اتفاق “الحرية والتغيير” وعسكر السودان.. تأجيل نجاح الثورة

 اتفاق "الحرية والتغيير" وعسكر السودان.. تأجيل نجاح الثورة   بقلم: حازم عبد الرحمن   منذ خلع الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 11 إبريل 2019 استولى المجلس العسكري على السلطة, وتعمد إطالة أمد التفاوض مع قوى" الحرية والتغيير", وراح يضغط في اتجاه زيادة المتاعب المعيشية للشعب؛ حتى تخلو الميادين وتتوقف الثورة التي خلعت رأس النظام العسكري الحاكم, وقد تحقق هذا الهدف؛ مما عجل بالاتفاق الذي جرى بين قوى "الحرية والتغيير" والمجلس العسكري. من هنا كانت حالة الفرحة والتفاؤل المبالغ فيهما لدى مؤيدي الثورة الذين أجهدهم العسكر بالمماطلة والتعنت, بل بممارسة القتل والتعذيب في فض الاعتصام الذي قتل خلاله أكثر من 130 معتصما وإلقاء عدد من الجثث في نهر النيل؛ لذلك من المهم تسجيل عدد من الملاحظات على هذا الاتفاق أهمها: ـ بقاء المجلس العسكري عامين في السلطة ليستمر القرار السوداني مرتهنا لدى ولي عهد أبو ظبي  محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان, وهو أمر لا يستقيم مع القول بنجاح الثورة السودانية. ـ التنازلات التي قدمتها "قوى الحرية والتغيير" تمت مجانا مثل تسليم رئاسة المجلس السيادي للعسكر لمدة عامين متتاليين، وإسقاطها مطلبها بغلبة المدنيين على «العسكر» في تشكيلة المجلس، والتراجع عن شرط محاسبة المسئولين عن القتل الجماعي في شوارع الخرطوم. ـ إعطاء فرصة للمجلس العسكري, خاصة حميدتي نائب رئيس المجلس وميليشيات "الدعم السريع" للإفلات من المحاسبة في جريمة فض الاعتصام, وقتل الأبرياء وتعذيب المعتصمين؛ فالدولة العميقة كفيلة بإطالة زمن التحقيق حتى تموت القضية, وتتم تبرئة الجناة. ـ فشلت "قوى الحرية والتغيير" في استثمار التأييد الشعبي لها, والذي تجلى في الاستجابة الكبيرة للعصيان المدني, وكذلك المليونية الحاشدة في 30 يونيو2019, وقد كان ممكنا أن تحذو حذو الجزائر ـ الناجحة  حتى الآن ـ  باستمرار التظاهر للضغط على العسكر لتحقيق مطالب الثورة والوصول إلى حكم مدني. ـ عدم توسيع المشاركة في الاتفاق؛ ما يجعله يقصي قوى وأحزابا سياسية أخرى, وبذلك تكون قد ضاعت فرصة أكيدة للتوافق الوطني في مواجهة المجلس العسكري, والأخطر أن ذلك قد يثير اعتراض هذه القوى والأحزاب في احتجاجات مستقبلية, تنذر بعرقلة التحرك إلى الأمام. ـ عدم تعامل "قوى الحرية والتغيير" بالجدية اللازمة مع تشكيل المجلس السيادي؛ حيث انحصر تصورها له في أنه هيئة شرَفية فقط، بينما أعلن قائد المجلس العسكري أنه سوف يمارس حق النقض إزاء التعيينات الحكومية بوصفه رئيساً للمجلس السيادي خلال مدّة السنة والنصف الأولى. ـ غياب ضمان عدم انقلاب العسكر على أهداف الثورة؛ إذ أن بقاءهم الطويل في السلطة (بغطاء مدني) يعطيهم الفرصة كاملة للالتفاف على الثورة, والعمل على تفكيك وحدتها، وخلق النزاعات داخلها، وتقريب بعضها وإقصاء بعضها الآخر، واختلاق المبررات والذرائع لتصفية قوى الثورة الواحدة تلو الأخرى, وعندما يهدأ الشارع السوداني, ويعود الناس إلى حياتهم اليومية العادية, ويتراجع اهتمام العالم بالمسألة السودانية، سيخلو الجو للعسكر، ويبدءون في تنفيذ خطتهم.   *إمكانية انقلاب العسكر على الاتفاق ليس من المستبعد أن ينقلب عسكر السودان على الاتفاق, كما سبق أن انقلب زملاؤهم عسكر مصر على كل التعهدات التي قطعوها على أنفسهم, بأنهم لا يطمعون في الحكم, وكانت النتيجة صادمة فيما بعد لمن صدقهم, ولذلك فإنه رغم وعود المجلس العسكري السوداني إلا أنه لم يثبت حتى الآن إمكانية الوفاء بهذه الوعود, أو أنهم سائرون على خطى فريد عصره الراحل «سوار الذهب»، بل إن قدوتهم في ذلك عسكر مصر, وبنفس الراعي الإقليمي للثورات المضادة السعودية والإمارات ومعهما العدو الصهيوني. وقد وقع الجنرال غير المتعلم حميدتي الطامع في رئاسة السودان اتفاقية مع آري بن ميناشي مدير شركة ديكنز وماديسون الكندية للاستشارات لتقديم المشورة للمجلس العسكري في كيفية إدارة السودان، علما بأن  آري بن ميناشي هذا هو ضابط مخابرات صهيوني سابق في الموساد ، وهذا مما يعطي صورة عما يخطط له العسكر مستقبلا في السودان.  أما المتفائلون الذين استعجلوا في إعلان الفرحة بالاتفاق, وقالوا إنهم جاهزون للخروج ضد العسكر حال انقلابهم على الاتفاق, فقد أحسنوا الظن كثيرا, دون داع, إذ غاب عنهم أن المدة الطويلة للعسكر في السلطة ستجعل هناك عقبات كثيرة يصنعها الجنرالات؛ لتحول دون خروج الشعب في ثورة جديدة , وقد جرب السودانيون أخلاق العسكر في القتل والتعذيب والاغتصاب, ولن ينسى حميدتي والبرهان ورفاقهما أن الثورة أجبرتهم على العودة إلى التفاوض, وأنها تعاملت معهم الند للند, وأجبرتهم كذلك على التناوب على رئاسة المجلس السيادي التي كانوا يريدونها خالصة لهم, وكل ذلك يجعل العسكر يخفون أكثر مما يعلنون, وستكشف الأيام عن كثير مما يخفونه, وهو ما ظهرت مؤشراته في فض الاعتصام الذي كان جريمة كاملة في رقبة الجنرالات؛ لذلك فإن اتفاق قوى "الحرية والتغيير" مع العسكر لا يعدو كونه تأجيلا لنجاح الثورة التي اقتربت من تحقيق أهدافها, لولا إحسان الظن بمن ليسوا أهلا للثقة.   

تابع القراءة

دراسة: أبعاد الانسحاب التكتيكي الاماراتي من اليمن وانعكاساته على السعودية وصراعها مع ايران والحوثيين

