كارثة محطة مصر.. عندما يتقدم أمن النظام على أمن المجتمع

  كارثة محطة مصر.. عندما يتقدم أمن النظام على أمن المجتمع بعد شهور قليلة من كارثة غرق السفينية المصرية "سالم إكسبريس" في 15 ديسمبر/كانون الأول 1991م ومقتل "476"  حاجا مصريا كانوا على متنها قبالة سواحل ميناء الغردقة على البحر الأحمر. تم إنتاج فيلم  "ضد الحكومة" الذي أدى بطولته الفنان الراحل أحمد زكي، والذي دق ناقوس الخطر من حوادث الطرق والقطارات والسفن؛ محذرا من حالات الإهمال والفساد الحكومي التي تسفر عن مقتل آلاف المصريين كل عام في حوادث الطرق والقطارات؛ وخلال المشاهد الأخيرة من الفيلم الذي كتبه "بشير  الديك" وقف البطل "أحمد زكي" أمام المحكمة صارخا بأعلى صوته «لا بد لي أن أقف.. هذه جريمة كبرى.. لا بد أن يحاسب من تسبب فيها، وإنني لا أطلب سوى محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن قتل 20 تلميذًا لم يجنوا شيئًا سوى أنهم أبناؤنا". زكي في صرخته سعى إلى تكسير تابوهات تأليه الوزراء والمسؤولين، معلنًا: "ليست لي سابق معرفة بالأشخاص الذين أطلب مساءلتهم، لكن لدي علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدي مستقبل هنا أريد أن أحميه، أنا لا أدين أحدًا بشكل مسبق، ولكنني أطالب المسؤولين عن هذه الكارثة بالمثول أمامكم .. فهل هذا كثير؟! أليسوا بشرًا خطائين مثلنا؟! أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر؟!»[1]. لكن يبدو أن صرخات أحمد زكي لم يسمعها نظام العسكر في مصر الذي يسيطر عليها منذ انقلاب 23 يوليو 1952م، فإذا قضى جنرال نحبه قتلا بالسم أو الرصاص، أو حتى بثورة شعبية؛ جيء ــ حتما ـ بجنرال بديل حتى تبقى مصر رهينة حكم الجنرالات فلا يسمح مطلقا بتولي مدني ـــ مهمما كانت كفاءته ــ حكم مصر. ولم تتوقف الحوادث المؤلمة المروعة، فقد غرقت بعد ذلك  العبارة "السلام 98" وللعجب أنها كانت  ملكا لنفس الشركة المالكة لسالم إكسبريس، وغرق على متنها في فبراير 2006 أكثر من "1400" مصري من الذين كانوا يعملون في المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي كان فيه مبارك بإستاد القاهرة الدولي؛ يستمتع مع أسرته وحاشيته بمشاهدة مباريات كأس الأمم الإفريقية التي نظمت وقتها بالقاهرة. وقبلها وفي 20 فبراير "2002" وقعت كارثة "قطار الصعيد" التي تعد أكبر كارثة في تاريخ السكة الحديد المصرية منذ إنشائها(1856م) كثاني خط سكة حديد  في العالم بعد بريطانيا هذه الكارثة أسفرت عن مقتل حوالي"400" مصري، حيث ظل القطار رقم "832" المتجه من القاهرة إلى أسوان، مسرعا وهو مشتعل بالنيران مسافة 9 كم، وراح الركاب يقفزون من النوافذ والأبواب أملا في النجاة، ومن لم يستطع القفز منهم   تفحم في مكانه. كارثة قطار الصعيد ألهمت الكاتب السينمائي أحمد عبدالله في كتابة فيلمه الرائع "ساعة ونصف"[2] والذي أخرجه وائل إحسان وأنتج سنة 2012م؛ وقام ببطولته لفيف من شباب الفن والتمثيل والذي باتوا اليوم من كبار النجوم وفي مقدمة الفيلم تم إهداؤه لشهداء حوادث القطارات في مصر. ووفقاً للأرقام الرسمية[3] الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، تمتلك مصر خطوطاً حديدية بطول 9570 كم و705 محطات ركاب، و1330 مزلقاناً، و3500 عربة ركاب، و10 آلاف عربة بضائع، و800 جرار قطار. وتؤدي هيئة السكك الحديدية دوراً فاعلاً في خدمة نقل الركاب، من خلال تنفيذ 920 رحلة في اليوم الواحد، وتشير إحصائيات الهيئة القومية لسكك حديد مصر إلى نقل 500 مليون راكب سنوياً، بمعدل 1.4 مليون راكب يومياً، بوصفها وسيلة النقل الأنسب للفقراء لانخفاض تعرفتها بالمقارنة مع وسائل النقل البري، فضلاً عن نقل 6 ملايين طن من البضائع سنويا. وتشير إحصاءات غير حكومية إلى مقتل نحو ستة آلاف مصري، وإصابة أكثر من 21 ألفاً آخرين على خلفية حوادث القطارات خلال السنوات العشر الأخيرة، وارتفع معدل الحوادث في عام 2016 وحده إلى 722 حادثة.   تكرار الحوادث في مصر وضعها بين أسوأ 10 دول على مستوى العالم في ارتفاع معدلات حوادث القطارات التي تؤدي إلى الوفاة، وإدراجها على "الخريطة السوداء" لحوادث القطارات، وهو ما يكشف عنه خبراء في المعهد القومي للنقل.   كارثة محطة مصر المروعة وصباح الأربعاء 27 فبراير 2019م، استيقظ المصريون على فاجعة جديدة، حيث  انفجر تانك بنزين الجرار رقم "2310" بالمصد الخرساني لرصيف نمرة "6" بمحطة مصر كبرى محطات القطارات في المنطقة العربية كلها، والذي أدى إلى مقتل 21 مصريا وإصابة أكثر من 45 آخرين بينهم 6 حالات خطرة وتفحمت بعض الجثث حتى إنه لم يتم التعرف على هوييها إلا بتحليل "DNA"، لكن تقديرات إعلامية تصل برقم الضحايا إلى حوالي 30 قتيلا. وكان الأكثر ألما وبشاعة هو مقاطع الفيديو التي تناقلها النشطاء للضحايا وهم يتفحمون دون وجود أدني أدوات الاستعداد داخل أكبر محطات مصر لمواجهة مثل هذه الحوادث المروعة، ولولا شجاعة شخصين قاما بإنقاذ أكثر من 10 ضحايا بالمياه لارتفع عدد  القتلى إلى 40 شخصا.   ومن المفارقة المدهشة أنه في ذات الوقت الذي  وقع فيه الحادث المؤلم، كان وزير النقل الدكتور هشام عرفات يشارك في فعاليات المؤتمر الأول لرقمنة السكك الحديدة بمدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، الذي شهد حضور عدد كبير من وزراء النقل الأفارقة وعدد كبير من الخبراء الدوليين المتخصصين في مجال السكك الحديدية، ووقف بين المشاركين مزهوا بأن مصر تضع خريطة طريق لإصلاح منظومة السكك الحديدية في دول إفريقيا!. كما أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن أكثر من 1.25 مليون شخص يلقون مصرعهم سنوياً نتيجة لحوادث الطرق، وأن 90 في المائة من تلك الوفيات تقع في الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة. وتصنف المنظمة مصر ضمن أسوأ 10 دول في مجال حوادث الطرق!. ولم تكن حادث محطة مصر هي الوحيدة التي آلمت المصريين يوم  الأربعاء الدامي، حيث شهد موجة من الحوادث التي أثارت الكثير من التساؤلات، منها نشوب حريق في كنيسة القديسة دميانة بالهرم، وآخر في محطة مياه المنصورة بمحافظة الدقهلية "دلتا مصر"  هذا بالإضافة إلى حادث قطار بمرسى مطروح (شمال غرب).   تعليمات الأجهزة الأمنية وفي أعقاب الغضب الشعبي الواسع جراء المشاهد المؤلمة لاحتراق الضحايا في انفجار جرار محطة مصر واجه نظام العسكر وإعلامه هذه الكارثة بالإجراءات التالية: أولا، تباطأ إعلام النظام  عدة ساعات عن تناول الكارثة انتظارا للتعليمات من جانب المخابرات والأجهزة الأمنية[4] التي تحدد للفضائيات والصحف والمواقع وحتى كتائب النظام الإلكترونية مسارات التناول والتوجهات والمضامين وزويا المعالجة الإعلامية؛ ونقلت صحيفة "العربي الجديد"عن  مصادر في مجموعة إعلام المصريين التابعة للمخابرات العامة، أنّ المسؤولين في قنواتها أبلغوا جميع العاملين بضرورة عدم نشْر أية مواد عن الكارثة حتى تأتي التعليمات؛  وبينما كان المصريون يبحثون عن وسائل الإعلام التي تبث مباشرة وتتابع الكارثة عن قرب كانت فضائيات النظام تبث برامج الشيف الشربيني وبرامج المطبح؛ ولم تبدأ هذه الفضائيات في تناول الكارثة إلا الساعة الواحدة ظهرا بعد مرور 4 ساعات كاملة على الحادث المروع! وذلك بعد صدور بيان من الرئاسة وجّه خلاله بـ"محاسبة المتسببين في حادث قطار محطة مصر"،…

