المشهد السياسي الأسبوعي 1 سبتمبر 2019

أولاً: المشهد الداخلي الإخوان: وفاة عبدالله الإبن الأصغر للرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي..  أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مساء الأربعاء الموافق 4 سبتمبر، وفاة عبدالله، نجل الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي إثر أزمة قلبية ألمت به خلال قيادة سيارته. جاء ذلك وفقا لما نقله حزب الحرية والعدالة ، عن أحمد شقيق عبدالله قوله إن الأخير “كان يقود سيارته وحدثت له تشنجات ونقل للمستشفى وكانت عضلة القلب توقفت عن العمل ولم يستطع الأطباء إنقاذه وتوفاه الله عز وجل”.وأضاف تقرير الحرية والعدالة أن وفاة عبدالله وهو الابن الأصغر للرئيس الأسبق محمد مرسي كان في مستشفى الواحة بمنطقة حدائق الأهرام، وأن الوفاة كانت نتيجة أزمة قلبية. أخبار المعتقلين فى حوار للمتحدث الإعلامي للإخوان المسلمين: أبرز ما جاء في الحوار الخاص للدكتور طلعت فهمي المتحدث الإعلامي – الإخوان المسلمون لـتلفزيون وطن –  مع الإعلامي إسلام عقل  الثلاثاء الموافق ٣ سبتمبر ٢٠١٩م: – كل المعتقلين على اختلاف انتماءاتهم على نفس درجة الاهتمام للإخوان المسلمين – د.طلعت فهمي : كمعتقل سابق لأكثر من ١٠ مرات أعلم أن معاناة المعتقلين أكبر من أن تصفها الكلمات والعبارات -ليس لدى الانقلاب أي نية أو جدية في الإفراج عن المعتقلين – ثورة المصريين كانت من أجل الحرية والكرامة ولم تكن لأجل فصيل أو جماعة – لابد من إرادة وطنية موحدة مصطفة لتخليص مصر والمعتقلين من يد العسكر – معاناة المعتقلون قضية مصر كلها وليس الإخوان وحدهم وتحتاج تضافر جهود الجميع – الإخوان المسلمون لم يدخروا جهدا في قضية المعتقلين بسجون العسكر – مصر حاليا في وضع مأزوم يحتاج تضافر جهود الجميع لإنقاذه – المعركة مع العسكر ضد مصر كلها وليس الإخوان وحدهم – التراجع أمام العسكر لا يليق بصمود المعتقلين ودماء الشهداء – الإخوان لا يليق بهم الخضوع أمام العسكر في وقت ينظر لهم الجميع – المعتقلين فضحوا بصمودهم جرائم العسكر – هناك مخططات لتشويه جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها عصب الإسلام السني – الإخوان مدرسة فكرية منتشرة في أغلب دول العالم – العسكر يسعى للتخلص من كل من ينادي بالحرية والكرامة وليس الإخوان وحدهم – الإخوان المسلمين صف واحد أمام مخططات العسكر وحملات التشويه – جماعة الإخوان المسلمين لن تدار من خلال الفضاء الإلكتروني – الإخوان يرحبون بكل نصيحة ولن يتراجعوا عن معركة حرية مصر أمام العسكر – الإخوان يدعون كل رافضي الانقلاب للعمل على رؤية مشتركة لتحرير مصر من حكم العسكر موقع مدي مصر ينشر تقريراً عما اسماه بمبادرة اليأس ما تزال تداعيات الاعلان عن ما يسمي بمبادرة الشباب المعتقلين مستمرة خصوصاً في ظل ما بدا أنه ضغوطاً من النظام علي جماعة  الاخوان من أجل عقد اتفاق اذعان مع نظام السيسي يقضي بالإفراج عن المعتقلين مقابل التعهد بعدم ممارسة العمل السياسي واعتزال كل أشكال العمل العام، بما فيها الدعوي والخيري، بالإضافة إلى تبرعهم لصندوق تحيا مصر. وبعد فترة من الغموض حول الجهات التي تقف خلفها تم نشر موقع مدي مصر أن وراء تلك المبادرة شاب يدعى “عمر حسن” يقول أنه تم تضمين مطالبة أهالي شباب الجماعة للمسؤولين بالجهات الرسمية المعنية -دون تسميتهم- بالعفو عن أبنائهم[1].  وتنص المبادرة على أن يدفع كل فرد من الشباب المعتقلين مبلغاً من المال بالعملة الأجنبية كبادرة حسن نية “دعما لتعافي الاقتصاد المصري”، على أن يتم الطلب من المجلس القومي لحقوق الإنسان وأعضاء لجنة حقوق الإنسان في البرلمان بالإضافة إلى لجنة العفو الرئاسي “أخذ زمام المبادرة” لهذا المقترح. حسب نص المبادرة المنشور على صفحة حسن على موقع التواصل الاجتماعى “فيسبوك” ، وقد زعم حسن موافقه بعض أسر المعتقلين بالفعل على هذه المبادرة بشكل فردي، كا زعم عرضها علي بعض الساسة المستقلين[2]. وقد شملت المبادرة عدد من المقترحات[3]، أولها تعهد طالب الإفراج «بعدم المشاركة السياسية مطلقًا» و«اعتزال كل أشكال العمل العام بما فيها الدعوي والخيري» وأن «يقتصر نشاطه على استعادة حياته الشخصية والأسرية»، على أن يكون لـ «الأجهزة الأمنية اتخاذ التدابير الاحترازية التي تراها مناسبة لضمان ذلك، بما لا يخل بحريتهم، ويحفظ لهم كرامتهم”. المقترح الثاني أن يدفع كل طالب العفو مبلغ مالي «كفالة أو فدية أو تبرع لصندوق تحيا مصر» بالعملة الأجنبية، دعمًا لتعافي الاقتصاد المصري. وحددت المبادرة خمسة آلاف دولار لكل فرد، كمثال، موضحة أن دفع هذا المبلغ مقابل الإفراج عنهم «سيوفر للدولة مبالغ تزيد عن خمسة مليارات جنيه على أقل تقدير”. وقد وصف الباحث المقرب من النظام بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، “أحمد كامل البحيري” المبادرة بإنها “رسالة يأس” وتحمل فى طياتها أسباب فشلها رغم تضمنها نقاط إيجابية، لافتًا إلى عدد من الشكوك من بينها عرض المبادرة من خلال شاب «مجهول» لا يعرف أحد ماهية علاقته بالجماعة، فضلًا عن أنه يُعرف نفسه بأنه «ليس اخوانيًا»، في حين أن كثيرًا من  شباب الجماعة وأعضاء التيارات الإسلامية ما زالوا يعرضون على المحكمة، ويمكن لأي منهم الإعلان عن المبادرة أمام هيئة المحكمة وفي حضور وسائل الإعلام كما فعل أعضاء الجماعات الإسلامية في التسعينيات، إلى جانب عدم اعتمادها على مراجعات فكرية لشباب الجماعة وإنما على يأس وسخط من أوضاع السجون، فضلًا عن عدم صياغتها بطريقة إخوانية وتضمنها لأي من المصطلحات والمرجعيات الدينية التي عادة ما يرددها شباب الجماعة، وابتعادها عن كل القضايا الشائكة بين السلطة والإخوان[4]. أخبار قائد الانقلاب دراسة إسرائيلية: السيسي يحاكى النموذج الصينى للسيطرة على الحكم[5]. قالت دراسة إسرائيلية حديثة، أعدها الباحثان الإسرائيليان أوفير فينتر ودورون إيلاه، من معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن “عبد الفتاح السيسي يسعى لحل ضائقته الاقتصادية في مصر من خلال محاكاة النموذج الصيني، فالنموذج الصيني يشبه نظام السيسي في مجالات كثيرة، فالسيسي يسعى للحصول على شرعية لتثبيت أركان نظامه من خلال التطوير والتنمية والبناء، وبناء على إنجازاته الأمنية والاقتصادية، كما أن في الصين حزب سياسي واحد، وهناك قيود كبيرة على حرية التعبير، والرئيس الصيني وضع لنفسه فترة ولاية رئاسية غير محدودة بزمن معين”. قد تكون هذه توجهات النظام بالفعل، أن تحاكي النموذج الصيني في القمع السياسي والتنمية الاقتصادية، لكن الغريب أن النظام المصري نجح فقط فيما يتعلق بالقمع، بينما أخفق في كل ما يتعلق بالتنمية. لكن تكمن المشكلة الحقيقية فيما إن كانت المجموعات الحاكمة المحيطة بالسيسي قد أوهمته أنه يحقق انجازات وأن المجتمع راضي عن سياسات النظام وأدائه، وأن كل معارضي النظام بين مغرض ومتواطئ مع الإخوان، وأنه نجح في تحقيق نموذج المستبد العادل. وخطورة هذا السيناريو أن النظام سيبقى غافلاً عن التداعيات السلبية والخطيرة لسياساته؛ وهو ما سيزيد الهوة بينه وبين المجتمع ما سيجعل الصدام هو الطريقة الوحيدة للتواصل بين الجانبين هذا من جهة، كما أن الاخفاقات الاقتصادية ومنسوب الديون وتراجع التنمية وارتفاع نسب البطالة والركود ستتواصل ما يعني مزيد من الفشل وغرق البلاد في مشكلات يصعب الخروج…

