هل انتهي دور العرب وجاء دور حلف وارسو؟

  التصعيد الامريكي الجديد ضد ايران .. هل انتهي دور العرب وجاء دور حلف وارسو؟   تطوران هامان في المواجهة الامريكية مع إيران قد يسرعان الصدام بينهما، وقد يمهدان لإشعال سلسلة حروب في الشرق الاوسط ربما يسعي لها ترامب للهروب الي الخارج بعدما ضاقت حول رقبته حلقات الاتهام بالفساد داخليا، ويوشك المحقق "مولر" على إنهاء تقريره الاتهامي له ليبدأ بعدها التصويت على إنهاء رئاسته. (الاول): هو تهديد وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو" من قلب القاهرة بأن أمريكا ستنتقل من مرحلة احتواء إيران إلى الهجوم عليها ما يعد "إعلان حرب" صريح. و(الثاني): الاعلان عن احتضان بولندا، قمة دولية لمواجهة إيران في 13 و14 فبراير 2019 في ظل فشل تشكيل التحالف أو "الناتو" العربي بسبب الخلافات الخليجية، مع رمزية اختيار وارسو كونها رمزا لعواصم أوروبا الشرقية الحليفة لواشنطن وتل أبيب. هذان التطورات يفسران ضمنا سر جولة وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو"، الشرق اوسطية وتركيزها على دول الخليج بأجمعها، ربما كمحاولة امريكية اخيرة لتشكيل الناتو العربي ضد إيران قبل المزيد من التصعيد الامريكي ضد طهران، أو السعي لتشكيل تحالف دولي اوسع تنضم له الدول العربية. ففي محاضرته الاستعمارية في الجامعة الامريكية بالقاهرة في 10 يناير 2019، دعا "بومبيو" وهو يؤكد على تشكيل تحالف جديد يضم مصر والاردن ودوّل الخليج لمواجهة إيران، شعوب المنطقة "للتخلص من عداءات الماضي والتوحد في مواجهة المخاطر المشتركة"، ما اعتبر تهديدا لهم بالتخلي عن الناتو العربي لصالح تحالف دولي أوسع، بهدف الخروج من الصراع العربي الإسرائيلي الى تضامن عربي إسرائيلي في مواجهة إيران. أيضا أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان عن جولة وزير الخارجية مايك بومبيو بالمنطقة، أن وحدة مجلس التعاون الخليجي ضرورية لمواجهة النظام الإيراني، الذي وصفته بأنه "أكبر تهديد" للاستقرار الإقليمي، وقالت فيما يشبه التحذير الاخير إن "مجلس التعاون الخليجي الموحد هو عصب السلام الإقليمي والازدهار والأمن والاستقرار، وهو ضروري لمواجهة أكبر تهديد منفرد للاستقرار الإقليمي، ألا وهو النظام الإيراني". ومع أن ما طرحه وزير خارجية أمريكا، هو ذات المشروع الذي تبنته ادارة ترامب منذ البداية وتم الاعلان عنه أول مرة في الورقة التي أعدها الجنرال "مايكل فلين" مستشار الامن القومي المستقيل وآخرين، والتي تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم (منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر) لتكون بمثابة حلف عسكري جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضوية مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها (اسرائيل) صفة المراقب، إلا أن حديث "بومبيو" التهديدي لدول الخليج بالتوحد هذه المرة وارتباطه بالإعلان عن مؤتمر "وارسو" أثار تكهنات حول تحول في الموقف الأمريكي تجاه ايران يشمل تشكيل تحالف دولي. والتحالف القديم الذي أعلنته إدارة ترامب ليكون عربيا (الناتو العربي) كانت له ثلاثة أهداف محددة هي: القضاء على داعش، ومواجهة إيران، والتصدي لما يسمونه "الإسلام المتطرف"، ولكن التحالف الدولي أوسع أهدافا ويتضمن – بخلاف الأهداف السابقة -ضم إسرائيل له بجانب العرب ليكون التطبيع حاضرا بقوة، كما سيضم بلدان أوروبية أخرى ليكون أوسع ضد طهران. لذلك جاء حديث "بومبيو" من قلب القاهرة داعما لتل ابيب بقوة، فهو لم يكتف بالترويج لأن "القدس عاصمة لإسرائيل" من قبل القاهرة، ولكنه أيضا روج لخدمة مصالح إسرائيل مثل قوله: "إن الولايات المتحدة ستعمل بالطرق الدبلوماسية مع حلفائها في منطقة الشرق الأوسط من أجل طرد جميع الجنود الإيرانيين من سورية". خطاب حرب أم دعوة لمفاوضات اخرى؟ وبدا أن الخطاب الذي أدلى به مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة هو إعلان حرب ضد إيران وأذرُعها العسكرية في المنطقة، وخاصة حزب الله، ومحاولة يائسة لتحسين صورة بلاده في الشرق الأوسط، وطمأنة الإسرائيليين بأن أمريكا ستعمل على احتفاظ دولتهم بالقدرات العسكرية التي تُمكنها مِن الدفاع عن نفسها ضد ما اسماه "النزعَة العدوانية المغامرة للنظام الإيراني". وأن اختياره القاهرة والجامعة الأمريكية فيها، وليس الرياض لشرح السياسة الشرق أوسطية الجديدة لبلاده، جاء مقصودًا ومحسوبًا بدقة، لتعميدها رأس حربة في هذه السياسة خصوصا بعد تشوه صورة الرياض منذ جريمة قتل جمال خاشقجي. فقد كان أخطَر ما قاله وزير الخارجية الأمريكي هو أنه "يجب أن ننتقل من مرحلة احتِواء إيران إلى مرحلة مواجهتها"، وإن عهد التقاعس الأمريكي انتهى وسنمنع تَمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، ما يعد لغة تعكس سيناريو حرب معد سلفا، وقد يكون موعد التنفيذ اقترب. فالانتقال من مرحلة الاحتواء إلى مرحلة المواجهة ومطالَبة دول حلف الناتو العربي السني الثمانية للتوحد، ونسيان خلافاتها القديمة استعدادًا، لا يعني إلا أمرا واحدا هو اللجوء إلى الخيار العسكري، وإن كان لا يُعرف هل هذه التهديدات هي من أجل الضغط على إيران للعودة إلى مائدة المفاوضات لتعديل الاتفاق النووي وفق الشروط الأمريكية الإسرائيلية، أم أنه خيار نهائي جرى اتخاذُه، وأن زيارته الحاليّة للمنطقة هي لتوزيع الأدوار على الحُلفاء؟! حلف وارسو بدل الناتو العربي كان ملفتا في خطاب وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو في الجامعة الاميركية في القاهرة دعوته دول الشرق الأوسط إلى "تجاوز الخصومات القديمة لمواجهة إيران"، وربطه هذا مباشرة بقوله إن "الإدارة الأميركية تعمل على إقامة تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة أهم الأخطار في هذه المنطقة"، والاعلان عن مؤتمر وارسو ضد إيران. ثم أعلن -في مقابلة مع قناة Fox News الجمعة -أن الولايات المتحدة تخطط لتنظيم "قمة دولية" بشأن الشرق الأوسط وخاصة حول إيران الشهر القادم في بولندا، في 13 و14 فبراير القادم و"سيتمحور حول الاستقرار في الشرق الأوسط ومسائل السلام والحرية والأمن في هذه المنطقة، وسيتناول أيضا مسألة التأكد من أن إيران ليس لها أي تأثير مزعزع للاستقرار". وحاول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السخرية من المؤتمر الامريكي حيث نشر ظريف على حسابه في "تويتر" صورة تظهر المشاركين في القمة الدولية بشأن التسوية الشرق الأوسطية ومحاربة الإرهاب والتي عقدت في شرم الشيخ المصرية عام 1996، بمن فيهم الرؤساء السابقون للولايات المتحدة بيل كلينتون وروسيا بوريس يلتسين ومصر حسني مبارك وإسرائيل شيمون بيريز. وكتب ظريف تحت تلك الصور: "أُذكّر من سيستضيف وسيشارك في المؤتمر ضد إيران: هؤلاء الذين حضروا العرض الأمريكي الأخير الموجه ضد إيران إما ماتوا أو وُصموا بالعار أو هُمّشوا، في وقت أصبحت فيه إيران أقوى من أي وقت مضى"!. كما نشر ظريف صورا تظهر لاجئين بولنديين فارين من النازيين إبان الحرب العالمية الثانية وجدوا مأوى في مخيم بمحافظة أصفهان الإيرانية، وصليبا تذكاريا لضحايا الجرائم النازية، وذكر: "بولندا لن تمحو عارها: هي تستضيف سيركا موجها ضد إيران، فيما كانت إيران تنقذ بولنديين إبان الحرب العالمية الثانية". وهناك احتمال ان يكون الوزير الامريكي يسعي هذه المرة لتهديد الخليج بالتخلي عنه حال استمرار خلافات بلدانه وفضائح السعودية في قضية اغتيال خاشقجي بحيث تلجأ بلاده الي تشكيل (تحالف دولي) من بولندا بديل للتحالف العربي الذي تقوده دول الخليج، لذلك…

