مستقبل مجهول للديمقراطية التونسية بعد إقالة “الفخفاخ” ومحاولة الانقلاب البرلماني على “الغنوشي”

دخل المشهد التونسي مرحلة صراع سياسي مفتوح يثير المخاوف بشأن مزيد من الانقسام قد يؤدي إلى إضعاف الدولة في مواجهتها لظروف إقليمية متوترة، وظروف اقتصادية واجتماعية معقدة.

بدأ الصراع السياسي يحتدم في البلاد عقب الكشف عن شبهات تضارب مصالح تعلقت برئيس الوزراء ودعوة حزب حركة النهضة (حزب الأغلبية في البرلمان) إلى سحب الثقة منه (قبل تقديم استقالته)، باعتبار أنه غير قادر على مواصلة قيادة الحكومة بسبب ما يحوم حوله من شبهات فساد وتفاقم الفقر والأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

 

حرب لوائح

وعشية انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، الخميس الماضي، بدأت الأحزاب التونسية حرب لوائح برلمانية، تدعو إحداها إلى سحب الثقة من الحكومة، في حين تدعو الأخرى إلى سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وليلة الثلاثاء الماضي، قررت حركة “النهضة” توجيه لائحة لوم للحكومة، تمهيداً لسحب الثقة منها، وقد تم ظهر الأربعاء الماضي ، إيداع لائحة سحب الثقة من الحكومة لدى مكتب البرلمان بـ105 تواقيع، وعلى إثرها قدم رئيس الحكومة إلياس الفخاخ استقالته، للرئيس قيس سعيد، ظهر الأربعاء، دون أن يبت فيها سعيد، ثم بقرار متشنج أصدر الفخاخ المكلف بتسيير الأعمال قرارا بإقالة وزراء حركة النهضة الخمسة من الحكومة، بالمخالفة للدستور، وقام بتكليف وزراء بالحكومة بتسيير مهامهم الوظيفية لحين تشكيل حكومة جديدة.

وجاءت استقالة الفخفاخ، بعد الاجتماع الذي عقد الأربعاء، في قصر قرطاج، وقد حضر الاجتماع رئيس البرلمان راشد الغنوشي، والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، وأشار الإعلام التونسي، إلى أن “سعيد” طلب من الفخفاخ تقديم استقالته، على خلفية شبهات الفساد وتضارب المصالح التي تلاحقه، وما ترتب عنها من تصاعد للخلافات بين مكونات المشهد السياسي، واستحالة العمل الحكومي في هذه الظروف.

 

المال السياسي

وبرزت الاتهامات الموجهة للفخفاخ بعد  الكشف عن امتلاكه لأسهم في شركة خاصة، متعاقدة مع الدولة، في مجال معالجة النفايات، ثبت وقوع فساد كبير بعملياتها مع الحكومة، ونفى الفخفاخ التهم الموجهة إليه، ملوحاً بالاستقالة في حال ثبتت شبهات الفساد وتضارب المصالح، وأثار هذا الملف جدلاً حاداً في الساحة السياسية التونسية، عمّق الأزمة بين رئيس الحكومة و”حركة النهضة”، التي طالبت بتوسيع الائتلاف الحكومي ليشمل حزب “قلب تونس” وهو ما رفضه الياس الفخفاخ، فيما ينتظر أن تكشف لجنة تحقيق برلمانية عن تفاصيل تضارب مصالح تورط فيها الفخفاخ بعد انتفاع شركات يملك أسهما فيها بصفقات حكومية بقيمة 43 مليون دينار (15 مليون دولار).

وكانت أزمة سياسية  بين حركة النهضة والفخفاخ بدأت قبل أيام، حيث طالبته الحركة بالاستقالة بسبب شبهات الفساد التي تلاحقه، وكان رئيس مجلس شورى “النهضة” عبدالكريم الهاروني، قد أعلن الإثنين الماضي، في مؤتمر صحفي، تكليف المجلس لرئيس الحركة، رئيس البرلمان الغنوشي، ببدء مشاورات بخصوص مسألة تشكيل حكومة جديدة، بعد أن ارتبطت برئيس الحكومة الحالي شبهات فساد، ينفيها الأخير.

