صفقة السلاح الأمريكية لمصر.. لماذا يكافئ بايدن السيسي؟

 

 

أثناء ترشح جو بايدن للرئاسة الأمريكية في منتصف 2020م، انتقد رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن إدارته لن تمنح دكتاتور ترامب المفضل شيكا على بياض، مشددا على انتهاكات نظام السيسي المتكررة لحقوق الإنسان لن تقابلها إدارته بالتجاهل والصمت كما تفعل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. من ناحية أخرى، وعد أنتوني بلينكن مستشار حملة بايدن للسياسة الخارجية  وقتها والذي يتولى وزارة الخارجية حاليا- خلال محادثة بالفيديو مع نشطاء الجالية العربية الأميركية- بالتزام إدارة بايدن بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في تعاملها مع الدول العربية، خاصة السعودية ومصر”.  وقال بلينكن “إن ترامب يفعل الكثير لتقويض مكانتنا الأخلاقية على مستوى العالم وقدرتنا على القيادة، ولنتذكر أنه يطلق على السيسي لقب: دكتاتوري المفضل”. وتعهد بلينكن -الذي سبق أن عمل نائبا لمستشار الأمن القومي في إدارة باراك أوباما- “بأن علاقات الولايات المتحدة مع السعودية ومصر تحت حكم بايدن ستبدو مختلفة تماما عما هي عليه الآن”.[[1]]

وعندما فاز بايدن بالرئاسة، ماذا جرى؟ وأين ذهبت هذه الوعود؟

أولا، فاجأت إدارة بايدن العالم وصدمت أنصار حقوق الإنسان في مصر والعالم عندما قررت في فبراير 2021م، وبعد شهر واحد فقط من تولي الرئاسة بموافقة الخارجية  الأمريكية على صفقة صواريخ ومعدات عسكرية لنظام السيسي تقدر بنحو 197 مليون دولار، وفقا لتقرير الواشنطن بوست. ومع تناقض هذه الخطوة مع الوعود التي قطعها بايدن وإدارته حاولت واشنطن التخفيف من الصدمة بالمشاركة في البيان الذي وقع عليه 31 دولة في مارس 2021م، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو البيان الذي انتقد الانتهاكات الحقوقية في مصر، وحضَّ سلطات الانقلاب على التوقف عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين والحقوقيين والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.[[2]]  وفي إبريل 2021، صدر تقرير الخارجية الأمريكية متهما قوات الأمن المصرية بارتكاب “انتهاكات عديدة”، وأن الحكومة المصرية لم تحقق بشكل “شامل” ما ساهم في “خلق بيئة من الإفلات من العقاب”. وتضمن التقرير توجيه الاتهام لنظام السيسي بارتكاب عدة جرائم تشمل “القتل غير القانوني، الاختفاء القسري، التعذيب والعقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة”.

ثانيا، رغم أن الإدارة الأمريكية شرعت في سبتمبر 2021م بحجب نحو 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية للنظام المصري بسبب انتهاكاته الواسعة وعدم التزامه في الملف الحقوقي ــ حيث تتلقى مصر 1.3 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية أمريكية منها 300 مليونا مشروط بحالة حقوق الإنسان ــ   وهي الخطوة التي اُعتبرت مسكا للعصا من المنتصف في ظل رغبة  الإدارة الأمريكية في توثيق العلاقات مع نظام السيسي لاعتبارات تتعلق بالدور الوظيفي الذي يؤديه محليا وإقليميا لخدمة المصالح الأمريكية لا سيما في ملفات فلسطين ومكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، وعلى رأسه ضمان حماية أمن إسرائيل،  إلا أن واشنطن في يناير 2022، فاجأت العالم من جديد بالإعلان  عن صفقتي سلاح ضخمتين لنظام السيسي بقيمة 2.5 مليار دولار، على الرغم من انتقادات الكونجرس الصريحة لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان.  الصفقة الأولى بقيمة 2.2 مليار دولار نظير طائرات ومعدات خاصة بها، والثانية بقيمة 355 مليون دولار لأنظمة رادار الدفاع الجوي.[[3]] وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني 2022، إن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة لبيع 12 طائرة من طراز C-130J Super Hercules والمعدات ذات الصلة مقابل 2.2 مليار دولار، وثلاثة رادارات أرضية من طراز SPS-48 ومعدات ذات صلةٍ مقابل 355 مليون دولار.