تابع القراءة

«حل الإخوان» بين تطويع القضاء وتوظيف المؤسسة الدينية لخدمة السلطة

  «حل الإخوان» بين تطويع القضاء وتوظيف المؤسسة الدينية لخدمة السلطة   في 25 فبراير 2019م،  أصدر مجلس الدولة حكما هو أقرب إلى القرار منه إلى الحكم، فى الدعوى التى حملت رقم 4976 لسنة 65 قضائية، بعدم قبول دعوى تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي، بامتناع رئيس مجلس الوزراء عن حل جماعة "الإخوان المسلمين"، لانتفاء القرار الإدارى، استنادًا إلى أن الجماعة لم يعد لها وجود، ومحظورة بالفعل. القرار[1] صدر برئاسة المستشار فتحي إبراهيم توفيق رئيس المحكمة وعضوية المستشارين شريف أبو الخير وفتحي هلال ورأفت عبد الحميد وحامد المورالي ونوح حسين ومحمد غيث وأحمد جلال نواب رئيس مجلس الدولة وأعضاء المحكمة، وسكرتارية أحمد عبد النبي أحمد. حيثيات المحكمة استندت إلى عدة أمور: 1)    أولا، قرار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة في عهد جمال عبدالناصر عام 1954 بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها وممتلكاتها، واعتبرت أن الجماعة منذ ذلك التاريخ باتت منحلة، ولم يعد لها وجود دستورى أو قانونى. 2)    ثانيا، حكم الأمور المستعجلة بعد انقلاب 03 يوليو 2013م  بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة. 3)    ثالثا، قرار وزير التضامن الاجتماعى، متضمنا حل جمعية الإخوان المسلمين المقيدة بوزارة التضامن الاجتماعي، استنادا إلى انتماء الجمعية إلى جماعة الإخوان المسلمين. 4)    رابعا، قرار محكمة جنايات القاهرة عام 2017 بإدراج اسم جمعية الإخوان المسلمين وآخرين على قائمة الإرهاب. وانتهى قرار مجلس الدولة، إلى أن الجماعة غير مُعتبرة دستورًا وقانونًا ، ولم يعد هناك وجود لجمعيتها، ومن ثم فإن عدم الوجود القانوني والشرعي لهذه الجماعة وجمعيتها، يجعل الدعوى مفتقدة لقرار إداري سلبى أو إيجابي مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء، لذا قضت المحكمة بعدم قبول هذه الدعوى لانتفاء القرار الإداري. ويعتبر حكم محكمة القضاء الإداري، هو الرابع من نوعه المتعلق بحل الجماعة لكنه يختلف في التكييف القانوني: الأول، قرار  إداري صدر في 8 ديسمبر سنة 1948م أثناء وجود كتائب الإخوان المسلمين في حرب فلسطين مع الجيوش العربية حيث أظهرت شجاعة نادرة غضت على كثير من إخفاقات الجيوش النظامية وأثارت الرعب في نفوس عصابات الصهاينة لكن حكومة محمود فهمي النقراشي بالتنسيق مع القصر في عهد الملك فاروق؛ خشيت من هؤلاء المجاهدين وتآمرت على حل الجماعة في هذه الأجواء التي كانت توجب الوحدة ونزع فتيل أي فتنة لمنع إنشاء الكيان الصهيوني في المنطقة واغتصاب أرض فلسطين ومقدسات المسلمين، حيث تم اتهام الجماعة بالتحريض والعمل ضد أمن الدولة، وحمل الأمر العسكري رقم 63 وقضى بحل جماعة الإخوان المسلمين وجميع شعبها في 08 ديسمبر 1948، ما دفع أحد شباب الجماعة إلى اغتيال النقراشي معترفا بالحادث احتجاجا على ما وصفها بخيانة النفراشي وهو من قوبل بإدانة من رأس الجماعة حيث أصدر الإمام حسن البنا بيانا بعنوان "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" يدين فيه الحادث في الوقت الذي كان يعمل فيه على درء الفتنة وتجنب الصدام مع الحكومة والملك؛ وهو ما أفضى إلى اغتيال البنا في 12 فبراير 1949م على يد عصابات الملك والحكومة. لكن القضاء الإداري بشموخه وشموخ قضاته وقتها وبعد سلسلة من المحاكمات العادلة النزيهة، أصدر قرارا تاريخيا في 1951م بعدم مشروعية حل الجماعة. قرار الحل الثاني،  هو قرار إداري أيضا لا قضائي، من حكومة العسكر في أكتوبر 1954م، وذلك في أعقاب مسرحية حادث المنشية ومزاعم اغتيال الطاغية جمال عبدالناصر، وظل القرار ساريا  بحكم الواقع إلى أن توفى عبدالناصر فى 1970، وبمجيء الرئيس محمد أنور السادات تغيرت الأمور؛ وعادت الجماعة لنشاطها.  حتى سيطرت على معظم النقابات المهنية والاتحادات  الطلابية ودخل العشرات من قيادتها البرلمان وكانوا الكتلة الأكثر بعد نواب الوطني ب88 مقعدا في دورة "2005/2010"م. أما القرار الثالث فكان بعد انقلاب 03 يوليو 2013 م، عندما رفعت قوى وأحزاب علمانية،  دعاوى قضائية تطالب بحل الجماعة (وكانت هناك جمعية مشهرة باسم الإخوان في زارة التضامن الاجتماعي) حتى أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة يوم 23 سبتمبر 2013 ، قرارا يقضى بحل جمعية الإخوان المسلمين وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها، بعد دعوى مستعجلة من حزب التجمع تم تحريكها ضد الجماعة، ليكون أول قرار تصدره محكمة يقضى بحل الجماعة. وهو القرار  الذي انتقده قضاة وخبراء في القانون مؤكدين أن الذي  أصدره قاض جزئى غير مختص وذلك بشهادة المستشار محمد عطية نائب رئيس مجلس الدولة، الذى هوجم لأنه قال إن القضية من اختصاص القضاء الإدارى وليس العادى. فضلا عن أن شروط الاستعجال التى قررها القانون غير متوفرة فيها.[2] وفي 24 فبراير 2015 أصدرالسيسي قرارا جمهوريًا بالقانون رقم 8 لسنة 2015، فى شأن تنظيم الكيانات الإرهابية، وتم إعداد قائمتين الأولى تختص بإدراج الشخصيات المتهم والثانية بالكيانات والحركات، ودخل القانون حيز التنفيذ فى 1 مارس 2015. ومنذ هذا التاريخ أدرجت دوائر قضائيئة مشبوهة (دوائر الإرهاب) أكثر من 4690 شخصًا على قوائم الإرهاب، منهم 3418 شخصًا من الإخوان و1272 من قيادات الجماعات المولية لداعش. كما وضع القضاء 30 حركة ومجموعة على قوائم الكيانات الإرهابية.   لماذا مجلس الدولة؟ قرار مجلس الدولة الأخير بتأييد قرار الحكومة بحل الجماعة وكذلك قرار ما تسمى بمحكمة الأمور المستعجلة، هو في الواقع تحصيل حاصل؛ ذلك أن الحظر والمصادرة والانتقام هي إجراءات قائمة بالفعل للجماعة وقيادتها وعناصرها والمتعاطفين معها، منذ انقلاب 03 يوليو؛ وبذلك هو لا يؤسس وضعا قانونيا جديدا بقدر ما هو شرعنة لإجراءات شاذة خالفت القانون والدستور. لكن ثمة اختلافا بين قرارات الحل السابقة كلها وقرار التأييد الأخير  الصادر من مجلس الدولة؛ فكل القرارات السابقة هي قرارات إدارية صدرت عن الحكومات بناء على تكييف سياسي؛ بينما قرار  الأمور المستعجلة  صدر عن قاض جزئي لا ولاية له على القضية ولا اختصاص للمحكمة ذاتها في نظر القضية. ولذلك يكتسب قرار مجلس الدولة  أهمية عند سلطات الانقلاب باعتباره أول قرار من القضاء الإداري بهذا الشأن. ولفهم أبعاد قرار مجلس الدولة؛ يتعين الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا[3] قد أبطلت في حكم لها  السبت 02 فبراير 2019م؛ حق أي سلطة حكومية في حل الجمعيات الأهلية، واعتبرت ذلك إجراء مخالفا لأحكام الدستور؛ وقضت بعدم دستورية نص مادة بقانون يعود لعام 2002 يتضمن تخويل وزير الشؤون الاجتماعية (التضامن الاجتماعي حاليا) سلطة حل الجمعيات الأهلية. وقالت المحكمة في حيثياتها "إن حق المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية وما يرتبط به أصول دستورية ثابتة". وأوضحت أن الدستور "حظر على الجهات الإدارية التدخل في شؤون الجمعيات أو حل مجالس إدارتها أو مجالس أمنائها، إلا بحكم قضائي يقي تلك الجمعيات تدخل جهة الإدارة في شؤونها بأدواتها المختلفة". وحكم المحكمة الدستورية بمصر باتٌ ولا يجوز الطعن عليه، وتلتزم به كافة مؤسسات الدولة. ووفقا لنص القانون الجديد  70 لسنة 2017م الخاص بالجمعيات الأهلية؛ فإن على وزارة التضامن عند طلب حل الجمعيات الأهلية أن تقيم الدعوى التي تطالب بالحل أمام محكمة القضاء…

