دلالات التغييرات العسكرية بالمخابرت الحربية والجيش المصري قبل أيام من ذكرى ثورة يناير

دلالات التغييرات العسكرية بالمخابرت الحربية والجيش المصري قبل أيام من ذكرى ثورة يناير       يوم السبت 22 ديسمبر نشرت الصحف والمتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية خبرا يقول: "اجتمع عبد الفتاح السيسي بعد ظهر اليوم مع الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي"، دون ذكر أي تفاصيل عما دار في الاجتماع، وكان عقد هذا الاجتماع في حد ذاته غريبا لأن وزير الدفاع يلازم السيسي في كل تحركاته وسفرياته فلماذا اجتمع به وحده الان ولماذا ابرزت الصحف والرئاسة هذا الاجتماع؟ وبعد مرور 24 ساعة فقط، ظهرت نتائج مباحثات السيسي ووزير دفاعه، حين جري الإعلان أن وزير الدفاع اجري حركة تغييرات وتنقلات في قيادات القوات المسلحة المصرية، شملت تعيين مدير جديد للمخابرات الحربية، وقائدا جديدا للمنطقة الغربية العسكرية التي تتولى تأمين الصحراء المتاخمة للحدود مع ليبيا، هو اللواء صلاح سرايا. وقالت مصادر مطلعة لبي بي سي إن نشرة تنقلات كبار قادة الجيش، التي أصدرها وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، شملت تعيين اللواء خالد مجاور، مديراً لإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، خلفا للواء محمد الشحات، الذي شغل المنصب لنحو ثلاث سنوات. ولم تذكر المصادر التي تحدثت إليها بي بي سي أسبابا لإبعاد بعض القادة، غير أنها أوضحت أن نشرة التنقلات والتغييرات في قادة الجيش تصدر بشكل دوري مع نهاية شهر ديسمبر من كل عام، وهو أمر غير صحيح. وهكذا تكشف أن لقاء السيسي وزير الدفاع محمد زكي، السبت، جاء لوضع هذه التغييرات العسكرية لأن زكي ليس سوي منفذ أوامر، وهو الذي شارك السيسي في انقلابه ضد الرئيس مرسي واحتجز الرئيس في القصر الرئاسي. قرار قديم منذ شهرين! المفارقة في قرار عزل مدير المخابرات الحربية اللواء "محمد الشحات" رسميا، وتعيين اللواء "خالد مجاور" بديلا له أن أحد أساتذة الجامعة المقربين من وزير الدفاع السابق (صدقي صبحي)، كشف عن حدوثه في سبتمبر الماضي 2018 ولم ينتبه له أحدا، أو يؤكده الجيش حينئذ. ففي سبتمبر 2018 نشر "عادل العدوى" أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومدير المنتدى الاقتصادي الدولي في مصر تغريدة على حسابه على تويتر يقول فيها إنه "حصل على معلومات عن إقالة السيسي (لاحظ قوله السيسي وليس وزير الدفاع) لمدير المخابرات الحربية، اللواء محمد الشحات، وتعيين قائد الجيش الميداني الثاني، اللواء أركان حرب خالد مجاور"، ولم يصدر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية أي أنباء حول هذا الخبر حينئذ. والملفت أن "عادل العدوي" الذي اذاع الخبر حينئذ، هو صديق للفريق صدقي صبحي ونشر على حسابه صورة له مع "صدقي صبحي"، ما قد يشير لأن صبحي مصدر معلومة إقالة مدير المخابرات الحربية وأن الامر أغضبه أو يمسه. ويُعتقد أن قرار إقالة "الشحات" صدر في سبتمبر بالفعل كما كشف صديق وزير الدفاع السابق، وأن سلطة الانقلاب أجلت إعلانه رسميا بعد كشف وحتى ينسي الناس ما كتبه "العدوي"، لأن معني هذا تسريب صبحي صدقي أنباء عزل صديقه "الشحات" ما قد يُفهم منه أن هناك خلافات داخل الجيش. ولذلك عقب صدور القرار رسميا عاد الدكتور "عادل العدوي" ليذُكر الجميع على حسابه على تويتر بأنه كان صاحب السبق في هذا الصدد. https://twitter.com/adeladawy/status/1076769877757702144   دلالات التغييرات العسكرية منذ انقلابه في يوليه 2013، وقائد الانقلاب يحرص على تغيير القيادات العسكرية على فترات قصيرة لتأمين نفسه من أي تفكير في الانقلاب المضاد عليه، وبدأ ذلك بالتخلص من كافة أعضاء المجلس العسكري الذي شاركه الانقلاب بما فيهم صديقه وزير الدفاع السابق صدقي صبحي، وتوالت التغييرات على فترات قصيرة خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي وظهور انتعاشه في الربيع العربي في دول الجوار. ويعني خبر اقالة مدير المخابرات الحربية، ربما أن السيسي مرعوب من شيء ما مجهول حتى الان، أو قد تكون هذه خطوة استباقية، أو دفاعية محضة ليس لها ما يبررها الا خوف قائد الانقلاب من ترتيبات محتملة للإطاحة به وهو يحاول قطع الطريق على هذه الإجراءات، أو اعتبار وصف ترامب له بـ "القاتل المنكوح" مقدمات للتخلص منه وعدم رضاء أمريكي عنه، وهو مفتاح أمان بقاء أي قائد لمصر. بيد أن هناك مراقبون يرون أن تخلص قادة الانقلابات العسكرية من المحيطين بهم أمرا روتينيا بسبب الخوف من منافسة قادة اخرين لقائد الانقلاب، او سعيهم للانقلاب المضاد للحصول على امتيازات اعلي بعدما يتبين لهم حجم المكاسب التي يحصل عليها قائد الانقلاب سواء في صورة عمولات السلاح أو صفقات بيزنس الجيش أو غيرها من المزايا. أما التخلص من مدير المخابرات الحربية تحديدا – وهو منصب تولاه السيسي ويعلم مخاطرة – وتخلص السيسي عموما من كافة المحيطين به باستمرار وتعيين أخرين وعدم إبقاء أحد في منصبه فترة طويلة، فيرجع لأنه يعلم جيداً أن اي ترتيبات للتخلص منه لن تمر الا عبر المخابرات الحربية، فهي بوابة المؤامرات كما فعل هو في انقلابه العسكري علي الرئيس الشرعي محمد مرسي 3 يوليه 2013. ولأن الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع الذي اقاله السيسي مؤخرا، هو الذي عين الفريق "الشحات" في منصب مدير المخابرات الحربية، ابريل 2015، فيبدو أن عزل السيسي لـ "صبحي" استلزم عزل أنصاره أيضا وأبرزهم "الشحات". والمؤكد أن قائد الانقلاب سيظل دوما مرعوب من أي محاولة للانقلاب عليه كما فعل هو، لأنه يفتقد للشرعية. لماذا يغير السيسي القيادات العسكرية باستمرار؟ مثلما يحرص السيسي بصورة دائمة على إشراك الجيش في كل المواقف السياسية أو العسكرية التي يمكن أن تسبب له أزمة مستقبلا، مثل إشراكه في قضية التنازل عن "تيران وصنافير" بادعائه أن هذا تم بوثائق (أي برضا) المؤسسة العسكرية والخارجية والمخابرات العامة وعلمهم، وأيضا في طريقة التعامل مع سامي عنان عند ترشحه للرئاسية، بصدور بيان رسمي من "المجلس العسكري" ثم اعتقاله، فهو أيضا يحرص علي القيام بتغييرات داخل قيادة الجيش لعدم الإبقاء علي أي منافسين أو معارضين محتملين. إذ أن بقاء أي قيادة في مكانها لسنوات طويلة يمنحها قوة معنوية ويسمح لها بتعيين وتشكيل مركز قوة لها يصعب معها إقالتها، بينما الإبقاء على سنوات قليلة (3-4 سنوات) يسمح لقائد الانقلاب بالحصول على دعم ونفاق هذه القيادات لفترة من الوقت قبل أن تبدأ في تشكيل موقف مخالف او منفصل. أيضا السيسي يضع امام عينيه تجربة ثورة 25 يناير حين اضطر الجيش والمشير طنطاوي للرضوخ الي مطالب المتظاهرين بعد محاولات السيسي – كمدير للمخابرات الحربية – إنجاح موقعه الجمل، ونشر الفرقة بين الثوار، لذلك يخشى من عدم تماسك المؤسسة العسكرية أمام الاحتجاجات الشعبية ويرغب في ضمان استجابتها لأوامر قمع المتظاهرين عبر تعيين قيادات جديدة موالية مضمون طاعتها. فالسيسي يعمل باستمرار على تغيير قيادات الجيش بما يضمن الولاء الكامل له، لذلك تخلص من كافة قيادات المجلس العسكري ومن بقي منهم عينه في مناصب تنفيذية يسهل اقالتهم منها بسهولة، ولكي يضمن أيضا السيطرة على المجلس العسكري، وأن…

