تسبب الاغتيال الغامض للفنان الإثيوبي “هشالو هونديسا” أواخر يونيو 2020م، في إثارة فوضى كبيرة في معظم الأقاليم الإثيوبية؛ ذلك أن حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد قابلت الاحتجاجات التي خرجت احتجاجا على اغتيال هونديسا بعنف بالغ أسفر عن مقتل نحو 239 إثيوبيا وإصابة المئات، و”هونديسا” هو مغنّ إثيوبي شاب ينتمي لقومية الأورومو ويطلق عليه “فنان الثورة”، في إشارة إلى موجة من الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي اندلعت في إثيوبيا ضد الائتلاف الحاكم من 2015 حتى 2018 واضطرت رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين للاستقالة وتم تعيين رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد رئيساً للائتلاف وبالتالي رئيساً للوزارة، وآبي أحمد ينتمي أيضاً لنفس قومية الفنان هونديسا، ليصبح أول رئيس وزراء لإثيوبيا ينتمي للأورومو منذ الإطاحة بالديكتاتور هيلا ماريام هيلاسلاسي قبل نحو ثلاثة عقود.
هونديسا إذن كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بآبي أحمد لسدة الحكم في إثيوبيا قبل ثلاث سنوات، حيث تشكلت الخلفية السياسية للمغني الإثيوبي بوصفه منتمياً لقومية الأورومو ولعبت كلمات أغانيه دوراً رئيسياً في خروج المحتجين لإسقاط رئيس الوزراء السابق، ومساء الثلاثاء 30 يونيو/حزيران، وصف آبي أحمد ــ في خطاب عبر التليفزيون الرسمي ــ مقتل هونديسا بأنه “عمل شرير”، مضيفاً: “إنها فعلة ارتكبها واستلهمها أعداء في الداخل والخارج لزعزعة سلامنا ومنعنا من تحقيق الأمور التي بدأناها”.
حظي آبي أحمد في بداية توليه المنصب في 2018م بشعبية كبيرة وساد التفاؤل أنحاء البلاد، حيث عوّل كثير من الإثيوبيين على أن يقود رئيس الوزراء الجديد البلاد إلى مستقبل أفضل ويرسي قواعد حكم ديمقراطي، وأطلقوا عليه لقب “المنقذ”، فالرجل يتمتع بمؤهلات سياسية وعسكرية وأكاديمية تجعله قادراً على تحقيق توازن في بلد متعدد الأعراق والقوميات. فهو حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة أديس أبابا ويحمل درجة الماجستير من الولايات المتحدة وبريطانيا، وعمل سابقاً وزيراً في الحكومة وكان له دور أساسي في تأسيس وكالة الاستخبارات في البلاد، وزاد التفاؤل في البلاد بحصول آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام سنة 2019م بسبب قدرته على إنهاء “الصراعات العرقية” في بلاده والتوصل لسلام مع إريتريا، إضافة لتبني نهضة اقتصادية جعلت إثيوبيا من أبرز الاقتصادات الناشئة في إفريقيا، محققاً معدلات تنمية أشادت بها المؤسسات الدولية.
لكن موجة الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر 2019م، ضد سياسات الحكومة؛ مثَّلت محطة فاصلة في حكم آبي آحمد حيث قابلتها أجهزة الحكومة الأمنية بعنف مفرط أسفر عن مقتل نحو 67 إثيوبيا وإصابة المئات من قومية “الأورومو”؛ وانتقدت صحيفة “الجارديان” البريطانية هذا العنف المفرط من حكومة رجل حصل للتو على نوبل للسلام، – في نسخة كربونية من الاحتجاجات ضد الائتلاف الحاكم أطاحت بديسالين وأتت بآبي أحمد – وكان السياسي والإعلامي جوهر محمد الذي ينتمي إلى قومية الأورومو أبرز الداعين لهذه الاحتجاجات أيضاً، وكتبت “الجارديان” تقريرا تحت عنوان «الاحتجاجات ضد رئيس وزراء إثيوبيا الحاصل على نوبل تؤدي لسقوط قتلى» وفي أعقاب المذبحة شن “جوهر” هجوما حادا على “أحمد” واتهمه بالتصرف كـ”ديكتاتور”، ولمّح للمرة الأولى إلى أنه يفكر في ترشيح نفسه في الانتخابات لإنقاذ إثيوبيا من “العودة للماضي والحكم الاستبدادي”، مضيفاً: “إنه (آبي أحمد) يستخدم العلامات المبكرة للديكتاتورية ومنها محاولة ترويع الناس حتى أقرب حلفائه الذين ساعدوه على الوصول للسلطة لكنهم لا يتفقون مع بعض سياساته ومواقفه وأيديولوجياته التي يدعو لها، التخويف والترويع بداية للحكم السلطوي الاستبدادي”.
