سياسات تخريب الزراعة المصرية .. المخاطر والانعكاسات

 سياسات تخريب الزراعة المصرية .. المخاطر والانعكاسات   تمارس بحق الزراعة المصرية منذ عقود سياسات عقيمة وفاشلة يمكن أن تصل أحيانا إلى حد التآمر  والذي حول مصر من دولة مصدرة للغذاء إلى دولة تستورد أكثر من 60% من غذائها، وبعد ثورة 25 يناير2011م، تطلع الشعب عبر انتخاب برلمان ممثل للشعب ثم رئيس مدني لأول مرة في تاريخ البلاد، إلى سياسات جديدة تنهض بقطاع الزراعة وتسهم في تحسين مستوى معيشة الفلاح، وتدفع البلاد نحو الاكتفاء الذاتي من الغذاء وعلى رأسه القمح الذي شهد طفرة في عام الرئيس المنتخب محمد مرسي، لكن هذه الأحلام تم وأدها بعنف بانقلاب 03 يوليو 2013م، يماثل العنف الذي استخدمه الجيش والشرطة بحق المعتصمين السلميين في ميدان رابعة العدوية والنهضة. هذا الانقلاب العسكري الدموي، أفضى إلى مزيد من الأزمات والكوارث التي أسهمت في مزيد من تخريب الزراعة ومحاصرة الفلاح بالديون من جهة وانعدام الدعم من جهة ثانية ومنعه من زراعة محاصيل اقتصادية شديدة الأهمية بذريعة ندرة مياه الري وسد النهضة مثل الأرز وقصب السكر وغيرها من جهة ثالثة، وارتفاع أسعار مستلزمات وأدوات الزراعة ما أسهم في رفع تكاليف الإنتاج من جهة رابعة؛ بعد موجات الغلاء التي ترتبت على قرارات التعويم في نوفمبر 2016م، ثم خامسا أزمة التسويق والتسعير الحكومي المجحف للفلاح في أسعار المحاصيل ما يدفعه إلى الوقوع فريسة سهلة في أيدي كبار التجار والشركات النافذة. وسادسا قرارات الحكومة التي تحاصر الفلاح وتسهم في تعزيز مافيا الاستيراد عبر  شركات كبرى  تعود ملكيتها إما إلى أجهزة نافذة بالدولة أو لجنرالات كبار  لهم نفوذ واسع وسطوة كبيرة، ولهم صلات قوية بشبكة مصالح الدولة العميقة التي تهميمن على مفاصل الدولة لحساب المؤسستين العسكرية والأمنية. وتعاني مصر من رقعة زراعية محدودة وزيادة سكانية مضطردة؛ ما أفضى إلى زيادة الفجوة إلى "60%" من احتياجاتنا من الغذاء، فمن إجمالي مساحة مصر البالغة 238 مليون فدان، لا تزيد رقعتنا الزراعية الحالية علي 8,6 مليون فدان بنسبة 3,6% فقط، ونبني منازلنا علي مساحة مماثلة في وضع غريب لشعب يعيش علي أقل من 7% من مساحة بلده ويعاني أيضاً من محدودية المياه مثلما هو الحال في محدودية الأراضي الزراعية.[1]   مستقبل الأمن الغذائي في خطر وأمام هذه السياسيات التي تدور بين الفشل والتآمر، لا تتوقف صرخات العلماء وخبراء الزراعة والري المخلصون مطالبين بإعادة هيكلة القطاع الزراعي لإنتاج مزيد من الغذاء؛ لمواجهة انخفاض نسبة الأمن الغذائى، وضرورة استغلال التربة والماء للاقتراب من  مستويات الاكتفاء الذاتي من الغذاء. فهناك فجوة غذائية فى مصر تقدر بحوالى 60% من حجم الانتاج، وللقضاء عليها يتطلب هذا الأمر زراعة 10 ملايين فدان إضافية تحتاج لـ60 مليار متر مكعب مياه.[2] فمصر حاليا تنخفض بها نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح إلى 30% (نستورد 12 مليون طن) بسبب زيادة ربح المزارع من زراعة البرسيم عن القمح، وتنخفض فى الفول إلى 30%، وفى العدس تنعدم زراعته حتى بعد ارتفاع أسعاره،  كما  نستورد 100% من احتياجاتنا من زيوت الطعام و70% من الذرة الصفراء (نستورد 8.6 مليون طن) وكلتاهما زراعات صيفية، بينما المساحات المحصولية تقتصر على زراعة الأرز فى حدود 1.5 مليون فدان، انخفضت بقرار حكومي إلى حوالي 725 ألف فدان،  والقطن فى مساحة ربع مليون فدان وهو عالى استهلاك المياه ويفوق الأرز فى استهلاكه لها، ثم نزرع الباقى بالذرة البيضاء التى لا سوق ولا حاجة لها سوى البيع فى البلاجات والكورنيش كذرة مشوى واستبدالها بالذرة الصفراء وعباد الشمس وفول الصويا حتمى ويحقق الاكتفاء الذاتى منهما بزراعة 2.5 مليون فدان ذرة صفراء و1.5 مليون فدان صويا وعباد شمس خاصة أن كسبة الصويا تباع لمصانع مصنعات اللحوم والتى تستوردها بالكامل من الخارج وبسعر لا يقل عن ثمانية آلاف جنيه للطن، بالإضافة إلى أهمية كسبة الصويا والعباد ومعهما كسبة القطن فى تصنيع الأعلاف الحيوانية والداجنة والسمكية، بينما وزارة الزراعة تعلن عن بوار 3 ملايين فدان من الأرض الزراعية فى العروة الصيفية الماضية و4 ملايين فدان فى العام السابق له بما يمثل علامة استفهام كبيرة.[3] أما عن العدس فالأمر لا يحتاج سوى لزراعة 100 ألف فدان منه شتاء لتحقيق الاكتفاء الذاتى الكامل منه وكانت مصر  واحدة من أكبر الدول المصدرة له منذ ثلاثين عاما فقط، وهى مساحة يسهل تدبيرها، وتدبير نصف مليون فدان للاكتفاء الذاتى من الفول البلدى وسط منافسة شرسة شتاء مع البرسيم بشكل أساسى ثم البنجر والقمح لأن الفلاح- وهذا من حقه- يزرع لخيواناته  قبل أن يزرع لنفسه لما تدره عليه من دخل يومى من بيع اللبن وتصنيع الجبن والزبدة، وبالتالى فالأمل فى الأراضى الجديدة الأقل استهلاكا للمياه فى التوسع الشتوى فى هذه الزراعات.   اكتفاء من الفواكهة وخسائر بالجملة أما تجاهل النظام السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية كالقمح والذرة الصفراء ، بخلاف أزمات القطن والأرز وقصب السكر، فإن مصر لا تحقق اكتفاء ذاتيا في غذائها سوى في الخضروات والفاكهة بل بإنتاج أعلى كثيرا من متطلبات السوق بما يؤدى إلى انهيار الأسعار وخسارة المزارعين، وبالتالى ينبغى ضمان حد أدنى لأسعار مختلف صنوف الخضروات والفاكهة لتحديد حد أدنى لربح المزارعين ليحافظوا معه على الأراضى الزراعية كرأس مالهم ولا يفكرون فى التخلص منها بسبب انخفاض ربحية العمل فى القطاع الزراعى وتحوله إلى قطاع غير مربح يؤدى بصغار العاملين فيه إلى السجن بسبب تراكم المديونيات وخسارات الزراعة السنوية، بسبب انخفاض الأسعار أو السياسات الخاطئة من بعض الوزراء، أو لحاجة القطاع إلى إعادة الهيكلة وتنشيط الصادرات والالتزام بالقواعد العالمية فى مواصفات سلامة الغذاء ونسب متبقيات المبيدات والأسمدة. الغريب أن بعض قرارات الحكومة تؤدي إلى خسائر فادحة للفلاحين وقطاع الزراعة عموما؛ فعلى سبيل المثال أدت سياسة وزارة التموين بحكومة الانقلاب بعدم الإعلان عن أسعار استلام القمح من المزارعين  الشتاء الماضي قبل موسم الزراعة بمدة كافية ليطمئن المزارع على سعر المحصول ودخله المتوقع، كما يحدث من عشرات السنين، وبالتالى تسبب تأجيل إعلان السعر إلى إبريل  قبيل حصاد المحصول إلى تخوف المزارعين من تربص الوزارة بهم وفرضها لسعر إذعان منخفض للقمح لا فرار للفلاح من قبوله. أدى هذه القرار العشوائي إلى هروب مزارعى القمح إلى زراعات الخضروات خاصة البطاطس والطماطم والبسلة والخيار والفلفل فانهارت أسعارها محليا لأنهم دخلوا إلى سوق مشبعة دون إرشاد زراعى يوجههم وتحملوا خسارات فادحة، وأعلنت وزارة الزراعة أن مساحة القمح المزروعة حتى الأسبوع الأخير من ديسمبر2017م  انخفضت إلى 2.1 مليون فدان بدلا من 3.3 مليون فدان فى العام  السابق؛ وبالتالى تخسر الدولة نحو 3 ملايين طن من القمح بما سيحمل الخزانة العامة للدولة أعباء استيراد كميات مماثلة، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التى تكبدها الجميع من جراء انخفاض أسعار الطماطم والبطاطس محليا وعدم تنشيط صادراتها، رغم أن مصر هى خامس أكبر منتج عالمى للطماطم ومن الدول الكبرى المنتجة للبطاطس، ويبقى…

تابع القراءة

التطبيع الصهيوني الخليجي .. اسباب وتوابع الانتقال من “السرية” إلى “العلنية”

