انتخابات الصحفيين.. مخاطر تهدد مستقبل النقابة

 انتخابات الصحفيين.. مخاطر تهدد مستقبل النقابة   كتب ـ حازم عبد الرحمن:   أسفرت انتخابات التجديد النصفي بنقابة الصحفيين في مصر عن اختيار ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات نقيبا للصحفيين, وهي المرة الأولى التي يتولى فيها منصب النقيب موظف حكومي غير مستقل عن سلطات الدولة, أما عضوية المجلس فقد فاز صحفيان اثنان محسوبان على تيار الاستقلال النقابي وأربعة آخرون من المحسوبين على السلطة, مما يقلل من تأثير أعضاء المجلس غير الحكوميين. ومنذ البداية كان واضحا حرص السلطة على الهيمنة على النقابة من خلال ترشيح ضياء رشوان نقيبا, ودعمه بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا ليرتفع من 1680 جنيهاً إلى 2100 جنيه, في إشارة لا تخطئها عين إلى أن هذا ما تريده السلطة, وهو ما استجاب له سريعا المرشحون المحتملون لمنصب النقيب فأحجموا عن الترشيح . ورغم محاولات قطاع ليس بالقليل من الصحفيين دعم رفعت رشاد "أخبار اليوم" أقوى المرشحين ضد رشوان فلم يحصد إلا 1545  صوتا مقابل  2810 أصوات حصدها ضياء رشوان, وشهدت الانتخابات عمليات حشد وتعبئة مكثفة بالمؤسسات القومية الكبرى وهي التي يصل عدد صحفييها إلى قريب من نصف أعضاء النقابة. ولعبت دعاية ضياء رشوان على تصويره بالشخص القادر على حل مشكلات الصحفيين المتفاقمة, والتي من أبرزها: ـ تدهور مستوى دخول الصحفيين, وتوقف بعض الصحف عن صرف مرتبات الصحفيين. ـ مشكلة فصل الصحفيين تعسفيا من عملهم. ـ حصار الصحف والصحفيين بالقوانين والعقوبات من جانب السلطة وإخضاعها لإملاءات الأجهزة الأمنية مما أفقدها القدرة على متابعة اهتمام الجماهير؛ فخسرت قراءها.   ـ مشكلة الصحفيين المعتقلين الذين لم تساندهم النقابة في سابقة غير معهودة منها تجاه أعضائها. ـ الأزمة المالية الطاحنة التي تهدد المؤسسات الصحفية بعد انهيار توزيعها ليس بسبب " الإنترنت" فقط, وإنما أيضا بسبب خلوها من مضمون حقيقي. ـ إغلاق عدد من الصحف وتشريد الصحفيين العاملين بها, واستمرار أزمة الصحف المغلقة منذ فترة سابقة وبقائها دون حل رغم وعود كثيرة من النقباء السابقين. وهذه المشكلات تضغط بقوة على المشهد الإعلامي ما جعل مهنة الصحافة مهددة , والأكثر من ذلك المؤسسات الصحفية القومية التي قد يدهمها قرار مفاجئ بوقف غالبية إصداراتها الورقية والاكتفاء بمواقعها الإلكترونية, وهو الأمر غير المعلن الذي يتم بحثه في أروقة السلطة.  وقد بات غالبية الصحفيين يشعرون بأزمة حقيقية تتهددهم, خاصة أن خيار خصخصة المؤسسات القومية ليس بعيدا. وإزاء هذا الوضع المعقد متشعب المشكلات يكون من المستحيل توقع أن يقدم نقيب الصحفيين حلولا, في ظل سلطة عسكرية ترى في الصحافة الجادة  والإعلام الحر خطرا عليها, خاصة إذا كان النقيب موظفا حكوميا, وليس مستقلا عن السلطة لكي يمكنه أن يفاوض أو يناور لحلحلة أي من هذه المشكلات.    ولذلك فإن أكثر التوقعات تفاؤلا لا تزيد عن بقاء الوضع المتدهور كما هو, ما يعني مزيدا من تفاقم المشكلات ليكون المكسب الوحيد للصحفيين هو زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا. وبالطبع كانت هناك سبل أخرى أمام الصحفيين لبحث حلول مشكلاتهم غير طريق النقيب الموظف الحكومي , لكن خضوعهم لسطوة السلطة, وإحجامهم عن أي تحرك للمطالبة بحقوقهم أوقعهم في أسر مسكنات الدعاية الانتخابية التي سرعان ما تتبخر فور إعلان النتيجة.      *مشاهد سلبية في الانتخابات:   من أخطر ما يسيء إلى أي انتخابات تحولها إلى سوق تبذل فيه الوعود والأموال لنيل الأصوات وهو ما حدث بوضوح في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة لنقابة الصحفيين, حيث جرى توزيع الهدايا العينية، أو ما يمكن تسميته «رشاوى» صريحة، وهى عبارة عن "إكسسوارات" للهواتف المحمولة من «شواحن وسماعات وباوربنك» وصل عددها إلى الآلاف، أمام أبواب اللجان أثناء التصويت, مما جرح كبرياء كثير من الصحفيين وطالبوا بالتحقيق فيما يجري لكونه إساءة إلى الجماعة الصحفية ونزاهتها.    كما شهدت الانتخابات بذخا غير معهود في الإنفاق على الدعاية الانتخابية في ظل الأزمة الطاحنة التي تعصف بالصحفيين ومستويات دخولهم. وكان معيبا من المرشحين الإسراف في الوعود بتحسين دخول زملائهم دون الإجابة على سؤال(كيف؟)؛ فالأزمة تطحن الجميع دون بزوغ شعاع ضوء يقود إلى الحل.  وتراجعت الحريات في برامج المرشحين خضوعا واستسلاما للسلطة, ما جعل 235 صحفيا يبطلون أصواتهم بكتابة أسماء زملائهم المعتقلين مثل مجدي حسين وبدر محمد بدر وإبراهيم الدراوي وأحمد عبد العزيز وأحمد أبوزيد وعادل صبري وهشام جعفر وغيرهم. هذا برغم أن الصورة المعروفة عن انتخابات الصحفيين أنها كانت تجري لفئة مرموقة في المجتمع يمثلون قادة الرأي والفكر والثقافة, لكن التدهور بدأ يتسلل إليها شيئا فشيئا حتى انعكس ذلك على المشهد الصحفي بشكل عام, وبعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 حدث انكسار كبير في الجماعة الصحفية, فهي وإن كانت تناور أو تكشر عن أنيابها في مواجهة سلطة مدنية في السابق فقد بدا أنها لا تستطيع شيئا من ذلك أمام العسكر.   وفي سابقة خطيرة جرى اقتحام الشرطة مبنى النقابة للقبض على صحفيين في مخالفة صريحة لنص القانون الذي لا يجيز ذلك إلا بحضور النيابة وعندما بدت نذر الاعتراض كان الرد سريعا من السلطة العسكرية بإحالة نقيب الصحفيين "يحيى قلاش" وعضوي مجلس النقابة " خالد البلشي" و"جمال عبد الرحيم" إلى النيابة ومحاكمتهم. وهي سوابق خطيرة صدمت الوسط الصحفي , وجعلته في حالة ذهول أمام غشم السلطة العسكرية.  وزادت بعد انقلاب 3 يوليو حوادث قتل الصحفيين والاعتداء عليهم أثناء تغطية فعاليات الشارع. كل ذلك بالإضافة إلى تفاقم أزمات المهنة أثر في معنويات الصحفيين وأصابهم بالإحباط, وفاقم من الأزمة شمولها كل المؤسسات القومية والحزبية والخاصة. *ما بعد الانتخابات   جرت الانتخابات في ظروف سيئة للجماعة الصحفية, وتم إعلان النتائج, وفازت السلطة بإعلان مرشحها نقيبا, وسيبقى الوضع كما هو عليه حتى إشعار آخر. وليس من المتوقع تقديم أية حلول لأزمة الصحافة في مصر, ولن يتخذ النقيب الموظف لدى الحكومة موقفا لصالح المهنة في مواجهة السلطة التي تعادي الصحافة لسبب بسيط هو أن النقيب  مجرد موظف لديها. وإن ما سيحدث هو إلحاق نقابة الصحفيين بالسلطة العسكرية, ما يحقق مخاوف الصحفيين من تحويل نقابتهم إلى كيانٍ صوري، لا يدافع عن حقوقهم وحرياتهم. وقد ظهرت مؤشرات ذلك من خلال توصيات الجمعية العمومية للنقابة حيث لم تهتم بمعارضة حبس الصحفيين أو انتهاك حقوقهم، على عكس ما كان يحدث في السابق .   ويؤكد ما سبق أنه بعد إعلان نتيجة الانتخابات أصدر "المجلس اﻷعلى لتنظيم اﻹعلام" برئاسة مكرم محمد أحمد، لائحة الجزاءات التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ﻷحكام قانون تنظيم الصحافة واﻹعلام،  بهدف فرض الصمت التام على جميع وسائل الإعلام، عبر نصوص عقابية جرمت تماماً ممارسة مهنة الإعلام والصحافة، إلا في الحدود المسموح بها أمنياً وحكومياً. وتضمنت اللائحة جزاءات وعقوبات مغلظة، للتضييق على عمل الصحفيين، منها "معاقبة كل من استخدم أو سمح بألفاظ واضحة وصريحة، تشكل جريمة سب أو قذف، بأحد الجزاءات الآتية: إما معاقبة الوسيلة الإعلامية بغرامة لا تقل عن 25 ألف…