 دراسة: أبعاد الانسحاب التكتيكي الاماراتي من اليمن وانعكاساته على السعودية وصراعها مع ايران والحوثيين   ما بين اعادة التمركز واعادة الانتشار في مناطق الجنوب في سقطري وعدن، وما بين  رفع الغطاء عن بعض القوى التي تستهدفها الفصائل الحوثية والمتعاونين معهم، وما بين الهروب من الكلفة السياسية والعسكرية للحرب في اليمن بعد مرور 5 سنوات من الحرب، جاءت خطوة الامارات بسحب بعض قواتها من اليمن، دون تنسيق مع الجانب السعودي، لتضارب المصالح بين الجانبين…     وفي 28 يونيو الماضي، كشفت وكالة "رويترز" عن سحب الإمارات جزءاً من قواتها في اليمن، بسبب ارتفاع حدة التوتر بمنطقة الخليج بين إيران وأمريكا، ودخول الإمارات على الخط بعد استهداف 4 سفن في مينائها وإسقاط طائرة أمريكية مسيَّرة أقلعت من أراضيها. وقامت الإمارات بسحب بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن، وهما من أكثر المناطق التي توجد بها قوات إماراتية.   مواقع استراتيجية محافظة مأرب، التي تعد آخر المناطق المعلن انسحاب القوات الإماراتية منها، من أهم المناطق الخصبة الصالحة للزراعة باليمن، وتحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات البلاد في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة (7.6%) من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية بعد محافظتي الحديدة وصنعاء.   وفي هذه المدينة أيضاً بعض المعادن، من أهمها الجرانيت، والأسكوريا، والملح الصخري، والجبس، والرخام والتلك، بالإضافة إلى أنها مدينة غنية بالنفط، فضلاً عن أنها مدينة سياحية بها آثار مهمة، ومن أهم معالمها سد مأرب القديم، ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب. أما مدينة عدن، فهي تعد البوابة الاقتصادية لليمن، وتعرف بأنها العمود الفقري للاقتصاد في البلاد.   وتتمتع عدن بموقع استراتيجي منحها أهمية كبرى على مر العصور، وتوجد فيها كبرى مصافي النفط في البلاد.   بدوره يتمتع الشريط الساحلي الغربي المطل على البحر الأحمر بأهمية بالغة؛ نظراً إلى اشتماله على موانئ ومنافذ بحرية عدة ابتداء من ميدي وحتى باب المندب، المضيق البحري الذي يمثل أهمية جيواستراتيجية كأهم المنافذ العالمية؛ حيث يمر منه يومياً 3 ملايين برميل نفطي. ويعرف الساحل الغربي لليمن باسم "تهامة"، ويبلغ طوله نحو 440 كم، ويتوزع في ثلاث محافظات (تعز، والحديدة، وحجة)، وفضلاً عن أنه يشرف على الممر الدولي بباب المندب، وتقع على امتداده عشرات الجزر اليمنية، أربع منها من أهم الجزر، بالإضافة إلى أنه من أهم نقاط الاتصال مع القرن الأفريقي، ويقصده كثير من المهاجرين الأفارقة.   أما محافظة الحديدة، التي تقع على بُعد 226 كم، غربي العاصمة صنعاء، فلها أهمية بالغة. وتعد الحديدة ثاني كبرى المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، وترتبط المحافظة بأكثر من 250 كم مع الساحل، من خلال تسع مديريات متفاوتة في مساحتها، إضافة إلى جزيرة كمران التي تعتبر من أهم جزر البحر الأحمر.   تلك المناطق المهمة كان للإمارات نفوذ عسكري فيها، وبانسحابها منها فإنها تؤكد تلقيها خسارة كبيرة.   القدرات العسكرية الاماراتية باليمن   ووفقاً لورقة بحثية أصدرها مؤخراً مركز "إيماسك" للدراسات، تمتلك الإمارات 3 أنواع من القوات في اليمن: النوع الأول قوامه 1500 جندي وضابط من الجيش الإماراتي يؤدون غالباً مهام تدريبية.   أما القوة الثانية فتتشكل من مجندين يمنيين يتلقون التدريب والتمويل والتسليح والأوامر أيضاً من الإمارات، ولا يخضعون لإشراف قيادة الجيش اليمني.   والقوة الثالثة تتكوّن من مجندين من المرتزقة الدوليين بعدد تقريبي (1800 مجند/مرتزق) من كولومبيا وبنما وسلفادور وتشيلي وإرتريا، ويتبعون هيكلياً لقوة حرس الرئاسة الإماراتية.   وذكرت دورية "إنتليجينس" الاستخباراتية، في يونيو 2018، أن "الإمارات استأجرت ضباطاً أمريكيين سابقين حاربوا في العراق وأفغانستان، لتحسين أداء قواتها باليمن".   تململ شعبي يمني   ولعبت المطالبة بطرد دولة الإمارات من التحالف، بسبب استمرارها في دعم المليشيا الانفصالية، ومحاولتها السيطرة على المناطق الجنوبية باليمن،  دورا مهما في القرار الاماراتي… ومؤخراً أطلق ناشطون في اليمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسم "#طرد_الإمارات_مطلب_شعبي"، لمطالبة رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي بتحقيق هذا الأمر. وسبق أن اعترف وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني، مطلع أبريل الماضي، بوجود "خلل" بين بلاده والتحالف بقيادة السعودية، قائلاً إن الحكومة "الشرعية" لم تستطع إقامة شراكة حقيقية مع التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وأواخر فبراير الماضي، دعا نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، إلى "تصويب" العلاقة مع التحالف، وقال إن خللاً يشوبها، مشيراً إلى أن جهات تنازع سلطات وزارته بالتحكم في الملف الأمني بعدن.   فضلاً عن هذا، وُجِّهت اتهامات إلى الإمارات بالتسبب في منع عودة الرئيس اليمني إلى بلاده، إضافة إلى محاولتها المستمرة السيطرة على جزيرة سقطرى، والتي فجَّرت أزمة كبيرة بين الحكومة اليمنية وأبوظبي منتصف العام الماضي.   وقوبل قرار الامارات بارتياح شعبي باليمن، إذ انه قواتها حالت دون عودة الحياة لطبيعتها في كثير من مدن الجنوب، حيث خلفت قواتها المزيد من القتلى والمصابين، بجانب اطلاق يد قواتها وميليشياتتها العاملة في الجنوب والغرب ،  مثل قوات الحزام الأمني، والنخبة الشبوانية، لتعيث فساد باليمن، بجانب الاغتيالات من خلال مرتزقة أجانب…   يشار إلى أنه قتل أكثر من 90 ألف شخص في الحرب اليمنية، وفقاً لموقع بيانات النزاع وموقع النزاع المسلح، حيث أسفرت الضربات الجوية السعودية وحدها عن مقتل نحو 8 آلاف مدني، وهو رقم قياسي أثار مخاوف كبيرة في واشنطن، فضلاً عن تفشي الكوليرا والمجاعة في اليمن.     تبريرات اماراتية   فيما تبرر أوساط اماراتية ما يحدث بأنه هو عملية نقل للصواريخ المضادة للأجسام الطائرة من مأرب إلى عدن وضواحيها، تحسبا لعمليات استهداف حوثية بالطائرات المسيرة المفخخة للمنطقة العسكرية في عدن والمنشآت الحكومية. إلا أنه وفي مقابل ذلك، وصف الخبير العسكري اليمني علي الذهب  في تصريحات صحفية للجزيرة، ما يحدث بأنه انسحاب شامل من اليمن في الوقت الراهن، بسبب رد الفعل تجاه مطالب مكونات وقوى تنتمي لقوى ثورة الشباب السلمية في 2011 التي تضعها الإمارات في ميزان واحد مع الحوثيين. مضيفا أن سحب الإمارات أنظمة صواريخ باتريوت وغيرها من الأنظمة الدفاعية والقوات؛ يعد رفعا للغطاء عن تلك القوى السياسية التي يراد لها أن تكون عرضة لضربات الحوثيين. وتعود خطوة الامارات لرغبتها في تركيز اهتمامها على مناطق معينة تعتقد أنها أهم لها، مثل مناطق الجنوب، وتحديدا المناطق الساحلية وجزيرة سقطرى. إلا أن خطوات الإمارات تؤكد صعوبة تمرير أجندتها وكلفتها في اليمن، التي قد تدفع مستقبلا إلى الانسحاب الكامل في حال زادت الكلفة السياسية والاقتصادية لبقائها، وهو أمر متوقع بالنظر إلى حالة الفوضى المتفاقمة التي تعيشها اليمن.   التوقيت ويحمل توقيت القرار الإماراتي الكثير من علامات الاستفهام، إلا أن الأوساط الإماراتية تري ارتباط القرار بمدة الحرب، وإن دخول الصراع والحرب السنة الخامسة ستنتج عنه عواقب تتجاوز النتائج على الأرض.   كما أن أن الإمارات ترى أن دورها في اليمن يتركز في…

تابع القراءة

تظاهرات “يهود الفلاشا” ضد العنصرية الصهيونية…هل تنهي حلم “أرض الميعاد”؟

 تظاهرات "يهود الفلاشا" ضد العنصرية الصهيونية…هل تنهي حلم "أرض الميعاد"؟   عكست مظاهرات يهود الفلاشا -التي شلت المدن والطرقات الرئيسية في إسرائيل- الأسبوع الماضي،  احتجاجا على مقتل شاب من أصول إثيوبية برصاص ضابط في الشرطة الإسرائيلية هشاشة المنظومة المجتمعية وتغلغل العنصرية والتمييز بالعلاقات بين مختلف الطوائف اليهودية، رغم تصدير الصورة الذهنية بأن اسرائيل، هي "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط" وأنها أرض الميعاد والوطن القومي لليهود…   وكان يهود الفلاشا أطلقوا تظاهرات صاخبة منذ 2 يوليو  الجاري، بعد مقتل شاب إثيوبي على يد شرطي إسرائيلي في كريات حاييم القريبة من مدينة حيفا، دون سبب واضح وخلافاً لأوامر إطلاق النار. وأدى الإفراج عن الشرطي بعد ساعات من اعتقاله وتحويله لحبس منزلي في أحد فنادق تل أبيب، إلى تفجر التظاهرات في أنحاء مختلفة في إسرائيل. واستلهمت "انتفاضة الفلاشا" الكثير من الانتفاضات الفلسطينية المتتالية وفي خطوات لم يستخدمها متظاهرون يهود من قبل، أشعل المتظاهرون كميات كبيرة من الإطارات، واعتدوا على رجال الشرطة وسياراتهم، وقذفوا الحجارة على مراكز الشرطة، ورفضوا الرضوخ لكل الوسائل التي استخدمها عناصر الشرطة لتفريقهم..ما ادى لاصابة العشرات من أفراد الشرطة والمتظاهرين واعتقال نحو 200 متظاهر…     محاولة صهيونية لامتصاص الغضب   وفي ظل الاحتجاجات والمظاهرات ليهود الفلاشا وفي محاولة من الحكومة الإسرائيلية لامتصاص الغضب، حطت بمطار بن غوريون في تل أبيب الأربعاء الماضي طائرة على متنها 602 إثيوبي من أصل 1000 كان من المفروض أن يتم استقدامهم من العاصمة أديس أبابا، بحسب تعهدات حكومة بنيامين نتنياهو التي أعدت خطة لاستقدام آخر 8 آلاف يهودي من إثيوبيا. كما استعانت المؤسسة الإسرائيلية بشخصيات وحاخامات من أصول إثيوبية لكتابة مقالات تحمل في طياتها أبعاد دينية وتوراتية مفادها تحقيق ما وصفته بـ"الحلم" بالقدوم إلى الوطن القومي للشعب اليهودي، داعية إلى الحفاظ على وطن اليهود والنسيج المجتمعي للشعب الإسرائيلي. فتحت عنوان "أيها الإخوة، احترسوا من اليأس، لا تحولوا الدولة إلى عدونا" كتب الحاخام من أصول إثيوبية شارون شالوم مقالا في الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت دافع من خلاله عن مؤسسات الدولة الإسرائيلية، وعن اتهام الشرطة بالعنصرية واعتمادها نهج التمييز.   سياسة التمييز وفي اطار سياسات العنصرية والتمييز استمرت سياسة القتل من قبل الشرطة التي قتلت في العامين الأخيرين 3 شبان من أصول إثيوبية، بل كانت هناك العديد من حالات المدارس التي لم تقبل الطلاب من أصول إثيوبية بسبب لون بشرتهم. كما اعترف رئيس المحكمة الإسرائيلية العليا السابق، القاضي إليكيم روبنشتاين، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، بوجود تمييز عنصري في المؤسسة الإسرائيلية ككل، ضد اليهود الإثيوبيين، وداخل الشرطة الإسرائيلية التي تلجأ إلى العنف بوتيرة أكبر في تعاملها مع شرائح دون غيرها في إسرائيل مثل تعاملها مع العرب الفلسطينيين، والحريديم، والمهاجرين من بلدان الاتحاد السوفييتي سابقا.   سقوط نظرية "ارض الميعاد" وكشفت الشعارات التي رفعها المتظاهرون من اليهود الفلاشا عن حقيقة مأساتهم والازمة التي يعيشونها في ظل حكم عنصري يتحكم بالامور في تل ابيب، ومن بين تلك الشعارات: "نحن بشر" و "أوقفوا القتل، أوقفوا العنصرية"، "لن نقبل بهذه السياسة".   وتضامنا مع هذه الشعارات انضمت جماعات اخرى من اليهود الافارقة الذين ينتمون لعرقيات اخرى غير الفلاشا إلى تلك الاحتجاجات وليكثفوا الموقف الرافض للعنصرية المتفشية في واقع الكيان الصهيوني… وعنعمق المأساة الحادثة باسرايل، نقلت وسائل إعلام دولية، عن شاب إثيوبي شارك في التظاهرات قال "العنف ضد أبناء طائفتنا يتصاعد. ومجتمع "إسرائيل" يخطط لإجازات ونحن لجنازات، أفراد الشرطة يقتلوننا، ويطلقون الرصاص على الرأس ولكن العنصرية موجودة في كل مكان، بالنسبة لكم هذه بلاد السمن والعسل، لكن بالنسبة لنا هذه بلاد الموت.!!" فيما نقلت صحيفة "هآرتس" عن إحدى المتظاهرات قولها إنه ""يجب عدم السماح بعودة سريعة إلى الحياة العادية وإلى الإنستغرام وفيسبوك. الناس هنا معزولون عن الواقع، ولا يدركون أن ولدا مات لأنه أسود".   فالصورة الوردية التي رسمتها "الحكومات الاسرائيلية" المتعاقبة عن الوضع المزدهر وحياة الرخاء التي يعيشها اليهود في المدن المحتلة بدأت بالذبول، وبدأت تظهر للعلن صورة مغايرة لما ينشر في الاعلام، وبدأ اليهود يعبرون عن حقيقة شعورهم وعيشتهم الصعبة في الكيان الصهيوني…. فاليهود الفلاشا الذين ظنوا من خلال رحلتهم الطويلة والبعيدة من اثيوبيا الى الاراضي المحتلة انهم سيعبرون كل الصحاري للوصول الى ارض الاحلام اكتشفوا ان احلامهم كانت مجرد اضغاث وانها لم تتحول الى واقع ملموس.   على الاقل كانوا في بلادهم يعيشون الكرامة الانسانية ولم يتخذ احد منهم عبيدا ، لكن الوضع مختلف في الكيان الاسرائيلي المحتل لانهم لقوا معاملة سيئة اعادت الى اذهانهم صورة السيد الابيض المالك الذي يامر وينهي؛ وبقية السود كلهم عبيد تحت قدميه.   نهج عنصري   وبحسب خبراء بالشأن الإسرائيلي،  لم تكن احتجاجات الأسبوع الماضي من جانب اليهود الفلاشا، لكنها الاضخم والاكثر اتساعا، وفي أوقات سابقة وقعت احتجاجات من قبل هؤلاء اليهود السود على اثر الكشف عن التجارة بأطفال الإثيوبيين وكذلك عن رفض المستشفيات الإسرائيلية الحصول على شرائح دم لأصول إثيوبية. ولسنوات، تم إلقاء وحدات الدم التي تبرع بها أفراد من يهود الفلاشا في القمامة بزعم الخوف من الأمراض المعدية والوراثية. بدوره، قال رئيس قسم العمليات في المنظمة الصهيونية العالمية "درور مورغ" إن اليهود الفلاشا البالغ تعدادهم السكاني اليوم نحو 150 ألفا -ورغم استقدامهم إلى إسرائيل منذ سبعينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي- ما زالوا مطالبين بإثبات أنهم يهود، إذ يتم التشكيك من قبل المجتمع الإسرائيلي إذا ما كانوا من الشعب اليهودي أصلا، وعليه يتم نبذهم ويعيشون في عزلة عن المجتمع الإسرائيلي… وبحسب مراقبين، فإن التمييز ضد المهاجرين الإثيوبيين هو نتيجة مباشرة لاختلافاتهم الخارجية ولونهم، وأن مقتل الشاب الإثيوبي سلومون طاقى (18 عاما) هو أحد أعراض المرض الخبيث وهو "العنصرية والتمييز" الذي يهدد بتدمير المجتمع والدولة…     تطهير عرقي وبجانب السلطات الأمنية والمجتمعية الصهيونية، فإن  أفراد المجتمع الصهيوني يتعامل معظمهم مع الإثيوبيين اليهود بعنصرية واستعلاء، بالأساس بسبب لون بشرتهم السوداء، وينعتونهم بأبشع المفردات، ليس أقلها أنهم "صراصير" و"عبيد". وتزامنت حادثة القتل هذه مع مرور عقد على منع وزارة الاستيعاب الإسرائيلية، المُفترض أنها مسؤولة عن استيعاب المهاجرين اليهود الإثيوبيين، نشر بحثٍ، هو الأول من نوعه، يقرّ بوجود نقصٍ مريع في الاعتناء بمعالجة ظاهرة قتل النساء الإثيوبيات في إسرائيل. وقبله، في عام 1996، أثيرت قضية إبادة وجبات دم تبرّع بها يهود إثيوبيون إلى بنك الدم؛ حيث تبيّن أن مصلحة الإسعاف الأولي الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، أبادت آلاف وجبات الدم، بادعاء أنها قد تكون مصابةً بجرثومة مرض الإيدز. وأثارت هذه القضية غضبًا في أوساط الطائفة الإثيوبية، وتم تنظيم عدة تظاهرات، خصوصا بعدما أظهرت تحاليل أن نسبةً ضئيلةً للغاية من هذه الوجبات تحتوي على الجرثومة. وعلى الرغم من ذلك، ظلت "نجمة داوود الحمراء" تحظر الحصول على تبرّعاتٍ بالدم من أشخاص ذوي أصول أفريقية. غير…