التطبيع الصهيوني الخليجي .. اسباب وتوابع الانتقال من "السرية" إلى "العلنية"   ما سر هذا الانفتاح وهجمة التطبيع الخليجية الجماعية المتتالية علي الكيان الصهيوني؟ ولماذا نقل قادة دول الخليج هذا التطبيع من "السرية" لـ "العلنية" دون ادني قلق من رد فعل شعبي أو عربي ناقد لهم؟ وما هي تداعيات وتوابع هذا على العلاقات العربية – الصهيونية والقضية الفلسطينية؟ هل هو "انفتاح اضطراري" بعدما جمع الطرفان القلق من الربيع العربي والتيارات الاسلامية (الاخوان)، وتصاعد النفوذ الايراني في المنطقة، كما هو التبرير في الحالة السعودية؟ أم "انفتاح مصالح اقتصادية" كما ظهر في النموذج الاماراتي بتبرير فتح مكتب مصالح اسرائيلي في أبو ظبي بمنظمة "أريانا"، التي تستضيفها الإمارات وتسعي عبر هذه المؤسسة لفتح أبوابها للتقدم الغربي في مجال الطاقة المتجددة، مما يعود على اقتصادها بالنفع بعد نضوب النفط؟ أم هو "انفتاح ديني" على غرار النموذج البحريني بعدما أقام ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، حفلا خاصا في قصره، ودعا ممثلين عن الطائفة اليهودية في عيد الحانوكاه (عيد الأنوار) الخاص بالديانة اليهودية؟ أم "انفتاح مصالح سياسية" على غرار النموذج القطري، الذي يتواصل مع الاسرائيليين للتقرب من الامريكان، وتبادل المصالح السياسية بما يخدم الدور الاقليمي القطري المتزايد في شئون قضايا المنطقة؟ وهل يُصنف استقبال سلطان عمان (قابوس) لرئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو وزوجته في بلاده علنا على أنه "اختراق" في ملف العلاقات أم يبدو الامر عاديا في ضوء حقيقة أن هذه ليست أول زيارة لمسئول إسرائيلي كبير لسلطنة عمان، حيث سبق أن زار السلطنة في التسعينيات إسحق رابين وشيمون بيريز أثناء هوجة التطبيع الاولي التي ارتبطت بتوقيع اتفاقية اوسلو؟   اسباب حمي التطبيع يبدو أن هناك اسباب عديدة دفعت دول الخليج للانخراط في حمي التطبيع هذه المرة، ففي المرة الاولي وعقب انطلاق حمي التطبيع الاول عقب توقيع اتفاقيات اوسلو 1993، خدمت هذه الحمي بعدما تبين استغلال الصهاينة لها في هوجة تطبيع مع الخليج دون دفع مقابل بحل القضية الفلسطينية. أما هذه الحمي الثانية فمدفوعة بأسباب مختلفة أبرزها القلق المشترك والمتزايد من التيارات الاسلامية بعد الربيع العربي الذي كانت تخشي منه ممالك الخليج، والقلق المشترك من الخطر الايراني، وتصور الانظمة المتزايد أن التطبيع يزيد مكانة قادة الخليج لدي امريكا ويثبت دعائم حكمهم بواسطة الكفيل الامريكي. فقبل خمسين عاماً كان الحكام العرب يريدون تحرير فلسطين وإلقاء اسرائيل في البحر، واليوم يتوسلون الى إسرائيل كي تبقيهم على عروشهم وان لا ترميهم في البحر. بيد أن تطورات الاحداث كشفت أن حمى التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل كما عكست ذلك زيارة نتنياهو لعمان ومشاركة رياضيين صهاينة في فعاليات في قطر والإمارات وزيارات مسؤولين من البحرين والسعودية لتل أبيب تمثل تجسيدا لهذه القناعة الخاطئة القائمة على أن مثل هذا السلوك يعزز مكانة أنظمة الحكم في هذه الدول لدى واشنطن.  فما حدث هو استدامة الابتزاز الأمريكي الصهيوني، دون أن يحمي ذلك هذه الأنظمة كما ظهر في أول اختبار جدي، مثلما هو حال محمد بن سلمان حاليا، عقب ازمة قتل خاشقجي، فلم تنفع هذه الوصفة ولي العهد السعودي الذي تهاوت أسهمه لدى واشنطن بعد قضية خاشقجي على الرغم من أنه خرج عن طوره في إرسال رسائل الغزل للصهاينة.   التطبيع وصفقة القرن كان أكثر ما حير المراقبين هو قيام نتنياهو بزيارته الحالية لسلطنة عمان في هذا التوقيت، وحرص وزير الخارجية العماني علي نفي ان يكون هدف الزيارة قيام بلاده بـ "الوساطة" بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وقول يوسف بن علوي "إن السلطنة تطرح أفكارا لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب لكنها لا تلعب دور الوسيط". ولكن ما قاله الوزير العماني المسؤول عن الشؤون الخارجية لاحقا – بحسب ماء جاء في رويترز-خلال قمة أمنية في البحرين بعد يوم من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان من أن "بلاده تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها دونالد ترامب في العمل باتجاه صفقة القرن"، أثار علامات استفهام كثيرة. فمعني تصريح الوزير العماني أن الزيارة ليست من اجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط كما قيل، وإنما في إطار دور تلعبه سلطنة عمان وباقي ممالك الخليج لتنفيذ صفقة القرن. ومرافقة رئيس "الموساد" الإسرائيلي، يوسي كوهين، ومستشار الأمن القومي، مائير شبات، ومدير عام وزارة الخارجية والسكرتير العسكري لرئيس الحكومة، آفي بلوت، لنتنياهو في الزيارة تفسر جانبا من هذا، باعتبارهم المسئولين عن اهم الملفات الامنية والسياسية. وجاء تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في نفس المؤتمر إن "بلاده ترى أن عملية السلام هي مفتاح تطبيع العلاقات مع إسرائيل"، ليشير لأن مشكلة انظمة الخليج ليست في اخطاء الفعل السياسي المفضوحة للعالم، وإنما في تنفيذها اجندات غالباً لم تضعها وربما لم يتاح لها الفرصة لفهمها، ومطلوب منها تنفيذها، والاشكالية الأكبر دائماً في تقديم المبرر لهذا، وحصره في خدمة عملية السلام دون توضيح كيف ستخدم هذه الخطوات التطبيعية المجانية هذا السلام؟ وما هي الادوار الأخرى غير المعلنة لأنظمة الخليج في خدمة هذا السلام أو صفقة القرن بمعني ادق.   تداعيات التطبيع المجاني ظلت نظرية التطبيع العربي الصهيوني قائمة على تبادل "الارض مقابل السلام"، وأن يكون تطبيع الخليج مع الدولة الصهيونية لاحق – لا سابق – لحل القضية الفلسطينية، وحتى المبادرة العربية التي تبنتها السعودية في التسعينات كانت قائمة على هذه النظرية. ولكن ما حدث لاحقا كان الهرولة العربية نحو تطبيع أنظمة الخليج مع الصهاينة بتصورهم أن اسرائيل هي بوابتهم لقبول الرضا الامريكي والغربي عن عروشهم، بما عزز مواقف اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يري أنه لا حاجة لتقديم ثمن مقابل التطبيع لأن الخليجيين هم الذين يحتاجون اسرائيل وليس العكس. بعبارة أخري اصبحت تل ابيب بالنسبة للعديد من الانظمة الخليجية هي مصدر التكنولوجيا اللازمة لمراقبة شعوبهم (فضيحة شراء السعودية والامارات ودول اخري برامج تجسس الكترونية صهيونية)، وأصبحت تل ابيب هي مصدر المرتزقة الذين يحمون عروش هذه الدول وهي بوابة الرضا الامريكي بفعل اللوبي الصهيوني. فلسان حال اليمين الصهيوني يقول: العرب يتنافسون على التطبيع معنا على الرغم من الاستيطان وتهويد القدس والعدوان المتواصل ورفضنا الاستجابة لأبسط متطلبات تسوية الصراع، فلماذا ندفع مقابل هذا التطبيع المجاني؟ ويقولون ان عبد الفتاح السيسي وملك الاردن، ورئيس السلطة الفلسطينية يشجعون هذه الأنظمة الخليجية على التطبيع، عبر التعاون الأمني مع الاحتلال. ويشار هنا لما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا من أن السعودية ساعدتهم في تمويل العديد من الأشياء المتعلقة بإسرائيل، كما تعج الصحف الاسرائيلية بالمقالات المرعوبة من ابعاد محمد بن سلمان من ولاية العهد ويعتبرون بقاؤه مهم لإسرائيل ولمصالح الدولة العبرية. ومن التداعيات الأخرى وأخطر ما في هذه العلاقات، الجانب المخفي منها وما الذي ينتظره شعوب المنطقة من مثل هذه العلاقات التي تخالف ارادة الشعوب وقوانين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي وتخذل مئات المنظمات عبر العالم التي…

