الموقف المصري من سيطرة قوات الدعم السريع علي الفاشر: المحددات والأبعاد

أعلنت ميليشيا “الدعم السريع” التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) سيطرتها على مدينة الفاشر السودانية، عاصمة ولاية شمال دارفور، في 26 أكتوبر 2025، بعد معارك قاسية انتهت بالاستيلاء على مقر الفرقة السادسة، باعتباره آخر معقل للجيش في الفاشر، وهو ما يعني سيطرة الميليشيا على ولاية دارفور بأقاليمها الخمسة1. برر رئيس “مجلس السيادة” عبد الفتاح البرهان، انسحاب الجيش السوداني من آخر معاقله في مدينة الفاشر بأن القرار اتخذ لحماية المدنيين وتجنيب المدينة مزيدًا من الخسائر البشرية والمادية، رغم وقوع مجازر عقب الانسحاب2. وقد أثار سقوط المدينة في يد الدعم السريع، عقب شهور من الحرب الدامية بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل 2023، مخاوف من تأثير ذلك على مصر وأمنها القومي، خاصة لو انفصلت دارفور مثل جنوب السودان وزاد تفتت السودان الأم3. فمن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربًا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور لا تزال في قبضة الجيش الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، بينها العاصمة الخرطوم4.

أولًا: محددات الموقف المصري من سيطرة قوات الدعم السريع علي الفاشر:

منذ سقوط نظام عمر البشير عام 2019، ثم الانزلاق إلى حرب مفتوحة منذ أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع، باتت المقاربة المصرية تجاه السودان محكومة بأربع دوائر رئيسية من القلق والحسابات الاستراتيجية:

1- المقاربة الأمنية: حيث تمتلك مصر حدود مشتركة مع السودان تمتد لأكثر من 1200 كيلومتر، أغلبها مناطق صحراوية مفتوحة، تجعلها ضعيفة الرقابة في كثير من الأماكن، بما يجعلها بيئة مثالية للنشاطات الإجرامية والاقتصاد غير الرسمي العابر للحدود، من تهريب السلاح والمخدرات إلى حركة العصابات المسلحة، وهذا الواقع يجعل احتمالية تسلل عناصر مسلحة أو متطرفة إلى الداخل المصري (خاصة نحو حلايب وشلاتين، وأسوان والبحر الأحمر) سيناريو واقعي وخطير، لا يقل تهديدًا عن تحديات سيناء أو ليبيا. ويتصاعد هذا الهاجس في ظل حالة التوتر السياسي والإعلامي المتنامي بين القاهرة وقوات الدعم السريع، وتبادل الاتهامات حول التدخلات والانحيازات في الحرب5.

وتخشى مصر أن يؤدي سقوط الفاشر إلى تصاعد هذه المخاطر الأمنية على حدودها الجنوبية، وبما قد يدفعها إلى التدخل المباشر في النزاع، خاصة إذا تقدمت “قوات الدعم السريع” شمالًا باتجاه الولاية الشمالية، التي لا تبعد سوى 177 كيلومترًا عن الحدود المصرية. فإذا ما ترسخت سيطرة “الدعم السريع” في هذه المنطقة، فإن جنوب مصر سيصبح في مرمى الطائرات المسيرة التي باتت تستخدمها الميليشيا6.

