هل انتهي دور العرب وجاء دور حلف وارسو؟
التصعيد الامريكي الجديد ضد ايران .. هل انتهي دور العرب وجاء دور حلف وارسو؟ تطوران هامان في المواجهة الامريكية مع إيران قد يسرعان الصدام بينهما، وقد يمهدان لإشعال سلسلة حروب في الشرق الاوسط ربما يسعي لها ترامب للهروب الي الخارج بعدما ضاقت حول رقبته حلقات الاتهام بالفساد داخليا، ويوشك المحقق "مولر" على إنهاء تقريره الاتهامي له ليبدأ بعدها التصويت على إنهاء رئاسته. (الاول): هو تهديد وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو" من قلب القاهرة بأن أمريكا ستنتقل من مرحلة احتواء إيران إلى الهجوم عليها ما يعد "إعلان حرب" صريح. و(الثاني): الاعلان عن احتضان بولندا، قمة دولية لمواجهة إيران في 13 و14 فبراير 2019 في ظل فشل تشكيل التحالف أو "الناتو" العربي بسبب الخلافات الخليجية، مع رمزية اختيار وارسو كونها رمزا لعواصم أوروبا الشرقية الحليفة لواشنطن وتل أبيب. هذان التطورات يفسران ضمنا سر جولة وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو"، الشرق اوسطية وتركيزها على دول الخليج بأجمعها، ربما كمحاولة امريكية اخيرة لتشكيل الناتو العربي ضد إيران قبل المزيد من التصعيد الامريكي ضد طهران، أو السعي لتشكيل تحالف دولي اوسع تنضم له الدول العربية. ففي محاضرته الاستعمارية في الجامعة الامريكية بالقاهرة في 10 يناير 2019، دعا "بومبيو" وهو يؤكد على تشكيل تحالف جديد يضم مصر والاردن ودوّل الخليج لمواجهة إيران، شعوب المنطقة "للتخلص من عداءات الماضي والتوحد في مواجهة المخاطر المشتركة"، ما اعتبر تهديدا لهم بالتخلي عن الناتو العربي لصالح تحالف دولي أوسع، بهدف الخروج من الصراع العربي الإسرائيلي الى تضامن عربي إسرائيلي في مواجهة إيران. أيضا أكدت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان عن جولة وزير الخارجية مايك بومبيو بالمنطقة، أن وحدة مجلس التعاون الخليجي ضرورية لمواجهة النظام الإيراني، الذي وصفته بأنه "أكبر تهديد" للاستقرار الإقليمي، وقالت فيما يشبه التحذير الاخير إن "مجلس التعاون الخليجي الموحد هو عصب السلام الإقليمي والازدهار والأمن والاستقرار، وهو ضروري لمواجهة أكبر تهديد منفرد للاستقرار الإقليمي، ألا وهو النظام الإيراني". ومع أن ما طرحه وزير خارجية أمريكا، هو ذات المشروع الذي تبنته ادارة ترامب منذ البداية وتم الاعلان عنه أول مرة في الورقة التي أعدها الجنرال "مايكل فلين" مستشار الامن القومي المستقيل وآخرين، والتي تتحدث عن تأسيس منظمة جديدة باسم (منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر) لتكون بمثابة حلف عسكري جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية وعضوية مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، تحتل فيها (اسرائيل) صفة المراقب، إلا أن حديث "بومبيو" التهديدي لدول الخليج بالتوحد هذه المرة وارتباطه بالإعلان عن مؤتمر "وارسو" أثار تكهنات حول تحول في الموقف الأمريكي تجاه ايران يشمل تشكيل تحالف دولي. والتحالف القديم الذي أعلنته إدارة ترامب ليكون عربيا (الناتو العربي) كانت له ثلاثة أهداف محددة هي: القضاء على داعش، ومواجهة إيران، والتصدي لما يسمونه "الإسلام المتطرف"، ولكن التحالف الدولي أوسع أهدافا ويتضمن – بخلاف الأهداف السابقة -ضم إسرائيل له بجانب العرب ليكون التطبيع حاضرا بقوة، كما سيضم بلدان أوروبية أخرى ليكون أوسع ضد طهران. لذلك جاء حديث "بومبيو" من قلب القاهرة داعما لتل ابيب بقوة، فهو لم يكتف بالترويج لأن "القدس عاصمة لإسرائيل" من قبل القاهرة، ولكنه أيضا روج لخدمة مصالح إسرائيل مثل قوله: "إن الولايات المتحدة ستعمل بالطرق الدبلوماسية مع حلفائها في منطقة الشرق الأوسط من أجل طرد جميع الجنود الإيرانيين من سورية". خطاب حرب أم دعوة لمفاوضات اخرى؟ وبدا أن الخطاب الذي أدلى به مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، في الجامعة الأمريكية بالقاهرة هو إعلان حرب ضد إيران وأذرُعها العسكرية في المنطقة، وخاصة حزب الله، ومحاولة يائسة لتحسين صورة بلاده في الشرق الأوسط، وطمأنة الإسرائيليين بأن أمريكا ستعمل على احتفاظ دولتهم بالقدرات العسكرية التي تُمكنها مِن الدفاع عن نفسها ضد ما اسماه "النزعَة العدوانية المغامرة للنظام الإيراني". وأن اختياره القاهرة والجامعة الأمريكية فيها، وليس الرياض لشرح السياسة الشرق أوسطية الجديدة لبلاده، جاء مقصودًا ومحسوبًا بدقة، لتعميدها رأس حربة في هذه السياسة خصوصا بعد تشوه صورة الرياض منذ جريمة قتل جمال خاشقجي. فقد كان أخطَر ما قاله وزير الخارجية الأمريكي هو أنه "يجب أن ننتقل من مرحلة احتِواء إيران إلى مرحلة مواجهتها"، وإن عهد التقاعس الأمريكي انتهى وسنمنع تَمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، ما يعد لغة تعكس سيناريو حرب معد سلفا، وقد يكون موعد التنفيذ اقترب. فالانتقال من مرحلة الاحتواء إلى مرحلة المواجهة ومطالَبة دول حلف الناتو العربي السني الثمانية للتوحد، ونسيان خلافاتها القديمة استعدادًا، لا يعني إلا أمرا واحدا هو اللجوء إلى الخيار العسكري، وإن كان لا يُعرف هل هذه التهديدات هي من أجل الضغط على إيران للعودة إلى مائدة المفاوضات لتعديل الاتفاق النووي وفق الشروط الأمريكية الإسرائيلية، أم أنه خيار نهائي جرى اتخاذُه، وأن زيارته الحاليّة للمنطقة هي لتوزيع الأدوار على الحُلفاء؟! حلف وارسو بدل الناتو العربي كان ملفتا في خطاب وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو في الجامعة الاميركية في القاهرة دعوته دول الشرق الأوسط إلى "تجاوز الخصومات القديمة لمواجهة إيران"، وربطه هذا مباشرة بقوله إن "الإدارة الأميركية تعمل على إقامة تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة أهم الأخطار في هذه المنطقة"، والاعلان عن مؤتمر وارسو ضد إيران. ثم أعلن -في مقابلة مع قناة Fox News الجمعة -أن الولايات المتحدة تخطط لتنظيم "قمة دولية" بشأن الشرق الأوسط وخاصة حول إيران الشهر القادم في بولندا، في 13 و14 فبراير القادم و"سيتمحور حول الاستقرار في الشرق الأوسط ومسائل السلام والحرية والأمن في هذه المنطقة، وسيتناول أيضا مسألة التأكد من أن إيران ليس لها أي تأثير مزعزع للاستقرار". وحاول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السخرية من المؤتمر الامريكي حيث نشر ظريف على حسابه في "تويتر" صورة تظهر المشاركين في القمة الدولية بشأن التسوية الشرق الأوسطية ومحاربة الإرهاب والتي عقدت في شرم الشيخ المصرية عام 1996، بمن فيهم الرؤساء السابقون للولايات المتحدة بيل كلينتون وروسيا بوريس يلتسين ومصر حسني مبارك وإسرائيل شيمون بيريز. وكتب ظريف تحت تلك الصور: "أُذكّر من سيستضيف وسيشارك في المؤتمر ضد إيران: هؤلاء الذين حضروا العرض الأمريكي الأخير الموجه ضد إيران إما ماتوا أو وُصموا بالعار أو هُمّشوا، في وقت أصبحت فيه إيران أقوى من أي وقت مضى"!. كما نشر ظريف صورا تظهر لاجئين بولنديين فارين من النازيين إبان الحرب العالمية الثانية وجدوا مأوى في مخيم بمحافظة أصفهان الإيرانية، وصليبا تذكاريا لضحايا الجرائم النازية، وذكر: "بولندا لن تمحو عارها: هي تستضيف سيركا موجها ضد إيران، فيما كانت إيران تنقذ بولنديين إبان الحرب العالمية الثانية". وهناك احتمال ان يكون الوزير الامريكي يسعي هذه المرة لتهديد الخليج بالتخلي عنه حال استمرار خلافات بلدانه وفضائح السعودية في قضية اغتيال خاشقجي بحيث تلجأ بلاده الي تشكيل (تحالف دولي) من بولندا بديل للتحالف العربي الذي تقوده دول الخليج، لذلك…