قام وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” بزيارة مستوطنتين إسرائيليتين، تفقَّد خلالها مصنع نبيذ بمستوطنة “بساجوت” في ضواحي رام الله في قلب الضفة الغربية المحتلة، و”مدينة داوود” الواقعة في حي سلوان الفلسطيني، خارج البلدة القديمة في القدس، وهي أول زيارة من نوعها لوزير خارجية أمريكي[1].
كذلك زار بومبيو هضبة الجولان المحتلة، وهي أيضًا الزيارة الأولى لوزير خارجية أمريكي للهضبة المحتلة منذ عام 1967. ولم تتوقف هدايا بومبيو لإسرائيل عند هذه الزيارات؛ بل طالب بومبيو بالتعامل مع السلع والبضائع التي تُنتج في الضفة الغربية باعتبارها منتجات إسرائيلية، وطالب بوضع شعار “صُنع في إسرائيل” عليها، في انتهاك غير مسبوق، ليس فقط للقانون الدولي الذي يعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، ولكن أيضًا لقرارات الإدارات الأمريكية السابقة التي رفضت الأمر، واعتبرته انتهاكًا للقانون الدولي. الأكثر منذ ذلك، إعلان بومبيو المثير للجدل، باعتبار حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) معادية للسامية؛ وذلك من أجل وقف نشاطها، ودعمها الدولي المتزايد[2].
أولًا: دوافع زيارة بومبيو للمستوطنات:
يمكن الإشارة إلى مجموعة من الدوافع التي تقف خلف قيام بومبيو بهذه الزيارة، منها:
1- تقديم الدعم لنتنياهو: حيث تعد جولة “بومبيو” الاستيطانية هدية كبيرة أخرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر “بنيامين نتنياهو”، الذي يواجه احتجاجات دورية، ومحاكمة فساد تلوح في الأفق، من المقرر أن تبدأ أوائل عام 2021، مع إمكانية إجراء انتخابات أخرى، وهي الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في أقل من سنتين[3].
2- استعداد بومبيو للانتخابات الأمريكية القادمة: فبومبيو إنجيلي متدين، ينتمي لتيار المسيحية الصهيونية، الذي يؤمن بضرورة دعم إسرائيل؛ من أجل تحقيق النبوءة الدينية (أرمجيدون). ويستخدم بومبيو إيمانه المسيحي، ودعمه اللامحدود لإسرائيل، من أجل إرضاء القاعدة الإنجيلية الأمريكية، وهي قاعدة تصويتية مهمة لأي شخص يطمح إلى الوصول إلى البيت الأبيض. وقد صوّتت بكثافة لترامب في انتخابات عامي 2016 و2020. وهذا تحديدًا ما يسعى إليه بومبيو، حيث تتحدث تقارير إخبارية عديدة عن رغبته في الترشّح للانتخابات الرئاسية في عام 2024 عن الحزب الجمهوري. وهو يدرك جيدًا أنه لا يمكن الحصول على دعم القاعدة المسيحية الإنجيلية من دون إظهار دعمه اللامحدود لإسرائيل[4].
3- شرعنة الوجود الإسرائيلي بالجولان: فقد وقع ترامب في 25 مارس 2019، أمرًا تنفيذيًّا، ينصّ على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وسبق ذلك بأيام، تغريد ترامب عبر تويتر قائلًا إنه “بعد 52 عامًا، حان الوقت للولايات المتحدة أن تعترف بكامل سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي تتسم بأهمية إستراتيجية وأمنية بالغة لها، وللاستقرار الإقليمي”. وجاء كل ذلك عقب صدور التقرير السنوي للخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في العالم، الذي نزع للمرة الأولى صفة الاحتلال عن الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية والجولان.
وتأتي زيارة بومبيو -التي تعتبر أول زيارة رسمية لوزير خارجية أمريكي، للجولان المحتل- تأكيدًا على قرار ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هذه المنطقة، وتماشيًا مع مساعي دولة الاحتلال لشرعنة سيطرتها عليها. كما لا يمكن فصل الزيارة عن الرغبة بتوجيه رسالة لنظام بشار الأسد، بأنّ الجولان بات “أرضًا إسرائيلية”، وإذا أراد أن يطبّع علاقاته مع إسرائيل، عليه أن يدرك أنّ ورقة الجولان باتت من الماضي، ولا يمكن استخدامها للمقايضة وفق المبدأ الذي سارت عليه المفاوضات السابقة “الأرض مقابل السلام”[5].
