تعديلات قانون شركات قطاع الأعمال العام تسريع لبرنامج الطروحات الحكومية بالبورصة يدفع ثمنه العمال

بدأ مجلس النواب ، الأحد 17 مايو الجاري، في جلسته العامة، مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام، الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991م، وكانت لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، برئاسة المهندس أحمد سمير، قد وافقت من حيث المبدأ على مشروع القانون ، في 11 مايو الجاري.

وشملت التعديلات،  تعديل 16 مادة، وإلغاء أربع وإضافة ثمان، بالإضافة لثلاث مواد لتوفيق الأوضاع، بدعوى تطوير أداء شركات قطاع الأعمال، وشركات قطاع الأعمال العام مملوكة للدولة، وتضم ثماني شركات قابضة منها القابضة للغزل والنسيج، النقل البحري، السياحة والفنادق، الأدوية والمستلزمات الطبية، الصناعات الكيميائية، التأمينات، الصناعات المعدنية، التشييد والتعمير، وتتبعها نحو 119 شركة أخرى.

ويبلغ إجمالي العاملين بشركات قطاع الأعمال 209 آلاف عامل، وحققت تلك الشركات أرباحا بنحو 11 مليار جنيه (626 مليون دولار) خلال العام المالي 2017-2018م من بينها 48 شركة خاسرة و73 شركة رابحة.

 

 

رفض نقابي وعمالي

التعديلات المطروحة وتبريرات الحكومة التي تسوقها اغضبت نحو 209 ألأف عامل في شركات قطاع الأعمال، بل إنها أغضبت قيادات عمالية موالية لنظام السيسي، وسارعت نقابات عمالية عامة بتجديد رفضها المعلن للتعديلات منذ يناير الماضي، وأعلنت مطالبها في مذكرة  إلى رئيس مجلس النواب ، مؤكدة على رفضها التعديلات التي  قدمتها وزارة قطاع الأعمال العام على القانون.

وقالت القيادات العمالية الموقعة على المذكرة الجديدة إن هذه التعديلات مخالفة للدستور والإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر .

وشملت القيادات العمالية الموقعة على المذكرة جبالي المراغي رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال مصر، و الأمين العام محمد وهب الله، وعبدالفتاح إبراهيم رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج، وعبدالمنعم الجمل رئيس النقابة العامة للبناء والأخشاب، وعماد حمدي رئيس النقابة العامة للكيماويات ،وخالد الفقي رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية، وجمال العقبي رئيس النقابة العامة للبنوك والتأمينات، وممدوح عمارة عضو النقابة العامة للكيماويات، وعضو مجلس إدارة الشركة القابضة للأدوية.

وطالبوا بحوار مجتمعي مع كافة الأطراف المعنية قبل إقرار القانون حتى يصدر محققا الإستقرار في مواقع العمل، وزيادة الإنتاج، ورفع المستوى الإقتصادي للشركات.

وقالت القيادات العمالية إنهم أرسلوا رؤيتهم ،وملاحظاتهم على القانون بهدف النقاش حولها إلى وزارة قطاع الأعمال العام برئاسة الوزير هشام توفيق، يوم 21-1-2020، وإلى اللجنة الإقتصادية برئاسة النائب أحمد سمير في مجلس النواب يوم 12-4-2020، وذلك دون جدوى، أو إحترام الرأي الأخر، وطرف هام من أطراف الإنتاج والعمال وهم ممثلي العمال، معلنين عن رفضهم  لعدد كبير من التعديلات التي أجرتها وزارة قطاع الأعمال على القانون، لما تمثلـه تلك التعديلات من خطورة بالغة سوف تنتقص من حقوق العاملين و تؤثر على مستقبل الشركات،مطالبين بعودة تمثيل ممثل عن اللجنة النقابية في مجلس الإدارة .وقالوا إن مقترحات “النقابات” تهدف إلى الحفاظ على المال العام وحماية الاصول ، وزيادة الإنتاج .

 

مخاوف عمالية

وجاء في الملاحظات التي جاءت في المذكرة أن التعديلات الجديدة تحرم العاملين من الإشتراك في وضع اللوائح الخاصه بهم، حيث نص مشروع تعديل القانون على إستبدال عبارة توضع اللوائح بالإشتراك مع النقابة العامة المعنية بعبارة توضع اللوائح بعد أخذ رأى النقابة العامة المعنية، الأمر الذى يعطى الإدارة الحق في الأنفراد كليا في وضع اللوائح، وهذا الأمر الذى يعد مخالفاً للدستور وللاتفاقيات الدولية الموقعه عليها مصر وسوف يحدث أزمة كبيرة بين صفوف العاملين .