وفي اليوم التالي لمقتل 67 إثيوبيا وإصابة المئات من قومية “الأورومو” ندد آبي أحمد ــ أمام البرلمان الإثيوبي ــ بما سماها “محاولة إثارة أزمة عرقية ودينية” مضيفاً أن “الأزمة التي نعيشها اليوم قد تتعمق إذا لم يتحد الإثيوبيون”، وفي نفس الجلسات المخصصة لمناقشة الاحتجاجات والقتلى، لم يفوّت آبي أحمد الفرصة وقال إن بلاده مستعدة “لحشد الملايين دفاعاً عن السد” إذا ما دخلت مصر الحرب، ذلك التصريح أثار دهشة المسؤولين المصريين وقتها، وتراجع عنه آبي أحمد عندما التقى السيسي في موسكو، قائلاً إن تصريحاته تم اجتزاؤها من سياقها.
لكن الحقيقة أن آبي أحمد، منذ تسلمه مهام منصبه في 2018م، يستخدم ملف سد النهضة كنقطة فخر قومي يستهدف توظيفها سياسيا من أجل توحيد الإثيوبيين على اختلاف قومياتهم وأعراقهم، ولذلك يوجه الاتهامات المبطنة أحياناً والمباشرة أحياناً أخرى لمنتقديه ومعارضيه على أنهم “أعداء للوطن”، وبالتالي فإن آبي أحمد يوظف ملف سد النهضة سياسياً ليضمن توحّد الإثيوبيين خلفه والنجاح في الانتخابات المقبلة، التي يتهمه جوهر بمحاولة تأجيلها مرة أخرى خوفاً من الهزيمة، ويحاول أحمد التغطية على جريمة اغتيال هونديسا بجر الإثيوبيين إلى التوحد خلف الحكومة ضد “العدو”، الداخلي والخارجي؛ حيث قال نصا: «إنها فعلة ارتكبها واستلهمها أعداء في الداخل والخارج لزعزعة سلامنا ومنعنا من تحقيق الأمور التي بدأناها»، في إشارة إلى جوهر كعدو داخلي والمعتقل حاليا في سجون الحكومة أما أعداء الخارج فهم مصر وربما السودان.
«3» زوايا للصراع
وفي تحليل لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، فإن الاضطرابات التي شهدتها إثيوبيا على خلفية اغتيال المغني الشعبي هاشالو هونديسا، كشفت النقاب عن ثلاث مشكلات أساسية تواجه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا:[[1]]
الأولى: أن هذه الأزمة كشفت عدم ثقة الكثير من شباب عرقية الأورومو في الدولة ونظام الحكم في بلادهم، حيث يرون أن مجموعات عرقية أخرى أصغر مثل الأمهرة والتيجراي تهيمن على البلاد منذ فترة طويلة، بينما عرقيتهم الأكبر مهمشة، ورغم أن احتجاجات الأورومو الحاشدة خلال الفترة بين 2014 و2018 هي التي أدت إلى تعيين آبي أحمد رئيسا للوزراء، ولكن صعوده لم يقض على مطالب الأورومو بمزيد من الاستقلال لإقليمهم ولم يمنع العنف ضد الدولة، يدلل على ذلك نائب مفوض الشرطة في منطقة أوروميا غيرما غيلام أعلن بحسب بيان نشرته هيئة “فانا” الرسمية للبث مقتل 145 مدنيا و11 عنصر أمن في الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، في أعقاب مقتل هاشالو”، ومن بين 10 أشخاص قتلوا في أديس أبابا خلال الأيام الماضية، اثنان من رجال الشرطة، وفي أداما وهي مدينة أخرى مضطربة في إقليم أوروميا، أشعل المتظاهرون النيران في مكتب العمدة وحاولوا السيطرة على مقر الإذاعة الحكومية الإقليمية.
