المشهد المصري:
- قانون الشهر العقاري: محاولة جديدة للجباية منعها الخوف من سخط الناس.
أعلنت الحكومة المصرية، الأحد 28 فبراير، إرجاء تنفيذ قانون الشهر العقاري حتى نهاية العام الجاري، حيث شهد اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي الاتفاق على أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون لمجلس النواب يقضي بتعديل على القانون رقم 186 لسنة 2020، بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946، بتنظيم الشهر العقاري، بما يمنح لمجلس الوزراء حق إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية ديسمبر المقبل 2021، وخلال الاجتماع أكد رئيس الوزراء المصري أن هدف الدولة الأول مصلحة المواطنين والتيسير عليهم، لافتاً إلى أن إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية العام الجاري سيتيح الفرصة للتعاون مع البرلمان في طرح بعض الأفكار للتيسير على المواطنين والتحفيز على التسجيل، مشيراً إلى أن نحو 95% من عقاراتنا في مصر غير مسجلة[1]. من جانبها أعلنت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري، اليوم الأحد، إرجاء العمل بقانون الشهر العقارى حتى نهاية العام، حيث توافق الأعضاء من حيث المبدأ على المادة الأولى من مشروع القانون المقدم من الأغلبية البرلمانية، التي تنص على” يرجأ العمل بالقانون رقم 16 لسنة 2020 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري حتى 31 من ديسمبر 2021[2].
بدأت قصة قانون تسجيل الملكية العقارية من خلال «الشهر العقاري»، بعد أن وافق البرلمان السابق في 18 أغسطس الماضي، على تعديل قانون الشهر العقاري بما يتضمن (أ) إلزام كافة الجهات الحكومية بعدم توصيل الماء والكهرباء والغاز وغيرها من المرافق لأي عقار أو وحدة سكنية إلا بعد تسجيله في المصلحة. (ب) إلزام ملاك العقارات والراغبين في شرائها بدفع ضرائب ورسوم باهظة، حيث تنص الإجراءات الجديدة على التقدم بطلب رسمي على نموذج لنقل الملكية به جميع بيانات البائع والمشتري وسعر العقار، وسداد الرسوم المقررة أولا ما يعادل 2.5% من قيمة العقار إلى وزارة المالية، مع سداد 2.5% من قيمة العقار كضريبة تصرفات عقارية، إضافة إلى رسوم أخرى، مثل: رسم المساحة، والرسم الهندسي. (ج) إلزام ملاك العقارات بنشر إعلانات في جريدة «الأهرام» الحكومية كأحد الشروط لإشهار وحداتهم السكنية. (د) يسري التعديل بأثر رجعي على جميع العقارات غير المسجلة في مصر، بناء على المادة 35 مكرر. (ه) كما ضمت التعديلات مادة تسمح بتنفيذ القانون بعد ستة أشهر من تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره في الجريدة الرسمية[3]، وهو ما ترتب عليه تأجيل تنفيذ التعديلات التي صدق عليها الرئيس في 15 سبتمبر الماضي إلى شهر مارس المقبل.
وقد أثار قرار الحكومة بدء تطبيق تعديلات قانون الشهر العقاري موجة غضب واسعة في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي[4]، وهو ما دفع السلطات المصرية للتراجع خوفاً من ردة فعل الجماهير المتضررة بشدة من تطبيق هذا القانون عليها، فبحسب مراقبين، فإن المخابرات العامة والأمن الوطني يخشيان من حدوث اضطرابات جديدة في الشارع المصري وانخفاض حاد في شعبية النظام بمناسبة زيادة الالتزامات الضريبية وتعقيد إجراءات تسجيل العقارات على جموع المشترين والبائعين، خاصة أن قانون تسجيل الملكية بالشهر العقاري يأتي بعد عام فقط من أزمة مخالفات البناء وما أثارت من احتجاجات[5].
أما دوافع الحكومة لوضع هذه التعديلات؛ فمنها بحسب مراقبين؛ (1) بحث الحكومة عن موارد دخل جديدة، وقد لجأت إلى هذا القانون وهي تعلم أن النسبة العظمى من العقارات في مصر غير مسجلة بالشهر العقاري. (2) وضع الشعب المصري تحت الضغط الدائم والتوتر والإرهاق، إذ يُخرج كل شهر ملفًا يزيد به التبعات على كاهل المواطن، ما يشغله عن التفكير في أي شيء آخر[6]. (3) وقف أو إبطاء وتيرة توسع السوق العقارية الأهلية لصالح إنعاش سوق العقارات التابع للدولة، وأجهزتها التابعة لوزارتي الإسكان والسياحة والمدن الجديدة، وكذلك السوق العقارية الخاصة بالمستثمرين الكبار المشاركين للدولة في مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها[7].
- قانون الأحوال الشخصية: إلهاء للناس واسترضاء لواشنطن.
في 20 يناير 2021، وافق مجلس الوزراء بشكل نهائي على “إدخال عدد من التعديلات على قانون الأحوال الشخصية”[8]، أما السبب المعلن وراء هذه التعديلات؛ فهو جمع القوانين المنظمة للأحوال الشخصية في قانون واحد، بدلاً من القوانين العديدة التي تنظم الأحوال الشخصية، ومنها “القانون رقم ٢٠ لسنة ١٩٢٠” و”القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩” و”القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥” و”القانون رقم ٤ لسنة ٢٠٠٥” و”القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠” والقانون رقم ٤ لسنة ٢٠١٠”، إضافة إلى قوانين الولاية على النفس وسلب الولاية، وهو بحسب الحكومة ما يعد عبئًا على القضاة والمتقاضين، بالتالي فإن مشروع القانون الجديد المقترح يجمع تلك القوانين في قانون واحد، يتضمن بابًا للإجراءات وآخر يختص بالأحكام الموضوعية[9].
وقد نشرت صحيفة اليوم السابع مشروع القانون الجديد المقدم من الحكومة، والمكون من 194 مادة، وقسمت مواد المشروع إلى 3 أقسام تضمن كل منها أبوابا على النحو الآتي: القسم الأول “تنظيم أحكام الزواج وانتهائه”، وتضمن 7 أبواب هي الباب الأول وشملت فصول (الخطبة، عقد الزواج، المحرمات، الأهلية والولاية، اثار الزواج وأحكامه)، الباب الثاني وشملت فصول (انتهاء عقد الزواج، الطلاق، التطليق والفسخ والتفريق، الخلع، المفقود)، الباب الثالث (آثار انتهاء الزواج)، الباب الرابع (النسب)، الباب الخامس (نفقه الفروع، والأصول)، الباب السادس (الحصانة)، الباب السابع (صندوق دعم ورعاية الاسرة المصرية). أما القسم الثاني فيتعلق بـ”الولاية على المال”، ويضم 4 أبواب هي (الولاية ، الوصاية، الحجر والمساعدة القضائية والغيبة)، وأخيرا القسم الثالث حيث (العقوبات)[10].
وقد أثار مشروع القانون المشار إليه جدلاً واسعاً ما بين الرفض والقبول لأحكامه، ومن الجدير بالذكر أن هذا المشروع المقدم من الحكومة سبق وأن عرضته الحكومة على مجلس النواب السابق إلا أنه أثار جدلاً حينها ورفض من جانب شيخ الأزهر ولم يتم إقراره في النهاية[11]، أما في الوقت الراهن فقد أحال المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، مشروع القانون المقترح من الحكومة، إلى لجنة مشتركة من الشئون الدستورية والتشريعية، والتضامن والأشخاص ذوي الإعاقة[12]. بينما صرح وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، الدكتور أسامة العبد، أن البرلمان سيرسل مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الأزهر الشريف لأخذ رأيه في كافة التعديلات الجديدة، نظرا لأن مواد المشروع جميعها مستمدة من الفقة الإسلامي وكتاب الله وسنته، مضيفاً أن اللجنة الدينية ستكون المختصة بمناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية، لأن مواد القانون متعلقة بالدين والمعاملات الأسرية، مؤكدا أن رئيس مجلس النواب يدرك جيدا أن هذا المشروع من اختصاص اللجنة الدينية بالتعاون مع اللجنة التشريعية داخل المجلس[13]. وكان شيخ الأزهر قد صرح في 2019، أن الأزهر لن يترك قانون الأحوال الشخصية لغير العلماء، مضيفًا: «الأزهر ليس جهة تشريع ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء»، واصفًا الاعتراض على إعداد المؤسسة التي يترأّسها لقانون في هذا الشأن بـ «العبث»[14].
وقد توقع عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب الحالي، ضياء الدين داود، أن لا تقر التعديلات المقترحة من الحكومة قريباً؛ لأن القانون تحكمه عدة اعتبارات، أولها المردود الشرعي والذي يعني لسلامة الاجتماعية للعلاقة الزوجية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، كما أن المسودة المنشورة تحتاج إلى نقاش متوازن حول كيفية علاج مشاكل الحضانة والرؤية والنفقة وغيرها إجرائيًا[15].
- الحكومة ترفض مساواة شهداء كورونا من الأطباء بشهداء الجيش والشرطة.
يستمر إصرار وزيرة الصحة، هالة زايد، على إدراج حالات الوفاة والإصابة من الأطقم الطبية الناتجة عن أداء عملهم إلى «صندوق مخاطر المهن الطبية»، بينما يتسمك أعضاء نقابة الأطباء الحاليين والسابقين على ضم ضحايا كورونا من الفرق الطبية، ومنهم الأطباء، ضمن فئة المستفيدين من «صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم[16]» ومنحهم نفس الامتيازات، فبينما كشف عضو مجلس نقابة الأطباء، إبراهيم الزيات، عن اجتماع هيئة مكتب نقابة الأطباء، مع لجنة الصحة بمجلس النواب، يوم الاثنين 22 فبراير، انتهى إلى إقرار لجنة الصحة، برئاسة أشرف حاتم، بأحقية انضمام الأطباء لـ «صندوق الشهداء»، واعدين هيئة مكتب النقابة بالحصول على موافقة من وزيرة الصحة بذلك[17]، نجد أن إقرار لجنة الصحة في البرلمان يأتي بعد يوم من اجتماع عقدته اللجنة نفسها بحضور وزيرة الصحة، قالت فيه الوزيرة إنها لا تستطيع التدخل لضم الأطباء المتوفين نتيجة كورونا إلى صندوق الشهداء، وأن هذا ليس من سلطتها[18].
وتبرر وزارة الصحة رفضها، بأن «صندوق مخاطر المهن الطبية» المنشأ بموجب قانون 184 لسنة 2020 الصادر بقرار جمهوري، يمنح أعضاءه من الأطباء والمهن الطبية مزايا لا تقل عن المزايا التي يمنحها صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي العمليات الحربية وأسرهم، بحسب تصريحات للدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي للوزارة[19]. بينما يحتج الأطباء بأن صندوق تكريم شهداء الجيش والشرطة له مزايا عدة غير موجودة في صندوق مخاطر المهن الطبية، منها على سبيل المثال أن الصندوق يقتصر على التعويض مرة واحدة على سبيل المكافأة، بعكس صندوق تكريم الشهداء الذي يلزم الدولة بمعاش شهري[20]، وأن صندوق المخاطر يستقطع 5% من البدل ومكافأة الامتياز ورسوم ترخيص مزاولة المهنة ورسوم ترخيص العيادات والمستشفيات كموارد له، لذلك فهو نوع من صناديق الزمالة، أغلب موارده ممولة من المهن الطبية، ويدفع فيه أعضاء المهن الطبية جزءًا من دخلهم لدعم من يصاب أو يتوفى نتيجة مخاطر المهنة، كما أنه جاء كبديل للاستجابة لمطلب بدل العدوى، ورفع بدل المهن الطبية للأطباء من 700 جنيه إلى 1250 جنيهًا، بينما صندوق صندوق تكريم شهداء العمليات الإرهابية وأسرهم، له عدة بنود لرسوم مفروضة على أنشطة اجتماعية واقتصادية مثل ترخيص القيادة وتسيير المركبات وترخيص السلاح والمناقصات والمزايدات والمقاولات والتوريدات الحكومية واستخراج صحيفة الحالة الجنائية و المباريات الرياضية وبناء المدارس واشتراكات النوادي وحجز الأراضي[21].
بدون تعليق:
- القانون في خدمة السلطة.
