خريطة الجامعات المصرية في زمن الخصخصة

 

يتجه نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي ــ ابتداء ــ نحو إلغاء مجانية التعليم الجامعي، وصولا إلى إلغاء المجانية بشكل كامل على باقي مراحل التعليم، وفق خطة متدرجة بدت مؤشراتها جلية أمام المتخصصين والراصدين. وتأتي موافقة البرلمان نهائيا في جلسة الثلاثاء 30 نوفمبر 2021م على تعديل قانون بعض أحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية،  ليمضي في تكريس هذه التوجهات.

ويتضمن مشروع القانون التزام الدولة بتشجيع الجامعات الأهلية التي لا تستهدف الربح وتحقيقاً لذلك تدخل المشرع للسماح للأشخاص الاعتبارية بإنشاء الجامعات الأهلية أو المساهمة في إنشائها بموجب القانون رقم 143 لسنة 2019 الذي أضاف فقرة ثانية لنص المادة (11) من قانون الجامعات الخاصة والأهلية رقم 12 لسنة 2009. وكذلك ضمان جودة العملية التعليمية والبحثية بكافة تلك الجامعات، مما ترتب عليه وجود عبء كبير على عاتق هذا المجلس.

وتنص فلسفة التعديلات على إنشاء مجلس للجامعات الأهلية، ومجلس آخر للجامعات الخاصة بدلاً من «مجلس الجامعات الخاصة والأهلية»، كما جاء مشروع القانون ليقتصر صراحةً ما قد تقدمه الجامعات الأهلية في مجال المشاركة المجتمعية على دعم العملية التعليمية أو البحثية بالأشخاص الاعتبارية العامة التي أنشأت أو ساهمت في إنشاء الجامعة الأهلية باعتبارها أنها الأولى بذلك لكونها قد ساهمت بداءةً في إنشاء الجامعة.[[1]]

خريطة الجامعات مصر

بحسب وزارة البحث العلمي، يوجد في مصر 72 جامعة و 217 معهدا و 11 معهدا بحثيا. وهناك 27 جامعة حكومية تمولها الموازنة العامة للدولة و37 جامعة خاصة وأهلية منها 7 جامعات مؤسسة وفقا لاتفاقيات دولية كالجامعة الأمريكية بالقاهرة والجامعة الألمانية الدولية.[[2]] هذه الــ 27 جامعة حكومية، توفر خدماتها التعليمية لأكثر من مليونى طالب وطالبة يمثلون 92% من إجمالى طلاب الجامعات فى مصر. النسبة المتبقية وهى 8% تتلقى تعليمها فى الجامعات الخاصة وبلغ عددهم حسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى سنة 2017 حوالى 180 ألف طالب يدرسون فى 28 جامعة خاصة وأهلية مقارنة بأكثر من مليونين ومائتى ألف فى الجامعات الحكومية.[[3]]  وكان وزير التعليم العالي قد قال إن عدد الطلبة المصريين الذين يدرسون بالخارج بلغ 20 ألف طالب، ينفقون 20 مليار جنيه سنويا بخلاف العملة الصعبة وهجرة العقول. [[4]]

وتنقسم الجامعات في مصر إلى أربعة أنواع:

أولا، هناك الجامعات العامة (27 جامعة حكومية)، وتعاني من عدة أزمات، أبرزها فساد الإدارة؛ حيث تهيمن أجهزة الأمن على اختيار الكواد الإدارية من أكثر أساتذة الجامعة تزلفا ونفاقا للنظام، بخلاف قانون الجامعات المتخلف حيث تدار الجامعات حاليا بقانون  1971م، وبات غير قادر على وضع الجامعات المصرية على سلم المنافسة مع الجامعات العربية في الخليج فضلا عن الجامعات الأمريكية والأوروبية والتركية والماليزية. وثالث الأزمات هو محدودية الموازنات الخاصة بالجامعات الحكومية، مما يؤدى إلى مرتبات هزيلة لأعضاء هيئة التدريس ومخصصات ضعيفة للبحث العلمى، مما يترتب عليه عدم القدرة على أداء الأدوار الرئيسية المستهدفة من التعليم الجامعى وهى نقل ونشر وتوالد المعرفة من خلال البحث العلمى. وبالتالي أصبحت الجامعات المصرية عاجزة عن توفير مقتضيات الحياة الكريمة للعاملين فيها، مما أسهم فى هجرتهم منها إلى جامعات أجنبية أو عربية، وعزوف كثير من خريجيها الذين أوفدوا للدراسة فى جامعات مرموقة خارج مصر للعودة إلى جامعاتهم الأم. هناك أيضا أزمة المناهج التي لا تواكب العصر في ظل تدني وسائل التدريس وتخلفها. كما تسلل لتلك الجامعات جرثومة التفاوت الطبقى بإنشاء والتوسع فيما يعرف بالبرامج الخاصة مدفوعة الأجر والتي يصل البرنامج الواحد منها إلى 10 آلاف جنيه. ومن الأزمات المؤلمة غياب الحرية الأكاديمية في الجامعات المصرية وذلك لأسباب تعود إلى هيمنة الأجهزة الأمنية على مجمل النشاط الجامعي وحتى البحث العلمي والعمل الأكاديمي؛ ويكفي أن هناك المئات من أساتذة  الجامعات معتقلون في السجون بلا تهم حقيقية لأسباب سياسية بحتة.

