ما وراء اعلان سامي عنان الترشح للرئاسيات 2018 ؟

 ما وراء اعلان سامي عنان الترشح للرئاسيات 2018 ؟   يوم الخميس 11 يناير توالت أخبار مفاجئة من الدوائر اللصيقة بسامي عنان لتؤكد رغبته وسعيه للترشح رسميا ًللانتخابات الرئاسية في مارس القادم مما يؤكد استمرار حدوث مفاجآت في مسار العملية الانتخابية. لقد شهدت الشهور الماضية تراجع واختفاء شبه كامل لعنان في ما بدا أنه اقتنع بعدم الجدوي أو عدم القدرة في المشاركة في العملية الانتخابية بعد ضغوط وتهديدات وصلته مند اخلال نظام، كان أبرزها عندما صرح المشير حسين طنطاوي في نوفمبر 2016  بأن عنان كبر وعجز، وهي إشارة من طنطاوي لعنان وداعميه بضرورة الانسحاب من المشهد السياسي. ثم جاءت موجة صاخبة مرتبطة باعلان شفيق نيته الترشح من الامارات لتكثف الأضواء حول قرار شفيق بينما غاب عنان عن الصورة بشكل كامل. ثم تسارعت الأحداث ليعتذر شفيق عن الترشح بينما يندفع عنان كي يدخل لعبة الانتخابات. وكما كانت طريقة اعلان شفيق عن ترشيح نفسه ثم تراجعه غامضة ومثيرة للأسئلة والتكهنات فإن طريقة اعلان عنان أيضاً مايزال يشوبها الغموض حتي الآن .  فعنان علي عكس شفيق لم يخرج بنفسه معلناً عن ترشحه، ولكن جاء الاعلان عن طريق رئيس حزب "مصر العروبة "سامي بلح ، الذي أكد أن القرار جاء من قيادة الحزب بالتوافق مع سامي عنان، وأكد القيادي بالحزب رجب هلال حميدة علي نفس القرار، ثم نشرت الصفحة الخاصة بسامي عنان علي الفيسبوك اعلان الترشيح الذي قرره الحزب. وعلي الرغم من مرور ثلاثة أيام فلم يظهر عنان في حديث متلفز أومكتوب ليؤكد ذلك أو ينفيه. وفي تفسير هذه الطريقة في الاعلان يمكن القول أن عنان أراد أن يأتي القرار علي شكل جماعي باعتبار هيعبر عن توجه حزبي جماعي وليس قرارا ًانفرادياً خاصا ًبه، وبذلك يكتسب شكلاً مؤسسياً أفضل من رغبة شخصية ثم يظهر عن ان في مؤتمر صحفي متوقع ليؤكد أنه نزل علي رغبة الحزب في الترشح . وهذا تفسير جيد كبداية ولكن الموضوع أكبر من ذلك بكثير، فتجربة شفيق ما تزال ماثلة للعيان فالرجل أعلن ترشحه ثم تراجع عنه بعد ضغوط كبيرة مما أدي إلي خسارة كبري لشعبية شفيق في أوساط مؤيديه وتراجع أسهم من راهنوا عليه خلال الفترة الماضية . ولذلك فالتفسير الأدق أنما تم اعلانه يعكس توافق اًجري بالفعل بين عنان والحزب ولكن طريقة الاعلان تحقق هدفين كبيرين : أولهما ابقاء مخرج لعنان إذا اضطر لذلك تحت وطأة التهديدات فهو لم يعلن القرار بنفسه وبالتالي فإن التراجع لن يكون مكلفا ًبشكل كبير.. فيما تناقلت أنباء أن نجله سمير عنان رفض تأكيد خبر ترشيح والده، وثانيهما أن طريقة الاعلان تعتبر في حد ذاتها بالونة اختبار لردود فعل النظام والقوي السياسية، وهنا يتم اختبار موقف النظام فإما أن تصل تهديدات خطيرة تجبره علي الخروج من المشهد أو يصله دعم من بعض الدوائر داخل المؤسسة العسكرية أو القوي السياسية تعضد موقفه وتدفعه للاعلان بنفسه رسمياً عن دخول حلبة المنافسة. والحقيقة أن تأكيد عنان رسمياً سوف يضفي علي الأجواء الانتخابية روح أكثر اثارة وحيوية، وبالتالي يعيد للعملية الانتخابية بعض الأهمية التي افتقدتها منذ تراجع شفيق واعلان لجنة الانتخابات الجدول الزمني الضيق المحدود لسلق العملية بكاملها في ثلاثة شهور. كما أن ترشيح عنان يضع القوي السياسية علي محكال اشتباك مع العملية الانتخابية من جديد، فشخصية سامي عنان كرئيس أركان الجيش المصري في وقت يناير تكسبه مصداقية في أوساط المؤسسة العسكرية التي تتحكم في القرار السياسي في مصر الآن، كما أن علاقاته بالقوي الإسلامية يمكن اعتبارها جيدة علي نحو أو آخر ولكن علاقاته بالقوي الشبابية والثورية سيئة بسبب تجربة عام 2011. ونقطة ضعفه تتمثل في عدم وجود قاعدة سياسية واجتماعية داعمة للرجل مقارنة بالمرشح المنسحب أحمد شفيق. وعلى أية حال فستظهر الأيام المقبلة قدرات الرجل في حشد مؤيدين له ، أو أن يكون الاعلان مجرد تحريك لمياة الانتخابات الراكدة عند أقدام السيسي فقط، وهو ما قد يكون بديلا لدور المحلل ، بترتيب مع طنطاوي والسيسي أنفسهم..  

