انتشار الظواهر السلبية يالمجتمع المصري .. تهديد أخلاقي أم ترجمة لأفكار السيسي؟
انتشار الظواهر السلبية يالمجتمع المصري .. تهديد أخلاقي أم ترجمة لأفكار السيسي؟ تتسم مرحلة ما بعد انقلاب 30 يونيو 2013م، بقدر هائل من السلوكيات السلبية التي تفاقمت داخل المجتمع المصري حتى تحول بعضها إلى ظاهرة تستوجب المواجهة قبل خروجها عن السيطرة؛ حيث يشهد المجتمع المصري تفشيا للإلحاد والعنف والجريمة والمخدرات والانتحار والطلاق وسط مؤشرات تؤكد كثافة نشاط عبدة الشيطان والشواذ، بينما تؤكد أرقام وبيانات وزارة الداخلية تزايدا مضطردا في معدلات الجرائم وأهمها السرقة بالأكراه في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الغلاء وتآكل قيمة الأجور والمرتبات بعد قرارات التعويم الكارثية في نوفمبر 2016م، والتي أفضت إلى هبوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر دفعة واحدة، بعد أن انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بنسبة تصل إلى أكثر من 100%، وفاقم من تفشي هذه الظواهر عدة أسباب أخرى ، منها: توجهات النظام نحو رفع أسعار جميع السلع والخدمات بشكل يفوق دخول المصريين ومرتباتهم، إضافة إلى الاستبداد السياسي وقمع المعارضين واحتكار المؤسستين العسكرية والأمنية الفضاء السياسي والإعلامي والاقتصادي، وسط توجهات وسياسات تستهدف الحد من قدرة منظمات المجتمع المدني على المشاركة في مواجهة هذه الظواهروالحد من مخاطرها على المجتمع. الإلحاد.. تزايد بطيء وغياب للأرقام الدقيقة خلال الاحتفال بليلة القدر في منتصف يوليو 2015م، أدلى جنرال العسكر عبدالفتاح السيسي بتصريح مثير عن تفشي الإلحاد في عصره إذا قال:" كتير من الشباب ألحدوا مسلمين ومسيحيين قالوا مفيش ربنا بقى طب ليه مقدروش يستحملوا حجم الفتنة وحجم الإساءة وحجم الظلم اللي موجود على الأرض مستحملوش كل ده وألحدوا وأنا مش قلقان مش لأني مش غيور على الله لكن لأني عارف ان هذا الأمر سينتهي بإذن الله".[1] ولم تشهد مصر فتنة كتلك التي صنعها السيسي بانقلابه، كما لم تشهد ظلما كما شهدت في عهده من مذابح بالجملة أسفرت عن مقتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف كلهم من أنصار ثورة 25 يناير والرئيس المنتخب محمد مرسي، وحقن المجتمع بجرعات زائدة من العنصرية والظلم والكراهية أفضت إلى انقسام حاد دفع شبابا إلى الإلحاد أمام هذه الفتنة العاصفة. وتحتل مصر صدارة الدول العربية في انتشار الإلحاد كما تحتل المرتبة رقم 13 من بين أكثر الدول التي ينتشر بها العنف والإرهاب على مستوى العالم، بحسب مصادر موالية لسلطات الانقلاب تقول إنها تعتمد على تقارير لمعاهد بحثية دولية متخصصة.[2]، لكن غياب الشفافية ولغة الأرقام يجعل من الوصول إلى نسبة قريبة من الواقع بشأن عدد الملحدين أمرا صعب المنال؛ وبين المبالغة والتقزيم يتم تداول الأرقام غير الدقيقة بناء على توجهات الناشرين والمتداولين؛ فمرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، أصدر تقريرًا في مطلع ديسمبر 2014م، رصد فيه تزايد الإلحاد بين الشباب في الدول الإسلامية، ونقل المرصد عن مركز "ريد سي" التابع لمعهد "جلوبال"، أن مصر هي الأعلى عربيا في نسب الإلحاد، بلغ 866 ملحدا.