تابع القراءة

هل بات مستقبل السودان بيد إسرائيل ومثلث الثورة المضادة؟

  هل بات مستقبل السودان بيد إسرائيل ومثلث الثورة المضادة؟     خياران أحلاهما مر، إما الخضوع لاستبداد النظام القائم بالسودان المحمي بالامن وقبضته القمعية، وبين الانزلاق في مستنقع التلاعب الصهيوني العربي الذي يقوده تحالف الثورة المضادة في المنطقة العربية، والذي تشكله كلا من اسرائيل والامارات والسعودية ومصر….هكذا يجد الشعب السوداني نفسه محكوما مصيره، بعد نحو 10 أسابيع من انطلاق تظاهراته الاحتجاجية المطالبة برحيل الرئيس عمر البشير، وسط تصاعد القمع الممنهج، رغم التصريحات الوردية للنظام، ومحاولات النظام الحاكم امتصاص الغضب الشعبي الذي شب عن الطوق… ووسط ترقب دولي  لتعامل الحكومة السودانية الجديدة التي يحاول من خلالها البشير امتصاص الغضب الشعبي… جاء تقرير كشف الكاتب البريطاني  ديفيد هيرست، وسايمون هوبر ، ومصطفى أبو سنينة، في " ميدل إيست آي" عن عقد مدير المخابرات السودانية "صلاح قوش" اجتماعا مع مدير الموساد الإسرائيلي "يوسي كوهين" الشهر الماضي لبحث مسألة خلافة الرئيس السوداني "عمر حسن البشير"، ليزيح الستار عن  الى اي مدى بلغ التوغل الصهيوني في المعادلة العربية بكل تفاصيلها…   حيث أوضح الموقع أن اللقاء تم بترتيب من السعودية والإمارات ومصر الذين يسعون إلى تثبيت "رجلهم" في السلطة بالخرطوم، حسبما قال مصدر بالجيش السوداني… وقال المصدر إن السعودية والإمارات يتعاملون مع "قوش" على أنه المفضل لديهم ورجلهم في المعركة الدائرة على السلطة في السودان حاليا، على وقع الاحتجاجات الشعبية .. ووفقا للمصدر العسكري، فإن البشير لم يكن على علم مسبق بالاجتماع بين قوش وكوهين. وأضاف المصدر العسكري أن هناك إجماع على رحيل البشير من الحزب الحاكم والجيش السوداني، ولكن النقاش الدائر حاليا هو حول من الذي سيخلفه، في الوقت الذي دخلت فيه إسرائيل على الخط لتأمين الدعم الأمريكي لخطة تصعيد "قوش" بدلا منه. وأشار المصدر الذي نقل عنه الموقع البريطاني إلى أن "قوش" يمتلك علاقات قوية مع السعوديين والإماراتيين والمصريين الذين يخططون لرحيل البشير وتنصيب رجلهم بدلا منه. وفي نفس الوقت يمتلك "قوش" علاقات مع دول أوروبية والتقى برؤساء أجهزة استخبارات في أوروبا.   كما أن الموقف الاماراتي –السعودي، بمنح أفضلية لـ"قوش" على "البشير" ينطلق من قناعة بأنه سيؤدي إلى وجود حزام في منطقة القرن الإفريقي وشمال إفريقيا يوالي واشنطن، ويرتبط بعلاقات جيدة مع (إسرائيل). ويشمل ذلك الحزام كلا من مصر وليبيا (اللواء خليفة حفتر) بالإضافة إلى السودان حال الحصول على موافقة أمريكية والإطاحة بـ"البشير". وتأتي المساعي الإماراتية رغم تحسن علاقات "البشير" مع دول الخليج، وسعيه لتنميتها، إلا أن علاقات "البشير" القوية بكل من تركيا وقطر وتعاونه العسكري والاقتصادي الواضح معهما بمثابة عقبة أمام القبول باستمرار البشير، على سدة الحكم من قبل كلا من مصر والسعودية والامارات . بجانب ذلك،  حكام الإمارات كذلك لا يزالون ينظرون إلى "البشير" باعتباره ذا مرجعية إسلامية، وحليفا لجماعة "الإخوان المسلمين" أو متقاربا معها في وقت من الأوقات، وهم لا يمكنهم عبور هذه النقطة. ولعل ما يؤكد التوجهات السعودية والاماراتية المصرية، طريقة تغطية الإعلام السعودي والإماراتي للتظاهرات السودانية..وهو ما أثار ريبة السلطة السودانية حيث أظهرت تعاطفا مع الاحتجاجات ومهتما به بعكس تناولها لباقي الاحتجاجات في المطقة. وهو ما فسره المصدر العسكري بأن "الإعلام السعودي لا يفعل ذلك بدون ضوء أخضر من القيادة السعودية"..   وشغل "قوش" منصب رئيس جهاز المخابرات ين عامي 2004- 2009، و عينه البشير مستشارا للأمن القومي السوداني، ثم اعتقل في عام 2013 بسبب الشكوك حول تورطه في انقلاب ذلك العام. ثم عاد البشير إلى تعيينه مديرا للمخابرات عام 2018 ضمن خطط البشير لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن السودان.. وكانت عودة "قوش" لرئاسة المخابرات سببا في تقديم السعودية دعما ماليا للاقتصاد السوداني.   الموقف الغربي والأمريكي "قوش" لديه علاقات قوية مع واشنطن منذ أن عمل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في ملف الحرب على الإرهاب ضد تنظيم القاعدة، وأنه قام بزيارة واشنطن عام 2005. وفي سياق التمهيد لصعود قوش، نشر موقع "أفريكا إنتيليجنس" تقرير في الشهر الماضي يقول إن وكالة المخابرات الأمريكية تفضل أن يكون "قوش" هو خليفة البشير رغم أن حكومة الأخير كانت تقدم معلومات ثمينة عن حركة الشباب الصومالية وعن حركة الإخوان المسلمين.   وأشار التقرير إلى أن واشنطن تخطط لأن يأتي "قوش" بدلا من "البشير" إذا أصبح موقف الأخير شديد الضعف في معركة الاحتجاجات الدائرة الآن.. وفي سياق تقديرات الموقف الغبية والأكمريكية من الحراك السياسي السوداني، وفي 26 فبراير 2019، جددت دول الترويكا "بريطانيا، أميركا، النرويج" قلقها حيال تطورات الأوضاع في السودان، وقالت إن تعاطي الحكومة العسكرية الجديدة مع المحتجين سيحدد مستقبل التعامل مع الخرطوم، مشيرة إلى أنها لا تزال تشعر بالقلق إزاء الوضع في السودان خاصة بعد قرارت الطوارئ وتعيين الرئيس عمر البشير لعسكريين وأمنيين في مناصب حكومية عليا. وتابع البيان " ستستمر دول الترويكا وكندا في رصد الوضع عن كثب، وتؤكد ان ردة فعل حكومة السودان تجاه الاحتجاجات وممارسات الحكومة العسكرية ستحدد تعامل بلداننا في المستقبل".   وأشار بيان "الترويكا" الى أن أوامر الطوارئ الصادرة من الرئاسة السودانية تجرم الاحتجاجات السلمية وتسمح للقوات الأمنية بممارسة اعمالها القمعية والإفلات من العقاب، "مما يسهم في تقليص حقوق الانسان والحكم والادارة الاقتصادية الفعالة بصورة أكثر مما هي عليه".   ورأت هذه الدول أن العودة للحكم العسكري "لا يخلق بيئة مواتيه لتجديد الحوار السياسي أو لإجراء انتخابات ذات مصداقية". وكررت دعوة الحكومة للإفراج عن القادة السياسيين والناشطين والصحفيين، وحثتها على التقيد بالتزاماتها العامة وإطلاق سراح كل الذين احتجزوا تعسفياَ.… البيان جاء ممسكا العصا من المنتصف، ليتيح امكانية المناورة، في ظل تجفظات الجيش السوداني، الطرف الاقوى في المعادلة السودانية، على الاطاحة بالبشير قبل ترتيب الأوضاع…  وبحسب مقربون من الشأن السوداني، يأتي هذا في الوقت الذي تسعى فيه كل من واشنطن ولندن لإقناع البشير بالتنحي بشكل سلس مقابل إعطائه حصانة من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي حيث تم اتهامه بارتكاب جرائم حرب في عام 2009 بسبب حرب دارفور. وقد ناقش البشير فكرة الحصانة المحتملة مع الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" خلال قمة الاتحاد الإفريقي في إثيوبيا الشهر الماضي.   مناورة البشير التطةرات الضاغطة على نظام البشير، قابلها سلسلة من المناورات السياسية من قبل الشير، لامتصاص غضب الشارع، الذي يواصل منذ 19 ديسمبر الماضي، الحراك المطالب بتنحيه وتشكيل حكومة انتقالية. وكانت آخر خطوات البشير في هذا السياق، تفويض صلاحياته كرئيس لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، لنائبه، أحمد هارون. بجانب  خطابه الذي وجّهه للشعب، مساء الجمعة في 22 فبراير الماضي، محاولاً التخفيف من حدّة الدعوات المطالبة بتنحيه عن السلطة، وذلك بتعهّدات منه بأن يكون من موقع رئاسته للجمهورية، على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية، بما يعبّد الطريق أمام حوار سياسي، يشرف عليه بنفسه، لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة. ورغم ذلك عمد…