القلق المصري ينبع أيضًا من احتمالات تكرار سيناريو جنوب السودان، في ولاية دارفور، بعدما أصبح حميدتي يسيطر على غرب وجنوب السودان والجيش يسيطر على الشرق والشمال، ما يخلق أزمة أمنية لمصر. سقوط الفاشر يجعل من دارفور منطقة شبه مستقلة فعليًا، ويسهل تواصلها مع دول الجوار الإفريقي التي تعد وسيط بينها وبين داعمي هذه القوات في الخارج، خاصة الإمارات وتشاد وجنوب السودان، ما يعزز من انفصالها فعليًا أو بإعلان رسمي، خاصة أن هناك مشاريع لإعلان “إدارة مدنية” أو كيان ذاتي الحكم، ما قد يعيد سيناريو انفصال جنوب السودان عام 2011. مؤشرات الانفصال المحتملة، هي أن “حميدتي” شكل حكومة ومجلس رئاسي منفصل في دارفور، وأدى اليمين الدستورية في أغسطس 2025، رئيسًا للمجلس الرئاسي لحكومة “تأسيس” الموازية في فبراير 2025، ثم وضع دستور مؤقت في مارس 2025، ينص على “علمانية الدولة”. وفي مايو 2025، قرر تأسيس برلمان وحكومة. وقبل سقوط الفاشر، وصفت الحكومة السودانية في الخرطوم، في بيان أغسطس 2025، أداء حميدتي اليمين الدستورية رئيسًا لحكومة موازية بأنه “يدفع البلاد خطوة أقرب نحو تقسيم فعلي”. وعليه، فإن تفكك السودان، وفقدان الخرطوم السيطرة على دارفور، سوف يعني انهيار كامل لمفهوم الدولة العازلة جنوب مصر، ما يجبر القاهرة على التعامل مع دويلات أو ميليشيات متصارعة بدلًا من التعامل مع شريك مركزي واحد7.

2- المقاربة الاقتصادية والاجتماعية: تسببت الحرب الأهلية في السودان في نزوح ما يقرب من 12 مليون شخص، بينهم نحو 4 ملايين فروا إلى خارج البلاد. واستقبلت مصر الحصة الأكبر من هؤلاء، إذ دخل أراضيها نحو 1.5 مليون لاجئ سوداني منذ اندلاع النزاع. وانضم هؤلاء إلى ما يقرب من 3.5 مليون سوداني كانوا يقيمون في مصر قبل اندلاع الحرب، ويتمركز وجودهم في المناطق الحضرية، خصوصًا في العاصمة القاهرة والإسكندرية. ويعيش اللاجئون السودانيون جنبًا إلى جنب مع المصريين، ويتقاسمون معهم الخدمات العامة التي تعاني أصلًا من نقص التمويل والإجهاد، مثل وسائل النقل والمستشفيات والمدارس. ويضيف هذا العبء مزيدًا من الضغوط على الاقتصاد المصري والخدمات الاجتماعية التي تواجه تحديات متراكمة.

وتستضيف مصر حاليًا ما يقرب من تسعة ملايين لاجئ، ما يفرض عليها أعباء متزايدة في مجالات الغذاء والرعاية الصحية والإيواء، في وقت تواجه فيه البلاد أزمات اقتصادية خانقة، تشمل التضخم وشح المياه القادمة من نهر النيل. ولا يقتصر الأمر على اللاجئين السودانيين، إذ تستضيف مصر أيضًا ملايين اللاجئين من دول أخرى في المنطقة، مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق، ما يجعلها واحدة من أكبر الدول المضيفة للاجئين في العالم.

ومع التطورات الأخيرة في مدينة الفاشر، يتوقع أن تشهد مصر موجة نزوح جديدة، مع فرار آلاف المدنيين من الجحيم الذي تخلقه الميليشيا هناك. وتسعى القاهرة إلى توظيف هذا الواقع الإنساني للضغط على المجتمع الدولي، لا سيما أوروبا، من أجل الحصول على دعم مالي وسياسي. فالقارة العجوز ترتعد من احتمال عبور ملايين اللاجئين البحر المتوسط نحو شواطئها. ومع ذلك، فإن أي دعم دولي، مهما بلغ حجمه، سيبقى قطرة في محيط الاحتياجات المتزايدة لهؤلاء اللاجئين8.

3- المقاربة السياسية: تقوم السياسة المصرية نحو السودان علي دعم الجيش السوداني استنادًا إلي سياسة راسخة تقوم على مساندة مؤسسات الدولة في دول الجوار، ورفض التعامل مع الميليشيات والجهات غير الرسمية. وقد تجلى هذا النهج المصري في ملفات عدة، من لبنان إلى ليبيا، وحتى سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024. وترى القاهرة في الجيش السوداني السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد، وهو ما يتجلى في الاستقبال الحافل الذي يحظى به قائده، الفريق عبد الفتاح البرهان، في كل زيارة له إلى العاصمة المصرية9.