وفي محاولة من إلياس الفخفاخ لتهدئة حركة النهضة، أعلن الإثنين، عزمة إجراء تعديل وزاري بحكومته، لكنه اتهم “النهضة” في اليوم ذاته بتقويض الاستقرار في البلاد، بسبب دعوتها لإجراءات مشاورات من أجل تشكيل حكومة جديدة، غير أن الحركة لم يرق لها ما أعلنه الفخفاخ، وبدأت الأربعاء، جمع توقيعات من النواب على لائحة لسحب الثقة من الحكومة، وبالفعل أودعت مجموعة من الكتل النيابية ومستقلون بالبرلمان التونسي بينهم النهضة، الأربعاء، لائحة  تطالب بسحب الثقة من حكومة “الفخفاخ”، تحمل توقيع 105 نواب (من أصل 217).

ويتطلّب تمرير اللائحة إلى مكتب البرلمان توفر 73 توقيعا، ثم التصويت عليها في الجلسة العامة بالأغلبية المطلقة للأصوات (109)، بحسب الدستور التونسي، وهو النصاب الذي يراه مراقبون غير قابل للتحقق، كون اللائحة التي تقودها سميرة موسي تأتي نكاية في “النهضة” التي قادت “لائحة اللوم” ضد فساد الفخفاخ.

ويترأس الفخفاخ، منذ 27 فبراير الماضي، ائتلافا حكوميا يضم 4 أحزاب رئيسية وكتلة برلمانية، هي: “النهضة”، والتيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي – 22 نائبا)، وحركة الشعب (ناصرية – 14 نائبا)، وحركة تحيا تونس (ليبيرالية – 14 نائبا)، وكتلة الإصلاح الوطني (مستقلون وأحزاب ليبرالية – 16 نائبا).

 

اقالة وزراء النهضة مخالف للدستور

وعلى خلفية إقالة الفخفاخ لوزراء النهضة، اعتبرت حركة “النهضة” أن إقالة رئيس الحكومة المستقيل، إلياس الفخفاخ، وزراءها “عبث بالمؤسسات” و”رد فعل متشنج”، على لائحة اللوم لسحب الثقة المودعة ضده في البرلمان، واستهجنت الحركة إقدام الفخفاخ على إقالة وزرائها “لما يمثله هذا القرار من عبث بالمؤسسات وردة فعل متشنجة، وما يمكن أن يلحقه من ضرر بمصالح المواطنين والمصالح العليا للبلاد وتعطيل المرفق العمومي وخاصة في قطاع الصحة”.

وأعلنت رئاسة الحكومة التونسية، في بيان مساء الأربعاء “إعفاء أحمد قعلول (الرياضة)، ومنصف السليتي (التجهيز)، ولطفي زيتون (الشؤون المحلية)، وأنور معروف (النقل)، وعبد اللطيف المكي (الصحة)، وسليم شورى (التعليم العالي) من مهامهم”، وأضافت الحكومة مهام هؤلاء الوزراء المقالين إلى مهام 6 وزراء آخرين هم: الحبيب الكشو بمهام وزير الصحة بالنيابة وفاضل كريم بمهام وزير النقل بالنيابة وغازي الشواشي بخطة وزير التجهيز بالنيابة وأسماء السحيري بخطة وزيرة الشباب والرياضة بالنيابة وشكري بلحسن بخطة وزير الشؤون المحلية بالنيابة ولبنى الجريبي بخطة وزيرة التعليم العالي بالنيابة، وجاء قرار إقالة وزراء “النهضة” عقب ساعات من إعلان الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعّيد تلقى استقالة الفخفاخ من دون أن تفصل في قبولها من عدمه.

 

محاولة النهضة “إشراك قلب تونس”

ومنذ بداية المشاورات حول التشكيلة الحكومية الأولى للجملي الذي رشحته النهضة، وأسقطه البرلمان، لعدم كفاية الأصوات المرجحة لتشكيلته الحكومية، وتشعر “النهضة ” بمحاولات عزلها من المشهد السياسي، وداخل البرلمان التونسي، فلم تعد تثق بحزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب بعدما صوتا ضد حكومة الجملي، وأصرت النهضة على إشراك حزب “قلب تونس” (ليبرالي) في حكومة إلياس الفخفاخ، من أجل تحقيق الاستقرار والثقة داخل الحكومة، بحسبها.

وتلتقي “النهضة (54 نائبًا من 217) مع “قلب تونس” (38 نائبًا) في الرُؤى السياسية والاقتصادية، كما أنها لم تعد تثق بالأحزاب التي أسقطت تشكيلة حكومة الحبيب الجملي (10 يناير الماضي)، وخاصّة حزبي التيار الديمقراطي (22 نائبًا) وحركة الشعب (15)، وفسر الخبراء إقصاء الفخفاخ لـ”قلب تونس”، بقيادة نبيل القروي، مع بداية مشاورات تشكيل الحكومة، بأن الفخفاخ اعتمد حزامًا سياسيًا لحكومته من الأحزاب التي ساندت قيس سعيد في الدور الثاني بانتخابات الرئاسة، في 2019، التي فاز بها سعيّد أمام القروي.

