دلالات اخفاء خاشقجي وتداعياته على اللاجئين للحرية بالخارج

 دلالات اخفاء خاشقجي وتداعياته على اللاجئين للحرية بالخارج     تحمل قضية اخفاء وربما قتل الصحفي السعودي الشهير جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا دلالات وتداعيات خطيرة سواء لجهة وجود اسباب داخلية تبرر التخلص منه بهذه الطريقة، لعلاقته الوثيقة مع بعض رجال القصر السعودي والعائلة الحاكمة والاجهزة الرسمية (قبل ان يقرر المغادرة الي الخارج احتجاجا على القمع والاعتقالات الجماعية). أو لجهة علاقته الواسعة والمؤثرة للغاية برموز سياسية غربية، وقوي اعلامية غربية مؤثرة، خاصة صحيفتي واشنطن بوست والجارديان، وكتابته فيها معلومات تعري حقيقة نظام بن سلمان، وتجعله أكثر ضعفا أمام الضغوط الغربية. يضاف لهذا تحول "خاشقجي" لواجهة وجبهة معارضة قوية لنظام بلاده تفضح القمع الداخلي، وتجعله محط بؤرة لتحلق كتلة المعارضة السعودية في الداخل والخارج حوله. لهذا تبدو دلالة اخفاؤه وربما قتله بهذه الطريقة، "رسالة" لكل معارضي انظمة الشرق الاوسط القمعية، الذين يقيم أغلبهم في تركيا، بتغير وسائل هذه الأنظمة وتجبرها في سعيها لإخراس السنتهم، وأن عليهم لزوم الصمت في الخارج كما الداخل. بعبارة أخري، "إنهم يريدون جعلهم (المعارضين) عاجزين عن اللجوء إلى هذا البلد والاحتماء به"، كما يفسر الامر "إبراهيم قراغول" الكاتب التركيّ ورئيس تحرير صحيفة "يني شفق". ما يجعل "جمال خاشقجي" أيضا مصدرا لإزعاج سلطات بلاده أنه كان يتمتع بعلاقات واسعة تضم معارضين إسلاميين عرباً، ومسؤولين أتراكاً، وإعلاميين وصحفيين غربيين، وأكاديميين ومثقفين ذوي شهرة وتأثير عالمي، وعموده الأسبوعي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية كان يعكس مدى شهرته وتأثيره، الأمر الذي جعل جريدة واشنطن بوست تبقي عموده فارغاً في ذكرى مقاله الأسبوعي بعد اختفائه. كل هذا وأكثر قد يفسر سر التعامل بهذه الطريقة الوحشية مع جمال خاشقجي رغم أنه ليس معارضا بالمعني الحرفي لنظام بلاده، وإنما صحفي حرفي حر، إذ أنه كان يشكل ثقلا في الغرب ضد حكم بن سلمان، بما ينشره من معلومات ومقالات حول مستقبل بلاده الغامض في ظل رؤية بن سلمان 2030، التي باتت محل هجوم أطراف داخلية وخارجية عديدة. كما أن طريقة اخفاؤه وربما قتله بهذه الكيفية الوحشية وفي مقر دبلوماسي لا أمنى، وتهريبه من تركيا، ونفي ولي العهد محمد بن سلمان وجوده في القنصلية أو السعودية، تمثل رسالة صادمة لتركيا والعالم حول الانقلاب والتغير الخطير في اساليب تعامل نظام بن سلمان مع معارضيه، وعدم احترامه العلاقات مع تركيا واستعداده للتضحية بها. لماذا خطفوه وقتلوه؟ في أول مقالة له بواشنطن بوست عقب خروجه من المملكة: كتب جمال خاشقجي يقول: "عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العام للمثقفين والزعماء الدينيين الذين يتجرؤون على التعبير عن آرائهم، ثم أقول لكم إنني من المملكة العربية السعودية، فهل يفاجئكم الأمر؟". بل وحرص في أول عنوان لمقاله الأول في الصحيفة الأمريكية، علي القول: «السعودية لم تكن بهذا القمع .. الآن لا تُطاق»، مُتحدثًا عن «حملة الاعتقالات الواسعة» التي طالت عددًا من المثقفين ورجال الدين في المملكة. وكانت هذه المقالة أول اعتراف رسمي منه – بصفته كان صحفيا مقربا من السلطة ويتحدث احيانا لوسائل إعلام مختلفة معبرا عن هذه السلطة – على التحول الي الاسوأ في بلاده، منذ تولي محمد بن سلمان إدارة المملكة واستعداده للسطو علي مقعد الملك حتى في حياته، لهذا لم يغفرها له محمد بن سلمان. وبدأت علاقته تسوء بالسلطة عقب إصدار الخارجية السعودية بياناً في ديسمبر 2015، وآخر في نوفمبر 2016 يؤكد أن "جمال خاشقجي لا يمثل المملكة، والتحذير من التعامل معه على أساس تمثيله لأي جهة رسمية سعودية، ثم منع مقالاته في صحيفة الحياة اللندنية المملوكة للأمير خالد بن سلطان في سبتمبر 2017 عقب كتابته تغريده تضامن فيها مع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة. بل أن السبب الاول لـ "طلاق" الرياض من خاشقجي كان بسبب انتقاده ترامب وليس النظام السعودي، الذي ما إن أعلن أن الرجل الذي انتقد نظام ترامب لا يمثل الرياض بدأ يذكر اسمه على أنه شخص معارض، كما يرصد هذا "ياسين اقطاي" مستشار الرئيس التركي. ولاحقا تزايد عداء بن سلمان له، حين انتقده خاشقجي قائلا: "مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، وعد بتبنّي إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وتحدّث عن جعل بلادنا أكثر انفتاحًا وتسامحًا، كما وعد بأنه سيأخذ بعين الاعتبار الأمور التي تقوّض تقدمنا، مثل حظر المرأة من قيادة السيارة، لكنني لا أشهد الآن سِوى موجة اعتقالات". ومع هذا ففي حواراته كان جمال خاشقجي، يمدح وينقد، ويعترض ويوافق، ويؤيد بعض الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان، ويعارض بعضها أيضاً، ولم يكن معرضا على طول الخط او راديكالياً، ولم يطالب بإسقاط حكم العائلة السعودية للبلاد كما يفعل غيره من المعارضين في الخارج. ولكن الرسالة الثلاثية التي سعي ولي العهد لتوصيلها لجمال وغيره هي أن: "انتقاد الأنظمة الديكتاتورية العربية له ثمنٌ يصل الموت"، وأن "يدُ القتل طويلة في هذه المنطقة"، وأنه "لا امان لأحد".   كيف اخرجوه من القنصلية وقتلوه؟ كانت كل السيناريوهات التي نشرت في وسائل الاعلام التركية عقب تفريغ الكاميرات الامنية تؤكد أن خاشقجي دخل ولم يخرج، وأنه تم رصد دخول 15 سعودي بعضهم من الشرطة الي القنصلية عقب دخوله، ثم رصد نقل سيارة سوداء زجاجها مغطي لصناديق من داخل القنصلية للخارج. ونقلت نيويورك تايمز عن ثلاث مصادر مطلعة تأكدها من إشاعة اغتيال الاعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي. وهذا الامر أكده أيضا "ياسين اقطاي" مستشار الرئيس التركي الذي قال: "من المحتمل أن يكون قد أخرج من القنصلية بطريقة غير عادية، أي على متن سيارة سوداء الزجاج، وهو أمر يقع تحت عهدة القنصلية لا محالة، وهناك احتمال آخر لدينا، ألا وهو أن خاشقجي لا يزال محتجزا داخل القنصلية، والسلطات السعودية تقول عكس ذلك، لكنها عاجزة عن توضيح الأمر". ورغم أن رسائل أردوغان للصحفيين الذين سألوه عن مصير خاشقجي كانت مطمئنة نسبيا، إلا أن رسائل مستشاري أردوغان لوسائل الاعلام الاجنبية والعربية، وما تسرب الي واشنطن بوست ووكالة رويترز عن احتمالات تعذيبه وقتله، بل وتقطيعه، في مقر القنصلية السعودية بإسطنبول ثم نقله خارجها، كانت تشير لإخفاء اسطنبول الحقيقة أملا في مراجعة السعودية نفسها قبل أن تندلع ازمة عنيفة بين البلدين لا تحتاجها أنقره حاليا في ظل صراعها مع ترامب. حيث جاءت كل المعلومات المسربة عبر "مصادر خاصة" تؤكد إن خاشقجي تم التحقيق معه تحت التعذيب وتم تصويره بفيديو ثم قتل، وأن الفيديو تم إرساله إلى جهة في السعودية. وطرحت شبكة NBC الإخبارية الامريكية، سيناريو اخر، ملمحه إلى فرضية استدراج خاشقجي من واشنطن، حيث يقيم، إلى إسطنبول، وأنه على الرغم من إقامته في أميركا، وامكانية تقدمه بنفس الطلب (بشأن زواجه) إلى سفارة بلاده هناك، وسعيه سابقاً للحصول على الأوراق المطلوبة من السفارة السعودية في واشنطن، لكنه وُجّه لاستخراجها من القنصلية السعودية في إسطنبول، وحددوا له الوقت والساعة، ما يشير…