تابع القراءة

حلفاء عرب لليمين المتطرف

   حلفاء عرب لليمين المتطرف         بقلم: حازم عبد الرحمن   كشفت مجزرة مسجدي نيوزيلاندا التي ارتكبها الإرهابي برينتون تارانت وراح ضحيتها مائة مسلم بين شهيد وجريح عن تصاعد خطاب الكراهية والتطرف والعنصرية الذي يغذيه اليمين المتطرف، ويسعر نيرانه في الغرب والولايات المتحدة سياسيون ووسائل إعلام مؤثرة من أبرزها امبراطورية الإعلام التي يملكها اليهودي روبرت مردوخ الذي يمتلك "فوكس نيوز" الاخبارية المعروفة بمناصرتها المطلقة للكيان الصهيوني وعدائها الشديد للقضية الفلسطينية, ويمتلك عشرات الصحف في بريطانيا وأمريكا وأستراليا كلها تدعم اليمين المتطرف. وطغى تأثير اليمين المتطرف على وسائل إعلام أخرى مثل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وصحيفة "ديلي ميرور" في بريطانيا, إذ رفضت كل منها وصف العمل الوحشي بالإرهاب، مما أثار انتقادات واسعة. وزادت سطوة اليمين المتطرف بصعوده إلى الحكم في الغرب وأمريكا, ولم يكن غريبا على الإرهابي قاتل الخمسين شهيدا أن يسجل إعجابه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.   ولأن الأنظمة العربية الحاكمة ترى نفسها تحت وصاية ترامب وحمايته ـ كما يعلن هو ويكرر أكثر من مرة إلى درجة الإذلال ـ  فمن الطبيعي أن تتجاوب هذه الأنظمة مع اليمين المتطرف بالتملق والنفاق.   وبعد وقوع الحادث الإرهابي الأثيم في نيوزيلندا كانت ردود الأفعال واضحة تدين المذبحة, إلا في عدد من الأنظمة العربية, يمكن تفسير سلوكها ورصده من خلال الشواهد التالية:  في فبراير الماضي تحدث قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في مؤتمر ميونيخ للأمن عن ضرورة مراقبة المساجد, وهو تصريح مريب ممن يزعم أنه يمثل دولة إسلامية ويوجه في الوقت نفسه الاتهام إلى جهات إسلامية في تملق مخجل, وتقرب مهين إلى ساسة الغرب لصناعة صورة ذهنية سلبية، يستخدمها المتطرفون المسيحيون ذريعة لمهاجمة المسلمين. والسيسي معروف لدى الغرب بأنه قاتل الآلاف في مجازر "رابعة" و"النهضة" و"الحرس الجمهوري" و"رمسيس" وغيرها, وكذلك قتل الأبرياء خارج القانون, مع تصدير خطاب أن هؤلاء إسلاميون إرهابيون فضلا عن أنه لا يمرر مناسبة إلا ويهاجم فيها ثوابت الإسلام.      وفي السعودية بلاد الحرمين الشريفين يعتقل ولي العهد العلماء والدعاة ويجري لهم محاكمات بدعاوى باطلة, ويهاجم الصحوة الإسلامية, ويتقرب إلى الغرب بالتصعيد ضد إيران, في مُقابل علاقات ولقاءات وتفاهمات مع الصهاينة الذين يدنسون أولى القبلتين وثالث الحرمين, وتتوالى الأنباء كل يوم عن تقارب بين المملكة والكيان الصهيوني, كانت إحدى حلقاته زيارة الجنرال أنور عشقي المقرب من القصر الملكي إلى الكيان كما بدأت مرحلة التطبيع بحوارات مع الصهاينة نشرها موقع "إيلاف" السعودي.   وتقوم دولة الإمارات العربية بدور كبير في التحريض على المسلمين في الغرب، وقد وضعت منظمات إسلامية بشكل متعسف على قائمة للإرهاب، مثل "مجلس العلاقات الإسلامية – الأمريكية" (كير). كما أنفقت ملايين الدولارات على تشويه الرموز الإسلامية المعروفة. وفي تسريبات شهيرة لموقع "ويكيليكس" قال محمد بن زايد  لأصدقائه الأمريكيين خلال اجتماع في أبوظبي:" إن الإماراتيين لو علموا ما أفعل فانهم سيرجمونني بالحجارة". وأضاف: "إن الامارات لا تعتبر إسرائيل عدوا"،   إن ذلك كله يؤكد إن هذه الأنظمة العربية تتماهى مع اليمين المتطرف وهم متفقون على نهج موحد في الحرب على الإسلام والمسلمين, ولم يعد مقبولا لدى الشعوب العربية بقاء هذه الأنظمة على سدة الحكم, ويبدو أن الحل الجذري يكمن في الربيع العربي الذي بدأت بشائره تهب مجددا بقوة في الجزائر .    

تابع القراءة

لقاء السراج وحفتر في الإمارات … بين مؤشرات النجاح ومعوقات التنفيذ

  لقاء السراج وحفتر في الإمارات … بين مؤشرات النجاح ومعوقات التنفيذ استضافت الإمارات على أراضيها لقاءً مشتركاً بين حفتر والسراج فى 27 فبراير الماضى، وهو اللقاء المتوقع أن يكون تم خلاله مناقشة عدة مواضيع على رأسها الإنتخابات، وإمكانية توحيد المؤسسات، وأحداث الجنوب الليبى، ووضع حقول وموانئ النفط من الناحية العسكرية والأمنية، وإمكانية تعديل الإتفاق السياسى، واعتماد الدستور[1]. أهداف اللقاء: إعادة تشغيل حقول النفط: أعلنت مؤسسة النفط، فى ديسمبر2018، حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة الضخم بجنوب ليبيا، ما يعني وقف عمليات الإنتاج، نتيجة سيطرة جماعات مسلحة على الحقل. وبعد سيطرة قوات حفتر، على حقلي الشرارة والفيل النفطيين، منذ أيام، طالب حفتر المؤسسة الوطنية برفع حالة القوة القاهرة عن الحقل، إلا أن مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، رفض هذا الطلب، قائلاً إن المشاكل التي أسفرت عن إغلاق الحقل لا تزال قائمة؛ لأن المسلحين (من حراس المنشآت النفطية ورجال القبائل) الذين سيطروا على الحقل في ديسمبر الماضي ما زالوا موجودين فيه[2]. ومن الجدير بالذكر، أن حقل الشرارة تعرض، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لـ 6 خروقات أمنية وسرقات مسلحة، وتهديد للعاملين بالحقل وإجبارهم على إيقاف الإنتاج بقوة السلاح، وفقًا لبيانات المؤسسة الوطنية للنفط[3].  وقبل يوم واحد من زيارة السراج، وصنع الله، إلى الإمارات، اتفقا الطرفين على رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة، ومن المتوقع أن يكون تم مناقشة كيفية تنفيذ ذلك الإتفاق خلال اجتماع ثلاثى بين السراج وصنع الله وحفتر فى الإمارات[4]. ويبدو أن هناك خريطة جديدة بدءت تضح ملامحها بخصوص النفط الليبى تتمثل فى سيطرة حفتر على الحقول خاصة الواقعة في الشرق والجنوب، في حين تسيطر حكومة الوفاق على الموانئ النفطية والمؤسسة الوطنية للنفط[5]. إضفاء الشرعية على تحركات حفتر: فبعد أن استنكر المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى، في وقت سابق، ما تقوم به قوات حفتر في المناطق الجنوبية، بل وطالب بتدخل مجلس الأمن، حيث طالب مندوب ليبيا في الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي بإتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الأعمال العسكرية التي يشنها الجيش جنوب البلاد، خاصة بعد قصف مهبط مطار حقل الفيل النفطي. إلا أنه بعد لقاء حفتر والسراج فى الإمارات، فقد تغيرت لغة المجلس الرئاسى فى اتجاه مباركة هذه العمليات، حيث قال القائم بالأعمال لدولة ليبيا، والممثل عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بمجلس الأمن، السفير المهدي المجربي، في كلمته، 28 فبراير، أمام مجلس الأمن في جلسته التي خُصصت للحديث عن اسكات صوت السلاح في افريقيا: " أن الجهود التي يقوم بها الجيش الوطني الليبي حالياً في منطقة الجنوب ستساهم كثيراً في تنفيذ الاتفاقات الأمنية مع دول الجوار، وستضع حداً لانتشار الجريمة المنظمة مثل الإتجار بالبشر والسلاح والجماعات الإرهابية"[6]. ويبدو أن هذا التغير فى الخطاب، يعكس حقيقة عدم اهتمام السراج باتخاذ خطوات فعلية لمواجهة تحركات حفتر، ما سهل مهمته فى السيطرة على الجنوب الليبى، فقد تمكنت قواته، فى4 مارس الجارى، من السيطرة على مدينة أوباري، ثاني أكبر مدينة في جنوب البلاد، لتحكم قبضتها على كبرى مدن الجنوب بالكامل، وذلك بعد سيطرتها على مدينة مرزق، ثالث أكبر مدينة في الجنوب الأسبوع الماضي، بعد سيطرته على سبها أكبر مدن الجنوب نهاية الشهر الماضي، ولا يتبقى أمام حفتر سوى مناطق وقرى صغيرة ليحقق رسمياً السيطرة الكاملة فى الجنوب[7]. تمكين حفتر من دخول طرابلس سلمياً: حيث توجد حالياً اتصالات بين وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، وبين قوات حفتر، فقد أعلن باشاغا، نهاية ديسمبر الماضي، عن تشكيل لجنة مشتركة من جانب الوزارة ومن جانب حفتر لتوحيد الأجهزة الأمنية[8]، وهو ما قد يمهد لدخول حفتر إلى طرابلس باعتباره قائد أحد الأجهزة الأمنية (القوات المسلحة). ويشير العديد من المراقبين إلى أن لقاء دبي تقف خلفه فرنسا وتدعمه بقوة، وأنه جاء نتيجة لمشاورات عدة جرت بين ماري فيليبي، وهو المستشار الجديد لشمال أفريقيا والشرق الأوسط للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبين المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، اللذين زارا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الآونة الأخيرة في مقره العسكري في الرجمة، شرق بنغازي[9]. وذلك لرغبة فرنسا فى استغلال رجحان كفة الميزان أوروبياً لصالحها، بعد نجاحها في دعم حفتر للسيطرة على الجنوب، وتحديداً على حقول النفط، ونتيجة إدراك فرنسا لصعوبة دخول حفتر إلى طرابلس، أو حتى استقرار سيطرته فى الجنوب؛ لوجود العديد من القوى المعارضة له، فإنها تحشد جهوداً دولية من أجل وضع صيغة حل سياسية متفق عليها بين السراج وحفتر، تمكنه من المحافظة على هذه المكاسب، وربما تحقيق المزيد بالطرق السلمية وعلى رأسها دخول طرابلس[10]. مؤشرات نجاح الإتفاق: الإجواء الإيجابية بين قوات الشرق والغرب: يبدو أن هناك انفتاح فى المنطقة الغربية على فكرة التقارب مع حفتر، فإلى جانب إشادة ممثل حكومة الوفاق فى مجلس الأمن، ووزير الداخلية فتحى باشاغا بجهود حفتر العسكرية فى الجنوب، فقد قام عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط بزيارة علنية لبنغازي في ديسمبر الماضي، أشاد خلالها صراحة بجهود حفتر في مكافحة الإرهاب، فقد رحب اللواء عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان بحكومة الوفاق، مؤخراً، بالجلوس مع حفتر، والتفاوض معه على توحيد المؤسسة العسكرية[11]. بل إن حزب العدالة والبناء الليبي، المحسوب على الإخوان – العدو الرئيسى للجماعة -، أشاد بإتفاق السراج وحفتر فى الإمارات؛ نظراً لأنه يعمل على إنهاء المرحلة الإنتقالية، وصولاً إلى إجراء الإنتخابات[12]. وبالنسبة لقوات حفتر فى الشرق، فقد أظهر حفتر هو الآخر رغبة فى التواصل مع قوات الغرب، تمثل ذلك فى قرر آمر حرس المنشآت النفطية التابع لحفتر، ناجي المغربي، بتسليم حقل الفيل إلى وحدة مسلحة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، كما أعلن المتحدث باسم قيادة قوات حفتر، العميد أحمد المسماري، عن رسالة وجهها حفتر لمصراتة، حيّا فيها جهاز مكافحة الإرهاب؛ لإلقائه القبض على أحد العناصر الفارين من بنغازي، والذي كان يقاتل حفتر في السابق، بل شدد المسماري على أن حفتر اعتبر أن ما قام به جهاز مكافحة الإرهاب في مصراتة يدل على أن الوطن متماسك ومترابط والجميع في خندق واحد ضد الإرهاب والجريمة[13]. الموقف الأوروبى الداعم للإتفاق: فقد دعمت كلاً من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا هذا اللقاء، فقد ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية، 1 مارس الجارى، في بيان، أن فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وبريطانيا، تدعم الاجتماع بين السراج وحفتز يوم 27 فبراير، وتشيد بجهود دولة الإمارات في تسهيل إجراء هذه المناقشة. ورحبت الدول الأربع بالإعلان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي حول ضرورة إنهاء المراحل الإنتقالية في ليبيا من خلال إجراء إنتخابات عامة. كما رحبت بإعلان الحكومة الليبية عن إتفاق الأطراف على استئناف إنتاج النفط في حقل الشرارة النفطي. وذكر البيان أنه يتعين على جميع الأطراف العمل على وجه السرعة على تنفيذ هذا الإتفاق للسماح لشركة النفط الوطنية باستئناف عملها[14]. ويتضح…

