انتصارات الوفاق الإستراتيجية وسيناريوهات الردود المصرية الروسية هل تضع ليبيا على طريق التقسيم؟

مبادرة غير منطقية يطلقها النظام المصري بدعوى الحل السياسي في ليبيا يحضرها الطرف المهزوم فقط وتطالب المنتصر بتسليم أسلحتهم، وإعلان روسي لتجنيد مقاتلين سوريين للذهاب للقتال في ليبيا، وقبلها إرسال طائرات روسية ترسو في قاعدة الجفرة الليبية، ونشر قوات عسكرية مصرية على الحدود الليبية، وفق ما أعلنت “غرفة بركان الغضب”،مساء الاثنين 8 يونيو. فيما كشفت مصادر لـ”روسيا اليوم” أن قوات المنطقة العسكرية الشمالية التابعة للجيش المصري، والمتمركزة بالإسكندرية هي من تحركت باتجاه الحدود الليبية، ونشر الحسابات المخابراتية بمصر فيديوهات قديمة لتحريك قوات مسلحة مصرية باتجاه مرسى مطروح بالقرب من ليبيا، اتضح أنها فيديوهات منذ مناورة قادر 2020 التي شاركت بها مصر، في يناير الماضي، بهدف التخويف بتدخل عسكري مصري بليبيا

في ظل هذه الأجواء تسير الأوضاع السياسية والأمنية إلى منعطف خطير.

وعلى الجانب الأخر تأتي انتصارات قوات الوفاق الليبية الممتدة من طرابلس وجنوبها ، حتى سرت في غرب ليبيا، مع تطورات ميدانية متلاحقة وهروب لقوات حفتر وتفكك مليشيات الجنجويد ومرتزقة فاغنر ضمن  خطة الحسم التي تطبقها قوات الوفاق بدعم تركي ورضاء أوروبي لا يقبل بتمدد روسي في جنوب البحر المتوسط.

وشملت أبرز الانتصارات لقوات الوفاق، السيطرة على كامل الحدود الإدارية لطرابلس، ومدينة ترهونة، ومدينة بني وليد وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات في الجبل الغربي، وكان الجيش الليبي التابع للوفاق، قد أطلق في 6 يونيو الجاري، عملية “دروب النصر” لتحرير مدن وبلدات شرق ووسط البلاد، في مقدمتها سرت والجفرة والوشكة. إلا أن عملية التمجج في سرت تواجه بتصعيد جوي من قبل طيران حربي روسي أدى لخسائر بشرية وأسلحة في جانب قوات الوفاق، حتى فجر الثلاثاء 9 يونيو.

 

أسباب انتصارات الوفاق

وبحسب خبراء، فمن أسباب خسارة داعمي حفتر، هو غياب التنسيق فيما بينها، حيث غاب التنسيق عن الأطراف الداعمة لحفتر، سواء  مصر وروسيا والإمارات، وذلك في الوقت الذي كانت فيه تركيا توفر التنسيق بين جميع المكونات الميدانية بالجيش الليبي، تقنيا واستشاريا وعسكريا، وساهم التنسيق التركي، في إحداث عدم فاعلية التنسيق بين الدول الداعمة لحفتر فيما بينها، واكتسبت قوة عليا في “حرب الوكالة بدوره قال المحلل السياسي، محمد “برويز بيلرغامي”، في حوار مع صحيفة “يني شفق”،إن أحد أسباب فشل أبو ظبي في حربها بليبيا، أنها كانت تعتمد على المرتزقة من السودان وتشاد ونيجيريا، وتعتمد على استيراد المقاتلين والأسلحة في مبارياتها الكبيرة في المنطقة.

