مؤتمر البحرين التمهيد الاقتصادي لـ”صفقة القرن”..مخاطر وتداعيات
مؤتمر البحرين التمهيد الاقتصادي لـ"صفقة القرن"..مخاطر وتداعيات ..عربة الاقتصاد حينما تسبق حصان السياسة! يأتي مؤتمر السلام الاقتصادي المقرر عقده بالبحرين نهاية يونيو 2019، لتدشين الخطة الأمريكية الصهيونية للسلام في الشرق الأوسط.. ففي 19 مايو الجاري، أعلن بيان بحريني أميركي مشترك، أن المنامة ستستضيف بالشراكة مع واشنطن، ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار" يومي 25 و26 من الشهر المقبل. وحاولت الإدارة الأميركية وحكومة البحرين تبرير انعقاد المؤتمر بادعاء أنه لا يشكل بديلا للحل السياسي للقضية الوطنية الفلسطينية.. وقالت صحيفة The New York Time إنَّه من غير المتوقع أن يحضر ترامب المؤتمر في البحرين، وتوقعت أن يرأس وزير الخزانة، ستيفن منوشين الوفد الأمريكي، وأشارت إلى أنه سيتم تمثيل الدول الأخرى المشاركة بالمؤتمر بوزراء المالية، وليس وزراء الخارجية، للتأكيد أكثر على الجانب الاقتصادي. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنَّ الفكرة التي تعمل عليها الولايات المتحدة هي تأمين الالتزامات المالية من دول الخليج الغنية، والمانحين في أوروبا وآسيا، وذلك لحثِّ الفلسطينيين وحلفائهم على تقديم تنازلات سياسية لحل النزاع. وكان البيت الأبيض قد أشار إلى أنه يسعى للحصول على عشرات المليارات من الدولارات، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً. وقالت الصحيفة إن دبلوماسيين ومشرِّعين أُخبروا بأن الهدف هو تأمين 68 مليار دولار للفلسطينيين ومصر والأردن ولبنان. وفي السياق ذاته، نقلت شبكة CNN الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله، إن الخطة تتضمن 4 عناصر، وهي: البنية التحتية، الصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، إضافة إلى الإصلاحات الحكومية، لإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في المنطقة. وذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، نقلا عن مصدر مطلع في البيت الأبيض، أن الإدارة الأميركية ستعلن لاحقا عن الخطوات الأولى في طريق الإعلان عن "صفقة القرن". ولكن الموقف الفلسطيني الرسمي والفصائلي والشعبي جاء رافضا له، خصوصا أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لم يتلقَّ أي منهما دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي يحاول بعضهم التقليل من خطورته، وتسميته بورشة عمل، ولم تتم استشارة القيادة الفلسطينية بشأنه. وهذا ما عبر عنه أكثر من مسؤول فلسطيني، سواء رئيس الحكومة محمد اشتية الذي أكد رفض القيادة الفلسطينية المؤتمر، وعدم مشاركتها فيه، وأنها لن تعترف بمخرجاته، كما أن وزير الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، أحمد المجدلاني، المقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اعتبر المشاركين في المؤتمر عملاء لإسرائيل. واعتبرت الفصائل، ومن ضمنها حركات "فتح، و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، و"الجبهة الشعبية"، و"الجبهة الديمقراطية"، أن مؤتمر المنامة يهدف لـ"إشغال المنطقة بالقضايا الاقتصادية والإنسانية، والفتن الطائفية، على حساب حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني". وأكّدت الفصائل على رفضها لعقد هذا المؤتمر، معتبرةً أن أي مشاركة عربية أو فلسطينية سواء كانت رسمية أو شخصية، ستكون بمثابة "الطعنة لقضية الشعب ونضاله من أجل الحرية والاستقلال الوطني". كذلك أعلن المجلس التنسيقي للقطاع الخاص الفلسطيني الثلاثاء الماضي، رفضه المشاركة في المؤتمر، بعد أن تلقى أعضاء الاتحادات المنضوية تحته دعوات شخصية للمشاركة في المؤتمر..