الموقف التركي الحازم في الأزمة الخليجية وتبلور المحور الثالث الجديد في العالم العربي والإسلامي

الموقف التركي الحازم في الأزمة الخليجية وتبلور المحور الثالث الجديد في العالم العربي والإسلامي يعتبر موقف تركيا المساند لقطر موقفا متوقعا إلى حد بعيد نظرا لتشابه المواقف والأهداف بين الدولتين، إلا أن بعض الحسابات الواقعية كان يمكن لها أن تمنع تركيا من أن تلقي بثقلها بشكل كامل لدعم النظام الحاكم في قطر ومساندته عسكريا مما يصعّد المواجهة بين الأتراك ودول الحصار. وعلى الرغم من الأخطار المتوقعة بالنسبة لتركيا عند وقوفها في وجه دول الخليج إلا أن معرفة تركيا أن الأمر سيتكرر معها في حالة النجاح في عزل قطر واسقاطها تسبب في تنحية كافة الحسابات الأخرى جانبا ودفع تركيا للمخاطرة بالوقوف بشكل كامل لدعم قطر، كما كان من أسباب ذلك الالتزام الأدبي من النظام التركي تجاه قطر التي ساندته في مواجهة المحاولة الانقلابية الفاشلة. وعلى الجانب الآخر، ثمة عدة أسباب دفعت قطر للاستعانة بتركيا دون غيرها على الرغم من الموقف التركي غير الواضح في بداية الأزمة مقارنة بالموقف الإيراني الذي أعلن مساندته بشدة لقطر، ولعل من أسباب ذلك أن استعانة قطر بإيران كانت ستتسبب في المزيد من الإحراج لقطر والمزيد من التشدد في مواجهتها سواء على الصعيد الشعبي الخليجي، أو فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة التي كانت سترفض بشدة ارتماء قطر في أحضان إيران وهو ما كان سيمثّل تحديا للولايات المتحدة، أما بالنسبة للتحالف مع تركيا التي تعتبر قوة سنيّة لها احترامها في العالم العربي ولها علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة فإن ذلك يقوّي من الموقف القطري شعبيّا ودوليّا، ولعل من نتائج ذلك أن تراجعت الولايات المتحدة عن دعم دول الحصار بالكامل وتقوية التيار الأمريكي الذي يؤيد استمرار قطر ويؤمن بأهميتها بالنسبة للولايات المتحدة. الموقف التركي يضبط الإيقاع الأمريكي جاء الاتصال الهاتفي الذي تم بين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وزيارة وزير الدفاع القطري إلي تركيا قبل انتهاء المهلة الخليجية لتؤكد علي الدور التركي الحاسم في الملف وقدرته علي احتواء الأزمة. يمكن القول أن هذا الاتصال كان بمثابة  نقطة تحول في الموقف الأمريكي –وخاصة من ترامب- تجاه الأزمة الخليجية، وربما هذا تفاعل مع التدخل التركي على خط الأزمة ودعمها لقطر، وخاصة بعدما قام "أردوغان" باستقبال وزير الدفاع القطري قبل أيام وظهور الحديث عن أنه يمكن إرسال قوات تركية أكبر لقطر، ما يعني تهديد التواجد الأمريكي العسكري في قطر، وزيادة الاحتقان في الأزمة وتصعيدها إذا ما اُستخدمت القوة. ولا شك أن التدخل التركي يفسر جزئياً علي الأقل حالة التخبط في التصريحات الأمريكية حول الأزمة، فسياسة ترامب وبرنامج عمله في السياسة الخارجية بعد قمة الرياض كان الضغط علي قطر واجبارها علي الاستجابة للمطالب العربية، ولذلك أعلن تأييده الصريح لما حدث مع قطر، ثم مع تصاعد الأزمة وتدخل تركيا ودول أوربية في الأزمة تخرج الخارجية الأمريكية وتبحث عن سبيل للمهادنة، ثم يعود ترامب عن موقفه ويبدأ هو الآخر في الظهور بمظهر الساعي لحل الأزمة وعدم تطورها، هذا يعني أنه حتى لو كانت هناك تباينات في التصريحات داخل الإدارة الأمريكية، لكن ما يحدث على أرض الواقع ويتم تنفيذه هو ما يجب الأخذ به. دخول تركيا في الأزمة تسبب في تخبط الموقف الأمريكي، لأنه كان من المعتقد أن سياسة ترامب المعلنة ضد قطر هي التي ستسير الموقف، لكن مع تعقيد المشهد تدخلت وزارة الخارجية الأمريكية وبدأت في سلوك أسلوب مهادنة ومحاولة للتوصل لحل للأزمة بما لا يهدد المصالح الأمريكية بالمنطقة، لأن قطر في هذه الحالة لم تعد هدفاً ضعيفا كما تخيل ترامب وحلفائه من العرب بل صارتضمن حلف يجعلها خصما أقوى ليس من السهل الضغط عليها في وجوده، ربما كان يسهل الضغط عليها إذا ظلت وحيدة، مما يؤدي لاستجابتها لشروط حل الأزمة. دخول تركيا في الأزمة أعاد للأذهان مشهد التحالفات التي كانت موجودة في المنطقة من ذي قبل، محور الاعتدال ومحور الممانعة، لكن الفكرة هنا هي أن المحورين (تركيا- قطر) و(السعودية- الإمارات- مصر- البحرين)، على علاقة جيدة بالولايات المتحدة، إذن فما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في هذا الخصوص؟، الأمر يرتبط بمدى سهولة قيام أحد المحورين بتنفيذ وتيسير المصلحة الأمريكية بالمنطقة، فعلى سبيل المثال تحاول الإمارات الظهور بمظهر من يريد الحفاظ على استقرار المنطقة، وفي نفس الوقت تؤيد الولايات المتحدة هذا الاستقرار لأنه يخدم مصلحتها. فمن مصلحة الولايات المتحدة في الوقت الراهن أن تكون هي الطرف الذي يلجأ له دول المنطقة لحل الأزمات التي تنشب بينها، وفي نفس الوقت تريد أن تستثمر تلك النزاعات بحدوث سباق تسلح بما ينعش شركات الأسلحة الأمريكية والاقتصاد الأمريكي، لكن على ألا يتطور إلى نشوب حرب، على الأقل في الوقت الراهن، وهذا ربما يفسر الاتصال الذي تم بين ترامب وأردوغان حول الازمة، ثم بين ترامب وأمير قطر، لأنه يخشى من أن تتطور إلى مواجهة عسكرية. إن التصعيد في الأزمة للوصول إلي حد إمكانية استخدام القوة قد يضر بالدول التي تريد الولايات المتحدة استقرارها بالمنطقة أو حلفائها، ولهذا يهمها –وفقا للحظة الحالية- أن تتوافق تلك الدول على معظم القضايا من ناحية، وتقبل الشعوب لهذا التوافق وتهدئة الأوضاع الداخلية حتى لا يحدث انفجار ضد أي وضع داخلي يتسبب في تعطل عامل الاستقرار.   إعادة تشكل المحاور في المنطقة: يبدو للوهلة الأولى أن المنطقة يعاد تشكيلها بما يعيدها للوضع ما قبل الربيع العربي حيث كان هناك محورين متصارعين هما محور الاعتدال المكون من دول الخليج ومصر ومحور الممانعة المكون من إيران وحلفاءها والمقاومة الفلسطينة، إلا أن النظرة المتعمقة تثبت لنا دخول عوامل جديدة على هذه المحاور سواء فيما يتعلق بأطرافها أو بأهدافها وأوجه الخلاف بينها. تدفع لوجود ثلاثة محاور إقليمية علي الأقل، بإضافة محور قطر- تركيا- الإخوان إلي المحاور القائمة. فعلى صعيد الأطراف ثمة أطراف جديدة دخلت على الساحة بقوة هما قطر وتركيا وحلفائهما من الإخوان المسلمين في البلدان المختلفة، وهذه القوى لايمكن إعتبارها ضمن أي من المحورين المعتدل أو الممانع، حيث تحتفظ هذه القوى بعلاقاتها المركبة من تعاو ن وصراع مع الغرب ومع المقاومة في فلسطين ولاتتبني الخطاب الدعائي الذي يرفع شعار الموت لأمريكا بينما يتحالف مع قوي دولية عدوانية أخري مثل روسيا, ويمكننا القول أن المحور القطري التركي هو محاور ممانعة أو مقاومة ولكن ضد الأنظمة العربية الفاسدة وإسرائيل بشكل رئيسي حيث يتبنى هذا المحور بشكل مضمر فلسفة العدو القريب وطريق النهضة بالتزامن مع مواجهة القوي الاستعمارية أو تأجيل المواجهة معها لحين تطوير الأوضاع الداخلية. ويتبني أعضاء المحور القطري التركي نهج المقاومة السياسية في إطار القواعد الدولية والمحلية القائمة دون الخروج المسلح والمواجهة العسكرية الشاملة.