تابع القراءة

انتخابات الصحفيين 2019 طريق الحكومة لتأميم الصحافة المصرية عبر ضياء رشوان

  انتخابات الصحفيين 2019 طريق الحكومة لتأميم الصحافة المصرية عبر ضياء رشوان     "أنا مُستدعى لأداء مهمة"، عبارة قالها ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات والمرشح لمنصب نقيب الصحفيين الجديد، في حوار صحفي، كشفت ضمنا أسباب ترشحه المفاجئ، مقابل تخلي النقيب الحالي عن الترشح مرة اخري، وتأكيد "عبد المحسن سلامه" في بيان علي فيس بوك أنه سيكتفي بمنصبه كرئيس مجلس الإدارة "الاهرام". نزول "رشوان" المفاجئ كمرشح لانتخابات النقيب التي تجري أول مارس المقبل 2019، وإصرار عبد المحسن علي الترشح ثم عزوفه المفاجئ أيضا، تعكس حالة التحكم التي تُسير بها أجهزة الاستخبارات أمور الصحافة والاعلام في مصر، والحاجة الي نقيب جديد أكثر "لحنا" وقدرة على الدفاع عن الانقلاب، وقيادة الصحافة في مصر ككل الي بر التسبيح بحمد النظام والوقوف في أوركسترا واحده. فمصر ستشهد على مدار الشهرين المقبلين استعدادات مكثفة لتمرير التعديلات الدستورية التي لن تبقي علي السيسي فقط حاكما مدي الحياة، ولكنها ستعيد صياغة المنظومة السياسية وتقضي على آخر مظاهر الفصل بين السلطات أو على آخر ما تبقى من علامات خضوع القوات المسلحة لسلطة الحكومة المنتخَبة، وتحوّل مصر لديكتاتورية عسكرية بالاسم والفعل على السواء، بحسب تقرير لمعهد كارنيجي. وهو ما يتطلب "مايسترو" جديد يدير الصحافة والصحف ويقودها خلف التسبيح بحمد التعديلات والرد على الشكوك والانتقادات الداخلية والدولية، و"ضياء رشوان" هو الاقدر على القيام بهذا الدور بحكم علاقته الاستخبارية، ونجاح دوره السابق حين كان نقيبا خلال حكم الرئيس محمد مرسي، في التمهيد للانقلاب بحشد الصحفيين لميدان التحرير لإسقاط الرئيس مرسي واسباغ شرعية إعلامية علي تحرك الجيش للانقلاب. وسبق أن فاز رشوان بمنصب نقيب الصحفيين في الفترة بين عامي 2013 و2015، ثم خسر الانتخابات في مواجهة النقيب السابق يحيى قلّاش، والذي شغل المنصب في الفترة من 2015 حتى 2017. "رشوان" أيضا له دور محدد ومرسوم من قبل أجهزة الاستخبارات يتعلق بقيادة أوركسترا النقابة، وحشد الصحفيين والصحف لدعم الانقلاب بعدما نجح في دوره كرئيس لهيئة الاستعلامات في الدفاع عن الانقلاب (إعلاميا) في الخارج، ونجح داخليا في تقديم "ملخصات إعلامية" موجهه من المخابرات لتوزيعها على الصحف ونشرها. ومن تابع تغطية الصحف لزيارات السيسي الخارجية واخرها مؤتمر ميونخ، ومن قبلها زيارته لواشنطن، وتولي مصر رئاسة افريقيا وغيرها، سيلحظ أن الصحف تنشر مانشيتات استخبارية وتقارير متشابهة تصدرها سويا الشئون المعنوية للجيش وهيئة الاستعلامات، وهو الدور المراد ان يستكمله "رشوان نقيبا. ربما لهذا جرت إزاحة النقيب الحالي "سلامه" بطريقة لافتة، واقناعه بعبارة "يكفني رئاسة مجلس إدارة الاهرام" كأنها العبارة التي قيلت له من قبل أجهز المخابرات، لإقناعه بعدم ترشيح نفسه ضد رشوان وترديدها لتبرير عدم ترشحه المفاجئ، وجري تدبير لقاء عاجل أيضا بين رشوان ورئيس الوزراء ووزير ماليته للموافقة "نهائيا" على رفع "بدل الصحفيين" من 1680 الي 2100 جنية، وهي رشوة مقنعة ينجح بها مرشح الحكومة منذ عهد مبارك في انتخابات النقابة. وقال رشوان إن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي وافق بشكل نهائي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بنسبة 25%، ليصبح 2100 جنيه شهريًا بدلًا من 1680. ويُستقطع مبلغ «البدل» من حصيلة الضرائب على الإعلانات في الصحف، ليتمّ تحويله إلى نقابة الصحفيين بشكل شهري. ويتوقع ان يعقب كل هذا إعادة استدعاء قانون "سلامة" الخاص بالنقابة الذي جري تأجيله والذي سيعدل مواد استقلال النقابة ليضعها تحت سلطة الدولة مباشرة ضمن التوجه العام السائد لسلطة الانقلاب لتطويع وتأميم الصحافة والاعلام وجعلها مجرد بوق رسمي موحد. ويترشح على منصب «نقيب الصحفيين»: 11 مرشحًا أبرزهم "ضياء رشوان"، وأقرب المنافسين له هو رفعت رشاد (أخبار اليوم) ولكنه لا يشكل أي تهديد لرشوان، وباق المرشحين ليس لهم فرص حقيقية وبعضهم يترشح في كل انتخابات كديكور، وهم: أحمد الشامي (الجمهورية)، وسيد الإسكندراني (الجمهورية)، وسليمان عبد النبي عبد الستار (الغد)، وطلعت هاشم (مصر الفتاة)، وسمية العجوز (وكالة أنباء الشرق الأوسط)، ومحمد المغربي (الشعب)، وإسكندر أحمد (دار التحرير)، وسعيد فرج (الأحرار)، وعاصم رشوان (صحفي حر). وغاب النقيب السابق يحي قلاش عن الترشح بعدما المح لإمكانية ذلك، وسط توقعات بعزوفه عن الترشح لقراءته صورة ما ترغب فيه المخابرات او وصول رسائل غير مباشرة له بعدم الترشح خشية فتح ملفات اتهامه سابقا في قضية اقتحام النيابة بتعويق عمل النيابة. مجلس حكومي أم مختلط؟ جرت العادة على ان يتشكل مجلس نقابة الصحفيين من صحفيين حكوميين من المؤسسات الرسمية الثلاثة (الاهرام – الاخبار – الجمهورية)، وصحفيين مستقلين من التيار الناصري واليساري والإسلامي. ومع غياب التيار الإسلامي تماما بعدم الترشح او الاعتقال، منذ انقلاب 2013، أصبح تداول مقاعد المجلس قاصرا على الصحفيين الحكوميين والناصريين، وشهد المجلس الأخير انقساما بين اعضاءه الـ 7 الحكوميين + النقيب، من جهة، والأعضاء الناصريين والمستقلين الخمسة الاخرين من جهة اخري، ما عرقل عمل النقابة. ومن المتوقع تدخل الأجهزة الأمنية في انتخابات مكتب النقابة المقبلة لضمان اغلبية مريحه لمجلس رشوان تضمن له قيادة معزوفة النقابة واوركسترا دعم الانقلاب وتدجين الصحافة رسميا دون معارضة من المعارضين التقليديين، خاصة أن المقاعد الستة التي ستجري عليها انتخابات مجلس النقابة هي لمرشحين حكوميين من مجلس "سلامه". هذه المرة يتنافس 52 صحفيا على 6 مقاعد بالمجلس من بين 12 مقعدا، وتجرى الانتخابات على المقاعد التي يشغلها في الوقت الراهن مرشحون حكوميون هم كل من: محمود كامل، وخالد ميري، وحاتم زكريا، ومحمد شبانة، وإبراهيم أبو كيلة، وأبو السعود محمد، بعد قضائهم فترة 4 سنوات في المجلس الحالي، وأعلن جميعهم إعادة ترشحهم مرة أحرى عدا أبو كيلة. ومن بين المرشحين الذين تقدموا للانتخابات على مقاعد أعضاء مجلس النقابة، 29 صحفيًا بصحف مملوكة للدولة، و12 صحفيًا بصحف خاصة، و7 صحفيين بصحف حزبية، و4 صحفيين بجدول "صحفي حر". وجاء العدد الأكبر من المرشحين من مؤسسة «أخبار اليوم» التي تقدم منها 11 صحفيًا، يليها «الأهرام» التي تقدّم منها 8 صحفيين، ثم «الدستور» المملوكة للمخابرات التي تقدم منها 3 صحفيين، ما يعكس حجم الاهتمام الاستخباري بالتحكم في المجلس المقبل وضمان اغلبية مريحة للنقيب رشوان تدعمه في مسيرة تأميم الصحافة. بالمقابل يترشح عدد قليل من المعارضين او التيارات اليسارية والناصرية ويعود للترشح على منصب عضو مجلس النقابة وكيل نقابة الصحفيين السابق خالد البلشي اليساري وعضوة المجلس السابقة حنان فكري (جريدة وطني المسيحية)، وكلاهما كانا ضمن أعضاء مجلس النقابة في الفترة بين 2013 و2017. ويضم نصف المجلس الحالي الباقين في مواقعهم عدد من الصحفيين المستقلين والناصريين أبرزهم جمال عبد الرحيم وعمرو بدر ومحمد سعد عبدالحفيظ، ومحمد خراجه، ما يعني ان المجلس القادم سيكون به معارضين ولكن زيادة نسبتهم او بقاءها ضعيفة هي ما ستحسمه الانتخابات المقبلة. انتخابات "البدل" تبدأ انتخابات نقابة الصحفيين المصرية وتنتهي بما يسمي "البدل" أو "بدل المراجع" أو "بدل التكنولوجيا والمعلومات"، ولا يبقي منها سوي "الرشوة" التي يسعي النقيب الحكومي غالبا لتقديمها لجموع الصحفيين لانتخابه، بينما تنتهي…

تابع القراءة

أزمة القضاء المصري مع السلطة التنفيذية من “عبدالناصر” إلى السيسي

  أزمة القضاء المصري مع السلطة التنفيذية من "عبدالناصر" إلى السيسي           يقول الخبير الدستوري والقانوني المستشار طارق البشري إن «الدولة المصرية الحديثة قامت منذ نحو 150 عاما على عمادين أساسيين، هما القوات المسلحة والقضاء، ومثّل استقرار هاتين المؤسستين وقدرتهما على الاستمرارية وتعبيرهما عن عموم المجتمع المصري أهم ضمانات تماسك جهاز الدولة المصرية». بيد أن هاتين المؤسستين اللتين تشكلان عماد الدولة المصرية قد تسببا في ضياع الانتقال الديمقراطي، والتمهيد للانقلاب العسكري، الذي حدث يوم 3 يوليو/تموز 2013 حيث تم الانقلاب على الرئيس محمد مرسي والقبض عليه، ثم سيطرة الجيش على مؤسسة القضاء وتسييسها لصالح النظام العسكري الجديد، فتوالت أحكام القضاء الجائرة بالمؤبدات والإعدامات، التي قتلت آلاف المصريين على المشانق أو داخل السجون، وبعدما كان الهتاف في الشارع المصري: "إن في مصر قضاة لا يخشون إلا الله" أصبح: "إن في مصر قضاة لا يخشون حتى الله".[1]  ومنذ انقلاب 03 يوليو فإن القضاء الذين تآمر على الثورة والنظام الديمقراطي يتعرض لأكبر عملية تجريف واحتواء تمثلت في تعديلات قانون الهيئات القضائية بما أفضى إلى هيمنة السلطة التنفيذية بشكل كبير  على مفاصل القضاء؛ وبالتعديلات الدستورية المرتقبة فإن عملية تطويع  القضاء والوصاية عليه، تكون قد وصلت إلى محطتها الأخيرة التي بدأت مع جمال عبدالناصر وصولا إلى عبدالفتاح السيسي.   الصدام بين القضاة وعبدالناصر  يعتبر عام 1943 مهما بالنسبة للتاريخ القضائي؛ حيث صدر فيه أول قانون لاستقلال القضاء برعاية المستشار عبد العزيز باشا فهمي. وقد شهدت هذه الفترة احتراما وإجلالا للقضاء ورجاله حتى من قبل السلطات الأجنبية الموجودة بالبلاد. ومنذ الانقلاب العسكري الأول في مصر 23 يوليو1952م، سعى نظام الحكم الذي هيمن عليه الجنرالات بشكل مطلق إلى تطويع المؤسسة القضائية لتكون أداة في يد السلطة وسلاحا من أسلحتها في تأديب المعارضين والانتقام منهم؛  وفي عهد جمال عبدالناصر، مرت العلاقة بينه وبين القضاة بعدة محطات صدامية: أولا، مذبحة مجلس الدولة سنة 1955، حيث دعم السنهوري باشا وقضاة مجلس الدولة مطالب اللواء محمد نجيب بإقامة نظام ديمقراطي باعتباره أحد مبادئ حركة 23 يوليو، وهو ما استفز عبدالناصر الذي كان مصمما على عسكرة البلاد وتأسيس نظام ديكتاتوري يكون على قمته في إطار صراعه للسيطرة على الحكم، وأعلن عبدالناصر قانون تنظيم مجلس الدولة، عرف فيما بعد بـ”مذبحة مجلس الدولة 1955″، حيث أعيد تشكيل المجلس وحُرم السنهوري و11 قاضيا من مشايعيه من مواقعهم به وحُول بعضهم لمحاكم تأديبية. وبدأت بعد ذلك موجة سخط عارمة من قبل عبد الناصر ضد القضاء كان من بين آثارها حرمان القضاء من وجود ممثلين حقيقيين داخل الاتحاد الاشتراكي الذي ضم كل قوى المجتمع آنذاك. ثانيا، أنشأ عبد الناصر تنظيما طليعيا داخل المؤسسة القضائية مهمته جمع أخبار المؤسسات القضائية والتجسس على القضاة وشراء الولاءات بالذهب تارة وبالسيف تارة أخرى. وقد مُنح أعضاء هذا التنظيم ترقيات استثنائية داخل مواقعهم ليكونوا أصحاب الأصوات العليا ويقوموا بإخضاع القضاة لسلطة الدولة بكل الوسائل الممكنة. وقد كانت هذه أولى الخطوات المسجلة لإفساد الساحة القضائية منذ نشأتها منذ قرن ونصف. ثالثا، بعد نكسة 1967، زادت حالة الاحتقان الشعبي في جوانب الحياة السياسية والعامة. وقد أثر هذا المناخ في انتخابات نادي القضاة عام 1969 التي شهدت صراعا مفتوحا بين جبهة الاستقلال بقيادة المستشار ممتاز نصار والمستشار يحيي الرفاعي وقيادات التنظيم الطليعي المدعوم من الدولة ووزيرها للعدل محمد نصير. وقد خرجت النتيجة صادمة للغاية للدولة وقيادات تنظيمها؛ حيث فازت قائمة جبهة الاستقلال بكامل المقاعد التي أجريت عليها الانتخابات مما استثار عبد الناصر شخصيا وقرر تكرار مذبحة مجلس الدولة لكن على نطاق أوسع؛ فقام بفصل 189 عضوا من أعضاء الهيئات القضائية وإصدار مجموعة من القوانين وقتها سميت بتشريعات “الإصلاح القضائي”، والتي أطلق عليها القضاة "مذبحة القضاء". حيث أصدر عبدالناصر 5 قرارات جمهورية بقوانين، بإعادة تشكيل الجهات والهيئات القضائية بما يضمن عزل ونقل القضاة المتهمين بالعداء للنظام إلى وظائف غير قضائية، وحلّ مجلس إدارة نادي القضاة، وتشكيل لجنة من قضاة محسوبين على التنظيم لإدارته، فضلًا عن إنشاء المحكمة العليا التي أصبحت في ما بعد «الدستورية العليا»، وقانون رابع يعطي لرئيس الجمهورية سلطة نقل وتعيين القضاة. وأخيرًا، قانون بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسته وينوب عنه وزير العدل، وكان تشكيله غير قاصر على رؤساء الهيئات القضائية. وقد تم تصوير الإجراءات التعسفية ضد القضاة والقوانين الاستثنائية التي صدرت على أنها “ثورة تشريعية كبرى” لمواجهة الرجعية داخل المؤسسة القضائية، لاكتساب المزيد من الدعم الشعبي لهذه الإجراءات ولتحسين صورة النظام. وقد كان من بين الإجراءات التي أسفرت عنها تلك القوانين؛ ضم الهيئات القضائية جميعها رغم تباين اختصاصاتها تحت رئاسة رئيس الجمهورية، الذي خول لنفسه لقب رئيس مجلس القضاء الأعلى ونائبه وزير العدل. وبعد ذلك أصبحت ميزانية هذه الهيئات ونظام الترقيات والأجور والعلاوات والحوافز واشتراكات النوادي وخلافه في يد وزير العدل؛ مما كرس لسلطة الدولة على القضاة بشكل كبير.   آليات اختراق القضاء تعرضت العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضاء لحالة من التوتر وعدم الثقة في أواخر عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وذلك في أعقاب تبرئة المتهمين في انتفاضة الخبز يناير 1977م؛ والتي أطلق عليها السادات "انتفاضة الحرامية"؛ الأمر الذي دفع النظام إلى وضع خطط لكيفية احتواء السلطة القضائية، وتحقيق عملية اختراق واسعة لحساب السلطة وهو ما أفسد القضاء وجعله في حقيقة الأمر أداة من أدوات السلطة توظفها في صراعها السياسي وتكريس حكمها الشمولي  الذي يمثل امتداد  لانقلاب 23 يوليو1952م. وفي سبيل ذلك اعتمد النظام الخطة التالية[2] لاختراق القضاء: أولا، في منتصف عام 1979، صدر قانون ملحق بقانون السلطة القضائية سمي بقانون “الأنورين” نسبة للرئيس أنور السادات ووزير العدل في ذلك الوقت المستشار أنور أبو سحلي. وقد احتوى هذا القانون على كثير من البنود التي اعتبرت إفسادا قسريا للسلطة القضائية وغمس أيدي القضاة في الكعكة الحرام التي يشرف على توزيعها النظام حتى لا يكون لدى القضاة بعد ذلك عين أو ضمير يقاوم أي شيء ضد رغبة الدولة. وكان من بين أهم بنود هذا تقنين التحاق ضباط الشرطة بمختلف درجاتهم ورتبهم – فيما دون رتبة المقدم – بالعمل لدى سلك النيابة العامة، وهي سابقة في تاريخ القضاء المصري منذ نشأته. وقد أدت هذه السياسة إلى انضمام قرابة 3000 ضابط شرطة ومباحث إلى سلك النيابة العامة التي تعتبر أولى مراحل السلك القضائي؛ وهذا الرقم يشكل قرابة ربع العاملين بها. وكذلك تقنين نظام التفرقة الطبقية في قبول المنتسبين والعاملين بالسلك القضائي على مختلف درجاته. وهذا يعني أن العاملين بالقضاء والنيابة لابد أن يكونوا من ذوي الحسب والنسب والجاه الذي يمكنهم من الانضمام لذلك السلك الرفيع. ثانيا، مباركة النظام في عهدي السادات ومبارك، لتوريث القضاة الوظائف لأبنائهم؛ وإغراق المؤسسة القضائية وتوريط بعض أعضائها في ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية من نوع الوساطة والمحسوبية في…