تابع القراءة

خريطة الطريق الأمريكية في سورية … فرص وتحديات

  خريطة الطريق الأمريكية في سوريا … فرص وتحديات يبدو أن الولايات المتحدة فشلت في التوصل إلى اتفاق سياسي مع روسيا بشأن مستقبل الأوضاع في سوريا، ما دفعها لإرسال مبعوثها الخاص جيمس جيفري ليس فقط من أجل التوصل لاتفاق مع تركيا بشأن منبج وإدلب، وإنما لتهديد روسيا بإفشال اتفاقات سوتشي وأستانا، وذلك كله يأتي في إطار الضغط على روسيا لفك ارتباطها بالنظام الإيراني الذي تحاول الولايات المتحدة اخراجه من سورية إرضاءا للعدو الصهيوني، وحفاظاً على مصالحها في سورية بعد إتمام عملية الانسحاب منها. وكان جيفري قد عقد لقاءات مع نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، ومسؤولين عسكريين أتراك، للتباحث حول عملية انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وتطبيق خارطة الطريق المتعلقة بمنطقة منبج التابعة لمحافظة حلب. وتأتي زيارة جيفري بعد مباحثات قوة المهام المشتركة بين الجانبين التركي والأمريكي، لتكون بمثابة مسار سياسي يدعم التنسيقات العسكرية بينهما. وتوصلت تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق خارطة طريق حول منبج، شمال شرقي محافظة حلب، يضمن إخراج إرهابيي YPG/PKK من المنطقة وتوفير الأمن والاستقرار فيها، وتسببت واشنطن في تأخير تنفيذ الخطة عدة أشهر، متذرعة بوجود عوائق تقنية. وفي هذا الصدد يرى الخبراء أن الولايات المتحدة ما زالت مصرة على محاولة التوفيق بين حلفائها من التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري، والجانب التركي الذي يصر على مغادرة هذه العناصر[1]. ويضيف آخرون أن تلك الزيارة تثير العديد من التساؤلات، فالولايات المتحدة التى سبق وأن فشلت في التوصل لاتفاق مع روسيا بشأن مستقبل الأوضاع في سورية، وقتما كان ذلك ممكناً، عادت لترسل مبعوثها الخاص وفي نيتها أن تنسف كل المجهودات التى أسفرت عنها اتفاقات سوتشي وأستانا، وهي وإن نجحت في التوصل إلي اتفاق خارطة طريق حول بعض المناطق كمنبج مع الشريك التركي، يضمن توفير الأمن والاستقرار في تلك المنطقة المشتعلة، فإن فك التحالفات والتفاهمات الخاصة بمسار أستانا خاصة ما يتعلق بعلاقة تركيا بإيران وكذلك بروسيا تبدو عملية صعبة؛ للعديد من الأسباب في مقدمها الثقة المفقودة بين الطرفين، فالولايات المتحدة منزعجة بسبب تقرب تركيا من روسيا في الملف السوري، وفي نفس الوقت تركيا تعلم أن الولايات المتحدة لا تملك حلول حقيقية بخصوص الأزمة السورية، فضلاً عن الخلافات السابقة بين الطرفين والتى لاتزال تترك آثارها علي العلاقة حتى اليوم. يضاف إلي ذلك أن ما تريده واشنطن من تركيا يبدو صعب المنال كذلك، فتركيا التى تعتمد في استمرار دورها في سوريا علي عملية التوازن ما بين روسيا وإيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، وتعتقد أن استمرار تباين وجهات النظر بين الطرفين يلعب دورا في بقائها واستمرار دورها، لا يمكنها أن تبعد عن هذا الحلف فقط لأن واشنطن ترى فيه ضررا لمصالحها ومستقبل وجودها في سورية، وفي ذلك تنسى الولايات المتحدة أن المصلحة التركية تكمن في قوة العلاقة التى تجمعها بكل من روسيا وإيران في الوقت الراهن، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الحالية متقلبة ولا تعرف الثبات في سياستها الخارجية، ما يجعل شركائها في حالة قلق دائم من حدوث تحول غير مدروس يضر بمصالحها في المنطقة وخارجها. كما وتنسى الإدارة الأمريكية التى يبدو من شكل خطتها المطروحة أن الهدف الأساسي منها إخراج إيران من سورية، بعدما أصبح الوجود الإيراني جزءاً من المشهد السوري الراهن، ولا يمكن في الوقت الحالي لا للولايات المتحدة ولا روسيا ولا حتى تركيا أن تقضي علي هذا الوجود، وليس أدل علي ذلك من الزيارة السريعة التى قام بها بشار الأسد إلي إيران، والتى أغضبت وزير خارجيتها ودفعته للاستقالة بسبب تجاهله من قبل النظام الذي يرى في سورية ونظامها الحالي جزء من الأمن الاستراتيجي لإيران لا يمكن مقايضته بأي شيء آخر. إن الواضح من زيارة المبعوث الأمريكي أنها ليست من أجل تحقيق السلام والاستقرار لسوريا وشعبها بقدر ما هي محاولة لفك الارتباط التركي والروسي مع إيران، لتأمين الانسحاب الأمريكي والحفاظ على مصالحها في الداخل السوري، وفي نفس الوقت تطمين الحليف الإسرائيلي الذي يبدو عليه القلق الشديد بسبب عجزه عن توجيه ضربة قاصمة للوجود الإيراني بالرغم من استهدافه المستمر لمناطق تمركز القوات الإيرانية في سورية، ما يدفعه لاستبدال المسار العسكري بآخر سياسي لعله ينجح في وضع حد لهذا الوجود. لذلك لا يتوقع لخريطة الطريق الأمريكية النجاح في سورية، وحتى وإن كتب لها النجاح فسيكون في منطقة السيطرة التركية في إدلب ومنبج وضواحيها، وحتى هذا النجاح قد لا يستمر بسبب الأوضاع الغير مستقرة للإدارة الأمريكية الحالية، والإصرار الروسي والإيراني على التوصل لاتفاق شامل مع تركيا يعيد توحيد الأراضي السورية تحت مظلة واحدة من جديد. [1]  الرابط:  

