تصاعد الانتقادات الأوروبية ضد إسرائيل: الدوافع والتداعيات

تشهد المواقف الأوروبية من الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 تحولًا تدريجيًا يتجاوز بيانات التنديد الشكلية، ليمتد إلى إجراءات سياسية ودبلوماسية واقتصادية أكثر وضوحًا، مثل مراجعة اتفاقيات الشراكة التجارية، وتجميد التعاون العسكري، والاعتراف المحتمل بالدولة الفلسطينية. ويأتي هذا التحول بعد شهور من الدعم المباشر أو الصمت الغربيين حيال واحدة من أبشع الجرائم الجماعية في التاريخ الحديث، والتي تنطبق عليها كل معايير “الإبادة الجماعية” وفق تقارير أممية ومنظمات حقوقية بارزة1.

أولًا: مظاهر تصاعد الانتقادات الأوروبية ضد إسرائيل:

في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023، حشدت الدول الأوروبية وبريطانيا دعماً قوياً لإسرائيل، وسُوغ ذلك بـ “حق إسرائيل غير المشروط في الدفاع عن نفسها”، وانعكس هذا الدعم في شكل زياراتٍ متوالية إلى إسرائيل قام بها أغلب القادة الأوروبيين ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا مازولا، فضلًا عن تدفقات السلاح وإرسال قوات عسكرية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لدعم إسرائيل، بالإضافة إلى الدعم القوي في مجلس الأمن من طريق الوقوف ضد أي وقفٍ لإطلاق النار. واللافت أن الأوروبيين في ذلك الوقت قد أيَّدوا بقوة السردية الإسرائيلية التي تختصر الصراع في مجرد حربٍ على الإرهاب، مع القفز على حقائق تعقيد هذا الصراع الممتد منذ ثمانية عقود. وقد اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في ذلك الوقت، وفي خلال زيارة لإسرائيل، فكرة تشكيل تحالف دولي لمحاربة “حماس” على غرار التحالف القائم بالفعل ضد “داعش”. كما ظهر الأوروبيون في صورة التابع للسياسة الأمريكية، حيث اصطفوا وراء إدارة بايدن في تماهٍ تامٍ مع اصطفافهم وراءها في الصراع الروسي الأوكراني. ولذلك حصل انطباع عام على نطاق واسعٍ لدى الدول العربية، والجانب الفلسطيني، وإسرائيل، وحتى لدى الأوروبيين أنفسهم بأن “لا أحد يهتم بما تفكر فيه أوروبا”، وهو ما قوض المصداقية الأوروبية، وجعل صورة أوروبا بوصفها قوةٍ سياسية تدافع عن القانون وحقوق الإنسان، والتي سعت لإبرازها في حرب أوكرانيا، تتدهور بسبب ازدواجية المعايير التي ترسخت عند دول الجنوب العالمي.

لكن مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، فضلًا عن التدمير واسع النطاق الذي طال البنية التحتية الأساسية، والمواقف المُعلَنة لحكومة بنيامين نتنياهو حول التطهير العرقي، بدأ موقف الاتحاد الأوروبي يشهد انقسامًا، بين مجموعةٍ من الدول حافظت على موقف داعم ومجموعة أخرى أصبحت تطرح انتقادات بشأن حجم التدخل العسكري الإسرائيلي وتأثيراته. وقد سببت دعوى دولة جنوب أفريقيا على إسرائيل بشأن الإبادة الجماعيّة في ديسمبر 2023، في محكمة العدل الدولية، حرجًا واسعًا للدول الأوروبية، بسبب تصاعد الدعوات الحقوقية والشعبية في أوروبا المنتقدة لإسرائيل، خاصة بعد أن أمرت المحكمة إسرائيل بمنع أي أعمال إبادة، وضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية العاجلة لغزة. وفي يناير 2024 طرح الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، خطةً من عشر نقاط “للسلام وإقامة دولة فلسطينية”، في تعارض تام مع موقف حكومة نتنياهو، وفي تأكيد على أن الدعم الأوروبي لإسرائيل لا يعني التخلي عن مبدأ حل الدولتين الذي يشكل أساس السياسة الأوروبية تجاه الصراع. وربما أيضاً في إطار الخروج من السلبية نحو ممارسة دور أكبر كقوة مستقلة عن السياسة الأمريكية. ومع ذلك حافظت الدول الأوروبية الرئيسة على مواقف داعمة لإسرائيل، حيث أوقفت مجموعة من دول الاتحاد، على رأسها فرنسا وألمانيا، تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لبضعة أشهر، بسبب مزاعم بتورط بعض موظفي الوكالة في هجمات 7 أكتوبر.

لكن منذ منتصف العام 2024 بدأنا نشهد تحولات غير مسبوقةٍ في المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل. في 22 مايو أعلنت أيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافها رسميًا بدولة فلسطين، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها دول أوروبية هذه الخطوة الرمزية منذ أن اتخذت السويد قراراً مماثلاً عام 2014. وفي 30 مايو أعلنت سلوفينيا اعترافها بالدولة الفلسطينية. وفي 29 يونيو تقدَّمت إسبانيا بطلب للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، لتلتحق ببلجيكا التي أعلنت في مارس من العام نفسه أنها ستنضم لدعم القضية في محكمة العدل الدولية. ومع الذكرى الأولى للحرب، في أكتوبر 2024، أصبحت المواقف المنتقدة لإسرائيل أكثر قوةً وحضورًا داخل المؤسسات الأوروبية، خصوصاً بعد أن أخذ التدخل العسكري الإسرائيلي في لبنان منحى مشابه لما يحدث في غزة. فيما واجهت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين انتقادات من المشرعين لعدم دعوتها إسرائيل صراحة إلى احترام القانون الدولي في أثناء زيارتها إلى تل أبيب. ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، التي ينتمي قطاع منها لفرنسا وأيرلندا، أخذ الموقف الإيرلندي المنتقد لإسرائيل في التجذر، وحصل تحوّل مهم في الموقف الفرنسي، عندما دعا الرئيس إيمانويل ماكرون، إلى وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل. وبعد أسابيع، وتحديدًا في منتصف ديسمبر 2024، أعلنت إسرائيل إغلاق سفارتها في دبلن، مشيرة إلى ما وصفته بـ”السياسات المتطرفة المعادية لإسرائيل التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية”. لترد دبلن على هذا الإجراء بالإعلان رسميًا عن انضمامها إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا.