تابع القراءة

تنافس “الجنرالات” و”الخارجية” علي ادارة ملفات السياسة الخارجية .. كيف أضر بمصر؟

  تنافس "الجنرالات" و"الخارجية" علي ادارة ملفات السياسة الخارجية .. كيف أضر بمصر؟ جاء التسريب الاخير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" ثم قناة "مكملين"، بشأن تلقين ضابط مخابرات حربية (الجيش) لمذيعين مصريين كيفية التعامل مع قضية "القدس" وأنها عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، ليقدم دليلا جديدا على الصراع بين "الجنرالات" و"الخارجية" على ادارة ملفات السياسة الخارجية. إضافة الي حجم الضرر الواقع علي الدولة المصرية جراء هذا التغول العسكري علي ملفات تخص الامن القومي مثل المياه وفلسطين والسودان وغيرها، والتعامل معها دون خبرة سياسية بما يضر بأمن مصر مستقبلا. ومنذ حكم الرئيس السابق مبارك، كانت هناك منافسه واضحة بين "المخابرات العامة" و"وزارة الخارجية" حول تولي ملفات خارجية، انتهت بحسم الامر لرجل المخابرات القوي الراحل عمر سليمان الذي تولي الملفات الهامة مثل مياه النيل وسد النهضة وفلسطين وحماس، إضافة الي السودان، والتعامل مع أمريكا. وظل هذا الامر ساريا حتى وفاة عمر سليمان وتدول هذه الملفات بين الخارجية والمخابرات بشقيها (العامة والحربية) حتى حُسم امرها، ضمن سياسة توغل المخابرات الحربية والجيش في كافة شئون السياسة الداخلية والخارجية، لصالح "الحربية". وظل الوجود الهامشي للمخابرات العامة في هذه الملفات "شكلي" بحيث تظهر هي في الصورة بينما تحرك هذه الملفات فعليا، المخابرات الحربية أو الجنرالات بصورة أكبر، وساعد على ذلك حملة الاقالات التي قام بها السيسي لكبار رؤوس المخابرات العامة منذ انقلاب 3 يوليه 2013. "عسكرة" المخابرات العامة والخارجية وأصدر عبد الفتاح السيسي، ثمانية قرارات متتالية منذ 3 يوليه 2013، وحتى يوليه 2017، ابعد بموجبها 114 من وكلاء جهاز المخابرات العامة (ضباط جيش بالأساس) الي المعاش للتخلص من العمود الفقري للجهاز وتيسير تولية انصاره قبل أن يقوم بتحجيم الجهاز وابعاده عن الملفات المهمة التي تولاها جهاز المخابرات الحربية التابع للجيش. كما ابعد 30 دبلوماسي، ثم 15 أخرين على مدار العام الماضي في سياق تحجيم و"عسكرة" الخارجية، ووصل الامر لفرض تدريب على الدبلوماسيين في الاكاديميات العسكرية والكلية الحربية مده ستة أشهر. الفارق بين تعامل "الحربية" و"الخارجية" رغم تغول المخابرات العامة على عدة ملفات في عهد حسني مبارك، إلا أنها لم تستبعد الخارجية، حيث كان عمر سليمان يضع الخطوط العريضة بالتعاون مع مبارك لهذه الملفات ويعهد بالتفاصيل لوزارة الخارجية، بيد أن السيسي قلب هذه المعادلة تماما بنقل هذه الملفات الي "الحربية"، ولم يكتف برسمها السياسات الخارجية ولكن تلقين الاعلام المصري "رؤية" العسكر لحل هذه القضايا بصورة أظهرت ضعفا شديدا وعدم خبره في التناول العسكري لقضايا حساسة تمس الامن القومي. وكان أخطر ما في التسريبات الاخيرة هو إظهار خطورة ضعف خبرة المخابرات الحربية وترهل ادواتها في التعامل مع القضايا الحيوية لمصر بطريقة لا تنم عن أي خبرة استراتيجية او دراسة لمواقفها المتسرعة والمتصادمة مع الثوابت التاريخية المصرية والعربية في قضايا مثل القدس. واظهرت التسريبات كيفية إدارة الدولة بشكل عام، وكيفية إدارة السياسة الخارجية على وجه الخصوص، وكيفية تناول ملف فلسطين بشكل أكثر دقة، من قبل جهاز المخابرات الحربية، وسيادة الأجهزة السيادية العسكرية على السياسة الخارجية. وعلق السفير إبراهيم يسري مدير ادارة فلسطين السابق بالخارجية المصرية على التسريب الخاص بالقدس قائلا إنه "كشف الفرق الشاسع بين التناول العسكري غير المهني للقضايا السياسية وبين التناول السياسي المحترف، والفرق الخطير بين التعليمات التي تصدر من مسئول عسكري في موضوعات سياسية للأذرع الإعلامية، والتعامل السياسي الدبلوماسي المستند لخبرة ودراسة". وقال في تعليق على حسابه علي فيس بوك أن التناول السياسي للقضية الفلسطينية يستشرف كافة الجوانب التاريخية والقانونية وإدارة العلاقات الدولية واستخلاص تسويات صالحة للبقاء، بينما التناول العسكري، الذي ظهر في التسريبات، يبين أن الامر يجري فرضا وتسلطا وتجاهلا لكافة المعطيات". وبرغم عدم وجود تسريبات حول كيفية تعامل "الحربية" مع ملفات أخطر مثل مياه النيل، أو السودان، يكشف التعامل الرسمي وتصريحات السيسي والخارجية استمرار نفس التعامل عديم الخبرة في التعامل مع هذه الملفات الخطيرة، وقصر تناولها على تلافي "الاثار الجانبية" لسد النهضة دون التعامل مع "الخطر الاصلي الحقيقي"، ما ينبئ عن غياب أي استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الملفات ومن ثم تضييع حقوق مصر التاريخية. فمنذ تولي الجنرال السيسي لقضية مياه النيل، قدم أخطر تنازل لأثيوبيا بتوقيع اتفاقية سد النهضة عام 2014، ليهدم ثلاثة ثوابت مصرية رئيسية واستراتيجية في هذه القضية هي: حق مصر في الفيتو على أي انشاءات او سدود على النيل – حق مصر في 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا – التهديد العسكري المباشر بهدم أي سدود تبني دون موافقة مصر. وحين تناول السيسي في اخر لقاء له يناير الجاري مشكلة سد النهضة وتحدث عن حلول لمنع العطش عن المصريين لم يتطرق لكيفية تعامله مع ازمة سد النهضة، وأكدت تصريحاته انه ليس لديه حل للمشكلة ويتعامل معه كأمر واقع وشدد على ان الحل هو ان يشرب الشعب من البحر مياه معاجلة في محطة التحلية وأن الجيش يبني أكبر محطة تحلية في العالم. حيث قال السيسي إنه "لن يسمح بوجود مشكلة مياه في مصر وإحنا واخدين بالنا، وجاهزين" ثم فاجئ الجميع بان الحل هو: «إحنا بنعمل أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف والتحلية"، وتابع: "بنعمل اللي علينا، عشان نحلّ مسألة محتملة"!. عسكرة" الخارجية وضمن هذه المنافسة بين المخابرات الحربية والخارجية ونقل الملفات الحيوية الي الحربية وجعل "الخارجية" فرعا للمخابرات الحربية، سعي السيسي لإصدار عدة قرارات تصب في خانة ما يمكن ان نطلق عليه "عسكرة الخارجية" أبرزها: (أولا): قرار بإرسال الملحقين الدبلوماسيين الجدد للتدرب ستة أشهر في "الكلية الحربية" بالنسبة لشباب الدبلوماسيين، ومثلها في المخابرات الحربية، والتدريب في "معهد التمريض" العسكري بالنسبة للفتيات، ما دفع بعضهم للابتعاد عن العمل الدبلوماسي. وجاء هذا في اعقاب عقد سامح شكري اتفاقًا مع الجيش يتم بموجبه ابتعاث الملحقين الدبلوماسيين فور التحاقهم بالسلك الدبلوماسي لقضاء ستة أشهر في الكلية الحربية، بالإضافة إلى مدة شهر تقريبًا يقضونها في المخابرات العامة، "لحرص الرئاسة على اتسام العاملين بصفات عسكرية"، وفي إطار تقارب يربطه ببعض الشخصيات في القوات المسلحة. (ثانيا): ابعاد دبلوماسيين مخضرمين الي وزارات اخري واعمال ادارية بدعاوي انهم متعاطفين مع الاخوان وثوار يناير وهذا تكرر عدة مرات فقد شهدت أول حركة تغيير دبلوماسية عقب الانقلاب في 26 يوليه 2014، تغيير 30 سفيرا، طالت السفراء الذين اتهمتهم اجهزة امن السيسي بالتعاطف فكريا مع الاخوان أو الانتماء لهم. وكان من المستبعدين حينئذ أيضا: سفير مصر في لندن أشرف الخولى، وسفير مصر في فرنسا محمد مصطفى كمال، ومندوب مصر في جنيف السفير وليد عبد الناصر، وسفير مصير في كندا وائل أبو المجد نجل المفكر السياسي البارز أحمد كمال أبو المجد، الذي أثار بعض الانتقادات أيضاً. لاحقا وفي 18 مايو 2017 تم نقل 5 دبلوماسيين اعترفتوزارة الخارجية حينها بصدور قرار جمهوري بنقلهم الي جهات حكومية (وزارتي الزراعة والتنمية الإدارية وديواني اثنتين من المحافظات). وأكدت مصادر دبلوماسية…

تابع القراءة

تغيرات مفاجئة في الاعلام ودلالة التوقيت

 تغيرات مفاجئة في الاعلام ودلالة التوقيت شهدت خريطة الإعلام المصري تغيرات جذرية خلال الآونة الماضية، كان آخرها استحواذ شركة "إيجل كابيتال" للاستثمارات المالية على حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، في شركة إعلام المصريين للتدريب والاستشارات الإعلامية، الأمر الذي أحدث بدوره زلزالًا كبيرًا في الوسط الإعلامي وطرح صور جُديُده للمشهد الإعلامي. بموجب هذه الصفقة، تنتقل ملكية عدد من المؤسسات الإعلامية، والتسويقية والقنوات الفضائية إلى مجموعة "إيجل كابيتال"، والتي تضم: صحيفة "اليوم السابع"، وشبكة قنوات ON، والتي تضم قنوات «ON E، وON Live، وON Sport، وON Drama»، إلى جانب جريدة "صوت الأمة"، والموقع الإخباري "دوت مصر"، وجريدة "عين"، وموقع "انفراد"، فضلًا عن مجلة "إيجيبت توداي"، ومجلة "بيزنس توداي"، بالإضافة إلى "بريزنتيشن سبورت"، وشركة "مصر للسينما" وهي متخصصة في الإنتاج السينمائي، ومملوكة مناصفة بين مجموعة إعلام المصريين، وكذلك شركة "سينرجي" للإنتاج والإعلان، فضلًا عن شركة "POD" المتخصصة في العلاقات العامة، وكذلك شركة "هاشتاج"، و"سبيد"،"إيجيبشيان أوت دور" المتخصصة في إعلانات الطرق، و"داينو"، "أي فلاي". أحمد ابو هشيمة: السيرة والمسيرة والنهاية قبل سنوات معدودة لم يكن أحد يعرف شيئًا عن رجل أعمال مصري مغمور يُدعى أحمد أبو هشيمة، ابن محافظة بني سويف الذي أتم عامه الأربعين قبل عامين وينتمي إلى أسرة من الطبقة المتوسطة، فوالده ضابط سابق في موانى بورسعيد، ولكن في غضون سنوات معدودة برز اسمه تدريجيا على الساحة ودخل كل بيت مصري عبر بوابة "حديد المصريين" والذي كان يمتلك من خلال شركته الجديدة نحو 7% من سوق الحديد المصري قبل ثورة 25 يناير 2011. بعد الثورة صار أبو هشيمة معروفًا أكثر لدى رجل الشارع المصري، وتداولوا أخباره وأعماله على نطاق واسع، خاصة بعد زواجه  من المطربة اللبنانية هيفاء وهبي، ولكن الزواج لم يدم طويلًا وحدث الطلاق بينهما بعد زواج دام أربع سنوات فقط.[1] قصة صعود أسهم أبو هشيمة كرجل أعمال تبدو غامضة لدى البعض وملهمة لدى البعض الآخر، فمن خلال والده الشرطي تمكن أبو هشيمة من التقرب من رجل الأعمال البورسعيدي عبد الوهاب قوطة، أحد كبار مصنعى الحديد فى مصر، وارتبط بعلاقة صداقة قوية مع نجلي قوطة، لكن فجأة توترت العلاقات بين أبو هشيمة وأبناء قوطة ووصلت إلى ساحات المحاكم، وتبادلا رفع قضايا عبر اتهامات مختلفة؛ في الوقت الذي انشغلت فيه البنوك فى البحث عن القروض الضخمة لعائلة قوطة البورسعيدية بدأ نجم أبو هشيمة يلمع فى سوق الحديد المصري، خاصة بعد الشراكة التى أبرمها مع الشيخ محمد بن سحيم أل ثان، ابن الأسرة الحاكمة القطرية وبعد اندلاع ثورة 25 يناير وتنحي حسني مبارك عن الحكم وصعود الإخوان للسلطة. لم يكتف أبو هشيمة بإحكام قبضته على «حديد المصريين» والتحكم في أسعاره التي ارتفعت بصورة مبالغ فيها للطن الواحد ولكن بدأ يدخل سوق الإعلام الخاص للمنافسة والاستثمار في مجالات الميديا منذ مطلع عام 2012 أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي وتمكن من شراء أسهم جريدة اليوم السابع بعد شراء أكثر من نصف أسهمها ودخل أيضًا شريكًا وعضوًا منتدبًا فى قناة المحور التي ألغت العقد معه بعد ثورة 30 يونيو وردت إلى أبو هشيمة مبلغ 160 مليون جنيه؛ قبيل منتصف عام 2016 فوجئ القائمون على الإعلام المصري ببيع الملياردير المصري، نجيب ساويرس، كامل أسهمه في قناة "أون تي في" الفضائية، لرجل الأعمال الصاعد بسرعة الصاروخ، صاحب مجموعة شركات "حديد المصريين" أحمد أبو هشيمة، وأكدت الشركة حينذاك أن خطوة الاستحواذ على القناة، ستتبعها خطوات أخرى تدعم الهدف الأساسي للشركة، وهو استعادة الريادة المصرية وتقديم إعلام تنموي شامل. هذه التغيرات الجديدة فجرت تساؤلات عدّة، حول أسباب الخروج المفاجئ لـ«أبو هشيمة» من السوق الإعلامية المصرية، ومصير الشركات الإعلامية التي تمتلكها شركة إعلام المصريين والاندماجات والكيانات الوليدة في سوق الإعلام الخاص، والدور الجديد الذي ستلعبه داليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة خلال المرحلة المقبلة، ولماذا أُسنِدَت رئاسة شركة «إعلام المصريين» لأسامة الشيخ رئيس قطاع الإذاعة والتليفزيون الأسبق وعلاقة تلك التغيرات بالقناة التليفزيونية الإخبارية الكبرى التي أفصح عنها السيسي فى 8 نوفمبر الماضي أثناء انعقاد منتدى شباب العالم بشرم الشيخ.  وقد ذكر موقع "التحرير" أن أسامة الشيخ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة إعلام المصريين للتدريب والاستشارات الإعلامية، تلقى اتصالًا هاتفيا من أحد الأشخاص -لم يحدده- أثناء وجوده في السعودية يطلب حضوره إلى مصر لتسلم مهام عمله الجديد في شركة إعلام المصريين بعد خروج رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة واستحواذ شركة "إيجل كابيتال" للاستثمارات على كامل حصته. وأضاف أن الشيخ قام بالفعل بقطع زيارته، التي كانت قد أوشكت على الانتهاء، ووصل قادمًا من السعودية صباح أمس الإثنين، دون أن يعلم بالتحديد المهام المنوطة به في تلك المرحلة أو تفاصيل الاستحواذ الأخير، مستطردًا "أسامة الشيخ تم استدعاؤه وفوجئ بكل ما يحدث ولم يعلم بكل التفاصيل مسبقًا.[2] محاولة لتفسير التوقيت: الملامح الأولية للخريطة الإعلامية الجديدة بدت واضحة، على خلفية العديد من التغييرات الجوهرية الجارية فى المشهد الإعلامي المصري، قبل أسابيع من إجراء الانتخابات الرئاسية المصرية. ووجود شخصية مثل اسامة الشيخ على رأس الادارة، تعيد الى الأذهان الطريقة التي كان يقود بها مبارك سلاحه الاعلامي، وشعور السيسي بضرورة ضبط هذا السلاح، حتى يتم التجديد له بهدوء. هذا في الوقت، الذي أعلن فيه المرصد العربي لحرية الاعلام، عن إحصائية بانتهاكات النظام المصري، ضد الصحافة، حيث قام ب 1058 انتهاكا أبرزها الحجب وأحكام الإعدام والمؤبد والاهمال الطبي والإدراج بقوائم الإرهاب، بهدف تكريس الاعلام الاحادي تمهيدا لإنتخابات رئاسية بلا صحافة مستقلة. يسعي النظام الى توفير شتى الوسائل التي تمكنه من استمرار غلق المجال العام، وقتل السياسة، بهدف استمراره على رأس السلطة. [1] https://www.tahrirnews.com/posts/858316/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D9%87%D8%B4%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84   [2] https://www.tahrirnews.com/posts/858316/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D9%87%D8%B4%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84  