تابع القراءة

مستقبل غامض لاستثمارات القطاع الخاص في ظل تغول الجيش بالاقتصاد المصري

 مستقبل غامض لاستثمارات القطاع الخاص في ظل تغول الجيش بالاقتصاد المصري   سيطر حالة من الضيق الشديد على قطاع كبير من المستثمرين ورجال الأعمال وشركات القطاع الخاص لسببين: الأول يتعلق بتوغل المؤسسة العسكرية اقتصاديا وهيمنتها بشكل مطلق على معظم المشروعات ومفاصل الاقتصاد في ضوء الامتيازات التي تحظى بها ، والثاني قيام الشركات الحكومية بتنفيذ ما تبقى من مشروعات خصوصا في قطاع العقار  والإسكان وحتى الفتات لم يعد قائما للقطاع الخاص الذي بات يعاني بشدة في مرحلة ما بعد انقلاب 30 يونيو2013م. وثمة تحذيرات من عواقب عدم اعتراف نظام العسكر بأزمة القطاع الخاص، ورجال الأعمال، فهناك حالة من التقوقع والانكماش  الواضح فى صفوف نسبة كبيرة من رجال الأعمال فى المرحلة الراهنة لأسباب مختلفة، هذه الأسباب ربما لا تدفع هذه الاستثمارات نحو الانكماش فقط بل يمكنها مغادرة البلاد[1]. يضاف إلى ذلك أن ثمة ظاهرة أخرى خطيرة تتمثل في أفضلية استثمار المصريين فى الخارج، والأسباب فى ذلك كثيرة، بدءاً من ماليزيا فى جنوب شرق آسيا، وحتى المملكة المغربية فى أقصى غرب شمال أفريقيا، وما بينهما من تركيا والعراق والصين ودبى وأوروبا، ودول الاتحاد السوفيتى السابق، وحتى الأمريكتين. هذه الظاهرة يكابر النظام العسكري في الاعتراف بها كعادته في إنكار الكثير من الظواهر التى كانت خصماً من رصيد المجتمع وتطوره، كهجرة العمالة المتعلمة أو المدربة، أو وجود ما يزيد على ثمانية ملايين من الثروة البشرية بلا عمل، أو حتى بناء مزيد من السجون فى الوقت الذى يتكدس فيه التلاميذ بالفصول الدراسية.   "ساويرس" يضج بالشكوى هذه الأوضاع دفعت رجل الأعمال القبطي الملياردير نجيب ساويرس إلى الضج بالشكوى، وفقًا لصحيفة جلف تايمز نقلا عن وكالة الأنباء الألمانية في تقرير لها أول أكتوبر الجاري 2018، موجها انتقادات حادة لمزاحمة الشركات التابعة للدولة، للقطاع الخاص في عدد من المشروعات الاقتصادية الرئيسية، وطالب بتقليص تدخل الحكومة في قطاع الأعمال، وضرورة تشجيع القطاع الخاص. وانتقد ساويرس على وجه التحديد منافسة الدولة لشركات القطاع الخاص في مشاريع الإنشاء والإسكان، قائلاً: «هناك شركات قطاع خاص مخصصة لمثل هذه المشاريع»[2]. انتقادت ساويرس، تتزامن مع نتائج مؤشر مديري المشتريات بمصر، الصادر الأربعاء 03 أكتوبر 2018، والذي أظهر عودة الانكماش للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر خلال سبتمبر الماضي، بعد تحقيقه نموا ضئيلا خلال شهري يوليو وأغسطس. حيث  تمثل قراءة مؤشر PMI الذي سجل 48.7 نقطة في شهر سبتمبر إلى عودة الانكماش للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر، ويعد مستوى الـ 50 نقطة هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش في هذا المؤشر الذي يصدر عن بنك الإمارات دبي الوطني، ويعتمد في دراسته على بيانات مجمعة من مسؤولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 450 شركة من شركات القطاع الخاص تمثل هيكل اقتصاد مصر غير المنتج للنفط[3]. وكان ساويرس قد أدلى بتصريحات مثيرة  ينتقد فيها توغل المؤسسة العسكرية على مفاصل الاقتصاد المصري قائلا:  «إنهم يثقون بالجيش أولًا. ويقبلون بوجود القطاع الخاص»، ويشكو الملياردير القبطي من أن بعض خططه التجارية المصرية قد أحبطت بسبب تدخل الدولة. وأضاف: «يمكن لأجهزة الأمن حظر أي مشروع. فلديهم شركات خاصة بهم الآن. إن الوضع سيئ». ويكشف ساويرس عن بعض المضايقات التي تعرض لها كرجل أعمال مؤيد للنظام، ففي قطاع الإعلام أدى الاستيلاء على القنوات الفضائية إلى تقليص نفوذ بعض أقوى رجال الأعمال المدنيين في مصر. يقول  ساويرس، المالك السابق للشبكة الشهيرة أون تي في، إن الحكومة طلبت منه طرد ثلاثة على الأقل من المراسلين الإخباريين. وعندما رفض، تم الاستيلاء على الشبكة من قبل رجل أعمال موال للحكومة وهو أحمد أبو هشيمة، قبل بيع أسهمه لشركة مملوكة لجهاز المخابرات المصري في عام 2017. ويضيف ساويرس أن قوات الأمن أعاقت خطط الأعمال الخاصة بالقطاع الخاص. وأن محاولاته للاستحواذ على شركة الاستثمار سي آي كابيتال قد تم عرقلتها من قبل الأجهزة الأمنية في عام 2016. كما عرقلت أجهزة الأمن المصرية محاولة شركة أرتشر دانييلز ميدلاند للاستحواذ على شركة مصر الوطنية لمنتجات الذرة – التي اندمجت لاحقًا مع شركة مصرية أخرى – العام الماضي، وفقًا للسيد ساويرس. وقد أكد شخص مطلع على المسألة أن الجهات التنظيمية المصرية منعت الاستحواذ المخطط له. وكان ساويرس قد انتقد الوضع الاقتصادي في البلاد، ووصفه ب"سمك لبن تمر هندي"، وقد كرر رجل الأعمال القبطي هجومه أكثر من مرة، مطالبا بفتح المجال بشكل أكبر أمام القطاع الخاص للاستثمار[4].   السيسي لا يثق في القطاع الخاص وفي مقاله بصحيفة "و. س. جورنال" مايو 2018يستشهد الكاتب الصحفي "جاريد مالسن"  بمقولة "أندرو ميلر" المسؤول السابق عن ملف مصر في مجلس الأمن القومي الأمريكي، التي يؤكد فيها أن الجنرال عبدالفتاح السيسي «لا يثق في القطاع الخاص، ولا يثق في رجال الأعمال»، وذلك في إطار تحليله لانعكاسات هيمنة الإمبراطورية الاقتصادية للجيش على القطاع الخاص ورجال الأعمال. لكن مالسن يرى أن حكم السيسي يشبه كثيرا طريقة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطيح به بعد ثلاثة عقود من الحكم عبر انتفاضة شعبية؛ فالسيسي يعتمد على دولة أمنية واسعة ونهج اقتصادي يمنح الجيش امتيازات تفضيلية؛ وهو ما ينعكس على قطاع الأعمال التجارية والقطاع الخاص، بل إن السيسي ذهب لأبعد من ذلك في تهميش المشاريع الخاصة ما ألحق الضرر بالاقتصاد[5]. وربما يمكن تفسير ذلك، بأن الجنرال يمارس بحق رجال الأعمال والقطاع الخاص انتقاما على خلفية عدم الاستجابة لإلحاحه  عليهم بالتبرع لصندوق تحيا مصر عندما قرر تدشينه بأنه يريد "100 مليار  كدة على جنب"، لكن استجابة رجال الأعمال كانت فاترة ولم يصل إلى الصندوق من تبرعات سوى 10 مليارات فقط؛ ويمكن اعتبار ذلك عاملا من عوامل ثقة الجنرال في المؤسسة العسكرية على حساب رجال  الأعمال والقطاع الخاص.   تحذيرات صندوق النقد وكان النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، ديفيد ليبتون أبدى تحفظات بشأن سيطرة قطاعات بالدولة على الاقتصاد، بأشكال غير مباشرة، بشكل يدفع القطاع الخاص للهروب، بسبب عدم تكافؤ فرص المنافسة، وذلك خلال زيارة بعثة الصندوق للقاهرة أول مايو الماضي لبحث صرف الشريعة الرابعة لقرض الـ12 مليار دولار. ليبتون أشار بشكل واضح إلى الشركات المملوكة للقوات المسلحة، وأجهزة الدولة السياسية، لافتا إلى أن الصندوق يرصد توسُّع تلك النوعية من الشركات في الفترة الماضية، تحت كيانات تبدو ظاهريا ملكيات خاصة، مطالبا الحكومة المصرية بإيجاد حل لتلك الأزمة خلال الفترة القادمة[6]. وهناك مخاطر لهيمنة الجيش المتزايدة على الاقتصاد المصري، وفق مراقبين غربيين. فقد قال مسؤول تجاري بإحدى السفارات الغربية إن المستثمرين الأجانب يرفضون الاستثمار في القطاعات التي تتوسع فيها القوات المسلحة أو التي قد تدخلها خشية الدخول في منافسة مع الجيش وما يتمتع به من مزايا خاصة قد تعرض استثماراتهم للخطر. وأضاف أنه إذا خاض مستثمر نزاعا تجاريا مع القوات المسلحة فلا معنى لرفع الأمر لهيئة تحكيم، قائلا "لا…

تابع القراءة

انتخابات الرئاسيات تشعل الصراع ضد الاسلاميين في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا..واقع ملتهب