تابع القراءة

البشير أول رئيس عربي يزور سوريا منذ 7 سنوات .. اسباب ودلالات

 البشير أول رئيس عربي  يزور سوريا  منذ 7 سنوات .. اسباب ودلالات   في توقيت واحد، زار الرئيس السوداني عمر البشير سوريا بصورة مفاجئة والتقي رئيسها بشار الاسد لعدة ساعات، كما أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو استعداد أنقرة للنظر في إمكانية التعاون مع الرئيس السوري "في حال أعيد انتخابه بانتخابات ديمقراطية ذات مصداقية"، ما أثار تساؤلات حول تحولات متوقعة تجاه نظام الاسد واسبابها.  وبرغم أن اعلان وزير خارجية تركيا التعاون مع نظام بشار، لا يعني قبول انقرة التعامل مع بشار الاسد بوضعه الحالي، وإنما عقب انتهاء المفاوضات مع المعارضة السورية ووضع الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة على اساسه، ثم القبول بمن تأتي به صناديق الانتخابات حتى ولو كان الاسد، إلا أن مواكبة هذه التصريحات لزيارة البشير لسوريا فتحت الباب امام تخمينات حول التطورات المستقبلية وماذا يجري في الكواليس وما يمنع تركيا إذا من التصالح مع السيسي، رغم ان انقره قالت في وقت سابق أنها تقبل بالسيسي حال اطلاقه سراح الرئيس مرسي والمعارضين واجراء انتخابات حرة يشارك فيها مرسي. البشير والاسد .. دلالتان هامتان ومع هذا تبقي لزيارة البشير لسوريا – كأمر واقع حدث بالفعل -تداعيات واسرار تحتاج فهم اسبابها؟ ولماذا الان؟ ودلالات ما قاله البشير والاسد في بيانهما المشترك وهل لها مدلولات معينة؟ فقد أكد الأسد والبشير خلال المحادثات على أمرين هامين: (الاول): أن "الظروف والأزمات التي تمر بها العديد من الدول العربية تستلزم إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وهذا بدوره كفيل بتحسين العلاقات العربية العربية بما يخدم مصلحة الشعب العربي"، وفق ما ذكرت وكالة "سانا" السورية. (الثاني): قول البشير، كما نقلت سانا، أن "سوريا هي دولة مواجهة وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية وما حدث فيها خلال السنوات الماضية لا يمكن فصله عن هذا الواقع، وبالرغم من الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية"، وإعرابه عن أمله في أن "تستعيد سوريا عافيتها ودورها في المنطقة في أسرع وقت ممكن وأن يتمكن شعبها من تقرير مستقبل بلده بنفسه بعيدا عن أي تدخلات خارجية". وكلا الامران له دلالات وتفسيرات مختلفة: فحديث البشير عن حرصه على سوريا كدولة مواجهة مع العدو الصهيوني ربما يتعارض مع ما تردد مؤخرا في تل ابيب عن زيارة محتملة لنتنياهو الي السودان، وتطبيع سوداني اسرائيلي مرتقب تستهدف به الخرطوم الاستمرار في خطب ود واشنطن كي ترفع اسمها من قائمتها للدول الارهابية بما ييسر لها الاقتراض او الحصول على معونات تنفعها في مواجهة حالة الاضطراب في اقتصادها التي دفعتها لرفع الاسعار وجلبت معها اضطرابات في الشارع السوداني وغضب شعبي. أما الامر الاخر المتعلق بالحديث عن "الحرص على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، فله دلالة هامة. إذ يعاني السودان –مثله مثل غالبية الانظمة العربية – من التدخلات الخارجية في شئونه ومن مصلحته رفض التدخلات الاجنبية في شئون سوريا (يقصد بها هنا أمريكا وتركيا وإيران بشكل اساسي لا روسيا حليف الخرطوم)، لأنه قبولها في دمشق معناه القبول بنفس التدخلات في الخرطوم، والحرص بالتالي على تأكيد ان من مصلحة الانظمة العربية عدم دعم بعضها البعض لتدخلات دول اجنبية في شئون انظمة اخري، وإلا أصبح من حق الدولة العربية الأخرى ان تدعم التدخل الاجنبي في هذه الدولة الاولي. أما زيارة البشير تحديدا لسوريا كأول زعيم عربي يزور دمشق منذ ثورة سوريا الشعبية عام 2011 وطرد الجامعة العربية لنظام الاسد، فتبدو كأنها مجرد بداية أو مقدمة لإنهاء مقاطعة باقي الانظمة لنظام بشار الاسد. فقد جاءت المقاطعة العربية لسوريا وطردها من الجامعة العربية عام 2011 في ظروف صعود الربيع العربي وانهيار انظمة ما دفع باقي الانظمة العربية للسير في ركاب موجة الربيع العربي كي لا تطالها الثورات الشعبية داخليا، أما الان فالعالم العربي يعيش حقبة "الثورات المضادة" والعداء للربيع العربي ومن الطبيعي ان تعود الاوضاع الي سابق عهدها وتعود الانظمة العربية لاحتضان دمشق باعتبار ان حكام باقي الدول العربية ليسوا فضل حالا من بشار وبلدانهم تشهد نفس القمع لشعوبها! وتجنبت دول عربية كثيرة الأسد منذ بدأ النزاع السوري في 2011 بعد انتشار الاحتجاجات في سوريا مطالبة بإسقاطه، لتغرق البلاد في دوامة من الفوضى طيلة سنوات قبل أن يشهد عام 2018 انفراجات عدة مع استعادة الاسد المدن التي فقدها بفضل الدعم الروسي والايراني. وعلقت جامعة الدول العربية أنشطة سوريا في مؤسساتها في نوفمبر 2011، ردا على هجمات الحكومة السورية العنيفة على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، والتي أدت الي مقتل أكثر من 360 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ورغم أن دولا عربية كثيرة أغلقت سفاراتها أو خفضت علاقاتها مع دمشق، فإن ثمة دعوات كثيرة في العالم العربي في الأشهر الأخيرة لتطبيع العلاقات مع سوريا وإعادتها إلى مقعدها في جامعة الدول العربية. اسباب ومقدمات الزيارة لكي نفهم الاسباب والمقدمات التي قادت الي الزيارة من المهم قراءة عدد من التطورات على الساحة الداخلية والخارجية المتصلة بالسودان على النحو التالي: على الصعيد الداخلي: يشهد السودان احتجاجات شعبية متفرقة على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار ويحتاج الي معونات وقروض خارجية، كما يشهد احتجاجات سياسية بسبب اعتزام الرئيس السوداني تعديل الدستور بما يسمح بإعادة ترشيحه لدورة رئاسية جديدة في 2020 ورغبة في دعم دولي لبقاء البشير في السلطة، فضلا عن أوضاع سياسية متوترة بسبب خلافات داخل الحزب الحاكم من جهة وبينه وبين أحزاب اخري أبرزها الامة والاتحادي. وعلى الصعيد الخارجي: لا يزال السودان موضوعا على قائمة الإرهاب الامريكية، برغم تقديم الخرطوم عدة تنازلات امنية وسياسية وإلغاء واشنطن عقوبات اقتصادية وسياسية، كما لا تزال المحكمة الجنائية الدولية تطلب دعم مجلس الأمن للقبض على "البشير" وبقية المطلوبين فيما يسمي "جرائم دارفور"، وتنتقد عدم تعاون الدول التي يزورها البشير، كما أن السودان مطمع لعدد من الدول التي ترغب في الاستفادة من موقعه الجغرافي علي البحر الأحمر، وموقعه الافريقي سواء في تدشين قواعد عسكرية أو مناطق نفوذ مثل إيران وتركيا ومصر وامريكا وأوروبا وروسيا. اهداف الزيارة انطلاقا من هذه المقدمات يمكن تلخيص ابرز أسباب زيارة البشير المفاجئة لسوريا على النحو التالي: (أولا): استمرار خرق قرارات الجنائية الدولية المطالبة بتوقيف واعتقال البشير ضمن اخرين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، حيث يرغب السودان في جعل هذه القرارات حبرا علي ورق. وأصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرتي توقيف بحق الرئيس السوداني في عامي 2009 و2010 تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتدبير إبادة جماعية بدارفور، كما شملت أوامر القبض والي شمال كردفان أحمد هارون ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين. وقالت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في تقريرها نصف السنوي الذي قدمته الى مجلس الأمن 13 ديسمبر 2018، إن المجلس مطالب…