تابع القراءة

التأثيرات المحتملة لتحرير أسعار الوقود في مصر

  التأثيرات المحتملة لتحرير  أسعار الوقود في مصر   قرارات نظام العسكر في مصر منذ  اتفاقه على ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016م،   تأتي استجابة لشروط وإملاءات الصندوق.. فالصندوق يضغط على الحكومات لزيادة الأسعار وتجميد الأجور والرواتب وبيع الشركات العامة رغم عدم حدوث أي تحسن في الأحوال المعيشية للمواطن ودخله. وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بنسبة 40% في آخر ثلاثة أشهر، وتوقعات بنوك الاستثمار الدولية استمرار التراجع في العام الحالي ، إلا أن صندوق النقد يصر على قيام الحكومات بزيادة أسعار المشتقات النفطية بما فيها وقود الفقراء والمزارعين وصغار التجار مثل السولار والبنزين 80. وعلى الرغم من زيادة معدل التضخم في العديد من الدول العربية لأرقام قياسية، وتآكل المدخرات، وتراجع قيمة العملات المحلية مقابل الدولار، إلا أن الصندوق يضغط على الحكومات لعدم زيادة الأجور أو تحسين الأحوال المادية لملايين الموظفين، بل ويطالب بتقليص حجم العمالة داخل الجهاز الإداري للدولة لخفض بند الأجور في الموازنة العامة.  وعلى الرغم من أن البورصات وأسواق المال العربية شهدت تراجعا ملحوظا في العام 2018، ونزوحا للأموال من داخل دول المنطقة هاربة نحو الأسواق الأميركية، إلا أن الصندوق يصر على ضرورة إسراع الحكومات في تنفيذ برنامج الخصخصة، وبيع ما تبقى من شركات عامة، وهو ما قد يؤدي إلى الأضرار بالمال العام وزيادة الأسعار وتشريد آلاف الموظفين[1]. إزاء ذلك فإن قرار  حكومة العسكر  في "30" ديسمبر 2018م بالبدء في «تحرير  أسعار الوقود»  حتى تكون وفق الأسعار العالمية بدءا من إبريل 2019م، يأتي رضوخا لإملاءات الصندوق على غرار   «تحرير» سعر  صرف الجنيه» المصري أمام العملات الأجنبية في نوفمبر 2016م، والذي أفضى إلى كوارث اقتصادية كبيرة على القطاع الأوسع من المصريين بعد أن تآكلت قيمة الجنيه والمدخرات إلى أقل من النصف، وما تلا ذلك من موجات متتابعة من الغلاء الفاحش طالت جميع السلع والخدمات، وهبوط عشرات الملايين من الشعب تحت خط الفقر. القرار الحكومي يقضي بتحرير أسعار الوقود وربطها بالأسعار العالمية للنفط وهو ما يعني ضمنيا بدء التخلي النهائي للدولة عن دعم أسعار الطاقة، وستشمل مرحلته الأولى البنزين العالي الجودة أو ما يعرف بأوكتان 95 ، في حين سيشهد شهر يونيو المقبل استكمال تحرير باقي أصناف الوقود بنزين 90 وبنزين 92 إضافة إلى السولار، كما يتوقع أن يتضمن القرار كذلك إلغاء الصنف المعروف بالبنزين الشعبي أوكتان 80 الذي يصنف على أنه وقود الفقراء في مصر. قرار مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء بحكومة النظام العسكري،  الذي نُشر في عدد الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 30 ديسمبر الماضي، يناقض نفي مجلس الوزراء[2] في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نية الحكومة إصدار قرار بشأن زيادة أسعار البنزين مطلع 2019، مشدداً على عدم صحة الأنباء عن تحرير سعر بنزين 95 أوكتين أو غيره من الموادّ البترولية. كما أن القرار الجديد  يتضمن ما يلي: 1)    وفق القرار، فإن آلية التسعير التلقائي على بنزين 95 أوكتين، ستطبق ابتداءً من نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2018، مع الإبقاء على سعر البيع للمستهلك السائد حالياً، على ألا تتجاوز نسبة التغير في سعر البيع للمستهلك ارتفاعاً أو انخفاضاً 10% من سعر البيع السائد حالياً. ويعني هذا القرار أن الزيادة الأولى على سعر بنزين 95، ستكون بانتهاء الربع الأول من العام الحالي، على أن يستمر سعر بنزين 95 عند 7.75 جنيه للتر الواحد لمدة ثلاثة شهور تنتهي في مارس. 2)    تشكيل لجنة لمتابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية. 3)    تحدد اللجنة الجديدة سعر" بنزين 95"  اعتبارًا من أول أبريل المقبل. (الشهور الثلاثة الأولى تكفلت الحكومة بتحديد سعره بالإبقاء عليه كما هو كتمهيد لتفعيل القرار ورفع الأسعار بدءا من أبريل المقبل). 4)    تقوم اللجنة بمراجعة اﻷسعار كل ثلاثة شهور لربطها باﻷسعار العالمية للبترول.  وتعتمد آلية التسعير على «التوصل إلى متوسط تكلفة إنتاج البترول من المصادر الأربعة التي تمثل مصادر الوقود في مصر على سبيل الحصر، وهي حصتها المجانية من الوقود الخام وفقًا لاتفاقاتها مع الشركاء الأجانب (الخاصة باستخراج البترول من الأراضي المصرية)، والكمية التي تشتريها من حصة الشريك الأجنبي مقابل أسعار تفضيلية [أقل من السعر العالمي]، وما تستورده مصر من الخارج من وقود خام بالسعر العالمي لتكريره محليًا، وما تستورده من منتجات وقود تامة الصنع من السوق الدولي بالسعر العالمي». وحاول وزير البترول طارق الملا، التقليل من تأثيرات هذا القرار  بتصريحات لوكالة "رويترز"[3] تضمنت:  أولا، الزعم بأن القرار  الصادر بتحرير  أسعار  "بنزين 95"  «لا يعني زيادة السعر خلال الربع الثاني من العام الحالي، فقد ينخفض السعر أو يرتفع أو يستقر عند معدله الحالي». ثانيا : شدد الوزير  في تصريحات لقناة "إم بي سي مصر" [4]على أن قرار  تحرير  أسعار الوقود هو "قرار مصري خالص"  وذلك لنفي استسلام النظام أمام الضغوط التي مورست عليه من جانب المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين رهنا تقديم قروض للنظام إلا بعد تنفيذ شروطهما بتحرير  أسعار الوقود لتكون وفق الأسعار العالمية، ويعزز ذلك تأخير  تسليم صندوق النقد الشريحة الخامسة من القرض "2 مليار دولار"  إلى يناير الجاري والتي كان مقررا تسليمها في ديسمبر 2018م. ثالثا، التقليل من الخطوة وتأثيراتها على أسعار الوقود بأنها في طور التجربة، وأن بنزين 95 يمثل 3% فقط من مبيعات محطات البنزين، وأن تطبيق آلية التسعير التلقائي لبنزين 95 لا ينطبق على السولار وبنزين 92 أو 80 .   قرار  مماثل في «يوليو 2019» تصريحات الوزير التي حاول بها تقليل التاثيرات المحتملة للخطوة الصادمة؛ كشفت أن آلية تطبيق السعر العالمي على باقي أنواع البنزين والسولار سوف تبدأ مع بداية العام المالي الجديد (2019/2020) الذي يبدأ في يوليو المقبل. حيث أكد الوزير على أن الحكومة تخطط لإعلان تطبيق الآلية على الأنواع الأخرى من الوقود في يونيو بعد رفع الدعم عنها، على أن يتم التنفيذ في سبتمبر المقبل، مؤكدًا أن رفع الدعم عن المواد البترولية بالكامل سيكون عبر مراحل تنتهي في 2020، لافتًا إلى أن الدولة دعمت المواد البترولية والبوتاجاز خلال الربع الأول من 2018 بأكثر من 22 مليار جنيه، بالإضافة إلى 23 مليار جنيه دعمًا خلال الربع الثاني من العام نفسه. وبحسب  ما تسمى بخطة اﻹصلاح الاقتصادي التي تلتزم بها  حكومة الانقلاب في مصر مع صندوق النقد الدولي، كان من المفترض أن تقوم الحكومة بتحرير أسعار جميع المواد البترولية بحلول أواخر يونيو 2019. وتحتاج الحكومة كي تلتزم بهذا اﻹطار الزمني إلى رفع الأسعار ثلاث مرات على الأقل خلال 18 شهرًا، بمتوسط 30% إلى 35% في كل مرة. ويشمل البرنامج الذي يمتد لثلاث سنوات، تحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة والمياه والكهرباء سنوياً، وزيادة الضرائب وتقليص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة بنحو كبير.   التأثيرات المحتملة لا أحد يعارض خطوة تحرير سعر البنزين…

تابع القراءة

تحولات الحالة الحزبية في مصر..”مستقبل وطن” وريثا للوطني المنحل

 تحولات الحالة الحزبية في مصر.."مستقبل وطن" وريثا للوطني المنحل   لم تشهد مصر طوال تاريخها  السياسي حالة حزبية  نشطة متعددة ومتنوعة مثلما كان الوضع في العهد الملكي قبل انقلاب الضباط الأحرار سنة 1952م، وكذلك الفترة القصيرة جدا التي تلت الموجة الأولى من ثورة 25 يناير 2011م حتى انقلاب 03 يوليو 2013م.  وتعاني الأحزاب المصرية من ارتباطها بالسلطة منذ يوليو 1952، حينما ألغى الجيش الأحزاب كلها في 16 يناير 1953م وأسس جمال عبدالناصر تنظيما واحدا سلطويا وبقرار  فوقي  تمثل في "الاتحاد الاشتراكي"، وهذا النوع من الأحزاب الفوقية الصادرة بقرارات سلطوية أو التنظيمات الوحيدة المعبرة عن توجهات السلطة  تجذب فريقين من الناس: الأول هم الوصوليون الذين يطمحون في المناصب نفاقا لا كفاءة. والثاني هم المرتعشون الذين يخشون بطش الطاغية وجلاديه. الأمر ذاته تكرر في سنة  1976، فلا  تزال تجربة حزب مصر العربى الاشتراكى، الذي كان يمثل الحزب الحاكم في عهد الرئيس أنور السادات بعد إقرار التعددية عام 1977، وعندما أعلن السادات إنشاء الحزب الوطني الديمقراطي تبرؤا من الفكر الاشتراكي الناصري من جهة وتيمنًا بالحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل (1874-1908م)، وتولى قيادة الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي من جهة أخرى. انضم أعضاء حزب مصر العربي الاشتراكي جميعا إلى الحزب الوطني الجديد، الذي أصبح الحزب الحاكم، وترأسه  السادات ثم حسني مبارك من بعده. دون أن يشعر هؤلاء بأي خجل من هذا التحول، وكأن الانتقال من حزب إلى حزب أشبه بالتسوق في "سوبر ماركت" واستبدال سلعة بأخرى لا علاقة له بعالم القيم والأفكار!. وطوال 30 سنة هي فترة حكم الرئيس الأٍسبق حسني مبارك، بقيت الحالة الحزبية في موات؛ ذلك أن النظام الذي يمثل امتدادا لنظام يوليو العسكري لا يؤمن أصلا بفكرة الأحزاب والتداول السلمي للسلطة؛ فهو امتداد لهذه النوعية من النظم السلطوية العسكرية التي لا يعزلها عن الحكم إلا الموت أو القتل أو ثورات الشعوب، وحتى فكرة المنابر الحزبية التي ورثها مبارك عن السادات بقيت تحت سيطرة النظام وأجهزته الأمنية التي تحكمت في الفضاء السياسي حيث كانت تدير الحزب الوطني التابع للسلطة وتضيق الخناق على باقي القوى والأحزاب المعارضة كان  معظمها تحت سيطرة النظام باستثناءات قليلة.   موقف السيسي من الأحزاب «لا هذا ولا ذاك"… بهذه العبارة أجاب جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في أول مقابلة تلفزيونية بعد ترشحه لمسرحية انتخابات الرئاسة المصرية 2014، على سؤال بشأن احتمال تشكيله حزباً سياسياً في حال فوزه، أو انضمامه إلى حزب قائم، لكي يضمن لنفسه "الظهير السياسي"، ولم يكن حديث الجنرال عن رفضه فكره تشكيل حزب سياسي الأول من نوعه، فقبل ثلاثة أشهر، تحدث الكاتب محمد حسنين هيكل عن هذه المسألة قائلاً –انذاك- إن السيسي "لا ينوي أن يؤلف حزباً ولا أتصور ذلك»[1]. ويحظر دستور 2014 على رئيس الجمهورية الانتساب لأي حزب سياسي، وإذا كان عضوا قبل انتخابه فإن الدستور ينص على وجوب استقالته قبل أن يتسلم مهام الرئاسة؛ حيث تنص الفقرة الأخيرة من المادة "140" «لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة». وفي نوفمبر 2017، طرح الجنرال خلال فعاليات مؤتمر شباب العالم الذي أقيم بشرم الشيخ ضرورة تبنى وسائل الإعلام الدعوة لدمج «100 حزب في 10 أو 15 حزباً ليقووا، وتقوى الأحزاب السياسية». وعاد الجنرال ليكرّر دعوته، في مارس 2018، خلال حواره الدعائي مع الإعلامية ساندرا نشأت،  إذ أبدى ضيقاً من امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين ينافسونه في مشهد الانتخابات الذي كان محسوما من البداية؛ ملقيا باللائمة على الأحزاب السياسية وهشاشتها وعدم قدرتها على تقديم منافسين. حيث قال الجنرال في معرض رده على المنتقدين لضعف التنافسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إن «تلك المسألة لا ذنب لي فيها، وكنت أتمنى وجود أكثر من منافس، لكننا غير جاهزين، ونحن نقول إن هناك 100 حزب، إذن فليقدموا مرشحين». التحول الكبير  وقع مع حالة العزوف الشعبي الكبير الذي شهدته مسرحية الرئاسة في 2014 حتى اسغاثت أبواق النظام بالجماهير ومد المسرحية يوما إضافيا ثالثا دون جدوى ثم العزوف الأكبر في مسرحية 2018م  حيث أجبرت النظام على إعادة النظر في بنيته السياسية وإعادة هيكلة تنظيماته وأجهزته الأمنية والسياسية أملا في الوصول إلى صيغة أكثر نفعا للنظام وخدمة لأهدافه في هندسة حالة حزبية  تكون تحت السيطرة، وتوجه الأجهزة الأمنية بوصلتها حيث تشاء في خدمة أهداف النظام ومصالحه.   "مستقبل وطن" وريثا للوطني المنحل وفي أعقاب مسرحية الرئاسة 2018م بدأت عمليات الفك والتركيب  وإعادة هندسة المشهد الحزبي، طرحت كثير من الأفكار تتعلق بدمج الأحزاب والتي فشلت لاعتبارات كثيرة،  أو تحويل ائتلاف "دعم مصر" إلى حزب سياسي وقد بدأ في اتخاذ خطوات حقيقة في هذا الاتجاه لولا  توجيهات عليا من النظام أوقفت هذا التوجه وأطاحت بالقائمين عليه وعلى رأسهم رئيس الائتلاف السابق محمد السويدي الذي تم استبداله بعبدالهادي القصبي رئيس الطرق الصوفية. ما يثير تساؤلات حول أسباب رفض هذا التوجه وتفضيل تسمين حزب قائم بالفعل "مستقبل وطن" على سيناريو  تأسيس حزب جديد أو تحول ائتلاف "دعم مصر" إلى حزب سياسي.. فالنظام على ما يبدو أراد أن يتجنب حالة الاعتراض حال تقرر تأسيس حزب جديد معبرا  عن السلطة بناء على التصورات الذهنية السلبية عن تجارب أحزاب السلطة التي تصدر  بأوامر فوقية. لكن تسمين حزب قائم لن تجد مثل هذه الاعتراضات المتوقعة. وبدأ  النظام خلال النصف الثاني من  2018 في عملية  تسمين حزب "مستقبل وطن" ليكون وريثا للوطني المنحل ومعبرا عن السلطة وتوجهاتها وسياساتها.  ومؤشرات ذلك ودلائله لا تخطئها العين ومنها: أولا، تفريغ الأحزاب المنافسة لمستقبل وطن من كوادرها لحساب الأخير الذي بات ابن السلطة المدلل[2] حيث فخخت الأجهزة الأمنية حزب  "المصريين الأحرار" الذي كان صاحب الترتيب الأول في الأكثرية النيابية ب65 نائبا وأفضي الانقسام بداخلة إلى الإطاحة بمؤسسه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس ثم تقدم "50" نائبا باستقالتهم منه والانضمام إلى "مستقبل وطن" وبذلك لم يبتق للمصريين الأحرار سوى "15" نائبا فقط. وكذلك استقال عدد من نواب الوفد وأحزاب أخرى وانضموا إلى حزب السلطة الجديد. ثانيا تحول إلى حزب الأغلبية المطلقة داخل المجلس حيث ارتفعت حصة الحزب من أعضاء مجلس النواب من "55" نائبا فقط إلى "350" نائبا أو أكثر  في مطلع الدورة البرلمانية الحالية التي بدأت في أكتوبر 2018م ما يعني أن الحزب بات فعليا مهيمنا على صناعة القرار داخل البرلمان الذي يبلغ عدد أعضاؤه "596" عضوا.[3] ثالثا، سيطرة الحزب على تشكيلة  معظم اللجان النوعية بالمجلس والبالغ عددها حوالي 25 لجنة.  والتي انتهت معظم نتائجها بالتزكية.[4] رابعا، سيطرة الحزب على ائتلاف "دعم مصر"[5] حيث تمت الإطاحة برئيسه السابق محمد السويدي الذي أعلن في بيان غامص منتصف سبتمبر 2018 أنه لن يترشح مجددا لرئاسة الائتلاف وتم الإعلان عن فوز عبدالهادي القصبي، بالتزكية ما يعني أن ترتيبات الأجهزة الأمنية حسمت الأمر. …