ثانيًا: تداعيات الزيارة:
وفيما يتعلق بالتداعيات التي ستخلفها تلك الزيارة، يمكن الإشارة إلى مجموعة من التداعيات، منها:
1- القضاء على إمكانية حل الدولتين: فزيارة بومبيو متسقة مع الإجراءات الأخرى التي اتخذتها إدارة “ترامب”، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعلان وزارة الخارجية قبل عام عدم اعتبار المستوطنات غير شرعية، وذلك بعد أن ظلت الإدارات الأمريكية السابقة تنظر إلى الضفة الغربية وهضبة الجولان كمناطق محتلة، واعتبرت المستوطنات فيها غير شرعية.
ويذكر أن إدارة ترامب أقدمت قبل أسبوعين على خطوة أخرى، تعد إقرارًا عمليًّا بضم المستوطنات لإسرائيل، فقد وقع السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على اتفاق يقضي بتطبيق الاتفاقات الموقعة بين واشنطن وتل أبيب على المستوطنات في الضفة[6].
ولكن تعتبر زيارة بومبيو لمستوطنة “بساجوت” -التي تعتبر أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أمريكي لمستوطنة- فرصة استغلها إعلانًا عن تحولات أكثر جذرية في سياسة الولايات المتحدة، فأولًا، أعلن أن المنتجات القادمة من مناطق خاضعة لسيطرة إسرائيل، والمعروفة باسم “المنطقة ج”، يجب اعتبارها من الآن فصاعدًا “صُنعت في إسرائيل”، بما في ذلك البضائع التي ينتجها الفلسطينيون. ويرقى هذا إلى كونه اعترافًا من الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على كل “المنطقة ج”، التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية[7].
وما يكشف عن أهمية هذه الخطوة بالنسبة لإسرائيل، أن المجتمع الدولي يرى المستوطنات في الضفة غير قانونية، ولا يعترف بها جزءًا من إسرائيل. أكثر من ذلك، فإن إسرائيل نفسها لم تفرض بعدُ قانونَها على المستوطنات. فضلًا عن أن إدارة الرئيس بيل كلنتون أصدرت في العام 1995، في أعقاب التوقيع على أوسلو، قرارًا يلزم بتمييز المنتجات التي مصدرها المستوطنات في الضفة بأنها “أنتجت في الضفة الغربية”[8].
2- إمكانية إعلان إسرائيل رسميًّا عن ضم أجزاء من الضفة الغربية: فقد شهدت الآونة الأخيرة بالفعل ارتفاعًا كبيرًا في عمليات الهدم الإسرائيلية، وعمليات الإخلاء، وإعلانات المستوطنات، وفرض أشياء بحكم الواقع منذ 3 نوفمبر 2020، مع سعي “نتنياهو” وحلفائه في حركة الاستيطان إلى الاستفادة من الوقت المتبقي لـ “ترامب” في منصبه.
فخلال أسبوع واحد، فتحت وزارة الإسكان الإسرائيلية وهيئة الأراضي الإسرائيلية عملية تقديم العطاءات لـ 1257 وحدة سكنية في “جفعات هاماتوس”، وهي مستوطنة إسرائيلية جديدة تقع في موقع إستراتيجي بين بيت لحم والقدس الشرقية الفلسطينية.
وستفصل “جفعات هاماتوس” -التي وصفها البعض بأنها مستوطنة “يوم القيامة”؛ لتأثيرها الفتاك على احتمالية قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة، بشكل دائم- حي بيت صفافا الفلسطيني عن بقية القدس الشرقية أيضًا، كما ستمنع الاتصال بين القدس وبيت لحم.
وقبل أقل من أسبوعين، في يوم الانتخابات الأمريكية، هدم الجيش الإسرائيلي خربة حمصة في وادي الأردن، تاركًا 73 شخصًا -من بينهم 41 طفلًا- بلا مأوى، فيما وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بأنه “أكبر حادثة نزوح خلال أكثر من 4 سنوات”.
وبما أن “ترامب” راحل، وليس لديه ما يخسره، فقد يمنح هدايا أكبر لرئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر وحلفائه في حركة الاستيطان. ويقال إن “نتنياهو” يدفع الإدارة الأمريكية إلى إعطاء ضوء أخضر لمستوطنة “يوم قيامة” أخرى، معروفة باسم “عطروت”، وتقع بين رام الله والأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية.
