المشهد السياسى عن الفترة من 1 مارس إلى 7 مارس

أولا : المشهد الداخلى

 

المشهد السياسي:

  • تعثر مفاوضات سد النهضة: هل تلجأ القاهرة للخيار العسكري؟:

غابت إثيوبيا عن جولة التفاوض الأخيرة التي دعت إليها واشنطن خلال يومي 27 و28 فبراير الماضي 2020[1]، وقد عبرت القاهرة عن استيائها من التغيب الإثيوبي عن طاولة التفاوض، وكان من المقرر أن توقع مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقًا بشأن أزمة سد النهضة خلال هذه الجولة، وهو ما لم يحدث مع تغيب الطرف الإثيوبي، وقد قعت مصر بالأحرف الأولى بشكل منفرد على الاتفاق. أما السودان فقد رفضت هي الأخرى التوقيع على الاتفاق -الذي وقعت عليه مصر بالحروف الأولى- الذي صاغته الولايات المتحدة بمشاركة البنك الدولي بعد جولات من التفاوض استقبلتها واشنطن.

في وقت لاحق لجأت مصر إلى جامعة الدول العربية؛ بحثًا عن دعم عربي في مواجهة التعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة، وأصدرت الجامعة بالفعل قرارًا داعمًا، “يرفض أي مساس بالحقوق التاريخية لمصر، ويرفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها إثيوبيا، ويؤكد على ضرورة التزام إثيوبيا بمبادئ القانون الدولي”، القرار أيضًا يرحب باتفاق ملء سد النهضة الإثيوبي الذي أعدته الحكومة الأمريكية[2].

في ذات التوقيت اجتمع الخائن السيسي مع قيادات القوات المسلحة بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، بحضور الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة[3]، وهو ما اعتبره البعض تلويحًا من القاهرة بالخيار العسكري بعد تعثر المسار التفاوضي. لكن يرى آخرون أن القاهرة مستبعدة للخيار العسكري، وتراهن على خيار التفاوض، وتأمل في دعم البيت الأبيض لموقفها، وأن تمارس ضغطًا على أديس أبابا؛ تجبرها على العودة لطاولة المفاوضات مجددًا. لكن يبدو -في المقابل- أن إثيوبيا تراهن على وجود تباين في المواقف بين مؤسسات النظام في واشنطن، يسمح لها هذا الخلاف بالمراوغة وكسب الوقت.

  • مشهد كورونا .. القاهرة تعلن إصابة أكثر من 40 شخصًا بالفيروس:

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية وقف إصدار جميع أنواع التأشيرات لأبناء الجالية المصرية، حتى إشعار آخر، وذلك ضمن الخطط الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا. كما أعلنت الدوحة حظر دخول جميع المسافرين القادمين من جمهورية مصر العربية، بما في ذلك حاملي الإقامات السارية المفعول في دولة قطر[4]، كما أعلنت سلطنة عمان تعليق الرحلات الجوية غير المنتظمة مع مصر لمدة شهر للسبب ذاته[5]. وقد قررت الحكومة المصرية تطبيق مبدأ المُعاملة بالمثل، وحظر دخول المُواطنين القطريين، والقادمين عن طريق نقاط وسيطة، وكذا جميع المُسافرين الحاملين للجنسية القطرية، حتى في حالة حملهم لإقامة سارية في مصر[6]. بينما تجاهلت بصورة تامة أن الكويت وسلطنة عمان قد اتخذتا القرار ذاته بحظر دخول المواطنين المصريين.

نهاية الأسبوع الماضي، أعلن وزير الصحة الفرنسي أوليفيه فيران، أن بلاده اكتشفت حالات إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا، ليصل عددها الإجمالي إلى 38 حالة، وأن اثنين ممن ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا قد عادا مؤخرًا من رحلة إلى مصر، وهما حاليًّا في حالة صحية “خطرة”[7]. بينما أعلن مسؤول في وزارة الصحة في كندا، أن رجلا في الثمانينيات من عمره قدم من مصر مؤخرا، تم تأكيد إصابته بفيروس كورونا المستجد، ليكون الحالة الثامنة في مقاطعة أونتاريو[8]. فيما أعلنت تايوان اكتشاف خمس حالات جديدة بفيروس كورونا، منهم أربعة أشخاص خالطوا أحد المصابين في مستشفى، وامرأة عائدة من الشرق الأوسط، كانت في جولة سياحية في مصر ودبي[9].