أما السبب الآخر، فيكمن في أن الإمارات بعيدة جغرافيا عن ليبيا، كما أنها لم تسجل نجاحا في حربها بشراكة السعودية في اليمن البلد المجاور لها، وأيضا فالإمارات لديها القدرة على حرق الأموال التي تجنيها من النفط في حروبها، ولكنها لا تستطيع الفوز بها لأنها تفتقر لعنصر “القوة الوطنية فعلى الرغم من منح الإمارات لمليشيا حفتر دعما سخيا بأنظمة الدفاع الجوي “بانتسير” الروسية، والمسيرات “وينغ لونغ” الصينية، لكنها خسرت المعركة بفعل الطائرات المسيرة التركية، ولفت إلى أن المرتزقة الذين أرسلتهم الإمارات للقتال إلى جانب حفتر، غير مدربين، ويمكن الاستعانة بهم فقط كخلايا إرهابية فقط بالبلاد.  وهو ما يؤكد أن الإمارات قادرة على خلق الفوضى، وتنظيم الانقلابات، ورشوة السياسيين، لكنها لا تستطيع كسب الحروب، وأضاف أن الإمارات بحاجة لدول ذات قدرات عسكرية قوية لكسب الحرب في ليبيا، وعلى الرغم من وجود شركاء لها مثل فرنسا وروسيا ومصر، فإنهم لم يستخدموا قوتهم العسكرية ضد الحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة.

واستبعد الباحث السياسي، قدرة الطائرات الحربية الروسية التي أرسلت من سوريا على إعاقة تقدم الجيش الليبي، لأن الحروب الحديثة تخاض بطائرات مسيرة ومسلحة، ولديها قدرات حربية إلكترونية عالية، وتركيا طورت بنية تحتية عالية لخوض مثل هذه الحروب، ناهيك عن وجود عناصر عسكرية مدربة تدريبا عاليا في ليبيا، قادرة على توفير الخدمات الاستشارية والتدريب اللازم للجيش الليبي، حيث تمكنت الطائرات المسيرة التركية من تغيير التوازن في الحرب لصالح حكومة الوفاق الوطني، إلى جانب أنظمة الدفاع الجوي متوسطة المدى التي نشرتها لحماية المجال الجوي لطرابلس، وأيضا كان  لمنظومة كورال للحرب الإلكترونية، التي كان لها أداء ناجح في سوريا، دور كبير في تدمير نظام الدفاع الجوي الروسي “بانتسير، ومنذ 2014 انقسمت ليبيا بين مناطق تسيطر عليها حكومة طرابلس، وأراض تسيطر عليها قوات حفتر المتمركزة في بنغازي، ويحظى حفتر بدعم روسيا وفرنسا والإمارات ومصر.

 

مستقبل الموقف التركي

ويستبعد خبراء  قبول أنقرة وحكومة الوفاق الجلوس على الطاولة مع حفتر، والمؤتمر الصحفي الذي عقد بين أردوغان والسراج في أنقرة، كان رسالة واضحة في هذا الاتجاه، ولكن السؤال يكمن في إذا ما ضغطت الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا والصين على السراج هل سيقبل؟ وهل ستقبل تركيا بذلك أم لا؟

ومع ذلك فإن تركيا بحوزتها أوراق رابحة، إلى جانب القوة الميدانية على الأرض، وربما قد تطلب إنشاء قاعدة عسكرية لها هناك، مقابل قبول التفاوض، أو ستقبل بوقف إطلاق نار، على أنه لا مكان لحفتر في مستقبل ليبيا، كما لا يمكن تحقيق شيء على الطاولة بدونها، وقد تستقر في ليبيا كما فعلت في الشمال السوري، إذ أن تركيا بحاجة الآن لقاعدة جوية وبرية في ليبيا، لأنها ليست دولة جارة لها، وقاعدة “الوطية” على الحدود التونسية مهمة للغاية.

 

واقع سياسي وعسكري جديد

ومن المؤكد أن تصنع انتصارات الوفاق واقعا سياسيا جديدا بليبيا، وهو ما يتوافق مع ما اعتبره مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش” إن مبادرة وقف إطلاق النار في القاهرة هي محاولة لتقليل خسائر حفتر التي كشفت عن نفوذ تركيا الحاسم على الجانب الآخر من الحرب، التي تقف مع حكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن حجم وسرعة انهيار حفتر أدهشت الليبيين، وأن تراجعه لن يكون نهاية لحملته التي استمرت 14 شهرا على العاصمة بل وتؤشر إلى مرحلة يتشكل فيها الفضاء العسكري والسياسي للبلد، وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح ما ستؤول إليه الأمور بعدما ينجلي الغبار. ولكن حفتر أصبح مهزوما. وهذه هي المرة الأولى التي يقدم تنازلات أو عرضا للتسوية منذ عودته إلى ليبيا عام 2014.