تابع القراءة

حديث المصالحة التوقيت والدلالات

شهدت الفترة الماضية زيادة الزخم الاعلامي حول موضوع المصالحة ما بين جماعة الاخوان والنظام الحالي، وذلك بالرغم من نفي جماعة الاخوان في بيانات رسمية عدم صحة تلك المزاعم، واعلان تمسكها بمبادئها الخاصة بشرعية الدكتور محمد مرسي وعدم تنازلها عن حقوق الشهداء والمصابين. ونظرا لعدم توافر المعلومات الحقيقية فيما يتعلق بهذا الشأن، وفي حال عدم صحة ما يتم تداوله في وسائل الاعلام فإن هناك عدة تفسيرات لهذا الامر أهمها: أولاً: ان هناك جهات داخل النظام السياسي تدفع في هذا الاتجاه، خاصة بعد ان تبين لهم ان مواصلة العداء مع جماعة الاخوان تكلفته عالية وقد لايستطيع النظام تحملها خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد توقف الدعم الخليجي خاصة السعودي، واحتمال زيادة الاعباء الاجتماعية والاقتصادية علي المواطن المصري البسيط، وعدم رغبتهم في استفادة الاخوان من هذا الامر في زيادة حدة الاحتقان الجماهير ضد النظام الحالي. ثانياً: زيادة حدة الاحتقان داخل مؤسسات النظام وبين بعضها البعض، ورغبة احدهما ( الجزء الموالي للسيسي) لتفويت الفرصة علي الطرف الاخر ومنعه من التواصل مع جماعة الاخوان من خلال التوصل لاتفاق سياسي ينهي الخصومة السياسية ما بين النظام والاخوان، وبحيث يستفيد الطرفان في النهاية فالنظام سيتمكن من التقاط انفاسه، والاخوان المعتقلين سيتم الافراج عنهم ووقف الملحقات الامنية المستمرة لعناصرهم الموجودة في الخارج. ثالثا: خوف النظام من زيادة حدة الاحتقان الجماهيري واستغلال الاخوان للأجواء الاقتصادية السيئة التى يعيشها الشعب لاعادة تعبئته استعدادا للخامس والعشرين من يناير المقبل، ما يدفع النظام لتشويه صورة الجماعة وايجاد حاجز بينها وبين الشعب من خلال تشكيكه في نواياها واتهامها بعمل مصالحة مع النظام علي حساب الشعب، وهو سيناريو سبق وان طبقه النظام في السنوات السابقة قبيل الذكري السنوية لثورة 25 يناير المجيدة. رابعاً: محاولات اعلامية لشغل الرأي العام بقضايا وصراعات هامشية لا اساس لها من الصحة للتخفيف من حدة الاحتقان الجماهيري وتمرير الزيادة المستمرة في اسعار السلع والخدمات والاستمرار في سياسات الخصخصة التى تزيد من الاعباء علي المواطن البسيط. خامسا: الخوف من استغلال السعودية للخلاف القائم ما بين النظام والاخوان للتقارب مع الجماعة ومساعدتها في صراعها الدائر مع النظام بعد ان اتضحت اتجاهاته السياسية المعادية لامن واستقرار الخليج. إلا انه وبالتدقيق في جميع السيناريوهات السابقة، يبدو ان النظام ابعد ما يكون عن التصالح مع جماعة الاخوان المسلمين في هذا التوقيت، لعدة اسباب اهمها: 1-    الخوف من فقدانه ثقة الفئات التى دعمته ليس حبا فيه وانما كرها في جماعة الاخوان ورغبة في استبعادها تماما من المشهد السياسي، وهؤلاء يضغطون باستمرار لعدم المصالحة مع الاخوان تحت اي ضغط. 2-    الرغبة في القضاء التام علي الجماعة باعتبار ذلك رغبة اقليمية ودولية تقودها الحكومة الصهيونية بمساعدة الامارات التى حاربت الربيع العربي نكاية في جماعة الاخوان وتيار الاسلام السياسي. 3-    اعتماد السيسي في تسويق نفسه خارجيا علي عداءه للاخوان ومحاربته للارهاب، وهذا ما يظهر من خلال حرصه الدائم علي الربط ما بين الجماعة والارهاب. 4-    عدم وجود اي مؤشرات ايجابية تعكس رغبة حقيقية للنظام في التصالح مع الجماعة، اذ تستمر الاعتقالات والملاحقات الامنية بنفس وتيرتها السابقة. 5-    استمرار النهج الاعلامي المعادي للاخوان بشكل كبير والذي يكيل لها الاتهامات الجزافية ليل نهار.\ يضاف الي ذلك ان السعودية التى يشار الي انها من يقود عملية المصالحة الان في خلاف شديد مع النظام الحالي وهناك مساع حثيثة للمصالحة فشلت حتى الان، ومن ثم فليس من مصلحة المملكة اجراء مثل هذه المصالحة في هذا التوقيت بالذات، فضلا عن ان المملكة لديها من المشاكل والازمات ما يجعلها غير مستعدة للقيام بهذا الدور الان.  