تابع القراءة

تدهور العلاقات المصرية السودانية

 تدهور العلاقات المصرية السودانية شهدت الفترة الأخيرة توترا ملحوظا في العلاقات المصرية السودانية، ساهم فيه الإعلام بشكل كبير، رغم العديد من التوقعات بأنه لن يصل الأمر إلى الحد الذي تسحب فيه السودان سفيرها من القاهرة للتشاور في 4 يناير الجاري بغرض التشاور، بالإضافة إلى إلغاء زيارة تشاورية لوزير الخارجية السوداني لمصر والتي كانت مقررة في نفس اليوم. بدأ التوتر حينما اتهم الرئيس السوداني "عمر البشير" بقيام الحكومة المصرية بدعم الحركات المسلحة السودانية المتمردة، ثم تصريح وزير الخارجية السوداني "إبراهيم الغندور" بشأن سودانية حلايب وشلاتين، وبعدها تم تداول بقيام السودان بإخطار الأمم المتحدة برفض الخرطوم لما يعرف باتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية ومصر، وأن الاتفاقية تجاوزت للحدود البحرية السودانية، ورفضها لتضمين تلك الحدود مثلث حلايب "السوداني". وأعيد الأمر من جديد – بدافع من الإعلام في البلدين – حين قررت السودان منح تركيا جزيرة سواكن لتتولى تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم تُحدد، وهذا تم اعتباره وسيلة جديدة لانتقال الأسلحة إلى مصر، إذ تم الاعتبار أنها ستكون قاعدة دفاع وتدريب وتخزين للسلاح. ودخلت إثيوبيا على خط التوتر بين البلدين، حينما روجت صحيفة إثيوبية بأن مصر طلبت من إثيوبيا استبعاد السودان من المفاوضات بشأن سد النهضة، وهذا ما نفته مصر، وأوضحت أن الطلب كان بخصوص توسيط البنك الدولي. وقبل يومين، أكد وزير الخارجية "سامح شكري" هذا الأمر، وأنه تم إرسال خطاب رسمي لنظيره السوداني عقب زيارته الأخيرة لأديس أبابا، يتعلق بالمبادرة الجديدة حول أزمة مياه النيل، لكن لم يتم الرد على الخطاب حتى الآن. يضاف إلى هذا أنه قبل أيام، كانت هناك زيارة من أركان الجيش الإثيوبي للخرطوم استغرقت عشرة أيام، بما يعبر عن نمو في العلاقات السودانية الإثيوبية في الفترة الأخيرة. وقبل أيام من زيارة الرئيس الإرتري لمصر التي يجريها اليوم، تم التداول بأن مصر أرسلت تعزيزات عسكرية لقاعدة "ساوا" في إريتريا، التي تقع في إقليم محاذي لشرق السودان، وذلك بعد اجتماعات تمت في تلك القاعدة بين قيادات عسكرية وأمنية من مصر والإمارات وإريتريا وبعض ممثلي المعارضة السودانية. وكان هذا بعد قرار البشير بإعلان حالة الطوارئ في عدد من الولايات السودانية منها ولاية كسلا الواقعة في الشرق السوداني. البعض يرى أن للإمارات دور كبير في التوتر بين مصر والسودان، وأن اشتراكها في مثل هذه الخطوات يأتي تأديبا للسودان على خطتها بخصوص جزيرة سواكن مع تركيا، بالإضافة إلى أن توتر العلاقات الإماراتية مع جيبوتي دفعها للبحث عن بديل جديد لها في المنطقة، وكانت إريتريا – المنافس الإقليمي لجيبوتي – اختيارا مناسبا، خاصة وأنها كانت واقعة تحت تأثير النفوذ الإيراني، ثم حصولها على عقد إيجار لمدة 30 عاما للاستخدام العسكري لميناء عصب الإريتري. البعض يرى أن تلك التوترات السياسية قد تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ففي مارس الماضي قررت وزارة التجارة الخارجية السودانية منع استيراد منتجات زراعية مصنعة في مصر بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والصحة العامة، بالإضافة إلى أنه في سبتمبر الماضي قررت وقف استيراد الخضر والفاكهة والأسماك من مصر بشكل مؤقت لحين اكتمال الفحوصات المعملية، وان قد وافق رئيس الوزراء السوداني في مايو الماضي على حظر دخول السلع المصرية الزراعية والحيوانية إلى بلاده مع إلزام القطاع الخاص باستيرا السلع مباشرة من بلد المنشأة دون عبورها بمصر؛ جدير بالذكر أن السودان كانت في المرتبة الأولى في 2016 ضمن دول حوض النيل في الدول المستوردة من مصر بقيمة 5.6 مليار جنيه، بزيادة قدرها 33.9% عن عام 2015؛ ويصل حجم الاستثمارات المصرية في السودان نحو 2.3 مليار دولار. وكانت من ضمن التصعيدات، مطالبة نواب في البرلمان السوداني قبل يومين بأن يتم إلغاء اتفاقية "الحريات الأربع" مع مصر، وهي حرية التنقل والتملك والعمل والإقامة الموقعة في 2004.