  انتخابات الرئاسيات تشعل الصراع ضد الاسلاميين في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا..واقع ملتهب ومستقبل غامض     في توقيت واحد تقريبا، بدأ قائد الانقلاب في موريتانيا "ولد عبد العزيز"، حملة ضد الاسلاميين هناك في اعقاب فوز حزب الإخوان "تواصل" بالمركز الثاني في الانتخابات التشريعية والبلدية، فأغلق مركز وجامعة، وتوعد بـ "إجراءات" ضد الاسلاميين. وفي تونس، صعد الرئيس المحسوب علي الدولة العميقة السابقة "قايد السبسي" معركته مع حزب النهضة التونسي الاسلامي لرفض الاخير قانون علماني قدمه الرئيس لمساواة الرجال والنساء في الارث بما يخالف الشريعة الاسلامية، ودعم راشد الغنوشي لرئيس الوزراء العضو في حزب الرئيس "السبسي" ضد حزبه الذي فصله من منصبه، والصراع على المرشحين للرئاسة عام 2019. وتحول الامر في الجزائر الي قلق من نفوذ الاسلاميين في انتخابات 2019 المقبلة على خلفية أزمة خلافة الرئيس الجزائري الحالي بوتفليقة، والصراع الذي عصف بأكثر من مسئول عسكري. أما في المغرب فتصاعدت التوترات بين حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي يتولى امينه العام سعد الدين العثماني رئاسة الحكومة، وحزب الاحرار العلماني الذي يشاركه الحكم، على خلفية العديد من المواقف، ما دفع التيار العلماني للتصعيد ضد الاسلاميين وتصاعد تحريض دول خليجية أيضا ضدهم خشية انتقال عدوي فوز الاسلاميين في "مملكة" عربية لباقي الانظمة الملكية العربية. قد يكون من أسباب هذا التصعيد والتسخين، الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تونس وموريتانيا والجزائر العام المقبل 2019، والمخاوف من دور للإسلاميين فيها، أو تغيير الموازين القوي السياسية بما يسمح بقدر من الحركة والمناورة للإسلاميين بين القوي المتنافسة. وقد يكون السبب الصراع التقليدي بين الاسلاميين والعلمانيين ومخاوف العلمانيين من عودة صعود نجم الاسلاميين مرة أخري كما هو الحال في المغرب التي يقود حكومتها عضو بارز في جماعة الاخوان المسلمين ضمن حزب "العدالة والتنمية"، وتونس. وقد يكون السبب ايضا الصراع حول الرئاسة في ضوء انتهاء صلاحية الرئيس مثل بوتفليقه في الجزائر، ومخاوف الجنرالات والدولة العميقة من دور للأحزاب الاسلامية في تحديد مستقبل البلاد بالتحالف مع طرف دون أخر. وترجع دراسة لمركز "مؤمنون بلا حدود للدراسات والابحاث" في المغرب العربي، عودة الاسلاميين الي الظهور بقوة في بلدان المغرب العربي عقب الثورات المضادة، ومن ثم سعي الانظمة الحالية للتصدي لهم إلى مسارعة الإسلاميين في دول المغرب العربي الثلاث (المغرب، الجزائر، تونس)، بعد انتكاسة الإخوان المسلمين في مصر عقب انقلاب 3 يوليه 2013، لـ "التمايز عمّا هو سائد في المشرق من صيغ الإسلام السياسي". ويقول معدو الدراسة المغاربية أن "النشطاء الإسلاميون، أظهروا تأثرا أوليا بالبيئة المحلية والقوى الشريكة في المجال الديني-السياسي، ومن ذلك النظر تدريجيا فيما غلب على هذا المنهج السابق من صرامة وشكلانية ونظر جزئي أحيانا، واقتنعوا بأن هذا التوجه لا يرقى إلى النظرة الشمولية، ولا يمكن أن يتفاعل مع بيئة مغاربية وريثة تقليد مالكي أشعري صوفي، فاقتصروا منه على الجوانب العقدية بما تتسم به من صفاء، بعيداً عن الجدل الكلامي". ولكن الدراسة توضح أنه "على مستوى الامتداد الشعبي وعلى غرار المسيرة الإخوانية، سيغزو الإسلاميون جميع الميادين، وسيحتلون ميادين عديدة بفضل جمعيات المجتمع المدني التابعة لهم مستفيدين من عجز الفقهاء التقليديين المرتبطين بالسلطة عن القيام بأي دور تنشيطي والمترددين في الزج بأنفسهم في المجال الاجتماعي والسياسي". ويرجع السبب في هذا إلى أن إسلاميي المغرب، بذلوا مجهودات كبيرة لإظهار ارتباطهم ببيئتهم المحلية والتفاعل القوي معها، والتصريح المتتالي بعدم التبعية للإخوان المسلمين. كما "تخلصت أغلب الأقلام الإسلامية من الثنائية التقليدية: دار الإسلام ودار الحرب التقليدية، والتي كانت تدل في السابق عن عدم الجاهزية لقبول مواطنة الآخر البعيد؛ أي غير المشارك في الدين والثقافة الإسلامية". وبات هناك "تصوران للغرب لدى الإسلاميين؛ أحدهما ينم عن تبسيط مخل يقوم بتصوير الغرب على أنه يقوم بحملات عسكرية وإعلامية تبشيرية واستغلال اقتصادي، وآخر مزدوج يقوم على القول بضرورة استيعاب مكاسب الحضارة الغربية وخيراتها وفنونها العلمية وتقنياتها وآلياتها المتطورة من جهة، ورفض فسلفتها وآدابها من جهة أخرى، ويتناوب هذان البعدان في الظهور والمواراة في خطاب الإسلاميين". ماذا يحدث في موريتانيا؟ كانت انتخابات موريتانيا (التشريعية والجهوية والبلدية) الاخيرة، التي جرت بين 1 و15 سبتمبر الجاري 2018، وفاز فيها حزب الجنرال الرئيس الانقلابي محمد ولد عبد العزيز (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية)، بأغلبية الاصوات بالتزوير، وجاءت جماعة الاخوان المسلمين عبر حزبها "تواصل" في المركز الثاني، هي نقطة التسخين بين الجنرال والاسلاميين. فقد أغضب الجنرال فوز الاخوان (التجمع الوطني للإصلاح والتنمية) بـ 14 مقعدا برلمانيا من أصل 157 مقعدا للبرلمان، خاصة أن هذه الانتخابات هي الأخيرة قبل انتخابات 2019 الرئاسية، التي ليس من حق الجنرال محمد ولد عبد العزيز خوضها لانتهاء ولايته الثانية حيث سيكون من الناحية الدستورية خارج دائرة التنافس، ما لم يتم تغيير المادة المقيدة للولايات الرئاسية بفترتين فقط، وهو يخشى معارضة الاخوان في البرلمان لتعديل الدستور لبقائه في الحكم. لهذا شن الانقلابي "ولد عبد العزيز" حملة اتهامات كلامية كبيرة ضد الاسلاميين، وبدأ يلعب على نفس وتر السيسي في اتهام الاسلاميين بأنهم وراء عدم الاستقرار واتهامهم بـ "التكفير" وتلقي أموال من الخارج، ثم بدأ في اتخاذ خطوات فعلية ضد مؤسسات اسلامية قوية تعتبر بمثابة مراكز فكرية للإسلاميين الموريتانيين. حيث أغلق الجنرال الحاكم، "مركز تكوين العلماء"، الذي يقوم على تخريج العلماء، ويقوده الشيخ محمد الحسن ولد الددو، المقرب من الإخوان، بدعوي وجود "ملاحظات تتعلق بالتمويل والمناهج والارتباطات السياسية" وراء الإغلاق. ولكن الشيخ "الددو" لخص مبررات التسخين ضد المركز وغلق السلطة له بقوله: «في هذه الفترة الرئيس الموريتاني يهدد الإسلاميين في أعقاب الانتخابات التي دارت في موريتانيا، ولذلك يحاول الرئيس أن يجعل من المركز مطية لسياساته، وكبش فداء لصراعه مع الإسلاميين داخل البلاد». كما أغلق الجنرال ولد عبد العزيز "جامعة عبد الله بن ياسين" الخاصة، القريبة من الاخوان، وسحب تراخيصها، بعدما هدد أن بلاده "لن تسمح بتوظيف الدين واحتكاره"، ولم يستبعد الرئيس الموريتانى اتخاذ إجراءات ضد حزب "تواصل الإخوان" معبرا عن رفضه لاستمرار "السماح لمجموعة معينة باستغلال الدين لصالحها"، بحسب زعمه. وجاء فوز حزب "تواصل" بـ 14 مقعدا في انتخابات سبتمبر 2018 بمثابة صدمة للسلطة بعدما حافظ الحزب على مقاعده تقريبا رغم التزوير الواسع، خاصة أنه رافقه السيطرة على إدارة 9 بلديات؛ وحصوله على 292 مقعد لمستشاري البلديات (وصل عددهم مع حلفائه من المعارضة الي 448)، كما فاز الحزب بـ 31 مستشارا في المجالس الجهوية؛ منفردا، و79 مستشارا مع حلفائه، وهو ما يعد مكسبا في ظل ارهاب السلطة العسكرية المسيطرة على مقاليد الحكم والتي تهدد حاليا الحزب بإجراءات لم تحددها. وقد حذر "محمد محمود السيدي" رئيس حزب "تواصل" في مؤتمر صحفي بمقر الحزب عقب ظهور النتائج وتهديد جنرال الانقلاب لحزبه، من الدفع نحو توتير الوضع في موريتانيا، ومن استيراد المعارك الخارجية لأن ذلك «لا يخدم موريتانيا ويتحمل مسؤوليته ما يترتب عنه»، داعيا المعارضة للتعجيل بتقويم الوضع واتخاذ خطوات تمنع الحكم الاستثنائي،…

تابع القراءة

معركة طرابلس 2018 .. هل تحسم مصير الحل السياسي في ليبيا؟

  معركة طرابلس 2018 .. هل تحسم مصير الحل السياسي في ليبيا؟   معركة طرابلس، هي سلسلة من الأعمال القتالية التي استمرت قرابة الشهر في طرابلس، العاصمة الليبية ومركز حكومة الوفاق الوطني، حيث استمرت الاشتباكات من 26 أغسطس حتى وقف إطلاق النار في 29 أغسطس ثم استؤنفت مرة أخرى في 20 سبتمبر، عندما أحكم لواء الصمود، بقيادة صلاح بادي سيطرته على معسكر حمزة في جنوب طرابلس بعد طرد قوات "اللواء السابع" التي فجرت الازمة بسعيها لغزو طرابلس، ولقى خلالها 115 شخص مصرعه. وعلي مدار قرابة شهر كامل عاشته العاصمة طرابلس تحت وطأة الحرب ووابل الرصاص، خلفت الاشتباكات أكثر من 130 قتيلا، وأكثر من 385 جريحا حسب الإحصائية الرسمية الصادرة عن وزارة شؤون الجرحى بحكومة الوفاق الوطني. وفتحت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، منذ 26 أغسطس 2018، وشارك فيها قرابة 8 قوى مسلحة، واستُخدِمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة من جانب كتائب مسلحة قادمة من جنوب العاصمة (اللواء السابع، ترهونة) والكتائب الموالية لحكومة الوفاق الوطني، الباب امام تسريع الحلول السياسية لإنهاء هذا الوضع الغير مستقر. إذ أن الكتائب المسلحة التي تسيطر على طرابلس ومحيطها، يطغى على تشكيلاتها ذات البعد القبلي والجهوي والأيديولوجي، على نحو يُصعِّب رصد خريطة تحالفاتها وأسباب تحركاتها الميدانية، إضافة إلى تأثير العامل الخارجي الذي يزيد المشهد السياسي والأمني الليبي تعقيدًا، ما دفع الامم المتحدة للتدخل وابرام اتفاق لوقف إطلاق النار يوم 4 سبتمبر، وحرك حكومة الوفاق الوطني للبحث عن اتفاق دائم ومستمر للسلام. ويشكل الواقع الميداني المتشابك الذي تشهده طرابلس ومحيطها، وفوضى السلاح، وانتشار الكتائب، وفشل حكومة الوفاق الوطني في إعادة هيكلة القوى الأمنية ودمج الكتائب المسلحة في جهاز أمني موحَّد يتبع وزارة الداخلية، فضلًا عن دور القوى الإقليمية والدولية المؤثر في العملية السياسية وتَعارُض مصالحها الأمنية والاقتصادية في ليبيا، عقبات أمام هذا الحل الدائم في ليبيا. بيد أن معارك طرابلس اظهرت مع هذا حجم كل قوة عسكرية وتأثيرها ما قد يدفع حكومة الوفاق للتنسيق مع هذه القوى المؤثرة لضمان مشهد أمني وعسكري مستقر في العاصمة يدفع باتجاه مشهد أخر اوسع في كل ليبيا بالتفاوض مع قوات حفتر في شرق ليبيا وتوحيد البلاد تحت سلطة موحدة. ماذا حدث في طرابلس؟ تعج طرابلس بعدد كبير من الكتائب المسلحة ذات المشارب الأيديولوجية والسياسية المختلفة، والمؤثرة في المشهد الأمني والسياسي، وقد حاولت حكومة الوفاق الوطني، منذ دخولها طرابلس في مارس 2016، مهادنة هذه الكتائب المسلحة التي تُحكِم القبضة الأمنية والعسكرية على العاصمة، وعقدت اتفاقيات مع عدد منها، من أجل تسهيل عملها داخل العاصمة، وضمان أمنها، مقابل منحها دورًا فاعلًا في العملية السياسية، ودفع رواتب جنودها. وحاولت الحكومة، في ظل هذه البيئة الأمنية والعسكرية المعقدة، العمل على إيجاد ترتيبات خاصة بوزارة الدفاع؛ فوفقًا للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي الليبي، المعروف باتفاق الصخيرات، فإن مجلس رئاسة الوزراء هو المسؤول عن القيام بأعمال القائد الأعلى للجيش الليبي. وبناءً على ذلك، صدر عنه القرار رقم 2، بتاريخ 9 مايو 2016، القاضي بإنشاء "الحرس الرئاسي"، ومقرُّه طرابلس، وتتلخص مهماته في تأمين المقارّ الرئاسية السيادية والمؤسسات العامة في الدولة، وتأمين الأهداف الحيوية، ومنها منافذ الدخول البرية والبحرية والجوية. وشكل هذا القرار خطوةً لإعادة ترتيب أوضاع الجيش وهيكلته، بحكم أنه يعاني عدم الكفاءة والجاهزية، كما يعاني تشتت الولاء؛ إذ تُقاتل عناصر منه تحت قيادة الانقلابي خليفة حفتر في الشرق، بينما تتبع عناصر أخرى منه حكومة الوفاق. لكن حجم التحديات والصعوبات الكبير الذي واجه حكومة الوفاق أدى إلى فشلها في تنفيذ تلك القرارات؛ نتيجة رفض عدد كبير من الكتائب المسلحة الانخراط في العملية السياسية، والتحول إلى قوات شرطية وأمنية تحت إمرة حكومة مركزية. ونتج عن هذا أن أصبحت حكومة الوفاق الوطني أسيرة الكتائب المسلحة ذات التوجهات والمصالح المتناقضة؛ على نحو انعكس سلبيًا على المشهد الأمني والعسكري في طرابلس ومحيطها، وأدى الخلل في توازنات القوى، وتعارُض المصالح بين الكتائب المسلحة، إلى الاقتتال والاشتباك وتدهور الوضع الأمني. أول هذه الخروقات العسكرية التي اظهرت فوضي الميليشيات، كانت سيطرة قوات تابعة لرئيس حكومة الإنقاذ الليبية السابق، خليفة الغويل، في يناير 2017 على مقارّ وزارات سيادية مهمة في طرابلس (وزارات: الدفاع، والاقتصاد، والعمل، والجرحى، والعدل)، لكن سرعان ما استعادت قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني تلك المقارّ. ثم دارت اشتباكات بين مجموعات مسلحة، يقودها صلاح بادي، قائد "لواء الصمود" التابع لحكومة الإنقاذ، والذي قاد عملية عسكرية أُطلق عليها اسم "فجر ليبيا"، لتحرير طرابلس من المجموعات المسلحة سابقا، وقد تصدَّت له قوات عبد الغني الككلي التابعة للمجلس الرئاسي. لذلك جاءت الاشتباكات التي شهدتها طرابلس، بداية من 26 أغسطس 2018، استمرارًا للمعضلة الأمنية التي تواجه حكومة الوفاق الوطني؛ حيث أدى انهيار الأمن في مناطق الاشتباكات إلى انتشار العصابات في الشوارع، وفرار مئات المجرمين من السجون. وكان ملفتا أنه عقب تقدم لواء الصمود، بقيادة صلاح بادي، باتجاه طرابلس، قرر اللواء السابع الانسحاب والعودة إلى معقله في ترهونة. ورغم توقيع الامم المتحدة اتفاق لوقف إطلاق النار في 4 سبتمبر 2018، تجددت الاشتباكات في محيط طرابلس، بعد أسبوع من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار؛ وأُطلِقت في 11 سبتمبر 2018، صواريخ في اتجاه مطار معيتيقة في طرابلس، أوقفت الملاحة الجوية في المطار وتحويل الرحلات إلى مطار مصراته، قبل ان تعود الحركة مرة أخري. كما استهدف هجوم انتحاري تبنَّاه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المؤسسة الليبية للنفط، بخلاف هجوم سابق لهم على لجنة الانتخابات أسفر عن قتل 15 شخصا. كيف توقفت الحرب فجأة؟ الأغرب أنه حين توقفت الحرب في العاصمة طرابلس، لم يتم الإعلان كيف توقفت وعلى أي أساس وضع المتقاتلون السيوف في أغمادها؟ ولم ينشر سوي خبر فريد وحيد نقلا عن أحد أعيان ترهونة يقول إن الأمور تسير وفق ما تم الاتفاق عليه بين أعيان مدينته وأعيان طرابلس، دون إشارة إلى طبيعة الاتفاق، حيث استمر مجلس أعيان ترهونة في تأكيد أنهم ماضون في الحرب إلى أن تتحقق أهدافهم التي يبدو أنها لم تتحقق، ما يعد هدوء دون ضمانات. ويفسر مدير "المركز الليبي للبحوث والتنمية"، السنوسي بسيكري، تراجع المهاجمين (اللواء السابع) عن خطتهم لاحتلال طرابلس لعدة اسباب منها:  أنهم" فشلوا عسكريا من جهة أنهم أشعلوا حربا كانت لها نتائج سلبية أهمها ترويع المواطنين وتعريضهم للمخاطر ودفع الآلاف منهم للنزوح". أنهم تلقوا خسائر في صفوفهم مع الفشل في إحراز تقدم يكافئ حجم الخسائر بعد أن تبين لهم أن هناك استماتة في المقاومة من قبل المدافعين. ضغط الخارج ودور الأطراف الدولية المعنية بالملف الليبي، ومعروف أن دورها أكثر تأثيرا خاصة إذا كانت واشنطن حاضرة من خلال مندوبها "ستيفاني ويليامز"، ففي معظم اللقاءات التي عقدتها ويليامز مع العديد من الفرقاء والفاعلين الليبيين بعد تسلمها منصبها كان تركيزها على السير ضمن مسارين هما الترتيبات الأمنية…