تابع القراءة

توسع سياسات العسكرة بمصر.. التداعيات والمخاطر

 توسع سياسات العسكرة بمصر.. التداعيات والمخاطر     يهيمن الجيش على الاقتصاد المصري حتى كوَّن إمبراطورية ضخمة ممتدة الأطراف طالت جميع القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والزراعية ومشروعات البنية التحتية والطرق والكباري وإنشاء المدن والجسور والكباري ومشروعات الأغذية وألبان الأطفال وحتى الكعك والبسكوت. وحاول السيسي التقليل من حجم هذه الإمبراطورية زاعما أن نسبة اقتصاد الجيش إلى الاقتصاد  عموما لا تزيد عن 2 إلى 3% فقط،  لكن تقديرات وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي في تصريحات سابقة بلغت بهذه النسبة إلى 30%[1].  لكن تقديرات  موقع ميدل إيست آي" البريطاني تصل إلى أن نسبة استحواذ الجيش على الاقتصاد المصري إلى 60%[2].ووتعاظمت إمبراطورية الجيش في  أعقاب اتفاقية كامب ديفد للسلام مع الكيان الصهيوني في 1978، والتي قلصت المهام القتالية للجيش ودفعته نحو مهام السيطرة الداخلية. وبُعيد الاتفاقية اتجه الجيش ككتلة إدارية من العمل العسكري البحت إلى السيطرة على ملفات الاقتصاد الداخلي وريادة الأعمال، بحيث بات يسيطر بموجب القانون على أكثر من 90% من أراضي الدولة، كما أن القوات المسلحة تملك حق الانتفاع المتعدد بالمجندين إجبارياً، عبر توزيعهم على مشاريع الجيش الاقتصادية، لا العسكرية فقط. وعقب الإطاحة بمبارك قال اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، إن الجيش "لن يسلم أبداً هذه المشروعات لأي سلطة أخرى مهما كانت"، وأضاف أن هذه المشروعات "ليست من الأصول التي تمتلكها الدولة، ولكنها إيرادات من عرق وزارة الدفاع والمشاريع الخاصة بها" ما يؤكد أن الجيش بات دولة فوق الدولة.     ومنذ الانقلاب العسكري في 2013 بدأت المؤسسة العسكرية، التي ابتلعت البلد سياسياً بقوة السلاح، في التهامها اقتصادياً بقوة الأمر الواقع، خاصة بعد وصول قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في يونيو 2014. وخلال عامين فقط من حكم السيسي، حصل الجيش رسمياً على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عاماً، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخراً دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للمستشفيات وحتى بيع لمبات الليد والأدوات الكهربائية.   مظاهر العسكرة أولا عسكرة التعليم، بدأت العسكرة فعليا منذ انقلاب يوليو 52، لكنها تفاقمت بشدة بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، وامتدت على جميع عناصر العملية التعليمية سواء على مستوى التعليم الأساسي أو التعليم الجامعي، وتعددت مظاهر هذه العسكرة حتى وصلنا إلى مرحلة "قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه؟" التي تم فرضها على جميع مدارس الجمهورية قبيل مسرحية الرئاسة مارس الماضي، ومنها أولا، المدارس الدولية، حيث تم افتتاح مدرسة بدر الخاصة العسكرية للغات في مارس من عام ٢٠١٥ م. وحسب ما ورد ضمن تعريف بالمدرسة على موقعها الإليكتروني، فلقد خطط للمدرسة أن تكون الأولى ضمن سلسلة من المدارس الاستثمارية المملوكة للقوات المسلحة التي تدرس المنهجين البريطاني والأمريكي. وفي التعريف بها جاء أن المدرسة “تتبع بفخر أخلاق القوات المسلحة من أجل تمهيد الطريق لطرق تعليمية أرفع لكل طلابنا[3]. وامتد هذا البيزنس الحرام إلى المدارس الدولية التي تبلغ نحو (13 ألف ) ، يمتلك أكثرها قيادات وضباط بالمؤسسة العسكرية والأمنية، وعدد من رجال الأعمال المتحالفين معهم، وهي المدارس التي ارتفعت رسومها بصورة كبيرة للغاية»[4] بعد قرارات تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016م، وبلغت أكثر من 200 ألف جنيه في العام ما يحقق مليارات للجنرالات والمتحالفين معهم. وثانيا هيمنة اللواءات على وزارة التعليم، حيث تواصلت عمليات العسكرة، حتى وصل عدد اللواءات المنتدبين لوزارة التربية والتعليم في عام 2015 بعهد الوزير محب الرافعي إلى 6 لواءات[5] هم اللواء حسام أبو المجد رئيس قطاع شؤون مكتب الوزير، واللواء عمرو الدسوقي رئيس الإدارة المركزية للأمن، واللواء نبيل عامر مستشار الوزير لتنمية الموارد، واللواء محمد فهمي رئيس هيئة الأبنية التعليمية، واللواء كمال سعودي رئيس قطاع الكتب، بالإضافة إلى اللواء محمد هاشم الذي تولى رئاسة قطاع الأمانة العامة بديوان عام الوزارة والتي تضم الشؤون المالية والإدارية!. وثالثا توريد الوجبة المدرسية حيث امتدت عسكرة التعليم كذلك إلى إسناد توريد الأغذية المدرسة لشركات تابعة للمؤسسة العسكرية،  وتعاقدت وزارة التعليم مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة لتوريد التغذية المدرسية للطلاب بدءا من الموسم الدراسي 2016/2017[6]. وفي السياق ذاته، كان قطاع المعاهد الأزهرية قد تعاقد في 23 أغسطس من نفس العام، مع شركات تابعة للقوات المسلحة لإسناد عملية توريد التغذية المدرسية الخاصة بالمعاهد الأزهرية والإشراف على توزيعها. وفي 30 أغسطس 2016، أسندت جامعة القاهرة، مهمة توريد الأغذية والإشراف على مطابخ المدن الجامعية، التي تضم نحو 59 ألف طالب إلى الجيش المصري. رابعا: عسكرة العمل الأكاديمي حيث فرضت العسكرة نفسها على العمل الأكاديمي حيث تم منع  عدد من أعضاء هيئة التدريس للسفر بحجة عدم الحصول على الموافقة الأمنية التي باتت شرطًا أساسيًا للسماح لعضو التدريس بالسفر، كما امتدت العسكرة إلى تسييس الأبحاث العلمية؛ إذ بات من الممكن أن تشطب رسالة أو يرفض بحث لأسباب سياسية إن كان يطرح قضية لا تتماشى وهوى النظام الحاكم وهو ما حدث مع رسالتين بجامعة قناة السويس[7]. خامسا: عسكرة النشيد المدرسي، وكان آخر مظاهر العسكرة، أغنية "قالوا إيه علينا دولا وقالوا إيه" التي كانت مخصصة لقوات الصاعقة وتم تعميمها على كل المدارس حتى تحولت إلى فقرة أساسية   في طابور الصباح بكل المدارس وفقا لتعميم صدر عن الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم[8]. ثانيا، عسكرة الصحة، حيث اقتحم الجيش قطاع توريد المستلزمات والصناعات الطبية، حيث تبارت   إدارات وزراة الصحة في التزلف للمؤسسة العسكرية وعبر التعاقد معها بالأمر المباشر لتوريد المستلزمات الطبية كما وجه المجلس الأعلى للجامعات خطابا إلى رئيس جامعة المنصورة بتاريخ 23 يونيو 2016م للتعاقد مع الإدارة العامة للخدمات الطبية من أجل توريد ما تحتاج إليه المستشفيات الجامعية من أدوية وتجهيزات ومستلزمات طبية. وكما هو الحال في كل الوزارات فإن العسكرة تهمين على مفاصل كل وزارة   وطريقة صناعة القرار بها حيث يتولى عدة لواءات المناصب الحساسة بوزارة الصحة ومن خلال هؤلاء تم إسناد توريد جميع المستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية لجميع مستشفيات الوزارة وليس للمستشفيات الجامعية فقط بالأمر المباشر  للقوات المسلحة.[9] وعبر هؤلاء المساعدين اللواءات للوزير تم السطو على المستشفيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين كما تسعى وزارة الإنتاج الحربي إلى إقامة مصنع لإنتاج لقاحات الأورام والسرطان بالتعاون مع وزارة الصحة، كما أبلغت مستشفى المعادي العسكري مندوبي توزيع أدوية الأورام أن أحد أطبائها العسكريين هو من سيتولى الإشراف على جميع مناقصات توريد أدورية الأورام وأن الجيش هو من كلفه بذلك. ويمتلك الجيش  حتى 2016 نحو 45 مستشفى ومركزا طبيا وعيادة، في 16 محافظة، معظمها في العاصمة القاهرة، وفق موقع وزارة الدفاع المصرية الإلكتروني. في المقابل، يعاني قطاع الصحة الهش في مصر من استشراء الفساد، ونقص المعدات، وسوء الخدمات الصحية المقدمة، وغياب الرقابة في بلد فيه أكثر من 1800 مستشفى.[10]…

