ما بعد تغيير دستور الانقلاب

   ما بعد تغيير دستور الانقلاب   بقلم : حازم عبد الرحمن     ؤسط رفض شعبي, واستنكار حقوقي, جرت على مدى ثلاثة أيام جريمة تزوير إرادة الشعب المصري للموافقة على تغيير دستور الانقلاب فاقد الشرعية, وشاهد العالم بالصوت والصورة مهزلة ذهاب المواطنين للاستفتاء المزعوم, وتقديم رشاوى عينية ومادية, تعكس حالة الفقر والعوز التي أوصل الانقلابيون الشعب إليها, كما أظهرت المهزلة الغياب الحقيقي لأي مؤسسات منتخبة أو مستقلة في مصر.   ورغم الزفة الإعلامية من أذرع الانقلاب, فقد ترسخت الصورة السلبية التي سعى العسكر من خلالها لتمرير تغييرات دستورهم الباطل, فإن هناك عددا من النتائج والآثار ترتبت إثر ذلك بالنسبة  للشعب ومؤسسات الدولة وثوار يناير ونظام الانقلاب ومن أهمها :     أولا : بالنسبة للشعب:   ـ تأكد الرفض الشعبي لنظام الانقلاب وما يجريه من انتخابات واستفتاءات, فأي مقارنة بين مهازل الانقلاب والانتخابات والاستفتاءات النزيهة عقب ثورة 25 يناير تظهر إلى أي مدى يرفض المصريون حكم العسكر.   ـ ظهور الفقراء وهم يبحثون عن "كرتونة الزيت والأرز والمكرونة" إعلان رسمي لشيوع الفقر وإدانة واضحة لحكم العسكر, ووصمة عار في جبينهم.   ـ إلغاء أي رقابة شعبية على الحكم العسكري الذي تنازل عن مياه نهر النيل لإثيوبيا والغاز المصري للصهاينة, وجزيرتي تيران وصنافير للسعودية..إلخ, ما يلغي إرادة الشعب وأنه مصدر السلطات, وأنه يحكم نفسه بنفسه.   ـ المزيد من القمع لأصحاب الرأي والخراب على الصعد كافة, دون محاسبة أو إبداء أي معارضة.   ـ إضفاء الحماية (المؤقتة) على حكم العسكر والاستبداد والقمع بدعوى أن كل ما يرتكبه نظام الانقلاب من انتهاكات وقمع بحق الشعب يتفق مع الدستور.   ثانيا: بالنسبة لمؤسسات الدولة :   ـ تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات في يد العسكر للترويج لرغباتهم, ما أسقط هيبة المؤسسات واحترامها.   ـ إهانة الرموز الدينية وإظهارها في شكل مزر, للقيام بالدعاية لأعمال قائد الانقلاب وزمرته من العسكر, سواء في ذلك علماء الأزهر أو رجال الكنيسة.   ـ القضاء نهائيا على استقلال مؤسسة العدالة, خاصة ما يتعلق بتعيين المناصب العليا, مثل النائب العام ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة.   ـ سقوط المؤسسة التشريعية في قبضة العسكر واستخدامها في شرعنة الاستبداد, بينما وظيفتها في الأصل أن تقوم بالتشريع والرقابة.   ثالثا: بالنسبة للصف الثوري:   ـ اقتراب جديد بين كل القوى المؤيدة لثورة 25 يناير, ما يمهد لوحدة الصف الثوري ضد حكم العسكر.   ـ إظهار مدى التأييد الشعبي لثورة يناير ومكاسبها ورفض الانقلاب عليها, ما يؤكد قوة ظهير الثورة واستجابته لندائها عندما يحين الوقت.   ـ اعتراف غالبية مؤيدي الانقلاب بخطئهم في تأييد حكم العسكر ضد الحكم الشرعي المدني المنتخب, وإن لم يعلنوا ذلك صراحة.   ـ تأكيد أن ما يجمع ثوار يناير أكثر مما يفرقهم, ما يستلزم مزيدا من التقارب, وهو ما يخشاه الانقلاب وعصابته.    ـ اكتساب ورقة جديدة ضد عصابة العسكر لفضحهم دوليا, ودعوة العالم إلى عدم الاعتراف بشرعية لهم, ما يعطي دفعة للتحرك الدولي ضد الانقلاب.    رابعا: بالنسبة للانقلاب:   ـ فضيحة لاستبداد العسكر أمام العالم حيث جرى التمديد لقائد الانقلاب ليبقى حتى سنة  2030 بتزوير إرادة الشعب, وهو ما يرسخ صورته كديكتاتور .     ـ فشل الأذرع الإعلامية للانقلاب وارتباكها في تغطية الاستفتاء المزعوم, فهي تنكر توزيع "كراتين الزيت والسكر" مرة, ثم تعود لتبرره مرة أخرى, وتشارك في تزييف الصورة, بينما الحقيقة واضحة بالعزوف عن الاستفتاء, وهو ما سبقت فيه وسائل التواصل الاجتماعي وإعلام الثورة بالخارج.   ـ زيادة الاحتقان الشعبي بسبب إشاعة الخوف والرعب وإجبار أصحاب الأعمال على التبرع المالي, وعمل لافتات التأييد, وجلب العاملين لديهم إلى مقار الاستفتاء, وقيام شرطة الانقلاب بحشد المواطنين عنوة أمام لجان الاستفتاء للتصوير وأخذ اللقطة, مما يعطلهم عن أعمالهم.   ـ انكشاف ألاعيب الانقلاب وأدواته القديمة المعروفة للتغطية على المقاطعة الشعبية للاستفتاء المزعوم بحشد المأجورين من عملاء الأجهزة الأمنية للرقص أمام اللجان, وقد بات ذلك مثيرا للسخرية, وكاشفا عن إفلاس العسكر.   ومما بات يدركه الجميع أن تغييرات دستور الانقلاب تمارس جريمة إقصاء غير مسبوقة بحق الشعب المصري, ما يجعله أسيرا في قبضة حكم العسكر, حتى يأتي اليوم الذي يثور فيه الشعب وينتزع حقوقه , وساعتها لن ينخدع في العسكر مرة أخرى, بل إنه سيقدمهم إلى المحاكمة ليقتص منهم على جرائمهم بحقه وحق الوطن .