أما في بريطانيا، فقد أصدرت حكومة ستارمر بعد أسابيع من تنصيبها قرارًا بتعليق 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرة إلى “خطر واضح” من إمكانية استخدام هذه الأسلحة في انتهاك للقانون الدولي. وشملت قائمة العناصر المعلقة مكونات أساسية تستخدم في الطائرات العسكرية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات المسيرة. وفي الوقت نفسه استأنفت تمويلها لوكالة الأونروا، والذي علق في عهد حكومة ريشي سوناك. ودعمت إجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الحكومة الإسرائيلية من طريق التراجع عن معارضة حكومة سوناك لسعي المحكمة إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وحتى قبل الفوز في الانتخابات وتشكيل الحكومة، كان حزب العمال قد تعهد بالاعتراف بدولة فلسطينية، عادًا هذا الاعتراف “مساهمة في عملية السلام”. وقد عززت العمليات العسكرية الإسرائيلية في سورية منذ سقوط نظام الأسد من حدة المواقف الأوروبية ضدها، بوصفها أصبحت عامل توتر في جميع المنطقة ومُهدداً لاستقرار الأوضاع في سورية ما بعد الأسد2.

ومؤخرًا، وبالتحديد منذ إبريل 2025، شهد التوتر بين إسرائيل وأوروبا تسارعًا واضحًا، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:

1- أصدرت ست دول أوروبية (أيرلندا، إسبانيا، سلوفينيا، لوكسمبورغ، النرويج، وآيسلندا) بيانًا مشتركًا، في 7 مايو 2025، اعتبرت فيه محاولات إسرائيل تغيير ديمغرافية غزة وتهجير سكانها، ترحيلًا قسريًا وجريمة بموجب القانون الدولي. كما شدد البيان على أن غزة “جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين”، في إقرار قانوني صريح بمكانة فلسطين، طالما تجنبت حكومات أوروبية النطق به بهذا الوضوح. البيان نفسه وصف الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2 مارس 2025 بأنه “مانع شامل للمساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية”، وطالب برفعه الفوري دون تمييز أو شروط.

2- أصدرت 22 دولة، من بينها فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وكندا، بيانًا مشتركًا، في 19 مايو 2025، طالبت فيه إسرائيل بـ”السماح بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري” إلى قطاع غزة، تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. وأعربت فيه عن رفضها الآلية الجديدة التي اقترحتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة لتوزيع المساعدات في غزة. واعتبرت هذه الدول أن “النموذج الجديد” يفتقر للفاعلية، ويربط المساعدات بأهداف عسكرية وسياسية، ويقوض حيادية الأمم المتحدة، ويعرض العاملين والمستفيدين للخطر. كما شددت على أن سكان قطاع غزة “يواجهون المجاعة وعليهم الحصول على المساعدات التي يحتاجون إليها بشدة”.

3- طالب وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكامب، خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بإجراء تقييم في الاتحاد الأوروبي لمدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان، في خطوة نحو تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000. هولندا لم تبق وحيدة في طلبها هذا، بحيث انضمت إلى هذا المطلب أيضًا دول أخرى، مثل السويد وفنلندا والبرتغال وبلجيكا3.

وبالفعل، أعلنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي سيراجع اتفاقية شراكته مع إسرائيل. وصرحت كالاس في مؤتمر صحفي عقب اجتماع وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي: “الوضع في غزة كارثي. المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها مرحب بها بالطبع، لكنها قطرة في بحر”. وأضافت: “من الواضح من نقاش اليوم أن هناك أغلبية كبيرة (17 صوتًا من أصل 27) تؤيد مراجعة المادة الثانية من اتفاقية شراكتنا مع إسرائيل. تنص المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على أن “العلاقات بين الطرفين، وكذلك جميع أحكام الاتفاقية نفسها، تستند إلى احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي توجه سياستهما المحلية والدولية وتشكل عنصرًا أساسيا في هذه الاتفاقية”. تغطي الوثيقة أشكالًا مختلفة من التعاون بين الاتحاد وإسرائيل، بما في ذلك الحوار السياسي، وحرية حركة البضائع، والتعاون العلمي4.

4- أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيس وزراء كندا مارك كارني، بيانًا مشتركًا أعلنوا فيه أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” إزاء “الأفعال المشينة” التي ترتكبها حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، في قطاع غزة. ولوح القادة الثلاثة باتخاذ “إجراءات ملموسة”، ضمنها عقوبات فعلية، إذا لم تبادر إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية، وتفسح المجال لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكاف5.

5- استدعي عدد من الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا السفراء الإسرائيليين لديهم بشأن واقعة إطلاق النار تجاه دبلوماسيين في جنين. وقد أظهرت مقاطع مصورة دبلوماسيين من نحو 20 دولة، وهم يفرون للاختباء، خلال زيارة إلى مدينة جنين في الضفة الغربية، في 21 مايو 2025، بعد أن أطلق جنود إسرائيليون النار في الهواء لتحذيرهم. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن الوفد ضم دبلوماسيين من بريطانيا وكندا وفرنسا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي. وضم الوفد أيضًا ممثلين من الأردن ومصر والمغرب وإسبانيا والهند ودول أخرى، وكان في جولة ميدانية في مدينة جنين، التي شهدت عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة خلال الأعوام الماضية. وشملت الجولة زيارة إلى مقر محافظة جنين.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان صادر عنه، إنه فتح تحقيقًا في الحادث، لكنه أوضح في الوقت نفسه، أن الوفد انحرف عن المسار الذي تم تنسيقه مسبقًا. وأضاف أن مسؤولين عسكريين سيجرون محادثات مع ممثلي الدول المعنية لتوضيح ملابسات ما حدث6.