وبعد الاعتراف الأمريكي العملي بالسيادة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية، ليس من المستبعد أن يعود طرح الضم الإسرائيلي الرسمي لأجزاء من الأراضي المحتلة في وقت ما قبل 20 يناير 2021، وهو اليوم الذى سيتسلم فيه بايدن الحكم[9].
كما أن هناك توقعات بأن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة، قبل أن يغادر منصبه في يناير المقبل. خاصة وأن بومبيو ألمح إلى إمكانية أن تقوم الإدارة الأمريكية بمزيد من الخطوات بشأن الموقف من السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس، من دون أن يشرح طابع هذه الخطوات.
وما يدعم إمكانية ذلك، أن الخطة التي وضعتها إدارة ترامب لتسوية الصراع، المعروفة بـ “صفقة القرن”، منحت إسرائيل الحق بالاحتفاظ بكل المناطق داخل القدس التي تضمن تحقيق الأمن لها. كما أن إدارة ترامب قد تقدم على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس، وضمن ذلك القدس الشرقية، قبل انتهاء ولايتها؛ لتهدئة غضب أتباع التيار الإنجيلي، بعد أن تراجعت إدارته عن السماح لإسرائيل بضم المستوطنات[10].
3- إرغام إدارة بايدن على الالتزام بسياسة ترامب: فهناك تخوف إسرائيلي من إمكانية إقدام بايدن على الاعتراف بعدم شرعية الوجود الإسرائيلي في هضبة الجولان، خاصة وأن إدارة أوباما، الذي كان بايدن نائبًا له، أقدمت على السماح بتمرير قرار في مجلس الأمن، يقضي بأنّ كلّ وجود إسرائيلي خلف خطوط 67 يعدّ خرقًا للقانون الدوليّ؛ بل ولم تعترف -على الإطلاق- بالقدس جزءًا من دولة إسرائيل[11].
كذلك، إمكانية سحب إدارة بايدن الاعتراف بشرعية المستوطنات، خاصة أنه قد سبق أن أقرت إدارة باراك أوباما في العام 2016 بفرض غرامات على كل سلعة يتم إنتاجها في المستوطنات، ويتم تمييزها على أنها أنتجت في إسرائيل.
4- تكريس الرؤية الصهيونية: فقد أعلن بومبيو بأن وزارة الخارجية ستغير سياساتها بشأن تعريف “الإسرائيليين”؛ بحيث سيتم تعريفهم كـ “شعب مختار”. ويذكر أن بومبيو ينتمي للتيار الإنجيلي الذي يتبنى مواقف مؤيدة لإسرائيل من منطلقات دينية. وقد وصل الأمر إلى توقع البعض “حتى لو على سبيل السخرية” بأن بومبيو “يمكنه أيضًا الاعتراف بحق إسرائيل بتدشين الهيكل الثالث”؛ أي أن يقر بالحق ببناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى[12].
كما اعتبر بومبيو أن “معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية”، وذلك من خلال إعلان أن الحكومة الأمريكية ستدرج المنظمات التي تشارك في المقاطعة الموجهة ضد إسرائيل أو المستوطنات الإسرائيلية على القائمة السوداء.
وبعبارة أخرى، فإن المنظمات -بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية- التي تختار الالتزام بالمتطلبات القانونية الدولية، بعدم العمل مع المستوطنات الإسرائيلية، أو إضفاء الشرعية عليها، ستُعتبر “معادية للسامية”، وتحرم من التمويل الأمريكي[13]. وتتمثل أخطر ما في تصريحات بومبيو بأنه يجعل من أي مناصرة لحقوق الفلسطينيين بمثابة كراهية ضد اليهود، وعداء للسامية، تستوجب مواجتها.
وتمثل تصريحات بومبيو انقلابًا تامًّا على القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1975، وأعلنت من خلاله أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العرقي. حينذاك، عبر أنصار القرار رقم 3379 عن حقيقة لا تحتاج إلى إثبات، ألا وهي أن الدولة تكون ذات هيكلية عنصرية حينما تمنح الأيديولوجيا التي تأسست بناء عليها -كما هو الحال مع الصهيونية- مستوى أرقى من الحقوق للمواطنين، بناء على انتمائهم العرقي أو الديني. ثم ما لبثت معاهدة دولية أن نصت بكل وضوح على أن مثل هذا الترتيب السياسي يرقى إلى الأبارتايد (الفصل العنصري).