تابع القراءة

الاحتجاجات الفرنسية: كيف يمكن أن تؤثر على مصر؟

 الاحتجاجات الفرنسية: كيف يمكن أن تؤثر على مصر؟ تعيش فرنسا أحداثاً تشبه تلك التى عاشتها مصر خلال الخامس والعشرين من يناير، وذلك تنديداً بسياسات الرئيس الحالي " ماكرون" ودوره في زيادة الأسعار وموالاة رجال الأعمال على حساب الطبقتين الوسطى والدنيا، ما دفع الشعب الفرنسي المعروف بثوريته بالتظاهر رفضا لحالة الغلاء ولمستويات المعيشة التى بدأت تتدهور في الآونة الأخيرة، وذلك على أساس أن من حق المواطن الفرنسي أن يعيش حياة كريمة، وأن لا تتحول الدولة إلي طبقات مثلما هو حال العالم الثالث. ومع تزايد حدة التظاهرات ورفض عمليات التطمين التى كانت تقوم بها الحكومة التى عاندت في البداية ورفضت التراجع عن قرارات زيادة أسعار الوقود، اضطر الرئيس الشاب ماكرون للتراجع عن زيادات الأسعار ورفع الحد الأدني للأجور مائة يورو، ووعد الشعب بتحسين المستويات المعيشية. وأياً كان السبب وراء تلك الحالة التى تعكس تراجع فرنسا على المستوى الأوربي مع تولي ماكرون صاحب الخبرات المحدودة لرئاسة فرنسا وتحكم أصحاب المصالح الاقتصادية الكبيرة في سياساته، فإن ما حدث مؤخراً يعكس وعي الشعوب الأوربية وعلي رأسها فرنسا بمصالحها ودفاعها عنها، حتى لو اضطرهم ذلك للمطالبة بإسقاط ماكرون على الرغم من أنه لم يمر على انتخابه سوى عامين في سابقة لم تحدث منذ عقود طويلة. أولاً: كيف نقرأ الاحتجاجات الفرنسية: تحليل السياق تستمر الاحتجاجات الفرنسية مستحوذة على اهتمام العالم، خاصة مع تصاعدها المضطرد، وفي السبت الثالث للاحتجاجات الفرنسية الاسبوعية، لتعبئة "السترات الصفراء"، شارك 136 ألف شخص، في كافة أنحاء فرنسا، وأصيب خلاله 263 شخصا بجروح، كما قتل سائق سيارة في آرل (جنوب شرق) جراء حادث سير وقع بسبب الزحام الناشئ عن المظاهرات، مما يرفع عدد القتلى إلى ثلاثة منذ إطلاق التحرك قبل ثلاثة أسابيع[1].  وكانت الحكومة الفرنسية قد أعلنت تعليق الضرائب على الوقود في محاولة امتصاص غضب الشارع وتهدئة الاحتجاجات التي اندلعت كرفض لزيادة الضرائب على الوقود[2]، وفي خطاب متلفز من قصر الإليزيه، تعهد ماكرون بزيادة الحد الأدنى للأجور بـ 100 يورو "113 دولاراً" شهرياً اعتباراً من العام المقبل. كما شملت التنازلات إلغاء الضرائب على ساعات العمل الإضافية ابتداء من 2018، وإلغاء زيادة الضرائب على بدلات التقاعد لمن يتقاضون أقل من 2000 يورو شهرياً. كما حث أصحاب العمل على رصد مكافأة لنهاية العام ستعفى من الضرائب. في حين، أظهر استطلاع للرأي، أن أغلبية الفرنسيين يرغبون في استمرار المظاهرات، وأنهم لم يقتنعوا بتنازلات الرئيس إيمانويل ماكرون بخصوص الأحداث التي تشهدها البلاد. كما أعلن عن إلغاء الضريبة على معاشات التقاعد بالإضافة إلى إلغاء الضريبة على ساعات العمل الإضافية، وتقديم منحة للأسر المعوزة[3]. فبحسب نتائج استطلاع لشركة أودوكسا، فإن 40% فقط من المستطلعين اعتبروا ماكرون مقنعاً، في حين لم يقتنع به 59%. النتائج ذاتها أظهرت كذلك أن 54% ممن شملهم الاستطلاع يرون أنه يجب استمرار المظاهرات[4]. نحاول في هذه السطور تقديم قراءة للاحتجاجات الفرنسية، يمكن عبرها استكشاف ملامحها البادية منها والمستترة، واستشراف مستقبلها في ضوء ذلك، مع عرض سريع لردود الأفعال العربية على هذه الاحتجاجات. محتجو الساحات، هم من يذهبون إلى مكان ما، ويستقرون فيه، ويلفتون الانتباه إليهم، ويتظاهرون، ويصرخون، ويوقعون العرائض … عبر ما يقومون به، هم يسعون إلى التأثير في مجريات الأحداث، ويعتبرون ما يفعلونه مشاركة في الحياة السياسية. هذه الحركات مختلفة ومتنوعة، ولكنها تتشارك في شئ واحد، على الأقل، هو أنه ليس لديهم قائد. فهم لا يشبهون الأحزاب السياسية، التي لها قائد يحدد الأولويات، (سواء منتخب أو معينأو قام بتنصيب نفسه ذاتياً). إن هؤلاء المحتجين هم، بالأحرى، في طور تجربة نوع من المجتمع المتكافئ جذرياً، فدون أن يكون لديهم أي هيكل رسمي، كل شخص منهم يعبر عن رأيه، والذي يكون صراخه أعلى يبلغ صوته أكثر[5]. يقدم معظم السياسيين والمراقبين الحجة المحورية القائلة بأن هؤلاء لا يستطيعون تحقيق شيء في السياسة (وهو أمر صحيح جزئيا) مالم يخضعوا إلى زعامة ما، لكن يبقى الافتقاد للقيادة على وجه التحديد هو الذي يصوغ هذه الحركات ويشكل وجودها، لأن القادة لديهم أفكار تؤدي إلى برامج، والتي بدورها ترسم الحدود بين "هم ونحن". فالقادة يقومون بخلق الانقسامات التي تتولى الأحزاب الدفاع عنها وهي الطريقة التي تعمل بها الاحزاب التقليدية. فإذا كان لدى محتجي الساحات قائد يمتلك أفكار وقدرة على رسم الخطوط والحدود، فلن يتمكنوا البقاء للحظة. لأن الشرط الذي لا غنى عنه لما يمكن تسميته "بالتضامن المتفجر" هو أنهم يضعون خلافاتهم جانباً، ولا يتحدثون عنها أبداً.ذلك أن لديهم مستويات معيشية مختلفة جداً؛ فبعضهم يأتي مباشرة من الشارع، أو من أحياء معدمة، هم أبناء أغنى الفئات، لكن كلهم يصلون الميادين محملين بتظلمات ومطالبات متقاربة[6]. الجانب الآخر لهذه الاحتجاجات، أنها رافضة للواقع الراهن، عالم " عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأوهامه؛ وهم الحرية ووهم الديمقراطية ووهم الرفاه ووهم حقوق الإنسان، وغيرها. متراكمة فوق بعضها، بينما تعيش المجتمعات في الحقيقة، جحيم حقيقي، على اختلاف مستوياته، وتحيا في حالة من حالات العبودية المقنعة والسخرة. عالم باتت فيه التكنولوجيا والعلوم وسيلة للسيطرة على المجتمعات، وتكبيلها بالديون والفوائد والأقساط والرهن العقاري والتكاليف الباهظة، لصالح قلة قليلة، منتفعة بشكل فج وموروث، وغير ديمقراطي، داخل سياج وهمي من دول وحكومات صورية، لا تملك قراراها وخاضعة لهذه الطبقة المخملية[7]. لكن في الوقت ذاته ليس لديهم بديل واضح للنظام القائم؛ فهي ثائرة على الواقع، لكنها لا تملك يوتوبيا بديلة. ولعل ذلك هو السبب في عدم وجود قيادة لهذه التحركات؛ لأن القيادة – كما ذكر – يعني رؤية ومسارات محددة وتوجهات معينة. ولعله السبب أيضاً في أن هذه التحركات تأتي من خارج القوى السياسية الرسمية الموجودة على الساحة؛ لأن هذه القوى تعلم أن هذه الكيانات القائمة جزء من النظام القائم، وتلعب وفق قواعده، والبدائل التي تطرحها جزء من ذات المضمونة. لذلك، ففي حال أصبح لهذه التحركات العفوية قيادة، أو باتت منضوية تحت أياً من القوى السياسية القائمة، ضمرت وماتت وفقدت بريقها. لذلك فهي احتجاجات بلا خارطة طريق، قوتها في حالة السيولة التي تخلقها، والرفض المطلق للواقع، دون القدرة على طرح بديل. وفي العالم العربي، ما أفقد الثورات قوتها، أن القوى القائمة نجحت في ترويضها، وحقنها ببرامج وطروحات تعد جزء من المنظومة القائمة، حتى لو كانت في الجانب المعارض. ثانياً: كيف رأى العالم العربي احتجاجات فرنسا: أثارت احتجاجات السترات الصفراء فى فرنسا ردود فعل متباينة فى العالم العربى؛ بينما ركز الإعلام المؤيد للأنظمة على حالة العنف التى شهدتها المظاهرات، واصمين المشهد بـ (الفوضى، هدم الدولة، حرب الشوارع)، مع اتهام المتظاهرين "بالتآمر مع جهات خارجية لزعزعة الدولة الفرنسية وتنفيذ مخططات تخريبية". إلى جانب اتهام التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف تلك المظاهرات بهدف إطلاق "ربيع أوروبي" على أمل أن تصل شرارته إلى العالم العربي، في رسالة تحذيرية هدفت إلى تخويف المجتمعات العربية…