تابع القراءة

انهيار سمعة الجيش.. جناية السيسي على القوات المسلحة

 انهيار سمعة الجيش.. جناية السيسي على القوات المسلحة   بقلم: حازم عبد الرحمن قبل قيام ثورة 25 يناير كانت علاقة المواطن المصري بالجيش طبيعية, لا تشوبها نظرة التوجس والحذر, التي كان ينظر بها الشعب إلى الشرطة, حيث كانت إهانتها المواطنين وتعذيبهم إلى حد الموت من أسباب الثورة. واستقبل الثوار دبابات الجيش في ميدان التحرير بحفاوة بالغة, خاصة بعد تنفيذ مؤامرة الأجهزة الأمنية, بانسحاب الشرطة, وفتح السجون، وصار التقاط الصور بجوار الدبابات، ومصافحة رجال الجيش وإهداؤهم الورود واعتلاء المدرعات من علامات تلك المرحلة, وظهر اللواء محسن الفنجري، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو يؤدي التحية العسكرية لشهداء ثورة 25 يناير في بيان أذاعته شاشات التليفزيون, وتم الترويج على نطاق واسع لمقولة "الجيش حمى الثورة" و "الجيش والشعب إيد واحدة".  ولم يمض وقت طويل حتى ظهر الوجه الآخر للجنرالات الذين زعموا أنهم يحمون الثورة؛ فكانت جريمة كشوف العذرية برعاية عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية آنذاك، حيث تعرضت بعض الفتيات، خلال فض اعتصام بالقوة بميدان التحرير، للضرب والاعتداء، وإجراء كشوف عذرية عليهن أثناء احتجازهن في السجن الحربي، واعتدى الجيش على مسيرة للنشطاء والقوى السياسية, تطالب باستكمال أهداف ثورة 25 يناير, وقتل أحد المتظاهرين, كما ارتكب المجلس العسكري مذبحة ماسبيرو في 10 أكتوبر 2011 التي راح ضحيتها أكثر من 24 شخصًا، وجاءت بعدها أحداث محمد محمود في 19 نوفمبر 2011 التي قتل فيها 41 شخصًا، وقتلت قوات الجيش 17 معتصما في أحداث مجلس الوزراء التي كانت ضد تكليف الجنزوري برئاسة الحكومة وهو الذي يمثل حكم المخلوع مبارك. وفي أول فبراير 2012وقعت مذبحة بورسعيد بتدبير المجلس الأعلى للقوات المسلحة, وقتل فيها أكثر من 70 شخصًا من مشجعي الأهلي خلال مباراة أمام النادي المصري البورسعيدي في كارثة رياضية غير مسبوقة في البلاد. وفي 2 مايو 2012 وقعت اشتباكات بين مسلحين مجهولين(!!) والمعتصمين بالقرب من وزارة الدفاع، للمطالبة بتسليم السلطة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 11 شخصًا، مما دفع المتظاهرين إلى الهتاف ضد العسكر، والمطالبة بـ«إعدام المشير»، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الشرطة العسكرية والمتظاهرين، وانتهت بفض الاعتصام، وإخلاء ميدان العباسية، وفرض حظر التجول بالمنطقة . وقد كشفت هذه الجرائم عن حقيقة ما يضمره جنرالات الجيش تجاه ثورة 25 يناير, وحشود المتظاهرين الذين رأى العسكر فيهم خطرا داهما, لو تحققت مطالبهم في الحرية والديمقراطية؛ فساعتها سوف تسقط امتيازاتهم, وحصاناتهم, وسيضعهم الحكم المدني في حجمهم الحقيقي كأي جيش في الدول الديمقراطية يخضع للسلطة المدنية التي اختارها الشعب. * امتيازات العسكر يحظى كبار جنرالات العسكر في الدول المتخلفة, ومنها مصر بامتيازات دون الضباط الآخرين, ودون باقي فئات الشعب, تجعل منهم طبقة فوق القانون, ويتحكمون في الأراضي الشاسعة وما تحويه من كنوز وثروات لا يستطيع أحد الاقتراب منها إلا بقرار أو تواطؤ من الجنرالات, وهناك شركات تابعة للجيش دخلت مجال الاستثمار في كل شيء بدءا من لبن الأطفال والكعك والبسكويت إلى رصف الطرق وبناء الكباري ومزارع الأسماك والجمبري والتجارة في اللحوم والأغذية, وإحياء ليالي الأفراح, وتحويل المصانع العسكرية إلى الإنتاج المدني .. إلخ, مما لم يعد يتبقى معه للقطاع المدني إلا القليل من السوق, ويجري كل ذلك بدون دفع ضرائب, أو رقابة, أو مساءلة من أية جهة في الدولة, ما جعل العسكر يسيطرون على أكثر من 60% من الاقتصاد المصري بعد الانقلاب .   لذلك كانت ثورة 25 يناير خطرا على استمرار هذه الامتيازات التي تصب أرباحها في جيوب الجنرالات الكبار؛ فكان تراجعهم التكتيكي أمام موجة 25 يناير حتى تحين الفرصة, ويتم الإجهاز عليها. *الثورة المضادة وبينما كانت الثورة المصرية تخطو بثبات إلى الأمام وتجري الانتخابات الرئاسية الحقيقية الأولى في تاريخ مصر, ويفوز فيها الرئيس محمد مرسي, كان الرعب والفزع يسيطران على عقل العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد, ومن ورائهما العدو الصهيوني؛ ليتوصلوا إلى تدبير انقلاب عسكري على أول رئيس مدني منتخب في مصر , وقد ثبت فيما بعد أن عبد الفتاح السيسي وشركاءه في الانقلاب على الشرعية تقاضوا أموالا جعلت رصيد السيسي وحده يتجاوز الثلاثين مليارا, حسب أحد التسريبات الشهيرة له مع مدير مكتبه عباس كامل, كما تم الكشف عن المكالمات الهاتفية اليومية للسيسي ووزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل, وكذلك حديثه مع السفيرة الأمريكية وجون كيري وزير الخارجية آنذاك, وقد كشف لهما عن نيته في الانقلاب. أما علاقة السيسي مع العدو الصهيوني فلا يجوز تصنيفها إلا  كجريمة خيانة عظمى, والأدلة على ذلك كثيرة, مثل حديثه المتكرر عن حماية أمن الصهاينة, واستقبال الجالية اليهودية له, ولقاءاته مع كبار الصهاينة في زياراته الولايات المتحدة واستيراده الغاز المسروق من الأراضي الفلسطينية والتنازل للصهاينة عن المياه الإقليمية  الغنية بالثروات الطبيعية من الغاز والبترول. ومن الطبيعي أن يسأل المواطن المصري عن دور عموم الجيش حيال ذلك بجانب جرائم السيسي الأخرى, التي تنازل فيها عن حقوق مصر في مياه النيل وبيعه جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية والتنازل عن ثروات مصر في البحر المتوسط لمصلحة الصهاينة واليونان وقبرص. وقد ورط السيسي الجيش في كل الجرائم ضد الشعب المصري, والتي كان من أبرزها مذابح رابعة والنهضة ورمسيس والحرس الجمهوري والإسكندرية والأولتراس وتهجير أهالي رفح في شمال سيناء, وإرهاب أهالي جزيرة الوراق ليتنازلوا عن حقوقهم في أراضيهم.. إلخ. كل ذلك جعل سمعة الجيش المصري تنهار في عيون الشعب, الذي تأكد له بما لا يدع مجالا للشك أن جنرالات الجيش بقيادة السيسي خدعوه بما أسموه ثورة 30 يونيو, وأنهم تلقوا الرشاوى للانقلاب على الحكم الشرعي, وظهرت الخيانة مسجلة في التسريبات الشهيرة؛ لتؤكد أن العسكر خدعوا الشعب, ولم يوفوا بعهودهم بعدم الاشتغال بالسياسة, وأنهم شهدوا تنازل قائد الانقلاب عن المياه والأراضي المصرية لدول أخرى دون أن يعترضوا رغم القسم الذي أدوه بالحفاظ  على أمنها وسلامتها والدفاع عنها، في البر والبحر والجو, وبذلك يكونون قد حنثوا بالقسم, بعدما تواطئوا مع قائد الانقلاب, وسفكوا دماء آلاف المواطنين, وطمعوا في لقمة عيش القطاع المدني.. كل ذلك أدى إلى سقوط هيبة الجيش وتراجع مكانته السابقة, بل أصبح مجللا بالعار والخيانة, وهو ما يجعل تحرك عموم الضباط  ضروريا لاستعادة مكانته لدى الشعب التي استمرت عقودا من التقدير والاحترام, حتى أنزلها السيسي وشركاؤه في الانقلاب إلى هوة سحيقة من الاتهامات المخجلة بحق الشرف العسكري, ما يجعل قضاء الجيش على السيسي وعصابة الانقلاب تحريرا للجيش من أسر الخضوع لقائد خائن, مع الحرص على عدم التدخل في السياسة, وترك الحكم للشعب, ولن يتأخر الشعب في دعم تحرير جيشه من سلطة خائنة تعمل لمصلحة العدو, وليس هناك حل آخر لتحرير الجيش وتطهيره وإعادة الاعتبار إلى مكانته وتاريخه سوى الخلاص من السيسي وعصابته.      