بينما بذلت إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي جهودًا من أجل تمويه صبغتها الأيديولوجية، إلا أنها ما لبثت أن تخلت منذ زمن طويل عن مثل هذا التظاهر، حتى أنها أجازت في عام 2018 قانون الدولة القومية، الذي يكشف -بشكل سافر- عن طبيعة نظامها القائم على الأبارتايد (الفصل العنصري)، الذي يمنح حقوقًا لمواطنيها اليهود، تميزهم عن مواطنيها الفلسطينيين، وتجعلهم فوقهم.
ولكن الذي حدث في عام 1991 هو أن الأمم المتحدة أجبرت على إبطال قرار “الصهيونية عنصرية” بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وبروز الولايات المتحدة، كفيل إسرائيل وراعيها، قوة عظمى وحيدة في العالم. ولقد وصلنا الآن إلى النقطة التي بات عندها -كما تؤكد تصريحات بومبيو- انتقاد إسرائيل والصهيونية ينظر إليه على أنه شكل من أشكال العنصرية.
في هذه الرؤية المقلوبة رأسًا على عقب، تصبح إسرائيل المسلحة نوويًّا هي الضحية، وليس الفلسطينيون الذين سلبت إسرائيل ديارهم، ومارست ضدهم التطهير العرقي لعقود. بات هذا الجنون راسخًا لدرجة أن مجلس النواب الأمريكي في عام 2019 صوت -بما يشبه الإجماع- على إجازة قرار -دفعت نحوه مجموعة اللوبي “إيباك” المؤيدة لإسرائيل- يندد بأي مقاطعة لإسرائيل باعتبارها شكلًا من أشكال معاداة السامية. كما أجاز ما يقرب من 32 ولاية أمريكية تشريعًا يحرم من حقوق “التعديل الأول” كل من يدعم مقاطعة إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين المظلومين. بينما ما تزال الولايات الأخرى بصدد العمل على إعداد مشاريع قوانين مشابهة.
5- سير الدول الأوروبية على النهج الأمريكي: فتأثير هذه القرارات لن يتوقف على الولايات المتحدة فقط؛ بل سيؤثر بالتبعية على الدول الأوروبية الأخرى، التي ستسير على نفس الخطى.
فقد أجاز البرلمان الألماني قرارًا في 2019 يحظر التمويل الحكومي عن أي مجموعة تدعم مقاطعة إسرائيل أيًّا كان مستواها. وفي أكتوبر 2020، غدا الأكاديميون الإسرائيليون اليهود في برلين أحدث مجموعة يتم استهدافها؛ حيث أزالت كلية الفنون صفحتهم على الإنترنت، وقطعت عنهم التمويل؛ بسبب تنظيمهم لسلسلة من ورشات العمل التي تنتقد الصهيونية بعد تحذير صدر في وسائل الإعلام عن مجموعات ألمانية مناهضة للعنصرية.
وحدث انقلاب مشابه على الواقع في المملكة المتحدة؛ حيث قضت الحكومة بأنه لا يسمح للسلطات المحلية بسحب استثمارات صناديق التقاعد من إسرائيل؛ حيث تقدر هذه الاستثمارات -وبعضها في المستوطنات اليهودية غير الشرعية- بما يقرب من 3.5 مليار جنيه إسترليني (أي ما يعادل 4.7 مليار دولار أمريكي)؛ الأمر الذي يعني أن المواطنين البريطانيين العاديين يساهمون في تمويل الاحتلال الإسرائيلي. ثم ما لبث قرار حكومة بوريس جونسون أن تعرض للشطب من قبل أعلى محكمة بريطانية في شهر أبريل، إلا أن الحكومة تعهدت بإجازة تشريع جديد عبر البرلمان ضد حركة بي دي إس سيمكنها من إبطال قرار المحكمة.