فيما أرجع الباحث التونسي بولبابة سالم ، في تصريحات اعلامية، إصرار “النهضة” على إشراك “قلب تونس” في الحكومة بأن “النهضة استخلصت الدروس من تجربة حكومة الجملي، واعتبرت أنه لا يمكن لها أن تثق بحزبي التيّار والشعب بعد تصويتهما ضدّ حكومة الجملي” بجانب تقديم نواب حزبي “التيار” و”الشعب” مقترحات برلمانية ، تقضي بانتخاب رئيس مجلس النواب لمدة عام فقط، ويجري انتخاب آخر كل عام، وهو ما عدته النهضة ضربا تحت الحزام، وذلك بعدما جرى انتُخاب رئيس “النهضة”، راشد الغنوشي، رئيسًا للبرلمان لمدّة خمس سنوات.

كما تتواجه النهضة بمحاولات عزل سياسي، في ظل التقارب بين الفخفاخ  وحزبي التيار والشعب، وقد لمست من هذين الحزبين خطابًا فيه قدر كبير من العدوانية، وعلى الرغم من الصراع الانتخابي الكبير بين النهضة وقلب تونس، إلا أن ما يجمع بينهما كبير، إذ أنهما حزبان برغماتيان على المستوى السياسي، وعلى المستوى الاقتصادي لهما نفس التوجهات (ليبرالية)”.

ومن ثم يرى خبراء، أنه لا توجد اختلافات كبيرة بين النهضة وقلب تونس، بينما توجد اختلافات أيديولوجية بين النهضة والتيار (اجتماعي ديمقراطي) والشعب (قومي ناصري)، وهدفهما الأساسي هو عزل النهضة أو استئصالها، حسب خطابهما”، وعلى العكس من ذلك، يرى الفخاخ وحزبي التيار والشعب، أن “قلب تونس” ليس مجردّ حزب سياسي، وإنما واجهة لمراكز نفوذ قوية بتونس، منها نفوذ مالي واقتصادي وإعلامي ورجال أعمال، يخشاه الرئيس سعيد والفخفاخ وأحزاب الكتلة الديمقراطية “التيار والشعب”، ويراه أيضا ثوريون أنه حزب ينتمي للنظام القديم ويتغول ماليا واقتصاديا بالبلاد، بينما تراهن “النهضة” على دوره كقاطرة اقتصادية وسياسية تحقق الاستقرار السياسي في مرحلة الاختلال الاقتصادي والديمقراطي بالبلاد حاليا.

أيضا، رأى رياض الشعيبي، الباحث السياسي التونسي، في حديث للأناضول، أن “النهضة لم تجد في الكتلة الديمقراطية (التيار والشعب) الحليف الذي يمكن أن تثق به، بعد فشل حكومة الجملي”، واستدرك: “صحيح أن كتلة قلب تونس صوتت أيضًا ضدّ حكومة الجملي، لكن موقفها من حكومة الجملي كان منذ البداية مبنيًا على الوضوح ومختلفًا مع مسار تشكيل الحكومة، بينما استعملت الكتلة الديمقراطية المخادعة، فرغم استجابة النهضة لكل مطالبها، قررت في النهاية التصويت ضدّ حكومة الجملي”.

وفي 19 يونيو الماضي، قال بيان صادر عن المكتب التنفيذي لـ”النهضة”: ” الحركة تتمسك بقناعتها التامة بحاجة البلاد الماسة إلى توسيع الحزام السياسي للحكم من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية ومواجهة مطالب التنمية ضمن توافق وطني واسع”، وهو ما رد عليه الفخفاخ خلال حوار بالتلفزيون الرسمي، تلي بيان النهضة، بأن الحكومة ليست حكومة “النهضة”، وإنما هي حزب من جملة الأحزاب التي تشكّل هذا الائتلاف، مجدداً تمسكه برفض مقترحها توسيع الائتلاف الحاكم، وضم حزب “قلب تونس”، وأمام تمسك الفخفاخ وبقية أحزاب الائتلاف، “الشعب” و”تحيا تونس” و”التيار الديمقراطي”، برفض مقترح التوسيع، جاء ملف الفساد المتورط به الفخاخ، ليمثل فضيحة سياسية له أطاح به من سدة الحكومة.