تابع القراءة

زيارة جاريد كوشنر وتفاصيل صفقة القرن المزعومة

  زيارة جاريد كوشنر وتفاصيل صفقة القرن المزعومة زار المبعوث الأمريكي إلي الشرق الأوسط وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، عدة دول خليجية وعربية لبحث المشروع الأميركي لعملية السلام المعروف باسم "صفقة القرن"، والاتفاق مع تلك الدول علي سبل إخراجه بالشكل الملائم الذي لا يعرض الصفقة للخطر، خاصة وأن الانتقادات الفلسطينية والعربية الشعبية تتزايد في تعبير حقيقي عن رفض تلك الصفقة التى تلقى قبولاً رسميا مبطناً، بالرغم من ضررها الفادح علي مستقبل القضية والشعب الفلسطيني. وفي هذا الصدد أجرى كوشنر مباحثات مع السلطان قابوس في سلطنة عمان، موضحا في بيان أن المباحثات تناولت تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وعمان، وجهود الإدارة الأميركية للتوسط من أجل السلام بين إسرائيل وفلسطين. وقد حضر المباحثات المبعوث الأميركي غرينبلات، والمبعوث الأميركي الخاص إلى إيران براين هوك. كما وأجرى  كوشنر مباحثات مماثلة في الإمارات مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، كما أجرى مباحثات مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وويقول المسؤولون الأميركيون إن جولة كوشنر في المنطقة تهدف إلى إطلاع دولها على الشق الاقتصادي للمشروع الأميركي لعملية السلام الذي تعتزم إدارة ترامب الإعلان عنها بعد الانتخابات الإسرائيلية في أبريل المقبل، والمعروف إعلاميا باسم "صفقة القرن". وفي نفس السياق أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن اللقاء المنتظر لكوشنر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي وصفته بالمستبد الملطخة يداه بالدماء. سيهدف – على ما يبدو – لدفع المشروع الأميركي لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الأمام. وأضافت أن زيارة كوشنر تمثل بالنسبة لمحمد بن سلمان فرصة لمواصلة مساعيه الرامية إلى إعادة تأهيله دوليا، رغم أن الاستخبارات الأميركية أعربت عن اعتقادها بأن ولي العهد السعودي هو من أصدر الأوامر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضي، لكن إدارة ترامب تتجاهل هذا الأمر. وتأتي الجولة الأميركية في وقت جمدت فيه القيادة الفلسطينية الاتصالات مع إدارة ترامب الذي اتهمته بالانحياز الفاضح إلى إسرائيل، وتعتبر أن الولايات المتحدة أقصت نفسها من دور الوسيط بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل أواخر العام 2017. كما ترفض السلطة الفلسطينية إجراء محادثات مع واشنطن ما لم تتّخذ الإدارة الأميركية موقفا أكثر اعتدالا في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين[1]. وعلي ما يبدو أن إدارة ترمب ومبعوثه الخاص مصرين علي تذليل كافة العقبات الخاصة بالصفقة قبل أظهارها بشكل كامل للعلن، وفي هذا الصدد حرص كوشنر علي زيارة تركيا، والالتقاء بالرئيس التركي لمناقشة تفاصيل الصفقة، إذ ذكر الموقع الاستخباراتي العبري "ديبكا"، أن جاريد كوشنر، زار تركيا، لمناقشة "صفقة القرن"، وكذلك لبحث كيفية رفض الرئيس أردوغان لصفقة شراء صواريخ "إس 400" الروسية. وأوضح الموقع الاستخباراتي الإلكتروني أن كوشنر طلب من أردوغان عدم شراء بطاريات صواريخ "إس 400" الروسية، مقابل التوافق حول كيفية إنشاء منطقة عازلة تركية في الشمال السوري، وبيع بطاريات صواريخ "باتريوت" الأمريكية للجيش التركي[2]. وأضاف أن زيارة كوشنر لا تهدف لحل المشاكل التي قاموا بتعقيدها بقدر ملاءمة الطقس العربي لجني الكثير من المكاسب لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأكد أن ترامب حينما أصدر قراره الخاص بالقدس لم يجد اعتراضا ذا شأن من جانب الدول العربية ولا من جانب حتى السلطة الفلسطينية". إلا أنه وبالرغم من تلك المساعي الحثيثة لتمرير صفقة القرن، لن يكتب لها النجاح في نهاية المطاف، نتيجة لما ستسببه من قلاقل واضطرابات في المنطقة سواء بين الشعوب والأنظمة العربية الموالية للكيان الصهيوني، أو من قبل الشعب الفلسطيني الرافض لتلك الصفقة، وفي هذا الصدد ينسى ترمب أن ما يقوله الآن سبق وأن تم عرض ما هو أفضل منه من قبل إدارات أمريكية سابقة ورفضه العرب والفلسطينيون، وأن ما يحاول فرضه بالقوة بما في ذلك نقل سفارته للقدس بدلاً من تل أبيب كمحاولة لتأكيد أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل لن يكتب له النجاح، ولن يقبل به لا عربياً ولا إسلامياً، وأن ذلك سيظل شوكة تؤرق مضاجع اليهود. فإذا كانت موازين القوى الآن ليست في صالح العرب، وأن ذلك يفرض عليهم تقديم بعض التنازلات للصهاينة والأمريكان، فإن ذلك لا يعني التخلي عن القضية والتنازل عن القدس مقابل حفنة من الأموال، ولكن ستظل كل القضايا معلقة، ولن ينعم أحداً بالسلام الموعود الذي يروج له ترمب وأفراد إدرته، بل سيترك ترمب المنطقة وإسرائيل علي صفيح ساخن، وقد تتسبب تلك السياسات الغير مدروسة في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط وليس فقط في فلسطين. فإذا كانت الإدارة الأمريكية جادة مثلما تزعم وتريد حل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي، فليس أمامها سوى الاحتكام لقرارات الشرعية الدولية، التى تشرع لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، أما الاستمرار فيما يعرف بصفقة القرن، والاعتقاد بأن تقديم بعض الأموال لإغراء الفلسطينيين بالتنازل عن حقوقهم من شأنه أن ينهي الصراع إلي الأبد فهذا حلم بعيد المنال. [1]  الرابط: [2] الرابط:

تابع القراءة

قرارات بوتفليقة.. بين العشرية السوداء بالجزائر والثورة المصرية!

   قرارات بوتفليقة.. بين العشرية السوداء بالجزائر والثورة المصرية!     في تطور متوقع، وبعد احتجاجات شعبية واسعة منذ 22 فبراير الماضي، أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي يحكم الجزائر منذ 1999، في بيان رئاسي، الإثنين، سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة، وإرجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل المقبل، لأجل غير مسمى. كما أقال بوتفليقة حكومة أحمد أويحيى، ودعا إلى تشكيل حكومة كفاءات، فضلاً عن الدعوة إلى مؤتمر وفاق وطني، وتنظيم الاستحقاق الرئاسي تحت إشراف حصري، تنظيماً ومراقبة، لهيئة انتخابية وطنية مستقلة، وذلك مباشرة بعد المؤتمر. القرار رغم ما يمثله من انتصار شعبي ، إلا أنه لم يرض الشعب الجزائري الذي يخشى التلاعب بمستقبل البلاد لصالح ثلة العسكريين والمقربين من بوتفليقة من المستفيدين من ضعفه، فسادا وافسادا بالبلاد… وأرجع بوتفليقة قرار إرجاء الانتخابات الرئاسية بسبب الظروف غير المساعدة، وذلك استناداً إلى المادة 107 من الدستور، التي تتيح له تأجيل الانتخابات تحت الظروف القاهرة.   وقال الرئيس الجزائري: "لن يُجرى انتخاب رئاسي يوم 18 إبريل المقبل، استجابة للطلب الملِحّ الذي وجهتموه إلي"، مشيراً الى أنه اتخذ القرار "حرصاً على تفادي كل سوء فهم في ما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي التزمت به، وبتغليب الغاية النبيلة المتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمُن في سلامة ضبط الحياة المؤسساتية، والتناغم بين التفاعلات الاجتماعية والسياسية؛ على التشدد في التقيد باستحقاقات مرسومة سلفاً"، مضيفاً أن "تأجيل الانتخابات الرئاسية المنشود يأتي إذن لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها، قصد فسح المجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة والأمن العام، ولنتفرغ جميعاً للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديد، وفي أقصر الآجال".   وتعد الخطة السياسية الجديدة التي طرحها بوتفليقة، نتيجة لرفض الشارع الجزائري تعهدات كان أعلن عنها في رسالة ترشحه في الثالث من مارس الحالي، والمتعلقة بتنظيم مؤتمر وفاق وطني وتعديل الدستور، في حال انتخابه لولاية خامسة. وإثر صدور البيان، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن بوتفليقة استقبل كذلك الدبلوماسي الجزائري ووزير الشؤون الخارجية الأسبق الأخضر الإبراهيمي، بهدف تكليفه برئاسة هيئة رئاسية تشرف على مؤتمر وفاق وطني. فيما صرح مصدر حكومي لـ"رويترز"، بأنّ المؤتمر الذي سيرأسه الإبراهيمي، سيضم ممثلين للمتظاهرين بالإضافة إلى شخصيات لعبت دوراً بارزاً في حرب الاستقلال التي استمرت من عام 1954 إلى عام 1962. وقال المصدر الحكومي، لـ"رويترز"، الثلاثاء، إنّ "المؤتمر الجزائري سيضم أيضاً ممثلين للمتظاهرين وجميلة بوحيرد، وزهرة ظريف بيطاط، والأخضر بورقعة". وظهر بوتفليقة، مساء الإثنين، للمرة الأولى بشكل علني منذ توجهه إلى سويسرا في رحلة علاجية في 24 فبراير الماضي. وجاء ذلك في فيديو بثه التلفزيون الجزائري الحكومي، أظهر بوتفليقة وهو يستقبل عدداً من المسؤولين، وهم أحمد أويحيى، والأخضر الإبراهيمي، والفريق أحمد قايد صالح، ونور الدين بدوي، ورمطان لعمامرة. وبموازاة البيان الرئاسي، أعلن رئيس الحكومة أحمد أويحيى، تقديم استقالته. وكلف الرئيس الجزائري وزير الداخلية الحالي نورالدين بدوي بتشكيل حكومة جديدة. وتعرّض أويحيى لانتقادات حادة من قبل المتظاهرين، ولمحاكمة شعبية بسبب تصريحاته التي وصفت بالمستفزة ضد المتظاهرين، خاصة بعد تصريحاته التي قال فيها إن الجزائر قد تتحول إلى سورية. وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن بوتفليقة استقبل نور الدين بدوي ورمطان لعمامرة، حيث كلف بدوي بتشكيل الحكومة. وفي السياق، وقع بوتفليقة مرسوماً رئاسياً يتضمن استحداث منصب نائب لرئيس الحكومة، وعين لشغله وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة. وفي سياق آخر، اجتمع الرئيس بوتفليقة بالقيادات الأمنية والعسكرية، واستقبل الفريق أحمد قايد صالح، الذي قدم للرئيس الجزائري تقريراً حول الوضع الأمني على المستوى الوطني…بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.   وقرر بوتفليقة في مرسوم رئاسي، سحب استدعاء الهيئة الانتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية، وحل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات وإنهاء مهام أعضائها.     ردود الفعل وكرد فعل على القرارات، خرج جزائريون، مساء الإثنين، في احتفالات محدودة، لاسيما في العاصمة ومحافظة جيجل وقسنطينة، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية، وشبكات التواصل الاجتماعي. بينما اختار البعض التريث في إعلان الأفراح. كما انتشرت التعليقات على صفحات الفضاء الافتراضي، خاصة في "فيسبوك"، حول القرارات التي يراها البعض "خطوة ناجحة"، بينما رفض البعض الآخر هذه القرارات على اعتبار أن "بوتفليقة أعاد وجهين يمثلان النظام". ويواجه بدوي انتقادات حادة بسبب منصبه وزيراً للداخلية، حيث توجه إليه قوى المعارضة انتقادات بالمسؤولية في التلاعب بنتائج الانتخابات النيابية التي جرت في مايو 2017 والبلدية التي جرت في نوفمبر 2018 والتجديد النصفي لمجلس الأمة في ديسمبر الماضي. وعلق المحامي والناشط السياسي مصطفى بوشاشي، في تصريح صحافي، بأنه كان على الرئيس بوتفليقة أن يستشير في تعيين رئيس الحكومة، موضحاً أنه عيّن وزير الداخلية نورالدين بدوي كوزير أول وهو "من النظام ويمثل نفس الأشخاص". وأضاف أن "إلغاء الانتخابات والعهدة الخامسة هو تلبية لمطلب الشعب، لكنه بطريقة ضمينة تمديد لرئيس الجمهورية، وفي نفس الوقت يعين وزير الداخلية كرئيس الحكومة دون أي استشارة للطبقة السياسية وللشارع الجزائري". وأكد بوشاشي أن هذه القرارات هي "التفاف حول المطالب"، لافتا إلى أن "خروج النظام بطريقة سلسة وبانتخابات نزيهة، وذلك يتحقق من خلال رئيس حكومة محترم ويقوم بتشكيل حكومة وطنية، منوها بدور الجيش والذهاب إلى حكومة تصريف أعمال وتنظيم انتخابات بشفافية، و"حتى لمن عاثوا في البلد فسادا ليست لدينا رغبة في محاسبتهم". وأضاف: "لدينا رغبة في نهاية نظام فاسد وتحرير الإنسان الجزائري"، لافتا إلى أن الحراك السلمي والحضاري يستهدف حوارا بنّاء وتقديم أشخاص ليسوا متورطين في الفساد والتزوير "وحتى إشراك شخصيات كانت في النظام ولكن تكون مقبولة من طرف الشعب الجزائري، بهدف اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي من قبل مؤسسات نزيهة".. كما أعلنت كوادر الحراك الشعبي رفضها لقرارات الرئيس بوتفليقة، وتعيين وزير الداخلية نور الدين بدوي رئيسًا للحكومة، دون استشارة الحراك وقيادات المعارضة السياسية والنخب المستقلة والحوار معها، ودعت إلى مظاهرات حاشدة يوم الجمعة المقبل تحت اسم "جمعة الرحيل". وقال القيادي في الحراك عبد الوكيل بلام ، في تصريحات لسائل اعلام جزائرية،  إن "السلطة ومحيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يستمعوا جيدًا إلى الشارع أو لا يريدون، نحن لا نريد أن نذهب إلى حالة فراغ بالتأكيد، لكن ليس مقبولًا أن يتم تدوير المناصب والوجوه واستبدال وزير بوزير"، مضيفاً أن "الحراك متحفظ بشكل كبير على تولي وزير الداخلية نور الدين بدوي لمنصب رئيس الحكومة، وهو مسؤول عن قمع المظاهرات والاحتجاجات السابقة للمعلمين والأطباء ومعطوبي الجيش والصحافيين وغيرهم وسحل الناشطين"، واعتبر أن التعيين لم يكن موفقًا بالمطلق.   ويعتقد الناشطون أن مقترح عقد مؤتمر وفاق وطني قد يكون فخًا للالتفاف على الحراك الشعبي ومطالبه الرئيسة، خاصة في ظل غموض الموقف بشأن أرضية المؤتمر والأطراف السياسية التي تشارك فيه، وطبيعية التمثيلية المقررة، ويتخوف الناشطون من أن تعمد السلطة إلى عقد مؤتمر وفاق تستند فيه إلى تمثيلية مشكوك فيها لأكثر من 60 حزبًا صوريًا معتمدًا وتنظيمات…