تابع القراءة

دلالات تصريحات ترامب بشأن الصراع في سورية وأثره على تشجيع النظام السوري في استخدام السلاح الكيماوي

ثارت في الفترة الاخيرة ضجة كبيرة بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب بشأن التعبير عن رغبته في التعاون مع الأسد في محاربة تنظيم  الدولة الاسلامية في سورية والعراق، وأنه علي استعداد للتعاون معه، وأنه لا يشغله كثيرا بقاء الاسد من رحيله، وهي تصريحات في غاية الخطورة إذ تكشف حقيقة الموقف الأمريكي المنتظر منذ فترة طويلة لحل الصراع السوري، إذ تعلن الولايات المتحدة وبعد طول انتظار أنها مع بقاء الاسد، وأن ما يشغلها هو القضاء علي تنظيم داعش، بالرغم من أن ذلك لا يحتاج إلي الاسد أساسا، خاصة وأن الجميع يعلم أن نظام الاسد في أضعف حالاته وأنه لولا الدعم الروسي والايراني لسقط الاسد منذ فترة طويلة، وقد تشجع النظام السوري بناء علي تلك التصريحات في استخدام السلاح الكيماوي في محافظة إدلب مما نتج عنه استشهاد أكثر من مائة من المواطنين السوريين أغلبهم من الاطفال. وفي الحقيقة فإن تصريحات ترمب في هذا الشأن إنما تعكس عدة أمور هامة يأتي في مقدمتها: 3    أن الإدارة الأمريكية الحالية قد حسمت خياراتها بشأن مستقبل الصراع في سورية ناحية الابقاء علي الأسد باعتبار أنه أحد أهم الاضلاع المشاركة في محاربة التنظيمات الاسلامية السنية في سورية، وأن وجوده بات ضرورة من أجل الحد ليس من النفوذ الايراني ولا الروسي وإنما التركي، خاصة بعد انكشاف الدور الامريكي في الانقلاب الحاصل في تركيا واتجاه تركيا نحو روسيا وتحديها للإرادة الغربية. 3    أن الولايات المتحدة تعمل على استكمال مخططات التقسيم الخاصة بسورية، إذ من شأن الابقاء علي الأسد أن يعمق من الانقسام الحاصل في سورية، وأن ينهي بشكل نهائي علي الدولة السورية الموحدة، وأن ينتهي المطاف في النهاية الي تقسيمها الي ثلاث دويلات صغيرة سنية وكردية وعلوية. 3    تخشى الولايات المتحدة من انهيار نظام الاسد بعد النجاح النسبي للمقاومة في شن بعض الهجمات الهامة واحراز بعض التقدم في بعض المناطق في ريف حماة وبعض المناطق الاخرى، إذ من الواضح أن ترامب لا يريد التخلص من الاسد ولا من نظامه بل يريد الابقاء عليهما حتى النهاية. 3    ارسال تطمينات لروسيا بأن الادارة الامريكية الجديدة لن تعمل ضد إرادتها في سورية، بل ستحافظ على مكتسباتها في مقابل الحصول على الدعم الروسي في القضاء على تنظيم داعش، وذلك باعتبار أن التخلص من التنظيم سوف يرفع رصيد الادارة الامريكية لدى أوساط الرأي العام الأمريكي. ويعني ذلك أن الدور الامريكي في سورية سوف يكون سلبيا ويصب في مصلحة النظام وحلفاءه، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حدة الانقسام السوري، ويعمق من الصراعات الداخلية بين مختلف القوى السورية، وهو ما قد يؤثر على العمق التركي، ويزيد من حدة الصراع التركي مع حزب العمال الكردستاني، خاصة وأن التوجه الامريكي الآن يوحي بإمكانية اقامة دولة كردية علي الحدود التركية. ولذلك من الضروري إدانة التصريحات الأمريكية والدعم غير المباشر لنظام بشار مما جرأه على استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري.  

تابع القراءة

تطورات قرض صندوق النقد لمصر الموقف القانوني والشروط الواجبة للحصول على باقي شرائحه