ثانيا: الجامعات الخاصة (37): هى مؤسسات استثمارية يتكالب على إقامتها من لديهم رأسمال بغية الحصول على أرباح ضخمة متوقعة. فالقبول بتلك الجامعات يتطلب سداد مصاريف باهظة لا تقوى عليها الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة أى أنها تكرس للاستقطاب الطبقى فى العملية التعليمية. وبحثًا عن مزيد من الأرباح لا تقوم تلك المؤسسات بالإنفاق على البحث العلمى أو ابتعاث خريجيها أو إعداد أعضاء هيئة التدريس بها. فهى تعتمد أساسًا على أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية، مما يعد استنزافًا للقوى البشرية بها ويتسبب فى المزيد من إضعافها.

ثالثا، الجامعات الأجنبية (7)، التي تأسست باتفاقات دولية، وهي جامعات أنشأتها حكومة بعض الدول من أجل توفير خدمة تعليمية تتسق مع ثقافة وتوجهات الدول المنشئة لها، ولا تتدخل الحكومة المصرية في مناهج هذه الجامعات، مثل الجامعة الأمريكية والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة العربية المفتوحة، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وجامعة اسلسكا، وجامعة برلين الألمانية بالجونة (TU Berlin)، والجامعة الألمانية الدولية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

رابعا، الجامعات الحكومة الأهلية! : وهي موضوع بحثنا هذا. وهي جامعات تقيمها الحكومة أو الجامعات الحكومية ذات الموارد الضخمة، ويكون التعليم فيها برسوم باهظة تفوق قدرات الطبقة الوسطى حيث تصل إلى نحو 100 ألف جنيه سنويا بخلاف مصاريف الأنشطة ورسوم الإقامة. وقد شرع نظام السييسي في إنشاء نحو 10 جامعات أهلية وبدأت الدراسة في ثلاثة منها بالفعل، وهي  ــ بحسب خبراء ومراقبين ـ  تمثل محطة فاصلة من محطات خصخصة التعليم الجامعي وتحويله إلى خدمة بمقابل وليست حقا مجانيا وفق نصوص الدستور.

تقنين خصخصة الجامعات

الخطوة الأولى، يأتي توجه نظام السيسي متسقا مع توجهات نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؛ حيث يرى مراقبون أنها مثلت تراجعا ملحوظا من الدولة عن دورها فى دعم التعليم الجامعى منذ التسعينيات، حينما تم إصدار القانون رقم 101 لسنة 1992 الذى يسمح بإنشاء الجامعات الخاصة. فى 2002 تم اصدار قانون للسماح بإنشاء جامعات هادفة للربح. إضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة أقساما خاصة فى الجامعات الحكومية يتم تدريس المناهج بها بجودة أكبر من خلال تدريسها باللغات الإنجليزية أو الفرنسية مقابل دفع الطلاب ما يقارب العشرة آلاف جنيه كل فصل دراسى. هذا النظام المزدوج أتاح الفرصة للطلاب الأغنياء أن يكون لهم فرص أفضل من الطلاب الأكثر فقرا.[[5]]

الخطوة الثانية،  جاءت بسعي وزارة التعليم العالي بناء على توجيهات السيسي إلى استحداث قانون يسمح للجامعات الحكومية بتأسيس جامعات أهلية غير هادفة للربح، بالشراكة مع جامعات عالمية. وفي أغسطس/آب 2019، صادق السيسي على القانون رقم 152 لسنة 2019، بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بعدما أقرّه مجلس النواب (البرلمان). وينص القانون – في مادته الأولى – على أن يستبدل نصوص المواد أرقام (84، 89، 91، 137، 189) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، والذي تنص المادة 84 فيه على أنّه “يجوز ندب أعضاء هيئة التدريس لمدة محددة من جامعة إلى إحدى الجامعات الحكومية أو تلك التي تسهم فيها هذه الجامعات أو إلى المعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي أو إلى إحدى الجامعات الأهلية الحكومية، أو القيام بوظيفة عامة أخرى، وذلك بقرار من رئيس الجامعة بناء على موافقة مجلس الكلية المختص وبعد أخذ رأي مجلس القسم المختص”. وتضمنت تعديلات القانون أيضاً إضافة المادة رقم 189 وتنص على أن “تتولى الجامعة التصرف في أموالها وإدارتها بنفسها، ويكون لها إنشاء الجامعات الأهلية والمساهمة في إنشائها ودعمها”.

الخطوة الثالثة، في تأكيد على تصميم النظام على تدشين مرحلة جديدة في ملف التعليم الجامعي؛ وجَّه السيسي في أغسطس 2020 باعتماد 30 مليار جنيه من أجل التوسع في بناء الجامعات الأهلية التابعة للجامعات الحكومية باستغلال الأراضي التي تملكها في المجتمعات العمرانية الجديدة.

