المشهد السياسي… عن الفترة من 13 فبراير وحتى 19 فبراير 2021

 

 

المشهد المصري:

  • خطاب السيسي: تصورات السلطة عن التنمية والمعارضة في مصر.

على هامش افتتاح المجمع الطبي المتكامل، في محافظة الاسماعيلية، الثلاثاء 16 فبراير 2021، تطرق السيسي إلى عدة قضايا، معرباً من خلال كلمته عن تصورات السلطة الحاكمة في مصر عن هذه القضايا: (1) بخصوص مسألة الزيادة السكانية أن استمرار المعدلات المرتفعة للزيادة السكانية تتسبب في اندلاع الثورات التي تنتهي إلى “خراب في خراب”، معتبراً أن الزيادة السكانية تؤثر بشكل سلبي على كل القطاعات، مشيراً إلى أن البلاد لم تصل بعد إلى معدلات خفض الزيادة السكانية المطلوبة، منوهاً إلى أن ما بذلته الحكومة من جهود “معتبر وعظيم، وضخم جدًا وغير متوقع، كل الناس بتقول إزاي إنتوا عملتوا كده؟ وإزاي هتعملوا اللي عايزينه؟”. (2) كما تطرق السيسي إلى مسألة المعارضة السياسية في مصر، مؤكداً أن من حق الناس أن تعبر عن رأيها وأن تعترض لكن بشروط، هي؛ أن تكون المعارضة لتحسين أوضاع الناس وتحسين حياتهم وليست معارضة من أجل المعارضة، وأن يكون الشخص المعارض مدرك “فاهم” للقضايا التي يعارض فيها[1].

ليس هناك جديد في رد مشكلات غياب التنمية في مصر إلى الزيادة السكانية؛ باعتبار أن هذه الزيادة تلتهم ثمار التنمية وتحول دون شعور المواطنين بحدوث تغير إيجابي في أحوالهم المعيشية، ليس هناك جديد لأن هذا خطاب رائج لدى الراحل مبارك قبل أن يصل للسيسي، وكأنه يقول أن معاناتكم أنتم السبب فيها جراء إنجابكم غير المنضبط؛ وهو بذلك تبرءة للحكومة من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المجتمع المصري. أما مسألة القبول بوجود معارضة لكن شريطة أن تكون هذه المعارضة ليست من أجل المعارضة، فهو اشتراط غريب في الحقيقة؛ فأية معارضة تعارض من باب أنها تطرح بديل لنخبة الحكم القائمة، وأنها تقدم نفسها كبديل عن هذه النخبة القائمة، وبالتالي هي ترى في المعارضة حق أصيل لها ووسيلة لبلوغ السلطة، لكن ما طرحه السيسي في خطابه أن تكون المعارضة لتصحيح مسار السلطة القائمة وليست محاولة منها للوصول للسلطة، كما اشترط السيسي على المعارضة أن تكون معارضتها عن إدراك ومعرفة حقيقية للملفات التي تعارض فيها، وهو مطلب صائب، إلا أن السؤال الذي يثيره هذا المطلب متعلق بالمعيار الذي يمكن من خلاله أن نعرف إن كانت المعارضة مدركة لحقيقة الملفات التي تعارض فيها أم لا، فإن كانت الحكومة هي التي تحدد إن كانت المعارضة مدركة بشكل صائب للملفات التي تعارض فيها، فبالتالي سيصبح ذلك أداة الحكومة في استبعاد المعارضة الجادة باعتبارها تتكلم فيما لا تعلم.

  • نظام هش لكنه قادر على البقاء ومعارضة ضعيفة وجيش متشبث بالسلطة.

خلال ندوة نظمها المركز المصري للإعلام بعنوان “الدور السياسي للقوات المسلحة في مواجهة التحديات القادمة”،[2]، ذكر يزيد صايغ الباحث الرئيسي بمعهد كارينغي لدراسات الشرق الأوسط، جملة من الاستنتاجات بخصوص النظام السياسي المصري، وهي؛ (1) بخصوص النظام السياسي القائم: أن النظام الذي تأسس بعد 2013 هو نظام قوي قادر على على جلب دعم دبلوماسي واقتصادي وسياسي من الخارج، لكنه في ذات الوقت هش في مواجهة تهديد وجودي حقيقي ناجم عن أسباب إقتصادية أو إجتماعية. وأن السيسي هو الشخصية الأقوى داخل بنية النظام المصري، لكنه في الوقت ذاته رهينة ائتلاف حاكم في مقدمته الجيش والداخلية والقضاء. (2) بخصوص المؤسسة العسكرية: أن موقع المؤسسة العسكرية في بنية النظام المصري مركزية للغاية، وأن الجيش استطاع أن يصنع لنفسه وضعاً استثنائياً من خلال التعديلات الدستورية التي تمت في 2019، وأن المؤسسة العسكرية حريصة على الاحتفاظ بموقعها السياسي والمركزي في مؤسسات الدولة والحياة السياسية، ولا ترغب في تقليص حضورها في المجال السياسي والمدني. (3) فيما يتعلق بسيناريوهات التغيير: أن ليس هناك طرف في الوقت الحالي يمكن للمؤسسة العسكرية أن تتفاوض معه على ترتيبات انتقال السلطة إليه، وبالتالي فإن سيناريو التغيير السلس مستبعد، فالنظام الحالي خلق وضعاً يجعل الانهيار أو الحرب الأهلية هو المسار المتوقع. وأن الحراك الجماهيري الذي أطاح بالرؤساء من 2011، إلى 2019 كان جبارا ومثيرا للإعجاب ولكنه يفتقر للوحدة والتماسك.

يبدو من كلام “صايغ” أنه يرى أن التغيير في مصر مرهون بأمرين؛ (أ) تدخل خارجي يدفع الحكومة المصرية باتجاه تحقيق مزيد من الديمقراطية وفتح المجال العام وتقليل من حدة القبضة الأمنية الخانقة لأية فعل سياسي مدني ديمقراطي. (ب) حدوث توترات بين مكونات التحالف الحاكم ما يسمح بحدوث حلحلة في الوضع المضغوط في مصر. لكنه يعود ليؤكد أن المؤسسة العسكرية تبقى هي المكون الأقوى في التحالف الحاكم وأن العسكريون غير راغبون في التراجع عن حضورهم السافر في المجال السياسي.

 

  • عن تحالف السلطة والرأسمالية الطفيلية في مصر.

أعلنت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة)، توقيع عقد مع طلعت مصطفى؛ لبيع 21% من أراضي مدينة “حدائق العاصمة”، وهي مساحة قدرها 5 ألف فدان وتعادل 21 مليون متر مربع، وذلك بغرض إقامة مجتمع عمراني متكامل بالمدينة[3]. الأرض تم إسنادها بالأمر المباشر إلى طلعت مصطفى، بسعر 70 دولار للمتر، مع تحمُّل الدولة كلفة توصيل المرافق وما يخصّ البنية التحتية[4]. وقد تم توقيع الإتفاق بعد 4 أيام فقط من إعلان طلعت مصطفى التبرع لصندوق تحيا مصر لشراء 2 مليون جرعة لقاح لكورونا[5].

“حدائق العاصمة” هي مدينة جديدة قررت وزارة الإسكان إنشائها بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة حيث تقع على بعد 10 دقائق من العاصمة الجديدة، على مساحة تبلغ حوالي 30 ألف فدان، صدر بتخصيصها قرار رئيس الجمهورية رقم 645 لسنة 2020؛ وذلك بهدف توفير مساكن لصغار الموظفين الذين يعملون بالعاصمة الإدارية الجديدة ويعجزون عن السكن فيها. وتعتبر حدائق العاصمة امتدادا لمدينة بدر التي تبعد أيضاً نحو 10 دقائق عن العاصمة الإدارية الجديد، وقد بدأ التفكير في إنشاء “حدائق العاصمة” بعد الطلب الهائل على السكن في مدينة بدر. ومن المقرر أن تكونا المدينتين بدر وحدائق العاصمة مقر صغار العاملين بالعاصمة الإدارية الجديدة ممن لا يعيشون فيها، على أن تكون قيمة الوحدة في حدود 400 ألف جنيه مصري، بالإضافة إلى ذلك فإن حدائق العاصمة سيكون بها مناطق مخصصة للأثرياء، وأماكن أخرى مخصصة للإسكان الاجتماعي، والذي من المقرر أن يتضمن نحو 30 ألف وحدة سكنية، موزعة على 1194 عمارة، بتكلفة 7.5 مليار جنيه، ومن المقرر الانتهاء منها في يوليو 2021[6].

من الجدير بالذكر أن هذا المشروع ليس الأول لطلعت مصطفى في العاصمة الإدارية، ففي يونيو 2018 أطلقت المجموعة المملوكة لرجل الأعمال مشروع “سيليا” على مساحة 500 فدان، وهو من أكبر المشروعات السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة[7]. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن طلعت مصطفى المدان في قضية مقتل سوزان تميم قد حصل على عفو صحي من السيسي في يونيو 2017[8].

المثير للتساؤلات في صفقة طلعت مصطفى ووزارة الإسكان: أن هناك غياب الشفافية ونقص للمعلومات حول الصفقة بحسب مراقبين؛ خاصة أن قيمة المتر في الصفقة 1350 جنيه، وهو صغير للغاية مقارنة بسعر المتر في العاصمة الإدارية الجديدة، والذي يتراوح بين 5 الآف سكني، و17 ألف جنيه تجاري، بل إن سعر المتر في بعض المناطق المخصصة لبناء أبراج وصل سعره 40 ألف جنيه[9]. وبالتأكيد مما ضاعف الغموض حول الصفقة هو التشريع القانوني الذي أعطى الحكومة الحق في إبرام تعاقدات بالأمر المباشر دون أية توضيحات[10].