  يستعرض هذا التقرير المماحكات التي جرت في البرلمان قبل الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي في البرلمان، ومناقشة حول أسباب تأخر الدفعة الثانية من قرض الصندوق والتي يتوقع أن تستأنف خلال الشهور التالية. أولا: الموقف القانوني من القرض: أودعت الحكومة القروض التي تحصل عليها من صندوق النقد والبنك الدوليين في حساب خاص ولا تقوم بعدم إدخالها في الموازنة لأنه وفقا لنص المادة 27 من الدستور والتي تنص على عدم تمرير أي اتفاقيات يترتب عليها التزامات مالية إلا بعد موافقة مجلس النواب.[1] في البداية، كان هناك اعتراض نيابي على تكتم الحكومة بخصوص تفاصيل القرض وإخفاء شروطه، ما جعلهم يعتبرونها ستكون قاسية على المواطنين، لأن مثل التسهيلات التي تقوم بها المؤسسات الدولية، لن تكون مجانية، وستأتي بناء على اتفاق مع الحكومة على حزمة من الإجراءات المالية والاقتصادية المجحفة. بدأت نقاشات البرلمان لقرض صندوق النقد الدولي خلال شهر مارس من هذا العام، بعد أن حولتها الحكومة له كي يبت فيها، رغم أن الشريحة الأولى تم صرفها في نوفمبر من العام الماضي. بدأت جولة القرض برلمانيا باللجنة التشريعية، التي رأت بإجماع الآراء –في أول الأمر- أن اتفاقية القرض غير دستورية لمخالفتها نص المادة 127 من الدستور، والتي تشترط موافقة البرلمان عليها وليس عرضها فقط، بالإضافة إلى أن ما عُرض عليها كان عبارة عن مذكرة من 3 ورقات تحتوي على خطاب من الأمين العام للعرض على رئيس المجلس والثانية خطاب من رئيس الوزراء لرئيس المجلس وقرار رئيس الجمهورية الخاص بالاتفاقية ومذكرة إيضاحية لوزير الخارجية سامح شكرى، وتسلمت اللجنة المذكرة قبل أسبوع من نقاشها، أي بعد أشهر من تسلم الحكومة للدفعة الأولى من القرض. يضاف إلى أسباب رفض اللجنة أن البرلمان كون أعضائه وكلاء عن الشعب، يجب أن يعرف تفاصيل الاتفاقية وشروطها، لأن الشعب هو من سيدفع قيمة القرض، وكان هناك انتقاد أن الحكومة كانت تخشى نشر الاتفاقية، وهذا غير منطقي لأنه إن كانت الإجراءات إصلاحية وتهدف للمصلحة العامة، فلم يعترض عليها أحد، لكن هذا لم يحدث، فالإجراءات ستؤثر سلبا على الحياة العامة، ثم اتخذت اللجنة قرارا بتأجيل النقاش لحين حضور الحكومة للاستماع لمبرراتها في صرف الدفعة الأولى من القرض قبل موافقة البرلمان.[2]  وفي الاجتماع التالي للجنة، تمت الموافقة على القرض من حيث الشكل، وذلك بعدد 31 نائبا من أصل 49 نائبا، ورفض 4 نواب وامتنع نائبان، على أن تتحول الاتفاقية للجنة المختصة،[3] واستندت اللجنة في الموافقة إلى المادة 151 من الدستور التى تعطى الحق لرئيس الجمهورية تمثيل الدولة فى إقرار المعاهدات، والمادة 197 من اللائحة الداخلية للبرلمان التى تنظم إحالة رئيس الجمهورية للمعاهدات إلى البرلمان، وبهذا تم تمرير الاتفاقية من الناحية الدستورية والتشريعية في البرلمان.[4] وحين تحول الأمر للجنة الاقتصادية كونها اللجنة المختصة، ارتأت أن اتفاقية القرض لا تواجه اعتراضات برلمانية وفقا لتصريح وكيل اللجنة "عمرو الجوهري"- وأن الحديث يدور على الرقابة على الحكومة فيما يتعلق بتنفيذ شروط الاتفاقية، وخاصة فيما يتعلق بتوفير شبكة حماية اجتماعية لمحدودي الدخل.[5] وأثناء عرض الاتفاقية على الجلسة العامة يوم 27 مارس، وافق النواب عليها، على أن يتم إرسالها لرئيس الجمهورية للتصديق عليها. أما بخصوص ردود وزير المالية "عمرو الجارحي" أثناء حضوره للنقاشات البرلمانية ورده على أسئلة النواب، فأوضح أن الصندوق لم يكن ليوافق على القرض لولا ثقته بالاقتصاد المصري، نافيا تجاهل الحكومة للبرلمان، وأكد أن الأمر لا يرقي ليكون اتفاقية تستلزم موافقة البرلمان، وإنما هو عبارة عن اتفاق لتسهيل مالي لتمويل البرنامج الإصلاحي وافق عليه الصندوق بناء على طلب قدمته مصر كونها أحد المساهمين في الصندوق، أي أنه حق من حقوقها، وأن هذا التسهيل سيسدد على عشر سنوات بفائدة 1.6%، وهذا ما أيده فيه رئيس مجلس النواب "علي عبد العال"، إذ أكد أن هناك فرقا بين تمويل البرامج الإصلاحية وبين الحصول على قرض، فكان أمام مصر في ظروفها الاقتصادية الصعبة حلين، إما أن تلجأ للاقتراض بفوائد مرتفعة، أو أن تحصل على تمويل لبرنامج إصلاحي مثلما فعلت أوروبا الشرقية.[6] المجلس وُضع في موقف محرج، فرغم قدرته على رفض الاتفاقية لمخالفتها الدستورية، أو يؤجل مناقشتها، إلا أنه لم يملك إلا الموافقة لعدم الإضرار بسمعة مصر دوليا، أو يعرضها لهزة اقتصادية.  ثانيا: الشروط التي سيراجعها للصندوق للحصول على باقي شرائح القرض: سر التأخير كان من المفترض وفقا للجدول الزمني الموضوع للقرض أن تحصل مصر على الشرائح الجديدة من القرض عقب خمس مراجعات يقيمها فريق من الصندوق، وكان 15 مارس 2017 موعد المراجعة للحصول على الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من القرض المقدرة بقيمة 1.25 مليار دولار.[7] لكن خرج وزير المالية بتصريح قال فيه أن البلاد ستستقبل وفدا من الصندوق أواخر إبريل لإجراء مراجعات لما يتم في برنامج الإصلاح الاقتصادي. أما عن سبب تأخير زيارة بعثة الصندوق لإجراء المراجعة الأولى، فالأمر يرجع إلى أن هناك التزامات على الحكومة المصرية لم تنفذها، ومنها زيادة أسعار الوقود ورفع الدعم عنها وفرض ضريبة الدمغة بالبورصة والبدء الجادي في برنامج الخصخصة عن طريق الشركات في البورصة لخفض عجز الموازنة، وإقرار قانون الاستثمار.[8] وبالفعل، بدأت الحكومة تنفيذه بطرح وقيد أسهم بنك القاهرة بجداول البورصة وبرأسمال 2.25 مليار جنيه، بقيمة للسهم 4 جنيهات، في شهر فبراير الماضي، كما تم الموافقة على طرح حصص من شركة إنبى للبترول في البورصة.[9] ومن جانب آخر، هناك من يرى أن الالتزامات المرحلية تحققت لكن الحكومة المصرية تعمل على إعداد التقرير الخاص بذلك، وهذا يستغرق من 6 إلى 8 أسابيع. لكن وزير المالية خلال لقاء له في الغرفة الأمريكية أوضح أن التأخير عائد إلى أن الحكومة المصرية تعكف حاليا على إعداد الموازنة العامة الجديدة لعرضها على البرلمان، وبالتالي ليس هناك وقت للتركيز في ملفات أخرى. ويرى بعض المحللين أن الحكومة مضطرة لتنفيذ كل الشروط التي يتطلبها الصندوق، من ناحية لأنها تفتقد المساندة السعودية بفعل الأزمة السياسية الأخيرة، وتأخير اتفاق البترول الذي أُعلن عنه مسبقا مع العراق، والذي كان سيوفر لمصر احتياجاتها البترولية كاملة، ومن ناحية أخرى، لا تريد الحكومة المصرية إثارة سخط المؤسسات الدولية التي تسير خلف الصندوق وآرائه عن الاقتصاد المصري، وذلك لأن الدفعة الأولى التي حصلت عليها مصر كانت مقابل حصة مصر في الصندوق، لكن الدفعات القادمة ستكون من حصص الدول الأعضاء في الصندوق، لذلك ستكون إجراءات المراجعة حازمة ودقيقة وقد تصل إلى الإجحاف. فهناك تحذير من تداعيات خطة التقشف التي ترغب فيها الحكومة ورفع الدعم، كجزء من تنفيذ اشتراطات الصندوق، لما لذلك من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وخاصة على الفئات ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، لأنهم لن يتحملوا الآثار السلبية لتلك الخطة. [1] "«الجوهري»: الحكومة وضعت أموال صندوق النقد والبنك الدوليين في حساب خاص لتفادي عدم الدستورية"، الشروق، 22/3/2017، متاح على الرابط: http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=22032017&id=fde445f7-eaef-403c-b0fa-7bd7518a5ce9 [2] "علاء عبد المنعم: ما ورد لنا…