عقب هذه التطورات الخاصة بالإعلان عن حالات مصابة عائدة من مصر، وإعلان دول خليجية وقف إصدار تصاريح دخول للمصريين، قالت وزيرة الصحة: إن “فيروس الكورونا غالبًا جاي، لو جه 82% منا مش محتاج مستشفى أصلا ولا علاج، هيقعد في البيت شوية وهيخف، 15% منا هيحتاج مستشفى، ودولتنا مستعدة .. الفيروس جاي جاي .. مفيش خوف إنه ييجي؛ لأنه مش قاتل زي ما الناس متخيلة”[10]. بينما قال رئيس الحكومة إن مصر قامت بتشديد الإجراءات والفحص الطبي في المطارات والموانئ تجاه القادمين من كل الدول، فيما ذكرت وزيرة الصحة أنه تم تخصيص مستشفى بكل محافظة، يحال إليها مصابو كورونا في حال ظهور حالات شديدة الإصابة، سعة كل واحدة منها 522 سريرًا فائق الرعاية، ويمكن زيادتها لعدد 2644 عند ازدياد الحالات[11].

في الوقت ذاته بدأ الإعلان عن حالات مصابة في القاهرة، منها: إعلان وزارة الصحة، الاثنين 2 مارس، عن اكتشاف حالة إيجابية حاملة لفيروس كورونا داخل البلاد لشخص «أجنبي»[12]، في وقت لاحق أعلنت كل من وزارة الصحة والسكان ومنظمة الصحة العالمية، اكتشاف ١٢ حالة إيجابية لفيروس الكورونا المستجد (كوفيد -١٩) حاملة للفيروس، ولم تظهر عليهم أي أعراض، وذلك على متن إحدى البواخر النيلية القادمة من محافظة أسوان إلى محافظة الأقصر[13]، لتعلن الوزارة لاحقًا أن حاملي الفيروس على متن الباخرة 33 شخصًا وليسوا 12 فقط[14].

  • تضامنًا مع الصين .. مصر تضيء واجهات قلعة صلاح الدين ومعابد الكرنك وفيلة:

قالت وزارة السياحة والآثار أنه تم إضاءة واجهات قلعة صلاح الدين بالقاهرة ومعابد الكرنك بالأقصر ومعبد فيلة بأسوان باللون الأحمر ولون علم دولة الصين؛ تضامنًا من الشعب المصري مع الشعب الصيني لمواجهة فيروس كورونا[15]. في اليوم ذاته أعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، عن توجهها إلى جمهورية الصين الشعبية، حاملة رسالة تضامن من السيسي، إلى جمهورية الصين، في إطار عمق وترابط العلاقات بين البلدين، وتعزيز سبل التعاون لمكافحة فيروس كورونا المستجد. وأوضحت وزيرة الصحة والسكان، أن الزيارة إلى الصين سوف تكون محملة بهدية من السيسي والشعب المصري، عبارة عن شحنة من المستلزمات الطبية الوقائية، مشيرة إلى تبادل الخبرات بين البلدين حول الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد[16].

بحسب مراقبين، فإن زيارة وزيرة الصحة المصرية بوفد شامل ليس لمساعدة الصين، وإنما للاطلاع الشامل على البروتوكول الصيني لمواجهة الوباء، وتوريد وشراء أجهزة لازمة لمواجهة سيناريو محتمل لانتشار المرض في مصر، وتم التكتيم على غرض الزيارة لأغراض عدم إثارة الذعر، ولطمأنة الناس فقط. وهو ما يدعمه خبر إضاءة واجهات قلعة صلاح الدين بالقاهرة ومعابد الكرنك بالأقصر ومعبد فيلة بأسوان باللون الأحمر ولون علم دولة الصين.