برأت محكمة جنايات دمنهور، برئاسة المستشار جمال طوسون، كل من مدير أمن البحيرة الأسبق، وستة ضباط آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«قتل المتظاهرين في جمعة الغضب»، وكان حكم أول درجة قضى بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ لمدير الأمن، والسجن سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات للضباط الستة، وقد ودفع دفاع المتهمين بـ«انتفاء أركان جريمة القتل العمد وانتفاء القصد الخاص وانتفاء نية إزهاق الروح وتوافر حالة الدفاع الشرعي.. وأن المتظاهرين قاموا بالتظاهر بجوار المباني الشرطية لهدمها وحرقها وقتل أفراد الشرطة المتواجدين بها، وأن هذا ليس فعلًا ثوريًا لتصحيح الأوضاع، إنما فعل شكّل جريمة، وبعض المصابين لهم مصلحة فيها لوجود سجل إجرامي لبعضهم»[22].
المشهد الإقليمي والدولي
– السياسة الخارجية المصرية:
أولًأ: الدائرة الدولية:
1- العلاقة مع الولايات المتحدة: استقبل السيسي، فى 22 فبراير الحالى، الفريق أول كينيث ماكينزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، وذلك بحضور الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بالإضافة إلى السفير جوناثان كوهين سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة. وقد أكد الطرفين على أهمية ومتانة العلاقات الثنائية على الصعيد العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب وكذلك برامج التدريبات المشتركة وتبادل الخبرات، كما تم استعراض وجهات النظر والرؤى بشأن آخر التطورات بالنسبة لعدد من القضايا على المستوى الإقليمي، خاصةً في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وشرق المتوسط[23].
وعقب يوم واحد فقط، فقد تحدث وزير الخارجية أنتوني ج. بلينكن، فى 23 فبراير الحالى، مع وزير الخارجية المصري سامح شكري. وسلّط الوزيران الضوء على أهمية الشراكة الاستراتيجية القوية بين الولايات المتحدة ومصر، ولا سيما في مجال الأمن والتعاون المستمر في مكافحة الإرهاب، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية. وأثار الوزير بلينكن المخاوف المتعلّقة بقضية حقوق الإنسان في مصر، والتي ستكون، كما أكّد، محورية في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر، وتلك المتعلّقة بشراء مصر المحتمل لطائرة مقاتلة من طراز Su-35 من روسيا. كما ناقش الوزير بلينكن ووزير الخارجية شكري دعم مفاوضات السلام التي تيسرها الأمم المتحدة في ليبيا، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والتعاون في مكافحة الإرهاب في سيناء[24].
وفى حين يشير محللين إلى أن تلك اللقاءات والاتصالات تعكس الأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة للولايات المتحدة. ففى المقابل، يرى آخرون أن ذلك لا يعكس أهمية مصر بقدر ما يعكس تراجع أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة، ويرى أنصار هذا الرأى، أن الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جوزيف بايدن وجهت من خلال تلك الاتصالات واللقاءات رسالة مهمة إلى مصر، مفادها أن مكانة مصر الإقليمية محفوظة، وأن دورها في قضايا الشرق الأوسط مهم، لكنه لم يعد بالأهمية التي كانت من قبل.
وهو ما ظهر فى أن الرئيس الأمريكي لم يتحدث هاتفيا حتى الآن مع أي من قيادات الشرق الأوسط غير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإسرائيل هي ظل أمريكا في المنطقة، وليست مصر كذلك. كما أن الرئيس الأمريكي أعلن أنه سوف يتحدث هاتفيا مع ملك السعودية الرسمي، الملك سلمان، وليس مع الملك الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان.
كما أن ترتيب الحديث الهاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي وبين نظيره المصري بين وزراء خارجية المنطقة يأتى فى مرتبة متأخرة. فأول وزير خارجية في العالم تلقى مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأمريكي الجديد كان جابي أشكنازي وزير خارجية اسرائيل، وبعد أيام من حديثه مع الوزير الإسرائيلي تحدث ثانيًا مع وزير خارجية الإمارات، ثم مع وزير خارجية السعودية، ثم مع وزير خارجية السودان، ثم مع رئيس وزراء العراق ووزير خارجيتها، ومرة ثانية مع وزير خارجية السودان، وأخيرًا، تحدث إلى وزير الخارجية المصرى[25].
ويرى الكاتب أن العلاقة بين مصر وأمريكا ستشهد مزيد من التحسن على المستوى العسكرى سواء على مستوى المعونات العسكرية لمصر أو شراء الأسلحة أو التدريبات المشتركة خاصة فى منطقة شرق المتوسط فى ظل توقع تصاعد الدعم الأمريكى للتحالف الإقليمى (المصرى- الإسرائيلى- القبرصى- اليونانى) ضد تركيا، ولجذب مصر بعيدًا عن توثيق علاقاتها مع روسيا عبر شراء طائرات سوخوى 35 الروسية. وبالنسبة لمصر، فإنها ستلجأ إلى توثيق علاقاتها مع البنتاجون، أى أن البنتاجون سيكون الحليف الجديد لمصر بعد هزيمة الجمهوريين وسيطرة الديمقراطيين على مؤسستى الرئاسة والكونجرس، وفى ظل توقع حدوث بعض التدهور فى العلاقة مع وزارة الخارجية الأمريكية على خلفية تدهور حقوق الإنسان فى مصر.
ثانيًا: الدائرة الاقليمية:
1- العلاقة مع إسرائيل: قام وزير البترول المصري طارق الملا، فى 21 فبراير الحالى، بزيارة إلى إسرائيل، التقى خلالها بمسؤولين إسرائيليين يتصدرهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس رؤوفين ريفلين ووزير الطاقة يوفال شطاينتس، كما امتدت الزيارة إلى الأراضي الفلسطينية للقاء الرئيس محمود عباس، ومسؤولين في قطاع الطاقة.
وحول دلالات هذه الزيارة والملفات التى تم التباحث حولها، يمكن الإشارة إليها فيما يلى:
– تهدف زيارة الملا إلى دعم جهود منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم الدول السبع المؤسسة: مصر وفلسطين وإسرائيل وقبرص واليونان والأردن، على أن يكون ذلك دافعاً خلفياً للشقّ السياسي من الرعاية المصرية للتفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينين، وهو ما يأمل السيسي أن يثبته على كرسيه تحسّباً منه لأي رغبة أميركية مستجدّة في إطاحته.
فخلال الزيارة، وقع الملا على اتفاقية لربط حقل «ليفاثيان» الإسرائيلى بوحدات إسالة الغاز الطبيعي في مصر عن طريق خطّ الأنابيب البحري، في خطوة تأتي ضمن تقاسم القاهرة وتل أبيب البنية التحتية التصديرية للغاز في المنطقة. كما وقع الوزير المصري «مذكرة تفاهم» مرتبطة بحقل «غزة»، بين «صندوق الاستثمار الفلسطيني» و«شركة اتحاد المقاولين» (CCC) و«الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية» (إيجاس)، على أن تتولّى هذه الشركات تطوير الحقل والبنية التحتية اللازمة بما يُوفّر احتياجات الغاز للفلسطينيين، مع تصدير ما يزيد عن الحاجة المحلية[26].
– أن هذه الاتفاقات هى التطبيق الفعلى لصفقة القرن (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية)، والتي كان بموجبها سيتم تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم الجهود المصرية المشتركة مع دولة الاحتلال لإنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي في مصر، وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول المصرية، وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال، وذلك على مدار 5 سنوات. إلى جانب تخصيص 42 مليون دولار لتطوير وإصلاح خطوط النقل والمواصلات ونقل “الطاقة” بين مصر وقطاع غزة، على مدار 5 سنوات و3 مراحل، وتمكين الفلسطينيين من شراء الطاقة، بمختلف أنواعها، من مصر بأسعار منافسة، ودعم قدرة القاهرة على إنتاج الطاقة الكهربائية وتحسين جودة المنتج المورد إلى غزة والعمل على ديمومته.
وقد شغل هذا الملف تحديداً قسماً مهماً من مباحثات الملا في القدس، حيث ناقش مع نظيره الإسرائيلي طرق تعاونهما لتزويد الضفة الغربية وقطاع غزة بالكميات المطلوبة من الغاز الطبيعي. وعُرض الأمر أيضاً على مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الاقتصادية محمد مصطفى، لمتابعة الطلبات الفلسطينية وما يمكن تحقيقه منها[27].
– أن لقاء الملا بنتنياهو في مدينة القدس المحتلة بدلا من العاصمة تل أبيب تشير إلى إمكانية قبول السيسى بالمدينة المحتلة كعاصمة لـ”إسرائيل”. كما أن زيارة الملا، تأتي بعد انقطاع الوزراء المصريين عن زيارة الكيان المحتل 5 سنوات؛ وقبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية التي ينافس فيها نتنياهو وزير الحرب، بيني غانتس، ما دفع مراقبين لاعتبار اللقاء محاولة من السيسي لدعم نتنياهو في معركته الانتخابات[28].
كما أن نتنياهو قد يوظف موافقته على تطوير حقل غزة مارين في حملته الانتخابية عبر استقطاب أصوات من ذوي الأصول الفلسطينية. وفى هذا السياق، فقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن نتنياهو حث السلطة الفلسطينية على تشجيع عرب إسرائيل للتصويت لصالحه، وأن نائب وزير من الليكود وأعضاء في لجنة العلاقات مع إسرائيل في منظمة التحرير الفلسطينية، بحثوا مؤخرا الانتخابات المقبلة والمساعدة المحتملة من السلطة الفلسطينية لنتنياهو.
وربما يكون المقابل الذى حصلت عليه السلطة الفلسطينية من جراء ذلك (أى مساعدة نتنياهو للفوز بالانتخابات) هو موافقة إسرائيل على تطوير حقل غزة مارين، خاصة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يمكنه توظيف ملف الغاز للتأكيد على أن وجوده واستمراره على رأس السلطة يضمن الحصول على موارد جديدة للمواطنين وتحسين مستوى المعيشة لهم[29].
– جاءت زيارة طارق الملا إلى إسرائيل، بعد ثلاثة أسابيع من نفي مصر، وجود أية تأثيرات سلبية قد تواجهها قناة السويس، بسبب خطوط ملاحة إسرائيلية قد تمتد بين البحر الأحمر والبحر المتوسط الواقعين جنوب إسرائيل وغربها. ولكن هذا النفى لم يقلل من مخاوف المصريين بشأن مستقبل القناة، بعد إعلان إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات، تمر عبر السعودية والأردن، حتى إيلات ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط. ويعني ذلك، أن منافسا في قطاع النفط سيشارك قناة السويس إيرادات عبور الخام، والأهم أنه سيفتح الباب أمام دراسة تطوير ممر بري من جنوب إسرائيل إلى غربها في قطاعات تجارية أخرى. من هنا، كانت أهمية زيارة وزير البترول المصري، للتعرف على ما تفكر به إسرائيل بشأن خطوطها الملاحية البرية (غير المستغلة بعد)، المنافسة لأهم ممر ملاحي عالمي (قناة السويس).
– قطع الطريق على قطر، لعل ما سرع الخطوة المصرية لتوقيع اتفاقية تطوير الحقل الفلسطيني الوحيد، هو النشاط القطري في غزة، وحضورها بقوة في إعلان صدر مؤخرا بحل أزمة الكهرباء في القطاع. ويرى متابعون لشؤون الطاقة أن القاهرة قد تخشى دخول لاعب قوي لمنطقة شرق المتوسط، ممثلا بقطر، ويتحول إلى شريك في قطاع جديد للفلسطينيين عبر تطوير الحقل القريب من حدود مصر وحقول الغاز التابعة لها. ومع فرضية حصول قطر على عقد تطوير الحقل الفلسطيني، فإنها أولا ستنشط في منطقة غنية بالغاز، وثانيا ستعمل بإمكانات تقنية متطورة قد تفتح لها اكتشافات أخرى من الغاز. كما ترى القاهرة أن تسريع العمل في حقل غزة، يقللان من التأثير الاقتصادي لقطر في الأراضي الفلسطينية، والذي تستخدمه سياسيا في مساندة حركة حماس التي تحكم سيطرتها على غزة[30].