تابع القراءة

مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد.. إنصاف للأسرة أم تقنين لأفكار السيسي الشاذة حول الطلاق؟

 مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد.. إنصاف للأسرة أم تقنين لأفكار السيسي الشاذة حول الطلاق؟ في تصريحات خلال مؤتمر الشباب الذي انعقد في أواخر يوليو الماضي "2018" بجامعة القاهرة،  تناول الجنرال عبدالفتاح السيسي مشاكل الطلاق، وقال "إن المجتمع به الكثير من القضايا الخطيرة، منها وصول نسب الطلاق إلى 44%، وهذا يعني أن 100 حالة زواج يحدث فيها تقريبًا 50% طلاق ..إذا كان في 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر، يوجد 15 مليون طفل بدون أب وأم بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق». هذه التصريحات اعتبرت رسالة واضحة من السيسي للبرلمان والمؤسسات داخل الدولة بضرورة تمرير مشروع قانون الأحوال الشخصية، ويدفع نحو التعجيل بذلك أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تكشف أن  عدد إشهادات الطلاق في 2017 بلغ ، 198269 إشهادًا مقابل 192079 عام 2016 بنسبة زيادة قدرها 3.2٪. كما يملك الجهاز بيانات كارثية عن نسب الطلاق في مصر، إذ تشهد مصر أعلى نسب الطلاق فى العالم تصل إلى 600 حالة طلاق يوميا بما يصل لـ 25 حالة طلاق كل ساعة واحدة!. وكان السيسي قد بدأ بالدعوة إلى هذه البدعة، خلال احتفالاته بما يسمى بعيد الشرطة في 24 يناير 2017، مطالبا بإصدار  قانون يقضي "بألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون"، أي حظر الطلاق شفويا، واستعان السيسي وقتها ببيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بأن  40% من المتزوجين يطلقون خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، معتبرا أن هذه "نسبة كبيرة ويكون لها سلبيات على الأسرة والأجيال" المقبلة. وتوجه السيسي بعد ذلك إلى شيخ الأزهر أحمد الطيب -الذي كان يحضر الاحتفال- قائلا له بالعامية "والا إيه يا فضيلة الإمام؟"، ثم أردف "تعبتني يا فضيلة الإمام".  وبعدها بدأت حملات ضارية تنال من الأزهر والشيخ أحمد الطيب بهدف إجباره على مزيد من الركوع والتسليم لتوجهات وسياسات الجنرال السيسي. وبالرغم من أن طلب السيسي مثّل ما يشبه "اختبار قوة" مع الأزهر بعد الحملة الإعلامية على الطيب، فإن هيئة العلماء بالأزهر رفضت طلب جنرال الانقلاب واعتبرته  مخالفا للأصول الشرعية. وأصدرت في فبراير 2017  بيانا، -لوحظت فيه الحدة غير المسبوقة- دعا  المسلمين إلى الحذر مما وصفها بالفتاوى الشاذة التي ينادي بها البعض؛ واكدت أن "وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبي… دون اشتراط إشهاد أو توثيق". وأكدت الهيئة أنها ترى أن ظاهرة شيوع الطلاق لا تقضي باشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعجزه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، مشيرة إلى أن كافة إحصاءات الطلاق المعلن عنها مثبتة وموثقة سلفا إما لدى المأذون أو أمام القاضي. وتابعت أن العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها، وتثقيفهم من خلال ما وصفته بالفن الهادف والتعليم الجاد والدعوة الدينية الجادة. ورغم إصرارها على شرعية الطلاق شفويا، فإن الهيئة أكدت أن "من حق ولي الأمر (أي رئيس الدولة) شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة على من امتنع عن التوثيق (للطلاق الشفوي) أو ماطل فيه، لأن في ذلك إضرارا بالمرأة وبحقوقها الشرعية".   مشروع القانون أمام البرلمان وخلال دورة الانعقاد الرابع التي بدأت أول أكتوبر الجاري 2018، يناقش البرلمان مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، وسط مخاوف كبرى، تنتاب الأوساط الإسلامية والشعبية، من اتخاذ الجنرال الأوضاع المزرية التي تسبب فيها قانون الأحوال الشخصية الحالي في تمرير توجهاته المخالفة للشريعة الإسلامية حول عدم الاعتداد بالطلاق الشفوي إلا إذا تم توثيقه؛ يعزز من هذه المخاوف باقي تصريحات السيسي أيضا في مؤتمرات الشباب  حيث أضاف «….وحينما تحدثت عن ضرورة عمل تشريع لتوثيق الطلاق هُوجمت، أنا مش زعلان، لكن محدش قال إن التشريع على الأقل مع التطور اللي حصل في المجتمع على مدار ما يزيد عن 1000 عام، ميحقش ليا إن أحمي المجتمع، وهل ده مجتمع في استواء ولا إحنا رايحين للعدمية". والسيسي هناك يمارس التدليس والكذب البواح بادعائه أن قوانين الأسرة لم تحم المجتمع طوال أكثر من ألف سنة، في تعريض واضح بالشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، رغم أن مشاكل الأسرة لم تظهر إلا مؤخرا خلال العقود الست الأخيرة فقط، بعد أن تم استيراد قوانين غربية لأوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية فأفضت إلى كوارث كبرى تزامنا مع سيطرة جنرالات العسكر على الحكم في انقلاب 23 يوليو 1952م. وثمة تصارع على تقديم مشروع للقانون بين جهات متعددة؛ فالأزهر يعد  مشروع قانون يحاول فيه أن يراعي عدم الصدام مع نصوص الشريعة وتحقيق قدر من التوازن بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة دون الانحياز لطرف على حساب آخر ، بينما تمكنت النائبة عبلة الهواري عبر مساندة من منظمات نسوية على الأرجح تقف وراءها  جهات أمنية في تقديم مشروع قانون تحاول من خلاله تحت دعاوى حقوق المرأة أن يكون القانون الجديد أكثر انحيازا للمرأة من القانون القائم. بينما تسعى شخصيات وأحزاب إلى تقديم أطروحاتها الخاصة بمشروع القانون الجديد الذي يحدد طبيعة العلاقة داخل الأسرة بمكوناتها الثلاثة الزوج والزوجة والأطفال.   مشروع قانون عبلة يلبي مطالب السيسي وكشفت عبلة الهوارى، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان وصاحبة مشروع القانون الخاص بتعديل قانون الأحوال الشخصية أن  القانون القائم به إشكاليات وثغرات كثيرة ، ومن ثم قرر النواب تعديل بعض المواد، مؤكدة أنها تقدمت بمشروع قانون لتعدل بعض أحكام القانون وتم عرض المشروع على هيئة المجلس ومن ثم تم إحالته إلى اللجنة الشئون التشريعية والدستورية لمناقشته ويتكون المشروع من 5 أبواب و220 مادة وهو عبارة عن مشروع قانون متكامل وليس  مجرد تعديلات على القانون القائم. ومشروع القانون ينظم عملية الزواج بداية من الخطبة والأضرار المترتبة على فسخ الخطبة، مرورا بالزواج والحضانة والنفقات والرؤية. ومن أبرز النقاط الخلافية في القانون.. أولا، ما يتعلق بالرؤية والاستضافة والطلاق، والنفقة، نص المشروع على أن تكون الولاية التعليمية للأب، ويقدر القاضي النفقة حسب مدى سعة الملزم بالإنفاق وما ثبت من إجمالي صافى دخله الشهري مراعيا النسب من 10% حتى 25% من صافى الدخل الشهري وتكون من 30% حتى 40% في حالة وجود أكثر من واحدة ومن 10% وحتى 25% للوالدين أو أيهما، ومن 10% حتى 40% للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما، وأن تكون 15% حتى 50% للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوالدين أو أيهما، على أن ينشأ نظام تأميني للأسرة لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير النفقة، وإذا امتنع عن السداد يحبس 30 يوما. ثانيا، ترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه إلا أذا أخفاه الزوج عن الزوجة، فلا يترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به". ويلبي مشروع قانون عبلة مطالب وأفكار السيسي الشاذة…

