تشهد المنطقة والعالم تغيرين جذريين يصبان بشكل مباشر في انعدال تدريجي لميزان القوى لصالح القضية الفلسطينية وحركات المقاومة التي حققت انتصارا مدويا على الاحتلال الإسرائيلي في الجولة الأخيرة (سيف القدس 10 ـ21مايو 2021م).
- التحول الأول، هو التغيرات التي تجري داخل الحزب الديمقراطي الأميركي الذي ينتمي له الرئيس جوزيف بايدن والذي تجلى بوضوح خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على أهالي حي الشيخ جرَّاح أولا ثم على المصلين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان ثانيا، ثم الحرب على قطاع غزة المحاصر ثالثا. حيث ارتفعت أصوات النقد لأول مرة للانحياز الأميركي الأعمى لإسرائيل، وشهد الكونجرس لأول مرة عشرات النواب الذين يدعمون الحق الفلسطيني أو على الأقل الدعوة إلى المساواة بين الطرفين. وهي تحولات كبرى يقودها التيار اليساري التقدمي داخل الحزب الديمقراطي؛ أجبرت الرئيس بايدن على تغيير نبره خطابه ومعالجته للأزمة. وأسهم في هذا التطور أمران مهمان: أولهما العلاقة الحميمة التي جمعت الرئيس السابق دونالد ترامب ونتنياهو، وهو ما يُحوّل عملية دعم إسرائيل لتصبح قضية حزبية، يدعمها الجمهوريون ويعارضها الديمقراطيون. والثاني بدء تغير رؤية كثير من الديمقراطيين تجاه إسرائيل كدولة فصل عنصري. وفي حين أن العديد من التقدميين كانوا يدافعون في السابق عن إسرائيل كديمقراطية وحيدة في منطقة خطرة، فإن معظمهم ينظرون الآن إلى الصراع من منظور قوة استعمارية تقهر السكان الأصليين الذين يحاولون مقاومة الاحتلال.
- أما التحول الثاني فهو الإطاحة بأقوى رئيس حكومة في تاريخ الكيان الصهيوني “بنيامين نتنياهو” الذي يقود إسرائيل منذ أكثر من نحو 12 سنة، وهي أطول فترة حكم لرئيس وزراء في تاريخ الاحتلال. هذه الإطاحة ما كان لها أن تتم لولا الهزيمة المدوية التي مني بها الاحتلال أمام المقاومة في معركة “سيف القدس”، وفشل نتنياهو في إدارة الحرب أمام صواريخ المقاومة التي أجبرت ملايين الصهاينة على الاختباء داخل الملاجئ والمخابئ وإصابة إسرائيل بشلل تام.
لهذين التحولين تداعيات كبرى على مستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل الكيان الصهيوني؛ فلأول مرة يضطر رئيس أميركي شديد التطرف والدعم لإسرئيل بأن يوبخ رئيس حكومة الاحتلال أثناء العدوان على غزة، ويطلب منه وقف إطلاق النار فورا؛ لأن إسرائيل تخسر الداعمين لها داخل الحزب الديمقراطي. فما مدى اتساع هذه الفجوة بين واشنطن وتل أبيب؟ وما مدى هذه التحولات الجارية التي تتزامن مع ورطة سياسية كبرى تمر بها إسرائيل، فلا يوجد حزب قادرعلى حسم الانتخابات التي تحولت إلى أداة لمزيد من الفوضى السياسية داخل إسرائيل بدلا من أن تكون حلال لأزمتها الراهنة؟ وكيف يستفيد الفلسطينيون من هذه التحولات لتحرير الأرض والمقدسات والاقتراص من يوم النصر العظيم؟
الموقف الأميركي من العدوان
كالعادة كان الموقف الأميركي بالغ الانحياز لإسرائيلي وتجلى ذلك في عدة أجراءات: أولها، تعطيل الولايات المتحدة أربع محاولات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة تطورات العدوان، بذريعة أنّ هذا يجهض المساعي الدبلوماسية الهادئة التي تقوم بها واشنطن عبر قنوات خاصة للوصول إلى تهدئة، ثمَّ إلى وقفٍ لإطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. وثانيا، توفير غطاء للعدوان الإسرائيلي على القطاع بذريعة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية العشوائية”. وثالثا، إعطاء حكومة نتنياهو “مساحة للمناورة”، عبر منحها وقتًا كافيًا لتشنّ ضرباتٍ قويةً ضد المقاومة الفلسطينية، ثمَّ تقلّص حجم تلك الضربات تدريجًا بذريعة أنها حققت أهدافها من العدوان.