تابع القراءة

لماذا اختار الأوروبيون الوقت «الأسوأ» لاجتماعهم مع حكام الشرق الأوسط بالقاهرة؟[1]

  «تجميل» صورة السيسي … لماذا اختار الأوروبيون الوقت «الأسوأ» لاجتماعهم مع حكام الشرق الأوسط بالقاهرة؟[1]   في إطار تحليل السياسة الأوربية تجاه نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، نشرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية The Financial Times تقريراً هاماً يتضمن تفسيرات وتقييمات سياسية وأخلاقية لواقع تلك السياسة في الوقت الراهن وقد نشرت عرب بوست ترجمة جيدة لهذا التقرير. وأكدت الصحيفة البريطانية أن توقيت استضافة القاهرة للقمة العربية الأوروبية في24 فبراير 2019، هو الأسوأ بالنسبة للأوروبيين، إذ أيد برلمان النظام المصري قبلها بأيام مقترحاً لتمديد حكم عبد الفتاح السيسي «السلطوي» على نحو متزايد حتى عام 2034، وهو «استيلاءٌ على السلطة هز البلاد»، بحسب وصف الصحيفة. وأضافت، لو تمت الموافقة على هذا التعديل، فسوف توسع هذه الخطوة من سلطة الجيش والسيسي، الذي يتهمه منتقدون بأنه مستبدٌ مسؤول عن كبح الحريات وسجن المعارضين. إخفاء خيبة الأمل شارك أكثر من عشرين زعيماً أوروبياً في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر في القمة الإفتتاحية للإتحاد الأوروبي والجامعة العربية المصممة «بهدف تعزيز الروابط بين الجانبين». وحاول الدبلوماسيون الأوروبيون إخفاء «خيبة أملهم». يقول أحد الدبلوماسيين المدركين لإحراج الاتحاد الأوروبي فيما يخص إعادة تقويم سياسته الخارجية للصحيفة البريطانية: «السيسي ليس مانديلا». لكنَّ دبلوماسياً آخر، ذا توجه أكثر تشككاً فيما يخص نهج احتضان السيسي الذي تتبناه بروكسل صاغ الأمر بطريقة أكثر صراحة حين قال: «يبدو وكأنه يظن أنَّ بإمكانه الإفلات من العقاب». وقد برزت هذه القمة -المستوحاة من الاتحاد الأوروبي والتي حضرها كل من أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي – بوصفها رمزاً لما يمكن أن يسمى «صفقة الرجل القوي للاتحاد الأوروبي». إذ أدت المشكلات المزمنة للكتلة وعداواتها الداخلية، لا سيما بخصوص الهجرة، إلى ثورة صغيرة في رغبتها في التعاون مع الحكام المستبدين مثل السيسي، حتى عندما يعرضها ذلك لاتهامات بالنفاق وإضفاء الشرعية على هذه الأنظمة. هذه العلاقات عن بعد التي كانت بين الكتلة الأوروبية -إن لم يكن جميع الدول الأعضاء – مع قادة متشددين مثل حسني مبارك، الذي حكم مصر لثلاثين عاماً قبل الإطاحة به عام 2011، أفسحت المجال لاحتضان أكثر حميمية. تناقض الأوروبيين يساعد في تجميل صورة السيسي ويقول منتقدون إنَّ هذا الأمر لا يتفق مع الموقف المعلن للاتحاد الأوروبي بوصفه مروجاً لحقوق الإنسان، وإحساسه بذاته بوصفه بديلاً غربياً أكثر استساغة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وفي حين كان ترامب غير اعتذاري، وأحياناً صريحاً في دعمه للمستبدين، فإنَّ أوروبا تحركت بهدوء متجاوزة عدم ارتياحها التقليدي في التعامل مع أمثال ممالك الخليج، إلى علاقات غير اعتذارية مع مدى واسع من الدول الاستبدادية. ويقول إتش إي هيلير، المحلل بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إنَّ انخراط الاتحاد الأوروبي قد ساعد حكومة السيسي بالفعل على تحسين موقفها الدولي بعد الانتقادات التي أعقبت انقلاب عام 2013 المدعوم شعبياً الذي أوصل السيسي إلى السلطة. وقال هيلير، مشيراً إلى الطريقة التي قدمت بها القاهرة نفسها بوصفها شريكاً جيداً في إدارة الهجرة ومكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي: «تريد مصر أن تؤكد أنها تحظى بسمعة جيدة في العالم. هذه صفقة سهلة يرغب الناس في أوروبا بشرائها». وتضاعفت معضلة أوروبا بسبب المشهد الجيوسياسي العالمي المتغير، إذ انزلقت بعض الدول إلى ديكتاتوريات كاملة أو أصبحت في منطقة رمادية من الحكم المتطرف المتدثر بانتخابات ذات درجات مختلفة من المصداقية. وقال أحد الدبلوماسيين من دولة من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي: «تعني السياسة الواقعية أنه ينبغي لك الكلام في عالم من الجنون مع الأشخاص المجانين والسلطويين. لا يمكنك أن تعيش في جزيرتك الصغيرة وتقول إنَّ الأمر لا يعنيك». فيما يقول بيير فيمون، المبعوث الفرنسي المخضرم الذي كان أول أمين عام تنفيذي للسلك الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي بين عامي 2010 و2015، «يحاول الاتحاد الأوروبي إيجاد سياسة خارجية أكثر واقعية مما كان عليه في الماضي. وهو أمر يصعب إلى حد ما على الأوروبيين الاعتراف به والتسليم له». قمة دون الأسد والبشير ومحمد بن سلمان وقد أثار تجمع شرم الشيخ هذا بالفعل عدداً من العقبات الدبلوماسية للأوروبيين. إذ تحتل الديكتاتوريات والملكيات المطلقة والأنظمة الاستبدادية المنتخبة مكانة بارزة من بين الدول الـ   22 الأعضاء في الجامعة العربية. ولم يحضر الرئيس السوداني عمر البشير، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بإبادة جماعية مزعومة، هذه القمة. ويشعر الدبلوماسيون الأوروبيون بالراحة لانطباق الأمر ذاته على الرئيس السوري بشار الأسد، بعد تكهنات العام الجاري بأنَّ تعليق عضوية هذا البلد الذي تمزقه الحرب منذ أكثر من سبع سنوات ربما ينتهي قريباً. ويقول دبلوماسيون أوروبيون إنهم حصلوا على تأكيدات، سعوا للحصول عليها، بانَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لن يضطلع بدور بارز وأنَّ الملك سلمان هو من يقود الوفد السعودي. وكانت المملكة قد أثارت غضباً بعد أن قتل عملاء سعوديون الصحفي جمال خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول العام الماضي، فيما قالت الرياض إنها كان عملية مارقة. وقد أفزع ترامب، في وقت لاحق، الكثير من الحلفاء الغربيين بما رأوه اعتذاراً علنياً للحكومة السعودية وولي العهد -على الرغم من أنَّ الاتحاد الأوروبي. ملف الهجرة … الأوروبيون مهتمون بحالة الاستقرار على عتبات بلدانهم فقط وتقع الهجرة في القلب من أجندة القمة، وهو الموضوع الذي دفع اهتمام الاتحاد الأوروبي بمصر وبالمنطقة على نطاق أوسع خلال الشهور الستة الماضية. ذلك أنَّ صعود الأحزاب الأوروبية المعادية للهجرة قد كثف من أزمة الكتلة بخصوص أولئك الذين يريدون المجيء إلى شواطئها، حتى مع أنَّ عدد المهاجرين الوافدين إليها يشكلون نسبة ضئيلة مقارنة بنسبتهم المرتفعة التي كانت عامي 2015 و2016. والتقى دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، بالسيسي في القاهرة ونيويورك العام الماضي، في حين قام السيسي بزيارة رسمية في شهر ديسمبر إلى النمسا، التي كانت حينها تشغل منصب الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. لم تسفر هذه المقترحات عن نتائج ملموسة كثيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي حتى الآن. ذلك أنَّ القاهرة لم تظهر كبير اهتمام بتلبية رغبتين أوروبيتين أساسيتين: أن تستقبل مصر المهاجرين المتوسطيين الذي جرى إنقاذهم، وأن تمد دوريات خفر السواحل على طول الساحل الشمال إفريقي. وقالت كريستين كوش، الزميلة الأقدم بمكتب بروكسل لمركز أبحاث صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة (the German Marshall Fund of the US) إنَّ مشاركة الاتحاد الأوروبي مع نظام السيسي تظهر كيف أنَّ الكتلة قد تجاوزت شاغل ما بعد الربيع العربي بالترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط. أما الآن فإنَّ الأوروبيين ينظرون إلى المنطقة بشكل كبير من خلال منظور الهجرة وأهمية دعم الحكومات التي يفترض أنها آمنة والتي سوف تمنع المهاجرين من المغادرة. وقالت كوش: «لا أعتقد أنَّ الأوروبيين لا يبالون بحقوق الإنسان. كل ما في الأمر أنهم مهتمون أكثر بأشياء أخرى-في هذه الحالة بالاستقرار على عتبات بلدانهم». المغازلة الأوروبية للسلطويين ليست وليدة اليوم وتعطينا المغازلات الأوروبية الأقدم للسلطويين في…