  • لترويجها محتوى مضلل .. فيسبوك يوقف شركتي تسويق مصريتين إحداهما مملوكة لضابط متقاعد:

أعلنت شركة “فيس بوك” إيقاف مئات الحسابات والصفحات والمجموعات الوهمية على فيسبوك وإنستجرام المرتبطة بشركتي التسويق «نيو ويف» و«فليكسيل» المصريتين خلال شهر فبراير الماضي، وأنها قامت بحذف 333 حسابًا و195 صفحة وتسع مجموعات مرتبطة بتلك الشركات على فيسبوك، و1194 حسابًا على إنستجرام، وأن تلك الشركات ترتبط أيضًا بحسابات تم حذفها مسبقًا في شهري أغسطس وأكتوبر الماضيين، كما حظرت -أي الفيسبوك- على الشركتين استخدام الموقعين، بعدما توصلت إلى أن الشركتين قامتا بنشر محتوى زائف من خلال تلك الحسابات، استهدفت به مستخدمين في منطقة الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، شمل بوستات تُشبّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهتلر. وسبق أن كشف تحقيق لجريدة «نيويورك تايمز» أن شركة «نيو ويف» يمتلكها ضابط جيش مصري متقاعد، يدعى عمرو حسين، كانت تدفع مبالغ نقدية شهرية لأشخاص مقابل نشرهم محتوى يروّج لأهداف الأنظمة المصرية والإماراتية والسعودية الخارجية[17].

هذه الخطوة من فيس بوك تثبت الأدوار المشبوهة لجهات محسوبة على النظم السلطوية الحاكمة في العالم العربي في ترويج الشائعات وتضليل الرأي العام، وتظهر كيف تتعامل هذه النظم مع وسائط التواصل، وكيف تسعى لتوظيفها.

 

المشهد الديني:

  • الأوقاف وخطبة الجمعة .. مزيد من التضييق والسيطرة:

قررت وزارة الأوقاف، وضع معايير جديدة لخطبة الجمعة، على أن تكون الخطبة المكتوبة في حدود 4 صفحات فقط بدلا من 6 صفحات، مع التركيز في المادة العلمية، مع ضرورة الالتزام بأن تكون خطبة الجمعة ما بين 15 إلى 20 دقيقة[18].

هذه القرارات علامة على طبيعة السياسات الدينية التي تتبعها وزاة الأوقاف، فهي تعكس مزيدًا من التضييق على الخطباء، ومزيدًا من تقليص الدور الذي يمكن أن تلعبه المنابر الرسمية المحسوبة على الدولة. الغريب أنها في سياساتها تلك تتجاهل أن هناك منابر خاضعة للأزهر ولا تلتزم بهذه الإجراءات، ما يبقي هذه الإجراءات بدون تأثير حقيقي. من جهة أخرى، فإن تقليص حضور الخطاب الديني الرسمي بهذا الشكل، يفتح المجال لظهور خطابات غير رسمية، يصعب التحكم بمضامينها، تستفيد من هذه الإجراءات التي تتخذها الوزارة في شغل الفراغ الناجم عن تراجع حضو وتأثير خطباء الوزارة، وهو باب خلفي لعودة الخطاب الإسلامي بمختلف تلويناته، عبر وجوه جديدة.

المشهد الحقوقي:

  • المجلس القومي لحقوق الإنسان ينتقد إحالة مدنيين للقضاء العسكري:

أبدى المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره السنوي، قلقه من إحالة بعض المدنيين إلى المحاكم العسكرية بدلا من المثول أمام قاضيهم الطبيعي، وتبرير ذلك بظروف البلاد الاستثنائية ومسؤولية القوات المسلحة عن حماية بعض المنشآت[19]. وذكر التقرير أنه خلال الفترة من مايو 2018 حتى يوليو 2019، تم تضييق المجال العام من خلال تدابير وإجراءات ذات طبيعة تقييدية، أوجدت إحساسًا عامًّا بتراجع هامش الحريات على نحو كبير. لافتًا إلى أنه رغم اتخاذ الدولة لعدد من الخطوات المهمة لمعالجة هذه الإشكاليات، ومن أهمها: «تعديل قانون التظاهر، وإصدار قانون الجمعيات الأهلية، وتعديل قانون النقابات، وتشكيل المؤسسات الإعلامية»، إلا أن البلاد بحاجة إلى إرادة معلنة للدولة، بإفساح المجال أمام حريات التعبير والتجمع والتنظيم[20].

يرى مراقبون أن هذا التقرير هو امتداد لتوتر سابق في العلاقة بين المجلس القومي لحقوق الإنسان والسلطة، فقد سبق واشتكى رئيس المجلس، محمد فايق، من أن المجلس «ممنوع من زيارة بعض السجون المصرية، ولا يعرف ما يحدث داخلها»[21]، بعدها انتقد المجلس في بيان له، توقيف المواطنين وتفتيش محتوى هواتفهم المحمولة قسرًا، بدعوى الحفاظ على الأمن والتصدي للإرهاب، خلال الفترة التالية لمظاهرات 20 سبتمبر الماضي 2019[22]، وهو ما ردت عليه وزارة الداخلية في بيان صحفي، وقتها، أكدت خلاله التزامها بالقانون في حالات ضبط المواطنين وتفتيش هواتفهم[23]، في حين شنّت صحف ووسائل إعلام حملة هجوم على المجلس ورئيسه[24]، وقد أكدت مصادر إعلامية في هذا التوقيت تلقي مسؤولين بعدة وسائل إعلامية تعليمات بالهجوم على المجلس ورئيسه.