ورغم التدهور الحاد في الاقتصاد المصري، وتضخم الديون التي وصلت إلى 137 مليار دولار في يونيو 2021 بحسب بيانات البنك المركزي المصري، واعتماد النظام على القروض وفرض الرسوم والضرائب الباهظة على الشعب،  تشير تقديرات وبيانات معهد”ستوكهولم” المتخصص في صفقات السلاح الدولية إلى زيادة جنونية في صفقات السلاح التي أبرمها نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي في مصر منذ سنة 2014م،  الأمر الذي جعل مصر تحتل الترتيب الثالث عالميا بين الدول المستوردة للسلاح بزيادة بلغت نحو 206%  في الفترة بين 2014 إلى 2019م. وخلال الشهور القليلة الماضية أبرم نظام السيسي عدة صفقات مليارية رغم الوضع الاقتصادي المأزوم وتضخم حجم الديون المصرية إلى نحو 137 مليار دولار في يونيو 2021م وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

ومن أشهر صفقات السلاح المصرية خلال الشهور الماضية بخلاف الصفقتين الأمريكتين ما يلي:

أولا، في عام 2020، بدأت حكومة السيسي في إبرام أضخم صفقة تسليح مع إيطاليا بقيمة وصلت نحو 10 مليارات دولار، في وقت تأزَّمت فيه العلاقات بين البلدين على خلفية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. وشملت الصفقة 6 فرقاطات، و20 قاذفة صواريخ، و24 قاذفة مقاتلة من طراز “إم-346″، وقمرا صناعيا.

ثانيا، في 3 مايو 2021، وقَّعت مصر عقدا مع فرنسا لشراء 30 طائرة مقاتلة من طراز “رافال” بقيمة 4.5 مليارات دولار، تُدفَع عبر قرض تصل مدته إلى 10 سنوات على الحد الأدنى، ليزداد أسطول مصر من تلك الطائرات إلى 54، بعد صفقة مماثلة عام 2015 شملت 24 مقاتلة.

ثالثا، امتدت صفقات العتاد العسكري لعقد صفقات مع ألمانيا بنحو 865 مليون دولار، شملت شراء معدات تجسُّس من ألمانيا، بحسب ما كشفته صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية.[[4]] وقبل رحيل المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل بيوم واحد وافقت على صفقة سلاح ضخمة لنظام السيسي تصل إلى 4.5 مليارات يورو. وتشمل صفقتا الأسلحة الألمانية الأخيرة لمصر توريد شركة “تيسن كروب” الألمانية للأنظمة البحرية ثلاث فرقاطات من طراز “ميكو إيه 200- إي إن” إلى مصر، بالإضافة لتوريد شركة “ديل ديفينس” الألمانية 16 نظام دفاع جوي من طراز “إيريس-تي إس إل إس/إس إل إكس” إلى مصر.

رابعا، في غرة فبرير 2022م، أعلن المتحدث العسكري للجيش المصري عن إبرام صفقة أسلحة كبرى مع شركة “هانوا” الكورية الجنوبية للصناعات الدفاعية والعسكرية، لشراء أسلحة مدفعية من طراز “كيه-9 هاوتزر” وهي مدفعية متطورة إضافة إلى أن الصفقة تتضمن التصنيع المشترك للمنظومة الدفاعية المتطورة.[[5]] مدافع الهاوتزر ذاتية الدفع الكورية “K-9” التي يتم نشرها وتشغيلها في كوريا الجنوبية منذ عام 2000 يبلغ مداها 40 كيلومتراً، ويمكنها إطلاق ست طلقات في الدقيقة، وتصل سرعتها القصوى إلى 67 كم/ساعة. كما تمثل تمثل K9 ما يقرب من 50% من سوق مدافع الهاوتزر ذاتية الدفع العالمية، حيث تعمل في سبع دول: كوريا الجنوبية وتركيا وبولندا والهند وفنلندا والنرويج وإستونيا. كما وقعت أستراليا مؤخراً صفقة لـK9 في إطار مشروعها “LAND 8116 المرحلة 1”.

