الانقلاب الجنوبي وتأثيره علي استقرار اليمن

بعد فترة قصيرة علي سحب الامارات بعض قواتها من اليمن الجنوبي، وقيامها بتدريب أعداد كبيرة من القوات الجنوبية ودعمها الكبير للمجلس الانتقالي الجنوبي، نجح المجلس الانتقالي في السيطرة علي عدن العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية، وإعلان رفضه الانسحاب بالرغم من الضغوط الشكلية التي تحاول أن تظهرها السعودية والامارات خوفاً من ردة الفعل اليمنية الشعبية ضد التحالف الذي تقوده السعودية، وخوفا من أن يصب ذلك في صالح جماعة الحوثي التي نجحت علي مدار ست سنوات في التصدي للضربات التي يوجهها التحالف السعودي لقواعدها في اليمن الشمالي.

وبعد تلك الخطوة المتوقعة منذ فترة بالرغم من كثرة التساؤلات الخاصة بالموقف الاماراتي في اليمن، تكون الصورة قد اتضحت بشكل أكبر بالنسبة للمجتمع الدولي وللمتابع للتطورات في اليمن، إذ تعكس تلك الخطوة رغبة إماراتية حقيقية في السيطرة علي اليمن الجنوبي ومن ثم السيطرة علي السواحل اليمنية في الجنوب وضمان تسيير مصالحها بالشكل الذي تريده حتى ولو كان ذلك علي حساب اليمن الموحد الذي يطالب به المجتمع الدولي وكذلك الشعب اليمني الذي يقاتل الحوثي ضمن التحالف السعودي من أجل الحفاظ علي وحدة وتماسك اليمن.

ويبدو أن الامارات التي تتلاعب بولي العهد السعودي منذ فترة طويلة، نجحت في اقناع القيادة السعودية بضعف حكومة هادي وعدم قدرتها علي المساهمة الفعالة في المعركة ضد الحوثي وأن الأفضل بالنسبة للمملكة ترك المجال للمجلس الانتقالي الجنوبي لقيادة الدفة في الفترة المقبلة، وتحويل المعركة من معركة من أجل الوحدة إلي معركة من أجل البقاء، وشغل اليمنيين بعضهم ببعض، وإدخالهم في آتون حروب أهلية بعد تقسيم اليمن إلي شمال وجنوب ووسط، وبحيث تبقى جماعة الحوثي في الشمال والحكومة الشرعية في الوسط والمجلس الانتقالي في الجنوب، مع ترك المعارك مستمرة فيما بينهم حتى لا يقوى طرف علي حسم المعركة لصالحه.

وبذلك تكون الامارات قد نجحت في خطتها الخاصة بتقسيم اليمن واضعافه حتى تضمن بقاء سيطرتها عليه مناطق نفوذها في الجنوب، وفي نفس الوقت تأمن السعودية الخطر الحوثي، وإن كانت الأمور حتى الآن لم تحسم بعد ، لأن هذه الحسابات تبدو خاطئة وقد تلقى باليمن بكامله في جعبة جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً، كما أن ذلك قد يتسبب في تصدع التحالف الذي تقوده السعودية، بل وقد يدفع بالحكومة الشرعية للتحالف مع جماعة الحوثي للحفاظ علي وحدة اليمن، بل وقد تسهل الطريق علي جماعة الحوثي التي ترتفع معنوياتها بشكل كبير نتيجة لما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد تنجح في كسب التعاطف الشعبي في حال قررت القتال من أجل الحفاظ علي الوحدة اليمنية، وبذلك تكون السعودية قد ألقت بالكعكة اليمنية دون أن تدري ونتيجة لحسابات خاطئة في حجر جماعة الحوثي وإيران.

وفي حال حدث ذلك لن تكون هناك ثقة بين أي طرف يمني وبين السعودية، ولن يكون هناك كاسب في هذه التحركات الخبيثة من قبل الامارات، لأن الجنوب لن يستقر وكذلك الوسط والشمال، وستتحول الحرب في اليمن إلي حرب إقليمية ليس فقط بين الطوائف والجماعات اليمنية بل وكذلك بين الدول الداعمة لكل طرف من أطراف النزاع في اليمن ليتكرر سيناريو الستينات في اليمن من جديد،

ويعني ذلك أن خطورة ما يحدث في اليمن قد تتعدي لدول إقليمية مجاورة، حيث ستؤثر الحرب في اليمن علي الامن والاستقرار في المنطقة العربية التي تعاني الحروب والصراعات منذ فترة طويلة مما أفقدها الامن والاستقرار، وأتاح للعدو الصهيوني العبث بمقدراتها وبعدالة قضاياها وبات قاب قوسين او أدني من القضاء علي القضية الفلسطينية بالكامل، وذلك وسط غفلة عربية غير مسبوقة وصراعات تقودها دول عربية شقيقة من اجل مطامع شخصية لن تنجز منها شيء في نهاية المطالف.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022