تابع القراءة

دلالات مشاركة مصر في بناء سد “ستيجلر جورج” على النيل بتنزانيا

 دلالات مشاركة  مصر في بناء سد "ستيجلر جورج" على النيل بتنزانيا   ظلت الاستراتيجية المصرية تجاه دول حوض النيل تقوم على قاعدتين: (الاولي): عدم السماح ببناء أي سدود على نهر النيل إلا بموافقة مصر، وعزز هذا بنود اتفاقيتي 1929 و1959 بين دول الحوض التي أعطلت لمصر حق "الفيتو" أي الاعتراض، على بناء دول أعالي النيل أي سد على النهر خشية أن يحرمها من تدفق المياه من دول اعالي النيل الي جول المصب (مصر والسودان). و(الثانية): تحديد حصة سنوية لمصر تعادل 55.5 مليار متر مكعب و18.5 للسودان، ومن ثم عدم السماح باي انشاءات أو مشاريع على النهر تؤثر على الحصة السنوية. لهذا اعتمدت الاستراتيجية المصرية، نهجي "العصا" مع الدول الافريقية التي تفكر أو تشرع في مشاريع تتعارض مع هاتان القاعدتان، و"الجزرة" بوضع خطط بديلة للتعاون مع الدول الافريقية وحل مشاكلها بما لا يؤدي لتصاعد العداء بينها وبين مصر، مثل بناء محطات للكهرباء تعمل بالوقود، بما يصرف عن اذهان الافارقة إقامة سدود لتوليد الطاقة الكهربائية، أو دعم مشاريع الاستفادة من مياه الامطار والزراعة. لهذا لم ترفض مصر مبدأ بناء السدود على ضفاف النيل، وإن كانت تفضل عدم بناءها وتطرح حلولا بديلة، وكانت تشترط الالتزام بالاتفاقات التاريخية لعامي 1929 و1959 والتي تضمن حقوقها وتعطيها حق الاعتراض (الفيتو)، ومراقبة هذه المشاريع حتى لا تؤثر علي حصتها المائية. بل أنها ساهمت بالفعل في بناء بعض السدود الافريقية وكانت تسعي لكي تقوم هي بالبناء كنوع من المراقبة وضمان عدم تأثير هذه السدود علي حصة مصر المائية، ولكن جميع السدود التي أنشئت على مجرى نهر النيل بموافقة مصر كانت "سدود كهرباء" لا تحجز مياه النهر أو تمنعه من الوصول إليها. ففي سبتمبر 2018، أعلنت مصر عن قيامها بتنفيذ مشروع لإنشاء 5 سدود خاصة بحصاد مياه الأمطار بمناطق متفرقة بأوغندا، خلال لقاء وزير الري المصري محمد عبد العاطي، مع وزير المياه والبيئة الأوغندي سام شيبتوريس، وفق وكالة الأنباء المصرية الرسمية (أ ش أ). ايضا فاز تحالف مصري يضم شركتي المقاولون العرب والسويدي اليكتريك بعقد تنفيذ أكبر سد في أفريقيا بدولة تنزانيا على نهر روفيجي بارتفاع 130 متر لتوليد 2.1 جيجاوات من الكهرباء بتكلفة 3 مليار دولار وسيحضر السيسي مراسم وضع حجر أساس المشروع. وأعلنت شركة المقاولون العرب أن العطاء رسا عليها لتصميم وتشييد سد "ستيجلر جورج" وان السيسي ساعد الشركة في الحصول على صفقة تصميم وبناء السد ويشارك في حفل تدشينه، رغم المنافسة الشرسة جدا في السوق الإفريقي للمقاولات بين شركات تركية وصينية وهندية، بالإضافة للشركات الأوروبية. ومن السدود الأخرى التي وافقت  مصر على بناءها – لتوليد الكهرباء-"سد جنجا" في أوغندا على مخرج بحيرة فيكتوريا وقناة جونجلي في جنوب السودان التي لم تكتمل بسبب اعتراض الجنوبيين والتي كانت مصر تريد الاستفادة منها في حجز المياه التي تهدر في منطقة المستنقعات والأحراش بفعل التسرب والبخر. و"سد جبل الأولياء" على النيل الرئيسي جنوب الخرطوم وقد أقامته مصر عام 1933 وسعته 3 مليارات متر مكعب يمكن الاستفادة منها في أشهر الصيف. وعلى النيل الأزرق شيد سدان هما: «سنار» جهة الخرطوم، والروصيرص بالقرب من الحدود السودانية المصرية وهذا السد أنشئ طبقا لاتفاقية مصر والسودان 1959 التي منحت لمصر 55 مليار متر مكعب من مياه النيل و18,5 مليار متر مكعب للسودان وسد الروصيرص تم تشييده ليكمل حصة السودان.   هجوم سدود أفريقي برغم هذه الاستراتيجية المصرية التي اعتمدت على العلاقات الجيدة مع دول أعالي النيل، واغراءها بمشاريع بديلة تعويضا عن أي مشاريع محلية تتعلق بمياه النيل، بدأت اثيوبيا واوغندا تقودان حملة تمرد على الموقف المصري وتعلنان ان الاتفاقيات التاريخية الخاصة بحصة مصر السنوية وحق الفيتو على بناء أي سدود، غير ملزمه لهما لأن من وقعها مع مصر هو الاحتلال البريطاني الذي كان يحكم افريقيا حينئذ. وجاء تزامن هذا التمرد الافريقي مع تزايد الانسحاب والغياب المصري عن افريقيا، وانشغال مصر في ثورة يناير، ومع خطط صهيونية قديمة تقوم على محاربة مصر على أعالي النيل للسيطرة على ماء الشرب ومن ثم التحكم في رقبة مصر، عبر لعب نفس الدور المصري في تقديم الهدايا والمشاريع للدول الافريقية. وكانت كارثة توقيع قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي علي اتفاقية الخرطوم 2015 الخاصة بالموفقة على بناء سد النهضة، بمثابة تخلي رسمي مصري عن أقوى اسلحة القاهرة فيما يخص ملف مياه النيل، وهي اتفاقيات المياه التاريخية 1929 و1959، والتخلي عن حصة مصر السنوية وحقها في الفيتو على بناء أي سد. وانعكست تنازلات ثم ضعف القرار المصري والقيادة السياسية في التعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي على انهيار الجدار الامني والسياسي الذي بنته مصر في وجدان الحكومات الافريقية بانه لا يمكن بناء السدود دون موافقة مصر، ما فتح الباب على مصراعيه أمام دول حوض النيل للمسارعة في بناء السدود، حتى أن كلا من أوغندا وتنزانيا أعلنوا بناء 16 سدا جديدا على النيل الأبيض. فأوغندا هددت من قبل بإنشاء 12 سدًا، لمرور أنهار عديدة بها تنبع من بحيرتى فيكتوريا وكايوجا، وتصب في بحيرات ألبرت وإدوارد وجورج، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على حصة مصر والسودان من مياه النيل الأبيض التي تصل إلى 12 مليار متر مكعب، مناصفة بين مصر والسودان. وحتى حينما اغرت اثيوبيا دول حوض النيل بتوقيع اتفاقية عنتيبي (الاتفاق الاطاري) كبديل لاتفاقيات 1929 و1959، بغرض النص على اقتسام موارد النيل بين الدول المطلة عليه (ومن ثم عدم الاعتراف بحصة مصر السنوية الثابتة)، خالف هي نفسها نص الاتفاقية على أنه إذا أرادت أي دولة بناء سد، فإنها ملزمة بعقد اجتماع للدول الـ 11 المشتركين في حوض النيل، وتبدى رغبتها في بناء سد جديد ثم تأخذ التصويت بالأغلبية، بعد أن كان في السابق بالإجماع، حيث ضربت إثيوبيا بنص الاتفاقية عرض الحائط وأخذت قرارها المنفرد.   دلالات السد التنزاني في ضوء ترويج نظام السيسي لدوره في بناء وتشييد سد تنزانيا، والتكثيف الاعلامي حول عدم رفض مصر بناء دول افريقيا السدود، يمكن استخلاص الدلالات التالية: 1-    تحول السلطة في مصر نقل رسالة قوية للدول الافريقية أنها لا تعارض بناء السدود، بل تساعد في إنشائها، ما لم تضر بمصالحها، وذلك ردا على الدعاية الاثيوبية الاوغندية القديمة والمستمرة بأن مصر تتحكم في مياه النيل لنفسها ولا تستفيد منه الدول التي يمر النهر بأرضها، ومن ثم تحرم الافارقة من الاستفادة من مياه النيل. 2-    رغم وجاهة الرسالة المصرية بشأن عدم ممانعتها في بناء دول اعالي النيل للسدود، في بث الطمأنينة في قلوب الافارقة وتحسين صورة مصر التي جري تشويهها عمدا من دول افريقية، لتبرير خرق الاتفاقات التاريخية وبناء عدة سدود علي النيل، إلا أنها "رسالة متأخرة"، لأن دول النيل شرعت بالفعل في بناء عشرات السدود دون انتظار موافقة مصر أو رفضها، ودعم هذا تخلي مصر…