– قطع الطريق على تركيا، فقد كشفت مصادر مصرية تحدثت لموقع “العربى الجديد”، في نوفمبر 2020، عن حلقة جديدة من حلقات الصراع بين تركيا ومصر، متعلقة بمناطق الغاز في شرق المتوسط. وبحسب المصادر، فإنّ القاهرة وجهت تحذيرات شديدة اللهجة للسلطة الفلسطينية وقتها، بعد معلومات استخبارية وصلت إليها بشأن انخراط الجانب الفلسطيني في مفاوضات متقدمة وغير معلنة مع تركيا، متعلقة بالتوصل إلى اتفاق خاص بترسيم الحدود البحرية، وإمكانية الحصول على حقّ تطوير حقل “غزة مارين” للغاز قبالة ساحل قطاع غزة، في إطار العلاقات الجيدة التي تربط أنقرة بالقوتين الكبريَين في فلسطين، “فتح” و”حماس”.
وأوضحت المصادر أن المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصرية، انخرطوا في اتصالات مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية، منذ نهاية العام الماضي، وذلك في أعقاب اللقاءات التي جمعت مسؤولين من السلطة الفلسطينية بمسؤولين أتراك لبحث الملف. وأشارت المصادر، إلى أن المسؤولين المصريين قادوا مفاوضات في سياق مواز مع الجانب الإسرائيلي، لإقناعهم بتسهيل الاتفاق، وعدم عرقلة الجهود المصرية المرتقبة لتطوير حقل الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة، وذلك حتى لا يشكل الموقف الإسرائيلي ذريعةً لدخول تركيا على خطّ الأزمة، بشكلٍ قد يتسبب لتل أبيب بأزمات أكبر.
كما كشفت المصادر أن المباركة الإسرائيلية للاتفاق، جاءت في مقابل قبول مصر، بضغوط إسرائيلية، إشراك الإمارات في مشروع لنقل الغاز عبر سيناء، دون أن تدلي بتفاصيل أكثر بشأن المشروع الذي وصفته المصادر بـ”العملاق”، ويهدف إلى تعويض مصر عن الاتفاق الذي وقّعه الإسرائيليون مع كل من اليونان وقبرص بعيداً عنها في وقت سابق من العام الماضي[31].
ثالثًا: الدائرة العربية:
1- العلاقة مع ليبيا: قام رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد الدبيبة، فى 18 فبراير 2021، بزيارة إلى القاهرة. وفيما يتعلق بالدلالات والملفات التى تم مناقشتها خلال لقاء الدبيبة مع السيسى فى القاهرة، يمكن الإشارة إليها كما يلى:
– قد يرغب الدبيبة فى لعب دور الوسيط بين مصر وتركيا في ما يخص أزمتي ليبيا وشرق المتوسط، بحكم العلاقات القوية مع تركيا والمتصاعدة مع مصر.
– التأكيد على رعاية كافة المصالح المصرية على الأراضي الليبية، سواء العمالة، أو المقرات الدبلوماسية حال تم افتتاح السفارة في طرابلس والقنصلية في بنغازي. والتأكيد على عدم معارضة حكومته مشاركة الشركات المصرية الرسمية في عمليات إعادة الإعمار في ليبيا.
وقد أشارت مصادر تحدثت لموقع “العربى الجديد” إلى أن خطوة التقارب بين الدبيبة والقاهرة، ليست على هوى المسؤولين في الإمارات، نظراً لما قد تحمله من تمهيد لتفاهمات مصرية تركية، على حساب المصالح الإماراتية. وفي المقابل، قالت المصادر إن “الدبيبة لم يبد اعتراضاً على أي اتصالات مع الجانب الإماراتي، خلال محادثاته مع المسؤولين المصريين، شرط تعديل النهج الذي تتبعه أبوظبي، والذي يتعارض مع مصلحة الشعب الليبي”. وبحسب المصادر “فقد قدم الدبيبة نموذجاً قابلاً للتعامل والتواصل معه، وإقامة علاقات متوازنة، بشكل يمهد لحالة من التوافق بين كافة الأطراف الليبية، حيث أبدى استعداده التام للقاء كافة الأطراف والوصول لصيغة توافقية تضمن إنهاء معاناة بلاده وتفرق أبنائها”[32].
– كما ترغب القاهرة من خلال الانفتاح على كافة الأطراف الليبية فى أن تكون اللاعب الرئيسى والأهم فى حل الأزمة الليبية، من أجل التأكيد للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن على أهمية الدور الاقليمى لمصر فى حل الأزمات الاقليمية، فى ظل توقع حدوث خلافات على مستوى العلاقات الثنائية على خلفية تدهور حقوق الإنسان فى مصر.
2- العلاقة مع قطر: أجرت قطر ومصر، فى 23 فبراير الحالى، مباحثات في الكويت، حول الآليات والإجراءات المشتركة لتنفيذ “بيان العلا” الخاص بالمصالحة الخليجية. وهناك أحاديث عن أن الطرفين توصلا إلى اتفاق على استئناف عمل البعثتين الدبلوماسيين على مستوى القائمين بالأعمال قبل تعيين السفير المصر لدى الدوحة والسفير القطري لدى القاهرة.
ويأتى ذلك بعد اتفقت قطر ومصر يوم 20 يناير 2021 على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين وذلك بعد أن تمت إعادة حركة الطيران يوم 18 من الشهر ذاته. وفي 5 يناير، صدر بيان “العلا” عن القمة الخليجية الـ41 بمدينة العلا شمال غربي السعودية، معلنا نهاية أزمة حادة اندلعت في 5 يونيو 2017، بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر[33].
ويرى الكاتب أن العلاقة بين قطر ومصر تتحسن ولكن بصورة بطيئة جدًا، بل وربما يكون هناك عدم ثقة أو تحمس من الطرفين لتحسينها بدرجة أكبر على المستوى القريب. وهو ما يمكن استنباطه من خلال هذا اللقاء، فأولًا؛ اللقاء تم فى دولة ثالثة وليس على أرض أى منهما، ما يشير إلى تمسك كلًا منهما بعدم المبادرة بزيارة الأخر حتى لا يتم تصوير ذلك على أنه هزيمة لطرف وخسارة لأخر. ثانيًا؛ أنه لم يتم الإعلان عن حجم التمثيل الدبلوماسى فى اللقاء، ما يشير إلى أنه لم يكن تمثيل رفيع المستوى وبالتالى فإن القضايا التى تم تباحثها لم تكن قضايا جوهرية ولكن ثانوية. ثالثًا؛ أن نتائج اللقاء اقتصرت فقط على عودة البعثات الدبلوماسية على مستوى القائم بالأعمال وليس تعيين السفراء، ما يشير إلى أن العلاقات الدبلوماسية لم تصل بعد إلى أفضل مستوياتها.
أكثر من ذلك، فهناك أحاديث عن أن القاهرة لا تزال غاضبة من تغطية قناة «الجزيرة» للقضايا المصرية. وفي هذا الإطار، عرض مسؤولو الخارجية تقارير تؤكد عدم التزام القناة القطرية بما جرى التوافق عليه، والذي تعتبره القاهرة بمثابة «ترمومتر» لقياس مدى استجابة الدوحة. لكنّ القطريين ردّوا على الاعتراض المتقدّم بإبراز التحوُّلات التي طرأت على خطاب القناة في ما يتعلّق بالسياسة المصرية ومعالجة الأخبار الخاصة بالرئاسة، مع احتفاظها بخطّها في تسليط الضوء على بعض السلبيات الموجودة، وهو أمر طبيعي – من وجهة نظرهم – بالمقارنة مع موقع مصر وعدد سكّانها وأوضاعها المعيشية.
كذلك، أكدت الدوحة أنها لم تفرض أيّ قيود جديدة على المواطنين المصريين، وسمحت لهم بالدخول والخروج من دون قيود استثنائية. كما نفى القطريون مسؤوليتهم عن بعض القنوات التي تبثّ من تركيا وبريطانيا، مؤكدين أنها لا تحصل على تمويل من قطر، وداعين المسؤولين المصريين إلى معالجة هذه المسألة مع الدول المعنيّة بها. أمّا مسألة وضع أعضاء جماعة «الإخوان المسلمون» المقيمين في الدوحة، والتي طالب المسؤولون المصريون بحسمها، فقد كَرّر القطريون وعودهم ببحث الأمر، من دون إعطاء مهلة للردّ على الأسماء التي طالبت القاهرة بتسوية أوضاع أصحابها. ويبدو أن الأمور بين القاهرة والدوحة تتّجه إلى حالة اللاحرب واللاسلم، فلا عودة للعلاقات القوية مجدّداً، ولا مقاطعة أقلّه في القريب العاجل[34].
3- العلاقة مع السودان: تتنازع القاهرة والخرطوم حول مثلث حلايب -الذي تبلغ مساحته 20 ألف كيلومتر مربع- منذ العام 1958، وفي سنة 1995 دخل الجيش المصري المنطقة وأحكم سيطرته عليها. والآن؛ يُفضِّل الائتلاف الحاكم في السودان أن يتعامل مع هذا الملف بحكمة، حيث خرج السودان حديثًا من نظام قمعي ويعاني من أزمة اقتصادية، وفي نفس الوقت ترفض القاهرة خيار اللجوء إلى التحكيم الدولي للفصل في تبعية حلايب للسودان أم لمصر.[35] وكانت مصادر مصرية قد كشفت قبل شهور، عن مشاورات جرت بين الجانبين المصري والسوداني حول الملف، وحصلت الخرطوم على وعد مصري بفتح نقاش جاد حوله في الفترة القريبة المقبلة، بما قد يسفر عن اتفاق يحمل مكاسب كبيرة للخرطوم. وبعد هدوء القضية لفترة؛ تم إحياؤها من جديد مؤخرًا، بعدما وجَّه الاتحاد الإفريقي جميع مكاتبه وإداراته باعتماد الخريطة الرسمية لجمهورية مصر العربية، والتي تشمل مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد.