والتساؤل القديم الجديد: هو ما السبب وراء حرص الحكومة على مواصلة الاستثمار في القطاع العقاري رغم عدم وجود طلب حقيقي على كل هذه العقارات، ورغم وجود حوالي 5 مليون وحدة سكنية غير مسكونة وهي تكفى لسكنى 50 مليون مواطن؟!! ومن المستفيد من بناء وحدات إسكان إجتماعي –من المفترض أنها موجهة لمحدودي الدخل- يصل سعر الوحدة السكنية “شقة” 400 ألف جنيه وذلك وفق تصريحات نائب وزير الإسكان[11]؟

 

  • استمرارًا للقلق من إدارة بايدن؛ السيسي يواصل اللعب بورقة المُعتقلين:

بعد نحو ثلاثة أشهر من إخلاء سبيل أربعة من أقارب الناشط السياسي والحقوقي المصري- الأميركي محمد سلطان، عقب فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، أعاد جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية المصرية، الهجوم على عائلة سلطان الذي كان قد رفع دعوى قضائية أمام محكمة أميركية اتهم فيها السلطات المصرية بتعذيبه حين كان مسجونًا لديها، كما عمل الشهر الماضي مع أعضاء في الكونجرس الأميركي لتشكيل فريق عمل مكرَّس لتعزيز حقوق الإنسان في مصر، وقامت القوات الأمنية المصرية بمداهمة منازل ستة من أقاربه واعتقال اثنين، يوم الأحد 14 فبراير.

لا يمكن قراءة هذه الخطوة بشكل منفصل عن عدد من مستجدات العلاقات بين القاهرة وواشنطن، ومحاولات النظام المصري أخذ زمام المبادرة في التعامل مع الضغوط الأميركية المتوقعة، والتي لم تُمارس حتى الآن.

تفسير ما حدث مع عائلة سلطان: يُعد التفسير الأبسط هو أن النظام يحاول بالأدوات القديمة ذاتها، التي كان يستخدمها في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الضغط منفردًا على سلطان لإثنائه عن اتخاذ خطوات جديدة في دعواه القضائية المرفوعة حاليًا في الولايات المتحدة ضد قيادات النظام المصري.

إلا أن وضع هذا الملف بجانب باقي الملفات التي كان النظام المصري يتصور، من خلال اتصالاته المباشرة وعبر وسطاء مع دائرة بايدن، أن تثيرها الإدارة الجديدة على الفور، يتبين أن خطوة التصعيد ضد أقارب سلطان تكمل سلسلة من خطوات أخرى سبق اتخاذها خلال الشهرين الأخيرين، وعلى رأس هذه الخطوات، النكوص عن التعهدات التي قطعها النظام للوسطاء الأميركيين والعواصم الغربية، وروَّج لها محليًا عبر أدواته الإعلامية، للإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين البارزين، على رأسهم المدرجون على قائمة الإرهاب على ذمة القضية المعروفة باسم “خلية الأمل”.

حيث يستمر النظام المصري في اعتقال جميع من تناولتهم بيانات العواصم الغربية والبرلمان الأوروبي، رغم مرور ثلاثة أسابيع بعد ذكرى ثورة 25 يناير، التي كان الوسطاء المصريون والأوروبيون لتنفيذ عمليات الإفراج، يتحدثون عن أن ذكرى الثورة هو موعدها المحدد من قبل الأجهزة المصرية. الخطوات شملت أيضًا توسيع عمليات الاعتقال ضد الطلاب المصريين العائدين من الخارج، والذين كان آخرهم أحمد سمير سنطاوي، والإصرار على استمرار اعتقال الباحث باتريك جورج بعد إظهار مؤشرات إيجابية وتعهدات لوسطاء بانفراجة في حالته، ويأتي ذلك فضلًا عن استمرار منع نشطاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية -الذين اعتقلوا في نوفمبر الماضي وأُفرج عنهم مطلع ديسمبر- من السفر والتحفظ على أموالهم[12].

ردود الفعل حول تلك الخطوة من النظام المصري: ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أنها تُمثِّل تحديًا من قِبل النظام المصري، للدعوات التي أطلقتها الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة جو بايدن للحكومة المصرية لتحسين سجلها الحقوقي. وتعليقًا على هذه المسألة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، للصحفيين إن الولايات المتحدة اطلعت على هذه القضية وهي حاليًا تدرسها، وأنهم يأخذونها على محمل الجد. وتشير ميشيل دون، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مفسرةً تلك الخطوة، إلى قلق الإدارة المصرية من التغييرات في النظام الأمريكي، وعدم تأكدهم من كيفية التعامل معها. ومن جانبها فسرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات التصعيد المصري بأنه ربما لاختبار الوضع، لرؤية ردود فعل إدارة بايدن أو ربما كانت طلقة تحذيرية لإثبات وجوده. أما محمد سلطان فقد اعتبر أن الحكومة ربما أرسلت إشارة تحدٍّ إلى بايدن من خلال عائلته، وأنها قد تكون وسيلة لخلق مشكلة تسمح لانخراط حكومة السيسي وحل المشكلة التي أوجدتها[13]، وجاء ذلك بالتزامن مع صدور بيان من الخارجية الأميركية يعلن الموافقة على صفقة بيع أسلحة محتملة لصالح مصر بقيمة 197 مليون دولار، تتضمن صواريخ تكتيكية ومعدات ذات صلة. وبينما أشار بيان الوزارة، إلى موافقتها على هذه الصفقة لأن مصر لا تزال شريكًا استراتيجيًا مهمًا في الشرق الأوسط، فإن تمرير الصفقة سيكون رهن موافقة الكونجرس الذي سيتولى مراجعتها.[14]

الخُلاصة؛ يبدو واضحًا من تلك التحركات للنظام المصري أن الترقب يسيطر على العلاقات بن إدارتي السيسي وبايدن، ولكن بشكل سلبي وليس إيجابي. ويعني ذلك أن دائرة السيسي ترغب في اختبار مدى اهتمام إدارة بايدن بمصر، وطبيعة الملفات التي ستؤثر على العلاقات من الجوانب الحقوقية والسياسية، وكذلك الاستراتيجية والعسكرية. وبموجب رؤية تسيطر على دائرة السيسي حاليًا، فالتعامل الأمثل يكون من خلال احتفاظ النظام بأوراق يمكن التفاوض عليها مستقبلًا، وبحيث يكون التنازل عن أيٍّ منها غير مكلف كثيرًا، مع تفضيل أن يقتصر التنازل على ما يُستجد من قضايا أو حالات ليست ذات أولوية مُتقدمة على أجندة النظام. وتأتي في مقدمة الأوراق التي يحتفظ بها النظام المصري في المقايضة مع إدارة بايدن، ورقة المحبوسين السياسيين والجنائيين والممنوعين من السفر من حاملي الجنسية الأميركية، حيث يعتبر النظام أن من المناسب التنازل عنها على مراحل حسب الأهمية السياسية، في فترات لاحقة عند ممارسة الضغوط.

 

المشهد الإقليمي والدولي

ملف السياسة الخارجية المصرية:

أولًا: الدائرة العربية:

1– العلاقة مع ليبيا: علمت وكالة أنباء الشرق الأوسط، فى 15 فبراير الحالى، من مصدر مصري مطلع، أن وفدا مصريا وصل إلى طرابلس الليبية، وذلك في إطار العمل على التحضيرات الفنية الخاصة باستئناف الوجود الدبلوماسي المصري في ليبيا خلال الفترة المقبلة. وأكد المصدر أن الزيارة تتعلق بالإجراءات والترتيبات اللوجيستية الخاصة بعملية الإعداد للتواجد الدبلوماسي المصري، ودراسة توقيت عودة العمل بكل من السفارة المصرية بطرابلس والقنصلية المصرية في بنغازي[15]. وفى هذا السياق، فقد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، إن وفدا دبلوماسيا مصريا في طرابلس، فى 15 فبراير الجارى، للإعلان عن إعادة فتح سفارة القاهرة بليبيا، وفق وكالة الأناضول.

وحول دلالات فتح مصر سفارتها في ليبيا مجددا بعد إغلاقها منذ 2014، فإن ذلك يؤكد على أن مصر أصبحت منفتحة على كافة الأطراف الليبية، بعد أن كانت تدعم أحد الأطراف (حفتر فى الشرق) ضد طرف أخر (حكومة الوفاق فى الغرب). ويؤكد أيضًا على دعم مصر للحكومة الشرعية التي اتُفق عليها مؤخرًا، خاصة أن تلك الخطوة تأتي بعد انتخاب أعضاء ملتقى الحوار السياسي، في 5 فبراير الجاري، سلطة تنفيذية مؤقتة لإدارة شؤون البلاد والإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية مقررة في 24 ديسمبر المقبل، وهو ما رحبت به القاهرة. بجانب رغبة القاهرة فى الانفتاح على كافة الأطراف الليبية تمهيدًا للعب دور رئيسى فى حل الأزمة الليبية، من أجل التأكيد للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن على أهمية الدور الأقليمى لمصر فى ظل توقع حدوث خلافات على مستوى العلاقات الثنائية على خلفية تدهور حقوق الإنسان فى مصر.

كما تعكس تلك الخطوة رغبة القاهرة فى الحصول على جزء من عملية إعادة الاعمار الليبية والتى تقدر بمليارات الدولارات، وتمهيدًا لعودة العمالة المصرية إلى ليبيا بما يخفف من حدة البطالة التى يعانى منها السوق المصرى، بجانب تنشيط أحد مصادر الدخل الرئيسية المتمثلة فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج[16].

وأخيرًا، يمكن تفهم تلك الخطوة فى ضوء محاولة مصر تقليص  حجم خسائرها في ليبيا، حيث كانت آخر هذه الخسائر فشل مرشحيها رئيس البرلمان عقيلة صالح ووزير الداخلية فتحي باشاغا في ترؤس السلطة التنفيذية الجديدة. وعليه تحاول مصر تدارك تلك الخسارة بالتعامل بإيجابية مع رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، من خلال تسريع عملية إعادة فتح سفارتها في طرابلس وقنصليتها في بنغازي دعما للقيادات الجديدة، في رسالة يبدو أن الهدف منها التأكيد على أن تركيا لن تلعب بمفردها غرب ليبيا، وفى محاولة لقطع الطريق على مزيد من التمدد وترسيخ الوجود التركى فى ليبيا خاصة وأن الحكومة الجديدة يتم الحديث عن كونها قريبة من تركيا[17].

