الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

 

 

نشأة الصوفية أولا بمدينتي البصرة والكوفة العراقيتين. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “أن أول من عرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي سنة (150هـ)”، وقد بلغ التصوف ذروته في نهاية القرن الثالث، وواصلت الصوفية انتشارها في بلاد فارس ثم العراق ومصر والمغرب، وظهرت من خلالها الطرق الصوفية.

وقد تميز عباد البصرة والكوفة آنذاك بالمبالغة في التعبد، وظهرت فيهم مظاهر جديدة لم تكن مألوفة من قبل، فكان منهم من يسقط مغشيا عليه عند سماع القرآن، ومنهم من يخر ميتا؛ فافترق الناس إزاء هذه الظاهرة بين منكر ومادح، وكان من المنكرين عليهم جمع من الصحابة كأسماء بنت أبي بكر وعبدالله بن الزبير رضي الله عنهم، إذ لم تكن تلك المظاهر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وهم الأعظم خوفا والأشد وجلا من الله سبحانه.

ويرى الإمام ابن تيمية أن حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من ضبط نفوسهم عند سماع القرآن أكمل من حال من جاء بعدهم، ولكنه – رحمه الله – لا يذهب إلى الإنكار على من ظهر منه شيء من ذلك إذا كان لا يستطيع دفعه، فقال رحمه الله تعالى: “والذي عليه جمهور العلماء أن الواحد من هؤلاء إذا كان مغلوبا عليه لم ينكر عليه، وإن كان حال الثابت أكمل منه”.

امتاز منهج الصوفية المتقدمين في الجملة بالتعويل على الكتاب والسنة، واعتبارهما مصدري التلقي والاستدلال الوحيدين، ويروى عنهم نصوص كثيرة في ذلك، فمن ذلك ما قاله أبو القاسم الجنيد: “مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة”. وقال أيضا: “علمنا منوط بالكتاب والسنة.. من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به”. وقال أبو سليمان الداراني: “ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة”. وقال سهل بن عبدالله التستري: “مذهبنا مبني على ثلاثة أصول: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال”.

وفي مجال الاعتقاد، فقد بدأت الصوفية كمجموعة من الناس اتخذوا الزهد شعارا وتصفية القلوب دثارا مع صحة الاعتقاد وسلامة العمل في الجملة إلى أن دخل تحت مسمى الصوفية فرق وطوائف متعددة، لم يكن الجامع بينها إلا التحلي بالزهد والاهتمام بأحوال القلوب سواء أكان على وجه الصدق أم كان على وجه الادعاء والتظاهر أمام الخلق. وتفرقت بهم السبل في مجال الاعتقاد، ولا سيما بين جيل الصوفية الأوائل من أمثال إبراهيم بن أدهم، والجنيد، وبشر الحافي، وبين المتأخرين من أمثال الحلاج وابن عربي والفارابي وابن سبعين وغيرهم، وعليه فمن الخطأ بمكان إطلاق الأحكام التعميمية على الصوفية بعامة، لاتحادهم في الاسم مع اختلافهم الجوهري في كثير من العقائد والأفكار، فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما يقول الأصوليون.

من أهم الانحرافات التي تواجه الباحث عندما يقرأ أي كتاب من كتب التراث الصوفي هو اعتمادهم الكلي على الخوارق، واهتمامهم في مناهجهم على المبالغة في نشر خوارق الشيوخ، وتركيزهم على اختلاق قصص خيالية، وأساطير كثيرة بالية ليرفعوا بها ما للشيوخ والأولياء من مكانة ومنزلة في نفوس الأتباع، ويحملوهم على الإذعان لهم وتقديسهم وتعظيمهم لدرجة العبادة، فكان من نتائج هذا الاهتمام أن حملوا شيوخهم على طرق كل باب بحثاً عن الخوارق، لعلمهم أن الصوفي كل ما كان أكثر خوارق وأشد اتصافاً بالمدهشات كان أعظم عند الناس في باب الولاية والقرب.[[1]]

وقد أخذ الأصوليون على الصوفية المتأخرين بعض الأفكار والمعتقدات التي تخالف العقيدة الإسلامية منها القول بالحلول ومعناه عند بعض المتآخرين منهم أن الله حالّ في مخلوقاته فلا انفصال بين الخالق والمخلوق وليس في الوجود إلا الله وهو ما يسمى بوحدة الوجود. وهي بدعة نقلها بعض المتآخرين منهم عن عقائد الهنود ويراها بعض الأصوليين بدعة كفرية تخالف عقائد الإسلام. وهناك أيضا الغلو في النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصالحين منهم، حيث يعتقد الغالون منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون، وأن الخلق ما خلق إلا لأجله ومن نوره، ويقل منسوب الغلو عند بعضهم فيرى أن النبي صلى الله عليه وسلم بشراً رسولا، إلا أنهم يستغيثون به طالبين المدد والعون ولا يستغاث إلا بالله جل جلاله كاشف الضر ورافعه. وهو ما يخالف نهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن الغلو قائلا: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين»، وقال أيضاً: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم ، فإنما أنا عبد ، فقولوا عبدالله ورسوله». رواه البخاري. ومن أوجه الغلو عند الصوفية كذلك الغلو في صالحيهم، حتى وجد في بعضهم من يعبد شيخه فيسجد له ويدعوه، وربما قال بعضهم كل رزق لا يرزقنيه شيخي فلا أريده ونحو هذه الأقوال، وربما غلا بعضهم في نفسه واغتر بها، حتى روي عن بعضهم قوله: “خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله”، ويلقبون قادتهم ومعلميهم بالأقطاب والأوتاد، ويجعلون لهم تصريف الكون أرضه وسماءه، في منطق يجمع بين الجهل والسخف وقلة العقل والدين.[[2]]

ويعزو مؤرخون إلى أبو سعيد محمد أحمد الميهي الصوفي الإيراني (430هـ) باعتباره أول  من وضع «هيكل تنظيمي» للطرق الصوفية بجعله متسلسلاً عن طريق الوراثة، وإذا كان القرن الثالث الهجري  هو ذروة الانتشار الصوفي فإن القرن السادس الهجري يمثل البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها، حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني (561هـ). كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس الرفاعي (540هـ)، وفي القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي أحد رؤوس الصوفية (638هـ)، واستمرت الصوفية بعد ذلك في القرون التالية إذ انتشرت الفوضى واختلط الأمر على الصوفية لاختلاط أفكار المدارس الصوفية وبدأت مرحلة الدراويش.

 

الصوفية في مصر

تؤرخ العديد من الكتابات لبداية نشأة الصوفية ودخولها مصر إلى العهد الفاطمي؛ لما كان للدولة الفاطمية من اهتمامات بسير النبي وأهل بيته والعمل على نشر التشيع في مصر، فعمدوا نحو بناء الأضرحة والمقامات لبعض من تعتبرهم من  أولياء الله الصالحين. حتى جاء الأيوبيون وجمدوا كل أشكال التشيع لكنهم لم يتمكنوا مطلقا من وقف التأثير الكبير الذي أحدثه الفاطميون في مصر فيما يتعلق بالمقامات والأضرحة والتمسح بها والتوسل بالموتى، وهي مشاهد فيها الكثير من البدع والضلالات التي خرجت عن المنهج الصوفي  الصحيح الذي شيده علماء كبار كان لهم باع كبير في العلم والزهد والتصوف والجهاد ضد الطغاة والغزاة والمحتلين.