وتعتبر ليبيا من أغنى دول القارة الإفريقية من ناحية احتياطات النفط، وتعيش في حالة من الفوضى منذ العملية التي قادها حلف الناتو والولايات المتحدة للإطاحة بالزعيم معمر القذافي عام 2011. وقاد اندلاع قتال بين الفصائل الليبية إلى حرب إقليمية ودولية بالوكالة حيث ضخت فيها الدول المال والسلاح والمرتزقة لكل جانب في الحرب. وتحول البلد على مر السنوات إلى دولة مقسمة بين الشرق والغرب، حيث سيطر حفتر على بنغازي في الشرق، أما حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة فقد سيطرت على طرابلس في الغرب. ونشرت تركيا بوارج حربية وطائرات بدون طيار ومقاتلين سوريين، حيث حققت القوات التابعة لحكومة الوفاق سلسلة من الانتصارات التي أدت لهزيمة قوات حفتر وإخراجهم من الغرب ودفعتهم للهروب إلى الشرق.

وبعد استعادة السيطرة على مطار طرابلس مؤخرا، تقدمت القوات نحو مدينة ترهونة وسيطرت عليها يوم الجمعة وترك مقاتلو حفتر وراءهم مروحيات وأنظمة دفاع عسكرية روسية ومخازن هائلة من الذخيرة. وبحلول السبت الماضي، كانت قوات الحكومة قد وصلت إلى سرت التي تبعد 230 ميلا عن العاصمة طرابلس إلى الشرق. وتعرضت قوات الحكومة لهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار حسب مصادر الأخبار الليبية. وبدأت عمليات إنتاج النفط في جنوب طرابلس بعدما هربت قوات حفتر. وبدأ الإنتاج في حقل الشرارة.

ويقول “ولفرام لاتشر” من “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية” إن السؤال المطروح عما ستفعله روسيا. وهرب مئات من المرتزقة الذين أرسلتهم شركة فاغنر المقربة من الكرملين من حول العاصمة إلى قاعدة عسكرية في الشرق. ويمكن للروس استخدام قوتهم الجوية لمنع قوات الحكومة التقدم نحو الهلال النفطي الذي يشكل مركز الصناعة النفطية الليبية ولا يزال بيد حفتر.

وهناك إمكانية كما قال لاتشر هي أن المبادرة المصرية التي أعلن فيها عن وقف إطلاق النار قد تكون مقدمة لغارات جوية مصرية أو قوة أخرى ضد قوات الحكومة. وقال: “أرى أنها تحذير لقوات الحكومة أن مصر ستفرض خطا أحمر لو لم تتوقف عن تقدمها” و”يريد المصريون استمرار سيطرة حفتر على الهلال النفطي”. ومع ذلك فالهزائم تعتبر تغيرا في حظوظ حفتر الذي كان رصيدا ل”سي آي إيه”. ومنذ ظهوره عام 2014 عرف بأنه رجل مشاكس يريد السيطرة بالقوة ولا يهتم بالسياسة وحاول اللعب بحلفائه الأجانب ولم يخف نيته السيطرة على البلاد بقوة السلاح.

ولكن حفتر المشاكس بدا وقد تأدب يوم السبت في القاهرة، حيث اقترح أنه مستعد لتطبيق وقف إطلاق النار بدءا من الاثنين 8 يونيو الجاري. ولكنه هاجم في خطابه ما سماه “الاستعمار التركي” ودعا لإخراج كل المقاتلين والأسلحة الأجانب، والمفارقة أن حفتر اعتمد بشكل قوي على المرتزقة الأجانب والدعم العسكري من حلفاء الخارج لكي يقوم بعمليته الفاشلة ضد طرابلس. وكانت حملته تسير بشكل جيد وبدعم من الروس حتى يناير الماضي عندما تدخلت تركيا إلى جانب حكومة الوفاق الضعيفة، وتدخل أردوغان في المعمعة بدوافع تجارية وإستراتيجية وقبل موافقته على نشر قواته وقع سلسلة من المعاهدات العسكرية والتجارية مع الحكومة منحته حقوقا في مياه شرق البحر المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي. ولكن الحرب في ليبيا منحته فرصة للرد على منافسته الإمارات العربية المتحدة. وكشف عن أثر التدخل العسكري التركي في غضون أشهر، وتم نشر الضباط الأتراك لفرض النظام داخل القوات التابعة للحكومة، ويقول المحللون إن تركيا وروسيا قد تبتعدان عن المواجهة المباشرة وربما توصلتا لصفقة في ليبيا.