2- العلاقة مع الإمارات: تمر العلاقات المصرية الإماراتية بأضعف مراحلها، نتيجة الخلاف بين الدولتين حول العديد من القضايا والتى كان آخرها الأحاديث عن توجيه دوائر إماراتية، اتهامات للقاهرة بامتلاكها معلومات استخباراتية بشأن استهداف سفارتي أبوظبي في كلًا من إثيوبيا والخرطوم من دون إبلاغ المسؤولين الإماراتيين بها للتعامل مع الموقف، وهو الاستهداف الذى تم احباطه بدعم استخباراتى أثيوبى وإسرائيلى.

ويتم تفسير هذا الموقف المصرى، فى ظل حالة الغضب المصري تجاه الإمارات، نظراً لدور الأخيرة في دعم إثيوبيا، في مواجهة التحركات المصرية الرامية للضغط على أديس أبابا لإجبارها على التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، حيث تمتلك القاهرة معلومات بشأن دعم عسكري ولوجستي واستخباري كبير قدّمته أبوظبي لأديس أبابا خلال الفترة الماضية، وبالتحديد في أزمة إقليم تيغراي، والأحداث التي يشهدها، والتي كانت القاهرة تعوّل على استغلالها للضغط على إثيوبيا، لتسريع عملية الوصول إلى اتفاق[18].

3- العلاقة مع السعودية: تحرص مصر والسعودية على بقاء علاقتيهما في مستوى الشراكة الاستراتيجية بسبب المصالح المشتركة والتصورات المشتركة للتهديدات. وتقدر السعودية القوة العسكرية الكبيرة لمصر، التي تساعد على حماية جزء من مياه البحر الأحمر الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك. ومن جانبها، تعتبر مصر السعودية أهم ممول اقتصادي لها ووجهة عمل رئيسية للعمالة المصرية. ويشترك البلدان أيضا في مقاومة التحرر السياسي، وهو ما يخشيان أن تدعمه إدارة “بايدن” كجزء من جهد أمريكي متجدد لتعزيز حقوق الإنسان، وقد كان هذا الجهد معلقا خلال رئاسة “دونالد ترامب”.

ومع ذلك، تحت سطح هذه الشراكة يوجد تنافس ومصالح سياسية متباينة أحيانا، ويستاء المصريون من كونهم الشريك الأفقر للسعودية، وغالبا ما تتطلب علاقتهما الامتناع عن توجيه انتقادات. وتنظر الرياض إلى القاهرة على أنها لا تزال لديها طموح بالزعامة العربية بالرغم من انتقال القوة في المنطقة في العقود الأخيرة إلى دول الخليج. وعلى الصعيد السياسي، بينما انضمت السعودية إلى مصر والإمارات في معارضة جماعة “الإخوان المسلمون”، فإن عداء الرياض تجاه هذا التنظيم ليس قويا مثل عداء شركائها، لا سيما في السياق الإقليمي[19].

ثانيًا: الدائرة الإقليمية:

العلاقة مع تركيا: تشهد العلاقة بين مصر وتركيا أفضل لحظاتها منذ انقلاب 2013 فى مصر والذى رفضته تركيا، ما أدى إلى توتير العلاقات على المستوى الثنائى والاقليمى بين القاهرة وأنقرة. ولكن مؤخرًا، ظهرت مجموعة من المؤشرات على تحسن العلاقات بين الدولتين، فبعد التصريحات الودية المتبادلة بين مسئولى الدولتين والاعتراف بوجود تواصل استخبارى بينهما، فضلًا عن تهدئة الصراع بينهما فى ليبيا وشرق المتوسط.

ظهرت مؤشرات أخرى تدل على تحسن العلاقة بينهما تتمثل فى  التقرير الذى نشرته وكالة “الأناضول” التركية الرسمية،  في 9 فبراير 2021، والذى حمل عنوان: “الأردن.. وسيط مؤهل ومقبول بين تركيا والإمارات ومصر”. والذى أشارت فيه إلى إمكانية قيام الأردن بلعب دور الوسيط بين تركيا ومصر والإمارات، فى ظل العلاقات الطيبة التى تتمتع بها الأردن مع هذه الدول، بجانب أحاديث ملك الأردن عبد الله الثاني حول دور إقليمي محتمل لبلاده في تقليل وحل أزمات المنطقة. وأيضا حديث لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية سابقا أنور قرقاش، عن رغبة بلاده بتطبيع العلاقات مع تركيا، وتطلعه لتحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة[20].

ويرجح العديد من المراقبين نجاح الوساطة الأردنية، لمجموعة من الأسباب تتمثل فى؛ أن نشر هذا التقرير بوكالة الأناضول يعد مؤشرًا على قبول تركيا بالوساطة الأردنية بل وربما التشجيع عليها، وهي خطوة إيجابية من أنقرة بمقابل بعض التصريحات لمسؤولين إماراتيين. بجانب، المزاج ‏السياسي العالمي الذي يبدو أنه يجنح نحو الحوار، والذي برز بعد خطاب الرئيس ‏بايدن، حول عودة الدبلوماسية الأميركية كدعوة إيجابية تدفع باتجاه بناء الشراكات وتغليب ‏لغة الحوار والدبلوماسية لبناء السلم العالمي. فضلًا عن الرغبة فى تهدئة الملفات المشتعلة وتقليل حدة المنافسة على النفوذ الإقليمي ولو لفترة، حتى يلتقط الجميع الأنفاس بظل الخسائر الاقتصادية التي يتعرض لها الجميع بسبب فيروس كورونا.

وأخيرًا، ففيما يتعلق بملف جماعة الإخوان المسلمين، يبدو أن هناك تفاهم بين مصر وتركيا بأن تظل الجماعة في المنفى بشرط أن تقل وتيرة انتقاداتهم للسلطات المصرية بالخارج، ومن ثم فمن المستبعد أن يتم ترحيل الإخوان من تركيا على سبيل المثال. فيما تعمل القاهرة استباقا لتدخلات بايدن بعمل انفتاح سياسي وزيادة هامش المعارضة حتى لو كانت شكلية، والعودة لصيغة شبيهة بصيغة نظام حسني مبارك التي كانت تسمح للمعارضة بالانتقادات العلنية مقابل تحجيم دورها على الأرض سياسيًا واجتماعيًا[21].

ثالثًا: الدائرة الدولية:

العلاقة مع الولايات المتحدة: بعد أن قدمت إدارة ترامب دعمًا صريحًا للسيسي على الرغم من السجل العامر بانتهاكات حقوق الإنسان، وانحسار تأثير السياسة الخارجية المصرية بشكل عام. فإن تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة مثل تحدى أمام السيسى خاصة بعد انتقاد بايدن تلك العلاقة الحميمة بين السيسى وترامب وتعهده بإنهاء «الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل».

وبعد إعلان فوز بايدن بالانتخابات، أصدر السيسي على الفور بيانًا لتهنئته، قائلًا إنه «يتطلع إلى العمل والتعاون مع الرئيس الجديد المنتخب لتعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة». ومع ذلك، لم يتحدث الزعيمان بشكل مباشر بعد، ولم تكن مصر ضمن المكالمات الأولى التي أجراها وزير الخارجية الجديد، أنتوني بلينكن، مع نظرائه في الخارج.

وهناك انتكاسة محتملة تواجهها القاهرة فى علاقتها مع واشنطن وهي الدعوى القضائية الجارية التي رفعها «محمد سلطان»، المصري الأمريكي، في يونيو 2020 أمام محكمة فيدرالية في واشنطن، ضد رئيس الوزراء المصري السابق، حازم الببلاوي، يتهمه فيها باستهدافه ومحاولة قتله خارج نطاق القانون و«التوجيه والإشراف» على تعذيبه في 2013. الببلاوي، الذي شغل منصب رئيس وزراء مصر من 2013 إلى 2014، كان يقيم في واشنطن، حيث عمل كمدير تنفيذي لصندوق النقد الدولي عندما رفعت الدعوى العام الماضي. وبعد رفعها، طالب الببلاوي مرارًا وتكرارًا السفارة المصرية بعرقلة القضية، وفقًا لمصادر في السفارة المصرية بواشنطن. وخوفًا من إمكانية صدور قرار ضد الببلاوى،  فقد تم استبداله بآخر شغل منصبه في صندوق النقد الدولي في أكتوبر وغادر واشنطن.

ولمواجهة التدهور المتوقع للعلاقة بين القاهرة وواشنطن – كما هو موضح أعلاه -، فقد تم طرح عدة مقترحات رُفعت إلى وزير الخارجية والرئاسة، تدور حول إدخال عدة تغييرات في السياسة الداخلية تتمثل فى؛ السماح للأحزاب السياسية وشخصيات المعارضة بالتعبير عن رأيها في وسائل الإعلام. وتخفيف السلطات المصرية من اعتقال المعارضين وإطلاق سراح بعض الشخصيات المعارضة بشكل منهجي من أجل كسب ود إدارة بايدن. ومع ذلك، فإن أي إطلاق سراح محتمل لن يشمل أعضاء بارزين في جماعة الإخوان المسلمين أو حلفائهم الإسلاميين.

إلى جانب هذا، فقد وقعت السفارة المصرية في واشنطن، فى 9 نوفمبر 2020، عقدًا مع «براونشتاين هيات فاربر شريك»، وهي مجموعة لوبي وشركة محاماة، لتقديم «خدمات العلاقات الحكومية والاستشارات الاستراتيجية في الأمور المعروضة على الحكومة الأمريكية»، لصالح الحكومة المصرية مقابل 65 ألف دولار شهريًا. وعلى الرغم من أن مصر كانت تجري محادثات مع الشركة لعدة أشهر، إلا أن العقد الذي وقعه السفير المصري لدى الولايات المتحدة، معتز زهران، والذي وصل إلى واشنطن في نوفمبر 2020، جاء بعد يومين فقط من انتخاب بايدن.