وبحسب مذكرة القيادات العمالية،  قلص مشروع القانون بل وقضى تقريباً على الدور النقابى نهائياً وذلك من خلال تقليص عدد أعضاء مجلس الأدارة المنتخبين الى عضو أو أثنين بحد أقصى حسب عدد أعضاء مجلس الأدارة المعنيين، وأيضاً إلغاء تمثيل اللجنة النقابية بمجلس الأدارة والتي تمثل بعضو بمجلس الأدارة دون صوت معدود .

وترى النقابات العمالية أن هذا المشروع هو مرحلة إنتقالية لتحويل كافة شركات قطاع الاعمال العام الى القانون 159 حيث نص مشروع القانون على أنه إذا وصلت نسبة المساهمة في الشركات 25% يتم تحويلها الى القانون 159 بدلاً من نسبه الـ 50% وعند التحويل الى القانون 159 لا يكون هناك مجلس إدارة منتخب فقط اللجنه النقابية ، لـــذا فإن المطلب الأساسى هو تمثيل رئيس اللجنة النقابية أو ممثل اللجنه النقابية بمجلس إدارة الشركة سواء وهى قطاع أعمال عام أو في حالة نقلها الى قانون 159 بأنه سيكون وقتها هو الممثل الوحيد للعاملين على طاولة مجلس الإدارة .

وقالت النقابات:” نعترض على هذا القانون لأنه تم دون حدوث حوار إجتماعى عليه حتى أن الملاحظات الخاصة بنا والتي أرسلها الاتحاد العام ونقاباته العامة  لوزير قطاع الاعمال العام لم يتم الأخذ بأي منها “

كما ابدت القيادات العمالية اعتراضها على الماده الخاصة بالتصفية لأنه ينص مشروع القانون على أن الشركات التي سوف تصل خسائرها الى كامل رأس المال يوجب القانون الجمعية العمومية برفع رأس المال وفى حالة عدم رفع رأس المال يتم تصفية الشركات ..والاعتراض هنا أن هناك ما يقارب الـ 50 شركة حالياً  تصل خسائرها  لكامل رأس المال بسبب أن رؤوس أموال تلك الشركات ضعيف جداً بالمقارنه بأصولها وكذلك أن تلك الشركات لم يتم تطويرها أو ضخ أي أستثمارات  بها منذ ما يزيد عن الـ 40 عاماً وأن بعضها يعمل بماكينات من ثلاثينات واربعينات  القرن الماضى تلك الشركات التي تمثل جزء من تاريخ مصر وهى عصب الصناعه والأنتاج.

وجاء في المذكرة أيضا:”نعترض على القانون لانه يزيد المركزية للوزارة ويتمثل ذلك في الماده الخاصة بعزل مجلس الإدارة والتي تعطى الحق للجمعية العمومية والتي يشكلها الوزير بنفسه في عزل مجلس إدارة أي شركة قابضة أو تابعه دون إبداء أي أسباب وهذا الأمر يعتبر زيادة في المركزية ويعتبر سلطة مطلقة .. ونعترض على تعديل القانون لأن تلك التعديلات أختص الجزء الأكبر منها بتقليص دور العمال في الشركات وكأنهم يريدون أن يثبتوا  او يبرهنوا بإن سبب خسائر الشركات هم العمال وممثليهم وليست الادارات والتي تملك الأغلبية في مجلس الإدارة لاتخاذ القرار منذ صدور قانون قطاع الاعمال العام لسنه 1991 وقبل ذلك .”

وفي يناير الماضي، نظمت نقابتا العاملين بالصناعات الهندسية والمعدنية، والعاملين بالصناعات الكيماوية، مؤتمر حاشد في مقر الاتحاد العام لعمال مصر للإعلان عن رفضهم للتعديلات، واستمر العمال في رفضهم للمقترحات الحكومية، حتى تم اقرارها باللجنة الاقتصادية مؤخرا.

 

مخاطر التعديلات

وبحسب تعديلات الحكومة، فإنه للمرة الأولى، أصبح العمال لا يمثلون في مجالس إدارات الشركات في مصر بنسبة النصف، وهو ما يحرمهم من حق التصويت عند اتخاذ القرارات الخاصة بشركاتهم، وهو ما يعد أكبر انقلاب على مكتسبات العمال.

