إخوان الجزائر يحشدون لمرشحهم الرئاسي عبد الرزاق مقري

  إخوان الجزائر يحشدون لمرشحهم الرئاسي عبد الرزاق مقري .. الدلالات وهل تتكرر تجربة مصر؟ وهل سيسمح لهم العسكر بالفوز؟   رغم أن حركة مجتمع السلم (الإخوان المسلمون بالجزائر) قدمت رئيسها د. عبد الرزاق مقري كمرشح رئاسي في الانتخابات التي ستجري 18 ابريل 2019، قبل إعلان جمعية المنتفعين من بقاء الرئيس الحالي المريض عبد العزيز بوتفليقة، إعادة ترشيح بوتفليقة للمرة الخامسة رغم عجزه، ما اعتبره مراقبون خطوة ستتراجع عنها الحركة بعد ترشيح بوتفليقة رسميا، فقد اصرت "حمس" على ترشيح "مقري" بل وبدأت الحشد له. تساؤلات كثيرة طُرحت حول إصرار إخوان الجزائر على الترشح للانتخابات هذه المرة، وسعيهم للحشد لمرشحهم الرئاسي عبد الرزاق مقري بين التيارات الاسلامية لتوحيد الكلمة ومع غيرها من التيارات؟ وتساؤلات أكثر بدأت تثار: هل تتكرر تجربة مصر في الجزائر بترشح الاخوان للرئاسة؟ وما الفارق بين التجربة المصرية والجزائرية؟ وهل سيسمح عسكر الجزائر للإخوان بالفوز برئاسة الدولة أم يضعون العقبات امامهم؟ وهل يسمح السياق الدولي المعادي للإخوان في السماح بفوز مرشح اسلامي او حتى بقاءه لو فاز؟  ترشيح بوتفليقة لا يفرق كانت أبرز الدلالات على اصرار حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، على تثبيت ترشيح رئيسها للرئاسة برغم ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، هي أن الحركة لا تري فارقا بين ترشيح بوتفليقة او عدم ترشيحه وأنها اتخذت قرار الترشح بصرف النظر عن نزول الرجل المريض ام لا لأسباب تتعلق برؤيتها للأوضاع في الجزائر والسياق الدولي. والاهم أن هذا النزول قد يكون فرصة لقراءة شعبية ودولية مختلفة لعودة الاخوان المسلمون للساحة العربية بعد وأد الثورة المضادة للربيع العربي، فسواء فاز الاخوان برئاسة الجزائر ام خسروا كما يتوقع مراقبون، فسيكون ترتيب مرشح الجماعة في حد ذاته مؤشرا هاما وربما مقصود لإظهار ان الاخوان حركة شعبية لا يزال لها حضور قوي في الشارع وان الربيع العربي والقمع خصوصا في مهد الحركة في مصر لم يؤثر على شعبيتها. بل أن نزول إخوان الجزائر الان للانتخابات الرئاسية قد يكون كاشفا لحجم التحولات الشعبية في العالم العربي بعدما ثبت فشل الانظمة التي جاءت بها الثورة المضادة، والتي جري الترويج لها على انها البديل لفشل الاسلاميين الذين جاء بهم الربيع العربي، فثبت العكس، ما قد ينعكس على تجارب الاسلاميين في مصر والدول العربية. وارجع الدكتور عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) اصراره علي الترشح للرئاسة في حوار مع "الجزيرة نت" لإن "الانتخابات الجارية جاءت في ظرف استثنائي"، وأن "ترشحنا هو تعبير عن رفضنا للعهدة الخامسة (أي ترشيح بوتفليقة) ونحن حينما ننسحب من الانتخابات نكون قد قدمنا خدمة للنظام لأنه يريد إبعادنا عن الساحة". وشدد على انه "إذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة فإن حظوظنا في الفوز بالرئاسيات ثابتة سواء إن ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة أو ترشح آخرون". وقال إنه "لم يحدث أي نوع من الجدال حول موضوع من سيكون مرشح الحركة غير رئيسها، لأن العرف في الجزائر أن يترشح رئيس الحزب، وحالة الثقة بين رئيس الحركة وأعضاء مجلس الشورى كبيرة وترشيحه كان بالإجماع". وعن حظوظ الحركة في رئاسيات 2019، قال: "نحن نتنافس للفوز، وإن كانت الانتخابات حرة ونزيهة حظوظنا في الحكم كبيرة"، نافيا أن يكون لأحزاب السلطة قاعدة شعبية، متسائلا "إن كان هذا الطرح سليما فلماذا يتم تزوير الانتخابات في الجزائر؟ ولماذا يرفضون تشكيل لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات؟". وقال الدكتور مقري إن "التزوير في الجزائر بات أمرا مفروغا منه، والاعتراف بحدوثه من قبل جميع الأطراف أكبر دليل"، مضيفا "حتى رئيس الحكومة شكا علانية من التزوير، بل ثمة مسؤولون صرحوا لوسائل الإعلام بأن التزوير يتم من أجل المصلحة الوطنية، ولا اختلاف على هذه القناعة، موالاة ومعارضة". وقال مقري "هناك إستراتيجية قديمة لتيئيس قوى التغيير من المشاركة في الانتخابات لكي يجعل النظام السياسي أحزابه تتداول يوما ما على السلطة دون حاجة إلى التزوير في غيابنا، ونحن لا يمكن أن نسمح لهم بذلك، سنشارك في الانتخابات حتى يتوقفوا عن التزوير أو يبقوا يعانون من اللاشرعية أو الشرعية المعطوبة بسبب التزوير الذي يلجؤون إليه حين نكون حاضرين في الانتخابات". وعن أبرز سبل التزوير في بلاده، قال مقري إن "أساس التزوير هو إخفاء حقيقة الكتلة الناخبة، وهي الملاحظة الأساسية التي سجلتها لجنة الاتحاد الأوروبي سابقا، حيث تصب أرقام وهمية لصالح أحزاب الموالاة، ويتم التصويت المتكرر، إلى جانب إقحام أسماء أموات لا يشطبون من السجلات"، كاشفا عن "تورط بعض القضاة في عملية التزوير، حيث يقومون بتغيير نتائج المحاضر بعض الأمثلة منها بلدية برج الكيفان في الجزائر العاصمة في التشريعيات السابقة". وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) مرشحاً عنها للرئاسة فقد تقدم مؤسس الحركة الراحل محفوظ نحناح ايضا للترشح في انتخابات 1995، وكان في منافسة مع مرشح السلطة ورئيس الدولة آنذاك ليامين زروال، وحلّ حينها ثانياً بحصوله على 26 في المائة من نسبة التصويت، فيما دعمت الحركة في انتخابات 1999 و2004 و2009 الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن تختار المقاطعة في عام 2014. ووصف الاخوان في بيان لحزبهم اصرار السلطة -عبر 4 أحزاب تشكل الائتلاف الحاكم بالجزائر -على ترشيح الرئيس المريض بوتفليقة بانه: "ليس في مصلحته وإنما لمصلحة المستفيدين من الوضع الراهن"، و"هؤلاء (لم تسمهم) يتحملون المسؤولية كاملة أمام ما ينجر عن مناوراتهم السياسية من مخاطر تهدد الجزائر". وأوضحت حركة مجتمع السلم في بيانها أن "بوتفليقة غير قادر على الاستمرار في الحكم بسبب طبيعة مرضه، وأن ترشيحه لعهدة خامسة ليس في مصلحته، ولكنه في مصلحة المنتفعين والمستفيدين من الوضع" في إشارة إلى أحزاب الموالاة ومحيط الرئيس. ودعا الحزب إلى الالتفاف حول مرشحه عبد الرزاق مقري (رئيس الحركة) "القادر على مواجهة آفة الفساد بمصداقية عالية وتقويم الانحرافات وتحقيق التوافق الوطني لضمان مستقبل آمن ومزدهر للجزائر". كما دعا المواطنين إلى "الانتباه أن هذه الانتخابات تكتسي أهمية كبيرة باعتبارها تؤذن بنهاية مرحلة وبداية تشكيل مرحلة جديدة. ورغم ترشيحه من قبل أحزاب الائتلاف الحاكم لولاية خامسة، يلتزم بوتفليقة (81 عامًا)، الذي يحكم الجزائر منذ 1999، الصمت بشأن الترشح كما لم يسحب استمارات التوكيلات من وزارة الداخلية، فيما قال رئيس الوزراء، أحمد أويحي، إن إعلان موقفه "وشيك" من خلال رسالة للمواطنين، وتنتهي المهلة القانونية لإيداع ملفات الترشح أمام المحكمة الدستورية في 3 مارس المقبل. البداية .. توحيد الصف الاسلامي وفي خطوة تبدو مهمة لتوحيد الصف الاسلامي وعدم تكرار اخطاء تجارب الربيع العربي، دعت حركة "مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية بالجزائر، الإسلاميين، إلى دعم مرشحها للانتخابات الرئاسية. وأكد بيان لقيادة الحركة دعوتها "المؤمنين بالانتماء النوفمبري (ثورة الجزائر) والتيار الباديسي (نسبة إلى عبد الحميد ابن باديس، مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين)، والرافضين للهيمنة والوصاية الاستعمارية، والديمقراطيين الصادقين المؤمنين حقاً بتمدين العمل السياسي وحماية المؤسسة العسكرية من المناكفات…