تابع القراءة

التعديلات الدستورية..الانقلاب الثاني نحو هندسة السلطوية العسكرية بمصر

التعديلات الدستورية..الانقلاب الثاني نحو هندسة السلطوية العسكرية بمصر    مع انطلاق ماراثون التعديلات الدستورية في مصر والتي اقرها البرلمان بأغلبية 531 نائباً، مقابل رفض 22 نائباً، وامتناع نائبة واحدة عن التصويت، بإجمالي حضور بلغ 554 نائباً، من مجموع أعضاء البرلمان البالغ 595 نائباً ، تدخل البلاد في منعطف خطير من الديكتاتورية والتسلط وحكم الفرد العسكري، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء المضونة مستقبلا، بفعل التزوير الذي لا حاجة للنظام إليه، رغم الرفض الشعبي المتزايد، وغير المعبر عنه بصناديق الاقتراع التي بين يدي العسكر وبلا رقابة من منظمات او فعاليات سياسية مستقلة أو معارضة، اذ ان المعارضين لا مكان لهم بمصر الا بالمعتقلات أو بالمنفى…. حيث يواجه رموز تيار 25_30 المناوئين للسيسي ونظامه بسلسلة من البلاغات القانونية التي تحاصرهم، وكن اخرهم النائب أحمد طنطاوي الذي عبر عن عدم قبوله لشخص السيسي، وهو ما قابله رئيس البرلمان الذي من المفترض أن يحترم حرية رأي نوابه ويحميهم من اي تعد، فقام بحذف كلام النائب من المضبطة، يوم الثلاثاء الماضي، ثم انطلقت البلاغات القانونية ضد النائب من قبل محامين محسوبين على النظام، بدعوى الاساءة لشخص السيسي… وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات ، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، الأربعاء، موعد إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في خارج مصر وفي داخلها وذلك بواقع 3 أيام متتالية. حيث حددت أيام الجمعة والسبت والأحد ، في 19 و20 و21 إبريل الجاري، موعدا لإجراء الاستفتاء في الخارج. كما حددت الهيئة الوطنية للانتخابات أيام السبت والأحد والاثنين ، في 20 و21 و22 إبريل الجاري، موعدا لإجراء الاستفتاء في داخل مصر. كما أعلنت الهيئة أن المصريين الوافدين بالمحافظات  يحق لهم التصويت في كافة اللجان بربوع مصر ، وسط مناشدات اعلامية وسياسية مكثفة لعموم الشعب للمشاركة في الاستفتاء…   وتشمل تعديلات الدستور بمصر، 13 مادة مُعدلة و9 مواد مُستحدثة، وبخلاف مدة بقاء السيسي، نصت الترقيعات اللا دستورية 10 بنود اخرى: استحداث مادة تجيز لرئيس البلاد أن يعين نائبًا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم وأن يقبل استقالاتهم،  تعديل مادة تولي للجيش مهمة الحفاظ على مدنية الدولة ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، وحظر إنشاء أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية.   واستحداث مادة تحدد مهام رئيس مؤقت للبلاد حال وجود مانع يحول دون مباشرة الرئيس لسلطاته، إذ يحل نائب رئيس البلاد أو رئيس الوزراء عند عدم وجود نائب الرئيس، وحظرت مادة الرئيس المؤقت جواز قيامه بطلب تعديل الدستور أو حل مجلس النواب أو إقالة الحكومة، أو الترشح لهذا المنصب، واستحداث مادة بتشكيل مجلس الشيوخ (لا يقل عن 180 عضوا)، على أن ينتخب ثلثاه بالاقتراع ويعين رئيس البلاد الثلث الباقي، وتعيين رئيس البلاد لرؤساء الهيئات القضائية والنائب العام من بين ترشيحات مجالسها، لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغهم سن التقاعد (70 عاما) ولمرة واحدة طوال مدة العمل.   والسماح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في حال القيام بجرائم اعتداء على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو مناطق عسكرية، وتعيين رئيس البلاد لوزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتخصيص نسبة 25% من المجالس النيابية (النواب والشيوخ) للمرأة. وايضا رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء الحكومة غير قابلين للمساءلة أمام مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) للبلاد…   قمع المعارضين وفي مقابل ذلك، واجه نظام السيسي انتقادات واسعة من جماعات حقوق الإنسان جراء قمع الخصوم السياسيين. فيما دشنت المعارضة حملة “باطل”، مطالبين بمشاركة المصريين في الاستفتاء على الدستور بقول “لا”، داعيين لذلك في حملتهم “عايزين نقول كلنا في صوت واحد “لا” للتعديلات الدستورية”. إلا أن الجهات الأمنية قامت بحجب موقع الحملة لثماني مرات، وتلى ذلك حجب نحو 34 ألف نافذة أخرى، وأعلن 11 حزبا سياسيا، أغلبها يساري وليبرالي، وشخصيات عامة وبرلمانية، تشكيل تحالف للدفاع عن الدستور.     دعاية الخوف بينما عم حملات الدعاية للاستفتاء على الدستور  الخوف، حيث تضمنت خطابًا يستخدم التخويف من المستقبل، كعصا سحرية للإخضاع؛ تخويفٌ من الفوضى، ومن الإرهاب، والانفلات الأمني، ومن كل ما يمكن أن يخافه المواطن المصري. واستخدام النظام عصا التخويف، بدلًا من الإشارة لـ"الإنجازات" واستخدامها كمحفز لتمرير ما يشاء! ومن ذلك ما قاله رئيس البرلمان علي عبد العال، بعد اقرار التعديلات والموافقة عليها بمجلس النواب بقوله: "أعود لأؤكد أن البلاد مرت بفترة عصيبة كانت وليدة تحديات جسيمة، انتفض فيها الشعب ضد محاولات تغيير هويته، واليوم فإننا على ثقة تامة بوعي المواطنين الذي سيحدد مستقبل البلاد، ويقودها نحو الأفضل".   وبحسب نظريات ادارة المجتمعات البشرية، فقد أدرك "المتسلطون"  منذ أمد بعيد قوة الخوف، كوسيلة ناجعة في كثير من الأحيان، في السيطرة على الجموع، حتى وإن كان الخوف متخيلًا، أو لا صلة له بواقع يصنع تهديدًا. وكتب الفيلسوف الأيرلندي في القرن الـ18، إدموند بيرك، إنه "لا يوجد شعور يسلب المرء فعليًا كل سلطاته في التفكير والتصرف كالخوف". وأدركت الطبقات الحاكمة لآلاف السنين قوة الاستثمار في الخوف عند رعاياها كوسيلة للتحكم الاجتماعي. ولاحظ هنري فرانكفورت، عالم المصريات الألماني، في كتابه "المغامرة الفكرية للإنسان القديم"، أنه في الفترة ما بين عامي 1800 و1600 قبل الميلاد، انتشر "ذهان الخوف" في مصر القديمة، وذلك بسبب الغزو الأجنبي. في البداية كان هذا الذهان حقيقيًا بسبب التهديدات المحتملة في كل وقت، لكن حتى بعد جلاء الغزاة، سعت السلطة لأن يبقى الخوف بين السكان وإن بشكل مصطنع، مدركةً أن السيطرة أسهل على مجموعة من الخائفين.   مخاطر التعديلات     التلاعب بالدستور لتأبيد حكم السيسي   وفي النقاشات التي شهدها البرلمان، وخلال جلسات الحوار المجتمعي، الشكلي، بالبرلمان، قال علي عبد العال،  رئيس مجلس النواب : "إن التعديلات الدستورية المقترحة لن تكون الأخيرة، وسيجري العمل على وضع دستور جديد كليا للبلاد خلال 10 سنوات".. وهو ما يعني أن التعديلات ستكون خلال سنوات حكم السيسي ، ما يهدد بطرح سيناريو آخر كانت تعده الأجهزة الاستخبارية، قبل طرح التعديلات الأخيرة، والمتعلق بانشاء مجلس صيانة الدولة، وألذي سيظل على رئاسته السيسي ايضا، الذي من الممكن أيضا في اطار الدستور الجديد، أن يصبح رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاياته المتعددة عضوا بمجلس الشيوخ مدى الحياة، وذلك تجنيبا له من المسائلة القانونية على أفعاله… وتمدد التعديلات الحالية، لبقاء السيسي في الحكم، بالمخالفة لنصوص حاكمة وقاطعة في الدستور، وأجرى البرلمان التعديلات ليمكن لـ”السيسي” البقاء عامين إضافيين لفترته الحالية انطلاقا من قاعدة غير منطبقة يرددونها "الأثر الفوري والمباشر"، ثم يحق له الترشح لست سنوات إضافية، ليكن موعد رحيله المفترض هو 2030، متنازلا عن أربع سنوات من الحكم، كانت تتيحها الصيغة السابقة للتعديلات.  وكان التعديل المطروح والمتوافق عليه، وفق ما نشر في الإعلام المصري، يتيح للسيسي الترشح لفترتين إضافيتين مدة كل…