تابع القراءة

زيارة “بومينو” للمنطقة ومستقبل “سايكس بيكو” الجديدة

  زيارة "بومينو" للمنطقة ومستقبل "سايكس بيكو" الجديدة   في الوقت الذي أعلنت فيه الادارة الامريكية تأجيل الاعلان عن تفاصيل "صفقة القرن" بسبب الانتخابات الاسرائيلية التي ستجري في مارس 2019، بسبب الخشية من تأثير "التنازلات المطلوبة من إسرائيل" ضمن الصفقة على نتائج المرشحين (وهي نفس حجة تأجيل سابق من أغسطس لنهاية ديسمبر 2018 بسبب انتخابات الكونجرس)، كان الحديث يجري عن مخططات خطيرة تهدد المنطقة أو "سايكس بيكو جديد". وتزامن ذلك مع سلسلة خطوات مصرية إسرائيلية فلسطينية نحو المزيد من التضييق على المقاومة في غزة بالتزامن مع زيارة الرئيس الفلسطيني لمصر، هي: عودة غلق مصر لمعبر رفح في وجه المغادرين من غزة، وقيام "عباس" بسحب موظفي السلطة من معبر رفح، وقطعه رواتب دفعة جديدة من موظفي السلطة بالقطاع. كما أوقف الاحتلال دخول الأموال القطرية إلى الموظفين في قطاع غزة في خطط يبدو انها تستهدف قطاع غزة الذي يعاني حصارًا خانقًا منذ حوالي 12 عام، استعداد على ما يبدو وتهيئة للأجواء قبل إعلان تفاصيل الصفقة. هذه التطورات المتلاحقة والمتزامنة لا يمكن أن تأتي مصادفة خاصة في وقت بدأت تتحدث فيه الصحف الامريكية عن أنّ جون بولتون سيأتي في زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، ومعه "خريطة ملونة" لتقسيم المنطقة أعدّها المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري، تحدّد فيها الأماكن التي يُمنع فيها دخول القوات التركية إليها في الخريطة وذلك في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. وذكرت "وول ستريت جورنال" وصحيفة "يني شفق" التركية، أنّ مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، سيأتي في زيارة إلى أنقرة، ومعه خريطة ملونة لتقسيم سوريا أعدّها المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، جيمس جيفري، تحدّد فيها الأماكن التي تعارض دخول القوات التركية إليها في الخريطة. ووصف مسؤول أمريكي، تحدث للصحيفة، أنّ هذه الخريطة مشابهة لاتفاقية سايكس بيكو السرية بين بريطانيا وفرنسا، والتي قسمت الشرق الأوسط إلى مجالات استعمارية عديدة. زيارة وزير الخارجية الأمريكي ونبدأ بزيارة مايك بومبيو، وزير خارجية امريكا ورئيس مجلس الأمن القومي للمنطقة وخاصة مصر واسرائيل، والتي أكد بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أنه سيزور مصر الخميس 10 يناير الجاري لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين المصريين "تدور حول العلاقات بين واشنطن والقاهرة والقضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك ومكافحة الإرهاب، ويبحث الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط". إذ تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر ضمن جولة بمنطقة الشرق الأوسط بدأت الاحد 6 يناير وتشمل اسرائيل والاردن ومصر، ودول الخليج: البحرين والإمارات، وقطر والسعودية وسلطنة عمان والكويت، ما يطرح تساؤلات حولها وهل هي مخططه فقط للتنسيق حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، كما يزعم موقع الإذاعة الصهيونية "مكان" أم أن لها علاقة بترتيبات صفقة القرن ككل؟. صحيح أن الحديث يتركز حول سوريا وسعي أمريكا لترتيب الأجواء قبل انسحابها من سوريا بما لا يضر تل ابيب ولا يسمح لتركيا بضرب الاكراد حليف أمريكا وإسرائيل، بيد أن زيارة بومبيو لمصر والأردن ودول الخليج لا يبدو أن لها علاقة بملف سوريا، والأرجح أنها لتنسيق المواقف قبل إعلان تفاصيل صفقة القرن. فقد سبق "بومبيو" الي إسرائيل، مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، الذي بحث تأثير انسحاب أمريكا من سوريا على إسرائيل وبحث خطة أميركا لإبقاء عددٍ من قواتها جنوبي سورية، مع مسؤولين إسرائيليين، ما يعني ان زيارة "بومبيو" هي لهدف اخر غير بحث سوريا. وتأتي زيارة "بومبيو" في اعقاب قول سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، ديفيد فريدمان، إن الإدارة الأميركية قررت تأجيل نشر تفاصيل "صفقة القرن"، لعدة أشهر إلى ما بعد انتخابات الكنيست وتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، أي أنها معدة وجاهزة ولكن سيؤجل نشرها فقط كي لا تؤثر على نتائج انتخابات إسرائيل. ويدور الحديث عن تنازلات متبادلة بين إسرائيل والدول العربية بموجب صفقة القرن، اخطرها تخلي الفلسطينيين عن القدس ككل لتصبح (بشطريها الغربي والشرقي) عاصمة للدولة الصهيونية، وجعل مدينة "أبو رديس" عاصمة لفلسطين بدل القدس، فضلا عن إقامة مشاريع استثمارية في غزة وفي سيناء يعود ريعها لأهالي غزة، وهو إجراء يصعب تصور ان يعطي الامريكان والصهاينة وسلطة الانقلاب عوائده للمقاومة في غزة، لهذا يجري التمهيد له بخطوات الحصار الأخيرة التي تنفذها سلطة رام الله وسلطة الانقلاب وسلطة الاحتلال في توقيت واحد! وكانت لفتة ذكية وذات مغزى أن يعبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن رفضه إجراء أي تقسيمات جديدة في المنطقة على غرار اتفاقية "سايكس بيكو"، وهو يحضر الاحتفال الاخير بذكري مرور 100 عام على الحرب العالمية الاولى. إذ أن أكثر نتائج هذه الحرب مأساوية كانت تقسيم العالم العربي بين قوي الغرب وتفتيته الي دويلات بحدود مصطنعة تسببت في العديد من المشكلات العرقية والفئوية والدينية التي يعاني منها العالم العربي حاليا، ومهدت لحشر الدولة الصهيونية بين هذه الدويلات العربية المصنوعة. لهذا كان تصريح أردوغان مؤشر واضح لرفض خطط تجري بالفعل لتأسيس لـ "سايكس بيكو -2"، بما تتضمنه من تفتيت المفتت، عبر اقتطاع اجزاء من تركيا لانشاء دولة كردية، فضلا عن سعي امريكا وروسيا لاتفاق مشابه يقسم سوريا والعراق وربما اليمن وليبيا. بل أن اردوغان سعي لتذكير قادة الغرب المجتمعين في فرنسا بأنهم حين قسموا الدول الكبرى الي كيانات سياسية صغيرة، لم تستطع هذه الكيانات أو الانظمة الحاكمة بناء روابط قوية مع الشعوب التي حكمتها، ما أدى إلى معاناة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طيلة القرن الـ 20 من حكم الأنظمة الاستبدادية والانقلابات العسكرية وحكومات الأقلية. وحتى حين حاولت الحركات الشعبية الديمقراطية التي سميت بـ "الربيع العربي"، تصحيح الوضع "لجأ (الحكام الذين جاءت بهم تقسيمات سايكس بيكو) إلى شتى الوسائل المعادية للديمقراطية، بما في ذلك الانقلابات العسكرية، من أجل تحقيق أهدافهم، بل ويواصل هؤلاء اللاعبين اليوم أيضًا أنشطة الثورة المضادة، ويعرضون السلم والاستقرار العالميين للخطر من أجل مصالحهم الخاصة"، كما قال اردوغان. وكانت اتفاقية "سايكس بيكو" الاولي التي اعقبت الحرب العالمية الاولي، سرية، وجرى توقيعها في عام 1946، بين فرنسا والمملكة المتحدة، بمصادقة روسيا، لاقتسام منطقة الهلال الخصيب أو الدول العربية شرقي المتوسط، بين فرنسا وبريطانيا، بعد تهاوي الدولة العثمانية، إبان الحرب العالمية الأولى. وبدلا من الاحتفال بانتهاء عمر هذه المعاهدة، وامتلاك العرب إرادتهم، جاءت الذكري المئوية في ظل وضع أسوأ يهدد بتقسيم "المقسم"، وتحويل "دول" عربية إلى "دويلات". حيث واكب الاحتفال بالذكري، الحديث عن معاهدة جديدة – غير رسمية هذه المرة – يجري وضعها سرا بالفعل، تعيد تشكيل ورسم حدود المنطقة العربية على أسس عرقية وطائفية، في ظل سعي إدارة ترامب لتثبيت اغتصاب الصهاينة للأرض المحتلة باتفاقات مع الأنظمة العربية وتطبيع للعلاقات ينهي مقولة "العدو الصهيوني". ويسعي الاحتلال الصهيوني للمشاركة في هذا التقسيم الجديد وتثبيت وجوده ضمن التقسيم الاول للاتفاقية، بل وبدأت تل ابيب تناقش ما سمي "الاستراتيجية الإسرائيلية لحقبة ما بعد سايكس بيكو"، عبر سلسلة دراسات نشرها "معهد دراسات الأمن القومي"، للباحث…