تابع القراءة

المشهد السياسي

  المشهد السياسي المشهد المصري داخلياً وخارجياً: ×      برلمان النظام يمرر تعديلات الدستور في قراءة أولية، وضغوط قوية على المعارضة لمنعها من الحركة: تعد التعديلات الدستورية التي يقوم برلمان السيسي بإقرارها بمثابة انقلاب داخلي جديد علي شركائه في السلطة والمعارضة بما يكفل له البقاء في السلطة مدي الحياة وبما يسمح له بتوريث السلطة مرة أخري وهو ما يخلف حالة من الغضب المكبوت في أوساط القوي السياسية وحتي بعض المؤسسات، وفي ظل موافقة اللجنة العامة لمجلس النواب، على طلب تعديل الدستور المصري، المقدم من بعض أعضاء المجلس كان النظام يقوم بتنفيذ أحكام الإعدام المؤجلة ضد شباب الثورة من الإسلاميين والاخوان، وتسريب الفضائح الجنسية للمعارضين، وإحالتها للنيابة العامة، وهي أبرز رسائل النظام المصري للمعارضين والشعب قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية المرتقبة.   أولى العقوبات على النواب، معارضي التعديلات الدستورية الانقلابية، كانت من نصيب داعمي الانقلاب العسكري في 3 يوليو وأبرزهم خالد يوسف، وهيثم الحريري، بعد أن فتحت النيابة العامة المصرية تحقيقاً قضائياً في عدد من البلاغات ضدهما، بتهم تتعلق بالآداب العامة، على خلفية تسريب مكالمات ومقاطع جنسية، بما يعني أن النظام قرر النظام أن يخوض معركة الدستور ضد مؤيديه ومعارضيه بسلاح الابتزاز أسوة بتراثه الطويل من أيام عبد الناصر، فهو مستوى رخيص يليق بنظام رخيص وشخصيات رخيصة. في السياق ذاته ولكن بشكل أكثر عنفاً وقسوة، نفذت مصلحة السجون المصرية، حكم الإعدام في ثلاثة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لاتهامهم بقتل نجل أحد القضاة، ثم ثلاثة آخرون من كرداسة بتهمة قتل اللواء نبيل فراج، في خطوة مفاجئة اعتبرها المراقبون للوضع العام المصري، رسالة تحذير للجماعة قبل التعديلات الدستورية. إلى ذلك قالت مصادر في وسائل إعلام مصرية، إن ضغوطاً هائلة تمارسها عليها من الأجهزة المصرية بعد وضع محاذير لتناول قضية التعديلات الدستورية، وصلت إلى حد منع بعض الصفحات وإجبار إدارات التحرير على وقف وتغيير بعض المقالات المعارضة للتعديلات الدستورية[1]. ×      استمرار اعلان المواقف المعارضة والمتحفظة وتململ في أوساط مؤسسات النظام: يواصل معارضون مصريون التعبير عن رفضهم لمقترحات لتعديل دستور عام 2014 من بينها تشكيل حركة هامشية جديدة تحت اسم اتحاد الدفاع عن الدستوري مع استمرار التعبئة والنقد على وسائل التواصل الاجتماعي مع إصدار البيانات المعارضة، وفي ظل اعتراض نحو 16 عضو من برلمان السيسي علي اقرار التعديلات. وقد احتفظ عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي شكلها النظام الانقلابي والتي التي وضعت الدستور عام 2014 بموقف براجماتي انتهازي من تلك التعديلات، فقد دعا إلى "عقد حوار وطني فسيح بشأن التعديلات الدستورية الجديدة المقدمة من ائتلاف الأغلبية في البرلمان"[2]. إلا أن فكرة الحوار في الوقت الحالي فكرة غير مقبولة، لأنها كانت لابد أن تتم قبل أن يذهب مشروع التعديل إلى البرلمان لكن كونها ذهبت إلى البرلمان وأقرتها اللجنة العامة فهذا يعنى أن هذا الحوار أمر غير مُجدى الآن. فـ عمرو موسى غير رافض للتعديلات بقدر إرادته أن يتم إخراجها بشكل جيد. ينتقد موسي ما يعتبره الغموض وعدم الشفافية بخصوص مضمون التعديلات ويحذر من نتائجها السلبية وعواقبها غير المحمودة، مشيراً إلى أنها قد تؤثر بشكل سلبي على مقام الرئاسة إذا غابت عنها الشفافية والحوار، "الشفافية وحرية الرأي أمر لازم، تحقيقاً لعلاقة رشيدة مع الدستور يعدل، وبعد تعديله؛ واحتراماً لمقام الرئاسة وتوقيراً لدستور البلاد حتى وهو يخضع للتعديل."[3] ×      صراع مستتر بين السلطة وبعض الاتجاهات القضائية: قضت محكمة النقض المصرية، (الهيئة القضائية الأعلى في مصر)، بقبول طعون 219 متهماً، بينهم أعضاء في «مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين»، وابنة الشيخ يوسف القرضاوي وزوجها، على قرار محكمة جنايات القاهرة، بإدراجهم على «قائمة الإرهابيين»؛ لاتهامهم بارتكاب وقائع أبرزها تشكيل جناح عسكري للجماعة، وتمويل أعمال العنف، واستهداف الشرطة والجيش والقضاة. وأمرت "النقض" بإعادة أوراق القضية التي تضمّ 296 متهماً، إلى الجنايات مرة أخرى، لتصدر فيها قراراً جديداً بحق المتهمين الذين تقدموا بالطعن، وكذلك من لم يتقدموا، وذلك بعد إدراجهم في يوليو 2017 في تلك القائمة لثلاث سنوات. ومن أبرز الأسماء المدرجة؛ أعضاء مكتب الإرشاد مثل القائم بأعمال المرشد الدكتور محمود عزت، والدكتور محمود حسين، ونائب مرشد الجماعة إبراهيم منير، والدكتور محمد عبد الرحمن المرسى بالإضافة إلى علا القرضاوي وزوجها حسام الدين خلف[4]. الحكم بقبول الطعون جاء من أعلى هيئة قضائية في مصر، بالتالي من المحتمل للغاية أن يكون الحكم يحمل رسائل سياسية من أعلى هيئة قضائية للسلطة السياسية، التي سعت كثيراً خلال الفترة الماضية أن تقتطع من الصلاحيات والنفوذ التي يتمتع بها القضاة، وعملت على التدخل في عمل الأخيرة وإخضاعهم للسلطة التنفيذية على غرار غيرهم من أجهزة الدولة وبالطبع مكونات المجتمع. وكانت الدعوة لتعديل الدستور، وما حملته مقترحات التعديل من محاولات لتقليص صلاحيات القضاء وإخضاعهم لسلطة الرئيس، مسفرة عن نوايا الرئاسة حيال القضاة، وهو ما لن يتقبله القضاة بالصمت والتسليم. وفق هذه القراءة، فإن الغرض من الحكم لفت نظر السلطة لقدرة القضاء على مناهضته وتبديد أماله ومناهضة مراميه. من جهة أخرى، يكشف الحكم دوافع النظام لتمديد حالة الطوارئ وتوسيع صلاحيات المحاكم العسكرية؛ فالطوارئ والمحاكم العسكرية تعطي النظام القدرة على السيطرة والتخلص من شغب المعارضين بشكل ناجز وسريع بعيد عن بطء القضاء العادي، أو قل معارضته سياسات النظام ومناهضته إياها، إن صح قول ذلك. فالمحاكم العسكرية ناجزة وأكثر خضوعاً للتسيس وللسلطة التنفيذية، والطوارئ تفتح المجال واسعاً للإخفاء القسري والاعتقال والتصفية خارج إطار القانون، وغيرها من صور الممارسات التي تمكن السلطة من إخضاع المجال العام وتصفية معارضيها العنيدين.   ×      فرص المعارضة والمخاطر على النظام: يحاول النظام – متوجساً – تمرير التعديلات الدستورية، بما يسمح له بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، وبما يكرس مزيد من السلطات بيد السلطة التنفيذية ممثلة في رأس النظام، وبما يضمن لنخبة الحكم خروج أمن من السلطة حينما يستدعي الواقع ذلك. لكن ما يظل بعيداً عن النقاش هو ما تحمله التعديلات الدستورية في حال تمريرها – وهو المتوقع – من فرص للمعارضة ومخاطر على النظام: المخاطر: مع تمرير التعديلات الدستورية، وتأكيد بقاء نخبة الحكم الحالية بقيادة السيسي في سدة الحكم لـ 12 عام قادمة، سيفقد كثير من شرائح المجتمع صبرهم حيال سياسات النظام، وأملهم في رحيله عقب سنوات حكمه العجاف مع نهاية الفترة الرئاسية الثانية، وستكون هناك لحظة استثنائية ستحدد فيها المكونات الاجتماعية والسياسية موقفها من السلطة بوضوح، إما استسلام أو مقاومة، ولن يكون هناك – بالنسبة للمجتمع – ما هو أسوء مما هو قائم. ستفقد مقولات ثورة 30 يونيو، وحماية يناير والدولة من خطر الأسلمة والأخونة والحرب على الإرهاب أية جاذبية، وستكون شبق السلطة، حقيقة عارية أمام الجميع دون أية أردية أو رتوش أو تجميل. الفرص: انحسرت حالة السيولة، بعد أن كانت سمة مميزة للتطورات في الساحة المصرية خلال سنوات ما بعد الثورة في يناير 2011، فخلال السنوات…