 

سيناريوهات الأزمة

تشكيل الحكومة المقبلة

أحد سيناريوهات الأزمة السياسية المتصاعدة، تتمثل في تشكيل الحكومة المقبلة، ومجموعة الاجراءات الدستورية المتعلقة بها، ويتعين على الرئيس التونسي الآن اختيار مرشح جديد للمنصب، وسيتسبب انهيار حكومة الفخفاخ بعد مرور أقل من خمسة أشهر على تشكيلها في مزيد من التأخير للقيام بإصلاحات اقتصادية عاجلة، فوفقاً للفصل 89 من الدستور، على رئيس الجمهورية البدء في مشاورات خلال عشرة أيام مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، لتكليف الشخصية “الأقدر” من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.

وفي حال لم تنل الحكومة الجديدة ثقة البرلمان يمكن لرئيس الجمهورية حينها حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكّرة، إلا أن حل البرلمان يتواجه بنص دستوري في الفصل 77 من الدستور، الذي ينصّ على عدم إمكانية حل البرلمان في الستة أشهر الأولى من تاريخ تكليف أول حكومة بعد الانتخابات التشريعية.

غير أن مهمّة “قيس سعيّد” لن تكون بالهيّنة، في ظل التباينات المختلفة داخل الأحزاب البرلمانية، وما استغرقته المفاوضات السابقة من أربعة شهور، قبل التوصل إلى اتفاق على منح الفخفاخ مهمة تشكيل الحكومة، ونيلها الثقة نهاية فبراير الماضي، بدوره، وصف المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي وضع الرئيس التونسي، بأنه “شخص يمشي على خيط رفيع”، مبينا أنه “أصبح في وضعية حرجة، لأنه يجب أن يحسن اختيار المرشح، حتى يتمكن من الحصول على الأغلبية البرلمانية”.

وتابع الجورشي؛ “إن فشل سعيّد في ذلك، سيعرض البلاد إلى مرحلة دقيقة، وربما انتخابات مبكرة”، معتقدا أن المشهد السياسي المستقبلي ربما “يشهد تحولا في التحالفات، من ما كان يسمى بائتلاف الثورة (حكومة الفخفاخ)، إلى الشق الآخر البراغماتي”، وربما يتم الانتقال من منطق الثورة إلى منطق البراغماتية المبنية على المصلحة السياسية، وليس بالأمر الهين تحديد توجه الرئيس التونسي لاختيار مرشحه، فقد عبّر في أكثر من مناسبة عن كرهه الشديد للمناورات السياسية “داخل الغرف السوداء”، كما أن له كامل الصلاحيات في أن يفرض شخصية ربما لا تفضلها الأحزاب.

ويقول أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني؛ إن الرئيس “يملك صلاحية حلّ البرلمان”، بينما “ستخسر الكتل النيابية الكثير” إن تم إقرار انتخابات مبكرة، وفي حال فشل مرشح سعيد في كسب ثقة البرلمان بـ109 أصوات، فتتعزز فرضية المرور إلى انتخابات نيابية مبكرة نهاية العام 2020، والبلاد لم تخرج بعد من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.

 

سحب الثقة من الغنوشي

في غضون ذلك، تتفاعل الأزمة داخل البرلمان بعد تجميع 73 توقيعاً، لتمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، وتضم القائمة نواب “كتل الديمقراطية”، و”الإصلاح الوطني”، و”تحيا تونس” و”الكتلة الوطنية”، حيث أودع 73 نائبا ينتمون إلى ثلاث كتل برلمانية تونسية، تتزعمها كتلة الحزب الدستوري الحر بزعامة “عبير موسى”، لائحة في البرلمان ترمي إلى سحب الثقة من رئيسه “راشد الغنوشي”، وذلك على خلفية محاولات “موسى” المدعومة إماراتيا والمناهضة للربيع العربي، لإثارة البلبلة في البرلمان بين الحين والآخر، في إطار مساعيها لتنفيذ انقلاب ناعم على كتلة “النهضة” الإسلامية صاحبة الأغلبية في البرلمان.

وزعمت الكتل الثلاث في لائحتها أن السبب وراء تقديمها “سوء إدارة رئيس البرلمان”، و”تجاوز النظام الداخلي”، وإدلاء “الغنوشي” بتصريحات على علاقة بالسياسة الخارجية للدولة، ورفضت كتلة الحزب الدستوري الحر انعقاد جلسة من أجل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وصعد أعضاء من الكتلة إلى منصة البرلمان بهدف تعليق الجلسة، ويتطلّب تمرير اللائحة إلى مكتب البرلمان توفر 73 توقيعا، ثم التصويت عليها في الجلسة العامة بالأغلبية المطلقة للأصوات (109)، بحسب الدستور التونسي.