ملاحظات على الصفقة الأمريكية

الجدير بالملاحظة في الصفقتين الأمريكيتين الأخيرتين في (يناير2022):

  • أولا، أنهما أكبر بنحو 20 مرة من حجم المساعدات المحتجزة (الـ130 مليونا). وفي مؤتمر صحفي، تفادى المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، الأسئلة حولهما. عندما سأل أحد الصحفيين: «ما الفائدة من حجب 130 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي في حين أنك تبيع (لمصر) سلاح بقيمة 2.5 مليار دولار؟»، وهو ما أجاب برايس بقوله: «إذا كان لدينا أي شيء لنضيفه على ذلك… سنعلمك».[[6]]
  • الملاحظة الثانية، أن البيان الأمريكي الذي أصدرته وزارة الخارجية تحدث عن الصفقتين باعتبارهما تدعيما للساحة الأمنية والإنسانية دون إشارة إلى الوضع العسكري؛ الأمر الذي يمكن تفسيره بأن الهدف من هذه الأسلحة الأمريكية هو تدعيم قدرات النظام العسكري في مصر على مكافحة ما يسمى بالحرب على الإرهاب. وهو ما يتفق مع التحولات التي طالت العقيدة القتالية للجيش المصري في سنوات ما بعد انقلاب 03 يوليو 2013م، تحت رعاية أمريكية مباشرة؛ فلم تعد إسرائيل وفق العقيدة القتالية الجديدة للجيش المصري مصدر تهديد في ظل توثيق العلاقات بين القاهرة وتل أبيب على نحو يمكن وصفه بالتحالف الذي تعزز بقوة في ظل رغبة السيسي في استرضاء واشنطن عبر البوابة الإسرائيلية. وقالت الخارجية الأمريكية في بيانين حول الصفقتين، إنها «ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي لا يزال شريكًا استراتيجيًا مهمًا في الشرق الأوسط»، موضحة أن الصفقتين سوف «يحسنا قدرة مصر على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية من خلال توفير الدعم الجوي لقواتها من خلال نقل الإمدادات والمعدات والجنود، وبالتالي تعزيز قدرتها على الساحة الأمنية والإنسانية».
  • ثالثا، كان البيان الأمريكي صريحا للغاية في التأكيد على أن هاتين الصفتين تدعمان السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من جهة، ولن تخل هاتان الصفقتان بالتوازن العسكري القائم في المنطقة من جهة ثانية، ولن يكون لهما أي تأثير سلبي على الاستعداد الدفاعي للولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثالثة. [[7]] في تأكيد واضح على حرص واشنطن على ضمان التفوق النوعي لإسرائيل عسكريا على جميع دول المنطقة.

لماذا يكافئه؟

ورغم كل هذه الأبعاد إلا أن الصفقة في جوهرها ودلالتها تمثل شكلا من أشكال المكافأة لنظام السيسي؛ بمعنى أن الإدارة الأمريكية عاقبت السيسي ونظامه بتجميد 130 مليون دولار لاعتبارات تتعلق بالملف الحقوقي، لكنها في ذات الوقت تكافئه بنحو 2.5 مليار دولار لأدواره الوظيفية الكبرى التي يقدم من خلالها خدمات جليلة للأمن القومي الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة في مصر والمنطقة. فما الذي فعله السيسي ليستحق هذه المكأفأة الأمريكية؟

وصف الصفقة بالمكافأة عبر عنه بوضوح بيان لستة مشرعين أمريكيين ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، من ضمنهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب جريجوري ميكس، والسيناتور البارز كريس مورفي، الذين طالبوا إدارة بايدن بالإصرار على أن تفي مصر بمعايير حقوق الإنسان قبل إتمام الصفقات العسكرية معها. وقال النواب الديمقراطيون، في بيانهم إن “شروط حقوق الإنسان التي أرفقها الرئيس بايدن بمساعدتنا لمصر لم تكن قائمة، بإمكان السيسي الاختيار من بينها، بل كان من المفترض أن يتم تلبيتها بالكامل. وإذا اختارت الحكومة المصرية تنفيذ بعض الشروط من قائمة الرئيس، بينما تكثف حملتها الأوسع نطاقاً من القمع والاحتجاز التعسفي والعقوبات خارج نطاق القضاء، فإن هذا من شأنه أن يهزم الغرض من جهود الإدارة”. واعتبر المشرعون الديمقراطيون أن “مكافأة مثل هذه الخطوة من جانب القاهرة، التي وصفوها بالساخرة، ستقلل من احتمالية أن تأخذ مصر طلبات إدارة بايدن بشأن حقوق الإنسان أو أي قضية أخرى على محمل الجد في المستقبل. وعلى هذا النحو، يجب على الرئيس بايدن إعادة برمجة مبلغ 130 مليون دولار المحتجز كما وعد، ما لم يمتثل النظام المصري لها، بشروطها المعلنة كاملة بحلول الموعد النهائي”. وقال السيناتور مورفي: “تبدو مصر غير راغبة في تلبية الشروط الضيقة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية المتبقية البالغة 130 مليون دولار بحلول الموعد النهائي، بينما تدهور وضع حقوق الإنسان على نطاق أوسع خلال الأشهر القليلة الماضية”. وأضاف: “إذا لم تستوفِ مصر الشروط بالكامل، يجب على إدارة بايدن أن تقف بحزم وأن تُظهر للعالم أن أفعالنا ترقى إلى مستوى التزامنا المعلن بالديمقراطية وحقوق الإنسان”.[[8]]