تابع القراءة

تطورات قضية خاشقجي هل تؤثر على المنطقة وتضرب تحالف “الثورة المضادة”؟

 تطورات قضية خاشقجي هل تؤثر على المنطقة وتضرب تحالف "الثورة المضادة"؟   "السعودية ما بعد قتل خاشقجي، ستكون غير السعودية ما قبل مقتل خاشقجي"، فـ"المنطقة بعد الاعتراف السعودي بجريمة قتل خاشقجي، لن تصبح كما هي قبل جريمة القنصلية". هذه هي النتيجة والرؤية المرشحة للبقاء كما يراها خبراء ومراقبون بعد انقشاع دخان الحريق الذي ما زال مشتعلا منذ قتل الصحفي السعودي علي يد استخبارات بلاده، بحسب اعتراف النائب العام السعودي، ومطالبة الرئيس التركي اردوغان للسعودية بمحاكمة المتورطين علي ارض تركيا، واحراجه للرياض بالسؤال عن مكان جثة خاشقجي ومن "المتعهد" الذي تسلم منهم الجثة؟ خلال كلمته الثلاثاء، أمام حزب التنمية والعالة التركي.. قصة خاشقجي لن تنتهي بإعلان موته، ولكن ستتبعها تداعيات عدة أبرزها: الاوراق التركية التي تحتفظ بها انقره ولم تكشفها ربما لاستخدامها لاحقا.. ومكاسب "الصحافة والاعلام"، التي يعتبر البطل الاول في هذا الانتصار وكشف القتلة، وهي مكاسب ستحظى قطر منها بجانب، سياسيا وإعلاميا، بعدما اثبتت قناة الجزيرة أنها لا تقل أهمية كأداة ضغط قوية، عن صحيفة "واشنطن بوست" التي اسقطت الرئيس نيكسون وتتهم ترامب الان بانه "فاسد ومنحرف ومنبطح" أمام الديكتاتوريين. فإذا كان لقصة الكشف عن تفاصيل جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي من بطلٍ، فهو الصحافة المكتوبة هذه المرة، بعدما قررت صحف "واشنطن بوست” و"نيويورك تايمز"، خوض المعركة إلى الآخر، والتحقت بهما صحف أخرى، كشفوا جميعا عن قدرة كبيرة على التأثير وعلى الحد من جموح رؤساء مثل دونالد ترامب على المساومة على الحقيقة مقابل مليارات الدولارات. ويبدو أن أبرز هذه التداعيات وأعنف هزاتها نتيجة قضية خاشقجي، ستكون هي مستقبل "تحالف الثورة المضادة" في المنطقة من انهيار محتمل، أو ضعف، منذ سيطرته على المنطقة بعد انقلاب السيسي 2013 وسعي ثلاثي هذا التحالف (مصر والسعودية والامارات) لإجهاض الربيع العربي في كافة الدول التي هبت رياحه عليها. لهذا لو استطاع هذا التحالف (الثورة المضادة) الخروج من الازمة الحالية دون خسائر كبيرة (كما يجري الترتيب لذلك حاليا في الخليج والغرب بسيناريوهات خروج مختلقة متعددة من الازمة)، فسيخرج هذا التحالف أكثر توحشا، وقمعا، ودموية مما سبق، أما إذا تم إزاحة ابن سلمان من ولاية العهد، أو إضعافه بما لا يسمح له سوي القيام بدور ثانوي، ومن ثم تدمير أحد أبرز أضلع هذا المثلث، فقد تكون هذه بداية النهاية لذلك التحالف، مع ما سيتبع هذا من ترتيبات إقليمية مختلفة تؤثر على مصر. فقبول الرياض مبدئيا بتحميل نفسها مسئولية القتل، (رغم محاولة التملص بإظهار ان من فعلوا ذلك، قاموا به من بنات افكارهم، وبالمخالفة لموقف القيادة السعودية والمتهم الاول محمد بن سلمان)، وقمع الاعلام الامريكي لصفقات ترامب المشبوهة لتمرير الجريمة، معناه توقع ترتيبات إقليمية جديدة، وتداعيات ذلك ستكون ليس فقط على السعودية ولكن على المصالح المصرية والاماراتية ايضا. صحيح أن التوجهات السعودية، التي ظهرت في سلسلة قرارات الملك سلمان، نحت باتجاه إظهار أن تغيير وابعاد نجله عن ولاية العرش غير مطروح على الإطلاق، وأن فكرة طرح خلفاء له في منصبه، غير وارده، ببساطة لأن الملك سلمان بذل جهدا كبيرا من أجل إزاحة الاسماء المرشحة كبديل، منذ وصوله إلى الحكم. بعبارة أخري، ستؤدي كل حلقة من حلقات الثورة المضادة بدءا بالقتل الجماعي في مصر واليمن وسوريا وليبيا مرورا بالأزمات كالأزمة الخليجية وانتهاء بالاغتيالات الفردية كحادثة خاشقجي، الى تراكم وعي الأمة وتزايد عزمها على احداث التغيير في الوقت الذي تزداد الأنظمة ضعفا وانكشافا وتصدعا. إلا أن هناك توقعات أن يعين الملك سلمان في وقت لاحق وعقب تبريد ازمة خاشقجي، نجله خالد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد، تمهيدا لعزل "محمد"، لان عزل نجله الان معناه تقديمه للمقصلة الدولية. فالأسماء المرشحة لخلافة "محمد بن سلمان" في ولاية العرش هم: أحمد بن عبد العزيز وهو أصغر أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ويشتهر بين انصاره بعقلانية واتزانه، وهو من مؤيدي إنهاء الحرب على اليمن، وتخفيف الحصار عن قطر. وولي العهد السابق "محمد بن نايف" الذي أزاحه الملك سلمان بعد وصوله للحكم لفتح المجال لابنه محمد، والذي يعد (نايف) حليفا أمنيا وثيقا لواشنطن، تربطه علاقات وثيقة مع الإدارات الأميركية المختلفة ومع البنتاغون، وحائز على ميدالية "جورج تينت" التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب. أما المرشح الثالث، فهو سفير السعودية في واشنطن خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر لمحمد بن سلمان، نظرا لأن الملك سلمان لا يريد أن يخرج الحكم عن أبنائه، وقد يعين "ولي ولي العهد" كمرحلة مؤقتة أو وليا للعهد بشكل مباشر. ومع هذا كشف مصدر دبلوماسي لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الخميس الماضي أن لجنة الحكماء في العائلة الحاكمة في السعودية قد اجتمعت في سرية تامة، وتضم هذه اللجنة أكثر أفراد العائلة الملكية تأثيرا، من بين الذين يتولون إدارة السلطة في البلاد، ما يطرح تساؤلات حول اسباب اجتماعها. وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن أزمة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي "من شأنها أن تكلف محمد بن سلمان منصبه في ولاية العرش وتخلق أزمة سياسية تهز المملكة العربية السعودية". ورغم غمز الرئيس التركي في خطابه الاخيرة (الثلاثاء 23 أكتوبر) من قناة محمد بن سلمان بتأكيده أن الـ 18 الذين اعلنت الرياض مسئوليتهم لا يمكن أن يتحركوا من بنات افكارهم وان الاستخبارات التركية تؤكد هذا، وهي إشارة ضمنية لاتهام محمد بن سلمان، ولكن مع ترك الامر يسير نحو مزيد من احكام حلقات الخناق حول رقبة ولي العهد دون أن تصل العلاقات التركية السعودية لحافة الانهيار. الثورة المضادة من فشل إلى فشل أكبر ارهاصات هذا الترهل والضعف لتحالف الثورة المضادة، رصده العديد من المراقبين في صورة وعي جماهيري متزايد بفشل فريق "الثورة المضادة" في بلادهم وعجزهم عن تحقيق أي اختراق أو انجاز يخفف من أزمات الشعوب، رغم أن هذا الفريق قدم نفسه وهو ينقلب على ثورات الربيع العربي علي أنه "المنقذ من إخفاقات مرحلة الربيع العربي"!. لذلك يري الفيلسوف التونسي ابو يعرب المرزوقي أن اللحظة الراهنة هي لحظة التأرجح بين الثورة المضادة التي تريد استعادة "حالة السكون" والموت تحت إرهاب المافيا والخوف، و"حالة الغليان" والثورة والفوضى التي تنتج عنه حتما. ويبدي تفاؤله بانهيار الثورة المضادة، وأنه الأرجح "لأن الثورة المضادة نراها من فشل إلى فشل أكبر"، ولأن "خاشقجي أنهى ركن الثورة المضادة الركين". ويضيف "المرزوقي": "سواء تدارك أهل الحرمين أمرهم فخرجوا مما يحاك لهم مستفيدين من الحدث فيتحرروا من حماقات اميرهم الغبي أو لم يفعلوا، فإن الأحداث لا يمكن أن تواصل مجراها الذي تقدم على استشهاد خاشقجي، وإذا بقيت الإمارات وحدها فهي أعجز من أن تواصل الثورة المضادة دون السعودية. لهذا لا يُستبعد أن تصبح قضية خاشقجي نقطة تحول في تاريخ المنطقة، وانهيار لفكر ترامب عن "حلب" المنطقة، وفرض "صفقة القرن"، مع تراجع تحالف الثورات المضادة. فالسيسي…

تابع القراءة

ترجمة دراسة أوروبية بعنوان “مستقبل الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط 2020”

 ترجمة دراسة أوروبية بعنوان "مستقبل الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط 2020"   حددت الدراسة أربعة سيناريوهات لمستقبل الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط بناء على التفاعلات بين الدور الأمريكي والاتحاد الأوروبي والقوي الكبري والفاعلين الاقليمين الهامين خصوصاً السعودية وإيران. وفيما يلي نعرض للسيناريوهات الاربعة التي عرضتها الدراسة. السيناريو الأول: دور نشط للولايات المتحدة الأمريكية داخل الشرق الأوسط المتقلب. تتحول الولايات المتحدة بحلول منتصف عام 2020،  من نهج  التدخل الحذر الذى اتبعته إدارة أوباما، تاركة بعض الآثار السياسية العسكرية داخل الشرق الأوسط الأوسع، إلى احتواء الأزمات التى اندلعت فى سوريا والعرق واليمن ولبنان  فى آواخر 2010، إلا أن الإدارة الأمريكية وشركائها عجزوا عن تحقيق السلام فى المنطقة، على الرغم من استمرار إيران فى تنفيذ خطة العمل المشتركة، فضلاً عن العلاقة مع المملكة السعودية ، حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى التماهى مع المصالح السعودية فى ظل ضرورة الحفاظ على علاقات مستقرة مع إيران. يستمر التنافس ما بين إيران والسعودية، حيث يُنظر لإيران على أنها السبب فى زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة، فعلى الرغم من التزام إيران بتنفيذ خطة العمل المشترك، إلا أن المملكة السعودية لا تزال غير واثقة فى النوايا الإيرانية، خصوصاً مع استكمال إيران لبرنامجها النووي. إن توتر العلاقات السعودية- الإيرانية، يجعل من الصعوبة بمكان إيجاد تسوية دولية لتحديد مصير نظام الأسد، على الرغم من المحاولات المستميتة من الولايات المتحدة للتوسط فى عملية السلام، حيث أن استمرار الحرب فى سوريا يخلق صراعا بالوكالة بين إيران والمملكة السعودية ، بما فى ذلك حلفاء كلاً منهم، فى محاولة لجذب حزب الله اللبنانى بعيداً عن ساحة  المعركة فى سوريا، حيث عملت المملكة السعودية لسنوات على تقديم دعمها للسنة النشطين فى المناطق الحدودية فى لبنان، الذى بدوره أثار ردود الأفعال من حزب الله والجيش اللبنانى مما فاقم التوترات بين المجتمعات المحلية المتوترة بالفعل. القوى الكبرى فى المنطقة، المملكة السعودية، مصر، إيران، تركيا، لم تتأثر كثيرا بالخلافات فى المنطقة، على الرغم من تعقد الوضع فى تركيا بسبب الحرب الأهلية التى يخوضها حزب العمال الكردستانى. حيث أن الانتعاش التدريجى لسعر النفط مع أوائل عام 2020، سوف يساعد فى تحسين اقتصاد الدول المصدرة له، وهو أحد الأسباب المهمة،  كما أن العراق قد استطاع بفضل النجاحات التى تحققت ضد داعش وإستعادة معظم المحافظات الغربية، أن يحقق الاستقرار من الناحية الأمنية. يختلف هذا السيناريو عن الوضع فى عام 2016، حيث كانت تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق الاستقرار فى المنطقة بشتى الوسائل، بما فى ذلك العسكرية منها، إلا أنها عجزت عن تحقيق السلام فى سوريا ووقف الحرب، وأصبحت داعش تمثل العدو المشترك لمعظم البلاد فى المنطقة، هذا أسهم فى انتقال الحرب إلى لبنان، وبالتالى وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة لإعادة الانخراط من أجل تحقيق الاستقرار فى المنطقة، حيث أسهمت الفوضى وفراغ السلطة فى لبنان، إلى ترسيخ المنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وهو ما لا تسمح الولايات المتحدة بوجوده. كما أن هناك خطر حدوث أعمال عدائية مفتوحة بين إيران والمملكة العربية السعودية كسبب لاستمرار استخدامهم للعملاء بالوكالة وتصاعد الخلافات الثنائية، وبصرف النظر عن عواقب ذلك على المنطقة، فإنه يضع الاتحاد الأوروبى فى موقف صعب للغاية، حيث سيكون له تداعيات واسعة النطاق في مجموعة من المجالات السياسية والاقتصادية . حتى لو تم تجنيب الحرب بين القوى الإقليمية، فإن تدفقات الهجرة التى يتم تمكينها جزئيا وتغذيها بسبب الحرب الأهلية، سيجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبى الاستجابة لها.   السيناريو الثاني: تعاظم الصراعات بين القوى العظمى.  أهم الاسباب الرئيسية خلف تصعيد الصراعات بين القوى العظمى يتمثل فى انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، واستمرار النزاع بين إيران والمملكة العربية السعودية بحلول منتصف عام 2020، كما حدت الولايات المتحدة بشكل كبير من تواجدها العسكرى في الشرق الأوسط. فهناك العديد من التطورات مجتمعة معاً قد تسببت بهذا. فلم تعد الولايات المتحدة تعتمد على الشرق الأوسط في الحصول على الطاقة. وكانت تنطوى نظرية  "ذروة النفط " ، كما كان يطلق عليه في أوائل عام 2000 ، على النفاد الوشيك  لمصادر الطاقة الهيدروكربونية ، ولكن اتضح  فيما بعد أن ذلك كان من باب إساءة التفسير. ونظراً للتحسينات التى اُدخلت علي  تكنولوجيا استخراج البترول  ووجود الاحتياطات الضخمة من الغاز غير التقليدي ، أصبحت الولايات المتحدة مكتفية ذاتيا فيما يخص مصادر الطاقة. وبيد أن الصين, وهى أكثر أهمية من  الحديث حول مسألة موارد الطاقة,  تتصرف بشكل أكثر حزما  في بحار الشرق وبحر الصين الجنوبى. وبالتالى فمن الصعب الضغط على الولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها في شرق آسيا وتحديد مدي أولوية الدخول هناك ، بما في ذلك التوسع فى تواجدها العسكرى . إن استمرار التحديات في الهيكل الأمنى الأوروبى  من جانب روسيا ​​وتضارب المصالح الدائم بين روسيا والغرب يعني أن المزيد من الإمكانات العسكرية الأمريكية مقيدة في أوروبا. مع سحب الولايات المتحدة لقواتها العسكرية من الشرق الأوسط، فإنها تترك فراغاً في السلطة في المنطقة. وتحاول كلا من روسيا وبدرجة أقل الصين بشغف ملء هذا الفراغ، وكذلك إيران والسعودية. ونتيجة لذلك، أصبحت منطقة الشرق الأوسط تنقسم بصورة متزايدة إلى مجالات للمصالح. إن عجز المجتمع الدولي عن إيجاد طريق للمضي قدماً نحو إنهاء الحروب في الشرق الأوسط قد تفاقم  بسبب استمرار التوتر المتصاعد بين إيران والمملكة العربية السعودية. وهذا يعني أن الحروب في سوريا والعراق واليمن  لن تُحل فى عام 2020؛ مما يترتب علي ذلك استمرار عدم الاستقرار في كافة أنحاء الشرق الأوسط. وبسبب تصاعد التوترات بين القوى العالمية الكبرى ، لا يزال المجتمع الدولي في مأزق وغير قادر على الاتفاق على نهج مشترك يؤدي إلى إنهاء الأعمال العدائية. وفي المملكة العربية السعودية ، يزداد قمع الأقلية الشيعية في البلاد , وتحاول الحكومة السعودية التعامل مع ضغوط مقاومة التقدم الإيراني في الساحة الإقليمية ومجابهة التأثير المتزايد للجماعات الإرهابية المناهضة للسعودية في نفس الوقت. ويتصاعد السخط الشعبي عندما تخفق المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى سلوكها القمعي تجاه الشيعة ، في ردع الهجمات الإرهابية التي تستهدف الأهداف الشيعية  داخل حدود البلاد. تعافى الاقتصاد الإيراني ببطء عقب تنفيذ الاتفاق النووي في عام 2015، ولكن استمرار سوء إدارة الاقتصاد وفضائح الفساد المتكررة تسبب الاحتكاك. وقد يتم استبدال أيه الله الخامنئي بمتشدد متطرف ، هذا وبالإضافه إلى تبنيه موقف أيديولوجي أكثر راديكالية من سلفه فإنه يفتقر أيضا إلى البراغماتية والمهارة لتحقيق التوازن بين النخب الإيرانيه ضد بعضها البعض. وقد يسُمح لمعسكر أية الله السياسي الجديد بأن يصبح مؤثراً وذو نفوذ بشكل غير متناسب. السيناريو الثالث: تقارب العلاقات الإيرانية_السعودية والقيادة الأمريكية يشهد العالم تقدما كبيرا نحو علاقات أكثر استقرارا وأقل عرضة للنزاعات، حيث كانت القيادة الأمريكية فى رعاية صفقات السلام مفتاحاً لجلب الحروب فى سوريا والعراق واليمن، وبالتالى…