في المقابل، قبل اندلاع الحرب، لم تكن علاقة حميدتي بمصر متينة بالمعنى السياسي أو الأمني، لكنها لم تكن عدائية كذلك. فالقاهرة، التي كانت تنظر إلى المؤسسة العسكرية السودانية بوصفها شريكها الطبيعي، كانت تتحفظ على تمدد نفوذ الدعم السريع، وتتعامل مع حميدتي، باعتباره فاعلًا غير منضبط في معادلة السلطة، خاصة بعد سقوط نظام عمر البشير عام 2019. مع ذلك، أدركت مصر أن حميدتي يمثل رقمًا في معادلة القوة، وأن تجاهله يعني خسارة القدرة على التأثير في مسار الانتقال السياسي. فاستقبلت القاهرة حميدتي رسميًا في مارس 2021، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارة حملت في ظاهرها رسائل دعم للتوافق السوداني، لكنها في جوهرها كانت محاولة مصرية لاحتواء رجل بات يمتلك ذراعًا عسكرية واقتصادية مؤثرة، تمتد إلى إقليم دارفور وحتى الحدود الليبية.

وقد شكلت حادثة قاعدة مروي الجوية في إبريل ٢٠٢٣ لحظة مفصلية في علاقة حميدتي بمصر. وذلك بعد أن تم احتجاز مجموعة من المصريين المتواجدين في القاعدة العسكرية بمروي، وذلك لتدريب القوات الجوية السودانية على مقاتلات ميج ٢٩، وعلى الرغم من أن محمد حمدان دقلو قد سعى إلى امتصاص الغضب المصري بإعلان الإفراج عنهم لاحقًا “تقديرًا لمصر”، إلا أن المشهد كان صادمًا في القاهرة، حيث اعتُبر احتجاز الجنود المصريين “إهانة وطنية”. منذ تلك اللحظة، أخذت القاهرة تنظر إلى حميدتي، باعتباره خصمًا، لا يمكن التفاهم معه، فيما بدأ الأخير يتبنى خطابًا متوترًا تجاه مصر، متهِمًا إياها بدعم “الانقلاب العسكري” في السودان، ومساندة الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وبأنها “تخشى من قيام نظام ديمقراطي حقيقي في السودان”10.

ومن جانب آخر، تعتبر مصر أن الجيش السوداني يشكل حاجزًا أمام تمدد نفوذ دول إقليمية تدعم “قوات الدعم السريع” وقائدها محمد حمدان دقلو11. حيث أن هناك صراع محاور في السودان، فالولايات المتحدة والسعودية ومصر أقرب إلى الجيش، مقابل روسيا والإمارات الداعمتين أكثر لقوات الدعم السريع، هذا يجعل السودان ساحة اشتباك تنافسي دولي وإقليمي على حدود مصر، في وقت تحتاج فيه القاهرة إلى خفض مستويات التوتر الخارجي لا زيادته12. فالإمارات التي بنت علاقة استراتيجية مع حميدتي منذ مشاركته في حرب اليمن إلى جانب التحالف العربي، ظلت تراهن عليه كقائد، يمكنه حماية المصالح الاقتصادية الإماراتية في قطاع الذهب والموانئ علي البحر الأحمر، فضلًا عن كونه قادرًا على موازنة نفوذ الإسلاميين داخل الجيش السوداني. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه القاهرة، أن الدعم الإماراتي لحميدتي يشجع على استمرار الحرب، رأت أبوظبي أن موقف مصر “منحاز للبرهان”، ويعطل أي حل سياسي شامل13. ووفق تقارير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، و”ميدل إيست آي”، سوف يعني سقوط دارفور تعزيز النفوذ الإماراتي والإسرائيلي في العمق الإفريقي؛ لأن سيطرة حميدتي على دارفور قد تتيح للإمارات إقامة مناطق نفوذ جديدة على الحدود مع تشاد وإفريقيا الوسطى، مما يقلص المجال الحيوي المصري في القارة الإفريقية ويضع القاهرة في مواجهة نفوذ خليجي منافس، وربما يزيد هذا من الخلافات الصامتة بين القاهرة وأبو ظبي. كما أشارت تقارير سابقة لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، و”جيروزاليم بوست”، إلى تعاون استخباراتي غير مباشر بين إسرائيل وبعض فصائل الدعم السريع لتأمين مصالحها في البحر الأحمر14.