قد يفسر البعض ذلك بالدور المهم والحساس الذي تقوم به القاهرة في الملف الفلسطيني، لا سيما دورها في محاولات ترويض المقاومة الفلسطينية والعمل على تهدئة الوضع في المنطقة والضغط على حركات المقاومة في غزة من أجل التهدئة من جهة والقبول بالتسويات المطروحة أمريكيا وإسرائيليا من جهة ثانية. وقد عاين بايدن شيئا من قيمة الدور المصري في الحرب الأخيرة على غزة في مايو 2021م (سيف القدس)، وهو الدور الذي أجبر بايدن على مهاتفة السيسي رغم أنه لم يهاتفه مطلقا منذ صعد إلى الرئاسة قبلها بأربعة شهور.

تفسير آخر يتعلق بنوعية الأسلحة التي تضمنتها الصفقة (12 طائرة سي ـ130 سوبر هيركوليس من شركة لوكهيد مارتن. ثلاث رادارات أرضية إس.بي.إس-48 وقطع غيار ومولدات ومعدات مرتبطة بها من شركة إل3 هاريس تكنولجيز)، ويذهب أنصار هذا التفسير إلى أن هذه النوعية من الأسلحة إنما تستخدم في حروب العصابات بما يعني أن الهدف منها هو تعزيز قدرات النظام في مكافحة ما يسمى بالإرهاب. وقد صرَّح بيان الخارجية الأمريكية بذلك في منتهي الوضوح؛ إذ قال البيان إن بيع طائرات C-130J سيساعد مصر في نقل الإمدادات والمعدات والأفراد جواً؛ لدعم قواتها بشكل أفضل في مهام مثل أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، والاستجابة لتهديدات الأمن الداخلي، وتقديم المساعدات الإنسانية. كما سيتم استخدام طائرات C-130 في الدوريات البحرية وكذلك مهمات البحث والإنقاذ. بما يعني أن أحد الأهداف الأساسية للصفقة ملاحقة شبكات تهريب السلاح لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة. معنى ذلك أن الصفقة بحد ذاتها هي رسالة أمريكية واضحة بأن واشنطن ترغب في تكريس التحولات الضخمة على العقيدة القتالية للجيش المصري. وهو ما كان شديد الوضوح في مناورات النجم الساطع التي جرت ما بين 2 إلى 16 سبتمبر 2021م، بمشاركة قوات من 21 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوضح المدير المكلف بالتدريب في القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال “ستيفن جي ديميلانو”، في بيان له هذه المناورات تأتي في إطار “العلاقة الأمنية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة التي تقوم بدور رائد في الأمن الإقليمي وجهود مكافحة انتشار التطرف».[[9]] وكان السيسي في إحدى مقابلاته مع وكالة رويترز في 2014، دعا واشنطن إلى تقديم الدعم لمساعدة بلاده في مكافحة الارهاب والعمل على تجنب تحول سيناء إلى قاعدة للإرهاب.

وتشهد العلاقات المصرية الأميركية  خلال سنوات ما بعد انقلاب 3 يوليو، تغيرات استراتيجية شديدة الأهمية لا يلتفت إليها كثيرون في القاهرة. ويمكن رصد ثلاثة تطورات تعكس اتجاه هذه العلاقات، التي أُسس لها قبل أربعين عاماً مصاحبة لتوقيع مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل:

  • أولها يتعلق بالتقدير الأميركي للجهود العسكرية المصرية تجاه مواجهة الإرهاب.
  • ثانيها يتعلق بتغيير طبيعة مناورات النجم الساطع لمواجهة التهديدات الجديدة لمصر وللمنطقة.
  • ثالثها جاء مع توقيع مصر اتفاقية التواصل المتبادل في مجالات الاتصالات والأمن (CISMOA) مع الولايات المتحدة.