لكن تبدو مقولة أن هناك توترًا في العلاقة بين السلطة والمجلس القومي لحقوق الإنسان مقولة قليلة المصداقية؛ فالمجلس القومي هو جزء من منظومة الدولة الخاضعة لنخبة الحكم، وأعضائه جاؤوا بـ “كوتة” من النظام الحاكم. كما أن السياق العام في مصر يؤكد هيمنة النظام على المجال العام، وأنه لا يسمح لأحد بالتحرك والعمل إلا بضوء أخضر من النظام، فكيف في ظل هذه الأوضاع يخرج المجلس تقريرًا حقوقيًّا سنويًّا في غفلة من النظام، وينشره في صحيفة يومية خاضعة لسيطرة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية؟!

التفسير الآخر أن هذا التقرير صدر بضوء أخضر من السلطة، أو حتى بتوجيه منها. والهدف الإيهام بحدوث انفتاح سياسي في مصر، وبوجد حيز من الحرية مسموح بالعمل فيه، خاصة مع اقتراب موعد استحقاقات إنتخابية (برلمانية، ومحلية)، وخاصة مع توجيه انتقادات كثيرة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر؛ ولعل النظام أراد تهدئة الداخل، وإغواء المعارضة بأن هناك أملا في المشاركة في ظل وجود النظام، وفي الوقت نفسه تضليل الخارج باستجابة النظام لضغوطاتهم.

 

 

 

 

 

ثانيا : المشهد الخارجي

*السعودية

  • اعتقال أمراء سعوديين .. محاولة انقلابية فاشلة أم إعلان وفاة الملك سلمان؟:

اعتقلت السلطات السعودية الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك السعودي، وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، وشقيقه الأمير نواف، بتهمة «الخيانة العظمى، وذلك فيما وُصف بـ «إجراءات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإحكام قبضته على المملكة وتنحية خصومه السياسيين». في حين لم تعلق المملكة على تلك الأنباء حتى الآن. فيما نقلت مصادر أن السلطة وجهت للمقبوض عليهم تهمًا بـ «تدبير انقلاب بهدف الإطاحة بالملك وولي العهد»، والتي تتراوح عقوبتها بين السجن المؤبد والإعدام[25].

هذه الموجة هي الثانية بعد مرور عامين على موجة أولى من الاعتقالات، طالت عشرات الأمراء ومسؤولين كبارا ورجال أعمال في المملكة، حينها احتجزت السلطات العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض، بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر 2017، وكان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله، نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق. ثمة اتفاق واسع بين المراقبين أن  الاعتقالات الأخيرة تأتي في وقت حساس في تاريخ المملكة والعائلة المالكة، وأنها توحي بقرب عملية “انتقال وشيك للعرش”. وإن شكك معلقون في صحة هذه الأخبار[26].

أما عن التفسيرات المطروحة بخصوص ما حدث: (أ) تقدم الملك سلمان في السن واعتلال صحته، وأن “ولي العهد محمد بن سلمان يسعى إلى تعزيز سلطته واستبعاد المنافسين المحتملين له لخلافة العرش قبل وفاة والده أو تنازله عن السلطة”، خاصة بعد ما نقل عن أن بعض أفراد الأسرة سعوا إلى تغيير ترتيب توريث العرش، معتبرين أن الأمير أحمد أحد الخيارات الممكنة الذي يحظى بدعم أفراد الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية. (ب) أن يكون إيقاف الأمراء متعلقا بمحاولة انقلاب داخلية، وتم اكتشافه، وجرى اعتقال المدبرين، أو نتيجة وجود خلافات في وجهات النظر فيما يتعلق بسياسات ابن سلمان الأخيرة، لكن تبقى الخلافات غير كافية لتبرير الاعتقالات، وما وجه من اتهامات بالخيانة للمقبوض عليهم[27]. وبصفة عامة، تكشف هذه الاعتقالات أنه ما زالت هناك حالة عدم يقين في أروقة الحكم بالسعودية[28].