تابع القراءة

مافيا تهريب الآثار المصرية.. نهب متواصل برعاية نظام العسكر

 مافيا تهريب الآثار المصرية.. نهب متواصل برعاية نظام العسكر   هناك بردية فرعونية[1] ترجع لعهد رمسيس التاسع (حكم 1129 – 1111 ق.م)، تُحدثنا عن أول عملية نهب للآثار؛ تمت في عاصمة الدولة حينها؛ في مدينة طيبة (الأقصر حالياً)؛ تحكي البردية أن “باسر” حاكم طيبة الشرقية وصلته ذات يوم أخبار تفيد بسرقة مقبرة الملك “سخم رع شد تاوي” بطيبة الغربية، فباشر التحقيق فيها متعدياً على اختصاصات “باورو” حاكم طيبة الغربية فقد كان يشك في أنه وراء عملية السرقة!.. استخدم “باسر” وسائل غير مشروعة لانتزاع اعترافات من المتهمين، ورفع الأمر إلى الوزير المحلي “خع ام واست”، الذي أعاد التحقيق مع المتهمين، فأنكر المتهمون اعترافاتهم السابقة، وأصروا على براءتهم من كل التهم الموجهة إليهم، فأسقط الوزير التهم، فربما كان هو أيضاً مشاركاً في الجريمة!.. لكن “باسر” طالب بإعادة التحقيق في سرقة المقبرة وإلا سيرفع الأمر إلى الفرعون نفسه، وبعد الحاح تم إعادة التحقيق مرة أخرى من خلال الوزير الجديد “نب ماعت رع ناخت”، فتم استجواب خمسة وأربعين متهماً؛ فاعترفوا بعد أن ضُربوا ضرباً شديداً، وكان من ضمن المتهمين “حامل مبخرة معبد آمون”؛ و”كاتب الجبانة” الذي اعترف بعد الضرب والجلد فقال: “كفى ! .. سأعترف هذه الفضة هي كل ما أخذناه .. وخلاف ذلك لم أر شيئًا.. الأعجب أن هذه البردية التي تبرهن أن سرقة الآثار ما كانت لتتم قديماً أو حديثًاً إلا بتغطية مباشرة أو غير مباشرة من قبل مسئولين نافذين داخل السلطة، تم سرقتها هي أيضاً وبيعها مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي!   تهريب بالجملة (360 مليارا سنويا) قدرت أوساط موالية للسلطة القائمة  حجم عمليات تهريب الآثار المصرية بحوالي "20" مليار دولار ما يساوي "360" مليار جنيه سنويًا[2]، وثمة  3 طرق معروفة جيدًا في عملية سرقة الآثار، أولها عصابات المافيا التي تحفر أسفل مخازن الآثار، وتصل إليها وتسرق ما تشاء، دون أن يشعر بها أحد، إلا في أقرب عملية جرد للمخزن، والطريقة الثانية الموالسة مع القائمين على حراسة الآثار أو المسؤوليين الكبار، بحيث يصلون إليها بنفس طريقة الحفر، حتى يكون هناك مبرر قانوني لهؤلاء فيما بعد، والطريقة الثالثة عن طريق مسؤولي المتابعة والرقابة وحتى أعلى المسؤولين مقامًا الذين طالتهم حمى الفساد، كما هو الحال في أي أنظمة شمولية بالوطن العربي. وبعد انقلاب 03 يوليو 2013م، وخلال السنتين الماضيتين فقط، تفجرت عدة حوادث  لتهريب الآثار  تكشف عمق الأزمة والنفوذ الواسع الذي تتمتع به مافيا تهريب الآثار المصرية، وتورط مسئولين كبار في نظام العسكر في نهب كنوز  مصر وثرواتها لحساب مصالحهم الخاصة وأطماعهم الواسعة في نهب واغتصاب واحتكار كل شيء. الأولى، عندما فجَّر بيان منسوب للمركز الإعلامي بوزارة الآثار المصرية، مفاجأة كبرى بإعلانه اختفاء 33 ألف قطعة أثرية، خلال عملية جرد قامت بها الوزارة بشكل ذاتي، لبحث حالة المخازن وما طرأ عليها خلال الـ50 عامًا الماضية، وشكل عدد الآثار المختفية صدمة كبرى، خصوصًا أن البعض تعامل مع الرقم وكأن الآثار كانت تخرج في "علب البيبسي" مع عمال البوفيه، ولم تر هذا العدد الضخم أجهزة الوزارة. مع تتبع التصريحات المكثفة والشد والجذب ومحاولات التملص من المسؤولية، ظهر من بين ثنايا رد خالد العناني وزير الآثار الحاليّ المعنى الحقيقي للكارثة، بعدما أوضح الرجل في تصريحات لتهدئة الرأي العام، أن الوزارة كانت تسمح للأشخاص العاديين بحيازة القطع الأثرية، وبرر الوزير ما كان يحدث قديمًا، بالضمانات التي كانت توقع على طالب القطع الأثرية، خصوصًا أنه لم يكن مسموحًا التصرف فيها بأي شكل من الأشكال، سواء الاتجار بها أم إهدائها.[3] الثانية، في مارس/آذار الماضي فوجئ المصريون بإعلان الإدارة الكويتية العامة للجمارك عن ضبط غطاء تابوت فرعوني بعد تهريبه داخل قطعة أثاث (كنبة) عبر مطار القاهرة، وتبين من التحقيقات في القضية رقم 3545 لسنة 2018 عقب تفريغ كاميرات المراقبة الموجودة في المطار لمعرفة خط سير الكنبة وكيفية خروجها من المطار، أن أمين الشرطة العامل على جهاز الماسح الضوئي الذي مرت قطعة الأثاث وبداخلها الأثر، كان يتحدث في التليفون ووجهه في الاتجاة الآخر بعيداً عن الجهاز حتى مرورها. الثالثة عندما فجرت صحيفة إيمولاأوجي imolaoggi الإيطالية في مايو 2018م فضيحة مدوية بعثور شرطة نابولي في مارس من العام ذاته على "23,700" قطعة أثرية مهربة بينها "118" آثرا مصريا،  في حاويات دبلوماسية مصرية قادمة من ميناء الإسكندرية إلى ميناء ساليرنو جنوبي إيطاليا. الأكثر  دهشة أن الجانب المصري علم بهذه الجريمة في 14 مارس من العام ذاته لكنه لم يتحرك إلا بعد أن فجرت الصحيفة الإيطالية الموضوع؛  حيث أصدرت خارجية الانقلاب بيانا تنفي فيه صفة الدبلوماسية عن الحاويات التي استخدمت في عملية التهريب الكبرى.[4] هذه الحوادث تفرض عدة تساءلات: كيف يسمح لحاوية بأكملها وبكل ما يمكن أن تحتويه من الحصول على الحصانة الدبلوماسية ومن منح هذه الحاوية هذه الحصانة؟  وإذا كانت السفارة المصرية في روما قد علمت قبل تفجُّر الجريمة بشهرين كاملين؛ فلماذا صمتت كل هذه المدة ولم تصدر بيانا إلا بعد أن فجر الإعلام الإيطالي الفضيحة؟ ألا يعد ذلك  تواطؤا مباشرا وتسترا مفضوحا على مافيا التهريب ما يؤكد أنهم مسئولون كبار  داخل النظام؟! ولماذا لم تخبر الحكومة الرأي العام بالعثور على القطع المهربة؟ بل انتظرت حتى تفجر الموضوع وكان همها الأساسي هو نفي صفة الدبلوماسية عن الحاوية المشبوهة! لكن الرسالة الأكثر خطورة في عملية التهريب الكبرى أنها تكشف أن القاهرة تحولت إلى مركز عالمي لمافيا تهريب الآثار وذلك لن يكون إلا بتواطؤ وتورط مباشر من كبار القادة والجنرالات الذين يتحكمون في منافذ مصر البرية والجوية والبحرية. لكن الأمر  تجاوز ذلك إلى حد الإعلان عن عمليات التجارة الحرام على مواقع التواصل  الاجتماعي؛  حيث تنتشر إعلانات بيع الآثار المصرية بصورها وأثمانها على المواقع الإلكترونية مثل ebay، وinvaluable وancientresource و تم توثيق عمليات البيع والشراء من مصريين وعرب منتشرة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وحتى في تعليقات المشاهدين على تسجيلات مرئية على موقع يوتيوب بعنوان (طريقة بيع الآثار المصرية وأسعارها وأشكالها الأصلية)، إذ يعلن الباعة عما بحوزتهم ويضع بعضهم علانية لقطات فيديو لقطع أثرية فيما يرسل المشترون أرقام هواتفهم لهم لإرسال صور لما لديهم من آثار كما يعرض آخرون مقاطع لمقابر فرعونية كاملة للمشاركة في التنقيب، وتحظى تلك المقاطع بمئات آلاف المشاهدات وتبرز التعليقات اهتمام مشاهدين بالمشاركة في التجارة غير المشروعة قانونيا، وتؤكد الدكتورة مونيكا حنا لـ"العربي الجديد" إن العصابات المنظمة لتجارة الآثار العاملة في مصر، تحتاج إلى أشخاص يموّلون عمليات البحث والتنقيب باستخدام أجهزة حديثة للكشف عن المعادن الثمينة مثل "جيوسونار" الذي يستخدم للكشف عن الآثار والذهب الموجود في باطن الأرض، وهو ما يدفعهم إلى تلك الإعلانات ومحاولة الحصول على شركاء كما يؤكد مصدر أمني يعمل في الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار.   مافيا التهريب وكبار الجنرالات وصف مساعد سابق لوزير داخلية في…

تابع القراءة

كيان “البحر الاحمر وخليج عدن” .. اسرار وخفايا غير معلنة

 كيان "البحر الاحمر وخليج عدن" .. اسرار وخفايا غير معلنة باستثناء إسرائيل وإريتريا، فإن معظم الدول المطلة على البحر الأحمر هي دول عربية (مصر، السعودية، الأردن، السودان، اليمن، جيبوتي، الصومال)، وتبلغ نسبة مجموع سواحل هذه الدول 90% من إجمالي سواحل البحر الأحمر، الذي يمتد طوله إلى ما يزيد عن ألفي كيلومتر، ويصل عرضه إلى ثلاثمائة كيلومتر، وتبلغ مساحة سطحه إلى حوالي 438 ألف كيلومتر مربع. لذلك قد لا تبدو مفارقة أن تقود السعودية مبادرة لتأسيس كيان لـ "دول البحر الأحمر وخليج عدن" يضم السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، ويستثني اريتريا إحدى الدول الرئيسية المطلة علي البحر الاحمر، وكذا الكيان الصهيوني المطل على خليج العقبة. فالدعوة لتدشين الكيان الجديد تأتي في وقت يجري في إعادة فك وتركيب المنطقة لصالح القوي الكبرى عبر دول عربية وأفريقية تعمل بالوكالة لصالح هذه القوي الكبرى، والترتيب لعدة تسويات دولية وإقليمية منها حصار إيران، وإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة بعد موجة التطبيع الخليجية السابقة، فضلا عن حماية مناطق مرور التجارة العالمية للقوي الكبرى. إذ أن الاتفاق الذي تم توقيعه بالرياض بين الدول المطلة و على ساحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي باستثناء إريتريا، تحت مسمي "كيان البحر الأحمر وخليج عدن"، سوف يوفر الفرصة لدولة الاحتلال الصهيوني لتكون عنصر متعاونا مع دول الكيان الجديد باعتبارها جزء – بقوة الاحتلال – من مضيق العقبة المتفرع من البحر الاحمر، ويضع قيودا على نفوذ إيران والحوثيين في البحر الاحمر، ويحمي قوافل النفط والتجارة حيث يعبر 13% من إجمالي التجارة العالمية، البحر الاحمر. أما الاهم من وجهة النظر المصرية والسعودية المفترضة لهذا الكيان الجديد فهو الرغبة في ابعاد النفوذ التركي والقطري عن منطقة البحر الاحمر، خاصة بعدما اعطت الخرطوم جزيرة سواكن القريبة من مصر والسعودية، والمطلة على البحر الأحمر، لتركيا لترميمها باعتبارها كانت مقرا سابقا للأسطول العثماني وتشكل اهمية اثرية وتاريخية، وتخشي القاهرة والرياض من تحويل تركيا لها الي قاعدة عسكرية خاصة أن وزير الدفاع التركي الفريق أول خلوصي أكار ووفد مرافق له، زارا مدينة سواكن السودانية في 7 نوفمبر 2018. ويأتي هذا برغم شراء السعودية ولاء السودان من إيران لها وقطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران في يناير 2016، ووضع الرياض وديعة بقيمة مليار دولار في البنك المركزي السوداني، وتحويل السعودية مساعداتها العسكرية من لبنان إلى السودان، وقيمتها خمسة مليارات دولار في فبراير 2016. ويبدو أن تبني السعودية للكيان الجديد يأتي أيضا ضمن عدة تحركات لحصار النفوذ الايراني وحماية الأمن بالبحر الأحمر ضد التهديدات الإيرانية، كما أنه يأتي كخطوة سابقة في حال التوصل لأي تسويات لإنهاء الأزمة اليمنية الراهنة، بعدما أصبح التهديد الحوثي (والايراني بالتبعية) للملاحة في البحر الاحمر امرا واقعا عقب استهداف سفن نفط وسفن حربية سعودية واماراتية. لهذا يعتقد أن أحد أهداف الكيان الجديد هو ابعاد وعرقلة التوسع الإيراني والتركي والقطري معا بالبحر الأحمر، واتفاق دول كيان البحر الاحمر السبعة على أن يجتمع فريق من الخبراء الأمنيين لهذه الدول خلال الأسبوع المقبل بالقاهرة، لوضع خطة العمل الفنية والتنفيذية لشكل الكيان وحركته على أرض الواقع، دليل علي هذا. ويلفت الاعلان عن هذا الاتفاق الانظار بتأكيده على أن الهدف الأساسي منه أمني وسياسي وليس اقتصادي، كما جاء في بيان الخارجية السعودية، الذي تحدث عن "إنشاء كيان يستهدف التنسيق والتعاون في مجالات عديدة على رأسها الأمنية والسياسية". كما أن تولي السعودية الإنفاق على القوة العسكرية المقترحة التي سوف تقوم بحماية التجارة المارة بالبحر الأحمر، وقيام مصر بمسؤولية التنفيذ يؤكد طبيعة هذه المخاوف من أدوار تركية ايرانية قطرية غير مرغوب فيها في البحر الاحمر، حيث نص الاتفاق على إنشاء تجمع بالمنطقة "يمنع أي قوى خارجية من لعب أدوار سلبية في المنطقة الاستراتيجية"، دون تحديد اسماء هذه القوي. ورغم هذ أوضح البيان الختامي الصادر حول تدشين هذا الكيان، أنه يأتي "تعبيراً عن الرغبة المشتركة لتعزيز سبل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، والسعي لتحقيق مصالحها المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي". ترتيبات ما قبل تأسيس الكيان الجديد بنظرة فاحصة للقاءات والترتيبات السياسية التي سبقت الاعلان عن هذا الكيان يمكن رصد وتبين أهدف هذا الكيان وتكشف اسراره وخفاياه غير المعلنة. فقد سبق تدشين هذا الكيان تشجيع السعودية والامارات لإعادة العلاقات الاثيوبية مع اريتريا، والضغط على الاخيرة بأموال خليجية، كي لا تكون عقبة في وجه تنفيذ الاتفاق بالنظر لعلاقتها مع إيران وتركيا وقطر، واستضافت الرياض عدة مفاوضات بين اثيوبيا واريتريا في سبتمبر واكتوبر الماضيين. إذ تعتبر الامارات والسعودية البحر الاحمر والقرن الأفريقي امتدادا لأمنهما القومي، وتعملان بكل جهد لعدم وجود سيطرة بديلة لهما في هذه المنطقة الهامة خصوصا من إيران أو تركيا أو قطر. أيضا نفذت مصر عدة تدريبات عسكرية محورها البحر الأحمر مثل التدريبات العسكرية التي ضمت قوات أمريكية وسعودية وإماراتية في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر اغسطس 2018، بهدف "إدارة أعمال قتالية لتأمين منطقة بحرية ضد التهديدات المختلفة". والتدريب البحري بين القوات البحرية المصرية والفرنسية بنطاق قاعدة البحر الأحمر، في ديسمبر 2018، لحماية الملاحة البحرية في الممر المائي الهام بعد تهديدات مليشيا الحوثي الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. والمناورة البحرية المصرية السعودية المشتركة "مرجان 15"، بنطاق البحر الأحمر بالمملكة العربية السعودية في ديسمبر 2018 "لتأمين النطاق البحري بالبحر الأحمر، والتدريب على أعمال الاعتراض البحري والإمداد والتزود بالوقود ومكافحة الغواصات، وأعمال مكافحة التهريب والقرصنة البحرية وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش واقتحام السفن المشتبه بها بمشاركة عناصر من القوات الخاصة البحرية من الجانبين". و"مناورات العقبة"، بين القوات المصرية والاردنية، وكذلك التحركات البحرية المصرية المتواصلة في البحر الأحمر تحت غطاء العملية العسكرية سيناء 2018. كما أطلقت الولايات المتحدة تدريبات بحرية في البحر الأحمر مع الاحتلال الصهيوني في سبتمبر 2018. وكل هذه المناورات تبدو تمهيدا لبدء انشطة هذا الكيان الجديد المتوقع ان يكون لبنة في الناتو العربي أو بديلا عنه حال فشله بسبب الخلافات الخليجية مع قطر. ولا يبدو أن هدف هذا الكيان بعيدا عن خريطة القواعد العسكرية في الدول المطلة على البحر الأحمر التي تقيمها دول اجنبية وعربية وتتقاطع مصالحها مع مصالح مصر والسعودية. فسواحل جيبوتي تضم عددا من القواعد العسكرية، أقدمها القاعدة الفرنسية، وتضم ما يقرب من 2000 جندي فرنسي، وهناك نفوذ اثيوبي وطموح في استئجار قاعدة جيبوتية تكون نواه للقوة البحرية الاثيوبية، حيث تدين جيبوتي لإثيوبيا بمساعدتها على تطوير ميناء جيبوتي باعتبار إثيوبيا أكبر مستخدم لهذا الميناء، عقب استقلال إريتريا في عام 1993، وخسارة إثيوبيا لسيادتها على موانئ مصوع وعصب. وإلى جانب القاعدة الفرنسية، هناك القاعدة العسكرية الأمريكية، وهي أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في أفريقيا، فبعد تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في عام 1998، وتفجير السفينة "كول"…