الخطوة الرابعة، في سبتمبر 2020م، حيث وجَّه السيسي  بإنشاء عشر جامعات أهلية على مستوى محافظات مصر، تتبع الجامعات الحكومية. وبالرغم من وضوح اسمها “جامعات أهلية” فإنّ الحكومة هي التي تتحكم فيها، على أن تتولى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية بناءها.  الغريب في الأمر هو التناقض؛ ذلك أن الجامعات الأهلية هي مؤسسات تعليمية غير ربحية، رسومها أقل من الجامعة الخاصة، وتؤسسها الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، والهدف منها إنشاء جامعة غير حكومية تقدم برامج تعليمية جديدة، ومواد تعليمية متطورة تهتم بالجانب التكنولوجي والتدريس التطبيقي العملي وفقاً للمناهج في الجامعات العالمية. لكنّ الإعلام المؤيد للنظام العسكري الحاكم تغافل عن ذلك، وأشاد بتلك الخطوة باعتبارها “توسعاً في إنشاء الجامعات لاستيعاب الكثافة في الجامعات الحكومية، ولمواكبة تدريس العلوم التكنولوجية الحديثة والاختصاصات العلمية المتطورة فيها”. [[6]]

وشرعت الحكومة بالفعل في تنفيذ قرار السيسي والتوسع في إنشاء جامعات أهلية، حيث خصصت 13 مليار جنيه لإنشاء أربع جامعات تم الانتهاء من ثلاثة منها، هي جامعة الملك سلمان الدولية بجنوب سيناء، وجامعة العلمين الدولية بمدينة العلمين، وجامعة الجلالة بالسويس، وجامعة المنصورة الجديدة بالدلتا (تحت الإنشاء). ويوجد في مصر 27 جامعة حكومية، في وقت ارتفع فيه عدد الجامعات الخاصة إلى 32 جامعة معظمها في القاهرة الكبرى، وأنشئ أغلبها في تسعينيات القرن الماضي في مدينة السادس من أكتوبر، وفق تصريحات وزير التعليم العالي.

هذا التسارع في إنشاء الجامعات الأهلية، طرح أسئلة ملحة بشأن جاهزية هذه الجامعات لانطلاق الدراسة بها، وهل تمثل إضافة للتعليم الجامعي في مصر؟ ولماذا توسعت السلطة الحالية في هذا المجال مؤخرا؟ وهل تراه نوعا من التجارة أم من أجل تطوير التعليم الجامعي؟ وبالتالي هل هناك احتمال لأن تكون بابا للخصخصة وإلغاء مجانية التعليم الجامعي؟

أزمة الهوس بالتصنيف

يدرك نظام السيسي هذه المشكلة ويعلم أن المؤسسات التعليمية في مصر لا تحظى باحترام وتقدير العالم؛ ولذلك تراجعت في تصنيفات أفضل الجامعات في العالم؛ بحسب تصنيف “كيو إس” (QS) العالمي، احتلت أول جامعة مصرية التصنيف ما بين رقمي 561-571 ، وهي جامعة القاهرة العريقة، في حين احتلت جامعة عين شمس الشهيرة التصنيف ما بين 801-1000، وهو تصنيف متأخر جدا. حتى في تصنيف تايمز البريطاني، تقدمت دول كالمكسيك والبرازيل وماليزيا والهند وإيران وإندونيسيا ضمن أفضل أول 50 جامعة في العالم، في حين لم توجد أي جامعة مصرية داخل قائمة أول أفضل 100 جامعة. معنى ذلك أن أشهر الجامعات المصرية وأعرقها لم تستطع التقدم على مقاييس جودة التعليم العالي بشكل كاف أو مقنع بسبب تدني ترتيبها؛ وكثير من دول العالم ومؤسساته التعليمية لا تعترف أصلا بخريجي الجامعات  المصرية؛ لذلك لا يحظى هؤلاء بفرص عمل في البلاد الأخرى خصوصا الأجنبية منها بخلاف خريجي الجامعات التي تتصدر الترتيب العالمي؛ لذلك يلجأ كثير من شريحة الأثرياء وأصحاب النفوذ في مصر إلى إرسال أبنائهم إلى جامعات أجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا رغم النفقات الباهظة.

والجدير بالذكر أنه لا يمكن الحكم على مستوى الجامعات الحكومية المصرية من خلال التقييمات العالمية التى تصدر من هنا أو هناك، فمن المعروف أن أدقها هو تقييم جامعة شنغهاى فهو الأقرب للموضوعية والدقة العلمية ولا توجد فى مصر سوى جامعة واحدة من بين الـ500 جامعة الأولى وهى جامعة القاهرة لحصول 3 من خريجيها على جائزة نوبل. فى حين أن السعودية لها 3 مؤسسات تعليمية وجنوب إفريقيا لها ثلاث ودولة الجوار لها سبع. وقد توسع هذا التقييم مؤخرًا ليتضمن ترتيب ألف جامعة من بينها 4 فى مصر، فبالإضافة لجامعة القاهرة أدرجت جامعات الإسكندرية وعين شمس والمنصورة.[[7]]