تابع القراءة

اقتصادات الفقر معاناة أكثر للمصريين بلا حلول

   اقتصادات الفقر  معاناة أكثر  للمصريين بلا  حلول   يتواصل العجز  المزمن في الموازنة العامة المصرية، والذي بلغ هذا العام(2018/2019) حوالي 438 مليار جنيه، بخلاف فوائد الدين العام التي وصلت إلى مستويات  قياسية بلغت 541 مليار جنيه لأول مرة في تاريخ البلاد، بينما وصل حجم الدين الخارجي إلى «92.90» مليار دولار حتى يونيو الماضي 2018م، بعد أن كان 43مليارا فقط في 30 يونيو 2013م. وقفز الدين المحلي  من 1.5 تريليون جنيه في يونيو 2013م، إلى حوالي "3.4" تريليون جنيه، بزيادة قدرها حوالي تريليوني جنيه مصري"2000 مليار جنيه"! وتمثل أقساط وخدمة الدين نحو 48% من إجمالى الموازنة العامة، حيث تصل أقساط الدين فى حدود 267 إلى 270 مليار جنيه، وفوائد الدين 541 مليار جنيه، من إجمالى الموازنة التى تصل إلى نحو تريليون و700 مليار جنيه[1]. وبحسب تصريحات سابقة لوزير المالية السابق، عمرو الجارحي، فإن الدين العام المصري تضاعف تقريبا فى آخر 5 سنوات إلى 5 أضعاف، حيث كان يتراوح بين 700 و800 مليون جنيه منذ 5 أعوام ليرتفع إلى 3.8 تريليون جنيه، وهو ما يمثل نحو 108% من الناتج المحلي الإجمالي والذى بلغ 3.5 تريليون جنيه خلال العام المالي 2016-2017، بينما وصل حجم الديون إلى "5" تريليون في يونيو 2018 ما يعني أن نسبة الدين العام للناتج القومي  الإجمالي لا تقل عن 125% !. وخلال لقاء الدكتور محمد معيط، وزير المالية الحالي بحكومة العسكر، يوم الخميس 27 سبتمبر الجاري، مع أعضاء غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بمصر برئاسة محمود القيسي، وبحضور ستيفان رومانيه السفر الفرنسى بالقاهرة والقنصل الفرنسى العام و سفراء دول قبرص و سنغافورة،  أوضح معيط أن الدولة تستهدف فى عام 2018- 2019 انخفاض الدين العام للناتج المحلى ليصل إلى 92% ، والعمل على إعداد برنامج إصلاح هيكلى للاقتصاد المصرى يستهدف خفض الدين العام إلى 70% خلال 4 سنوات، وسيتم عرضها على  الجنرال عبدالفتاح السيسي خلال أسبوعين[2]. وأضاف معيط أن وزارة المالية تنفذ حاليا خطة لتطوير منظومة الضرائب من خلال إعادة هيكلة كاملة لمصلحة الضرائب المصرية، بحيث يتم دمج قطاعات الدخل والقيمة المضافة فى مصلحة واحدة، وأشار الى أنه خلال منتصف أكتوبر المقبل ستصل بعثة صندوق النقد الدولى ، لإجراء المراجعة الدورية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، فى حين أن إعلان نتيجة المراجعة سيتم فى ديسمبر المقبل لاستلام الشريحة الخامسة من قرض الصندوق. الغريب والعجيب أنه بالتزامن مع تصريحات وزير المالية، نشر موقع الوزارة بيانات تؤكد اعتزام الوزارة  إصدار أدوات دين خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي بقيمة 498.750 مليار جنيه، تقع معظمها في إصدارات لا تزيد آجالها على عام، وفقاً لبيانات الوزارة على موقعها الإليكتروني[3]. كما أعلن الوزير في ذات التصريحات عن اقتراض 5 مليارات دولار من خلال بيع سندات في الأسواق الأوروبية والآسيوية مع بداية شهر أكتوبر الجاري[4]. وللوصول إلى هذه المعادلة الصعبة (خفض الدين العام وزيادة الموارد) في ظل تراجع أو ثبات مصادر الدخل القومي الأساسية من تصدير إلى تحويلات المصريين بالخارج وقناة السويس والسياحة، فإن الحديث عن زيادة الموارد مع عدم قدرة النظام على إدارة موارد الدولة بصورة صحيحة لزيادة الإنتاج يؤكد أن النظام سيلجأ كعادته إلى جيوب المواطنين، لزيادة الموارد عبر  عدة آليات نستعرض بعضها. وعبر زيادة إيرادات الضرائب وضم الاقتصاد الموازي للموازنة العامة للدولة وزيادة إيرادات الجمارك وطرح الشركات الناجحة بالبورصة وتقليص أعداد موظفي الدولة يسعى النظام لتحقيق المعادلة الصعبة؛ وإن كانت مخاطر ذلك كبيرة وعلى رأسها زيادة منسوب الغضب الشعبي لأنها إحراءات تسهم في مضاعفة معاناة المواطنين.   أولا:  زيادة إيرادات الضرائب وتعد الضرائب المصدر الرئيس لموارد الموازنة المصرية منذ عدة عقود، لكن اعتماد الحكومة عليها تضاعف خلال سنوات ما بعد انقلاب 30 يونيو 2013م، عبر  تشديد الحكومة في جباية الضرائب وزيادة نسبتها وسن ضرائب جديدة مثل القيمة المضافة وغيرها. وفي الخميس 13 سبتمبر الماضي، وجَّه الجنرال السيسي رئيس حكومته مصطفى مدبولي ووزير ماليته محمد معيط بالاستمرار في جهود إنهاء وفض المنازعات الضريبية، ودراسة أفكار جديدة لزيادة عائدات الدولة، وخفض المديونية بها، وعجز الموازنة العامة، من خلال التوسع في تطبيق النظم الإلكترونية الحديثة لإدارة التدفقات المالية، بما يساهم في عملية الإصلاح المالي، ويرفع من كفاءة إدارة الإنفاق العام، وتعظيم موارد الدولة. كذلك شدّد على سرعة البدء في إعادة هيكلة مصلحة الضرائب، وتطويرها، وفق تخطيط استراتيجي متكامل يلتزم بمعايير الجدارة والحوكمة، بحيث تتمكن من تأدية مهامهما بالمرونة والسرعة في اتخاذ القرارات، وتقديم الخدمات الميسرة للمواطنين، خاصة أصحاب الأعمال والمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، من دون مساس بحقوق الدولة. وتستهدف حكومة السيسي زيادة الحصيلة الضريبية المحصلة من المصريين بنسبة 23.4%، في العام المالي الحالي (2018 /2019)، لتصل إلى نسبة 14.7% من الناتج المحلي الإجمالي، بواقع 770 ملياراً و280 مليون جنيه، من جملة إيرادات مستهدفة تبلغ 989 ملياراً و188 مليون جنيه، بنسبة تصل إلى 77.8%.[5] وفي سياق العمل على تحسين منظومة الضرائب، كشفت عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الدكتور محمد فؤاد، أن الحكومة بدأت في وضع مستهدفات للتحصيل الضريبى من الناتج المحلى، وأن ما يتم حاليا هو  تحصيل 15% وخطة الحكومة تستهدف الوصول إلى 18% عام 2020، ثم  20%  من الناتج المحلي الإجمالي خلال 3 سنوات، موضحا أن التحصيل الضريبى فى موازنة 2018-2019 بلغ 777 مليار جينه، قائلا: «بلد بحجم مصر ضرائبها على الأقل المفروض تكون تريليون و200 مليار، ولو وصلنا لهذا الرقم لن يكون لدينا عجز بالموازنة»[6]. وهذه التصريحات تكشف أن خطة السيسي لتقليص العجز في الموازنة تعتمد أساسا على جيوب المواطنين من خلال زيادة نسبة الضرائب فإذا كان ما يتم تحصيله حاليا حوالي "770" مليارا والعجز 438 مليار جنيه، فإن الوصول بالحصيلة الضريبية إلى "1200" مليارا يعني القضاء على عجز الموازنة من جيوب المواطنين ومحدودي الدخل. كما يتجه النظام نحو التوسع في تحصيل الضريبة العقارية ، حيث أعلنت وزارة المالية مؤخرا بدء تطبيق الضريبة العقارية على العقارات بأثر رجعي، منذ صدور القانون مطلع يوليو/ تموز 2013، وخضوع الفنادق والمنشآت السياحية لها، وفقا لمختصين بالقطاع السياحي. وفي يوليو الماضي، تقدمت غرفة المنشآت السياحية بمذكرة لوزارة المالية، للمطالبة بتأجيل سداد الضريبة العقارية المفروضة على المنشآت السياحية بطريقة عشوائية، بحسب وصفها. وكان الجنرال السيسي قد أقر تعديلات على قانون الضريبة العقارية في أغسطس/آب 2014، ألزم فيها وزارة المالية بتحديد معايير الأنشطة الصناعية والسياحية لتطبيق الضريبة عليها. وتقول سامية حسين، رئيس مصلحة الضرائب العقارية بمصر، في تصريحات سابقة، إن إجمالي حصيلة الضريبة العقارية بلغ نحو 3 مليارات جنيه (168.161 مليون دولار) خلال العام المالي 2017/2018، مقابل 1.992 مليار جنيه (111.6 مليون دولار) في العام المالي 2016/2017. وتستهدف وزارة المالية المصرية جمع حصيلة ضريبية من العقارات بنحو 5.4 مليارات جنيه (302.6 مليون دولار) خلال العام المالي الحالي 2018/2019.[7]   ثانيا،…