كذلك، تضمنت المقترحات إدخال عددًا من الإجراءات السياسية الخارجية بهدف إعادة ترسيخ قيمة مصر كشريك إقليمي للولايات المتحدة. ويأتى على رأس تلك التعديلات؛ إعادة تأكيد دور القاهرة في أي مفاوضات مستقبلية بشأن إسرائيل وفلسطين. وفى هذا السياق، فقد كانت مصر تتفاوض بشأن زيارة رسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى القاهرة لمناقشة «عملية السلام»، وتم الحديث عن اشتراط السيسي لإتمام الزيارة أن يُدلي نتنياهو ببيان إيجابي بشأن القضية الفلسطينية، مثل إعادة الالتزام بحل الدولتين.

بجانب، ضرورة تعديل السياسة المصرية تجاه ليبيا عبر المساهمة فى الوصول إلى حل لها بدلًا من المساهمة فى اشعال الأوضاع هناك عبر تقديم الدعم العسكرى لحفتر. وفى هذا السياق، يمكن تفهم الانفتاح المصرى على حكومة الوفاق مؤخرًا، والتى تجلت فى زيارة الوفد المصرى لطرابلس تمهيدًا لإعادة افتتاح السفارة المصرية هناك.

كما تحث التعديلات القاهرة أيضًا، على جعل نفسها حليفًا إقليميًا للولايات المتحدة في مناطق أخرى، من بينها العراق وسوريا. مع التأكيد على ضرورة أن تحافظ القاهرة على موقف أكثر ليونة تجاه إيران من موقف السعودية والإمارات، إذ تتطلع إدارة بايدن إلى استعادة الاتفاق النووي مع طهران[22].

 

ملف القضية الفلسطينية:

– بوادر خلاف بين بايدن ونتنياهو… المؤشرات والأسباب؟:

شهدت الفترة الأخيرة مجموعة من المؤشرات التى تكشف عن وجود حالة من التدهور فى العلاقة بين الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، تتمثل فى:

1- تأخر المكالمة الهاتفية “شبه التقليدية” بين الرئيس الأمريكي الجديد ورئيس الوزراء الإسرائيلي. فقد جرت العادة أن يتحدث الرئيس الأمريكي الجديد تليفونيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد أيام من توليه للمنصب وهو ما فعله الرئيسيان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب، لكن وبعد ثلاثة أسابيع من توليه منصبه وبعد أن تواصل بايدن مع عدد من القادة لم يتواصل مع مكتب نتنياهو من قريب أو من بعيد وهو ما جعل البعض يرى أن المرحلة الحالية تمثل ” تعثر فاتر” في العلاقات بعد فترة ” الحضن الدافئ” التي تمتع بها نتنياهو خلال ولاية ترامب[23].

2- أنه بالرغم من تصديق مجلس الشيوخ الأميركي على بقاء السفارة الأميركية في مدينة القدس، وتعهد بايدن نفسه بإبقاء سفارة بلاده بإسرائيل في موقعها الجديد بالقدس، إلا أن المتحدث باسم وزارة خارجية بايدن، نيد برايس، قد أكد على أن وضع القدس سيخضع لمفاوضات الحل النهائي[24].

3- تأكيد نتنياهو، فى 10 فبراير 2021، على أن مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد، والتى تعتبر ردًا على امتناع وزير الخارجية الأمريكى  بلينكن عن الإجابة على سؤال في حوار تلفزيوني، عما إذا كانت إدارته ستؤيد اعتراف الإدارة الأمريكية السابقة، بشرعية ضم إسرائيل لهضبة الجولان. وهو ما يعتبر مؤشر غير جيد بشأن العلاقة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية الحالية.

ويرجع العديد من المراقبين هذا التعثر إلى العديد من الإشكاليات التي ما زالت في ذهن بايدن، ومنها؛ إعلان نتنياهو عن مناقصة لبناء وحدات في مستوطنة رامات شلومو، بالقدس الشرقية عام 2010 خلال زيارت بايدن إلى إسرائيل، بصفته نائبًا للرئيس الأمريكي، وهو ما تسبب بأزمة بين الإدارة الأمريكية ونتنياهو لأن بايدن جاء برسالة تدعو إسرائيل الى تجميد الاستيطان.

بجانب مخاطبة نتنياهو للكونغرس الأمريكي، في مطلع العام 2015 ضد الاتفاق الذي كانت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، على وشك التوصل إليه مع إيران، وآنذاك كان بايدن نائبًا للرئيس الأمريكي، وتم اعتبار خطاب نتنياهو بأنه تحد للإدارة الأمريكية، وتحريض عليها في عُقر دارها. وربما كان ذلك سببًا فى عدم موافقة الإدارة الأمريكية حتى الآن على زيارة رئيس جهاز المخابرات الخارجية، الموساد، يوسي كوهين إلى واشنطن للحديث عن الملف الإيراني، وهى الزيارة التى كانت مقررة منذ فترة[25]. ما دفع نتنياهو لإجراء مشاورات مع كبار المسؤولين في حكومته مثل وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي ورئيس الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) يوسي كوهين ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، وهى المشاورات التى يسعى نتنياهو من ورائها لتوحيد الموقف الإسرائيلي الداخلي بشأن التغير في الموقف الأمريكي من الملف النوورى الإيرانى، بخاصة بعد الحديث العلني من قبل إدارة بايدن عن إمكانية عودتها إلى الاتفاق أو الدخول في اتفاق جديد[26].

وأخيرًا، يرغب بايدن فى الانتقام من نتنياهو على خلفية العلاقات الطيبة التي تمتع بها نتنياهو مع ترامب، خاصة أن نتنياهو بنى صورته كعملاق سياسي جزئياً من خلال الترويج لعلاقات الاتصال السريع مع قادة العالم ومع واشنطن على وجه الخصوص حيث دائماً ما تباهى بوجود خط ساخن بينه وبين الرئيس ترامب على مدار ثلاث انتخابات إسرائيلية سابقة. وقد بدى في ولاية ترامب أن واشنطن قادرة على مساعدة نتنياهو حيث قدمت له العديد من التنازلات منها مثلاً دعم ضم مرتفعات الجولان قبل وقت قصير على توجه الناخبين الإسرائيليين لصناديق الاقتراع وهو ما كان له دوره في احتفاظ نتنياهو بمنصبه، لكن الأن ومع الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في عامين والمقرر إجراؤها في 23 مارس المقبل فأن التناقض مع البيت الأبيض الذي لم يقم بمكالمة هاتفية مع نتنياهو بعد قد يلقي بظلاله على المشهد الانتخابي الإسرائيلي[27].

 

ملف الربيع العربي:

  • استمرار الصراع بين أطراف السُلطة في تونس:

أقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، يوم الاثنين 15 فبراير، 5 وزراء كان من المُقرر استبدالهم منذ 26 يناير الماضي في التعديل الوزاري، لكنه لم يتمكن من ذلك. وكان المشيشي قد قدَّم لائحة لتعديل وزاري تضم 11 حقيبة إلى البرلمان، لكن على الرغم من تمرير البرلمان التعديل الوزاري، إلا أن رفض الرئيس التونسي قيس سعيد أداء الوزراء الجدد اليمين أمامه؛ بسبب ما وصفها بشبهات فساد وتضارب مصالح بشأن عددٍ منهم، على الرغم من عدم وجود أي دليل قضائي، أو اتهامات رسمية، على ذلك، عطَّل هذا التعديل. وللتعامل مع رفض الرئيس؛ فقد تمَّ تكليف وزراء من الحكومة الحالية بالإشراف على الوزارات الإحدى عشر بالنيابة، بالإضافة إلى مهامهم الأصلية. وأكَّدت رئاسة الحكومة التونسية أنها تبقى منفتحة على كل الحلول الكفيلة باستكمال إجراءات التحوير الوزاري، ليتمكَّن الوزراء من مباشرة مهامهم، في إطار الدستور.

جذور الأزمة بين الرئيس والمشيشي: بالرجوع إلى بدايات الأزمة فقد قام الرئيس التونسي في وقتٍ سابق بتكليف إلياس الفخفاخ برئاسة الحكومة، تحت عنوان اختيار الشخص الأقدر في الفعل السياسي، متجاهلًا بذلك مقترحات جميع الأحزاب السياسية، فتكوَّنت بذلك ما أطلق عليها تسمية حكومة الرئيس، إلا أن عمر هذه الحكومة لم يطل كثيرًا لتأتي فيما بعد حكومة الرئيس الثانية وهي حكومة المشيشي، إلا أن العلاقة بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ما لبثت أن شهدت تحولًا جذريًا، فرغم أن سعيد اختار المشيشي من خارج مقترحات الأحزاب  لرئاسة الحكومة عقب تقديم رئيس الوزراء  إلياس الفخفاخ استقالته، فإن العلاقة بين الرجلين سرعان ما تحولت من ود وتنسيق إلى توتر وعداء؛ حيث انقلب المشيشي على كل توجيهات سعيد، أولًا من خلال تغيير شكل الحكومة، من حكومة مستقلة إلى حكومة سياسية، وثانيًا من خلال عدم تبنِّي برنامج اجتماعي يهدف للتعجيل بحل الأزمة الاجتماعية المتفاقمة في تونس، وهكذا فضَّل المشيشي البقاء في الحكم من خلال التنسيق مع حزام برلماني، على أن يكون حكومة الرئيس كما أُريد له[28].

مواقف أطراف السلطة التنفيذية والتشريعية من الأزمة في تونس: يعترض سعيد بالأساس على استبعاد وزراء قريبين منه، ولكنه يُرجع أسباب هذا الاعتراض في الظاهر إلى ما وصفه بشبهات فساد على أربعة من الوزراء الجُدد، من دون أن يعلن عن ذلك صراحة. وتمثِّل هذه الإقالات خطوة تصعيدية من طرف المشيشي، تؤكد موقفه القاضي باستبعاد الوزراء المحسوبين بغالبيتهم على الرئيس سعيد، وتحرج سعيد نسبيًا أمام الرأي العام بتعطيله الوزارات المذكورة، التي تبقى محدودة الحركة والفاعلية بحكم أنها تُدار من وزير مؤقت غير متفرغ لها تمامًا.

وكان المشيشي قد طلب رسميًا من الرئيس سعيد إعلامه بأسماء الوزراء المُتحفظ عليهم، والذين يرى أنه تحوم حولهم شبهات، وعطَّل التعديل بسببهم، ولكن الرد يبقى مُستبعدًا لأن ذلك سيحمل اتهامات رسمية لهذه الشخصيات، ما يحمل تبعات قانونية على سعيد، بتوجيه اتهامات لا إثبات قانونيًا لها.