تابع القراءة

بعد اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين.. العلاقات المصرية الروسية من التحالف إلى التبعية

 بعد اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين.. العلاقات المصرية الروسية من التحالف إلى التبعية   تتجه العلاقات المصرية الروسية، بعد 75 عاما على انطلاقها منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما في 26 أغسطس عام 1943، باتجاه تدشين حلف روسي مصري جديد يواجه تحديات داخلية مشتركة لنظامي بوتين والسيسي، وأخرى خارجية تتعلق بالمنطقة العربية والرغبة الروسية في إعادة النفوذ السوفيتي القديم سواء عبر اتفاقات عسكرية أو تعاون اقتصادي على غرار السد العالي، وفي ظل وضع دولي تسوده أجواء حرب باردة جديدة. وإذا كانت المدة ما بين عامي 1950-1960 تعتبر هي فترة العلاقات الذهبية بين القاهرة وموسكو، حيث استطاعت مصر بمساعدة الاتحاد السوفياتي بناء 97 منشأة صناعية كبرى، بما في ذلك السد العالي في أسوان، ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومصنع الغزل والنسيج وغيرها، كما اصبحت تعتمد عسكريا بالكلية على السلاح الروسي، فالفترة الحالية، منذ انقلاب السيسي العسكري 2013، وتعاظم التعاون العسكري والاقتصادي بين النظامين، تشهد عودة لهذا الحلف القديم بنفس الادوات تقريبا. العلاقات من الصعود للهبوط للصعود في ظل الحرب الباردة بين القطبين السوفيتي والامريكي، على مدار الستينات والسبعينات، والعداء المصري مع امريكا، ساعد السوفييت مصر بالسلاح في حروب عام 1967 و1973 بعدما راهن عليهم الرئيس السابق جمال عبد الناصر. وشهدت العلاقة تطورات بارزة بعد ثورة يوليو عام 1952، حيث ساند الاتحاد السوفييتي مصر بقوة في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، ثم تقاربت سياسات الدولتين عالمياً في مساندة حركات التحرر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتخلص من الاستعمار الغربي، وكذلك في دعم تجمعات العالم الثالث كحركة عدم الانحياز وغيرها. وعلى الصعيد الثنائي كان الاتحاد السوفييتي أكبر مساند لمصر عالمياً وأمدها بالأسلحة والمعدات العسكرية والدعم السياسي المطلق، ما ساهم في انطلاق حرب أكتوبر عام 1973 التي خاضتها مصر بسلاح روسي في المقام الاول. ايضا ساعد آلاف الخبراء السوفييت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية الكبرى مثل مصانع الحديد والصلب، ومجمع الألومنيوم، وتحويل خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، وعمل نواة لمفاعلات نووية سلمية في انشاص، وتعاون في مجال صناعة السيارات ومحطة كهرباء أسوان، وتم في مصر إنجاز 97 مشروعاً صناعياً بمساهمة الاتحاد السوفيتي. وسرعان ما انهار هذا الصعود في العلاقات في عام 1976، حين قام السادات بالرهان على واشنطن وقال قولته المشهورة "99.9% من اوراق اللعبة في يد أمريكا"، ليتبع ذلك تقليص العلاقات السياسية والعسكرية السوفيتية المصرية، وطرد الخبراء العسكريين السوفييت، ثم طرد السفير السوفياتي من القاهرة في سبتمبر عام 1981. وعقب اغتيال السادات وتولي حسني مبارك، اتجهت مصر منذ عام 1982، لسياسة التطبيع التدريجي للعلاقات مع الاتحاد السوفياتي (الاتحاد الروسي)، وفى مايو 1990، زار مبارك موسكو في زيارة رسمية، تم خلالها التوقيع على العلاقات طويلة الأجل بين الجانب السوفيتي والمصري في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعاون العلمي والتكنولوجي بين البلدين. ومع بداية رئاسة فلاديمير بوتين، بدأت روسيا في إعادة بناء العلاقات مع بلدان الشرق الاوسط والعودة تدريجيا الي المنطقة العربية في محاولة لاستعادة النفوذ العسكري والتجاري، ولقي ذلك هوي لدي القاهرة سواء في عهد مبارك، مع تزايد تدهور علاقته بأمريكا على خلفية المصالح وملف حقوق الانسان، أو عهد الرئيس مرسي رغبة في توازن العلاقات بين القوي الكبرى. وجاء انقلاب السيسي وحاجته الي دعم دولي، قدمه له الروس (في ظل فتور إدارة اوباما السابقة تجاه سلطة الانقلاب)، ليدفع ذلك السيسي إلى أحضان بوتين، الذي استغل الفرصة وأغدق صفقات السلاح على نظام السيسي وعرض تنفيذ مشروعات اقتصادية وأخرى على غرار السد العالي مثل بناء 7 مفاعلات نووية، مقابل محاولة استعادة النفوذ السوفيتي القديم بما في ذلك القواعد العسكرية في سيدي براني وغيرها. لذلك شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطوراً كبيرا عقب انقلاب 3 يوليه 2013 بدأت بزيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014. وتوالت هذه الاجتماعات بانتظام بصيغة «2+2»، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان. اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين في تقرير لـ "هيئة الاستعلامات"، التي تحولت علي يد رئيسها الحالي ضياء رشوان، الي جهة عليا لتجهيز التقارير التي تمتدح السلطة وتوزعها على الصحف لنشرها، ركزت الهيئة على ما قات أنه "العديد من المؤشرات التي تؤكد أن هذه القمة بين الرئيسين سوف تدشن لمرحلة جديدة على طريق تطوير العلاقات بين البلدين، والتفاهم السياسي بين القيادتين". فهذه هي الزيارة الرابعة للسيسي إلى روسيا منذ زيارته الأولى لها كوزير للدفاع في عام 2014، كما أن هذا هو اللقاء التاسع بين السيسي وفيلاديمير بوتين خلال هذه الفترة. واللقاءات الثمانية التي سبقت هذا اللقاء التاسع بين الرئيسين السيسي وبوتين، كان (أولها) في عام 2014 حين زار السيسي روسيا بصفته وزيراً للدفاع مع وزير الخارجية آنذاك لطلب دعم الانقلاب العسكري في مصر، وأعلن السيسي في ذلك الوقت، المقابل لذلك وهو "ان زيارته لموسكو بمثابة انطلاقة جديدة للتعاون العسكري والتكنولوجي بين مصر وروسيا". واللقاء (الثاني) كان في أغسطس عام 2014 كأول زيارة للسيسي بعد اغتصابه الرئاسة، إلى روسيا وتم الاعلان فيها عن إقامة منطقة صناعية روسية كجزء من المشروع الجديد لقناة السويس. وجاء اللقاء (الثالث) في فبراير 2015 حين زار الرئيس فلاديمير بوتين مصر لمدة يومين، ووقع البلدان العديد من الاتفاقيات خلالها في مختلف المجالات، وخلال هذه الزيارة أقام السيسي حفل عشاء خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برج القاهرة باعتباره رمزاً للصداقة التاريخية بين البلدين في الستينيات. وعقد اللقاء (الرابع) في مايو 2015 خلال زيارة السيسي الثانية كرئيس لمصر إلى روسيا، للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 70 لانتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية. وفي أغسطس 2015 جرى اللقاء (الخامس) خلال زيارة السيسي لموسكو، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين وأعقبها اللقاء (السادس) في سبتمبر 2016 على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها مدينة هانجشو الصينية. ثم التقي السيسي وبوتين مرة (سابعة) على هامش قمة مجموعة البريكس، التي عقدت بمدينة شيامن الصينية سبتمبر 2017، والتقوا للمرة (الثامنة) في ديسمبر 2017 حين قام بوتين بزيارة مصر وقع خلالها اتفاق مشروع الضبعة النووي بين مصر وروسيا. أما سبب توقع تدشين هذه القمة مرحلة جديدة من علاقات البلدين فيرجع الي: 1-    هذه القمة تُعقد وقد انقشع – أو كاد ينقشع تماماً – غبار حادث سقوط طائرة الركاب الروسية، خاصـــة بعـــد أن عـــادت رحلات الطيران الروسي إلى القاهرة، بل ومن المنتظر أن تغلق هذه الزيارة ما بقي من تداعيات هذا الملف بالاتفاق على عودة رحلات الطيران السياحي الروسي إلى المنتجعات المصرية (شرم الشيخ والغردقة). 2-    وصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 6.5 مليار دولار سنوياً الأمر الذي يضع…