تابع القراءة

تسريبات “نيويورك تايمز” و”مكملين” .. التوقيت والدلالات

 تسريبات "نيويورك تايمز" و"مكملين" ..  التوقيت والدلالات   خمسة ملاحظات هامة يجب تداركها قبل أي تحليل وتفسير لدلالات تسريبات "نيويورك تايمز" وقناة "مكملين" وتوقيتها: (أولها): أن من بدأ التسريب سربه الي صحيفة أمريكية كبري يقرأها كبار السياسة ورجال الكونجرس والسياسيين في العالم، ثم سربه لاحقا الي قناة "مكملين" التي سبق ان بثت عدة تسريبات من مكتب السيسي ومسئولين أخرين، ما يؤكد أن "مصدر" التسريب في كل الحالات واحد. (ثانيا): أن التسريبات جاءت قبل ساعات من إعلان سامي عنان رئيس الاركان السابق نيته الترشح للرئاسة، وهو الذي يتردد أن انصاره وراء بعض هذه التسريبات، ربما لكشف وتوجيه رسالة للأذرع الاعلامية للسيسي كي توقف عن الهجوم عليه بعدما ظلت منذ مايو الماضي تزعم أنه ينسق مع الاخوان وأيمن نور. وبدأت تلك التسريبات مبكرا منذ انقلاب 3 يوليو 2013 واعتبرت مؤشرا على احتدام الصراع داخل الأجهزة السيادية للسيطرة على المشهد المصري سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وارتبط معظمها بالسيسي ومدير مكتبه عباس كامل، وأعضاء بالمجلس العسكري وأخيرا بضباط من داخل تلك الأجهزة. (ثالثا): أن التسريبات لم تختلف عن موقف نظام السيسي من قضية فلسطين والقدس وأنها "حقيقية" بصرف النظر عن صحة التسريبات او فبركتها كما سعت لذلك أذرع السيسي، وكثيرا مما ورد فيها حول الموقف الرسمي للسيسي من (اسرائيل) قريب جدا من الحقيقة، وعلى الأخص فيما هو منسوب الى الضابط المُلَقِن من ان "الصراع مع اسرائيل ليس من مصلحة مصر الوطنية"، وأن الفلسفة الرئيسية التي تقوم عليها شرعية نظام السيسي هي ان وجوده وبقاءه ومصالحه هو مع امريكا و(اسرائيل) وليس مع فلسطين ولو ضاعت كل الارض وأُبيد كل الشعب واغتُصبت كل المقدسات وذهبت القدس عاصمة لإسرائيل. (رابعا): أن التسريبات تزامنت مع قيام الاحتلال وأمريكا بإصدار قرارات وتشريعات تتخطي كل ما قيل عن "صفقة القرن"، سواء فيما يخص اعتبار القدس عاصمة للدولة الصهيونية، وتصديق حزب نتنياهو (الليكود) على قانون يفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يعني فرض السيادة "الإسرائيلية" على الضفة الغربية المحتلة، وإنهاء السلطة الفلسطينية، وبهذا تكون فكرة حل الدولتين نُفذت مع انطباع عالمي بأن بعض العرب وافقوا، وجاءت التسريبات لتقر موقف سلطة الانقلاب الحقيقي بصرف النظر عن الموقف الروتيني المعلن في بيانات الخارجية. (خامسا): أن التسريبات فيما يخص دول الخليج ظلت تسب  في دول الخليج خصوصا الكويت هذه المرة، إضافة الي قطر، والحديث عن أن دولة الكويت ستكون في مرمى نيران الإعلام المصري إذا لم تتراجع عن موقفها، الذي قال إنه مؤيد لقطر، دون أن تتحرك دول الخليج للاحتجاج منذ تسريب "الرز" الشهير، ورغم وضوح السب لهم من ضابط مخابرات حربية لا يتحرك إلا بأوامر عليا. من هذه النقاط الخمسة يمكن فهم "توقيت" التسريبات فيما يخص الحديث عن "القدس" تحديدا كعاصمة للدولة الفلسطينية بعد قرار ترامب وانهيار المصالحة الفلسطينية، وكذا توقيتها فيما يخص أحمد شفيق، بعدما كشفت أن شفيق انسحب بعد تهديده بفتح ملفات فساد وحبسه بعد يوم واحد من اعلانه سحب ترشحه، إضافة لتوقيتها فيما يخص حبيب العادلي. وتوقيتها أيضا فيما يخص الكشف عن المصريين ليسوا بحاجة إلى تسريبات تبثها صحف أو قنوات من الخارج ليدركوا أن الإعلام المصري "موجه"، فكل شيء واضح كشمس الظهيرة ولكن شاءت المقادير أن يذق أصحاب "الصندوق الأسود" من الكأس نفسها، وأن يشمت فيهم من ظنوا بالأمس أنهم قد ردموهم تحت ركام هائل من الافتراءات والاختلاقات والأكاذيب. دلالات التسريبات ويمكن إجمال أبرز دلالات التسريبات فيما يلي: 1-   فيما يخص تسريب أحمد شفيق، أظهرت التسريبات أن اساليب الضغط والنشوية لأي مرشح في مواجهة السيسي جاهزة ويشارك فيها القضاء الذي أصبح مجرد أداة من ادوات السلطة يؤمر بالتحقيق في شئ ويتغاضى عن شيء أخر، وأن تشويه شفيق وتهديده بهذه الطريقة يظهر ان المجلس العسكري لم يوافق على ترشيح شفيق. 2-   تسريب القدس كشف حقيقة الموقف الرسمي المصري من (اسرائيل) والقائم على تفضيل مصلحة تل ابيب على الفلسطينيين، وأن هذا الموقف لا ينفصل عن موقف السلطة العسكرية من القضية الفلسطينية، منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، التي بموجبها انسحبت مصر من الصراع ضد (اسرائيل) واعترفت بشرعيتها وبحقها ان تعيش على ارض فلسطين التاريخية ما عدا الضفة الغربية وغزة، مقابل استرداد سيناء مقيدة السلاح والقوات، وعلى حساب الامن القومي المصري والعربي وحقوق الشعب الفلسطيني. والاخطر أنه كشف وفسر لماذا تعتبر اسرائيل عصر السيسي هو العصر الذهبي لها مع مصر، بعدما لبى طلبها القديم الذي رفضه مبارك بإخلاء رفح والحدود الدولية من السكان وإقامة منطقة عازلة، ودعم عدوانها على غزة عام 2014، وسمح لطائراتها بقصف سيناء، وسحب قرار ادانة مصري للمستوطنات الاسرائيلية من مجلس الامن بعد مكالمة تليفونية من ترامب، وأجري لقاءات سرية ثم علنية مع نتنياهو، وشجع الخليج علي التطبيع معها. 3-   فيما يخص حبيب العادلي كشفت التسريبات أن الغاء محكمة النقض حكم سجن حبيب العادلي وزير داخلية مبارك 7 سنوات، جاء بأوامر للقضاء بعدما أصبح السيسي هو الذي يعين قضاة المحكمة النقض عقب قرار تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وأن حبيب العادلي سلم نفسه "عشان الموضوع يخلص بشياكة"، كما قال ضابط المخابرات لعزمي مجاهد، رغم أنه ختم حديثه معه بقوله "احنا دولة قانون"! 4-   ومن أخطر دلالات التسريبات هي الكشف أن العسكر يديرون الملفات الخارجية بدون خبره، وأنهم يورطون مصر في مشكلات سيستغرق حلها عشرات السنين بعد انتهاء هذا النظام لأنها مشاكل تمس صميم الامن القومي خاصة ملف المياه وفلسطين والسودان. حيث كشفت العقلية التي تدار بها ملفات الامن القومي المصري الحيوية وحجم التنازلات فيها، وهو ما ظهر أيضا في حديث السيسي عن أن حل مشكلة الامن المائي الخطيرة، وتجنيب مصر العطش تتلخص في بناء أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف وتحليتها مياه البحر ليشرب منها الشعب المصري. 5-   التسريب الاخير أكد ان كل التسريبات السابقة صحيحة ودحض الأقاويل التي تدّعي أن التسريبات لا تنتسب لضباط حقيقيين في أجهزة أمن مصرية، بعد أن تم الحوار فيه بين النقيب أشرف الخولي والمقدم إمام من أمن الدولة، ويظهر في التسريب التنسيق بين المخابرات الحربية وأمن الدولة ورئيس قناة العاصمة. حيث يكشف التسجيل اجتماع رئيس قناة العاصمة وليد حسني مع ضابط في جهاز أمن الدولة، يدعى "المقدم إمام"، في الوقت الذي كان يتحدث فيه النقيب أشرف الخولي مع حسني، ما أكد أن شخصية الضباط أشرف الخولي حقيقية. والملفت أيضا هو ظهور فيديو من العام الماضي للميس الحديدي مع "أبلة فاهيتا" يؤكد أن شخصية ضابط المخابرات أشرف الخولى الذي ظهر في التسريبات وهو يعطي التعليمات للإعلاميين والممثلين هي شخصية حقيقية لا مفبركة.    