*دولة الاحتلال

  • أول انتخابات برلمانية في إسرائيل عقب صفقة القرن:

للمرة الثالثة في عام واحد فقط تحدث انتخابات برلمانية جديدة في إسرائيل؛ للتغلب على عدم تمكن حزب من الفوز بالأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة، وقد شهدت هذه الانتخابات مفاجأة كبيرة، تمثلت في فوز فلسطيني الأراضي المحتلة بمقعدين إضافيين؛ حيث حصلوا على 15 مقعدًا (12.5% من مقاعد الكنيست)، وهو ما يعني مزيدًا من الضغوط على حزب نتنياهو؛ حيث سيضطر إلى عقد ائتلافات جديدة تمكنه من تشكيل حكومة هشة، سيسهل مهمة إقصائها، كما حدث في المرتين الماضيتين.

أسئلة عديدة وآراء مختلفة شهدتها عملية تحليل نتائج الانتخابات، وبحث اتجاهات الآراء التي اتجهت للتصويت، هناك من يقول إن الفلسطينين شعروا -أكثر من أي وقت مضى- بضرورة التوحد خلف خيارات وطنية، تستهدف التحرك ككتلة واحدة في مسارات عدة، فبينما تعلن السلطة انسحابها من الاتفاقيات الأمنية والسياسية مع حكومة الكيان الصهيوني، وإدارة دونالد ترامب، أخذ فلسطينو الداخل، يعبرون عن رفضهم للصمت وتجاهل الانتخابات، وضرورة التوجه لصناديق الاقتراع، بدون أي اعتبارات لأجهزة القمع والاستخبارات الصهيونية، وبالفعل حدثت زيادة في الكتلة التصويتية العربية، وهو ما أدى لزيادة مقاعد العرب في الكنيست.

في حين هناك من يرى أن واشنطن كانت تحاول تهدئة الأوضاع مع الفلسطينين وطمأنتهم؛ ولذلك قامت بدعم تحركات المجتمع المدني العربي، للتحرك لتشجيع الفلسطينين على المشاركة في الانتخابات بحرية؛ حيث تمكنت أوساط سياسية عربية من تنظيم حملة شارك فيها 600 شخص، قاموا بزيارة 140 ألف منزل فلسطيني؛ لحثهم على التصويت في الانتخابات. وهناك حديث عن دعم مالي أمريكي لصالح هذه التحركات[29].

بينما هناك تحليل ثالث، يرى أن تحرك فلسطيني الداخل كان بهدف حمايتهم من الذوبان، وسحب الجنسية الإسرائيلية منهم، وتركهم بدون جواز سفر يسمح لهم بحرية التحرك والسفر، لذلك تحركوا لدعم مرشحين سيدافعون عن حقوقهم في الوجود تحت مظلة حكومة الكيان الصهيوني، التي تمنحهم مزايا أفضل بكثير، من تلك التي يعيشها أهالي القطاع والضفة.

على كل حال، يمكن قراءة هذه النتائج في ضوء أن الوضع السياسي في تل أبيب، سيظل على جمر من الفوضى المقننة، التي تداعب الجميع، دون أن تمنح نظرتها لأحدهم، فما زال اليمين العنصري واليمين الوسط في موقف ضعف، بينما تعيش كتلة العرب وضعًا استثنائيًّا لم يحدث منذ سنوات، وهو ما يعرض مستقبل الحكومة برمتها لبعض الإملاءات، وربما الشروط العربية، لا سيما بعد تصريحات نتنياهو المهادنة للعرب، والتي كان منها لقاء مع قناة “هلا” الإسرائيلية الناطقة بالعربية، وقال فيها إن حكومته أنفقت 15 مليار شيكل (4.3 مليار دولار) على تطوير المناطق العربية في إسرائيل، وغازل المسلمين المتدينين، قائلا إنه سيُسمح للمسلمين من عرب 1948 بالحج من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، وأن هذه ثورة في العلاقات مع السعودية، وألمح إلى تنظيم رحلات طيران مباشرة قريبًا من إسرائيل “ما سيوفر آلاف الشيكلات على الحجاج”. لذا يجب على فلسطيني الداخل أن يبنوا جيدًا على نتائج هذه الانتخابات، ويستكملوا طريق النضال السياسي، في وقت ندرت فيه أدوات ومسارات التحرك المقاوم، في ظل ظرف استثنائي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