تابع القراءة

بعد اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين.. العلاقات المصرية الروسية من التحالف إلى التبعية

 بعد اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين.. العلاقات المصرية الروسية من التحالف إلى التبعية   تتجه العلاقات المصرية الروسية، بعد 75 عاما على انطلاقها منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما في 26 أغسطس عام 1943، باتجاه تدشين حلف روسي مصري جديد يواجه تحديات داخلية مشتركة لنظامي بوتين والسيسي، وأخرى خارجية تتعلق بالمنطقة العربية والرغبة الروسية في إعادة النفوذ السوفيتي القديم سواء عبر اتفاقات عسكرية أو تعاون اقتصادي على غرار السد العالي، وفي ظل وضع دولي تسوده أجواء حرب باردة جديدة. وإذا كانت المدة ما بين عامي 1950-1960 تعتبر هي فترة العلاقات الذهبية بين القاهرة وموسكو، حيث استطاعت مصر بمساعدة الاتحاد السوفياتي بناء 97 منشأة صناعية كبرى، بما في ذلك السد العالي في أسوان، ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومصنع الغزل والنسيج وغيرها، كما اصبحت تعتمد عسكريا بالكلية على السلاح الروسي، فالفترة الحالية، منذ انقلاب السيسي العسكري 2013، وتعاظم التعاون العسكري والاقتصادي بين النظامين، تشهد عودة لهذا الحلف القديم بنفس الادوات تقريبا. العلاقات من الصعود للهبوط للصعود في ظل الحرب الباردة بين القطبين السوفيتي والامريكي، على مدار الستينات والسبعينات، والعداء المصري مع امريكا، ساعد السوفييت مصر بالسلاح في حروب عام 1967 و1973 بعدما راهن عليهم الرئيس السابق جمال عبد الناصر. وشهدت العلاقة تطورات بارزة بعد ثورة يوليو عام 1952، حيث ساند الاتحاد السوفييتي مصر بقوة في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، ثم تقاربت سياسات الدولتين عالمياً في مساندة حركات التحرر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتخلص من الاستعمار الغربي، وكذلك في دعم تجمعات العالم الثالث كحركة عدم الانحياز وغيرها. وعلى الصعيد الثنائي كان الاتحاد السوفييتي أكبر مساند لمصر عالمياً وأمدها بالأسلحة والمعدات العسكرية والدعم السياسي المطلق، ما ساهم في انطلاق حرب أكتوبر عام 1973 التي خاضتها مصر بسلاح روسي في المقام الاول. ايضا ساعد آلاف الخبراء السوفييت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية الكبرى مثل مصانع الحديد والصلب، ومجمع الألومنيوم، وتحويل خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، وعمل نواة لمفاعلات نووية سلمية في انشاص، وتعاون في مجال صناعة السيارات ومحطة كهرباء أسوان، وتم في مصر إنجاز 97 مشروعاً صناعياً بمساهمة الاتحاد السوفيتي. وسرعان ما انهار هذا الصعود في العلاقات في عام 1976، حين قام السادات بالرهان على واشنطن وقال قولته المشهورة "99.9% من اوراق اللعبة في يد أمريكا"، ليتبع ذلك تقليص العلاقات السياسية والعسكرية السوفيتية المصرية، وطرد الخبراء العسكريين السوفييت، ثم طرد السفير السوفياتي من القاهرة في سبتمبر عام 1981. وعقب اغتيال السادات وتولي حسني مبارك، اتجهت مصر منذ عام 1982، لسياسة التطبيع التدريجي للعلاقات مع الاتحاد السوفياتي (الاتحاد الروسي)، وفى مايو 1990، زار مبارك موسكو في زيارة رسمية، تم خلالها التوقيع على العلاقات طويلة الأجل بين الجانب السوفيتي والمصري في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعاون العلمي والتكنولوجي بين البلدين. ومع بداية رئاسة فلاديمير بوتين، بدأت روسيا في إعادة بناء العلاقات مع بلدان الشرق الاوسط والعودة تدريجيا الي المنطقة العربية في محاولة لاستعادة النفوذ العسكري والتجاري، ولقي ذلك هوي لدي القاهرة سواء في عهد مبارك، مع تزايد تدهور علاقته بأمريكا على خلفية المصالح وملف حقوق الانسان، أو عهد الرئيس مرسي رغبة في توازن العلاقات بين القوي الكبرى. وجاء انقلاب السيسي وحاجته الي دعم دولي، قدمه له الروس (في ظل فتور إدارة اوباما السابقة تجاه سلطة الانقلاب)، ليدفع ذلك السيسي إلى أحضان بوتين، الذي استغل الفرصة وأغدق صفقات السلاح على نظام السيسي وعرض تنفيذ مشروعات اقتصادية وأخرى على غرار السد العالي مثل بناء 7 مفاعلات نووية، مقابل محاولة استعادة النفوذ السوفيتي القديم بما في ذلك القواعد العسكرية في سيدي براني وغيرها. لذلك شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطوراً كبيرا عقب انقلاب 3 يوليه 2013 بدأت بزيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014. وتوالت هذه الاجتماعات بانتظام بصيغة «2+2»، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان. اللقاء التاسع بين السيسي وبوتين في تقرير لـ "هيئة الاستعلامات"، التي تحولت علي يد رئيسها الحالي ضياء رشوان، الي جهة عليا لتجهيز التقارير التي تمتدح السلطة وتوزعها على الصحف لنشرها، ركزت الهيئة على ما قات أنه "العديد من المؤشرات التي تؤكد أن هذه القمة بين الرئيسين سوف تدشن لمرحلة جديدة على طريق تطوير العلاقات بين البلدين، والتفاهم السياسي بين القيادتين". فهذه هي الزيارة الرابعة للسيسي إلى روسيا منذ زيارته الأولى لها كوزير للدفاع في عام 2014، كما أن هذا هو اللقاء التاسع بين السيسي وفيلاديمير بوتين خلال هذه الفترة. واللقاءات الثمانية التي سبقت هذا اللقاء التاسع بين الرئيسين السيسي وبوتين، كان (أولها) في عام 2014 حين زار السيسي روسيا بصفته وزيراً للدفاع مع وزير الخارجية آنذاك لطلب دعم الانقلاب العسكري في مصر، وأعلن السيسي في ذلك الوقت، المقابل لذلك وهو "ان زيارته لموسكو بمثابة انطلاقة جديدة للتعاون العسكري والتكنولوجي بين مصر وروسيا". واللقاء (الثاني) كان في أغسطس عام 2014 كأول زيارة للسيسي بعد اغتصابه الرئاسة، إلى روسيا وتم الاعلان فيها عن إقامة منطقة صناعية روسية كجزء من المشروع الجديد لقناة السويس. وجاء اللقاء (الثالث) في فبراير 2015 حين زار الرئيس فلاديمير بوتين مصر لمدة يومين، ووقع البلدان العديد من الاتفاقيات خلالها في مختلف المجالات، وخلال هذه الزيارة أقام السيسي حفل عشاء خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برج القاهرة باعتباره رمزاً للصداقة التاريخية بين البلدين في الستينيات. وعقد اللقاء (الرابع) في مايو 2015 خلال زيارة السيسي الثانية كرئيس لمصر إلى روسيا، للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 70 لانتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية. وفي أغسطس 2015 جرى اللقاء (الخامس) خلال زيارة السيسي لموسكو، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين وأعقبها اللقاء (السادس) في سبتمبر 2016 على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها مدينة هانجشو الصينية. ثم التقي السيسي وبوتين مرة (سابعة) على هامش قمة مجموعة البريكس، التي عقدت بمدينة شيامن الصينية سبتمبر 2017، والتقوا للمرة (الثامنة) في ديسمبر 2017 حين قام بوتين بزيارة مصر وقع خلالها اتفاق مشروع الضبعة النووي بين مصر وروسيا. أما سبب توقع تدشين هذه القمة مرحلة جديدة من علاقات البلدين فيرجع الي: 1-    هذه القمة تُعقد وقد انقشع – أو كاد ينقشع تماماً – غبار حادث سقوط طائرة الركاب الروسية، خاصـــة بعـــد أن عـــادت رحلات الطيران الروسي إلى القاهرة، بل ومن المنتظر أن تغلق هذه الزيارة ما بقي من تداعيات هذا الملف بالاتفاق على عودة رحلات الطيران السياحي الروسي إلى المنتجعات المصرية (شرم الشيخ والغردقة). 2-    وصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 6.5 مليار دولار سنوياً الأمر الذي يضع…