تابع القراءة

سياسات الإمارات  وتقسيم المقسم بالصومال

تنشط في الفترة الأخيرة التحركات الاماراتية في منطقة القرن الافريقي، وبشكل خاص في مناطق الصومال، التي تشهد تفاعلات متلاحقة، يخشى معها تمدد النموذج الاماراتي باليمن إلى الصومال، الذي يواجه انقسامات حادة … فبعد ان تسببت السياسات الاماراتية في تخريب اليمن كدولة مؤحدة، وتشظي مكوناتها الاجتماعية وتحول اهلها لقتال بعضهم البعض وتفجر الحرب الاهلية، واشعال الامارات نار الانقسام بين الجنوب والشمال، مجددا، تتركز استراتيجية الامارات نحو تخريب دول القرن الافريقي، لتحقيق أهدافها للسيطرة على مناطق استراتيجية بالمنطقة، في القرن الافريقي وباب المندب…..   صب الزيت على النار     وتصاعد استغلال الإمارات ظروف الانقسامات وعدم الاستقرار وانعدام الأمن في الصومال، لتحقيق أهدافها التوسعية… ووجدت الإمارات أرضا خصبة للتدخل في الصومال، حيث تبحث اثنتان من الولايات الفيدرالية المكونة للصومال، وهما صوماليلاند وبونتلاند، عن الاستقلال عن الحكومة المركزية التي فشلت في توفير روح الوحدة والتنمية اللازمة. وتتمتع كلا الولايتين بموقع جيوسياسي، حيث تمتدان على طول الساحل الجنوبي لخليج عدن، مما يوفر منطقة نفوذ مهمة على الجانب الآخر من جنوب اليمن.   ومع ضعف الحكومة المركزية في الصومال واعتمادها على المساعدات الدولية، جعلها غير قادرة على تحدي خطط الإمارات. ومع تخلي المجتمع الدولي عن أي محاولة جادة للانخراط في الشؤون الصومالية، وجدت الإمارات الطموحة أنه من السهل العثور على محاورين راغبين في الحصول على المساعدات وتقديم التنازلات في المقابل في كل من صوماليلاند وبونتلاند. وأقامت الإمارات علاقات اقتصادية وعسكرية مزدهرة مع صوماليلاند “أرض الصومال” التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991. وضخت “موانئ دبي العالمية”، وهي شركة موانئ تعمل من إمارة دبي، 442 مليون دولار في ميناء “بربرة” على ساحل خليج عدن. وفي مارس الماضي، قام رئيس أرض الصومال، “موسى بيهي عبدي”، برحلة مدتها 6 أيام إلى الإمارات، حيث التقى بالمسؤولين ووقع اتفاقية لتوسيع مطار “بربرة”، الذي بناه الاتحاد السوفييتي في السبعينيات، لاستيعاب الطائرات الكبيرة. وتقوم الإمارات بتشغيل المطار والميناء في مقابل العديد من مشاريع البنية التحتية في المنطقة، وستحصل على قاعدة عسكرية قريبة منه.   الوجه الاماراتي القبيح   ومع سياسات دعم الانفصاليين والمناطق المستقلة من جانب واحد، انتقلت العلاقة بين الصومال والامارات بشكل مفاجئ من الدفء والتعاون إلى الشقاق وتبادل الاتهامات؛ فبعدما كانت مقديشو تثني على الدور الإماراتي في مساعدتها على مواجهة الاضطرابات والعنف، أصبحت تتهمها بتمويل الانفصاليين ودعم نشر الفوضى وشراء ولاءات في الداخل. كما بدأت أبوظبي تتهم السلطات في مقديشو بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتوقف بعض مشروعاتها “الخيرية”، وهي التي كانت قبل شهور تعرب عن دعمها للسلطة نفسها في حربها على الإرهاب. ولتعزيز عسكرة وجودها في القرن الأفريقي أسّست الإمارات، أواخر عام 2016، أول قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في ميناء “عصب” على سواحل إريتريا.   وأغلقت الإمارات، الاثنين 16 أبريل 2018، مستشفى “الشيخ زايد” في مقديشو، حسب مصدر في المستشفى. وقال مصدر لـ “القدس العربي”، إن المستشفى توقف بعد تلقي إدارته قراراً بإغلاقه حتى إشعار آخر، لافتاً إلى أن معدات المستشفى سيتم نقلها إلى مقر السفارة الإماراتية شرقي العاصمة. وبدت حملات اماراتية دولية تتهم مقديشيو بإيواء “حركة الشباب” ، المصنفة دوليا كحركة إرهابية..   أموال ساحنة   وأبدت الحكومة المركزية في العاصمة مقديشو رفضها الاعتراف بالاتفاقيات بين أبوظبي و”أرض الصومال”، باعتبارها  تجاوزاً على السلطة الشرعية، المعترف بها في جميع أروقة الأمم المتحدة، وباعتبارها خرقاً لسيادتها. بينما سعت أبوظبي بكل ما أوتيت من قوة، إلى إخضاع حكومة مقديشو، وأنفقت الأموال ببذخ لتحقيق هدفها، لكن الأخيرة رفضت التمدد الاماراتي، عندما صادرت في أبريل 2018، ملايين من الدولارات ضُبطت بحوزة السفير الإماراتي لدى الصومال محمد أحمد عثمان، حيث كانت في طريقها إلى قوات أمنية تدربها الإمارات، وطردت المدربين. كما كشف تقرير دولي في أكتوبر 2018، عن اجتماع بين دبلوماسيين إماراتيين ومسؤول سابق رفيع بالوكالة الوطنية للاستخبارات والأمن الصومالي في مطعم بالعاصمة الكينية نيروبي، قبل يوم من مصادرة الأموال الإماراتية، وهو ما يكشف التحركات الإماراتية الخفية لشراء ذمم عسكريين صوماليين، في إطار خططها للسيطرة والنفوذ والهيمنة.   وبعد بضعة أيام، اشتبه المسؤولون الصوماليون مرة أخرى في أمتعة في مطار “بوصاصو” في بونتلاند. ونتيجة للحادثين، اللذين حدثا تزامنا مع رفض حكومة مقديشو إعلان موقف مؤيد للإمارات في أزمة مجلس التعاون الخليجي، قررت الإمارات إنهاء البرنامج التدريبي للجيش الصومالي، وقطع المساعدات التنموية للبلاد. وبحسب مراقبين، أجج حياد الصومال في خلاف عام 2017 بين قطر ودول الحصار، التي ضمت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في تصاعد الأنشطة الاماراتية العدوانية في الصومال، نحو تعميق الخلافات الداخلية،  وكان رئيس الصومال “محمد عبد الله فاراماغو”، الذي تم انتخابه في فبراير 2017، يرى أن البقاء على الحياد في أزمة الخليج عام 2017 يمكن أن ينقذ البلاد من الدخول في صراع جيوسياسي غير مبرر. كما رفض الرئيس الصومالي منحة بقيمة 80 مليون دولار من السعودية، بعد بدء الأزمة مباشرة، مقابل قطع العلاقات مع قطر. ويمكن القول إن قرار الصومال بالبقاء على الحياد، ومصلحة الإمارات في تطوير العلاقات مع المنطقتين الانفصاليتين، هي أهم العوامل التي رسمت أبوظبي مسار عملها بالصومال.   العلاقات التركية والقطرية مع الصومال   ومما زاد من المشاكل بين الإمارات والصومال علاقة مقديشو الجيدة مع أنقرة والدوحة. وكانت تركيا من بين أكبر مقدمي الخدمات الاقتصادية والاجتماعية للصومال، كما أنشأت قاعدة عسكرية في مقديشو عام 2017 تدرب 10 آلاف جندي صومالي. بالإضافة إلى ذلك، زادت الصادرات التركية إلى الصومال من 5.1 مليون دولار في عام 2010 إلى 123 مليون دولار في عام 2017. ومن جانبها، دعمت قطر الحكومة المركزية في مقديشو، وتعهدت بتقديم مساعداتمالية لمشاريع البنية التحتية والتنمية الاجتماعية. وفي أوائل عام 2019، تبرعت الدوحة بـ 68 مركبة مدرعة للقوات المسلحة الصومالية. وفي 20 أغسطس 2018، وقع البلدان اتفاقا يقضي بأن تقوم قطر ببناء ميناء بحري جديد في مدينة “هبيا” الساحلية على الساحل الشرقي لموازنة استثمارات الإمارات في المنشآت البحرية في صوماليلاند وبونتلاند.   الارهاب والتفجيرات سلاح اماراتي   ومع تصاعد الفشل الاماراتي في اثناء الصومال عن موقفها الحيادي في الازمة الحليجية، والرافض للتمدد الاماراتي في اراض صومالية، صعدت الامارات من أساليب الحرب القذرة بتنفيذ عدة تفحيرات في العاصمة مقديشيو، كان منها التفجير الذي استهدف فندقا بحوار السفارة القطرية في مقديشيو، وعدة تفحيرات أخرى.. ومؤخرا، وفي يوليو 2019، وبدعم اماراتي ، قالت “نيويورك تايمز”، في تقرير لها: أنها حصلت على تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية اعترضتها وكالة استخبارات معارضة لقطر، دون أن توضح جنسية هذه الوكالة. وزعمت الصحيفة كذلك أن التسجيل الصوتي يتحدث فيه سفير قطر في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم مع رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي، الذي وصفته بأنه “مقرب” من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأضافت الصحيفة أن المهندي أبلغ السفير بأن…