وكان الجيش الإسرائيلي أطلق، في 21 يناير 2025، عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية تستهدف فصائل مسلحة تنشط في مخيمات اللاجئين. وفي جنين التي تعتبرها إسرائيل معقلًا للفصائل المسلحة، أخلت القوات الإسرائيلية مخيم اللاجئين بالكامل من المقيمين فيه وسيطرت عليه. وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن العملية الإسرائيلية أدت إلى نزوح 16 ألف شخص من جنين في الفترة الممتدة حتى 31 مارس7.

6- انطلق الاجتماع الوزاري لمجموعة مدريد الموسعة بشأن “تنفيذ حل الدولتين” في العاصمة الإسبانية مدريد، في 25 مايو 2025، الذي يضم عددًا من الوزراء العرب والأوروبيين، مثل: ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، إيرلندا، البرتغال، النرويج، آيسلندا، سلوفينيا، ومالطا.

وقال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس: إن الصمت عن مواصلة إسرائيل قتل الفلسطينيين المدنيين الأبرياء هو تواطؤ. وشدد على ضرورة تعليق الاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة مع إسرائيل فورًا، وأنه يجب تطبيق حظر أسلحة أكثر فعالية. وأوضح أنهم لا يستبعدون أي خيار بشأن العقوبات المحتملة على إسرائيل، بما في ذلك العقوبات الفردية التي تشمل سياسيين. وأكد ألباريس ضرورة حصول فلسطين على جميع الحقوق التي تتمتع بها إسرائيل، وأن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو حل الدولتين.
وأضاف: “لا يمكن معاقبة الفلسطينيين مدى الحياة. حل الدولتين ليس ضد إسرائيل، بل هو دفاع عن أمنها أيضًا، لا مبرر لهذه الحرب. ما تفعله إسرائيل ليس سوى تحويل غزة إلى مقبرة واسعة”.
وأردف: “هدفنا واحد وهو إنهاء هذه الحرب اللاإنسانية. إسرائيل تواصل قتل المدنيين الأبرياء، والصمت عن هذا الأمر تواطؤ”. ودعا جميع دول الأمم المتحدة إلى رفع صوتها ضد منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة8.

وكانت إسبانيا قد دعت، في 21 مايو 2025، إلى عقد اجتماع، في 25 مايو، لوزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية والإسلامية في “مجموعة مدريد”، التي أنشئت لدعم فلسطين، بسبب الوضع في قطاع غزة. وأبرزت وزارة الخارجية الإسبانية، في بيانٍ لها حول القمة، أن حكومة مدريد تسعى من خلال هذا الاجتماع إلى تعزيز الحوار، لوضع حد للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، والمضي قدمًا نحو حل سياسي للصراع، بتبني مبدأ الدولتين “إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن”. وأشارت الخارجية الإسبانية إلى أن الهدف هو مواصلة تعبئة المجتمع الدولي؛ لوضع حد للهجمات الإسرائيلية في غزة، والدفع باتجاه وقف فوري لإطلاق النار، يسمح بالإفراج الفوري عن المحتجزين لدى حماس، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وكان مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية استضاف، في 23 مايو 2025، الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وشهد الاجتماع استعراض 19 دولة ومنظمة لمقترحات وأفكار عملية من شأنها أن تسهم في إنجاح المؤتمر الدولي المقرر عقده من 17 إلى 20 يونيو 20259.

7- اتفق وزيرا خارجية إسبانيا وألمانيا، خلال مؤتمر صحفي مشترك في مدريد، على ضرورة التوصل لحل الدولتين ومنع تهجير الفلسطينيين من غزة، مع المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع10.

8- أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، خلال جلسة البرلمان، في 20 مايو 2025، تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرض عقوبات على ثلاثة مستوطنين ومنظمتين إسرائيليتين متورطتين بأعمال عنف في الضفة الغربية. كما وصف الحصار المفروض على غزة بأنه “غير أخلاقي ولا يمكن تبريره”، مطالبًا برفعه الفوري، بينما دعا رئيس الوزراء كير ستارمر إلى وقف إطلاق النار، وزيادة المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن “مستوى المعاناة في غزة لا يحتمل”11.

كذلك استدعت الخارجية البريطانية السفيرة الإسرائيلية تسيبي هوتوفيلي احتجاجًا على توسيع العمليات العسكرية ومنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وذكرت صحيفة “الغارديان” أن لجنة الأعمال في البرلمان البريطاني استدعت 3 وزراء معنيين بصادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وقامت باستجوابهم بشأن مخاوف من إرسال أسلحة لاستخدامها في غزة. وتعهدت بريطانيا بتقديم مساعدات جديدة لغزة بأكثر من 5 ملايين دولار12. كما تدرس بريطانيا فرض عقوبات على وزير المالية الإسرائيلي بتسليل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وبدء محادثات رسمية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين13.

9- قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء السنغافوري لورانس وونغ في 30 مايو 2025، إن هناك حاجة إلى توفير الماء والغذاء والأدوية والسماح للجرحى بالخروج من غزة للعلاج في الخارج، مؤكدًا أن على الأوروبيين “تشديد الموقف الجماعي ضد إسرائيل وفرض عقوبات عليها إذا لم تكن هناك استجابة ترقى إلى مستوى الوضع الإنساني في الساعات والأيام المقبلة”. وقال ماكرون إن باريس ملتزمة بالعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي، وأكد مجددًا دعمه حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرًا إلى أن وجود دولة فلسطينية “ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة سياسية أيضًا”. ولم يعلن الرئيس الفرنسي بوضوح ما إذا كان سيعترف بالدولة الفلسطينية خلال المؤتمر الدولي بشأن حل الدولتين في الأمم المتحدة بنيويورك – والذي تترأسه فرنسا والسعودية- في 18 يونيو 2025. لكنه عدد شروطًا مقابل هذا الاعتراف، وهي “الإفراج عن الأسرى” المحتجزين في غزة، و”تجريد حركة حماس من السلاح”، و”عدم مشاركتها” في حكم هذه الدولة، و”إصلاح السلطة الفلسطينية”، واعتراف الدولة المستقبلية بإسرائيل و”حقها في العيش بأمان”، و”وضع آلية أمنية في جميع أنحاء المنطقة”14. وكان ماكرون قد أعلن، في 9 أبريل 2025، أن ثمة خططًا للاعتراف بدولة فلسطينية، في مؤتمر تستضيفه فرنسا بالاشتراك مع السعودية في يونيو المقبل للدفع نحو حل الدولتين15.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، قد أكد أن التحرك نحو الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، والذي بدأت ملامحه تتبلور في كل من فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، “لن يتوقف”، مشيرًا إلى أن الدول الثلاث قررت للمرة الأولى أن تتحرك بشكل مشترك للاعتراض على ما يجري في قطاع غزة، والمضي قدمًا في خطوات الاعتراف بفلسطين. وجاءت تصريحات بايرو في خلال جلسة أمام مجلس النواب الفرنسي، ردًا على تساؤل من زعيمة كتلة حزب “فرنسا الأبية”، ماتيلد بانو، التي طالبت الحكومة الفرنسية بإجراءات فاعلة16.

10- في تحول لافت في الموقف الألماني، الذي طالما كان الأكثر تحفظًا في انتقاداته لإسرائيل مقارنة مع بعض الشركاء الأوروبيين، وجه المستشار فريدريش ميرتس، في 25 مايو، نقدًا علنيًا لتصرفات إسرائيل في قطاع غزة، مشيرًا في مقابلة تلفزيونية، إلى أنه ما عاد بالإمكان اعتبار محاربة إرهاب حركة حماس مسوغًا لحجم الأذى الذي يلحق بالسكان المدنيين. وقال ميرتس: “يجب على الحكومة الإسرائيلية ألا تفعل شيئًا يصل، في مرحلة ما، إلى أن يكون غير مقبول حتى بالنسبة لأفضل أصدقائها”.

وعلى خطا ميرتس، وجه وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول بدوره انتقادات مماثلة، معبرًا عن قلق بلاده البالغ إزاء المعاناة الإنسانية “التي لا تطاق”، الناجمة عن الهجوم والعدوان الإسرائيلي على غزة، قائلًا إنه على اتصال بنظرائه في إسرائيل والشرق الأوسط وأوروبا سعيا لإيجاد حلول. وفيما يبدو تصعيدًا في اللهجة، قال فاديفول “لن نتضامن مع إسرائيل بالإجبار”، مضيفًا “يجب عدم استغلال كفاحنا ضد معاداة السامية، ودعمنا لأمن إسرائيل في الحرب الدائرة حاليا بغزة”. وقال إنه سيتصل بنظيره الإسرائيلي، مؤكدًا أنه من غير المقبول ألا يحصل سكان غزة على الغذاء والدواء.

وفي السياق ذاته، وجه فيليكس كلاين -مفوض الحكومة الألمانية لشؤون مكافحة معاداة السامية- توبيخًا آخر لاذعا لإسرائيل، ودعا إلى مناقشة موقف برلين تجاه إسرائيل، قائلًا إن الدعم الألماني بعد المحرقة لا يمكن أن يبرر كل ما تفعله إسرائيل17.

11- برز الموقف الإسباني بوصفه الأكثر جرأة وتنوعًا، إذ شهدت الساحة البرلمانية تصويتًا على مقترح يحظر تصدير الأسلحة للدول المتورطة في جرائم إبادة، بما في ذلك إسرائيل. كما أعلنت الحكومة الإسبانية أنها لم تشتر أو تورد أسلحة لأية شركة إسرائيلية منذ اندلاع الحرب، وأنها لن تفعل ذلك مستقبلًا. وكانت الحكومة الإسبانية أعلنت، في 24 أبريل 2025، عن فسخ عقد لشراء ذخيرة من شركة إسرائيلية بشكل أحادي.

على الصعيد الثقافي، دعا رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية مثل “يوروفيجن”، مبررًا ذلك برفض ازدواج المعايير، وعادًا أنه “يجب ألا تعامل إسرائيل بمعايير استثنائية”18.

كما أشارت تقارير إسبانية إلى أن مدريد بصدد تقديم مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى إنهاء الحصار على قطاع غزة، والسماح الفوري بدخول المساعدات19.

وأيد مجلس بلدية برشلونة خلال جلسة تصويت، في 30 مايو 2025، قرارًا ينص على قطع العلاقات المؤسسية مع “الحكومة الإسرائيلية الحالية”، وتعليق “اتفاق الصداقة” المبرم في 24 سبتمبر 1998 بين العاصمة الكاتالونية وتل أبيب “حتى يتم احترام القانون الدولي وضمان الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني”. ومن التدابير الأخرى الواردة في القرار ويقع بعضها خارج نطاق اختصاص البلدية، طُلب من مجلس إدارة معرض برشلونة عدم استضافة أجنحة حكومية إسرائيلية أو “شركات أسلحة أو أي قطاع آخر يستفيد من الإبادة الجماعية والاحتلال والفصل العنصري والاستعمار ضد الشعب الفلسطيني”. ويجري النظر في توصية مماثلة بشأن ميناء برشلونة لعدم استقبال سفن متورطة في نقل الأسلحة إلى إسرائيل20.

12- حض وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، الاحتلال الإسرائيلي على وقف ضرباته على غزة، محذرًا من أن طرد الفلسطينيين من القطاع “لم يكن ولن يكون خيارًا مقبولًا”. وقال تاياني في كلمة له أمام البرلمان أن “رد فعل إسرائيل على هجوم السابع من أكتوبر 2023 اتخذ أشكالًا غير مقبولة”، مشددًا على أن “القصف يجب أن يتوقف، كما يجب استئناف المساعدات الإنسانية في أقرب وقت ممكن، ومعاودة احترام القانون الإنساني الدولي”21.

فيما أعلن حاكم إقليم أبوليا في جنوب إيطاليا ميكيلي إميليانو قطع العلاقات مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال إميليانو في بيان رسمي نقلته وكالة أنباء “أنسا” الإيطالية إنه “نظرًا للإبادة الجماعية التي تنفذها حكومة نتنياهو بحق الفلسطينيين العزل” فإنه يدعو “جميع المديرين والموظفين في الإقليم ووكالاته والشركات التابعة له إلى قطع جميع أشكال العلاقات مع الممثلين الرسميين لحكومة نتنياهو ومع كل من ينسب إليها ممن لا يظهرون بوضوح ودون لبس دعمهم لكل المبادرات الرامية إلى وقف المجازر الإسرائيلية في غزة”22.

13- استدعت الخارجية السويدية السفير الإسرائيلي في ستوكهولم للمرة الثانية خلال 24 ساعة لتجديد التأكيد على ضرورة أن تضمن الحكومة الإسرائيلية بشكل فوري، ودون عوائق، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقالت الخارجية السويدية إن منع دخول الغذاء والمساعدات إلى المدنيين أمر لا يمكن تبريره، وإن ما يحدث حاليًا يمثل أسوأ وضع إنساني منذ السابع من أكتوبر 200323.

14- أقرت الحكومة الإيرلندية، 27 مايو 2025، مشروع قانون يحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية، التي تعتبر جميعها غير قانونية في نظر المجتمع الدولي، وذلك في خطوة وصفت بكونها “غير مسبوقة بالنسبة” لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية الإيرلندي، سايمون هاريس، للصحافيين: “آمل أنه عندما تتخذ هذه الدولة الأوروبية الصغيرة هذا القرار؛ ستكون بالتأكيد أول دولة غربية تضع تشريعات على هذا النحو، فإن ذلك سيلهم دولًا أوروبية أخرى للانضمام إلينا”24.

وكان مجلس الشيوخ الأيرلندي قد صوت بالإجماع أواخر أبريل 2025 لصالح فرض عقوبات على إسرائيل ومنع مرور الأسلحة الأمريكية عبر الأجواء الأيرلندية25.

ثانيًا: أسباب تصاعد الانتقادات الأوروبية ضد إسرائيل:

يمكن الوقوف علي مجموعة من الأسباب التي تقف خلف تصاعد الانتقادات الأوروبية ضد إسرائيل كما يلي:

1- استئناف إسرائيل حصار قطاع غزة منذ الثانى من مارس 2025 وعدم إدخال المساعدات الغذائية وانتشار المجاعة وبدء إسرائيل للعملية المسماة “عربات جدعون” وإعلان عزم إسرائيل على احتلال قطاع غزة وتقسيمه إلى مناطق تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، واستمرار الحرب بلا نهاية وبلا استراتيجية سياسية واضحة لما بعد انتهاء هذه الحرب26.

ما دفع الدول الأوروبية إلي التنصل من حرب الإبادة الإسرائيلية علي غزة وتبعاتها، ولا سيما في البعد الإنساني، وبشكل أكثر دقة بخصوص قتل الأطفال واستهداف المدنيين بشكل مكثف ومتكرر ومقصود. حيث أكدت وزارة الصحة العالمية أن غزة تواجه “إحدى أسوأ أزمات الجوع عالميًا”، مما يتسبب بوفاة عشرات الأطفال بسبب “الحرمان المتعمد من الغذاء”. ينطلق ذلك من رغبة أوروبية في تأكيد “المنطلق الأخلاقي” في النظر للقضايا، وكذلك استشعار المسؤولية الأوروبية عن أفعال إسرائيل التي نُظر لها لعقود على أنها ممثلة الغرب المتحضر في قلب الشرق الأوسط، لأن الصهيونية وُلدت في أوروبا؛ ولأن النخبة السياسية والفكرية والعسكرية في إسرائيل غالبيتها من الأشكناز؛ ولأن شريحة كبيرة من سكان إسرائيل اليوم يحملون جواز سفر أوروبيًا، فضلًا عن الحقائق التاريخية بخصوص دور أوروبا في إنشاء إسرائيل بالأساس27.

2- بالإضافة إلى أن الدول الأوروبية ليس بمقدورها تجاهل الرأى العام الأوروبى وخاصة المنظمات الإنسانية والأهلية العاملة فى الحقل الإنسانى والإغاثى ومختلف الفئات من الطلاب والناشطين والمتعاطفين مع قضية الشعب الفلسطينى فى الجامعات ومعاهد التعليم المختلفة. وبطبيعة الحال، فإن الجرائم الإسرائيلية التى تتعلق بجرائم الحرب والإبادة والتطهير العرقى والجرائم ضد الإنسانية أصبحت منظورة أمام القضاء الدولى فى أعلى مستوياته سواء التى تتبع الأمم المتحدة كمحكمة العدل الدولية أو المستقلة كالمحكمة الجنائية الدولية والتى تفتح الباب أمام تفاقم الضغوط الأوروبية والعقوبات28.

وفي هذا السياق، فقد شهدت عدة مدن أوروبية احتجاجات كبيرة علي استمرار الحرب الإسرائيلية علي غزة، علي سبيل المثال تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في لاهاي احتجاجًا على سياسة الحكومة الهولندية إزاء إسرائيل والحرب في غزة، في أكبر تجمع في البلد منذ 20 عامًا. وارتدى المتظاهرون اللون الأحمر لرسم خط رمزي بهذا اللون، وحضوا الحكومة على اتخاذ تدابير ضد إسرائيل التي ترتكب، في نظرهم، “إبادة جماعية” في غزة.

وبحسب استطلاعات رأي لمؤسسة “يوجوف” البريطانية:

  • طالب 50% من الإسبان مدريد “ببذل المزيد من الجهود لكبح جماح إسرائيل”.
  • أعرب 56% من السويديين عن وجهات نظر سلبية تجاه إسرائيل.
  • يعتقد 60% من الإيطاليين أن الهجوم الإسرائيلي على غزة “غير مبرر”29.

وفي خطوة تعد الأولى من نوعها، أعلن ائتلاف من نقابات وحركات تضامن ومؤسسات حقوقية دولية من أكثر من 32 دولة إطلاق مبادرة “المسيرة العالمية إلى غزة” لدخول القطاع سيرًا على الأقدام، استجابة للوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه السكان هناك في ظل حصار إسرائيلي منذ نحو 20 شهرًا. وقال رئيس التحالف الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي سيف أبو كشك إن أهداف المسيرة ترتبط بشكل مباشر بإيقاف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والسعي لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر وفوري، مع المطالبة بوقف الحصار المفروض على غزة. وفي تصريحات لـ”لجزيرة نت”، أضاف أبو كشك أن المشاركين من خلفيات متنوعة، وأغلبهم من أبناء البلدان الغربية وليسوا فقط من الجاليات العربية والإسلامية، لافتًا إلى أن عدد المهتمين بالمشاركة تجاوز حتى الآن 10 آلاف شخص30.

وعليه، يخشي القادة الأوروبيون اللذين يتابعون التغير الكبير في الرأي العام في بلادهم من إسرائيل والقضية الفلسطينية، ولا سيما بين الأجيال الجديدة، من أن يرتد ذلك عليهم بشكل سلبي، وخصوصًا في الاستحقاقات الانتخابية. كما يخشي القادة الأوروبيون من أن تؤدي مشاهد القتل في غزة إلي استهداف اليهود المتواجدين داخل بلادهم. وفي هذا السياق، يرى الكثيرون أن عملية إطلاق النار التي نفذها إلياس رودريغيز ضد موظفي السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة، تأتي في سياق الرأي العام الغاضب من استمرار الإبادة والتجويع، لا سيما أنها أتت من شخص غير عربي أو مسلم31. على صعيد آخر، فإن موقف أوروبا من الحرب الروسية-الأوكرانية لن يكتسب المصداقية اللازمة إلا إذا توحدت المعايير وتوقف الكيل بمكيالين وغيرت أوروبا موقفها من إسرائيل وحرب الإبادة والتهجير التى تشنها ضد الشعب الفلسطينى32.

3- ما تراه الدول الأوروبية من مؤشرات فى افتراق موقف إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن الموقف الإسرائيلى، أو بعبارة أدق عن موقف حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة مثل موقف الإدارة الأمريكية من المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووى ومفاجأة إسرائيل – نتنياهو بذلك، والاتفاق الأمريكى المنفرد مع الحوثيين فى اليمن ووقف الضربات الجوية عليهم والاتفاق معهم وعدم شمول الاتفاق للتعرض للسفن الإسرائيلية أو العمق الإسرائيلى، وكذلك جولة ترامب الخليجية من 13 إلى 16 مايو 2025، والتى زار فيها المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة ولم يقم بزيارة إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك قيام الولايات المتحدة الأمريكية بفتح قناة تفاوضية مع حركة “حماس” مستقلة عن قنوات التفاوض الإسرائيلية مع الأخيرة للإفراج عن المجند الإسرائيلى الأمريكى ألكسندر عيدان، حيث لا تزال هذه القناة التفاوضية قائمة حتى الآن. وربما شجع الصمت الأمريكى إزاء الإجراءات الأوروبية على استمرار أوروبا فى بلورة هذه المواقف33.

ومن جانب آخر، يري البعض أن هذه المواقف الأوروبية ضد إسرائيل قد تكون في جزء منها مناكفة أو ردًا ضمنيًا على سياسات الرئيس الأمريكي غير المرضية بالنسبة لها، ولا سيما ما يتعلق بالحرب الروسية – الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية34.

ثالثًا: تأثير تصاعد الانتقادات الأوروبية ضد إسرائيل:

صحيح أن المواقف الأوروبية جاءت متأخرة جدًا، وما زالت تتحاشى وصف ما يجري في قطاع غزة بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم الحرب، لكنها مهمة لأنها صادرة عن دول صديقة وراعية لإسرائيل تاريخيًا. وهي دول لطالما لاحقت كل ناقد لسياسات إسرائيل العنصرية وانتهاكاتها للقوانين الدولية وحقوق الإنسان بذريعة “معاداة السامية”، ما يشكل تحولًا في مواقف تلك الدولة وفشلًا للرواية الإسرائيلية المبنية على المظلومية، وتهاوي سرديتها الاحتلالية المبنية على مبدأ الدفاع عن النفس والدفاع عن الحضارة والنور، في مواجهة محور الشر والظلام، فأصبحت إسرائيل اليوم في عيون أصدقائها ورعاتها قاتلة للأطفال، ومرتكبة لانتهاكات مروعة بحق المدنيين العزل.

على أهمية المواقف الأوروبية تلك، فإنها لم ترق بعد إلى مستوى الفعل والترجمة إلى إجراءات قوية وعقوبات مؤثرة اقتصاديًا وعسكريًا على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية وسياسة التجويع المتوحشة بحق الأطفال والمدنيين العزل في غزة، وهذا استحقاق سياسي وأخلاقي لا بد منه إذا أرادت الدول الأوروبية أن تستعيد جزءًا من مصداقيتها التي سقطت بدعمها إسرائيل، وبصمتها على جرائمها طوال 19 شهرًا، والتي ارتقت إلى حد الإبادة الجماعية المتوحشة. دون اتخاذ الدول الأوروبية عقوبات جادة وثقيلة توقف جرائم إسرائيل وتوقف عدوانها على غزة؛ ستكون تلك المواقف مجرد وسيلة مكشوفة لتبرئة الذات أمام الرأي العام الدولي، لأن الجميع يعرف قدرات الاتحاد الأوروبي على الضغط على إسرائيل، فالاتحاد الأوروبي أكبر وأهم شريك لإسرائيل وفقًا لاتفاقية الشراكة الموقعة بينهما منذ العام 1995، والتي دخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو 2000. وتعد هذه الاتفاقية مجالًا  للتعاون المشترك بينهما في السياسة، والتنمية الاقتصادية، والتبادل التجاري، والتعاون العلمي والتكنولوجي، والثقافة، وتعتبر احترام حقوق الإنسان جزءًا أساسيًا من بنودها35.