بجانب ذلك، فتقليص وجود ممثلي العمال بمجالس الإدارات، ليكون ممثلا بواحد أو اثنين على أقصى تقدير، بدلا من نصف عدد المجلس، وألا يكون لهم حق التصويت، وإعطاء صلاحيات واسعة للإدارة، مع إمكانية تغيير رئيس وأعضاء مجلس الإدارة أثناء مدة العضوية، وفتح الباب أمام تصفية الشركات والخصخصة بشكل أوسع.

 

مبررات حكومية

وساقت الحكومة العديد من المبررات، لتسويق مجزرتها الجديدة ضد شركات قطع الأعمال، التي دخلت حيز اهتمام نظام السيسي للتربح من ورائها، ليس عبر تطويرها وتوفير مطالبها بتحسين آلات الانتاج ومدخلات الانتاج وتخفيض اسعار الطاقة والوقود لها، بل بطرحها للاكتتاب بالبورصة، كوسيلة للخصخصة، حيث ذهبت المذكرة الإيضاحية، للتعديلات الحكومية للقول أن القانون يستهدف تهيئة الإطار القانوني المناسب لتطوير أداء شركات قطاع الأعمال العام وتطبيق قواعد الإدارة الرشيدة (الحوكمة) بشركات قطاع الأعمال العام، وزيادة مستويات الإفصاح والشفافية بشأن أداء هذه الشركات ووضع معايير واضحة للسماح باستمرار نشاط الشركات الخاسرة بمراعاة الحفاظ على حقوق العمال ووضع معايير لقيام الشركات القابضة أو التابعة بالمشاركة في تأسيس شركات مشتركة جديدة ووضع إطار عام لمتابعة الشركات المشتركة.

مدعية أن التعديل أيضًا التزام الشركات بمعايير التقييم المالي ومعايير التقييم العقاري وتحفيز العاملين ومجلس الإدارة لتحسين الأداء وزيادة أرباح الشركة والسعى نحو تماثل قواعد وأساليب الإدارة في شركات قطاع الأعمال العام مع الشركات الخاضعة للقانون 159 لسنة 1981، ومعالجة أوجه القصور والسلبيات التي أفرزها تطبيق القانون القائم.

وفي سياق الترويج لرؤية الحكومة،  دافع وزير قطاع الأعمال هشام توفيق عن تعديلات القانون الذي لم يشهد أي تغيير منذ عام 1991، وقال في تصريحات صحفية “العامل مكانه في المصنع، وليس في الإدارة، وأشار إلى أن “هذا أكثر حتى من المتاح في قانون الشركات الخاصة، وأن التعديلات تستهدف مساعدة المسؤولين على تحقيق أهداف المساهمين والجمعية العمومية،  كلام الوزير وتبريرات الحكومة بمذكرتها الايضاحية، يصطدم مع الواقع المرير الذي يحياه العمال، حيث جرى تصفية العديد من شركات قطاع الأعمال، كالشركة القومية للأسمنت (تأسست عام 1956) وتسريح 2200 عامل بالشركة نهاية عام 2018، لم يستلم بعضهم مستحقاته حتى الآن.

المبررات الحكومية، مردود عليها، وفق أبسط قواعد العمل وقوانينه المهدرة في مصر، إذ أن علاقة متوازنة بين ثلاثة أطراف أساسيين في الشركات، وهم العامل وإدارة الشركة والحكومة، ويفترض وجود تمثيل مناسب لهذه الأطراف لحماية مصالح الجميع، وكلما كانت تلك العلاقة الثلاثية متوازنة تحققت مصلحة العمل المشترك، وتمثيل بعض العمال لن يؤثر على سير العملية الإنتاجية، وهو ما يقدح في كلام وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، الذي يرى أن يركز العامل في عمله فقط.

إذ أنه من غير المنطقي ولا المفهوم، أن يعيش العامل مهددا بالطرد والتصفية، فمن الأهمية بمكان طمأنة العمال، أحد أهم عناصر الإنتاج في أي شركة أو مصنع، وبما لا نجور فيه على أصحاب العمل، للحفاظ على التوازن في العلاقة بين الأطراف المعنية، وتحقيق مصلحة مشتركة ومجتمعية أيضا.

 

ما وراء  التعديلات ؟!