وكان وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس يرى ضرورة تغيير طبيعة مناورات النجم الساطع لتركز على تدريبات مكافحة الإرهاب، وليس على حروب المدرعات التقليدية بين جيشين نظاميين”. وهو ما تحقق بداية من 2017م.  وأكد المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية (تُشرف عسكرياً على منطقة الشرق الأوسط) أن المناورات ستتغير من حيث الشكل والحجم والمضمون. وبالفعل أجريت المناورات على نطاق زمني وجغرافي محدود، وتغيرت طبيعة التدريبات المشتركة لتركز على سبل مكافحة الإرهاب. وجاء توقيع مصر على اتفاقية CISMOA،  كدليل إضافي على قبول مصر بواقع جديد في طبيعة علاقتها العسكرية مع واشنطن. وجاءت أنباء التوقيع المصري على لسان الجنرال فوتيل خلال شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب يوم 27 فبراير2018. وقال فوتيل “احتفلنا بتوقيع الاتفاقية الثنائية في يناير/كانون الثاني 2018 وهو ما يعد تتويجاً لأكثر من ثلاثة عقود من علاقات أمنية متينة وتعاون كبير في مكافحة الإرهاب”.[[10]]

معنى ذلك أن واشنطن توظف المناورات المشتركة وحتى صفقات السلاح من أجل تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري وتكييف التدريبات العسكرية سواء من ناحية الخطط أو التسليح أو التكتيكات العسكرية حتى تتسق مع هذه التحولات الكبرى؛ فمن المعروف أن القوات المسلحة المصرية وحتى انقلاب 3 يوليو 2013م كانت عقيدتها القتالية والتدريبة تقوم على اعتبار “إسرائيل” هي العدو الإستراتيجي بالرغم من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، لكن هذه العقيدة تزعزعت خلال السنوات الأخيرة تحت حكم السيسي، وقد أكد المتحدث العسكري باسم الجيش المصري في مناورات النجم السابع 2018م، أن هذه المناورات تهدف إلى تبادل الخبرات وتنسيق العمل، وتوحيد المفاهيم، وتطوير أسلوب العمليات والتدريب على مكافحة الإرهاب.

تفسير ثالث يذهب إلى جانب آخر من جوانب وأبعاد الصفقة يتعلق برضوخ النظام المصري للضغوط الأمريكية بشأن تجميد صفقة طائرات SU-35))  الروسية، وفي بداية يناير 2022، قال موقع «ديفنس عربي» المتخصص في شئون التسليح في العالم العربي، إن مصر والجزائر وإندونيسيا  رفضت إبرام صفقات الطائرات الروسية المقاتلة “سو 35″، وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا مستهدفة صناعة النفط والدفاع والسلع ذات الاستخدام المزدوج والتقنيات الحساسة. وأوضح الموقع أن روسيا طلبت من شركائها المحتملين تمديدا آخر لحل المشكلات الفنية والسياسية التي نشأت نتيجة العقوبات وتوقيف استيراد المكونات الحديثة من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل وهي مكونات ضرورية لإنتاج نسخة سو 35 التصديرية. وبحسب الموقع فقد أوقفت مصر صفقة توريد 30 مقاتلة من طراز سو-35 ، حتى يتمكن الجانب الروسي من حل المشكلة بالمكونات المستوردة ، على الرغم من إنتاج نحو 12 طائرة لمصر.[[11]] وذكرت وكالة مهر  الإيرانية للأنباء إن طهران ستوقع اتفاقية مدتها 20 عاما بشأن التعاون العسكري الاستراتيجي مع روسيا الشهر المقبل. ستشمل الاتفاقية شراء أسلحة روسية بقيمة 10 مليارات دولار من قبل إيران ، بما في ذلك إس-400 وأقمار صناعية والطائرات المقاتلة سو-35 التي كانت مخصصة سابقًا لمصر.  وفي 5 يناير 2022  أفاد موقع “ماكو” الإسرائيلي بتأجيل الصفقة الروسية لمصر عازيا أسباب ذلك إلى مخاوف القاهرة من عقوبات أمريكية حال إتمام الصفقة. وبحسب التقرير فان 12 من المقاتلات التي انتجتها سوخوي لسلاح الجو المصري تم تصويرها في الماضي وهي في ساحة المصنع، مصر كانت طلبت شراء 30 مقاتله من طراز SU-35 واتخذ القرار الاستثنائي بتأجيل او الغاء الصفقة بسبب ضغوطات من الولايات المتحدة والتي تعتبر المورد الرئيسي للاسلحة في مصر.[[12]]  وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد هددت القاهرة بفرض عقوبات حال تمت إتمام صفقة الطائرات الروسية بحسب صحيفة  “وول ستريت جورنال” الأمريكية. وفي نوفمبر 2019م، هدد مشرعون أمريكيون بتطبيق قانون كاتسا على نظام السيسي حال إتمام الصفقة. [[13]]

