هم الملتزمون من عامة الناس المغرر بهم، والقسم الآخر قيادات من صنيعة الاستخبارات السعودية، حملوا السلاح استجابة لجهات غير ليبية، وإتباعًا لفتاوى ضالة مضلة[9]. بينما ركز حزب العدالة والبناء على ضرورة أحداث التغيير من داخل جهاز الدولة، فقد تولى الحزب في الحكومة خمس حقائب وزارية هي: الغاز، النفط، الإسكان ومرافق الشباب، الرياضة، الإقتصاد، والكهرباء. كما هناك أحاديث عن مساعى للسيطرة على الأجهزة الأمنية من خلال استحداث جهاز يسمى باللجنة الأمنية العليا المؤقتة، وهي لجنة موازية للشرطة وتابعة لوزارة الداخلية. كما أن الحزب سعى إلى الإطاحة بخصومه بالوسائل السياسية والدستورية، مثل محاولات سحب الثقة من حكومة على زيدان[10].   ثانياً: السلفية: هي جماعات مشتتة ومتناثرة لا تنشط ضمن إطار تنظيمي واحد وتنتشر في المنطقة الغربية طرابلس وضواحيها، الزاوية، ومصراتة، الخمس، زليتن من خلال بسط هيمنتها على المساجد لنشر أفكارها، حتى إنها منعت وزارة الأوقاف من السيطرة على العديد من المساجد بهذه المدن….