– تصفية ناعمة

وبحسب الخبراء والعاملين بشركات قطاع الأعمال العام، تعد التعديلات، بمثابة كارثة، بل إنها تمثل انقلابا على مكتسبات العمال طوال العقود الماضية.

إذ أن التعديلات تعطي الجمعية العمومية الحق في تصفية الشركات بدلا من رفع درجة التدريب والتطوير لزياده الإنتاج والأرباح، فللعمال دورا هاما بمجلس الإدارة يتمثل في المطالبة بحقوق العمال من مرتبات وحوافز إنتاج، والتفاوض الجماعي لإبرام الاتفاقيات والعقود نيابة عن باقي العاملين، وهو ما يبدو أنه هدفا تريد الحكومة انهائه بعدما تضررت صورتها دوليا، من اضرابات العمال، وتسبب قمعها في استمرار وضع مصر في القائمة السوداء الدولية لانتهاكات العمل والعمال.

كما أن التعديلات المقدمة ستؤثر على اللجان النقابية والنقابات العامة، وستؤدي إلى تقليص العضوية بالحركة العمالية.

 

-استكمال مجزرة العمال بعد قانون العمل الجديد وقانون الخدمة المدنية

ويعد التعديلات الجديدة طريقا للتخلص من العمال وإنهاء حقوقهم، بعد سلسلة من التشريعات التي استهدفت العمال، ومنها قانون العمل، وقانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015، والذي يهدف لتقليل عدد موظفي الحكومة إلى نحو مليون موظف بدلا من  نحو 7 مليون.

بل اتبع السيسي ونظامه إجراءات أدت لتسريح العمال بالمصانع واضطر ايضا موظفي الحكومة للاستقالة من وظائفهم، لتضييق الاجازات وتحميل الموظفين بمهام أكبر من طاقاته، ورفض التعيينات الجديدة والتوسع بالمعاش المبكر.

 

– تهيئة الشركات لبرنامج الطروحات الحكومية بالبورصة

ولعل أحد أهداف الحكومة هو تهيئة شركات قطاع الأعمال، لبرنامج الطروحات الحكومية بالبورصة، وهو ما وضح من كلام الوزير عن التعديلات، حيث أشار إلى تمكين الشركات من المنافسة في السوق، ومنع تراكم خسائر الشركات التابعة، بالإضافة إلى أن الظروف التي مرت بها الشركات تستوجب تطوير القواعد المُنظمة لها.

وبحسب الوزارة، تستهدف التعديلات  زيادة قدرتها على المنافسة بالأسواق الداخلية والخارجية، بما ينعكس بالإيجاب على نتائج أعمال هذه الشركات وتطورها، وما يستتبعه من زيادة عوائد الدولة في ملكيتها بهذه الشركات، أو تعظيم أسعار طرحها  وفق البرامج الحكومية،  ووفق موازنة العام المالي الجاري، فأن الحكومة تستهدف حصيلة بقيمة 8 مليارات جنيه من برنامج طرح الشركات الحكومية في البورصة، وكانت تستهدف في 2019 نحو 10 مليارات جنيه

وكانت وزارة المالية أعلنت أكثر من مرة، أن  من بين الإصلاحات التي تعتزم تنفيذها تفعيل برنامج الطروحات العامة، الذي يتضمن تحديد مؤسسات وشركات حكومية لطرح جزء منها -حصة غير حاكمة- بالبورصة المصرية بهدف توفير فرص استثمارية وإضافية لسوق المال، وتوفير تمويل إضافي لتلك الشركات والموازنة العامة للدولة بنحو 8 مليارات جنيه .

وأعلنت الحكومة المرحلة الأولى من برنامج الطروحات الحكومية، العام 2018، وتضمنت 23 شركة وبنكا، لكنها لم تطرح سوى حصة إضافية بنسبة 4.7% من أسهم الشركة الشرقية للدخان. كما يجري اعداد القوائم والترتيبات النهائية لطرح شركات الاسكندرية للحاويات وهي الشركة الوحيدة التابعة للحكومة في مجال النقل البحري، وشركات بترول، كما جرى طرح بنك القاهرة. وكشفت الحكومة في مارس2018  عن 23 شركة تعتزم إدراج حصص فيها بالبورصة، في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه.