تابع القراءة

سياسات السيسي تضع مصر على أعتاب المذابح الجماعية في 2019 …..قراءة في التقارير الدولية

 سياسات السيسي تضع مصر على أعتاب المذابح الجماعية في 2019 …..قراءة في التقارير الدولية «إن ولع «السيسي» بالقوة لابد أن يتسبب في زواله عاجلا أم آجلا. ومع كل يوم يبقاه الرئيس في منصبه فإنه يعطي شعبه سببا جديدا للاعتقاد بأن التمرد هو السبيل الوحيد للتغيير السياسي. وكما أظهرت الثورة المصرية قبل سبع سنوات، فإن الشعب المصري يصبر ويتسامح ولكن فقط ما لم يتم دفعه إلى أبعد من الحد الأقصى لاحتماله»[1]. بهذا الوضوح الشديد توقع مركز "ستراتفور" نهاية نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي قاد انقلابا دمويا على المسار الديمقراطي في مصر في أعقاب الثورة المصرية في يناير 2011م. يمكن فهم هذا المعني بصورة أوضح من خلال تحذيرات مؤسسة "الإنذار المبكر" من أن مصر مرشحة العام القادم "2019" لأسباب داخلية، لتكون من أكثر دول العالم تعرضا لمذابح دموية، وحلّت مصر في المركز الثالث بين الدول الأكثر تعرضا للإبادة والقتل الجماعي، وفق دراسة أجراها مؤخراً مركز “سيمون-سكجودت” المعني بمنع الإبادة الجماعية. وتحت عنوان «البلدان المعرضة لخطر القتل الجماعي 2018-19: نتائج الإنذار المبكر بمشروع التحذير الإحصائي”»، أكد التقرير الذى نشر مطلع ديسمبر الجاري 2018م، بالاشتراك مع كلية دارتموث،  أن مصر التي احتلت المرتبة الثالثة جاءت بعد الكونجو وأفغانستان وقبل سوريا واليمن وليبيا والصومال والعراق".[2] وأكد التقرير صعوبة منع الإبادة الجماعية، لافتا  إلى أن التقييم لعام 2018-2019 هو نتيجة للبيانات الجديدة والمكررة والأساليب الإحصائية التي تم دمجها لتحقيق أقصى قدر من الدقة والفعالية العملية للنتائج.  وأن التغييرات تعكس التزام المؤسسة بالتعلم المستمر من التطورات في ممارسة التنبؤ الإحصائي وتجربتها في العمل على ترجمة تحليل الإنذار المبكر إلى إجراءات وقائية فعالة. نتيجة لهذه التغييرات ، وأنه لا ينبغي مقارنة تقديرات المخاطر والتصنيفات من 2014 حتى 2016 مباشرة بنتائج من عام 2017 فصاعدًا. النتائج الجديدة بحسب التقرير،  اشتملت على خطر حدوث عمليات قتل جماعية تقودها الدولة أو لا تقودها الدولة ، مما يعالج فجوة كبيرة في نهجها السابق، والتي ركزت حصريًا على عمليات القتل الجماعي التي تقودها الدولة. في السنوات القليلة الماضية ، حيث ارتكبت العديد من الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة – بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية وميليشيات في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى مذابح جماعية مماثلة. وصاحب ذلك توبيخ غير مسبوق من جانب الأمم المتحدة لنظام الجنرال عبدالفتاح السيسي زعيم الانقلاب؛ حيث  أصدرت المقررة الخاصة المعنية بـ «الحق في السكن الملائم» ليلاني فرحة بيانًا  في 04 ديسمبر  2018م، دانت فيه حكومة السيسي  بسبب إقدامها على ما وصفته بحملة من «الانتقام» من مواطنين مصريين كانت قد التقت بهم أثناء زيارتها لمصر في بعثة أممية رسمية في الفترة بين 24 سبتمبر إلى 03 أكتوبر 2018م. وأصدرت المقررة الخاصة بالحق في السكن التابعة للأمم المتحدة بيانا تضمن العناصر الآتية[3]: أولا، أخفقت مصر في الالتزام بالتأكيدات التي قدّمتها لمقررة الأمم المتحدة بأن أحدًا لن يتعرّض للمضايقة، أو الترويع، أو الانتقام نتيجة لقائهم بها أو تقديم معلومات لها أو للوفد المرافق لها في سياق زيارتها حيث زارت ما تبقى من منطقة «مثلث ماسبيرو»، ومنطقتي الدويقة والحطابة بالقاهرة، ومدينة السادس من أكتوبر، ومحافظة المنيا كذلك. . وأضافت: «إنني أشعر بالصدمة لأن عددًا من أفراد الأُسر المقيمين في منطقتين قمت بزيارتهما قد تعرّضوا بعد انتهاء بعثتي للإخلاء القسري من منازلهم بالمخالفة لقانون حقوق الإنسان». ثانيا، اتهم البيان الأممي أجهزة الأمن لسلطات الانقلاب باستعمال القوة المفرطة ضد السُكّان الذين رفضوا مغادرة منازلهم، فضلًا عن «نمط مثير للقلق من الإجراءات الانتقامية» ضد أفراد ومجتمعات على صلة مباشرة بزيارة المقررة الخاصة للأمم المتحدة. وأن "عدداً من المساكن متعددة الطوابق هدمت، وألقي أثاثها في الشارع، وشُرد سكانها، ولم يتلق الضحايا إشعارات ملائمة، كما لم يوفر لهم سكن بديل، أو تعويضات، فضلاً عن استخدام رجال الأمن القوة المفرطة ضد السكان عندما رفضوا مغادرة منازلهم. شمل الاستهداف منازل عدة، ووحدات سكنية لأفراد أسر قادة مجتمع التقيتهم أثناء زيارتي الرسمية إلى مصر". وشدد البيان على أن "مصر ليست دولة أمنة"، مطالبة الأمم المتحدة بعدم إرسال مقررين أخرين بعد ما حدث معها ولمن قابلتهم أثناء زيارتها من انتهاكات وعمليات انتقام[4]. ثالثا، تلقى مسؤول أممي آخر، هو مايكل فروست، مقرر الأمم المتحدة بشأن «المدافعين عن حقوق الإنسان»، معلومات بشأن انتهاكات مماثلة تعرّض لها محامون ونشطاء حقوقيون يعملون في مجال «الحق في السكن»، قالوا إن «أشخاصًا غير معلومين لهم قاموا بتتبعهم والتقاط الصور لهم، وأنهم تلقوا تهديدات عبر مكالمات هاتفية من مصادر مجهولة، أو تمّ استدعاؤهم من قِبل الشرطة للتحقيق معهم، كما صدر قرار بمنع محامٍ من السفر بعد لقائه بالسيدة فرحة»، بحسب فروست. رابعا، أعرب البيان عن خيبة الأمل لمنع مقررة الحق في السكن للأمم المتحدة من دخول جزيرة الوراق، والتي شهدت على مدى العامين الماضيين مواجهات بين سُكّانها وبين السلطات الحكومية، وصلت إلى ذروة جديدة بإصدار مجلس الوزراء قرارًا بنزع ملكية أراضي الجزيرة وتخصيصها للمنفعة العامة. فيما أعرب سُكّان الجزيرة عن رفضهم الامتثال للقرار الذي وصفوه بـ «غير المنصف».  وفي مؤتمر صحفي عقدته بالقاهرة في ختام بعثتها عبرت المقررة الخاصة عن مخاوفها بشأن عمليات الإخلاء القسري التي تقوم بها الحكومة في المناطق غير الرسمية.  وأدلت بتصريحات صحفية عبرت فيها عن شعورها بالقلق بشأن استبعاد المجتمعات المحلية من المشاركة في وضع سياسات الإسكان.   الدولة الفاشلة وتأتي  تحذيرات مؤسسة "الإنذار المبكر"، ومقررة الأمم المتحدة للحق في السكن بعد شهور قليلة من دراسة أمريكية أعدها الباحثان أندرو ميلر وميشيل دن، ونشرت في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية في النصف الثاني من يوليو 2018م، والتي حذرت من غموض مستقبل نظام عبدالفتاح السيسي وتحول مصر لدولة فاشلة نتيجة ما وصفته بالسياسات غير الرشيدة والنمو السكاني المتزايد وهشاشة الاقتصاد المصري[5]. وقالت الدراسة إن المنافسة بين واشنطن وموسكو علي ولاء النظام المصري لأي منهما، لن يمنع انحدار مصر في وقت ما إلى "مصير مجهول إذا استمرت الأمور على المنوال الحالي". مؤكدة أن مصر لم تعد جائزة تستحق الفوز بها، بل هي دولة هشة تحتاج إلى إصلاح. وخلصت الدراسة إلى أن المشكلة الحقيقية ليست فقدان واشنطن لنفوذها التقليدي في مصر لصالح موسكو، وإنما المشكلة الأكبر التي ستواجه السياسة الأمريكية خلال الفترة المقبلة هي انهيار النظام المصري في كافة مجالات الحياة بما يؤذن بتحول مصر إلى "دولة فاشلة" ما يؤثر على استقرار المنطقة كلها. واستندت الدراسة في خلاصتها إلى أن مصر فقدت كثيرا من الأوراق في المنطقة، كما أن الجيش المصري فقد بريقه وتفوق عليه نظيراه الأردني والإماراتي في القدرة على مسايرة الجيش الأمريكي، فضلا عن أن السياسات المصرية تسهم في جعل مشكلة الإرهاب أكثر تعقيدا، إضافة إلى التشابه والتفاهم الجيد بين السيسي وبوتين، بسبب خلفيتيهما المتشابهة كضابطي مخابرات سابقين تشكلت خبراتهما في أروقة مؤسسات الدولة.  …