تابع القراءة

تداعيات ومآلات التصعيد العسكري الصهيوني ضد حلفاء ايران بلبنان والعراق وسوريا

بعد أيام من الترقب، شن حزب الله، هجوما على هدف إسرائيلي في الأراضي المحتلة، كرد على استهداف مركز حزب الله اللبناني في منطقة عقربة على طريق دمشق الدولي،  قبل أسبوع، وأدى لمصرع عنصرين من حزب الله… وبالتزامن مع ذلك، يشهد لبنان توترات أمنية متصاعدة مع سقوط طائرتين مسيرتين في الضاحية الجنوبية معقل حزب الله فجر الأحد الماضي، وانفجار إحداهما. وفي ردود محسوبة وغير منزلقة كما كان الوضع في يوليو 2006، قصفت اسرائيل بنحو 100 قذيفة مناطق -قيل انها خالية- بالأراضي اللبنانية، وحشود عسكرية على مناطق التماس بالجنوب اللبناني، في عملية استهدفت خلط الأوراق في المنطقة، لتسريع المواجهة الأمريكية ضد ايران بالمنطقة، في اختراق لقواعد اللعبة الاسرائيلية مع حزب الله المطبقة واقعيا منذ العام 2006… وأعلن حزب الله اللبناني الأحد، عن تدمير آلية عسكرية إسرائيلية عند طريق ثكنة أفيفيم، وقتل وجرح من فيها، بحسب بيان له، منهم رتبة عقيد وثمانية جنود..، بحسب بيانات متداولة في وسائل الاعلام الأمريكية.   وعقب الهجوم، أطلقت قوات الاحتلال ما يقارب 100 قذيفة نحو الأراضي اللبنانية، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن “اندلاع القتال مع حزب الله على الحدود انتهى على ما يبدو، بعد أن أطلق الحزب صواريخ مضادة للدبابات، وردت إسرائيل بضربات جوية ونيران مدفعية”…   حزب الله وقواعد الاشتباك   التعاطي السياسي لحزب الله حقق انتصارا، استطاع مكانيا وزمانيا، أن يثبت قواعد الاشتباك مع اسرائئيل، “قصف بقصف”..وهو ما يراه مراقبون بأن نجاح حزب الله في اعادة بث الخوف والهلع ، انعكست على المستوطنين قبالة الحدود اللبنانية على مدار أكثر من أسبوع، عنصر ايجابي قد يخفف من تأثيرات التصعيد الاسرائيلي…   وعلى الصعيد السياسي، تحقق بعض النجاح في افشال أهداف رئيس الوزراء الصهيوني نتانياهو، الذي استهدف استعراض القوة العسكرية ليقول للناخب الاسرائيلي، أني الرجل الأقوى في إسرائيل، وعليه أن يعتمد على الأقوياء لحفظ أمنه…فيما لا يزال حزب الله محتفظا لنفسه بأنه سيكون هناك رد على هجوم الضاحية الجنوبية..   أهداف اسرائيلية ولعل التصعيد الاسرائيلي الشامل في مناطق التمدد الايراني، كان له حسابات اسرائيلية، أرادت تل أبيب ارساءها، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية، ليلة 24أغسطس 2019، موقعًا قرب بلدة عقربا، جنوب شرقي دمشق، ادّعت إسرائيل أنها دمرت خلاله مجموعة من الطائرات المسيرة الإيرانية، كانت تستعد لشن هجمات ضدها، ردًّا على قصف أهداف إيرانية في العراق، خلال الأسابيع القليلة الماضية. وبعد ذلك بنحو ساعتين، أي فجر 25 أغسطس، هاجمت طائرتان مسيّرتان أهدافًا في الضاحية الجنوبية في بيروت، ادّعت وسائل إعلام إسرائيلية أن لها علاقة بعملية تحسين دقة الصواريخ البعيدة المدى التي يملكها حزب الله. وفي حين كان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يلقي خطابًا يتوعّد فيه بالرد، هاجمت طائرات إسرائيلية مواقع لصواريخ إيرانية حديثة على الجانب العراقي من الحدود العراقية – السورية؛ ما أسفر عن تدميرها. وبعد ذلك بعدة ساعات، هاجمت طائرات إسرائيلية موقعًا عسكريًا في منطقة قوسايا، في البقاع اللبناني، تتبع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وتدّعي إسرائيل أنها تُستخدم ممرًّا لتهريب السلاح من سورية إلى حزب الله في لبنان.   توقيت الضربات الإسرائيلية، جاء بالتزامن مع محاولة من نتنياهو لتحريض الولايات المتحدة على القيام بمواجهة ضد إيران. إلا أن الأمريكان وحلفاءهم، لم يتجهوا لهذا الاتجاه الذي ترغبه إسرائيل، والوساطة الفرنسية تقدمت كثيرا، ما أثار مخاوف نتنياهو الذي لا يريد أي تقارب أمريكي إيراني أو أي اتفاق يعيد الأمور إلى نصابها.     وكذلك أراد نتنياهو تحريض اللبنانيين، على حزب الله، إلا أنه لم يستطع تحقيق هدفه في ذلك، وهذا ما أظهره الاصطفاف في المواقف السياسية والإجماع الوطني في البلاد مع حزب الله.   وضمن أهداف الضربة الإسرائيلية،، تغيير منطوق القرار الدولي 1701، وتغيير مضمونه، بما يشمل قوات الطوارئ الدولية الموجودة، لكي تكون قوة رادعة تمنع أي تحرك لحزب الله على الحدود.   لا رغبة بالتصعيد ومن حانب اخر، يمكن قراءة هجوم حزب الله في الشمال، من ناحيتين؛ الأولى، رغبة الحزب بإبقاء قواعد الاشتباك ضمن معادلات الردع، وهذا الأمر بات واضحا لجهة رده في المكان والزمان ونوعية الهدف. بجانب إيصال رسالة لإسرائيل بأن أي اعتداء على حزب الله سواء في سوريا، أو لبنان سيكون هناك ردا مباشرا دونما تأخير. إلا أن الواضح بأن حزب الله وكذلك إسرائيل لا يريدان التصعيد، وأخذ التطورات إلى حرب مفتوحة، وهذا الأمر مرتبط لدى الجانبين بالعديد من الاعتبارات. بينما يرى مراقبون أن إسرائيل تحاول وضع قواعد اشتباك جديدة رغبة منها في رسم خطوط عريضة للمسارات العسكرية في المنطقة، وحزب الله لن يصمت عن أي اعتداء إسرائيلي لكن ضمن الظروف الإقليمية. فظروف الحرب الشاملة لم تنضج بعد، وهذا ما يدل عليه طبيعة الرد من حزب الله، والرد المضاد من إسرائيل، والتي لن تؤدي إلى تصعيد، وخاصة أن إسرائيل مقبلة على انتخابات، ونتنياهو لا يريد سوى الحصول على مكاسب سياسية، تنجح في نقله وحزبه إلى الضفة الأخرى.. ويمكن القول بأن هجوم حزب الله ورده بهذه الطريقة الاستراتيجية، والصور التي تم تسريبها لجهة نقل الجنود المصابين وعطفا على المؤتمر لصحفي لنتنياهو، والقول بأن لا إصابات، سيجعل نتنياهو يفقد الكثير من النقاط السياسية في الانتخابات.   سيناريوهات التوتر وتبرز العديد من السيناريوهات ، إزاء التصعيد العسكري الصهيوني بالجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، بحسب عمير ربابورت، في تقريره المطول بصحيفة مكور ريشون اليمينية الإسرائيلية… أولها، تنفيذ حزب الله عملية انتقامية ضد إسرائيل، ردا على مهاجمتها قواعده العسكرية وقوافله من الأسلحة داخل لبنان وسوريا، في حين تلتزم إسرائيل الصمت، وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا؛ لأن الحزب ملزم بالانتقام من إسرائيل بسبب ضرباتها الأخيرة في لبنان، وهو ما جرى بالفعل، بسبب توقيت العملية الانتخابية والانصراف الأمريكي عن التصعيد العسكري مع ايران..     وذلك، لأن الحزب حريص على التمسك بالردع الذي حققه أمام إسرائيل منذ حرب لبنان الثانية 2006، ولا يريد التفريط به..   ثانيها، الانزلاق إلى حرب مفتوحة واسعة، تشمل كلا من إسرائيل وسوريا وإيران وحزب الله، وقد سبق لبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هدد هذه الدول مجتمعة بأنها ستدفع ثمنا باهظا في حال هاجمت إسرائيل، وهذا يعني تحذيرا واضحا جدا بأن إسرائيل قادرة وعازمة على تنفيذ هجمات داخل الأراضي اللبنانية، وربما الإيرانية..إلا أن القرار مرتبط بالحليف الأمريكي الذي يرى تأجيل التصعيد الشامل…     ثالثها، فرضية انضمام غزة إلى حرب في الشمال بين إسرائيل وحزب الله، وهو سيناريو يبدو منخفضا، على الأقل حتى الآن، رغم أنه سيضع صعوبات أمام القبة الحديدية في التصدي لصواريخ من جبهتين في آن واحد..   مصالح مريبة!! ومن زاوية ثانية، لا تخفى على المراقب، تشيء القراءة التحليلية لمعادلة الصراع المعلن بين جزب الله واسرائيل، إلى  انه لا حزب الله ولا نتنياهو يرغبان في الحرب الان، فالأول لا يزال…

تابع القراءة

المشهد اليمني بعد الانقلاب الثاني.. سقوط الأقنعة وحتمية المواجهة

بقلم: حازم عبد الرحمن الانقلاب الثاني على الشرعية في اليمن الذي شهدته العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من أغسطس 2019 لم يكن مفاجئا؛ فمشروع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يقوم على مؤامرة لفصل جنوب اليمن عن شماله, والسيطرة على موانئه الاستراتيجية وجزيرة سقطري الفريدة في طبيعتها وموقعها, إضافة إلى حقول النفط والغاز بالمدن الجنوبية، كشبوة، وعدن، والمخا، وتطويق سلطنة عمان واستعراض التمدد الإماراتي بجوارها لأسباب تاريخية ونفسية. وفي سبيل ذلك بدأ ابن زايد في إنشاء ميليشيات موالية للإمارات وكان على رأسها نائب رئيس ما يسمى “المجلس الانتقالي” هاني بن بريك المتورط في اغتيال 30 داعية وشخصيات اجتماعية وخطباء وضباط موالين للسلطة الشرعية في عدن ومدن أخرى, وقد أثبتت وثائق النيابة العامة مشاركة بن بريك في التخطيط لجرائم اغتيالات أدت إلى مقتل أكثر من 120 مواطنا لأسباب سياسية في الفترة من 2015 إلى 2018. وارتكب ابن زايد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويدير سجونا سرية داخل اليمن، وتمارس الميليشيات الموالية له الاختطاف القسري والتعذيب ضد الناشطين والحقوقيين والأحرار, وأقامت منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات عام 2018 دعوى قضائية بمحكمة الجنايات بباريس ضد محمد بن زايد، بوصفه نائبا للقائد الأعلى للقوات الإماراتية، والحاكم الفعلي للبلاد، وذلك لتورط قواته في جرائم حرب في اليمن. *حتمية المواجهة لم يكن الشعب اليمني غائبا عما يرتكبه ولي عهد أبو ظبي من جرائم, بل كان الجميع يطالبون بوقفة في وجه المتغطرس الذي صورت له فوائض بلاده المالية أن يسيطر على اليمن الذي يبلغ عدد سكانه ثلاثين ضعفا  لعدد سكان دولة الإمارات؛ لذلك لم يكن ممكنا الصمت على الانقلاب الثاني في عدن؛ فتحرك الشارع اليمني وقوات الجيش الوطني لدحر الانقلاب؛ وطرد ميليشيات موالي ابن زايد, ونجحت في ذلك إلى حد كبير؛ فظهر الوجه الحقيقي للعدو الذي دخل اليمن مستترا في ثياب الحليف, وقام الطيران الإماراتي بقصف قوات الجيش المنتصرة على الانقلابيين؛ لتندلع المواجهة بين اليمن والإمارات والتي طال تأجيلها, وطالبت الحكومة اليمنية الشرعية مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة لمناقشة الاعتداءات والتدخلات الإماراتية في اليمن، كما طالبت بطرد الإمارات من التحالف الذي تقوده السعودية, وخرجت المظاهرات منددة بالاعتداءات الإماراتية على عدن وأبين, ومطالبة بإنهاء الدور الإماراتي في اليمن, وأحرقت أعلام الإمارات, وداستها بالأقدام,  وحملت الحكومة -في رسالة للمندوب الدائم لليمن في الأمم المتحدة- دولة الإمارات كامل المسئولية عن التمرد المسلح في جنوب البلاد, واتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الإمارات بإعدام جرحى بالمستشفيات، واستنجد بالسعودية لوقف غارات الإمارات ضد قوات الحكومة الشرعية، والتي أدت إلى جرح وقتل أكثر من 300 من العسكريين والمدنيين, مشددا على أن مليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا نفذت إعدامات في عدد من الجرحى بعدة مستشفيات في محافظة أبين، وطالب قيادات السعودية بالتدخل لوقف هجوم الإمارات على قوات الحكومة والمدنيين في عدن وأبين. وتقوم قوات الحزام الأمني -المدعومة إماراتيا- بدهم منازل معارضيها في المدينة والموالين للحكومة الشرعية, وهي تجوب الشوارع، وتقوم  بمزيد من الاعتقالات في صفوف النشطاء والسياسيين وعلماء الدين المؤيدين للحكومة الشرعية بتهم الإرهاب. *مواقف مفاجئة كان لعدد من إعلاميي اليمن دور في مواجهة الإمارات وكشف أساليبها في تمزيق اليمن وزرع الفتنة بين أبنائه فقد أعلن صحفيان يمنيان –أحدهما يعمل لحساب قناة “الغد المشرق” الممولة إماراتياً- والآخر مع قناة “الشارقة” الإماراتية، تركهما العمل في القناتين انتصاراً لبلديهما, وأرجع الصحفيان قرارهما إلى ما قالا إنها أجندات مشبوهة للإمارات ضد اليمن، وسلوكها الداعم للمليشيات الانقلابية، وغدرها باليمنيين. ونشر الصحفي عبد الله إسماعيل، تغريدة على حسابه في “تويتر” قال فيها إنه قرر ترك العمل في قناة “الغد المشرق”، بعد ثلاث سنوات “رائعة ومميزة” في تجربة كانت فيها القناة ببرامجها “لكل اليمن” حينما كانت تعمل تحت عناوين من مثل: صنعاء تتحرر، واليمن يتحرر، واعرف بلدك، كما قدمت الإعلامية والناشطة اليمنية ندوى الأفندي، الاعتذار لدولة قطر بعد ما وصفته بـ”مؤامرة وكيد الأشقاء في السعودية والإمارات”، بعد قصف مقاتلات الإمارات لقوات الحكومية اليمنية بعدن. وقامت وسائل التواصل الاجتماعي بالواجب في توجيه الاتهامات إلى الإمارات ودورها التخريبي في اليمن, كما خرجت مظاهرات بعد صلاة الجمعة تندد بمؤامرات محمد بن زايد على اليمن لتمزيقه وإضعافه والهيمنة على مقدراته. ويمكن القول بأن الانقلاب الثاني على الشرعية في اليمن بدعم إماراتي وصمت سعودي قد أسقط شرعية وجود قواتهما على الأراضي اليمنية؛ إذ ثبت أن لكل منهما أجندته الخاصة, ليس من بينها دعم الشرعية.  *نتائج الانقلاب الثاني  أسفر الانقلاب الثاني على الشرعية في اليمن عن عدد من النتائج, من أهمها: ـ الانكشاف الكامل للمخطط الإماراتي في اليمن لفصل الجنوب, والسيطرة على الموانئ والموارد الطبيعية فيه, وهو ما يفرض المواجهة الحاسمة لإفشاله. ـ تعقيد الأزمة اليمنية وإضافة عبء جديد على الشرعية في مواجهة الانقلاب الثاني ـ ظهور الخذلان السعودي للشرعية, وهو ما تجلى في حالة الصمت والعجز والانقياد الكامل للمملكة وراء المشروع التخريبي للإمارات في اليمن. ـ الإعلان اليمني الرسمي الصريح عن جرائم الإمارات في اليمن, ومخاطبة الأمم المتحدة في هذا الصدد. ـ عودة الكثير من اليمنيين عن تأييد بن زايد بعد قصف طيران الإمارات للمدنيين والجيش الوطني, والتأكد من وجود مؤامرة  برعاية أبو ظبي. ـ تحفيز الشعور الوطني لدى اليمنيين ضد العدوان على بلادهم من جانب طيران الإمارات. ـ إحراج الإمارات أمام المجتمع الدولي بعد اتهامها في الأمم المتحدة. ـ زيادة مآسي الشعب اليمني مع تصاعد المواجهات المسلحة, ودعم محمد بن زايد لإشعال الحروب. ـ تخفيف الضغط عن جماعة الحوثي التي قامت بالانقلاب الأول على الشرعية في صنعاء, وتحسين موقفها أمام الحكومة الشرعية. ـ إجبار سلطنة عمان على الدخول على خط الأزمة في اليمن؛ فتطورات ما يجري على حدودها لفت أنظارها إلى خطورته. *الخلافات داخل الإمارات لا تلقى تدخلات محمد بن زايد الخارجية قبولا لدى حكام الإمارات السبع؛ إذ يرون ضررها أكثر من نفعها؛ حيث تجلب سخط الشعوب, وتصنع عداوات هم في غنى عنها, كما أن الإمارات دولة بلا عمق حقيقي يمكنها من امتصاص أي ضربات خارجية, وقد اضطرت إلى تفاهمات مع الحوثي حتى لا تطالها الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي تسقط في السعودية, وأول من يخشى لك إمارة دبي خوفا على مصالحها الاقتصادية وهروب الاستثمارات منها, وقد وبخ حاكم دبي من يكتبون تغريدات تتعلق بسياسة البلاد الخارجية في إشارة ضمنية إلى ضاحي خلفان الذي دأب على كتابة تغريدات مسيئة إلى الشعب اليمني؛  حيث هاجم الشرعية وكال المديح لجماعة الحوثي، ما أثار استياء النشطاء اليمنيين والعرب, وهو ما يعني رفضا ضمنيا لمشروع محمد بن زايد التخريبي في اليمن, وقد أعرب الحكام السبعة عن تململهم من سياسات ابن زايد الذي يراوغ ولا يستجيب للحكام؛ مما قد ينذر بتفجر الخلافات وظهور الصراعات الخفية إلى العلن, وقد تذهب الدولة في طريق التفكك. *…