تابع القراءة

المشهد السياسي

  المشهد السياسي المشهد المصري داخلياً وخارجياً: ×      ضغوط النظام لتمرير الانقلاب الدستوري بالقوة: تنفيذ حكم الاعدام في ثلاثة من شباب الاخوان وسط صمود وتحدي الأهالي: في ذكري ثورة يناير قامت سلطة الانقلاب بتنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة من خيرة الشباب المصريين بعد أن أيدت محكمة النقض في ديسمبر 2017، أحكام الإعدام الصادرة من محكمة جنايات المنصورة بحق 3 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بذريعة إدانتهم باغتيال نجل أحد المستشارين في نهاية أغسطس 2014، والشهداء الثلاثة هم: عبد الحميد عبد الفتاح متولي (47 عاماً) – صاحب شركة كمبيوتر، وأحمد ماهر الهنداوي – الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، والمعتز بالله غانم – الطالب بكلية التجارة جامعة المنصورة. وقد صدر بيان من الإخوان المسلمين مندداً بتنفيذ حكم الإعدام في ثلاثة من خيرة شباب مصر، تحت دعوى هزلية "نجل المستشار"، بعد أن انتزعت منهم اعترافات تحت وطأة التعذيب الوحشي. معتبرة أن "هذه الجريمة الجديد تعد لعنة تتلوها لعنات على عصابة الانقلاب المجرمة، وتضاف إلى سجلها الحالك السواد في سفك دماء الأحرار، دون جريمة ارتكبوها أو ذنب اقترفوه، اللهم إلا رفض الظلم والطغيان، والنضال السلمي ضد الاستبداد"، ثم توجهت "إلى كل أحرار العالم … متى يصرخ ضميركم ضد هذا المستبد القاتل ونظامه الدموي الفاشي … ومتى تتدفق دماء الكرامة والنخوة في عروقكم لوقف هذه الاعتداءات الإجرامية بحق الأبرياء". ووجهت كلامها إلي النظام قائلة "ليوقن الانقلابيون الخونة أن مصر لن تنجرف – بإذن الله – بسبب جرائمهم المجنونة إلى احتراب أهلي ولن يسمح شعبها للعملاء الخونة بالنيل من هذا الوطن. وليعلموا ومن خلفهم من عصابات القتل والخراب أن جمعهم سيهزم، وسيولون الدبر، وسينالون القصاص العادل إن شاء الله … إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا". أظهر الشهداء ثباتاً وصبراً ويقيناً في وعد الله فلم يمكنوا دعاية النظام من اظهار أية حالة من الضعف أو التردد، وكذلك برز ثبات الأهالي والأسر، وقد ساد وسائل التواصل الاجتماعي أجواء من الحزن والألم ترافقها مشاعر من التحدي وإظهار الثبات والصبر والدعوة للاستعداد للخلاص من الظلم. السياق السياسي المرتبط بمرحلة جديدة من الانقلاب الدستوري والسعي لإظهار تماسك النظام في وجه المطالبات الدولية كانت أبرز الدوافع لاختيار هذا التوقيت الحساس، فالنظام يمارس كل الضغوط ويستخدم كل القوة والعنف ضد الاخوان والقوي المناضلة لكسر عزيمتها ومنعها من الاعتراض على التعديلات ويستخدم السجناء كرهائن لتنفيذ رغباته المجنونة، التي يرفض الأسري في السجون والأحرار في الداخل والخارج الخضوع لها، فالنظام مثل من يختطف طائرة الوطن ويقتل كل فترة عدد من الرهائن حتى يستجيب أصحابها لرغباته وأهوائه. ×      مناشدات من المنظمات الحقوقية ولكن النظام يضرب بها عرض الحائط طالما أنها لا تتحول إلى ضغوط عليه: كانت المطالبات الحقوقية والمناشدات بوقف أحكام الاعدام ولكن دون أدوات ضغط حقيقية على النظام الذي يحرص علي تجاهل التنديد طالما اقتصر على الادانة الاخلاقية والحقوقية وكان آخرها اثارة الرئيس الفرنسي لقضية حقوق الانسان ولكنه لم يثر قضية الاعدامات في مؤتمره مع السيسي. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد حثت محكمة النقض المصرية على إلغاء أحكام الإعدام الجماعية، التي صدرت في سبتمبر الماضي بحق 75 متهماً من قيادات وأنصار جماعة "الإخوان"، في المحاكمة المعروفة إعلامياً بـ "فض اعتصام رابعة"، والتي وصفتها المفوضية بأنها "محاكمة غير عادلة". واعتبرت أن تنفيذ هذه الأحكام يمثل إجهاضاً جسيماً للعدالة في مصر. بدورها دعت فرنسا إلى تعليق أحكام إعدام 75 معارضاً من في مصر، تنفيذاً لأحكام صادرة عن محكمة جنايات القاهرة، مشيرة إلى أن "باريس تكرر معارضتها المستمرة لعقوبة الإعدام، في أي مكان وظرف، والتزامها بالإلغاء العالمي لهذا العقاب غير العادل، وغير الإنساني، وغير المجدي"، على حد تعبير بيان صادر عن الخارجية الفرنسية. وأصدرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، بياناً يدين أحكام الإعدام في مصر، ويشكك في مصداقية القضاء المصري، واستقلاليته. كذلك أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، إحصاءً مبسطًا بأحكام الإعدام التي صدرت في يناير 2018، رصدت فيه تنفيذ الحكم إزاء 30 متهماً، مبينة أن هناك 51 متهماً آخرين في 17 قضية، تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي في نهاية عام 2017، استعداداً لتنفيذ العقوبة. ×      تركيا تحقق بترحيل مصري محكوم بالإعدام وتوقف 8 شرطيين: بعد انتشار نبأ ترحيل الشاب المصري محمد عبد الحفيظ حسين إلى مصر الشهر الماضي رغم أنه محكوم بالإعدام، أعلنت ولاية إسطنبول، يوم الثلاثاء، التحقيق في الموضوع وإيقاف 8 عناصر من أفراد شرطة مطار أتاتورك الدولي بالمدينة. وانتشر خبر ترحيل محمد عبد الحفيظ حسين، المحكوم بالإعدام بقضية مقتل النائب العام المصري هشام بركات، بعد أن وصل إسطنبول برحلة ترانزيت من مقديشو، وفشل في الدخول إلى تركيا بسبب "خلل في تأشيرة الدخول التي حاول الحصول عليها" وأشار البيان إلى "تشكيل الولاية لجنة يرأسها نائب الوالي للتحقيق في عملية إرسال عبد الحفيظ إلى مصر، وأن رجال الشرطة الذين جرى إيقافهم عن العمل يمارسون مهامهم في قسم التدقيق بالجوازات في المطار." ×      الانقلاب الدستوري: برلمان السيسي يوافق مبدئياً على تعديل الدستور وافقت اللجنة العامة لمجلس النواب، 5 نوفمبر، على طلب مشروع تعديل الدستور المقدم من 155 نائبًا، وتشمل التعديلات المقترحة مد فترة الرئاسة من 4 سنوات إلى 6 سنوات، إضافة إلى ذلك أن يكون لرئيس الجمهورية نائبًا أو أكثر، فضلًا عن إضافة نص جديد في الدستور مفاده أن «القوات المسلحة منوط بها حماية الدولة المدنية»، وكذلك عودة مجلس الشورى، باسم «مجلس الشيوخ»، إلى جانب النص على كوتة للمرأة في الانتخابات النيابية بنسبة 25% مع تمثيل مناسب للشباب والأقباط، فضلًا عن إلغاء الهيئات الوطنية للصحافة والإعلام، تمهيدًا لعودة وزارة الإعلام. وقد تم اعلان تأسيس "اتحاد الدفاع عن الدستور" للتصدي لمهمة حماية الدستور والدفاع عنه بكافة الطرق الديموقراطية السلمية وذلك بعد اجتماع ضم ممثلي ورؤساء ١١ من الأحزاب السياسية المدنية وعدد من الشخصيات العامة وأعضاء البرلمان وأكاديميين وممثلي المجتمع المدني بمقر حزب المحافظين يوم الاثنين الموافق ٤ فبراير، وقد دعمت الحركة المدنية الديموقراطية ذلك الاتحاد ومن أبرز القوي المشاركة في هذا الإطار: Bottom of Form حزب الدستور، حزب تيار الكرامة، الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حزب العيش والحرية – تحت التأسيس، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حزب الإصلاح والتنمية، حزب مصر الحرية، حزب المحافظين، الحزب الاشتراكي، حزب الوفاق القومي. ×      التعديلات الدستورية تغضب القضاة ودعوات خافتة لمقاطعة الإشراف على الاستفتاء صرحت مصادر قضائية في الهيئة الوطنية للانتخابات، لـ "العربي الجديد"، أن أعضاء مجلس إدارة الهيئة، وجميعهم من القضاة، أصابتهم المفاجأة بسبب "فداحة التعديلات" التي سيتم إدخالها على مواد السلطة القضائية، وبصفة خاصة بشأن المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة، وأن هناك توقعات بأن تؤدي هذه التعديلات إلى تعدد الاعتذارات عن الإشراف القضائي على الاستفتاء الدستوري المقبل، خصوصاً من قضاة مجلس الدولة، وعددهم نحو 3…

تابع القراءة

محادثات طالبان مع أمريكا والانسحاب الأمريكي من أفغانستان

  محادثات طالبان مع أمريكا والانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد ما يقارب السبعة عشر عاماً من الحرب المتواصة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان فى أفغانستان، والتى أنتجت العديد من الخسائر البشرية والمالية من الجانبين، تفاجأ العالم بجلوس الطرفين للمرة الأولى على طاولة مفاوضات واحدة، وهي المفاوضات التى يراها العديد من المتابعين أنها مقدمة لإنهاء هذه الحرب، بينما يشكك البعض الأخر فى إمكانية نجاح هذه المفاوضات بين الطرفين. مفاوضات إيجابية: قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، 27 يناير 2019، إن المفاوضات التي انتهت بين حركة طالبان الأفغانية والولايات المتحدة فى قطر أحرزت تقدماً كبيراً، مؤكداً أن الولايات المتحدة جادة بشأن التوصل إلى السلام في أفغانستان، وسحب القوات الأمريكية. وهو ما أكده أيضاً وزير الدفاع الأميركي الجديد، باتريك شاناهان، بقوله: «أود أن أقول إن الاستنتاجات التي استُخلِصَت، أنها (المحادثات مع طالبان) مشجعة»[1]. وعلى الجانب الأخر، أكدت حركة طالبان على أن تلك المفاوضات إيجابية، وقدمت الشكر لقطر البلد الذي استضاف المفاوضات[2]. وأوضح رئيس فريق طالبان، شير محمد عباس ستانكزاي، في حوار مع صحيفة "نن تكي آسيا"، إن "الجانب الأميركي أعطانا تطمينات بأنه جاد في خروج جميع قواته والقوات الأجنبية من أفغانستان"[3]. نتائج المحادثات: بحسب مصادر لـ "عربى بوست" فإنه تم طرح مسودة من المنتظر الموافقة عليها تشمل[4]: ·        انسحاب قوات أجنبية من أفغانستان خلال فترة مدتها 18 شهراً. ·        ضمانات لعدم استخدام البلاد كمعقل لتنظيمي القاعدة وداعش في هجماتهما الإرهابية. ·        عدم تمكين المسلحين الانفصاليين البلوش، الناشطين في جنوب غرب أفغانستان، من استخدام هذه المنطقة كمنطلق لهم في عملياتهم ضد باكستان المجاورة. ·        استعداد طالبان لخوض مفاوضات مع ممثلي الحكومة الأفغانية بعد توقيع وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية والحصول على مناصب فيها بعد وقف القتال. ·        تبادل عدد من السجناء وإطلاق سراح البعض الآخر. ·        رفع الحظر الدولي الذي فرضته الولايات المتحدة على عدد من قادة طالبان. طالبان الطرف الأقوى: يبدو أن طالبان أصبحت الطرف الاكثر قوة فى هذه المفاوضات، حيث تم عقد محادثات مباشرة بين الإدارة الأميركية وطالبان للمرة الأولى، وفى غياب الحكومة الأفغانية، وهو المطلب الذى ظلت طالبان متمسكة به[5]. كما أن الفريق الأفغاني الذي تفاوض مع المبعوث الأمريكي زلماي خليل زادة، يتكون من 5 أشخاص جميعهم كانوا معتقلين في سجون تابعة للولايات المتحدة في باكستان أو في غوانتانامو بكوبا، ومطلوبين على قوائم الإرهاب الأمريكية، وهو ما يعنى الاعتراف الضمني من المفاوض الأمريكي بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا إرهابيين. بل إن إصرار طالبان على حضور هؤلاء الأشخاص بالذات، والذين تصنفهم وكالات الاستخبارات الأمريكية إرهابيين، تعنى أنها خرجت منتصرة من الحرب[6]. معوقات المفاوضات: على الرغم من الحالة الإيجابية للمفاوضات، إلا أن هناك مجموعة من المعوقات التى تقف حائلاً أمام استمرار هذه الأجواء الإيجابية في الجولة المقبلة من المحادثات، المقرّر أن تبدأ يوم 25 فبراير المقبل، وهي أن مفاوضي طالبان يريدون انسحاباً كاملاً، قبل وقف إطلاق النار، وهو ما ترفضه أمريكا[7]. كما أن هذه المفاوضات تثير الخوف لدى الحكومة الأفغانية، نظراً إلى أن طاالبان ترفض إجراء محادثات معها (لأنها تعتبرها ألعوبة فى يد الغرب)، وهو ما دفع السلطات الأفغانية إلى التعبير عن استيائها لاستبعادها عن محادثات قطر، محذّرة من أن أيّ اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان يجب أن يتطلّب موافقة كابول[8]. وفي خطاب له أمام جمع من الشباب، أكد الرئيس الأفغانى، اشرف غنى، أن "أي خطوة تؤخذ في العجالة (يقصد التعجل بانسحاب القوات الأمريكية) قد تدفع البلاد نحو حرب أِشد، وستكون لها عواقب وخيمة"، كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز، فى 31 يناير 2019، فحوى رسالة وجهها الرئيس الأفغاني أشرف غني للرئيس الأميركي دونالد ترامب تطالبه بخفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان بشكل تدريجي إلى ثلاثة آلاف مقاتل، مع تقليص المصاريف السنوية للقوات، وذلك بهدف إبطاء الانسحاب الأمريكى، التى قد تستغله طالبان فى القضاء على الحكومة الأفغانية[9]. وبالإضافة إلى التنظيمات المسلحة الأخرى مثل داعش والقاعدة، فإن أمراء الحرب (قادة الجماعات المسلحة المحلية) الذين ليسوا تحت سيطرة الحكومة الأمريكية أو الأفغانية أو حتى تحت سيطرة طالبان من المتوقع أن يقوموا بإفشال هذه المفاوضات، فهناك مثلاً، عبد الرشيد دوستم، الخصم القوي لطالبان، والذى قتل أكثر من ستة آلاف من عناصر طالبان[10]. ختاماً، على الرغم من مصداقية التوجه الأمريكى بالانسحاب من أفغانستان، إلا أنه ليس من المستبعد أن يتراجع ترامب عن وعوده بالانسحاب الكامل والفورى منها، كما حدث فى سوريا، خاصة وأن هناك معارضة داخلية لتسرع ترامب فى الانسحاب من أفغانستان، وعلى راس معارضيه وزير الدفاع الأمريكى السابق، جيمس ماتيس. بل أن سياسة ترامب تجاه أفغانستان غير مستقرة ومتناقضة بصورة كبيرة، فقد سبق وأعلن ترامب فى عام 2017 عن استراتيجية جديدة فى أفغانستان تقوم على زيادة القوات الأمريكية فى أفغانستان، ليقوم بعد ذلك بتبنى استراتيجية متناقضة تقوم على الانسحاب الكامل، وبالتالى فليس من المستبعد أن يتراجع ترامب عن هذه الاستراتيجية فى قادم الأوقات.   [1] "واشنطن تُشيع جوّاً من التفاؤل: المحادثات مع «طالبان» مشجعة"، الأخبار، 29/1/2019، الرابط التالى: [2] "إرهابيو الأمس مفاوضو اليوم! أمريكا تحاور طالبان ووفد الحركة بالكامل على قوائم واشنطن"، عربى بوست، 27/1/2019، الرابط التالى: [3] ""طالبان" تؤكد حصولها على تطمينات من الولايات المتحدة حول انسحابها من أفغانستان"، العربى الجديد، 30/1/2019، الرابط التالى: [4] "إرهابيو الأمس مفاوضو اليوم! أمريكا تحاور طالبان ووفد الحركة بالكامل على قوائم واشنطن"، مرجع سابق. [5] "تشكيك أميركي في المفاوضات مع «طالبان»: 17 عاماً ستذهب هباءً!"، الأخبار، 30/1/2019، الرابط التالى: [6] "إرهابيو الأمس مفاوضو اليوم! أمريكا تحاور طالبان ووفد الحركة بالكامل على قوائم واشنطن"، مرجع سابق. [7] "واشنطن تُشيع جوّاً من التفاؤل: المحادثات مع «طالبان» مشجعة"، مرجع سابق. [8] المرجع السابق. [9] ""نيويورك تايمز" تكشف اقتراحات أشرف غني لترامب بشأن الانسحاب من أفغانستان"، العربى الجديد، 31|/1/2019، الرابط التالى: [10] "بشائر اتفاق السلام بأفغانستان .. بداية نحو تحديات جديدة (تحليل)"، الأناضول، 31/1/2019، الرابط التالى:

تابع القراءة

عباس ومحاولاته المستمرة لإحكام الحصار علي حماس

  عباس ومحاولاته المستمرة لإحكام الحصار علي حماس بات رئيس السلطة محمود عباس " أبومازن" يرى أن العدو الحقيقي له وللشعب الفلسطيني ليس الكيان الصهيوني الذي يضيق الخناق عليه يوما بعد آخر، ولكن حركة المقاومة الإسلامية حماس التى يحاول بشتى الطرق كسر إرادتها ودفعها لتسليم القطاع والمقاومة إلي سلطة فتح ومن ثم تسليمه بالكامل إلي الكيان الصهيوني كعربون من أجل منحه سلطة الذاتي علي الأوصال المقطعة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما ترفضه الحركة شكلاً وتفصيلاً، ما دفعه بعد فشل كل محاولات إحكام الحصار عليها في الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة من مختلف الفصائل والحركات المنطوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك حتى لا تجد الحركة مخرجاً تعارض من خلاله هذا الإجماع المزعوم الذي يحاول عباس تشكيله من فصائل ضعيفة ولا تعبر عن كل مكونات الشعب الفلسطيني[1]. وإمعاناً في الكيد وحتى تبدو الحركة وكأنها من يقف في وجه مصلحة الشعب الفلسطيني، دفع الحكومة الحالية بقيادة الحمد الله كي تقدم استقالتها، وكأنها تنصاع لإرادة السلطة الفلسطينية ولا تتمسك بالسلطة التى منحها إياها الرئيس عباس، وهو ما ترفضه حركة حماس وبقية الحركات المقاومة التى تعلم خبث القيادة الفلسطينية ورغبتها في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية[2]. وفي الواقع أن عباس بما يقوم به تجاه حماس وحركات المقاومة إنما يضعها في حرج شديد، بل ويضع القضية الفلسطينية برمتها في مهب الريح، وذلك ما يصب في صالح العدو الصهيوني الذي يدفع باتجاه زيادة حدة الخصام الفلسطيني، مما يساعده في المضي قدماً في مخططات التهويد وسلب الأراضي وبناء المستوطنات على ما تبقي من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي نفس الوقت فرض رؤاه للحل على الجميع، إذ يترك الخصام السلطة وحركات المقاومة في حالة ضعف شديد في مواجهة هذا العدو المتغطرس. ويزيد من صعوبة الأوضاع التى تعيشها حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية الرافضة لسياسات الرئيس عباس العنصرية، ذلك الدعم العربي الكبير لسياساته، والذي يأتي بالتوازي مع سياسات التطبيع والهرولة لفتح قنوات اتصال مباشر مع العدو الصهيوني، فباستثناء قطر وإيران وتركيا تكاد تكون حركات المقاومة في عزلة تامة، وهو ما يزيد من حدة الضغوط المفروضة عليها. وكل هذا للأسف الشديد يجعل الظروف مهيئة علي أرض الواقع لتنفيذ ما يعرف بصفقة القرن التى أعلنت عن بعض تفاصيلها الإدارة الأمريكية مؤخراً، وأنه لولا الموقف الشعبي الفلسطيني الرافض لسياسات عباس والهرولة العربية تجاه الكيان الصهيوني، واستمراره في القيام بمسيرات العودة على الرغم من الخسائر الكبيرة في الارواح التى تسقط كل اسبوع لتغيرت الأمور على الأرض ولأصبح موقف حركة حماس وغيرها من حركات المقاومة في غاية الصعوبة والضعف. وعلى ما يبدو أن: لا عباس ولا العدو الصهيوني يقبل بالتنازلات التى تقدمها حركات المقاومة، فالجميع لا يقبل سوى بالتنازل عن السلاح وتسليمه إلي عباس من أجل التخلص منه ومن المقاومة، لذلك يتوقع أن تكون الفترة القادمة صعبة على الفصائل الغير منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة وأن الواضح أن عباس مصر علي كسر إرادة تلك الفصائل حتى ولو كان ذلك على حساب وجوده، الأمر الذي يستدعي البحث عن بدائل، وإعادة القاء الكره في ملعب السلطة، والالتحام بالشعب الفلسطيني حتى النهاية باعتبار انه صاحب الخيار الآن.   [1]   [2]    

تابع القراءة

الولايات المتحدة تهدر مليارات الدولارات على الجيوش العربية الفاشلة[1]