4- مقاربة الأمن المائي وسد النهضة: تبقى الخرطوم عنصرًا أساسيًا في معادلة الضغط المصري في مواجهة مشروع سد النهضة الإثيوبي، فالسودان كان، بصورة عامة، أقرب لموقف القاهرة في الدفاع عن حقوقهما التاريخية في مياه النيل، رغم الخلافات الإجرائية التي ظهرت خلال السنوات الماضية. لكن تقسيم السودان أو تفككه إلى سلطة مزدوجة أو متصارعة سيضعف قدرة مصر التفاوضية، ويفتح باب تمدد نفوذ أديس أبابا داخل السودان، خصوصًا مع العلاقة المتنامية بين إثيوبيا وحميدتي15. وإمكانية تكرار تجربة جنوب السودان – بعد انفصاله – الذي أصبح أقرب إلى التحالف مع إثيوبيا في ملف المياه16.

ثانيًا: أبعاد الموقف المصري من سيطرة قوات الدعم السريع علي الفاشر:

تبذل مصر جهودًا حثيثة لاحتواء التطورات الحاصلة على الساحة السودانية بعد سيطرة “قوات الدعم السريع” على مدينة الفاشر، تتمثل في:

1- الجهود السياسية: أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أن اتصالًا أجري، في 27 أكتوبر 2025، بين الوزير بدر عبد العاطي، ومسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط والمستشار الرفيع للشؤون الأفريقية، تناول تطورات الأوضاع في السودان وليبيا. وأضاف أن الجانبين أكدا على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في السودان، وعلى أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية ومؤسساتها الوطنية، بما يصون مقدرات الشعب السوداني ويحقق تطلعاته في الأمن والاستقرار17.

كما قام وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في 11 نوفمبر 2025، بزيارة إلى مدينة بورتسودان. وقالت الخارجية المصرية، في بيان، “وصل عبد العاطي إلى مدينة بورتسودان، وكان في استقباله نظيره السوداني محيي الدين سالم”. وتستهدف زيارة عبد العاطي، وفق البيان، “دعم الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات المصرية السودانية وبحث مستجدات الأزمة بالسودان، في إطار الموقف المصري الثابت الداعم لوحدته واستقراره”18. وذكرت الخارجية المصرية في بيان أن عبد العاطي شدد على “تضامن مصر الكامل مع السودان ودعم استقراره وأمنه وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية”. وأعرب عن “إدانة مصر للانتهاكات والفظائع في مدينة الفاشر”، مؤكدًا “مواصلة مصر جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان، والانخراط بصورة فاعلة في الجهود الهادفة لوقف إطلاق النار في السودان ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني سواء في الإطار الثنائي أو المحافل الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الرباعية الدولية”. وطرحت “الرباعية” في أغسطس 2025 “خريطة طريق”، دعت فيها إلى “هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر”19.