تابع القراءة

“قمة العشرين” ..الحروب التجارية تراوح مكانها وتهدد مستقبل المجموعة

 "قمة العشرين" ..الحروب التجارية تراوح مكانها وتهدد مستقبل المجموعة       اختتمت "قمة العشرين" أعمالها في أوساكا اليابانية، يوم السبت الماضي، دون اتفاق حول قضايا التجارة وتغير المناخ، فيما لم تناقش أصلا قضايا الديون. وهو ما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليصف  المؤتمر ونتائجه بأن "مجموعة العشرين باتت اليوم فعلياً أقرب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تسمح لصانعي القرار بالالتقاء في اجتماعات ثنائية وتبادل وجهات النظر حول الملفات الهامة"، معتبرا أن مجموعة العشرين "ليست مفيدة بما يكفي". … ودعا ماكرون إلى "بحث جماعي" حول هذا الموضوع. وفقاً لما نقلت عنه قناة "دويتشه فيله" الألمانية.   وكانت منظمة التجارة العالمية، قالت مؤخرا، إن القيود التجارية بين مجموعة العشرين مستمرة عند مستويات تاريخية عالية.   وكشفت المنظمة أن (G20) أقامت 20 حاجزا تجاريا جديدا، في الفترة بين أكتوبر ومايو الماضيين، بما في ذلك زيادة التعريفة الجمركية، وحظر الاستيراد، وإجراءات الجمارك الجديدة الخاصة بالصادرات.   فشل ذريع   وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن هنالك العديد من المواضيع التي تهم العالم، لم تتمكن قمة العشرين الأخيرة من مناقشاتها أو الاتفاق حولها. حيث لم تتمكن القمة من التوصل إلى أرضية مشتركة بشأن ملف المناخ، فقد أعرب رئيس الوزراء الياباني آبي الذي رأس الاجتماع عن رغبته في أن يوحد المشاركون صفوفهم في جهود مواجهة قضايا البيئة، وعلى رأسها قضية تغير المناخ. غير أنه مع انسحاب الولايات المتحدة في ظل حكم ترامب من اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، لم يعد للإشارة إليه في البيان الختامي قيمة تذكر. ومن بين القضايا الأخرى، التي لم تنل اهتمام "قمة العشرين" موضوع ديون العالم الثالث، أو الدول الأكثر فقرا. وهذه الديون تحتاج إلى معالجة عبر الإعفاء أو الجدولة. ويرى معهد التمويل الدولي، الذي يوجد مقره في واشنطن، أن عدم معالجة هذه الديون بات يعوق تنفيذ الشركات لمشاريع مهمة في هذه الدول، نسبة لأن المصارف غير متحمسة لمنح ديون إضافية. وكان المعهد قد قدم مقترحات بشأن معالجتها لاجتماع وزراء المالية والمصارف المركزية لمجموعة العشرين الذي عادة يمهد لجدول أعمال قمة رؤساء المجموعة. فيما تعاني دول العالم من فجوة النمو غير المتوازن الذي يهدد بالاضطراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي. قيما تخلق فجوة النمو المتزايدة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، أزمة في الهجرة للدول الأوروبية من أفريقيا وبعض الدول العربية، كما يخلق كذلك أزمة بالنسبة للولايات المتحدة التي تسعى للحد من هجرة مواطني أميركا الجنوبية إلى أراضيها.   وحسب تقرير البنك الدولي الصادر في يناير الماضي، فإن ديون الدول الفقيرة تواصل الارتفاع بمعدلات كبيرة وتنذر بحدوث أزمة وشيكة في العالم. وتناول التقرير 33 بلداً منها 27 في أفريقيا جنوب الصحراء، ويتقاطع مع تقارير أخرى عن نفس القضية نشرت خلال الأشهر القليلة الماضية. وتجاوزت ديون تلك الدول إلى ناتجها نسبة 50% في 2018 مقابل 30% في 2013. ويشير التقرير إلى زيادة مقلقة في نسبة الدين إلى الناتج في عدد من البلدان مثل غامبيا التي ارتفعت فيها تلك النسبة من 60 % إلى 88%، وتلتهم كلفة قروض الدولة 42% من إيراداتها.   بيان هزيل     البيان حذر أيضاً من أن النموّ الاقتصادي العالمي لا يزال ضعيفاً، مع "زيادة حدة" التوترات التجارية والجيوسياسية، وقال الزعماء فيه: "نسعى جاهدين لتوفير مناخ تجاري واستثماري حرّ نزيه غير منحاز وشفاف ومستقر، يمكن التكهن به وإبقاء أسواقنا مفتوحة".   وأورد البيان الختامي عن الزعماء قولهم: "سنعمل معا لتعزيز النموّ الاقتصادي العالمي"، و"نؤكد مجدداً دعمنا الإصلاح الضروري في منظمة التجارة العالمية لتطوير مهامها".   وأشار القادة إلى أن "السياسة النقدية ستستمر في دعم النشاط الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار بما يتماشى مع عمل البنوك المركزية"، وأكدوا: "مجدداً الالتزامات المتصلة بأسعار الصرف التي أعلنها وزراء ماليّتنا ومحافظو المصارف المركزية في مارس/ آذار 2018".     الحرب التجارية بين أمريكا والصين   وعلى صعيد سياسة الحماية التجارية عبر الرسوم التي تتخطى قوانين منظمة التجارة العالمية، حذرت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد العالمي يواجه "موقفاً صعباً" بسبب النزاعات التجارية وحثت صناع القرار في مجموعة العشرين على خفض الرسوم الجمركية والعقبات الأخرى أمام التجارة. وقالت لاغارد في قمة مجموعة العشرين " فيما نرحب باستئناف محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، فإن الرسوم التي فرضت بالفعل تكبح الاقتصاد العالمي بينما تحمل القضايا التي لم تحسم الكثير من الضبابية تجاه المستقبل". لكن رغم هذه التحذيرات فإن قضية السياسة الحمائية أو "حرب الرسوم"، باتت هي سياسة الضغط التي تمارسها أميركا لتحقيق أغراضها السياسية والاقتصادية. ويلاحظ أن تركيز قمة العشرين كان على اللقاء بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ بشأن تسوية النزاع التجاري. وهو لقاء كان يمكن أن يعقد بينهما في أي مكان ولا يحتاج إلى قمة مجموعة العشرين. إلا أن الهدنة الجديدة بين بكين وواشنطن المُعلن عنها اليوم قدراً من الارتياح للقادة المشاركين، بعدما كلفت الحرب التجارية بينهما والمستمرة منذ أكثر من عام، الشركات مليارات الدولارات، وأدّت إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، فضلاً عن تعقيدات في سلاسل الإنتاج والإمداد وقلق في أسواق المال. وعلى وقع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والصيني شي جين بينغ المتفائلة والإيجابية، واتفاقهما على استعادة لغة التفاوض بعيداً من رفع الرسوم وتقييد الشركات، أحجم قادة مجموعة العشرين عن التنديد بالحماية التجارية، ودعوا بدلاً من ذلك لتوفير مناخ تجاري "حر ونزيه وغير منحاز" بينما تجاهل كبار المسؤولين الماليين في مجموعة العشرين، تداعيات الحرب التجارية، بين الولايات المتحدة والصين، في مسودة بيان ختامي لهم، بعد يومين من الاجتماع ،  وذلك رغم الإقرار بتفاقم مخاطر التوترات الحالية. وبعد مفاوضات شاقة كادت تجهض إصدار بيان، اتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية المجتمعون باليابان، على الصياغة التي صدرت بشأن التجارة في اجتماع بوينس أيرس بالأرجنتين في ديسمبر الماضي. وأشار البيان إلى أن كبار مسؤولي المالية بمجموعة العشرين اتفقوا على وضع قواعد مشتركة بحلول 2020 لسد الثغرات التي استغلتها شركات التكنولوجيا العملاقة مثل فيسبوك وغوغل لخفض مدفوعات ضرائب الشركات.   وجرى حذف فقرة مقترحة عن "الاعتراف بالحاجة الملحة لحل التوترات التجارية" كانت مدرجة في مسودة سابقة جرت مناقشتها. ويظهر حذف الفقرة، الذي قالت المصادر لرويترز إنه جاء بإصرار من الولايات المتحدة، رغبة واشنطن في تجنب أي عوائق بينما تزيد الرسوم الجمركية على السلع الصينية. وخلا البيان أيضا من أي إقرار بأن النزاع التجاري الآخذ في الاشتداد بين الولايات المتحدة والصين يضر بالنمو الاقتصادي العالمي.   محطات الحرب التجارية وكانت وكالة "فرانس برس" رصدت  10 محطات من الصراع التجاري الأمريكي الصيني.   –8 مارس 2018: فرض ترامب رسوماً بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على الألمنيوم، لتقليص العجز التجاري الأميركي الذي بلغ 566 مليار دولار في 2017، منها 375.2 مليار دولار مع الصين، أكبر منتج…