وتعزو دراسة سابقة للشارع السياسي في  نوفمبر 2019م بعنوان (التهديد الأمريكي للسيسي بقانون “كاتسا” في صفقة «سوخوي 35» الروسية.. قراءة تحليلية)، أسباب الضغوط الأمريكية على القاهرة من أجل تجميد صفقة SU-35))  الروسية إلى أربعة أسباب:

  • الأول، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحظر على أي دولة عربية اقتناء أسلحة من شأنها تغيير موازين القوى في المنطقة؛ حيث تحرص واشنطن على أن تبقى “إسرائيل” متفوقة باستمرار على جميع الدول العربية ، وذلك في إطار التشريع الصادر من الكونجرس سنة 2008 تحت مسمى “التفوق العسكري النوعي لإسرائيل Israel Qualitative Military Edge”. أضف إلى ذلك أن واشنطن ربما ترى أن اقتناء مثل هذه المقاتلات الهجومية يناقض العقيدة العسكرية الجديدة للجيش المصري والتي تقوم حاليا على اعتبار «الإرهاب» هو العدو الأول وربما الوحيد، وليست “إسرائيل”. وهو ما أشارت إليه صحيفة “الوطن”[[14]] المملوكة لجهاز المخابرات المصرية بمجرد الإعلان عن الصفقة في مارس 2019م. يعزز من هذا التفسير ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الجمعة 15 نوفمبر 2019م، بأنه “سبق وتوجهت مصر مرات عدة للولايات المتحدة بطلب شراء مقاتلات إف-35 مع مطالبة الإدارة الأمريكية بالوفاء بوعد ترامب للسيسي في عام 2018 فيما يتعلق بشراء عشرين قطعة من الطائرة الشبحية (إف-35)”. وتضيف :” لكن الحكومة الأمريكية رفضت الموافقة على الصفقة، كون البنتاجون (وزارة الدفاع الامريكية) تفرض حظراً على بيع تلك الطائرات إلى دول بالشرق الأوسط ، باستثناء إسرائيل، ما دفع مصر إلى اللجوء إلى روسيا للتزود بطائرات سوخوي”.
  • الثاني، هو المنافسة الكبرى بين واشنطن وموسكو في سوق السلاح؛ حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية  إلى كبح الطموح الروسي الراغب في توسيع حصته من تجارة سوق السلاح العالمي لمواجهة العقوبات الأمريكية والأوروبية لتحجيم النفوذ الروسي في الشرق الأوسط. وأبدى مسئولون روس[[15]] احتجاجهم على الرفض الأمريكي للصفقة، ويؤكد أندريه كراسوف نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما الروسي (مجلس النواب) أن تهديد واشنطن لمصر بفرض عقوبات إذا قامت بشراء مقاتلات “سو-35” محاولة غير عادلة للمنافسة في سوق السلاح. وبحسب «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» “سيبيري” لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر الترتيب العالمي كأكبر مصدر للسلاح.
  • الثالث، يتعلق بمساعي واشنطن لحماية سمعة السلاح الأمريكي وممارسة أعلى صور الضغوط من أجل إخضاع الأنظمة العربية وغيرها بشتى الوسائل من أجل اقتناء السلاح الأمريكي في أعقاب السمعة السيئة التي ألمت به وعدم قدرته على مواجهة التحديات الإقليمية؛ فقد فشلت ترسانة السلاح الأمريكي في صد هجمات الحوثيين على السعودية على الرغم من إنفاق النظام السعودي مئات المليارات من الدولارات على صفقات السلاح الأمريكي خلال السنوات والعقود الماضية. لكن هذه الترسانة الضخمة من السلاح الأمريكي لم تتمكن من حماية مصافي النفط السعودي من طائرات الحوثيين المسيرة وصواريخهم التقليدية وتعرضت شركة أرامكو السعودية لضربات قاتلة أدت إلى خسائر بعشرات المليارات من الدولارات. يعزز ذلك تحذيرات خبير الشرق الأوسط الألماني “مايكل لودرز”، في مقابلة مع صحيفة “فينانتس ماركت فيلت” الألمانية، من أن الأسلحة الأمريكية التي تستوردها بعض الدول في الشرق الأوسط،  تفقد مكانتها. مستشهدا بما جرى في السعودية.[[16]]
  • الرابع، أن واشنطن تخشى من توسع النفوذ الروسي في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموما، ومصر على وجه الخصوص والتي تعتبرها واشنطن “محمية أمريكية” خاضعة بالمطلق للنفوذ الأمريكي ولا تقبل في ذلك القسمة مع قوى دولية أخرى خصوصا إذا كانت روسيا. فالنفوذ الروسي في مصر بدأ فعليا يزاحم النفوذ الأمريكي سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ويسعي في هدوء نحو سحب البساط من الهيمنة الأمريكية على مصر؛ وذلك بالاتفاق على إنشاء منطقة صناعية بمحور قناة السويس ومحطة نووية في منطقة الضبعة، فضلا عن تعزيز التبادل التجاري والنشاط الاقتصادي بين البلدين؛ ليصل إلى مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى اتفاقية عسكرية في ديسمبر 2017 تسمح للطيران الروسي باستخدام الأجواء المصرية وهو  إجرء غير مسبوق؛  استفز الأمريكان؛ وفي الغرف المغلقة يبدو أن البنتاجون مارس ضغوطه على السيسي الذي منح الولايات  المتحدة الأمريكية امتيازات تفوق ما سمح له للروس عبر التوقيع في يناير 2018؛ على اتفاقية ” (CIS MOA)   مع الإدارة الأمريكية والتي رفض مبارك والمجلس العسكري التوقيع عليها منذ عقود لخطورتها على الأمن القومي للبلا.