الثانية: الأزمة الإثيوبية الأخيرة كشفت أيضا أن الدولة مستعدة لاستخدام العنف والقمع ردا على الاحتجاجات الشعبية. فعلى الرغم من أن آبي أحمد وعد بسياسات منفتحة مع وصوله للسلطة حيث أطلق سراح سجناء سياسيين ورحب بعودة حركات المعارضة من المنفى في الخارج، إلا أن انتهاء الممارسات القديمة أمر صعب. فعندما بدأ العنف من المتظاهرين، لجأت قوات الأمن إلى وسائل مألوفة منها قطع شبكة الانترنت، وإلقاء القبض على نحو 1200 شخص. وشملت هذه الاعتقالات صحفيين متهمين بالتحريض على العنف بالإضافة إلى بعض قادة المعارضة، من بينهم المعارض البارز جوهر محمد. وفي مدينة أمبو غرب العاصمة قتلت الشرطة بالرصاص 9 أشخاص من بينهم اثنان من المشيعين كانوا يحاولون دخول الاستاد حيث كانت تقام جنازة هاشالو هونديسا في الثاني من يوليو الجاري.
المشكلة الثالثة: التي كشفتها الفوضى في إثيوبيا، فتتعلق بالجوانب العرقية، حيث هاجمت مجموعات من شباب الأورومو أفرادا في عرقيات أخرى لاسيما الأمهرة ثاني أكبر عرقية في البلاد، وفي أديس أبابا حيث يشكل المتحدثون باللغة الأمهرية الغالبية، نظم سكان العديد من الأحياء مجموعات للدفاع عن النفس، بتشجيع من الشرطة في بعض الأحيان. إضافة إلى ذلك فإن المغني هشالو هونديسا (34 سنة) الذي أفضى اغتياله إلى هذه الفوضى والعنف برز كصوت سياسي قوي لشعب الأورومو؛ مما خلق له كثيرا من الأعداء أثناء مسيرته الفنية، كما أنه كان قد أشار قبل اغتياله بأيام أنه تلقى تهديدات بالقتل؛ كما أن عملية الاغتيال جاءت بعد أسبوع من ظهوره على قناة فضائية انتقد فيها القيادة الإثيوبية وتحدث صراحة عن الاعتقال الجماعي لشباب طائفة الأورومو. وبات معظم المنتمين إلى عرقية “الأورومو” على يقين أنه قتل لأسباب عرقية من جانب جهات ومافيا نافذة بالحكومة تريد حماية الامتيازات التى تحظى بها عرقيات الأقلية “كالأمهرية والتيجراي” على حساب العرقية الأكبر “الأورومو”.
وتتوقع صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن تشهد أعمال الفوضى و الاحتجاجات تصعيدا مستمرا ومزيدا من العنف؛ لأن هونديسا كان يمثل رمزا سياسيا لعرقية “الأورومو” وكانت أغانيه تركز على حقوق عرقية الأورومو، أكبر مجموعة عرقية في البلاد، وأصبحت أناشيد تصدح بها الحناجر في موجة احتجاجات أدت إلى سقوط الحكومة عام 2018، وأن مقتل هاشالو أثار المظالم التي غذتها عقود من القمع الحكومي، وما تصفه عرقية الأورومو بأنه استبعاد تاريخي من السلطة السياسية.[[2]]
التوترات العرقية والدينية
تتشكل الخريطة العرقية في إثيوبيا من قومية الأورومو وتمثل 34.4% من السكان لكنهم يعانون من الاضطهاد والتهميش من جانب الحكومة؛ لأن غالبيتهم يدينون بالإسلام، هناك أيضا قومية الأمهرية وتمثل 27% من السكان وتعتبر لغتهم هي اللغة الرسمية في البلاد، ويتمتعون بنفوذ واسع في الائتلاف الحكومي، وهناك أيضا القومية الصومالية وتمثل 6.2% من السكان. ثم القومية التيجرية وتمثل 6.1% من السكان، ولهم نفوذ كبير وواسع في التحالف الحكومي، وهناك أيضا قومية السيداما وتمثل 4% من السكان، وأخيرا قومية الجوراج وتمثل 2.5% من السكان.[[3]]
من جانب آخر، فإن التوترات العرقية ليست بين “الأورومو” من جهة وإقليمي أمهرة وتيجراي من جهة أخرى؛ بل هناك توترات عرقية بين الإقليمين الآخرين “أمهرة وتيجراي” تهدد إثيوبيا بحرب أهلية خصوصا في ظل التنافس على الامتيازات بين الإقليمين والصراع على بعض المناطق. وينقل راديو “صوت أمريكا” عن مجموعة الأزمات الدولية أن الصراع بين الإقليمين يمكن أن يتصاعد ويهدد بنشوب حرب أهلية، ويعزو تقرير راديو “صوت أمريكا” أسباب هذه الصراع العرقي إلى عدة عوامل[[4]]:
الأول أن إقليم تيجراي الشمالي الذي حكم البلد الأفريقي لنحو ثلاثة عقود، تعرض للإقصاء من قبل الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا، الأمر الذي يزيد من خطر الصراع العسكري في الشمال.