الموقف المصري من إعلان الاتحاد: قالت مصادر متعددة في مواقع وصحف مصرية، أن أوامر صدرت من أجهزة سيادية، بعدم التطرق إلى قصة اعتماد الاتحاد الإفريقي خريطة مصر بعد ضم مثلث حلايب وشلاتين. ويُمكن تفسير تلك الخطوة على أنها رغبة من القاهرة بعدم التصعيد مع الخرطوم، في الوقت الذي تشهد العلاقات بينهما أجواء إيجابية، لا سيما مع دعم مصر للسودان في أزمته مع إثيوبيا بسبب النزاع الحدودي بينهما، ومحاولة لكسب دعم الخرطوم في قضية سد النهضة الإثيوبي. في المقابل، يعتبر البعض أن إثارة مسألة الخريطة قد تعود إلى محاولة من جانب إثيوبيا لاستفزاز السودان.[36]
الموقف السوداني من إعلان الاتحاد: أعلن رئيس المفوضية القومية للحدود في السودان، معاذ تنقو الخميس 18 فبراير، عن احتجاج بلاده رسميًا، ضد مفوضية الاتحاد الإفريقي، باعتمادها خريطة تضم مثلث حلايب وشلاتين ضمن حدود مصر الجنوبية. وقال تنقو أنه تسلم مذكرات احتجاج من جهات بالداخل من بينها وزارة الخارجية، ورئاسة الجمهورية، للدفع بها عبر القنوات الرسمية للاتحاد الإفريقي. وأوضح أن الاحتجاج سيطالب بمحاكمة المسؤول الإفريقي الذي عدَّل في حدود السودان، مشيرًا إلى أنه أبلغ الرئاسة والخارجية ورئاسة مجلس الوزراء، بمخاطر السلوك الذي أقدم عليه الاتحاد الإفريقي. واعتبر رئيس المفوضية القومية للحدود بالسودان؛ أن موقف الاتحاد يُعتبر انحيازًا غير مقبول، وسيكون له تأثيرات سلبية على علاقات السودان مع الاتحاد الإفريقي. وشدَّد على رفض السودان لأية خرائط يصدرها الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة، مؤكدًا أن تلك المؤسسات لا تملك الحق بتعديل حدود الدول، فقط تتبنى الحدود حسب ما هو موجود في الملفات.[37]
موقف الاتحاد الإفريقي: ردت المفوضية بأنها لا تتبنى موقف أي من البلدين بشأن هذه القضية. حيث أكد خبير حقوق الإنسان في المفوضية السياسية بالاتحاد الإفريقي صلاح حماد أن السفارة المصرية في إثيوبيا -حيث مقر الاتحاد الإفريقي- قدَّمت طلبًا رسميًا إلى الاتحاد باعتماد منطقتي حلايب وشلاتين ضمن خريطة مصر، باعتبارها أراضٍ مصرية. وقال حماد أنه ليس من صلاحيات مدير مكتب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أن يقرر في قضايا سيادية كهذه، وأن مثل هذه القضايا الحدودية لا يبت فيها بهذه الطريقة، وأن القرارات بشأنها تصدر من محاكم إقليمية أو دولية.[38] وفي نفس السياق؛ نفى مبعوث مفوضية الاتحاد الإفريقي للسودان، محمد الحسن ولد لبات، عن تبنِّي الاتحاد أو اعتماده أي خرائط تؤكد تبعية حلايب وشلاتين إلى مصر. وقال أن المنظمة مررت فقط أوراقًا وصلت إليها من دولة عضو، إلى الدول الأخرى، وهذا لا يعني أنها تتبنى المحتوى، مضيفًا في تصريحات إعلامية أنه على الدولة المعترضة أن ترسل توضيحاتها واعتراضها، وسيُوزَّع للدول بأسرع ما يمكن.[39]
وهكذا؛ فقد باتت القاهرة تحارب في هذا الملف على أكثر من جبهة، فبدلًا من توحيد الجهود نحو أديس أبابا، فإنها تقاتل على جبهة أخرى لضمان بقاء السودان معها في الخندق ذاته. فمن ناحية؛ تحاول أديس أبابا تضييق الخناق على القاهرة وتشتيت جهود صانع القرار المصري، لإطالة أمد الأزمة حتى يكون تشغيل السد بنسبة 100 في المائة أمرًا واقعًا. ومن ناحية أخرى تسعى السودان للخروج من تلك الفترة بمكاسب تخص حدودها، كما هو الحاصل الآن في منطقة الفشقة وحدودها مع إثيوبيا. ومن المُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تطورًا هو الأول من نوعه في ما يخص مسألة النزاع حول منطقة حلايب وشلاتين، الأمر الذي قد يُسفر –في ظل الوضع الراهن- عن إجراءات على الأرض لصالح الخرطوم، حيث هناك تجاوب مصري، يرجع إلى المحاولات المصرية للإبقاء على الموقف السوداني إلى جوارها في أزمة سد النهضة. وهناك صراع كبير داخل المشهد السوداني بين المكونات العسكرية والمدنية لمنظومة الحكم الحالية، ويسعى كلا الطرفين للبحث عن أوراق ضغط تُمكِّنه من الحصول على الدعم المُطلق للشارع في مواجهة الطرف الآخر، لذلك برزت مجموعة من الملفات في الوقت الحالي، يرى فيها كلا الطرفين طوق نجاة بالنسبة له، وفي مقدمة هذه الملفات ملف حلايب وشلاتين.
القضية الفلسطينية:
– حماس والمشاركة فى الإنتخابات الفلسطينية..الإيجابيات والسلبيات:
تناولت العديد من التحليلات والكتابات موقف المقاومة عمومًا وحماس خصوصًا من المشاركة فى الإنتخابات الفلسطينية القادمة، وقد تمحورت هذه التحليلات وتلك الكتابات حول توجهين رئيسيين، هما:
الأول: يرى أن إعلان حماس عن مشاركتها فى الإنتخابات هى خطوة موفقة، حيث أن دخول فصائل المقاومة وحماس إلى الانتخابات سيحقق لها مجموعة من المكاسب الهامة، منها: تحقيق أغلبية لخط المقاومة، تحظى بشرعية شعبية دستورية، تُمكنِّه من تحصين نفسه فلسطينياً وعربياً ودولياً. والاستفادة من الشرعية المتحققة، في إعادة بناء البيت الفلسطيني، وتجاوز مرحلة أوسلو والتزاماتها، وترتيب المؤسسات الرسمية بما يتوافق مع خط المقاومة. وتوفير الغطاء الشرعي لخط المقاومة وقيادته لقطاع غزة. وتوفير الغطاء للعمل المقاوم والانتفاضة بكافة أشكالها، خصوصاً في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني. وإنهاء حالة الاستفراد لفصيل فلسطيني معيّن في قيادة الشعب الفلسطيني[40].
كما يرى أنصار هذا الرأى، أنه لا شك أن كل الحريصين على المشروع الوطني كانوا يفضلون أن يكون المدخل لإنهاء الانقسام هو التوافق والتدرج في حل المشاكل المترتبة عليه في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالاستناد الى مشروع وطني جامع ومتفق عليه، لكن أما وأن الفصائل المعنية اتفقت على أن يكون المدخل هو عبر انتخابات متتالية ومترابطة، كما نصت عليه تفاهمات إسطنبول واتفاق القاهرة الأخير، فلا بد من استثمار الفرصة وعدم تضييعها، والدفع بها كي تشكل مدخلا جديا لإنهاء الانقسام وترتيب المؤسسة السياسية، لا سيما أن الاتفاق يتضمن المؤسسات السياسية المختلفة (التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني)، ولا يمكن الاتكاء بشكل دائم على فكرة عدم الثقة والخوف من الإقدام على خطوات قد لا تبدو محكمة تماما. إذ أن أي خطوة يمكن أن تقود إلى عمل فلسطيني مشترك ستكون أفضل من استمرار الحال المهترئ القائم، والذي لم يستقر على ما فيه من اهتراء، بل إنه يتراجع بشكل مستمر[41].
بينما يرى الرأى الثانى، أن مشاركة حماس فى الإنتخابات غير موفقة ويحمل خطورة كبيرة على المشروع الفلسطينى المقاوم وذلك لعدة أسباب، منها:
1- إمكانية تكرار تجربة فتح، فقد كانت حركة فتح هى من تقود مشروع المقاومة الفلسطينية، وكانت متمسكة بأيديولوجية تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها، ومع إنهاء المشروع الصهيوني. ومع ذلك، فبعد وصول فتح إلى السلطة، فإن الأعباء “الرسمية” لقيادة الشعب وتمثيله ومتابعة الثورة، أدخلت فتح ومعها قوى المقاومة في مسارات بدا معظمها “إجباريا” بعد أن تم ضرب الثورة في الداخل، وحصارها أو عزلها أو تصفيتها في الخارج، وخصوصاً دول الطوق؛ لتضطر فتح (العمود الفقري للثورة) بعد ذلك إلى الركون أكثر للأدوات السياسية التي أوصلتنا إلى أوسلو وإلى الحالة المزرية التي نعيشها. ويرجح أنصار هذا الرأى، تكرار حماس نفس تجربة فتح خاصة أن فتح وقتها كانت تملك أوراق قوة على المستوى المحلى والاقليمى والدولى أكبر بكثير مما سيتاح لحماس فى حالة وصولها إلى السلطة.
2- أن خسارة حماس للانتخابات سيفرض عليها الخضوع للأغلبية التى ستتابع مسار التسوية السلمية، وستطالب حماس بالتخلى عن سلاحها[42]. خاصة أن معظم الاستطلاعات والقراءات الانتخابية تشير إلى صعوبة تمكن “حركة حماس” من المحافظة على أغلبيتها التشريعية التي احتفظت بها منذ “فوزها بأغلبية آخر انتخابات فلسطينية”. هذه الفرضية تعني أن وضعاً جديداً سينشأ عن هذا المسار الذي دخلته الحركة ويتطلب منها الاعتراف به والتعامل معه.
3- في حال النظر للمشهد برمته من زاوية مصلحة وضعية المقاومة الفلسطينية وما يعزز مكانتها ودورها، تبدو الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية في قطاع غزة ترتبط بمعادلة غير متعلقة بمسار الانتخابات الحالي بشكل أساسي. بل ترتبط بطبيعة نظرة الاحتلال إلى القطاع بصفته جغرافيا تخضع لسيطرة قوى المقاومة وتحديداً حماس، وعدم القدرة على تغيير هذا الوضع بالوسائل العسكرية أو فرض الحصار التام.
وعليه، فإن جملة الترتيبات الإنسانية والتفاهمات التي استطاعت حماس عقدها عبر قوى إقليمية مثل مصر وقطر مع الاحتلال والتي ساهمت في تحسن الأوضاع في غزة مرتبطة بوضعية قوى المقاومة وسيطرتها على الوضع في غزة. هذه المعادلة لا يوجد ما يهددها أو يؤثر عليها سوى تغيير قواعد اللعبة في القطاع، ووضع بنية تحتية لدعاية سياسية وإنسانية ضد سيطرة حماس في القطاع تستند إلى كون الأخيرة لم تعد “صاحبة الأغلبية” في آخر انتخابات فلسطينية. وقد تكون الانتخابات المرتقبة الخطوة الأولى في هذا الطريق[43].
4- موقف الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تلجأ الولايات المتحدة إلى عرقلة الانتخابات الفلسطينية إذا ما شعرت أنها ستوفر فرصة لفوز حركة حماس أو حصولها على نسبة تؤهلها للعب دور فعال في المؤسسة السياسية الفلسطينية. ويستند هذا الاعتقاد إلى أن الإدارة الامريكية وبعض القوى الدولية لا ترغب في إنهاء الانقسام الفلسطيني ابتداء، ولا في إعطاء حركة حماس وحركات المقاومة الأخرى فرصة لتجديد شرعيتها وللاندماج في المؤسسة السياسية الفلسطينية، كون الولايات المتحدة منحازة وداعمة بشكل دائم للاحتلال ومصالحه، ولا ترغب في وجود قيادة أو مؤسسة فلسطينية موحدة وقوية. ورغم اعتقاد البعض بأن الإدارات الديمقراطية ومنها الإدارة الحالية ستكون معنية بالديمقراطية وشرعية التمثيل، إلا أن العديد من الشواهد تؤكد أن هذا الأمر لا ينطبق على العالم العربي، وخير شاهد على ذلك موقف إدارة أوباما من موجة الربيع العربي وما تلاها من أحداث.
5- موقف بعض القوى الإقليمية، رغم المواقف المعلنة المؤيدة لخطوات المصالحة ومساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، إلا أن عددا من دول الإقليم ولاعتبارات مختلفة لا ترغب في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإجراء الانتخابات. فبعضها لا يرغب في إعادة إشراك حركة حماس (كحركة إسلام سياسي) في النظام السياسي الفلسطيني. فهذه الدول تخوض حربا علنية شرسة أنفقت عليها مليارات الدولارات بهدف إقصاء الإسلاميين والحيلولة بينهم وبين المشاركة في النظم السياسية. بل إنها تذهب أبعد من ذلك ولا ترغب حتى في قيادة السلطة الحالية، وتسعى إلى توفير بيئة مناسبة لفرض بعض الجماعات الفلسطينية الموالية لها على المشهد السياسي. ودول أخرى تشكل قوى المقاومة وبالذات حركة حماس تحديا لها كونها لا زالت تتبنى المقاومة وترفض التطبيع وتعارض التسوية السياسية مع الاحتلال، وبالتالي فهي تشكل تحديا لسياسة هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية. كما أن استمرار الانقسام الفلسطيني يعفي بعض الدول العربية من واجبها تجاه القضية الفلسطينية، ويستخدم كذريعة للتقصير المستمر تجاه ما اعتبر تاريخيا قضية العرب الأولى. وإن إعادة توحيد القوى الفلسطينية والمؤسسة السياسية الفلسطينية سيضع الجميع مرة أخرى أمام مسؤولياتهم[44].
6- أن الإنتخابات محاولة لجر حركة حماس وتحويلها من حركة تحرر وطني إلى حزب سياسي داخل سلطة تحت الاحتلال، وأن هذه العملية تتم بشكل تدريجي بخطة إسرائيلية ومن الرباعية الدولية، وتتمثل أبرز محطات هذه الخطة فى:
أولًا: وقف العمليات الانتحارية (أو الاستشهادية) بشكل مفاجئ قبل أكثر من 15 سنة.
ثانيًا: المشاركة في انتخابات عام 2006، وبهذه الانتخابات تحولت حماس إلى العمل السياسي داخل سلطة تحت الاحتلال، وهي السلطة التي نتجت عن اتفاق أوسلو، الذي ترفضه حماس أصلاً، ولا تعترف به، فضلاً عن أن فوز حماس بالانتخابات ومشاركتها بالسلطة، أشعر حركة فتح بالتهديد، وأشعل صراعا لا مبرر له بين الجانبين، وأدى بالفلسطينيين إلى الانقسام الكبير، والسنوات العجاف التي تلت هذه الانتخابات.