[3] وأرجع أسباب ذلك إلى الحريات التي تمتع بها الشباب بعد 2011م، وانتشار عشرات المواقع الإلكترونية التي تدعو إلى الإلحاد وتدافع عن الملحدين، وفي مقدمتهم "الملحدين المصريين" و"ملحدون بلا حدود" و"جماعة الإخوان الملحدون" و"مجموعة اللا دينيين" و"ملحدون ضد الأديان"، و"ملحد وأفتخر" و"ملحد مصري"، و"أنا ملحد"، كما عزا أسباب ذلك إلى تطرف الحركات الإسلامية وتشويه صورة الدين. في المقابل، بالغ تقرير نشرته صحيفة "الصباح الكويتية" في تقدير عدد الملحدين في مصر ووصل بالرقم إلى 3 ملايين شخص من بين 80 مليونا وقتها نقلا عن دراسة أمريكية قالت الصحيفة إن مؤسسة «برسون مارستلر» الأمريكية، أجرته على الشباب من بين أعمار (15 – 24) سنة بالتعاون مع معهد «جالوب» لاستطلاعات الرأى، وجامعة «إيسترن ميتشجان» بالولايات المتحدة، وذلك بتمويل من مؤسسة «فورد»، وقد أجرى البحث «منصور عادل» بهدف تحديد عدد الملحدين والأشخاص الذين خرجوا عن أى اعتقاد دينى.[4] لكن تقرير "الصباح" بعد قراءة محتواه، تبدو عليه دلائل التلفيق للأسباب الآتية: أولا، لم يكشف عن طبيعة هذه الدراسة ولا منهجية البحث ولا على أي أساس جرى، وقراءة محتواه تكشف أنه ملفق بهدف تشويه صورة جماعة الإخوان المسلمين والزعم بأن العام الذي حكم فيه مرسي هو سبب هذا الانتشار الواسع للإلحاد في مصر؛ حيث يقدر تحول 03% من المصريين خلال سنة 2012م؛ ما يعني أن الملايين الثلاثة كلهم تحولوا إلى الإلحاد في 2012 فقط! ثانيا، ويقدر التقرير أن الإسكندرية وحدها تضم "نصف مليون ملحد" وهو رقم مهول فإذا علمنا أن عدد سكان المحافظة بلغ في يناير 2018م حوالي "5,226" ألفا [5] فإن الرقم حول عدد الملحدين هو درب من الجنون والمبالغة المفرطة. يدحض هذه المزاعم أن التيار الإسلامي بقيادة الإخوان وحتى حزب النور دائما ما حصدوا أي انتخابات نزيهة بالمحافظة فإذا كان عدد الملحدين نصف مليونا بالطبع كلهم شباب وكبار في السن فإن ذلك يخالف نتائج هذه الانتخابات التي تعتبر وثائق رسمية حول توجهات الرأي العام بالمحافظة. ثالثا، بين المبالغة والتقزيم تناولت صحيفة الجارديان البريطانية هذا الموضوع بشكل أكثر مهنية وحيادية، حيث انتقدت مرصد الفتاوى التكفيرية، الذي يتحدث عن عدد "866" ملحدا بنسبة (0.00001 %)، مشيرة إلى أنه لا يعلم أحد إحصائية دقيقة عن عدد الملحدين في مصر، الصحيفة البريطانية ذكرت أن مصر ودول العالم العربي بوجه عام تتمتع بنسبة تدين عالية، إلا أن الإحصائية الأخيرة لمرصد الفتاوى التكفيرية أثارت سخرية كلا من العلمانيين والملحدين في مصر، والذين يرون أن عدد الملحدين في مصر يتزايد ببطء. ولم تشر الجارديان مطلقا لأي دراسة أمريكية قدرت عدد الملحدين في مصر بثلاثة ملايين شخص.[6] على الرغم من نشر تقريرها بعد سنة كاملة من تقرير "الصباح الكويتية". يعزز هذه الفرضية أن إحصائية لمحكمة الأسرة المصرية نشرت في مارس 2017 أظهرت أن عدد دعاوى الطلاق خلال 2015م بسبب إلحاد أحد الزوجين أو تغيير عقيدته بلغت أكثر من 6500 قضية، وأكد محامون أن النسبة شهدت ارتفاعا بنسبة 30% أواخر 2016م[7]؛ وهو أوثق ما يمكن الاعتماد عليه؛ ما يكشف أن عدد الملحدين يقدر بعشرات الآلاف.. ويبدو من المبالغة في أرقام الملحدين توجها لصحف النظام وفضائيات يستهدف بها ابتزاز المؤسسة الدينية وخصوصا الأزهر الشريف في سياق دعاوى السيسي لتجديد الخطاب الديني، ليضمن انصياعها لتوجهاته وسياساته، كما يستهدف بها اتهام الحركات الإسلامية بالتسبب في تزايد الإلحاد والدفع عن نفسه التسبب في هذه التهمة؛ وهنا تبدو المبالغة في الأرقام لعبة ابتزاز أكثر منها معلومة تستحق البحث والدراسة؛ لكن ذلك لا يمنع من تزايد معدلات الإلحاد ببطء كما أشارت الجارديان. انتشار الجرائم والإرهاب كما احتلت مصر المرتبة الـ26 عالميا على مؤشر الجريمة العالمي 2018 (نامبيو) والثامنة أفريقيا والـثالثة عربيا؛ بسبب تفشي ارتكاب الجرائم. حيث تم رصد 1360 حالة قتل بزيادة بنسبة "130%"، و925 حالة سرقة بالإكراه بزيادة 350%،بخلاف حالات السرقة العادية بزيادة نسبتها 400%، بينما ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 500%، …