  الولايات المتحدة تهدر مليارات الدولارات على الجيوش العربية الفاشلة[1]   نشرت دورية الفورين بوليسي الأمريكية تقريرا استقصائياً هاماً لمحلل الاستخبارات الأمريكية السابق كينيث بولاك المعني بقضايا الشرق الأوسط، ويستهدف التقرير تقييم وضع الجيوش العربية من خلال معلومات واتصالات استخباراتية غير منشورة من قبل. ويلقي التقرير كثير من الضوء علي طبيعة تصورات الولايات المتحدة الأمريكية لدور الجيوش العربية وقدراتها علي خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، كما يقوم بتقييم أداء هذه الجيوش وفقاً للمنظور والمصالح الأمريكية، وهو يلقي بالشك علي الفوائد والمصالح التي تجنيها أمريكا من أداء هذه الجيوش علي الرغم من التكلفة والوقت والجهد المبذول فيها. ويشير نشر هذا التقرير إلي ضغوط أمريكية علي جيوش الدول العربية الحليفة مثل مصر والسعودية من أجل مزيد من الابتزاز من جهة ومراجعة حثيثة للسياسة الأمريكية في المنطقة قد تضفي إلي تغيرات كبري في المستقبل القريب من جهة أخري. يؤكد التقرير أن الولايات المتحدة أمضت  70 عامًا وأنفقت عشرات الملايين من الدولارات في تدريب الجيوش العربية دون وجود أي مبرر تقريبا لبذل كل هذا الجهد. وفي الواقع، فشل حلفاء الولايات المتحدة العرب مراراً وتكراراً في تحقيق التوقعات العسكرية. وكان مردود القوات المسلحة المصرية المدربة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1991 خلال عملية عاصفة الصحراء فاشلا. وقد كان أدائهم أفضل في ظل الوصاية السوفيتية خلال حرب أكتوبر سنة .1973 علاوة على ذلك، انهار الجيش العراقي المدرّب من قبل الولايات المتحدة عندما هاجمه بضعة آلاف من المتطرفين من تنظيم الدولة سنة 2014. وقد فشل الجيش السعودي المدرّب من قبل الولايات المتحدة أيضا عندما تدخل في اليمن سنة 2015، ووجد نفسه عالقا فيها. لذلك، إذا كانت الولايات المتحدة تريد الاستمرار في المشاركة في الشرق الأوسط، فعليها أن تعيد التفكير في الطريقة التي تتعامل بها مع الجيوش العربية. يجب تغيير الأحلام الطموحة للجيوش الحاضرة والمحدثة بخطط أكثر واقعية تعتمد على نقاط القوة الحقيقية للحلفاء، بدلاً من إجبار الجنود على التفكير في أن مجتمعاتهم وثقافاتهم قد جعلتهم لا طائل منهم. وإلا فإن واشنطن ستستمر في ضخ الأموال دون أي جدوى وسيواصل حلفاؤها العرب في الفشل. وفي جميع الأحوال، يضعهم هذا الأمر في موقف محرج للغاية. ولعقود، كان التدريب العسكري الأمريكي عنصراً حاسماً في التحالفات مع الحلفاء في الشرق الأوسط، المصمم لإظهار الالتزام بأمنهم ومنحهم شعورا بالقدرة على طلب المساعدة من الولايات المتحدة لحماية بلدانهم. وخلال السنوات الأخيرة، بدأ الأمريكيون يتطلعون إلى الخروج من الشرق الأوسط. لكن، لا يريد إلا قلة من العرب أن يبتعدوا عنهم، خشية  من أن  تتسلل إيران أو حزب الله أو تنظيم الدولة أو القاعدة أو غيرهم من أعداء الولايات المتحدة عندما تغادر الولايات المتحدة المنطقة. في عالم مثالي، ستخلف الولايات المتحدة وراءها حلفاء عرب أقوياء، قادرين على الدفاع عن أنفسهم من أعدائهم المشتركين. لكن في الوقت الحاضر، يبدو هذا أمرا بعيد المنال ولن يستطيعوا تحقيق ما حققوه عندما بدأوا بتدريب القوات المسلحة العربية في الخمسينات من جانب الولايات المتحدة، كان الجهد المبذول لتدريب الجيوش العربية يتسم بالإخلاص والإصرار، ولكن أيضا، محكوم عليه بالفشل. لعقود، حاولت القوات الجوية الأمريكية تدريب القوات الجوية المصرية لاستعمال طائرة أف-16. ومع ذلك، في القرن الحادي والعشرين، أصبح نمط الهجوم الذي تتبعه القوات الجوية المصرية يقوم على جعل طائرتين تقتربان في وقت متزامن من الهدف من جهتين، متخذة مسارا تصادميا. وبالتالي، وحتى في التدريبات، يجب على طائرة واحدة من كل جهة أن تنحرف في اللحظة الأخيرة لتجنب حدوث اصطدام في الجو، مما يجعل قنابل الطيارين بعيدة عن الهدف. نظرا لأن المصريين لا يسجلون مهماتهم أو استفسارتهم، التي تنتقد أدائهم، كما أن لا أحد على المستوى التشغيلي يريد أن يقر بأن تكتيكاتهم انتحارية وتدريبهم لا طائل منه، أصبحت كل هذه الممارسات عناصر مؤسسية لتدريب القوات الجوية المصرية. وقد أكد الطيارون الأمريكيون شعورهم الدائم بالإحباط في محاولة إقناع القوات الجوية المصرية بأن حلول مدرستهم ليست خاطئة فحسب، بل قد تكون مميتة. في هذا الصدد، صرح أحد الطيارين الأمريكيين الذي تدرب مع القوات المسلحة أنه من "الجيد" عدم استخدام المصريين الذخائر الحية؛ لأنهم إذا فعلوا ذلك، فإنهم سيفقدون الكثير من طائراتهم وطياريهم في هذه التكتيكات السخيفة والممارسات  المُحرفة التي يعتمدونها في التدريب. كان الطيارون المصريون والخطباء الذين شاركوا في ابتكار هذه الممارسة السخيفة أسرى لسلسلة من المشاكل التي طاردت الجيوش العربية في العصر الحديث والتي نمت من رحم المجتمع العربي المعاصر نفسه.     في الواقع، إن العلاقات المدنية-العسكرية المشحونة في العالم العربي تدل على أن العديد من الحكام العرب خائفون جداً من أن يتم الإطاحة بهم من قبل الجنرالات الطموحين. لذلك، يعمدون إلى عرقلة القوات المسلحة لإبقائهم ضعفاء. وكلما حدث ذلك، نتج عنه ضعف على مستوى القيادة الاستراتيجية والاتصالات، وفي بعض الأحيان، تدهور الدافع المعنوي وتراجع تماسك القوات المسلحة. عموما، لم يتطور العالم العربي أبدا على المستوى الصناعي، ويعني هذا التخلف النسبي أن العديد من العرب جاءوا إلى الجيش دون فهم عميق للآلات المتقدمة. ونتيجة لذلك، غالباً ما أخفق العرب في استغلال الإمكانات الكاملة في أسلحتهم وفشلوا في الحفاظ عليها. نتيجة لذلك، تضاءل العدد الحقيقي للدبابات والطائرات والمدفعيات التي يمتلكونها مقارنة بعددها عند شرائها. لكن، يتمثل العامل الأكثر أهمية في جعل الممارسات التربوية الثقافية العربية لأفرادها سلبيين وفي مستويات أدنى من أي تسلسل هرمي ويتلاعبون بالمعلومات لتجنب اللوم. وفي المعارك الحديثة- حيث الفرق بين النصر والهزيمة غالبًا ما يكون طفيفاً، ويكون صغار الضباط المبتكرين قادرين على الاستجابة لظروف غير متوقعة والاستفادة من الفرص العابرة- تبيّن مرارًا وتكرارًا أن هذه النزعة وهذه التوجهات مدمرة. في الأثناء، يمكن لأجيال من العسكريين الأمريكيين الذين ذهبوا إلى الشرق الأوسط لمحاولة تعليم أحد الجيوش العربية القتال، مثل القوات المسلحة الأمريكية، أن يشهدوا على مواجهتهم المتكررة لهذه المشاكل. ولقد عايشت شخصياً فترة شعورهم بالإحباط خلال التدريبات التي امتدت من دلتا النيل إلى وديان نهر بلاد الرافدين. ولأن المشاكل التي كانوا يحاولون إصلاحها نابعة من هذه العوامل المجتمعية، فقد سمعت نفس الشكاوى مراراً وتكراراً، من بلد إلى آخر ومن عقد إلى آخر.. في الحقيقة، اعترى الروس نفس الشعور بالإحباط لأنهم واجهوا نفس القضايا المستمدة من المجتمع العربي على نطاق واسع. على سبيل المثال، في الفترة التي سبقت حرب أكتوبر، اعتمد المصريون على التكتيكات السوفيتية إلى حد أكبر، أكثر من أي وقت مضى. في ذلك الوقت، كانت العقيدة السوفيتية تقوم على أن يحدد قائد فصيلة الدبابات هدفًا واحدًا، حيث يشرع الفصيل بأكمله (ثلاث دبابات، بما في ذلك قائدها) في الهجوم حتى يتم تدمير الهدف، ثم يقوم القائد بتعيين هدف جديد. توصل السوفيت إلى أنه على ضوء المهارات المدفعية لطواقمها، فإن الأمر يتطلب عادة ثلاث هجمات من الفصيلة (أو تسع طلقات) لقتل…