ووفقًا لتقارير إعلامية، كان مقررًا عقد لقاءات منفصلة بين بولس وقائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بمشاركة مسؤولين من مصر والإمارات، على أن يتبع ذلك لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي بحضور بولس. لكن اللقاء فشل في ظل رفض قاطع من جانب البرهان عقد أية لقاءات مباشرة مع حميدتي أو أي مسؤول إماراتي أو أي من القوى السودانية التي وصفها بالمتحالفة مع الإمارات لتدمير السودان. كما كانت هناك محاولة لعقد اللقاء، ولكن بحضور رئيس الوزراء السوداني الأسبق عبد الله حمدوك، الذي يعد الممثل المدني لقوات الدعم السريع، حيث قوبل المقترح برفض البرهان20، الذي لا يرغب في أي حضور لقوات الدعم السريع وداعميه في العملية السياسية، ويفضل الاستمرار في الحرب إلى حين هزيمة قوات حميدتي، رغم أن هذا الأمر مستحيل وفقًا لموازين القوى الحالية على الأرض21.

وتأتي زيارة عبد العاطي إلى مدينة بورتسودان، التي تعد المقر المؤقت للقيادة العامة للجيش والحكومة، في إطار أوسع من الجهود الإقليمية التي تقودها مجموعة “الرباعية” (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة) لإقرار هدنة إنسانية مؤقتة في السودان، تمتد لثلاثة أشهر، تمهيدًا لوقف شامل لإطلاق النار بين الجيش و”الدعم السريع”، يعقبه حوار سياسي بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وبينما أبدت قوات الدعم السريع استعدادها مبدئيًا لبحث المبادرة، لا يزال الجيش السوداني يطالب بضمانات واضحة بشأن انسحاب هذه القوات من المدن الكبرى وتوحيد القيادة العسكرية. ويبدو أن القاهرة تسعى، عبر زيارة عبد العاطي، إلى تقريب وجهات النظر ودفع السلطة القائمة في بورتسودان نحو تبني المبادرة، بما يتيح فتح ممرات إنسانية جديدة وإعادة تنشيط القنوات الدبلوماسية المجمدة منذ انهيار “مفاوضات جدة”22.

2- الجهود العسكرية: عقب إعلان الجيش السوداني تصديه لطائرات مسيرة تابعة لـ”قوات الدعم السريع” حاولت استهداف مدينة مروي بالولاية الشمالية شمالي البلاد، وهي الولاية التي تحدها مصر من جهة الشمال. حذر وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، من “رد فعل قوي لبلاده، حال تهديد أمنها القومي المباشر”، وقال في تصريحات متلفزة، عقب زيارته لبورتسودان، إنه “لا يمكن السماح لأي طرف تحت أي ظرف المساس بحدود بلاده”. وشدد عبد العاطي على أن “بلاده قادرة على حماية حدودها، وأمنها القومي، حال حدوث أي تهديد مباشر”، وأشار إلى أن “الجيش المصري قادر على حماية حدوده، ولا يمكن العبث بها من قبل أي طرف أيًا كان”. وجدد عبد العاطي، في حديثه الأخير، التأكيد على “دعم القاهرة لمؤسسات الدولة الوطنية السودانية بكل قوة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية السودانية”، وأشار إلى أن “الجيش الوطني هو صمام الأمان الوحيد لحفظ وحدة البلاد”، كما شدد على أن “مصر لن تسمح بوجود كيانات موازية، أو ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة”، معتبرًا أن ذلك “يعني تقسيم السودان، وهو ما لن تقبل به مصر أبدًا”23.

وعلي الرغم من استبعاد أي إمكانية لتدخل مصر بشكل مباشر في الصراع السوداني من أجل دعم الجيش السوداني –؛ لأسباب كثيرة في مقدمتها أن السودانيين أنفسهم قد لا يرحبون بهذا التدخل باعتبار أنهم أمام مشكلة داخلية، كما أن بعض القوى السياسية هناك تتحالف مع قوات الدعم السريع لديها عداءات سابقة مع مصر، وكذلك فإن حروب المليشيات في مناطق شاسعة لا تكون عادة في صالح الجيوش وتبقى حالات الكر والفر مستمرة وقد يتم استنزاف القوات24. وكانت مصر قد وقفت منذ اندلاع الحرب إلى جانب الجيش السوداني سياسيًا ودبلوماسيًا، ولكنها تجنبت الانخراط العسكري المباشر، على الرغم من الاتهامات المتكررة من قائد “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو، لها بشن غارات جوية ضد قواته لصالح الجيش السوداني25. وعوضًا عن ذلك (التدخل العسكري المباشر)، تتحرك القاهرة عسكريًا علي مسارين:

الأول؛ تطرح القاهرة العودة إلى “منبر جدة” بشأن تنفيذ الشق العسكري المرتبط بدمج عناصر الدعم السريع داخل الجيش، حيث تري القاهرة أن القوات المسلحة السودانية يمكن الضغط عليها الآن لتحقيق ذلك، مع إدراكها أن هناك صعوبات جمة لإقناع الدعم السريع بعد المكاسب التي حققها مؤخرًا، لكن القاهرة سوف تعمل مع الأطراف القريبة من قوات حميدتي لإنجاح هذا المسار26.

الثاني؛ تقوم القاهرة بإجراء اتصالات مع تركيا وإيران لتنسيق الجهود الرامية لدعم الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع، لمنع اختلال موازين القوى في المنطقة. ووفقًا لتقارير إعلامية، فإنه جرى تعزيز قوات الجيش السوداني بأسلحة نوعية من جانب تركيا وإيران، حيث تم تزويدها بأسلحة دفاعية تحد من تأثير الطائرات المسيرة التي تعتمد عليها “الدعم السريع” بكثافة27.

3- الجهود الإنسانية: تعزز القاهرة جهودها الإنسانية لتقديم الدعم والإغاثة للمتضررين، وتعمل على تنسيق المساعدات عبر المنافذ الحدودية، بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية28.

ختامًا؛ يبدو أن خيارات مصر الاستراتيجية للحد من الخطر القادم من السودان تتمثل في دعم وحدة السودان دبلوماسيًا عبر الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والرباعية الدولية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، ودعم الجيش السوداني والحكومة المركزية في الخرطوم لتفادي انفصال دارفور، والسعي لإقناع الإمارات بضرورة دمج ميليشا الدعم السريع داخل الجيش السوداني29.

1 “السودان: قوات الدعم السريع تعلن السيطرة على الفاشر آخر مدينة تحت سلطة الجيش في إقليم دارفور”، فرانس24، 26/10/2025، الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/20251026-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D8%B1

2 “البرهان يقر بـ«انسحاب» الجيش السوداني من الفاشر”، الشرق الأوسط، 27/10/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5202145-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D9%82%D8%B1-%D8%A8%D9%80%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D8%B1

3 “سقوط مدينة الفاشر في يد ميليشيات الدعم السريع وأثره على الأمن القومي المصري”، مركز الدراسات المستقبلية، 28/10/2025، الرابط: https://future-studies-forum.com/the-fall-of-el-fasher/

4 “وزير خارجية مصر يصل بورتسودان وسط أزمة متصاعدة بالفاشر”، الجزيرة نت، 11/11/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/11/11/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%AA%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9

5 “الفاشر تغيّر معادلات الصراع: لماذا لم يعد بإمكان القاهرة الاكتفاء بالحياد؟”، نون بوست، 6/11/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/341410/

6 “سيطرة “الدعم السريع” على دارفور تضيّق خيارات مصر في السودان”، المجلة، 2/11/2025، الرابط: https://www.majalla.com/node/328082/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%81%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%B6%D9%8A%D9%91%D9%82-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86

7 “سقوط مدينة الفاشر في يد ميليشيات الدعم السريع وأثره على الأمن القومي المصري”، مرجع سابق.

8 “سيطرة “الدعم السريع” على دارفور تضيّق خيارات مصر في السودان”، مرجع سابق.

9 المرجع السابق.