تابع القراءة

مستقبل الثورة السودانية …بين السيسي وسوار الذهب

  مستقبل الثورة السودانية …بين السيسي وسوار الذهب   على ما يبدو الشعوب العربية الطامحة للحرية، قد وعت الدرس من التجربة المصرية، في ثورتها التى اعتلاها الجيش لتسيير الامور لصالحه على حساب الجميع، فمن الجزائر الثائرة للأسبوع الثامن رغم اعلان استقالة بوتفليقة، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية عقب شهرين، إلى السودان الذي ما زال شعبه بالميادين متمسكا برحيل كامل للنظام العسكري، معلنا عدم ثقته في اي جنرال عسكري، مسقطا فكرة تحكم المجلس العسكري الانتقالي بمصير الثورة السودانية لمدة عامين…. فبحسب "فرانس برس" أعلنت المعارضة السودانية، مساء السبت 13 ابريل، رفضها أول بيان للرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، مشددة على استمرار الاعتصامات والعصيان المدني حتى تحقيق سبعة مطالب. وفي خطاب ظهر السبت، ألغى البرهان حظر التجوال، وأنهى مهام ولاة الولايات، داعيًا القوى السياسية والأحزاب إلى الحوار. وبعد ساعات، التقى وفد من المعارضة بالمجلس لأول مرة وسلمه قائمة مطالب. وفي وقت متأخر مساء السبت، قالت قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان نشره تجمع المهنيين السودانيين في صفحته بـ"فيسبوك"، إن "بيان الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي لم يحقق أياً من مطالب الشعب". وأضافت: "ثورتنا لن تنتهي بمجرد استبدال واجهات النظام وأقنعته الخادعة؛ فالخطوة الأولى في إسقاط النظام تتأتى بتسليم السلطة فوراً، ودون شروط، لحكومة انتقالية مدنية تدير المرحلة الانتقالية لفترة 4 سنوات". وشددت قوى إعلان الحرية والتغيير على أنه "لا تراجع عن مطالب الثورة، ولا مجال للقبول بالوعود دون الأفعال".   وتابعت في البيان نفسه: "فاعتصاماتنا بالعاصمة القومية، أمام القيادة العامة لقوات شعبنا المسلحة وقبالة مقار حامياتها ووحداتها في أقاليم السودان، قائمة ولن تنفض، وإضرابنا وعصياننا المدني مستمر" حتى تحقيق المطالب. وجددت المعارضة السودانية التأكيد على تمسكها بسبعة مطالب، وأول هذه المطالب "اعتقال والتحفظ على كل قيادات جهاز الأمن والاستخبارات سيئ السمعة، التي تجبرت وأعطت الأوامر على مدى ثلاثين سنة وهي قيادات معروفة بارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني، على أن يتم تقديمهم لمحاكمات عادلة وفقاً للدستور".   وطالبت أيضا بـ"إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات"، و"حل مليشيات النظام من كتائب ظل ودفاع شعبي وشرطة شعبية وغيرها".   كذلك تشمل قائمة المطالب "التحفظ والاعتقال الفوري لكل القيادات الفاسدة في الأجهزة والقوات النظامية وغيرها من المليشيات والمعروفة بارتكاب جرائم ضد المواطنين في مناطق النزاع المسلح في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وغيرها من أصقاع الوطن، وتقديمهم لاحقاً لمحاكمات عادلة وفقاً للمبادئ الدستورية وإجراءات المحاكمة العادلة المرضية للمظلومين"، وفق للبيان.   كذلك شددت على ضرورة "حل كافة أجهزة ومؤسسات النظام والاعتقال الفوري والتحفظ على كل قياداته الضالعة في جرائم القتل والفساد المالي على أن تتم محاكماتهم لاحقاً وفقاً للدستور وإجراءات العدالة والمحاسبة". كما تتمسك المعارضة أيضا بـ"إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والعسكريين فورا، بمن فيهم الضباط الذين انحازوا للثورة"، إضافة إلى "الإعلان الفوري عن رفع كل القوانين المقيدة للحريات والتي تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ووثيقة الحقوق في الدستور السوداني. بما في ذلك حل الأجهزة والمؤسسات المسؤولة عن ذلك". وفد جاءت مطالب الحراك الثوري السوداني عقب خطاب عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري السوداني ، الذي وعد بإلغاء حالة حظر التجول الأخيرة وإطلاق سراح المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة والاهتمام بحقوق الإنسان، وأيضا  تشكيل مجلس عسكري وتشكيل حكومة مدنية بالتشاور مع الأحزاب السودانية، مع نفس الطرح السابق بتحديد فترة انتقالية مدتها عامان ومحاسبة كل من يثبت تورطه في سفك الدماء، متعهدا بأن يكون  واجب المجلس العسكري منحصرا على توفير حفظ الأمن وإزالة كل القيود التي تعيق العمل الحر، طالبا من الشعب المساعدة على العودة للحياة الطبيعية….وهو مسار بحسب محللين محليين اعادة انتاج لسيناريو مصر من جديد، وهو ما وصفه الكاتب الفلسطيني بالقدس العربي،وائل عصام، "في ثورة السودان إما النصر أو مصر" وهو شعار تداوله الحراك الثوري بالسودان، رادين به على مطالب وطروحات العسكر السودانيين الناعمة، نحو امتصاص الغضب الجماهيري، باعادة تقديم النموذج المصري مجددا بالسودان.. ولعل ما ثبت في يقين السودانيين أن فرض حكم عسكري لعامين من دون الإعلان عن انتخابات ديمقراطية، هو بداية عرجاء، كبطة السناتور الأمريكي جون ماكين "خلال زيارته لمصر ووصفه ما جرى في 3 يوليو 2013 بالانقلاب العسكري".. وهو ما يصر على رفضه السودانيون، بعدما أجبروا وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم واحد فقط له في المنصب ، وكان بن عوف نائبا للبشير وهو من بين بضعة قادة سودانيين فرضت واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في فظائع ارتُكبت خلال الصراع في دارفور عام 2003. وأكد بيان المهنيين السودانيين الذي يقود التظاهرات، يوم السبت، “اليوم نواصل المشوار لاستكمال النصر لثورتنا الظافرة.” “نؤكد أن ثورتنا مستمرة ولن تتراجع أو تحيد عن طريقها الماضي للتحقيق الكامل وغير المنقوص لمطالب شعبنا المشروعة والجلية، بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية”. وقال المجلس العسكري في وقت سابق، إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى. وقال الفريق أول ركن عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري إن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية. واستهدف الإعلان على ما يبدو طمأنة المتظاهرين الذين يضغطون منذ شهور، للمطالبة برحيل البشير ويحتجون على الحكم العسكري بعد الإطاحة به يوم الخميس الماضي داعين إلى تغيير أسرع وأكبر. وانتزع البشير (75 عاما) نفسه السلطة في انقلاب عسكري عام 1989. وواجه مظاهرات بدأت قبل 16 أسبوعا وأشعل فتيلها ارتفاع أسعار الغذاء ومعدل البطالة وزيادة القمع خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود. سلاح الفوضى ولعل الفوضى التي يستخدمها عسكريو السودان كفزاعة ، بدأت عملها ليل الجمعة الماضية، حيث  ذكر متحدث باسم الشرطة في بيان صدر في الساعات الأولى من صباح السبت أن ما لا يقل عن 16 شخصا قتلوا كما أصيب 20 آخرون يومي الخميس والجمعة “بأعيرة نارية طائشة في الاعتصامات والتجمهرات”. وأضاف المتحدث هشام علي أن مباني حكومية وخاصة تعرضت لهجمات أيضا. وهو ما يؤشر لاستخدام الفوضى في فرض مزيد من الاجراءات القمعية، في المستقبل ، وهو ما كان يحدث في مصر، عندما يقترب تاواعد الدستورية والاستحقاقات السياسية..   عوامل حسم خارجية ومع تفاعلات المسار السوداني، تبدو العديد من التجليات المتعلقة بالعوامل الخارجية ومواقف بعض القوى المؤثرة في المشهد العربي في الفترة الأخيرة، من اهمها: الموقف الأمريكي ولعل من عوامل الحسم في السودان، ما يرتبط إلى حد كبير بالموقف الأمريكي، الذي اعلن انحيازه للشعب السوداني، في بداية الأمر، ثم تطور لاحقا بالمطالبة بضبط النفس، والابتعاد عن سيناريو الفوضى   والأحد، التقى نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان الفريق أول محمد حمدان "حميدتي" بالقصر الجمهوري بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم ستيفن كوتسيس.   ووفقا لتعميم…

تابع القراءة

المشهد السوداني بعد البشير

المشهد السوداني بعد البشير بقلم: حازم عبد الرحمن              بعد دخول الاحتجاجات شهرها الرابع, لم يكن مفاجئا أن يعلن وزير الدفاع السوداني (المستقيل) عوض بن عوف عزل الرئيس عمر البشير بعد ثلاثين عاما في السلطة, لم تتحسن فيها أحوال البلد, الغني بموارده الطبيعية, الفقير في إدارة حكمه منذ الاستقلال وحتى الآن.          وقد كانت التسريبات والتوقعات تؤكد قرب خروج البشير من السلطة وقبوله نصيحة قيادة الجيش بضرورة التنحي تلافيا لما هو أسوأ بعد استمرار الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في 19 ديسمبر الماضي.         ومهما يكن, فإنه لا يمكن تجاهل أن البشير جاء إلى السلطة عام 1989م بانقلاب عسكري على حكومة شرعية, ورغم انتمائه إلى الجبهة الإسلامية بقيادة الدكتور حسن الترابي, فإن ذلك لم يمنعه من الانقلاب عليها أيضا لينفرد بالحكم ويؤسس حزب المؤتمر الوطني, ويبقى في السلطة حتى 11إبريل 2019.       وطوال الثلاثين عاما الماضية ظل السودان يعاني من الفقر والحرب, وفقد جزءا غاليا من ترابه الوطني لتنشأ دولة جنوب السودان, وتشكل بعلاقاتها الخارجية خطرا على الأمن القومي العربي, وتواصل جماعات مسلحة تهديد الأمن والاستقرار دون التوصل إلى حلول تنهي الأزمة مما يعطي الشعب الحق في مساءلة القيادة التي تربعت على السلطة ثلاثين عاما ولم تنجز ما وعدت به من أمن ورخاء.        ومن الإنصاف الإقرار بوجود مؤامرة كبرى لتمزيق السودان, وفير الثروة, متميز الموقع, لكن من الإنصاف أيضا محاسبة المسئول عن الفشل في مواجهة المؤامرة وهو البشير وحزبه.           وقد جاء حراك الشارع لتحقيق مطلب شعبي برحيل نظام فشل في حكم البلاد بعد ثلاثين عاما في السلطة ليعيد التذكير بأن الربيع العربي قادم من جديد خاصة مع تزامنه القدري مع حراك الجزائر الناجح حتى الآن.        ورغم خروج البشير من السلطة وإجبار خلفه عوض بن عوف على اللحاق به وتشكيل مجلس عسكري جديد, فإنه من المهم التأكيد على أن هناك مخاطر تهدد المشهد السوداني بمصير ثورة 25 يناير في مصر ومآلاتها المؤلمة ومنها:    ـ محاولات المجلس العسكري تكرار تجربة نظيره المصري في التجاوب المؤقت مع مطالب الثوار, والتحاور معهم وإثارة نقاط الخلاف أكثر من الاتفاق والتفاهم , والسعي لفض الاعتصام, وإطالة أمد الفترة الانتقالية, حتى ينصرف الناس, ويفرغ منهم الميدان, ويخسروا ورقة الضغط على الجنرالات, فالمطلوب من قادة الحراك الثوري والنخب السياسية تحقيق توافق على برنامج سياسي يكون كفيلا بقيادة مرحلة انتقالية تؤسس لحكم ديمقراطي سليم.   ـ التدخل الخارجي المتمثل في محور الثورة المضادة بقيادة محمد بن زايد في الإمارات ومحمد بن سلمان في السعودية وعبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب في مصر, وقد تنبه حراك الجزائر مبكرا إلى خطورة تدخل هؤلاء, ورفع لافتات ترفضهم جميعا وترفض أي تدخل خارجي آخر, كما تنبه السودانيون أيضا لذلك, لكن استمرار الحذر يظل مطلوبا كلما مرت الأيام.    ـ مساعي الانتهازيين نحو عقد صفقات مشبوهة مع العسكر مثل مطالبة بعض قادة الاعتصام من ائتلاف الحرية والتغيير في السودان بتولي السلطة في حماية العسكر مع تمديد الفترة الانتقالية إلى أربع سنوات, وهو ما يعيد إلى الأذهان مطالب جبهة الإنقاذ التي أدت إلى انقلاب عسكري في مصر انتقم من كل من شارك في الثورة بعد ذلك.     ـ الخطاب الإيديولوجي الذي يمزق وحدة الحراك الثوري بزعم إنهاء حكم الإسلاميين, فالذي كان يحكم طوال الثلاثين عاما كان العسكر, وأن ثورة الشعب كانت ضد الفشل في الحكم, ولم تكن ضد الأحزاب أو الجماعات الإسلامية.    ـ دعوات الإقصاء والانتقام التي تجعل مكاسب التغيير في السودان تتراجع, أو تتحول إلى خسائر, فأي دعوة من هذا النوع ستكون وبالا على التحول الديمقراطي في السودان, وسيستغلها العسكر لتفريغ التغيير من مضمونه الحقيقي.     ـ غياب الشفافية فيما يخص علاقات المجلس العسكري الانتقالي بالخارج, خاصة زيارات وفود الثورة المضادة التي تمثلت في وفد سعودي إماراتي مشترك, وبعده وفد آخر يمثل قائد الانقلاب في مصر, الذي لن يخرج عن قيادات أمنية بأجهزة المخابرات العامة والحربية والأمن الوطني، لتقديم خبراتهم في الإجهاز على ثورة الشعب السوداني، التي حققت نجاحات لكنها تمر بأصعب مراحلها كذلك، وهي محاولة الالتفاف عليها لتكرار التجربة المصرية في المشهد السوداني, الأمر الذي قد يحمل خطرا داهما على حلم التحول الديمقراطي. هذه بعض المخاطر التي يجب تحصين السودان منها وهو في سبيله إلى التحول الديمقراطي.