تابع القراءة

دراسة استشرافية لمستقبل الصراع في ليبيا بعد هزيمة حفتر في “غريان”

 دراسة استشرافية لمستقبل الصراع في ليبيا بعد هزيمة حفتر في "غريان"       لم يجد الانقلابي خليفة حفتر ومليشياته، بعد الهزيمة الكبيرة لقواته في الغريان الليبية، الأسبوع المنقضي، طريقا لاستعادة مكانته ودور  له ولحلفائه في الامارات ومصر وفرنسا، أو حتى لمواجهة الغضب الداخلي في معسكره بالشرق وما يضمه من قبائل وعشائر وقوى اجتماعية ليبية ، سوى اللجوء للقصف الجوي على مدينة طرابلس بلا تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، منذ ليل الأحد الماضي..   بجانب حملة أكاذيب كبرى للبحث عن تبريرات واهية لهزيمته الكبرى في معركة طرابلس التي وعد قبل ثلاثة شهور بانهائها في 48 ساعة…   حجم الهزيمة العسكرية   وكان أشرف الشح المستشار السابق للمجلس الأعلى في الدولة بليبيا أكد أن الهزيمة التي مُني بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمدينة غريان (غربي العاصمة طرابلس)، هي بداية النهاية له، ولما أسماه تحالف "قوى الشر العربي"، الذي قال إنه يتمثل في الإمارات والسعودية ومصر.وقال الشح في تصريحات اعلامية، إن الهزيمة التي مُني بها حفتر في غريان تخفي في طياتها هزيمة سياسية كبيرة له ولحلفائه العرب مناصري الثورات المضادة ولفرنسا أيضا.     الفضيحة الإماراتية    وفي ما يتعلق بصعوبة موقف الإمارات تحديدا، بعد طرد حفتر وقواته من مدينة غريان؛ أوضح الشح أن الإمارات وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق فقط بمساندتها حفتر بالمال والأسلحة؛ فهو أمر معروف منذ فترة طويلة، لكن المشكلة تكمن في طبيعة هذه الأسلحة. حيث أشار الشح إلى أن قوات حكومة الوفاق الوطني التي سيطرت على غريان بعد طرد قوات حفتر وجدت صناديق ضخمة من الأسلحة والصواريخ الأميركية، كما عثرت فيها على عقود الشراء التي أبرمت بين الولايات المتحدة والإمارات، وتضمنت تعهدات إماراتية بعدم نقل هذه الأسلحة لأي ساحة حرب أخرى. وتأكيدا على خطورة المسألة، قال الشح إن مسؤولين عسكريين أميركيين كبارا تعرضوا خلال اجتماع عسكري بإيطاليا لأسئلة من قبل الصحفيين بشأن إذا كان لديهم علم بأن الإمارات نقلت هذه الأسلحة لدعم حفتر في ليبيا، مشيرا إلى أن الأميركيين نفوا علمهم بهذا الأمر. وتوقع الشح ألا يفوّت الكونغرس هذه القضية، وأن يستجوب الحكومة بشأن إذا كانت تعلم أن أسلحة أميركية تستغل لدعم جماعات إرهابية، خاصة أن حفتر يواجه تهما بالإرهاب أمام المحاكم الأميركية. وطالب رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا فايز السراج بالتوقف عن التعامل بدبلوماسية مع النظامين “المجرمين” الحاكمين في الإمارات ومصر، التي قال إنه ثبت للجميع مشاركتهما في قتل الليبيين. فيما أكدت تقارير إعلامية العثور على وثائق تثبت استعانة حفتر بضباط ومقاتلين أجانب، منهم مرتزقة تشاديون في حربه على طرابلس.   كما مثّل إعلان وزارة الخارجية الأميركية بشأن اهتمامها الكبير بالتقارير التي أثبتت سوء استعمال الأسلحة الأميركية في ليبيا، ضربة أخرى لحفتر بعد أشهر من محاولات وسائل إعلام محلية ودولية تسويق اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بحفتر في العشرين من إبريل الماضي، على أنه مباركة لهجومه على طرابلس. حيث أكدت الخارجية الأميركية، في بيان مساء السبت الماضي، أنها تأخذ بجدية فائقة جميع التقارير عن سوء استعمال أسلحة أميركية الصنع، مشددة على أن "السلامة والاستقرار في ليبيا لا يتحققان إلا عبر الحل السياسي".   وجاء البيان الأميركي بعد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أكدت فيه أن وزارة الدفاع الأميركية بدأت تحقيقاً في كيفية وصول "صواريخ جافلين" الأميركية المضادّة للدبابات، إلى يد مليشيات حفتر في ليبيا، تزامناً مع تقارير إعلامية تفيد بأن الإمارات هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك هذا النوع من الصواريخ.   أهمية غريانن الاستراتيجية   وكانت قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، تمكّنت مطلع شهر إبريل المنقضي، من الاستيلاء على مدينة غريان الاستراتيجية (75 كلم جنوب العاصمة) في وقت وجيز، عقب ترتيبات سرّية عقدها أتباع حفتر مع بعض شيوخ القبائل وجماعات سلفية مدخلية في المدينة. ومثّل ذلك الاختراق الذي قامت به كتائب عمليّة الكرامة إحراجاً لحكومة الوفاق الوطني التي باغتها هجوم "الفتح المبين"، بسبب حالة الارتخاء الأمني، وانشغالها بالتحضير للمؤتمر الوطني الجامع تحت إشراف الأمم المتحدة. وتعتبر غريان أكبر مدينة في الجبل الغربي من حيث عدد السكان والمساحة، وهي معبر حيوي لسكان الجبل الذين يتخطى عددهم نصف مليون نسمة في طريقهم إلى العاصمة طرابلس. وكان حفتر يتخذ هذه المدينة القاعدة الأمامية الرئيسية لعمليته العسكرية ضد العاصمة، حيث تصل إليها القوات والأسلحة والذخيرة من الشرق.   تبريرات واهية للهزيمة   وفي أول خطابات قادة حفتر بعد الانتكاسة، برر المتحدث باسم القيادة العامة، أحمد المسماري، والمتحدث باسم إدارة التوجيه المعنوي، خالد المحجوب، خسارة غريان، بتعرض قوات حفتر لـ"خيانة" من داخل المدينة، من دون أن يحددا الجهة التي كانت توالي حفتر وخانته في ما بعد، ولا الأسباب التي دعت تلك الجهة إلى التخلي عنه. ولم يبد هذا التبرير مقبولاً، ولقي سخطاً في أوساط داعمي حفتر في شرق ليبيا، عكسته عشرات التدوينات لنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع قادة حفتر لتهدئة الوضع من خلال اتهام قوات حكومة "الوفاق" بتصفية عشرات الجرحى في مستشفى غريان. لكنّ وزارة الصّحة في حكومة "الوفاق" أكدت، في بيان أصدرته ليل الأحد، أن الجثث التي سلّمها "الهلال الأحمر الليبي" لقادة قوات حفتر في بنغازي، هي جثث لجنود اللواء المتقاعد كانت مكدسة في ثلاجات الموتى، فيما يبدو أن قادة حفتر كانوا يحاولون عدم إبلاغ أهاليهم بمقتلهم خشية بروز أي معارضة في صفوفهم.   حرب بالوكالة   وفي تصعيد جديد للتعمية عن حقيقة ومجريات خسارة غريان، خاصة بالنسبة للرأي العام الليبي، اتهمت قيادة حفتر تركيا بالانخراط في معركة المدينة ضدها، وذهبت إلى حد التلميح أن أنقرة تورطت في قتل العشرات من المقاتلين بواسطة طائرات، وحملت تصريحات المسماري والمحجوب شعارات مثل "الاحتلال" و"الغزو التركي" و"انتهاك السيادة الوطنية"، ليصل حد التهديد إلى صدور أوامر بقصف أي سفينة تركية تدخل المياه الإقليمية الليبية، في محاولة لإيهام الرأي العام بأن جيش حفتر لا يزال قادراً على السيطرة وحسم المعركة. وعلى الصعيد نفسه،  أمر حفتر قواته باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وكافة "الأهداف الإستراتيجية التركية" على الأراضي الليبية من شركات ومقار ومشروعات ورحلات طيران من وإلى تركيا، بل أقدمت الأجهزة الأمنية الموالية لحفتر بشرق ليبيا على اعتقال ستة أتراك، يشتغلون عمال في ورش للسيارات تم الافراج عنهم لاحقا، بعد تهديدات أطلقها الرئيس التركي أردوغان بالرد العسكري على  مهاترات حفتر… فيما  جرى منذ الخميس الماضي تعليق الرحلات الجوية من بنغازي إلى تركيا (الشرق الخاضع لحفتر)، بينما في الغرب الليبي تواصلت الرحلات الجوية بين تركيا ومدينتي مصراتة وطرابلس كالمعتاد. وقد أعلن مطار بنينا في مدينة بنغازي عن إلغاء جميع رحلات الذهاب والعودة إلى تركيا، ودعا المسافرين الذين اشتروا تذاكر لإسطنبول إلى مراجعة مكاتب الحجز لاسترجاع 75%من قيمة الحجز. وطالبت إدارة المطار المسافرين الموجودين…