وربما واجه حفتر تحديا في قاعدة سيطرته في الشرق التي همش فيها المنافسين له، ويعلق لاتشر أن هناك الكثير من القوى واللاعبين وربما رأى بعض الموالين له فرصة لتحسين مواقعهم، فيما سيجد بعض من همشوا أو نفوا إلى خارج شرق ليبيا فرصة للرد عليه، وهو مزيج متفجر.

 

 

مبادرة السيسي حّول سياسي

وتأتي مبادرة السيسي، لوقف إطلاق النار في ليبيا، بدءا من الثامن من الشهر الجاري، كأبرز تعبير عن الحول السياسي للدبلوماسية المصرية، وقال السيسي في مؤتمر صحفي،  إنه اتفق مع حفتر وصالح على طرح مبادرة سياسية لإنهاء الصراع في ليبيا، وأضاف أن المبادرة المطروحة تدعو إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا اعتبارا من الاثنين الموافق 8 يونيو الجاري، والمبادرة تنص على تعيين رئيس ونائبين وفترة انتقالية في ليبيا تمتد لعام ونصف.

من جهته أكد حفتر التزامه بمخرجات مؤتمر برلين ومحادثات 5+5، داعيا لإجراء حوار فوري، يشارك فيه جميع الليبيين، ينتج عنه مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية جديدة، وقال السيسي، إن مبادرته تستند على مخرجات مؤتمر برلين، وتدعو لاستكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف برعاية الأمم المتحدة، وتتضمن المبادرة، أن تقوم الأمم المتحدة “بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها

وتشمل “قيام كل إقليم من الأقاليم الثلاث، بتشكيل مجمع انتخابي يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم، بجانب شيوخ القبائل والأعيان، ويتولى كل إقليم اختيار الممثل الخاص به سواء بالتوافق أو بالانتخاب وذلك في مدة لا تتجاوز 90 يوم، وتعبر المبادرة عن ماولة مصرية لتفكيك ليبيا، وفق خبراء ليبيين، وتدعم خضوع المنتصر لإرادة المنتصر، لتخفيف خسائر حفتر، وجاءت زيارة حفتر وعقيلة صالح للقاهرة في ظل خلاف مستمر بينهما، منذ إعلان مجلس نواب طبرق، في 25 مايو الماضي، رفضه إعلان حفتر تنصيب نفسه حاكما على ليبيا، وإسقاط الاتفاق السياسي لعام 2015.

 

نص المبادرة:

  • التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، وبناء عليه التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من ۸ يونيو.

 

  • ارتكاز المبادرة بالأساس على مخرجات قمة ” برلين “، والتي نتج عنها حلا سياسية شاملا يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية ، والأمنية ، والاقتصادية)، واحترام حقوق الإنسان وقانون الإنسان الدولي ، واستثمارات لما انبثق عن مؤتمر ” برلين ” من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية

 

  • استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية ( ” 5 +5 ” ) ب ” جنيف ” برعاية الأمم المتحدة ، وبما يترتب عليه إنجاح باقي المسارات سياسية ، والأمنية ، والاقتصادية ) ، أخذا في الاعتبار أهمية قيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها حتى تتمكن القوات المسلحة الجيش الوطني الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسئولياتها بمهامها العسكرية والأمنية في البلاد .

 

  • العمل على استعادة الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة واستثمارا لجهود المجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية

 

  • إعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية الجيش الوطني الليبي، مع تحمل الجيش الوطني بمسئولياته في مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واسترداد الأمن في المجال البحري ، والجوى ، والبري.

 

  • يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية ، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة فيتم اتخاذ القرارات أو البت في المقترحات التي يقدمها القائد العام للقوات المسلحة في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام للقوات المسلحة.