تابع القراءة

3 دروس من تاريخ تغيير النظام بالقوة الخارجية[1]

  3 دروس من تاريخ تغيير النظام بالقوة الخارجية[1] دعمت إدارة ترامب زعيم المعارضة في فنزويلا، خوان جويدو، بعد دقائق معدودة من قيامه بتحدى الرئيس الحالي للدولة، نيكولاس مادورو، في الأسبوع الماضي. وقد يكون ترامب قد وعد "بالتوقف عن السباق للإطاحة بالأنظمة الأجنبية"، لكن اختياره لدعم غايدو لم يكن مفاجئًا، على الرغم من أنه يأتى على عكس ما وعد به ترامب. فالواقع العملى، يشير إلى أن كل الرؤساء الأمريكيين تقريباً منذ عهد روزفلت يسعون إلى تغيير النظم المعادية بالقوة، بشكل أو بآخر. ويقدم هذا التاريخ بعض الدروس التي تلقى الضوء على الأزمة التي تتكشف في فنزويلا. الدرس الأول: كلما كانت القوة السياسية للقائد ضعيفة، فمن الصعب أن يتخلى عن السلطة، وبالتالى تزداد فرص الإطاحة به من قبل الخارج. وتستند فكرة التدخل الخارجى للإطاحة بالنظام القائم كأداة من أدوات السياسة الخارجية، وفقاً لهذا البحث، إلى التكاليف الظاهرية وعدم فعالية بديلها – الإكراه المتمثل فى إجبار هؤلاء القادة على تغيير سياساتهم. ويسهل الإطاحة بالقادة الضعفاء خاصة عندما يفتقرون إلى القوة العسكرية، وهو ما يعطى فرصة للمعارضين فى الداخل إلى المطالبة بالإطاحة بهم. وبالتالى، فإن أكثر البلدان احتمالاً للتعرض للتدخل الخارجى للإطاحة بالنظام القائم هى تلك البلدان غير المستقرة سياسياً مثل البلاد التى يحدث بها انقلابات أو تشهد حالة من الحروب الأهلية. ولفهم معضلة مادورو، يمكن الإشارة إلى وضعية مانويل نورييجا في بنما، التى تشبه إلى حد كبير وضعية مادور. فمثل مادورو، وقف نورييجا ضد الإمبريالية، وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من تزايد المعارضة الداخلية، لم يستجب نورييجا إلى مطالب الولايات المتحدة بإجراء انتخابات، قد تؤدى إلى فقدانه لكثير من نفوذه. وعلى الرغم من أن إدارة ريغان عرضت عليه صفقات من أجل الحفاظ على نفوذه، إلا أن نورييجا لم يكن يثق في أن هذه الصفقات ستستمر بمجرد انتهاء ولايته. ومع استمرار نورييغا في تحديه للولايات المتحدة، أصبح الأمر مكلفاً سياسياً لإدارات ريجان وبوش بالتمسك بالإكراه. وعندما توفي أحد أفراد الخدمة الأمريكية في ديسمبر 1989 بعد مواجهة مع قوات نورييجا، أدلى رئيس هيئة الأركان المشتركة وقتها، كولن باول، الذي شكك في وقت لاحق فى جدوى تغيير النظام في العراق، بتصريحات قال فيها: "سيكون هناك بضع عشرات من الضحايا إذا ذهبنا. … إذا لم نذهب، سيكون هناك بضع عشرات من الضحايا على مدى الأسابيع القليلة القادمة، وسيظل نورييجا موجود". ولم يكن أي من هذين الخيارين سهلاً، ولكن الإكراه على نورييجا لم يغير شيئًا. الدرس الثاني: تبرز قضية بنما الدرس الثاني من تغيير النظام: فمع تصاعد الأزمات، من المرجح أن تؤدي حادثة واحدة – مثل وفاة أحد أعضاء الخدمة الأمريكية- إلى تحريك عمل عسكري. وقد يفسر خطر التصعيد سبب عرض مادورو التفاوض مع المعارضة، فهو يريد تجنب إعطاء مبرر لترامب لاستخدام القوة العسكرية. على سبيل المثال، حث أبناء صدام حسين أبيهم على الاستحواذ على مناجم الخليج قبل الغزو الأمريكي، لكنه رفض، خوفًا من أن يغتنم بوش الفرصة للقيام بغزو العراق. وبالتالى فإن مادورو قلقًا بشأن التصعيد ضد الدبلوماسيين الأمريكيين الذين ما زالوا في فنزويلا، لأن أى أذى يلحق بهم سوف يعطي ترامب فرصة لاستخدام القوة العسكرية. الدرس الثالث: مهما كانت المحاولة الأخيرة كارثية، فإن صانعي السياسة ما زالوا يعتقدون أنها ستنجح. حيث أنه يمكن فرض تغيير النظام مباشرة من قبل القوة العسكرية أو بشكل غير مباشر من خلال تدابير غير عسكرية، كما يمكنه إعادة تشكيل المؤسسات السياسية في البلاد أو ببساطة إقالة قائدها. وإذا فشل أحد الطرق لتغيير النظام، فعادة ما يتم تجنبه في المرة القادمة. فعندما فشل نهج بوش وبيل كلينتون غير المباشر لإسقاط صدام حسين، استغل جورج دبليو بوش المزاج العام لما بعد 11/9  من أجل شن الغزو. وكان الدرس الذي استخلصه أوباما من الاحتلال العراقي المكلف هو تجنب استخدام القوات للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، وبعد ذلك، أقنعت التداعيات في ليبيا أوباما بعدم استخدام القوة العسكرية في سوريا. وفي فنزويلا، يتخذ ترامب مقاربة غير مباشرة، يعتمد في المقام الأول على الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية، لكن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على الجيش الفنزويلي، وإذا تمكنت روسيا والصين من تقويض الضغوط الاقتصادية لترامب، فقد يحتفظ مادورو بالوسائل اللازمة لشراء ولاء الجيش. وسيترك هذا ترامب أمام خيارين: الاستمرار في المطالبة بتغيير النظام، من خلال استمرار الاعتماد على الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية (على سبيل المثال، سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران) أو استخدام القوة العسكرية. فإذا نمت الاحتجاجات، فإن هذا سيشير إلى ضعف موقف مادورو، وهو ما قد يؤدي إلى اندفاع مادورو وترامب لاختيار القوة العسكرية. وتميل الإدارات الرئاسية الأمريكية الجديدة إلى الاعتراض على الطرف المنتهية ولايته لطرق تغيير النظام. فحملة الرئيس جورج دبليو بوش الرئاسية انتقدت سياسة الرئيس كلينتون لاستخدامه الجيش "لبناء مجتمع مدني"، ولكنه فعل ذلك في العراق. وعارض أوباما حرب العراق، لكنه دعم بعد ذلك تغيير النظام في ليبيا. وفي دعم جايدو، شرعت إدارة ترامب في مسار مماثل. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيستخدم القوة العسكرية. ولكن يمكن القول أنه إذا كان مادورو، مثل نورييغا، وتحدى السياسة الأمريكية فمن المتوقع أن يحافظ على منصبه، ولكن إذا ظهر مادورو أضعف، فإن ذلك قد يدفع ترامب إلى التدخل للإطاحة به.   [1]  Melissa Willard-Foster, Three Lessons from the History of Foreign-Imposed Regime Change, POLITICAL VIOLENCE AT AGLANCE, February 1, 2019, available at:

تابع القراءة

المشهد السياسي

 المشهد السياسي المشهد المصري داخلياً وخارجياً: ×      حريق في محطة مصر … 20 قتيل و40 مصاب، غضب شعبي، والحكومة تتوعد المقصرين: وفق بيانات وزارة الصحة المصرية لقي 20 مواطنًا حتفهم وإصابة أكثر من 40 شخص. أما ردة الفعل الرسمية؛ فلم يظهر السيسي للإعلام مباشرة ولكنه أصدر بيان يقول فيه أنه "أصدر توجيهاته للحكومة بمحاسبة المتسببين عن الحادث بعد انتهاء التحقيقات وتقديم الرعاية اللازمة للمصابين وأسرهم" حيث تم تحويل ستة من صغار الموظفين والعاملين بهيئة السكة الحديد للنائب العام. بينما قال رئيس وزرائه مصطفى مدبولي الذي تفقد موقع الحادث في ظل غياب السيسي: "انتهى عهد التقاعس، ومن يهمل في حياة أي مواطن مصري سيعاقب". وأعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة فنية ستعمل مع النيابة العامة لتحديد المسؤول عن الحادث، وأكد المتحدث باسم الحكومة أن حركة القطارات عاودت العمل مجددا في جميع الأرصفة الأخرى بالمحطة[1]. السؤال المطروح تعليقاً على الحادث؛ لماذا تستمر هذه الحوادث بوتيرتها المرتفعة، رغم الإجراءات الحكومية التي تسعي لإقناع الناس أنها منطقية وكافية؟ قفزة سريعة للوراء، ومقارنة الإجراءات التي اتخذتها حكومة عاطف عبيد، رئيس الوزراء في 2002، في أعقاب حادث قطار الصعيد في 20 فبراير 2002، الذي راح ضحيته ما يزيد عن 350 شخص، تكشف عن تشابه كبير في الاجراءات التي اتخذتها حكومة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك – في هذا التوقيت – مع الاجراءات التي اتخذتها حكومة الانقلاب، وهو ما يسلط الضوء على مفارقة كاشفة، تمنح مزيد من الشرعية للاستفهام الذي طرحناه ابتداءً. هذه المقارنة تكشف عن استمرارية، ممتدة لما يزيد عن 15 عام، رغم تباين حجم الحوادث ووتيرة حدوثها وحجم خسائرها، إلا أنها بقيت مستمرة كجزء رئيسي ومركزي من المشهد العام في مصر، هذه الاستمرارية، هي: استمرار حوادث القطارات، استمرار الاجراءات الحكومية التي تبدو من الخارج صارمة وكافية، استمرار العلاقة الطردية بين الحوادث والاجراءات الحكومية دون أي تغيير في مشهد الحوادث المستمرة والمتكررة أو في الاجراءات الحكومية لتصبح أكثر فاعلية؛ وكأن هناك علاقة نفعية بين الأمرين. نظرة سريعة على الاجراءات التي اتخذتها حكومة عاطف عبيد، وهي: استبعاد وزير النقل (إقالة أو استقالة)، تحويل موظفين بالسكة الحديد للتحقيقات[2]، زيارة المصابين في المستشفى، بيانات تشجب وتستنكر وتتوعد، تأكيد رئيس الوزراء أن الحادث بسبب انفجار موقد بوتجاز في بوفيه أحد عربات القطار – مستبقاً بذلك أية تحقيقات[3]. تكشف عن حجم التشابه بين اجراءات الحكومة في التعاطي مع الحادث في هذا التوقيت مع تعاطي الحكومة الحالية مع حادث مشابه، رغم مرور ما يزيد عن 15 عام بين الحادثين. إذن لما تستمر حوادث القطارات، بهذا الحجم، وعلى هذه الوتيرة، لعل مما يفسر هذا ما ذكر في تقرير صحفي، من أنه في أعقاب حادث قطار الصعيد 2002 " تم تحويل 11موظفاً بالسكة الحديد للتحقيقات بتهمة الإهمال، وتم تبرئتهم جميعًا، وكان وزير النقل "إبراهيم الدميري" قد أقيل بعد تلك الحادث، وعاود مرة أخرى لوزارة النقل في حكومة "حازم الببلاوي"[4]. فأحد ملامح التقصير الحكومي؛ أن الاجراءات في حقيقتها غير مجدية ولا تعكس تصميم حقيقي على محاسبة المتورطين أو المسئولين، وأن المجاملات هي الحاكم لنتائج التحقيقات سواء القضائية أو نتائج عمل اللجان الفنية. كما أن أحد ملامح التقصير؛ أن الحكومة وجهازها البيروقراطي الضخم، صندوق مغلق في وجه المجتمع، بما يعوق أية رقابة أو مساءلة حقيقية. كما أن الشللية وجماعات العمل غير الرسمية تتبادل مواقعها وفق لعبة كراسي موسيقية لا تنتهي، بما يحول دون معاقبة أي مسئول بشكل حقيقي؛ فيكون استبعاده من موقعه جراء فشله، يعني نقله موقع جديد يمارس فيه لعبة الفشل التي يتقنها. ملاحظة أخيرة، وهي أن اعتماد النظام على الخارج في بناء شرعيته، أو على استرضاء شرائح معينة من النخب والمجتمع يتركز وجودها في القضاء والمؤسسة العسكرية، على وجه الخصوص، وهي شرائح لا تستخدم وسائل المواصلات الشعبية – ومنها القطارات، يعني أن النظام لا يبحث في الحقيقة عن رضى المواطن العادي، ولا يعبأ بتضرره أو سخطه على أداء الحكومة أو تدهور مستوى الحياة. ×      بعد الإعدامات وحادث محطة مصر … النظام يفشل في معركة الرأي العام: كان الحكم القضائي بإعدام 9 أبرياء في قضية اغتيال النائب العام، نقطة البداية في صراع بين النظام الحاكم في مصر وقوى المعارضة بأطيافها، على الرأي العام، سواء على الصعيد الوطني أو في الخارج. وقد كشف عدد من المؤشرات أن النظام خسر معركة الرأي العام، وبدت قراراته – حكم الإعدام – ومواقفه عارية من أية دعم شعبي واضح؛ اللهم إلا من دعم هامشي من شرائح أكثر التصاقاً بالنظام، مثل الإعلاميين المحسوبين على النظام واللجان الإلكترونية. تكرر هذا المشهد بعدها بأيام، في حادث محطة رمسيس الذي راح ضحيته ما يزيد عن 20 مواطن؛ فبدا خطاب النظام مهمش وضعيف وعاجز عن كسب تأييد أو تفهم الرأي العام في الداخل أو في الخارج، أو في تسويق خطابه المبرر والمفسر لهذه التطورات؛ فبدا كأنه محاصر وسط أجواء رافضة ومستنكرة. وقد تعالت الأصوات في الغرب المنددة بدعم الحكومات الغربية للنظام المصري رغم ممارساته؛ لم ينحصر هذا التنديد في القوى والتنظيمات الحقوقية، إنما اتسع ليشمل كتٌاب وناشطين مهتمين بشئون المنطقة، انطلقت انتقاداتهم من على أرضية سياسية برجماتية، ما منحها شرعية ووجاهة إضافية. وبصفة عامة يبدو أن هناك حالة استياء واضحة من ممارسات النظام في مصر، ومن الصمت الغربي حيالها. ويبدو أن الموقف الغربي من النظام المصري وأدائه مرشح للتغير؛ خاصة مع ظهور احتجاجات تبدو قابلة للتطور في الجزائر، ومع استمرار احتجاجات السودان رغم التعتيم المتعمد والدعم الواسع للبشير – على الأقل على المستوى الإقليمي – في مواجهة المحتجين، ومع اعتبار البعض أن هذه التطورات قد تكون مؤشر على ميلاد الموجة الثانية من ثورات الربيع العربي، ما يعني أن احتمالات انتقال عدوى الاحتجاج لمصر ممكنة للغاية، مع توفر شروطها الموضوعية. وإن كان الموقف الغربي من النظام في مصر يبقى مرهون بقدرة المعارضة على طرح بديل قوي وواضح للنظام، حتى يمكن للقوى الغربية أن تراهن على هذا البديل، وإلا تصبح مناهضة الغرب للنظام السياسي كقفزة في المجهول.  ×      محال دمياط تغلق أبوابها خوفاً من «الضرائب» وسط أجواء تشبه العصيان … تصاعد الجباية والإتاوات والحكومة تنفي فرض ضرائب جديدة على المواطنين: لليوم الثالث على التوالي، يواصل أصحاب المحال في محافظة دمياط إغلاق محالهم؛ متخوفين من شن مصلحة الضرائب حملة جديدة لجمع إيرادات ضريبية وهي أجواء تشبه أجواء اضراب أو عصيان مدني غير معلن. وفي بيان للمحافظ الدكتورة منال ميخائيل، على موقع التواصل الاجتماعي قيس بوك، طالبت فيه أصحاب المحال والتجار بمعاودة فتحها، وعدم الانسياق للشائعات، دون أن تفصح عن حقيقة وجود هذه الحملة المكبرة من عدمه. فيما صرح مسئول بوزارة المالية، أن حملات التفتيش والمكافحة التي تنفذها مصلحة الضرائب بالقاهرة والمحافظات تستهدف الاطلاع على البطاقة الضريبية والتسجيل لدى…