تابع القراءة

ثقوب جديدة في سفينة الانقلاب

بقلم: حازم عبد الرحمن تحاول منظومة الانقلاب المتحكمة في مصر الآن تصوير أنها تعيش حالة من الأمان والاستقرار, وأنه لا سبيل إلى إسقاطها, والحقيقة أن العكس هو الصحيح؛ فهي تعاني القلق والرعب من قادم الأيام, التي لا تحمل للعسكر أي أمال في المزيد من مص دماء الشعب؛ فالحكم العسكري يتراجع في العالم كله, وبدأ ينحسر في المنطقة العربية, وقد سقط البشير في السودان بعد انقلاب عسكري دام ثلاثين عاما, وخرج الشعب يطالب بحكم مدني, وتسير الجزائر منذ شهور في طريق إنهاء حكم العسكر. وفي مصر تؤكد كل التوقعات أن سقوط الحكم العسكري مسألة وقت, مهما بدا عليه من القوة والسيطرة؛ فالأنظمة المستبدة تظل قوية قبل أن تأتي لحظة سقوطها المروع, والأمثلة كثيرة من سقوط شاه إيران برغم “السافاك” جهازه الأمني الرهيب, وشاوشيسكو في رومانيا, والقذافي في ليبيا..إلخ. وتتعدد عوامل سقوط أنظمة الاستبداد لكن يبقى الأهم من بينها غضبة الشعوب الكفيلة بخلع الطغاة من كراسي الحكم, ولن يكون حكم العسكر في مصر استثناء من ذلك؛ فالسقوط المدوي قادم في الطريق؛ برغم كل إجراءات الوقاية والاحتياطات التي استباحت حياة المواطنين ومقدرات الوطن, في سبيل بقاء عصابة العسكر ورئيسها العميل الصهيوني. وتحدث الثورات عندما تفشل الأنظمة في تحقيق أحلام الشعوب, وفي مصر يتوفر هذا السبب الآن؛ بالإضافة إلى الفساد الكبير الذي طال كل قطاعات الدولة وحسب  منظمة الشفافية الدولية فإن الاقتصاد العسكري يمثل60% من الاقتصاد العام بجانب الفساد وهدر الأموال العامة والتسلط السياسي والإداري, وقد مثلت تسريبات جديدة من داخل نظام العسكر  تأكيدا لذلك حيث توحش الفساد داخل القوات المسلحة التي هيمنت على الاقتصاد القومي, وابتلعت أرزاق المواطنين, وأصبحت تتاجر في قوت الشعب ودوائه, مع التفريط في السيادة والثروات, والتنازل عن التراب الوطني؛ ما يمثل جريمة خيانة عظمى. *وثيقة تبرير التنازل عن تيران وصنافير كشف تسريب خطير من داخل القوات المسلحة أن النظام العسكري يروج بين الجيش تبريرا لبيعه جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بعد الفضيحة التي جرت برفض القضاء قرار قائد الانقلاب وعصابته بالتنازل عن الجزيرتين المصريتين واعترف السيسي أنه طلب ملف الجزيرتين في يونيو 2015 فور وصوله المزيف إلى الرئاسة؛ فقد كان يسدد فواتير لمن جاءوا به ومن دعموه في انقلابه المشئوم, وهناك الكثير من الأدلة على الخيانة العظمى بالتنازل عن حقوق مصر، ليس في تيران وصنافير فقط, وإنما في مياه النيل وثروات مصر من البترول والغاز في البحر المتوسط.  وقد كشفت الوثائق العسكرية المسربة عن محاولة احتواء التذمر داخل الجيش بسبب التفريط في الجزيرتين وتبرير ذلك، لإقناع أفراد المؤسسة العسكرية بصحة موقف السيسي وعصابته من التنازل عن تلك الجزر الإستراتيجية لصالح السعودية, وقد شملت الوثائق تحذيرا من عرضها على المدنيين أو اطلاعهم عليها؛ ما يعكس رعبا ومخاوف كبيرة لدى رءوس الانقلاب من وصول اتهامهم بالخيانة إلى الجيش, حيث يعتبرونه الظهر الذي يتكئون عليه في قمع الشعب, ونهب ثرواته, ويعتبر هذا التسريب ثقبا جديدا في سفينة الانقلاب. *شهادة المقاول على فساد السيسي والجنرالات يكرر عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب أنه شريف وصادق وأمين بطريقة لافتة, تؤكد أنه يقول ذلك دفعا لاتهامات تطاله هو وجنرالاته, وتتردد بين المواطنين, وترصدها الأجهزة الأمنية, وتنقلها إليه مع غيرها مما يتداوله الناس عن تصاعد غير مسبوق لمنحنى الفساد والفشل والقمع الذي تستنكره المنظمات الحقوقية الدولية, وهو ما تحاول الأذرع الإعلامية للانقلاب التغطية عليه باستضافة لواءات سابقين من الجيش والشرطة ليتحدثوا عن النجاحات الاقتصادية للعسكر, وحياة الرفاهية التي تنتظر الشعب المصري على أياديهم , بينما حاق الضنك بكل فئات الشعب عدا عصابة العسكر والدائرة المستفيدة منهم. ومن هذه الدائرة المقاول محمد علي, صاحب إحدى شركات المقاولات التي تنفذ مشاريع تابعة للجيش المصري، ليكشف عن وقائع فساد كبرى داخل القوات المسلحة، ومعلومات تنشر للمرة الأولى عن أسماء ضباط كبار متورطين في تبديد وإهدار مليارات الجنيهات، وتواطؤ البنوك في تمويل مشروعات “فاشلة” بضمان “أختام الجيش”، إلى جانب تحكم زوجة رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي في إدارة القصور والاستراحات الرئاسية. ونشر المقاول مقطع فيديو عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، من مقر إقامته في مدينة برشلونة الإسبانية، كال فيه الاتهامات إلى جنرالات السيسي، ودورهم في سرقة أموال شركات المقاولات التي تتعامل مع الجيش، وهم وزير النقل الحالي بحكومة الانقلاب اللواء كامل الوزير (الرئيس السابق للهيئة الهندسية للقوات المسلحة)، واللواء عصام الخولي مدير إدارة المشروعات، واللواء محمد البحيري، والعميد ياسر حمزة، والمقدم محمد طلعت. وقال: “هؤلاء أهل الظلم والاستعباد هؤلاء من حطموا أحلامي وجعلوني أتغرب وأترك بلدي خوفاً من بطشهم على أولادي وعليا، وتلفيق لي اتهامات باطلة، الزج بي في السجن”، متهما السيسي بإهدار المليارات في مشروعات فاشلة، والإدعاء بأن مصر فقيرة أوي، مشيرا إلى أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، فاشل بنسبة 100 بالمئة، وأن إيرادات مشروع حفر تفريعة قناة السيسي لم تغط حتى تكاليف حفل افتتاحها”. وأكد أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تقوم بإنشاء مشاريع بدون دراسات جدوي، وتقرر إسناد تنفيذها إلى شركات بالأمر المباشر، وتجبر البنوك على تمويل هذه المشروعات، ثم تجبر المقاول على البدء بتنفيذ هذه المشاريع دون إعطائه أي مستحقات أو دفعات مالية بزعم أنها خدمة لمصر ويجب أن يقف بجانب بلده, وهو ما تردد كثيرا في وسائل الإعلام خارج البلاد, لكنه يأتي هذه المرة من داخل شركاء منظومة الفساد العسكرية نفسها, التي تنفذ طلبات انتصار زوجة السيسي، التي أمرت ببناء استراحة رئاسية جديدة بلغت تكلفة إنشائها فقط 250 مليون جنيه، غير ثمن الأرض وتكلفة التأسيس والديكورات، ثم طلبت تعديلات بلغت تكلفتها 60 مليون جنيه”. ويعترف المقاول في مقاطع الفيديو المتعددة بأنه كان يتعامل مع منظومة فساد كاملة لكنه في النهاية تم اغتصاب حقوقه فخرج ينشر غسيل العسكر على الملأ, ويقول عنهم أنهم أهل الظلم والاستعباد وهم من حطموا احلامه وجعلوه يتغرب ويترك بلده خوفاً من بطشهم. وهذه الشهادة تكشف كثيرا مما يدور داخل منظومة الحكم العسكري, منها: ـ أن هناك داعمين للمقاول, وهناك قيادات عسكرية قلقة مما يفعله السيسي في البلد من تخريب يؤدي في النهاية إلى الانهيار الكامل. ـ  تفسير أسباب إصرار السيسي على جمع كل السلطات في يده وسحق جميع الأصوات المعارضة له. ـ تأكيد توسع أنشطة الجيش في الاقتصاد خارج الرقابة المستقلة، وخطورة ذلك على اقتصاد الدولة. ـ كشف زيف مطالبات السيسي الدائمة للشعب بالصبر والتحمل على القرارات المتعاقبة برفع الدعم عن الماء والكهرباء والمحروقات بحجة أن الدولة “فقيرة أوي”. ـ أن النشاط الاقتصادي للجيش يتم عبر مؤسسات تدار مباشرة من قبل القوات المسلحة، ولا تخضع ميزانياتها لرقابة من أي جهة مدنية، وتتجلى الخطورة في سيطرتها على 60% من اقتصاد الدولة. ـ أن فكرة الهروب قائمة لدى العسكر, كما جاء في الشهادة حول بناء خمسة قصور في الهايكستب بها خمسة انفاق للهروب….

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022