فيما دعا رئيس كتلة حزب النهضة في البرلمان “نور الدين البحيري”، الشعب التونسي للتصدي لـ”انقلاب حلف الشر العربي المصري الإماراتي الذي تنفذه أذرع تونسية ممثلة برئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى ومن معها، من أجل تخريب الثورة”، واتهم “البحيري”، “موسي” بتنفيذ مخطط انقلابي يقوم على “تخريب الثورة وتفكيك الدولة والتحريض على الكراهية والتقاتل بين الناس”، ويأتي استنفار “البحيري” واستنجاده بالشعب، على خلفية اقتحام “عبير موسي” ونواب الكتلة منصة رئاسة البرلمان، الثلاثاء الماضي، واحتلالها كرسي رئيس البرلمان “راشد الغنوشي” ونائبيه.

ورفع نواب الحزب بعد اعتلائهم المنصة، شعار “لا للإرهاب بمجلس النواب”، وسط حالة من التوتر، غير أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب “سميرة الشواشي”، افتتحت الجلسة العامة، واضطرت إلى إدارتها من المقاعد المخصصة لمكتب اللجان، داخل قاعة الجلسات العامة.

 

مقاضاة سميرة موسي وتحقيق الاستقرار البرلماني

وعلى إثر تعطيل جلسات البرلمان التونسي، وعرقلة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، بقيادة عبير موسى ونواب “الدستوري” الذين يسعون لاثارة الفوضى، طلب رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، من وزير الداخلية، هشام المشيشي، التدخل لفض اعتصام عبير موسي ونواب كتلة الحزب “الدستوري الحر” باستخدام القوة.

وطلب الغنوشي من وزير الداخلية، في مراسلة رسمية، في 17 يوليو الجاري، استخدام صلاحيته لحفظ الأمن ولو باستخدام القوة لتحرير الفضائيات التي احتلتها موسي ونواب كتلتها بما استحال معه مواصلة العمل البرلماني العادي، وخصوصاً بقاعتي الجلسات ومكتب رئيس الديوان، كما تقدم أمين البرلمان، بشكوى جزائية ضد رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وجماعتها بسبب تعمدها تعطيل عمل البرلمان، وقد تم توثيق جميع الجرائم التي ارتكبتها كتلة “الدستوري”، مؤكدا أنه “من حق رئيس البرلمان ومن واجبه، باعتباره الممثل القانوني للسلطة التشريعية، القيام بهذه الشكوى، حيث يخول له البند 48 من النظام الداخلي للبرلمان اتخاذ كل الإجراءات لضمان انعقاد الجلسات العامة” .

وبين مساعد رئيس البرلمان أنه”انسحب من المكتب بسبب العجز الذي أبدته رئاسة المكتب بخصوص ممارسات كتلة (الدستوري الحر)، التي تعمدت قطع جلسة عامة مهمة مخصصة لانتخاب المحكمة الدستورية موضحاً أن انسحابه كان “احتجاجاً على عدم إصرار رئيس البرلمان بالجلوس لترؤس الجلسة وكذلك لتواطؤ بعض الكتل وعدد من النواب الذين شجعوها وخصوصاً من الكتلة الديمقراطية، أما كتلتا الإصلاح وتحيا تونس فهما حلفاؤها الموضوعيون”.

واعتمدت الشكوى المقدمة في موسي وكتلتها البند 131 من القانون الجزائي الذي ينص على أن “كل عصابة تكونت لأي مدة كانت مهما كان عدد أعضائها وكل وفاق وقع بقصد تحضير أو ارتكاب اعتداء على الأشخاص أو الأملاك يعدّ جريمة ضد الأمن العام”، وكذلك البند 136 من “المجلة الجزائية الذي ينص على أنه “يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون ديناراً كل من يتسبب أو يحاول أن يتسبب بالعنف أو الضرب أو التهديد أو الخزعبلات في توقف فردي أو جماعي عن العمل أو يتسبب أو يحاول أن يتسبب في استمرار توقفه”.

وأعلن مجلس نواب الشعب، في بلاغ رسمي، أن الغنوشي أعلم مكتب البرلمان شروعه في إجراءات التتبّع الجزائي والقانوني لحماية المجلس والنواب ضدّ تجاوزات كتلة الحزب الدستوري الحر وتأمين تواصل أعمال البرلمان، وتتطلب الإجراءات القضائية بحق أي نائب رفع الحصانة عنه من أجل التمكن من التحقيق معه، كما لا يمكن إيقاف أي برلماني، بحسب الدستور، إلا في حالة تلبسه بجرم، ويطلب من البرلمان رفع الحصانة عنه، وتعد إجراءات رفع الحصانة عن موسي و15 نائباً في كتلتها معقدة وتحتاج وقتاً طويلاً بين الاستماعات داخل لجنة النظام الداخلي والحصانة قبل الانتقال إلى الجلسة العامة للتصويت على رفع الحصانة.