ويلقى المشيشي دعمًا متواصلًا من حلفائه في البرلمان، من أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، الذين جدَّدوا في بيانات لهم دعمهم حكومته، بينما تتواصل الأزمة على مستويات عدة، برلمانيًا وشعبيًا، حيث أُثيرت أخيرًا تهديدات بالنزول إلى الشارع، في حين رفع معارضو الائتلاف الحاكم ورقة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي مجددًا[29].

صراع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة ومآلاته: قد يبدو التحوير الوزاري الأخير قضية سياسية أخذت عنوانًا دستوريًا وقانونيًا، إلا أنها في الحقيقة تخفي وراءها تنازعًا وتجاذبًا سياسيًا كبيرًا؛ حيث إن الرئيس التونسي قيس سعيد يرى نفسه مُخولًا لاختيار رئيس الحكومة وأعضاء فريقه الوزاري، وذلك بتأويل نصوص الدستور، وانطلاقًا من كونه استاذًا جامعيًا متخصصًا في القانون الدستوري. في حين يرى البعض أنه لا يمكن حل مشكلة تضارب السلطات بين رئيسي السلطة التنفيذية، إلا عن طريق المحكمة الدستورية، ومن ثمَّ يكون الحل الوحيد لتجنُّب إمكانية الوصول لمرحلة التشكيلات المستحيلة وفي ظل الأزمة السياسية الحالية؛ هو الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية، لحل أزمة تأويل النصوص الدستورية.

وعلى المستوى السياسي؛ فلابد الآن من حدوث هدنة سياسية توقف كل صراع حول صلاحيات واضحة المعالم في الدستور، على الأقل لحين انتهاء أزمة كورونا، وعدم تضييع مزيد من الوقت في سجالات لا طائل من ورائها لأحد وخاصة للبلاد، حيث يجب إنهاء الخلاف الحالي بخصوص تركيب الحكومة، حتى تتمكِّن هذه الحكومة من التفرغ لأهم مهامها أي محاربة الوباء وتخفيف المعاناة الاقتصادية عن الشعب[30].

الخُلاصة؛ يُمكن اعتبار إقالة الوزراء الخمس خطوة أولية إيجابية لتجنُّب، ولو جزئيًا، التعطيل والشلل الذي أصاب دواليب تسيير الدولة، إثر حالة الانسداد الناتجة عن الاختلاف العميق بين رئاستي الجمهورية والحكومة، حول إجراء التعديل الوزاري. والآن على مكونات السُلطة التونسية العمل على الإسراع في استكمال المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها المحكمة الدستورية كأولوية مُطلقة، مع دعوة كل الأطراف المعنية بها إلى الابتعاد عن منطق المحاصصة وسياسة السعي إلى الهيمنة وبسط اليد عليها، وذلك بعد إطلاق حوار وطني سياسي واقتصادي واجتماعي في أقرب وقت لمحاولة الخروج من الأزمة العميقة التي تعيشها تونس منذ فترة طويلة.

 

  • اعتماد التشكيلة الوزارية الجديدة في السودان، وردود الأفعال حولها:

نجحت السلطات الانتقالية بالسودان في اعتماد التشكيلة الوزارية الجديدة، بعد مشاورات شاقة مع الحركات المُسلحة، التي انضمت أيضًا للحكومة ضمن اتفاق جوبا للسلام، وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أنها تُمثِّل أعرض تحالف سياسي، له القدرة على إنقاذ البلاد، ووضع اللبنات الأساسية، لتجنُّب خطر الانهيار. وتتألف الحكومة الجديدة من 26 وزيرًا، يمثلون قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، والمكوِّن العسكري الذي خُصَّ بتعيين وزيري الدفاع والداخلية، والقوى المسلحة التي شاركت في اتفاق السلام الذي جرى التوصل إليه في جوبا، في أكتوبر الماضي.

التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة: تواجه الحكومة السودانية الجديدة مجموعة من التحديات، أولها؛ غياب التناغم؛ حيث ظهرت خلافات كبيرة بين مكونات الحكومة المدنية والعسكرية، وبين مكونات الائتلاف الحاكم المختلفة، وبين مكونات الائتلاف الحاكم وقوى المعارضة التي كانت جزءًا من قوى الحرية والتغيير، وأيضًا، ظهرت تباينات بين القوى المسلحة وبين بقية الشركاء، بما فيها من قوى تحمل السلاح. ولعل أبرز دليل على تأثير هذه التباينات هو تأخر إعلان الحكومة أربعة أشهر، انقضت في مشاورات، وترشيحات، ومحاصصات، ومماحكات، ما دفع برئيسها عبد الله حمدوك إلى إظهار تبرمه الواضح من حالة الفراغ السياسي الناجمة عن تأخير الإعلان الحكومي، وفي مستوى جديد للخلاف، سعت أطراف السلام إلى تقوية علاقاتها بالعسكر، في مقابل التراشق مع المدنيين.

ثانيها؛ التحدي الاقتصادي؛ فمعاناة الناس في ازدياد، والأسعار تتصاعد بشكل جنوني، والاحتجاجات الشعبية ضد الغلاء في تزايد يومي، وبسبب جائحة فيروس كورونا وتنامي الانفلات الأمني وتزايد حالات النهب والسرقة والحرائق، أعلنت ولايات جنوب وشمال دارفور وشمال كردفان حالة الطوارئ، مع فرض حظر جزئي للتجول مساءً، بينما اكتفت ولاية القضارف بتشديد القبضة الأمنية واستبعدت فرض الطوارئ أو إغلاق المدارس.

ثالثها؛ التحدي الأمني؛ والناتج في الغالب عن العصبيات القبلية، حيث شرعت كيانات قبلية في عمليات قطع للطرق الرئيسية، وضرب خيام الاعتصام في عدد من المدن السودانية، للمطالبة بإقالة الولاة، كما في ولاية نهر النيل، أو وقف إجراءات عدلية بحق رموز للنظام السابق، كما جرى في مدينتي شندي وسنكات.[31]

رابعها؛ تحديات إقليمية؛ ففي الحكومة الجديدة، تتولى منصب وزارة الخارجية ابنة الإمام الراحل الصادق المهدي، المعروفة هي وحزبها برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ما قد يخلق تضاربًا مع توجهات الحكومة نحو التطبيع، إضافةً إلى ذلك، يُعَد ملف التوتر مع إثيوبيا أحد أهم الملفات على طاولة وزيرة الخارجية، ويُنتظر أن تواصل الخرطوم وحشد المواقف الدبلوماسية لصالح موقفها من الوضع المأزوم على الحدود، بجانب العمل على تدويل ملف سد النهضة لمنع إثيوبيا من استكمال ملء بحيرة خزان السد بصورة تهدد قرابة 20 مليون سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق.[32]

ردود الفعل على تشكيل الحكومة الجديدة: استقبل الشارع السوداني التشكيلة الحكومية الجديدة باحتجاجات في ثلاث ولايات، ضد الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورة، وأعلنت السلطات حظر التجوال بمدينة نيالا بمركز ولاية جنوب دارفور، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء ولاية شمال دارفور، إضافةً إلى إغلاق أسواق الأبيض في مركز ولاية شمال كردفان.

ويبقى التشكيل الوزاري ليس جديد بالكامل، في ظل احتفاظ رئيس الحكومة عبد الله حمدوك بمنصبه، إلى جانب خمسة وزراء آخرين، فالبرامج والسياسيات المرتبطة بخبرة ومنهجية رئيس الوزراء لم تتغير، وهكذا فلا يبدو أن هذا التشكيل قادرًا على العبور بفترة الانتقال السياسي الهشة التي يمر بها السودان؛ حيث لم تكن للوزارة السابقة برنامج أو سياسات واضحة وفق فترة زمنية محددة، واتسمت بالتردد والبطء في اتحاذ القرار المناسب والتعاطي السريع مع المشكلات والأزمات، كما أن الوضع الاقتصادي متردٍ بسبب فشل الحكومة السابقة[33].

الخُلاصة؛ بعد أكثر من عامين على الثورة، تبرز مخاوف من أن الأمور لو سارت بهذه الوتيرة من التجاذبات، فإن الجهات التي تسعى لوأد الثورة ومنع وصولها إلى صندوق الانتخابات، قد تنجح في مراميها، فالصراعات بين قوى الثورة المختلفة، أدت إلى تشتيتها وفتحت المجال أمام أعداء الثورة لضربها، ما أدى إلى إفشال جهود الحكومة في معالجة العديد من الملفات الأساسية. وبالرغم من كون انضمام عدد من الحركات المسلحة إلى الحكومة الانتقالية يبعث على التفاؤل، إلا أن البداية لم تكن مبشرة؛ حيث تسلمت الحكومة مهامها، بالتزامن مع تصاعد تذمر الناس من تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية.

ويبقى الوضع الاقتصادي على رأس التحديات التي تواجهها الحكومة، إلى جانب المخاطر السياسية التي تهددها؛ فالتشكيل الجديد يحمل أعباء مالية إضافية، في ظل ارتفاع عدد الوزارات من 18 إلى 26 وزارة، الأمر الذي يعود بشكل أساسي إلى المحاصصة ومحاولات الإرضاء الحزبي. كما أن الحكومة الجديدة أمام تحدي تطبيق اتفاق السلام مع الحركات المسلحة، الذي على أساسه جاء التشكيل الجديد، كما أن أمامها تحدي تشكيل المجلس التشريعي، وهو برلمان معين، وفشلت الحكومة السابقة مع حلفائها العسكريين في إنجاز هذه المهمة.