تابع القراءة

مسقبل الثورة السودانية … بين السيسي وسوار الذهب

مستقبل الثورة السودانية …بين السيسي وسوار الذهب كتب : محمد الدمرداش      على ما يبدو الشعوب العربية الطامحة للحرية، قد وعت الدرس من التجربة المصرية، في ثورتها التى اعتلاها الجيش لتسيير الامور لصالحه على      حساب الجميع، فمن الجزائر الثائرة للأسبوع الثامن رغم اعلان استقالة بوتفليقة، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية عقب شهرين، إلى السودان الذي ما زال شعبه بالميادين متمسكا برحيل كامل للنظام العسكري، معلنا عدم ثقته في اي جنرال عسكري، مسقطا فكرة تحكم المجلس العسكري الانتقالي بمصير الثورة السودانية لمدة عامين…. فبحسب "فرانس برس" أعلنت المعارضة السودانية، مساء السبت 13 ابريل، رفضها أول بيان للرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، مشددة على استمرار الاعتصامات والعصيان المدني حتى تحقيق سبعة مطالب. وفي خطاب ظهر السبت، ألغى البرهان حظر التجوال، وأنهى مهام ولاة الولايات، داعيًا القوى السياسية والأحزاب إلى الحوار. وبعد ساعات، التقى وفد من المعارضة بالمجلس لأول مرة وسلمه قائمة مطالب. وفي وقت متأخر مساء السبت، قالت قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان نشره تجمع المهنيين السودانيين في صفحته بـ"فيسبوك"، إن "بيان الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي لم يحقق أياً من مطالب الشعب". وأضافت: "ثورتنا لن تنتهي بمجرد استبدال واجهات النظام وأقنعته الخادعة؛ فالخطوة الأولى في إسقاط النظام تتأتى بتسليم السلطة فوراً، ودون شروط، لحكومة انتقالية مدنية تدير المرحلة الانتقالية لفترة 4 سنوات". وشددت قوى إعلان الحرية والتغيير على أنه "لا تراجع عن مطالب الثورة، ولا مجال للقبول بالوعود دون الأفعال". وتابعت في البيان نفسه: "فاعتصاماتنا بالعاصمة القومية، أمام القيادة العامة لقوات شعبنا المسلحة وقبالة مقار حامياتها ووحداتها في أقاليم السودان، قائمة ولن تنفض، وإضرابنا وعصياننا المدني مستمر" حتى تحقيق المطالب. وجددت المعارضة السودانية التأكيد على تمسكها بسبعة مطالب، وأول هذه المطالب "اعتقال والتحفظ على كل قيادات جهاز الأمن والاستخبارات سيئ السمعة، التي تجبرت وأعطت الأوامر على مدى ثلاثين سنة وهي قيادات معروفة بارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني، على أن يتم تقديمهم لمحاكمات عادلة وفقاً للدستور". وطالبت أيضا بـ"إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات"، و"حل مليشيات النظام من كتائب ظل ودفاع شعبي وشرطة شعبية وغيرها". كذلك تشمل قائمة المطالب "التحفظ والاعتقال الفوري لكل القيادات الفاسدة في الأجهزة والقوات النظامية وغيرها من المليشيات والمعروفة بارتكاب جرائم ضد المواطنين في مناطق النزاع المسلح في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وغيرها من أصقاع الوطن، وتقديمهم لاحقاً لمحاكمات عادلة وفقاً للمبادئ الدستورية وإجراءات المحاكمة العادلة المرضية للمظلومين"، وفق للبيان. كذلك شددت على ضرورة "حل كافة أجهزة ومؤسسات النظام والاعتقال الفوري والتحفظ على كل قياداته الضالعة في جرائم القتل والفساد المالي على أن تتم محاكماتهم لاحقاً وفقاً للدستور وإجراءات العدالة والمحاسبة". كما تتمسك المعارضة أيضا بـ"إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والعسكريين فورا، بمن فيهم الضباط الذين انحازوا للثورة"، إضافة إلى "الإعلان الفوري عن رفع كل القوانين المقيدة للحريات والتي تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ووثيقة الحقوق في الدستور السوداني. بما في ذلك حل الأجهزة والمؤسسات المسؤولة عن ذلك". وفد جاءت مطالب الحراك الثوري السوداني عقب خطاب عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري السوداني ، الذي وعد بإلغاء حالة حظر التجول الأخيرة وإطلاق سراح المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة والاهتمام بحقوق الإنسان، وأيضا تشكيل مجلس عسكري وتشكيل حكومة مدنية بالتشاور مع الأحزاب السودانية، مع نفس الطرح السابق بتحديد فترة انتقالية مدتها عامان ومحاسبة كل من يثبت تورطه في سفك الدماء، متعهدا بأن يكون واجب المجلس العسكري منحصرا على توفير حفظ الأمن وإزالة كل القيود التي تعيق العمل الحر، طالبا من الشعب المساعدة على العودة للحياة الطبيعية….وهو مسار بحسب محللين محليين اعادة انتاج لسيناريو مصر من جديد، وهو ما وصفه الكاتب الفلسطيني بالقدس العربي،وائل عصام، "في ثورة السودان إما النصر أو مصر" وهو شعار تداوله الحراك الثوري بالسودان، رادين به على مطالب وطروحات العسكر السودانيين الناعمة، نحو امتصاص الغضب الجماهيري، باعادة تقديم النموذج المصري مجددا بالسودان.. ولعل ما ثبت في يقين السودانيين أن فرض حكم عسكري لعامين من دون الإعلان عن انتخابات ديمقراطية، هو بداية عرجاء، كبطة السناتور الأمريكي جون ماكين "خلال زيارته لمصر ووصفه ما جرى في 3 يوليو 2013 بالانقلاب العسكري".. وهو ما يصر على رفضه السودانيون، بعدما أجبروا وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم واحد فقط له في المنصب ، وكان بن عوف نائبا للبشير وهو من بين بضعة قادة سودانيين فرضت واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في فظائع ارتُكبت خلال الصراع في دارفور عام 2003. وأكد بيان المهنيين السودانيين الذي يقود التظاهرات، يوم السبت، “اليوم نواصل المشوار لاستكمال النصر لثورتنا الظافرة.” “نؤكد أن ثورتنا مستمرة ولن تتراجع أو تحيد عن طريقها الماضي للتحقيق الكامل وغير المنقوص لمطالب شعبنا المشروعة والجلية، بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية”. وقال المجلس العسكري في وقت سابق، إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى. وقال الفريق أول ركن عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري إن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية. واستهدف الإعلان على ما يبدو طمأنة المتظاهرين الذين يضغطون منذ شهور، للمطالبة برحيل البشير ويحتجون على الحكم العسكري بعد الإطاحة به يوم الخميس الماضي داعين إلى تغيير أسرع وأكبر. وانتزع البشير (75 عاما) نفسه السلطة في انقلاب عسكري عام 1989. وواجه مظاهرات بدأت قبل 16 أسبوعا وأشعل فتيلها ارتفاع أسعار الغذاء ومعدل البطالة وزيادة القمع خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود. سلاح الفوضى ولعل الفوضى التي يستخدمها عسكريو السودان كفزاعة ، بدأت عملها ليل الجمعة الماضية، حيث ذكر متحدث باسم الشرطة في بيان صدر في الساعات الأولى من صباح السبت أن ما لا يقل عن 16 شخصا قتلوا كما أصيب 20 آخرون يومي الخميس والجمعة “بأعيرة نارية طائشة في الاعتصامات والتجمهرات”. وأضاف المتحدث هشام علي أن مباني حكومية وخاصة تعرضت لهجمات أيضا. وهو ما يؤشر لاستخدام الفوضى في فرض مزيد من الاجراءات القمعية، في المستقبل ، وهو ما كان يحدث في مصر، عندما يقترب تاواعد الدستورية والاستحقاقات السياسية.. عوامل حسم خارجية ومع تفاعلات المسار السوداني، تبدو العديد من التجليات المتعلقة بالعوامل الخارجية ومواقف بعض القوى المؤثرة في المشهد العربي في الفترة الأخيرة، من اهمها: الموقف الأمريكي ولعل من عوامل الحسم في السودان، ما يرتبط إلى حد كبير بالموقف الأمريكي، الذي اعلن انحيازه للشعب السوداني، في بداية الأمر، ثم تطور لاحقا بالمطالبة بضبط النفس، والابتعاد عن سيناريو الفوضى والأحد، التقى نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان الفريق أول محمد حمدان "حميدتي" بالقصر الجمهوري بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم ستيفن كوتسيس. ووفقا لتعميم صادر عن إدارة الإعلام…

تابع القراءة

متى تتوقف جرائم حفتر فى لبيا؟!

متى تتوقف جرائم حفتر في ليبيا؟ بقلم: حازم عبد الرحمن      ما جرى في ليبيا مؤخرا من محاولات ميليشيات الجنرال المنشق خليفة حفتر احتلال العاصمة طرابلس, مقر الحكومة المعترف بها دوليا يضع أكثر من علامة استفهام على الموقف الدولي المتخاذل إزاء تصعيد مجرم الحرب حفتر المعارك بدعم سعودي وإماراتي واضح, تجلى من خلال استقبال الملك سلمان العلني له في السعودية وإمداد الطائرات الإماراتية التي تحمل الخبراء والعتاد العسكري.    الموقف الدولي الهزيل جعل سكان العاصمة يتظاهرون في إدانة واضحة لموقف الدولتين الخليجيتين اللتين أخذتا على عاتقهما تخريب أي مسار تفاوضي يؤدي في النهاية إلى الاستقرار في ليبيا أو أي بلد عربي سعى شعبه إلى التغيير, كما دعت المظاهرات إلى طرد البعثة الدولية في ليبيا، واتهمتها بالعجز عن إيقاف الصراع المسلح الذي تشهده مناطق جنوب طرابلس. وكأن بحار الدماء التي فجرتها السعودية والإمارات في اليمن لا تكفي لإدانتهما من جانب المجتمع الدولي المتواطئ, فزادتا من إشعال الفتنة وسفك الدماء في ليبيا حتى لا يستقر القطر العربي وفير الثروة التي يشترك في محاولات السطو عليها رءوس معسكر الثورة المضادة ودول عريقة في الاستعمار وامتصاص دم الشعوب. العالم كله يشاهد الدعم الفرنسي الإماراتي السعودي لإرهاب مجرم الحرب حفتر , لكن ردود الفعل دون المطلوب بكثير حتى الآن, وما زالت التعبيرات الكلاسيكية تصدر باردة مثل ندين, ونستنكر, ونعرب عن القلق .. إلخ, وهي تصريحات في الهواء لا تفيد شيئا أمام ميليشيات مأجورة تتلقى رواتبها من أبو ظبي ولا تصغي إلا إلى من يدفع الثمن, أو يكون قادرا على لجمها عسكريا . تقليدية الموقف الدولي تدفع الأوضاع في ليبيا إلى مزيد من التفاقم, وفي ظل استمرار دعم حفتر من الإمارات والسعودية وفرنسا سيواصل الجنرال والأسير السابق في تشاد محاولات إشعال النار لتحقيق أي نصر يمحو به عار الهزائم ويحقق أحلام الرياض وأبو ظبي في استمرار الفوضى في ليبيا. ورغم الإدانة البريطانية الأمريكية لحفتر, لم يعد مفيدا النظر إلى جهود الدولتين لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن يدين خليفة حفتر ويحمله مسئولية تقويض السلم والأمن في ليبيا ، وقد منعت روسيا صدور بيان قوي في هذا الصدد, وبدلا من ذلك كان يمكن توجيه تحذير واضح لداعمي حفتر بالتوقف عن إشعال المعارك خاصة في ظل بروز اتجاه دولي لحل المسألة الليبية. لقد بذلت الدول الغربية جهودا كبيرة لإقناع الأطراف المناوئة لحفتر بالقبول به طرفا في التسوية السياسية المرتقبة, لكنه الآن يتعنت ويتحدى المجتمع الدولي بشكل مباشر, ويرفض الاستجابة لطلب ممثل الدبلوماسية الدولية، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، بوقف الحرب. إن سلوك حفتر وتحديه للإرادة الدولية يستدعي أفعال القذافي الذي كان يظهر عدم اكتراثه بالمجتمع الدولي إلا في حالة أن يكون الأمر جد خطير, ساعتها فقط كان يبدو طائعا مستسلما, وهو ما يستلزم الآن موقفا مماثلا ضد حفتر يجبره على التخلي عن مغامراته وحماقاته وولاءاته مدفوعة الأجر. ومما يؤكد ذلك أن حفتر عندما أمر ميليشياته بالتوجه نحو طرابلس، كان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في طريقه إلى المدينة لعقد مؤتمر سلام، ما يعني أن اختياره لهذا التوقيت كان بمنزلة ازدراء ضمني لجهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام، فحفتر يعتقد أن أي عملية مصالحة برعاية أممية لن يتمكن معها من تحقيق أحلامه . وإذا كان بين داعمي حفتر قوى عظمى لا يمكن إجبارها على التخلي عنه مثل فرنسا وروسيا فإن أقوى داعميه الإمارات والسعودية وقائد الانقلاب في مصر, وهم رهن الإشارة الأمريكية لو قررت إسكات حفتر عن طريقهم, فضلا عن ذلك لو أن هناك إشارة أمريكية جادة لحفتر بوقف ميليشياته ما استغرق الأمر وقتا حتى يتوقف القتال. بل إن مجرد التلويح بجرائم حفتر سيجعله يتراجع عن تصعيد ميليشياته, فقد كشف تقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا، المقدم لأعضاء مجلس الأمن عن صفحات سوداء من انتهاكات وجرائم ارتكبها حفتر وميليشياته, وتتعلق هذه الجرائم بالتورط في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين، وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وإنشاء سجون سرية، بالإضافة إلى التورط في السطو على بنوك وسرقة أموالها, وكذلك تورط ضباط تابعين لحفتر في جلب مرتزقة من المعارضة التشادية للقتال. بل إن التقرير كشف عن تورّط صدام نجل خليفة حفتر بسرقة أموال حكومية في نهاية 2017، خلال عملية مسلحة على فرع مصرف ليبيا المركزي وسط مدينة بنغازي. إن إنذار حفتر بلائحة اتهام بجرائمه كفيل بوقف جنونه ووضع حد لغروره في ليبيا.