تابع القراءة

تصريحات الدكتور الريسوني .. الرأي العام ينجح في اختبار الوعي

بقلم: حازم عبد الرحمن الدكتور أحمد الريسوني عالم كبير في الفقه, وصاحب تاريخ طويل في العمل الإسلامي بالمغرب, ويترأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, وجاء خلفا لفقيه العصر الدكتور يوسف القرضاوي, والاتحاد تجمع لعلماء الإسلام من مختلف الدول, بعيدا عن سلطة الحكام ونفوذ الأنظمة التي لا ترى في العلماء إلا “أدوات” تستخدمها في تحقيق أهدافها بغطاء ديني. ويعمل الاتحاد لخدمة القضايا الإسلامية، ويستمد منهجه من الإسلام؛ وهو يمثل المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم. وهو ليس محليا ولا إقليميًا، بل هو يمثل المسلمين في العالم الإسلامي كله، كما يمثل الأقليات والمجموعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي. لذلك فإن ما يصدر عن الاتحاد وعلمائه الأجلاء يجد صداه لدى جماهير المسلمين في كل أنحاء العالم بالقبول والثقة اللائقين, لكن رئيس الاتحاد الدكتور الريسوني صدرت عنه ثلاثة مواقف أثارت جدلا بسبب طريقة تعبيره عن أفكاره, وعدم التريث فيما يمكن أن تفضي إليه التأويلات والتفسيرات اللاحقة لتصريحاته. فضلا عن الاحتياط والحذر من استغلال خصوم الإسلام لما يصدر عنه كفقيه كبير يترأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. *الموقف من الانقلاب العسكري في مصر عندما وقع الانقلاب العسكري في مصر في 3 يوليو 2013 كانت ردود الأفعال وقتها تستنكر وتدين, وجاءت فتاوى العلماء المسلمين غير الخاضعين لأنظمة الاستبداد لتندد بالجريمة وترى ضرورة عودة الأمور إلى نصابها في مصر؛ غير أن الدكتور الريسوني في عام 2016 ـ وكان وقتها نائبا لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ـ  فاجأ الرأي العام بإعلانه الارتياح للانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي؛ حيث أدلى الريسوني بحديث لصحيفة “الأيام الأسبوعية” المغربية قال فيه: “لقد كنت مرتاحا جدا لإزاحة مرسي من الرئاسة وفرحت لذلك، لأنها كانت رئاسة في غير محلها”. وقد كانت صدمة للجماهير المؤيدة للشرعية أن يصل إلى مسامعها مثل هذا التصريح, الذي يخذل الأبطال في محنتهم, وهم الصابرون المحتسبون الذين يستحقون الإجلال والتقدير, وليس النقد والتقريع؛ بما يؤثر سلبا في الروح المعنوية لملايين المؤيدين, ويصب في الوقت نفسه في مصلحة الانقلابيين ومن وراءهم من أعداء البلاد من الصهاينة وداعميهم. وإزاء ذلك كان لا بد من مراجعة الريسوني؛ فانتقده الدكتور عزام التميمي، متسائلا: “هل يكون الارتياح لإزاحة مرسي من السلطة ارتياحا بسبب أن جريمة من أكبر الجرائم في زمننا المعاصر قد ارتكبت؟”، في إشارة إلى فض اعتصام ميدان رابعة، التي أكد التميمي أنها “جريمة سلبت من خلالها إرادة الأمة، وأحرق فيها الآلاف من العزل، وكل هذا لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم خرجوا يدافعون عن حقهم المغتصب ويطالبون بإطلاق سراح رئيسهم المختطف؟”. وتابع: “هل ارتاح الريسوني لجرائم الانقلابيين في مصر، وما ارتكبوه من فظائع في سيناء وفي غيرها؟ هل سره تدميرهم لمدينة رفح، وإحكامهم الحصار على قطاع غزة، وتسليم مصر على طبق من فضة للصهاينة، وإرسال القوات المصرية لتنصر مجرم الحرب الآخر سفاح دمشق بشار الأسد؟”, وقال التميمي أنه “محزن ومؤسف أن يرتاح مثل الريسوني لانتصار الثورة المضادة في الحفاظ على عروش الظلمة والطغاة وفي تأمين الكيان الصهيوني من خطر ثورات الشعوب التي كانت تتطلع بلهف إلى تحرير الأقصى الأسير بعد أن تتحرر من استعباد المستبدين الفاسدين الذين حرسوا الحدود مع فلسطين المحتلة حماية للغاصبين عقودا طويلة”. وكتب المؤرخ الدكتور محمد الجوادي ردا بليغا على الدكتور الريسوني أوضح فيه مكامن الخطورة في التصريح سبب المشكلة والذي ما كان لمثله كعالم جليل وفقيه كبير أن يمسها.  وبتاريخ  الإثنين، 28 نوفمبر 2016 ، نشر “عربي21 ” حديثا أدلى به الدكتور الريسوني كشف فيه عن الأسباب التي جعلته يصرح بـ”ارتياحه” لإزاحة الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي من الرئاسة، موضحا أن موقفه كان حول الإزاحة وليس تبريرا للانقلاب, والسؤال: ماذا لو تريث الفقيه الكبير واحتاط في تعبيراته؛ حتى لا يثور جدل بشأنه وشأنها؛ فالأمة لا تحتاج إلى ما يصرفها عن قضاياها الأساسية, خاصة أنه عاد ليقول: “حين الحديث عن الارتياح كان لعدة أيام قبل أن تتخذ الأمور اتجاها آخر، هو ارتياح قدري لإزاحة مرسي ولو أن الطريقة من الناحية التشريعية جريمة بلا شك وبلا تردد”. *الفنون والفتوى في تركيا وفي إحدى المناسبات الفنية في تركيا أشاد الدكتور الريسوني بتقدم الفنون, وهذا بالطبع أمر محمود ومقدر أن يثني فقيه كبير على الفنون الراقية وتقدمها بما يعطي صورة حقيقية لمفهوم الفن في الإسلام؛ غير أن الريسوني أعقب إشادته بالثناء على عدم وجود وظيفة “المفتي” ـ حسب تغطية قناة “مكملين”ـ خوفا على الفنون من الفتاوى(!) أي حتى لا يحظرها المفتي, وهي لقطة فيها شبهة تستدعي هجوم بعض الفنانين والنقاد على العلماء الذين يرفضون الانحطاط بالفنون وابتذالها, وهذه فرصتهم إذ قالها فقيه مسلم له وزن معتبر, وما كان أغناه عن ذلك, لو تريث قليلا وأفاد الحضور بنبذة عن موقف الإسلام من الفنون الجميلة, وتاريخ الأعمال الفنية الرائدة في المسرح وغيره الذي شهدته مصر إلى فترة ما قبل الحكم العسكري في خمسينيات القرن العشرين. *الموقف من التطبيع الرأي العام العربي والإسلامي يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب, وأصبح حظر التعامل مع الصهاينة معلوما من الدين والسياسة بالضرورة, وهناك فتاوى شرعية وقرارات لنقابات مهنية, وتجمعات ثقافية وسياسية عديدة ترفض تماما الاعتراف بالكيان الغاصب وتحظر التعامل معه بأي سبيل, وترى من يفعل ذلك آثما تقع عليه العقوبة المنصوص عليها في قرارات هذه الهيئات والتجمعات. ولكن الدكتور الريسوني دعا المسلمين في كافة أنحاء العالم لزيارة القدس ودعم المقدسيين والمرابطين ماديا ومعنويا، مشددا على أنه “ليس كل من زار القدس مطبّعا أو داعيا للتطبيع”، وموضحا أن “الغرض والمقصد من الزيارة كفيل بمعرفة الموقف الشرعي والسياسي منها”, وأضاف: “أما من تستدعيه المخابرات وقنوات الاحتلال، فحتما نرفضه ونحاربه ونعتبرها خيانة وطعنة من الخلف”. وفي الموضوع نفسه أكد الريسوني دعمه لموقف الفلسطينيين في الداخل (الأراضي المحتلة عام 48) للانتخابات التي من المقرر إجراؤها”، مؤكدا: “لا أفضّل شخصيا سياسة المقعد الفارغ، ويمكن استعمال المشاركة في الانتخابات كورقة للضغط على الاحتلال”. وجاءت الردود سريعة ترفض ما دعا إليه الريسوني الذي قال إنه يعبر عن رأيه الشخصي فقط؛ ذلك لأنه خالف إجماع المجامع الفقهية, والمؤسسات الإسلامية بما فيها الاتحاد الذي يترأسه, وما استقرت عليه الأمة من عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وهو ما يتطلب مقاطعته وعدم زيارة الأراضي المحتلة بتأشيرته, وتقديم كل أشكال الدعم الممكنة لدعم الشعب الفلسطيني في صموده وتحرير أرضه, وتجاهل الدكتور الريسوني مخاطر الدعوة إلى المشاركة في انتخابات الكنيست الصهيوني؛ وهي التي تسببت من قبل في انشقاق الحركة الإسلامية بالأراضي المحتلة عام 1948 , وهل يعتبر فضيلته الصهاينة أهلا للعدل والإنصاف ليشارك الفلسطينيون في انتخابات العدو ويعطوه اعترافا بشرعية الاحتلال؟ إن هذا يفتح باب الخلاف مجددا, بينما قضية مواجهة الاحتلال أهم وأولى. وقد يعتبر البعض أراء الدكتور الريسوني تساوقا مع موجات التطبيع التي تعم دول الخليج حاليا, وهو غير صحيح, لكن قد يستغله المغرضون…