تابع القراءة

العلاقات المصرية الأوربية … عوامل الانتعاش والتقارب

 نلاحظ في الآونة الأخيرة تطور كبير في العلاقات بين مصر ودول الإتحاد الأوربي بشكل مثير للانتباه، ويدفعنا ذلك للتساؤل عن حقيقة هذا التطور في العلاقات ودلالاته ومدى قدرته على الإستمرار؟ وكان النظام المصري في أواخر عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد بدأ يتبنى سياسة خارجية تبتعد نسبيا عن الغرب الأمريكي والأوربي في مقابل تدعيم العلاقات مع روسيا ومن وراءها إيران، وهو ما تسبب في خلافات مصرية سعودية عميقة أنهت حالة الوئام التي غلبت على طابع علاقات الدولتين منذ يونيو2013. وقد تطوّرت العلاقات المصرية الروسية ربما بشكل أثار المخاوف الأوربية خاصة بعد نشر وكالة رويترز أنباء حول تواجد عسكري روسي في قاعدة سيدي براني البحرية على الحدود الغربية لمصر، وهو ما قد يعني سهولة تنفيذ الروس لمهام عسكرية ضد المصالح الأوربية في ليبيا، خاصة في ظل دعم مصر الكامل في هذا التوقيت لخليفة حفتر في ليبيا، وهو التوجه الغير مرغوب غربيّا. وفي الآونة الأخيرة، خاصة بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم نلحظ تغييرا للسياسة الخارجية المصرية يتمثل في تقليل التعاون مع الجانب الروسي وإختفاء أي حديث عن التقارب مع إيران في مقابل رواج كبير للغاية في العلاقة مع دول الاتحاد الأوربي، ويمكننا تفسير ذلك بالتفسيرات التالية: 1)      توجه ترامب الرافض للتعاون مع إيران والراغب في إلغاء المعاهدة النووية معها دفع مصر للتراجع عن أي مشاريع للتقارب مع إيران، ويظهر ذلك فيما يتعلق بالملف السوري الذي كان السبب في تدهور العلاقات المصرية السعودية، هذا بالإضافة إلى توقعات النظام المصري فيما يتعلق بسهولة تعزيز التعاون مع إدارة ترامب التي لن تهتم كثيرا بقضايا حقوق الإنسان كما كان الأمر بالنسبة لإدارة أوباما، وهو ما يدفع النظام المصري لتقليل التعاون مع روسيا في مقابل الرغبة في العودة لعصمة الولايات المتحدة. 2)      الأزمة التي يعاني منها الإتحاد الأوربي والتي تتمثل في رواج الفكر الشعبوي وأحزابه والتي تهدد بتقسيم الاتحاد الأوربي، وهي الحركات التي تجد دعما روسيا، وبالتالي فإن الإتحاد الأوربي يسعى للضغط على روسيا عن طريق سلب حلفاءها وإفشال تحركاتها الرامية إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط. 3)      تهديد الوجود الروسي بالمنطقة للمصالح الأوربية خاصة فيما يتعلق بالتخوّف الأوربي من الوجود الروسي في قاعدة سيدي البراني البحرية على الحدود المصرية الليبية، ومن ثم أسرعت أوربا لتوطيد علاقتها بمصر بهدف قطع الطريق على روسيا. 4)      تتوقع بعض التحليلات أن تسعى الدول الأوربية لجعل مصر قوة عظمى في المنطقة عن طريق ضخ الإستثمارات في إقتصادها وتدعيمها عسكريا بعتاد عسكري حديث وتدريبات عسكرية مشتركة، وذلك بهدف استخدامها كمحطة هامة لضبط الأمور في المنطقة ومنع تدفق اللاجئين إلى أوربا خاصة في ظل الجار الليبي المتهالك، والبديل التركي الذي تزداد علاقاته بأروبا تدهورا، ومن ثم فإن مصر بديل مناسب ترى أوربا دعمه وتقويته عسكريا وإقتصاديا بغض النظر عن أوضاع السياسة وحقوق الإنسان فيه. 5)      لعل ما أعلن بشأن تعاقد السلطات المصرية مع شركة أجنبية لتجميل صورة مصر غربيا مقابل مبالغ مادية طائلة له علاقة بالرواج الكبير في العلاقات الأوربية المصرية في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل تواتر الأخبار بشأن إشادة الصحف الأوربية بالإصلاحات الاقتصادية في مصر، وإشادة الوفود الأوربية التي تأتي لزيارة مصر بجهود النظام الإصلاحية. تشهد العلاقات الأوربية المصرية في الآونة الأخيرة رواجا كبيرا يتمثل في تواتر زيارات الوفود الأوربية لمصر وإشادتها بإجراءات