ثالثًا: إصدار «الوثيقة السياسية» سنة 2017، التي تتكون من 42 بنداً وتتضمن -لأول مرة- قبولاً بفكرة إقامة دولة على الأراضي المحتلة عام 1967، أي أنها تقبل بحل الدولتين، وتقبل ضمناً بحل سياسي على هذا الأساس.
رابعًا: تتجه حماس حالياً إلى ارتكاب الخطأ الرابع وهو، المشاركة في انتخابات 2021 (إذا حدثت الانتخابات أصلاً) وهذه ستكون محطة فارقة تضاف إلى المحطات الثلاث السابقة، التي غيرت المسار السياسي للحركة، فضلاً عن أن الانتخابات المقبلة قد تكون الخطأ الأكبر، وقد تؤثر في مستقبل القضية الفلسطينية برمتها، خاصة أنها من الممكن أن توسع دائرة الانقسام داخل حركة فتح أيضاً، فتقوم بتقسيم المقسم وتفتيت المفتت، بدلاً من تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وإعادة البوصلة إلى المواجهة الأصلية مع الاحتلال[45].
الأزمة الليبية:
– السلاح المنفلت هو التحدى الأبرز الذى يواجه الحكومة الليبية الجديدة:
على الرغم من توصل المندوبون الليبيون الذين حضروا المحادثات السياسية التي تستضيفها الأمم المتحدة في جنيف، في 5 فبراير 2021، إلى تسمية سلطة تنفيذية مؤقتة موحدة جديدة لبلدهم، بعد أن انقسمت ليبيا إلى منطقتين (شرق وغرب)، تدار كل منهما على حدة، منذ عام 2014. اختاروا محمد المنفي من شرق ليبيا لرئاسة مجلس رئاسي جديد مكوّن من ثلاثة أشخاص، ورجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة من مصراتة في غرب ليبيا بصفة رئيس وزراء مكلف. وإذا تم تثبيت هذه السلطة التنفيذية، فستستمر في العمل حتى إجراء الانتخابات في أواخر عام 2021[46].
إلا أن الحكومة الجديدة لا تزال تواجه مجموعة من التحديات التى تعرقل عملها بل والتى قد تمنع تشكيلها من الأساس، ويأتى على رأس تلك التحديات ملف السلاح المنفلت. حيث يوجد حالياً ما يقدر بنحو 20 ألف مقاتل أجنبي في ليبيا، بمن فيهم المرتزقة الروس والسودانيون (ويذكر أنهم مدعومون بتمويل إماراتي) ومرتزقة سوريون بتمويل تركي وغيرهم. ويبدو أن هناك صعوبة بالغة فى إمكانية قيام الحكومة الجديدة بإخراج هذه القوات، وهو ما ظهر فى تأكيد الرئيس التركى أردوغان، فى 9 فبراير 2021، إن تركيا لن تنسحب من الصراع الليبي إلا إذا انسحبت الدول الأخرى أولاً، مؤكدًا على أن وجود قواته هناك جاء لدعم حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، وللدفاع عنها ضد هجوم حفتر العسكري ضد الحكومة التي تشكلت في أبريل 2019[47]. ويعكس تصريح أردوغان عدم ثقته فى قدرة الحكومة الجديدة على إخراج المليشيات الداعمة لحفتر والمدعومة من قبل مصر والإمارات وروسيا وفرنسا.
أكثر من ذلك، فإن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة فقط على إخراج المرتزقة ولكنها قد تجد نفسها أيضًا غير قادرة على تحجيم أدوراهم. وهو ما ظهر فى إعلان غرفة عملية “بركان الغضب”، التابعة لقوات الحكومة الليبية، فى 23 فبراير 2021، عن رصد تحركات لمرتزقة شركة “فاجنر” الروسية، الداعمة لقوات حفتر، في الطريق من البريقة إلى سرت. واعتبر البيان أن تحرك المرتزقة الروس نقضا لاتفاق 5+5 لوقف إطلاق النار الموقع في جنيف نهاية أكتوبر 2020. وأشارت “بركان الغضب” إلى أن مرتزقة فاجنر يستمرون في أعمال يُعتقد أنها لمد أنبوب داخل خندق لنقل النفط من الجنوب إلى الشمال الليبي ومنها لشحنه بحراً. وجاء البيان مؤكدا لتصريحات وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية “فتحي باشاغا” في يونيو 2020، مفادها سيطرة مرتزقة “فاجنر” على حقل الشرارة برفقة مجموعة من الجنجاويد السودانية، معتبرا ذلك “تهديدا خطيرا للأمن القومي الليبي وينال من مصالح كافة الشركات الأمريكية والأوروبية العاملة بالقطاع، التي ستكون رهينة لتغول روسي غير مسبوق”[48].
وبجانب المرتزقة الأجانب، فهناك إشكالية المليشيات العسكرية غير النظامية، والتى ظهرت بقوة مع تعرض وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»، فتحي باشأغا، لمحاولة اغتيال في طرابلس، فى 21 فبراير 2021، وسط أنباء عن اشتباكات مسلّحة في مواقع عديدة بين قوات الأمن وميليشيات مسلحة، في أعنف أحداث تشهدها العاصمة ومحيطها منذ التوصُّل إلى قرار بوقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي.
ويرى كثيرون أن المحاولة تستبطن رسالة بأنه لن يُسمح بإخراج الميليشيات المنتشرة في طرابلس بمجرّد تشكيل الحكومة الجديدة، وهو التصوُّر المطروح الآن ضمن التمهيد لإخراج المرتزقة. كما أنه يعكس عدم قدرة الأجهزة الأمنية في طرابلس على حفظ الأمن، خاصة أن موكب باشأغا هو الأكثر تأميناً بين الوزراء والمسؤولين منذ مدة طويلة، وسط مخاوف من أن تكون محاولة الاغتيال بداية لاضطرابات تعرقل المسارات السياسية التي تسير جيداً إلى الآن[49].
كما أن هناك إشكالية أخرى، تتمثل فى محاولة قادة المليشيات العسكرية الحصول على مناصب رفيعة فى التشكيلة الحكومية الجديدة من أجل التهرب من المساءلة القانونية على الانتهاكات التى ارتكبوها، ناهيك عن أن الأشخاص الذين يتولون مناصب عسكرية بالفعل لن يتخلوا عنها بسهولة؛ خوفًا من أن يسهل ذلك محاسبتهم على جرائمهم.
وفى هذا السياق، طالبت منظمة العفو الدولية قادة السلطة الجديدة بـ”ضمان عدم تعيين المشتبه في ارتكابهم جرائم بموجب القانون الدولي في مناصب يمكنهم فيها الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات”، كما طالبت المنظمة بـ”تعليق عمل الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب في مناصب السلطة”.
وجاءت مطالب المنظمة لسلطات البلاد الجديدة في إطار تقرير، بمناسبة مرور عقد على ثورة 17 فبراير، رصدت فيه استمرار ظاهرة الانتهاكات الجسيمة في البلاد لحقوق الإنسان، بل وتورط السلطات السابقة في “ترقية وإضفاء الشرعية على قادة المليشيات المسؤولة عن الأعمال المروعة، بدلاً من ضمان إجراء مساءلتهم”. وأشارت إلى أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عين، مطلع العام الجاري، عددا من قادة المجموعات المسلحة في مناصب مهمة، من بينهم، عبد الغني الككلي، وهو قائد مجموعة مسلحة تعمل في طرابلس تحت مسمى “قوة الأمن المركزي، وتم تعيينه كرئيس لـ”جهاز دعم الاستقرار” بتبعية مباشرة للمجلس الرئاسي، وكذلك هيثم التاجوري نائبا له.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد ذكر التقرير أن المجلس الرئاسي رفّع رتبة عماد الطرابلسي، وعينه نائبا لرئيس جهاز المخابرات، تزامنا مع قرار آخر لنقل تبعية “قوة الردع الخاصة” من وزارة الداخلية إلى المجلس الرئاسي مباشرة بصلاحيات أوسع. وأكدت المنظمة أن لجانها ولجان خبراء الأمم المتحدة أثبتت تورط أصحاب هذه الأسماء في انتهاكات واسعة، وأن منحهم وظائفهم الجديدة، بصلاحيات واسعة وتوفير المرتبات لأفراد مجموعاتهم المسلحة، يعد ضربا من التعمية واستمراراً لظاهرة الإفلات من العقاب.
كما أكدت المنظمة على أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر لا يزال مستمرا في احتضان الضابط ضمن قواته محمود الورفلي، رغم عديد الطلبات من جانب محكمة الجنايات الدولية لتسليمه، “وبدلاً من ذلك فقد تمت ترقيته إلى مقدم في لواء الصاعقة”. كما لفت التقرير إلى “إيواء حفتر لقادة اللواء التاسع، المعروف باسم قوات الكنيات، على الرغم من تورطها في عمليات القتال الجماعي وإلقاء الجثث في المقابر الجماعية وعمليات التعذيب في مدينة ترهونة”[50].
المشهد الجزائري:
- الجزائر: قرارات جديدة لتبون لتهدئة الأوضاع الداخلية:
أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال خطابه المتلفز عن قراره بحل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة. وأضاف أنه سيكون هناك تعديل حكومي يشمل القطاعات التي يشعر المواطنون أن هناك نقصًا في تأديتها. وذكر الرئيس الجزائري أنه أصدر عفوًا عن حوالي 30 شخصًا من الحراك صدر بحقهم حكم نهائي، وعن آخرين لم يصدر بحقهم حكم بعد، مشيرًا إلى أن عددهم الإجمالي يتراوح بين 55 و60 فردًا. وكشف تبون في خطابه أن بلاده توصلت لاتفاق مع روسيا لإنتاج لقاح “سبوتنيك في” في الجزائر في غضون 6 أو 7 أشهر. وأوضح أن إنتاج اللقاح الروسي في الجزائر سيوجه لدعم الأشقاء في إفريقيا وغير إفريقيا بعد تلبية الحاجيات الوطنية. وأكد الرئيس الجزائري أن الجزائر كانت من بين الدول السباقة في العالم لاتخاذ إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا كغلق المجال الجوي رغم الانتقادات التي طالتها من بعض الأطراف في الخارج.[51] وقد انقسمت ردود الفعل حول هذه القرارات بين مؤيدٍ يراها خطوات جيدة على طريق التغيير، ومعارضٍ يراها غير كافية ومُضللة للحراك وقواه على الأرض.
تقييم القرارات: تُعد قرارات الرئيس عبد المجيد تبون استجابة –ربما متأخرة- لمطالب الحراك الشعبي منذ انطلاقته الأولى في 22 فبراير 2019، ولمطالب الكثير من الأحزاب السياسية. فبالنسبة لقرار حل البرلمان؛ فيُعد خطوة نحو إنشاء برلمان جديد يتماشى مع طبيعة المرحلة ومطالب إعادة شرعنة المؤسسات النيابية المنتخبة.[52] وبالرغم من كونه يضع بعض الأحزاب في موقع الرابح والمُستفيد وعلى رأس هؤلاء الشباب ومُمثلي الحراك؛ إلا أنه في نفس الوقت يضع البعض الآخر في موقع الخاسر والمُتضرر وعلى رأس هؤلاء الأحزاب الموالية للنظام السابق والتي كانت تتمتع بكتلة في البرلمان المُنحل ربما لن تستطيع الحصول عليها مرة أخرى. أما بالنسبة للتعديلات الحكومية؛ فقد جاءت هذه التعديلات في الوقت الذي توقع فيه الرأي العام الجزائري، تعديلاً أوسع على الحكومة وإنهاء مهام الوزراء الذين كانت لهم تصريحات، وُصفت بالمستفزة للشارع. وبدا واضحًا أن التعديلات جاءت تماشيًا مع التحديات الحالية العاجلة التي تعيشها البلاد خاصةً في الملف الاقتصادي والصحي. والمُلاحظ في التعيينات الجديدة، عودة بعض الشخصيات البارزة التي شغلت مناصب مهمة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.[53]
وهكذا؛ بالرغم من اعتبار البعض تلك القرارات قد جاءت متأخرة؛ إلا أن هذا لا ينفي أهميتها، وكونها جاءت في وقت كان الشعب الجزائري يعاني فيه من ظروف اقتصادية خانقة، وأزمة سياسية شديدة. ولكن بالرغم ذلك؛ فإن القوى الموالية للنظام السابق، والتي تأثَّرت بتلك القرارات ليس من المُنتظر أن تهدأ، أو تتعامل مع هذا الوضع بسهولة دون محاولة إعاقته، وليست تجارب دول المنطقة عنها ببعيدة. والأيام القليلة القادمة ستُبين ما ستسعى تلك القوى للقيام به للحفاظ على مصالحها ووجودها في المجتمع الجزائري.