تابع القراءة

أسباب وراء تجاهل السلطة لأي تنديد على أحكام الإعدام

 أسباب وراء تجاهل السلطة لأي تنديد على أحكام الإعدام مقدمة لا يخفي على المتابع الجيد للشأن الداخلى لمصر أحكام الإعدام التى أجريت في ختام عام 2017 بإدعاء أنهم ينتمون لتنظيمات ارهابية وقاموا بحادث إرهاب سقط فيه ضباط وجنود، وحينما تمت تلك الإعدامات قام الرأى العام الداخلى والخارجي ولكنه قعد مرة أخرى ليستعد لأحكام بإعدامات أخرى في مفتتح عام 2018 على 4 من الشباب بنفس التهم السابقة مع اختلاف جغرافيا الحادث. 4 أسباب وراء عدم اكتراث السلطة تحرك لتلك الحوادث الرأى العام العالمي في الوقت نفسه كان النظام متجاهلًا لكل هذه الاستنكارات في الداخل والخارج، ومن ثمّ يثار تساؤل وهو (لماذا لا تؤثر الانتقادات والبيانات في تنفيذ أحكام الاعدام؟) وخاصة في المرة الثانية؛ لدينا 3 معطيات وأزمات في الوقت ذاته في هذه المسألة لا بد أن تؤخذ في الاعتبار وهي تعتبر أسباب رئيسية وراء تجاهل السلطة لردود الفعل: المحاكم التي حوكم فيها هؤلاء الشباب المعدومين هي محاكم عسكرية غير مدنية. توقيت الإعدامات جاء بعد وعد السيسي بالرد على الإرهاب بكل العنف. أهالي ضحايا الحوادث المنسوب فعلها للمعدومين في حاجة إلى قصاص. إذا ظن المرء أنه على صواب على الرغم من سخط الكثيرين فهو يقتنع بأنه لا يخشى في الحق لومة لائم، وإذا تبين أنه على خطأ فيجب أن يتراجع في ذلك، لكن القائد العسكري لا يرجع في قراره فبالتأكيد القاضي العسكري لا يرجع هو أيضًا وهذه هى الأزمة الأولى وبالتالى نحن هنا بصدد أزمة أخلاقية وهى التعالي خاصة في ظل أن هناك مجموعة من الحقوقيون أظهروا خلل ما في ادانة المعدومين ابتداءًا، وذلك على افتراض أنه هناك من الأساس مساحة لتفحص الأمر ومراجعته في سياق رئيسي وهو ما يسمى بالحرب على الإرهاب وسياق أضيق هو الرد بكل العنف كما وعد السيسي المصريين مؤخرًا وهذه هي الأزمة الثانية؛ أما الأزمة الثالثة والأخيرة أنه أطفأ نار أهالي الضحايا الذين أغلبهم من العسكريين البيئة التى جمعت القاضي والضحية الأمر الذي يجعله مصرًا على الأخذ بثأر هؤلاء. السبب الرابع والأخير هو يمكن أن نستنتجه بالرجوع بالتاريخ إلى الوراء، هذا السبب نتاج تجاهلات عدة على ردود فعل قديمة منذ أحداث 3 يوليو حينما تم الحكم بالإعدام على مئات من جماعة الإخوان على رأسهم المرشد العام د. محمد بديع وقتذاك كان هناك تحذير عالمي من تزايد العنف ونمو التطرف والتشدد[1] الأمر الذي يعكس جهل السلطة الحاكمة بتلك الأمور فهو من شدة الاستبداد لا يعقل ما يقوم به فيظن أنه بتلك الإعدامات يقضي على السلوك، لا يدرى أن السلوك لا يموت بانتهاء حياة شخص أو اثنين أو حتى المئات خاصة في ظل ارتباط السلوك بفكرةٍ ما. [1] رفض دولى لأحكام إعدام الإخوان بمصر .. وأمريكا تحذر من نمو التطرف والتشدد، العربية، 29 ابريل 2014، الرابط : https://is.gd/noyNuB

تابع القراءة

المشهد السياسى من 4 يناير الى 12 يناير 2018

 المشهد السياسي المشهد  المصري الداخلي: سياسياً 3    قامت قناة مكملين بإعادة نشر التسريبات التي نشرتها مجلة نيويورك تايمز الأمريكية، وجاء في التسجيلات الصوتية، أن ضابط مخابرات يدعى أشرف الخولي يؤكد على أن موقف مصر العلني يتمثل في شجب قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنه طالب الإعلاميين بتشجيع المشاهدين على قبول قرار الرئيس الأمريكي بدعوى أن معارضته سوف تتسبب في المزيد من القتلى الفلسطينيين؛ وتابع الخولي أن الصراع مع إسرائيل لا يصب في مصلحة مصر، وأكد الخولي أن الانتفاضة تمثل خطورة بالنسبة لمصر، لأنها لن تخدم المصالح القومية المصرية إذ أنها تعيد الحياة للإسلاميين وحماس، كما طالب الإعلاميين بالهجوم على قطر، وفى تسريب أخر يعطى هذا الضابط أوامر للإعلاميين بمنع الهجوم على شفيق، لأنه يتم التفاوض معه الأن من أجل التراجع عن خوض الانتخابات، كما يهاجم الضابط المخابرات العامة، والتي تدعم شفيق، أكدت صحيفة نيويورك تايمز على صحة هذه التسريبات، وأنها تواصلت مع عزمي مجاهد  الذى أكد على صحة التسريبات، ويتضح من التسريبات أن هناك توجيه من قبل المخابرات الحربية للإعلام (ومن المعروف أنه يوجد توجيهات للإعلام)، ويتضح أيضاً أن هناك هجوم من قبل الضابط على المخابرات العامة، وهو ما يؤكد على وجود خلافات داخل نظام السيسي والتي تزداد بين المخابرات الحربية والمخابرات العامة، كما أن توقيت التسريبات (قبل الانتخابات الرئاسية) يشير إلى أن هناك قوى داخل النظام لا تريد استمرار السيسي في الحكم، كما أن هذه التسريبات قد تكون متعمد تسريبها كـ بلونة اختبار لمعرفة موقف الرأي العام مما يسمى "صفقة القرن". 3    أعلنت الهيئة العامة للانتخابات عن الجدول الزمنى للانتخابات الرئاسية، حيث يتم الإعلان النهائي للمرشحين في 31 يناير، وتجرى الانتخابات في الخارج يوم 16 مارس لمدة 3 أيام، وفى الداخل تبدأ مع يوم 24 مارس لمدة 3 أيام. وبالنظر إلى الأجواء السياسية حول العملية الانتخابية نجد أن نظام السيسي أحكم السيطرة عليها من خلال: السيطرة على الهيئة العليا للانتخابات، حيث لم تخرج الأسماء المختارة لقيادة الجهاز التنفيذي للهيئة عن الدائرة المحيطة بوزير العدل حسام عبد الرحيم، المقرب بدوره إلى الدائرة الشخصية للسيسي، لصداقته بشقيقه القاضي أحمد السيسي، منع إقامة المؤتمرات والحملات الانتخابية في ضوء القوانين التي تمنع ذلك بدون تراخيص وتصاريح من الشرطة، ويزداد الوضع تعقيداً في ضوء مد حالة الطوارئ، منع ترشح شخصيات قوية مثل شفيق، الذى أعلن انسحابه من الانتخابات بعد تعرضه للعديد من الضغوط من جانب النظام (وهو ما أكدته التسريبات التي بثتها قناة مكملين)؛ منع المنظمات الحقوقية من مراقبة الانتخابات الرئاسية، بدعوى وجود عدد منها يتلقى تمويلاً من مؤسسات دولية من أجل تحقيق مصالح خاصة تضر بمصالح مصر (وهو الطلب الذى تقدم به عدد من النواب داخل البرلمان). 3    أعلن خالد علي استمراه في الترشح للانتخابات الرئاسية ودعا المواطنين إلي عمل توكيلات له، كما أعلن حزب مصر العروبة الذي يرأسه سامي عنان قراره الترشح للانتخابات القادمة. 3    وافق البرلمان المصري على مد حالة الطوارئ للمرة الرابعة؛ تأتى فرض حالة الطوارئ مع قرب الانتخابات الرئاسية، حيث يسعى السيسي من خلال مد حالة الطوارئ إلى التضييق على عقد الحملات الانتخابية من قبل المرشحين الأخرين. 3    كشفت مصادر حكومية مصرية عن قيام أجهزة أمنية بتسلم كشوف أسماء وملفات قرابة 112 ألف موظف كانوا قد التحقوا بالجهاز الإداري للدولة في عدد من الوزارات والمرافق العامة، خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، وذلك لمراجعتها، وإنهاء خدمة من يثبت منهم انتماءه إلى جماعة الإخوان المسلمين؛ فمن المتوقع أن يقوم السيسي بإخراج الموظفين الذين يثبت انتمائهم إلى جماعة الإخوان، بدعوة تضخم الجهاز الإداري للدولة وضرورة تخفيض تلك الأعداد لتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة؛ كما يقوم النائب محمد أبو حامد، على إعداد مشروع قانون لمعاقبة كل من يثبت انتماؤه إلى جماعة الإخوان المسلمين بالفصل من وظائفهم العامة. أمنياً 3    تم العثور على 20 جثة لعناصر مسلحة في إحدى المناطق جنوب العريش، ومن المرجح أن تكون هذه الجثث إثر مواجهات مسلحة بين عناصر "ولاية سيناء" بعضهم مع بعض. فهناك صراع بين فريقين داخل ولاية سيناء، الفريق الأول يرى ضرورة عدم الاصطدام مع النظام القبلي السيناوى حتى لا يفقد الحاضنة الشعبية له؛ أما الفريق الثاني، والذي أغلبه من خارج سيناء سواء من محافظات مصرية، أو أجانب من خارج مصر، فيرى ضرورة تنفيذ أجندة التنظيم الأم، من دون النظر إلى النظام القبلي، وزادت هذه الخلافات بعد الهجوم على مسجد الروضة. 3    تجمهر العشرات أمام قسم شرطة المقطم، بعد إعلان الداخلية عن وفاة عفروتو المحتجز بذات القسم بتهمة الإتجار بالمخدرات، وصرحت مصادر أمنية أن سبب الوفاة كان نتيجة تناوله جرعات من مخدر الاستروكس داخل الحجز، في حين أكد المتجمهرين أنه مات نتيجة التعذيب، وهو ما أكده مصدر من الطب الشرعي، الذي أكد على أن التقرير المبدئي كشف عن وجود نزيف في البطن وتهتك في الطحال، وفى حين أنه تم حجز معاون مباحث قسم المقطم وأمين شرطة 24 ساعة لحين ورود تحريات المباحث، تم حبس 43 آخرين بتهمة التعدي على قوات الشرطة وقسم المقطم، 4 أيام على ذمة التحقيقات، وتتضمن الاتهامات الموجهة لهم في التجمهر واتلاف الممتلكات العامة والخاصة والاعتداء على قوات الأمن، ومن بين الاتهامات أيضاً حيازة مواد حارقة (المولوتوف)؛ ولا تزال الشرطة تتعامل بالأسلوب القديم القائم على القتل خارج إطار القانون، سواء كان لأسباب سياسية أو جنائية، متأكدين من أنه لن يتم محاكمتهم، حيث أن التعامل الأمني المفرط ضد أفراد المجتمع مثل التعامل المفرط ضد جماعة الإخوان المسلمين والمعارضين السياسيين، والتعامل المفرط مع أهالي النوبة، بالإضافة إلى التعامل مع بعض الأهالي المتهمين بتجارة المخدرات (لا يعنى ترك تجارة المخدرات دون تدخل الشرطة، ولكن أن يتم التعامل وفقاً للقانون)، فإن ذلك يؤدى إلى زيادة السخط المجتمعي ضد الشرطة، وهو ما يؤدى إلى تقليل التعاطف معها، ومواجهتها في بعض الأحيان، وقد تزداد هذه المواجهة لمحاولة إسقاطها كما حدث في ثورة يناير. اقتصاديا 3    أكدت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية، أن ديون مصر ارتفعت من 55.8 مليار دولار عام 2016 إلى 79 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران 2017م؛ كما أكد التقرير السنوي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذى صدر أن معدلات التضخم في مصر وصلت إلى 30.7% خلال عام 2017 مقارنة بما كانت عليه في 2016م؛ ويمكن القول أن زيادة هذه المديونية والتضخم، ناتجة عن سياسة الاقتراض التي يقوم بها النظام، وصرف هذه القروض في مجالات غير إنتاجية، كما أن معظم المشروعات التي يتم إقامتها خاصة بالقوات المسلحة، وبالتالي لا تمثل عائدا إضافيا للاقتصاد القومي، من حيث توفير فرص عمل أو المساعدة في خفض الأسعار. 3    توقيع عقد شراكة بين الهيئة القومية للإنتاج الحربي وشركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي والشركة المصرية الكيميائية المتخصصة (شركة…