 

المحاور الأساسية للمبادرة :

  • قيام كل إقليم من الأقاليم ال ” 3 ” ( المنطقة الشرقية المنطقة الجنوبية ) بتشكيل مجمع إنتخابي يتم إختيار أعضائه من مجلسی النواب والدولة الممثلين لكل إقليم ، بجانب شيوخ القبائل والأعيان ، ومراعاة نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب ، إضافة إلى النخب السياسية من المثقفين والنقابات ، بحيث تجتمع اللجان ال ” 3 ” تحت رعاية الأمم المتحدة ويتم التوافق عليها ويتولى كل إقليم إختيار الممثل الخاص به سواء بالتوافق أو بالإنتخاب ، وذلك في مدة لا تتجاوز ” ۹۰ ” يوما.

 

  • قيام كل إقليم باختيار ممثله للمجلس الرئاسي كذا نائب الرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية، بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين ، ومن ثم قيام المجلس الرئاسي بتسمية رئيس الوزراء ، والذي يقوم بدوره هو ونائبيه بتشكيل حكومة وعرضها على المجلس الرئاسي ، تمهيدا لإحالتها المجلس النواب لمنحها الثقة.

 

  • قيام الأمم المتحدة بالإشراف على المجمعات الانتخابية بشكل عام لضمان نزاهة سير العملية الخاصة باختيار المرشحين للمجلس الرئاسي.

 

  • حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية طبقا لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة ، على أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث المجلس الرئاسي- مجلس النواب – مجلس الوزراء ) بحيث يحصل إقليم ” طرابلس ” على ” 4 ” وزارات ، وإقليم ” برقة ” على ” 7 ” وزارات ، كذا إقليم الفزان ” على ” ه ” وزارات ، على أن يتم تقسيم ال ” 6 ” وزارات السيادية على الأقاليم ” ۳ ” بشكل متساوی ( وزارتين لكل إقليم ) مع تعيين نائبين لكل وزير من الأقليمين الأخرين.

 

  • إضطلاع مجلس النواب الليبي بإعتماد تعديلات الإعلان الدستوى من خلال لجنة قانونية يتم تشكيلها من قبل رئيس المجلس المستشار ” عقيلة صالح ” ، وذلك عقب قيام اللجنة ( تضم ممثلي أعضاء مجلسي النواب والدولة ) بالإتفاق على النقاط الواجب تعديلها في الإعلان الدستوري في مدة لا تتجاوز ” ۳۰ ” يوم بدء من تاريخ إنعقاد أول جلسة.

 

  • قيام المجمع الإنتخابي لكل إقليم تحت إشراف الأمم المتحدة بتشكيل لجنة من شخصيات وطنية وخبراء دستوريين ومثقفين من ذوي الكفاءة واعتمادها 6 من قبل البرلمان الليبي لصياغة دستور جديد للبلاد يحدد شكل إدارة الدولة الليبية وطرحه للإستفتاء الشعبي لإقراره ( على أن تنتهي من أعمالها خلال ” 90 ” يوم من تاريخ تشكيلها).

 

  • تحديد المدة الزمنية للفترة الإنتقالية ب ” 18 ” شهر قابلة للزيادة بحد أقصى ” 6 ” أشهر ، يتم خلالها إعادة تنظيم كافة مؤسسات الدولة الليبية خاصة المؤسسات الإقتصادية الرئيسية المصرف المركزي – المؤسسة الوطنية للنفط المؤسسة الليبية للإستثمار ، وإعادة تشكيل مجالس إدارة المؤسسات الأخيرة بما يضمن فعالية أداء الحكومة الجديدة وتوفير الموارد اللازمة لإدارة المرحلة الإنتقالية إنتهاء بتنيظم إنتخابات رئاسية وبرلمانية.

 

  • اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتوحيد كافة المؤسسات الاقتصادية والنقدية في شرق وجنوب وغرب ليبيا، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، إلى جانب منع وصول الأموال الليبية إلى أي من المليشيات ، كذا العمل على ضمان توزیع عادل وشفاف للموارد الليبية لكافة المواطنين .