تابع القراءة

حرب نظام السيسي على «الأزهر »..الأسباب والنتائج

 حرب نظام السيسي على «الأزهر »..الأسباب والنتائج   في أواخر شهر أغسطس الماضي 2018، أعلن قطاع المعاهد الأزهرية عن فتح الباب أمام الراغبين في التحويل من معاهد الأزهر إلى مدارس وزارة التربية والتعليم، وكذلك أمام الراغبين في التحويل من مدارس التربية والتعليم إلى المعاهد الأزهرية، وذلك لمدة شهر، بكافة أنحاء الجمهورية، مع مراعاة الضوابط التي سبق وضعها، وتشدد على مراعاة كثافة الطلاب عند التحويل من وإلى المعاهد الأزهرية ومدارس التربية والتعليم. الإعلان عن التحويلات كل عام أمر طبيعي، لكن الأكثر خطورة هو إحصائية كشف عنها مسئول بقطاع المعاهد الأزهرية عن تزايد رغبة طلاب التعليم الأزهري في التحويل إلى التعليم الحكومي، موضحا أن 27 ألف طالب وطالبة من معاهد الأزهر حولوا بالفعل أوراقهم إلى مدارس التربية والتعليم[1]. وتنقل "الأهرام" عن الشيخ جعفر عبدالله، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية السابق، أن عدد الطلاب الذين حولوا أوراقهم في سنة 2014 إلى مدارس التعليم الحكومي بلغ 86 ألف طالب وطالبة[2]. وبلغ طلاب المعاهد الأزهرية في عام 2012/2013 مليونين و26 ألف طالب وطالبة،  لينخفض العدد بالعام الدراسي التالي بنحو عشرة آلاف تلميذ، ثم بنحو 89 ألف تلميذ ثم بنحو 54 ألف ثم بنحو 28 ألف تلميذ، ليصل العدد إلى مليون 754 ألف بعام 2016/2017 ، بنقص 272 ألف تلميذ خلال أربع سنوات دراسية رغم زيادة عدد السكان[3]. وبتفاصيل أكثر تكشف الأرقام عن تراجع  عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية الأزهرية من  مليون و206 آلاف تلميذ عام 2009-2010 إلى 937 ألف تلميذ بعام 2016-2017، بتراجع قدره (260 ألفا)، كما تراجع عدد تلاميذ الإعدادي الأزهري من 485 ألف تلميذ عام 2011-2012 إلى 401 ألف تلميذ، وبعام 2016-2017م، بتراجع قدره (84ألفا). ولا يقف التراجع عند عدد التلاميذ والطلاب بل يمتد إلى عدد الفصول للابتدائي الأزهري والتي انخفضت من ما يقرب من 37 ألف فصل عام 2010 إلى 30 ألف فصل عام 2017 ، وكذلك لفصول التعليم الإعدادي الأزهري من ما يقرب من 16 ألف فصل عام 2012 إلى أقل من 14 ألف فصل إعدادي أزهري عام 2017 ، وشمل الانخفاض أيضا فصول معاهد القراءات. ويعترف الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق والأمين العام الحالي لهيئة كبار العلماء، بهذه المشكلة نافيا وجود إحصاء دقيق بذلك، مشيرا إلى أن هذه ليست سابقة أولى، ففى كل عام تتم تحويلات، وهو أمر لا يقلقنا. مؤكد أنه تم إنشاء لجنة لإصلاح التعليم الأزهري لبحث أسباب التراجع ووضع خطة لعلاج جوانب الخلل والقصور.   مدارس بلا تعليم الغريب في الأمر ، أن هذه التحويلات من  التعليم الأزهري إلى العام، تأتي في ظل تردي وانهيار منظومة التعليم الحكومي باعتراف وزير التعليم نفسه الدكتور طارق شوقي الذي أكد أن مصر وصلت إلى القاع في مستوى التعليم وليس لدنيا ما نخسره[4]. وهو ما أكد عليه أيضا أحمد خيري، المتحدث باسم الوزارة، في 17 أغسطس الماضي خلال  مداخلة هاتفية مع برنامج "مانشيت" الذي يقدمه  جابر القرموطي، مؤكدا أن مصر تقبع في قاع الترتيب العالمي لمستويات التعليم قائلا: "إحنا في المركز 148 من 148 في التعليم على مستوى العالم، يعني في المركز الأخير ومعندناش حاجة نبكي عليها". فالتعليم في مصر يسير من سيئ إلى أسوأ، حيث  احتلت مصر  مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي، وفقًا لمؤشر التنافسية العالمية، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، للعام 2017 / 2018. الذي تناول وضع التعليم في 137 دولة، وجاءت مصر في المركز 129 في جودة التعليم، والمركز 130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات، والمركز 124 في جودة إدارة المدارس، والمركز 119 في توصيل المدارس بالانترنت". وفي التعليم الأساسي، حصلت مصر على المركز 93 دولة، والمركز 133 في جودة التعليم الأساسي، والمركز 87 في معززات الكفاءة. وفي مجال التعليم العالي والتدريب، جاءت مصر في المركز 100 من أصل 137 دولة. وبخصوص الالتحاق بالتعليم، احتلت مصر المركز 33 في معدل الالتحاق بالتعليم، والمركز 84 في معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي، والمركز 76 في معدل الالتحاق بالتعليم العالي، وذلك من بين 134 دولة.   أسباب تراجع التعليم الأزهري ويربط البعض هذا التراجع بالهجوم الإعلامي على الدراسة بالأزهر واتهامه بأنه مفرخة للمتطرفين، مما دفع كثير من أولياء الأمور لتحويل أبنائهم من التعليم الأزهري إلى التعليم العام إلى جانب الصورة الإعلامية عن صعوبة التعليم الأزهري وكثرة مقرراته الدراسية، وتخلفه ونقص إمكاناته من المدرسين المتخصصين والمعامل، وتدنى نتائج شهاداته خاصة الثانوية الأزهرية التي بلغت عام 2015 نسبة الناجحين بها 41% فقط . وحول أسباب تراجع التعليم الأزهري،  فإنه يمكن أن نعزو ذلك لعدة أسباب: أولا، حجم المواد، فالمواد التي يدرسها طالب الأزهر في مراحل التعليم الأساسي والثانوي وحتى الجامعي تفوق كثيرا حجم المواد التي يدرسها تلاميذ وطلاب التعليم العام، فإلى جانب المواد الأساسية من لغة عربية وحساب وإنجليزي وعلوم ودراسات اجتماعية فإن تلاميذ وطلاب الأزهر يدرسون أيضا المواد الشرعية من حفظ قرآن وتفسير وفقه وحديث وعلوم التوحيد. وهو ما يضاعف  من  مشاق التعليم الأزهري ويجعل التلاميذ مشتتين بين كثرة المواد وصعوبة بعضها. وبهذا الشأن يقول شومان: «فى كل الأحوال نبحث أسباب هذه التحويلات، وتم تكوين لجنة لإصلاح التعليم، وتبين لنا أن مناهج الأزهر كبيرة وشاقة على الطالب، فهو أصبح مشغولا بأمور أخرى، ولم تعد لديه القدرة على تحمل عبء هذه المناهج، فمهمة اللجنة تخفيف المناهج وربطها بالواقع المعاصر، فأصبحت المواد الأزهرية التى يتم تدريسها للطلبة فى المرحلة الإعدادية ثلاث مواد فقط إضافة إلى القرآن والمواد الثقافية». ثانيا، من ضمن الأسباب التي أدت إلى تراجع مستوى التعليم الأزهري، والعام في نفس الوقت، تراجع أعداد المعلمين وضعف الكفاءة والمهنية فيما بينهم، وجهل غالبية المعلمين الذين تربوا على نفس المنظومة التعليمية الفاشلة، لذلك كان طبيعيا أن تخرج لنا هذه المنظومة مدرسا محدود الإمكانيات لا يملك شيئا لينقله للطلاب إلا تلقينهم المقررات التي ربما لا يعرف المعلم نفسه عنها إلا قليلا، هذا بخلاف حالة البؤس التي يعاني منها المدرس في المعاهد الأزهرية من حيث ضعف المرتبات والحوافز مع صعوبات المعيشة ما يجعل  المعلم غير قادر على العطاء  والابتكار والإبداع في وسائل ووسائط التعليم للحصول على أعلى مستوى من التحصيل الدارسي. ثالثا، ضعف مستوى الإدارة وتهالك المباني التي بات بعضها آيلا للسقوط،  وعدم الاعتماد على الوسائل الحديثة في وسائل التعليم واستخدام الوسائط التعليمية والتي تجعل من العملية التعليمية تتمتع بقدر من التسلية والترفيه عبر  استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في العملية التعليمية، بينما اتصفت مناهج التعليم الأزهري بالجمود وعدم التطور مع المعطيات الحديثة وبعضها لا يزال يناقش قضايا عفا عليها الزمن ولا تتسق مع الواقع الحالي. فالمناهج وطرق التعليم، من الأسباب المنفرة من التعليم الأزهري؛  فكثير ممن يقومون بإعداد المناهج غير متخصصين، وكذلك المعلمون، فالآن أصبحت المعاهد الأزهرية ساحة لعصابات تعليمية وليست مدرسين، فكثيرة هى الاسباب سواء…

تابع القراءة

التهجير القسري في مصر .. فلسفته واهدافه ومخاطره

 التهجير القسري في مصر .. فلسفته واهدافه ومخاطره     على غرار طرد الاحتلال الصهيوني للفلسطينيين من أراضيهم، استمرت سلطات الانقلاب في طرد الاف المصريين من أراضيهم، فبعد طرد أهالي رفح بسيناء ومناطق أخري في الشيخ زويد والعريش من منازلهم وهدمها، انتقلت العدوي للداخل المصري بتهجير سكان مناطق سكنية ذات قيمة استثمارية كبيرة، ضمن بيزنس جنرالات الجيش منها: الوراق – جزر النيل – مثلث ماسبيرو – مطروح، وغيرها. مبرر التهجير القسري لسكان رفح وسيناء الذي أعلنته سلطة الانقلاب كان منع التهريب عبر الحدود وايواء هذه المناطق للمسلحين والإرهابيين ضد نظام السيسي، ليتبين أن الهدف أكبر ويتعلق بترتيبات مصرية – صهيونية – أمريكية ظهرت دلائها هذه الأيام فيما يسمي "صفقة القرن". وأظهرت مؤشرات ودلائل وتصريحات عديدة أن الهدف من التهجير في سيناء هو رعاية الامن القومي الصهيوني وحماية الحدود الإسرائيلية من هجمات التنظيمات الجهادية التي سبق أن قامت بعمليات داخل إسرائيل وأطلقت صواريخ على ايلات ومدن صهيونية أخري. فيما أظهرت نظريات وتقارير اخري، نشرتها صحف إسرائيلية، ان هدف تهجير أهالي سيناء هو "تبادل أراضي" ضمن خطة السلام المصرية الفلسطينية وصفقة القرن، حيث قيل إن هذه المناطق التي جري تهجير أهالي سيناء منها ستدخل ضمن نطاق غزة، مقابل تهجير عرب إسرائيل الي سيناء، أو التنازل الفلسطيني رسميا عن أراضي مستوطنات في الضفة الغربية. بيد أن دلالات التهجير الذي بدأ لاحقا لأهالي عدة جزر في النيل على رأسها "الوراق" التي يكافح أهلها رافضين التنازل عنها، ومثلث ماسبيرو، وأهالي رأس الحكمة بمحافظة مطروح، أظهر أن الهدف هو "البيزنس" الذي انتشر كالنار في الهشيم عقب الانقلاب بين جنرالات الجيش وشركات خليجية خاصة الإماراتية من اجل إقامة مشاريع استثمارية على هذه الأراضي. حماية إسرائيل وأمنها القومي بدأ إخلاء مدينة رفح الحدودية مع الدولة الصهيونية في اعقاب تصريحات لقائد الانقلاب تدعو لحصار الارهابيين في سيناء ومنع تهريب السلاح وهدم الانفاق بين سيناء وغزة، وتمت على عدة مراحل بدأت من إقامة المنطقة العازلة على الشريط الحدودي مع قطاع غزة شمال شرقي البلاد لتصبح 1500 متر، ثم المرحلتين الثانية والثالثة لمسافة 500 متر لكل مرحلة منهما، وانتهت بمد مساحة هدم كل شيء وإخلاء الارض تماما حتى مسافة 5 آلاف متر من الحدود مع "اسرائيل". وجرى إجبار أهالي رفح والشيخ زويد من قبل الجيش على إخلاء منازلهم ومصانعهم ومساجدهم لهدمها، بعد حصار المدينة لإجبار السكان على المغادرة. وبدأ الهدف في أكتوبر 2014 حيث هدم الجيش المصري في مدينة رفح 837 بيتا ضمن المرحلة الاول، وفِي ذكرى تحرير سيناء ابريل 2015 هدم الجيش 1253 بيتا فيما يسمى بالمرحلة الثانية من انشاء المنطقة العازلة. وفي أكتوبر 2017 بدأ هدم 1250 بيتا في المرحلة الثالثة مضافا اليها حوالي 40 مؤسسة حكومية فيما جملته 1500 متر بطول الحدود مع قطاع غزة في حين تم نقل المقار الحكومية من عمق خمسة كيلومترات حسب ما سرب من خطابات رسمية بالإخلاء وما تم فعلا 3340 بيتا فقط في رفح وفِي اقل من ثلث المساحة المقرر اخلاؤها. وتم بالتوازي مع ذلك هدم أكثر من هذا العدد في قرى جنوب رفح والشيخ زويد وفِي مدينة الشيخ زويد وفِي القرى غرب الشيخ زويد وتجريف آلاف الأفدنة. وعقب الهجوم على طائرة وزير الدفاع والداخلية في مطار الجيش بالعريش جري توسيع منطقة الهدم أكثر لتطال كل ما هو على مسافة 5 كيلو متر من المطار، ثم 10 كم. ومع تصميمه على تعميق وتوسيع المنطقة العازلة في رفح المصرية، شمال سيناء، بدا أن نوايا نظام السيسي في هذا الامر تتعدّى بشكل كبير الأسباب المُعلنة بـ "الحرب على الإرهاب" ومواجهة تنظيم "داعش" في سيناء، بدليل استمرار نفوذ الارهابيين في سيناء بعد الهدف ورغم حملتين عسكريتين موسعتين (حق الشهيد) و(العملية الشاملة). ومع الهدم المتوالي أصبح من تبقي من أهالي رفح المصرية يعيش حالة شديدة من الحصار تُنذر بتحوّل المدينة الزراعية، التي تنتج الخوخ والزيتون والعنب والموالح السيناوية المشهورة بجودتها داخل الأسواق المصرية، إلى مدينة فقيرة لا تتوافر في أسواقها السلع الأساسية والضرورية للعيش. فقد ظهر أن الهدف النهائي للسلطات هو إقامة منطقة عازلة بعمق 5-10 كيلومتر، وإخلائهم تماماً من السكان والمنازل والمنشآت. على أن يتمّ ذلك بمراحل وخطوات. ويتوقّع اهالي أن تُستكمل المرحلة الثالثة التي يجري تنفيذها حالياً، مرحلة رابعة وأخرى خامسة، وصولاً للمنطقة العازلة. وتشمل المرحلة الحالية للتهجير مناطق غرب وجنوب رفح، وصولاً إلى التماس مع حدود وسط المدينة.   التهجير القسري مخالف للقانون الدولي ونشرت "هيومان رايتس وواتش" تقريرا تفصيليا عام 2015 من 84 صفحة، عن عمليات الهدم في رفح، وصفت فيه ما يجري بانه "تهجير قسري"، وأن ما قام به الجيش المصري من تهديم جماعي وإخلاء قسري لمنازل نحو 3200 عائلة في شبه جزيرة سيناء "كان انتهاكا للقانون الدولي". وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن تدمير المنازل والأحياء السكنية وأرزاق الناس هو نموذج مثالي لكيفية الخسارة في حملة لمكافحة الإرهاب، وأن على مصر أن تشرح لماذا لم تستغل التقنيات المتاحة للكشف عن الأنفاق وتدميرها، ولجأت بدلاً من هذا إلى محو أحياء سكنية بأسرها من على الخريطة". مشيره الي تلقى أفراد الجيش المصري تدريبا من قبل الولايات المتحدة منذ 2008، للكشف عن الأنفاق وتدميرها بغير حاجة إلى تدمير الآلاف من المنازل والمباني قرب الحدود، ولكنها فضلت نسف عشرات المنازل، كما لم تقدم الحكومة المصرية أدلة على تلقي المسلحين للدعم العسكري من غزة. وقالت هيومن رايتس ووتش أن السلطات المصرية لم توفر للسكان سبلاً فعالة للطعن على قرارات الإخلاء أو هدم المنازل أو مبالغ التعويض، وكل هذه الأفعال تنتهك تدابير الحماية المتاحة للسكان الذين يتم إخلاؤهم قسراً والمبينة في اتفاقيات أممية وأفريقية دخلت مصر طرفاً فيها، وربما تكون قد انتهكت قوانين الحرب أيضاً". أيضا شكك تقرير للإذاعة البريطانية BBC في المنطقة العازلة في سيناء وتساءل: هل هي ضرورة أمنية أم اخلاء قسري؟ ونقلت عن نشطاء من سيناء تشكيكهم في أن يكون هذا القرار نابعا من الرغبة في الدفاع عن الأمن القومي المصري، مشيرين الي تسمية البعض هذا القرار بـ "التهجير القسري للسكان". ويقول الباحث في شئون سيناء "إسماعيل الإسكندراني"، الذي يُحاكم عسكريا حاليا بشأن ما كتبه عن سيناء، أن ما فعله الجيش المصري من إخلاء لمدينة رفح وهدم منازلها كان مطلبا اسرائيليا من الحكومات المصرية المتعاقبة، وأن ما جري "كان خرقا الدستور والخسائر الاجتماعية والاقتصادية". ووصف "الاسكندراني" في دراسة أعدها ما يحدث في رفح من خطة تهجير قسري بأنها "تبدو في الأفق لعبة سياسية مدبّرة بعناية لتحويل أهداف تلك الخطوة لتكون أهدافًا قومية مصرية في مواجهة خطر محلي، لتبرير قسوة تدخل الدولة ضد مواطنيها". ويشير لأنه تم تدمير الأنفاق التي استُخدِمَت لتهريب البضائع والأسلحة إلى غزة عبر…