الإصلاح الاقتصادي، إضافة إلى تطوير العلاقات الثنائية مع عدد من الدول الأوربية العامة مثل فرنسا وألمانيا في الفترة الأخيرة. قضايا التقارب والتعاون المصري الأوربي:  ويمكن تفسير عوامل هذا التحوّل الإيجابي في العلاقات المصرية الأوربية ومدى قدرته على الإستمرار. أولا: قضية الهجرة واللاجئين: تعتبر أزمة اللاجئين والهجرة الغير شرعية التي تعاني منها دول الإتحاد الأوربي إحدى أهم محاور السياسة الخارجية لدول الاتحاد وعلى رأسها ألمانيا، حيث تسعى هذه الدول لإيجاد حلول لوقف تدفق اللاجئين إلى أراضيها وتهجير أعداد كبيرة من اللاجئين الموجودين لديها فعلا. وفي إطار السعي للحد من تدفقات اللاجئين إلى أوربا يقوم المسئولون الأوربيون بجولات أفريقية وزيارات للدول التي تنطلق منها هذه الهجرات أو التي تعتبر ممرات لهؤلاء المهاجرين مثل أثيوبيا ومالي والنيجر بالإضافة إلى مصر لمناقشة قضايا الهجرة الغير شرعية إلى أوربا سعيا لوقف تدفقها، كما سعت ألمانيا إلى عقد إتفاق بخصوص اللاجئين مع مصر يشبه ذلك الإتفاق الذي وقعته مع تركيا والذي قضى بتقديم مساعدات مالية لتركيا مقابل إيوائها للاجئين ومنعهم من الوصول إلى أوربا[1]. وبشكل عام فإن مجرّد ضمان الإستقرار في مصر وماتبقى من إستقرار في دول المنطقة يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لأوربا التي تعاني من تدفق اللاجئين بسبب الحروب والدمار في كثير من دول المنطقة، وبالتالي فإن أوربا ستسعى لحفظ إستقرار بقية البلدان العربية وتعزيز التعاون معها وخاصة في قضايا اللاجئين ومكافحة الإرهاب[2]. ومما يعزّز الإهتمام الأوربي بمنع تدفق اللاجئين التصاعد الشعبوي الذي تشهده أوربا والذي يضغط على الحكومات للحد من تدفق اللاجئين حفاظا على هوية المجتمعات الأوربية ونمط حياتها[3]، وهو ما يشكّل عاملا ضاغطا على الحكومات الأوربية بهذا الصدد، كما أن التصاعد الشعبوي والدعم الروسي المقدم للأحزاب الشعبوية تدفع حكومات أوربا إلى السعي لمحاصرة روسيا في المجالات الحيوية التي تنشط فيها مثل مصر، وبالتالي تحويل التوجه المصري تجاه روسيا إلى أوربا. ثانيا: قرض صندوق النقد الدولي:  يعد إقراض صندوق النقد الدولي لمصر 12مليار دولار أحد أهم شواهد التقارب بين مصر وأوربا، وكذلك أحد أهم عوامل هذا التقارب، إذ تتزايد المحادثات بين دول الإتحاد الأوربي ومصر بخصوص تنفيذ شروط القرض وبخصوص ضخ الإستثمارات الأجنبية في الإقتصاد المصري. ثالثا: حفظ الاستقرار في المنطقة ومواجهة الإرهاب: يعتبر كثير من القادة الأوربيين مصر ركيزة مهمة لحفظ الإستقرار في المنطقة ومواجهة الإرهاب، خاصة في ظل وجود جارة ليبية ضعيفة ومفككة باتت تصدر المهاجرين واللاجئين والإرهابيين، ومن ثم باتت مصر وإستقرارها عاملا مهما من عوامل حفظ المصالح الأوربية في المنطقة، وهو سبب الدعم العسكري الفرنسي والألماني لمصر خاصة فيما يتعلق بحفظ التجارة الأوربية البحرية، وهو ما يفسّر أيضا تركز الدعم العسكري على المعدات البحرية وتقوية القوات البحرية المصرية[4]. رابعا: توتر العلاقات الأوربية التركية: ربما كان الرهان الغربي على تركيا في لعب دور قيادي في المنطقة يحفظ قدرا من الإستقرار الذي يضمن المصالح الغربية، وقد دفعت الأزمة السياسية الأخيرة بين تركيا وأوربا الغرب إلى البحث عن بدائل لتركيا من أجل تعزيز التعاون معهم وتقوية دورهم لتحقيق وحفظ المصالح الغربية، إضافة إلى مزيد من تقويض الدور التركي في المنطقة ومحاصرته، ومن هنا كانت مصر بديلا مناسبا لوجود عوامل كثيرة تؤهلها للعب هذا الدور مثل وجود الجيش المتماسك وتحكمها في ممرات بحرية تجارية هامة إضافة إلى خلاف كبير بين القيادتين المصرية والتركية وهو الذي سيسهّل مهمة أوربا في محاصرة الدور التركي في المنطقة. وقد قدمت مصر نفسها…