تابع القراءة

القمة العربية الأوروبية: النجاحات والإخفاقات

  القمة العربية الأوروبية: النجاحات والإخفاقات استضافت مصر النسخة الأولى من القمة العربية الأوروبية، والتي تحمل عنوان "الاستثمار في الاستقرار"، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء من 50 دولة عربية وأوروبية، وذلك فى يومى 24 و25 فبراير الجارى[1]. وترأس الاجتماع كل من عبد الفتاح السيسي، ودونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية عن الاتحاد الأوروبي[2]. أهداف القمة: تتركز الأهداف المعلنة للقمة العربية الأوروبية على تحقيق التقارب فى الأفكار والسياسات بين الدول العربية والأوروبية فى مختلف القضايا الإقليمية والاقتصادية والأمنية، والتى تشمل تعزيز التعاون في عدة مجالات كالتجارة والاستثمارات وتنظيم الهجرة والأمن ومشكلة تغيّر المناخ إلى جانب مشاكل المنطقة مثل القضية الفلسطينية وعودة الاستقرار إلى كل من ليبيا وسوريا واليمن[3]. ويشهد عام 2019 اهتمامًا أوروبيًّا ملحوظًا بقضايا المنطقة العربية، فخلال شهر فبراير الجاري استضافت العاصمة البولندية وارسو خلال يومي (13 – 14) فبراير مؤتمرًا دوليًّا لمناقشة قضايا الشرق الأوسط، والتي دارت أغلبها -إن لم يكن جميعها – حول القضايا الأمنية المرتبطة بالدول العربية، سواء القضية الفلسطينية، أو الصراعات الحادة التي تشهدها بعض دول المنطقة، أو التركيز على التهديدات الناتجة عن السياسات الإيرانية في المنطقة العربية. وبعد ذلك بأيام انطلق مؤتمر ميونخ للأمن، حيث كانت المنطقة العربية حاضرة بوضوح على أجندة عمل المؤتمر، خاصة القضايا الأمنية وعلى رأسها الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وحاليًّا تستضيف مصر القمة “العربية-الأوروبية” الأولى[4]. ويرجع أسباب الاهتمام الأوروبي بالمنطقة العربية إلى: 1)    البعد الأمني: تحتل قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا صدارة أهداف القمة، لما يمثله هؤلاء من ضغوط على الدول الأوروبية سواء من إمكانية تسلل الإرهابيين من بينهم أو حتى على الأقل الضغط على سوق العمل الداخلي. وبالتالي تسعى الدول الأوروبية إلى معالجة هذه المشكلة مع الدول العربية خاصة وأن نسبة الوافدين من المنطقة العربية إلى أوروبا يقارب الثلث وفقاً للمجلس الأوروبي. كما أن بعض الدول الأعضاء في الجامعة العربية تستضيف نسبة كبيرة من اللاجئين[5]. فضلاً عما يتردد عن اتجاه أوروبى لاختيار بلد عربي أو أكثر لتوطين اللاجئين في مجتمعات صغيرة مؤقتة أو دائمة يمولها الاتحاد الأوروبي[6]. وتبرز أهمية مصر في هذا الاتجاه باعتبار حجمها السكاني الكبير القادر علي استيعاب كثير من هؤلاء اللاجئين مقابل الحصول علي تمويل أوروبي ضخم. 2)    البعد الاستراتيجي: يسعى الأوروبيون إلى تثبيت التواجد الأوروبي في جنوب البحر الأبيض المتوسط في مواجهة روسيا والصين، اللتين تسعيان إلى ملء الفراغ الذي سيتركه التراجع الأمريكي من المنطقة، وفي ظل مخاطر تنامي حضور الحركات الإسلامية بمختلف أقسامها السلمية والعنيفة. وفى هذا السياق، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن المنطقتين الجارتين يجب أن تعملان سوياً في مواجهة "قوى دولية بعيدة عن منطقتنا". ولم يسمّ توسك هذه القوى، لكن مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي أكد أنه يعني الصين وروسيا[7]. 3)    البعد الاقتصادى: على الرغم من أن هذا البعد كان يحتل المرتبة الثانية، بعد القضايا الأمنية، حيث لم تشهد القمة عقد صفقات اقتصادية أو مشاريع استثمارية، إلا أن هذه القمة قد تكون مقدمة لعقد مثل هذه الصفقات والمشاريع، خاصة وأن حجم التجارة بين أوروبا والمنطقة العربية يوازي نظيره لثلاث دول مجتمعة هي روسيا والصين والولايات المتحدة، ولهذا تحرص الدول الأوروبية على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية خاصة في ظل الحروب التجارية الحالية بين أمريكا والصين[8]. نجاحات القمة: الحضور الأوروبي الواسع تعطى القمة فرصة كبيرة لعقد مناقشات مباشرة بين الدول العربية والأوروبية لتقريب وجهات النظر المختلفة حول قضايا المنطقة، خاصة فى ظل اقتراب انعقاد القمة العربية فى مارس المقبل بتونس. وشهدت القمة مستوى عالى من الحضور الأُوروبي، فقد شارك فيها 28 مسؤولًا من بينهم 20 رئيس وزراء ومستشاران (ألمانيا والنمسا)، ورئيس دولة (رومانيا)، الأمر الذي يشير إلى رغبة أوروبية بانفتاحٍ أكبر على الجوار العربي[9]. كما سمحت القمة بعقد العديد من اللقاءات الثنائية على هامشها من أجل مناقشة القضايا المشتركة بين الدولتين (وربما يكون ذلك هو الهدف من عقد القمة)، فقد عقدت اجتماعات ثنائية أوروبية- أوروبية مثل لقاء ماي وميركل، وماي وجوزيبي كونتي؛ لبحث اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من البريكست، ولقاءات أوروبية- عربية مثل لقاء ميركل مع الملك سلمان؛ لمناقشة موقف برلين من تصدير السلاح إلى الرياض، ولقاءات عربية- عربية مثل لقاء السيسى بالسبسى؛ لمناقشة قضايا الإرهاب[10]. وفى مؤشر على نجاح القمة، ورغبة الدول المشتركة فى تكرار هذه التجربة فقد اتفق المشاركون على انعقاد القمة بآلية دورية كل ثلاث سنوات، على أن تعقد القمة الثانية في بروكسل عام 2022[11]. إخفاقات القمة: تراجع الحضور العربي واختلاف المواقف شهدت القمة انخفاضاً فى الحضور العربي، فقد انحصر في حضور 12 من الحكام من أصل 22 دولة عربية، وتمثل أبرز الغائبين فى العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، كما مثل دولة قطر مندوبها الدائم في الجامعة العربية (بدرجة سفير)، وانخفض مستوى تمثيل دولة الإمارات، فقد حضر الشيخ حمد بن محمد الشرقي، حاكم إمارة الفجيرة، وهو على عكس ما جرت العادة، فبحكم العلاقات المصرية الإماراتية القوية، فإن الوفود الدبلوماسية كان يترأسها إما الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي ورئيس الوزراء، أو الشيخ محمد بن زايد، نائبه وولي عهد أبو ظبي[12]. ويشير انخفاض التمثيل الإماراتى إلى مصداقية ما يتم ترويجه عن وجود خلافات بين مصر والإمارات حول الحملة العسكرية التى يقودها حفتر حالياً، إلى جانب الخلاف بينهما بسبب انسحاب شركة اعمار الإماراتية من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. وتشهد القمة أيضاً غياب كلاً من الأمير السعودى محمد بن سلمان، والرئيس السودانى عمر البشير، وذلك بسبب الرفض الأوروبى لحضورهما، وجاء الموقف الأوروبي في ظل القناعة الغربية بتورط الأول في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول، فيما يلاحق الثاني بصفته مطلوباً في جرائم حرب لدى المحكمة الجنائية الدولية، كما يغيب الرئيس اللبناني ميشال عون عن القمة كرد فعل على عدم حضور السيسي القمة العربية الاقتصادية في بيروت[13]. وبالإضافة إلى الغياب العربى، فقد تغيب عن القمة بعض الأطرف الأوروبية القوية مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (ويمثل باريس وزير الخارجية جان إيف-لورديان)، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز[14]. كما شهدت القمة خلافات حول البيانات المشتركة، فقبيل انطلاقها، شهد اجتماع وزراء الخارجية العرب والأوروبيين فى بروكسل، في 4 فبراير 2019، من أجل وضع أجندة القمة، والوصول إلى بيان مشترك بين الجانين العربي والأوروبي، فشل الطرفين في الخروج ببيان مشترك، وخرج الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط”، في المؤتمر الصحفي المشترك مع “موجيريني”، ليقول إن “هناك تعقيدات على الجانب الأوروبي بدرجة أكبر من الجانب العربي”، لترد عليه “موجيريني”: “أرى أن العكس هو الصحيح”. وهو ما يمثل مؤشرًا على وجود تعارض في الرؤى في بعض القضايا المطروحة على أجندة القمة[15]. وشهد البيان الختامى للقمة أيضاً اعترض الجانب السعودية، نتيجة رفض…