تابع القراءة

إلى أى مدى يمكن لحملة “اطمن أنت مش لوحدك” أن تثمر معارضة حقيقية؟

  إلى أى مدى يمكن لحملة "اطمن أنت مش لوحدك" أن تثمر معارضة حقيقية؟   تعيش مصر حالة من الغضب الشعبي في ظل حالة واسعة من طحن الفقراء بالأسعار المرتفعة والأوضاع المعيشية المتردية، وحذف الملايين من بطاقات دعم التموين، أضف إلى ذلك نزيف الدم الذي زادت وتيرته بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة؛ سواء على صعيد الإعدامات والتصفيات للمعارضين أو عبر حوادث القطارات والطرق، أو لأفراد الشرطة والجيش في هجمات متفرّقة من جانب مسلحين في سيناء، إلى جانب تعالى الأصوات محلياً ودولياً ضد انتهاكات نظامه. ورغم أن تلك الأوضاع ليست جديدة فإن التعبير عنها في الشارع أو عبر منصات التواصل الاجتماعي ارتفع بشكل لافت؛ خصوصاً عقب حملة "اطمن أنت مش لوحدك" التي أطلقها الإعلامي المصري المعارض "معتز مطر". أطلق معتز مطر تلك الحملة بهدف بث الروح الثورية بين المصريين من جديد وتحريك الماء الراكد للمعارضة فى مصر وطمأنة كل مناصر للثورة أنه لا يقف وحيداً، خصوصاً بعد أن وطد السيسى حكمه فى مصر من خلال سحق المعارضة. وقد لاقت تلك الحملة قبول شعبى كبير حوّلها إلى حالة عامة بين قطاع كبير من المصريين الرافضين للأوضاع،  حيث احتل وسم الحملة صدارة "تويتر" أكثر من مرة، حيث غرد عليه 130 ألف شخص بعد ساعتين من انطلاق الحملة[1].     بداياً دعت الحملة المصريين  إلى إطلاق الصافرات وطرق الأوانى فى ساعة محددة كل أربعاء من أجل طمأنة كل معارض للسيسى بإنه ليس وحيداً، وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات تشير إلى التفاعل الكبير الذى لاقته تلك الحملة[2]،  إلى جانب ذلك خرجت العديد من المظاهرات الليلية على خلفية التفاعل مع تلك الحملة فى 6 مارس، إلى جانب تنظيم أهالى جزيرة الوراق مسيرة تنديدا بمحاولات النظام الاستيلاء على منازلهم وطردهم من الجزيرة استجابة للحملة[3]. ثم امتدت الحملة إلى كتابة شعاراتها على الأوراق المالية المتداولة بما ساهم فى وجود الحملة على أرض الواقع بشكل مختلف[4]. استمرار تأجيج الغضب الشعبى   تستمر الحملة  بوتيرة  قوية فى حشد المعارضين للنظام، وهناك مجموعة من الشواهد التى تؤيد ذلك، تتمثل فى: أولاً: إعلان عدد من الشخصيات العامة الانضمام إلى الحملة، على رأسهم الإعلامى "محمد ناصر" تأييده تلك الحملة وانضمامه إليها بما لاقى ترحيب واسع بين المصريين بما يسهم فى تعميق الصداع الذى يعانى منه النظام على إثر تصاعد المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعى[5]، ويحمل ذلك دلالة هامة تتمثل فى بداية انصراف جماعى عن قنوات الموالاة للنظام التى يتصدرها أحمد موسى وعمرو أديب إلى قنوات المعارضة التى تبث من خارج سيطرة النظام، وبالتالى فهو يعكس تطلع المصريين إلى استكمال ثورتهم خصوصاً مع الإحساس بانبثاق الربيع العربى مرة آخرى فى الجزائر والسودان. إلى جانب ذلك أعلن الدكتور "عصام حجى" انضمامه إلى الحملة[6] والذى يحمل دلالة هامة تتمثل فى إعطاء قوة للحملة ليس فى الداخل فقط ولكن فى الخارج أيضاً خصوصاً من النخبة بما سيعطى قوة وقدرة أكبر على تحرك الشارع، إلى جانب كون عصام حجى كان المستشار العلمى لرئيس الجمهورية عدلى منصور الذى عينه عبد الفتاح السيسى، وبالتالى فانضمامه إلى صفوف المعارضة لاحقاً سيؤدى إلى استقطاب شرائح جديدة من المجتمع المصرى خاصة من المؤيدين سابقاً لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسى. ثانياً/ التفاعل القوى مع الدعوة التى أطلقتها الحملة للامتناع عن دفع الفواتير الحكومية عبر تأجيل السداد لمدة أسبوع واحد فقط والتى  تأتي على غرار الحملات الشعبية التي شكت من ارتفاع الأسعار مؤخرا، ومنها حملة "خليها تصدي"، التي أثارت تفاعلا إعلاميا وشعبيا في مصر لمقاطعة شراء السيارات الجديدة بسبب ارتفاع أسعارها. وتفاعل عدد كبير من المعارضين وأعربوا عن مشاركتهم فى تلك الحملة[7]. ثالثاً/ إلى جانب العمل على تكوين أشكال جديدة، من قِبل المنضمين فى الحملة، للاحتجاج لتوسيع الحملة من خلال كتابة شعار الحملة على عدد من القصاصات الورقية وتركها في الهواء من فوق أسطح المنازل أو الشبابيك لتنتشر في مساحات واسعة، داعية المواطنين إلى عدم اليأس والانضمام للحملة[8]. رابعاً/ انتقال وسم الحملة إلى جدران القاهرة والجيزة حيث كتب وسم الحملة "اطمن أنت مش لوحدك" على عدد من الجدران والشوارع وهذا يشير إلى مدى التأثير الذى تحوزه الحملة فى الشارع ومدى الرغبة فى استمرارها وإيصالها إلى جميع أطياف الشعب المصرى بمن فيهم غير المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعى. خامساً/الدعم الخارجى للحملة، أولاً لأن تلك الحملة بُثت من تركيا، إلى جانب إنها شهدت تفاعلاً واسعًا في عدة دول عربية، وتصدر وسم الحملة مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تعبيرا عن التضامن مع الشعب المصري، ورأى البعض أن الحملة  تعبر عن معركة العالم العربي كله لا مصر وحدها، مؤكدين أن الطمأنة هي أيضا للشعوب العربية الثائرة أنها ليست وحدها في هذا الطريق[9]. إلى جانب ذلك فالحملة عملت على التأثير على علاقة النظام مع موالوه  من النظم العربية، فقد كشف مصدر عن انزعاج إماراتى من الحملة ونجاحها معبراً بإن «التفاعل الشعبي مع حملة «اطمن انت مش لوحدك» وما أحدثته من توحيد صف المعارضة المصرية كشف هشاشة نظام عبد الفتاح السيسي وأزعجت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد» إلى جانب ذلك تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين المخابرات الإماراتية وقيادات الجيش المصري بخصوص الأوضاع التي تمر بها مصر وما يجري فيها، وقد أوضح أن القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، والمستشار الأمني لولي عهد أبو ظبي، قال لمدير المخابرات المصرية عباس كامل: «إن لم يكن لديك لجان لمواجهة الحملة على مواقع التواصل فيمكننا الاستعانة بلجان تركي آل الشيخ، الوضع صعب يا عباس، البلد بتفلت من قبضتنا».[10].     كان من الممكن أن تكون تلك الأحداث كغيرها من الأحداث التى مرت من قبل ولا تستدعى مشهد يناير من جديد، إلا أن ظهور المعطيات الجديدة على الساحة الدولية المتمثلة فى الجزائر ومطالبة الشعب بعدم ترشح بوتفليقه لولاية جديدة. فضلاً عن السودان التى تطالب بالرحيل للبشير. تجعل تلك الأحداث لا يمكن التهاون بها فبواعث تلك الحركات فى المنطقة تكاد تكون متشابهة تتمحور حول القمع والفقر والظلم. إلا أن نزول الناس إلى الشارع يحمل دلالات هامة تتمثل فى: كسر حاجز الخوف الذى يحيط به السيسى نظامه، فنزول الناس وهم مدركين تماماً أنهم لن يعودوا إلى ديارهم مجدداً تؤكد ذلك. إلى جانب ذلك هناك دلالة أخرى تشير إلى أن الشارع لم يعد يتحرك على أساس أيديولوجى وإنما تحركهم نابع من الظروف التى يعيشها الشارع المصرى. إلى جانب ذلك خروج بعد المظاهرات من بعض المناطق التى كانت محسوبة على النظام تشير إلى أن النظام فقد دوائر تأييده فى الشارع المصرى. رد فعل النظام يكسب الحملة قوة إضافية يمكن قياس مدى نجاح وفشل الحملة بمدى تعاطى النظام مع الحملة، وقد اتضح نجاح الحملة فى إرباك النظام من خلال عدد من الشواهد تتمثل فى: أولاً/ اتجه النظام…