 

تصاعد الأزمة الاقتصادية

بجانب الأزمة السياسية، تتصاعد الأزمات الاقصادية، وسط تفاقم الأوضاع المعيشية وتوسّع دائرة الفقر إلى مستويات قياسية عقب جائحة كورونا، وفي ظل تحذيرات من دخول المال السياسي، وخاصة من الإمارات، إلى الساحة وإشعالها لاضطرابات تهدد اقتصاد تونس وعملته المحلية “الدينار” بمزيد من الأزمات، ويمنع الصراع بين أطراف الحكم أي مبادرة للإصلاح الاقتصادي بسبب ضعف التوافق حول البرامج وغياب الحزام السياسي الكافي لإسناد القرارات ومبادراتها التشريعية التي تعرضها على البرلمان.

وتؤجل الأزمة السياسية كل خطط إنعاش الاقتصاد الذي خرج منهكا من جائحة كورونا عقب تراجع نسبة النمو إلى ما دون 6.5% وفقدان أكثر من 270 ألف تونسي وظائفهم، فضلا عن تفاقم الدين العام للبلاد وشح الموارد الذاتية، ومؤخرا، أعلن وزير المالية، نزار يعيش، عن عدم قدرة الاقتصاد التونسي على تحقيق نسبة النمو المتوقعة سابقا بـ1.7 %، مشيرا إلى أن التراجع في النمو سيفوق 7 نقاط ليستقر في حدود 6.5%، كما تراجعت معدلات الدخل القومي من الضرائب والرسوم بنسبة 4.6% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، مسببة فجوة في الموازنة بنحو 5 مليارات دينار وتوسع عجز الميزانية إلى 7 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ3% في التوقعات السابقة، ورجح “يعيش” أن ترتفع نسبة المديونية تجاه الخارج إلى 85 % مقابل 71 %  من الناتج المحلي تم ترسيمها في قانون الموازنة.

ومن المتوقع أن الأزمة السياسية ستجرّ الاقتصاد إلى مزيد من المتاعب، مرجحا تعثر كل خطط الإنعاش الاقتصادي بسبب فقدان أحزاب وازنة في البرلمان ثقتها بحكومة الفخفاخ، ومن سيأتي بعدها، كما أن الإنعاش الاقتصادي يحتاج إلى حزام سياسي صلب واتفاق بين الأحزاب والمنظمات الوطنية على الخطوط الكبرى للإصلاح الاقتصادي السريع، وهو ما تفتقد له حكومة الفخفاخ لتسيير الأعمال، ويدفع الاقتصاد التونسي، بحسب خبراء، ثمنا باهظا للأزمات السياسية التي مرت بها البلاد على امتداد التسع سنوات الماضية، فالإصلاح يحتاج إلى تنقية مناخ الأعمال وطمأنة المستثمرين وهو ما تفتقده تونس.

كما يحذر خبراء من خطورة الانهيار الشامل للاقتصاد بعد توقف محركات الإنتاج وتراجع أداء العديد من القطاعات الأساسية، كما أن هوامش المناورة انتهت بعد وصول المالية العمومية للخطوط الحمراء وعدم قدرة البلاد على الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه الخارج، حيث قال وزير التنمية والتعاون الدولي، سليم العزابي، الاثنين قبل الماضي، إن تونس تفاوض عددا من البلدان من أجل إرجاء دفوعات قروض مستحقة يفترض أن تسددها البلاد هذا العام، حيث بالفعل دخلت الحكومة في مفاوضات مع كل من دولة قطر وفرنسا وإيطاليا والسعودية لتأجيل القروض المتوقعة لهذه السنة بسبب صعوبات الماضية العمومية ومخلفات أزمة كورونا.

وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن تفاصيل خطة إنقاذ اقتصادية تمتد 9 شهور مقبلة تتضمن الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومواجهة تبعات تفشي جائحة “كورونا”، وتتضمن خطة الإنقاذ المحافظة على نسيج المؤسسات الاقتصادية، من خلال مواصلة توفير السيولة لها بضمان الدولة، بقيمة 1.5 مليار دينار (526 مليون دولار)، كذلك تشمل الخطة توفير 100 مليون دينار (35 مليون دولار)، في إطار مواصلة اعتماد آلية البطالة الفنية، عبر دفعات مالية للمتعطلين عن العمل بسبب جائحة كورونا.