في ضوء ذلك، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية للمسار الأوروبي في الشهور المقبلة:

السيناريو الأول: التصعيد التدريجي وصولًا إلى فرض عقوبات جزئية: في هذا السيناريو، تستمر بعض الحكومات الأوروبية -بدفع من الرأي العام والبرلمانات- في تعليق اتفاقيات تعاون، وفرض قيود على صادرات الأسلحة، ومراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية، وقد يتوسع ذلك ليشمل عقوبات دبلوماسية أو رمزية، مثل تجميد زيارات رسمية أو استبعاد إسرائيل من فعاليات ثقافية وعلمية. ويترافق ذلك مع اعترافات متزايدة بالدولة الفلسطينية، سواء من دول منفردة (إسبانيا، أو آيرلندا، أو بلجيكا، …) أو جماعيًا (كما يجري بين فرنسا، وبريطانيا، وكندا). لكن من غير المتوقع أن يشمل هذا السيناريو عقوبات اقتصادية شاملة أو حظرًا أوروبيًا موحدًا للأسلحة في المدى القصير. ومما يدعم هذا السيناريو: تصاعد وتيرة المواقف الأوروبية الناقدة لإسرائيل، ووجود أغلبية مؤيدة داخل الاتحاد الأوروبي لمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وتصاعد الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، واستمرار الكارثة الإنسانية في غزة.

السيناريو الثاني: التجميد المؤقت دون خطوات ملموسة: يقضي هذا السيناريو بأن يبقى التحرك الأوروبي في حدود “المراجعة والضغط الدبلوماسي غير الملزم”، دون اتخاذ قرارات عملية مؤثرة، مثل فرض عقوبات أو تعليق اتفاقيات الشراكة، مع الاكتفاء بإصدار بيانات وتحذيرات ووقف بعض أشكال التعاون الرمزية. ويعني هذا أن الاتحاد الأوروبي ككتلة سيفضل الحفاظ على التوافق بين الدول الأعضاء، ما يؤدي إلى فرملة المبادرات الجريئة التي تطالب بها بعض الدول، بحجة غياب الإجماع. ومما يدعم هذا السيناريو: الانقسام داخل الاتحاد (17 دولة تؤيد المراجعة، و9 ترفضها)، والخشية من الصدام مع الولايات المتحدة، ووجود حكومات يمينية حليفة لإسرائيل في أوروبا الشرقية.

السيناريو الثالث: التراجع والارتداد مع تهدئة المشهد الميداني: يتصور هذا السيناريو أن انخفاض مستوى العدوان الميداني في غزة (سواء عبر صفقة تبادل أو تهدئة مؤقتة) قد يؤدي إلى تخفيف الضغط الشعبي، وبالتالي يعطي الذريعة لبعض الحكومات الأوروبية للتراجع عن مواقفها المتقدمة، أو على الأقل تأجيلها، بزعم أن الظروف لم تعد تستدعي تصعيدًا إضافيًا. وقد تستغل إسرائيل هذا المناخ لتنفيذ هجوم دبلوماسي معاكس يشمل حشد اللوبيات، واستخدام أدوات الضغط الاقتصادي، وربما طرح خطوات شكلية لتحسين صورتها أمام المجتمع الأوروبي. ومما يدعم هذا السيناريو المرونة الإسرائيلية الانتقائية تجاه إدخال المساعدات إلي غزة36.

ختامًا، علي الرغم من تغير معظم المواقف الأوروبية من تداعيات حرب غزة، لا سيما على الصعيد الإنساني ومسألة إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر، إلا أن هذا التغير لن يكون كافيًا (بمفرده) لوقف الحرب علي غزة، وإعادة إحياء حل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية عمليًا في حدود 4 يونيو 1967، في ظل ثلاث عقبات؛ أولاها استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، لا سيما في تنفيذ مخططات تهجير أهالي غزة، على الرغم من تواتر إشارات غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نتنياهو، التي تبدو محصورة في “النطاق الشخصي الجزئي”، من دون ضرب الإطار الكلي للتحالف/ التوافق الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي. وثانيتها غياب أي طرف إسرائيلي يقدم طرحًا سياسيًا بديلًا من فكر نتنياهو وتيار اليمين الإسرائيلي، فيمكن القول بوجود شريك إسرائيلي ينحاز إلى حل الصراع والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وثالثتها تضاؤل فرص تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية، إذ تتجه الأمور إلى مستويات أعلى من الصراع بين قوى الشعب الفلسطيني الحية وتيار الصهيونية الدينية، خصوصًا في القدس والضفة الغربية37.

1 “مراجعة الشراكة ومأزق الدعم: تقدير موقف حول التحرك الأوروبي ضد الاحتلال”، مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، 22/5/2025، الرابط: https://orouba.ps/post/499/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%A3%D8%B2

2 ” التحوُّل الأوروبي في مواجهة إسرائيل: هل تجاوز «نقطة اللاعودة»؟”، مركز الإمارات للسياسات، 27/5/2025، الرابط: https://epc.ae/ar/details/featured/althwwul-al-uwrubiy-fi-muajahat-israel-hal-tajawaz-nuqtat-alawda

3 “أوروبا تلوّح بالعقوبات… موقف يربك إسرائيل”، العربي الجديد، 22/5/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%AA%D9%84%D9%88%D9%91%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%8A%D8%B1%D8%A8%D9%83-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84

4 “الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل على خلفية حرب غزة”، سي إن إن عربية، 20/5/2025، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/05/20/european-union-review-association-agreement-israel-gaza-aid-block

5 ” قادة بريطانيا وفرنسا وكندا يلوحون بمعاقبة إسرائيل”، الجزيرة نت، 19/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/19/%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D9%88%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D8%B3%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%B0

6 “جنود إسرائيليون يطلقون النار في الهواء لتحذير دبلوماسيين من نحو 20 دولة خلال زيارة لمدينة جنين”، مختارات من الصحف العبرية، 22/5/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36935