تابع القراءة

قراءة في زيارة السيسي لاجتماعات الأمم المتحدة

قراءة في زيارة السيسي لاجتماعات الأمم المتحدة   في مشهد يبدو مكرراً كل عام حرص السيسي علي أن يحضر الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة وأن يلقى بنفسه كلمة مصر، تلك الزيارة التى يصاحبها ترتيبات خاصة بالاستقبال، خوفاً من مواقف المعارضة التي تحرص على الحشد وللتنديد بوقائع الزيارة ولفضح جرائم السيسي في الولايات المتحدة وإظهاره بمظهر الديكتاتور الذي أطاح بالنظام الديمقراطي في مصر. إلا أنه وكالعادة حرص السيسي علي أن يسبق الزيارة الترتيبات المعتادة لمواجهة حشد المعارضة، إلا أن الوضع هذه المره يبدو مختلفاً، إذ سبقت الزيارة ولأول مره زيارة البابا تواضروس إلي الولايات المتحدة لتهيئة الأجواء لاستقبال السيسي هذه الأيام، خاصة بعد تراجع الدعم الشعبي والخارجي له، وفقدان الثقة في إمكانية حدوث تحول استراتيجي في مصر خلال فترة الحكم الراهن، ما يعني أن النظام بات يستشعر الخطر في زياراته الخارجية، مما يدفع الأجهزة للبحث عن بدائل لتعويض الشعبية المتراجعة. وترجع تخوفات النظام هذه المرة نتيجة لأحكام الإعدام التى صدرت بحق عدد كبير من معارضيه وتأييدها من قبل محكمة النقض، والنقد الدولي خاصة من قبل مؤسسات الأمم المتحدة للنظام بسبب هذه الأحكام، مما يجعله في حاجه إلي أي دعم لتقوية مواقفه في الأمم المتحدة. ولذلك نلحظ أن السيسي قد حاول خلال كلمته أن يعظم من خطر الإرهاب، بل ويدعو المجتمع الدولي للتصدي لهذا الخطر، وأن يتكاتف الجميع من أجل القضاء عليه، وكأنه يحاول إقناع المجتمع الدولي بمشروعية إجراءاته الديكتاتورية بحق المعارضة، وان يصف ذلك وكأنه جزءاً من حربه ضد الإرهاب. كما حرص علي أن تبدو ومصر وكأنها تقوم بدور كبير في مساعدة الأمم المتحدة في حل القضايا والأزمات المشتعلة في المنطقة خاصة ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو ما يتعلق بالأزمة في ليبيا وسورية واليمن، وذلك بالرغم من محدودية الدور المصر في تلك القضايا وتبعيتها في حلها إلي الولايات المتحدة. ومن الأمور الملفتة التى ركز عليها أهمية التوسعات التى قام بها في محور قناة السويس، وكأنه يحاول لفت انظار العالم للقناة بعد تراجع أهميتها علي الصعيد العالمي خاصة بعد تدشين خط سكك حديد طريق الحرير الواصل بين الصين ودول شرق آسيا والعالم الخارجي والذي أفقد قناة السويس الكثير من أهميتها. والواضح أن السيسي اعتمد في زيارته للولايات المتحدة علي الدعم الأمريكي الكبير لنظامه، والذي وضح في ردود الفعل الصادرة عن البيت الابيض عقب لقائه بترامب، والتى تصب في صالح دعم النظام الحالي والتعويل علي دوره في اتمام صفقة القرن المرفوضة عربياً وفلسطينيا، لما لها من انعكاسات خطيرة علي مستقبل القضية الفلسطينية. ويعني ذلك أن النظام الحالي يجيد أداء الدور المطلوب منه، ويحظى برضا الراعي الأمريكي، لذلك فهو يمضي في سياساته الديكتاتورية غير عابئ بحدة الانتقادات الدولية والأممية الصادرة ضد نظامه، لذا لا يتوقع أن تتغير تلك السياسات علي الأقل خلال فترة وجود الرئيس ترامب في البيت الأبيض.    

تابع القراءة

“حج” الأقباط إلى القدس .. بين البزنس والتطبيع

 "حج" الأقباط إلى القدس .. بين البزنس والتطبيع   «مفيش حرام وحلال عندنا أصلًا».. كانت هذه هي إجابة  البابا تواضروس الثاني، بابا الكرازة المرقسية والكنيسة الأثوذوكسية المصرية، على سؤال أحد الأقباط: «هل السفر إلى القدس حلال أم حرام؟»[1] وذلك خلال زيارته لكنيسة السيدة العذراء والشهيد أبوسيفين في مدينة بيلفيل بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، في سبتمبر الماضي 2018م، والتي تزامنت مع مشاركة جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسي في فعاليات الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ولمزيد من التوضيح، أضاف البابا: «في عام 1967 حدثت الحرب والنكسة وإسرائيل احتلت القدس ومن يومها مابقاش فيه زيارات وتجدد الموقف في حبرية البابا شنودة، ولكن الكنيسة لها مدارس وكنائس ولنا مطران هناك ومن القرن الـ12 الميلادي كان الفلسطينيون عايشين على الزيارات التي مثلت مصدر دخل، ولما توقفت الزيارات حدثت مشكلة والرئيس أبومازن دعا المصريين لزيارة القدس لأن هذا يساعد الفلسطينيين، ولهذا السبب سألني البعض عن إمكانية زيارة القدس كهدية قدمها أبناؤهم لهم، فقلت لهم الكبار من 60 سنة فما فوق يروحوا، وأنتم تقدروا تروحوا وتزوروا المطرانية القبطية هناك، وإحنا بنبعت رهبان وراهبات للزيارة هناك أيضًا». هذه الإجابة يحاول من خلالها البابا التهرب من الاتهامات التي تواجه الكنيسة بالتصميم على التطبيع مع الكيان الصهيوني في مخالفة واضحة لقرار المجمع المقدس الذي تلا  هزيمة 67 واحتلال الصهاينة للقدس، ورغم أن بيانات وتصريحات الكنيسة والمتحدثين الإعلاميين باسمها تمضي في إطار النفي المطلق لأي توجهات نحو التطبيع مع الصهاينة إلا أن الحقائق على الأرض تؤكد عكس ذلك. وهذه بعض الشواهد والأدلة التي تكشف عن  التوجهات الحقيقية للكنيسة.   البابا في القدس "2015" الدليل الأهم على توجهات الكنيسة نحو التطبيع، هو الزيارة التي قام بها حبر الأرثوذوكس الأعظم البابا تواضروس، للقدس صباح الخميس 26 نوفمبر 2015م، على رأس وفد كنسي رفيع المستوى يضم وقتها مطران دمياط وكفر الشيخ الأنبا بيشوي، أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون الأنبا صرابامون، أسقف ورئيس دير الأنبا أنطونيوس في البحر الأحمر الأنبا يسطس، أسقف ورئيس دير مار مينا في مريوط الأنبا كيرلس آفا مينا، أسقف وسط الجيزة الأنبا ثيئودوسيوس، سكرتير البابا القس أنجيلوس إسحق، والأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط جرجس صالح. هذه الزيارة مثَّلت تدشين مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة وخروجها عن الإجماع الشعبي الرافض لأي إجراء تطبيعي مع الاحتلال الصهيوني، رغم عقد النظام اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، وعلى الرغم من تبرير الكنيسة للزيارة باعتباره  «رعوية»  واستثنائية من أجل إقامة الصلاة على روح مطران القدس، الأنبا أبراهام، وأنها لا تمثل خرقًا لموقفها التاريخي، منذ البابا شنودة لناحية التمسك بعدم التطبيع ولو كان دينياً، إلا أنها، عملياً، كسرت الخط الأحمر وإن كان طابعها رعويًا. [2] ومع الإعلان عن الزيارة، واجهت الكنيسة انتقادات لتوجهات البابا تواضروس، وأن الزيارة تعد انتهاكًا واضحًا، خصوصًا أنها تأتي بعد 25 عاماً من قرار المجمع المقدس في 26 مارس/آذار 1980، بمنع سفر الحجاج المسيحيين إلى القدس كنوع من رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وسعت الكنيسة للرد على هذه العاصفة بالتشديد على الطابع الرعوي للزيارة، وقال المتحدث باسم الكنيسة القس، بولس حليم، إن الكنيسة لم ولن تغير موقفها من زيارة القدس، وزيارة البابا تواضروس التي تُعد الأولى، منذ العام 1967، لبابا الإسكندرية إلى الأراضي المحتلة، هي زيارة رعوية لأبرشية القدس من دون أيّ أبعاد سياسية. لكن الزيارة اعتبرت خطوة مقصودة وليست عفوية من جانب البابا؛ لكسر قرار منع زيارة المدينة المقدسة، ومن ثم بدء زيارة المواطنين الأقباط؛ حيث كان يمكن للبابا أن يرسل وفدا ينوب عنه لكن البابا فضل القيام بالزيارة بنفسه متناسيا رمزية دوره الروحي كحبر أعظم للكنيسة الأرثوذوكسية. وبنظرة أوسع، نجد أن زيارة البابا للقدس في أواخر 2015، جاءت في سياق محلي وإقليمي تقوده النظم الحاكمة نحو تكثيف مظاهر وإجراءات التطبيع كرد لجميل الصهاينة الذين دعموا انقلاب 03 يوليو 2013م على المسار الديمقراطي في مصر، فخلال هذه الفترة صوتت حكومة العسكر في مصر  لصالح انضمام إسرائيل للجنة الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي لأول مرة في التاريخ، ثم المفاوضات لتوسيع نشاط اتفاقية الكويز في المنتجات الغذائية مع إسرائيل وأميركا، ثم مشاركة إسرائيل في عمليات البحث عن الطائرة الروسية في سيناء، وتوقيع اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل، وأخيراً زيارة البابا إلى القدس"؛ فكلها  مشاهد وإجراءات تمضي في سياق واحد هو مكافأة الاحتلال على دعمه اللا محدود لنظام انقلاب 3 يوليو في مصر. وكانت أزمة الشرعية هي البوابة التي انطلقت منها العلاقات المصرية الإسرائيلية. فاللوبيات الإسرائيلية قدمت دعماً سياسياً غير مفتوح لنظام الانقلاب، ويبدو أن جزءاً أساسياً من ثمن هذا الدعم هو مزيد من التطبيع في العلاقات، واستثمار ذلك في التطبيع مع المزيد من الدول العربية. ولعل قضية تيران وصنافير هي بوابة خلفية لتشكيل علاقات مباشرة لأول مرة بين السعودية وإسرائيل بوساطة مصرية غير مباشرة. كما كان هناك منعطفات أخرى في مشهد التطبيع، كإعادة فتح السفارة الإسرائيلية في القاهرة في 2016، وإرسال سفير مصري إلى تل أبيب بعد 4 أعوام من سحب السفير أثناء عدوان 2012 على غزة. وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إسرائيل وما صاحبها من تصريحات ودية، وحديث  السيسي عن سلامٍ دافئٍ مع إسرائيل أثناء افتتاحه لأحد المشروعات في أسيوط 2016.   زيادة  حجاج الأقباط وبزنيس الكنيسة الدليل الثاني على توجهات الكنيسة في ظل قيادة البابا تواضروس نحو التطبيع وعدم الاكتراث لرد الفعل الشعبي الغاضب من مواقف الكنيسة الأخيرة، أنه بالرغم من  موقف الكنيسة الرسمي الرافض لزيارة القدس، استنادا للقرار الصادر عن المجمع المقدس للكنيسة في 26 مارس 1980 برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث، إلا أنه للعام الثاني على التوالي، ينظم المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي التابع للكنيسة، بشكل علني، رحلات لحج الأقباط إلى القدس، عبر الشركة التابعة للمركز الذي يرأسه الأنبا أرميا الأسقف العام بالكنيسة، وأعلنت الشركة الكنسية عن برنامج زيارة القدس لعام 2019، مقدمًا، وكان المركز نظم تلك الرحلة عام 2018 عبر شركة أخرى. وبعد زيارة البابا مباشرة، زادت أعداد الأقباط نحو القدس، وبلغ عددهم في 2016 نحو 6 آلاف بخلاف حوالي "1500" آخرين من أقباط المهجر، وافدين من أمريكا وأوروبا، وكانت جميع الرحلات قبل 2018 تتم عبر شركة "آير سينا" التي نقلت في 2015 نحو 4430 حاجاً إلى القدس على متن طائراتها. وتتنافس نحو 26 شركة لتنظيم حج المسيحيين.[3] وكشف عضو الجمعية العمومية لغرفة الشركات السياحية، المشرف على الحج للقدس صبري يني، أن الإقامة ستكون بفنادق بيت لحم أو القدس". موضحا أن أسعار الرحلات تتراوح بين 13 و20 ألف جنيه بارتفاع نحو 6 آلاف عن 2015، ويتم الحصول على تصريح الزيارة من وزارة السياحة". ويبدأ برنامج الحجاج المسيحيين لزيارة المعالم المسيحية في مدينة القدس خلال إبريل…