وخلال الأسبوع الأول من العدوان على غزة، كانت تقديرات موقف أجهزة المخابرات الأميركية ترى أن تل أبيب لن توقف الحرب إلا بعد الانتهاء من بنك الأهداف الذي وضعته مخابراتها العسكرية. وساد في أوساط الإدارة الأميركية أن الانتقاد العلني لإسرائيل قد يأتي بنتائج عكسية. وكانت المقاربة الأميركية تقوم على الدعم العلني لإسرائيل وممارسة ضغوط من وراء الكواليس على حكومة نتنياهو من أجل وقف إطلاق النار بشكل سريع. حيث أجرى بايدن ستة اتصالات هاتفية مطولة مع نتنياهو بخلاف 60 تحركا واتصالا دبلوماسيا من أجل متابعة تطورات الموقف والعمل على وقف إطلاق النار. لكن هذه المقاربة الأميركية شهدت تحولات هائلة في منتصف الأسبوع الثاني للعدوان لأسباب أهمها أن تقديرات المخابرات الأميركية توصلت إلى أن جيش الاحتلال قد استنفد بنك الأهداف المطلوب قصفها في غزة. وتصاعد أعداد الضحايا المدنيين في غزة ثانيا وهو ما أظهرتها الصور من وحشية ودموية مفرطة من جانب جيش الاحتلال؛ وهو ما أخذ ينعكس على الرأي العام الأميركي الذي صدمته هذه المشاهد الدموية. وكان تدمير برج الجلاء في 15 مايو 2021م نقطة تحول في الموقف الأميركي؛ إذ ساد استياء واسع في أوساط الإدارة الأميركية من محاولات حكومة الاحتلال توريط واشنطن في جريمة قصف البرج الذي كان يضم مكاتب إعلامية شهيرة كالجزيرة وأسوشيتدبرس الأميركية فضلا عن 60 شقة أخرى لمكاتب أطباء ومحامين. وهو ما تسبب في حملة إدانة دولية لجيش الاحتلال وحكومته. وادعت حكومة الاحتلال أن البرج كان يضم معدات إلكترونية تابعة لحماس، وهو ما نفته الحركة. وطلب من إسرائيل تقديم أدلة تؤكد هذه المزاعم فقالت إنها قدمت هذه الأدلة لواشنطن وهو ما نفاه الأمريكان باستنكار شديد.
لكن السبب الأكثر أهمية في تحولات الموقف الأميركي هو الخلافات التي نشبت داخل الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له الرئيس بايدن، حيث تنامى الاستياء داخل الحزب من السلوك الإسرائيلي الهمجي، وتوجهت قيادات بارزة داخل الحزب بانتقادت ضمنية لتل أبيب منهم رئيس مجلس النواب، نانسي بيلوسي، ووزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، روبرت مينينديز. كما وقّع أكثر من عشرين عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ، في 16 مايو 2021، بيانًا دعَوا فيه إلى وقف إطلاق النار. وعلى مستوى قواعد الحزب قاد التيار اليساري التقدمي الانتقادات العلنية للهمجية الإسرائيلية وهو ما كان يمثل جرس إنذار لبايدن بأن الحزب يشهد حالة انقسام حيال الموقف من إسرائيل والدعم الأميركي الأعمى لها. وكشفت استطلاع رأي أنّ 38.5% من الديمقراطيين يحمّلون الاحتلال مسؤولية التصعيد الأخير، مقابل 15.5% يلومون حركة حماس، علمًا أن 27.4% من الأميركيين عمومًا يحمّلون إسرائيل مسؤولية التصعيد، بينما تنخفض النسبة إلى 12.5% فقط يرى فيها الجمهوريون ذلك. ويشهد الحزب الديمقراطي تحولات جذرية تجاه إسرائيل منذ عقود؛ حيث ترغب كثير من قواعده في موقف أكثر اتزانا وعدلا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وباتوا ينظرون إلى القضية من منظور حقوقي إنساني يتجاوز القوالب القديمة التي رسختها إسرائيل عبر آلتها الإعلامية الضخمة.
وبرزت الخلافات داخل الحزب الديمقراطي على نحو غير مسبوق وراح نواب مؤثرون يصدعون بشيء من الحق ويطالبون بوقف الانحياز الأميركي الأعمي لإسرائيل؛ وظهر ذلك بوضوح بعد أن كشفت إدارة بايدن للكونجرس نيتها بيع صفقة أسلحة وذخائر بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل. ورغم أن الصفقة كان قد جرى الاتفاق عليها قبل العدوان الإسرائيلي ضمن صفقة كبرى تصل إلى نحو 3.8 مليارات دولار لضمان التفوق الإسرائيلي على جيرانها العرب المسلمين. لكن النائبة الديمقراطية عن نيويورك إلكساندريا أوكازيو كورتيز، أعلنت في 9 مايو 2021 أنها ستتقدّم بمشروع قانون يمنع الصفقة، المموّلة من المعونات السنوية الأميركية لإسرائيل. وكما تقدم في اليوم التالي السيناتور بيرني ساندرز الذي قدّم مشروعًا مماثلًا في مجلس الشيوخ. وعلى الرغم من أن محاولات تعطيل هذه المعونة لم تنجح، فإنّ هذا التطور يعدّ تطورا غير مسبوق في تاريخ العلاقات الأميركية – الإسرائيلية.
وأمام حالة الانقسام داخل الحزب الديمقراطي وخوفا من أن ينعكس ذلك على أغلبية الحزب في ملفات أخرى، اتصل بايدن بنتنياهو في 19 مايو كانت فيه لهجة الرئيس الأميركي أشدّ حزمًا عن اتصاله قبلها بيومين. وكان لافتا أنّ بيان البيت الأبيض حول هذا الاتصال لم يُشر، كما العادة، إلى “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، بل ركز على أنّ “الرئيس أبلغ رئيس الوزراء أنه يتوقع اليوم تخفيضًا كبيرًا في التصعيد على طريق وقف إطلاق النار”. وذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ بايدن أبلغ نتنياهو أن المعادلة السياسية تتغير في الكونجرس ضد إسرائيل، حتى بين حلفائها التقليديين. وفي صباح الجمعة 21 مايو أعلن بايدن بنفسه وقف إطلاق النار رغم التحذيرات التي خشبت من فشل الاتفاق بما يضع الرئيس الأميركي في ورطة كبيرة، لكنه كان واثقا من التزام نتنياهو هذه المرة لأن إسرائيل لن تحسم الحرب إلا باجتياح بري ستكون نتائجة غير معروفة وخسائرة باهظة لا يقوى نتنياهو على تحمل فاتورتها وسط مخاوف من تفجر الوضع في الضفة وداخل الخط الأخضر.
الإطاحة بنتنياهو
أما التحول الثاني فهو الإطاحة بنتنياهو من رئاسة حكومة الاحتلال، بعدما تغيرت المعادلة السياسية داخل إسرائيل ولو بشكل مؤقت بإعلان نفتالي بينيت زعيم حزب “يمينا” المتطرف موافقته على تشكيل ائتلاف حكومي (ائتلاف التغيير) مع يائير لابيد زعيم حزب “هناك مستقبل”، وبالتالي ستكون الحكومة الجديدة التي جرى الإعلان عنها الأربعاء 2 يونيو الجاري بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية “الأكثر تنوعا في تاريخ إسرائيل”. وسيصبح نفتالي بينيت أول أرثوذوكسي يهودي يتولى رئاسة الحكومة على أن يتولى لابيد وزارة الخارجية حتى 2023 ثم يتبادلان المناصب.
الراجح عندي أن هذه الحكومة لن تستمر طويلا كحكومة نتنياهو الحالية التي لم تستمر سوى عدة شهور؛ لأنها تضم لفيفا غير متجانس من الأحزاب والتوجهات بدءا من اليمنيين (حزب يمينا) ثم الوسط واليسار وصولا إلى الأحزاب العربية. والهدف من هذا الائتلاف هو الإطاحة بنتنياهو، خصوصا في ظل اليقين الكامل بهشاشة الدعم الأميركي له والذي وضح في أعقاب فوز بايدن في نوفمبر 2020م، فقد تحفظ الرئيس الأميركي عن الاتصال الهاتفي برئيس حكومة الاحتلال لمدة شهر كامل رغم الأعراف التي تلزم الرئيس المنتخب حديثا بالتواصل مع رئيس حكومة إسرائيل في أول 48 ساعة من تنصيبه. فإذا ما تحقق الهدف بإبعاد نتنياهو عن رئاسة الليكون عبر بدء محاكمته على قضايا الفساد المتهم فيها فمن الوارد أن تسقط الحكومة وتجرى انتخابات جديدة بدون نتنياهو؛ وبالتالي تبقى إسرائيل في دوامة مستمرة وورطة سياسية لا مخرج لها؛ لعدم قدرة أي حزب على حسم الفوز. معنى ذلك أن نتنياهو قد يكون آخر رئيس حكومة قوي، وأن المرحلة المقبلة هي مرحلة قد تكون بالغة الضعف والهشاشة داخل الكيان الصهيوني. الذي لن ينعم بحكومات قوية كما كان في السابق.
الواشنطن بوست تتفق مع هذا الرأي وترى أن تشكل هذا الائتلاف، من خارج نطاق المألوف والمتوقع، يعود إلى سياسات نتنياهو، الذي جر الاحتلال على مدى عامين إلى أربع انتخابات في محاولة منه للبقاء في السلطة. وفي الجولة الأخيرة التي جرت في مارس 2021م حصدت أحزاب يمين الوسط مجتمعة النسبة الأكبر من المقاعد، رغم تصدر حزب الليكود بزعامة نتنياهو. ومما ساهم في إنهاء فرص نتنياهو رفض خمسة أحزاب يتزعمها سياسيون عملوا معه في السابق، ومن ضمنهم ثلاثة تولوا مناصب بارزة في حكومته، دعمه هذه المرة، والتحقوا بالمقابل بأحزاب الوسط واليسار للإطاحة به، وتركه يواجه المحاكمة خارج السلطة، ذلك أنه يواجه قضايا فساد ورشوة.
النتائج
هناك عدة نتائج قد تترتب على هذه التطورات:
أولا، هذه التطورات لا تعني نهاية حقبة نتنياهو السياسية؛ فقد استطاع التغلب في الماضي على نكسات والعودة إلى السلطة.
ثانيا، التوليفة الحكومية الجديدة لا تعني عودة المحادثات مع الفلسطينيين، لأن بينيت يعارض فكرة الدولة الفلسطينية من الأساس باعتباره يهوديا أرثوذوكسيا. لكن هذه الحكومة قد تكون أكثر التزاما بالهدنة مع الفلسطينيين لأنها أولويتها هي إنهاء حقبة نتنياهو وتحقيق إنجازات ملموسة على الأرض ترضي بها قواعدها الانتخابية، وبالتالي فإن هذه الحكومة قد لا تلجأ إلى شن عدوان جديد على غزة، وقد تكون أكثر جدية في التوصل لاتفاق تبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية حماس وهو الدور الذي تقوم به المخابرات المصرية حاليا. وأقد أشار السيد/ يحيى السنوار إلى ذلك عندما صرح للإعلام “تذكروا هذا الرقم “1111”.
ثالثا، التوليفة الحكومية الجديدة قد تعيد ترميم العلاقات مع واشنطن والتي سمَّمها انحياز نتنياهو السافر للجمهوريين على حزاب الديمقراطيين الذين يرحبون بالإطاحة به من السلطة على أمل أن يسهم ذلك في ترميم العلاقات الثنائية بين البلدين. قد يساهم في ذلك أن بينيت رجل أعمال سابق في مجال برمجيات الكمبيوتر رغم أجندته اليمينية المعروفة. لكن ثمة آراء أخرى تقلل من هذه الفرضية وترى أن “نفتالي بينيت” أكثر يمينية وتطرفا من نتنياهو، فكيف يمكن ترميم العلاقة بين الطرفين وتل أبيب تتجه يمينا مع نفتالي، وواشنطن تتجه يسارا مع زيادة تأثير التيار اليساري التقدمي على صناعة القرار داخل الحزب الديمقراطي الحاكم. وذكّر بعض المعلقين، مثل السفير السابق لدى مصر وإسرائيل دانيال كروتزر، إدارة بايدن بألا تنسى أن بينيت يتجه أبعد إلى اليمين وأنه أكثر تشددا من نتنياهو، وعليه ألا يتوقع شهر عسل طويلا. واعتبر كروتزر في مقال نشرته صحيفة بوليتيكو (POLITICO)، أن من سيحل محل نتنياهو في الأساس ما هو إلا نسخة أكثر تطرفا، وإن كان أقل منه دهاء من الناحية السياسية. لكن ذلك لا يمنع من أن بينيت ويائير لبيد، اللذان سيتناوبان على رئاسة الوزراء وعلى وزارة الخارجية، سيعملان بجد لتطبيع العلاقات مع إدارة بايدن ومع الجالية اليهودية الأميركية. وسيتطلع الرجلان، ولا سيما لبيد، إلى إصلاح العلاقات مع الديمقراطيين حتى مع الحفاظ على العلاقات الودية مع الجمهوريين التي فضلها نتنياهو.
رابعا، الحكومة الجديدة قد تعيد إصلاح العلاقات بين المجتمعات اليهودية والعربية داخل إسرائيل التي واجهت بعضها البعض خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. فقد تلقى الحزب العربي المشارك بالحكومة وعودا بميزانيات وتنازلات. كما وقد يتم إصلاح الضرر الذي تسبب به نتنياهو على المؤسسات الإعلامية ومجتمعات العمل المدني والمحكمة العليا”. وهنا يجب الإشارة إلى أن الحكومة التي تحظى بدعم 61 نائبا في الكنيست، بينهم “8” من القوائم العربية، وبين هؤلاء الثمانية “4” نواب ينتمون إلى الحزب الإسلامي “راعم” الذي يشارك في حكومة الاحتلال لأول مرة. وسيكون لهم القدرة على إسقاط الحكومة في أي اقتراع لسحب الثقة، وبالتالي سيكون لهؤلاء تأثير على بعض قرارات الحكومة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني.