تابع القراءة

هل مازال هناك من يؤيد عبد الفتاح السيسي في مصر والمنطقة

دخلت مصر حالة جديدة من الفوضي مع إنتقال موجهه العنف من سيناء لتعبر قناة السويس وتضرب وسط الدلتا والعاصمة الثانية لمصر في الإسكندرية بموجهه واسعه من المتفجرات والعبوات الناسفة، حيث فككت قوات الأمن في الإسكندرية وطنطا أكثر من 5 قنابل وعبوات ناسفة في مساجد أو بالقرب من الكنائس وشبكات المواصلات العامة في البلاد .   في حياة الدول والشعوب التي إنتقلت إلي الحياة الديمقراطية الكاملة، تتضامن المعارضة وكل الطوائف المشكلة للدولة مع بعضها في مواجهه إستخدام العنف في البلاد، وخاصة مع وجود موجه واسعه من العنف وإستهداف مدنين في البلاد، كما هو الحال في فرنسا، بعد إطلاق الرصاص بحق صحيفة شارلي إبدو ومن بعدها هجمات باريس الواسعه التي لحقت بالبلاد وشهدت عمليات إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن  في مساء يوم 13 نوفمبر 2015 في العاصمة الفرنسية باريس .   ورغم إن المعارضة الفرنسية توحدت خلف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في الموقف من العمل الإرهابي، وصدقت علي إعلان حالة الطوارئ في البلاد، إلا إنها رفضت بشكل أي إجراءات إستثنائية أخري بحق الحريات العامة في البلاد أو سحب الجنسية من الفرنسين المجنسين بالفرنسية إذا ثبت تورطهم أو أشتبهم في إنتمائهم ﻷي تنظيمات إرهابية محلية أو دولية .   الوضع في فرنسا يختلف عن الوضع في مصر، فمصر رغم إن أغلب القوي المدنية قد إحتدشت في مواجهه جماعة الإخوان مشكلين جماعة "جبهه الإنقاذ" للمطالبة برحيل محمد مرسي من الحكم، إلا أن هذا الإحتشاد لم يستمر كثيرا بعد 3 يوليو، وإعلان الجيش المصري الإنقلاب علي حكم محمد مرسي والإطاحة، ودعوة المواطنين إلي تفويض السيسي لما يسمي مواجهه "الإرهاب الأسود"، ليشهد أول إنسحابات من مشهد 30 يونيو، لتعلن حركات مثل 6 ابريل والإشتراكيين الثوريين  رفض هذا التوفيض ووصفته بأنه تفويض خطير يدعوا إلي فتنه داخلية وحرب أهليه في البلاد .   النهاية في العلاقة مع شباب الثورة تلي ذلك حملة إعتقالات واسعه بحق النشطاء المصريين من شباب ثورة 25 يناير، إستهدفت قيادات شباب الثورة من بينهم علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر ومحمد عادل، والناشط المؤيد لعبد الفتاح السيسي بشكل واسع أحمد دومة، لتكون حلقة النهاية في العلاقة مع شباب الثورة، الذين أعلنوا بعدها العداء الكامل مع سلطة ما بعد يوليو 2013 ، وخاصة مع إقرار قانون التظاهر في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور وإصرار عبد الفتاح السيسي علي إستمرار العمل به، بعد توليه للسلطة رسميا ورفض الإفراج عن قيادات شباب الثورة بأي عفو سياسي.   تلي ذلك مع زيادة حملة التصعيد والتخوين بحق النشطاء المصريين، موجهه من الإنسحابات من صفوف عبد الفتاح السيسي، لتشهد مجموعات مثل الأحزاب المكونة لما يسمي "التيار الديمقراطي" الإنسحاب من المشهد المؤيد للفريق عبد الفتاح السيسي، ومن بينهم مجموعات ناصرية الهوي مثل التيار الشعبي وحزب الكرامة الناصري، إضافه إلي العديد من التيارات السياسية الأخري، مثل حزب الدستور الذي تعرض بعض مؤسسيه للإختفاء القسري حتي الأن . هجمة قاطعه علي المنظمات الحقوقية المصرية   ومع زيادة العمل الأمني في مواجهه العمل السياسي بعد تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر، إنسحب جميعات حقوقية من الإصطفاف خلف السلطه السياسية، مع زيادة جرعه قمع الحريات الإعلامية والسياسية في مصر، ليبدأ عبد الفتاح السيسي في مواجهه مع المنظمات الحقوقية في البلاد، وإتهام بتلقي تمويلات خارجية لزعزعه الإستقرار، ويبدأ بإغلاق عدد من المنظمات الحقوقية المصرية من بينهم مركزي هشام مبارك للقانون ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان .   النهاية مع الاحزاب السياسية دخلت التيارات المكونه لجبهه "جبهه الإنقاذ" لحالة الخلاف مع عبد الفتاح السيسي مع زيادة جرعه التخوين بحق أحزابها أو تهميشها في السلطه الجديدة مع الإطاحة بالوزراء القادمين منها  والذي من بينهم كمال أبو عيطه المنتمي لحزب الكرامة و زياد بهاء الدين و حازم الببلاوي رئيس الوزراء القادم من حزب المصري الديمقراطي الإجتماعي، لتتحول الأحزاب إلي جبهه المعارضة، وتحول المؤسسات إلي تشكيل جبهه سياسية خاصة بها تشكلت فيما يعرف ب "جبهه دعم مصر" في البرلمان المصري المنشئ بعد يوليو 2013 ، وهي جبهه تشكلت من عدد من الضباط في الجيش والشرطة دخلوا إلي البرلمان عبر  دعم الجهات الأمنية والمخابراتيه لدخول البرلمان المصري والنجاح في الإنتخابات التي لم تشهد إقبالا واسعا من قبل الناخبيين المصريين، إضافة إلي نواب من حزب "مستقبل وطن" الذي نشأ في كنف الدعم المباشر من قبل عبد الفتاح السيسيي.   كما تحول مؤسس حزب "المصريين الأحرار" نجيب ساويرس إلي حالة من العداء مع السلطة السياسية، مع إتخاذها لقرارات إقتصادية وصفها بأنها خاطئه، إضافه إلي العديد من الأخطاء السياسية الاخري في البلاد التي وصفها ساويرس بأنها سوف تؤدي بالبلاد إلي الهواية .   ليصبح في النهاية عبد الفتاح السيسي بدون أي ظهير سياسي حقيقي غير ما تبقي من الضباط النواب في البرلمان المصري.   الدعم الخليجي   ظل عبد الفتاح السيسي منذ يوليو 2013 يردد مقوله "مسافة السكه" في إشاره إلي نيته تقديم أي دعم عسكري في مواجهه أي عمليات حربية قد تحدث في منطقة الخليج العربي سواء كانت من قبل إيران أو من قبل أي تمرد داخلي في تلك البلاد، وخاصة مع وجود نسبة من الشيعه عالية في هذه البلاد وخاصة "البحرين" .   ولكن هذا الوصف لم يتحول إلي واقع غير في تقديم دعم عسكري بحري مصري في خليج باب المندب في الحرب الدائرة في اليمن، وهو ما تراه دول الخليج غير كافي في الوقت الذي كانت قد فتحت خزائنها لدعم الموازنه العامة المصرية حيث حصلت مصر علي ما يقرب من 23 مليار دولار دعم من دول الخليج البحرين والسعودية والكويت والإمارات منذ يوليو 2013، إضافة إلي أن شهادات البنك المركزي المصري تلمح إلي أن ما نسبته 50% من الإحتياطي النقدي المصري البالغ 21 مليار دولار عبارة عن ودائع دولارية لدول الخليج العربي .   الدعم الخليجي إلي عبد الفتاح السيسي بدأ في التراجع مع إعلانه دعمه الغير مباشر لبشار الأسد تحت دعوي حماية الدولة السورية في مواجهه ميليشيات داعش الإرهابية، وهو ما ترفضه دول الخليج العربي، وتراجع دعم ﻷحد العناصر التي تهدد أمن دول الخليج العربي مباشرة وخاصة بعد دخول إيران بشكل علني بقوات مسلحة في الأراضي السورية و وجود قوات للحرس الثوري الإيراني في الأراضي الثورية تدير العمليات لصالح قوات نظام بشار الأسد، جنبا إلي جنب مع القوات الروسية التي تدير فعليا الوضع العسكري هناك .   فيما نجحت المعارضة المصرية في إسقاط إتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصرية لصالح السعودية، أعلنت المملكة السعودية المقاطعه مع النظام المصري، في ظل عدم حصولها علي التنازل المصري علي الجزيرتين في مضيق تيران البحر الأحمر ، وهو ما يحاول عبد الفتاح السيسي إستغلاله…