ولحل هذه العقبة، تقول الحكومة إن هذه الجامعات سوف تحقق نقلة نوعية وغير مسبوقة في مجال التعليم الجامعي والبحث العلمي المعاصر، لأن تخصصاتها تم اختيارها بعناية شديدة، وبالشراكة مع كبرى الجامعات والمؤسسات الدولية، على أن يحصل الخريجون على شهادات معتمدة دوليا من الجامعة التي لديها توأمة مع نظيرتها الأهلية في مصر.  ومن المقرر أن يحصل الخريج على الشهادة النهائية من الشريك الأجنبي، وتكون الدرجة العلمية الممنوحة للطلاب تابعة للجامعة الدولية، بغض النظر عن جنسيتها. وتتنوع بين الأميركية والإنجليزية والألمانية والكندية والفرنسية، حتى أن البرامج التعليمية ومحتويات المناهج تضاهي تلك التي يتم تدريسها في هذه الجامعات بالبلد الأم، مقابل نسبة من المصروفات.

تسليع التعليم الجامعي

حجم إنفاق المصريين على التعليم الجامعي، لا سيما وأن نحو 180 ألفا يدفعون رسوما باهظة تقدر بالمليارات للجامعات الخاصة، بخلاف نحو 20 ألف طالب آخرين ينفقون نحو 20 مليار جنيه من أجل الحصول على شهادة جامعة من جامعة أجنبية بالولايات المتحدة أو أوروبا، يرى النظام ذلك فرصة استثمارية بتحويل التعليم الجامعي إلى سلعة  أو خدمة لمن يدفع؛ فالسياسة الجديدة بدعم الجامعات الأهلية الحكومية على حساب الجامعات العامة التي تديرها الحكومة غير معزولة عن الرغبة فى تطبيق توصيات البنك الدولى بضرورة تقليص الانفاق على التعليم العالى. فقد أوصى البنك الدولى بضرورة زيادة الانفاق على التعليم الفنى وما قبل الجامعى. رغم أن هذه التوصيات لم تفلح في تطوير التعليم الفني وما قبل الجامعي. معنى ذلك أن النظام يتعامل مع التعليم باعتباره فرصة للاستثمار وليس مجالا للإبداع والتثقيف والبناء.

كما تعني الجامعات الأهلية أن نظام 3 يوليو يتعامل مع التعليم الجامعي باعتباره سلعة أو فرصة استثمارية أو بيزنس يمكن أن يمثل موردا من موارد الدولة في ظل تراجع إيرادت الدولة وتعاظم حجم الإنفاق لا سيما على المشروعات القومية مثل المدن الجديدة والقطار المكهرب وشبكة الطرق. ولعل هذ يفسر أسباب الرسوم المرتفعة لهذا الجامعات رغم أنه جرى الإنفاق عليها من أموال الشعب؛ حيث تصل الرسوم السنوية في الكليات العملية (الطب ــ الصيدلة ــ الهندسة) نحو 105 آلاف جنيه، بخلاف مصاريف الأنشطة والإقامة الباهظة؛ لأن الجامعات الجديدة في مناطق غير مأهولة تقع بعيدا عن مناطق تركز المصريين في وادي النيل ودلتاه. وبالتالي يتحول التعليم العالي إلى خدمة مدفوعة الثمن، فالدولة في تحركها نحو تطوير التعليم لا تضع في حسبانها الفئات البسيطة أو حتى المتوسطة.

ويسعى النظام من خلال الجامعات الأهلية الحكومية إلى استقطاب شريحة المصريين  الذين يرسلون أبناءهم للحصول على تعليم عالي في أرقى الجامعات العالمية، وشريحة أخرى تلحق أبناءها بالجامعات الخاصة التي تتراوح المصاريف فيها من 60 إلى 200 ألف جنيه سنويا. و«وفق وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، في سبتمبر 2020م،  يوجد 30 ألف طالب مصري فعّلوا حسابات للالتحاق بالجامعات الأهلية، ولا بد لهم من اجتياز امتحانات للقبول، حيث سيكون العدد المقبول أقل من ذلك بكثير بسبب السعة المحدودة.[[8]] وفي أواخر أغسطس 2020م كان السيسي قد تحدث عن “الطلاب المهاجرين” ويرغب في أن ينفقوا أموالهم في التعليم بالجامعات الأهلية التي يقوم بإنشائها. وقال: “فيه حجم معتبر من الأسر بتوفد أبنائها للخارج، من غير ما أذكر جامعات.. تكلفتها 35 ألف دولار سنويا وفيه حاجات أقل.. وفي الآخر بيخرج ومش ده المستهدف، الفكرة فكرة تعليمية إنه بدل ما يسافر ياخدها هنا”.

هذه الأرقام تغري السيسي وتغوي نظامه من أجل الحصول على هذه المبالغ الضخمة؛ وليس من المستبعد أن يسن النظام عدة قوانين تضع كثيرا من العراقيل أمام الراغبين في الحصول على شهادة جامعية من الخارج، أو حتى حظر ذلك كليا  من أجل دفع هذه الشريحة نحو الجامعات الأهلية؛ ويعزز من هذا التوجه أن النظام لا يرغب في وجود شريك محلي ينافسه على هذه الكعكة الكبيرة؛ لذلك قد يتجه النظام نحو وضع العراقيل القانونية والإجرائية أمام الجامعات الخاصة؛ لأن الجامعات الأهلية بالصيغة التي يتم تأسيسها بها إنما تمثل تهديدا كبيرا لأصحاب الجامعات الخاصة في مصر.