الاستثمار الفلسطيني
هذا التحولات تمثل فرصة حقيقية للفلسطينيين لو أحسنوا استغلالها، فهناك بالفعل تحولات إيجابية بين الديمقراطيين والشباب ونجوم هوليود، نحو الموقف من إسرائيل كنظام فصل عنصري، وهو أمرٌ يستحق الاستثمار فيه. بتعظيم هذا التيار ودعمه داخل الحزب الديمقراطي لاستبدال قياداته الشائخة المنفصلة عن قواعده الأكثر شبابية، ولكن مشكلتنا هي في أنظمة عربية تتحالف مع إسرائيل وتحاول تبييض صفحتها، وموقف رسمي فلسطيني مخزٍ للأسف، لا يزال يعيش في الماضي. صحيح أن هذه تحولات إيجابية لكن ترجمتها إلى إلى تغيير حقيقي وذي معنى في المقاربة الأميركية للصراع ستأخذ وقتاً، وهذا ما لا يملكه الفلسطينيون على الأرض الآن. معنى ذلك أن الجالية الفلسطينية في أميركا عليها دور كبير للقيام بهذه المهمة، دون التعويل عليها كثيرا سواء تحققت أم لم تتحق.
وعلى حركات المقاومة استثمار هذه التطورات بالتركيز الشديد على تطوير قدراتها الصاروخية حتى تكون أكثر دقة وتدميرا وسد الفجوة مع جيش الاحتلال لتحقيق توزان الرعب الذي سيكون كفيلا بوضع حد للعربدة الإسرائيلية وفرض الاحترام على العالم لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وتحرير أرضه المحتلة؛ لأن العالم لا يعرف سوى لغة القوة. وما التحركات الدبلوماسية إلا صدى لميزان القوة على الأرض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
- WP: نهاية نتنياهو قد تمهد لعلاقة جديدة مع بايدن/ عربي “21” ــ الجمعة، 04 يونيو 2021
- محمد المنشاوي/ هل تخلصت واشنطن من عبء نتنياهو؟/ الجزيرة نت – 4 يونيو 2021م
- ذي هيل: مرحلة جديدة لعلاقات أمريكا وإسرائيل دون نتنياهو/ “عربي 21” ــ الخميس، 03 يونيو 2021
- صحف أمريكية وبريطانية: تحولات في سياسة واشنطن تجاه فظائع إسرائيل/ الجزيرة مباشر ــ 21 مايو 2021
- محمد المنشاوي/ قراءة في تطور موقف بايدن من الحرب الإسرائيلية على غزة/ الجزيرة ــ 20 مايو 2021م
- أنتوني زورتشر/ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: تحول “مزلزل” في سياسات الحزب الديمقراطي الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية/ بي بي سي عربي ــ 22 مايو 2021
- أسامة أبو ارشيد/ في تحولات الحزب الديمقراطي من قضية فلسطين/ العربي الجديد ــ 21 مايو 2021
- كلمة واحدة بدأت تغيِّر نظرة الأمريكيين لقضية فلسطين.. تقلق إسرائيل بشدة رغم أنها لا تنتقدها/ عربي بوست ــ 21 مايو 2021م
- التيار التقدمي الأمريكي أقل دعماً لإسرائيل، فمن هم وما مدى تأثيرهم وكيف يرون قضايا الشرق الأوسط؟/ عربي بوست ــ 20 مايو 2021م
- التايمز: أمريكا لم تعد موحدة خلف إسرائيل/ “عربي 21” ــ الجمعة، 21 مايو “2021”م
- WP: تحول بمواقف واشنطن والداخل الأمريكي من إسرائيل/ “عربي 21” ــ الإثنين، 17 مايو 2021
- التلغراف: موقف بايدن إزاء إسرائيل يهدد بتعميق انقسامات حزبه/ “عربي 21” ــ الجمعة، 21 مايو 2021
- الغارديان: يجب أن يستجيب بايدن لتغيير العلاقة مع إسرائيل/ “عربي 21” ــ الجمعة، 21 مايو 2021
- واشنطن بوست: تدمير برج الجلاء شكل نقطة تحول في الموقف الأميركي تجاه قصف غزة/ “الجزيرة مباشر” ــ 21 مايو 2021م