الثاني، أن الإقليمين يشتركان في حدود متنازع عليها، وبحسب ويليام دافيسون كبير محللي مجموعة الأزمات الدولية المتخصص في الشأن الإثيوبي فإن مواطني أمهرة يعتقدون أن العديد من المناطق الرئيسية وخاصة مناطق ولكيت وراية تم ضمها إلى تيجراي، مع رسم خريطة الاتحاد الفيدرالي الحالي في أوائل التسعينات من القرن الماضي، ويرى ديسالين تشاني دانيو، رئيس الحركة الوطنية المعارضة في أمهرة، أن الخريطة الإقليمية لإثيوبيا القائمة على أراضي عرقية كانت السبب الجذري للعديد من التوترات، ليس فقط بين منطقتي أمهرة وتيجراي ، ولكن بين العديد من المناطق الأخرى.
الثالث، وجود خلافات بين إدارة الإقليمين حول موعد إجراء الانتخابات التي تأجلت بسبب تفشى جائحة كورونا إلى العام المقبل، حيث أعلن إقليم تيجراي أنه سيمضي قدمًا في إجراء الانتخابات البرلمانية متجاهلاً تأجيل هيئة الانتخابات للاقتراع على مستوى البلاد؛ لتضع إدارتها في مسار تصادمي مع الحكومة الاتحادية، بحسب وكالة “بلومبرج”.
وتعتبر الانتخابات المرتقبة في إثيوبيا إحدى أسباب الفوضى وتعقيد المشهد؛ وبحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية فإن “آبي أحمد يحكم دولة منقسمة، وقريبًا سوف يضطر للقتال في انتخابات صعبة تأجلت بسبب فيروس كورونا”، حيث كان مقررا أن تجرى في أغسطس المقبل ولكن تفشي جائحة كورونا دفع الحكومة الإثيوبية إلى تأجيل الانتخابات إلى 2021م، وبحسب محللين فإن أحد اسباب العناد الإثيوبي في أزمة سد النهضة هو سعي آبي آحمد إلى الظهور بصورة رجل إثيوبيا القوي الذي لا يرضخ للضغوط المصرية بعد رفضه للوساطة الأمريكية؛ عبر الإصرار على استكمال بناء السد وحجز المياه دون اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان، في سياق يعكس التوظيف السياسي من رئيس الحكومة الإثيوبية لمشروع السد لتحقيق مكاسب سياسية محلية يسعى من خلالها للفوز بالانتخابات المرتقبة في ظل قيادته لبلاد منقسمة عرقيا ودينيا وسياسيا.[[5]]
وإلى جانب التوترات العرقية، هناك أيضا أجنحة حكومية وعرقية تسعى لإشعال جرائم الكراهية على أسس دينية وتعزيز نزعات التطرف والتشدد الديني؛ وقد تعرض المسلمون في إقليم أمهرة صاحب الأغلبية المسيحية لهجمات إرهابية في ديسمبر 2019م؛ أدت إلى إشعال النيران في أربعة مساجد وأكثر من 150 من المحلات التجارية والممتلكات التابعة للمسلمين وتعريضها للنهب والسرقة، في الوقت الذي اكتفت فيه حكومة آبي أحمد باستنكار هذه الجرائم دون التحرك الفعال لمحاكمة المتورطين فيها،[[6]] وما يثير المخاوف أن الإقليم الذى شهد هذه الجرائم الإرهابية كان معروفا بالتعايش السلمي المشترك لأصحاب الديانات المختلفة. وتوجد في إثيوبيا نحو 80 عرقية و4 ديانات ما يجعلها قابلة للاشتعال الطائفي والعرقي في أي وقت إذا ضعفت سلطة الحكومة أو تخلت عن دورها في ضبط الأمور.