10 “حميدتي ومصر.. تحولات علاقة مؤثرة محليا وإقليميا”، مصر360، 25/10/2025، الرابط: https://masr360.net/2025/10/25/%d8%ad%d9%85%d9%8a%d8%af%d8%aa%d9%8a-%d9%88%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%aa%d8%b1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d9%85%d9%8a%d8%af%d8%aa%d9%8a-%d9%88%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b5/

11 “سيطرة “الدعم السريع” على دارفور تضيّق خيارات مصر في السودان”، مرجع سابق.

12 “الفاشر تغيّر معادلات الصراع: لماذا لم يعد بإمكان القاهرة الاكتفاء بالحياد؟”، مرجع سابق.

13 “حميدتي ومصر.. تحولات علاقة مؤثرة محليا وإقليميا”، مرجع سابق.

14 “سقوط مدينة الفاشر في يد ميليشيات الدعم السريع وأثره على الأمن القومي المصري”، مرجع سابق.

15 “الفاشر تغيّر معادلات الصراع: لماذا لم يعد بإمكان القاهرة الاكتفاء بالحياد؟”، مرجع سابق.

16 “سقوط مدينة الفاشر في يد ميليشيات الدعم السريع وأثره على الأمن القومي المصري”، مرجع سابق.

17 ” اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا”، موقع وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، 27/10/2025، الرابط: https://www.mfa.gov.eg/ar/Ministers/Details/MinisterActivities/3387

18 “وزير خارجية مصر يصل بورتسودان وسط أزمة متصاعدة بالفاشر”، الجزيرة نت، 11/11/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/11/11/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%AA%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9

19 “مصر تشدد على أهمية تنفيذ «بيان الرباعية» وتحقيق هدنة إنسانية بالسودان”، الشرق الأوسط، 15/11/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5209119-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B4%D8%AF%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D9%87%D8%AF%D9%86%D8%A9-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

20 “تحركات مصرية على صعيد الأزمة السودانية.. والبرهان يرفض لقاء حميدتي وحمدوك في القاهرة بحضور كبير مستشاري ترامب”، العربي الجديد، 31/10/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

21 ” مخاوف مصرية من التقسيم بعد سقوط الفاشر.. القاهرة تصر على الحلول الدبلوماسية دون تدخل عسكري، وهذه خياراتها لمواجهة الأزمة”، عربي بوست، 2/11/2025، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d8%a7%d8%b5%d8%a9/2025/11/02/%d9%85%d8%ae%d8%a7%d9%88%d9%81-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%b3%d9%8a%d9%85-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%b4%d8%b1/

22 “عبد العاطي في بورتسودان… هدنة الأشهر الثلاثة أولاً”، العربي الجديد، 12/11/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%AA%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%87%D8%AF%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8B

23 “مسيّرات «الدعم السريع» تقترب من الحدود المصرية وتنذر بتوترات”، الشرق الأوسط، 13/11/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5208483-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D9%91%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%AA%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D9%86%D8%B0%D8%B1-%D8%A8%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA

24 ” مخاوف مصرية من التقسيم بعد سقوط الفاشر.. القاهرة تصر على الحلول الدبلوماسية دون تدخل عسكري، وهذه خياراتها لمواجهة الأزمة”، مرجع سابق.

25 “سيطرة “الدعم السريع” على دارفور تضيّق خيارات مصر في السودان”، مرجع سابق.

26 ” مخاوف مصرية من التقسيم بعد سقوط الفاشر.. القاهرة تصر على الحلول الدبلوماسية دون تدخل عسكري، وهذه خياراتها لمواجهة الأزمة”، مرجع سابق.

27 “تحركات مصرية على صعيد الأزمة السودانية.. والبرهان يرفض لقاء حميدتي وحمدوك في القاهرة بحضور كبير مستشاري ترامب”، العربي الجديد، 31/10/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

28 ” مخاوف مصرية من التقسيم بعد سقوط الفاشر.. القاهرة تصر على الحلول الدبلوماسية دون تدخل عسكري، وهذه خياراتها لمواجهة الأزمة”، مرجع سابق.

29 “سقوط مدينة الفاشر في يد ميليشيات الدعم السريع وأثره على الأمن القومي المصري”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022