تابع القراءة

ابعاد الصراع فى فى البحر الاحمر بعد تحالف تركيا والسودان وقطر ضد مصر

  تحالف تركيا والسودان وقطر ضد مصر   أحد مفارقات الصراع السياسي بين مصر السيسي وتركيا اردوغان، أنه بعدما اتجه السيسي لملاعبة والضغط على تركيا عبر التحالف مع قبرص واليونان وإسرائيل وصلح إجراء مناورات بين الدول الاربعة في البحر المتوسط قرب الحدود التركية، تحركت تركيا ودخلت البحر الأحمر من  المنفذ الشمالي (باب المندب )  منجهة الصومال ثم اقتربت من حدود مصر في سواكن السودانية، وظهر تحالف تركي سوداني قطري وتدعمها. وحين أفشل السودان هجوم وتمرد مسلح من دارفور، كشف عن تحرك المتمردين بمدرعات وآليات مصرية واتهم القاهرة بدعم المعارضة السودانية والانفصاليين، وردت القاهرة بانها اليات ربما تسربت للمتمردين في دافور من خليفة حفتر الذي ذودته القاهرة بهذه الاسلحة والعربات، رغم وجود حظر أممي علي نقل السلاح للفرقاء الليبيين. (الملف الثاني ) : تصاعد الخلاف حول حلايب وشلاتين بعدما غضب السودان من توقيع اتفاق تيران وصنافير المصري السعودية، الذي يعتبر حلايب وشلاتين مصرية، وتصاعدت المطالب السودانية بالتفاوض أو حل المشكلة عبر التحكيم الدولي. (الملف الثالث ) : كان من المفترض أن يكون بناء سد النهضة الاثيوبي مبرر التحالف أقوي بين مصر والسودان باعتبار انهما دولتي مصب لنهر النيل ومتضررت ان من بناء سدودأ عالي النيل، ولكن توتر العلاقات المصرية السودانية ورفض القاهرة الاستجابة لمطالب السودان حل مشكلة حلايب والاستمرار في الهجوم الاعلامي على السودان، دفع الخرطوم لتعظيم مكاسبها من سد النهضة ( توفير كهرباء رخيصة ووقايتها من الفيضانات وتقليل الطمي في سدودها ) ، والتهوين من خسائرها التي هي خسائر كبري لمصر. والان اصبحت السودان تقف مع اثيوبيا ضد مصر في مايخص مشكلة السد وترفض معها مطالب مصر، ما يشكل تهديد خطير للأمن القومي المصري. ويضاف لهذا تحالف القاهرة مع جنوب السودان ومحاولة خنق الشمال عن طريق الجنوب، ولعب الاخيرة دورا في دعم متمردي دارفور والحركة الشعبية الجنوبية، فضلا عن عمليات مضايقة والقاء القبض على سودانيين في مصر وطرد ومنع دخول صحفيين سودانيين. والآن تتجه العلاقات لمزيد من التأزم بعد سحب السودان سفيره بمصر للتشاور واحتمال عدم اعادته بعد اهانة اعلاميّ النظام للرئيس البشير وتصوير اردوغان يصعد على ظهره للنيل من مصر بعد زيارة اردوغان للسودان والاتفاق على إدارة تركي الجزيرة سواكن. وخطورة التصعيد الاخير في العلاقات السودانية المصرية، انه في حالات التصعيد السابقة كان الخلاف ثنائي وسرعان ما تتبدد الغيوم ويعود البلدان للتعاون رغم تهديدات الحرب، ولكن هذه المرة هناك عوامل اشعال ذاتي أكبر للعلاقات فضلا عن دخول أطراف اخري اقليمية في الصراع خصوص اتركيا ما يهدد بتحويل أي صراع ثنائي إلى صراع،  وربما حرب اقليمية على النفوذ في البحر الاحمر . فالزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم يوم 24 ديسمبرالماضي، والنتائج الاستراتيجية الخطيرة التي تم خضت عنها، رشت الكثير من الملح علي جراح العلاقات الملتهبة، خاصة اتفاقات التعاون العسكري والأمنيو الاقتصادي التي وقعها الرئيس السوداني مع تركيا. ولعل أكثر ما أزعج القاهرة كان الحديث عن مخاطر تحويل تركيا جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر لقاعدة عسكرية تركية على غرار نظيرتها في قطر، وهو أمر نفته الخرطوم ونفاه الرئيس التركي ولكن المخاوف هي ان يحدث مع استمرار توتر وتردي العلاقات المصرية مع تركيا والسودان. فقد أغضب السودان بدوره الأنباء عن مطالبة مصر من أثيوبيا استبعاد السودان من المفاوضات الخاصة بسد النهضة، واقتصارها فقط على الجانِبين المِصري والأثيوبي، بحضور البنك الدولي، ورغم النفي الرسمي المصري استمرت الهواجس السودانية على غرار الهواجس المصرية بشأن قاعدة عسكرية تركية في السودان. ولعل استدعاء السفير السوداني بالقاهرة للتشاور ، عبر عن عمق الخلافات بين الجانبين، المصري والسوداني . وهو ما يشير إلى أن التأزم في العلاقات بين البلدين يتجه للتصعيد في ظل التغييرات الجذرية في خريطة التحالفات السودانيّة والاقليمية في البحرالاحمر. فقد خرج السودان عمليا من المحور السعودي الإماراتي ودخل في محور تركي قطري جديد، ما يشكل انقلابا في التحالفات ضد مصر بالدرجة الاساسية، ما قد يحول البحر الاحمر لساحة  لصراعات نفوذ عربية تركية بدلا من أن تصبح منطقة صراع عربي – صهيوني. أيضا يطالب السودان مصر الان بحصته من مياه النيل التي كانت تحصل عليها منذ عام 1959 أي بأثر رجعي أو تدفع له تعويض، ويهدد بدعم الموقف الاثيوبي الذي يرى أن كل دول النيل تحصل على حصص متساوية، حيث لن يتأثر السودان بأي توزيع جديد للحصص عكس مصر. إذ يتمتع السودان بمصادر مياه جوفية وأمطار أُخرى تُقلل من اعتماده على مِياه النيل على عكس مصر التي تعتمد كُليا على مِياه النيل، وليس امامها سوي تحلية مياه البحر، وهو خيار لجأ له السيسي والجيش مؤخرا معتبرا أنه الحل لمشكلة سد النهضة ما يعني ضمنا الاستسلام للأمر الواقع واضرار سد النهضة وتقلص حصة مصر المائية .   الخلاصة أن منطقة البحر الأحمر تشهد حاليا سحب وشواهد حرب نفوذ متصاعدة بين تركيا ومصر ومعهما إسرائيل والسعودية وإيران والإمارات، وكل منهم له قواعد عسكرية علي البحر في دولة أو دول اخرى ويحاول التحكم في باب المندب. ولكن بسبب انشغال مصر بأزماتها الداخلية والاقتصادية، والتحدي الذي يُشكله سد النهضة الأثيوبي، وسعيه المهادنة إسرائيل وأمريكا لتقليص أخطار حرب سيناء وتنفيذ دورها في صفقة القرن جعل القاهرة شبه مشلولة في القدرة على اتخاذ قرارات او كسب اوراق ضغط في هذه المعركة. ويزيد من خطورة الموقف المصري أن التسريبات التي نشرتها " نيويورك تايمز "  خلال  الأيام الماضية، كشفت الفرق الخطير بين التعليمات التي تصدر من مسئول عسكري في موضوعات سياسية للأذرع الإعلامية، والفرق الشاسع بين التناول العسكري غير المهني للقضايا السياسية وبين التناول السياسي المحترف عبر الدبلوماسية المحترفة. وكيفية تعامل الجنرالات مع قضية خطيرة مثل القدس، أو مياه النيل فلا يجدون غضاضة في أن تصبح عاصمة لدولة الاحتلال ويرون المشكلة بين الفلسطينيين أنفسهم، وكيف أنه يمكن حل مشكلة الامن المائي الخطيرة وتجنيب مصر العطش ليس بمواجهة الخطط المعادية لمصر والوقوف ضد سد النهضة، ولكنها بناء أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف وتحليتها مياه البحر ليشرب منها الشعب. يبدو أن قرار الرئيس السوداني عمر البشير وموافقته على تسليم تركيا إدارة جزيرة سواكن في البحر الأحمر الى تركيا ،خلال زيارة رئيسها رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم أكبر من مجرد مغازلة سودانية للعثمانية الجديدة ،وانما ضربة موجهة بالأساس لعمق الأمن القومي المصري ،فيظل التوتر مع القاهرة وأنقرة ،فهل نشهد صراعا قد يصل لحالة الحرب الاقليمية أم تحدث تفاهمات مصرية تركية وسودانية تفك كبؤرة التوتر؟