تابع القراءة

سياسة القتل خارج القانون في مصر.. الأهداف والمخاطر

 سياسة القتل خارج القانون في مصر.. الأهداف والمخاطر   «إن أردت استجواباً جاداً، فإنك ترسل السجين إلى الأردن، وإن أردت تعذيبه، فعليك إرساله إلى سوريا؛ أما إن أردت أن يختفي شخص ما فلا يراه أحد مطلقاً بعد ذلك فإنك ترسله إلى مصر». [1]هكذا لخص روبرت باير المسئول السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مقال نشرته مجلة نيوستيتسمان تحت اسم “الجولاج 1 الأمريكي” بتاريخ 17 مايو 2004، ونقلته منظمة هيومن رايتس ووتش HRW في تقريرها بعنوان الفجوة السوداء سنة 2005م. كان هذا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، أما الآن فإن الأمر ازداد سوءا وبات الاغتيال خارج إطار القانون منهجية ثابتة لأجهزة  جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي؛ فقد تجاوزت مرحلة الاختفاء القسري إلى مرحلة القتل دون تحقيقات أو محاكمات. في هذا السياق، يأتي إعلان وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب في مصر  صباح السبت 29 ديسمبر 2018م عن اغتيال "40" مصريا بعد ساعات قليلة من تفجير حافلة سياحية بالقرب من منطقة الأهرامات بالجيزة، مساء الجمعة قبل الماضية ، أسفر عن مقتل "3"سائحين  فيتناميين ومرشد سياحي مصري وإصابة 11 آخرين،  وهو ما يؤكد أن الاغتيال خارج القانون منهج سياسي ثابت يمثل أحد ركائز الأجهزة الأمنية في مصر بعد انقلاب 03 يوليو 2013م. كما يأتي متسقا مع الوظيفة التي يقوم بها النظام العسكري لخدمة مصالح قوى  دولية وإقليمية بناء على الثوابت والركائز الحاكمة للسياسات المصرية العليا على المستويين المحلي والإقليمي. وكالعادة خرجت الرواية الأمنية تدّعي أنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار، وهي نفس الرواية الركيكة التي يتم بثها ونشرها عقب كل جريمة اغتيال خارج إطار القانون تقوم بها ميليشيات تابعة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالجيش والشرطة. هذه الرواية الركيكة مع تكرارها قوبلت بتشكيك كبير، أخذًا بعين الاعتبار النمط الذي تعتمده أجهزة السيسي الأمنية وعمليات التوثيق التي تقوم بها منظمات حقوقية غير حكومية للضحايا. وأمام مزاعم النظام الدائمة بأن الضحايا قتلوا في تبادل لإطلاق النار، تؤكد منظمات حقوقية مستقلة أن أغلب هؤلاء الضحايا من المختفين قسريا، تحتجزهم ميليشيات النظام داخل مقارها بشكل غير قانوني، وتقتل بعضهم في أعقاب وقوع أي حادث مسلح؛ بحجة أنهم متورطون في ارتكابه. بخلاف ذلك، فإن الربط بين جريمة اغتيال "40" مصريا خارج إطار القانون وما يشابهها من جرائم النظام التي تزايدت بشدة خلال السنتين الماضيتين، بالسياسات الدولية والإقليمية، ليس عشوائيا بقدر ما هو استنتاج رصدته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير  لها  في سبتمبر 2017م، حيث رصدت تزايد الانتهاكات من جانب الطغاة العرب  بعد التفاهمات التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع السيسي في النصف الأول من سنة 2017م، خلال زيارة الأخير لنيويورك في إبريل ثم الزيارة التي قام بها ترامب للسعودية في 21 مايو من نفس السنة والتقى خلالها قيادات تحالف الثورات المضادة وما تلاه من حصار قطر. ورصدت التقرير  "3" تحولات في مصر لها ما بعدها، أولا زيادة معدلات حملات الاعتقال المسعورة بحق المعارضين للنظام،  وكذلك غير المسيسيين. ثانيا، زيادة معدلات  تأميم الفضاء الإعلامي وحجب المواقع الإخبارية التي لا تتوافق سياستها التحريرية مع رغبات النظام وأجهزته الأمنية عبر إجراءات وتشريعات تصادر الحق في التعبيير. ثالثا، كما تزايدت كذلك معدلات أحكام الإعدام المسيسة والاغتيال  خارج القانون وسجل شهر يوليو2017  وحده، 61 حالة قتل خارج القانون، أي أكثر من ضعف العدد الإجمالي الذي تم رصده خلال الأشهر الستة الأولى من السنة ذاتها(2017)، وذلك وفقا للجنة المصرية للحقوق والحريات. وبعكس أوباما الذي دأب على انتقاد أوضاع حقوق الإنسان، في مصر فإن ترامب احتضن السيسي، ودعاه إلى البيت الأبيض، وهو أمر لم يفعله أوباما أبدا. واعتُبرت رحلة ترامب الى السعودية أنها إلى حد كبير ترسيخ لعلاقة جديدة تركز على مكافحة الارهاب.  كما اعتبرت كذلك تشجيعا للطغاة العرب وأوصلت لهم رسالة مفادها أن أي انتهاكات يقومون بها ضد شعوبهم ستكون مقبولة لدى إدارة ترامب وبذلك مُنح السيسي الضوء الأخضر الأمريكي حتى يفعل بالمصريين ما يشاء.[2] وبناء على هذه التفاهمات التي تستهدف بالأساس ضمان بقاء واستمرار نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي للقيام بالمهام الوظيفية المحددة له محليا وإقليميا ودوليا كوكيل لقوى دولية وإقليمية نافذة ؛ فقد ارتفعت وتيرة القتل خارج القانون في مصر على يد قوات الأمن التابعة لجنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي، حتى منتصف ديسمبر 2018م، بأكثر من 27% مقارنة بالعام الماضي، 2017، وفق إحصاءات بيانات وزارة الداخلية عن أعداد القتلى في عام 2018 تحت مزاعم "تصفية إرهابيين". وبلغت حصيلة القتل خارج القانون في عام 2018 نحو 225 قتيلا مقارنة بنحو 177 قتيلا في عام 2017، توزعوا على محافظة شمال سيناء والقاهرة والجيزة والصعيد والدلتا.[3] ويؤكد مدير منظمة «السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان» علاء عبد المنصف، أن 2018 كان الأكثر من حيث أحكام الإعدام وتنفيذها، وكذلك من حيث انتشار ظاهرة التصفيات الجسدية التي توسع فيها وزير داخلية الانقلاب محمود توفيق، الذي تم تعيينه في يونيو 2018. وخلال الفترة من 3 يوليو 2013 وحتى منتصف ديسمبر 2018، رصدت منظمة "السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان"، مقتل (3146) معارضا خارج إطار القانون، بخلاف الوضع في سيناء، بينهم 203 مواطنين نتيجة التصفية الجسدية المباشرة، كان أغلبهم في عام 2018م.  كما شهدت سيناء وحدها مقتل (4010) مواطنين، منهم (3709) مواطنين برّر الجيش قتلهم لمشاركتهم في مواجهات أمنية، والبقية بصورة عشوائية، ومنذ الانقلاب وحتى منتصف ديسمبر 2018م، فإن المحاكم المصرية أصدرت أحكاما بإعدام (1324) مواطنا بدرجات تقاضٍ متفاوتة، تم تنفيذ الحكم في حق (37) معارضًا، بينهم 10 في عام 2018، بالإضافة إلى تأييد الأحكام على (76) آخرين يمكن أن يتم تنفيذ الحكم عليهم في أي لحظة.[4]   الاغتيال برواية أمنية مفبركة في يناير 2018م، وفي ذكرى الثورة، أصدر مركز «النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب»[5] -منظمة مجتمع مدني مصرية- تقريرا بحصاد القهر عن عام 2017، رصد فيه وقوع 1029 حالة قتل، و118 وفاة في أماكن الاحتجاز، و347 حالة تعذيب فردي، و212 حالة تعذيب أو تكدير جماعي، و277 حالة إهمال طبي، و1274 حالة اختفاء قسري، و1237 حالة ظهور بعد الاختفاء، و386 حالة عنف من قبل الدولة. وفي مقدمة التقرير (الأرشيف)، قال المركز: "ليس لدينا أي شك أن ما تمكنّا من تجميعه من انتهاكات رصدتها وسائل الإعلام المختلفة ما هو إلا قمة جبل الثلج.. فتحت السطح أو بعيدا عن رصْدِنا تجري أضعاف تلك الجرائم التي نعتذر لضحاياها بأننا لم نتمكن من الوصول إلى معرفتها". وتابع المركز: "مثلما حرصنا على رصد ما نُشر من حالات الاختفاء القسري حرصنا أيضا على توثيق أماكن ظهور هؤلاء المختفين، ذلك أنه بناء على هذا الأرشيف لم يظهر أحد من المختفين في دولة أخرى بين صفوف داعش كما ادّعى بعض المسؤولين والإعلاميين وأحد المتحدثين باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل ظهروا في النيابات وأقسام الشرطة والمحاكم وكلها مؤسسات تابعة وخاضعة…