تابع القراءة

إلى أى مدى يمكن لحملة “اطمن أنت مش لوحدك” أن تثمر معارضة حقيقية؟

  إلى أى مدى يمكن لحملة "اطمن أنت مش لوحدك" أن تثمر معارضة حقيقية؟   تعيش مصر حالة من الغضب الشعبي في ظل حالة واسعة من طحن الفقراء بالأسعار المرتفعة والأوضاع المعيشية المتردية، وحذف الملايين من بطاقات دعم التموين، أضف إلى ذلك نزيف الدم الذي زادت وتيرته بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة؛ سواء على صعيد الإعدامات والتصفيات للمعارضين أو عبر حوادث القطارات والطرق، أو لأفراد الشرطة والجيش في هجمات متفرّقة من جانب مسلحين في سيناء، إلى جانب تعالى الأصوات محلياً ودولياً ضد انتهاكات نظامه. ورغم أن تلك الأوضاع ليست جديدة فإن التعبير عنها في الشارع أو عبر منصات التواصل الاجتماعي ارتفع بشكل لافت؛ خصوصاً عقب حملة "اطمن أنت مش لوحدك" التي أطلقها الإعلامي المصري المعارض "معتز مطر". أطلق معتز مطر تلك الحملة بهدف بث الروح الثورية بين المصريين من جديد وتحريك الماء الراكد للمعارضة فى مصر وطمأنة كل مناصر للثورة أنه لا يقف وحيداً، خصوصاً بعد أن وطد السيسى حكمه فى مصر من خلال سحق المعارضة. وقد لاقت تلك الحملة قبول شعبى كبير حوّلها إلى حالة عامة بين قطاع كبير من المصريين الرافضين للأوضاع،  حيث احتل وسم الحملة صدارة "تويتر" أكثر من مرة، حيث غرد عليه 130 ألف شخص بعد ساعتين من انطلاق الحملة[1].     بداياً دعت الحملة المصريين  إلى إطلاق الصافرات وطرق الأوانى فى ساعة محددة كل أربعاء من أجل طمأنة كل معارض للسيسى بإنه ليس وحيداً، وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات تشير إلى التفاعل الكبير الذى لاقته تلك الحملة[2]،  إلى جانب ذلك خرجت العديد من المظاهرات الليلية على خلفية التفاعل مع تلك الحملة فى 6 مارس، إلى جانب تنظيم أهالى جزيرة الوراق مسيرة تنديدا بمحاولات النظام الاستيلاء على منازلهم وطردهم من الجزيرة استجابة للحملة[3]. ثم امتدت الحملة إلى كتابة شعاراتها على الأوراق المالية المتداولة بما ساهم فى وجود الحملة على أرض الواقع بشكل مختلف[4]. استمرار تأجيج الغضب الشعبى   تستمر الحملة  بوتيرة  قوية فى حشد المعارضين للنظام، وهناك مجموعة من الشواهد التى تؤيد ذلك، تتمثل فى: أولاً: إعلان عدد من الشخصيات العامة الانضمام إلى الحملة، على رأسهم الإعلامى "محمد ناصر" تأييده تلك الحملة وانضمامه إليها بما لاقى ترحيب واسع بين المصريين بما يسهم فى تعميق الصداع الذى يعانى منه النظام على إثر تصاعد المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعى[5]، ويحمل ذلك دلالة هامة تتمثل فى بداية انصراف جماعى عن قنوات الموالاة للنظام التى يتصدرها أحمد موسى وعمرو أديب إلى قنوات المعارضة التى تبث من خارج سيطرة النظام، وبالتالى فهو يعكس تطلع المصريين إلى استكمال ثورتهم خصوصاً مع الإحساس بانبثاق الربيع العربى مرة آخرى فى الجزائر والسودان. إلى جانب ذلك أعلن الدكتور "عصام حجى" انضمامه إلى الحملة[6] والذى يحمل دلالة هامة تتمثل فى إعطاء قوة للحملة ليس فى الداخل فقط ولكن فى الخارج أيضاً خصوصاً من النخبة بما سيعطى قوة وقدرة أكبر على تحرك الشارع، إلى جانب كون عصام حجى كان المستشار العلمى لرئيس الجمهورية عدلى منصور الذى عينه عبد الفتاح السيسى، وبالتالى فانضمامه إلى صفوف المعارضة لاحقاً سيؤدى إلى استقطاب شرائح جديدة من المجتمع المصرى خاصة من المؤيدين سابقاً لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسى. ثانياً/ التفاعل القوى مع الدعوة التى أطلقتها الحملة للامتناع عن دفع الفواتير الحكومية عبر تأجيل السداد لمدة أسبوع واحد فقط والتى  تأتي على غرار الحملات الشعبية التي شكت من ارتفاع الأسعار مؤخرا، ومنها حملة "خليها تصدي"، التي أثارت تفاعلا إعلاميا وشعبيا في مصر لمقاطعة شراء السيارات الجديدة بسبب ارتفاع أسعارها. وتفاعل عدد كبير من المعارضين وأعربوا عن مشاركتهم فى تلك الحملة[7]. ثالثاً/ إلى جانب العمل على تكوين أشكال جديدة، من قِبل المنضمين فى الحملة، للاحتجاج لتوسيع الحملة من خلال كتابة شعار الحملة على عدد من القصاصات الورقية وتركها في الهواء من فوق أسطح المنازل أو الشبابيك لتنتشر في مساحات واسعة، داعية المواطنين إلى عدم اليأس والانضمام للحملة[8]. رابعاً/ انتقال وسم الحملة إلى جدران القاهرة والجيزة حيث كتب وسم الحملة "اطمن أنت مش لوحدك" على عدد من الجدران والشوارع وهذا يشير إلى مدى التأثير الذى تحوزه الحملة فى الشارع ومدى الرغبة فى استمرارها وإيصالها إلى جميع أطياف الشعب المصرى بمن فيهم غير المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعى. خامساً/الدعم الخارجى للحملة، أولاً لأن تلك الحملة بُثت من تركيا، إلى جانب إنها شهدت تفاعلاً واسعًا في عدة دول عربية، وتصدر وسم الحملة مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تعبيرا عن التضامن مع الشعب المصري، ورأى البعض أن الحملة  تعبر عن معركة العالم العربي كله لا مصر وحدها، مؤكدين أن الطمأنة هي أيضا للشعوب العربية الثائرة أنها ليست وحدها في هذا الطريق[9]. إلى جانب ذلك فالحملة عملت على التأثير على علاقة النظام مع موالوه  من النظم العربية، فقد كشف مصدر عن انزعاج إماراتى من الحملة ونجاحها معبراً بإن «التفاعل الشعبي مع حملة «اطمن انت مش لوحدك» وما أحدثته من توحيد صف المعارضة المصرية كشف هشاشة نظام عبد الفتاح السيسي وأزعجت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد» إلى جانب ذلك تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين المخابرات الإماراتية وقيادات الجيش المصري بخصوص الأوضاع التي تمر بها مصر وما يجري فيها، وقد أوضح أن القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، والمستشار الأمني لولي عهد أبو ظبي، قال لمدير المخابرات المصرية عباس كامل: «إن لم يكن لديك لجان لمواجهة الحملة على مواقع التواصل فيمكننا الاستعانة بلجان تركي آل الشيخ، الوضع صعب يا عباس، البلد بتفلت من قبضتنا».[10].     كان من الممكن أن تكون تلك الأحداث كغيرها من الأحداث التى مرت من قبل ولا تستدعى مشهد يناير من جديد، إلا أن ظهور المعطيات الجديدة على الساحة الدولية المتمثلة فى الجزائر ومطالبة الشعب بعدم ترشح بوتفليقه لولاية جديدة. فضلاً عن السودان التى تطالب بالرحيل للبشير. تجعل تلك الأحداث لا يمكن التهاون بها فبواعث تلك الحركات فى المنطقة تكاد تكون متشابهة تتمحور حول القمع والفقر والظلم. إلا أن نزول الناس إلى الشارع يحمل دلالات هامة تتمثل فى: كسر حاجز الخوف الذى يحيط به السيسى نظامه، فنزول الناس وهم مدركين تماماً أنهم لن يعودوا إلى ديارهم مجدداً تؤكد ذلك. إلى جانب ذلك هناك دلالة أخرى تشير إلى أن الشارع لم يعد يتحرك على أساس أيديولوجى وإنما تحركهم نابع من الظروف التى يعيشها الشارع المصرى. إلى جانب ذلك خروج بعد المظاهرات من بعض المناطق التى كانت محسوبة على النظام تشير إلى أن النظام فقد دوائر تأييده فى الشارع المصرى. رد فعل النظام يكسب الحملة قوة إضافية يمكن قياس مدى نجاح وفشل الحملة بمدى تعاطى النظام مع الحملة، وقد اتضح نجاح الحملة فى إرباك النظام من خلال عدد من الشواهد تتمثل فى: أولاً/ اتجه النظام…