السيناريوهات المتوقعة
الأول، هو الفوضى والتمزق، فإن آبي أحمد الذي تحول إلى نجم عالمي بحصوله على نوبل للسلام بات يدرك الآن أن عقد اتفاق سلام مع جيرانه في إريتريا والسودان أسهل كثيرا من توحيد صفوف بلاده وحزبه، وينظر إلى نجاحاته الخارجية باعتبارها في أفضل الأحوال تمثل جهدا لتعزيز ملفه السياسي الشخصي على المستوى المحلي قبل الشروع في مهمة أكثر صعوبة تتمثل في إحلال السلام بين العرقيات الإثيوبية المتربصة ببعضها، وعلى آبي أحمد أن يشق طريقه الشائك لمنع تكرار التاريخ المحفوف بالمخاطر للتجارب السابقة الخاصة بالفيدرالية العرقية في دول مثل يوغوسلافيا، والتي تمزقت إلى عدة دويلات، وبالتالي فإن الانتخابات المرتقبة في 2021م تمثل محطة فاصلة في تاريخ إثيوبيا، فإما أن تفضي إلى حالة استقرار نسب مؤقت يحتاج إلى إجراءات أخرى أكثر رشدا وحكمة لتكريس الدولية الوطنية الجامعة أو تتجه البلاد نحو التمزق إلى عدة دويلات ولمنع هذا السيناريو عليه أن يدخل مزيدا من النظام والشفافية في عملية الانتقال السياسي.
السيناريو الثاني، أن ينجح آبي أحمد في في تكريس حكم ديمقراطي حقيق في الداخل كما نجح في التصالح مع الخارج ويتمكن من إجراء انتخابات نزيهة ومشاركة شعبية واسعة في صناعة القرار وضبط المصالح العرقية المتعارضة بمزيد من المشاركة الشعبية ووضع جدول زمني لتلبية مطالب العرقيات ووضع معاير منضبطة لحل الخلافات العرقية، بما يضمن استمرار حكم آبي أحمد عدة سنوات أخرى.
السيناريو الثالث، أن يتحول آبي أحمد إلى دكتاتور مستخدما عصا الجيش والأجهزة الأمنية لقمع أي تحركات عرقية انفصالية، وهو ما تجلى في الردود البالغة العنف من جانب الحكومة على الاحتجاجات التي جرت في أكتوبر 2019م أو تلك التي اندلعت في يوليو 2020 بعد اغتيال الفنان “هونديسا”، وربما يتدخل الجيش للإطاحة بآبي أحمد إذا لم يتمكن من السيطرة على الأمور، وتتويج جنرال آخر يكون أكثر صرامة وطغيانا وإعادة البلاد إلى عهد الدكتاتور هيلاسلاسي الذي حكم إثيوبيا بالحديد والنار لثلاثة عقود قبل الإطاحة بنظامه في 1991م، يدعم هذا السيناريو أن الجيش يمثل المؤسسة المركزية في نظام الحكم بأثيوبيا وعليه تستند جميع الحكومات بما يجعل أثيوبيا في الطريق نحو النموذج المصري بتكريس سلطوية عسكرية شمولية لا ترى سوى القمع طريقا لتوحيد البلاد الممزقة.
[1] حسام محمود/ إيكونوميست: اغتيال هونديسا كشف 3 تصدعات رئيسية في إثيوبيا/ مصر العربية 06 يوليو 2020
[2] حسام محمود/ جارديان: بسبب هونديسا.. إثيوبيا تنتظر مزيدا من العنف/ مصر العربية 03 يوليو 2020
[3] القصة الكاملة لاحتجاجات إثيوبيا.. “الأورومو” يثورون ضد ابنهم آبي أحمد وهو يعتبرها عرقلة لسد النهضة/عربي بوست 1 يوليو 2020
[4] حسام محمود/صوت أمريكا: أمهرة وتيجراي.. مناطق صراع تهدد إثيوبيا بحرب أهلية/ مصر العربية 13 يونيو 2020
[5] وائل عبد الحميد/ فاينانشال تايمز: انتخابات إثيوبيا تعقد أزمة سد النهضة/ مصر العربية 08 يوليو 2020
[6] صديق قدير عبدو/إثيوبيا.. جرائم الكراهية تتزايد والسلطة تكتفي بالاستنكار (تقرير)/ وكالة الأناضول 6فبراير 2020