تابع القراءة

الدور الإماراتي في الأزمتين الليبية واليمنية

تشهد الإمارات هذه الأيام استضافة لأطراف أزمات بالمنطقة مثل الأزمة الليبية والأزمة اليمنية، بالإضافة إلى استضافة أطراف لها دور في حل هذه الأزمات مثل المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”. فقد استضافت الإمارات كل من المشير “خليفة حفتر” ورئيس المجلس الرئاسي الليبي “فائز السراج” من أجل بحث سبل حل الأزمة الليبية، البعض يرى أن هذا الأمر قد يعبر عن تراجع الدور المصري في إيجاد حل للأزمة، لكن الزيارة التي يقوم بها “السيسي” قد تثبت عكس وجهة النظر هذه، ومحاولة إيجاد مزيد من سبل حل الأزمة وكيفية التنسيق العربي بشأنها، حيث من المتوقع أن يحضر “السيسي” مؤتمر إعلان مجلس رئاسي جديد في ليبيا خلال زيارته للإمارات، وفي حال أثمر الأمر عن اتفاق، يمكن القول أن الإمارات نجحت في تحقيق نصر دبلوماسي على الساحة الدولية، خاصة بعد الفشل في عقد لقاء بين “حفتر” و”السراج” في القاهرة قبل بضعة أشهر. أما فيما يخص الأزمة اليمينة، فقد تقدمت “ميركل” أثناء زيارتها للإمارات بمبادرة بتقديم دعم دبلوماسي لحل النزاع في اليمن بالتعاون مع جهود الأمم المتحدة، وقد أبدت السعودية موافقتها على هذا الاقتراح. وفيما يخص العلاقات السعودية- الإماراتية ومدى تأثرها بما يدور في الساحة اليمنية، تجدر الإشارة إلى ما قاله ولي ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” خلال حديثه الإعلامي الأخير، حين أكد أن ما يثور حول وجود خلاف بين الدولتين بخصوص القتال في اليمن هو محض إشاعات، وخرج وزير الخارجية الإماراتي “أنور بن محمد قرقاش” بعده بقليل ليؤكد أن موقف البلدين في اليمن صلب ومتطابق. وكان قد أثيرت أخبار بشأن خلاف سعودي إماراتي على خلفية إصرار قائد القوات البرية السعودية في اليمن “فهد بن تركي” على توزيع قوات سعودية على معسكرات قوات الرئيس اليمني “منصور هادي” حماية لها من قصف إماراتي محتمل، إثر خلاف بينه وبين الإمارات بشأن إقالة مسئولين كبار مدعومين من الإمارات. من ناحية ثانية، سبق أن اتهم “عبد ربه منصور هادي” الرئيس اليمني، الإمارات بالعمل ضد الشرعية التي من المفترض أنها تدخلت لإعادتها، بل ووصفها بقوة احتلال حينم رفضت تسليم مطار عدن بعد تحريره، وهذا ما دفع “هادي” لإقالة محافظ عدن “عيدروس الزبيدي”، و”هاني بن بريك” والمعروف بدعم الإمارات له –ذو توجه سلفي- والذي كان يشغل منصب وزير دولة وقائد لقوات الحزام الأمني الذي تشرف عليها الإمارات، وإحالته للتحقيق، وفي وقت سابق أيضا، اتهم رئيس شرطة دبي الفريق “ضاحي خلفان” الرئيس اليمني بدعم جماعة الإخوان ضد التحالف العربي. الإقالات التي قام بها “هادي” ربما تمت بإيعاز من السعودية بعدما قامت القوات الإماراتية المتواجدة في مطار عدن باعتقال قائد اللواء الرابع حرس رئاسي العميد “مهران القباطي” المدعوم من السعودية أثناء عودته من الرياض.  

تابع القراءة

الازمة اليمنية تواصل الحرب وتغير التكتيكات

تشهد الازمة اليمنية تطورات كبيرة علي الارض، حيث بدأ التحالف بعد فترة من الركود في تحقيق بعض الانتصارات علي الارض، وإن كان الواضح ان السعودية تتحرك في اليمن الأن وبعد فترة طويلة من الصراع بما يخدم امنها القومي بالدرجة الاولي وليس بما يخدم الشعب اليمني ويحقق طموحه في القضاء علي الانقلاب علي الشرعية واستعادة المسار الديموقراطي من جديد.

تابع القراءة

لماذا تخلت السعودية عن دعم المعارضة في حلب؟

 أثار سقوط الأجزاء الشرقية من مدينة حلب السورية والتى كانت تسيطر عليها قوات المعارضة العديد من الاسئلة وعلامات الاستفهام، خاصة وان هزيمة القوات المعارضة في تلك المعركة ليس هزيمة للمعارضة فحسب، بل تعد هزيمة كذلك للدول والانظمة الداعمة لقوات المعارضة السورية وعلي راسها المملكة العربية السعودية التى سبق وان اعلنت تزويد تلك القوات باسلحة نوعية تمكنها من فك الحصار المفروض عليها ومنع طائرات النظام من شن غارات جوية علي مناطق تواجدها، إلا ان الواضح ان ايا من ذلك لم يحدث، حيث واصلت روسيا وايران تهديداتهما ونجحا في كسب المعركة المشتركة، وتكبيد قوات المعارضة والسكان المدنيين خسائر فادحة، دون اي اعتبار للمسائل الانسانية والاخلاقية.

تابع القراءة

“مقتطفات من الظلام”.. كیف تم تقیید الصحافة بالقانون

 لأن الدساتیر أحیانًا قد لا تحمي الشعوب من غطرسة الحكام، ومن ممارسات الأنظمة القمعیة؛ لذلك فطریقُ التغییر غالبًا یبدأ من المیادین، وبعد أن تنتهي الأزمة برحیل النظام بأكمله، أو استقالة الحكومة، یرتفع صوتُ أصحاب الحقوق المنتصرین الذین ینادون بوقف العمل بالدستور، ظنًا أن الثغرات التي به هى التي مكنت الحُطام القدیم من الاستبداد؛ ومصر تعرضت علیها سبعة دساتیر، ومازالت حتى الآن تعاني أزمة في الحریات، وبالقیاس على مكتسبات الصحافة في الدساتیر، فإن باب الحریات أوضح سُلطتها، وأقر استقلالها؛ لكن القوانین من جانب آخر قامت بتقییدها إلى حد الخنق، مؤكدةً مبدأ واقعیًا بأن “الدساتیر لا تحمي الصحفیین”؛ فقانون حریة تداول المعلومات لم یوافق علیه البرلمان بعد، وقانون المطبوعات به قیود كثیرة، وحریة ممارسة المهنة بحریة أصبحت أزمة تهدد كل الصحفیین في نظام یعتبر الكامیرا جریمة یجب تقییدها بقوانین العقوبات والإرهاب.

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022