 

– بعد اختيار السلطة التنفيذية الجديدة…الأوضاع الليبية إلى أين؟:

توصل ملتقى الحوار السياسي الليبي المجتمع في جنيف في 6 فبراير 2021 إلى اختيار قيادة السلطة التنفيذية للمرحلة الانتقالية المسؤولة عن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر 2021، وذلك باختيار محمد المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، ونائبين للمجلس الرئاسى هما: موسى الكوني وعبد الله حسين اللافي، وعبد الحميد دبيبة رئيسًا للحكومة. ويمكن وضع ثلاثة سيناريوهات رئيسية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الليبية بعد اختيار هذه الحكومة، تتمثل فى:

السيناريو الأول: نجاح القيادة الانتقالية في التوصل إلى تسويات توافقية تضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية في حدود الآجال المحدَّدة في اتفاق جنيف (قبل 26 فبراير)، وتمريرها في مجلس النواب قبل 19 مارس. وفي حين أبدت أغلب الأطراف استعدادها للتجاوب مع مسار تشكيل الحكومة، إلا أنه من الصعب تحديد آلية توافقية للتصويت البرلماني عليها نتيجةً لتعدد مراكز التمثيل البرلماني، وتأجُّج الصراع بين مجلس النواب في طبرق ومجلس النواب في طرابلس، وصعوبة الاجتماع في مكان ثالث محايد (مثل غدامس وصبراتة). بيد أن الموافقة على الحكومة قد تتم بالرجوع إلى ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي هو الآلية التي تحظى برعاية دولية، كما هو مُقرر في “خريطة الطريق” الضابطة للمرحلة الانتقالية الراهنة.

السيناريو الثاني: تعثُّر العملية الانتقالية وعجز القيادة الجديدة عن إدارة المرحلة الراهنة نتيجة لعدم سيطرتها على الموازين الداخلية الحاسمة التي تتحكم فيها المجموعات السياسية المسلحة والمليشيات المدعومة من الخارج والقوى القبلية النافذة. ووفق هذا السيناريو ستكون الحكومة المعيَّنة ضعيفةً، وستعجز عن ضبط الوضع الأمني وتفكيك المجموعات المسلحة وطرد المرتزقة الأجانب، كما ستجد صعوبات جمة في التعامل مع الضغوط الخارجية المتعارضة، بما سيفرض تمديد المرحلة الانتقالية، واستئناف جولات الحوار الوطني برعاية دولية دون إمكانية التنبؤ بمسار الأحداث اللاحقة.

السيناريو الثالث: انهيار مسار التسوية السلمية، ورجوع ليبيا إلى مربع الأزمة الخانقة وتجدد أعمال الحرب والعنف، بما قد يُفضي إلى فشل الحكومة الانتقالية على غرار فشل تجربة حكومة الوفاق الوطني[34].

ويبدو أن السيناريو الأول هو الأرجح، فعلى الرغم مما يثار حول أن تلك الحكومة أقرب إلى جماعة الإخوان وتركيا والولايات المتحدة، إلا أنها تسعى إلى بناء توافقات مع الأطراف الأخرى المتمثلة فى حفتر وأنصار القذافى وروسيا.

وقد تجلت مظاهر ذلك، فى قيام رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد محمد يونس المنفي بإجراء أول زيارة له إلى بنغازي وطبرق، في 11 فبراير الحالى، التقى خلالها بحفتر، وهى خطوة ضرورية لكى تستطيع الحكومة الجديدة ممارسة عملها فى منطقة بنغازى التى تسيطر عليها مليشيات حفتر. كما تدور العديد من الأحاديث عن تعيين موالين لحفتر ضمن التشكيلة الحكومية التي يعدها عبد الحميد دبيبة، وإن كان هناك استبعاد لتوليه قيادة الجيش الليبي التى تتطلب موافقة المجلس الرئاسي بالإجماع، وهذه مسألة صعبة في ظل رفض قطاع واسع من القيادات العسكرية والسياسية البارزة في الغرب الليبي، أي دور يمكن أن يلعبه الجنرال الانقلابي في المرحلة الانتقالية وما بعدها[35].

أضف إلى ذلك، أن رئيس الحكومة الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة، لا يعارض ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسيات، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها لموقع “جون آفريك” الفرنسي عام 2018. كما أن تصريحاته الأخيرة تؤكد على دعمه للمصالحة بين جميع الليبيين، ما يتيح لأنصار القذافي لعب دور سياسي أكبر في المرحلة الانتقالية، بدل الانخراط مجددا في المغامرات العسكرية للواء الانقلابي خليفة حفتر.

كما أن دبيبة بحكم تقلده عدة مناصب فى عهد القذافى منها مدير عام شركة الاستثمارات الداخلية، ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة، ورئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار، اعُتبر من الدائرة الأولى المقربة من سيف الإسلام نجل القذافى. وبالرغم من أنحياز دبيبة إلى الثورة بعد اندلاعها في 17 فبراير 2011،  إلا أنه رجل براغماتي وتصالحي، وليس من المستبعد أن يكون حصل على دعم المحسوبين على نظام القذافى في الجولة الأخيرة والحاسمة من الانتخابات التي فاز بها رفقة محمد المنفي، في مواجهة قائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا وأسامة الجويلي[36].

وفى ذات السياق، فهناك أحاديث عن قيام اللجنة العسكرية (5+5) بتشكيل وفد لزيارة عدد من العواصم على صلة بالملف الأمني في البلاد، وتحديدا لمناقشة قضية إخراج المقاتلين الأجانب. ومن المرجح أن يصل الوفد قريبا إلى العاصمة الروسية، موسكو، كأول محطة له، للقاء عدد من المسؤولين الروس بهدف التباحث حول الوجود الروسي العسكري غير الرسمي في البلاد. وفي إشارة ضمنية لوجود مباحثات غير معلنة في هذا الشأن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمة له في إحدى المناسبات، فى 9 فبراير الحالى، إن بلاده “ستبحث سحب قواتها من ليبيا إذا انسحبت القوات الأجنبية الأخرى أولًا”. ويبدو أن المقصود فى حديث أردوغان هى المليشيات المدعومة من قبل روسيا وفرنسا والإمارات[37].

 

المشهد العراقي:

  • لماذا نرى أن المليشيات المسلحة ليست الأزمة الوحيدة التي تواجه الحراك العراقي

الحدث: أعلنت السلطات الأمنية العراقية، سقوط عدد من الصواريخ على قاعدة عسكرية جوية شمال البلاد، تضم خبراء أمريكيين. فقد تعرضت القاعدة لهجوم بأربعة صواريخ من نوع كاتيوشا، سقطت داخل قاعدة بلد الجوية، ضمن محافظة صلاح الدين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، وهو الثاني من نوعه خلال أقل من أسبوع، الذي يستهدف قاعدة تستضيف قوات أمريكية أو متقاعدين أمريكيين[38].

السياق من البداية حتى اللحظة الآنية: نستهدف هنا من تغطية هذا الخبر إلقاء الضوء على أبعاد أخرى تؤثر على الحراك بصورة أقوى، وتمثل البنية الصلبة التي تقف حائط صد أمام نجاح الحراك الشعبي العراقي الحالي، وهنا نقصد الدستور العراقي بالتحديد، وهو الذي يمثل البنية النظرية لهيكل الدولة والنظام السياسي، وتدرك النخبة الثورية العراقية هذا بالمناسبة، إلا أنها تدرك صعوبة الأمر، وتحاول حلحلة المشهد السياسي بتغيير النخبة لعله يسهم في حدوث بداية لتغيير حقيقي.

في البداية، اندلعت التظاهرات العراقية، في أكتوبرعام 2019، في العاصمة بغداد وبقية مدن جنوب ووسط العراق؛ نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية، وانعدام أو قلة فرص العمل، وتردي الخدمات بصورة عامة، وسرعان ما تحولت إلى انتفاضة شعبية. هذه التظاهرات، اتسعت، وتطورت مطالبها من توفير الخدمات وفرص العمل وتحسين المستوى المعاشي، إلى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، مرورا بتغيير وجوه العملية السياسية، إلى تعديل الدستور وانتخابات مبكرة، ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

ونتيجة الضغط الذي عم الشارع العراقي، وخوفا من تطور الأوضاع والخروج عن السيطرة، أجبرت قوى العملية السياسية، حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة، ترافقت معها وعود بمحاسبة قتلة المتظاهرين، وتعديل الدستور، وانتخابات مبكرة. وبعد استقطاب سياسي حاد أفشل كافة محاولات تشكيل حكومة، تمت أخيرًا موافقة البرلمان والمصادقة على حكومة مصطفى الكاظمي، بضغط أمريكي وضوء أخضر إيراني، ليشرف على تسيير المرحلة الانتقالية، والتهيئة لإجراء انتخابات مبكرة، وتعديل فقرات من الدستور، ومحاسبة قتلة المتظاهرين، حسب مطالب المتظاهرين. وبالفعل تم اختيار السادس من يونيو 2021 موعدا نهائيا، لإجراء الانتخابات المبكرة، وفي وقت لاحق وعلى ما يظهر بضغط من كبار أحزاب العملية السياسية تم تغيير الموعد الى أكتوبر 2021.

لكن الجدير بالذكر هنا، أن الانتخابات المبكرة سواء تم اجراؤها هذا العام، أو في العام المقبل، نعتقد أن ما سينتج عنها، لن يغير تغييرا جديا وحاسما، ولكن تقليص محدود في مساحة المحاصصة، وليس إلغاءها، فهذا أمر وارد، إن جرت الانتخابات بنزاهة، وتاريخ الانتخابات في العراق يدور حولها علامات استفهام عديدة. ولذلك، إذا نظرنا إلى الانتخابات المبكرة، فعلى الأغلب لن تغير من واقع العملية السياسية أي شيء، ربما بعض التنازلات والتلميعات التي لا تغير البنية والهيكلية الاساسيتين؛ وذلك لأن تغيير فقرات الدستور، بما يؤدي إلى القضاء على المحاصصة الطائفية، التي رعتها، أو حرصت على عدم تغييرها قوى سياسية معروفة، وهنا لا نقصد فقط المليشيا الإيرانية، بل الأحزاب الكردية المدعومة دوليًا، والتي ترفض أي محاولة للمساس، فقد تشكلت لجنة من البرلمان لتغيير هذه الفقرات، وبعد اجتماعات تجاوزت الـ24 اجتماعا، لم تتمكن من تغيير ولو مادة واحدة أو فقرة واحدة منه.