تابع القراءة

مع الحدث: دلالات دعوة الملك سلمان أمير قطر حضور اجتماعات مجلس التعاون الخليجي

  مع الحدث: دلالات دعوة الملك سلمان أمير قطر حضور اجتماعات مجلس التعاون الخليجي في خطورة مفاجئة وبعد أقل من يومين على زيارة محمد بن سلمان القاهرة وتجديد الحديث عن استمرار العقوبات المفروضة علي قطر بعث الملك سلمان دعوة لأمير دولة قطر تميم بن حمد لحضور اجتماعات مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول أسباب تلك الدعوة ودلالاتها في هذا التوقيت الذي تعيش خلاله المملكة أزمة مع المجتمع الدولي علي خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وبالنظر إلي حجم الضغوط التى تتعرض لها المملكة علي المستويين الإقليمي والدولي، وتحميل ولي العهد السعودي مسئولية مقتل خاشقجي، يحاول النظام السعودي بقيادة الملك سلمان هذه المره تصحيح الأخطاء التى وقع فيها ولي العهد، وذلك من خلال ارسال إشارة خضراء إلي الشقيقة قطر من أجل التمهيد لحل الأزمة الخليجية ووضع حد للخلاف معها خاصة وأن الخلاف لا أساس له ويأتي خدمة لأجندة الإمارات وليس المملكة. وعلي ما يبدو أن المملكة باتت علي قناعة بأن الخلاف مع قطر يضر بأمنها واستقرارها، فضلا عن أنه بات يؤثر علي سمعتها ومكانتها الإقليمية كقائد لمنطقة الخليج، تلك المكانة التى تضررت كثيرا بعد الأزمة مع قطر وكادت أن تتسبب في انهيار مجلس التعاون الخليجي، الذي بات منقسما علي نفسه بعد تلك الأزمة. يضاف إلي ذلك أن المملكة تخشى من انقلاب الولايات المتحدة علي نظامها السياسي، وهي تحتاج إلي قطر من أجل اعادة اللحمة للنظام الخليجي مرة أخرى حتى تستطيع مواجهة اي تحول في مواقف الأمريكية مجتمعة، وهذا مالن يحدث إذا ما استمر الخلاف الخليجي علي حاله. كما تمثل الأزمة السعودية مع جماعة الحوثي واحتمالات تفكيك التحالف الذي تقوده مشكلة كبيرة بالنسبة للنظام السعودي الذي يخشى الدعم الإيراني لجماعة الحوثي وتأثير ذلك علي أمنه واستقراره، وحاجته إلي كل الدعم الخليجي من أجل مواجهة خطر جماعة الحوثي ومنعه من مواصلة عمليات تهديد الجنوب السعودي. لذلك كله يتوقع أن تعيد المملكة النظر في سياستها تجاه قطر وأن تعمل علي رأب الصدع واستعادة العلاقات المشتركة معها مرة ثانية، وفك الحصار المفروض عليها، ليس هذا فحسب، بل وقد يعيد الملك سلمان النظر في علاقات المملكة بجماعة الإخوان بعد أن ثبت أنها القوة الوحيدة القادرة علي مواجهة المد الشيعي في منطقة الخليج، والذي وصل إلي مستويات غير مسبوقة تجعل من الصعب مواجهته عسكريا في الوقت الحالي. وفي المقابل فإن اعادة العلاقات مع قطر وحتي الاخوان ليس خياراً ممكناً لأنه قد يعني تراجع كبير في العلاقة مع نظام السيسي والقوي الصهيونية واليمين الداعم للنظام الحالي في المملكة.

تابع القراءة

المشهد السياسي

 المشهد السياسي المشهد الداخلي ودور مصر الخارجي: ×      الفشل المصري مستمر في مواجهة تنظيم سيناء رغم الدعم المخابراتي الدولي[1]، أكد تقرير لـ "معاريف" الإسرائيلية أن هناك استياءً في تل أبيب من الإخفاق المصري المستمر في القضاء على تنظيم داعش في سيناء، رغم الدعم اللوجستي من المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والألمانية والفرنسية، ورغم الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على مناطق، ظل عجز النظام عن اقتحامها مستمراً، كان آخرها " منطقتي بلعا وحي الرسم، التي فشل الجيش المصري على مدار الأسابيع الماضية في اقتحامها، بسبب تصدي مجموعات عسكرية تابعة لتنظيم "ولاية سيناء" لهذه الحملات العسكرية، ما أدى إلى فشلها، إضافة إلى استهداف عناصر من التنظيم وكذلك مهربين على الحدود من خلال غارات دقيقة"، وبحسب العربي الجديد، نقلاً عن مصادر قبلية، فإن الغارات الإسرائيلية مستمرة على قرى ومدن شمال سيناء تستهدف عناصر تنظيم داعش، وقد أسفرت هذه الهجمات عن خسائر في صفوف التنظيم؛ فقد أعلن التنظيم مقتل عدد من قياداته الميدانية في غارات جوية من طائرات مصرية وإسرائيلية. استمرار التنظيم وبقائه رغم الحرب المعلنة عليه منذ شهور "العملية العسكرية الشاملة"، والدعم الواسع من أجهزة استخباراتية عالمية للقوات المصرية، والتسليح والتمويل، والغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، يصبح الفشل حليفاً بكل هذه الاستخبارات المشاركة في استهدافه، وليست محصورة في الجانب المصري، لكن التساؤل الهام في هذا التوقيت يكون عن العوامل التي منحت التنظيم القدرة على الصمود في مواجهة الحرب المعلنة عليه، ستظل الإجابة على هذا التساؤل من باب التخمين والتوقع في ظل حالة التعتيم المحيطة بالمشهد وفق قرار رسمي يرغب في بقاء المعركة بعيدة عن الرأي العام، مع ذلك ثمة تفسيرات كلاسيكية عادة ما تطرح في تفسير استمرار الفاعلين المسلحين في المشهد رغم استمرار الحرب عليهم، نذكر منها: الطبيعة الجبلية المواتية للمراوغة والمعيقة لتحرك الجيوش النظامية، والميسرة لعملية الهروب والتخفي في الجبال، ومنها: وجود بيئة اجتماعية حاضنة تحمي هذه العناصر وتخذل عنهم، وفي نفس الوقت تعمل كقنوات امداد تضخ عناصر جديدة تعوض النقص الناجم عن الاستهداف العسكري لهذه التنظيمات، ومنها: اعتماد المقاربة الأمنية فقط، وهي سياسة تحول المجتمع المحلي المسالم إلى قنبلة موقوته ورصيد احتياطي لتنظيمات التطرف والعنف، كما تعيد هذه السياسات إنتاج السياقات التي تنمو فيها تنظيمات العنف، خاصة مع وجود تجاوزات أمنية بحق المواطنين السلميين، ووجود حالة من انعدام الثقة والتحفظ المتبادل بين المجتمع السيناوي والدولة. ×      هل يدفع المجتمع تكلفة سياسات النظام، مقالة[2] كتبها "توم ستيفنسون" المراسل الحر المقيم في القاهرة، قارن فيها بين سخاء السيسي في انفاقه على الجيش، وعلى المشروعات الإنشائية الكبرى، مقابل شح النظام فيما يتعلق بالفقراء، وكيف انعكس ذلك على الموازنة العامة للدولة، وهو طرح هام الحقيقة، وتعود أهميته في أنه يرسم الصورة كاملة، ما يسمح بإيجاد تفسيرات متماسكة لهذه السياسات. الإنفاق العسكري: ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة 215% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة على يونيو 2013. فقد اشترت البلاد أسلحة تُقدر بـ 6.6 مليار دولار، مما جعل مصر تصبح ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم بعد الهند والمملكة العربية السعودية. المشروعات الإنشائية الكبرى: تدشين مشاريع إنشائية كبرى، يصفها كثير من منتقديها بأنها مشاريع هلامية غير مدروسة. منها: العاصمة الإدارية الجديدة، التفريعة الجديدة لقناة السويس بقيمة 8 مليار دولار. التكلفة والخسائر: –          التكلفة الاقتصادية: في أوائل نوفمبر 2018، أعلن البنك المركزي المصري أن إجمالي الديون الخارجية للبلاد تجاوزت 92 مليار دولار، بزيادة قدرها 17.2% في السنة. وتضاعفت تقريباً الديون الخارجية منذ عام 2015. ويبلغ إجمالي ما تدفعه الدولة الآن لسداد فوائد الديون حوالي 30 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 38% من ميزانية الحكومة في الفترة 2018 / 2019. –          التكلفة الاجتماعية: بسبب العجز في الموازنة الناجم عن هذه النفقات الباهظة، وبتوجيه من صندوق النقد الدولي، قامت الحكومة بتبني سياسات تقشفية، بناء عليها، تم تخفيض دعم الطاقة، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتخفيض نسبة العمالة في الجهاز الحكومي، وتعويم العملة المحلية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسب البطالة 10%، وارتفاع معدلات التضخم إلى 17.7%. أبرز الانطباعات التي تتشكل في خلفية هذا المشهد الذي يرسمه المقال، ويبرز فيه التنافر بين تبني سياسات التقشف على الصعيد الشعبي مقابل الإنفاق ببذخ على مشاريع الإنشاء والمؤسسة العسكرية: أولاً: أن النظام يسترضي مراكز القوى التي يرى أنها تدعم استقراره، وهي الجيش والرأسماليين المستفيدين من السياسات النيوليبرالية لصندوق النقد. الثاني: أنه يتجاهل المجتمع والمجتمع المدني؛ لأنه يرى أن صعوده لم يكن بدعم حقيقي من هذه القوى (وهي سلوكيات تشكك في شرعية مشهد الـ 30 من يونيو، وتشكك في شرعية الانتخابات الرئاسية وجدواها). الثالث: أن النظام لا يضمر خوف حقيقي من المجتمع وقوى المعارضة، وسياساته تؤكد أنه يأمن تماماً هذا الجانب. الرابع: وهو ينبني على البند السابق، أن النظام يثق بشكل كامل في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ويدرك أنها تحكم سيطرتها على المجتمع، وبالتالي لا يخشى الانعكاسات السلبية لسياساته المجحفة. الأخيرة: أن مستقبل علاقة النظام والمجتمع ستتخذ أحد مسارين؛ أحدهما استمرار "حلب" المجتمع وامتصاص مقدراته المالية والاقتصادية، الثاني: الصدام الحتمي بين النظام والمجتمع بعد وصول التوتر بينهما إلى حافة الـ لا عودة. ×      بعد تحرير سعر الدولار الجمركي … هل تقف المؤسسة العسكرية وراء القرار[3]، القرار وسيلة فعالة لجباية مزيد من الأموال: في إطار سعي الحكومة المصرية لتخفيض نسبة العجز السنوي في الموازنة العامة للدولة، وفي سبيل الوصول لنسبة نمو تصل إلى 5.8%، تواصل الحكومة جباية الأموال عبر ابتكار ضرائب ومكوس جديدة، لكن هذه المرة لجأت وزارة المالية إلى وسيلة جديدة، وهي تحرير سعر صرف "الدولار الجمركي" والثابت عند معدل 16 جنيه للدولار، وهو القيمة التي تسدد بها الرسوم على الواردات ضمن الجمارك والضرائب المدفوعة بالعملة الأجنبية، وهذا سعر شبه ثابت منذ أكثر من عام رغم تذبذب سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الذي يصل إلى حدود 18 جنيهاً عن كل دولار، ومباشرة، أدى تحرير «الدولار الجمركي» إلى قفزة سريعة في أسعار السيارات والكمبيوتر وبعض المستلزمات الأساسية الآتية من الخارج، مع توقعات بأن يظهر تأثير الزيادة بوضوح على سلع أخرى كثيرة قبل نهاية الشهر الجاري، وخاصة مع وجود عدد من الشركات لم تحدد نسب الزيادة بانتظار حساب أعباء التشغيل والزيادات خلال الأيام المقبلة. هل تقف المؤسسة العسكرية وراء القرار: يذكر أن صناعة السيارات هي المتضرر الأول من القرار الجديد، خاصة أن قرار تحرير سعر الدولار الجمركي ينسف نحو نصف التخفيضات التي كانت مرتقبة لأسعار السيارات ذات المنشأ الأوروبي، وكان سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر، إيفان سوركوش، قد أعلن أن القاهرة ستخفض التعريفة الجمركية على السيارات الأوروبية إلى صفر، اعتباراً من يناير 2019، وفقاً للجدول المتفق عليه بشكل ثنائي في اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي[4]. في وقت سابق ربط المشهد الاسبوعي بين قرار إلغاء التعريفة الجمركية عن السيارات المستوردة من…

تابع القراءة

بعد التصعيد ضد النهضة … كيف نقرأ المشهد السياسي في تونس

بعد التصعيد ضد النهضة … كيف نقرأ المشهد السياسي في تونس تزايدت حدة الخلاف بين الرئيس التونسي باجي قايد السبسي وحركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، بعد تحالف الآخير مع رئيس الوزراء يوسف الشاهد، ومع حزب "مشروع تونس" وكتلة "الائتلاف الوطني". وهناك من يربط التصعيد الذي يقود السبسي ضد النهضة بزيارة محمد بن سلمان الأخيرة لتونس؛ وأن هناك دعماً إقليمياً لتحركات السبسي ضد النهضة؛ ومن غير المستبعد أن يكون التحالف السعودي الإماراتي المناهض للإسلام السياسي قد وعد السبسي في معركة الرئاسة في 2019؛ أو دعم أحد حلفائه، مع بلوغ السبسي 92 عام. ومع الخلاف بدأ السبسي يعيد فتح ملفات قديمة للمعاقبة النهضة على قرارها فض التوافق معه؛ كان أبرز هذه الملفات: ملف مقتل الناشطين اليساريين شكر بلعيد ومحمد البراهيمي، وفي هذا السياق التقى السبسي هيئة الدفاع عن الشهيدين، بلعيد والبراهمي، وهي التي تتهم حركة النهضة بإنشاء جهاز خاص "عسكري سري"، والتورّط في الاغتيالات السياسية؛ كعادة التنظيمات اليسارية وعلاقتها المتوترة مع الإسلاميين. وعقب اللقاء أصدرت الرئاسة بياناً تتبنى فيه دعاوى هيئة الدفاع بوجود تشكيل سري تابع للنهضة، وهو الموقف الذي نددت به النهضة بدورها في بيان لها. وقد ترافق اللقاء بين السبسي وهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهيمي انعقاد مجلس الأمن القومي برئاسة السبسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقد أثيرت خلال الاجتماع قضيتي اغتيال بلعيد والبراهيمي وقضية التنظيم السري التابع للنهضة. ويرى متابعون أن اجتماع المجلس جاء بضغط من الهيئة المذكورة؛ فهي لا تريد أن تكون مجرد ورقة تهديد يخرجها السبسي في وجه النهضة. وذلك بعد أن ألح السبسي في طلب لقائها ليستعين بها في معركته مع النهضة. وتأتي أهمية اجتماع مجلس الأمن القومي أن هذا المجلس بإمكانه النظر في أي قضية تتعلق بالبلاد، ما يعني أن لديه أوراقاً دستورية وهامشاً واسعاً للتحرك ضد النهضة، مع ذلك فإن يوسف الشاهد حليف النهضة الجديد هو أحد أعضاء هذا المجلس وبالتالي يصعب استخدام المجلس من طرف السبسي بسلاسة. في التوقيت ذاته، وفي سياق تصعيد السبسي ضد النهضة وضد تحالفها الجديد مع الشاهد؛ قدّم الأمين العام الجديد لحزب "نداء تونس"، سليم الرياحي، قضية لدى القضاء العسكري ضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والمدير السابق للديوان الرئاسي، سليم العزابي، ومدير عام أمن رئيس الجمهورية، والناشط السياسي، لزهر العكرمي، بتهمة محاولة الانقلاب على رئيس الدولة، رد عليها الشاهد بتهكّم شديد أثناء تقديم مشروع موازنة العام المقبل، ملمّحاً إلى أن الرياحي "سفيه".  هذه التطورات والتصعيد المستمر ضد النهضة جاء نتيجة فوز حزب النهضة بانتخابات المحليات، ومع وجود احتمالات كبيرة لفوزها فى الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة (2019)، كما يأتي بغرض خلق حالة من الأزمات التى قد تدفع إلى الحيلولة دون الإنتخابات القادمة، أو على الاقل تقليل حظوظ النهضة فى الفوز بها، وأيضاً بهدف ضرب التحالف الجديد وإبراز هشاشته.  جدير بالذكر أن ملف المساواة في الإرث سيكون أول المعارك، إذ حوّل البرلمان، مقترح القانون إلى اللجنة البرلمانية المعنية، لتحيله بعد ذلك إلى الجلسة العامة، وربما يتم ذلك بداية العام المقبل، ولكن أبرز مكوّنات التحالف الجديد، حزب "مشروع تونس" وكتلة "الائتلاف الوطني" أكدا التصويت لصالح القانون الذي ترفضه "النهضة" بشكل واضح، ما يعني أن هشاشة هذا التحالف وعدم تجانسه سيبرزان مع أول اختبار حقيقي[1]. بقي أن نشير إلى ملمحين بارزين لهذا الصراع؛ الأول: أن هذا الصراع مرشح للإستمرار حتى إنتخابات الرئاسة والإنتخابات البرلمانية في 2019؛ وحتى الوصول لتلك المرحلة ستمر الحياة السياسية في تونس بفترة شتاء طويل ملبدة بالصراعات. الثاني: تتوقف هذه الصراعات على جملة من الاستفهامات؛ وهي: هل تصعيد السبسي ضد حركة النهضة يستهدف إقصائها من الساحة أم بغرض الضغط عليها لدفعها للعودة للتحالف مجدداً مع نداء تونس، وهل السبسي على استعداد لدفع تكلفة الصراع مع النهضة، وهل من المتوقع أن تصمد الحركة في مواجهة موجة المد العالية؛ خاصة مع وجود شرائح داخل النهضة كانت رافضة للتحالف مع الشاهد على حساب تحالف الحركة مع السبسي. [1] العربي الجديد، السبسي يفتح النار على "النهضة": ضغط أم "حرب" شاملة؟، 1 ديسمبر 2018، الرابط:  

تابع القراءة

كيف يفوز الضعفاء في الحروب

كيف يفوز الضعفاء في الحروب محاولة لتفسير الفشل المصري في القضاء على ولاية سيناء   أكد تقرير[1] لـ "معاريف" الإسرائيلية أن هناك استياءاً في تل أبيب من الإخفاق المصري المستمر في القضاء على تنظيم داعش في سيناء، رغم الدعم اللوجستي من المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والألمانية والفرنسية، ورغم الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، على مناطق ظل عجز النظام عن اقتحامها مستمراً، كان آخرها " منطقتي بلعا وحي الرسم، التي فشل الجيش المصري على مدار الأسابيع الماضية في اقتحامها، بسبب تصدي مجموعات عسكرية تابعة لتنظيم "ولاية سيناء" لهذه الحملات العسكرية، ما أدى إلى فشلها، إضافة إلى استهداف عناصر من التنظيم وكذلك مهربين على الحدود من خلال غارات دقيقة". وبحسب العربي الجديد، نقلاً عن مصادر قبلية، فإن الغارات الإسرائيلية مستمرة على قرى ومدن شمال سيناء تستهدف عناصر تنظيم داعش، وقد أسفرت هذه الهجمات عن خسائر في صفوف التنظيم؛ فقد أعلن التنظيم مقتل عدد من قياداته الميدانية في غارات جوية من طائرات مصرية وإسرائيلية. استمرار التنظيم وبقائه رغم الحرب المعلنة عليه منذ شهور "العملية العسكرية الشاملة"، والدعم الواسع من أجهزة استخباراتية عالمية للقوات المصرية، والتسليح والتمويل، والغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، يصبح الفشل خليقاً بكل هذه الاستخبارات المشاركة في استهدافه، وليست محصورة في الجانب المصري. لكن التساؤل الهام في هذا التوقيت يكون عن العوامل التي منحت التنظيم القدرة على الصمود في مواجهة الحرب المعلنة عليه. ستظل الإجابة على هذا التساؤل من باب التخمين والتوقع في ظل حالة التعتيم المحيطة بالمشهد، وفق قرار رسمي يرغب في بقاء المعركة بعيدة عن الرأي العام.  مع ذلك يطرح المشتغلون بحركات العنف المسلح جملة من التفسيرات لتبرير أسباب استمرار هذه الكيانات رغم الحروب المعلنة عليهم من جانب جيوش نظامية، وبالتعاون مع أجهزة استخباراتية محترفة؛ سنحاول استقراء هذه التفسيرت في واقع تنظيم داعش في سيناء، للوقوف على أيها أكثر قدرة على قراءة ما يجري في سينا، في هذه السطور. التفسير الأول … الجغرافيا: من الناحية الجغرافية لا يعد الساحل الشمالي الشرقي لشبه جزرة سيناء منطقة وعرة؛ إذ توجد جبال سيناء الوعرة في الجنوب (مثل جبل كاترين 8668، وجبل سيناء 7497)، وهي منطقة تقع خارج نطاق الموجهات بين الجيش والمتمردين[2]. وبالتالي المتغير الجغرافي غير كافي لتفسير أسباب استمرار تنظيمات العنف المسلح في سيناء رغم مرور سنوات على إعلان الحرب عليهم. لكن البعد الجغرافي يظل مؤثراً في الصراع الدائر في سيناء من وجهين: الأول ما يعرف بـ "تدرج فقدان القوة"، ويعني أنه كلما كان القتال أبعد عن المركز، وأشد في الأطراف، زاد احتمال فقدان قوات النظام قوتها على نحو متدرج[3]. الثاني ويشير إلى "تدرج فقدان الدقة"، ويعني أن هجمات النظام لفترات طويلة المدى تكون أكثر عشوائية وأقل دقة (في قتل المتمردين) من الهجمات قصيرة المدى، ومن هنا يحدث نفور المدنيين نتيجة انعدام الدقة والقتل العشوائي (وقتل المدنيين المصريين نتيجة فقدان الدقة شائع في سيناء)[4].   التفسير الثاني … السكان: الولاءات بين سكان سيناء متعددة، إذ يوجد تقريبا في كل قبيلة أو عشيرة في الشمال الشرقي لسيناء حيث تشتعل المواجهات، أعضاء وأنصار ومؤيدون لتنظيمات العنف المسلحة، ومخبرون، وقبليون مسلحون موالون للنظام. هذه الولاءات الموزعة نلمسها في البدو كما نجدها في المناطق الحضرية. في الدليل الميداني لعمليات مكافحة التمرد لقوات المشاة البحرية في الجيش الأمريكي " أن عمليات التمرد تمثل تنافساً على الولاء، بين جمهور لا يتبع معظمه ولاء معينوبين آخرين إما يقفون إلى جانب النظام أو الثوار، وأن النجاح يتطلب إقناع هذا الجمهور بالاصطفاف إلى جانب قوات النظام عبر كسب قلوبهم وعقولهم"[5]. ويبدو أن الجيش قد خسر معركة الولاء في حربه مع تنظيمات العنف المسلح، نتيجة ركام من الممارسات السلطوية العنيفة بحق السكان ممتد على مدار سنوات؛ بدأت عقب الانسحاب الاسرائيلي من سيناء سنة 1982، إذ وضعت سياسات أمنية واجتماعية للمنطقة في إطار كونها تهديداً محتملاً أكثر من كونها فرصة محتملة، واعتبر السيناوي مخبر محتمل أو جاسوس محتمل أو إرهابي محتمل أو مهرب محتمل بدل من كونه مواطن. في برقية نشرها موقع ويكيليكس، قال مسئول كبير في الشرطة المصرية في سيناء لوفد رسمي أمريكي زائر "إن البدوي الجيد في سيناء هو البدوي الميت". تفاقمت السياسات القائمة على هذا التصور، في : سنة 2000 مع اندلاع الانتفاض الفلسطينية الثانية، وبعد تفجيرات نويبع وطابة في اكتوبر 2004، وبعد تفجيرات شرم الشيخ في 2005، والذي أعلنت جماعة التوحيد والجهاد في سيناء مسئوليتها عنه، وباتت السمة الرئيسية للسياسات الأمنية في هذه المنطقة الجمع بين القمع ومحاولات استقطاب الزعماء القبليين ليقدموا معلومات استخباراتية. وكانت موجات العنف الرسمي هي الردود المصاحبة لأية من هذه الأحداث. باتت هذه العلاقة القائمة على القمع والكراهية المتبادلة، راسخة في وجدان المواطن السيناوي؛ وظهرت تجلياتها عقب أحداث 3 يوليو 2013، وخاصة بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة؛ فقد قال أحد سكان الشيخ زويد، سبق أن اعتقل لمدة شهر في عام 2004، وأطلق سراحه دون أن توجه إليه تهمة: "كنا نعرف أن التعذيب في طريقه إلينا، وأنها مسألة وقت"، وفي اغسطس 2013، عقد دعاة سلفيون سنة وشخصيات عامة مؤتمراً عاماً في مدينة الشيخ زويد، طالب فيه أحد الخطباء بتشكيل مجلس حرب لدرء موجة متوقعة من القمع. وقد استغلت تنظيمات التطرف العنيف انتشار حالة من الذعر بين الأهالي في استقطابهم، فبدأت في تبني خطاب جيد يقوم عى فكرة أن التنظيم "يدافع عن مسلمي مصر ضد هجمة جيش من المرتدين". وهو ما يفسر اشتداد الهجمات الإرهابية بعد 30 يونيو 2013، فقد كان الخوف من عودة الدولة لممارسة القمع بحق الأهالي في سيناء هو الوقود المغذي لكل هذا العنف المندلع هناك.  التفسير الثالث … القدرات العسكرية للتنظيم: لم يشهد تاريخ حركات التمرد في مصر مثيلاً للقدرة القتالية لتنظيم ولاية سيناء، بما فيها التمرد المسلح في صعيد مصر في الفترة 1992 – 1997، ومواجهات الفترة 1952 – 1954 في القاهرة الكبرى[6]. يستخدم التنظيم نوعين من التكتيكات والعمليات الميدانية؛ الأول: هو التكتيكات الشائعة في عمليات "إرهاب المدن" مثل السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية والاغتيالات الفردية. والثاني: هو حرب المغاوير، وفيه تتبع وحدات صغيرة تكتيك "اضرب واهرب" ضد أهداف عسكرية وأمنية، وعادة ما تكون أسلحتها خفيفة وتتجنب أي مواجهة مباشرة ممتدة مع قوات النظام[7]. على صعيد موارد التنظيم، يمثل التسليح والتدريب والتجنيد الأركان الأهم في تدعيم نشاطاته المسلحة. يحصل التنظيم على أسلحته من ليبيا ومن الهجمات التي يشنها على قوات الجيش والشرطة. ويستمد قدراته العسكرية من ثلاث فئات من أعضائه؛ الفئة الأولى أفراد منشقون عن القوات المسلحة المصرية. الفئة الثانية: مقاتلون متمرسون في المعارك تدربو في ساحات قتال خارجية كقطاع غزة وسورية والعراق. الفئة الثالثة: متمردون محليون راكموا خبرة كبيرة على مدى العقد الماضي في المواجهات مع القوات النظامية وفي بناء شبكات دعم لوجستي[8]….

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022