المشهد المضطرب في سوريا والعراق:
- هل يكون مقتدي الصدر الحاكم الفعلي المستقبلي للعراق؟
السياق: على مدار الأشهر التسعة الماضية، نجح التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، في تحقيق اختراق واضح داخل مفاصل مهمة في المؤسسات الحكومية والأمنية العراقية، من خلال تسمية شخصيات تابعة له أو قريبة منه في هذه المؤسسات، على حساب إزاحة أسماء أخرى محسوبة على حزب الدعوة الإسلامية وزعيمه نوري المالكي. وهو ما يراه مسؤولون وسياسيون عراقيون في بغداد، مندرجاً ضمن حرب غير معلنة مستمرة منذ أشهر من قبل الصدريين على غريمهم السياسي نوري المالكي، لتفكيك ما يطلق عليه دولة المالكي العميقة، على الرغم من أنّ الأخير نفى في أكثر من مناسبة تهمة امتلاكه دولة عميقةداخل مؤسسات الدولة، معتبراً أنها محاولة للإساءة إليه. ويعتبر مراقبون التراشق وعودة الاحتقان بين الصدريين ومعسكر المالكي، غير متعلق بسباق الانتخابات المقبلة فحسب، بل أيضاً في حراك الصدريين لإقصاء المحسوبين على المالكي وفريقه من المناصب المهمة.[54]
وعلى الرغم من أن التفاهم السياسي الذي ولدت على إثره حكومة مصطفى الكاظمي، مطلع مايو الماضي، بكونها حكومة انتقالية مهمتها إجراء الانتخابات والتعامل مع الأزمتين المالية والصحية، اللتين ما زالتا تعصفان بالبلاد مخلفتين خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة، إلا أنّ التغييرات في المناصب الحكومية ضمن ما يعرف في العراق بـالدرجات الخاصة، مثل وكلاء الوزراء، ورؤساء الهيئات والمديرين العامين، والمستشارين، ورؤساء الجامعات، والسفراء، وصولاً إلى قادة الفرق والوحدات الأمنية والعسكرية في وزارتي الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات والاستخبارات، بلغ عددها العشرات خلال الأشهر الماضية. بعض من تم تغييرهم أحيلوا للتحقيق بتهم تتعلق بالفساد، وآخرون للتقاعد بسبب السن القانوني، فيما نُقل قسم آخر لمناصب جديدة ضمن مفاصل حكومية أقل أهمية.
والواقع أن عمليات إقالة ونقل أو إحالة إلى التقاعد، وكذلك الإحالة إلى القضاء بتهم الفساد، بحق شخصيات محسوبة على المالكي خلال الأشهر الماضية، تشغل مناصبها منذ سنوات وبعضها منذ عام 2007، إذ تسلمت المناصب إبان حكومة المالكي الأولى.[55]
كما أن التغييرات الأخيرة في مكتب القائد العام للقوات المسلحة ومكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الإعلام والاتصالات، والبنك المركزي، وشبكة الإعلام العراقي، وكذلك هيئة الاستثمار ووكالة الاستخبارات بوزارة الداخلية خلية الصقور، واللواء الخاص بحماية المنطقة الخضراء، ووكالة وزارة الداخلية، فضلاً عن التغييرات في بعض القيادات الأمنية التفجيرات الأخيرة، وهو ما أشعل خلافًا حادًأ بين المالكي والكاظمي.
ردود الفعل: هناك قطاع غير قليل يرى أن الكاظمي واقع تحت تأثير مقتدى الصدر، وبدا متجاوباً مع كثير من شروطه ومطالباته في الفترة الأخيرة، ولعل الصمت الحكومي على الاستعراض الأخير لاتباع الصدر، وقبل ذلك هجومهم على متظاهري الناصرية والذي تسبب بمقتل وجرح العشرات منهم، يؤكد ذلك. لاسيما أن كثيراً من المناصب التي طاولها التغيير باتت فعلياً بيد شخصيات تتبع التيار الصدري، أو أنها مرضي عنها من قبل مقتدى الصدر، ويرى هذا القطاع أن عدداً من التغييرات الأخيرة في المناصب الأمنية تمت بدفع أو ضغط من الصدر على حكومة الكاظمي، وهو ما بات يزعج أيضا معسكر الفصائل الولائية الموالية لإيران، وتحديداً الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري وزعيم مليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي.
من جهته، أثار السياسي العراقي، إبراهيم الصميدعي، ملف الاشتباك السياسي الأخير بين الصدريين والمالكي، بالقول إن الصدريين يسعون لتشكيل دولة عميقة لهم، وهم يستفيدون من كونهم الكتلة الكبرى في البرلمان.
وهناك قطاع أخرى يرى أن الحديث عما يجري بوصفه محاولة لتفكيك دولة عميقة تتبع المالكي وتأسيس أخرى تتبع الصدريين، كلام غير دقيق، ويعتقد أصحاب هذا التوجه أن الدولة العميقة تتمثل بالنفوذ الإيراني، وما تفرضه طهران من قرارات بشأن الملفات الحساسة في البلاد، والنافذة على القوى الحاكمة. أما الصراع الحالي، فهو تنافس على المناصب الحزبية لمطامع مالية وأخرى تتعلق بالنفوذ والحسابات ذات الطابع الشخصي بين الزعامات السياسية لا أكثر.
الاستنتاجات: والاستنتاج الحاصل مما سبق عرضه، أن القوى السياسية بمختلف توجهاتها، تسعى إلى الهيمنة على المفاصل المهمة في الدولة، وتتنافس على ذلك. والمتتبع للوضع العراقي، يرى بشكل واضح معنى الدولة العميقة، وما حدث من تغييرات في مفاصل مهمة بالدولة كان حزبياً فئوياً، ولم تغلب عليه مسألة المهنية، ولم يتم تبني مفهوم الدولة الخادمة أو الحكومة الخادمة. كما أن موقف رئيس الوزراء الحالي ربما يكون ضعيف تجاه مشروع الدولة العميقة، لأنه لا يمتلك حزباً أو جهة سياسية، لذا يكون مضطراً للسكوت عن محاولات بعض الجهات إعادة تشكيل الدولة العميقة، أو الهيمنة بطرق غير قانونية على مفاصل مهمة في الدولة.
كل الجهات السياسية مهتمة بقضية الدولة العميقة، لأنها تريد الوصول إلى مفاصل الدولة، التي فيها نفوذ وأموال، لكن تحالف سائرون التابع للتيار الصدري له اليد الطولى في ذلك، لأنّ وجوده في البرلمان قوي، ولديه حركة مساندة في الشارع.
ويبدو أن الأقرب للصواب أن الكاظمي يسعى للحصول على دعم الصدر في الوقت الحالي، ويحرص على عدم الدخول بأي مواجهة سياسية معه، وهو ما يفسر جملة مواقف لينة من الحكومة تجاه انتهاكات اتباع الصدر ضد المتظاهرين على سبيل المثال. لذا، فإن مسألة استمرار حصول مقربين أو محسوبين على التيار الصدري على المناصب أمر طبيعي في ظل هذه المعادلة الحكومية الحالية.
- اليمن وسوريا كأوراق ضغط أمريكية:
الحدث: بينما كانت العديد من التساؤلات تدور حول سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الأزمة السورية، وما قد يتخذه من استراتيجية مختلفة عن إدارة سلفه دونالد ترامب، كانت سوريا على موعد مع أول ضربة جوية أمريكية بعد نحو أكثر من شهرٍ على توليه الحكم.
الضربة الجوية الأولى كان هدفها المباشر مليشيات تدعمها إيران في سوريا على الحدود مع العراق، بالتزامن مع ترقب دولي حول الاستراتيجية الجديدة لبايدن، وما إذا كان سيستعيد الدور الأمريكي في المنطقة، بعد تراجعه بشكل كبير خلال المرحلة السابقة.[56]
ولكننا نرى أن الضربة الأمريكية جاءت بعد الشكوك من طريقة ادارة الرئيس بايدن لحماية حلفائه واشنطن الخليجيين، وخصوصاً السعودية، والتي أعلن عنها الرئيس الأمريكي أكثر من مرة، أنه يعارض سياساتها في عدد من الملفات أبرزها الملف اليمني وملف حقوق الإنسان، في الوقت الذي يقدم الخطاب الدبلوماسي لقادة طهران.
الدلالة: لماذا نرى أن الضربات الأمريكية في سوريا تستهدف توجيه رسائل للسعوديين فيما يخص الملف اليمني بصورة خاصة وقضية الأنشطة الإيرانية التخريبية بصفة عامة؟ لأن واشنطن تركت لإسرائيل ملف إدارة التحركات الإيرانية في سوريا، وأصبح أمر اعتيادي أن تخرج الطائرات الإسرائيلية لضرب عناصر المليشيات الإيرانية، وخاصة في تلك المنطقة، ولذلك ليس من الطبيعي أن يرغب بايدن في افشال خطته الدبلوماسية في مهدها. وهناك من يرى أن الهجمات الصاروخية على بغداد هي سبب الضربة الأمريكية، ولكن هذا ايضًا ليس صحيحًا، لأن طهران نفسها أعلنت عدم مسئوليتها عن تلك الهجمات، بل وقدمت القائمين عليها للمحاكمة، ولذلك أغلب التصور أن واشنطن حاولت استغلال الورقة السورية، لطمأنة الحليف السعودي المتخبط في اليمن. والأكثر من ذلك، أن الاتصال الأول للرئيس الأمريكي مع الملك سلمان بن عبد العزيز، جرى بالتزامن مع الهجوم الأمريكي على مليشيا إيران في سوريا. وقال البيت الأبيض، في بيان، إن بايدن والملك سلمان بحثا التزام الولايات المتحدة بدعم السعودية في الدفاع عن أراضيها في مواجهة هجمات تشنها مجموعات متحالفة مع إيران. وقد أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، أن السعودية عمود أساسي في بنية الأمن الإقليمي، إضافة إلى أنها شريكة في مكافحة الإرهاب ومواجهة التصرفات الإيرانية المزعزعة للاستقرار.
لقد شعرت الرياض بالغدر من حليفها الاستراتيجي الأهم الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن أولى قرارات بايدن كانت كلها ضد السعودية، وذلك عكس طريقة التعامل مع إيران التي بدأها برفع العقوبات الاضافية المفروضة. وشعرت إدارة بايدن بضرورة طمأنة السعوديين، لذلك جاء قرار الضربة الأمريكية المفاجئة، ولكن مازالت هناك أمور أخرى تعقد المشهد اليمني، لها أبعاد لا تقل حضورًا من التأثير الأمريكي بل ربما تزيد، أولها هو حالة الارتباك والتخبط في الحكومة الشرعية، وثانيها حجم التطورات التي اتخذتها جماعة الحوثي، ونتائج قرارات بايدن الأخيرة لصالحها فيما يخص رفع تصنيفها من قوائم الإرهاب.
مشهد يمني معقد: بينما كان الجميع يتحدث عن الخطوة الأمريكية السابقة بتصنيف جماعة الحوثي في اليمن إرهابية، قبل أن تتراجع مؤخراً عن ذلك القرار، يبقى الغموض سيد الموقف حول عدم اتخاذ الحكومة اليمنية المعنية بالأمر قراراً مماثلاً على المليشيا، رغم أن الحكومة السعودية التي صنفت الحوثي جماعة إرهابية في مارس 2014 جددت في الـ14 من فبراير 2021، تأكيدها أنها لن تتراجع عن ذلك التصنيف رغم التراجع الأمريكي.
ويدخل اليمن بعد شهر في العام السابع من الحرب المستمرة حتى اليوم، وعلى انقلاب الحوثيين على الحكم، وسط تصعيد عسكري يقوم به الحوثي نحو مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة في شمال البلاد. وأمام التصعيد العسكري المستمر للمليشيا، يضع كثير من اليمنيين تساؤلات حول عدم إصدار الحكومة اليمنية قراراً يصنف الحوثي جماعة إرهابية، على الرغم من إصدار السعودية حليفتها قراراً سابقاً بهذا التصنيف.