تابع القراءة

عاصمة السيسي الإدارية بين الفشل والنجاح

  عاصمة السيسي الإدارية بين الفشل والنجاح   يقوم النظام المصري بتطوير العديد من المدن مثل الوراق، ومثلث ماسبيرو، ونزلة السمان. ويقوم النظام بتهجير الأهالى سواء بالترغيب عن طريق التعويضات أو الترهيب عن طريق القمع الأمنى رغم مخاطر ما يمكن أن ينتج عن هذه السياسات من مواجهات عنيفة بين الدولة وأهالى هذه المناطق حيث يلاحظ أن فحوالى 60% من اقتصاد الدولة قائم على مجال العقارات والانشاءات، ولكن هذا لا يمنع من عدم وجود مصالح تقف خلف من يحصل على النصيب الأكبر من عوائد هذه الانشاءات، فهناك مصالح للسيسي والجيش وبعض الداعمين المحليين للنظام مثل هشام طلعت  مصطفي وآخرين. كما أن النظام قد يستخدم هذه المشاريع من أجل الحصول على الدعم الدولى فمثلاً من يتولى تطوير محور قناة السويس هى الشركات الإماراتية، كما تستحوذ بعض الشركات الصينية على بعض المشاريع فى العاصمة الإدارية الجديدة، فالنظام يقدم هذه المشاريع إلى الدول مقابل الحصول على دعمها. وقد نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية تقريراً تحت عنوان هكذا تبدو عاصمة السيسي مع الاستعداد لافتتاحها[1]، يقيم التقرير ما تحقق في عاصمة السيسي الإدارية وقدرته علي تحقيق أهدافه من المشروع، وقد أشارت إلي أنه في مارس 2015 وأثناء اجتماع السيسي مع رئيس الوزراء الإماراتي وشيخ إمارة دبي "محمـد بن راشد آل مكتوم"  في مدينة شرم الشيخ المصرية، تم الإعلان عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة تكون نواة لانتقال الوزارات والسفارات والمواقع الإستراتيجية في القاهرة لمكان بعيد في عمق الصحراء الشرقية على مقربة من السويس، لتكون العاصمة المستقبلية لمصر. يشير التقرير، إلى أن "القاهرة هي العاصمة المعروفة بمدينة الألف منارة، إلا أن العاصمة الجديدة ليس فيها سوى أربع منارات، وأبراج بيضاء نحيفة لمسجد (الفتاح العليم)، وهو جزء من عاصمة بنيت في الصحراء على بعد 49 كيلومترا من القاهرة".  وتشير المجلة إلى أن "السيسي افتتح المسجد هذا الشهر، مع أن العاصمة الجديدة خالية من السكان، مشيرة إلى أنه تم نقل طلاب اختارتهم الحكومة من جامعة القاهرة عبر حافلات لصلاة الجمعة الأولى في العاصمة في 18 يناير، ومثل الجامع، فإن العاصمة الجديدة، التي لا اسم لها بعد، فخمة وفارغة، ويتم التحكم في الداخل والخارج منها بشدة". ينوه التقرير إلى أن "السيسي ليس أول حاكم مصري يقوم بنقل العاصمة، فقبله نقل الفراعنة حكمهم إلى طيبة وممفيس مثلا، وكانت الإسكندرية قلب مصر الرومانية- الإغريقية، أما العاصمة الحديثة، فتعود إلى عام 969، عندما قام الفاطميون ببناء عاصمة مسورة لتخليد انتصارهم، وبعد ألف عام لا تزال (القاهرة- مدينة النصر) صاخبة ومزدحمة، يعيش فيها 23 مليون نسمة". وتقول المجلة إن "الديكتاتور المخلوع حسني مبارك، كان يفضل الحكم من منتجع شرم الشيخ الوادع، وبعد خمسة أعوام من السيطرة على الحكم من خلال انقلاب، فإن السيسي يحضر للانتقال، وعندما يتم الانتهاء منها، هذا إن اكتملت، فإن مساحتها ستكون 700 كيلو متر مربع، أي بحجم سنغافورة".  يفيد التقرير بأنه "بدلا من العشوائيات المزدحمة والأزقة المتداعية، فإن المدينة الجديدة فيها شوارع واسعة ومشجرة وبنايات عالية، وتم بناء أكبر كاتدرائية في الشرق إلى جانب المسجد، وتقوم شركة صينية مملوكة من الحكومة ببناء المنطقة التجارية، وأعلى ناطحة سحاب في أفريقيا". ومن المفترض أن تخفف العاصمة الجديدة الزحام في القاهرة، لكن البعض يقول إنها من أجل زيادة غرور السيسي، ولا أحد يعلم كلفة بناء العاصمة الجديدة، خاصة أن الكلفة الأولية كانت 45 مليار دولار، وفي السياق ذاته فإنه لا أحد يعلم الكيفية التي ستدفع فيها مصر الدين. ويكشف التقرير عن أن المشكلات المالية لاحقت المشروع منذ بدايته في عام 2015، وألغيت محادثات حول البناء مع مجموعة "إعمار" الإماراتية، وكذلك مع شركة صينية كان من المفترض أن تبني منشآت بكلفة 20 مليار دولار، مشيرا إلى أن الجيش المصري دخل كما هو الحال لملء الفراغ. وتشير المجلة إلى أن الجيش يملك 51% من أسهم الشركة التي تشرف على المشروع، فيما تملك الحصة الباقية وزارة الإسكان، لافتة إلى أنه سيتم افتتاح مرحلة متواضعة من المشروع هذا العام، ويأمل أن ينتقل البرلمان إلى العاصمة الجديدة في الصيف، وسيتبعه 50 ألفا من الموظفين البيروقراطيين، أي أقل من 1% من العاملين في القطاع العام. ويستدرك التقرير بأن السفارات الأجنبية مترددة في التحرك إلى العاصمة التي لا تزال صحراء، وتخشى من أن التحرك إلى عاصمة "بقيادة للجيش"، يعني قطعها عن المجتمع المدني، مشيرا إلى أن حكومة السيسي حذرت من أنها لا تستطيع تأمين حماية السفارات التي ستظل في القاهرة. وتقول المجلة: "أما السؤال المهم والأكبر، فهو عن انتقال المصريين إلى العاصمة، فمنذ السبعينيات من القرن الماضي قامت الحكومات المتعاقبة ببناء مدن في الصحراء لتخفيف الزحام، واحدة هي القاهرة الجديدة التي تقع في شرق العاصمة الحالية، وكان من المفترض أن تستوعب 5 ملايين نسمة، ولم يسكنها سوى عُشر العدد، فالمدن الجديدة ليست فيها وظائف أو خدمات لتجلب إليها السكان الجدد، وتحول عدد منها إلى ملاجئ للأغنياء المصريين الذين يفرون من تلوث وزحمة القاهرة". ويجد التقرير أنه "مع أن العاصمة الجديدة ستتوفر فيها الوظائف، إلا أن نسبة قليلة من عمال الخدمة المدنية لديهم الإمكانيات للعمل والسكن في العاصمة الجديدة، فيحصل الموظف المدني على ما معدله 70 دولارا في الأسبوع (1247 جنيها مصريا)، وفي العام الماضي صنفت وزارة الإسكان أسعار الشقق في المدينة بسعر 11 ألف جنيه مصري للمتر المربع". وتقول المجلة إن "موظفي الدولة سيحصلون على تنزيلات، فيما هناك خطط لتوفير شقق بسعر أقل من 285 ألف جنيه، ولا يقدم هذا فرصا لـ2.1 من الموظفين البيروقراطيين، ولا العدد من العمال ليديروا هذه المدينة". وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول: "في يوم 25 يناير مرت الذكرى الثامنة على الثورة المصرية التي أطاحت بمبارك، وتذكر وزير خارجيته أحمد أبو الغيط كيف راقب الاضطرابات من شرفة مكتبه في القاهرة، وسيجد المصريون الذين يريدون مواجهة الحكومة أمامهم عقبة السفر إلى العاصمة الجديدة، ويبدو أن هذا جزء من الخطة". خاتمة يبدو للمتابع أن المدينة في صورتها الأولية تطوير عمراني واقتصادي، وخطة رشيدة للانتقال من القاهرة العاصمة المغلقة وذات الكثافة السكانية التي تُعد من بين المدن الأعلى في العالم، هكذا يبدو الأمر في صورته الأولية، غير أنه يمكن تفسيره في إطار سلوك السلطة في مصر، وعبر استقراء وتأمل في تاريخ المدن وأسباب إنشائها، أنه استفادة من تجارب التاريخ، وابتعاد جغرافي يضمن للسلطة مزيدا من الأمان والوقت عن كافة الاحتمالات المتعلقة بإمكانية قيام انتفاضة شعبية محتملة من أزقة القاهرة المتعرجة التي يصعب على أدوات السلطة الأمنية السيطرة عليها، فضلا عن عقول شبابها التي يصعب فهم مآلات سلوكه، ومدى عدوانيته في حالات السيولة الأمنية والسياسية كما حدث في 2011م، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي لم يمر بها المصريون من قبل في ظل الانسداد السياسي، والغلاء المعيشي الذي بات يطحن الطبقات…

تابع القراءة

النظام المصري وسياسات تهجير السكان في الخطاب الإعلامي

  النظام المصري وسياسات تهجير السكان في الخطاب الإعلامي محاولة للفهم والتفسير تأخذ التغطيات الإعلامية والكتابات البحثية عن المشهد السياسي في مصر منحنى متذبذب، فهي متبدلة بشدة وبغير بوصلة؛ فبينما تصب جل اهتمامها على دراسة حدث، فجأة تتجاهله وتتجاوزه إلى غيره، فباتت تغطيات الأحداث عبارة عن "ماركات" "موضة" تتبدل بتبدل رغبات المتابعين وأذواق الجماهير المستهلكة لهذه الكتابات والمتابعات الإخبارية والبحثية لما يجري في مصر. تتبدى هذه الملاحظة بشكل واضح في التغطية الإعلامية والصحفية والبحثية لعمليات التهجير التي تمت في منطقة مثلث ماسبيرو تمهيداً لبيع المنطقة لمستثمرين؛ فمن اهتمام واسع، ومتابعة يومية، وتضخيم في التداعيات السياسية للحدث، إلى تجاهل تام لمتتالياته، ومآلاته؛ وذلك بعد – ما يمكن وصفه – بنجاح الدولة في تفريغ المنطقة من قاطنيها، وانتهاء عمليات الهدم والاستعداد للبناء. في الوقت الحالي أخذت قضية الصراع بين الأهالي والدولة في منطقة الوراق، على خلفية سعي الأخيرة إلى تهجير الأهالي تمهيداً لبيعها لمستثمرين، المكانة التي كانت لماسبيرو سابقاً في التغطيات، ولو سارت قضية الوراق في نفس المسار الذي سبقتها إليه منطقة ماسبيرو، فسيكون النسيان والغياب والتجاهل هو المصير المتوقع للوراق. والسؤال الذي نحاول مقاربته في هذه السطور، يتعلق بالعوامل والأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة من زاويتين: الأولى: من زاوية المراقبين والمتابعين (سواء من مجتمع الإعلاميين والصحفيين، أو من المجتمع البحثي) للأحداث الجارية في مصر. وذلك بغرض محاولة تصور الأسباب التي تقف وراء تسيد منطق الموضة على المتابعة الإعلامية والبحثية للأحداث في مصر؛ ما يجعل هذه المتابعة وقتية متغيرة تتسم بالخفة وقصر النفس. الثانية: من زاوية الدولة والنظام السياسي. وذلك بهدف فهم المنطق الذي يدفع الدولة باتجاه تبني سياسات تهجير السكان وبيع مناطقهم للمستثمرين، وهل هذه السياسة ناتجة عن تفكير عقلاني رشيد، يبحث عن المصلحة العامة ويسعى لتحقيقها، وكيف يرى النظام التداعيات التي يمكن أن تنجم عن هذه السياسات القسرية العنيفة، وكيف يضمن ألا ينجم عن سياساته القاسية ردود أفعال غاضبة قد تهدد الاستقرار. سيادة منطق السوق في تغطيات الأحداث: كلمة "منطق السوق" نشير بها إلى (تكثيف وتكثير المعروض من المنتجات بغرض جذب الجماهير، مع تسارع وتيرة تبديل السلع، أو بطريقة أخرى قصر عمر السلعة، بغرض الحفاظ على انتباه المستهلكين وتغذية ميولهم للاستهلاك غير المرتبط باجتياج حقيقي)، هذه السلع في هذا السياق نشير بها للتحليلات والتفسيرات والتغطيات الصحفية والإعلامية للتطورات في مصر.  وفي الوقت الراهن هناك سيولة في المعروض من التغطيات والتحليلات للأحداث المتجددة على الساحة المصرية، لكن هذه التغطيات والتحليلات تتسم بأنها قصيرة النفس، سرعان ما تختفي لتحل محلها أحداث جديدة بتفسيرات جديدة، دون أن تترك أي أثر، كأنها لم تكن. فمع حلول ذكرى الثورة، تتناسل التحليلات والتغطيات المطروحة عن الثورة، وعن تعاطي النظام مع ذكرى الثورة، وموقف المعارضة منها، وبمرور يومين أو ثلاثة يتلاشى كل هذا الزخم، لصالح قضية جديدة وحدث جديد يحتل الصدارة، ليمر في الدورة العمرية نفسها، التي لا تتعدى -في كثير من الأحيان- أيام. وفيما يتعلق بقضية تهجير السكان: فجأة يحتل حدث تهجير الأهالي من منطقة "مثلث ماسبيرو" صدارة المشهد، وتدور حوله النقاشات، والتغطيات الإعلامية والصحفية، ويستقطب أقلام المتابعين؛ ويراهن المختصين على قوة الحدث وقدرته على التأثير وانعكاساته الجوهرية على المشهد السياسي، وفجأة يتلاشى الاهتمام بالحدث، ويتوارى عن أعين الناس، ولا يُحدث أياً من التأثيرات التي اكتظت بها كتابات المتخصصين، ثم يحل مكانه حدث جديد ليمر في نفس الدورة. فتصبح كل التحليلات والقراءات المطروحة عن الواقع في مصر وقتية وقصيرة الأجل، تصبح كاسدة بمرور أيام معدودة، مما يزيد من ضبابية المشهد وغموضه. وهو ما يغذي اتجاهات اليأس والأحباط بين الناس؛ فمع مرور الأحداث في هدوء، رغم التحليلات والتغطيات التي تصورها بأنها مفصلية وخطيرة ولها ما بعدها، يفقد الناس الثقة في القدرة على التغيير، وتتنامى لديهم قناعة بأن الوضع باقي على ما هو عليه، وأن السلطة قادرة على الاستمرار، وأن الأزمات المتجددة تزيد النظام قوة، وتضيف هزائم جديدة لتاريخ المنكسرين من المتضررين من السياسات الجائرة. ولعل ذلك يعود في جزء كبير منه، إلى التغطيات الصحفية والإعلامية، التي تميل إلى المبالغة أو التهوين، بحسب التحيزات المسبقة للنافذة الإعلامية أو الصحفية التي تقوم بالتغطية، فالحدث لا يُقدم للمشاهد بصورة محايدة، إنما تتغير تركيبته وهيئته بتبدل الجهة التي تقدمه واختلاف تحيزاتها. وقد بات التحيز جزء لا يتجزأ من المشهد الإعلامي والبحثي العربي. وهي ليست تحيزات تتغذى على الميول الفكرية أو الأيديولوجية فقط، إنما تتغذى أيضاً على الاستثمارات الضخمة التي تضخ في عملية صناعة الرأي العام وتوجيهه. المثير أن هذه التغطيات الإعلامية والبحثية للتطورات، ليست مستقلة عن الأحداث، بل هي تتفاعل معها وتؤثر فيها؛ بل قد تؤدي إلي تغيير في الواقع نفسه سلباً أو ايجاباً من خلال تغيير وعي وإدراكات الناس. ويلاحظ أن تغطية قنوات المعارضة للتطورات داخل البلاد تمنح أحياناً دعاية للنظام لاتهامها بأنها "موجهة من الخارج"، و "مدعومة من الإخوان"، وتنفذ "أجندات أجنبية". من جهة أخرى، المبالغة في تقييم الحدث وتوقع مآلاته تخيف المشاركين وفيه، وتوهمهم بأنهم في صدام غير مسبوق مع الدولة؛ ما يدفع بعضهم للتراجع خوفاً من التداعيات السلبية للتصعيد، وتدفع البعض الآخر للتصعيد غير المحسوب توهماً بقوة موقفهم وخطورته. من جهة ثالثة، قد تدفع المبالغة في تقييم الحدث وتفسيره، بالدولة وأجهزتها للتصعيد خوفاً من أن يكون للحدث ما بعده، أو أن تفلت من يدها زمام الأمور. بقي أن نشير في هذه الجزئية إلى تساءل مركزي عن القيمة الفعلية للحدث في ظل المزايدات، وفي ضوء التنافس المحموم على كسب الرأي العام والتأثير في الشارع، فتتلاشى معه القدرة على التقييم الحقيقي للأحداث؛ في ضوء التهوين أو التهويل بحسب القائمين على المتابعة والتحليل. منطق التوحش أو تبني الدولة لسياسات عارية من الشرعية: تبني الدولة لسياسات التهجير ضد السكان في مثلث ماسبيرو، ومن بعده في منطقة الوراق، دون خوف من تداعيات هذه السياسات على الاستقرار، ودون خشية انفجار الوضع، أو تمرد قطاعات من السكان على السياسات المجحفة التي تضر بحياتهم وتنتهك حقوقهم، يثير تساؤلات لا تقل أهمية عما سبق، تتعلق: بالمنطق الحقيقي الذي يقف وراء هذه السياسات، وهل هي نابعة عن تفكير عقلاني رشيد، وهل هي تحقق الصالح العام فعلياً، أم هي تحقق مصالح نخبة زبائنية تلتف حول نخبة الحكم. أولاً: نظرة على تاريخ التهجير لقطاعات من السكان والاستيلاء على أراضيهم بغرض تطويرها وإدخالها في السوق الرأسمالية كسلعة رائجة، تُظهر أنها سياسات مستقرة، سبق تنفيذها في باريس والولايات المتحدة وفي الهند وفي الصين، وهي مستمرة ومتجددة في بقاع كثيرة من العالم. ثانياً: هذه السياسة تتغذى على طموح النخبة الرأسمالية في تسليع كل شئ، تمهيداً لطرحه في الأسواق، ومن ثم تحقيق الربحية التي تضمن استمرار التراكم الرأسمالي، الذي يحافظ على عجلة الرأسمالية دائرة دون توقف. ومع مرور الوقت تكتسب الرأسمالية…