 

رفض ليبي لمبادرة السيسي

وبحسب مراقبون فإن مبادرة القاهرة لوقف إطلاق النار،  هي محاولة لتقليل خسائر حفتر التي كشفت عن نفوذ تركيا الحاسم، عبر دعمها حكومة الوفاق الوطني، بينما يرى البعض أن المبادرة المصرية التي أعلن فيها عن وقف إطلاق النار قد تكون مقدمة لغارات جوية مصرية أو قوة أخرى ضد قوات الحكومة، حيث تسعى مصر لاستمرار سيطرة حفتر على الهلال النفطي، وتجاهلت مبادرة السيسي اتفاق “الصخيرات” السياسي، رغم تطرقه إلى الاتفاقيات الدولية المنعقدة في برلين وروما وأبو ظبي، وتأكيده أن مبادرة القاهرة جاءت وفق توصيات مجلس الأمن الدولي ومخرجات مؤتمر برلين.

واتفاق الصخيرات هو اتفاق سياسي ليبي شمل جميع أطراف الصراع، وجرى توقيعه تحت رعاية الأمم المتحدة في مدينة “الصخيرات” المغربية، بتاريخ 17 ديسمبر 2015، لحل الأزمة الليبية، وجاء التجاهل المصري لاتفاق “الصخيرات” بعد انقلاب حفتر على الاتفاق نفسه نهاية شهر أبريل الماضي، ووصفه بأنه “اتفاق مشبوه ومدمر وقاد ليبيا إلى منزلقات خطيرة”، بحسب تقديره، وقد أثارت مبادرة السيسي رفضا وإجماعا على هزليتها، حيث اعتبرها “مجلس الدولة الليبي” أنها لا جديد بإعلان القاهرة وحفتر ليس جزءا من الحل، وهو ما أكده خالد المشري رئيس المجلس الرئاسي، قائلا: “لا يمكن الاعتراف بأي مبادرة لا تستند إلى الاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات)”، معربا عن رفضه للتدخل المصري بكل ما يهم الليبيين، “لأننا دولة ذات سيادة”.

بدوره، رأى المحلل السياسي الليبي عبد السلام الراجحي أن المبادرة المصرية مفصولة عن الواقع والتطورات الميدانية تماما، ويتم طرحها وكأن حفتر هو المنتصر، مشيرا إلى أن التواجد العسكري لقوات حفتر بمحيط العاصمة طرابلس بات بعيدا، بفضل الهزائم الأخيرة المتواصلة، لافتا إلى أن المبادرة المصرية تشير إلى غياب السيسي عن المشهد الليبي وتطوراته الأخيرة، إلى جانب أن هذه المبادرة قد يكون جرى صياغتها في الإمارات، وهي أقرب إلى “الأماني” بالنسبة لحفتر وحلفائه، وبالتأكيد لن تحدث، وتابع الراجحي: “التجاهل لاتفاق الصخيرات يعود إلى أمر أساسي، وهو أن هذا الاتفاق السياسي يؤدي إلى غياب حفتر ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح عن المشهد الليبي”، مبينا أن الاتفاق لا يعطي لهم مكان في مسار العملية السياسية، “لأنهم غير شرعيين.

ومن ثم فإن المبادرة المصرية لن يكتب لها النجاح، لأن الاتفاقيات الدولية بشأن الملف الليبي، تعتمد بشكل رئيسي على اتفاق الصخيرات، ولن يسمح المجتمع الدولي باستبداله، لأجل إنقاذ قوات حفتر من الورطة التي يمرون فيها على الأرض، بجانب أنها تحاول صياغة ما يريده حفتر ومصر والإمارات، دون مراعاة للتوافقات السابقة بين الليبيين، ومنها اتفاق “الصخيرات” السياسي.