ومن بين الشركات التي تستهدف الحكومة إدراج حصص فيها، بنك القاهرة وبنك الإسكندرية وشركة الشرق الأوسط لتكرير البترول (ميدور)، والشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيميائية (إنبي)، وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية (أموك)، وشركة مصر للتأمين. وقالت الحكومة، في بيان، إن من المستهدف تنفيذ برنامج الطروحات خلال فترة تراوح بين 24 و30 شهرا، “من أجل توسيع قاعدة الملكية وزيادة رأس المال السوقي للبورصة المصرية، وزيادة قيمة وكمية التداول اليومي.

بل إن هشام توفيق وزير قطاع الاعمال، قال ” الوزارة لديها نية لطرح أي شركة تابعة تثبت كفاءة، وتلتزم بقواعد الحوكمة، للمساهمة في تعزيز أرباحها”،وهو نفس الكلام الذي يكرره في تبرير تعديلات قانون قطاع الاعمال العام، مضيفا أنه ” لا يوجد أفضل من القطاع الخاص في الإدارة، هو أفضل من الحكومة في إدارة شؤونه وشؤون الدولة ولذلك نرحب به وسبق أن أعلن توفيق أيضا  أنه في سبتمبر 2018، ستبيع الحكومة أراضي 11 محلجاً تصل قيمتها إلى 27 مليار جنيه، وذلك بعد تغيير نشاطها من صناعي إلى عقاري.

ولعل ما يؤكد أن الحكومة تمهد بتعديلات قانون قطاع الأعمال إلى بيع الشركات من برنامج الطروحات الحكومية، ما تضمنته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون إلى أن أبرز المتغيرات، ظهور وتطور مبادئ حوكمة الشركات، وأهمية تطوير قواعد الافصاح والشفافية بها، وضرورة تأهيل الشركات المملوكة للدولة لاستخدام أدوات التمويل غير المصرفى لتمويل أنشطتها وأصولها الإنتاجية بما يمكنها من الحصول على التمويل الذى تحتاجه لنشاطها، أو التوسع فيه بتكلفة مناسبة بعيدًا عن الاعتماد على ميزانية الدولة، وهو ما يعني بيعها أو جزء منها بالبورصة، ومن ثم تريد التعديلات إنهاء حق العمال في مجرد الاعتراض.

 

 

هموم عمالية جديدة

وتضاف التعديلات الجديدة لترسانة قوانين السيسي التي تمثل سوطا على ظهور العمال والموظفين.

وشهدت الحركة العمالية في مصر العام الماضي إضراباتٍ واحتجاجاتٍ مُتنوِّعة، لكن من المُلاحَظ انخفاض عدد الاحتجاجات مقارنةً بالأعوام الماضية، نتيجة للقمع المُمَنهَج الذي يمارسه نظام الديكتاتور العسكري عبد الفتاح السيسي ضد أيِّ شكلٍ من أشكال الاحتجاج أو المعارضة أو حتى محاولات التنظيم الذاتي للعمال أو أي فئات أخرى، أدى استخدام القوة لإنهاء الإضرابات أو أشكال الاحتجاج الأخرى إلى عشرات الاعتقالات للعمال بتهمة “التحريض على الإضرابات وتعريض السلم الاجتماعي للخطر”، ووسط الأزمة الاقتصادية المستمرة، ومع ارتفاع مستويات الفقر وغلاء الأسعار، يظل العمال والمهنيون واقعين بين إدارات سلطوية غير مبالية ودولة أمنية ترفض كافة أشكال الاحتجاج.

وبحسب تقرير لمنصة العدالة الاجتماعية، وصلت الاحتجاجات العمالية إلى ذروتها في عام 2013 بدرجة غير مسبوقة حيث بلغت 2239 احتجاج، ثم 1609 عام 2014، لتنخفض بعدها أعداد الاحتجاجات سنويًا بشكل حاد، في ظلِّ انقساماتٍ اجتماعية حادة وجذرية وأعمال عنف منقطعة النظير قبل وبعد فترة سيطرة الجيش على البلاد، انخفضت بعد ذلك وتيرة الاحتجاجات في الفترة بين 2013 و2019 نظرًا لزيادة تدخُّل الدولة في الشؤون العمالية من تمثيلهم وتنظيمهم.