تابع القراءة

صناعة القرار في مصر عبر المؤسسة العسكرية وآفاق التداول السلمي للسلطة!

كثيرا ما ينحو البعض بعيدا عن دراسة او استشراف أية حلول سياسية انطلاقا مع التعاطي مع المؤسسة العسكرية… مستندا في ذلك لأوضاعها القائمة وتحول دورها من حماية الشعب إلى حماية النظام، والعمل وفق اجندة عسكرية ضيقة يحددها عبد الفتاح السيسي في اطار معادلة الحكم الحالية، المعتمدة على حماية النظام القائم مقابل مصالح اقتصادية وعسكرية واسعة لمؤسسة الجيش، وحمايتها من المراقبة أو المراجعة المحاسبية… إلا أن الكثير من الدوائر السياسية ، ترى إمكانية مناقشة الأمر مبدئيا،  مستندين في ذلك إلى  التجربة البرازيلية والتجربة التشيلية في أوقات سابقة، والتي تخلت بدورها عن سلطة الحكم السياسي، وابتعدت بعض الشيء إلى الثكنات العسكرية، للحفاظ على أوضاعها المستقبلية….. وهو ما يتناوله مركز كارينغي، عبر مقال مطول للباحث بالمركز يزيد صايغ ، بعنوان: “وحيداً على الذُرى في مصر”..   القابلية للعسكرة   مستعرضا تفرد المؤسسة العسكرية بالأوضاع القائمة، حيث حرق النظام القائم كل المحاورين المحتملين ، قتلا أو سجنا أو مطاردة، أو خنقا للحريات وقضما للحقوق جعل الباقين خارج حدود الوطن او الفعل السياسي- ان بقوا…   ويستنتج كارينغي استمراء اسناد الحكم السياسي للعسكريين في المنطقة العربية، من خلال ردود الفعل الرسمية المصرية على الحروب الأهلية وعمليات الانتقال السياسي في بعض الدول العربية منذ أوائل 2019، وجود ميل غريزي لدى المسؤولين فيها لمساعدة رجل عسكري قوي في الاستيلاء على السلطة في ليبيا وللحفاظ على دور القوات المسلحة في وضع ترتيبات الحوكمة في كلٍ من السودان والجزائر.   بيد أن أي مقاربة مصرية أكثر حذاقة قد تصل إلى استنتاجات مغايرة في ما يتعلق بمستقبل دور القوات المسلحة المصرية في حلبتي السياسة والحكم. إذ ثمة حاجة إلى مشاركة أوسع في آليات صنع القرار الوطني، سواء في إدارة شؤون الاقتصاد والمالية العامة ودعم الأسواق، أم في قطاع التنمية الاجتماعية. يتطلّب ذلك شيئاً محدّداً: الانتقال السياسي. ولكن، لن يحدث هذا في المستقبل القريب، وبطريقة سلمية، سوى إذا ما باشرته القوات المسلحة بنفسها.   الفعل للعسكر لا للشعب   وهو ما يخرج تماما القوى السياسية المصرية بكافة تشكيلاتها ومسمياتها خارج دائرة الفعل السياسي وتقرير مصير الدولة المصرية..وهو في الحقيقة أمر قد يكون حاصلا على أرض الواقع، ولكنه يتصادم مع نواميس المعادلات السياسية، التي تستوجب حراكا سياسيا أيا كان نوعه أو حجمه أو اتجاهاته وأدواته… حتى وإن كان الفعل السياسي للحراك ساكنا ومجرد بيانات سياسية أو فعاليات اعلامية، إلا أنها تبقى معتبرة في القياس والتعاطي من الدوائر الخارجية على الأقل، حتى وان استثناها النظام السياسي بالداخل وهمشها…   التحدي الاقتصادي ومعادلة الحكم العسكري     وتحلل دراسة “كارينغي” الخطاب المُتفائل عن القاهرة والعواصم الغربية والمؤسسات المالية الدولية حول الآفاق والفرص في مصر، وتنتهي إلى أنه خطاب يخفي حقائق اجتماعية واقتصادية مُقلقة للغاية. ففي أبريل 2019، جاء في تقديرات البنك الدولي أن 60% من المصريين “فقراء أو مُعرّضون إلى الفقر”، الأمر الذي يعكس جزئياً الانحدار الحاد للأمن المالي للطبقة الوسطى.   وتذهب دراسة “كارينغي”  إلى أن تحسّن مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي واحتياطات العملة الصعبة، مثير للاطمئنان. بيد أن هذه المؤشرات تُغفل في الوقت نفسه الحقيقة بأن إدارة عبد الفتاح السيسي أثبتت أنها ليست أكثر قدرةً من الإدارات السابقة، منذ أن أسست القوات المسلحة الجمهورية العام 1952، على حل مشاكل تدنّي الإنتاجية والاستثمار المحلي وتفاقم أنماط النشاط الاقتصادي الطفيلية التي منعت البلاد من الوقوف على قدميها اقتصاديا. العكس هو الصحيح، حيث ولّدت خيلاء المشاريع الكبرى التي شدّد عليها السيسي فرصاً ضائعة، فيما كانت الديون الخارجية تحلّق إلى أعلى مستوياتها.   متى يتخلى العسكر عن السلطة؟   وتشيء أرقام تحليل الأزمة الاقتصادية الواقعة في مصر حاليا، بسبب سياسات السيسي إلى أن أزمة اقتصادية تضرب مصر على المدى القريب، تلك الأزمة لم تصل بعد إلى مستوى التهديد الآني، لكنها تُواجه، بفعل طفرة زيادة السكان التي تبلغ مليوني نسمة سنوياً ووجود دلائل على اختلال سوق العمل وتدهور نوعية العمالة، تحديات اجتماعية واقتصادية جمّة توازي على الأقل في درجة إثباطها تلك التي أفرزت الحركات الشعبية التي أجبرت الرؤساء المُستبدين المدعومين من الجيش على التخلي عن السلطة في الجزائر والسودان. علاوة على ذلك، بلغ تداعي الجهاز البيروقراطي المدني للدولة مبلغاً حدا بالقوات المسلحة، بناء على تعليمات السيسي، إلى إدارة نحو ربع الأشغال العامة التي تمّولها الحكومة منذ العام 2014. كما تدخلت هذه القوات في قطاعات اقتصادية متنوّعة كإنتاج الصلب والإسمنت والتنقيب عن الذهب، بهدف مُعلن هو تحقيق استقرار الأسعار في الأسواق وزيادة عائدات الدولة.   لكن، وعلى رغم تباهي القوات المسلحة بتفوّقها في مجالي الإدارة والمهارات الهندسية، إلا أنها كانت عاجزة عن تعبئة موارد محلية كافية لزيادة الاستهلاك العام وزيادة الصادرات. وربما يتم الإدراك قريباً أن القوات المسلحة لا تستطيع أن تعالج طويلاً القصور في الدوائر المدنية للدولة في توفير الإدارة الاقتصادية والخدمات العامة الأخرى. أو، على أقل تقدير، قد يستنتج كبار الضباط في السلك العسكري الذين ليست لديهم مصالح مُتجذرة في النشاطات الاقتصادية والتجارية للجيش، بأنه يمكن خدمة المصالح الاحترافية للقوات المسلحة على نحو أفضل، من خلال وقف الدور الراهن الذي تقوم به. وبالتالي، ربما يسعى هؤلاء “المؤسساتيين العسكريين” إلى مخرج من هذا الوضع. هذا قد يُعد المسرح أمام القوات المسلحة للمبادرة إلى تدشين عملية انتقال سلمية. والحال أن مثل هذا التطوّر سيشكّل خبراً طيباً، لكن تنتصب في وجهه عقبة خطيرة. تجدر العودة هنا إلى أطلق الجيش البرازيلي، لأسبابه الخاصة، مبادرة الانفتاح في العام 1974، التي أعادت السلطة إلى المدنيين بعد نحو عقد من الحكم العسكري، وكذا فعل زميله التشيلي حين وافق على الهزيمة الانتخابية للدكتاتور أوغستو بيونشيه في العام 1988، تفاوض الجيشان مع كلٍ من أحزاب المعارضة السياسية وحلفائهما من رجال الأعمال حول صيغ عملية الانتقال.   صعوبات التحول بمصر بيد أن إدارة السيسي في مصر قد استأصلت أو همّشت كل المتحاورين المُحتملين، فسحقت ولاحقت الإسلاميين، والليبراليين، والديمقراطيين الاشتراكيين، والشبان النشطاء اليساريين. أما قطاع الأعمال فهو يعتبر صديقاً للنظام لكن يعوزه الاتساق كطبقة حليفة، حيث أن أربابه الرئيسين هم إما على علاقة تبعية طفيلية مع الدولة للحصول على العقود، أو أنهم متضايقون من تجاوزات الجيش. وتتابع الدراسة: “صحيحٌ أن الأنظمة، بما في ذلك حتى السلطوية منها، تحتاج للارتكاز السياسي إلى التحالفات الاجتماعية، لكن لايزال الأعضاء الرئيسين في الائتلاف الحاكم المصري حتى اللحظة منخرطين للغاية في بوتقة المصالح الخاصة ومنغمسين في جهود تدعيم حصتهم من كعكة السلطة والأموال العامة، الأمر الذي يمنعهم من استشراف المخاطر أو التفكير في تغيير سلوكياتهم”. وتتوقع الدراسة أن تتخلى مؤسسة الجيش عن الانغماس الشديد في العملية السياسية، بقولها : “لكن، فيما تبدو وزارة الداخلية الأكثر تصلّباً وارتكاساً، ربما بدأت القوات المسلحة تتلمّس الحاجة إلى الاستعداد للقيام بانسحاب منظّم…