تابع القراءة

ما هى أبرز الملفات المتوقع طرحها خلال لقاء ترامب والسيسى المقبل فى واشنطن؟

  ما هى أبرز الملفات المتوقع طرحها خلال لقاء ترامب والسيسى المقبل فى واشنطن؟ أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، أن السيسي سوف يزور واشنطن خلال الأسبوع الثاني من شهر أبريل المقبل، تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب[1]. وقد أعلن البيت الأبيض في بيان له أن قمة التاسع من إبريل المقبل، بين ترامب والسيسي تسعى لبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية والأولويات المشتركة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يناقش الطرفان التعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التكامل الاقتصادي الإقليمي والدور طويل الأمد الذي تضطلع به مصر كدعامة أساسية للاستقرار الإقليمي[2].   1- القضايا الإقليمية: – صفقة القرن: تأتى زيارة السيسى بالتزامن مع تحديد موعد الإعلان عن صفقة القرن، المقرر بعد إجراء الإنتخابات الإسرائيلية فى 9 إبريل الحالى. وهناك أحاديث عن رغبة أمريكا فى تليين موقف السيسى، فيما يتعلق بصفقة القرن، وعدم الإصرار على المبلغ الذي يريد الحصول عليه مقابل التنازل عن أجزاء من سيناء لصالح إقامة الدولة الفلسطينية، ووفق التسريبات المتعلقة بالصفقة فإن السيسي طلب الحصول علي 200 مليار دولار مقابل إتمام الصفقة[3]. ويقوم النظام المصرى حالياً بالضغط على الدول الرافضة للصفقة، فقد سعى السيسى خلال القمة الثلاثية بين مصر والأردن والعراق بالقاهرة، فى 24 مارس الماضى، إلى ممارسة مزيد من الضغوط على الأردن للقبول بهذه الصفقة عبر التخلى عن تبعية المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية، والقبول بضم الضفة الغربية لها، وذلك مقابل ما ستحصل عليه من مساعدات اقتصادية ومالية من قبل دول الخليج (وذلك بعد تصريحات ملك الأردن بأنه لن يغير موقفه من ملف مدينة القدس، وبأن شعبه معه في مواجهة الضغوط، فى إشارة منه إلى الضغوط الأمريكية والسعودية بالأساس). وفيما يتعلق بالعراق، تسعى مصر إلى قيام العراق بدور الوسيط مع إيران، فى ظل العلاقات القوية بين الطرفين؛ من أجل منع إيران من اتخاذ أى خطوات تصعيدية قد تضر بالصفقة[4]. التهدئة بين حماس وإسرائيل: كان ترامب قد أوكل للسيسى الملف الأمني في غزة؛ لتحجيم قوة حماس العسكرية[5]، سواء كان ذلك عبر المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية من أجل تمكين الأخيرة من الدخول إلى قطاع غزة تمهيداً للسيطرة على الملف الأمنى فى القطاع، وفى مرحلة لاحقة المطالبة بتخلى حماس عن سلاحها. أو كان ذلك عبر التوسط بين إسرائيل وحماس من أجل منع الأخيرة من التصعيد العسكرى ضد إسرائيل، خاصة فى الأوقات التى تخشى فيها إسرائيل من الدخول فى مواجهة عسكرية شاملة مع حماس، وهو ما يظهر حالياً فى الدور المصرى لمنع التصعيد العسكرى بين حماس وإسرائيل فى ظل الإنتخابات الإسرائيلية؛ لأن مثل هذا التصعيد قد ينهى حظوظ نتنياهو فى الفوز بالإنتخابات القادمة، خاصة فى حالة سقوط أعداد كبيرة من الجانب الإسرائيلى فى هذه المواجهة.  وعلى الرغم من نجاح الدور المصرى فى التهدئة، إلا أنه يبدو أن هذا الدور بدأ فى التراجع، وهو ما ظهر خلال الأيام القليلة الماضية، التى شهدت إطلاق صواريخ من قطاع غزة تجاه تل أبيب. بل أن حماس أصبحت تتشكك فى الدور المصرى للتهدئة، وهو ما ظهر فى التصريح الأخير لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، الذى قال فيه إن المسيرات مستمرة حتى ينتهي حصار مصر وإسرائيل للقطاع؛ ما يدل على انتقال لغة الحوار من العبارات الدبلوماسية لخطاب التحدي[6]. بالإضافة إلى غياب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قطاع غزة، يحيى السنوار عن وفود الحركة التي زارت القاهرة أخيراً، بعدما كان ضيفاً دائماً على تلك الوفود فور وصوله إلى موقعه مسؤولاً عن مكتب الحركة في القطاع[7]. وما يدل أيضاً على الفشل المصرى فى التهدئة، هو عودة إسرائيل لسياستها فى استهداف قادة حماس، فقد أكدت إذاعة حماس إن ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مكتب إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، 25 مارس الماضى[8]. إلى جانب وجود دراسات سياسية وأمنية إسرائيلية، حددت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، كمستهدف رئيسي حال لم يتم التوصل إلى تهدئة، خلال المرحلة المقبلة[9]. – استبدال القوات الأمريكية بقوات عربية فى سوريا: أجرى السيسى فى مطلع يناير الماضى، اتصالاً هاتفياً مع ترامب، ناقشا خلاله التنسيق الإقليمي بين الولايات المتحدة ومصر والإمارات والسعودية والاحتلال الإسرائيلي حول فرص نشر قوات عربية في سورية بدلاً من القوات الأميركية التي ستنسحب من سورية. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن دراسة تنفيذ هذه العملية التنسيقية قد بدأت، بزيارة ضباط مصريين وإماراتيين إلى مدينة منبج شمال سورية[10]. ومن المحتمل أن يتم اتخاذ خطوات فعلية حول هذه الفكرة (استبدال القوات العربية بالقوات الأمريكية فى سوريا) خلال زيارة السيسى المقبلة إلى واشنطن، ومن هنا يمكن فهم الزيارة التى قام بها محمد بن زايد، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى القاهرة، من أجل وضع اللمسات الأخيرة حول القوات العربية، التى ستلعب مصر والإمارات الدور الأبرز بها، والتى ستحل محل القوات الأمريكية فى سوريا. ويأتى فى ذات السياق، استضافت واشنطن من 20 إلى 22 من شهر مارس الحالي اجتماعات الدورة الـ31 للجنة التعاون العسكري بين مصر وأمريكا. وترأس الوفد المصري مساعد وزير الدفاع للعلاقات الدولية، اللواء محمد الكشكي، بينما ترأس الوفد الأميركي مساعدة وزير الدفاع بالإنابة لشؤون الأمن الدولي، كاثرين ويلبرغر[11].   2- قضايا الداخل المصرى: – المعارضة المصرية: شهدت الأيام القليلة الماضية تزايد فى نشاط المعارضة المصرية المتواجدة فى الولايات المتحدة، تمثل ذلك فى تنظيم وقفات كبيرة أمام البيت الأبيض اعتراضاً على أحكام الإعدامات الأخيرة بحق مجموعة من الشباب المصرى. إلى جانب عقد جلسة استماع غير رسمية فى مجلس الشيوخ الأمريكى للمنبر المصرى لحقوق الإنسان، وكان أبرز المشاركين فى الجلسة الفنانيين عمرو واكد وخالد أبو النجا، والإعلامى جو تيوب "يوسف حسين"، وعلى الرغم من عدم وجود مشاركة كبيرة فى الجلسة، واقتصارها على نائب أمريكى واحد، إلا أنها تمكنت من تحقيق بعض النجاحات الهامة مثل حضور المصريين الأمريكيين لهذه الفاعلية ما يعنى إمكانية الضغط على أعضاء الكونجرس فى الملف الحقوقى المصرى، بإعتبار هؤلاء المصريين مواطنين أمريكيين لهم أصوات إنتخابية مؤثرة. ومشاركة منظمات حقوقية أمريكية كبيرة. وإبراز شخصيات غير سياسية "عمرو واكد وخالد أبو النجا" للتحدث عن انتهاكات النظام، خاصة وأن هذه الشخصيات غير إخوانية، وهو ما يقطع الطريق على اتهام النظام لهذه التحركات بأنها تتحرك بدافع من الإخوان[12]. ومما يدفع المعارضة إلى التحرك تجاه الولايات المتحدة، تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان، الذى أنتقد بشدة انتهاك حقوق الإنسان فى مصر. إلى جانب فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأمريكى، حيث يركز الديمقراطيين بصورة كبيرة على قضايا حقوق الإنسان فى علاقة الولايات المتحدة بالدول الأخرى. ويبدو أن النظام المصرى بدأ يستشعر الخطر من تحركات المعارضة فى الخارج، ما دفعه إلى اتباع سياسة التهدئة "المؤقتة" مع المعارضة، عبر تهدئة حدة الهجوم على الفنانيين خالد أبو النجا وعمرو واكد،…

تابع القراءة

أسئلة حفتر في ليبيا

   أسئلة حفتر في ليبيا   بقلم: حازم عبد الرحمن   قبل أيام قليلة من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الليبي في مدينة غدامس، برعاية أممية،  وبعد  دعوة قمة الجامعة العربية إلى الحوار والتوافق بين جميع الفرقاء، ارتكب الجنرال المنشق خليفة حفتر حماقة جديدة في ليبيا بتحريك ميليشياته إلى الغرب بهدف احتلال العاصمة طرابلس.   وكم كان خطابه مثيرا للسخرية "من ألقى سلاحه فهو آمن, ومن رفع الراية البيضاء فهو آمن.. إلخ", حيث كانت النتيجة ضربة موجعة من قوات الحكومة المعترف بها دوليا التي أسرت العشرات من أفراد ميلشيات حفتر وغنمت العديد من المعدات والسلاح.      ما جرى يلفت الانتباه مجددا إلى خطورة استمرار مؤامرة الثورة المضادة في ليبيا, بعدما برز توجه دولي قوي ضد تحركات حفتر ومن يقف وراءه لتقويض فرص الاستقرار ولم الشمل في ليبيا.   تحركات حفتر الأخيرة تمثل " حلاوة روح" له ولداعميه, بعد إشارات دولية على ضرورة وقف حالة الفوضى في البلاد.. هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى إثارة القلاقل بجوار الحراك الجزائري الذي نجح في محطتين مهمتين في طريق التغيير, وهما وقف ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة, وإجباره على الاستقالة قبل نهاية فترة حكمه.   ولا يبعد عن ذلك أن يدفع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد  في طريق افتعال حفتر أزمة ما (شكلية بالطبع) مع الجزائر (التي سبق أن هددها بميليشاته المهزومة ) ليبرر للجنرالات هناك فرض الطوارئ ووقف الحراك الشعبي خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربط رئيس الأركان الجزائري قايد صالح مع حكام الإمارات, ولن يكون مستبعدا أي تنسيق بينهما لإيقاف الحراك ووأد حلم التغيير, بنفس أسلوب المؤامرة الذي جرى في مصر.    فنجاح الحراك الجزائري وبلوغه أهدافه وعودة السلطة في البلاد إلى الشعب, وإقصاء العسكر   عن الحكم, يقض مضاجع حكام الإمارات والسعودية, ويفزع الانقلابيين في مصر, ما يجعل دعمهم حفتر دفاعا عن أنفسهم.   وبسبب صراعها الاستعماري مع إيطاليا فقد دعمت فرنسا حفتر, لكن هناك سببا آخر تسعى لتحقيقه بالجزائر؛ فباريس لا تتعاطف مع الحراك المستمر هناك, وتتوجس منه أن يخلص إلى تفكيك ارتباطها السري مع عصابة الحكم التي أفقرت البلاد , وهو ما ظهر جليا في المظاهرات التي نددت بتدخلهما في الحراك, ورفعت لافتات "لا فرنسا، لا الإمارات"، وطالبت بقطع العلاقات الجزائرية مع الإمارات، مع وصفها بـ"الشيطان" تارة وبـ"الإمارات العبرية" تارة أخرى.   ورغم الرفض الدولي الواسع لحماقات حفتر ومغامراته الجنونية في ليبيا, فلا يمكن تجاهل ما يمكن أن ينجم عنها من آثار قد تعرقل المضي إلى تحقيق الاستقرار والمسار السلمي الذي يهدف إليه مؤتمر الحوار الوطني المقرر عقده في غدامس.    ويتجلى خوف داعمي الثورة المضادة من نجاح الحوار الوطني الليبي الذي سيسقط مؤامرة استمرار الفوضى وينهي أحلامهم في وأد الربيع العربي, فهم لن يناموا الليل إذا رأوا نجاح التغيير في ليبيا وتونس والجزائر, بعدما أنفقوا من مليارات الدولارات التي ستصبح حسرة وندامة على باذليها, وسيتحسس قائد الانقلاب في مصر رقبته حين يحل موعد القصاص, ما يمثل كابوسا مرعبا لهم حال انتصار الربيع العربي.   لكن هناك أسئلة مهمة تطرح نفسها حول ما يجري في ليبيا أبرزها أنه إذا كانت هناك رغبة دولية لعقد مؤتمر حوار وطني برعاية الأمم المتحدة, فكيف يتم السماح لحفتر بتخريبه قبل أن يبدأ؟, ومن الذي يحمي حفتر مجرم الحرب الذي يقاتل الحكومة المعترف بها دوليا؟, وهل بلغ نفوذ محمد بن زايد من القوة ما يجعله يوفر حماية لحفتر؟ أم أن مصدر هذه الحماية في واشنطن التي قضى فيها فترة طويلة بعد انشقاقه على القذافي؟, وهل بقاء حفتر يثير المشكلات لفترة من الزمن بدعم من محمد بن زايد يحقق هدفا أمريكيا مؤقتا يزول بتحقيقه الوجود النهائي لحفتر؟.                                    .   

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022