تابع القراءة

مذبحة نيوزلندا بين الاسلاموفوبيا والإرهاب !

  مذبحة نيوزلندا بين الاسلاموفوبيا والإرهاب !   في مذبحة ارهابية ، سقط 50 قتيلاً و48 جريحاً، وفق حصيلة أولية، الجمعة 15 مارس، في مدينة كرايستشيرش في نيوزيلندا، حين فتح مسلح النار على مصلين في مسجدين، في مذبحة وصفتها السلطات في البلاد بأنها "هجوم إرهابي على درجة غير مسبوقة من العنف". وتقع نيوزيلندا شرق أستراليا وتسبقنا في التوقيت، وينتمي معظم سكانها إلى العرق الأنجلوساكسوني ويعتنقون البروتستانتية.     واعلنت الشرطة اعتقال أربعة أشخاص، أحدهم أسترالي، فيما يجري البحث عن آخرين، كما أعلنت إغلاق جميع المساجد في البلاد، والتزام جميع سكان المدينة المستهدفة منازلهم. وتمّ تعليق جميع الرحلات الجوية المتجهة من مطار دنيدن الدولي جنوبي نيوزيلندا إلى مدينة كرايستشيرش بعد الهجوم، مع رفع مستوى التهديد في البلاد من منفخض إلى عالي. وتحدثت الشرطة عن سقوط قتلى وجرحى في موقعين، بمسجد يقع بشارع دينز وآخر بشارع لينوود. ولم يتأكّد المحقّقون بعد من عدد مُطلقي النار. وكان عدد من  الأطفال، قد اصيبوا في الهجومين الإرهابيين على مسجدي النور ولينوود. وأكدت السلطات النيوزيلندية وجود 20 إصابة "بالغة الخطورة" جراء المذبحة.   وقال شهود لوسائل الإعلام إن رجلاً يرتدي ملابس مموهة تشبه ملابس الجيش ويحمل بندقية آلية أخذ يطلق النار عشوائياً على المصلين في مسجد النور، وقام منفذ الهجوم بنقل وقائع اعتدائه عبر البث المباشر على موقع "فيسبوك".، ظهر وهو يقود سيارته إلى مسجد، ثم يدخله ويطلق الرصاص على من بداخله. ويظهر المقطع المصلين الذين يحتمل أن يكونوا قتلى أو مصابين وهم راقدون على أرضية المسجد.. كما نشر صور للأسلحة المستخدمة في الهجوم عبر حسابه على تويتر، وذلك قبل الحادث بيومين، بالإضافة لكتابته أسماء منفذي الهجوم على مسجد بكندا 2017 ومسجد بإيطاليا 2018… ولاحقاً، قالت الشرطة المحلية إنّها اعتقلت أربعة أشخاص وعثرت على عبوات ناسفة. وأشار المفوض مايك بوش إلى أنّ الجيش فكّك عبوات ناسفة، عثر عليها في مركبات المشتبه فيهم، داعياً في يوم صلاة الجمعة، جميع المسلمين، إلى تجنّب التوجّه إلى المساجد "في كلّ أنحاء نيوزيلندا". وأثناء إطلاق النار، كان مسجد النور في شارع دينز يعجّ بالمصلّين، بمن فيهم أعضاء فريق بنغلادش الوطني. وقال وزير خارجية إندونيسيا إن ستة من مواطني بلده كانوا في مسجد النور بنيوزيلندا أثناء تعرضة للهجوم المسلح مع التأكد من نجاة ثلاثة منهم. وقال أحد الشهود لموقع "ستاف.كو.إن زي" الإخباري إنّه كان يصلّي في المسجد عندما سمع إطلاق نار. وأثناء فراره، رأى زوجته ميتة أمام المسجد. وخصّصت بلديّة مدينة كريستشيرش خطاً هاتفيّاً لذوي الطلاب القلقين على مصير أبنائهم الذين كانوا يُشاركون في مكان غير بعيد بمسيرة ضدّ تغيّر المناخ. من جهتها، قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، إنّ بلدها يعيش أحد "أحلك أيّامه" بعد الاعتداء الإرهابي، مشيرة إلى أنه "لم يكن أي من المشتبه فيهم في الهجوم الإرهابي على المسجدين في كرايتستشيرش على قوائم مراقبة الأمن أو الإرهاب". وأضافت في خطاب وجّهته إلى الأمّة أن "من الواضح أنّ ما حدث هو عمل عنيف غير اعتيادي وغير مسبوق". ومضت قائلة: "من الواضح أنه لا يمكن وصف ذلك إلا بهجوم إرهابي"، مشيرة إلى أنه "تم التخطيط بشكل جيد بحسب معلوماتنا" للعمليتين، وإلى "العثور على عبوتين ناسفتين مثبتتين على سيارتين مشبوهتين وتفكيكهما". من جهته، قال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، إن أحد المقبوض عليهم  في نيوزيلندا، مواطن أسترالي، واصفاً منفذ الهجوم بـ"الإرهابي المتطرف اليميني والعنيف".   غضب عالمي   وتتالت ردود الفعل الرسمية العربية والإسلامية والدولية المنددة بالهجوم الإرهابي  محذرة من تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا والعنصرية في الغرب، ومعاداة الآخر، كما حذرت من طغيان خطاب الكراهية، الذي يولد العنف. وتصدرت تصريحات رسمية للحكومة القطرية والتركية والكويتية والأردنية والمصرية والاندونيسية والماليزية والباكستانية والبحرينية،  فيما حذر الأزهر في بيانٍ، من أن الهجوم "يشكل مؤشراً خطيراً على النتائج الوخيمة التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا". بدوره، دان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، الهجوم الإرهابي المسلح بنيوزيلندا، فيما قدم الاتحاد الأوروبي "التعازي للذين فقدوا أرواحهم"، معتبراً أن "الهجوم على المعابد يعد هجوماً علينا جميعاً، ويزيد عزمنا إلى جانب المجتمع الدولي بأسره، على مكافحة الإرهاب والتطرف والكراهية التي هي مشاكل عالمية".   أفاق العنصرية في الغرب أسباب عرقية وكان الإرهابي منفذ الهجوم المسلح على مسجدي نيوزيلندا "برينتون تارنت"، نشر بيانًا للتعريف بنفسه وإعلان سبب إقدامه على جريمته. وبحسب البيان، الذي يتألف من 16 ألف كلمة في 94 صفحة، عرف "تارنت" نفسه بأنه مواطن أسترالي الجنسية من أصول بريطانية، لم يهتم بالتعليم كثيرًا ولم يلتحق بالجامعة، وفقًا لما أوردته صحيفة "ذي صن" البريطانية. وذكر أنه استهدف بجريمته بعث رسالة إلى من سماهم "الغزاة" مفادها: "طالما أن الرجل الأبيض لايزال يحيا في أرضه، فلن تكون أرضهم". وأكد "تارنت" أنه جاء إلى نيوزيلندا خصيصًا بهدف التخطيط والتدريب على الهجوم، مشيرًا إلى أنه لم يكن عضوًا في أي منظمة، لكنه تبرع للعديد من الجماعات القومية وتفاعل معها، وفقًا لما أوردته وكالة "رويترز". ويؤمن الإرهابي الأسترالي بعقيدة "تفوق العرق الأبيض"، وعبر عن ذلك، عبر حسابه على "تويتر"، عندما اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "رمزًا للهوية البيضاء المتجددة"، على الرغم من أنه لا يعتبره صانع سياسة أو زعيمًا، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية. وقال إن مسجدين في كرايستشيرش ولينوود سيستهدفان، وكذلك مسجد ثالث في مدينة آشبورتون إذا استطاع أن يفعل ذلك هناك. وقال إنه اختار نيوزيلندا بسبب موقعها، لإظهار أنه حتى المناطق النائية من العالم لم تكن خالية من "الهجرة الجماعية". فيما تداولت وسائل اعلام صورا للسلاح الذي استعمله الارهابي، تضمنت كتابة تواريخ عليها، ومنها: 721م..تاريخ  معركة تولوز بين جيش دولة الخلافة الأموية بقيادة السمح بن مالك الخولاني، وقوات دوق أقطانية بقيادة أودو دوق أقطانيا، وانتهت بهزيمة الأمويين ومقتل السمح بن مالك 732م.. إشارة لمعركة بلاط الشهداء التي إنتصر فيها الصليبيون على جيش الخلافة الأموية بقيادة عبدالرحمن الغافقي 1683م.. معركة ڤيينا التي إنتهت بإنتصار التحالف المسيحي على دولة الخلافة العثمانية 1688م.. حصار بلغراد – الإمبراطورية الرومانية ضد دولة الخلافة العثمانية.. 1189م.. الحملة الصليبية الثالثة وما تبعها من سقوط عكا ومجزرة عكا التي قتل فيها ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا أكثر من 2000 مسلم بعد تأمينهم   1571م.. معركة ليبانت البحرية التي انتصر فيها التحالف الصليبي العصبة المقدسة على أسطول دولة الخلافة العثمانية وهي ما تعبر عن مدى العنصرية المتجذرة في أمثال الارهابي …   عقيدة "المتفوق الأبيض"  ليس تارانت، سوى التجسيد الأخير، والذي لن ينتهي معه، من ظاهرة المتوفقين البيض، المعادين للآخر، بكل أشكاله، من الأفارقة إلى المسلمين، إلى حاملي القوميات والأديان المختلفة عنهم، وحتى أصحاب الأرض الأصليين. لكن ما اقترفه، سيكون أشد وقعاً، وتأثيراً، من صراخ بقية…

تابع القراءة

آفاق التصعيد العسكري بين الهند وباكستان خول “كشمير”

  آفاق التصعيد العسكري بين الهند وباكستان خول "كشمير"   جاء التوتر الاخير بين الهند وباكستان، وتبادل القصف المدفعي وإسقاط متبادل لمقاتلات حربية من كلا الجانبين، واسر طيارين بعد قصف في العمق، والمخاوف من اندلاع حرب بين القوتين النوويتين، ليطرح تساؤلات حول الدافع من وراء تصعيد المناوشات .. هل هي استعراض عضلات بها تُحقق مصالح شخصية مثل الانتخابات بالهند أو أن هناك أيادي خارجية تريد أن تشعل الحرب في القارة الهندية في ضوء الدعم الصيني للهند والدعم الامريكي لباكستان. وانتشرت تكهنات عديدة حول الحرب الهندية الباكستانية، مثل علاقة زيارة "محمد بن سلمان" لباكستان باندلاع الحرب؟، وهل ثمة من يحاول إشعال فتيل الحرب بين البلدين النوويين للقضاء على القوة الإسلامية النووية الوحيدة (باكستان)؟. وبدأت الازمة التي اندلعت عقبها الاشتباكات في 14 فبراير حين استهدفت مجموعة اسلامية مسلحة (جيش محمد) تستهدف تحرير الشق المحتل من كشمير الهندية، قافلة أمنية هندية في "جامو وكشمير" وتسببت بمقتل 44 جنديا هنديا، وإصابة 20 آخرين بجروح، لتوجه نيودلهي أصابع الاتهام باتجاه إسلام أباد، المتهمة بإيواء ودعم هذه المجموعات الكشميرية. وأعلنت جماعة "جيش محمد" المسلحة مسؤوليتها عن الهجوم الذي تسبب في مقتل أكثر من أربعين عسكريا هنديا من القوات الاحتياطية المركزية. وجاء الرد الهندي في 26 فبراير بقصف مقاتلات تابعة لنيودلهي ما وصفته بـ "معسكر إرهابي" في الشطر الباكستاني من إقليم كشمير، ووصول القصف الي داخل الاراض الباكستانية ومقتل 4 مدنيين، لترد باكستان وتسقط طائرات إف-16 الباكستانية، مقاتلتين هنديتين وأسر طيارين، ردا على اختراق الأخيرة لأجوائها، وتتحدث وسائل إعلام هندية اعتراض الهند لثلاث طائرات حربية باكستانية دخلت الأجواء الهندية واسقاط طائرة. وبعد الإسقاط المتبادل للطائرات وبلوغ التوتر بين البلدين مستويات خطيرة، أغلقت كل من باكستان والهند عدة مطارات أمام الرحلات الداخلية والدولية، استعدادا لحرب طويلة بين الجارتين النوويتين. جذور الازمة والحروب السابقة جذور الخلاف بين البلدين عميقة وقديمة، ففي 1947-1948، اندلعت أولى الحروب الهندية الباكستانية بسبب كشمير وخلّفت آلاف القتلى من الجانبين، وفي 1965 اندلعت الحرب الهندية الباكستانية الثانية واستمرت لما يقارب الشهر وخلّفت آلاف القتلى من الجانبين، وفي 1971 اندلعت حرب ثالثة هي حرب "الأسبوعين" أو الحرب "الخاطفة" بين البلدين التي أدت إلى فصل باكستان الشرقية عن الغربية وقيام جمهورية بنغلاديش. وشهدت اعوام 2008 وما قبلها وبعدها، اشتباكات اخري، وتصاعد الحديث عن حرب تقليدية ثم نووية بسبب امتلاك كلا الدولتين للسلاح النووي، بيد أنه سرعان ما كان "التوازن النووي" ينجح في إطفاء نار الحرب سريعا ويقتصر الامر على مناوشات عسكرية سريعة تنتهي بعد يومين أو اسبوع على أقصى تقدير. واقتسم البلدان إقليم "كشمير" ذا الأغلبية المسلمة، بعد نيلهما الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، وخاضا في إطار النزاع عليه اثنتين من الحروب الثلاث التي اندلعت بينهما أعوام 1948 و1965 و1971، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الجانبين. ويستبعد الخبراء من كلا البدين أن تندلع حرب رابعة بين الهند وباكستان لأن الحرب ستتحول لنووية وستؤدي لمقتل 4 ملايين شخص على الأقل وإصابة 10 ملايين آخرين ونشر أمراض فتاكة في المنطقة، ويؤكدون أنه مهما قامت حرب فستكون تقليدية بين القوات الجوية للبلدين وهو ما حدث في الاشتباكات الاخيرة. ورغم أن الهند تتفوق جويا وبريا على باكستان، إلا أن باكستان تمتلك طائرات حربية أمريكية حديثة، كما تمتلك الهند 60 قنبلة نووية مقابل 35 باكستانية فقط، ولكن قنبلة واحدة من كلا البلدين كافية بتدمير البلد الاخر حال انفلات الصراع، وهو ما تحرص الدولتان على عدم الانزلاق الي هذه المرحلة. ويستند أصحاب نظرية رفض واستبعاد حرب طويلة وشاملة بين البلدين إلى أن المواجهة المسلحة المباشرة بينهما ستكون من الامور المستحيلة لان ذلك سيؤدي الى لجوء الدولتين الى السلاح النووي ويعرف الجميع ما مدى الدمار الذي سيلحقه بالمنطقة اذ انه سيؤدي الى مقتل 4 ملايين هندي وباكستاني على الاقل. والاعتقاد الأرجح هنا أنه حتى لو قامت حرب، فان أكثر ما ستلجأ اليه الدولتان هو حربا محدودة لا تتجاوز نطاق منطقة كشمير او مناطق متنازع عليها من باب امتحان قدرات الخصم، وهو ما أكدته باكستان حين بررت اسقاطها الطائرات الهندية بأنها أرادت إثبات أن لديها قوة ردع قوية. يقول المارشال "أصغر خان" رئيس القوات الجوية السابق في تصريح لوكالة "ميديا لينك" الباكستانية، ان لدى باكستان قدرات جوية عالية يمكنها افشال اي محاولة لاستهداف باكستان جوا ومواجهتها، ويؤكد أن القدرة الدفاعية لسلاح الجو الباكستاني يمكنها افشال اي محاولة لاستهداف باكستان جوا وإلحاق الهزيمة بها. فيما يقول الجنرال أسلم بيك انه في حالة انفجار المنطقة فان السيناريو المتوقع هو شن القوات الجوية الهندية غارات على اهداف معينة داخل التراب الباكستاني ولكن ستدفع القوات الجوية الهندية ثمنا باهظا اذ انها ستتعرض لخسائر فادحة في سلاحها الجوي، وهو ما حدث في المواجهة الاخيرة. ولكن الجنرال طلعت مسعود يري ان باكستان لن تمتنع عن استخدام السلاح النووي ان شعرت انها ستفشل في الاحتفاظ بسيطرتها على الوضع وفشلها في مواجهة القوات الهندية التي تتفوق عليها عددا وعدة. ومعروف ان القوات الهندية تزيد عن مليون ونصف مليون جندي بينما لا تزيد القوات الباكستانية عن نصف مليون جندي، كما ان لدى الهند سربا هائلا من الطائرات الحربية تزيد بثلاث اضعاف عما هو متوفر لدى القوات الباكستانية. كما ان عدد دبابات الهند تزيد بخمس اضعاف ما هو لدى باكستان اليوم، اي ان الهند تتفوق على باكستان في مختلف القطاعات بما فيها السلاح النووي حيث تقدر الإحصاءات انه لدى الهنود 60 رأسا نوويا بينما لا يزيد لدى باكستان عن 25-35 رأسا نوويا. هل الانتخابات الهندية السبب؟ برغم أن الهند اعتادت الرد على أي عمل عسكري يقوم بها مقاتلو حركات التحرر في كشمير، بالقيام بعمليات دهم واعتقال وقصف جوي، إلا أن سقوط 44 جندي هندي قتيل في الهجوم الاخير شكل تحديا للحكومة التي يسيطر عليها حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الذي يحمل أنصاره عداءا كبيرا للمسلمين في الهند وباكستان وكشمير. ومع هذا يري مراقبون أن الرد الهندي كان مبالغا فيه بعدما اخترقت الطائرات الهندية الاجواء الباكستانية وهددت مطارات وقصف مدنيين، وأن هذا يرجع لرغبة الحزب الحاكم المتطرف في جذب انتباه الهنود له ودعمهم له في الانتخابات الهندية العامة القادمة، إذ يسعي رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» من الحزب المتطرف لإعادة انتخابه والاحتفاظ بالسلطة لخمس سنوات أخرى. ولا شك في أن انتخابات عام 2019 لن تكون سهلة بالنسبة للحزب الحاكم كما كانت قبل خمسة أعوام مضت في 2014، عندما فاز بأغلبية كاسحة، لاسيما أن الأحزاب الإقليمية زادت قوة منذ ذلك الحين، خاصة أن حزب "جاناتا" خسر في الانتخابات التشريعية للمجالس الإقليمية الاخيرة التي أجريت الانتخابات التشريعية في خمس ولايات هندية تعد ضمن الحزام الهندوسي الشمالي لصالح حزب المؤتمر الوطني الذي سجّل أول فوز له في…