 

مصر..من المبادرة السياسية إلى الحشد العسكري

وإزاء تلك التطورات، وبحسب تقارير إعلامية أولية، تتصاعد التنبؤات بدخول القوات المصرية إلى ليبيا ، والتي يراها مراقبون مشوبة بمخاطر كبيرة على الجانب المصري، قد تكرر تجربة الجيش المصري في اليمن في العام 1963، وما سببته من هزيمة لاحقة في العام 1967، وقد يقع التدخل لعسكري في إطار سعي نظام السيسي لانجاز نصر عسكري، يمنح المؤسسة العسكرية رونقا بعد هزائمها المتلاحقة في سيناء، التي فشلت فيها 7 عمليات عسكرية منذ العام 2014، بجانب ما يمكن أن يدخل في الحسابات المصرية، من فشل حكومي كبير على المستوى الصحي والاقتصادي بالداخل المصري، وهو نهج متعارف عليه بالنظم العسكرية.

إلا أن التدخل العسكري المصري المباشر  يعرقله الموقف الأمريكي، الذي بلوره مؤخرا وزير الخارجية الأمريكي بومبينو  بأن بلاده على استعداد للتعاطي مع حكومة الوفاق في وقف التصعيد العسكري وضبط الأوضاع الأمنية في ليبيا، وهو موقف يعبر عن إستراتيجية أمريكية بالانحياز للطرف المنتصر ..وهو ما قد يعوق العمل العسكري المصري الموسع في ليبيا.

بجانب ما يفرضه اتفاق روسي تركي على مبادئ توافق سياسي لوقف التصعيد بليبيا..قد يتطور خلال الفترة المقبلة، لوقف تقدم قوات الوفاق عند حدود بنغازي، والاحتفاظ لحفتر بالسيطرة على الهلال النفطي وشرق ليبيا، والذي يعد خطا احمر للسيسي والنظام المصري، وقد تقبل به القوى الدولية، لضمان مصالحها، وذلك على الرغم، من قرار  مجلس الأمن الدولي، الذي نص على “تمديد التفويضات المنصوص عليها في القرار 2473 لمدة 12 شهرا إضافيا من تاريخ هذا القرار”، بشأن التنفيذ الصارم لحظر توريد الأسلحة في أعالي البحار قبالة سواحل ليبيا، لمدة 12 شهرا أخرى اعتبارا من الجمعة الماضية.

وهو ما يضع  قيود على حكومة الوفاق، وترك القوات التابعة لخليفة حفتر، تتحرك في البر والجو من دون قيود.

 

المواقف الأوربية

ولعل المستقبل الليبي أيضا، مرتبط بالمواقف الأوربية ومصالحها الممتدة بليبيا، وخاصة في قطاع النفط، فبجانب مؤتمر برلين، ظهرت محاولات للتموضع السياسي، من قبل الاتحاد الأوروبي، عندما أعلن في يناير الماضي عن تدشين عملية “إيرني”، حسب قرار مجلس الأمن رقم 2292 (2016)، مهمتها مراقبة حظر السلاح، بالإضافة إلى جمع المعلومات عن الصادرات غير القانونية من النفط ومحاربة الهجرة “غير الشرعية” إلى الاتحاد الأوروبي، وليل الاثنين وجهت المستشارة الألمانية ميركل نداء للسيسي، رفضت خلاله مبادرته، قائلة أن الحل السياسي في ليبيا لابد أن ينطلق من المبادئ والقواعد الدولية السابقة.

 

خاتمة

وقبل الوصول للحسم العسكري، سواء من قبل قوات الوفاق التي تواصل التقدم في سرت –حتى كتابة تلك السطور- أو في حال انقلاب الأمور بتدخل الجيش المصري بشكل مباشر، حيث تتواجد قوات وأسلحة مصرية عدة بالداخل الليبي لكن بشكل سري، يبقى على الليبيين مهام أصعب في المرحلة المقبلة، نحو صياغة مشروع وطني، للوصول إلى دستور يحترم الديمقراطية والحريات للانتقال إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وذلك قبل تدخلات دولية أوسع قد تفرض خطوط فاصلة بين القوات ، لتكريس انقساما ليبيا، لتحفظ وجود حفتر عسكريا في الشرق الليبي والوسط، ووقف تمدد قوات الوفاق، التي تعلن كل ساعة قوات وفرق عسكرية وقبائل في سبها وفي الجنوب تأييدها لقوات الوفاق.

ولعل خيار التقسيم قد يتوافق حوله الغرب والأوربيين مع مصر ، ولكنه يحمل الكثير من المخاطر على الليبيين.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022