تابع القراءة

ماذا خسر الإعلام المصري بالانقلاب العسكري؟

 ماذا خسر الإعلام المصري بالانقلاب العسكري؟   بقلم: حازم عبد الرحمن   عندما وقع الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا ليلة 15 يوليو 2016 كان دور الإعلام كبيرا في إسقاط الانقلاب؛ فقد بادرت قناة "سي إن إن تورك" الخاصة بإذاعة مكالمة مع الرئيس إردوغان يطالب فيها بمواجهة الانقلاب؛ ما أدى إلى قطع الشك باليقين, وخرجت الجماهير إلى الشوارع تواجه الانقلاب العسكري, ولم تشرق شمس الصباح إلا وقيادات الانقلاب العسكري أسرى مقيدون بأيدي الشرعية. أما في مصر فعندما وقعت جريمة الانقلاب على الإرادة الشعبية وأول رئيس مدني في تاريخ البلاد كانت يد الإعلام ملوثة بالخيانة, قابضة الثمن منذ بدء التخطيط للانقلاب؛ فقد أنشئت صحف وفضائيات ومواقع إنترنت, تحرض على إثارة الفوضى, وتروج لاحتجاجات مفتعلة محدودة المشاركة, وتدعو الجيش للتدخل لإنقاذ البلاد؛ ما يعني دعوة صريحة للانقلاب على الشرعية, ورغم أنه يجب أن يكون الإعلام الرسمي للدولة داعما للشرعية إلا أنه لم يكن كذلك, واختار أن يلعب لحساب جهاز المخابرات الحربية التي تنفذ خطة انقلاب يقف وراءها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والملك عبدالله بن عبد العزيز عاهل السعودية, بل إن رئيس تحرير جريدة "الأخبار" محمد حسن البنا شن قبل أسابيع من الانقلاب هجوما على جماعة الإخوان المسلمين بدون مبرر؛ فاستنتج محللون أن هذه بداية الانقلاب العسكري, وقد سبقها هتافات لصحفيين في النقابة ضد الإخوان , وتم تسخير برامج معينة في الفضائيات بتكلفة ضخمة للنيل من الرئيس الشرعي وحكومته, حتى اكتمل تدشين الانقلاب يوم 3 يوليو 2013 , وكان مشهد الإعلام المصري بائسا, مهينا, وهو يبرز بسعادة ونشاط خبر الانقلاب, وكأن البلاد ستنتقل من عهد الدكتاتورية والاستبداد إلى عهد الحرية والديمقراطية, وقد شهدت مدينة الإنتاج الإعلامي أحداثا مخجلة قام بها العاملون بالفضائيات المؤيدة للانقلاب ضد زملائهم في القنوات الأخرى المؤيدة للشرعية, وظهر أسوأ ما في النفس البشرية من توحش ونفاق؛ إذ وقف بعضهم يهتف ضد زملائه الآخرين الذين كانت قوات الأمن تعتقلهم في سياراتها لتنقلهم إلى المعتقلات, ولم يمر وقت طويل حتى قررت إدارات القنوات المؤيدة للانقلاب الاستغناء عن أعداد كبيرة من هؤلاء الذين شمتوا في اعتقال زملائهم وهتفوا تحية لقوات الأمن.                   وقد كانت هناك خطة لسيطرة العسكر على الإعلام كشفت عنها تسريبات أحد لقاءات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مع عدد من الضباط عندما كان وزيرا للدفاع بضرورة السيطرة على الإعلام, ثم تواصلت المخابرات الحربية والأمن الوطني مع رؤساء القنوات في ما ينبغي نشره من عدمه، بل وتحديد السياسة التحريرية للقنوات, وتضخيم الاحتجاجات مهما كانت محدودة, وتحويلها إلى فعاليات لتمجيد وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي، والدعاية له باعتباره المنقذ، وهو الذي لم يخض معركة حقيقية في حياته .   *بعد الانقلاب بعد اكتمال جريمة الانقلاب العسكري, وعلى غير ما توقع مؤيدوه, كشرت الأجهزة الأمنية عن أنيابها, مبكرا, وبدأت في تحذير الإعلام المستقل المؤيد للانقلاب من خطوط حمراء يجب الوقوف عندها, ومن لا يلتزم فهو الجاني على نفسه , ولذلك اختفى بوق الانقلاب توفيق عكاشة وتم إغلاق قناته الخاصة ليعود بعد سنوات من التأديب خادما للانقلاب على فضائية أخرى, وهاجر باسم يوسف وبلال فضل مضطرين إلى أمريكا, بعد خدماتهما للعسكر, وتم ترحيل اللبنانية ليليان داود المذيعة بقناة "أون تي في", وتم وقف برنامج جابر القرموطي الذي شكا كثيرا من البطالة رغم أنه صحفي في " الأهرام", واختفت برامج لميس الحديدي ورانيا بدوي ونائلة عمارة, وغادر إبراهيم عيسى فضائيات الانقلاب ليهاجم الإسلام على قناة "الحرة".. إلخ.          *أزمة الصحافة لا تزدهر الصحافة إلا في وجود الحرية, وعندما وقع الانقلاب العسكري تحولت الصحف المصرية كلها, القومية والخاصة, إلى نسخة واحدة من بعضها, لا تطرح قضايا يهتم بها جمهور القراء, أو توجه انتقادا لمسئول فاسد, وإنما فقط تسبح بحمد الانقلاب العسكري, الذي تورطت في التمهيد له وتجميله, ولم يعد أمامها ما يمكن أن تجذب به القارئ الذي سرعان ما انصرف عنها, وأصبحت الصحف القومية تعاني من أزمتين خطيرتين قد تؤديان بها إلى التوقف تماما, وهما أزمة انهيار التوزيع؛ بسبب الفشل في جذب اهتمام القارئ, وأزمة الانهيار الاقتصادي الذي انعكس على سوق الإعلانات؛ فتراجعت إيراداتها بنسبة مفزعة, وتسبب انهيار التوزيع في خسائر يومية للصحف التي ارتفعت تكاليف طباعتها, خاصة بعد تعويم الجنيه, وهو ما جعل بعض الأفكار تدور حول ضرورة خصخصتها؛ مما يهدد بتشريد آلاف الصحفيين والإداريين والعمال بعدما اطمأنوا طويلا إلى استقرارهم في وظائفهم تحت ظلال السلطة.             كما تم حصار الصحف والصحفيين بالقوانين والعقوبات من جانب سلطة الانقلاب وإخضاعها لإملاءات الأجهزة الأمنية؛ مما أفقدها القدرة على متابعة اهتمام الجماهير؛ فخسرت قراءها. وقد تدهورت دخول الصحفيين بشكل غير مسبوق, وتوقفت بعض الصحف عن صرف المرتبات, وأصبح الكثير من الصحفيين يعانون من الفصل التعسفي, كما يحدث في "البوابة نيوز" لصاحبها الذراع الانقلابي عبد الرحيم علي, و"اليوم السابع" التابعة لشركة "إعلام المصريين" التي تمتلكها المخابرات, وقد فصلت إدارة صحيفة "الدستور" عشرات الصحفيين تعسفيا، وأجبرت بعضهم على الإجازة بدون راتب أو الفصل من التأمينات. وأعلنت صحيفة "التحرير" وقف العمل بالموقع بعد حجبه في مصر، وهو ما يترتب عليه تسريح عشرات الصحفيين والعاملين, ويواجه نحو 50 صحفيا بجريدة "العالم اليوم"، أزمة فصلهم من التأمينات الاجتماعية، وهي استمرار لأزمة قديمة تواجه مئات الصحفيين المفصولين على مدار سنوات ,.   *دور نقابة الصحفيين لا يبدو أن نقابة الصحفيين يمكن أن تقوم بدور لحل مشكلات المهنة, بعد تراجع دور النقابة وتعرضها للإهانة, أكثر من مرة على يد سلطات الانقلاب, التي اقتحمت مقرها, في سابقة غير معهودة في تاريخها, كما لفقت اتهامات باطلة لنقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش وعضوي مجلس النقابة جمال عبد الرحيم وخالد البلشي, ما جعلها تتخلى عن دور كبير, كانت تقوم به من قبل لصالح حريات الصحفيين, وقد عجزت عن التدخل في  مشكلة أعضائها المعتقلين, ولم تساندهم في سابقة خطيرة تخلت فيها عن دورها تجاه أعضائها, ولن يقدم النقيب ضياء رشوان الموالي لسلطة الانقلاب شيئا سوى الكلام. ولم تكن خسائر الإعلام المصري بالانقلاب العسكري هي النهاية؛ فقد ظهرت على الفور فضائيات ترفض الانقلاب, وتدعو إلى تحقيق أهداف ثورة 25 يناير, وإسقاط حكم العسكر, وقد نجحت في جذب المشاهد المصري والعربي, وأصبحت صوت الشعب بحق, بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي, التي يستخدمها رافضو حكم العسكر بجدية وإتقان, حتى يأتي يوم الخلاص.  