7 “دول أوروبية تستنكر استهداف إسرائيل لوفد دبلوماسي بجنين وتستدعي السفراء”، العربية نت، 21/5/2025، الرابط: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/2025/05/21/%D8%BA%D8%B6%D8%A8-%D8%A7%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%88%D9%81%D8%AF-%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%A8%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D8%AF

8 “اجتماع أوروبي عربي في إسبانيا لوقف حرب غزة وتنفيذ حلّ الدولتين”، الأيام، 26/5/2025، الرابط: https://www.al-ayyam.ps/ar/Article/414622/%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D8%AD%D9%84%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%8A%D9%86

9 “اجتماع مدريد لدعم فلسطين.. تعبئة دولية لإنهاء الحرب على غزة”، القاهرة الإخبارية، 25/5/2025، الرابط: https://alqaheranews.net/news/129044/%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%A8%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

10 “أوروبا تشدد الخناق: وزيران يطالبان بفحص اتفاق الشراكة مع إسرائيل”، الجزيرة نت، 26/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/26/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%AA%D8%B4%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%86%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86

11 “بسبب غزة ـ بريطانيا تعلق محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل”، دويتش فيلة عربية، 20/5/2025، الرابط: https://www.dw.com/ar/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%82-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%BA%D8%B2%D8%A9/a-72615452

12 “غزة تدفع أوروبا لخصام تاريخي مع إسرائيل”، الجزيرة نت، 22/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/22/%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AA%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%84%D8%AE%D8%B5%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A-%D9%85%D8%B9

13 “تحول الحلفاء.. لماذا صعدت أوروبا لهجتها الآن ضد إسرائيل وهددت بفرض عقوبات عليها؟”، عربي بوست، 24/5/202، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%ad%d8%a9/2025/05/24/%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a7/

14 “ماكرون يلوّح بتشديد موقفه حيال إسرائيل إذا لم تخفف حصارها على غزة”، الجزيرة نت، 31/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/31/%D9%85%D8%A7%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B4%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81%D9%87-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A5%D8%B0%D8%A7-%D9%84%D9%85

15 ” رغم ضغوط إسرائيل.. فرنسا تميل إلى الاعتراف بدولة فلسطينية”، الشرق، 28/5/2025، الرابط: https://asharq.com/politics/137188/%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%B6%D8%BA%D9%88%D8%B7-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%AA%D9%85%D9%8A%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/

16 “رئيس الوزراء الفرنسي: التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية لن يتوقف”، الجزيرة نت، 20/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/20/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%81

17 “استطلاع و3 تصريحات لافتة.. ألمانيا تغيّر لهجتها تجاه إسرائيل بسبب الإبادة في غزة”، الجزيرة نت، 27/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/27/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B9-%D9%883-%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%A9-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1

18 ” البرلمان الإسباني يصدّق على النظر بحظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل”، الجزيرة نت، 20/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/20/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1

19 “مراجعة الشراكة ومأزق الدعم: تقدير موقف حول التحرك الأوروبي ضد الاحتلال”، مرجع سابق.

20 “برشلونة تقطع علاقاتها مع إسرائيل”، الجزيرة نت، 30/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/30/%D8%A8%D8%B1%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-2

21 “روما تندد بمقترح طرد أهالي غزة: لم ولن يكون خياراً مقبولاً!”، الأخبار، 28/5/2025، الرابط: https://www.al-akhbar.com/world/837070/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AF%D8%AF-%D8%A8%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9–%D9%84%D9%85-%D9%8A%D9%83%D9%86-%D9%88%D9%84%D9%86-%D9%8A%D9%83%D9%88

22 “إقليم إيطالي يقطع علاقاته مع إسرائيل”، الجزيرة نت، 31/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/31/%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-2

23 “إسرائيل في مرمى الانتقادات الأوروبية.. الحصار الإنساني بغزة عار”، الجزيرة نت، 27/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/5/27/%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

24 ” أول دولة أوروبية تحظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية.. هكذا تصدّرت إيرلندا الضغط الأوروبي”، عربي21، 28/5/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1684242/%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B8%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D9%83%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B1%D8%AA-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D9%84%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A

25 “أوروبا تلوّح بالعقوبات… موقف يربك إسرائيل”، مرجع سابق.

26 ” عزلة إسرائيل الدولية: صحوة عارضة أم موقف حاسم؟”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 25/5/2025، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21434.aspx

27 “هجمة أوروبا على إسرائيل وتأثيرها في وقف الحرب”، الجزيرة نت، 26/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/5/26/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8

28 ” عزلة إسرائيل الدولية: صحوة عارضة أم موقف حاسم؟”، مرجع سابق.

29 “التحوُّل الأوروبي في العلاقة مع إسرائيل من الدعم التقليدي إلى الانتقاد العلني”، مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية، 22/5/2025، الرابط: https://shafcenter.org/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d9%85%d8%b9-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/

30 “تحالف من 32 دولة يخطط لدخول غزة سيرا على الأقدام”، الجزيرة نت، 25/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/25/%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%81-%d9%85%d9%86-32-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%8a%d8%ae%d8%b7%d8%b7-%d9%84%d8%af%d8%ae%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89

31 “هجمة أوروبا على إسرائيل وتأثيرها في وقف الحرب”، مرجع سابق.

32 ” عزلة إسرائيل الدولية: صحوة عارضة أم موقف حاسم؟”، مرجع سابق.

33 المرجع السابق.

34 “هجمة أوروبا على إسرائيل وتأثيرها في وقف الحرب”، مرجع سابق.

35 “لماذا تهاجم أوروبا نتنياهو الآن تحديدًا؟”، الجزيرة نت 24/5/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/5/24/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%AC%D9%85-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86

36 “مراجعة الشراكة ومأزق الدعم: تقدير موقف حول التحرك الأوروبي ضد الاحتلال”، مرجع سابق.

37 ” حالة الانتظار الفلسطينية… دعم أوروبي وتراجع عربي؟”، العربي الجديد، 31/5/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022