ويبرهن على أن السيسي يحول التعليم الجامعي إلى سلعة أو بيزنس،أنه بالتوازي مع إنشاء الجامعات الأهلية الحكومية، أقرت الحكومة مشروع قانون يقضي بفرض رسوم على طلاب الجامعات حال رسوبهم، تصل إلى 12 ألف جنيه سنويا، علما بأن نسبة الرسوب تصل إلى نحو 20%، وسط اتهامات للحكومة بالسعي لخصخصة التعليم.[[9]] وهذا برهان على أن نظام 3 يوليو يرى أن التعليم ليس حقا لكل المصريين، بل عبئا على كاهل الدولة يتعين التخلص منه. لكن ما لا يدركه النظام أن الجامعات الأهلية قد تنافس الجامعات الخاصة داخل مصر وتهدد استثماراتها لكنها لن تكون بديلا للجامعات الغربية لأسباب علمية كثيرة أبرزها أنها خارج التصنيف الدولي للجامعات، وتذيلت كل التصنفيات الدولية للجامعات في العالم.

وتأكيدا على النزعة الاستثمارية وتحويل التعليم الجامعي إلى سلعة أو بيزنس، أطلقت الحكومة مبادرة “ادرس في مصر ” للعام الجامعي 2021/2022 ، وذلك لجذب وتسهيل إجراءات قيد الطلاب الوافدين بالجامعات والمعاهد العليا المصرية، تنفيذا لتوجهات الدولة الخاصة بالارتقاء بمنظومة الطلاب الوافدين ولتصبح مصر مركز تعليمي في الشرق الأوسط تحقيقًا لاستراتيجية مصر 2030م، وذلك من أجل استقطاب الطلاب العرب والأفارقة للتعلم في الجامعات المصرية. وبلغت المصروفات التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي للطلاب الوافدين في الجامعات الحكومية كالآتي: كلية الطب البشري وطب الأسنان 6 آلاف دولار، قيمة مصروفات كلية الهندسة والصيدلة والعلاج الطبيعي 5 آلاف دولار، الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض 4 آلاف دولار، وجاءت الكليات والمعاهد الأخرى مقابل 3 آلاف دولار. علاوة على ذلك يوجد تخفيض في هذه الرسوم لتصبح 600 دولار فقط للطالب السوداني و3 آلاف دولار للسوري والفلسطيني. وحددت الإدارة رسوم قيد لأول مرة 1500 دولار ورابط التقديم في الجامعات من خلال موقع الوافدين؛ لكي تتم عملية التقديم على الجامعات المصرية عبر موقع الوافدين. لكن مصدراً بالمجلس الأعلى للجامعات قال لـ”عربي بوست”، إن المصروفات الحقيقية أكبر بكثير وتصل إلى 17 ألفاً و500 دولار، يدفعها الطالب الوافد في (نظام الساعات المعتمدة) بكليات الطب أو الهندسة، ويصل الدخل السنوي من الطلاب إلى 500 مليون دولار.[[10]]

مآلات مدمرة

ويتفق خبراء  ومتخصصون على أنّ بناء هذه الجامعات ما هو إلا خطوة أولى نحو خصخصة التعليم العالي في مصر، وسلب الجامعات الحكومية، كوادرها التدريسية وحرمانها من أساتذتها وقاماتها العلمية والبحثية، إذ إنّ من المقرر انتداب أساتذة الجامعات الحكومية للتدريس في الجامعات الأهلية، برواتب أعلى، يدفعها الطلاب من نفقات تعليمهم التي تفوق تلك التي يدفعونها في الجامعات الحكومية.