وأما في فرنسا، فيعامل أي إجراء لمقاطعة إسرائيل، ومنذ زمن، على أنه مخالفة جنائية بموجب تشريع ضد التمييز. ولقد خسرت مجموعة من اثني عشر ناشطًا متضامنًا مع الفلسطينيين سلسلة من المعارك القضائية في فرنسا، بعد أن أدينوا قبل ما يقرب من عقد بالمطالبة بمقاطعة إسرائيل أمام أحد المتاجر الكبيرة. وأخيرًا حصل النشطاء على وقف للتنفيذ في يونيو، بعد أن قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بأن إدانتهم مثلت انتهاكًا للمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد باتت الدول الغربية الآن تصنف حركة بي دي إس، التي تنظم المقاطعات ضد إسرائيل، على أنها معادية للسامية كذلك. والخيارات الوحيدة التي يُسمح بها هي السكون وانعدام الفعل، إذا ما أرادت تجنب أن توصم بمعاداة السامية.
كما أن الأمم المتحدة عندما أعدت قائمة بأسماء المؤسسات التجارية التي تتواطأ مع المستوطنات الإسرائيلية المقامة بصورة غير شرعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعطل نشر قاعدة البيانات مرات عديدة؛ خشية ما يمكن أن ينال الأمم المتحدة من رد فعل عكسي بسبب إغضاب إسرائيل والمناصرين لها.
ثم رأت القائمة النور أخيرًا في شهر فبراير، إلا أن المؤسسات التي ورد ذكرها في القائمة لم تتعرض لأي ضغوط ذات قيمة لحملها على الانسحاب من المستوطنات؛ بل على العكس من ذلك، كان مجمل الضغط الذي تعرضت له في الواقع يحملها على البقاء حيث، هي وإلا فإنها تخاطر بأن تتهم بممارسة التمييز الجائر ضد إسرائيل.
6- إضعاف منظمات حقوق الإنسان: كانت تصريحات بومبيو التي دعم بها المستوطنات، في نوفمبر 2020، قد استبقت بتقارير في أكتوبر من العام نفسه، تفيد بأن وزارة الخارجية الأمريكية تنظر في آلية تمكنها من تصنيف بعض أبرز المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم بأنها معادية للسامية. وبعد ذلك ستعمد الولايات المتحدة إلى حث الدول الأخرى على عدم التعامل مع منظمات مثل العفو الدولية وهيومان رايتس واتش وأوكسفام.
وبينما يتم تهميش القضية الفلسطينية بشكل مطرد من قبل الدول الغربية والدول العربية على حد سواء، تجد مجموعات مثل أمنستي (العفو الدولية) وهيومان رايتس واتش نفسها وحيدة في توجيه النقد لإسرائيل. تكاد هاتان المنظمتان تكونان وحيدتين أيضًا في التحذير من الانتهاكات البشعة التي ترتكبها إسرائيل بحق القانون الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالاستيطان[14].
[1] “حل الدولتين .. ماذا وراء زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية؟”، الخليج الجديد، 21/11/2020، الرابط:
[2] “عن بومبيو الصهيوني”، العربي الجديد، 22/11/2020، الرابط:
[3] “حل الدولتين .. ماذا وراء زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية؟”، مرجع سابق.
[4] “عن بومبيو الصهيوني”، مرجع سابق.
[5] ” زيارة بومبيو للجولان المحتل: آخر الهدايا لنتنياهو وتوظيف لضعف النظام”، العربي الجديد، 21/11/2020، الرابط:
[6] “مواقف بومبيو .. شرعنة الاستيطان و”الإسرائيليون شعب مختار””، العربي الجديد، 19/11/2020، الرابط:
[7] “حل الدولتين .. ماذا وراء زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية؟”، مرجع سابق.
[8] “مواقف بومبيو .. شرعنة الاستيطان و”الإسرائيليون شعب مختار””، مرجع سابق.
[9] “حل الدولتين .. ماذا وراء زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية؟”، مرجع سابق.
[10] “ترجيح اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية”، العربي الجديد، 22/11/2020، الرابط:
[11] “قراءة إسرائيليّة في أهداف زيارة بومبيو لإسرائيل بهذا التوقيت”، حفريات (مترجم)، 22/11/2020، الرابط:
[12] “مواقف بومبيو .. شرعنة الاستيطان و”الإسرائيليون شعب مختار””، مرجع سابق.
[13] “حل الدولتين .. ماذا وراء زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية؟”، مرجع سابق.
[14] “ها قد أفصح بومبيو عن المعيار الجديد: أي نقد لإسرائيل هو عداء للسامية”، عربي 21 (مترجم)، 25/11/2020، الرابط: