موقف حماس من خطة ترامب لوقف الحرب في غزة: الدوافع والتحفظات
سلمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 3 أكتوبر 2025، الوسطاء ردها على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة وإحلال ما وصفه الأخير بـ”السلام” في المنطقة. وذكرت الحركة – في بيان لها – أنها أجرت “مشاورات واسعة للتوصل لموقف مسؤول” في التعامل مع خطة ترامب، حرصًا منها على وقف العدوان الإسرائيلي. وأضافت “نعلن موافقتنا على الإفراج عن كل الأسرى أحياء وجثامين، وفق مقترح ترامب بما يحقق وقف الحرب والانسحاب مع توفير الظروف الميدانية للتبادل”، مبدية استعدادها “الفوري” للدخول من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة كل التفاصيل. كما جددت الحركة – وفق نص البيان- موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين بتوافق وطني واستنادًا لدعم عربي إسلامي. وشددت على أن ما ورد في مقترح ترامب عن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني “يرتبط بموقف وطني يناقش في إطار وطني فلسطيني جامع تكون حماس ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية”1. ثم أعلنت حماس، في 9 أكتوبر 2025، التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تنفيذ عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة. وفي بيان رسمي، وصفت الحركة المفاوضات بأنها جرت “بمسؤولية وجدية”، وأكدت أن وفدها وفصائل المقاومة الفلسطينية شاركوا في المباحثات في المبادرة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مدينة شرم الشيخ، وذلك بهدف إنهاء “حرب الإبادة” ضد الشعب الفلسطيني. وأعربت حماس عن تقديرها العالي “لجهود الإخوة الوسطاء في قطر ومصر وتركيا”، كما ثمنت “المساعي التي بذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب نهائيًا وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة”. ودعت الحركة في بيانها الرئيس ترامب والدول الضامنة للاتفاق، إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ جميع بنود الاتفاق، وعدم السماح لها بالتنصل أو المماطلة في تطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها، كما ناشدت الأطراف العربية والإسلامية والدولية دعم هذا المسار. ووجه البيان تحية للشعب الفلسطيني في غزة، والقدس، والضفة الغربية، وفي داخل الوطن وخارجه، مشيدًا “ببطولاته وصموده في مواجهة مشاريع الاحتلال الفاشية وتشبثه بحقوقه الوطنية”، مؤكدًا أن “هذه التضحيات أفشلت مخططات الاحتلال الرامية إلى الإخضاع والتهجير”. وأكدت الحركة أن “تضحيات شعبنا لن تذهب هباءً، وسنظل أوفياء للعهد ولن نتخلى عن حقوق شعبنا الوطنية حتى تحقيق الحرية والاستقلال وتقرير المصير”2. ثم خرج رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة خليل الحية ، مؤكدًا علي أن الحركة تعاملت بمسؤولية عالية مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أفضت إلى إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار في مفاوضات شرم الشيخ، مشيرًا إلى أن الحركة قدمت “ردًا يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ويحقن دماءه”. وذكر الحية – في كلمته – أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه يشمل دخول المساعدات وفتح معبر رفح وتبادل الأسرى، وأنه سيتم بموجبه إطلاق سراح 250 من الأسرى ممن حكم عليهم بالمؤبد و1700 من أسرى قطاع غزة. وقال إن الطرف الفلسطيني المفاوض تسلم ضمانات من الوسطاء ومن الإدارة الأمريكية، وإن جميع هذه الأطراف أكدت أن الحرب انتهت “بشكل تام”. وشدد على أن حماس ستواصل العمل مع جميع القوى الوطنية والإسلامية استكمالًا لباقي الخطوات المدرجة ضمن خطة ترامب. كما أعرب الحية -خلال كلمته- عن “التقدير العميق للإخوة الوسطاء في مصر وقطر وتركيا، ولكل من شاركنا الدم والمعركة من أمتنا في اليمن ولبنان والعراق وإيران.. وكل من تضامن معنا من الأحرار في أنحاء العالم.. خاصة في قوافل الإسناد والحرية برًا وبحرًا”3. أولًا: دوافع حماس للموافقة علي الخطة: تتمثل أبرز دوافع حماس للموافقة علي خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة فيما يلي: 1- سبق رد حركة حماس في بيانها الرسمي، في 3 أكتوبر 2025، علي خطة ترامب، اجتماع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 23 سبتمبر 2025، واطلعوا على تفاصيل الخطة، وعبروا عن تأييدهم الكامل لها في بيان مشترك عن وزراء خارجيتها (مصر، والأردن، والإمارات، والسعودية، وقطر، وتركيا، وباكستان، وإندونيسيا)، وهو ما يعني أن رفض حماس للخطة لن يواجه فقط بعزلة دبلوماسية، بل ربما بتخل واضح من حلفائها الإقليميين، لا سيما قطر وتركيا، واحتمال انسحاب مصر من دورها كوسيط رئيس، ما سيغلق أمام الحركة أي أفق تفاوضي للخروج من الحرب في المستقبل، بل وتتحمل نتائجها وتداعياتها، بالإضافة إلى أن التأييد الإقليمي والدولي الواسع للخطة سيقلص من قدرة حماس على المناورة في بنودها، خصوصًا فيما يتعلق بالحصول على ضمانات تتصل بـ “اليوم التالي” لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، في ظل إدراك حماس أن البنود التي تتضمنها الخطة ترتبط معطياتها ميدانيًا بالعمليات العسكرية الإسرائيلية على الأرض، وأن قدرة الحركة على مواجهتها باتت محدودة، وربما معدومة4. 2- الدافع الرئيسي خلف موقف حماس من الخطة تعلق بشعورها بالمسؤولية تجاه أهل قطاع غزة بالعمل على وقف الحرب، الذي أصبح عنوان بيان الرد على الخطة، وإيقاف حملة الإبادة المستمرة طوال عامين. كان وقف الحرب، رغم حجم التنازلات، هو المحرك الرئيسي خلف قبول حماس بأكثر من مشروع سابق لنهاية الحرب، تقدم به الأمريكيون على وجه الخصوص، ونجح نتنياهو في إفشاله. ولا بد أن حماس شعرت هذه المرة – ربما أكثر من أي محاولة سابقة – أن هناك ضمانات أمريكية حقيقة لمنع استئناف إسرائيل للحرب بعد الافراج عن الأسري الإسرائيليين، وأن الوسطاء العرب والإسلاميين يقفون إلى جانبها، وأنهم أكثر استعدادًا لمساندة موقفها خلال مفاوضات تطبيق الخطة المتعددة. 3- أن الخطة رغم غموض العديد من بنودها وميلها الواضح لصالح الأهداف الإسرائيلية؛ تؤكد بوضوح جلي على عدم تهجير قطاع غزة، بل وتشجيعهم على البقاء، ومساعدتهم على استئناف حياة طبيعية داخل القطاع5. وهنا لابد من ملاحظة أن ديباجة بيان موافقة حماس علي الخطة بدأت بتقدير “الجهود العربية والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات فورًا، ورفض احتلال القطاع، ورفض تهجير الشعب الفلسطيني منه”، وهي ديباجة تبرز نقاط التوافق الأساسية التي تقدم تفسيرًا مسبقًا لأسباب الموافقة علي الخطة (وقف الحرب، وتبادل الأسرى، وألية إدخال المساعدات (عبر الأمم المتحدة وليس عبر مؤسسة غزة الإنسانية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة وإسرائيل)، ورفض الاحتلال العسكري والتهجير)6. 4- أن الخطة تنص على انتشار قوات دولية – يفترض أن يكون جميع أفرادها من دول عربية وإسلامية – في قطاع غزة؛ الأمر الذي سيفرض على هذه القوات حماية وتأمين أهالي القطاع وضمان الوقف النهائي للحرب، حتى إن لم تنص الخطة على أن هذه تقع ضمن واجباتها. 5- أن عددًا من المسؤولين الأمريكيين المقربين من الرئيس ترامب قدموا وعودًا للوسطاء العرب والمسلمين بإعادة النظر في البنود محل الاعتراض، خلال المباحثات التفصيلية حول إجراءات تطبيق الخطة7. ثانيًا: تحفظات حماس علي الخطة: أظهرت البيانات والتصريحات الصادرة عن حماس ومسئوليها، أن الحركة لديها تحفظات علي بعض البنود الواردة في خطة ترامب، حيث…