تابع القراءة

تعديلات الدستور في مصر .. ألغام على طريق المستقبل

  تعديلات الدستور في مصر .. ألغام على طريق المستقبل في سياق من القمع الوحشي وتشديد القبضة الأمنية على كل شيء، شرع البرلمان الذي شكلته الأجهزة الأمنية في مصر يوم الأحد 03 فبراير 2019م في تمرير حزمة من التعديلات الدستورية تفضي إلى تأبيد حكم زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي حتى 2034 م لتصل مدة حكمه إلى "20" سنة؛ بمنحه استثناء يسمح له بالترشح فترتين أخريين بعد زيادة كل فترة من 4 إلى 6 سنوات بعد انتهاء ولايته الثانية في 2022م. إضافة إلى منحه صلاحيات مطلقة فوق التي يمارسها فعليا في مخالفة صارخة للدستور الذي تحظر المادة "226" منه تعديل ما يتعلق بفترات الحكم إلا بعد استفتاء شعبي. ورغم أن حذف نصوص الدستور التي تحول دون استمرار زعيم الانقلاب في الحكم هي العامود الفقري الذي تقوم عليه فلسفة هذه "الترقيعات" إلا أن الأكثر خطورة على الإطلاق هو ما يتعلق بالقوات المسلحة بمنحها مهام جديدة تجعل منها وصيا على الشعب والوطن كله، تحت دعوى "صون الديمقراطية وحماية ما تسمى بثورة 30 يونيو" وبذلك لا يكتفي نظام العسكر بمصادرة الحاضر وتشويه الماضي بل يمتد إلى فرض وصايته على المستقبل بما يهدد بتماسك المجتمع وسلامة بنيته وينذر بصدام بين الشعب والجيش حال قرر الشعب التحرك من أجل إقامة نظام ديمقراطي سليم يتيح المشاركة الواسعة لجميع أبنائه دون إقصاء ونشر الحريات والعدالة بمفهومها الواسع سياسيا واجتماعيا. التعديلات المقترحة تصل إلى   21  تتضمن إضافة 8 مواد جديدة، وإدخال تعديلات على فقرات بـ 11 مادة، وإلغاء المادتين (212 -213) الخاصتين بإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.[1] وتستهدف تعديلات الدستور المصري بقاء السيسي في منصبه لمدة 12 عاماً أخرى بعد انتهاء ولايته في 2022، واستحداث مجلس أعلى لجميع الجهات والهيئات القضائية برئاسته، ومنحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية، ونائبه، واختيار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وإضافة "حماية ما تسمى بمدنية الدولة" إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية الدستورية.   فلسفة وركائز التعديلات ترتكز فلسفة عمليات «ترقيع الدستور» التي بدأت منذ الأحد 03 فبراير 2019م، في غرف ودهاليز مجلس النواب المصري تحت إشراف ورعاية المخابرات العامة والأجهزة الأمنية على «4» ركائز أساسية:   أولا: التأبيد في الحكم أولا، تمديد ولاية زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى "20" سنة  في مخالفة صارخة للدستور الذي نص على عدم جواز ترشح أي مواطن لأكثر من فترتين مدة كل واحدة "4" سنوات" بإجمالي "8" سنوات. حيث تستهدف جريمة «ترقيع الدستور» التي يقوم بها ما يسمى بمجلس النواب حاليا تحت إشراف جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية  توثيق عقد زواج كاثوليكي بين جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي وكرسي الحكم، فمعروف أن الزواج الكاثوليكي ينظر إليه على أنه «علاقة أبدية» لا تنتهي إلا بهلاك أحد الطرفين؛ حتى لو كانت العشرة بينهما مستحيلة، فما عقده الله لا يجوز للبشر أن يحلوه وفق تأويلات الكنيسة. وتمضي عملية ترقيع الدستور حاليا وفق هذه الفلسفة (الزواج الكاثوليكي) التي تجعل العلاقة بين زعيم الانقلاب والرئاسة علاقة أبدية رغم أن السيسي اغتصب الرئاسة بقوة السلاح … وهذا الترقيع هو مربط الفرس في التعديلات كلها ويخالف مخالفة صريحة نص مادة نافذة وحاكمة هي المادة ٢٢٦ التي تحظر تعديل النصوص المتعلق بإعادة انتخاب الرئيس ، ويحظر عرض هذا التعديل علي الاستفتاء لمخالفته نصا نافذا وحاكما في الدستورإذ تحظر المادة ١٥٧ من الدستور استفتاء الشعب علي ما يخالف نصا نافذا في الدستور. وبحسب التعديلات التي قدمها نواب ائتلاف دعم مصر، تقترح تعديل المادة (140) بتمديد فترة الرئاسة إلى ست سنوات بدلاً من أربع. واستبدال عبارة «لا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين»،  بدلًا من «لا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة». وإضافة مادة انتقالية «يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة المُعدَّلة من الدستور». وهي فلسفة لا تسمح فقط بمنح السيسي حق الاستمرار في الحكم 12 سنة إضافية بل يمكن له  أن يحكم لأكثر من ذلك إذا جاء بعده رئيس صوري مثل "عدلي منصور" في إطار ترتبيات عليا داخل السلطة كما حدث في روسيا بين فلاديمير بوتين ومدفيديف. لأن الحظر انتقل من الصيغة المطلقة (لا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة" إلى حظر "فترتين متتاليتين"!   ثانيا:الجيش وصيا على الشعب وترتكز جريمة "الترقيع" ثانيا على مزيد من توريط المؤسسة العسكرية في المجال السياسي وجعلها وصيا على الشعب والوطن بإضافة مهام شديدة الخطورة تجعله فوق كل السلطات، على غرار الجيش التركي في مرحلة ما قبل أردوغان، حيث كان الجيش "حامي العلمانية" وهو ما مكنه من تنفيذ خمسة انقلابات عسكرية ضد حكومات منتخبة بدعوى "حماية العلمانية". وينص التعديل المقترح في الدستور المصري على المادة (200) أن من ضمن مهام القوات المسلحة "صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد". وكان الصحفي ياسر رزق المقرب من السيسي والجيش قد كتب مقالا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اقترح فيه عدة تعديلات دستورية، من بينها النص على دور الجيش في حماية ما أسماها بأهداف "ثورة 30 يونيو" في إشارة إلى مظاهرات خرجت ضد الرئيس محمد مرسي ومهدت الطريق للسيسي (وزير دفاعه آنذاك) لقيادة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا بعد عام واحد من وصوله إلى السلطة. ولا تقتصر ميزات الجيش في التعديلات الجديدة على ذلك، بل تجعل اختيار وزير الدفاع من صلاحية الجيش، حيث نصت (مقترحات المادة 234)على تعيينه بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كما نصت التعديلات المقترحة التي تم تداولها على محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في حال الاعتداء على منشآت عسكرية أو ما في حكمها، حيث حذفت كلمة "اعتداء مباشر" في المادة (204) لتصبح مجرد اعتداء، مما يفتح الباب أمام المزيد من المحاكمات العسكرية للمواطنين.[2] عملية "الترقيع" إذا، بتبني فلسفة جعل الجيش وصيا على الشعب والوطن كله، وبذلك يتم تطويع الدستور  لتمييز القوات المسلحة وجعلها  مؤسسة فوق  الدستور وفوق الشعب ذاته بدعوى (صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحقوق الأفراد وحريات الأفراد) وهي صياغة مطاطة تمنح الجيش صلاحيات تفسير الوضع السياسي وفق هوى كبار الجنرالات والانقلاب مستقبلا على أن توجهات شعبية نحو إقامة نظام ديموقراطي حقيقي. ومكمن الخطورة في هذا الترقيع أيضا  أنه يكرس حالة الحزبية التي تمارسها القوات المسلحة والتي تحولت من جيش لعموم الشعب إلى حزب سياسي يدافع عن مصالحه الخاصة ويتم تطويع الدستور ذاته لخدمة هذه المصالح وتقنين هذا الشذوذ والانحراف.  بما يورط القوات المسلحة في صدامات دموية مع الشعب مستقبلا  إذا تطلع نحو إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على المشاركة الشعبية الواسعة وعدم الإقصاء والتمييز  والاحتكام إلى صناديق الاقتراع للحكم بين…