معتبرين أن المؤتمر يمثل خطورة بالغة، لسعيه لإدماج إسرائيل اقتصاديا وسياسيا وأمنيا في المنطقة مع استمرار احتلالها وضمها اللا شرعي لأراض عربية وفلسطينية.. أهداف تسويقية وبحسب الدوائر الصهيو أمريكية، سيركز مؤتمر البحرين على الأرجح على الجوانب الاقتصادية لخطة السلام، ولكن سيكون لها جوانب سياسية أيضاً، كما ذكرت صحيفة اسرائيل هيوم، الاثنين الماضي.. ونقلت الصحيفة عن مصدر بالادارة الاسرائيلية أن المحور الرئيسي الذي تدور حوله الخطوات المتوقع تقديمها في المؤتمر، هو كسر دائرة إدامة الصراع، واستبدال المساعدات بالتنمية، والاعتماد على الاستدامة… مضيفا ان نية الإدارة الأمريكية والاسرائيلية هي اقتراح سلسلة من الخطوات التي تضع الفلسطينيين على طريق النموّ والازدهار، بحيث يكون هناك تغيير في حالة الفقر واعتماد الكثير من السكان على المساعدات، وسيقف السكان والسلطة نفسها على أرجل مستقلة!! وهو ما تراه الدوائر الفلسطينية تغليف للأهداف الصهيونية لانهاء القضية الفلسطينية على الصعيد السياسي، عبر خطة تسمين للفلسطينيين.. وهو ما ذهب إليه الكاتب محمد كريشان، بالقدس العربي، بقوله "تأمل الولايات المتحدة من إعلان القسم الاقتصادي لصفقة القرن لوحده أن يشكل ضغطا شعبيا على رئيس السلطة الفلسطينية وقيادتها للقبول بالقسم السياسي نظرا لسوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الفلسطينيون في الضفة والقطاع".. وتشء السياقات حول المؤتمر، أن ترامب يريد إستعمال الورقة الاقتصادية للضغط على الفلسطينيين، بل ومساومتهم وابتزازهم، لقبول ما لا يمكن قبوله مما يجعل الهدف من مؤتمر البحرين هو «تمرير صفقة القرن التي هي ليست حلا، وإنما هي محاولة لإضفاء شرعية أمريكية ودولية على استمرار الاحتلال، ومحاولة لفرض التطبيع بين العرب وإسرائيل»… تطبيع غير مسبوق ويتزامن الإعلان عن مؤتمر البحرين مع مساعي دول عربية، وخصوصا السعودية وحلفاءها، إلى إقامة علاقات مباشره مع إسرائيل، بحجة ما يسمّى "الخطر الإيراني". وقد ذكرت صحيفة غلوبس الإسرائيلية، قبل أيام، عن موافقة مجلس الشورى السعودي على السماح لفلسطينيي العام 1948 (يحملون الجنسية الإسرائيلية) بالعمل والإقامة في المملكة، بتسهيلات كثيرة، منها إمكانية الحصول على مواطنة، وذلك فيما مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، والذين عملوا سنوات طويلة في السعودية، لا يزالون بحاجة لتمديد أذونات العمل والكفيل سنويا في المملكة. كما أن قرار السماح لفلسطينيي الداخل بالعمل والإقامة في السعودية يتناقض مع خطة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، التخفيف من العمالة الخارجية، ودمج السعوديين، بمن فيهم النساء، في سوق العمل في المملكة. ومن الممكن فهم القرار السعودي المفاجئ بأنه يندرج في سياق السعي الحثيث لإقامة علاقات مباشرة مع إسرائيل، إذ لا يمكن تنفيذ المشروع إلا بفتح مكاتب تنسيق بين السعودية وإسرائيل، بحكم أن هؤلاء الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية، ويعتبرون مواطنين إسرائيليين. وقد تتطور الأمور لاحقا لتسيير رحلاتٍ جوية مباشره بين السعودية وإسرائيل. ويأتي إعلان السعودية والإمارات عن قرارهما المشاركة في المؤتمر ليتأكد أن اختيار البحرين كان قرارا سعوديا، كما هو أميركي، بسبب عدم قدرة البحرين على رفض ذلك، خصوصا في ظل التحالف البحريني السعودي، فاستضافة البحرين المؤتمر من دون علم ممثلي الشعب الفلسطيني، وموافقتهم ومشاركتهم، تعكس تساوقا بحرينيا مع "صفقة القرن"، إرضاء للأميركيين والإسرائيليين من جهة، وعدم إضاعة أية فرصة للقاءات مباشرة مع إسرائيل التي سيمثلها وزير المالية، موشي كحلون، إذ باتت هذه الأنظمة مقتنعة بأن من أهم مقومات بقائها حصولها على الرضا الأميركي والإسرائيلي. بل إن اعلان النظام في البحرين أن المؤتمر سيساهم في حل الأزمة المالية الفلسطينية يأتي في سياق الكذب والخداع الذي تسوقه الامارات والسعودية، إذ أن عقد المؤتمر من دون علم أصحاب القضية الفلسطينيين وموافقتهم يشكل تدخلا بحرينيا عبثيا سافرا، واعتداءً صارخا على الحقوق الفلسطينية. ورغم أنه لا يجري الحديث عن تعاون رسمي (بين السعودية وإسرائيل)، فإن المدخل لجعل ذلك رسميا ومسوقا بشكل جيد من خلال حل قضية فلسطين، ولو بخيانتهم وفتح سوق المزايدة على السعر الأعلى للبيع الذي يفتح الطريق لتعاون إسرائيلي سعودي، وثمة من هو مستعد في الرياض لدفع الثمن الباهظ…