تابع القراءة

ليبيا بين الانتخابات المنتظرة والحل العسكري المؤجل

 ليبيا بين الانتخابات المنتظرة والحل العسكري المؤجل ملخص الدراسة: شهدت الفترة الأخيرة العديد من التحركات الداخلية والخارجية حول ليبيا، وذلك نتيجة حلول يوم 17 ديسمبر 2017، وهو الميعاد المحدد لإنتهاء الإتفاق السياسى. وزاد الجدل حول ما إذا كان هذا يعنى إنتهاء الإتفاق والمؤسسات المنبثقة عنه أم استمراره إلى أن يتم إجراء الإنتخابات. وهو ما دفع مجلس الأمن إلى عقد جلسة أكد من خلالها على إستمرار الإتفاق السياسى. كما عقدت كلاً من مصر والجزائر وتونس إجتماع على مستوى وزراء الخارجية أكدوا على إستمرار الإتفاق السياسى، وحذروا الأطراف الداخلية من اللجوء إلى الحل العسكرى، وهو الإجتماع الذى جاء بعد إعلان حفتر إنتهاء الإتفاق والأجسام المنبثقة عنه. وظهر ما يشبه الإجماع على ضرورة الحل السياسى فى ليبيا عن طريق الإنتخابات، حتى من حفتر وداعميه (مصر وفرنسا). داخلياً معسكر حفتر، الذى يشهد العديد من الإنقسامات بينه وبين عقيلة صالح متمثلة فى موقفه من الاتفاق السياسى، والسيطرة على المؤسسة العسكرية. وكذلك خلاف مع المستشار السياسى لحفتر محمد بويصير، خاصة بعد الاتهامات المتبادلة بينهم بسعى كل منهم فى الاستيلاء على الاموال. معسكر السراج، حدث صراع بين حكومتى الوفاق والانقاذ، كما تم إغتيال محمد إشتيوى، عميد بلدية مصراتة، والذى قد يؤدى إلى زيادة الصراع بين القوات الموجودة فى مصراتة. وإقليمياً، جدد وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر دعمهم للإتفاق السياسي الليبي باعتباره "إطارا للحل السياسي للأزمة الليبية". دولياً، أكد مجلس الأمن على أن الإتفاق السياسى هو الإطار الوحيد للحل فى ليبيا. كما أن فرنسا (الحليف لحفتر) دعمت وبقوة إجراء الإنتخابات. وبالنسبة للإنتخابات يبدو أن هناك إجماع من الأطراف الداخلية والخارجية فى الذهاب إلى الإنتخابات، ألا أنه لا يزال هناك تحفظ من بعض الدول كروسيا، كما أن الخلاف بين الإمارات وتونس قد ينعكس على الأوضاع فى ليبيا، كما هناك خلاف بين المجلس الرئاسى ومجلس النواب فى الإتفاق على صيغة موحدة للإنتخابات. خاتمة بعد العديد من المحاولات السياسية والعسكرية لإنهاء الأزمة الليبية، والتى باءت جميعها بالفشل. يبدو أن هناك إجماع من جميع الأطراف الداخلية والخارجية، بأن الحل فى ليبيا سيكون حل سياسى وليس عسكرى. وهو ما ظهر فى الإجماع على ضرورة الذهاب إلى الإنتخابات. ولكن هناك العديد من التحديات التى تواجه إجراء هذه الإنتخابات، تتمثل فى إمكانية إجرائها فى ظل هذه الظروف الأمنية المتوترة، فضلاً عن قبول الأطراف الأخرى بنتيجة الإنتخابات إذا جاءت فى غير صالحه. ليبيا بين الانتخابات المنتظرة والحل العسكري المؤجل مقدمة شهدت الفترة الأخيرة العديد من التحركات الداخلية والخارجية حول ليبيا، وذلك نتيجة حلول يوم 17 ديسمبر 2017، وهو الميعاد المحدد لإنتهاء الإتفاق السياسى. وزاد الجدل حول ما إذا كان هذا يعنى إنتهاء الإتفاق والمؤسسات المنبثقة عنه أم استمراره إلى أن يتم إجراء الإنتخابات. وهو ما دفع مجلس الأمن إلى عقد جلسة أكد من خلالها على إستمرار الإتفاق السياسى. كما عقدت كلاً من مصر والجزائر وتونس إجتماع على مستوى وزراء الخارجية أكدوا على إستمرار الإتفاق السياسى، وحذروا الأطراف الداخلية من اللجوء إلى الحل العسكرى، وهو الإجتماع الذى جاء بعد إعلان حفتر إنتهاء الإتفاق والأجسام المنبثقة عنه. وظهر ما يشبه الإجماع على ضرورة الحل السياسى فى ليبيا عن طريق الإنتخابات، حتى من حفتر وداعميه (مصر وفرنسا). وعليه سوف يركز التقرير على تطور الأوضاع الداخلية والخارجية، ومدى تأثيرها على إجراء الإنتخابات المزمع عقدها العام القادم. أولاً: الداخل الليبي: أ‌-        معسكر حفتر زيادة التوتر بين حفتر وصالح   زاد الخلاف بين حفتر وعقيلة صالح، فقد قام موالون لحفتر يقودهم أحد مشايخ طبرق يدعى فرج بوعطيوة، بغلق مقر البرلمان ومنع إنعقاده، مطالبين بتفويض حفتر برئاسة البلاد. وحدث خلاف أيضاً بين الطرفين حول الإتفاق السياسي الذي أكد حفتر  انتهاءه رسميا وانتهاء الأجسام المنبثقة عنه، وهو ما فهم ضمنيا إنتهاء حتى البرلمان الذي أعطاه الشرعية. في المقابل، أكد عقيلة صالح أن الاتفاق السياسي ليس له موعد للانتهاء، فهو متواصل مع حوار الليبيين حتى يتفقوا[1]. وقد قرر عقيلة صالح، ترقية ثلاث ضباط تابعين للقوات التي يقودها اللواء خليفة حفتر في الشرق الليبي، وتأتى الترقيات الأخيرة كمحاولة من صالح لزيادة الضباط الموالين له فى الجيش على حساب الولاء لحفتر. الخلاف بين حفتر ومستشاره السياسى محمد بويصير صرح محمد بويصير، المستشار السياسى لحفتر، فى أكتوبر الماضى بأن حفتر على مفترق طرق بعد حادثة مجزرة الأبيار في بنغازي، التي راح ضحيتها 38 مدنيا، وطالبه بمغادرة البلاد. ثم قام بويصير بنشر تدوينة له على صفحته الرسمية، طالب فيها بالكشف عن مصير ملايين الدولارات التي سرقها اللواء الليبي المتقاعد من خزائن المصرف المركزي في بنغازي. وهو ما ردت عليه صفحات مقربة من حفتر بنشر صور لوثائق تحمل اسم بويصير، يبدو أنها مقدمة منه كمقترح للعمل على بناء مؤسسة للترويج لسياسات حفتر في دوائر القرار الأميركي، متهمة إياه بالسعي من خلالها للحصول على أموال لبناء هذه المؤسسة تصل إلى نصف مليون دولار.  ورد بويصير على هذه الإتهامات من خلال صفحته الرسمية على "فيسبوك" مؤكداً على " أن الوثيقة خضعت للتزوير من أعوان حفتر، خاصة ما يتعلق بتاريخها، كما أشار إلى تغيير تأشيرة حفتر عليها من الموافقة إلى عدم الموافقة. ويقول بويصير أن: "مقترحي الذي تقدمت به لحفتر كان التعاقد مع مؤسسة ترويج في واشنطن أو إنشاء جماعة غير ربحية حسب القانون الأميركي. وفيما أكد بويصير أن حفتر حول المقترح إلى نجله عقبة المقيم في فرجينيا بأميركا لتنفيذه، أشار إلى أن المقترح قوبل بالرفض من قبل ابن اللواء الليبي. وكشف أيضاً عن أن حفتر تعاقد، في بداية عام 2016، بملبغ 6 ملايين دولار، مع رجل المخابرات الإسرائيلي اري بن مناشي، صاحب شركة علاقات عامة في كندا، للمهمة ذاتها التي كان بويصير سيعمل عليها[2]. فشل فى تنفيذ الوعود لم يقم حفتر بتنفيذ تعهداته السابقة، بأنه سيقوم بإقتحام طرابلس بعد 17 ديسمبر، ويرجع ذلك إلى سببين، أولهما  الانقسامات والخلافات الحادة فى معسكر حفتر، فهناك إنشقاق جناح من العواقير عن حفتر، وهناك الخلاف الذي وقع مع قبيلة البراعصة على خلفية اقتحام بيت القائد الميداني فرج البرعصي، وكذلك الخلاف مع قبيلة العبيدات. ثاني الأسباب، هو موقف المجتمع الدولي الذي أرسل رسائل واضحة لحفتر منها استقبال السراج فى واشنطن، والنص صراحة على أن الإتفاق السياسي هو المظلة التي تجمع الليبيين إلى حين إجراء الانتخابات. ويكشف اشتراط السراج الإفراج عن القائد الميداني في عملية الكرامة فرج اقعيم، والذي عُين وكيلا لوازرة داخلية الوفاق، للقاء حفتر عن ترجح الكفة لصالحه بعد أن كان شديد الحرص على التنسيق مع حفتر فيما كان موقف الأخير التعنت ورفض حتى مجرد الاجتماع[3]. ب‌-     معسكر السراج إشتباكات بين حكومة الوفاق والإنقاذ شهدت العاصمة الليبية طرابلس، 13/12/2017، اشتباكات مسلحة بين كتيبة مسلحة موالية لحكومة الإنقاذ التابعة للمؤتمر الوطني العام، وقوة الردع الخاصة التابعة لحكومة…