*العلاقات الروسية التركية

  • القمة الروسية التركية تتفق على هدنة:

بعد انزلاق العلاقات التركية الروسية إلى منحنى خطير عقب التصعيد العسكري، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 33 عسكريًّا تركيًّا، في تصعيد لم يحدث منذ اشتعال الأوضاع في سوريا، اتفق بوتين وأردوغان أخيرًا على هدنة لتهدئة الأوضاع، وذلك عقب إعلان أنقرة عن عملية عسكرية واسعة ضد النظام السوري، سميت بعملية درع الربيع.

في حقيقة الأمر، ليست هذه الهدنة الأولى للوضع في إدلب، فقد سبقتها اثنتان؛ الأولى: كانت في اغسطس 2019، والثانية كانت في يناير 2020، إلا أن نية النظام السوري وموسكو التي تحركها كانت واضحة، وهي إنهاء الملف السوري بأسرع وقت؛ حيث تمكن النظام من السيطرة على مدينة خان شيخون الإستراتيجية، ثم مدينة معرة النعمان، وكان في طريقه للسيطرة على مدينة سراقب، التي تعد البوابة الأهم للسيطرة على إدلب، إلا أن التحركات التركية أجهضت هذا الأمر من خلال تصعيدها الأخير، الذي وصل لإعلان حرب كاملة ضد النظام؛ لإجباره على الانسحاب من المناطق التي احتلها في الفترة الأخيرة.

بعد شد وجذب وتضارب في التصريحات، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان مباحثات بموسكو، في 5 مارس، وأعلنا خلال مؤتمر صحفي مشترك في الكرملين، دخول وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ، انطلاقا من منتصف الليل، ويتضمن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة، اعتبارًا من 15 مارس، في جزء كبير من الطريق السريع “إم 4″، ويحظى هذا الطريق بأهمية كبرى بالنسبة للنظام؛ إذ يعبر محافظة إدلب. وستكون هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الأتراك والروس بدوريات مشتركة في هذه المنطقة، كما ينص الاتفاق أيضًا على إنشاء “ممر آمن” بعمق ستة كيلومترات على جانبي هذا الطريق السريع[30].

من المتوقع أن تستمر هذه الهدنة وتصمد أكثر من السابقتين، لاسيما بعد عزم تركيا رفض التحركات الروسية الأخيرة، التي عبرت عنها بجلاء في عملية درع الربيع؛ حيث تخشى موسكو من خسارة الطرف التركي، الذي تستفيد منه في جوانب عديدة، ربما ليس أهمها الملف السوري، ولذلك من التوقع عودة الهدوء إلى إدلب في الفترة المقبلة، والعودة من جديد لطاولة المفاوضات السياسية والمسار الدبلوماسي، الذي يشرف عليه كل من أنقرة وطهران وموسكو.

 

 

[1] مدى مصر، السبت 29 فبراير: عضو «صحة» البرلمان: إجراءات الحجر الصحي لـ «كورونا» تسير في الاتجاه الخاطئ، مرجع سابق.

[2] عربي بوست، 4 أسباب تجعل السودان أقرب لإثيوبيا من مصر في أزمة سد النهضة، 5 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2IrFxkv

[3] بوابة الشروق، السيسي يجتمع بقيادات القوات المسلحة: أعلى درجات الجاهزية لتنفيذ مهام حماية أمن مصر القومي، 3 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2xkyp75

[4] بوابة الشروق، صحيفة كويتية: وقف تأشيرات المصريين و7 جنسيات أخرى .. وقطر: حظر دخول القادمين من مصر، 1 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2TKfrhO

[5] الشروق، عمان: تعليق الرحلات الجوية غير المنتظمة مع مصر لمدة شهر، 7 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2TuIlUb

[6] مصراوي، بسبب كورونا .. الحكومة: حظر دخول المواطنين القطريين إلى مصر (معاملة بالمثل)، 4 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2TMTgYb

[7] CNN بالعربية، فرنسا: إصابات كورونا ترتفع لـ 38 منها حالتان عائدتان مؤخرًا من رحلة إلى مصر، 27 فبراير 2020، الرابط: https://cnn.it/2PBup8o

[8] الجزيرة مباشر، مصر تستقبل 114 سائحًا صينيًّا وتايوان تكتشف حالة “كورونا” قادمة من القاهرة، 29 فبراير 2020، الرابط: http://bit.ly/2PxPb8P