تابع القراءة

زيارة ماكرون إلى القاهرة: الدوافع والمآلات

  زيارة ماكرون إلى القاهرة: الدوافع والمآلات   أثارت زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العديد من التساؤلات حول دوافع هذه الزيارة، خاصة وأنها تأتى بالتزامن مع حالة الاحتجاجات الداخلية التى يتعرض لها ماكرون المتمثلة فى حركة السترات الصفراء، إلى جانب تطور الأوضاع الخارجية المتعلقة بفرنسا، والمتمثلة فى قرار الانسحاب الأمريكى من سوريا، والتصعيد العسكرى فى الجنوب الليبى، إلى جانب تصاعد الخلاف الفرنسى مع إيطاليا. وتسعى هذه الورقة إلى التعرف على هذه الدوافع التي تقف خلف هذه الزيارة. دوافع الزيارة: قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة رسمية لمصر للمرة الأولى منذ توليه مهام منصبه رئيساً في مايو 2017، وهي الزيارة التى جاءت بعد لقاء السيسي ماكرون في سبتمبر 2018 على هامش أعمال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد زيارة السيسى لفرنسا في الثالث والعشرين من أكتوبر 2017[1]. وتركز هذه الزيارة على مناقشة العديد من القضايا المشتركة بين الدولتين، تتمثل فى: – الملفات الإقليمية (سوريا وليبيا): هناك تقارب بين الموقفين الفرنسي والمصري من هذه الملفات مع حرص فرنسي علي استمرار مقاطعة نظام بشار الأسد والضغط علي مصر لفرملة التطبيع معه، كما أن تحالف الطرفين في دعم حفتر في ليبيا يشوبه حالة التوتر والتصارع بين إيطاليا وفرنسا علي الكعكة الليبية. لقد  كان ملف الأوضاع في سوريا حاضراً بشكل أو بآخر بعد قرار ترامب بسحب قوات بلاده الموجودة هناك، خاصة وأن فرنسا من بين دول أوروبا الأكثر حضوراً عسكرياً وسياسياً في شرق الفرات، وربما تسعى فرنسا إلى التنسيق مع مصر فى هذه المنطقة، خاصة فى ظل الحديث عن إحلال القوات العربية – التى ستكون لمصر نصيب الأسد بها – محل القوات الأمريكية المنسحبة، وذلك بهدف مواجهة تركيا، التى أصبحت منافساً قوياً لفرنسا، بعد قيامها ببناء قواعد عسكرية خارجية، كان آخرها بناء أكبر قاعدة لها في الخارج في الصومال، لتضمن تركيا بذلك حضوراً في القرن الأفريقي، ومنافساً لفرنسا المتواجدة في المنطقة من خلال أهم قواعدها في جيبوتي[2]. كما أن فرنسا ترفض حالة الانفتاح بعض النظم العربية على سوريا، والتى تقودها مصر، دون تقديم تنازلات من جانب نظام الأسد، ومن خلفه روسيا فى بعض الملفات الأخرى التى تهم فرنسا مثل الملف الأوكرانى، وهو ما أتضح من خلال تأكيد ماكرون على أن تطبيع الدول مع النظام السوري غير مقبول دون تحقيق تقدم في الحل السياسي في سوريا. وسبق أن أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، مطلع الشهر الحالي، أنها لا تعتزم فتح سفارتها في دمشق وتبادل البعثات الدبلوماسية مع النظام السوري[3]. وفيما يتعلق بالملف الليبى، فقد احتل ذا الملف صدارة المناقشات بين الطرفين، خاصة فى ظل الحملة العسكرية التى يقودها حفتر فى الجنوب الليبى، بدعم فرنسى، نظراً لرغبة فرنسا فى تأمين هذه المنطقة التى يتواجد بها آبار بترول وغاز وقواعد عسكرية فرنسية. وربما تطالب فرنسا مصر بتقديم مزيد من الدعم العسكرى لحفتر، خاصة فى ظل تردد مصر فى تقديم هذا الدعم، حتى لا يستغله حفتر فى الهجوم على طرابلس. ومن المتوقع أيضاً أن يتم التنسيق بين الطرفين حول المرشح المحتمل للانتخابات المقبلة، فقد تم عقد لقاء على مستوى رفيع مؤخراً جمع سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، ومسؤولاً إماراتياً بارزاً، من المرجح أن يكون مدير الاستخبارات الخارجية ومستشار الأمن القومي في الإمارات، طحنون بن زايد، ومسؤولا أمنيا مصرياً رفيع المستوى؛ لمناقشة إمكانية الاستعانة بنجل القذافى مجدداً لتوحيد قطاع من القبائل الليبية حوله وخوضه أي انتخابات رئاسية مقبلة في ليبيا، وهو ما قد ترفضه فرنسا، على الأقل في الوقت الراهن، خاصة أنه لا يزال مطلوباً من قبل المحكمة الجنائية الدولية[4]. كما تتزامن الزيارة مع تصاعد الخلاف بين فرنسا وإيطاليا، ويعتبر الملف الليبى أحد مظاهر هذا الخلاف، بعد اتهام إيطاليا لفرنسا بأنها ليست لها مصلحة في استقرار ليبيا. وربما يسعى ماكرون إلى جذب مصر إلى جانبه فى الملف الليبى، وبعيداً عن إيطاليا، خاصة بعد تحسن العلاقات بين مصر وإيطاليا منذ مؤتمر باليرمو، والذى شهد حضور السيسى شخصياً. وربما يسعى ماكرون أيضاً من خلال هذه الزيارة إلى نفى الاتهامات الإيطالية لفرنسا بأنها السبب فى إفقار القارة الإفريقية، وذلك من خلال زيارته لأحدى الدول الإفريقية الكبرى، بل للدولة التى ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى خلال الفترة المقبلة. – التعاون الاقتصادى: يرافق ماكرون فى زيارته عدد كبير من رجال الأعمال ومديري الشركات الفرنسية، وقد تم توقيع عدد من الاتفاقات (ستة أو سبعة اتفاقات بحسب المستشار الإعلامي الرسمي للسفارة الفرنسية في القاهرة أورليان شوفييه) يبلغ مقدارها مليار يورو من الاستثمارات المباشرة لفرنسا في مصر في عدد كبير من المجالات مثل الصحة والطاقات المتجددة والتعليم والنقل[5].وترى باريس في مصر سوقاً ضخمة خصوصاً وأنّها تحتلّ المرتبة 11 في الشراكة معها[6]، كما تحتل فرنسا المركز رقم 14 بين الدول المستثمرة فى مصر[7]. وعلى الرغم من ذلك ومنذ أن وصل ماكرون إلى السلطة، فتر النشاط التجاري، ولم يتحسن الفائض التجاري لفرنسا مع مصر في ثلاث سنوات، مستقراً عند نحو مليار يورو، على عكس الدول الأخرى مثل ألمانيا التى حصلت على عقود مدنية كبيرة[8]. وهناك مطامع فرنسية في الكعكة الاقتصادية المصرية حيث يسعى ماكرون إلى زيادة الاستثمارات الفرنسية فى بعض المناطق والمشروعات التي يتم توزيعها علي الدول الكبري مثل روسيا والصين وألمانيا خصوصاً في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس وقطاع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي. وربما يكون للشركات الفرنسية حظاً في تنفيذ المرحلة الرابعة من إنشاء خط المترو فى منطقة الهرم بالجيزة، خاصة بعد أن رفضت الهيئة القومية للانفاق عرض تحالف الشركات اليابانية لارتفاع سعره، الأمر الذى يمنح فرصة كبيرة للشركات والمؤسسات الفرنسية للتقدم بعرض جديد والفوز بتنفيذ المشروع،خاصة وأن شركات فرنسا كان لها الدور الأكبر لإنشاء وتشغيل الخط الاول للمترو[9]. كما أن زيارة ماكرون لمعابد أبو سمبل في أقصى الجنوب، ربما تشير إلى رغبته فى أن تعهد إلى فرنسا مهام ترميم المواقع الأثرية، مثل سقارة، جنوب القاهرة، ومتحف الجيزة الكبير مستقبلاً، وتجديد متحف الآثار في القاهرة[10]. ولم يتم الاعلان عن مشروعات تعاون كبري بين الطرفين رغم هذه الطموحات الفرنسية، ولكن ما يزال هناك امكانية لحصول الفرنسيين بشكل تدريجي علي بعض الصفقات الكبري في المجال الاقتصادي وأبرزها المترو أو الطاقة، ولكن هناك احتكار ألماني تمثله شركة سيمنز لقطاع الكهرباء، واحتكار من شركة ايني لقطاع الغاز في المتوسط، ومشاريع روسية كبري في في قناة السويس، ولم تدخل الشركات الفرنسية في صفقات كبري علي غرارها، فلم يبق سوي اعتبار مصر سوقاً للسلاح الفرنسي. – صفقات الأسلحة: أشار تقرير لمنظمة دولية غير حكومية أنه منذ عام 2011 أصبحت فرنسا مُصدر الأسلحة الرئيسي لمصر متقدمة على الولايات المتحدة، وذلك بعد توقيع العديد من الصفقات فى عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولوند، والتى تضمنت بيع 24 طائرة مقاتلة رافال، وفرقاطة متعددة…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022