تابع القراءة

خريطة القوى السياسية باليمن وتوازناتها ومواقفها من الحرب الدائرة

 خريطة القوى السياسية باليمن وتوازناتها ومواقفها من الحرب الدائرة   "الأطراف المتصارعة تشكل مناطق نفوذ متداخلة في اليمن" .. هذه هي باختصار خارطة السيطرة في اليمن من جانب القوي السياسية الداخلية، ومن يدعمونها خارجيا بعد 4 سنوات من الحرب. وتبدو الخريطة السياسية المرتبطة بخريطة الحرب في اليمن معقدة إلى حد كبير، فالأطراف الداخلية المتصارعة متعددة، ووكلاء هذه القوي الداخلية في الخارج يتزايدون وفقا لمصالحهم وتشعبها لحد السعي للسيطرة على الملاحة في البحر الاحمر، كما أن مناطق السيطرة تتداخل بين القوى على الأرض وتتغير باستمرار، والثابت الوحيد هو الوضع الإنساني الآخذ بالتدهور. ومنذ الانقلاب الحوثي في سبتمبر الماضي 2014، ولغز تساقط مؤسسات الدولة والجيش والشرطة في أيدي مئات المسلحين الحوثيين (الشيعة الزيدية) وسيطرتهم علي الدولة اليمنية بما فيها مقر القيادة العامة للجيش، وفرض الحوثيين شروطهم علي الرئيس اليمني بعد حصارهم لقصره الرئاسي والسيطرة على وحدات الجيش والحرس الجمهوري بما فيها من صواريخ ودبابات ومدافع ومدرعات، تحولت خريطة القوي السياسية لخريطة للأطراف الحربية المتصارعة. فقد مثلت السيطرة الحوثية – الايرانية على القرار السياسي اليمني بالقوة المسلحة خسارة كبيرة لدول الخليج والسعودية خصوصا بسبب أخطاء في التعامل مع القوي السنية اليمنية والضغط عليها واعتبارها خطرا يهددها أكثر من الخطر الشيعي الايراني، لينتهي الامر بتورط السعودية والامارات في اليمن، وتحول التحالفات السياسية الداخلية الي عسكرية متعاونة أو مستقلة أو معادية للتحالف الذي شكلته السعودية في اليمن. وبعد 4 أعوام على الانقلاب الحوثي، لا يزال المراقبون يرون المشهد معقدا في اليمن، وأن المعارك لم تُحدث أي تغيير لصالح طرف على آخر، إنما بقيت في إطار الكر والفر، ولا يتوقع أن تشهد البلاد حسمًا للحرب خلال فترة قريبة، ومواقف كل طرف تبدو كأنها تتمني وقف الحرب ولكن بشرط حفظ ماء وجهها.   وتقسم البلاد بين الأطراف المتصارعة الرئيسة متمثلة بقوات التحالف بين الإمارات والسعودية من جهة والحوثيين من جهة أخرى، لكن هنالك أطرافًا أخرى تسيطر على مناطق معينة في غمرة الصراع الرئيس الذي تخوضه إيران بالوكالة في اليمن ضد التحالف العربي. وتحتفظ الحكومة والمقاومة الشعبية الموالية لها بأكثر من 3 أرباع مساحة اليمن فيما بلغت مناطق نفوذ الحوثيين وقوات صالح أقل من الثلث. خريطة القوي السياسية تتوزع خريطة القوي السياسية اليمنية حاليا ما بين قوي في الشمال وأخري في الجنوب وأهم هذه القوي هي: أولا: حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) ظل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن يتصدر القوي السياسية لحين انتهاء حكم رئيس الحزب والبلاد "علي عبد الله صالح"، قبل أن تضعف قوته تدريجيا بفعل الانقسامات عقب تحالف صالح والحوثيين الانقلابيين، ثم مقتل رئيس الحزب "علي عبد الله صالح". وقد زاد انقسام الحزب وضعفه عقب مقتل "صالح" وتسمية الرئيس الحالي "منصور" رئيسا للحزب، وهو ما تمثل في تعيين رئيساً جديدا للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء موالي للحوثيين، لم تعترف به قيادة الحزب الموجودة حاليا في عدن، وقالت إنه لا يمثل المؤتمر، و"يمثل ارتهاناً جديداً للانقلابيين ولا نستغرب أبداً ان يصدر ذلك تحت فوهات البنادق والضغط والإكراه"، في إشارة لأن اختيار الرئيس الجديد للحزب تم تحت ضغط حوثي. ويقف جناح الحزب الموجود خارج صنعاء مع الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، ويؤكد – في بياناته -أن "المؤتمر الشعبي العام بكافة قواعده وقياداته في الداخل والخارج سيبقى مع كافة القوى السياسية والوطنية الداعمة للشرعية الدستورية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادى، رئيس المؤتمر الشعبي العام حتى يتحقق النصر وهزيمة المشروع الإيراني الطائفي بدعم ومساندة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودور فاعل من دولة الامارات العربية المتحدة". (ثانيا): حزب الاخوان وقبيلة أولاد الشيخ عبد الله الأحمر يعد حزب "التجمع اليمني للإصلاح" الذي يتزعمه الأحمر، هو أكبر كتلة سياسية للإخوان المسلمين في اليمن، الذين كان لهم دورًا بارزًا في الثورة اليمنية، وكان يعد الكتلة الثانية الأكبر بعد حزب "المؤتمر الشعبي الحاكم". ومن الشخصيات البارزة في الحزب الشيخ عبد المجيد الزنداني، وتعد صحيفة "الصحوة" لسان حال الحزب الذي نجح في الانتقال من المعارضة إلى السلطة بعد فوزه في انتخابات أبريل 1993. وقد عانى الحزب في اعقاب الانقلاب الحوثي في صنعاء وتحالف الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من اعتقال أنصاره وحرق مقراته من قبل الحوثيين وقوي معادية أخرى ما جعله ينقل قواعده إلى عدن التي لعب فيها مع مقاتليه هناك دورا كبيرا في إنزال هزائم بالحوثيين. ويدعم حزب الاخوان المسلمون (التجمع اليمني للإصلاح) الشيخ صادق بن عبد الله الأحمر، أكبر أبناء الشيخ عبد الله الأحمر، والقيادي في الحزب الذي يطلق عليه لقب "شيخ مشايخ حاشد". وبرز دور الحزب وعبد الله الاحمر إبان الثورة اليمنية، عندما أعلن عن انضمام قبيلة حاشد إلى الثورة اليمنية في العام 2011 في مواجهة الرئيس السابق على عبد الله صالح.  (ثالثا): الحوثيون وهي جماعة دينية شيعية تقوم عل ولاية الإمام، وتتبع الطريقة الاثني عشرية علی غرار النموذج الإيراني، وظهرت تلك الحركة في التسعينيات كرقم أساسي في المعادلة السياسية اليمنية، وتولى بدر الدين الحوثي قيادة الحركة بعد مقتل زعيمها حسين الحوثي في 2004. وبدأت حركة الحوثيين دعوية في البداية قبل أن تتحول إلى حركة مطلبية جمعت بين الاجتماعي والسياسي، وهناك من يعيد تاريخ ظهورها إلى سنة 1992 باسم "الشباب المؤمن" كما هو شأن العديد من الجماعات الدعوية التي انخرطت في العمل السياسي ببلدانها فيما بعد. ويسيطر الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على الرقعة الجغرافية الأقل من مساحة اليمن، لكنها الأهم وفقًا لمراقبين، كونها تضم العاصمة صنعاء، وجميع السواحل اليمنية الواقعة على البحر الأحمر الممتدة من محافظة “حجة” شمال غرب البلاد، وصولاً إلى “الحديدة” و”المخا”، غرب محافظة تعز، باستثناء مضيق باب المندب الخاضع للقوات الحكومية. ويُحكم الحوثيون و”صالح” قبضتهم على إقليم أزال بالكامل، والذي يعد الحاضنة الرئيسية لهم، ويتألف من محافظات “صعدة”، وعمران، وصنعاء، وذمار، بالإضافة إلى العاصمة صنعاء. وإضافة إلى إقليم أزال، يسيطر الحوثيون و”صالح” على جميع محافظات إقليم “تهامة”، غرب اليمن، والذي يضم محافظات” الحديدة، حجة، المحويت، ريمة”، وكذلك كامل محافظة إب، وسط البلاد. وبعيدًا عن السيطرة الكاملة على المحافظات، يسيطر الحوثيون وصالح على عدد من مديريات محافظة تعز، وتحديدا مديرية”التعزية” ومنطقة” الحوبان”، شرق وشمال المدينة، ودمنة خدير وحيفان وسامع والراهدة وماوية، شرق وجنوب المدينة، والمخا والبرح، غربي المدينة. وفي محافظة البيضاء، وسط اليمن، يسيطر الحوثيون على غالب مديرياتها، فيما تشهد مديريات” الزاهر” و”البيضاء” (مركز المحافظة)، وبلدات “قيفة رداع”، معارك كر وفر مستمرة بين الحوثيين والمقاومة الشعبية الموالية للحكومة. وفي محافظة مأرب، شرق صنعاء، لم يتبق للحوثيين سوى بعض مناطق مديرية بـ”صرواح” وقرية “حباب”، أما في محافظة الجوف، فما زالوا يسيطرون على مديريات “الزاهر” و”المصلوب” و”الحميدات” و”برط العنان” و”برط رجوزة”. ويسير الحوثيون علی خطي حزب الله اللبناني ولهم علاقات قوية…