ويتصدر اسم الحوثي جماعة انقلابية كل التصريحات، وعلى لسان المسؤولين الحكوميين، وفي وسائل إعلام الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً، إلى جانب الحديث بأنها جماعة تمارس أعمالًا إرهابية وترتكب جرائم ضد المدنيين في البلاد، ولذلك تعرضت الحكومة اليمنية للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أبدت الحكومة استياءها من إلغاء إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن جماعة الحوثي إرهابية، حيث تساءل كثير من النشطاء اليمنيين والسياسيين عن تجاهل الحكومة اليمنية لاتخاذ هذه الخطوة في الأساس.
فقد اكتفت الحكومة بما حدث في 2019 خلال اجتماع لمجلس النواب اليمني، عندما تم إثارة هذا الموضوع خلال جلسة مجلس النواب على أساس أنه لا بد من قرار بتصنيف الحركة الحوثية كجماعة إرهابية، ولكن هنا نشأ الخلاف بين أعضاء المجلس، وهناك من رفض إدراج الحركة الحوثية كمنظمة إرهابية، وعقب إحالة مشروع القرار إلى اللجنة أنهى البرلمان اليمني جلسته الاستثنائية التي عقدت لأول مرة منذ انقلاب الحوثيين عام 2014، ومنذ ذلك اللحين اختفى أي حديثٍ عن هذه اللجنة.[57]
ويرى معارضي القرار أنه سيؤثر على الأمن القومي، وسيؤثر على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، وهذا خطير على مستقبل البلاد، ومن ثم فشلت حكومة في إصدار هذا التصنيف. وهو ما يوضح حجم الخلافات السياسية العميقة بين أطراف الشرعية، فهناك أطراف لا تريد أن يمرر هذا التصنيف، إضافة إلى أن الحكومة يبدو أنها غير قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار من عدة نواح، منها أنها إذا صنفتها كجماعة إرهابية فلن تستطيع الحوار معها في المستقبل، ولن تستطيع أن تقوم بعقد أي اتفاقية سياسية أو ما شابه ذلك. وهي نظرة ليست صائبة ولا سليمة، لأن الحركة الحوثية ارتكبت جرائم بحق الشعب، أكثر من العمل الإرهابي وأكثر من جرائم حرب، ومن ثم عملياً هي حركة إرهابية.
ولكن يمكن استخلاص نتيجة رئيسية من تحليل القضية السابقة، وهي أن الحكومة الشرعية تعجز عن مساعدتها نفسها، فكيف ترغب في أن يساعدها أحد، ناهيك عن الحليف السعودي المتخبط في سياساته واستراتيجياته.
على الجهة الأخرى، ، يبقى من غير الواضح كيف ستتمكن الولايات المتحدة من حث جماعة الحوثي المدعومة من إيران، على الدخول في اتفاق سلام. ويشكل ذلك تحديًا رئيسًا في وجه المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، وعقبة كأداء في مسار جهود إحلال السلام. والسبب أن أولوية الحوثيين راهنًا تتمثل في تحقيق المزيد من المكاسب، وليس الانخراط في اتفاقات تقاسم السلطة. لذا، يبدو أن استعدادهم المعلن لتحقيق السلام ليس سوى خطوة تكتيكية.
استفاد الحوثيون من تغييرات السياسة الأميركية بطرق ثلاثة هي[58]: أولًا، يشكل ذلك انتصارًا لهم من خلال تقويض مصالح خصومهم البارزين. فعلى المستوى الإقليمي، خاض التحالف بقيادة السعودية الحرب في العام 2015 مع عشر دول، لكن المملكة اليوم باتت وحيدة في تدخلها العسكري في اليمن من دون زخم الغطاء الأميركي المعتاد. ثانيًا، سيستفيد الحوثيون من مهمة المبعوث الأمريكي الدبلوماسية المرافقة للولايات المتحدة، والتي تزامنت مع إبطال قرار الإدارة الأمريكية السابقة بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، فقد أبطل قرار بايدن بصورة غير مباشرة القرار الخاص بتصنيف الجماعة.
وثالثًا، سيعمد الحوثيون على الأرجح إلى تسريع وتيرة الحرب الداخلية ضد خصومهم للاستفادة من واقع أن السعوديين قد يقلّصون حجم عملياتهم العسكرية بسبب تعليق الدعم الجوي الأميركي. وسيشكّل ذلك حافزًا يدفع الحوثيين إلى التوسّع في المناطق الداخلية اليمنية، وصولًا إلى المناطق المتاخمة لتلك التي تنتشر فيها الجماعة حاليًا، وتشمل مأرب والجوف وشبوة والضالع والساحل الغربي.
حاصل القول، أن التخبط الذي يحكم صف السعودية بداية من التحولات الأمريكية مرورًا بالحكومة الشرعية، نهاية بالتهور السعودي في حرب اليمن، كلها عوامل تسهم في اضعاف هذا الطرف، في المقابل تجد أن الصف الثاني الذي يضم طهران والحوثيين ثابت ويتحرك في خطوات متصاعدة بل وقادر على تزويد مكاسبه يومًا بعد يوم.
الشأن الأفريقي:
- الأزمة السياسية في الصومال؛ الأسباب والأبعاد والخيارات:
يقف الصومال على مشارف الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وسط انقسامات داخلية حادة بين الحكومة والمعارضة، مُمثَّلة بالولايات الفيدرالية واتحاد المترشحين. وكان مقررًا البدء بإجراء انتخابات البرلمان، بمجلسيه النواب والشيوخ، في نوفمبر 2020 بحسب الدستور، لكنها تأخرت عدة أشهر، وهو ما انعكس على تأجيل الانتخابات الرئاسية عن موعدها الدستوري. وبالنظر إلى انتهاء فترة الرئيس محمد عبد الله فرماجو الدستورية، من الوارد أن يتم تأجيل الانتخابات شهورًا عدة، ويمثل هذا السيناريو تهديدًا لاستقرار الصومال، ما لم يحدث توافق سياسي شامل؛ إذ من المحتمل أن يواجه البلد فراغًا دستوريًا، في ظل غياب آلية قانونية تُمكِّن الحكومة الحالية من الاستمرار في الحكم بعد انتهاء ولايتها في 8 فبراير 2021. وعلى الرغم من توصُّل الشركاء السياسيون إلى اتفاق سياسي في سبتمبر2020 بخصوص النظام الانتخابي، إلا أنهم تأخروا عن تنفيذ مخرجاته، وهو الأمر الذي يوثر في جدول انتخاب رئيس الجمهورية؛ ويعود ذلك إلى الخلاف القائم على عدة بنود في الاتفاق.
أولا؛ الجدول الانتخابي؛ حيث أُجِّل موعد الانتخابات التشريعية عن استحقاقه الدستوري نوفمبر 2020، وتأخرت الحكومة عن إنشاء اللجنة الانتخابية الفدرالية أسبوعين من الموعد النهائي في 20 أكتوبر، وتأخرت بعض الولايات طويلًا عن تعيين اللجان الانتخابية الإقليمية الخاصة بها؛ الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من التأجيل. ويعود ذلك إلى انعدام الثقة، من المعارضة في المقام الأول، بين قادة الولايات وحكومة مقديشو، إلى جانب بعض الأحزاب السياسية والقوى العشائرية.
ثانيا؛ لجنة الانتخابات؛ حيث تبدي المعارضة عدم ثقتها باللجنة التي عيَّنتها الحكومة، وتراها موالية لأجهزة الدولة الأمنية؛ فأصدر اتحاد المرشحين بيانًا يدعو فيه إلى حل اللجنة، ويهدد بإجراء انتخابات موازية للانتخابات الوطنية.
ثالثا؛ مقاعد صوماليلاند؛ حيث تقترح الحكومة في هذا السياق إجراء انتخابات في مقديشو، تجمع السياسيين المنحدرين من صوماليلاند المقيمين في العاصمة، لكن تختلف المعارضة والحكومة حول كيفية اختيار مندوبي صوماليلاند.
رابعا؛ إقليم غدو؛ والذي يملك 16 مقعد، وتتركز نقطة الخلاف في أن الحكومة تريد إبقاء تلك المقاعد في مدينة غربهاري التي تسيطر عليها، في حين يرفض قادة الإقليم ذلك ما لم تُنقل سلطة المدينة إليهم. وهو خلاف أدى إلى مواجهة عسكرية في الإقليم، ومن المُحتمل أن يتطور الوضع، في ظل إصرار رئيس الإقليم، أحمد مادوبي، على مغادرة القوات الفدرالية، ورفض الحكومة الاتحادية ذلك[59]>
أبعاد الأزمة السياسية الراهنة في الصومال: المشكلة السياسية الراهنة بين القيادات الصومالية لها أبعاد متعددة. فهناك البُعد الدستوري، لأن الدستور لا يفصل الصلاحيات، وفيه تناقضات كثيرة ولا يوضح بعض المضامين الجدلية (وخاصة الصلاحيات بين المجالس التشريعية والتنفيذية، إلى جانب غموض في شرح بنود تتعلق بصلاحيات الولايات الفيدرالية، وخاصة المالية والخارجية منها). كما أن هناك بُعدًا آخر يتمثل في غياب القيادات الصومالية التي تتمتع بالكفاءة السياسية في احتواء الأزمات. وهناك أيضًا البُعد الأمني، الذي يُعقد ملف تأمين مقار ومناطق تنظيم الانتخابات في البلاد. كما أن هناك القضايا الاجتماعية والصراع العشائري بين مكونات المجتمع، إذ لم تجرِ مصالحة حقيقية لإنهاء الخلافات بين العشائر الصومالية، وهذه جميعها ملفات بإمكانها أن تفشل عملية تنظيم الانتخابات، وذلك في ظل عدم توفر حكومة تتصرف بواقعية في مواجهة التحديات بحكمة، ما أفرز الوضع السياسي المُعقد حاليًا.[60] كل هذا في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الفيدرالية للصومال ضغطًا كينيًا في الداخل الصومالي، حيث تحالفت كينيا مع قوى المعارضة الصومالية التي بدأت بشن حملة سياسية وإعلامية على الحكومة الفيدرالية، وخاصةً بشأن النزاع الحدودي بين الدولتين، وتوظِّف سياسيين صوماليين لمواجهة حكومة بلادهم.
خيارات الخروج من الأزمة: وهي متعددة، أولها؛ أن تأتي مبادرة من قادة ولايتي بونتلاند وجوبالاند، ويقدموا تنازلات حقيقية تمهد الطريق لتنظيم الانتخابات. وثانيها؛ يتمثل في عقد اجتماع آخر بين الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات، مع إظهار مزيد من الجدية وتجنب المزايدات السياسية والتركيز على المصلحة العامة وتخفيف الاحتقان والتحلي بالمرونة. وفي حال لم تتحقق هذه الخيارات، فإن البرلمان الصومالي قد يتجه إلى تمديد فترة مؤسسات البرلمان والرئاسة عامًا أو عامين، بينما قد يأتي الضغط الخارجي ضمن هذه الخيارات.