تابع القراءة

قراءة في الموقف الأمريكي من الاحتجاجات الإيرانية

 قراءة في الموقف الأمريكي من الاحتجاجات الإيرانية في الأيام الماضية التي شهدت فيها العديد من المدن الإيرانية مظاهرات ضد النظام السياسي تظهر الولايات المتحدة في موقفها تجاه الاحتجاجات الإيرانية بمظهر المنتطر للحظة الهجوم من جديد، فاعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن إيران تحولت من دولة غنية ذات تاريخ وثقافة إلى بلد شرير وضعيف يصدر العنف ويريق الدماء، وأدانت اعتقال المتظاهرين، داعية هي و"بول رايان" رئيس مجلس النواب الأمريكي دول العالم لدعم المظاهرات السلمية والشعب الإيراني، الذي اعتبره ترامب أكبر ضحايا القادة الإيرانيين،[1] إذ يتم تبديد ثروات بلادهم في دعم الميليشيات الإرهابية في المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة تراقب انتهاكات حقوق الإنسان هناك، واصفا إياها بالدولة الأولى في رعاية الإرهاب. وخرج السيناتور الجمهوري "ليندسي جراهام" بدعوة ترامب لإلقاء خطاب بشأن تحديد شروط اتفاق نووي معدل مع إيران.[2] وصرحت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة "نيكي هالي" بأنه سيتم تقديم طلب لمجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ لبحث الوضع في إيران، لكن من غير الواضح وجود دعم دولي لعقد هذا الاجتماع. وأوضح "مايك بنس" نائب الرئيس الأمريكي أن هناك الكثير ليتم فعله للشعب الإيراني إذا ما استمرت مواجهة حريته ورغبته في التغيير، وأنه لن يتم تكرار الماضي حينما تم تجاهل مقاومة الشعب الإيراني. إذا ما نظرنا للمواقف الأمريكية في الفترة الأخيرة من إيران ونظامها السياسي، والتي يمكن القول من خلالها أن الولايات المتحدة لها يد في مجريات الأحداث الأخيرة التي تشهدها إيران، نرى أنه سبق أن أكدت الخارجية الأمريكية في يونيو 2017 على عزمها دعم العناصر داخل إيران التي تعمل على تغيير سلمي للسلطة في البلاد، وأعلن "ليون بانيتا" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في مؤتمر معهد هدسون الذي عقد أواخر العام الماضي، أن هناك رغبة لتأسيس تحالف جديد في الشرق الأوسط مثل التحالف المناهض لداعش، من أجل مواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة. وكانت هناك دعوات عدة في دائرة السياسة الأمريكية تدعو لإعداد سياسة قوية لمواجهة إيران، ففي مقال السيناتور الأمريكي "جون ماكين" الذي نُشر في نيويورك تايمز، أوضح افتقار البلاد لاستراتيجية شاملة في الشرق الأوسط تشمل إيران، والتي تعمل على استغلال الثغرات في المنطقة لمد نفوذها بشكل أكبر، فهي تعمل على التوغل من الشام لشبه الجزيرة العربية، مما يهدد الاستقرار وحرية الملاحة وأراضي حلفاء أمريكا بالمنطقة في المستقبل.[3] ورأى "هربرت ماكماستر" مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب أن إيران هى السبب الأساسى فى مشاكل المنطقة، من حيث دعم جماعات مثل حزب الله لبنان، والحوثيون في اليمن، وقوات الحشد الشعبى الشيعى فى العراق، بالإضافة لدورها في إحداث إنقسام داخل حكومة إقليم كردستان، وأشار إلى قيام ترامب بفرض عقوبات على إيران من أجل توقفها عن دعم أعمال العنف فى المنطقة، بالإضافة إلى وجود مساعي أمريكية لتصنيف الحرس الثورى الإيرانى كمنظمة إرهابية.[4] وفي وثيقة الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي التي أعلن عنها ترامب في ديسمبر 2017، تم اعتبار إيران هي السبب الرئيسي لأزمات المنطقة بالإضافة للتنظيمات الإرهابية، وأنها سعت لاستغلال حالة عدم الاستقرار لتوسيع نفوذها، والعمل على تطوير برنامجها الصاروخي، وقدراتها الاستخباراتية.[5] وإذا ما رجعنا للوراء قليلا، تتضح النظرة الحادة التي يتخذها ترامب تجاه إيران بداية من حملته الانتخابية، إذ وصفها بالدولة الإرهابية الأولى، وتعهد بمراجعة الاتفاق النووي معها، وهذا ما قد يفسر الموقف الأمريكي المتحمس تجاه الأحداث بعكس أوروبا على سبيل المثال، والتي تتبع منهج حذر. أما عن وجود استعدادات أمريكية للقيام بالمساعدة في إحداث تغيير كبير في إيران، نرى أن المسئول عن العمليات الخاصة بإيران في المخابرات الأمريكية "مايكل أندريا"، كان ضابطا ضمن الحملة التي أشرفت على مطاردة أسامة بن لادن. بالإضافة إلى وجود عدد من مستشاري ترامب يريدون احتواء إيران والعمل على تغيير النظام والإطاحة بالحكومة الحالية، ولعب "أندريا" دور كبير في مقتل "عماد مغنية" رئيس العمليات الدولية لحزب الله عام 2008، ومن الواضح أنه سيكون له دور في المستقبل فيما يخص الموقف الأمريكي من إيران.[6] ووصل الأمر إلى وجود تسريبات بأن هناك تخطيط أمريكي إسرائيلي باغتيال قائد فيلق القدس "قاسم سليماني".[7] وكانت هناك دراسات تخص الموقف الأمريكي من إيران، أشارت إحداها[8] إلى أن إيران تعد تهديدا رئيسيا محتملا لحرية الملاحة وتدفق الموارد في الخليج، والتي يمكن أن تتوقف في حالة إغلاق مضيق هرمز، وفي الوقت الذي ينتقد البعض المنهج التوفيقي مع إيران، يرى آخرون أن ردع إيران من خلال ردود أكثر قوة يمكن أن يؤدي إلى التصعيد، ما يجعل هناك احتمالية بأن تكون سوريا ساحة للخلافات الأمريكية الإيرانية، بالإضافة إلى إمكانية تهديد إيران للقوات الأمريكية الموجودة بالمنطقة، فقد سعت إيران تقليديا لزيادة قدراتها من الصواريخ الباليستية المتوسطة وطويلة المدى، بالإضافة إلى التهديد الأيدولوجي الذي تمثله إيران على الدول العربية، وقدمت هذه الدراسة اقتراحا للتعامل مع إيران يخص إجراء تغيير في الداخل الإيراني تمهيدا لتغيير نظام الملالي. ورأت دراسة أخرى[9] أن هناك مجموعة من الاستراتيجيات للتعامل مع إيران، يؤدي إحداها إلى تغيير النظام السياسي الإيراني، وهي استراتيجية –رغم صعوبتها- يؤيدها تابعي أقصى اليمين في واشنطن. يجدر الانتباه أيضا إلى أن الموقف الأمريكي الحالي المتشدد تجاه ما يدور في إيران، يعاكس مظاهرات 2009، والتي قوبلت بتجاهل عمدي، رغم أنها كانت حاشدة بملايين المتظاهرين، واتجه فيها أوباما لمحاباة النظام وتعظيم قوة طهران الإقليمية، والذي انتهى بإعطاء مسار قانوني لقدراتها النووية، وكان أوباما يستهدف تجنيب أن تكون الولايات المتحدة سببا في مشكلة داخل إيران.[10] ختاما، فإن الهدف الأمريكي حول تغيير النظام السياسي الإيراني تنادي به العديد من الجهات، لكن الأمر الذي يجب أخذه في الاعتبار هو إلى أي مدى يمكن أن يخدم هذا التغيير –في حالة حدوثه- مصالح الولايات المتحدة وترسيخها مرة أخرى بالمنطقة، إذ من المؤكد أن الولايات المتحدة ستسعى حينها لضمان ولاء النظام الجديد لها، وهذا قد يتوقف على مدى احتمالية تحول تلك المظاهرات لانتفاضة شعبية، والتي هي احتمالية بنسبة قليلة، وذلك لعدد من الأسباب، منها عدم وجود قيادة واضحة للتظاهرات، بالإضافة لتخوف الطبقة المتوسطة من استغلال المحافظين للتظاهرات لإضعاف روحاني.[11] وإذا وضعنا احتمالية سقوط نظام الملالي، فمن سيناريوهات مستقبل الوضع في إيران بعده ستكون أن يكون نظاما علمانيا يخرج من عباءة السياسة الدينية المتشددة التي كان يفرضها المرشد الإيراني، بما يضعف الأنظمة والتجمعات الشيعية حول العالم والتي كانت قاعدتها إيران.[12] هذا الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للمظاهرات قد يضمن أمن إسرائيل من ناحية، وأمن المصالح الأمريكية من ناحية أخرى، لكن عليها أيضا الأخذ في الاعتبار ألا ينتقل مثل تلك المظاهرات إلى دول الخليج، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تواجهها. وحول المقارنة بين الربيع العربي وما يحدث في إيران، بما يفرض على الولايات المتحدة عدم المسارعة في الانخراط في دور مباشر، فهناك من يرى اختلاف الوضع بين الحالتين، إذ توجد انتخابات حرة حقيقية إلى…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022