الخلاصة،  رغم الوضع الاقتصادي المأزوم في مصر، وارتفاع مستويات الفقر على نحو مرعب فأكثر من نصف المصريين باتوا تحت خط الفقر وفقا لتقديرات سابقة للبنك الدولي، يصر نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي على إهدار مئات المليارات على مشروعاته العمرانية الضخمة من جهة وصفقات السلاح من جهة أخرى. ورغم إهدار هذه المليارات على صفقات السلاح فإن النظام فشل في حماية الأمن القومي المصري وخير برهان على ذلك فشله في إدارة الصراع مع إثيوبيا بشأن سد النهضة وهو المشروع الذي يهدد بتسليع المياه وحرمان مصر من حصتها المائية في مياه النيل.

تمثل صفقة السلاح الأمريكية الأخيرة مكافأة لنظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي رغم انتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان، وذلك للأدوار الوظيفية التي يقوم بها لخدمة المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة، على رأسها ضمان حماية أمن الكيان الصهيوني، فالصفقة (2.56 مليار دولار) أكبر بنحو 20 مرة من حجم المساعدات الأمريكية التي جرى تجميدها لنظام السيسي (130 مليونا).

الهدف من هذه الصفقة هو تعزيز قدرة نظام السيسي على أمرين: الأول مكافحة ما يسمى بالإرهاب في سيناء. والثاني ملاحقة شبكات تهريب السلاح لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر. وهو ما عبّر عنه بوضوح بيان الخارجية الأمريكية الذي أكد أن الصفقة تمثل تدعيما للسياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية من جهة، ولا تمثل في ذات الوقت إخلالا بالتوازن العسكري القائم في المنطقة من جهة ثانية، ولن يكون لهما أي تأثير سلبي على الاستعداد الدفاعي للولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثالثة. في تأكيد واضح على حرص واشنطن على ضمان التفوق النوعي لإسرائيل عسكريا على جميع دول المنطقة. معنى ذلك أن واشنطن توظف المناورات المشتركة (كالنجم الساطع) وحتى صفقات السلاح (الصفقة الأخيرة نموذجا) من أجل تكريس التحولات الكبرى على العقيدة القتالية للجيش المصري وتكييف التدريبات العسكرية والصفقات سواء من ناحية الخطط أو التسليح أو التكتيكات العسكرية حتى تتسق مع هذه التحولات الكبرى؛ فمن المعروف أن القوات المسلحة المصرية وحتى انقلاب 3 يوليو 2013م كانت عقيدتها القتالية والتدريبة تقوم على اعتبار “إسرائيل” هي العدو الإستراتيجي بالرغم من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، لكن هذه العقيدة تزعزعت خلال السنوات الأخيرة تحت حكم السيسي الذي بات يعادي جزءا من شعبه في الوقت الذي يتحالف فيه مع العدو الصهيوني على نحو غير مسبوق يمثل أكبر تهديد للأمن القومي لمصر وشعبها.