إلا أن البعض يستبعد خيار التمديد لسببين: الأول أن البرلمان انتهى تفويضه العام الماضي ولذلك لا يحق له اتخاذ قرارات مصيرية، والثاني أن قرار التمديد مرفوض من قِبل المجتمع الدولي والمعارضة السياسية. وبالنظر إلى أهمية عامل الوقت؛ فإذا لم يحل الزعماء الصوماليون خلافاتهم خلال الأسابيع المقبلة، فإن تدخُّل المجتمع الدولي قد يُشكِّل عاملاً حاسمًا في الأمر. والتدخل قد يأخذ طابعًا مباشرًا في المرة الأولى على أساس أن القرار السياسي في الصومال أمر يملكه الصوماليون، وذلك من خلال عقد اجتماع للزعماء الصوماليين يحضره أعضاء من المجتمع الدولي بصفة مراقبين، وفي حال لم تنجح هذه المحاولة فإن فرض وإملاء إرادة المجتمع الدولي على القادة الصوماليين أمر لا مفر منه.[61]
وهكذا؛ مع انتهاء ولاية الرئيس فرماجو الدستورية، يبدو المناخ السياسي الصومالي اليوم مشحون، وهو ما يوجب على الشركاء السياسيين ضرورة التوافق السياسي. وفي حال تحقق ذلك؛ واتفقت الأطراف السياسية على تمديدٍ قصير الأجل، فعلى الشركاء الدوليين المساعدة في تحقيق أقصى استفادة منه. فإلى جانب تقديم الدعم الفني والمادي للعملية الانتخابية، يتعين الضغط على السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات لوضع آليات واضحة لتسوية الخلافات المحتملة. أما إذا استمرت الأزمة، ولم تنجح الحكومة والمعارضة في التوصُّل إلى اتفاق سياسي، فسوف تتعرض البلاد لفراغ دستوري، ومن ثمَّ لن يكون مُستعبدًا أن تنفجر الأوضاع في الداخل؛ الأمر الذي قد يودي بتردٍّ كبير في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية. وفي ظل التوترات الأمنية القائمة بالفعل في الداخل الصومالي، والتي تتزامن مع تصاعد الخلاف الصومالي الكيني والذي ينعكس بدوره كذلك على الداخل الصومالي؛ فاحتمال تصاعُد الخلافات في الانتخابات إلى أعمال عنف هو احتمال قائم، وهذا ينذر بالعودة إلى الحرب العشائرية. وهو الأمر الذي يُحتِّم على الحكومة التعامل معه بحذر؛ فبسبب الحرب الأهلية الطويلة ما زالت فئات كثيرة من المجتمع والعشائر تمتلك أسلحتها الخاصة، وتُهدِّد باستخدامها في أي صراع محتمل.
——————————————————————————-
[1] العربي الجديد، حكومة السيسي تتراجع وتؤجل فرض تعديلات تسجيل العقارات إلى نهاية العام، 28 فبراير 2021، الرابط:
[2] الجزيرة مباشر، بعد موجة غضب.. البرلمان المصري يؤجل العمل بقانون الشهر العقاري (فيديو)، 28 فبراير 2021، الرابط:
[3] اليوم السابع، البرلمان يوافق نهائيا على قانون الشهر العقارى وتطبيقه بعد 6 أشهر من نشره، 18 أغسطس 2020، الرابط:
[4] الجزيرة مباشر، ضريبة تسجيل العقارات تفجر غضب المصريين.. أحمد موسى يتهم الإخوان وبيان رسمي يكذّبه (فيديو)، 25 فبراير 2021، الرابط:
[5] الأخبار اللبنانية، مصر | أزمة قانون الملكيّة: شبح الاحتجاجات يجبر السلطة على التراجع، 27 فبراير 2021، الرابط:
[6] الجزيرة مباشر، محللون: قانون العقارات المصري الجديد “جباية” وأداة أخرى لزيادة الضغط على الشعب (فيديو)، 23 فبراير 2021، الرابط:
[7] العربي الجديد، أزمة تسجيل العقارات في مصر: تخوف أمني من غضب شعبي، 26 فبراير 2021، الرابط:
[8] مصراوي، مجلس الوزراء يوافق نهائيًا على مشروع قانون الأحوال الشخصية، 20 يناير 2021، الرابط:
[9] مصراوي، استحداث مواد خاصة بإثبات النسب.. مصادر حكومية تكشف تفاصيل مشروع قانون الأحوال الشخصية، 14 يناير 2021، الرابط: http://bit.ly/3kvW88Q
[10] اليوم السابع، انفراد.. نص مشروع قانون الحكومة عن الأحوال الشخصية يتكون من 194 مادة، 24 فبراير 2021، الرابط: https://bit.ly/3dORP7k
[11] سكاي نيوز عربية، قانون الأحوال الشخصية الجديد يثير جدلا في المجتمع المصري، 25 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/2Mx4rEO
[12] بوابة الأهرام، ننشر أهم بنود قانون الأحوال الشخصية بعد إحالته للجان النوعية بالنواب، 28 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/300Mhyh
[13] المصري اليوم، بعد تصاعد الجدل حوله.. «دينية البرلمان»: سنحيل قانون الأحوال الشخصية للأزهر، 25 فبراير 2021، الرابط: https://bit.ly/3kyishW
[14] الجزيرة مباشر، شيخ الأزهر: لن نترك قانون الأحوال الشخصية “لكل من هَبَّ ودَبَّ”، 31 أكتوبر 2019، الرابط: http://bit.ly/3uE7fBe
[15] مدى مصر، «النواب» ينتظر «الأحوال الشخصية» الجديد.. ومحمد أبو حامد: لو البرلمان عنده بذرة حكمة يرفض مناقشة قانون الحكومة، 27 فبراير 2021، الرابط: https://bit.ly/3aY2nix
[16] منشورات قانونية، إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، الرابط: http://bit.ly/3aZ77oe
[17] مدى مصر، محمد عادل يبدأ إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على اعتداء رئيس النيابة عليه | «صحة النواب» تعد بضم الأطباء إلى صندوق «شهداء الجيش والشرطة».. والوزيرة تتمسك بضمهم إلى «مخاطر المهن الطبية»، 23 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/3r2ny8V
[18] المصري اليوم، وزيرة الصحة للأطباء: الوفاة بكورونا «إصابة عمل».. ولا أستطيع ضم أحد لصندوق الشهداء، تاريخ النشر: 21 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/3pZVZvl
[19] وزارة الصحة والسكان المصرية (فيس بوك)، 22 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/2MDHwYE
[20] مدى مصر، محمد عادل يبدأ إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على اعتداء رئيس النيابة عليه | «صحة النواب» تعد بضم الأطباء إلى صندوق «شهداء الجيش والشرطة».. والوزيرة تتمسك بضمهم إلى «مخاطر المهن الطبية»، مرجع سابق.
[21] منى مينا (فيس بوك)، صندوق مخاطر المهن الطبية، 23 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/3r2yPGb
[22] بوابة الشروق، براءة مدير أمن البحيرة الأسبق و6 ضباط وأفراد شرطة من قتل المتظاهرين في 25 يناير، 21 فبراير 2021، الرابط: http://bit.ly/2Mytjw3
[23] “خلال استقباله قائد القيادة المركزية الأمريكية ..السيسي يؤكد خصوصية العلاقات الاستراتيجية الراسخة بين القاهرة وواشنطن .. وماكينزي يؤكد متانة العلاقات العسكرية بين البلدين”، المرصد المصرى، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3bvMTBu
[24] “اتصال الوزير بلينكن مع وزير الخارجية المصري شكري”، سفارة الولايات المتحدة الأمريكية فى مصر، 23/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3pQit21
[25] إبراهيم نوار، “الصفحة الرسمية على الفيسبوك”، 23/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2MkAveW
[26] ” مصر تُوسّع اتفاقيات الغاز مع إسرائيل”، الأخبار، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3dIHfP7
[27] ” مصر وإسرائيل تطوران أفكار “صفقة القرن””، العربى الجديد، 23/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3ksoPDB
[28] ” ما دلالات لقاء وزير بترول مصر بنتنياهو في القدس؟”، عربى21، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2NzMlCw
[29] ” القاهرة تشيّد شبكة مصالح تجمع الفلسطينيين وإسرائيل”، صحيفة العرب، 24/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3pLVVPS
[30] ” قناة السويس وأبعاد خليجية وراء زيارة “الملا” لإسرائيل (تحليل)”، الأناضول، 24/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3aPqBvi
[31] ” اتفاق “غاز غزة”: مصر تقطع الطريق على تركيا”، العربى الجديد، 25/2/2021، الرابط: https://bit.ly/37Mc8yd
[32] ” الدبيبة في القاهرة… رسائل تمهيدية لتقارب مع تركيا”، العربى الجديد، 20/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3r0mEtC
[33] ” بعد ايام من لقاء اماراتي قطري.. أول اجتماع قطري مصري في الكويت والتوصل إلى اتفاق لاستئناف عمل السفارات بعد شرط القاهرة بعدم التدخل في شؤونها الداخلية”، رأى اليوم، 23/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3qVGq9g
[34] ” سخط مصري – إماراتي على الدوحة: الكويت تُجدّد وساطتها”، الأخبار، 24/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3qOvz0Z
[35] أحمد فضل، “نزاع حلايب يعود للواجهة.. هل الملف الحدودي ضحية مساومات بين السودان ومصر؟”، الجزيرة نت، 10/11/2020. متاح على الرابط: https://cutt.us/zSMTb
[36] “القاهرة ترفض استفزاز الخرطوم بخريطة الاتحاد الإفريقي لحلايب وشلاتين”، العربي الجديد، 20/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/Wayj1
[37] “لاعتباره حلايب وشلاتين أرضا مصرية… السودان يهاجم الاتحاد الإفريقي”، عربي Sputnik، 18/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/v0cuj
[38] “بسبب خريطة تضم حلايب وشلاتين ضمن حدود مصر.. السودان يحتج رسميا والمفوضية الإفريقية توضح موقفها”، الجزيرة نت، 19/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/4HqCu
[39] “الاتحاد الإفريقي يتراجع عن اعتماد خريطة ضمّ حلايب وشلاتين إلى مصر”، العربي الجديد، 20/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/lUGa6
[40] “التموضع “الرسمي” للمقاومة الفلسطينية”، عربى21، 14/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3bAHJnN
[41] “الانتخابات الفلسطينية وتحديات الواقع”، عربى21، 23/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3qW019u
[42] “التموضع “الرسمي” للمقاومة الفلسطينية”، مرجع سابق.
[43] ” الانتخابات الفلسطينية ومستقبل المقاومة في غزة”، تى أر تى عربى، 25/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2NUuAhb
[44] “الانتخابات الفلسطينية وتحديات الواقع”، مرجع سابق.
[45] “حماس في ورطة… ما الحل؟”، القدس العربى، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3dIWLus
انظر أيضًا، “حركة حماس وضرورة المراجعة قبل فوات الأوان”، القدس العربى، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3unPPsB
انظر أيضًا، “هكذا يتم استدراج حماس نحو الهاوية”، عربى21، 13/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3utJyeP
[46] “التحديث رقم 4 لمجموعة الأزمات بشأن ليبيا”، مجموعة الأزمات الدولية، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3smM70n
[47] “هل تنجح الحكومة المؤقتة في ليبيا في إخراج القوات الأجنبية؟”، معهد دول الخليج العربية فى واشنطن، 16/2/2021، الرابط: https://bit.ly/2NUcsUP
[48] “تحركات لمرتزقة فاجنر غرب سرت.. وبركان الغضب: نقض لوقف إطلاق النار”، الخليج الجديد، 24/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3aPFE8d
[49] “ليبيا | محاولة اغتيال باشأغا تربك المشهد السياسي”، الأخبار، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/37FydhR
[50] “قادة السلاح: معضلة السلطة الجديدة في ليبيا”، العربى الجديد، 18/2/2021، الرابط: https://bit.ly/37FghUI
[51] “الجزائر: تبون يحلّ البرلمان ويصدر عفوًا عن معتقلين من الحراك”، D& W، 18/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/9Uu9b
[52] عثمان لحياني، “قرار حل البرلمان والانتخابات المسبقة في الجزائر: الرابحون والخاسرون”، العربي الجديد، 19/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/oHu4G
[53] محمد علال، مرجع سبق ذكره.
[54] صراع المناصب داخل المؤسسات العراقية: مساع صدرية لتفكيك “دولة المالكي، العربي الجديد، 23/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3uHnaP6
[55] العراق: المالكي يسوّق نفسه لرئاسة الحكومة المقبلة… والصدر عائقه الأبرز، العربي الجديد، 30/1/2021، الرابط: https://bit.ly/3uHnaP6
[56] ما تأثير ضربة بايدن في سوريا على أوضاع المنطقة والخليج؟، الخليج اونلاين، الرابط: http://bit.ly/2MxnAqh
[57] لماذا لم تصنف الحكومة اليمنية الحوثيين “منظمة إرهابية”؟، الخليج اونلاين، 15/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3aZvK40
[58] أمراء الحرب، كارنيغي، 22/2/2021، الرابط: https://bit.ly/38c1VM3
[59] صهيب محمود، “الانتخابات الصومالية 2021: تداعيات التأجيل ورهاناته”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 16/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/0pTFK
[60] الشافعي أبتدون، “انتخابات الرئاسة الصومالية معطلة”، العربي الجديد، 8/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/Z2J3J
[61] قاسم سهل، “الانتخابات التشريعية والرئاسية.. ما السيناريوهات المتوقعة بعد فشل الاجتماع التشاوري الصومالي؟”، الجزيرة نت، 7/2/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/dVxsU