وفي مصر نشأت عدة طرق صوفية من أشهرها الطريقة الشاذلية التي تنسب إلى أبي الحسن الهذلي الشاذلي نسبة إلى شاذلة ببلاد المغرب، قال الإمام الذهبي في ترجمته في العبر: ” الشاذلي: أبو الحسن علي بن عبدالله بن عبدالجبار المغربي، الزاهد، شيخ الطائفة الشاذلية، سكن الإسكندرية وله عبارات في التصوف توهم، ويتكلف له في الاعتذار عنها، وعنه أخذ أبو العباس المرسي، توفي الشاذلي بصحراء عيذاب في أوائل ذي القعدة 656هـ ” وتنتشر “الشاذلية” في كل من مصر وبلاد الشام، ويشتهرون بالذكر المفرد “الله، الله، الله” أو المضمر ” هو هو ” ولهم ورد يسمى الحزب الشاذلي.

وهناك أيضا الطريقة البدوية والتي تنسب إلى أحمد البدوي (634هـ) ولد بفاس، حج ورحل إلى العراق، واستقر في طنطا حتى وفاته، له فيها ضريح مقصود، حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنوياً يمارس فيه الكثير من البدع والخرافات. وهناك الطريقة الدسوقية التي تنسب إلى إبراهيم الدسوقي (676هـ)، المدفون بمدينة دسوق في مصر، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون.

 

التوظيف السياسي للصوفية في مصر

الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

وفي دراسة نشرها مركز الأبحاث الروسي «كاتيخون» يناقش الباحث والخبير في شؤون الحركات الإسلامية «محمد مختار قنديل» مسألة علاقة الطرق الصوفية بالسياسة وأنظمة الحكم في مصر، متتبعًا مسار الحركة الصوفية منذ نشأتها في عهد الفاطميين وحتى اليوم. موضحا أن التقنين الفعلي للطرق الصوفية في مصر في عهد «محمد علي باشا» في العام 1812م بإصداره فرمانًا من شأنه وضع الطرق الصوفية تحت لواء «سلطان شيخ السجادة البكرية» والتي تعد المرة الأولى لخضوع تلك الطرق لسلطة مركزية. واليوم يوجد في مصر نحو 74-77 طريقة صوفية، تتفرع من ست طرق رئيسية هي «الدسوقية، الشاذلية، الرفاعية، البدوية، العزمية، القادرية»، وتنظم تلك الطرق تحت لواء ثلاث مؤسسات هي «المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الإتحاد العام لتجمع آل البيت، نقابة الأشراف».[[3]]

بعد إخضاع الصوفية للسلطة في عهد محمد علي، تنكبت هذه الطرق سبيل الصوفية العظماء الذين ملأوا الأرض علما وزهدا وجهادا ضد الغزاة والمحتلين وحتى ضد الطاغين من الحكام. ورغم أن الصوفية في الأصل هي طريق لرقي الروح بعيدا عن ملذات الدنيا وشهواتها إلا أن انغماس الصوفية الحديثة في السياسة بات نهجا أساسيا تقره السلطة وتشجعه وتحرض عليه وتعمل على توظيف الصوفية لخدمة أجندة السلطة وإضفاء شيء من القداسة والحصانة الدينية على ممارساتها  حتى لو كانت تناقص أحكام الإسلام ومبادئه.

وتشير العديد من الأدبيات إلى وجود دور سياسي للطرق الصوفية في مصر، فعلى سبيل المثال في العصر الحديث كان للصوفيين دور في ثورة 1919م؛ فلم يشاركوا فيها وفي جهادها ونضالها ضد المحتل، بل وقف الصوفية بين موقفين، إما السلبية المطلقة وكأن الأمر لا يعنيهم ما داموا تحت الحماية البريطانية. وإما الدعم للاحتلال وتجميع توقيعات تؤيد بقاء المحتل الإنجليزي في مصر على يد «محمد إبراهيم الجمل» شيخ «السادة السمانية» آنذاك. ؛ فقد توطؤ الصوفيون مع الاحتلال الإنجليزي حتى سمح لهم بإقامة الزوايا والتكايا وحماية احتفالاتهم، وعمل الاحتلال على نشر هذا  الشكل من التدين الزائف الذي ينافق الحاكم المتغلب ولو كان كافرا، ويبدي مطاوعة كبيرة لأي سلطة غالبة حتى لو كانت ظالمة.

وفي عهد الطاغية عبدالناصر، جرى توظيف الصوفية لملء الفراغ الذي شهدته الساحة الدينية بعد عمليات الاضطهاد الواسعة للإخوان المسلمين، وفي زخم عمليات الانتقام والتنكيل بالإخوان، أصدر عبدالناصر قرارا بتعيين الشيخ «محمد محمود علوان» شيخًا للطرق الصوفية، بدلا من شخ الطرق المنتخب (أحمد الصاوي) وفق لائحة المجلس الصوفي الأعلى عام 1903م، وتلك تعتبر سابقة أولى في تعيين السلطة لشيخ الطرق دون اعتراض يذكر من جانب الصوفية. وتحت لافتة “الإصلاح” أخضع عبدالناصر الطرق الصوفية لسلطته وحولها إلى أداة بيده يوظفها لخدمة أطماعه وأجندته كما يشاء. كما عمل «عبد الناصر» على استغلال الطرق الصوفية في تدعيم الوحدة ما بين مصر وسوريا وذلك بالإيعاز إلى «أحمد الجنيدي» شيخ الطريقة «الجنيدية» بإنشاء فرع للطريقة في سوريا لتكون ظهيرًا شعبيًا للوحدة في الداخل السوري، كل هذا في مقابل عضوية بالبرلمان المصري لبعض مشايخ الطرق الصوفية.

عهد السادات لم يختلف كثيرًا في كونه أخضع الطرق الصوفية لقانون رقم 118 لسنة 1976، والذي قنن وضع الطرق الصوفية بصورة أكثر دقة وخلق نوعًا من أنواع التحالف الإستراتيجية بينها وبين النظام من خلال تشكيل المجلس الأعلى للطرق الصوفية والذي يعين رئيسه بقرار من رئيس الجمهورية. فأيدوا السادات الذي كان يحرص على حضور احتفالاتهم، وأصدر لهم مجلة “التصوف” عام 1979 كما ناصر معظمهم اتفاقية “كامب ديفيد” المشبوهة رغم الإجماع الوطني المصري والعربي والإسلامي على رفضها. وسمح لعدد من شيوخ الأزهر والطرق الصوفية الطواف على كتائب ووحدات الجيش في أعقاب عزيمة يونيو 1967م، وكان للطريقة «المحمدية الشاذلية» دور هام في ذلك؛ مما دفع الرئيس السادات لتكريم الشيخ «زكي إبراهيم» رئيس الطريقة «المحمدية الشاذلية» ومنحه وسام «الامتياز الذهبي».

عهد مبارك في بدايته لم يختلف كثيرًا عن عهد السادات في التعامل مع الصوفيين واستخدامهم كغطاء ديني للنظام، ولكن قبيل انطلاق ثورة يناير بأشهر حدث صدام ما بين نظام مبارك والصوفيين جراء تعيين «مبارك» لـ الشيخ «عبد الهادي القصبي» رئيسًا للمجلس الأعلى للطرق الصوفية نظرًا لكونه أحد أعضاء الحزب الوطني، الأمر الذي أغضب مشايخ الطرق الصوفية واعتبروه تدخلاً سافرًا وانتهاكًا للأعراف والتقاليد الصوفية وعبروا عن هذا بتهديد الشيخ «أبو العزايم» بالترشح ضد «أحمد فتحي سرور» رئيس مجلس الشعب في انتخابات 2010 عن دائرة السيدة زينب.

وخلال ثورة 25 يناير 2011م وقف الصوفية إلى جانب السلطة باعتبارهم أداة من أدواتها، وبرر «محمد الشهاوي» شيخ الطريقة الشهاوية هذا الموقف بمبدأ «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، دون النظر إلى أمرين:  الأول أن المقصود بأولى الأمر ليس الحكام وفق تفسيرات معظم علماء   السلف بل هم العلماء والحكام وأهل الرأي  والمشورة. الثاني أن الصوفية يتجاهلون أن طاعة الحكام مرهونة بطاعتهم لله، فليس لهم طاعة منفصلة كما ذكر الشيخ الشعراوي في تفسيره؛ فلم يقل الله “وأطيعوا أولى الأمر منكم”.

وفي أعقاب الإطاحة  بمبارك، اتجهت الطرق الصوفية إلى العمل السياسي وتكوين أحزاب خاصة بها، على رأسها حزب «التحرير»، و”النصر” و”نهضة مصر” لكنهم عجزوا عن المنافسة المؤثرة، ولم يحصلوا على شيء في البرلمان.  وعلى الرغم من المنحى الديني الظاهر في الطرق الصوفية إلا أنهم كانوا الأشد معاداة للإخوان والسلفيين، ووقفوا بجانب العلمانيين ضدهم. كما جاء على لسان «إسماعيل توفيق» أحد مشايخ الطرق الصوفية بأن «أصوات المتصوفة في الانتخابات البرلمانية (2011/2012) لن تذهب لأي مرشح ينتمي للتيار السلفي أو الإخواني أو الجماعة الإسلامية»، وحظيت “الكتلة المصرية” بأصوات الصوفية وهي تحالف يساري علماني كان يدعمه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس.

ودعم الصوفية انقلاب الجنرال عبدالفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، كما حرض بعضهم على قتل المعتصمين في ميدان رابعة كما فعل علي جمعة في تحريضه السافر لضباط الجيش والشرطة “طوبى لمن قتلهم وقتلوه، من قتلهم دخل الجنة” وتصريحه الآخر “دي ناس نتنة لا يستحقون مصريتنا”! واعتبر سعد الدين الهلالي السيسي ومحمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق رسولين من عند الله كما أرسل الله موسى وهارون! وفي مسرحية الرئاسة 2014، أعلن الصوفيون دعمم المطلق للسيسي وفقًا لتصريح «زين العابدين فهمي سلامة» خليفة خلفاء الطرق الرفاعية المنيا الذي قال نصًا «السيسى محب للطرق الصوفية لأنه صوفي الأصل». وبعد اغتصابه للسلطة بشكل مطلق ورغم المظالم الواسعة والدماء  الحرام التي استرخصها السيسي توجه بعض الصوفية للقول بأن «نبي الإسلام محمد راضٍ عن السيسي» كما جاء على لسان رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية الشيخ «علاء أبو العزائم». ولم يكتف الأمر أيضًا على التصريحات بل نظمت الطرق الصوفية ممثلة في الاتحاد العالمي للطرق الصوفية بالتعاون مع وزارة الأوقاف بإطلاق ملتقى «التصوف ضد التطرف» في شهر يونيو/حزيران من العام 2015 عقب دعوة «السيسي» لتجديد الخطاب الديني.[[4]]  وأفتى شيخ الطريقة العزمية محمد أبو العزايم، شخ الطرق الصوفية، بتكفير الملايين من المصريين المشاركين في مظاهرات رفض الانقلاب العسكري في مداخلة على قناة “التحرير” في يناير 2014م، مدعيا أنهم “ليسوا مصريين وليسوا مسلمين”.[[5]]

 

دعم النظام للصوفية

الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

أولا، في إطار توجه النظام إزاء دعم المحسوبين على التيار الصوفي، كان محمود الشريف يشغل منصب الرجل الثاني في مجلس النواب السابق (وكيل المجلس)، وهو من أوائل الذين عينوا في المجلس الأعلى لنقابة السادة الأشراف، حتى صدر قرار جمهوري بتعيينه نقيباً للأشراف، في ديسمبر/ كانون الأول 2008، في حين يرأس ائتلاف الأغلبية النائب عبد الهادي القصبي، الذي يشغل منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر.

ثانيا، كانت تقارير إعلامية كشفت في مايو 2019م أن “دائرة السيسي، التي يقودها رئيس الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، أصدرت تعليمات إلى مؤسسات الدولة بالتوسع في نشر الأفكار الصوفية وتوطينها وترسيخها، بدلاً من الأفكار التي كان يدعو لها التيار الإسلامي السياسي، ممثلاً في جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية، وحتى الدعوة السلفية، وحزب النور ذراعها السياسية الموالية للنظام، الذي كان يملك 11 نائباً في البرلمان دورة 2016/2021م”.

ثالثا، لا يتوقف دور النظام المصري عند دعم الطرق الصوفية وإفساح المجال أمامها من أجل الانتشار والتوغل في المجتمع المصري في الوقت الذي تمارس حرب استئصال ضد جماعة الإخوان المسلمين التي حظيت بأصوات المصريين في أنزه انتخابات شهدتها مصر في تاريخها كله، كذلك التضييق على التيار السلفي التقليدي كما جرى في شهادة محمد حسين يعقوب مؤخرا بل يمتد دور النظام إلى الترويج للفهم الصوفي للإسلام كتأويل وحيد ومعتمد للإسلام تسعى السلطات إلى الدعاية له وتسويقه بين الناس.  ويتم حاليا تخصيص برامج معينة للدعاية للطرق الصوفية وتفسيراتها حول الإسلام باعتباره الإسلام المعتمد من الدولة ويلقى ترحيبا بين أجهزتها، كما فعل الشيخ أسامة الأزهري، مستشار السيسي للشؤون الدينية بفضائية “dmc”، المملوكة لجهاز المخابرات يوم 10 حزيران/ يونيو 2021، ليثير الجدل بحديثه عن الفكر الصوفي، محاولا جذب المصريين له بطرح فكرة الحسابات والأرقام في الذكر وارتباطها بأسماء الله الحسنى والقرآن الكريم، والحديث عن الإذن بالذكر كعادة ما يحدث من أقطاب الصوفية لأتباعهم.

رابعا، يمتد الترويج إلى إنتاج أعمال سينمائية تمجد في الصوفية وأصحاب المقامات والأضرحة، حيث تم طرح فيلم “صاحب المقام” لإبراهيم عيسى في أغسطس 2020م  والذي قام ببطولته آسر ياسين ويسرا وغيرهم والذي أثار الجدل بسبب دعايته الفجة للصوفية باعتبارها الإسلام الصحيح الذي يجب اتباعه.  وجاءت قصة إبراهيم عيسى، داعية الجميع لأن يكونوا من مرتادي الأضرحة الماسحين على شبابيك الأولياء والإيمان بكراماتهم وقدراتهم الخفية والزعم بأنهم الوسطاء الشافعون عند الخالق، ومن يؤمن بغير ذلك يتعرض لغضبهم.[[6]]

 

جنود السلطة على الدوام

هذه المحطات التاريخية تبرهن على أن الصوفية في معظمهم هم مجرد بيادق في يد السلطة وأداة من أدواتها توظفها بالكيفية التي تراها تحت إشراف مباشر من الأجهزة الأمنية لمواجهة خصوم السلطة والمعارضين لها من التيارات الإسلامية المعتدلة التي تحظى بشعبية جارفة داخل المجتمع المصري كجماعة الإخوان المسلمين.

فنشاط الحَركات الصوفية اللامباشر الخفــي، والسري أحيانـًـا، كان سِياسيًا وسَيظل سياسيًا، مَهما ادعَى الصُّوفية زُهدَهُم في السِّيَاسة وعَدم اقتحامها، لعِدةِ دَواعِ تاريخية وتراثية ودينية وثقافية، نسردُ مِن بينــهَا:

أولا، أنَّ الحَركات الصوفية تأخذ بالرأي الفقهي  القائل بعَدَم جَواز الخُروج عَلى الحاكم وإن كان ظالمًا.

ثانيا، أن الحَركات الصوفية كانت دائمـًا مُرتبطة بالنظـَام الحَاكم الذي يُوفر لها الدعم المَالي، ويُخول لها مُمَارسة المُحاضرَات حلقات الذكر والاجتمَاعَات والخلوات والشطحَات دُونَ مُضايقـَات أمنية، لأن الجهاز الأمني يَعلم مُسبقا أن نشاط الصوفية يَصبُّ فِي صَالح نظام الدَّولة. ونادرة هِي الزاويَا الصُّوفية التي تم توقيف أنشطتهَا، مثل الطريقة الصُوفية السنوسية في ليبيا، حيث ثم القضاء عليها بعد الانقلاب العَسكري الذي قام به القذافي في سَنة 1969، وذلك لأنها كانت حَركة سِياسِيَـة مستقلة كان لها بطولات كبرى ضد الاحتلال بقيادة الشيخ عمر المختار عليه رحمة الله، وكان لها آراء تقاوم السلطة الظالمة والحاكم المستبد فلم يطق القذافي وجودها وقام بحلها.

ثالثا، أن أغلبَ كتب الترَاث والفكر الصُّوفي، التي ينتقي منهَا الصوفية فكرهم وفلسفتهم، مُجانبَة للسيَّاسية، وتنحصر فقط في التربيَة الأخلاقية والصَّفاء الروحي، والمَعرفة الربانية والأقطاب وقصص الصَالحين، والأحوَال والمقامَات، والأذواق الكشفيَـة والفتوحَات الرَّبَانية، ما يجعل المسألة السياسية تختص بتوجيهات الشيخ، فالشيخ هو الوَحيد عند الصوفية الذي يمكنه إصدار أوامر لمريديه تهم السِّيَاسَة والحَاكم.. وكثيرًا مَا نجدُ شيوخ التصوف يَأمرون أتباعَهُم بالخضوع لسُلطةِ الحَاكم، وعدم توجيه أي انتقادٍ لهُ أو توصيات، ما يُعتــبرُ دعمًا سياسيًا من طرف شيخ الطريقة للنظام الحَاكم.

رابعا، تحالف الصوفيين والعلمانيين من أجل الإطاحة بالحركات الإسلامية، ولذلك دعم الصوفية “تحالف الكتلة المصرية” العلماني في انتخابات 2011م، كما دعم فتح الله غولن الصُّوفي العلمانيين الأتراك ضد الإسلاميين وكم تآمر على تركيا حتى تبقى علمانية ودبر انقلابا فاشلا في منتصف 2016 من أجل الإطاحة بحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان وهو حزب صاحب انتماء إسلامي معروف؛ فالعَلمَانيون في نظر الصُّوفيين أقرب إليهم من الإسلاميين أو السلفيين، وبالتالي فالصوفية أقرب إلى العَلمانيين مِن غيرهم.

خامسا، انحياز الصوفية باستمرار إلى السلطة تسبب في توتير العلاقة مع التيار الإسلامي المعتدل كالإخوان المسلمين رغم أن الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة كان صوفيا وفي تعريفه للجماعة في كتابه “الرسائل”وصفها بالحقيقة الصوفية. ورغم أن الجماعة على الدوام منذ نشأتها تجنبت تماما الدخول في أي صدام مع الصوفية بخلاف السلفيين الذين يرون في الصوفية الحديثة شكلا من أشكال البدع والانحرافات عن منهج أهل السنة والجماعة ، وصولا إلى تكفير بعض السلفية للصوفية الذين يتمسحون بالمقامات والمقابر والأضرحة ويتوسلون إلى غير الله.

هذا إلى جانب أسباب أخرى تأكد بما لا يدع مَجالا للشك، بأن الطرق الصوفية لا يمكن فصلهَا عَمَّا هُو سِيَاسِي، وذلك بناء على الأسباب التي ذكرناها، والتي على رأسها أن الأنظمة العَربيَّة في استغلال دائم للطرق الصُّوفية، من أجل مُجابهة الخصُوم السِّياسيين، ومُحَاربة نفوذ الحَركات الإسلامية، التي أثبتت قدرتها واستراتيجيتها الفعَّالة في استقطاب الأتباع، أكثر مما هُو الحَال عليه مَع الطرُق الصُّوفيــة”.[[7]]

 

“الإسلام الإميركاني”

الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

التدخل الأمريكي الغربي في الإسلام ومحاولة تصميم “إسلام” جديد طيع مسالم ومستسلم لا يقاوم احتلالا ولا يواجه استبدادا هم حلم قديم. فالهدف هو تكريس نسخة من الإسلام الشكلي الذي يركز على الطقوس والشعائر لكنه منزوع الدسم هو إسلام بلا جهاد في سبيل الله أو مقاومة للطغاة والغزاة،  هو إسلام خامل تابع يدور مع السلطة حيث دارت لا يلزمها بالعدل والإنصاف ولايقيم عليها الحجة إذا ما افترت على الناس وبطشت بهم. هو إسلام لا يمانع من الصلاة والصيام والحج لكنه إسلام يتخلى عن أحكام شريعته ولا يوجب فرضها على أتباعه خصوصا في المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسة الشرعية وعلاقة الأمة بالأمم والأديان الأخرى.

وعندما سافر المفكر الإسلامي سيد قطب إلى الولايات المتحدة الأميركية سنة 1949م، شاهد فرح المنصرين واحتفالهم بمقتل الأستاذ حسن البنا (1324- 1368هـ، 1906- 1949م)، ورأى نوع الإسلام الذي يسعى الأمريكيون إلى زرعه في بلاد المسلمين، وكتب عنه يقول: «إن الإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان، ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية، إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم، ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن طرد المستعمر فريضة، وأن الشيوعية وباء كالاستعمار، فكلاهما عدو، وكلاهما اعتداء».[[8]] ويضيف  قطب «الأمريكان وحلفاؤهم إذن يريدون للشرق “إسلاما أمريكانيا” يجوز أن يُستفتى في منع الحمل، ويجوز أن يُستفتى في دخول المرأة البرلمان، ويجوز أن يُتسفتى في نواقض الوضوء، ولكنه لا يُستفتى أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي، ولا يُستفتى أبدا في أوضاعنا السياسية والقومية وفيما يربطنا من صلات، فالحكم بالإسلام والتشريع بالإسلام والانتصار للإسلام لا يجوز أن يمسها قلم ولا حديث ولا استفتاء»![[9]]

اللافت في الأمر أن الذي كتبه قطب سنة 1949م أكد عليه الرئيس الأمريكي الأسبق “ريتشارد نيكسون” (1913- 1994م) في كتابه “الفرصة السانحة” عام 1988م، عندما دعا الغرب – من أمريكا إلى روسيا – إلى الاتحاد في وجه “الأصوليين المسلمين” الذين:

1-    يريدون استرجاع الحضارة الإسلامية السابقة عن طريق بعث الماضي.

2-    والذين يهدفون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.

3-    وينادون بأن الإسلام دين ودولة.

4-    وعلى الرغم من أنهم ينظرون إلى الماضي، فإنهم يتخذون منه هداية للمستقبل، فهم ليسوا محافظين، ولكنهم ثوار!.

وهو نفس الإسلام الأمريكاني الذي تحدث عنه المفكر الاستراتيجي الأمريكي “فوكوياما” أوائل عام 2002م، عندما قال: “إن الإسلام هو الحضارة الرئيسية الوحيدة في العالم التي لديها بعض المشاكل مع الحداثة الغربية، فالعالم الإسلامي يولد خلال الأعوام الأخيرة حركات أصولية لا ترفض السياسة الغربية فحسب، وإنما ترفض أيضا المبدأ الأكثر أساسية للحداثة وهو العلمانية، وإن التطور الأهم ينبغي أن يأتي من داخل الإسلام نفسه، فعلى المجتمع الإسلامي أن يقرر فيما إذا كان يريد أن يصل إلى وضع سلمي مع الحداثة، خاصة فيما يتعلق بالمبدأ الأساسي حول الدولة العلمانية؟ّ أم لا؟!”. هذا هو الإسلام الأمريكاني، الذي يريدون إحلاله محل الدين الذي جاء به رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام![[10]]

هي إذا محاولات للعبث بالإسلام من الداخل والعمل على  تفريغه من محتواه وجوهره الأصيل الذي يميزه كدين سماوي هو آخر الأديان وأكملها من الله للبشر إلى دين آخر ليس هو الإسلام الذي أنزله الله على رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ولا مانع مطلقا أن يطلقوا عليه أيضا “الإسلام” ولكنه إسلام أميركاني أو إسلام يتم تصميمه على مقاس  الغزاة والطغاة حتى يكون أداة طيعة يتم توظيفها لإخضاع الشعوب لجلاديها ومحتليها.

وفي هذا الشأن يجري التنسيق على قدم وساق بين الغزاة من الأميركان والغربيين مع الطغاة والمستبدين العرب من أجل تصميم هذا الإسلام الجديد الذي لا تربطه بالإسلام الحق إلا الاسم وبعض الطقوس الشكلية حتى تقبل به الشعوب وتظن أنه الإسلام حقا.

وفي سبيل ذلك يجري حاليا تعزيز نموذجين من التدين الإسلامي باعتبارهما الإسلام المعتمد من الغرب والطغاة العرب:

الأول، هو الصوفية.

والثاني، هو الجامية المدخلية.

أما الصوفية فلها باع طويل في خدمة السلطة والخضوع للحكام، وأما الجامية المدخلية فهي السلفية الجديدة التي تسوق لها الحكومة السعودية في العالمين العربي والإسلامي والتي تقوم على مبدأ الطاعة المطلقة والعمياء للحكام حتى وإن كانوا ظالمين أو كافرين، ولها حاليا امتدادات في السعودية والإمارات ومصر وليبيا والمغرب والجزائر والسودان واليمن وغيرها. وقد خصصنا دراسة سابقة عن الجامية المدخلية ونشأتها في تسعينات القرن الماضي داخل دهاليز وغرف المخابرات  السعودية ويمن الرجوع إليها كمرجعية في هذا الشأن.

 

الدعم الغربي للصوفية

الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

توظيف الطرق الصوفية لخدمة السلطة ملف قديم، إلا أن استعانة أنظمة سلطوية بها، اليوم، بات مطلباً غربياً، توصي به وتدعمه تقارير معاهد تؤثر في صنع القرار في عواصم بلدانها. وقد وردت فكرة الاستعانة بالطرق الصوفية وتوظيفها لمواجهة  الحركات الإسلامية المعتدلة التي يطلق عليها الغرب “الإسلام السياسي”، توصية في دراستين لمعهدين أميركي وإسرائيلي.[[11]]

في مارس/آذار 2007، نشرت مؤسسة راند دراسةً، تشخص الأزمة المعاصرة للإسلام، والمتمثلة، في نظرها، في فشله في التطور لمواكبة الثقافة العالمية، ما ساهم في إيجاد حالة من عدم الارتياح بين الطرفين. ودعت الدراسة الصادرة عن مؤسسة بحثية تابعة للقوات الجوية الأميركية إلى تشجيع الإسلام الذي يكون “أكثر تماشيا مع السلم العالمي والمجتمع الدولي، والمحبة للديمقراطية والحداثة”. ووصفت هذا النوع من الإسلام بـ”الشعبي”، أي الإسلام التقليدي الذي يمثله التقليديون. ومما أوصت به الدراسة الولايات المتحدة، والغرب عموماً، دعم الحداثيين كأولوية، وتشجيع العلمانيين، ومساندة التقليديين ودعمهم على حساب الأصوليين. وحثت صراحة على “تشجيع المذهب الحنفي مقابل المذاهب الأخرى”.

وكان مفاجئاً أن تتكرر التوصية نفسها في عز خريف “الربيع العربي”، وهذه المرة من معهد إسرائيلي، فقد نشرت وسائل إعلام عربية في مايو/أيار 2014، توصية مركز هرتسليا، وهو أهم مراكز البحث الإسرائيلية، الغرب بدعم الطرق الصوفية في العالم العربي، لمحاصرة الحركات الإسلامية المهتمة بالشأن السياسي.

وبحسب تقرير «مؤسسة راند» الأمريكية الصادر عام 2007 بعنوان «بناء شبكات مسلمة معتدلة»، فقد سعت دوائر سياسية غربية لفتح قنوات التواصل مع جماعات المتصوفة في مصر والعالم العربي، وفي العام التالي 2008 وجهت الدعوة للشيخ علاء ماضي أبو العزائم لحضور مؤتمر عن التصوف في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وقال أبو العزائم إن مشاركته في المؤتمر تسهم في إعطاء صورة صحيحة عن الإسلام والعالم العربي للأمريكيين، مرحبا بإمكانية لقاء مسئولين أمريكيين على هامش المؤتمر باعتبارها «فرصة لتصحيح الفكر الأمريكي تجاه الإسلام والمسلمين». وتعوًل الدوائر الاستشراقية الغربية على أن منظومة القيم الأخلاقية والثقافية الصوفية لا تتعارض مع مفاهيم الديمقراطية الغربية، ما يعزز فرصها في صناعة نموذج إسلام حداثي يستوعب قيم العلمانية الغربية. [[12]]

وبلغ التدخل الغربي مداه في الترويج للتصوف عندما دشنت باريس ما سمى بــ”الاتحاد العالمي للطرق الصوفية”  في أغسطس 2013م رغم أنه لم يكن أكثر من مجرد تجمع صغير من أتباع أبو العزايم في مصر ومنهم “الشيخ الشبراوي”، حيث  سافروا إلي باريس  لهذا الغرض ، علي الرغم من أن باريس لم يذكر لنا التاريخ أنها كانت قبلة في يوم من الأيام  لأحد مشايخ التصوف الأوائل ، سافروا برعاية غامضة من الحكومة الفرنسية ، رعاية طرحت العديد من الأسئلة حول الجهة التي مولت السفر والإقامة ، والجهة التي تكفلت شراء مقر لهذا الإتحاد في باريس ، ثم تأسيس مقر له في القاهرة الجديدة ، وهي مبالغ بملايين الدولارات ، لا يعرف طبيعة ولا هوية الجهة ولا الأهداف الحقيقية  وراء تأسيس هذا الكيان ”العالمي” الذي خلا من العالمية تماماً بعدما تبين أنه لم تشارك فيه ولا طريقة صوفية  واحدة  سواء من المملكة المغربية أو الجزائر أو موريتانيا أو ليبيا ، أو أي من دول إفريقيا أو أسيا ، لم يكن سوي تجمع بسيط  في باريس لعدد من أتباع أبو العزايم بمصر.[[13]]

حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية راحت تمدح في الصوفية وتسوق أنها الإسلام الصحيح المعتدل!  وقد روى الصحفي الإسرائيلي يوآف كارني، تفاصيل لقائه مسلمين من الطائفة الصوفية في الهند، ووصفهم بأنهم يمثلون “الإسلام المعتدل”. وقال إن “التطرف الإسلامي” في القرن العشرين في الشرق الأوسط وجنوب آسيا سببه بشكل مباشر ضعف الصوفيين، وفق قوله. وقال إن “الصوفية منحت الإلهام لتقبل الآخر، الأمر الذي دفع منتقديها إلى اعتبار ذلك كفرا”. وما أثار إعجاب الصحفي الإسرائيلي أن “شعراء من الصوفيين غنوا للنبيذ ولحب اللحوم. وهناك من بالغوا إلى درجة الفردية في العلاقة بين المؤمن وبين الله. الحج إلى مكة، كما قال أحد المشهورين منهم، ليس بالضرورة أن يحدث فيزيائيا. إن مكة فكرة، وليست هدفا جغرافيا”.[[14]]

وفي تفسير هذا الاهتمام الغربي بالصوفية يقول المؤرخ والباحث «دانيال بايبس» مؤسس ومدير منتدى الشرق الأوسط، «الغرب يسعى إلى مصالحة التصوف الإسلامي ودعمه؛ لكي يستطيع ملء الساحة الدينية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة، وإقصاؤه نهائيًا عن قضايا السياسة والاقتصاد». هذا هو جوهر المسألة ومحور اهتمام الغرب في الحركة الصوفية، فصل الدين عن الدولة، تقول الكاتبة «فارينا علم»، وهي من الشريحة الصوفية الموجودة في الغرب «وقد حذرت تعاليم الدين الكلاسيكية علماء الدين من التقرب الكبير من السلطة السياسية»، ففكرة الانعزال وترك ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، والنأي عن  الخوض معترك الاقتصاد والسياسة، والرهبنة والدروشة، من هنا أتى الاهتمام والدعم السخي في كل الأصعدة».

ونشرت مجلة us news and world report الأمريكية تقريرًا بعنوان «عقول وقلوب ودولارات» جاء في أحد فقراته «يعتقد الاستراتيجيون الأمريكيون بشكل متزايد أن الحركة الصوفية بأفرعها العالمية قد تكون واحدًا من أفضل الأسلحة، ولذا فإنهم يدفعون علنا باتجاه تعزيز العلاقات مع الحركة الصوفية، ومن بين البنود المقترحة استخدام المعونة الأمريكية لترميم المزارات الصوفية في الخارج والحفاظ على مخطوطاتها الكلاسيكية التي تعود للقرون الوسطى وترجمتها ودفع الحكومات لتشجيع نهضة صوفية بلادها» الطبعةالإلكترونية (25\4\2005). في 8 مايو (أيار) 2014 نشر الخبير في الشؤون الإسرائيلية «صالح النعامي» تقرير مركز «هرتسليا» أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية الذي أوصي الغرب بدعم الطرق الصوفية في العالم العربي، وأضاف أن إسرائيل تقيم علاقات وثيقة بمشايخ الطرق الصوفية في أرجاء العالم، كذلك سعي الغرب إلى تنظيم صفوف الصوفية، وبناء مؤسسات وأكاديميات ومراكز أبحاث ومدارس دينية لنشر الفكر الصوفي، وليس من الغريب أن نعلم أن اللورد كرومر: المندوب السامي البريطاني في مصر، هو من أنشأ المجلس الأعلى للطرق الصوفية هناك.[[15]]

 

الإمارات والدعاية للتصوف

الصوفية .. النشأة والتكوين والتوظيف السياسي 

حاليا تتولى الإمارات العربية المتحدة لواء الداعين لنشر التصوف في العالمين العربي والإسلامي باعتباره التأويل المعتمد من النظم والحكومات والمقبول من الغرب والأميركان في مقابل الحركات الإسلامية التي تنظر إلى الإسلام نظرة شمول باعتباره دينا ودولة ودعوة وجهاد.

وفي سبيل إيجاد “الإسلام البديل” أو تسويق “الإسلام الأميركاني”، أنشأت الإمارات في 2014 مجلسا تحت اسم “مجلس حكماء المسلمين” للوقوف في وجه “اتحاد علماء المسلمين” الذي تعتبر الإمارات بعض أعضائه إرهابيين، ولتواجه في نفس الوقت الوهابية في السعودية. ومن اللافت في “مجلس الحكماء” أن أغلبية أعضائه هم من المحسوبين على “الصوفية”، في محاولة إلى الدفع بالحركات الصوفية إلى واجهة العمل الإسلامي في المنطقة، وهو ما رأى فيه مراقبون سعيا إماراتيا لإبراز هذه الحركات وتقديمها كنموذج “معتدل” للإسلام، وذلك لأنها تتميز عن غيرها من الحركات الإسلامية بالابتعاد عن السياسية، والدوران في فلك الحكام والأنظمة.

وبحسب البيان التأسيسي لمجلس الحكماء، فإنه يقوم على عشرة مبادئ، يتمركز معظمها حول السلم والتعايش المشترك وتجنب دخول الدين في عوامل السياسية ونبذ العنف، وإعادة المفاهيم الشرعية التي انحرفت إلى معانيها الصحيحة. ومن أبرز  المشاركين فيه النائب السابق لرئيس اتحاد علماء المسلمين، عبد الله بن بيه الذي يصفه مراقبون بأنه “فقيه بقلب صوفي”، والذي ترك اتحاد علماء المسلمين لأن “سبيل الإصلاح والمصالحة يقتضي خطاباً لا يتلاءم مع موقعه في الاتحاد”، بحسب بيان أصدره قبل الانضمام لمجلس الحكماء. كما تضم قائمة المؤسسين أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي كان والده شيخ طريقة صوفية فيما اعترف الطيب أنه يتبع طريقة صوفية دون أن يسميها، مشيرا إلى أن في الأزهر عدة مشايخ لطرق صوفية مصرية. ومن أندونيسا الدكتور محمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية سابقا في إندونيسيا والمعروف بنزعته الصوفية. كما يشارك في عضوية المجلس الأمير الأردني غازي بن محمد بن طلال المعروف بنزعته الصوفية؛ ومؤلف كتاب “الحب في القرآن” والمقرب من مشايخ الصوفية المعروفين وأبرزهم الحبيب الجفري وعلى جمعة وغيرهم.[[16]]

ويخرج الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كلية “كنجز  كوليج” في لندن أندرياس كريج من مواقف الإمارات بعدة نقاط:

أولا،  أن “القلق من الإسلام السياسي وسط النخبة الحاكمة في الإمارات نابع من الاعتقاد بأن سرديات الإسلام عندما يتم دمجها بالسياسة فإنه لا يمكن للدولة أو النظام السيطرة عليها، بشكل يخلف دينامية سياسية- اجتماعية قادرة على تقويض الوضع القائم، ويعد الربيع العربي مثالا على هذا الاتجاه، وبالتالي، فإنه مع انهيار الوضع الشمولي القائم عام 2011 سارعت الإمارات في حشد القوة المالية والعسكرية لتشكيل مستقبل المنطقة ومسارها السياسي والاجتماعي”.

ثانيا، من ليبيا إلى مصر واليمن والسودان، كانت الإمارات في مقدمة الثورة المضادة، وحاولت تنصيب ودعم الأنظمة التي تستطيع احتواء المجتمع المدني، ودعمت الحكم العسكري بشكل يحصنها من جاذبية الإسلام السياسي، لكن ما كانت الإمارات بحاجة له هو سرد بديل، يستطيع (تبييض) عمليات القمع ومكافحة الإرهاب ونشر (التسامح) العلماني”. ويصل إلى أن “الصوفية، التي تعد هادئة، وتبتعد عن السياسة، ومرتبطة بقيم الإسلام، قدمت للإماراتيين ما يبحثون عنه من سرد بديل مقبول للذائقة الغربية”.

ثالثا، أبو ظبي، باعتبارها القائدة في مكافحة الإرهاب، استخدمت الصوفية وبمهارة لتقديمها على أنها (الإسلام الحقيقي) والقادرة على علاج التطرف النابع من السلفية، وفي الوقت ذاته تقديم رؤية وجودية ساذجة لمكافحة التطرف، تقوم في الأساس على البعد اللاهوتي، ما يعني بالضرورة تجاهل الأدلة العملية للعوامل السياسية والاجتماعية التي تدفع إلى التطرف، ومن أجل هذا أقامت أبو ظبي مراكز دعوية في ليبيا ومصر والإمارات، التي أوكلت لها مهمة نشر النسخة من الإسلام التي تبدو في النظرة الأولى هادئة، مع أن النظرة القريبة منها تكشف عن تسييسها واستخدامها أداة، ولا تختلف عن بقية أشكال الإسلام السياسي الأخرى”.

رابعا، يشير الباحث إلى أنه “عندما عقد عام 2016 مؤتمر غروزني، الذي مولته بشكل مشترك الإمارات ومصر، ونسقه الرئيس الشيشاني رمصان قديروف، وهو الصديق الشخصي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، دعا المشاركون فيه للعودة إلى الإسلام (الحقيقي)، الذي يرفض النشاط السياسي، فإن الرسالة كانت سياسية”.  وعندما دعا منبر الإمارات لنشر السلام في المجتمعات الإسلامية، برئاسة الشيخ عبد الله بن بية، إلى الفصل بين المسجد والدولة، كانت الرسالة سياسية أيضا، وتدعو إلى منع تسييس المجتمع المدني، وتدعو إلى طاعة الحاكم المسلم باعتبارها قيمة إسلامية”. وعندما قام تلميذ ابن بية، الشيخ الأمريكي حمزة يوسف، بتحريم الخروج على الحاكم المسلم، فإن الرسالة لم تكن صوفية بل سياسية، وعندما قام عارف النايض، الباحث في الصوفية من ليبيا، بتولي منصب سفير بلاده في الإمارات، ويدير الآن مركز أبحاث إسلامية في أبو ظبي اسمه (كلام)، واعتبار الثوريين الإسلاميين في ليبيا إرهابيين، فإن الرسالة كانت سياسية أيضا”. وينتهي كريج إلى أن “الصوفية التي استخدمت أداة إماراتية ونشرت عبر المراكز الدعوية والمؤتمرات والباحثين، أصبحت تقدم المبرر الأخلاقي لقمع المعارضة السياسية والمجتمع المدني، ومنحت بالضرورة أساسا عقديا للموازنة الأخلاقية بين الإسلامية والإرهاب، وهما عنصران مهمان في استراتيجية التواصل التي تنتهجها أبو ظبي في المنطقة”.

الخلاصة أن الطرق الصوفية حظيت بفرصة كبيرة، وتمت المراهنة عليها بعد تراجع دور الحركات الإسلامية في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، إلا أنها حتى اللحظة لم تستطع أن تشغل حيزا على المستوى المجتمعي فضلا عن السياسي كما كانت تشغله الحركات الإسلامية كالإخوان والجماعة الإسلامية والحركات السلفية المعارضة للنظام، وهناك شبه إجماع على محدودية الدور السياسي والاجتماعي للطرق الصوفية.