وقالت الحكومة إنها تنوي تخصيص 700 مليون دينار (245 مليون دولار) للمؤسسات الراغبة في إعادة هيكلة نفسها، وتسديد مستحقات المؤسسات لصالح المزودين بقيمة مليار دينار (350 مليون دولار)، غير أن تنفيذ خطة الإنقاذ يواجه صعوبات عديدة بسبب فقدان الحكومة لشرعيتها السياسية نتيجة شبهات الفساد التي تحوم حول رئيسها إلياس الفخفاخ.

 

تصاعد التحديات الأمنية واحتقان الجنوب

ويواصل جنوب تونس الاحتقان بعد عجز الحكومة عن تقديم حلول للمعتصمين المطالبين بالشغل، وأعلن معتصمو الكامور عن قطع الضخ من الحقول البترولية بداية من الخميس الماضي، بعد أن نصبوا الخيام في محيط المؤسسات النفطية، مطالبين بتوفير 2000 فرصة عمل سبق أن تعهدت بها حكومة الشاهد التي وقعت اتفاقا مع المحتجين في الجهة عام 2017، ويحول عجز الموازنة المتفاقم دون قدرة الحكومة على الإيفاء بأي التزامات مالية مع الداخل والخارج، ما يعيد البلاد قريبا إلى طرق باب صندوق النقد الدولي لمناقشة اتفاق مالي جديد، يرجّح أن تكون شروطه أكثر إجحافا من القروض السابقة.

وأعلن وزير المالية بدء الحكومة في إعداد الملف التقني لتقديم طلب رسمي لصندوق النقد الدولي من أجل برنامج تعاون جديد يمتد على أربع سنوات، وأجمعت المنظمات الوطنية (اتحاد الشغل، منظمة رجال الأعمال، منظمة الفلاحين) على ضرورة الابتعاد عن التجاذبات والصراعات السياسية وتغليب المصلحة العليا للوطن والإسراع بمعالجة القضايا والاستحقاقات الحقيقية للتونسيين، مؤكدين أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب الاحتكام إلى الحوار وبناء وحدة وطنية حقيقية، ودعت المنظمات إلى النأي بالاقتصاد عن التجاذبات السياسية في أعقاب لقاء جمعها برئيس الحكومة.

وكان الفخفاخ يبحث عن الحماية تحت مظلة المنظمات الوطنية متعهدا بتلبية المطالب العاجلة للجهات بعيدا عن التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية، وشدد رئيس الحكومة قبل تقديم استقالته على أن الوضع الاقتصادي المنهك جراء تداعيات أزمة كورونا وتفاقم أزماته الهيكلية يستدعي التعجيل بتنفيذ خطة الإنقاذ التي أطلقتها الحكومة ويتطلب من الجميع مزيدا من التضامن والوحدة لتحقيق الأهداف المرسومة لها.

ولعل ما يفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في تونس، أن أحزابا تتلقى أموالا من دولة الإمارات تريد تعطيل عمل البرلمان والتشويش على التجربة الديمقراطية التونسية وإغراق البلاد في الفوضى، وهو الدور الذي تضطلع به النائبة عبير موسي، والتي باتت ضيفة دائمة على قنوات التلفاز في مصر والإمارات، خاصة بعد تقديمها وآخرون طلبا برلمانيا لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

 

خاتمة

ورغم أن تونس تمكنت من المضي بسلام إلى الديمقراطية بعد التخلص من الحكم الاستبدادي في انتفاضة 2011 التي أطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي، فإن الحكومات المتعاقبة لم تفلح في التصدي للمصاعب الاجتماعية والبطالة بجانب الأزمات السياسية المتلاحقة، بسبب العبث الإماراتي السعودي المصري في الداخل التونسي، نحو إحداث انقلاب سياسي على المسار الثوري، الذي يقبع فيه الاسلاميون في مكانة معتبرة.

فيما تراهن بقايا النظام القديم على ثورة مضادة بالانقلاب على المسار الثوري بإفرازاته الديمقراطية، كما حدث في مصر، حيث قامت بقايا معارضة أيديولوجية يسارية متهالكة بالانضمام إلى معسكر النظام القديم نقمة من الإسلاميين، دون الوقوف بوجه الفخفاخ رئيس الحكومة الذي تورّط بملفات فساد وتضارب مصالح حاول إخفاءها منذ كان وزيرا للمالية وحتى وصوله رئيسا لحكومة تونس.