تابع القراءة

أبعاد ومخاطر النفوذ الإماراتي بمصر

 أبعاد ومخاطر النفوذ الإماراتي بمصر     النفوذ الإماراتي في مصر يتمدد بسرعة فائقة؛ خصوصا بعد المشاركة الواسعة من جانب حكومة الإمارات وأجهزتها المخابراتية في تدبير انقلاب 03 يوليو 2013م بخلق حاضنة إقليمية ودولية (أمريكا وإسرائيل والسعودية) إضافة إلى تمويل أكبر جريمة في حق مصر في العصر الحديث بوأد تجربتها الديمقراطية الجادة بعد ثورة 25 يناير 2011م واسترداد نموذج الاستبداد العسكري في نسخة جديدة أكثر سوءا من نسخة مبارك؛  بعد أن كان الشعب قد ظن أن حكم العسكر ولى بلا رجعة. ومنذ المجيء بجنرال العسكر عبدالفتاح السيسي على ظهر  دبابات الجيش والسطو على حكم مصر بقوة السلاح، تمدد النفوذ الإماراتي بصورة كبيرة، خصوصا في صناعة القرار السياسي المصري والسيطرة على الفضاءين الإعلامي والاقتصادي، وإقامة مشروعات استثمارية بالتشارك مع المؤسسة العسكرية أو بدونها.  وعبر شركة "أبراج كابيتال" تمكنت الإمارات من بسط نفوذها على قطاع الصحة المصري،  بشراء سلسلتي معامل البرج والمختبر ومايزيد على 15 مستشفى خاصا،  وعبر مؤسسة "جيمس" تتجه الإمارات لبسط نفوذها الواسع على قطاع التعليم المصري. ووفق بيان للبنك المركزي المصري في يونيو/حزيران 2018، تحتل الإمارات المرتبة الأولى من حيث أهم الشركاء التجاريين مع مصر بحجم تبادل تجاري بلغ في النصف الأول من العام المالي الحالي(2018/2019) نحو ثلاثة مليارات دولار، منها 1.17 مليار دولار صادرات. وفي يوليو/تموز 2017، كشف السفير الإماراتي بالقاهرة جمعة الجنيبي في تصريحات صحفية، أن حجم استثمارات بلاده في السوق المصرية بلغ أكثر من 6.2 مليارات دولار، تُدار من خلال 877 شركة مشتركة.   "4" محطات فاصلة ومرت محاولات أبو ظبي للسيطرة على قطاعات بالاقتصاد المصري بعدة محطات بدأت بالتجاهل خلال مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير  وأثناءها، ثم مرحلة الدعم والمنح والمساعدات بعد الانقلاب مباشرة والمرحلة الثالثة  كانت القروض أبرز مظاهرها وأخيرا المرحلة الأخيرة هي السيطرة بالاستثمار عبر شركات مشبوهة مع المؤسسة العسكرية وجنرالات كبار بالنظام لهم نفوذ واسع. يعزز ذلك، أن مجال المعونات الإماراتية لمصر، خلى خلال  السنوات التسع السابقة على استيلاء الجيش على السلطة من أية معونات إماراتية، فيما عدا قدر ضئيل بحوالي 100 ألف دولار عام 2011، لكنها قدمت معونات بنحو مليارين و636 مليون دولار خلال النصف الثاني من عام 2013، والتى تمثل الشهور الستة الأولى للنظام الجديد، ثم تبعتها بنحو مليار و750 مليون دولار في النصف الأول من عام 2014. وهكذا حصل النظام العسكري المصري على معونات إماراتية بلغت أربعة مليارات و386 مليون دولار خلال عامه الأول، لكن وتيرة تلك المعونات تراجعت في عامه الثاني، لتصل إلى 156 مليونا فقط، ثم تراجعت بشدة إلى 11 مليونا فقط في عامه الثالث، وإلى 13 مليونا في عامه الرابع، واستمرت على تواضعها في عامه الخامس.[1] ورغم ارتفاع القروض الخارجية لمصر إلى أكثر من 43 مليار دولار في نهاية حزيران/ يونيو 2013 (قبيل استيلاء الجيش على السلطة)، لم تساهم الإمارات بشيء منها مطلقا، لكن بعد استيلاء  الجيش بحوالى أسبوعين (في 17 تموز/ يوليو 2013)، قدمت الإمارات قرضا بنحو ملياري دولار لمدة خمس سنوات بدون فائدة. وفي نيسان/ أبريل 2015، قدمت قرضا آخر بملياري دولار بفائدة 2.5 في المئة. وفي أيار/ مايو 2016 قدمت المليار الخامس، بنفس معدل الفائدة السابقة. وفي آب/ أغسطس من نفس العام، قدمت المليار السادس بفائدة 4 في المائدة، لتعزير الموقف المصري في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي التي كانت تجري وقتها.  ثم توقف ضخ القروض الإماراتي، والتي بلغ رصيدها ستة مليار و583 مليار دولار في آذار/ مارس من العام الحالي"2018"، لتحتل المركز الثالث بين دول العالم المقرضة لمصر بعد السعودية وألمانيا. كما وافقت الإمارات على طلب البنك المركزي المصري بترحيل موعد سداد الأقساط التي حل موعد سدادها؛ لأجل آخر.   السيطرة بالاستثمار في التعليم وفي 23 ديسمبر 2018م، أعلنت المجموعة المالية هيرميس في بيان لها جذبها تعهدات إماراتية لاستثمار 119 مليون دولار في قطاع التعليم بمصر بالشراكة مع مؤسسة جميس للتعليم ومقرها دبي[2]. بيان هيرميس وما ارتبط به من ردود أفعال  كشف عن عدة  مستجدات: أولا،  إتمام الإغلاق الأول لصندوق التعليم المصري الذي يركز على مرحلة التعليم الأساسي. وتمت تغطية الصندوق بعد أن نجح في جذب تعهدات استثمارية بقيمة 119 مليون دولار، لتتجاوز التعهدات المبدئية المستهدفة، والتي تراوحت بين 50 و100 مليون دولار، وذلك في مدة لم تتجاوز الستة أشهر، جاذبا استثماراته من أفراد ومؤسسات متعددة من مصر ودول الخليج العربي وجنوب شرق آسيا. ثانيا، الإشارة إلى أن الصندوق يستهدف تحقيق معدل عائد داخلي للمستثمرين بنسبة تتجاوز 25% عن طريق استثمار 300 مليون دولار خلال السنوات المقبلة للاستحواذ على 30 مدرسة جديدة بقدرة استيعابية تتجاوز 40 ألف طالب، وذلك بالتعاون مع مؤسسة جيمس للتعليم بالإمارات. وتتوقع هيرميس إتمام الإغلاق الثاني خلال عام 2019 بقيمة إضافية 30 مليون دولار، وتجري حاليا محادثات مع عدد من المؤسسات المالية العالمية ممن أبدوا اهتمامهم بالاكتتاب بالشريحة المتبقية من الصندوق. ثالثا، يعد الصندوق البالغ قيمته 150 مليون دولار جزءا من برنامج تعليمي بقيمة 300 مليون دولار تم تأسيسه بالشراكة الحصرية مع مؤسسة جيمس للتعليم. بينما كشف  محمد خليفة، مدير صندوق التعليم المصري، أن هناك اتجاها مع مجموعة جيمس للتعليم لإنشاء أكبر كيان مؤسسي لتقديم الخدمات التعليمية في مصر. وفي  20 مايو2018م، قالت المجموعة المالية هيرميس إنها دخلت في اتفاقية شراكة مع "جيمس للتعليم"، التي تتخذ من دبي مقرا لها. بموجب هذه الشراكة الجديدة، تقوم هيرميس بتأسيس صندوق استثماري يديره قطاع الاستثمار المباشر التابع للشركة لتمويل مشروعات الشراكة الجديدة مع "جيمس للتعليم". والهدف  هو إطلاق منصة جديدة في قطاع التعليم الأساسي في مصر، حيث  يبلغ قوام قطاع التعليم الأساسي في مصر أكثر من 20 مليون طالب.  وبدأت مجموعة "جيمس للتعليم" في دبي منذ ما يقرب من 60 عاما، وتعتبر أكبر مجموعة للمدارس من الروضة حتى الصف الـ 12 في العالم[3]. كما أعلنت مجموعة "جيمس للتعليم"، عن تطبيق خيار الاستحواذ مبدئياً على حصة النصف للتعليم في أربع مدارس تديرها في مصر منذ دخولها السوق المصرية مطلع العام الماضيي. وتقع المدارس الأربعة التي استحوذت مجموعة "جيمس للتعليم" على حصة فيها في مدينة "الرحاب" و"مدينتي"، وتدرّس المناهج الوطنية والبريطانية، وهي: المدرسة البريطانية الدولية بمدينتي، ومدرسة مدينتي بفرعيها المتكاملة وللغات والمدرسة البريطانية الرحاب[4]. ومن بين استثمارات شركة "أبراج كابيتال" الإماراتية في مصر، ووفقا لموقعها الرسمي، مجموعة CIRA  وهي مجموعة تعليمية والتي تمتلك العلامة التجارية FUTURES وتمتلك مدارس للغات وأطلقت – بدعم من استثمارات أبراج – جامعة بدر BUC والتي بدأت عملها في سبتمبر 2014. وتستثمر الشركة أيضا في جامعة النهضة الموجودة في محافظة بني سويف، وتأسست في 2007، كأول جامعة خاصة بصعيد مصر، ولم تذكر الشركة نسبة مساهمتها في أي من تلك الشركات[5].   مظاهر الهيمنة الإماراتية في مصر أولا،…

تابع القراءة

تشكيل«لجنة مواجهة الأحداث الطائفية» وذ مستقبل الأزهر

  تشكيل«لجنة مواجهة الأحداث الطائفية» وذ مستقبل الأزهر   فأجأ جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي جموع المصريين  يوم الأحد 30 ديسمبر 2018م بإصدار القرار رقم 602 لسنة 2018، بتشكيل لجنة مركزية تسمى «اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية»، برئاسة مستشاره لشئون الأمن ومكافحة الإرهاب، وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد جمال الدين، وعضوية كل من ممثلى هيئة عمليات القوات المسلحة، والمخابرات الحربية، والمخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والأمن الوطنى. ووفقا للقرار، الذى نشر بالجريدة الرسمية في ذات اليوم، فإنه يحق للجنة أن تدعو لحضور اجتماعاتها من تراه، من الوزراء أو ممثليهم وممثلى الجهات المعنية، عند نظر الموضوعات ذات الصلة. ومهمة هذه اللجنة أن تتولى وضع الإستراتيجية العامة لمنع الأحداث الطائفية ومواجهتها ومتابعة تنفيذها، وآليات التعامل مع الأحداث الطائفية حال وقوعها. كما ستعد اللجنة تقريرا دوريا بنتائج أعمالها وتوصياتها وآليات تنفيذها، يعرضه رئيسها على زعيم الانقلاب.[1] وتباينت ردود الفعل تجاه  هذا الكيان الجديد، حيث رحبت الكنائس المختلفة بالقرار،  ورأت فيه انحيازا لما أسمتها بالمواطنة، بينما التزم الأزهر  الصمت،  في الوقت الذي رحبت فيه دار الإفتاء بالقرار،  كما هللت له الأوساط الموالية للنظام ومنعت الصحف والمواقع والفضائيات  الموالية للسلطة من  أي انتقاد للقرار خصوصا في تشكليته الأمنية الغالبة واستبعاد المؤسسات الدينية وتهميش دور الأزهر تحديدا.  وفي معسكر الرفض للانقلاب والمعارضة قلل محللون من هذه الخطوة واعتبروها مجرد إصدار جديد من اللجان التي ينشئها السيسي تم تمضي دون دور ملموس، وسيكون مصير هذه اللجنة الأمنية مثل مصير المجلس القومي لمكافحة الإرهاب الذى صدر بقرار جمهوري رقم 355 لسنة 2017 ، والذى لم يقدم أي إضافة على أرض الواقع. لكن يبقى السؤال مطروحا: لماذا أقدم الجنرال على تشكيل هذه اللجنة رغم وجود "بيت العائلة" الذي يقوده الأزهر والكنيسة منذ 2011م لنفس الغرض؟ ولماذا تم استبعاد المؤسسات الدينية وخصوصا الأزهر عل وجه التحديد؟ وما الرسائل التي يريد النظام إرسالها من وراء هذه اللجنة الجديدة بتشكيلتها ومهامها؟ وما انعكاسات ذلك على طبيعة العلاقة بين النظام والمؤسسة الدينية  على وجه الخصوص  في ظل التزام الأزهر الصمت حيال هذه اللجنة الأمنية الجديدة؟   ملاحظات فاصلة بمجرد الإعلان الرسمي عن تشكيل هذه اللجنة تم رصد عدة ملاحظات جوهرية تعكس الهدف من القرار. أولا، الاكتفاء بالتشكيل الأمني واستبعاد المؤسسات الدينية والعلمية والاجتماعية والمجتمع المدني ما يؤشر  لتكريس تعظيم الدور الأمني على حساب باقي الأبعاد والجوانب، كما أن مجرد تشكيل هذه اللجنة هو اعتراف صريح بتعاظم الأزمة الطائفية وإن كان العنوان حاول التخفيف من وقعها بوصفها "الأحداث الطائفية" وليست "الفتنة الطائفية" وإن كان ذلك لا يؤثر في طبيعة الواقع  المأساوي. ثانيا، يمثل القرار  استرضاء للكنيسة والأقباط بعد حادثتين مروعتين: الأولى التي نفذها تنظيم "ولاية سيناء" بقتل 7 أقباط بعد الاعتداء على حافلتين في طريق دير الأنبا صموئيل. والثاني مقتل أب وابنه الشاب على يد عناصر الشرطة المكلفة بحراسة إحدى كنائس المنيا. كما يأتي قبل أيام من بروباجندا افتتاح ما تسمى بأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط بالعاصمة الجديدة للسيسي حيث يشارك الجنرال في احتفالات الكنيسة الأرثوذوكسية بعيد الميلاد مساء 06 يناير الجاري2018 ولا يريد أن يجد معارضة من جانب الأقباط الغاضبين من فشله في توفير الحماية لهم. كما يستهدف النظام ترضية أقباط المهاجر الذي علا صوتهم احتجاجهم مؤخرا على وقع هاتين الحادثتين. ثالثا، الهدف الأكبر من عملية ترضية الكنيسة وأقباط المهجر تأتي في سياق محاولات النظام مساعدة قيادة الكنيسة في  لم شمل رعاياها لتقف خلف توجهات جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي الرامية لإجراء تعديلات دستورية تفضي إلى بقائه في الحكم مدى الحياة،  أو أن يبقى على رأس السلطة وفق نظرية "ولاية الفقيه" الإيرانية. وتشكيل اللجنة من قيادات أمنية ومؤسسات الدولة المخابراتية إنما يبعث رسالة للأقباط أنه لا دور لما يسمى بالعرف بعد ذلك في أحداث الفتنة الطائفية  وهو ما يطالب به قطاع كبير من الأقباط وإن كان لذلك أضرار كبرى تتعلق بإشعال مزيد من النار في الأحداث الطائفية وسوف تشغل الأمور  أكثر مما هي قائمة على المستويين المتوسط والبعيد. رابعا، الأجهزة التي تتشكل منها اللجنة الجديدة هي ذاتها التي تفشل حتى اليوم في مواجهة أحداث الفتنة الطائفية وتفشل كذلك في مواجهة الاعتداءات المسلحة التي تقع  فكيف تكون عاملا من عوامل العلاج وهي أصل المرض وأساس الداء؟! بل إن هذه الأجهزة بظلمها وبطشها وقمعها تؤجحح مشاعر الكراهية باتباع سياسات تعتمد على التمييز  وتمارس الاغتيال خارج إطار القانون ضد شباب المسلمين  وبذلك فإنها تؤفر أجواء  مواتية للعنف المقابل ولا يجد المسلحون سوى الأقباط والسياحة باعتبارهم الحلقة الأضعف من جهة التأمين وبذلك تبقى البلاد في دائرة من العنف والعنف المقابل وهي دائرة لن تنتهي أبدا بتشكيل  مثل هذه اللجان  الأمنية ولن تنتهي ما بقيت هذه السياسات قائمة وما بقيت هذه الأشخاص تتحكم في مفاصل البلاد السياسية والأمنية. خامسا، تتصادم الأدوار المنوطة بهذه اللجنة "العليا" بوضوح مع الأدوار التي كانت مسندة إلى هيئة تشكلت بعد ثورة 25 يناير 2011، هي "بيت العائلة المصرية" بقرار من رئيس الوزراء الأسبق، عصام شرف، في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتم تشكيل "بيت العائلة" للمرة الأولى برئاسة مشتركة بين شيخ الأزهر، أحمد الطيب، والبابا الراحل شنودة الثالث، وحالياً يرأسه الطيب والبابا تواضروس الثاني، بالتناوب فيما بينهما.  وكان الهدف من بيت العائلة هو الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية في الدولة، بعضوية عدد من علماء الدين المسلمين وممثلين عن الكنيسة القبطية وممثلين عن مختلف الطوائف المسيحية بمصر وعدد من المفكرين والخبراء. ومع توجهات الإمام الأكبر والبابا نحو توسيع بيت العائلة ليكون له فروع في باقي المحافظات جاءت قرارات السيسي لتسلط الأضواء على لجنة أمنية حكومية بديلة  دون أي ذكر لأدوار "بيت العائلة" ما يؤشر على توجهات تستهدف تهميش دور الأزهر تحديدا. كما أن الخطوة التي اتخذها السيسي أخيراً تكرس الوضعية الصورية لبيت العائلة بخلق لجنة "صورية جديدة" عوامل الفشل فيها أكبر من عوامل ومؤشرات النجاح، بل وتفرغ القرارات السابق اتخاذها بشأن الأحداث الطائفية من مضمونها، والتي كانت تتمثل في تأسيس أفرع لـ"بيت العائلة" في محافظات الجمهورية وتعيين مشايخ وقساوسة لإدارتها والعمل على التدخل السريع وحل المشاكل فور حدوثها والتواصل مع أطراف الأحداث الطائفية والأجهزة الأمنية والتنسيق في ما بينها.   تهميش دور الأزهر يمكن تفسير  هذه الخطوة من جانب السيسي باعتبارها  مرحلة من مراحل تهميش الأزهر الشريف في ظل قيادته الحالية تحت رئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب؛ لا سيما  وأن المشيخة وهيئة كبار العلماء تمارس مسحة من الاستقلالية  تثير  غضب رأس النظام العسكري وقد كانت الحرب الكلامية التي جرت في احتفالية المولد النبوي الشريف ربيع الأول 1440ه حول حجية ومكانة السنة النبوية الشريفة كاشفة لحجم الخلاف بين المشيخة والجنرال في عدد من المواقف. أولا، الإمام الأكبر  لا يقبل…

تابع القراءة

دلالات اعتراف السيسي بدور اسرائيل في محاربة ولاية سيناء

  دلالات اعتراف السيسي بدور اسرائيل في محاربة ولاية سيناء ..  هل انتهت شرعية السيسي؟ ولماذا صفقات السلاح؟   في 26/ 7/ 2014 كان اول طلب تفويض مزعوم من السيسي للمصريين بما اسماه "محاربة الإرهاب" (فيديو)، وبعد هذا التفويض بـ 14 يوما جري اول قصف جوي إسرائيلي علي سيناء يوم 9 اغسطس 2013، بحسب رصد نشطاء سيناء. لهذا جاء اعتراف السيسي في برنامج 60 دقيقة 60Minutes على قناة CBS بسماحه لدولة الاحتلال الصهيوني بقصف سيناء وخرق السيادة المصرية ليعني أن السيسي حين طالب المصريين بمنحه تفويضا شعبيا لمكافحة الارهاب كان قد اتفق مع اسرائيل سرا على شمولها بهذا التفويض من شعب مصر، الذي سرعان ما عبرت اسرائيل عن تقديرها له بقصف سيناء بعد اسبوعين في 9 أغسطس، والذي اتبعه السيسي بعدها بـ 5 أيام بتنفيذ مذبحة رابعة. وبرغم أن قراءة الحوار ككل من الجوانب التحليلية يكشف عن الكثير عن "شخصية" السيسي (تعرقه في مواجهة كشف الحقائق ومواجهته إعلام حقيقي لا تابع)، وكيف تدار سياسة مصر عبر شخص واخد بلا برلمان أو حكومة او حتى مجلس عسكري، يراد له أن يكون ايضا "السيسي مصدر التشريع"، ودوره في اصدار اوامر المذبحة في رابعة ووغيرها، إلا أن أخطر ما كشفه الحوار هو إعلان الدور الصهيوني في التدخل العسكري في سيناء، لأول مرة على لسان المسول الاول في مصر. فالتدخل الصهيوني في سيناء معلوم منذ 2013 وعمليات رصد دخول وخروج الطائرات الصهيونية مرصوده من قبل النشطاء في سيناء على مواقع التواصل، ومن قبل الصحف الاسرائيلية والاجنبية وحتى نتنياهو نفسه الذي تحدث عنها صراحة قبل اعتراف السيسي بأسبوع، ولكن تداعيات ودلالات هذا الاعتراف الرسمي من جانب السيسي تحمل أكثر من قنبلة ربما هي وراء السعي المحموم لمنع بث الحوار مساء الاحد 7 يناير 2019. 6 دلالات على اعتراف السيسي أول هذه الدلالات هي ان اعتراف السيسي الرسمي بالموافقة على القصف الصهيوني لسيناء هي ان السيسي مُعرض بذلك للاتهام بالخيانة العظمي والتخابر مع دولة الاحتلال الصهيوني، وما القضايا التي يحاكم بمقتضاها الرئيس محمد مرسي وقادة المعارضة بالتخابر مع حماس أو قطر سوي ذرا للرماد في العيون، لأن العدو الاستراتيجي للمصريين هو وسيظل "اسرائيل". ويمكن رصد 10 مواد في الدستور تتهم السيسي بالخيانة العظمى بموجب تصريحاته المصورة للقناة الامريكية، أبرزها المواد: 139 و144 و151 و159 و104 و200، و203. وثان هذه الدالات الخطيرة التي تدين المجلس لعسكري ككل وتهين الجيش المصري هي أن اعتراف السيسي معناه عجز الجيش المصري عن مواجهة ألف مسلح في سيناء واستعانته بإسرائيل لمحاربتهم، وأن ما قيل عن انجازات وانتصارات ضد الارهاب في عمليتي "حق الشهيد" التي انطلقت في 2017 و"العملية الشاملة" التي انطلقت في 2018 هي انتصارات وهمية حققتها تل ابيب لا الجيش المصري. لهذا كان من الطبيعي ان يتفاخر العدو الصهيوني ورئيس الوزراء الصهيوني في 17 ديسمبر الماضي 2018، خلال مؤتمر السفراء الإسرائيليين في دول أمريكا اللاتينية وقارتي إفريقيا وآسيا بالخارجية الإسرائيلية، بأنه سبب ما حققه الجيش المصري، وأن يؤكد نتنياهو أنه "لولا الجيش الإسرائيلي لأقام "داعش" دولته بسيناء". فبحسب تصريحات نتنياهو التي نقلها "عامي روحكس دومبا" الخبير العسكري الإسرائيلي بالموقع الإلكتروني لمجلة "يسرائيل ديفينس" العبرية، قال: "نحن نمنع داعش بسيناء على طريقتنا، لن أذكر تفاصيل عن ذلك، لولا أن "إسرائيل" كانت هناك لقامت دولة لداعش بصحراء سيناء تهدد المنطقة بأسرها". ومع أن تصريحات نتنياهو أيضا هي الأولى من نوعها، إلا أنها جاءت لتؤكد صحة ما سبق وأوردته تقارير غربية حول قيام "إسرائيل" بعمليات قصف جوي بالتنسيق مع الجيش المصري بسيناء لاستهداف مسلحين، محسوبين على تنظيم "ولاية سيناء". وأبرز هذه التقارير ما أوردته "نيويورك تايمز" الأمريكية، في فبراير 2018 نقلا عن سبعة مسؤولين كبار أمريكيين وبريطانيين أن الطيران الإسرائيلي نفذ أكثر من مائة عملية قصف جوي في سيناء خلال عامين، استهدف خلالها ما وصفتهم الصحيفة بـ "الجهاديين"، وأن العمليات الإسرائيلية بسيناء انطلقت بموافقة السيسي، وشملت استخدام مقاتلات ومروحيات وطائرات بدون طيار، مع الحرص على عدم كشف هوياتها الإسرائيلية حيث اتخذت الطائرات الإسرائيلية مساراً التفافياً لخلق انطباع بأن قواعدها تتواجد داخل الأراضي المصرية. وثالث هذه الدلالات أنه لا أحد من قادة الجيش والقيادات العليا في الجيش أو الأجهزة السيادية كالمخابرات العامة والحربية واجهزة الأمن الوطني أو البرلمان والقضاء وغيرها أبدى أي رد فعل على هذه الخيانة الخاصة بالتخابر مع العدو الصهيوني لحد السماح له بقصف سيناء، ما يطرح تساؤلات حول السبب: هل هو الخوف من قطع رؤوس المعارضين؟ أم موافقتهم على هذه الخيانة التي تطالهم في أي محاكمة مستقبلية باعتبارهم متواطئين مع قرار السماح للصهاينة بالعربدة في سيناء وخرق سيادة اراضي مصر كما وافقوا وصمتوا من قبل على التخلي عن تيران وصنافير. ورابع هذه الدلالات هو كذب بيانات المتحدث العسكري المصري الذي نفي أكثر من مرة قصف اسرائيل لسيناء، ما يلقي بظلال كثيفة على تاريخ العسكرية المصرية في الكذب في ظل تولي قادة عسكريين مشهورين بالكذب منذ عبد لناصر وأكذوبة دخول الجيش النصري تل ابيب عقب هزيمة 67. وانتهاء بأكاذيب المتحدث العسكري في عهد السيسي عن عدم مشاركة اسرائيل في القصف والارقام الوهمية التي يذكرها عن القتلى من الارهابيين في سيناء والتي تزيد عن 1500 ارهابي قتيل بينما تقديرات السيسي والمخابرات انهم بين 500 وألف ومع هذا مستمرون في عملياتهم ضد الجيش في سيناء. فهناك مبالغة في إحصاءات المتحدث العسكري حول عدد قتلي المسلحين في سيناء والمقبوض عليهم، بما يتناقض مع معلومات سابقة عن قلة عدد المسلحين. ونفى العقيد تامر الرفاعي، المتحدث العسكري، في بيانات رسمية فبراير 2018 ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن سماح القاهرة لإسرائيل بتنفيذ غارات جوية على أهداف لداعش سيناء، مؤكدًا أن "مصر تحارب وحدها الاٍرهاب بالتعاون مع عناصر من الشرطة المدنية". ووصف المتحدث العسكري تقرير الصحيفة الامريكية بأنه "غير صحيح وعار تمامًا عن الصحة"، مؤكدا أن "الجيش المصري وحده المخول بالعمليات العسكرية في سيناء"، فيما وصفت صحف مصرية موالية للسلطة، أبرزها صحيفة "الفجر"، "صحيفة نيويورك تايمز" الأمريكية بأنها "المتحدثة باسم الحزب الديمقراطي الموالي لجماعة الإخوان"!. أما خامس الدلالات الخطيرة لاعتراف السيسي ثم سعيه لسحب اعترافه بطلب عدم بث الحوار، أن الحوار كشف هشاشة اجهزة المخابرات والمستشارين المحيطين به بعدما جري إقالة العشرات ممن لديهم خبره وتسكين الموالين له في الجهاز، أو عدم وجود دور لهم من الاصل. وهوما كشفه رئيس تحرير صحيفة "الرأي اليوم" عبد الباري عطوان حين اعتبر أحد دلائل طلب السيسي عدم نشر الحوار هو "عدم وجود خُبراء ومُستَشارين حول السيسي يَعرِفون الخَريطة الإعلاميّة الغَربيّة، والأمريكيّة خاصَّةً، وآليّات عملها، واستقلاليّتها عَن حُكومتها، والجُرأة والمِهنيّة التي يتَمتَّع بِهِما العامِلين فيها، أو أنّهم لا يَعرِفون رئيسهم، فمِثْل هذه المُقابَلة لا يُمْكِن أن تتم دون تنسيق مِن…