تابع القراءة

محاربة الفساد أو حماية النظام؟

مقدمة يشرح هذا التقرير المترجم دور هيئة الرقابة الإدارية المصرية  في حماية نظام السيسي، ويستعرض بعض الطرق التي يستخدم بها الحكام الاستبداديون حملات الفساد لتوطيد حكمهم. ثم يلخص صلاحيات هيئة الرقابة الإدارية منذ عهد عبد الناصر إلى الرئاسة القصيرة لمرسى، ثم يتحول التقرير بعد ذلك إلى وصف الأهداف الرئيسية لهيئة الرقابة الإدارية فى عهد السيسى: كمعاقبة بعض المسؤولين على الفساد مع حماية الآخرين، وفرض “قواعد اللعبة” في بيروقراطية الدولة، والمساعدة في تعزيز سمعة مصر وجذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة لتحقيق التحول الاقتصادي الذي وعد به، كما يناقش المساعدات الدولية التي يتم تقديمها للهيئة. ويخلص التقرير إلى أن النظر إلى رابطة المحاسبين القانونيين المعتمدين باعتبارها محور حملة حقيقية لمكافحة الفساد أمر خاطئ لأن الهيئة  تفتقر إلى الشفافية والمساءلة والاستقلال الكافيين عن مراكز السلطة. يُعرف الفساد-وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية- على أنه إساءة استخدام السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة، وقد انتشر هذا المرض في مصر خاصةً منذ أن أنشأ عبد الناصر دولته البيروقراطية السلطوية في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث قاد “حركة ثورية” للإطاحة بالملكية المصرية والنظام الفاسد القديم، فقط لإقامة دكتاتورية ذات اقتصاد تهيمن عليه الدولة حيث أصبح الفساد متفشياً. ثم تفاقم الفساد في ظل خلفي ناصر “أنور السادات” و”حسني مبارك”، اللذين أتاح تحريرهما للاقتصاد فرصًا جديدة لتحقيق أرباح غير مشروعة من جانب المقربين من السلطة، وقد ساعد الغضب المتأجج  نتيجة ارتفاع معدلات الفساد على أيدي عائلة مبارك والمسؤولين رفيعي المستوى في إشعال الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في شهر يناير 2011، والتي أطاحت بالرئيس مبارك، ولكن الفساد الحكومي لم ينتهى بإطاحة مبارك. حيث يشير الكثير من المصريين أن عليهم دفع رشوة لتلقي الخدمات الحكومية،  ويشيرون إلى أن الفساد يعتبر عقبة أمام الاستثمار الأجنبي والتنمية الاقتصادية، حيث تشير منظمة الشفافية الدولية إلى الوضع فى مصر 2018 ، بقولها “هناك عدد قليل جدًا من التحسينات على الأرض” و “قضايا الفساد الخطيرة تتحدى البلد حاليًا”. يشير السيسي إلي أنه جعل مكافحة الفساد على رأس أولوياته منذ أن استولي علي الحكم وأصبح رئيسًا لمصر في عام 2014 بعد أن قاد انقلاب يوليو 2013 ضد الرئيس المصري المنتخب بحرية، محمد مرسي، من جماعة الإخوان المسلمين.  ويؤكد السيسي أنه قد أصبح لدى الدولة أخيراً، تحت قيادته، “إرادة سياسية حقيقية للقضاء على الفساد”. اتبع نظام السيسي بعض تدابير مكافحة الفساد في عام 2014، حيث أطلقت الحكومة استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، كما وعدت صندوق النقد الدولى بأنها سوف تنفذ سياسة الشفافية والمساءلة الحكومية باعتبارها “الركن الرئيسي” لبرنامج المساعدة المالية والإصلاح الاقتصادي ذي الصلة، الذي بلغ حجمه 12 مليار دولار، والذي بدأ في خريف عام 2016. إلا أن النظرة  الفاحصة تشير إلى أنه، كما هو الحال في العديد من الأنظمة الاستبدادية، لا تعد هذه الخطوات جزءًا من حملة حقيقية للقضاء على الفساد، ولكن الغرض منها هو دعم نظام السيسي حيث تتطلب المعركة الحقيقية  ضد الفساد هيئات رقابة شفافة ونزيهة للتحقيق والكشف عن أي مخالفات محتملة من قِبل أي مسؤول، ومحاكمات عادلة للمتهمين بالفساد والعقاب المتساوي لأولئك الذين تثبت إدانتهم، ووسائل إعلام مستقلة ومجتمع مدني لفضح الانتهاكات وتعزيز ثقافة جديدة للمساءلة، والذى يتطلب إصلاحات قانونية ومؤسسية بعيدة المدى لردع السلوك الفاسد. وبالتالى لا يوجد أي من هذه الأشياء في نظام السيسي الاستبدادي. وفي الواقع ، اعتمدت سياسته-لمكافحة الفساد- على تمكين هيئة رقابية تحت سيطرته المباشرة  تسمى “هيئة الرقابة الإدارية”. في ظل السيسي، أصبحت “هيئة الرقابة الإدارية” هي المؤسسة الرئيسية المكلفة بالكشف عن الفساد وقد وجهها لمحاربة الفساد بجميع أشكاله، وأصبح الدور الرسمي الرئيسي للهيئة هو جمع المعلومات حول الانتهاكات الإدارية والمالية في الهيئات الحكومية ، وأجزاء أخرى من القطاع العام (مثل الشركات المملوكة للدولة)، والشركات الخاصة التي تتلقى أموال الدولة، وإحالة القضايا إلى النيابة العامة عندما يشتبه في ارتكاب مخالفات. وعلى الرغم من أن سلطة الرقابة الإدراية هي اسمياً وكالة مدنية، إلا أنها تتمتع بخصائص مهمة مشتركة مع المؤسسات الأمنية القوية – الجيش وأجهزة المخابرات والشرطة – التي تشكل العمود الفقري للنظام. وتتمتع سلطة الرقابة الإدارية بقدرات مراقبة كبيرة وكذلك “تفويض قضائي” (الضبطية القضائية) لإجراء التحقيقات والاستجوابات، ويتم اختيار معظم أفرادها من الجيش والشرطة. ولكن مثلها مثل المؤسسات الأمنية الأخرى تفتقر سلطة الرقابة الإدارية إلى الشفافية. ولهذه الأسباب، من المرجح أن السيسي، الجندي المحترف الذي شغل منصب وزيرالدفاع و رئيس الاستخبارات العسكرية، يفضل الرقابة الإدارية على هيئات الرقابة الأخرى التي يقودها المدنيون. لقد تم إنشاء “هيئة الرقابة الإدارية”  من قِبل  عبد الناصر كأحد أدوات سلطته الاستبدادية، لكنه أصبح أقل بروزاً في ظل رئاسة السادات ومبارك، وعلى النقيض من ذلك، فإن السيسي قد أبرز الرؤية العامة لسلطة الرقابة الإدارية وأسند إليها مهام جديدة، وجعلها نقطة محورية للمساعدة الأجنبية في مكافحة الفساد. وفي الوقت نفسه، عزز السيسي سيطرته على الهيئة، من خلال قانون عام 2017 الذى يضعها تحت سلطته المباشرة،  كما يقيد ذلك القانون سلطة الهيئة على الجيش من أجل حماية دوره الاقتصادى الآخذ فى الازدياد، وبالتالى يكون عرضة لفساد أكبر. كيف تستخدم النظم الاستبدادية الفساد؟ الهدف الأساسي للحكام الاستبداديين هو البقاء في السلطة، من خلال وسائل مختلفة، واحدة من هذه الوسائل، هي زراعة الفساد، حيث يقوم الحكام الاستبداديون بإنشاء شبكات من الامتياز والمحسوبية داخل الدولة يمكن من خلالها لدوائرهم الداخلية ودوائر النظام الأخرى إثراء أنفسهم. حيث يخلق الفساد حوافز مادية لكل من النخب والمسؤولين من المستوى الأدنى للانضمام إلى هذه الشبكات  مما يتيح لهم مصلحة في إدامة الوضع الراهن، كما يمكن لأعضاء النظام الكبار استخدام مناصبهم للوصول إلى موارد الدولة  والصفقات المالية  والإيجارات والامتيازات الأخرى، في حين يمكن للبيروقراطيين من المستوى الأدنى الاستفادة من الرشاوى اليومية. وباختصار، فإن الأموال الفاسدة تعزز الائتلاف الموالي الذي يحتاجه الحاكم الاستبدادي للبقاء في السلطة. ولكن إذا كانت شبكات الفساد ضرورية للبقاء، فلماذا يقومون في بعض الأحيان بحملات مكافحة الفساد؟ يفعل الحكام المستبدون ذلك من أجل إدارة الفساد والحفاظ على مرؤوسيهم من خلال التحكم في توزيع موارد الدولة، حيث يقيم الحكام الاستبداديون علاقات الاعتماد المتبادل مع مرؤوسيهم، الذين يعتمدون على مكافآت من تلك الموارد، بينما يعتمد الحاكم على إخلاص المرؤوسين. إلا أن هذه العلاقات تكون مليئة بالتوترات بسبب التنافس بين المصالح وبالتالى لإدارة هذه التوترات،  تلجأ الدولة إلى تلك الحملات، حيث لا يمكن للقادة الإستبداديين الاعتماد على جزرة الفساد وحدها بل لابد معها من العصا. وتعتبر وكالات “مكافحة الفساد” الخاضعة للسيطرة المباشرة للحاكم الاستبدادي هي إحدى العصي التى يستخدمها الحاكم، فهيئة كـ”هيئة الرقابة الإدارية” التي تراقب أنشطة المسؤولين الحكوميين، حيث يمكن أن تبقي أنصار النظام تحت المراقبة  وأن تعاقب من لا يتبعون القواعد، وأن تردع المتحدّين المحتملين، كما يمكن للحاكم استخدام المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال…