[9] الغد، بينهم عائدة من مصر .. تايوان تعلن اكتشاف 5 حالات جديدة بفيروس كورونا، 29 فبراير 2020، الرابط: http://bit.ly/39e2djN

[10] يوتيوب، وزيرة الصحة تكشف تفاصيل حالات كورونا بفرنسا وتايوان التي كانت بمصر وإجراءات التعامل مع المخالطين، 2 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2PNGszJ

[11] العربية، مصر تستنفر لمواجهة كورونا .. مستشفى في كل محافظة، 27 فبراير 2020، الرابط: http://bit.ly/2PUXRXj

[12] اليوم السابع، الصحة تعلن اكتشاف حالة “لأجنبي” حامل لـ “كورونا” بمصر ووضعه بمستشفى العزل، 2 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/39xRwZt

[13] الشروق، الصحة: اكتشاف 12 حالة حاملة لفيروس الكورونا المستجد على إحدى البواخر النيلية قادمة من أسوان إلى الأقصر، 6 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2PXCB3b

[14] صدى البلد، وزيرة الصحة: 33 حالة إيجابية بـ “كورونا” ستُنقل للحجر الصحي، 7 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2IsPkGT

[15] اليوم السابع، مصر تضيء واجهات قلعة صلاح الدين ومعابد الكرنك وفيلة بعلم الصين، 1 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/3aF8mFR

[16] وزارة الصحة والسكان المصرية (فيس بوك)، تفاصيل المؤتمر الصحفي لوزيرة الصحة والسفير الصيني لدى القاهرة، 1 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2Tw7opR

[17] مدى مصر، الثلاثاء 3 مارس: كورونا يصل تونس والمغرب والسعودية والأردن، الرابط: http://bit.ly/3aEPvuT

[18] بوابة الشروق، «الأوقاف» تُلزم الأئمة بمعايير جديدة لخطبة الجمعة، 1 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2wGeSNS

[19] المصري اليوم، «المصري اليوم» تنفرد بنشر التقرير السنوي لـ «قومي حقوق الإنسان»، 7 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2Tyj8YM

[20] مدى مصر، السبت 7 مارس: «زايد» و«كورونا» .. تحليل كل 48 ساعة للتأكد من عدم إصابة الوزيرة بالفيروس، الرابط: http://bit.ly/39t1hYZ

[21] الشروق، محمد فايق رئيس «القومى لحقوق الإنسان»: «أدينا دورنا زيادة عن اللزوم .. وكويس إن الحكومة اتحملتنا»، 24 يوليو 2019، الرابط: http://bit.ly/2VVzlsK

[22] رويترز، مجلس حقوق الإنسان في مصر ينتقد توقيف المواطنين والاطلاع على هواتفهم قسرًا، 3 أكتوبر 2019، الرابط: http://bit.ly/2wCJUGJ

[23] الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية (فيس بوك)، 3 أكتوبر 2019، الرابط: http://bit.ly/2TuEkz5

[24] مدى مصر، السبت 5 أكتوبر: مزيد من الكلام عن «حرية» الصحافة .. ومصادر: توجيهات أمنية لوسائل إعلامية بالهجوم على رئيس «القومي لحقوق الإنسان»، 5 أكتوبر 2019، الرابط: http://bit.ly/331hUJ2

[25] الجزيرة نت، حملة اعتقالات بالسعودية تطال أمراء كبارا في العائلة المالكة، 6 مارس 2020، الرابط: http://bit.ly/2TvZrAT

[26] BBC عربي، احتجاز أمراء في السعودية .. بين تكهنات حول “صحة الملك” و”محاولة انقلاب”، 7 مارس 2020، الرابط: https://bbc.in/3cHDdn2

[27] المرجع السابق.

[28] الجزيرة نت، حملة اعتقالات بالسعودية تطال أمراء كبارا في العائلة المالكة، مرجع سابق.

[29]  خالد منصور، هل منحت خطة الرئيس الأميركي عرب الـ 48 مقعدين إضافيين في الكنيست؟، دارج، 3/3/2020، الرابط: http://bit.ly/2VTXOyw

[30] هدنة ثالثة بإدلب في أقل من عام .. ماذا جرى لسابقاتها؟، عربي 21، 6/3/2020، الرابط: http://bit.ly/2VVz8Ge

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022