وبحسب دراسة أجراها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام خلال الأعوام الأخيرة، يشير مصطفى خضري مدير المركز إلى أن عدة خلاصات مهمة أبرزها أن أبناء الطرق الصوفية ناشطون اجتماعيا خاملون سياسيا، حيث يفضل أكثرهم النأي بنفسه عن السياسة وصراعاتها.  يبرهن على ذلك أن نسب مشاركة أبناء الطرق الصوفية في الفعاليات الانتخابية التي رصدها المركز تؤكد ذلك، حيث كانت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانية 2011 ووصلت إلى 21% من المنتمين للطرق الصوفية، بينما بلغت أقل نسبة 3.5% وكانت في انتخابات 2014 الرئاسية.

هذه الخلاصة تكشف بوضوح أن مستقل الطرق الصوفية مرهون بمستقبل النظام الذي يسعى إلى نشر النموذج الصوفي المنشغل بالخزعبلات والخرافات؛ لأنه يساهم بتغييب الناس بعدم نقمتهم على الواقع بدعوى أن لنا الآخرة وننشغل بالذكر كنوع من أنواع التخدير الذي أشار إليه كارس ماركس عندما اعتبر أن “الدين هو أفيون الشعوب”. وبالتالي فالنظام يريد فعلا تصميم إسلام جديد قائم على التأويلات الصوفية وشطحاتها ليكون شكلا من أشكال التخدير للشعب فلا يثور أو يطالب بحقوقه المشروعة؛ لأن الصوفية الحديثة تقوم على الولاء للنظم والطاعة المطلقة والعمياء للسلطة وهم في ذلك يشتركون مع الجامية المدخلية التي أسستها المخابرات السعودية في تسعينات القرن الماضي.

أزمة هذه المخططات أن المشروع الصوفي الحديث ينطلق من منطلقات سياسية لا دينية ورموزه لا يتمتعون بمقومات قادرة على إقناع المصريين والمسلمين عموما بطريقتهم؛ فهم يستندون فقط على دعم السلطة لهم، ولكنهم لن يلقوا قبولا مجتمعيا أو رضا شعبيا، ومساحة نجاحهم محدودة، ومع أول فرصة لحدوث انفراجة حقيقة ستبدد كل هذا ويتحول إلى سراب لا قيمة له.

ويعترف الشيخ محمد علاء الدين أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية للإذاعة الألمانية “دويتش فيلا” في مارس 2014م، بأن القيادات الصوفية في مصر فاشلة ولا تمتلك وزنا حقيقيا داخل المجتمع المصري؛ لأنها تقبل بتوظيفها من قبل السلطة، لاسيما إبان نظام مبارك الذي كان. ويقر أن الطرق الصوفية كانت أداة لخدمة أمن الدولة ضد الإخوان المسلمين، واستشهد بالحرب الإسرائيلية على غزة وإغلاق نظام مبارك للمعابر الحدودية، حيث، وفقاً له، “لم يجرؤ أحد من الصوفية انتقاد النظام حينها”.

ويتهم أبو العزايم القيادات الصوفية بالهرولة نحو السلطة قائلا إن السلطة حالياً لا تستخدم الطرق الصوفية، ولكن القيادات الصوفية هي من تقدم نفسها للسلطة لتحقيق مصالحها الشخصية. وأضاف، “مساندتهم للسيسي ليست عن قناعة شخصية، بل لركوب الموجة، لأنهم يستغلون النظام الحاكم أياً كانت توجهاته”.[[17]]

وتحظى الصوفية حتى اليوم بدعم سخي من الدول الغربية والخليجية ويتبؤون مناصب رفيعة وتفتح لهم مساحات واسعة في الإعلام الحكومي، ويحصلون على دعم مادي ومعنوي يفوق الخيال، لكنهم رغم كل هذه الإمكانات الضخمة لا يزال تأثيرهم محدودا، وحتى المؤسسات التي أنشأتها الإمارات مثل  المركز العالمي للتجديد والترشيد (GCRG)، وتليمع الرموز الصوفية وتنظيم المؤتمرات العالمية لكن ذلك يبدو محدود الأثر ولا يتجاوز الاهتمام الإعلامي الحكومي الذي يراد منه تضخيم الحالة الصوفية والدعاية لها بوصفها الإسلام الصحيح المعتمد من النظم والحكومات. فرموز الصوفية مفروضون بقوة السلطة وهذا أقصى ما يمكن فعله، أما أي مواجهة فكرية فهم الطرف الأضعف والأقل تأثيرا على  الدوام. وسيبقى مستقبل الصوفية مرهونا بمستقبل النظام وبزواله ستعود الطرق الصوفية سيرتها الأولى محدودة القدرة والتأثير.

 

 

المصادر

[1] التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري/ طريق الإسلام ــ 4 يناير 2015م

[2] مصدر هذه الفقرة من دراسة بعنوان: التصوف النشأة والتعريف/ إسلام ويب ــ 3 أغسطس 2004م

[3] فريق العمل/ الزاهد والسياسي: العلاقة ما بين الطرق الصوفية والنظام في مصر/ إضاءات ــ  4 يناير 2017م

[4] فريق العمل/ الزاهد والسياسي: العلاقة ما بين الطرق الصوفية والنظام في مصر/ إضاءات ــ  4 يناير 2017م

[5] شيخ الطرق الصوفية في مصر يعتبر الثوار غير مسلمين/ “عربي 21” ــ الأربعاء، 22 يناير 2014

[6] هل يطرح النظام الصوفية بديلا للسلفية في مصر؟/ “عربي 21” ــ الإثنين، 21 يونيو 2021

[7] رشيد العالم/ طرق صوفية أم حركات سياسية؟/ الجزيرة نت ــ 16 أكتوبر 2016م

[8] سيد قطب/  إسلام أمريكاني/ مجلة الرسالة/العدد 991 ــ 30 يونيو 1952م

[9] د. محمد عمارة/ الإسلام الأمريكاني/ مجلة المجتمع ــ السبت، 03 سبتمبر 2016

[10] د. محمد عمارة/ الإسلام الأمريكاني/ مجلة المجتمع ــ السبت، 03 سبتمبر 2016

[11] علي أنوزلا/ الصوفية ضد الإسلام السياسي لدى الأنظمة العربية/ العربي الجديد ــ 10 أكتوبر 2014

[12] بلال مؤمن/الصوفية.. البديل الأوفر حظا (2 – 2)/ أصوات أون لاين ــ 8 أبريل 2018

[13] عبده مغربي/ حتي التصوف لم يخلو من عبث أجهزة المخابرات/ الجزيرة مباشر ــ 28 يناير 2015م

[14] صحفي إسرائيلي يمتدح المتصوفة بعد حضوره تجمعا لهم بالهند/ “عربي 21” ــ الأحد، 27 مارس 2016

[15] خالد سعد/ لماذا يدعم الغرب الحركة الصوفية؟/ ساسة بوست ــ 24 سبتمبر 2016

[16] ما هو دور “مجلس حكماء المسلمين” الذي أسسته الإمارات؟ كيف تحارب الإمارات الإرهاب والسلفية بدعم الصوفية؟/ “عربي 21” ــ الجمعة، 06 مارس 2015

[17] الطرق الصوفية في مصر: تقارب مع السلطة وصراع مع السلفيين/ دويتش فيلا الألمانية ــ 14 مارس 2014

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022