تابع القراءة

التحالف الأمريكي لحماية ناقلات نفط الخليج: الفرص والقيود

يناقش التقرير التالي الذي نشره موقع استراتفور دوافع وقدرات حلفاء الولايات المتحدة للمشاركة في التحالف الذي تسعي الإدارة الأمريكية لتشكيله لحماية ناقلات النفط في الخليج ومواجهة ايران. ولا تنبع أهمية التقرير فقط من تحليل دواقع الدول للمشاركة أو الاحجام ولكن من كونه مفيداً في تحليل الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة في تشكيل تحالف فاعل في مواجهة ايران في الوقت الراهن. عنون التقرير لماذا ستكافح الولايات المتحدة من أجل تقليص التزاماتها العسكرية في الخارج؟[1]   حاولت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا إعادة توجيه اهتمامها ومواردها نحو المنافسة مع روسيا والصين، لكن التزامات واشنطن الأخرى حول العالم تُفشل هذه المحاولات. ومنذ توليه منصبه، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى معالجة هذه المشكلة عن طريق الضغط على الحلفاء للالتزام بمزيد من الدعم العسكري في أماكن مثل سوريا (حيث تحاول الولايات المتحدة تقليل مستويات وجودها العسكرى)، ومؤخراً فى الخليج الفارسي (حيث تواجه الآن زيادة خطر حدوث صدام عسكري مع إيران). لكن المخاوف بشأن توجهات القيادة الأمريكية جعلت حتى أقوى شركاء واشنطن في أوروبا يتحفظون على نشر المزيد من قواتهم في هذه المناطق الساخنة. ومن المرجح أن يترك عدم الثقة هذا – إلى جانب حقيقة أن العديد من الحلفاء لديهم بالفعل إلتزامات أمنية – الولايات المتحدة أمام خيارات ضئيلة تتمثل فى ضرورة تقديم مزيد من الدعم من قبل حلفائها أو إنهاء التزاماتها في الشرق الأوسط.   أوروبا الغربية: قادرة ولكن غير راغبة تعد المملكة المتحدة وفرنسا من أقوى حلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا وأهمهم من الناحية الاستراتيجية. فقد شارك البلدان بنشاط في المهمة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية. وكانت المملكة المتحدة، على وجه الخصوص، مشاركاً رئيسياً في القوات الأمريكية بأفغانستان، وضاعفت قواتها تقريباً في البلاد خلال العام الماضي بناءً على طلب الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، سحبت فرنسا قواتها القتالية من أفغانستان في أواخر عام 2012. لكن باريس ظلت نشطة في عملياتها في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء، وفي كثير من الأحيان إلى جانب القوات الأمريكية. وفى شهر مايو، توفي اثنان من قوات العمليات الخاصة الفرنسية أثناء عملية إطلاق سراح رهينة أمريكي في شمال بوركينا فاسو. وفي أكتوبر 2017، جاءت القوات الفرنسية لإنقاذ القوات الأمريكية التي تعرضت لكمين في النيجر. ولكن على الرغم من هذه المساهمات، فقد طالبت الولايات المتحدة لندن وباريس بتقديم المزيد من الدعم في العديد من المجالات التي سعت فيها واشنطن لمزيد من التعزيزات من حلفائها خاصة في سوريا والخليج الفارسي. ومنذ أن أعلن ترامب فى إبريل بشكل غير متوقع عن خطة سحب القوات الأمريكية من سوريا، حاول البيت الأبيض الحصول على دعم حلفائه عبر زيادة تواجدهم العسكرى فى سوريا من أجل تسهيل عملية الخروج الأمريكى. إلا أن المملكة المتحدة وفرنسا – وجميع حلفاء الولايات المتحدة – ترددوا في الإبقاء على القوات في سوريا؛ خوفًا من تركهم دون دعم فى ظل غياب التواجد الأمريكى، وإمكانية أن تتصادم قواتهم مع القوات الروسية والتركية والإيرانية. وكتنازل بسيط، تعهدت باريس وبرلين مؤخرًا بزيادة مساهمتهما بقوات في سوريا بنسبة 10 في المائة. ولكن هذا، بالطبع، لا يزال بعيدًا عن الالتزام الذي يحتاجه ترامب للوفاء بتعهده بسحب جميع القوات الأمريكية من البلاد. ينطبق الأمر نفسه على الخليج الفارسي. ففي أعقاب سلسلة من الهجمات المرتبطة بإيران على سفن نقل النفط في يوليو الماضى، حاولت واشنطن تشكيل تحالف من الحلفاء الإقليميين والدوليين من أجل تأمين حركة مرور ناقلات النفط بشكل أفضل، والعمل كرادع ضد أى عدوان إيراني مستقبلي في المنطقة. ومع ذلك، فمنذ أن قرر ترامب العام الماضي التخلي عن صفقة إيران النووية لعام 2015 – المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) – أصبح معظم شركاء واشنطن الدوليين يشككون بشدة في مقاربة واشنطن للتعامل مع طهران. ونتيجة لذلك، فقد رفض حتى أقوى حلفاء الولايات المتحدة مبادرة واشنطن الأمنية والمراقبة المقترحة في الخليج الفارسي، والمعروفة باسم برنامج الحارس؛ خوفًا من الانجرار إلى صراع كامل مع إيران. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة متورطة بشكل مباشر مع إيران في الخليج الفارسي، حيث استولت طهران على سفينة بريطانية في 20 يوليو ردًا على مصادرة لندن سابقًا لناقلة إيرانية في مضيق جبل طارق. وبالتالي، على عكس البلدان الأخرى، أدركت لندن علناً الحاجة إلى فرقة عمل مرافقة بحرية في المنطقة. ولكن بدلاً من دعم برنامج الحارس الأمريكي، سعت بريطانيا في البداية إلى إطلاق مبادرة أمنية ومراقبة في الخليج الفارسي من جانبها، والتي اكتسبت حتى الآن الدعم المبدئي من فرنسا وإيطاليا والدنمارك. لكن هذا بدأ يتغير بعد التعيين الأخير لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي لديه علاقة أوثق مع ترامب، والذى يدرك صعوبة تنفيذ برنامج أمني في الخليج الفارسي دون دعم من الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى فرنسا والمملكة المتحدة، فقد كانت ألمانيا أيضًا شريكًا عسكريًا مخلصًا لأمريكا لفترة طويلة. فألمانيا، التي تضم أكبر اقتصاد في أوروبا، تقدم حاليًا تسهيلات عسكرية ممتازة للقوات الأمريكية، وتساهم بثاني أكبر وحدة من القوات في أفغانستان (بعد الولايات المتحدة). ولكن مثل نظرائها الأوروبيين، تظل برلين تشعر بالقلق تجاه سياسات القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط. وذلك – إلى جانب الدعم الشعبي المحدود للمشاركة العسكرية في الخارج – هو السبب في أن ألمانيا سرعان ما رفضت طلبات الولايات المتحدة بإرسال قوات إلى سوريا و الانضمام إلى عملية الحارس في الخليج الفارسي.   أوروبا الشرقية: مستعدة لكن غير قادرة لا يزال عدد من الدول الأوروبية الأصغر حجماً – وهي بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وجورجيا – أكثر استعدادًا للمساهمة في الجهود العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم. هذه الدول، من قبيل المصادفة، تشعر بالقلق من خطر التصادم المحتمل مع روسيا. وبالتالي، فإنهم يبذلون قصارى جهودهم بالموارد التي لديهم لمساعدة الولايات المتحدة في مهامها في الخارج، مع توقع أن تقوم واشنطن بالمثل إذا احتاجت هذه الدول لمساعدتها ضد موسكو. ولكن على عكس فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، فإن المشكلة التي تواجهها هذه البلدان ليست مشكلة التحفظ أو التردد، بل مشكلة القدرة. فدولة مثل جورجيا تساهم بالفعل بشكل غير متناسب مع حجمها في الجهود الأمريكية في أفغانستان. حيث أن عدد الأفراد الجورجيين المنتشرين حاليًا هناك يتطابق تقريبًا مع عدد المشاركين من المملكة المتحدة وألمانيا. هذا على الرغم من عدد سكانهم الصغير (يبلغ عدد سكان جورجيا 4 ملايين نسمة، مقارنة بـ 83 مليونًا في ألمانيا و 66 مليونًا في المملكة المتحدة). ولكن العوامل نفسها التي تجبر دول أوروبا الشرقية ودول البلطيق على المشاركة في العمليات العسكرية الأمريكية هي أيضًا ما تقيد قدرتها على المشاركة بشكل أكبر. بمعنى آخر، فإن عدم مشاركتهم بصورة كبيرة فى مساعدة الولايات المتحدة بالخارج ترجع إلى ضرورة تواجد هذه القوات في الداخل للدفاع ضد روسيا.   آسيا والمحيط الهادئ: حقيبة مختلطة…

تابع القراءة

الانقلاب الجنوبي وتأثيره علي استقرار اليمن

بعد فترة قصيرة علي سحب الامارات بعض قواتها من اليمن الجنوبي، وقيامها بتدريب أعداد كبيرة من القوات الجنوبية ودعمها الكبير للمجلس الانتقالي الجنوبي، نجح المجلس الانتقالي في السيطرة علي عدن العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية، وإعلان رفضه الانسحاب بالرغم من الضغوط الشكلية التي تحاول أن تظهرها السعودية والامارات خوفاً من ردة الفعل اليمنية الشعبية ضد التحالف الذي تقوده السعودية، وخوفا من أن يصب ذلك في صالح جماعة الحوثي التي نجحت علي مدار ست سنوات في التصدي للضربات التي يوجهها التحالف السعودي لقواعدها في اليمن الشمالي. وبعد تلك الخطوة المتوقعة منذ فترة بالرغم من كثرة التساؤلات الخاصة بالموقف الاماراتي في اليمن، تكون الصورة قد اتضحت بشكل أكبر بالنسبة للمجتمع الدولي وللمتابع للتطورات في اليمن، إذ تعكس تلك الخطوة رغبة إماراتية حقيقية في السيطرة علي اليمن الجنوبي ومن ثم السيطرة علي السواحل اليمنية في الجنوب وضمان تسيير مصالحها بالشكل الذي تريده حتى ولو كان ذلك علي حساب اليمن الموحد الذي يطالب به المجتمع الدولي وكذلك الشعب اليمني الذي يقاتل الحوثي ضمن التحالف السعودي من أجل الحفاظ علي وحدة وتماسك اليمن. ويبدو أن الامارات التي تتلاعب بولي العهد السعودي منذ فترة طويلة، نجحت في اقناع القيادة السعودية بضعف حكومة هادي وعدم قدرتها علي المساهمة الفعالة في المعركة ضد الحوثي وأن الأفضل بالنسبة للمملكة ترك المجال للمجلس الانتقالي الجنوبي لقيادة الدفة في الفترة المقبلة، وتحويل المعركة من معركة من أجل الوحدة إلي معركة من أجل البقاء، وشغل اليمنيين بعضهم ببعض، وإدخالهم في آتون حروب أهلية بعد تقسيم اليمن إلي شمال وجنوب ووسط، وبحيث تبقى جماعة الحوثي في الشمال والحكومة الشرعية في الوسط والمجلس الانتقالي في الجنوب، مع ترك المعارك مستمرة فيما بينهم حتى لا يقوى طرف علي حسم المعركة لصالحه. وبذلك تكون الامارات قد نجحت في خطتها الخاصة بتقسيم اليمن واضعافه حتى تضمن بقاء سيطرتها عليه مناطق نفوذها في الجنوب، وفي نفس الوقت تأمن السعودية الخطر الحوثي، وإن كانت الأمور حتى الآن لم تحسم بعد ، لأن هذه الحسابات تبدو خاطئة وقد تلقى باليمن بكامله في جعبة جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً، كما أن ذلك قد يتسبب في تصدع التحالف الذي تقوده السعودية، بل وقد يدفع بالحكومة الشرعية للتحالف مع جماعة الحوثي للحفاظ علي وحدة اليمن، بل وقد تسهل الطريق علي جماعة الحوثي التي ترتفع معنوياتها بشكل كبير نتيجة لما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد تنجح في كسب التعاطف الشعبي في حال قررت القتال من أجل الحفاظ علي الوحدة اليمنية، وبذلك تكون السعودية قد ألقت بالكعكة اليمنية دون أن تدري ونتيجة لحسابات خاطئة في حجر جماعة الحوثي وإيران. وفي حال حدث ذلك لن تكون هناك ثقة بين أي طرف يمني وبين السعودية، ولن يكون هناك كاسب في هذه التحركات الخبيثة من قبل الامارات، لأن الجنوب لن يستقر وكذلك الوسط والشمال، وستتحول الحرب في اليمن إلي حرب إقليمية ليس فقط بين الطوائف والجماعات اليمنية بل وكذلك بين الدول الداعمة لكل طرف من أطراف النزاع في اليمن ليتكرر سيناريو الستينات في اليمن من جديد، ويعني ذلك أن خطورة ما يحدث في اليمن قد تتعدي لدول إقليمية مجاورة، حيث ستؤثر الحرب في اليمن علي الامن والاستقرار في المنطقة العربية التي تعاني الحروب والصراعات منذ فترة طويلة مما أفقدها الامن والاستقرار، وأتاح للعدو الصهيوني العبث بمقدراتها وبعدالة قضاياها وبات قاب قوسين او أدني من القضاء علي القضية الفلسطينية بالكامل، وذلك وسط غفلة عربية غير مسبوقة وصراعات تقودها دول عربية شقيقة من اجل مطامع شخصية لن تنجز منها شيء في نهاية المطالف.