 

[1] محمد المنشاوي/ رسالة بايدن للنظام المصري.. تحذير شديد اللهجة يزعج السيسي/ الجزيرة نت  13 يوليو 2020

[2] “31” دولة تدين انتهاك الحريات في مصر أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة/ سويس إنفو (وكالة سويسرية) ــ 12 مارس 2021م

[3] رغم احتجاز جزء من «المعونة» بسبب مطالب حقوقية.. الولايات المتحدة تبيع لمصر أسلحة بـ2.5 مليار دولار/ مدى مصر ـ الأربعاء 26 يناير 2022م

[4] محمد العربي/ سباق التسلُّح في 2021.. لماذا يشتري العرب الكثير من الأسلحة؟/ الجزيرة نت ــ 10 يناير 22

[5] صفحة المتحدث العسكري للجيش المصري على تويتر غرة فبراير 22// مصر تعقد صفقة أسلحة ضخمة مع كوريا الجنوبية/ الإذاعة الألمانية دويتشه فيله ــ الأربعاء 02 فبراير 22// مدافع كورية جنوبية تصل لأول مرة إلى إفريقيا.. مصر تشتريها من سول بقيمة 1.65 مليار دولار/ عربي بوست ــ 02 فبراير 22

 

[6] مرجع سابق// رغم احتجاز جزء من «المعونة» بسبب مطالب حقوقية.. الولايات المتحدة تبيع لمصر أسلحة بـ2.5 مليار دولار/ مدى مصر ـ الأربعاء 26 يناير 2022م

[7] واشنطن توافق على صفقتي أسلحة ضخمة للقاهرة بقيمة 2.5 مليار دولار/ الإذاعة الألمانية دويتش فيله ــ 26 يناير 22

[8] تفاصيل صفقة الأسلحة الأمريكية لمصر، ولماذا مررتها إدارة بايدن رغم اعتراضات المشرعين الديمقراطيين؟/ عربي بوست ــ 26 يناير 22

[9] بمشاركة 600 جندي أمريكي.. الولايات المتحدة تنضم لمناورات النجم الساطع بمصر/ الخليج الجديد ــ الأحد 5 سبتمبر 2021

[10] محمد المنشاوي/ علاقات واشنطن والقاهرة: مسار تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري/ العربي الجديد ــ 21 يوليو 2018

[11] مصر والجزائر وإندونيسيا ترفض إبرام صفقات الطائرات المقاتلة من طراز سو-35 مع روسيا،، تعرَّف على السبب؟/ موقع ديفنس عربي ــ 04 يناير 22

[12] بعد الغاء ثلاثة دول صفقات لشراء مقاتلات سوخوي، روسيا تنوي بيعها الى ايران/ موقع i24news ــ 05 يناير 22

[13] معتز بالله محمد/ هل تستسلم مصر للابتزاز الأمريكي وتلغي صفقة الـ«سوخوي 35»؟/ “مصر العربية”  15 نوفمبر 2019 // إنجي الخولي/ من التحذير للتلويح بالعقاب.. هل تستطيع أمريكا منع مصر من شراء مقاتلات «سو 35» الروسية؟: “مصر العربية”  10 أبريل 2019

[14] محمد البلاسي/مجلة أمريكية: “سو 35” المصرية تعادل التفوق الجوي الإسرائيلي/ “الوطن”  السبت 23 مارس 2019    

[15] لجنة الدفاع في البرلمان الروسي ترد على تهديدات واشنطن لمصر بخصوص مقاتلات “سوخوي-35”/ روسيا اليوم 15 نوفمبر 2019

[16] احمد عبد الحميد/ خبير ألماني: الأسلحة الأمريكية تفقد مكانتها في الشرق الاوسط/ مصر العربية  23 سبتمبر 2019

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022