تابع القراءة

بين “صفقة القرن” وفشل العملية الشاملة… سيناء إلى أين؟

 بين "صفقة القرن" وفشل العملية الشاملة… سيناء  إلى أين؟   بإصرار عجيب يمضي الجنرال عبدالفتاح السيسي ونظام الانقلاب العسكري في مصر، نحو إعادة ترسيم ملامح شبه جزيرة سيناء وتغيير البنية الاجتماعية والديمغرافية؛ بما يفضي إلى تفريغ شمال سيناء من سكانها؛ في الوقت الذي يقوم فيه ببناء مدن سكانية بلا سكان! ما يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول تبني النظام هذه السياسات «الغامضة» تمهيدا  لتنفيذ صفقة القرن الأمريكية وبما يحقق أعلى عائد ممكن للسيسي من جهة و لبيزنس المؤسسة العسكرية من جهة أخرى على مستويين:  الأول فيما يتعلق بمشروعات التنمية التي لا يرى المواطنون لها أثرا رغم المخصصات الضخمة التي تبلغ مئات المليارات،  والثاني من خلال استمرار  أمد الحرب التي يوظفها النظام من أجل تحقيق عدة مكاسب مادية وسياسية. إزاء ذلك؛ تسود حالة من القلق والغموض بين جموع المصريين بشأن مستقبل شبه جزيرة سيناء في ضوء تحولات صفقة القرن الأمريكية والتي تستهدف تكريس التفوق الإسرائيلي في المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية بمنح القدس للصهاينة عاصمة أبدية لكيانهم المغتصب، وإسقاط حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.  أسباب هذا التخوف والغموض على مستقبل سيناء يتعلق أولا بعدم اعتراف النظام بفشل العملية الشاملة بعد مرور 8 أشهر على انطلاقها، رغم أن الدلائل والمؤشرات تؤكد تورط النظام والمؤسسة العسكرية في حرب عصابات تستنزف البلاد، ويبدو أن عدم قدرة الجيش بما لديه من إمكانات على حسم هذه الحرب مثيرا للدهشة التي ترتقي إلى حد الصدمة؛ إلا إذا كان النظام لا يريد حسم هذه الحرب ويريد استمرارها لتوظيفها سياسيا واقتصاديا لصالحه. هذا بخلاف المزاعم التي يطلقها النظام حول دحر ما يسمى بالإرهاب وتطهير سيناء من المسلحين وهو ما تكذبه الوقائع والشواهد. ثمة غموضا أخر يتعلق بملف التنمية، والذي تم تخصيص 275 مليار جنيه له حتى 2022 وهو ما يثيرا تساؤلات حول دور بزنس المؤسسة العسكرية التي تتولى كل مشروعات التنمية في سيناء والتي لا يرى لها المواطنون  أثرا يسهم في تحسين مستوى معيشتهم أو تحقيق تنمية حقيقية واستقرار مأمول بات بعيد المنال لأسباب تتعلق بفشل سياسات النظام. خصوصا وأن ثمة مؤشرات على تراجع الحكومة السعودية عن تعهداتها السابقة بهذا الشأن وتوجه النظام نحو التمويل الدولي ودعم العواصم الكبرى وعلى رأسها واشنطن توظيفا لدور النظام في تمرير صفقة القرن الأمريكية، ورؤية البيت الأبيض المتعلقة بغزة أولا   وعلاقة ذلك بشمال سيناء على وجه الخصوص في ظل مقترحات أمريكية جديدة  تتعلق بضم قطاع غزة إلى شمال سيناء لتكون تحت الادارة المصرية عبر إقامة مشروعات تنموية في سيناء لخدمة أهالي القطاع؛ ما يعني تحكم النظام المصري في لقمة عيش الفلسطينين ومنحه القدرة على ترويض قطاع غزة  وتحقيق الأمن للكيان الصهيوني الذي سيتفرغ لالتهام الضفة الغربية بعد إلقاء حمل غزة على الجانب المصري.   رؤية النظام وحوار المتحدث العسكري في حوار أجراه العقيد أركان حرب تامر الرفاعي المتحدث العسكري للقوات المسلحة، مع قناة "العربية السعودية"[1] وتم بثه مساء الثلاثاء 16 أكتوبر الجاري 2018م، كشف فيه المحددات الحاكمة للنظام في سيناء ومواجهة ما يسمى بالإرهاب كما بث بعض التحولات والأسرار المتعلقة بما يجري في شمال سيناء في ظل التعتيم  الإعلامي الذي يفرضه النظام على تغطية ما يجري هناك، واشتمل الحوار على المضامين الآتية: أولا، الزعم بأن «العملية الشاملة»  نجحت بشكل كبير، بالإضافة لتأمين كافة الاتجاهات الاستراتيجية الأخرى، والمنطقة غرب وادي النيل والظهير الصحراوي بفضل جهود القوات المسلحة والشرطة المدنية ، مضيفا أن الشرطة تفرض حاليا السيطرة بالكامل على المدن والقرى التي تم تطهيرها. وأنه تم استهداف أكثر من 450 إرهابيا، منذ بدء العملية الشاملة سيناء 2018 ، وتم اكتشاف 15 نفقا وعددا كبيرا من الدراجات النارية ومزارع المواد المخدرة. كما تم إلقاء القبض على العديد من المشتبه بهم الصادر بحقهم أحكام جنائية، مدعيا أنه يتم الإفراج السريع عن كل ما لم يثبت تورطه فيما وصفها بأعمال إرهابية. وتم اكتشاف أكثر من ٣٠٠٠ فتحة نفق منذ الحرب على ما يسمى بالإرهاب منهم ١٥ فتحة خلال العملية الشاملة. ثانيا، يبرر  طول أمد الحرب في سيناء ويعزوه إلى عاملين: الأول  حرص الجيش والشرطة على الحفاظ على حياة المدنيين منذ بدء المعركة في شمال ووسط سيناء، مدعيا اتباع المعايير الدولية لحماية المدنيين والالتزام بقواعد الاشتباك المتعارف عليها، وأن استخدام السلاح الجوي كان بعيدا عن اماكن تجمع المدنيين. والثاني هو الدعم الخارجي الذي يتلقاه المسلحون في سيناء سواء بالسلاح أو التمويل أو الدعم اللوجيستي والمعلوماتي، مدللا على ذلك بأنه  "كان هذا واضحا عندما ضبطنا عددًا من الأسلحة المتطورة، والعملية الشاملة هي على كافة الاتجاهات و تستهدف أيضا قطع الإمداد عن "الإرهابيين". ثالثا، الزعم بأن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها في معظم مناطق شمال ووسط سيناء، وأن قوات النظام تحظى بدعم كبير من جانب المواطنين والأهالي وإمدادهم بالدعم المعنوي والمعلوماتي "يعملون عيونا للقوات النظامية". وهو التوجه الذي بدأ منذ شهر  يونيو الماضي،  حيث أزالت القنوات الفضائية شعار العملية الشاملة «#سيناء_ 2018» واستبدلته بشعار «#خليك_مع_مصر_اكتشف_استثمر»، بعد أن استمر شعار العملية الشاملة على مدار خمسة أشهر لا يفارق أعلى يسار شاشات التليفزيون منذ بدايتها في مطلع فبراير الماضي[2]. رابعا،  التأكيد على أن مشروعات تنمية سيناء تسير بالتزامن مع العمليات العسكرية، موضحًا  أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مكلفة بـ٣١٠ مشروعات في شمال سيناء في كافة المجالات بتكلفة ١٩٥ مليار جنيه تم الانتهاء من ١٤٥ مشروعا حتى الآن في مجالات الطرق والإسكان والتعليم والكهرباء والصحة ومحطات تحلية المياه. وأنها كذلك مكلفة بـ١٥ مستشفى ووحده صحية انتهت من تنفيذ ٩ منهم، بالإضافة إلى تطوير ٥٣ مدرسة ومعهد وجامعة، مكملًا: «بالاضافة إلى ٥٤ مشروع مياه تم الانتهاء من ٢٣ منهم، وكذلك مشروعات لرفع كفاءة شبكات الكهرباء». وكان جنرال الانقلاب عبدالفتاح السيسى، أصدر منتصف مارس الماضي، قرارًا  برقم 107 لسنة 2018؛ بتشكيل لجنة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مساعد السيسي للمشروعات القومية، تختص باتخاذ الإجراءات القانونية لطرح أراضى مشروع تنمية سيناء لاستخدامها بما يحقق التنمية فى شبه جزيرة سيناء.  وقد جاء هذا القرار بعد دعوة السيسي  خلال كلمته بافتتاح قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب فبراير 2018،جميع المواطنين ورجال الأعمال بالتبرع لصندوق تحيا مصر للمساعدة في توفير التمويل اللازم لتنمية سيناء. وذكر السيسي أن عملية التنمية الشاملة في سيناء بدأت بالفعل منذ عام 2014 ومستمرة حتى عام 2022، وأن تكلفة تنمية وتطوير سيناء ستصل إلى إجمالي 275 مليار جنيه[3]. ويعزز ذلك توجهات النظام نحو المؤسسات  الدولية، والمفاوضات لاقتراض مليار دولار من البنك الدولي؛ وهو ما  فتح أبواب التساؤلات حول مصير الاتفاقيات الموقّعة بين مصر والسعودية في 2016 لتمويل مشروعات تنمية سيناء، بما في ذلك إنشاء جامعة باسم العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز  في محافظة شمال سيناء والتي تنازل بمقتضاها الجنرال عن جزيرتي "تيران وصنافير". ووفقا لمصادر مطلعة بالحكومة…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022