تابع القراءة

التحكم الكامل في مفاصل الدولة الاستراتيجية .. اهداف بيزنس الجيش علي لسان ضابط كبير

 التحكم الكامل في مفاصل الدولة الاستراتيجية .. اهداف بيزنس الجيش علي لسان ضابط كبير   تطرقت عشرات الدراسات الاكاديمية لـ "بيزنس الجيش"، وحجمه وتداعياته الكارثية على مصر، واقتصادها ومستقبلها، بيد أنه لا أحد تحدث عن اهداف هذا البيزنس؟ ولماذا يصر جنرالات الجيش علي توسعة هذا البيزنس والسيطرة على كافة مناحي الاقتصاد، سواء الغذاء أو الصناعة أو التجارة والطرق والكباري وخدمات الانترنت والمواصلات والإعلام والدهانات وغيرها؟ مراقبون تحدثوا ضمنا في مناسبات مختلفة عن أهداف توسيع السيسي والجنرالات بيزنس الجيش، بصورة تكاد تجعل الجيش هو الذي يدير الدولة، والدولة تابعة له منها: 1-    السعي للسيطرة على الاوضاع السياسية بالكامل كنتيجة حتمية للسيطرة على الاقتصاد، بسبب ارتباط الامرين، بحيث لا يتنحى الجيش عن الحكم نهائيا ويظل يسيطر عليه طالما يسيطر على موارد الدولة. 2-    ضمان تبعية مؤسسات الدولة المختلفة للجيش ونفوذه وأوامره وإلا أنقطع عنهم الدعم المالي باعتبار ان الجيش هو الذي يدفع في واقع الامر عمليا، فالإعلام الذي بات ضمن ملكية شركات مخابرات الجيش لا يمكنه الخروج عن طاعة المخابرات الحربية والشئون المعنوية وإلا انقطعت عنه الرواتب. 3-    اقناع القوي الخارجية التي قد تحاول الضغط علي الجيش لوقف البيزنس أن هذا البيزنس ونفوذ الجيش السيسي، أمرا واحدا لا امرين، ومن ثم اجهاض أي ضغوط خارجية علي الجيش للانسحاب من الحياة السياسية. 4-    ضمان ان يظل جنرالات الجيش بلا عقاب علي جرائمهم ويعيشون في أفضل حال طالما أنهم يقومون بدور "وزارة المالية" فعليا، وهو امر بدأ واضحا منذ إعلان المشير طنطاوي عقب ثورة 25 يناير تبرع الجيش بمليار جنية تلو الاخر لخزينة الدولة، لإرسال رسائل بأنه لا يجوز ابعاد الجيش أو محاكمة جنرالاته، ولا يزال مستمرا بصورة أكثر فحشا.   اهداف لبيزنس العسكر هذه المرة، وخلال حديث غير مباشر، مع ضابط جيش (رتبة كبيرة) يتبع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، تحدث لأحد النشطاء على تويتر (محمد علي باشا) عن 10 أهداف لبيزنس الجيش. وبسبب حساسية ما نقله الناشط عن الضابط، قام الناشط "محمد علي باشا" بحذف كافة التويتات المتعلقة بأهداف بيزنس الجيش، نقلا عن "الضابط الكبير" من على حسابه علي تويتر، والتي جاءت علي النحو التالي: 1-    مشروعات الجيش الحالية والمستقبلية (التوسع القادم أكبر بكثير من الحالي) ليس عامل الربح أول أهدافها (رغم تأكيده إنها مربحة للغاية) او هو الهدف الوحيد لها، والهدف الأول لتلك المشروعات هو استيعاب الخارجين من الخدمة العسكرية (طوعاً أو جبراً أو قسراً)، حتى لا يشكلون للمؤسسة العسكرية أي قلق في المستقبل ويصبحوا تحت أعينهم بصفة دائمة. 2-    من ضمن أهداف بيزنس جنرالات الانقلاب: التحكم شبه الكامل حالياً (والكامل مستقبلاً) في مفاصل الدولة الاستراتيجية مثل: قطاع الصناعات الثقيلة / الاتصالات / الأدوية / الطرق ومحاورها / قطاعات تغذية أعمال المقاولات. 3-    من ضمن الأهداف الاستراتيجية غير المعلنة، تحويل أجزاء كتيرة من البلد والتي يتغلغل الجيش في نسيجها العمراني والتخطيطي إلى مناطق عسكرية تخضع لقانونهم العسكري وتمكنهم من فرض السيطرة على الدولة خلال ساعات قليلة. 4-    يتم تصدير فائض القدرات العسكرية البشرية المصرية لعدة دول بعقود شخصية (المسمى الحقيقي هو "مرتزقة") لعدة دول إقليمية، وتحصل المؤسسة العسكرية المصرية على نسبة ثابتة من تلك العقود، وهذه العملية تتم منذ عدة سنوات وأغلبها في دول خليجية. 5-    الميزانيات الختامية لهذه المشروعات سر حربي من الدرجة الأولى، وعدد من يعلم بها لا يتعدوا عدد أصابع اليد الواحدة، وتدمج أرقام المشروعات كلها في رقم واحد فقط يدرج في موازنة الجيش، وهو المسموح بعرضه فقط. 6-     كل سلاح في الجيش لديه المشروعات التجارية الخاصة به (ما يعني سيطرته على بيزنس قطاع معين من المشروعات بشكل منظم وفقا للأسلحة المختلفة). 7-     كل العاملين في هذه المشروعات (من ضباط تركوا الخدمة) يحصلوا على أجور كاملة (بكامل مميزاتها) بالإضافة للمعاش العسكري بالمخالفة للقانون، وهذه النقطة كانت السبب في الخناقة الكبيرة بين رئيس برلمان الانقلاب علي عبد العال، والنائب محمد أنور السادات وانتهت لفصله من المجلس، حين انفعل عبد العال على انور السادات، خلال مناقشة مشروع قانون زيادة معاشات ‏العسكريين بنسية 10%، بسبب محاولة النائب التساؤل حول مرتبات القوات المسلحة. 8-    رغم أن عدد المجندين والضباط (الذين ما زالوا في الخدمة) العاملين في هذه المشروعات كبير جداً، ومتوقع زيادته مستقبلاً، إلا أن فكرة تخفيض عدد افراد الجيش على المستوى العام غير مطروحة (بل مرفوضة تماماً)، رغم أن هذه التخفيض يخفف قليلاً عن كاهل أعباء مصر الاقتصادية والمالية. 9-    قرار عدم تخفيض عدد أفراد الجيش (ضباط ومجندين) يأتي في سياق الخوف من تخفيض ميزانية الجيش المتزايدة دائماً كل عام، وفقدان منجم الأموال (المحلية والأجنبية) التي تتحصل عليها المؤسسة العسكرية كل عام. 10-                       هناك شعور سائد في أوساط الضباط العاملين في تلك المشروعات أن هذا الوضع غير مضمون استمراره مستقبلاً، ولهذا يتم تسريع وتيرة إنشاء كيانات اقتصادية جديدة كل يوم للجيش قبل حصول أي "كارثة"، ويقصد بـ "الكارثة" هنا قيام وضع سياسي جديد في البلد يوقف توغل الجيش في الحياة العامة، فهنا ستكون هذه المشروعات بكوادرها باستثماراتها وعوائدها هي "بوليصة تأمين" معاش الضباط بعد خروجهم من الخدمة ومن الحياة العامة، لهذا فأي وضع سياسي قادم لن يستطيع الاقتراب أو المساس بهذه الكيانات الاقتصادية للجيش، حيث ستكون هذه هي البوابة الأساسية لعبور أي اتفاق يغير التركيبة السياسية الحاكمة الحالية لمصر من عسكرية إلى مدنية، (أي سيب وأنا اسيب).  القطاعات الاقتصادية التي دخلها الجيش اتسعت اﻷنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة لتتخطى كل ما سبق في تاريخها منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي العسكري واغتصابه السلطة منتصف عام 2014، حتى بات للجنرالات "حصص سوقية" من كل "بيزنس" تتوسع بشكل متسارعة. تطور الاقتصاد العسكري المصري إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات، ونظرًا للغموض الذي يحيط الجيش، بات من المستحيل الحصول على أي أرقام دقيقة، ومع ذلك، ثمة توافق أكاديمي علي أن هيمنة القوات المسلحة المصرية تمتد إلى كل القطاعات الاقتصادية تقريبًا، من المواد الغذائية إلى الالكترونيات والسلع الاستهلاكية، والعقارات، وأعمال البناء والنقل والخدمات ومن إنتاج المكرونة، إلى تصنيع الأثاث وأجهزة التلفزيون، بالإضافة إلى تصنيع عربات القطار الجديدة للسكك الحديد وأيضا سيارات الإطفاء ومشاريع إنتاج النفط والبنية التحتية. وتمتلك القوات المسلحة المصرية أسهماً في العديد من الشركات الحكومية أو الخاصة، وخاصة في مجالات البنية التحتية والتعاقد من الباطن، ويمتد تأثير القوات المسلحة المصرية أيضًا إلى البنية التحتية المدنية، ولعدة سنوات تم تخصيص مناصب رفيعة المستوى في عدد من المطارات لضباط الجيش المتقاعدين، وغيرها من المناصب التنفيذية في الإدارة المحلية كبرامج تقاعد غير رسمية. وتخضع المشروعات التجارية التابعة للقوات المسلحة لثلاث جهات رئيسية هي وزارة الإنتاج الحربي التي تشرف على 20 شركة، ووزارة الدفاع التي تسيطر على عشرات الشركات، والهيئة العربية…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022