تابع القراءة

انطلاق المرحلة الانتقالية بالسودان ..تحديات واشكالات مستقبلية

بنصف ثورة ونصف انقلاب، توافقت قوى الحرية والتغيير والعسكريين بالسودان على انطلاق المرحلة الانتقالية لمدة 3 سنوات، وثلاثة أشهر، مناصفة بين الجانبين، وأدى الخبير السوداني في الأمم المتحدة عبد الله آدم حمدوك، مساء الأربعاء الماضي، اليمين الدستورية رئيساً للوزراء خلال الفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر. ​ وكانت قوى “إعلان الحرية والتغيير” قد اختارت حمدوك ذا الخلفية الاقتصادية لتولي المنصب، على أن يشكل حكومته بالتشاور معها. وعقد مجلس السيادة الانتقالي في السودان أول اجتماع له، بعدما أدى الفريق أول عبد الفتاح البرهان اليمين الدستورية رئيساً له، وذلك أمام رئيس القضاء الحالي عباس علي بابكر، كما أدى 9 من أعضاء المجلس اليمين أمام البرهان. وجاء أداء اليمين الدستورية مباشرة بعد قرار بحلّ المجلس العسكري الذي تقلّد السلطة في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير، في إبريل الماضي.  وتولّى البرهان رئاسة المجلس السيادي بموجب اتفاق وقعه المجلس العسكري مع قوى “إعلان الحرية والتغيير”، وقضى بتشكيل مجلس للسيادة من 11 عضواً، 5 منهم من العسكريين، و5 من المدنيين، وعضو توافقي..   تشظي مدني أمام توحد عسكري   وتتواجه تشكيلة المجلس السيادي بأوضاع بنيوية خطرة، حيث توافقت كتل قوى الإعلان الخمسة على تسمية كلا من ؛ صديق تاور كافي عن “كتلة الإجماع الوطني” ممثلاً عن إقليم كردفان، وحسن شيخ إدريس ممثل “كتلة نداء السودان” عن “شرق السودان”، وعائشة موسى ممثلة “كتلة القوى المدنية” عن “وسط السودان”، ومحمد الفكي سليمان ممثلاً “كتلة التجمع الاتحادي” المعارض عن شمال السودان، ومحمد حسن التعايشي مرشحاً من “كتلة تجمع المهنيين السودانيين” بصفته من الكفاءات المستقلة، عن إقليم دارفور غربي البلاد. كما جرت تسمية رجاء نيكولا عبد المسيح، كشخصية توافقية بين الطرفين، لتشغل المنصب الحادي عشر في المجلس السيادي.. وكان المجلس العسكري قد حسم أسماء عناصره في المجلس السيادي، فقرر تعيين عبد الفتاح البرهان رئيساً لـ”السيادة”، كما اختار لعضويته: محمد حمدان دقلو (حميدتي)، شمس الدين كباشي، ياسر العطا، وإبراهيم جابر. وجرت تسمية رجاء نيكولا عبد المسيح، وهي مستشارة في وزارة العدل، وعضو في مفوضية مراعاة حقوق غير المسلمين، وتنتمي للطائفة القبطية، كشخصية توافقية بين الطرفين، لتشغل المنصب الحادي عشر في المجلس السيادي، وتصبح صاحبة ترجيح القرارات داخله.   وضغطت الجماعات النقابية، والثوار على حدٍ سواء، على تجمع المهنيين السودانيين لسحب ترشيح طه عثمان إسحاق، نزولاً عند التزامات التجمع السابقة بعدم المشاركة في السلطة التنفيذية والإبقاء على حضوره ضمن المستويات الرقابية (المجلس التشريعي)، وهو ما أعاد محمد حسن التعايشي مجدداً إلى بورصة الترشيحات بعد سحب اسمه سابقاً. وكانت فدوى عبد الرحمن اعتذرت عن قبول ترشيحها من قبل تجمع المهنيين للمجلس السيادي، احتجاجاً على طريقة استبعاد التعايشي (في وقت سابق)، التي قالت إنها انطوت على محاصصات مناطقية باعتبار أنه يمثّل العنصر العربي في دارفور. الجدل نفسه انسحب على بعض اختيارات “قوى الحرية والتغيير”، إذ رفض البعض تسمية صديق تاور كافي بسبب انتمائه لحزب “البعث العربي الاشتراكي”، وهو ما حدا بقيادي بارز في “قوى الحرية والتغيير” وحزب “البعث” إلى وصف الأمر بأنه ينطوي على عنصرية. كما وُجّهت انتقادات كبيرة من قبل نُخب ومثقفين للتمثيل الأقاليمي الذي انتهجته “قوى الحرية والتغيير” في اختياراتها لأعضاء المجلس السيادي، واعتُبرت أنها جاءت من منطلق ردة مناطقية شبيهة بما كان يجري في عهد البشير، بدلاً من الاستناد إلى أن الثورة الحالية تؤسس للسودان الجديد عن طريق الوعي، وهو ما دافعت عنه قوى الثورة بتأكيد توافر عنصر الكفاءة في الشخصيات المختارة، إلى جانب ضرورات ملحّة تتمثل في المساواة والعدالة في الاختيار. مخاوف  من قلة خبرة المدنيين في موازاة ذلك، سادت مخاوف من قلة الخبرة السياسية عند بعض الأعضاء المدنيين في المجلس السيادي، ولكن قيادات في “الحرية والتغيير” قلّلت من أهمية ذلك باعتبار أن جميع المختارين كانوا من المناهضين للبشير، إلى جانب امتلاك صديق تاور كافي، ومحمد الفكي سليمان، ومحمد حسن التعايشي، رصيداً سياسياً كبيرا.   ويتوقع مراقبون أن  يواجه المكوّن المدني في المجلس السيادي، كتلة عسكرية موحّدة وتمتلك خبرة سياسية، وسنداً من عواصم خليجية.   عقبات وتحديات   وعلى الرغم من التصريحات الايجابية التي أطلقها حمدوك، حول برنامج عمله لصياغة توافق سوداني واسع، وانتاج خارطة طريق تتعلق بكيفية حكم السودان وليس من يحكم السودان، ودعوته إلى “إرساء نظام ديمقراطي تعددي يتفق عليه كل السودانيين“…إلا أن الكثير من العقبات تواجه الفترة الانتقالية التي انطلقت الاربعاء الماضي… ومن ابرز العقبات، ما  يمثّله رفض الحركات المسلحة في السودان، لاتفاق الفترة الانتقالية، باعتباره امتداداً لمركزية الدولة على حساب الهامش، العقبة الأبرز التي يمكن أن تعصف بالاستقرار، خصوصاً أن هذه الحركات ما تزال تحتفظ بسلاحها وتعتمد عليه. وبحسب مراقبين، تتضمن وثيقة الاتفاق نصوصًا قابلة للتأويل وفيها قيود على حركات القوى الفاعلة. وهو ما يراه د. وليد عبد الحي، أستاذ العلوم السياسية بالأردن، في مقال له بعنوان “السودان وصعوبة العبور” عقبة أمام استتباب الأوضاع بالسودان، فيما قوى الحرية والتغيير التي وقعت مع العسكر على الوثيقة الدستورية، تضم 4 قوى هي (تجمع المهنيين، الإجماع الوطني، نداء السودان، التجمع الاتحادي)، وهذه القوى نسبة التجانس السياسي داخلها ليس كبيرا، مما يعني أن بينها خلافات، ناهيك عن خلافاتها مع العسكر ستثور لاحقا عند الانتقال من المبادئ العامة للتطبيق. ومن المخاطر أيضا أن “المجلس السيادي” الذي يضم 11 عضوا من مدنيين وعسكريين (أي أنها حكومة مختلطة عسكرية ومدنية وهو أمر ينطوي على مخاطر من الناحية الفعلية).   كما أن “طول الفترة الانتقالية 39 شهرا (21 منها للعسكر و18 للمدنيين) يشير إلى مسألتين مهمتين، أن الثقة بين الطرفين مهزوزة بحكم التقاسم، كما أن العسكر سيبدءون فترتهم أولا، وهو أمر قد يمكّنهم من ترتيب الأمور بكيفية تضيق ميدان الحركة على المدنيين لاحقا. ومن ضن القنابل البنيوية، أيضا، أن الوثيقة تحدد بأن إصلاح الأجهزة العسكرية هو من صلاحية المؤسسات العسكرية، وهو ما يعني أن صلاحيات الفرع المدني في المجلس السيادي لا تمتد إلى التدخل في شئون المؤسسة العسكرية رغم أنها يجب أن تكون خاضعة له، بينما سيكون للعسكريين الحق في التدخل في كافة الشئون المدنية، وهو ما يعني أن الثقة ليست متبادلة.   مصاعب داخلية وخارجية   وكذلك فإن ملف الانتهاكات التي حصلت منذ الإطاحة بالبشير تشكّل عقبة أمام التناغم في المجلس السيادي. بينما يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، راشد محمد علي الشيخ، في تصريحات صحافية، أن المجلس السيادي يواجه تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي. داخلياً فإن المجلس في حاجة كبيرة إلى إسناد قرارات مجلس الوزراء، لا سيما في الفترة التي تسبق تشكيل البرلمان (3 أشهر) وهو أمر يتطلب تنسيقاً وتناغماً كبيرين.. كما أن التحدي الأبرز للمجلس السيادي خلال الفترة المقبلة يبقى ملف السلام، واستعادة الأصوات المعارضة للمجلس ممثلة في الحركات المسلحة، وإدماج جيوشها في القوات النظامية. ولعل…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022