والفكرة أن دستور العراق الحالي يعتبر من أكثر دساتير العالم جمودا، ومن الصعوبة تغيير أي فقرة فيه، خاصة الفقرات التي تؤسس للمحاصصة الطائفية والعرقية والإثنية، فقد أُعِد بطريقة محكمة جدا، بحيث لا يمكن ان يتم تغير اي فقرة فيه، إلا بالتوافق، والتوافق في هذه الحالة، وبصورة كاملة، لا يحصل أبدا، لأنه ببساطة ضد المصالح الجيوسياسية، الآنية والمستقبلية، للقوى السياسية الكردستانية وغيرها. وفي هذا السياق، لابد أن نشير إلى أن عملية تغيير فقرات بذاتها من الدستور العراقي، لم تكن وليدة اليوم، بل إنه في عام 2005، جرى تشكيل لجنة، لإعادة أو تغيير بعض هذه الفقرات، لكن اللجنة فشلت، وظل الوضع على ما هو عليه. إن تغيير أي فقرة من فقرات الدستور، لا يمكن أن يمرر من تحت قبة البرلمان، أو حتى باستفتاء شعبي، إذا رفضته ثلاث محافظات، لها حق النقض، والمقصود الحصري، المحافظات الكردستانية في شمال العراق[39].

في المشهد السياسي العراقي، لن تختفي الطائفية السياسية التي انتجت، ولاتزال تنتج المحاصصة، في قواعد اللعبة السياسية إلا بتغيير هذه الفقرات، التي تحدد عند تشكيل الحكومة ، ما ستحصل عليه الكتلة أو التحالف أو الحزب من مقاعد في البرلمان، أي الاغلبية البسيطة، النصف زاد واحد، الذي يفتح لها الطريق لتشكيل الحكومة منفردة، إلا بتمثيل جميع ما اصطلح على تسميته المكونات. وهنا يصطدم بترشيح رئيس الجمهورية من قبل البرلمان، الذي يحتاج إلى ثلثي أعضاء البرلمان. في هذه الحالة تبدأ المساومات إضافة إلى أن تمثيل المكونات تفرضه فرضا فقرات معينة في الدستور.

يجرى الحديث مؤخرًا، عن تحويل النظام في العراق من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، أو إلى نظام شبه رئاسي، أي نظام هجين، الرئيس ينتخب انتخابا مباشرا من قبل الشعب، بينما رئيس الوزراء من قبل البرلمان المنتخب أصلا من قبل الشعب، لكن هذه الطروحات قوبلت بالرفض، حتى قبل ان يتم طرحها بصورة رسمية، كاختيار ناجع ينهي الطائفية السياسية، وبالنتيجة القضاء على المحاصصة التي ترسخت وتجذرت. كانت الحجة في الرفض أنها تؤسس لنظام ديكتاتوري، أو بصورة أوضح إلى ديكتاتورية الطائفة، وهي حجة واهية جدا، ولا تمت بصلة للواقع، للأسباب التالية: إن الترشح لمنصب الرئيس لن يخضع، أو لن يكون حكرا على طائفة بعينها، أو عرق بذاته، بل سيكون الترشح متاحا للجميع وللشعب الاختيار وبتراكم الممارسة ستنتج كسيرورة ثقافة ديمقراطية، كما أن البرلمان في الحالتين، في النظامين الرئاسي والهجين؛ سيتم انتخاب أعضائه من قبل الشعب، ليكون لهم دور في الرقابة والتشريع وما يتصل بهما، كما أن رئيس الوزراء في النظام الهجين، له صلاحيات تنفيذية محدودة، يحدد حركتها وسقوفها هذا النظام الهجين.

التدخلات الاقليمية والدولية تفقد العراق السيادة: إذا نظرنا للمشهد السياسي، وإلى قواعد اللعبة السياسية بمرجعيتيها الإقليمية والدولية، في الساحة العراقية نلاحظ أن القوى والأحزاب والكتل السياسية هي نفسها، وإن حاولت تغيير مسمياتها، أو تأسيس أحزاب وحركات وكتل جميعها تم توليدها، لأن ولادتها كانت ولم تزل بإرادة سياسية مقصودة من رحم عين الأحزاب والكتل والتحالفات. أما الحديث عن كتل وأحزاب وحركات خارج العملية السياسية، فلا وجود له في الواقع، الذي يصنع التغيير أو الإصلاح.

كما أن الكاظمي يمسك عصا السلطة من الوسط، بمعنى أنه يحاول إرضاء الجميع، سواء عراقيا أو إقليميا أو دوليا. هذه السياسة وسط هذا الكم الهائل من التحديات المصيرية في فضاءات إقليمية ودولية مشحونة بالمتغيرات والتحولات، التي، ربما تكون دراماتيكية، سيصعب أن تؤدي إلى نتيجة تدعم الحراك، والأغلب أن الحكومة ستتأثر بتوازنات الخارج أكثر من أي محرك داخل، ناهيك إن ملف الانتخابات العراقية المبكرة ، من ناحية، إجرائها ووقتها وما سوف تأتي به، سوف يكون حاضرا في المفاوضات الإيرانية والأمريكية، بتخليق منطقة مشتركة، ومتفق عليها تحفظ مصالح جميع الأطراف، في هذا الوضع يبرز دور العراقيين في إثبات وجودهم، بتقليص مساحة المحاصصة، قدر ما يسمح به الظرف الواقعي الذي فرضه هذا الدستور الجامد، سواء في حوارات غرف الأبواب المغلقة، أو في طبيعة الانتخابات المبكرة أو في وقت إجرائها او في نزاهتها أو في القوى التي سوف تشارك في الانتخابات، وتحديدا القوى التي تقف بالضد من المحاصصة، ولو أنها لا تتعدى ربع أصابع اليدين.[40]

نستنتج من ذلك عدد من الدلالات؛ الأولى: أن مكونات المشهد العراقي ترتهن بصورة شبه كاملة لحلفاء اقليمين ودوليين، وأن أي تحرك جدي لن يكون ضد ارادتهم، بل بتسوية ورضاء من جانب الجميع، وليس هناك أدل من عجز واشنطن وحدها دعم الحكومات التي جاءت بعد عادل عبدالمهدي، فيما عدا حكومة الكاظمي التي قبلتها طهران. الثانية: ان الانتخابات وحدها ليست مفتاح سحري لحل مشاكل المشهد السياسي العراقي، طالما أن الدستور العراقي مستمر دون أي حلحلة، لذلك فمقومات تجدد الشكل الطائفي للعراق قائم ومستمر. الثالثة: أن نجاح بايدن في الانتخابات الأمريكية، ورسائله الايجابية لصالح إيران، توضح أكثر أن الحراك لن يستفيد بالقدر الذي كان يتمناه في الماضي.

الملف النووي الإيراني:

  • واشنطن وطهران والوساطة الأوروبية: ماذا عن الاتفاق النووي:

الحدث: قدمت أوروبا على لسان فرنسا مقترحًا للتوسط بين واشنطن وطهران لاعادة المحادثات الدبلوماسية بينهما من جديد، عقب التدهور الحاد في العلاقات إبان فترة دونالد ترامب، وتستهدف الوساطة الأوروبية اعادة بناء جسور الثقة بين الحكومتين الأمريكية والإيرانية، خاصة بعد تدهور الأوضاع في العراق ولبنان واليمن[41].

وفي هذا السياق فقد قامت واشنطن بسحب إعلان الإدارة الأميركية السابقة إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران من مجلس الأمن، وإنهاء القيود على تحركات البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الأمم المتحدة بنيويورك، وإعادة الوضع إلى سابق عهدها قبل فرض هذه القيود في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والموافقة الأميركية على طلب الاتحاد الأوروبي للمشاركة في اجتماع أطراف الاتفاق النووي في وقت لاحق، فضلاً عن أنباء حول احتمال إعلان الرئيس جو بايدن نيته العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران قريبًا.[42]

من جهتها، عبرت طهران عن موقفها من الخطوات الأميركية الأخيرة، بمناشدة البعض لها أن وقف العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يفرض رقابة صارمة على الأنشطة النووية ويمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتيشات مفاجئة، قال النائب المحافظ مالكي إن الخطوات الأميركية تجاه الاتفاق النووي بأنها إيجابية، لكنها غير كافية، مؤكداً أن على أميركا العودة إلى تنفيذ كامل تعهداتها بالاتفاق.

السياق: يشكل الملف النووي الإيراني معضلة للإدارة الامريكية الحالية، التي تحاول الخروج بحلول وسط مع الجانب الإيراني، وذلك لأن كل الأطراف ترغب في انهاء الوضع الحالي، خاصة أن طهران تعاني اقتصاديًا بصورة حادة، وبكل تأكيد سوف يتم الاتفاق في نهاية المطاف في حال صدقت النوايا الأمريكية، ولكن السؤال المحوري: هل تتخلى أمريكا عن بقية الشروط؟ منها أن تتوقف إيران عن التحرك الحيوي، في المنطقة العربية، ماذا عن العراق واليمن وسوريا ولبنان، لأهمية هذه الدول، كمجال حيوي جغرافي سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا؛ للاستراتيجية الكونية الأمريكية وحلفائها في المنطقة العربية، مرورًا بملف الصواريخ، نهاية بملف حقوق الإنسان والاقليات ولو بدرجة أقل، ولكنها تظل على طاولة المفاوضات، وهل تقبل إيران بفرض هذه الشروط عليها.

الدلالة: تبدو السرعة التي واكبت طرح أوروبا الوساطة بين طهران وواشنطن أن هناك نية جدية لدى الطرفين لتهدئة حدة الصراع بينهما، خاصة وأن كلاهما بحاجة إلى هدنة داخلية لتسوية الأوضاع المحلية المشتعلة التي أحدثتها جائحة الكورونا على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

مما لا شك فيه أن الإيرانيين ومن غير جدل أذكياء في إدارة فن الأزمات والصراعات، وهناك سوابق كثيرة في التعامل الإيراني المرن والبراغماتي مع الجانب الأمريكي، حين يشتد الصراع بينهما، أي يصل إلى حافة الهاوية، لذا سوف تقبل إيران كما أمريكا، بالحل الوسط، وهذا احتمال وارد جدا، بدون الإعلان عنه، أي يجري تحت الطاولة، وبحدود لا تشكل تأثيرا فعالا لخطط إيران المستقبلية، بإيجاد منطقة مشتركة تلتقي عندها مصالح الطرفين، الإيراني والأمريكي، على الأقل في المرحلة الحالية، و ما يؤكد ما ذهبنا إليه، هو زيارة المندوبة الأممية في العراق لإيران لبحث ملف الانتخابات المبكرة في العراق. تدرك واشنطن أن إيران فاعل رئيسي التأثير والفاعلية في شئون العراق، وفي صناعة الموقف وأمريكا أيضا[43].