تابع القراءة

القمة العربية الأوروبية.. قراءة في خطاب السيسي ومواقف الأوروبيين

  القمة العربية الأوروبية.. قراءة في خطاب السيسي ومواقف الأوروبيين انعقدت القمة (العربيةــ الأوروبية) بمنتجع شرم الشيخ المصري خلال يومي الأحد والإثنين (24/25 فبراير2019م) وسط إجراءات أمنية مشددة، تحت شعار "الاستثمار في الاستقرار"[1]، ورغم غياب نصف الرؤساء والحكام العرب وتراجع مستوى التمثيل العربي باستثناء العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وعدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء، فإن أبرز من حضر من الجانب الأوروبي دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، وفيدريكا موغريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد. ومن أبرز الحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، والرئيس الروماني كلاوس يوهانيس بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. حيث شاركت وفود 24 دولة أوروبية و16 عربية. وقد ناقشت القمة خمسة موضوعات رئيسية[2] هي: (أولا،الشراكة العربية الأوروبية، وثانيا،التحديات الدولية، وثالثا الملفات الإقليمية مثل صفقة القرن وسورية وليبيا واليمن، ورابعا الهجرة غير الشرعية وآليات منع تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وخامسا، سبل مواجهة الإرهاب). وتعرضت المشاركة الأوروبية الواسعة لانتقادات حادة رأت فيها دلالات ورسائل تؤكد دعمها للنظم العربية المستبدة وتبنيا للغة المصالح على حساب القيم وهو ما يبدو من مغزى التوقيت ودلالات المشاركة الواسعة والتغاضي عن انتهاكات النظام في الملف الحقوقي. الأهداف ومسارات التعاون ووفقا لصحيفة "الأهرام"[3] الحكومية المصرية، فإن القمة العربية الأوروبية توفر مسارين من التعاون بين الجانبين: المسار الأول، التكاتف لمواجهة ما أسمته بخطر الإرهاب وذلك عبر المواجهة الشاملة التى طرحها السيسى وتركز على المواجهة الأمنية والفكرية والتنموية واتخاذ مواقف رادعة ضد الدول التى ترعى وتمول وتدعم الإرهاب لوجيستيا وماليا، وتوفر حاضنات وأبواقا إعلامية له, والعمل على منع تسلل العناصر الإرهابية عبر الحدود بين الدول. كذلك مواجهة الهجرة غير المشروعة عبر المنظور التنموى الذى يرتكز على معالجة أسباب تلك الظاهرة وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، كذلك تسوية الصراعات والأزمات فى المنطقة العربية التى تمثل مصدرا للهجرة غير المشروعة كما أنها أيضا تمثل بيئة مواتية لنمو الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وتسوية تلك الأزمات تكون عبر حلول سياسية توافقية وتدعيم الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية. المسار الثاني, هو تفعيل وتطوير أوجه التعاون الاقتصادى والسياسى والثقافى والذى تفرضه ضرورات الجوار الجغرافى والتاريخ العميق من التفاعل الحضارى وتعظيم الفرص الاستثمارية بينهما فى المجالات المختلفة، ولاشك أن تشبيك المصالح الاقتصادية بين العرب وأوروبا يسهم فى تحويل منطقة الشرق الأوسط من منطقة صراعات وأزمات إلى منطقة مزدهرة اقتصاديا ومستقرة سياسيا. وبحسب رؤية السيسي فإن "الاستثمار في الاستقرار" يتحقق من خلال  ثلاثة عناصر: الأول، الحفاظ على ما يسمى بكيان الدولة الوطنية وصيانتها، وإصلاحها في الحالات التي تقتضي ذلك، واعتبر ذلك مفتاح الاستقرار، والخطوة الأولى على طريق إعادة الأمن للشعوب، التي طالها الخوف والقلق على المستقبل، وبما يفتح الباب أمام جهود التنمية. ويطالب لتحقيق ذلك مزيدا  من التعاون المشترك مع الأوروبين  بغرض تدعيم مؤسسات الدولة لمواجهة التحديات الصعبة، مع الاعتداد بمبدأ المواطنة في مواجهة دعوات الطائفية والتطرف. ثانياً: ضرورة الاتفاق على مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب، بحيث تتضمن، كمكون أساسي، مواجهة أمنية صارمة مع التنظيمات والعناصر الإرهابية، ومواجهة فكرية مستنيرة مع منابعهم الأيديولوجية، كعنصر لا يقل أهمية، وكذلك منع التمويل والدعم المقدم لهم، ووقف التحريض الذي يقومون به، كعناصر مكملة لهذه المقاربة الشاملة، وفي إطار هذه المقاربة، وبغرض ضمان إنجاحها، لا يفوتني تأكيد أهمية التنفيذ الكامل لجميع أركانها، وأنها لن تكلل بالنجاح حال عدم تكاتفنا جميعاً لتنفيذها، أو الوقوف معاً بحزم أمام أي طرف يرفض تنفيذها تحت أية دعوى. ثالثاً: ضرورة  المساهمة في تحويل منطقة الشرق الأوسط من منطقة "للنزاعات" إلى منطقة "للنجاحات"، ولتحقيق ذلك، دعا إلى التعاون الاقتصادي والتغاضي عن ما وصفها بالمصالح الضيقة، والعمل مع أطراف النزاع، عبر التحفيز وأحياناً الضغط المحسوب، بهدف تنفيذ القرارات الأممية، والتي تمثل نهجاً ملزماً متفقاً عليه، لتسوية تلك النزاعات.   مغزى المشاركة ودلالة التوقيت والرسالة الأهم في المشاركة الأوروبية الواسعة أنها تعلي من لغة المصالح والتفاهمات مع النظم العربية الاستبدادية على حساب القيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتي طالما تتشدق بها؛ وهو ما يؤكد أن أوروبا عندما ترفع لواء الدفاع عن حقوق الإنسان فإنها تكون في سياق المساومة والابتزاز لتحقيق مكاسبها ومصالحها على حساب هذه القيم ذاتها؛ وهو ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى معايرة الأوروبيين بهذه المشاركة واعتبارها رسال سلبية تشرعن النظم المستبدة التي قامت على انقلاب عسكري، كما أن هذه المشاركة سوف تفقد تبني أوروبا لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أي معنى أو قيمة. ولذلك تعرضت هذه القمة لانتقادات حادة وعنيفة من جانب الإعلام الأوروبي الذي رأي فيها دعما لنظام عسكري سلطوي ملفه في حقوق الإنسان منتخم بالجرائم المروعة. ووترى صحيفة The Financial Times البريطانية[4]، أن توقيت استضافة القاهرة للقمة العربية الأوروبية، هو الأسوأ بالنسبة للأوروبيين، إذ أيد البرلمان المصري قبل أيام مقترحاً لتمديد حكم السيسي «السلطوي» على نحو متزايد حتى عام 2034، وهو «استيلاءٌ على السلطة هز البلاد»، بحسب وصف الصحيفة. وأضافت، لو تمت الموافقة على هذا التعديل، فسوف توسع هذه الخطوة من سلطة الجيش والسيسي، الذي يتهمه منتقدون بأنه مستبدٌ مسؤول عن كبح الحريات وسجن المعارضين. وينتهي تقرير الصحيفة إلى أن الأزمات التي خلقتها الهجرة غير النظامية دفعت الأوروبيين إلى التعاون مع الحكام المستبدين مثل السيسي الذي يظن أنه باستضافة هذه القمة يمكنه الإفلات من العقاب. وشنت  صحيفة "الغارديان" البريطانية[5]  هجوما مزدوجا وحادا على نظام السيسي والمشاركة الأوروبية الواسعة في مؤتمر شرم الشيخ بمصر، وذلك بعد يومين من إقدام نظام السيسي على إعدام تسعة من معارضيه. وقالت الغارديان في افتتاحيتها: بعد أيام من إعدام مصر لرجال قالوا إنهم عذبوا حتى يعترفوا بقتل النائب العام السابق في البلاد، ها هم رؤساء الدول الأوروبية يرفلون في ضيافة رئيسها، حيث يستضيف منتجع شرم الشيخ قمة الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وتضيف أنه بينما يعزز السيد السيسي قبضته على الحكم في مصر التي قالت منظمة هيومان رايتس واتش لحقوق الإنسان، إنها تعاني من أسوأ أزمة في حقوق الإنسان تمر بها منذ عقود، تتمتم البلدان الأوروبية حول "دبلوماسيتها الهادئة" بخصوص تلك القضايا. ثم يمضون قدما في بناء العلاقات وتوفير مناخ من الشرعية الدولية التي هو في أمس الحاجة إليها، بالنظر إلى سجله البائس منذ أن استولى على الحكم في انقلاب عسكري عام 2013. وحول مغزى ودلالة التوقيت والمشاركة تؤكد "الغارديان"  أن ثمة رسالة مهمة تحملها وجبة الإعدامات التي أمر بها السيد السيسي مؤخرا، ومفادها أنه واثق من أن إعدامه لعدد من الناس قريبا من موعد القمة لن ينجم عنه أي تداعيات، على الرغم من أن المحاكمات التي صدرت عنها أحكام الإعدام جائرة.  وتضيف أنه في هذه الأثناء يجري العمل على إجراء تعديلات دستورية من شأنها أن تسمح للسيد السيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2034، وتمنح للعسكر سلطات سياسية جديدة، وتزيد من…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022