تابع القراءة

حادث الهرم بين التأثير السلبي على السياحة والاستغلال السياسي من قبل النظام

  حادث الهرم بين التأثير السلبي على السياحة والاستغلال السياسي من قبل النظام   أعلنت وزارة الداخلية المصرية، 28 ديسمبر الحالى، ارتفاع حصيلة الهجوم علي حافلة للسياح في منطقة الهرم إلى 4 قتلى وإصابة آخرين جراء انفجار عبوة بدائية الصنع كانت مخبأة بجوار سور بشارع المريوطية، حيث انفجرت العبوة أثناء مرور الحافلة التى تقل 14 سائحاً (فيتناميي الجنسية) ما أسفر عن وفاة 3 سياح، إضافة إلى مندوب شركة السياحة، وهو مصري الجنسية، وإصابة 11 من السائحين بالإضافة إلى سائق الأتوبيس[1]. تأثير الحادث على السياحة  استهدف هذا الحادث ضرب السياحة بصورة كبيرة خاصة بعد تحسنها النسبي فى عام 2018، فقد أشاد تقرير لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة صدر في سبتمبر الماضي بتعافي قطاع السياحة في مصر. وقال التقرير إن القطاع السياحي في مصر «انتعش بقوة مقارنة مع الأعوام السابقة، وإن السياح عادوا للتوافد إلى مصر من أوروبا الغربية، ودول الأسواق الناشئة في وسط وشرق أوروبا، بالإضافة إلى الشرق الأوسط وآسيا».    وقد استأنفت أغلب الدول الغربية والشرقية رحلاتها إلى مصر فى عام 2018، وعلى رأسها روسيا، إذ استقبل مطار القاهرة الدولي، في أكتوبر 2018 أفواجاً سياحية قادمة من الصين والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وبولندا. وأضاف التقرير أن «الجهود الترويجية» التي تقودها الهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالسياحة في أسواق جديدة كالسوق الآسيوية، ساهمت بشكل كبير في تعافي هذا القطاع، بالإضافة إلى عودة الثقة في مصر كمقصد للسياحة في المنطقة[2]. ويرجع العامل الرئيسى فى تحسن السياحة إلى تزايد الوفود السياحية من أسيا وشرق أوروبا (على الرغم من أن هذه السياحة معروفة بكونها لا تصرف أموالاً كثيرة)[3]، وبالتالى فإنه من المتوقع تراجع السياحة خلال الفترة القادمة نتيجة هذا الحادث مثلما حدث بعد استهداف الطائرة الروسية فى أكتوبر لعام 2015. وهو ما دفع المسئولين فى مصر إلى محاولة التقليل من تأثير هذا الحادث، ما ظهر فى تأخرت وسائل الإعلام المحلية في إعلان خبر الانفجار، على الرغم من تداوله على وسائل الإعلام العربية والدولية، كما أصدرت جهات أمنية توجيهات بعدم التوسع في تغطية الحادث إخبارياً، أو حتى برامجياً، وأن يقتصر تناوله على التقليل من شأن الحادث، وعدم تأثيره على الوضع الأمني المستتب. بل صدرت توجيهات بالاكتفاء بالتغطية الإخبارية والبرامجية في الليلة ذاتها، ورفع كل ما يتعلق بالحادث من النشرات وشريط الأخبار في جميع القنوات الفضائية والرسمية، وهو ما التزمت به غالبية القنوات بما فيها قناة دي إم سي، والتلفزيون المصري، وموقع صحيفة الأهرام، والأخبار، وغيرهم[4]. ويرى البعض أن السياحة لن تتاثر بصورة كبيرة بسبب الحادث نتيجة قلة عدد الضحايا، الذي يصل إلى 4 أشخاص فقط، وهم عدد قليل مقارنة بضحايا الطائرة الروسية الذي وصل إلى 239 شخصاً. إلى جانب وقوع الحادث فى منطقة بعيدة عن المناطق السياحية الأساسية مثل الغردقة أو شرم الشيخ. بالإضافة إلى جنسية القتلى، فهم من الفيتناميين، وليسوا من دول أوروبية قد تمارس ضغوط كبيرة لوقف السياحة إلى مصر. وقد كان أكثر ما روع المسؤولين فى مصر هو احتمال أن يكون الانفجار استهدف فوجا سياحياً روسياً أو أمريكياً أو أوروبياً، وهو ما ظهر فى تصريحات اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري السابق، خلال مداخلة هاتفية على إحدى القنوات الفضائية، الذي أعرب عن ارتياحه الشديد عن عدم وجود ضحايا أمريكان أو أوروبيين، إنما شعب تربطهم بمصر علاقات قوية[5].  تطور العمليات الإرهابية  جاء الحادث بعد تراجع العمليات الإرهابية داخل القاهرة خلال الشهور الأخيرة، وهو ما قد يكون مقدمة لعمليات قادمة. فهذه العملية تعتبر العملية الثانية داخل القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) التى تحدث مؤخراً، بعد المحاولة الانتحارية بكنيسة السيدة العذراء بمنطقة مسطرد بشبرا الخيمة. وإن كان هناك اختلاف فى العمليتين، ففى عملية مسطرد تمكن الأمن من منع وإحباط المحاولة الانتحارية، كما أن الأداة الإرهابية كانت تتمثل فى الحزام الناسف، وكان المستهدف من العملية هم المسيحيين. بينما عملية الهرم تمت دون اكتشافها من قبل الأمن، وتركزت أداة تنفيذ العملية على القنبلة التى يتم تفجيرها عن بعد، وكان المستهدف من العملية هم السياح. ما يشير إلى تنوع الأدوات والأهداف التى تلجأ إليها هذه الجماعات، وعدم قدرة قوات الأمن على منع هذه الجماعات من تنفيذ عملياتهم. كما أن هذه الحادثة الواقعة فى طريق الواحات بالجيزة تشير إلى تركز العمليات فى مناطق معينة الجيزة والمنيا بالأساس، هذا بالطبع إلى جانب منطقة شمال سيناء. وهناك من يرى أن استخدام قنبلة بدائية الصنع، إلى جانب عدم إعلان تنظيم معين مسئوليته عن الحادث، يشير إلى أن هناك تنظيم إرهابى جديد فى طور التشكيل، وإن كان البعض يرى أن الأساليب المستخدمة تتشابه مع أساليب بعض الجماعات الموجودة بالفعل كمجموعة حسم، وربما يكون تنظيم ولاية سيناء أيضاً هو من يقف خلف الحادث، خاصة بعد دعوة القيادى الجهادى أبو مصعب المقدسي، مؤخراً، العناصر التكفيرية على نقل بؤرة المواجهة مع أجهزة الأمن المصرية من سيناء إلى القاهرة، ودعاهم لاستهداف المسيحيين، والقضاة، وكذلك ضرب المدن السياحية، وقناة السويس[6]. التوظيف السياسى للحادث  بعد الحادث مباشرةً قامت الداخلية بتصفية 40 شخصاً فى منطقة الجيزة بدعوى مسئوليتهم عن الحادث، وهو ما يشير إلى العجز عن منع العملية وقتل المختفين قسرياً بدلاً من البحث الدقيق عن مدبري الهجوم.  هذه التصفية تشير إلى ضعف المنظومة الأمنية في احباط العمليات، حيث ما يظهر فى الفشل فى منع مثل هذه العمليات الإرهابية، التى تتم فى منطقة القاهرة الكبرى، وفى منطقة سياحية من المفترض أن تكون مؤمنة بصورة كبيرة. كما تبين أن عدد من الضحايا كانوا من بين المختفين قسرياً وليس من مدبري الحادث. وإذا وضعنا ذلك إلى جانب ما جاء فى شهادة مبارك ووزير داخليته، حبيب العادلى، بأن 800 فرد مسلح، بعد ثورة يناير 2011، جابوا مصر من شرقها وغربها وفعلوا الأفاعيل، فإنها تشير إلى مدى فشل المنظومة الأمنية[7]. كما أن ذلك يشكك فى رواية الداخلية بأن الأشخاص الذين تم تصفيتهم هم المسئولين عن الحادث، لأنه إذا كانت الرواية صحيحة لتم القبض عليهم وإحالتهم إلى المحاكم، بل إن ذلك يدعم – إلى حد ما – الروايات التى تشير إلى لجوء الداخلية إلى تصفية المعارضين المختفين قسرياً بدعوى أنهم من نفذ الهجوم. كما أن النظام قد يستغل هذا الحادث فى الترويج لفكرة محاربة الإرهاب للحصول على دعم الدول الغربية، ومن المتوقع أيضاً أن يستغله النظام فى تشويه صورة الإخوان بدعوى مسئوليتهم عن مثل هذه الحوادث، وربما يسعى النظام أيضاً إلى استغلال هذه الحوادث من أجل تمرير التعديلات الدستورية. كما أن النظام قد يستخدم هذا الحادث كغطاء لما يقوم به من التصفيات والقتل خارج القانون، أو كمقدمة لمزيد من أحكام الإعدام والأحكام القضائية الغاشمة المتوقعة في قابل الأيام، أو إشغال الرأي العام عن حراك الشعوب كحراك السودان خاصة فى ظل اقتراب…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022