ومن جهة أخرى، هناك أمران مهمان، يقتضي من المتابع للصراع الإيراني الامريكي، استحضارهما عند قراءة مشهد اللعبة في الملعب؛ الأمر الأول: أن إيران تراهن على الزمن بانتظار ان تتغير البيئة السياسية في المنطقة وفي العالم، لجهة حدوث اختراقات كبرى وعميقة في التوازنات الدولية، بفعل تحركات القوى العظمى في الساحة الإقليمية والدولية بإقامة كتل ومحاور، متوازية ومتقابلة ومتنافسة، خاصة أن تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن من الصين وروسيا، تتجه نحو التصعيد معهم وبالتالي فإن اشتعال حرب باردة جديدة، سيمنح طهران فرص أعلى في المناورة والتحرك، وهذا ما سيجعلها أقوى في مواجهة واشنطن، لذا، تحاول الإبقاء على أمد الاتفاق النووي، وتعارض وبقوة عملية تغييره. الأمر الثاني: أن أمريكا من جهتها تراهن أيضا على الزمن في إحداث تغيير سياسي في إيران يغير مداخيل ومخرجات الصراع في المنطقة العربية، وما هو في جوارها، لذا، تسعى إلى تمديد أمد التفاوض على اعادة الاتفاق النووي. والمحصلة أن كلا الطرفين يلعب على عنصر الوقت، ولذلك فالأقرب هو حدوث انفراجة كبيرة في العلاقات بين الدولتين، كي تتفرغ كل دولة للتحديات الأهم التي تواجهها، ويدرك المحور الخليجي الإسرائيلي هذا الأمر، لذلك يسعى إلى عرقلة حدوث ذلك.

 

 

 

——————————————-

[1] المنصة، عَ السريع| السيسي يحدد شروط معارضته.. ويحذر من الزيادة السكانية: تؤدي إلى الثورة، 16 فبراير 2021، الرابط:

[2] الجزيرة مباشر، “الانهيار أو الحرب الأهلية”.. يزيد صايغ يكشف مستقبل النظام العسكري في مصر (فيديو)، 16 فبراير 2021، الرابط:

[3] اليوم السابع، رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد بيع”عينى ونقدى” لـ 5 آلاف فدان بين هيئة المجتمعات العمرانية والشركة العربية للاستثمار العمرانى لإقامة مجتمع عمراني متكامل بمدينة “حدائق العاصمة”، 17 يناير 2021، الرابط:

[4] الأخبار اللبنانية، مشاريع «الأمر المباشر» تابع: شبهات فساد حول «حدائق العاصمة»، 16 فبراير 2021، الرابط:

[5] الموقف المصري (فيس بوك)، ** حدائق العاصمة: هل يتكرر فساد مدينتي مرة أخرى؟**، 7 فبراير 2021، الرابط:

[6] اليوم السابع، تفاصيل إنشاء أول مدينة جديدة بجوار العاصمة الإدارية الجديدة.. مساحتها 29 ألف فدان وتحوى 30 ألف وحدة إسكان اجتماعى.. مخطط المدينة الجديدة به إسكان لكل الشرائح.. وخطوط مواصلات ومحطة مترو تربطها بالعاصمة الإدارية، 11 أكتوبر 2020، الرابط:

[7] جريدة المال، «طلعت مصطفى» تدرس الحصول على قرض بقيمة 1.2 مليار جنيه لمشروع بالعاصمة، 28 ديسمبر 2020، الرابط:

[8] مصراوي، هشام طلعت مصطفى.. “العائد من الإعدام للعفو الرئاسي” – (تسلسل زمني)، 23 يونيو 2017، الرابط:

[9] الموقف المصري (فيس بوك)، ** حدائق العاصمة: هل يتكرر فساد مدينتي مرة أخرى؟**، مرجع سابق.

[10] الوطن، نص قانون “المناقصات والمزايدات” بعد موافقة البرلمان عليه، 16 يوليو 2018، الرابط: http://bit.ly/3px6mH6

[11] اليوم السابع، تفاصيل إنشاء أول مدينة جديدة بجوار العاصمة الإدارية الجديدة.. مساحتها 29 ألف فدان وتحوى 30 ألف وحدة إسكان اجتماعى.. مخطط المدينة الجديدة به إسكان لكل الشرائح، مرجع سابق.

[12]  “تجدد الاعتقالات وغياب الانفراجة: السيسي يكدس أوراق مقايضة بايدن”، العربي الجديد، 18/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/1FuB8

[13]  “اعتقال أقارب ناشط مصري.. تقرير: علاقة “غير مريحة” بين نظام السيسي وإدارة بايدن”، الحرة، 17/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/fogDI

[14]  “واشنطن توافق على صفقة لبيع الأسلحة لمصر وتتعهّد بالضغط عليها في ملف حقوق الإنسان”، العربي الجديد، 17/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/sGjNu

[15] “مصدر مطلع: وفد مصري في طرابلس للتحضير لاستئناف الوجود الدبلوماسي بليبيا”، المرصد المصرى، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2ZjB4IU

[16] “ما المكاسب المتبادلة لإعادة فتح مصر سفارتها بطرابلس الليبية؟”، عربى21، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3u4HRV2

[17] “الدبلوماسية خيار مصر لتقليص خسائرها في ليبيا”، العرب، 16/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2Nurtwm

[18] ” العلاقات المصرية الإماراتية في أضعف مراحلها”، العربى الجديد، 14/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3b9SVre

[19] “مصر والسعودية.. تنافس ومصالح متباينة رغم الشراكة الاستراتيجية”، الخليج الجديد، 11/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2N2DZTX

[20] “الأردن.. وسيط “مؤهل ومقبول” بين تركيا والإمارات ومصر (تحليل)”، وكالة الأناضول، 9/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2OOubgL

[21] ” مع قدوم بايدن.. هل يتوسط الأردن بين تركيا والمحور المصري الخليجي؟”، الاستقلال، 14/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3jY35iT

[22] ” مصر وأمريكا.. ما بعد «الشيكات على بياض»”، مدى مصر، 14/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3pu4Ntd

[23] “الإسرائيليون يتساءلون عن”سر” تأخر مكالمة بايدن لنتنياهو؟”، المرصد المصرى، 13/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3bco8tL

[24] “واشنطن: القدس تخضع لمفاوضات الحلّ النهائي ومساعدات الفلسطينيين مرهونة بتوافقها مع القيم الأميركية”، الجزيرة نت، 12/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2Nr74rT

[25] “لماذا لم يتصل بايدن بنتنياهو حتى الآن؟ (تحليل)”، الأناضول، 11/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2Nr3qhH

[26] “صراع وشيك.. خلافات متوقعة بين نتنياهو وبايدن بسبب الاتفاق النووي مع إيران”، تى أر تى عربى، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3jQxIGQ

[27] “الإسرائيليون يتساءلون عن”سر” تأخر مكالمة بايدن لنتنياهو؟”، مرجع سابق.

[28] “إقالات في الحكومة التونسية.. هشام المشيشي يزيح وزراء محسوبين على رئيس البلاد وسط أزمة بينهما”، عربي بوست، 15/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/rCxC7

[29] “تصعيد جديد في الأزمة التونسية: المشيشي يقيل وزراء سعيد”، العربي الجديد، 15/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/7iHTw

[30] إيمان زواري، “مآلات الحكومة التونسية في ظل صراع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة”، عربي TRT، 13/2/2021. متاح على الرابط   https://cutt.us/2nvv

[31] مقداد خالد، “من إسرائيل وإثيوبيا إلى خلافات المدنيين والعسكر… تحدّيات تواجه الحكومة السودانية الجديدة”، رصيف 22، 13/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/fCnIy

[32]  “السودان: هل تنجح الحكومة الجديدة في معالجة أزمات البلاد؟”، عربي BBC، 9/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/Qsnp6

[33] يحيى عياش، “هذه تحديات الحكومة السودانية بعد انضمام الحركات المسلحة”، عربي 21، 12/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/8t2OO

[34] “انتخاب القيادة الانتقالية الجديدة في ليبيا: التحديات والآفاق”، مركز الإمارات للسياسات، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3rWrUhO

[35] “لقاء المنفي بحفتر.. حلف جديد أم براغماتية سياسية؟ (تحليل)”، الأناضول، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3puTXmF

[36] “”القذافيون عائدون”.. هل يتمكن “سيف الإسلام” من الترشح للرئاسة؟ (تحليل)”، الأناضول، 16/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3diPbpX

[37] “وفد ليبي إلى موسكو قريباً: المحطة الأولى لإنهاء ملف المقاتلين الأجانب”، العربى الجديد، 13/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2NuiKu6

[38]  سقوط صواريخ على قاعدة جوية تضم أمريكيين شمال العراق، عربي 21، 19/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3qHgNJd

[39] البنتاغون يفتح الباب أمام إمكانية تعزيز قوات الناتو بالعراق، عربي 21، 19/2/2021،الرابط: http://bit.ly/3scv29p

[40] مزهر الساعدي،  العراق: انتخابات مبكرة… طموح الشعب في التغيير، القدس العربي، 18/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3qFqO9N

[41] صابر غل، نائب إيراني لـ”العربي الجديد”: اتصالات قطرية وأوروبية ومقترح صيني لحلحلة أزمة الاتفاق النووي، العربي الجديد، 18/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3dqhByy

[42]  شادي غسان، الاتفاق النووي بين العصا والجزرة، العربي الجديد، 18/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3qFeqGT

[43] بشير البكر، هذا العبث الإيراني في المنطقة، العربي الجديد، 19/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3k5ZfUN

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022