فيما يشهد مجلس النواب تصفية حسابات بينيّة بعد تصعيد الحزب الدستوري المحسوب على النظام القديم ومنعه انعقاد الجلسات لدفع البرلمان نحو الشلل، وهكذا تحولت أزمة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ المعيّن من قبل رئيس الجمهورية التونسي، إلى أزمة دولة، بعد أن ألقت بظلالها على مسار عمل الحكومة ومجلس نواب الشعب، هذا الوضع المستجد سيفرض إعادة تشكيل الحكومة واختيار رئيس جديد لها مما سيتسبب في مزيد من الاحتقان والتجاذب.

هذا من جانب الحكومة التونسية، أما برلمانيا فيعيش مجلس نواب الشعب حالة متوترة من تصفية الحسابات البينيّة خاصة بعد أن قرّرت كتلة الحزب الدستوري المحسوبة على النظام القديم التصعيد الأقصى ومنع انعقاد الجلسات لدفع البرلمان نحو الشلل التام، أما من جهة الرئاسة في تونس، فإن التوتر وفتور العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئيس البرلمان لم تعد تخفى على أحد بعد تشبث قرطاج برئيس الحكومة الذي اختاره هو رغم ثبوت قضايا الفساد والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح عليه، هذه الأزمة الثلاثية في تونس تزيد من تعميق سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة بسبب آثار الجائحة وانهيار الموسم السياحي وصعوبة إعادة تفعيل الدورة الاقتصادية.

وبحسب مراقبين، فالمشاركون من السياسيين في احتقان الأوضاع في تونس ثلاثة أصناف:

  • أوّلهم بقايا النظام القديم الذين يحقدون على الثورة ويحلمون بالانقلاب عليها كما حدث في مصر
  • الصنف الثاني هم بقايا المعارضة الأيديولوجية القديمة من يسار وقوميين ممن انضموا اليوم إلى معسكر النظام القديم نقمة في خصومهم الإسلاميين
  • الصنف الثالث فيتمثل في الكتلة البرلمانية الأبرز التي تعود إلى حركة النهضة الإسلامية بسبب تعاملها المرتعش منذ الثورة مع رموز الاستبداد، وهو الأمر الذي فتح لهم الطريق على مصراعيه للعودة من جديد إلى المشهد

كما أنه غير بعيد من المشهد أطراف غير سياسية أو تلك التي تدعي ذلك، وعلى رأسها المركزية النقابية أو الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لا يزال يقود حملة الانقلاب على الثورة عبر التهديد بالاعتصام والإضرابات، بل وصل الأمر به إلى حشد مليشياته للاعتداء على نواب كتلة الكرامة مثلما حدث في مدينة صفاقس، إلا أنه وبالرغم من كل ذلك، فإن تونس اليوم بخير رغم كل الأزمات وستجد البلاد طريقها إلى الاستقرار حتما رغم كل التدخلات والمؤامرات الخارجية التي تريد إلحاق مهد الربيع العربي بمشاهد الفوضى في المنطقة، وذلك وفق  د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس.

فيما يبقى الخطر الأكبر، في مخاولة البعض جرجرة الجيش إلى المستنقع السياسي مرة ثانية، بعد أحداث الاضطرابات في الجنوب، وفق تقارير بثتها وكالة “شمس إف إم”، التي نقلت عن أهالي رمادة وتطاوين، الذين يدفع البعض نحو تسيسيس احتجاجاتهم المعيشية وتصويرها على أنها رفض سياسي، داعين الجيش التونسي للتدخل، وشهدت منطقة رمادة من محافظة تطاوين الحدودية التونسية، في وقت سابق مواجهات مع قوات الجيش التونسي، لم يعرف سببا واضحا لها، لكن مصادر أشارت إلى وجود أزمة في المنطقة لأسباب اقتصادية واجتماعية، تتعلق بالتشغيل وتحسين المعيشة.

وهكذا تقف الديمقراطية التونسية في منعطف خطر، بانقسامات وتجاذبات تدفع نحو الكفر بالديمقراطية كفكرة وتطبيق، من جانب التونسيين، لما تجلبه من افقار وتأزيم سياسي، والأوضاع المعيشية للمواطن التونسي لا تتحمله، وهو ما يستدعي تدخل عاجل من قبل الأطراف الاقليمية والدولية، لتعويم تونس اقتصاديا، وسياسيا للمرور من مسلسل الأزمات التي تدير بها دول محور الشر العربي الثلاثي “الإمارات مصر السعودية” مشروعها الانقلابي بتونس.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022