تابع القراءة

موازنة 2019/2020 محاباة الأغنياء واهدار العدالة الإجتماعية بمصر

 موازنة 2019/2020 محاباة الأغنياء واهدار العدالة الإجتماعية بمصر     وافق أعضاء البرلمان المصري في جلسة الأحد الماضي على مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة، بالرغم من مخالفة بنودها العديد من مواد الدستور، وفي مقدمتها المتعلقة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي لقطاع الصحة، و4% للتعليم، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي. وتضمن مشروع القانون أن إجمالى المصروفات تبلغ 301 مليار و615 مليون و116 ألف جنيه، وبلغ المقدر لشراء السلع والخدمات نحو 74 مليار جنيه، وبلغ المخصص للفوائد 569 مليار جنيه والمخصص لشراء الأصول غير الاستثمارية "الاستثمارات" نحو 211 مليار و245 مليون جنيه، وبلغ المخصص لحيازة الأصول المالية المحلية والأجنبية نحو 28 مليار و811 مليون، وبلغ المخصص لسداد القروض المحلية والأجنبية نحو 375 مليار و566 مليون جنيه.  وتضمن مشروع الموازنة أن إجمالى إيرادات الضرائب تقدر بـ 856 مليار و616 مليون جنيه، وتقدر المنح بـ 3 مليار و405 مليون جنيه، وتقدر الإيرادات الأخرى بـ 274 مليار جنيه.  وتقدر المتحصلات من الأقراض ومبيعات الأصول المالية وغيرها من الأصول بنحو 23 مليار و556 مليون و910 ألف جنيه.   وتقدر قيمة الاقتراض نحو 820 مليار جنيه و656 مليون جنيه.     تحايل على الدستور   وتحايلت لجنة الخطة والموازنة على الدستور، للعام الرابع على التوالي، بإضافة ميزانية الصرف الصحي إلى موازنة قطاع الصحة، علاوة على حصة وزارة الصحة من الدين العام، وميزانيات المستشفيات التابعة للقوات المسلحة والشرطة، مع العلم بتبعيتها إلى وزارتي الدفاع والداخلية، وقصر خدماتها على الضباط والأفراد المنتمين إلى مؤسستي الجيش والشرطة، وأسرهم، من دون غيرهم من المواطنين.   وكررت اللجنة ما فعلته في الصحة مع قطاعات التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، وذلك بإضافة حصتها من ديون البلاد إلى مخصصاتها، بعد أن كانت تبلغ اعتمادات تلك القطاعات مجتمعة نحو 206 مليارات جنيه في مشروع الموازنة، من أصل 6.2 تريليونات جنيه جملة الناتج القومي الإجمالي، بنسبة لا تجاوز 3.3%، بما يعادل ثُلث المخصصات الدستورية لتلك القطاعات المحددة بواقع 10%.…   مطالبات لم يستجاب لها: وكان لافتا العديد من المطالبات التي ضمنتها لجنة الخطة والموازنة، ولم يستجب لها النواب في الجلسة العامة، حيث أقرت اللجنة، في تقريرها، عدداً من التعديلات على مشروع الموازنة، بزيادة اعتمادات بنود بعض الوزارات والجهات الحكومية، بعد أخذ موافقة وزارتي المالية والتخطيط، وذلك بما يقارب 10 مليارات جنيه لصالح وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، والإسكان، والنقل والمواصلات، والري والموارد المائية، والأوقاف. وأوصت اللجنة بدعم وزارة التربية والتعليم بمليار و500 مليون جنيه، من أصل 11 مليار جنيه طلبتها الوزارة لاستكمال نظام التعليم الجديد، ودعم وزارة الأوقاف بمبلغ 20 مليون جنيه لتركيب عدادات الكهرباء المسبقة الدفع بالمساجد، ودعم "المجلس القومي للشباب" بمبلغ 120 مليون جنيه لصالح البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، ودعم مراكز الشباب بمبلغ 500 مليون جنيه.   كما أوصى تقرير اللجنة بدعم وزارة التنمية المحلية بمبلغ 250 مليون جنيه، ووزارة الري والموارد المائية بمبلغ 923 مليون جنيه، وإدراج اعتماد إضافي قدره مليار جنيه لصالح وزارة الإسكان، بغرض إنهاء مشروعات الصرف الصحي بالقرى الأكثر فقراً، ودعم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمليارين و510 ملايين جنيه.   كذلك طلبت اللجنة دعم وزارة النقل والمواصلات بمليار جنيه إضافية لصالح ميزانية الهيئة العامة للطرق والكباري، ودعم وزارة الصحة والسكان بمبلغ مليار و925 مليون جنيه لصالح تطبيق نظام التأمين الصحي الجديد، مع العلم أن الوزارة طلبت 33 مليار جنيه إضافية على موازنتها من أجل تطبيق النظام الجديد.   مؤشرات خطيرة   وتعبر أرقام الموازنة المخالفة للدستور عن العديد من المؤشرات الدالة على طبيعة النظام العسكري، الذي لا يهمه سوى الأغنياء فيما يقنع الفقراء والمهشين للقمع الأمني أو الرهاب الاعلامي بالتخويف تارة وبالتزييف مرات عدة…ومن تلك المؤشرات:   أولا: الانحياز ضد الفقراء واهدار العدالة الاجتماعية: وتمثل ذلك في عدة أمور عبرت عنها الأرقام، ومنها: -اهدار العدالة بالرواتب: وبحسب خبراء اقتصاديين ، يعد هيكل الأجور بمصر من المشكلات المزمنة، والتي لم تقترب منها السياسات الاقتصادية بأي حال من الأحوال، لكي تبقى بابًا للفساد والمحسوبية، فمخصصات المرتبات والأجور بموازنة 2019 /2020 تبلغ نحو 301 مليار جنيه مصري، منها حوالي 90 مليار جنيه مرتبات أساسية، وباقي المبلغ مكافآت وبدلات، أي أن المرتبات الأساسية بحدود نسبة 30% فقط، بينما 70% عبارة عن مكافآت وبدلات، ليحدث نوع من التميز غير المبرر بين العاملين بالحكومة.     فثمة قطاعات في مصر تحصل على رواتب متميزة، مثل العاملين بقطاع البترول أو البنوك، أو الجمارك أو الضرائب، أو القضاء أو الخارجية، بينما العاملون في الإدارة المحلية أو الصحة مثلًا يحصلون على رواتب شديدة التواضع، مما يدفعهم للحصول على الرشاوي، أو العزوف عن العمل بالقطاع الحكومي. ثمة فئات أخرى من العاملين بالدولة تستأهل هذا التميز ولا تجده، مثل الأطباء والمدرسين الذين يعينون بالريف والمناطق النائية، ولا يجدون مثل هذه المزايا، ولو توفرت لهم هذه الفرصة، لما فكروا في الامتناع عن الذهاب للريف والمناطق النائية، بل قد تكون بالفعل محفزًا لهم للبقاء والاستقرار بالريف والمناطق النائية، مما يؤدي إلى تحسين الخدمات في قطاعي التعليم والصحة بهذه المناطق المحرومة.   -تجميل الدعم مسئولية أزمات الديون وعجز الموازنة: وجرى خفض دعم السلع التموينية والوقود بـ35 مليار  جنية:   حيث تضمنت الموازنة الجديدة، خفض مخصصات دعم السلع التموينية والمواد البترولية في الموازنة العامة للدولة الجديدة، بقيمة 35 مليار جنيه عن العام الماضي.   وقالت وزارة المالية ، في بيان لها، إن "مخصصات برامج الدعم السلعي بلغت 149 مليار جنيه منها: 89 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، و52.9 لدعم المواد البترولية بخفض قدره 35 مليار جنيه عن العام الماضي، و4 مليارات جنيه لدعم الكهرباء، ومليار جنيه لدعم شركات المياه، و3.5 مليار جنيه لتوصيل الغاز الطبيعي لـ1.3 مليون أسرة". وكذلك تضمنت الموازنة العامة "2019 – 2020" انخفاضًا 592 مليون جنيه في بند المنح والمزايا الاجتماعية.. عصر الفقراء وإنهاء الطبقة الوسطى: وبحسب استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع ووزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق،"الحكومة تمارس خداع الشعب؛ حيث تؤكد في البيان المالي حرصها على تحقيق «التنمية المستدامة» وفي الوقت نفسه تقدم موازنة تغتال التنمية المستدامة لأنها ضد العدالة الاجتماعية، إنها تكرر ممارسات اليهود في زمن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: «من كان عنده يعطي ويزاد ومن ليس عنده يؤخذ منه»". مضيفا في مقال له بصحيفة الأهالي المصرية، " الأرقام تتحدث عن نفسها وهي تشير بوضوح إلى لب المشكلة فقد وقعت الحكومة في فخ الاستدانة الذي نصبه لها صندوق النقد الدولي وأصبحت خدمة الدين تعادل حوالي ثلاثة أمثال مخصصات الدعم، ونسيت الحكومة دروس تاريخنا وقصة صندوق الدين عام 1872 الذي مهد الطريق للاحتلال البريطاني…

تابع القراءة

موجز المشهد السياسي الأسبوعي 23 يونيو

 موجز المشهد السياسي الأسبوعي 23 يونيو أولاً: المشهد المصري استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسى توفى يوم الإثنين الموافق 17/6، رئيس مصر الشرعي مُحمد مرسي، عن عمر يناهز 68 عامًا، أثناء حضوره جلسة محاكمته على ذمة القضية رقم 26458 لسنة 2013 جُنح مدينة نصر، والمعروفة إعلاميًا باسم "قضية التخابر". –         الإخوان يتهمون نظام السيسى بقتل الرئيس الشهيد "محمد مرسى"رحمه الله. جاءت وفاة الرئيس الشهيد وسط دلائل عديدة علي مسئولية النظام عن قتل الرئيس  داخل محبسه بالبطيء على مدار سنوات حيث حرموه من الدواء، ومنعوا عنه حقه في العلاج داخل السجن، ومنعوه من زيارةِ ذويه أو محاميه، في جريمةٍ مكتملةِ الأركان. كان الرئيس قد أبلغ  هيئة المحكمة في اغسطس ٢٠١٥ ثم في مايو ٢٠١٧ بأن ثمة مؤامرة على حياته. وصرح الأمين العام للإخوان المسلمين الدكتور "محمود حسين" "إن كل المعطيات تؤكد أن الرئيس الشهيد محمد مرسي مات مقتولًا، خاصة في ظل عزل الرئيس عن المجتمع بكل مقوماته، وعزله في المحكمة بقفص زجاجي، وعدم السماح له بالتحدث، ومنع زوجته وأولاده من زيارته، ومنع دخول الطعام والعلاج له، وعدم السماح بتلقيه الرعاية الطبية اللازمة، ورغم تصريحه أكثر من مرة بتعرضه للقتل البطيء ووجود خطر على حياته". ودلل على ذلك : الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها سلطات الانقلاب قبل الوفاة في عدد من المدن والاستعدادات الأمنية المشددة في المحكمة يوم الوفاة، ونقله إلى المستشفى وعدم السماح لأحد بمرافقته، كما أن تقرير النيابة العامة حول عدم وجود آثار تعذيب أو ضرب على الجثمان، وحتى عدم صدور تعليق من الخارجية الأمريكية، وكل هذه الأشياء تؤكد أنه تعرض لعملية قتل ممنهج  في اللحظات الأخيرة. وأشار إلى أن ذلك يحمل رسالتين: الأولى/ هى رسالة للشعب المصري، بأن يفقد الأمل في تغيير النظام وأن يكون له رئيس منتخب، والثانية/ رسالة للإخوان بألّا تحلموا بأن يكون منكم رئيس، كى يصيبهم الوهن والقنوط من التغيير، وأيضا للتغطية على حقيبة الأسرار التي يملكها الرئيس محمد مرسى. –         الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تدعو إلى التحقيق فى أسباب وفاة الرئيس محمد مرسى… والخارجية ترد. أصدرت مجموعة من  المنظمات الحقوقية يوم الثلاثاء الموافق 18/6، بياناً مشتركاً، أكدت فيه أن واقعة وفاة الرئيس محمد مرسي بهذه الطريقة الصادمة أثناء محاكمته، نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من الرعاية الصحية، تفضح اتجاه النظام الحالي للانتقام من خصومه السياسيين في السجون. وخلصت المنظمات إلى أن مرسي ليس الأول في قائمة القتل البطيء في السجون المصرية ولن يكون الأخير، لكن واقعة وفاته تعكس بشاعة الجرم الذي يرتكب بحق جميع المحتجزين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، في جريمة مُكتملة الأركان يشترك فيها كل القائمين على تحقيق العدالة، بداية من الرئيس الحالي، مروراً بجهات سن القوانين وسلطات إنفاذها. وطالبت المنظمات الموقعة ب 1-السماح لفريق من خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة بالوقوف على أسباب وفاة محمد مرسي والتحقيق في الأمر، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الطبي الذي تعرض له. 2- السماح للجنة الصليب الأحمر الدولية بتقصي أوضاع السجون المصرية والوقوف على حالة السجناء. 3- السماح للمنظمات الحقوقية المصرية والدولية بزيارة السجون والمجلس القومي لحقوق الإنسان، على أن يتم نشر تقريرهم حول أوضاع السجون وتوصياتها علانية. إلى جانبهم طالبت "منظمة العفو الدولية" السلطات المصرية بإجراء تحقيق محايد في وفاة مرسي، ودعت السلطات المصرية لإجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاته وحيثيات احتجازه – بما في ذلك حبسه الانفرادي وعزله عن العالم الخارجي"، كما دعت  إلى تحقيق بشأن الرعاية الطبية التي كان يتلقاها مرسي و"محاسبة المسؤولين عن سوء معاملته". ودعا "مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل في وفاة الرئيس  السابق محمد مرسي، مضيفا أن التحقيق يجب أن يتناول كل جوانب علاجه خلال احتجازه على مدى ما يقرب من ست سنوات. وقد ردت الخارجية المصرية فى بيان على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" يوم الثلاثاء الموافق 18/6، مستنكرة ما ذكره المتحدث باسم مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول وفاة محمد مرسى. وأدان "أحمد حافظ" المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، "ما تضمنته تلك التصريحات من إيحاءات للتشكيك بغرض الافتئات على مؤسسات الدولة المصرية ونزاهة القضاء المصري، وبما يعد محاولة للنيل من التزام مصر بالمعايير الدولية، والقفز إلى استنتاجات واهية لا تستند إلى أي أدلة أو براهين، وهو ما اعتبره أمراً غير مقبول من جانب المتحدث باسم مكتب المفوضية السامية، لاسيما مع الاقتراح بقيام مصر بإجراءات محددة، هي بالفعل مطبقة من جانب السلطات المصرية من منطلق التزام وطني أصيل واحتراماً للتعهدات الدولية".          –            التطبيع والغطرسة أبرز دلالات سماح القاهرة للتلفزيون الإسرائيلي بزيارة قبر مرسي. نشر التلفزيون الرسمي الإسرائيلي "كان"، تقريرا لمراسله "روعي كيس" عن وفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، تضمن لقطات من داخل مقابر مدينة نصر التي دفن بها. وذلك بعد أقل من 24 ساعة من وفاة مرسي. وتجول الطاقم الإسرائيلي برفقة الكاميرا والمراسل كيس في شوارع العاصمة المصرية ناقلا الانطباعات وواصفا الوضع على أنه عادي وطبيعي بعد ساعات من دفنه. كل ذلك في التوقيت الذي تحاصر فيه قوات الأمن المقابر وتمنع المواطنين والصحفيين المصريين والأجانب من الاقتراب من قبر مرسي. كما رفضت السلطات الأمنية السماح لأنصاره وأقاربه بدفنه أو الصلاة عليه أو حتى تقديم العزاء لأسرته سواء في القاهرة أو بمسقط رأسه في محافظة الشرقية. للخبر دلالات شديدة الأهمية:   1-            المستوى المتقدم من التطبيع بين النظام المصري والكيان الصهيوني. فلابد أن هذا التقرير المصور من أمام قبر الرئيس محمد مرسي تصريحات من الجهات الأمنية والمخابراتية، بل ربما وفّر له حراسة أمنية مشددة لمصاحبته أثناء تصويره أمام القبر. وفي موافقة النظام على التقرير الإسرائيلي مجاملة للطرف الإسرائيلي، خاصة أن النظام لم يسمح لغير الإعلام الإسرائيلي بهذه التغطية؛ حتى أن الأمن المصري منع الصحفيين المصريين من تغطية مراسم الجنازة!   2-            النظام وصل حداً غير مسبوق من الغطرسة وتجاهل الشارع ومواقفه، وتجاهل العداء الراسخ للإسرائيليين في الوجدان الشعبي المصري.   رغم أن تقرير التلفزيون الإسرائيلي أكد أن الحياة تسير بشكل عادي في القاهرة ولم يكن للحدث تداعيات ذات أثر على الشارع، إلا أن مصادر مصرية بارزة أكدت أن حجم الغضب الذي ظهر في الشارع المصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من مواطنين عاديين، وشخصيات سياسية كانت معارضة لمرسي، تسبب في ارتباك كبير داخل دوائر صناعة القرار، والمشرفين على ملف الإعلام. انعكس هذا الخوف الذي استشعره النظام على الاستعدادت الأمنية "المكثفة" الخاصة ببطولة الأمم الأفريقية، فقد تم الدفع بقوات إضافية تابعة لوحدات الانتشار السريع التابعة للقوات المسلحة بمداخل المحافظات والميادين الكبرى وأماكن التجمعات والمساجد الكبرى، لمنع أي مسيرات أو تجمعات لأنصار الرئيس مرسى.          –            ملامح الموقف المصري الرسمي من وفاة الرئيس مرسي.      أولى ملامح الموقف المصري (الإعلامى)، هي حالة التجاهل التي…