كما شهد العام الماضي أكثر من 200 احتجاج عمالي، بحسب تقارير أصدرتها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومنصة العدالة الاجتماعية، منها 110 احتجاج لعمال المصانع، بينما نظَّمَ المعلمون 18 احتجاجًا للإعلان عن مطالبهم التي تنوَّعت بين رفض قرارات النقل، والمطالبة بتجديد عقود عملهم وتقديم شكاوى ضد موظفين إداريين في مدارسهم رفضوا صرف العلاوات على حدِّ قول المشتكين. ونظَّمَ الموظفون 33 احتجاجًا للمناداة بمطالب شملت صرف رواتب إغاثة بسبب ارتفاع الأسعار، أو احتجاجًا على غياب عقود العمل.

و بالرغم من الخطر الذي قد يواجهه العمال بتنظيمهم لمثل هذه الاحتجاجات من أحكامٍ بالسجن أو الاعتقال أو الفصل أو المعاش المبكر، فقد نظَّموا 63 فعاليةً احتجاجية وتظاهرة، كان أغلبها داخل مكان العمل أو بالقرب من المقر الرئيسي للشركة أو النقابة، ولم تتجوَّل معظم هذه المظاهرات في الشوارع المحيطة، باستثناء احتجاج واحد نُظِّمَ بالقرب من مجلس الوزراء في وسط القاهرة، علاوة على 34 إضرابًا ووقفًا للإنتاج.

قامت الأجهزة الأمنية خلال العام الماضي بالاعتداء على 30 احتجاجًا، ووقعت اعتقالات في 15 من تلك الاحتجاجات، إما في شكل اعتقال تعسفي وإما هجمات في الفجر قبل وإما بعد تنظيم الاحتجاج .وشهدت كلُّ هذه الاحتجاجات تواجدا أمنًيا، سواء في شكل القوات المحلية بالمدينة أو تعزيزات قادمة من مقرات أكثر مركزية، مثل مديرية الأمن أو أقرب معسكر لقوات الأمن المركزي.

من أمثلة ذلك اعتقال سبعة عمال من شركة حسن علام العقارية، بعدما نظَّمَ قرابة 500 عامل مظاهرةً على خلفية تخفيض الإدارة 20% من رواتب العمال. ونظَّم العمال وبعض المهندسين من الشركة، المتعاقدين على القيام بأعمالٍ في العاصمة الإدارية الجديدة، إضرابًا أمام مقر الشركة في العباسية في مارس 2019. وبعد ثلاثة أيام، أُلقِيَ القبض على سبعة عمال واحتُجِزوا لمدة 45 يومًا.

وهناك مثالان آخران على حالات اعتقالات وقعت في مظاهرتين منفصلتين في القطاع الحكومي؛ أولهما في هيئة السكك الحديدية في شهر يونيو، والأخرى في شركة الشرقية للدخان في أكتوبر. في التظاهرة الأولى، طالب عمال السكك الحديدية بزيادة المرتبات لمواجهة غلاء الأسعار، وأُلقِيَ القبض على 7 عمالًا في المظاهرة وجرى التحقيق معهم وأُخلِيَ سبيلهم بعد انتهاء الإضراب. أما التظاهرة الثانية في شركة الشرقية للدخان، فقد تجاوزت مطالبها حد المطالب الاقتصادية المعتادة، إذ طالب العمال بطرد المدير التنفيذي للشركة، هاني أمان، بعد تسريب معلومات عن إقدامه على تقديم مقترح سيؤدي إلى تخفيض رواتب العاملين. وطالب العمال كذلك بزيادة الإضافي اليومي إلى 220 جنيه في الشهر، و بزيادات لكلٍّ من العمال والموظفين، وتوقيع عقود مع الموظفين الذين ليس لهم عقود بعد. واحتُجِزَ 7 من العمال في أثناء التظاهرة لفترةٍ قصيرة وأُطلِقَ سراحهم فيما بعد.

وتنوَّعَت المطالب العمالية في احتجاجات العام الماضي بين رفض فصل العاملين، والاحتجاج على تدني الرواتب، والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، والاحتجاج على تأخُّر صرف المستحقات المالية، والمطالبة بتقنين أوضاع العاملين، ورفع العلاوة السنوية.

 

خاتمة

ومن المنتظر تمرير تعديلات القانون، ومعه ستزداد هموم العمال اكثر واكثر في ظل أمان أمني توفره الآلة العسكرية والأمنية للسيسي، في مواجهة غضب جماهير العمال والمهنيين والموظفين، حتى لو كانت التعديلات غير دستورية، في ظل مجلس نيابي مهندس مخابراتيا، يعمل لتأمين مصلحة النظام على حساب الشعب.

 

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022