  • خطوة السيسي لاقت ولا تزال تلاقي كثيرا من النقد والإدانة؛ وانصب النقد أولا على أن مفهوم “الجامعة الأهلية”؛ فبحسب القاموس، تعتبر الجامعات الأهلية هي التي ينشئها المواطنون أو الأهالي وليست الحكومة. وهي التي يديرها ويمولها المواطنون لا الحكومة. ما يدهش ثانياً أنّ الاجتماع الذي عُقد لبحث إنشائها اهتم أساساً بمباني هذه الجامعات التي ستتولى تنفيذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ولم يتطرق إلى المسألة الأساسية في إنشاء أيّ جامعة، وهي هيئة التدريس في هذه الجامعة”. وما يدهش ثالثا، أن قرار إنشاء هذه الجامعات لم يتم بناء على نقاش مجتمعي بل تم إقراره بقرارات فوقية دون أي نقاش مجتمعي.
  • من جهة ثانية، يتعارض توسّع نظام السيسي في إنشاء الجامعات الأهلية في المدن والمنتجعات الجديدة، مع المادة 21 من الدستور التي تُلزم الدولة بـ”تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية غير الهادفة للربح، وضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية”. كما يؤكد دستور مصر 2014 على الحق في التعليم، حيث نصت مواد الدستور على إلزام الدولة بتخصيص نسبة لا تقل عن 7% من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق الحكومي على التعليم، بواقع 4% للتعليم قبل الجامعي، و 2% للتعليم الجامعي و1% للبحث العلمي، على أن تتصاعد تلك النسب تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، مع تأكيد التزام الدولة بمجانية التعليم وضمان توفيره بمراحله ومؤسساته المختلفة وفقا لمعايير الجودة العالمية.
  • من زاوية سابعة، فإن هذه التوجهات الحكومية تخالف فتوى أصدرها مجلس الدولة في يونيو 2017م، ببطلان خصخصة التعليم العالي والجامعات”، حيث أكدت عدم دستورية ممارسة أي جامعة سواء كانت خاصة أو حكومية للأنشطة الهادفة للربح، استناداً إلى أن الدساتير المتعاقبة منذ 1971 ومواكبة منها لزيادة نسبة التعليم وتلبية احتياجات المجتمع من التخصصات العلمية الحديثة، ألزمت الدولة بالإشراف على التعليم كله وكفالة استقلال الجامعات والبحث العلمي، باعتباره من المقومات الأساسية للمجتمع، وحرصت على تكريس دور الدولة في هذا المجال، فألقى على عاتقها كفالة استقلال المؤسسات التعليمية وتوفير التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة التعليمية، وتطويره بالتعاون مع القطاعين الخاص والأهلي ومساهمة المصريين في الخارج. وشرحت الفتوى الفارق بين تحقيق الجامعات عموماً للربح جراء الفارق بين مواردها ومصروفاتها، وبين أن يكون غرضها تحقيق الربح، بأنه “يجب عليها ألا تقدم قصد المضاربة على غرض التعليم والبحث العلمي”، مشددة على أنه “لا يجوز لأية جامعة حكومية أو خاصة إنشاء شركات مساهمة أو المشاركة فيها مع مستثمرين، لأن هذه الشركات يكون غرضها الأساسي أو الوحيد تحقيق الربح”.[[11]]
  • من جهة رابعة، فإن هذه الجامعات «الأهلية الحكومية» ستعتمد كليا على الجامعات الحكومية بمواردها الهائلة من حيث النشاة والموارد وهيئة التدريس؛ حيث سيتلقى أعضاء هيئتها التدريسية مرتبات أعلى من الجامعات الحكومية تأتي من رسوم الطلاب في الجامعات الأهلية. معنى ذلك أن الجامعات الأهلية ذات الرسوم الأعلى من الحكومية والأقل من الخاصة أو المساوية لها سوف تسهم في تدمير الجامعات الحكومية وتدهور مستواها من خلال سحب الأكفاء والخبراء من هيئتها التدريسية، كما أن من يتبقى من هيئة التدريس في الجامعات الحكومية لن يجدوا حافزا للاهتمام بالتدريس في ظل الإحساس بالظلم والتفرقة الطبقية. وبذلك يدمر السيسي الجامعات الحكومية لصالح الجامعات الأهلية والخاصة في خطوة صريحة نحو إلغاء مجانية التعليم الجامعي، وخصخصته.
  • من زاوية خامسة، قرار إنشاء الجامعات الأهلية سوف يكرس الطبقية على عدة مستويات، أولا بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية مقارنة بغيرهم من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات الأهلية والخاصة فيما يتعلق بالرواتب والحوافز والإمكانات. وعلى مستوى الطلاب أيضا؛ «صحيح أنّ طلاب الجامعات الحكومية هم الأكثر تفوقاً وجدية، لكنّ هذا لا يهمّ الطلاب الأقلّ تفوقاً، من أبناء الطبقات الغنية، ممن لا يذهبون إلى الجامعات الحكومية لأنّهم لا يتمكنون من تحقيق شروط القبول العلمية فيها، ولا يريدون أن يختلطوا بغيرهم من الطبقات (ممن هم أفقر منهم). هل هذا منطق يقنع أحداً سوى من شاركوا في صنع مثل هذا القرار!؟”.[[12]]
  • من جهة سادسة، ينتقد كثيرون توجهات النظام والتوسع في إنشاء الجامعات الأهلية الحكومية وفقا لأحدث المعايير العالمية كما تم الإعلان عنها من خلال إنشاء مكتبات ومعامل وحرم جامعي لكن المشكلة هي غياب الحرية الأكاديمية وغياب الكوادر التعليمية القائدة والطالب الشغوف بالعلم والمعرفة والذي سيدفع تكاليف الدراسة في مناخ فاسد وانعدام مطلق للحرية الأكاديمية. وفي تقرير لها بعنوان “جامعات بلا حريات أكاديمية”، صادر في يوليو/تموز 2020، سلطت مؤسسة حرية الفكر والتعبير – وهي منظمة مجتمع مدني مصرية – الضوء على انتهاكات حرية البحث والتدريس في الجامعات المصرية، التي برزت بشكل متزايد مع بداية عام 2013، وهو العام الذي شهد زيادة في حالات المنع أو الاعتراض على رسائل الماجستير والدكتوراه. وأبرز التقرير كيف استخدمت السلطة عبر أجهزتها المعنية أساليب التهديد والتخويف بحق أعضاء هيئات التدريس والباحثين بالجامعات المصرية إلى أن تحوَّل التدريس إلى عملية تلقين للطلاب من دون محاولة تنمية الفكر النقدي والمناقشة والتعبير الحرّ عن الرأي والفكر.
  • من زاوية سابعة، فإن إنشاء هذه الجامعات «الأهلية الحكومية» هو تحويل التعليم من حق إلى سلعة، وبالتالي يتعامل نظام السيسي مع الملف بمنطق السماسرة والتجار وليس بمنطق أهل الحكم الرشيد؛ ذلك أن أعظم موارد الدولة هم البشر والاستثمار فيهم بالتعليم والصحة هو الطريق الوحيد نحو أي نهضة و تقدم. ويبرهن على ذلك أن نسب القبول في الجامعات الخاصة والأهلية تقل بنسبة أكثر من 10% للكليات العملية و25% للكليات النظرية، مقارنة مع الجامعات الحكومية، وذلك لإتاحة الأماكن للطلاب الراغبين في الالتحاق بكليات مثل الطب والصيدلة والهندسة، رغم انخفاض درجاتهم الدراسية، مقابل سداد رسوم سنوية ضخمة تتراوح بين 36 و210 آلاف جنيه في الجامعات الخاصة، و31 و105 آلاف جنيه في الجامعات الأهلية.[[13]] وكانت الحكومة قد شرعت في تنفيذ مخطط لتحويل الخدمات الجامعية الحكومية إلى خدمات مدفوعة، بنسبة لا تقل عن 75% تدريجياً، والتدرج في تحويل بعض الجامعات الإقليمية إلى جامعات أهلية، فيتشارك القطاع الخاص مع الدولة في إدارتها، ليتحمل المستثمرون جزءاً من الأعباء التي تتحملها الدولة حالياً، على أن تكون الأولوية للمستثمرين المتخصصين في مجال التعليم والثقافة، الذين يمتلكون الجامعات والمدارس والأكاديميات والمعاهد الخاصة الهادفة إلى الربح في الأصل.
  • ثامنا، يتجاهل النظام أن المؤسسات العامة ـ رغم عللها الكثيرة ــ هي التي تنهض بالأدوار المجتمعية وقت الأزمات؛ أو ليست مؤسسات التعليم العام هى التى تخدم المجتمع عندما يواجه أزمة كما أوضحت أزمة جائحة كورونا التى حولت فيها وزارة الصحة المستشفيات الجامعية إلى مستشفيات حجر بعد أن وجدت المستشفيات الخاصة فى ظروف الجائحة فرصة للكسب وابتزاز المواطنين؟ أو ليس أساتذة الجامعات الحكومية هم الذين تستعين بهم الحكومة عندما تواجه تحديات صحية مثل انتشار فيروس سى أو غيره؟ أو ليس كل المصريين الذين حققوا سمعة دولية وبرزوا خارج البلاد من نجيب محفوظ ومجدى يعقوب وأحمد زويل ومحمد البرادعى، وعصام حجي وغيرهم كثيرون هم من خريجى هذه الجامعات؟ أو ليس معظم رؤساء الوزارات والوزراء من المدنيين فى حكومات مصر حتى فى حكومة مصطفى مدبولى من خريجى هذه الجامعات الحكومية؟ فلماذا اليوم يريدون تدمير مستقبل البلاد وحرمان قطاعات واسعة من شباب مصر من حقهم في التعليم الجامعي المجاني كما تعلموا هم من قبل بالمجان ووصلوا إلى أرقى المناصب؟!

الخلاصة

خطورة التحول الجذري في فكر الحكومة تجاه التعليم الجامعي، أنه يقتصر التعلم العصري الذي يتلاءم مع احتياجات الثورة التكنولوجية، على أبناء الفئات المقتدرة ماليا فقط، بحيث تكون لهؤلاء الفرصة الأكبر في الوظائف الحكومية والخاصة مستقبلا، بحكم أن خريجي التعليم المجاني درسوا ما لا يتناسب مع الحاضر والمستقبل. ويقود اقتصار عصرنة الجامعات على الأهلية والخاصة منها إلى أن تكون كوادر الدولة مستقبلا من طبقة معينة، ويظل أبناء البسطاء قابعين في أماكنهم دون القدرة على التغيير من واقعهم الاجتماعي، أو الوصول إلى سلم القيادة، وهو ما يفقد المجتمع توازنه ويجعل المال الوسيلة الوحيدة لتحقيق النفوذ والانتصار على التميز.

أيضا، وبغض النظر عن تبعات تركيز العصرنة الجامعية على شريحة بعينها، فإن الخطر الأكبر من الجامعات الأهلية أن تكون سببا في تفريغ نظيرتها الحكومية من الكوادر المتميزة، ويكفي أنها عندما فتحت باب التقديم أمام الأساتذة الجامعيين للتوظيف بها، تقدم إليها ما يقرب من 60 ألف أكاديمي من الكليات الحكومية.[[14]] وما يزيد هذه المخاوف، أنه تمت مخاطبة العشرات من العلماء المصريين المقيمين في الخارج للتدريس في هذه الجامعات، وآخرين من الأكاديميين الأجانب، وتحدد الراتب الشهري بنحو 4 آلاف دولار لكل منهم، وهو رقم هزيل مقارنة بما يتحصل عليه الأستاذ الجامعي في الخارج، وبالتالي سيكون البديل هو الاستعانة بأعضاء هيئات تدريس الكليات الحكومية.

أن توجه الدولة مواردها لإقامة جامعات أهلية أو أن تقتطع الجامعات الحكومية من مواردها المحدودة لإقامة فروع لها تسميها جامعات أهلية توفر لأعضاء هيئات التدريس فيها، الذين هم من بين أساتذتها، امتيازات خاصة، أمر لا يستقيم مع الأدوار المنوطة بأجهزة الدولة؛ فالتعليم العام هو خدمة يمولها المجتمع لتحقيق غايات عامة تفيد كل المواطنين بدون تمييز، ولا يجب أن يتضمن هذا الدور تقديم خدمة متميزة لمن يقدر على الدفع.[[15]]

يتجاهل النظام أثر هذا التدليل للجامعات الأهلية والخاصة على مستقبل السلام الاجتماعى فى مصر؛ فالجامعات الحكومية هى التى تجتذب الأعداد الأكبر من خريجى التعليم الثانوى فى مصر، وهم الأكثر تفوقا، تعدهم الحكومة بتعليم من الدرجة الثانية فى الجامعات الحكومية التى تستقطب تسعة أعشارهم، وتعد بتعليم متميز للقلة التى تقدر على دفع مقابل هذا التعليم، وهى عموما الأقل تفوقا بحسب الدرجات التى يقبلها تنسيق الجامعات الأهلية والخاصة. وبالتالي فإن الوظائف المتميزة فى مصر ستذهب لخريجى الجامعات الأهلية والخاصة الذين لا يجدون لهم فرصة للعمل فى الخارج، ولكنهم سيحصلون على هذه الوظائف ليس بقدراتهم، ولكن بحسب مكانة وصلات أسرهم. فهل هذه هى الوصفة المناسبة لتعزيز السلام الاجتماعى فى مصر أم تدمير للنسيج الاجتماعي وتكريس للطبقية وتلغيم لمستقبل البلاد؟

 

[1] محمد غريب, محمود رمزي, محمود جاويش/«النواب» يوافق نهائيًا على تعديل قانون الجامعات الأهلية والخاصة/ المصري اليوم ــ الثلاثاء 30 نوفمبر 2021م

[2] نغم قاسم/ الجامعات الخاصة والأجنبية في مصر: من يستطيع تحمل الرسوم الباهظة؟/ بي بي سي نيوز عربي ــ 4 سبتمبر 2021

[3] مصطفى كامل السيد/ الجامعات الأهلية فى مصر.. حل أم مشكلة؟/ بوابة الشروق ــ الأحد 13 سبتمبر 2020

[4]  مرجع سابق ــ اتهامات بالخصخصة وتعليمات من السيسي بالتوسع في الجامعات الأهلية.. فما قصتها؟/ الجزيرة نت ــ 08 سبتمبر 2020م

[5] إلغاء مجانية التعليم يهدد مستقبل الآلاف من طلاب الجامعات المصرية/ الشروق ــ الثلاثاء 31 مارس 2015

[6] نحو الخصخصة… جامعات أهلية تابعة للحكومة المصرية/ العربي الجديد ــ 12 سبتمبر 2020

[7] د. محمد غنيم/ الجامعات في مصر: حكومية أم خاصة أم أهلية؟/ المصري اليوم ــ الخميس 05 نوفمبر 2020م

[8] اتهامات بالخصخصة وتعليمات من السيسي بالتوسع في الجامعات الأهلية.. فما قصتها؟/ الجزيرة نت ــ 08 سبتمبر 2020م

[9] رسوم باهظة على طلبة الجامعات الراسبين.. هل يستهدف السيسي مجانية التعليم؟/ الجزيرة نت ــ 27 أغسطس 2020م

[10] الطالب الأجنبي يدخل كلية الطب بمجموع أقل من المصري! أزمة غير مسبوقة بسبب مبادرة “ادرس في مصر”/ عربي بوست ــ 30 أكتوبر 2021م

[11] مصر: تطبيق وشيك لقانون “استثمار الجامعات” / العربي الجديد ــ 30 ديسمبر 2017

[12] انظر تصريحات دكتور مصطى كامل السيد في تقرير “نحو الخصخصة… جامعات أهلية تابعة للحكومة المصرية”/ العربي الجديد ــ 12 سبتمبر 2020

[13] مصر تخفض نسب القبول في الجامعات الخاصة والأهلية للمرة الثالثة/ العربي الجديد ــ 27 نوفمبر 2021

[14] الجامعات الأهلية في مصر “بزنس حكومي” أم حل لمشكلات التعليم/ العرب ــ الأربعاء 16 سبتمبر 2020م

[15] مرجع سابق.. مصطفى كامل السيد/ الجامعات الأهلية فى مصر.. حل أم مشكلة؟/ بوابة الشروق ــ الأحد 13 سبتمبر 2020

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022