تابع القراءة

الجزائر.. قرابين العسكر والفشل في تطويق الحراك

 الجزائر.. قرابين العسكر والفشل في تطويق الحراك   بقلم: حازم عبد الرحمن   أوشك الحراك السلمي في الجزائر على إكمال شهره الخامس, ويبدو مرشحا للاستمرار إلى مدى أبعد, ما لم تتم الاستجابة لمطالبه برحيل كل قيادات النظام, بما فيها أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الذي يصطنع مناسبات عسكرية؛ ليتحدث فيها عن استمرار المظاهرات, ورغبته في إنهائها, متجاهلا أنه مقصود بالرحيل لكونه أحد أبرز رجالات نظام بوتفليقة.   ولم يفلح التهديد والوعيد مع هتاف الشارع بضرورة رحيل كل أفراد العصابة؛ فكان لجوء النظام إلى حيلة لخداع الجماهير الثائرة, كما حدث في مصر والسودان بمحاولة الإيحاء بالاستجابة للمظاهرات المستمرة بإحالة عدد من المسئولين السابقين إلى المحاكمة أمام القضاء الذي بدا مشاركا في محاولة خداع الشعب الجزائري؛ بإيداعه عددا من المسئولين السابقين قيد الحبس الاحتياطي، وتوجيه اتهامات إليهم بالفساد خلال تولي بوتفليقة الرئاسة, واتهم كذلك عددا من رجال الأعمال المقربين لبوتفليقة في قضايا الفساد، قبل أن تصدر أحكام بسجنهم على ذمة قضايا فساد ومخالفات مادية. وقد شملت هذه الإجراءات اعتقال رءوس كبيرة مثل رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال ومرشح الرئاسة الملغاة الجنرال علي غديري, ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس, ورجل الأعمال محيي الدين طحكوت, وعبدالقادر زوخ  محافظ العاصمة, وأحمد أويحيى رئيس الوزراء السابق, وعبد الغني زعلان وزير النقل السابق ورجال الأعمال الأشقاء كونيناف (رضا وعبد القادروكريم وطارق)، ووزير المالية الجزائري محمد لوكال. ورغم ذلك تواصلت مظاهرات الشارع لتؤكد تمسكها بمطالبها؛ فلم تعد قرابين العسكر تغري المتظاهرين بالانصراف. ويخطط قائد الجيش لتكرار تجربة خداع المجلس العسكري الثورة المصرية بإيداع رءوس النظام المخلوع السجن لتهدئة الجماهير, ثم العودة إلى إخراجهم, وتبرئتهم بعد أن تغادر الجماهير الثائرة الميادين, وتغلق عليها طريق العودة. والتجربة تؤكد أن هذه الاعتقالات ليست محاربة حقيقية للفساد بل هي إجراءات انتقائية تدين مؤسسة القضاء نفسها, وتكشف عن عدم استقلالها عن السلطة التنفيذية, وإلا أين كانت طوال الفترات السابقة؟ وهذا هو حال منظومة القضاء في الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي؛ فكلها تعاني من غيبة الاستقلال وتحولها إلى أداة في يد أذرع الاستبداد الحاكم؛ مما يجعلها في التحليل النهائي مجرد إجراءات تصب في خطة محكمة لإنقاذ النظام عبر التضحية بعدد من رموزه, وهي محاولة مكشوفة ومكررة لوأد الثورات العربية في ربيعها, والالتفاف على مطالب الجماهير. وكان واضحا تضخيم فرحة الجماهير إعلاميا؛ للزعم بأن هناك إنجازات تتحقق استجابة لمطالب الشارع, وهو ما وقعت فيه بعض وسائل الإعلام فهناك أنصار للنظام في الجزائر مثل المواطنين الشرفاء في النسخة المصرية الذين يتقدمون الصفوف دوما خدمة للسلطة, وضد مطالب الجماهير, وقد باتت هذه المظاهر من أبرز علامات الثورة المضادة.    *القيود على الصحافة من الواضح عدم مصداقية الإجراءات التي تم اتخاذها وأنها مجرد "تمويه" لخداع الجماهير وليس أدل على ذلك من القيود المفروضة على الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى؛ ما جعل الصحفيين ينتقدون التضييق على الحريات الإعلامية, ويتخوفون  من نيات السلطة حيال الحقوق الديمقراطية والطابع القمعي الذي يطغى على تصورها للحريات؛ وهو ما يتنافى مع المظاهر التي يحاول قائد الجيش ترسيخها كاستجابة لمطالب الشارع. وقد بلغت الأزمة حد أن الرقابة أضحت على وسائل الإعلام العمومية، من تلفزيون وإذاعة وصحافة مكتوبة، سياسة ثابتة جعلتها في خدمة خطاب السلطة وحدها, مع عقوبات ضد من يخالف, رغم أن حريات الإعلام جزء لا يتجزأ من مطالب الشارع.   *الوعي منذ بداية الصراع وعلامات وعي دروس الثورة المضادة حاضرة في الحراك الجزائري؛ فلا ترحيب بأي تدخل خارجي على طريقة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وتلميذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أو على طريقة الاستعمار القديم الذي ما زال يعيش في حلم استمرار سيطرته على المستعمرات السابقة التي قررت الخلاص من الاستسلام لتدخل الخارج, كما أن هناك خطوات مهمة أنجزتها مظاهرات الحراك المستمرة, مثل نجاحها في وقف ترشيح بوتفليقة الذي حاول النظام التمسك به, وكذلك إلغاء موعد الانتخابات الرئاسية, وهو نجاح كبير يؤكد قدرة الحراك على تحقيق المزيد .  والأهم الوعي بخطة الدولة العميقة للنظام المطلوب اجتثاثه, ومحاولتها بث الفرقة بين المتظاهرين الذين بادروا إلى رفع شعار "أن الجزائريين خاوة خاوة"؛ ردا على استدعاء روح عرقية تفرق وحدة الشارع, ما يعني أن هناك مؤامرات أخرى في الطريق لبث الفرقة وروح الانقسام.   *باب الخروج من المؤكد أن الطريق إلى باب الخروج من الأزمة الجزائرية بات واضحا بعد إصرار الجماهير الثائرة على استمرار التظاهر, وتجديدها مطالبها برحيل كل رموز السلطة, وليس من حق أحد أن يرفض مطالب الشعب التي لا تنكرها عين, لكن المشكلة تكمن فيما يدور في رأس المؤسسة العسكرية التي تحلم ببقاء وصايتها على الشعب الذي يضم بين أبنائه الكثير من الكفاءات من غير العسكريين, ويمكنهم أن يتحملوا المسئولية, وينقذوا بلادهم الغنية بثرواتها من الفقر, والبلاء الذي ورطها فيه العسكر بجهلهم وفسادهم.    وليس هناك منطق للتحجج بالدستور فالبلد تعيش ثورة حقيقية والتغيير مطلب الأغلبية, والسيادة للشعب,  ولا بد من تغيير طريقة الحكم وأدواته البالية التي تسببت فيما آلت إليه أحوال شعب بلد غني كالجزائر, يمتلك كل مقومات النهوض والرفاهية.     ولا بد من الاستجابة لمطالب الجماهير, وعندها يتم تحديد خريطة طريق للخروج من الأزمة, بكل شفافية, وحذر شديد من محور الثورة المضادة, وحزب فرنسا.

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022