تابع القراءة

قراءة في صراع المعارضة والنظام على الرأي العام

 السرديات المتصارعة في مصر              قراءة في صراع المعارضة والنظام على الرأي العام            كان الحكم القضائي بإعدام 9 شباب فيما يعرف بقضية اغتيال النائب العام، نقطة البداية في صراع بين النظام الحاكم في مصر وقوى المعارضة بأطيافها المختلفة، على الرأي العام، سواء على الصعيد الوطني أو في الخارج. وقد كشف عدد من المؤشرات أن النظام خسر معركة الرأي العام، وبدت قراراته عارية من أية دعم شعبي واضح؛ اللهم إلا من دعم هامشي من شرائح أكثر إلتصاقاً بالنظام، مثل الإعلاميين المحسوبين على النظام واللجان الإلكترونية. تكرر هذا المشهد بعدها بأيام، بعد حادث محطة رمسيس الذي راح ضحيته ما يزيد عن 20 مواطن؛ فبدا خطاب النظام مهمش وضعيف وعاجز عن كسب تأييد أو تفهم الرأي العام في الداخل أو في الخارج؛ فبدا كأنه محاصر وسط أجواء رافضة ومستنكرة. وقد تعالت الأصوات في الغرب المنددة بدعم الحكومات الغربية للنظام المصري رغم ممارساته؛ لم ينحصر هذا التنديد في القوى والتنظيمات الحقوقية، إنما اتسع ليشمل كتٌاب وناشطين مهتمين بشئون المنطقة، انطلقت انتقاداتهم من على أرضية سياسية برجماتية، ما منحها شرعية ووجاهة إضافية، وهو ما يثير التساؤل بشأن مستقبل هذه الانتقادات وهل يمكن أن تؤثر في موقف صانع القرار الغربي من النظام في مصر. نحاول في هذا المساحة أن نعرج على هذه النقاط، مستكشفين تفاصيلها، مستشرفين مآلاتها وتطوراتها المتوقعة، مع محاولة تفسيرها وتتبع مؤشراتها ومدلولاتها. النظام والمعارضة والرأي العام: تتابعت ردود الأفعال المستنكرة والمنددة بإعدام 9 شباب في قضية اغتيال النائب العام[1]. ما حدا بوزارة الخارجية أن تصدر بيان تعرب فيه عن رفضها للتدخل في عمل القضاء، مشددة على استقلالية القضاء المصري وحقه في إصدار الأحكام وفقاً للقوانين المصرية، وتبرر أحكام الإعدام الصادرة بأنها جاءت "بعد جلسات محاكمة مُطوّلة توافرت فيها كافة الضمانات الخاصة بالمحاكمات العادلة والنزيهة"، مستنكرة ما أسمته إدعاءات "حول انتزاع الاعترافات"، منادية "باحترام الخصوصيات الثقافية والقانونية للدول والتنوّع الذي يُعد احترامه جزءاً لا يتجزء من حقوق الانسان، والامتناع عن محاولة فرض رؤى أحادية لنموذج واحد باعتباره يسمو على ما سواه"[2]. وقد فشل النظام في كسب معركة الرأي العام، وفي إقناع الجمهور بخطابه المبرر للإعدامات، فجاءت الحملات المؤيدة للحكم، والمبررة له، ضعيفة وهامشية وعاجزة عن مدافعة حالة السخط التي بدت مرتفعة ومتنامية[3]. ويظهر هذا الفشل في كسب الرأي العام، في trend العالي الذي حصدته الهاشتاجات المنددة بأحكام الإعدامات الأخيرة، وفي اضطرار الخارجية المصرية أن تصدر بياناً تبرر فيه أحكام القضاء وتدافع عنها، وفي اضطرار السيسي أن يدافع عن أحكام الإعدام في مصر، في القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ، فقال السيسي في رده على سؤال من صحفي أجنبي حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، "أنتم تتكلمون عن عقوبة الإعدام ونحن نقدر لكم ذلك… عندما يُقتل إنسان بعمل إرهابي الأسر تقول لي نريد حق أبنائنا ودمائهم، وهذه هي الثقافة الموجودة في المنطقة وهي أن الحق يجب أن يؤخذ بالقانون"[4]. وشدد السيسي على أن تدخل الدول الأوروبية في هذه القضية يمثل محاولة لـ"تعليم" المصريين "إنسانيتهم"، مضيفا باللهجة المصرية العامية: "انتو مش حتعلمونا إنسانيتنا". واختتم السيسي كلمته قائلا: "نحن لدينا إنسانيتنا ولدينا قيمنا ولدينا أخلاقياتنا، ولديكم إنسانيتكم ولديكم أخلاقياتكم، ونحترمها، فاحترموا أخلاقياتنا وأدبياتنا وقيمنا، كما نحترم قيمكم"[5]. من المثير للأهتمام أيضاً في الخطاب المناهض لأحكام الإعدام الأخيرة، أنها جمعت بين طيف واسع من المعارضين، بصرف النظر عن التباينات الايديولوجية والتنظيمية وفي المواقف السياسية من الواقع المصري، فجاءت الحملة المعارضة للأحكام لوحة واسعة وضخمة وفي ذات الوقت شديدة التنوع[6]؛ وهو ما يعكس فشل النظام في كسب معركة الرأي العام، كما يعكس نجاح المعارضة الإسلامية –وفي قلبها الشرائح الشبابية منها[7]– في ترويج رؤيتها وكسب التعاطف والتأييد لقضيتهم، وهو ما أدي بدوره إلي تحويل الأنظار عن قضية تعديل الدستور صاحبة الحضور الأبرز في مرحلة ما قبل الاعدامات. حادث محطة مصر … النظام يفشل مجدداً في ترويج روايته: الغريب أن مشهد فشل النظام في مصر في تبرير سياساته ومواقفه للرأي العام، وفي توفير تأييد شعبي لقراراته، تكرر مرة ثانية خلال فترة لا تتجاوز اسبوعين؛ المرة الثانية كانت في 28 فبراير 2019، بعد حادث قطار محطة رمسيس؛ الذي أسفر عن مصرع 20 وإصابة أكثر من 40 شخص[8]. فرغم قرارات النظام بـ "بإقالة وزير النقل، وأمر النائب العام بفتح تحقيق في هذا الحادث على الفور، وإعلان الحكومة عن تشكيل لجنة فنية تعمل مع النيابة العامة لتحديد المسؤول عن الحادث، وتقديم الرئيس تعازيه للضحايا، وأوامره بمعاقبة المسئولين عن الحادث"، والتي تبدو ظاهرياً كافية، إلا أن الشرائح الأكبر من الرأي العام، حملت النظام مسئولية الحادث، واعتبرته مؤشراً على فشل النظام ككل، وتحجر عقليته. وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو السيسي الذي يرد فيه على وزير النقل الذي أفاد أن تطوير السكك الحديد في مصر يحتاج لحوالي 10 مليارات جنيه، فكان رد الرئيس أن هذه المليارات العشرة ستكون أكثر جدوى لو وضعت في البنوك وازدادت فوائد إيداعها بمرور الوقت[9]. كالعادة فشل خطاب النظام في تبرأة النظام من مسئوليته عن الحادث، فكانت هاشتاجات "محطة_مصر" "راجعين_التحرير_تاني"، هي الأعلى تداولاً على موقع التدوين المصغر تويتر، في أعقاب الحادث. هذا بالإضافة إلى حملة "اطمن انت مش لوحدك"، التي دعا إليها الإعلامي المصري المعارض معتز مطر، وقد استجاب عدد كبير من المصريين للحملة، وقاموا باستخدام الصفارات والطرق على الأواني، تعبيرًا عن غضبهم، وانتشرت مقاطع مصورة وتدوينات عبر الهاشتاج الذي تصدر تويتر مصر، بعد سويعات قليلة من إطلاقه، احتجاجًا على تردي الأوضاع في البلاد. مقابل ذلك دشن مؤيدو النظام المصري هاشتاج #خاف أنت_طلعت_لوحدك، ردًا على حملة "اطمن انت مش لوحدك"، واتهموا من شارك في حملة معتز مطر بالتحريض[10]. ورغم ذلك بقي حضور المؤيدين للنظام هامشياً مقارنة بالمعارضين. يضاف إلى ما سبق التعليقات المستنكرة والمنددة بالحادث، والتي اتهمت النظام بمسئوليته عنه. وكان من المشاهد المثيرة للاستغراب، أن النظام لم يعلن الحداد على ضحايا الحادث، رغم كارثية الحادث، في حين أعلن موقع جوجل الحداد على ضحايا الحادث[11]. ومما يحمل هذا الحدث من دلالات هامة، أن النظام المصري وخطابه الرسمي ونوافذه الإعلامية، لم تعد هي المصدر الذي يحدد ما يستحق الحداد وما يستحق الاحتفال وما يستحق الرفض وما يستوجب القبول، وأن الرأي العام الخارجي والوطني لم يعد يعتمد على خطاب النظام في تحديد مواقفه مما يجري في مصر. الموقف الخارجي … قراءة في المؤشرات والدلالات: موجة رفض واسعة على المستوى الخارجي للإعدامات التي نفذت بحق مواطنين في قضية اغتيال النائب العام؛ فقد استنكرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأحكام، ووصفت المحاكمات التي أسفرت عن هذه الأحكام بأنها جائرة. من جهتها، نددت منظمة العفو الدولية بحكم الإعدام، وقالت إن إعدام أشخاص أدينوا في محاكمات أثيرت بشأنها ادعاءات بالتعذيب لا يمثل عدالة،…

تابع القراءة

الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات …

  الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات … الدروس المستفادة لسياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط[1] عقد مركز التقدم الأمريكي فى واشنطن ندوة تحت عنوان الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات الدروس المستفادة لسياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط" فى 14 فبراير، وشارك فيها كلاً من السفير "جوردن جراى" السفير الأمريكى السابق فى تونس(2012-2019)، والسفيرة "آن باترسون" السفير الأمريكى السابق فى مصر (2011-2013) و"ويليام تايلور"المسئول السابقعن ملف الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية.   ابتدأ النقاش بكلمة السفير جراى، الذي رأى أن الإدارة الأمريكية كانت جيدة فى التعرف على الفرصة التى تتيحها الثورة فى تونس وقد عملت على تدعيمها كما أكد خطاب الرئيس الأمريكى حينها بأنه يدعم الثورة فى تونس بما ترك أثراً بالغاً على التونسيين، وقد اعترف بإن الثورة التونسية كانت نابعة من التونسيين ونفى أن يكون لها أى دوافع خارجية.   تلي ذلك كلمة السفيرة آن باترسون التى أكدت على ثلاث قضايا هامة:   الأولى/ أن السياسة الأمريكية تجاه مصر كانت ثابتة لعقود وكانت تسعى للمحافظة على السلام بين مصر واسرائيل.   الثانى/ أكدت على دور المؤسسة العسكرية والجيش المصرى فى الإطاحة بالرئيس محمد مرسى، وبالتالى هو من سيطيح بالرئيس عبد الفتاح السيسى فى المستقبل. فالعسكريون سيدعمون بقاء السيسى فى الحكم لكن ذلك قد لا ينجح. الثالث/ أن الإدارة الأمريكية توجه مساعدات كبيرة لمصر، تبلغ 1.3 مليار دولار في العام وهناك 500 مليون دولار تذهب إلى الجيش، إلا أنها لم تؤهل الجيش بالقدر الكافى بدليل عدم تمكنه من هزيمة ألف متمرد فى سيناء. إلى جانب ذلك، أكدت على أن الإدراة الأمريكية حاولت التواصل مع جماعة الإخوان والحركة السلفية في مصر، ولم يكن هناك أي حزب قادر على منافسة الإخوان، واعتقدت أن الإدارة الأمريكية رأت فى الرئيس محمد مرسى بأنه غير مؤهل فهو لا يعرف ما يفعله وهذا أدى إلى مصادمته مع الآخرين (ولا شك أن كلام باترسون عن كون الرئيس مؤهل أم غير مؤهل يعبر عن أمرين هو تحيز واضح ضد تجربة الاخوان في مصر من جهة وثانياً هو بمثابة تبرير للانقلاب من جهة أخري، فهل الرئيس الامريكي دونالد ترامب مؤهل لحكم أمريكا أم لا وهل يجيز ذلك الانقلاب عليه أم لا؟) . إلى جانب ذلك فقد أشارت إلى أنه كان لدى الإدارة الأمريكية معلومات كافية فيما يتعلق بمشاركة دول الخليج ودورها في الإطاحة بالرئيس مرسي وكذلك دورهم في الانقلاب.  وقد أكدت على أن الجيش كان يتابع جماعة الإخوان وكان يعرف مميزاتهم وعيوبهم، وكان يعتقد أنه بإمكانه العمل مع الإخوان على الأقل في البدايات. وحول المآخذ التى توجهها للإدارة الأمريكية، ترى باترسون أن الأدوات والآليات الدبلوماسية التى كانت تستخدمها الإدارة الأمريكية كانت قائمة على الترهيب وليس الترغيب، فهى تجيد فرض العقوبات وقطع التمويل إلا أنها تجاهلت السوق الحرة والسوق المفتوحة. تلي ذلك كلمة "وليام تايلور"، المنسق الخاص بالتحولات في الشرق الأوسط وبالانتقال الديمقراطي في دول الربيع العربي بالخارجية الأمريكية سابقا، وأكد على نقطتين أساسيتين: ·         أنه كان هناك دعم سعودي إماراتي للمعارضة ضد مرسي. ·         واشنطن تفادت القول إن انقلابا حدث في مصر لأنها أرادت استمرار الدعم للعسكريين وذلك رغم الحقيقة الواضحة المتمثلة في حدوث انقلاب. تلي ذلك سلسلة من الأسئلة حول دور الصين الذي من الممكن أن يشكل تهديد للإدارة الأمريكية ردت عليه السفيرة باترسون بإن الصين لم تكن فاعلة فى الدول العربية ولم يكن لها دور قوى فى مصر أو تونس، فقد أسهمت حالة الفراغ التى ولدتها الإدارة الأمريكية فى المنطقة أن تلعب الصين دوراً على المستوى الاقتصادى فى دول الخليج لكن هذا الدور جزئى وعلى صعيد واحد والاقتصادي. وحول آفاق تعزيز الأمن فى المنطقة أشارت باترسون إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى وضع استراتيجية واضحة المعالم حول آليات تعزيز الأمن فى المنطقة. [1] الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=wN91a8t5c0E  

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022