دلالات اخفاء خاشقجي وتداعياته على اللاجئين للحرية بالخارج
دلالات اخفاء خاشقجي وتداعياته على اللاجئين للحرية بالخارج تحمل قضية اخفاء وربما قتل الصحفي السعودي الشهير جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا دلالات وتداعيات خطيرة سواء لجهة وجود اسباب داخلية تبرر التخلص منه بهذه الطريقة، لعلاقته الوثيقة مع بعض رجال القصر السعودي والعائلة الحاكمة والاجهزة الرسمية (قبل ان يقرر المغادرة الي الخارج احتجاجا على القمع والاعتقالات الجماعية). أو لجهة علاقته الواسعة والمؤثرة للغاية برموز سياسية غربية، وقوي اعلامية غربية مؤثرة، خاصة صحيفتي واشنطن بوست والجارديان، وكتابته فيها معلومات تعري حقيقة نظام بن سلمان، وتجعله أكثر ضعفا أمام الضغوط الغربية. يضاف لهذا تحول "خاشقجي" لواجهة وجبهة معارضة قوية لنظام بلاده تفضح القمع الداخلي، وتجعله محط بؤرة لتحلق كتلة المعارضة السعودية في الداخل والخارج حوله. لهذا تبدو دلالة اخفاؤه وربما قتله بهذه الطريقة، "رسالة" لكل معارضي انظمة الشرق الاوسط القمعية، الذين يقيم أغلبهم في تركيا، بتغير وسائل هذه الأنظمة وتجبرها في سعيها لإخراس السنتهم، وأن عليهم لزوم الصمت في الخارج كما الداخل. بعبارة أخري، "إنهم يريدون جعلهم (المعارضين) عاجزين عن اللجوء إلى هذا البلد والاحتماء به"، كما يفسر الامر "إبراهيم قراغول" الكاتب التركيّ ورئيس تحرير صحيفة "يني شفق". ما يجعل "جمال خاشقجي" أيضا مصدرا لإزعاج سلطات بلاده أنه كان يتمتع بعلاقات واسعة تضم معارضين إسلاميين عرباً، ومسؤولين أتراكاً، وإعلاميين وصحفيين غربيين، وأكاديميين ومثقفين ذوي شهرة وتأثير عالمي، وعموده الأسبوعي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية كان يعكس مدى شهرته وتأثيره، الأمر الذي جعل جريدة واشنطن بوست تبقي عموده فارغاً في ذكرى مقاله الأسبوعي بعد اختفائه. كل هذا وأكثر قد يفسر سر التعامل بهذه الطريقة الوحشية مع جمال خاشقجي رغم أنه ليس معارضا بالمعني الحرفي لنظام بلاده، وإنما صحفي حرفي حر، إذ أنه كان يشكل ثقلا في الغرب ضد حكم بن سلمان، بما ينشره من معلومات ومقالات حول مستقبل بلاده الغامض في ظل رؤية بن سلمان 2030، التي باتت محل هجوم أطراف داخلية وخارجية عديدة. كما أن طريقة اخفاؤه وربما قتله بهذه الكيفية الوحشية وفي مقر دبلوماسي لا أمنى، وتهريبه من تركيا، ونفي ولي العهد محمد بن سلمان وجوده في القنصلية أو السعودية، تمثل رسالة صادمة لتركيا والعالم حول الانقلاب والتغير الخطير في اساليب تعامل نظام بن سلمان مع معارضيه، وعدم احترامه العلاقات مع تركيا واستعداده للتضحية بها. لماذا خطفوه وقتلوه؟ في أول مقالة له بواشنطن بوست عقب خروجه من المملكة: كتب جمال خاشقجي يقول: "عندما أتحدث عن الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العام للمثقفين والزعماء الدينيين الذين يتجرؤون على التعبير عن آرائهم، ثم أقول لكم إنني من المملكة العربية السعودية، فهل يفاجئكم الأمر؟". بل وحرص في أول عنوان لمقاله الأول في الصحيفة الأمريكية، علي القول: «السعودية لم تكن بهذا القمع .. الآن لا تُطاق»، مُتحدثًا عن «حملة الاعتقالات الواسعة» التي طالت عددًا من المثقفين ورجال الدين في المملكة. وكانت هذه المقالة أول اعتراف رسمي منه – بصفته كان صحفيا مقربا من السلطة ويتحدث احيانا لوسائل إعلام مختلفة معبرا عن هذه السلطة – على التحول الي الاسوأ في بلاده، منذ تولي محمد بن سلمان إدارة المملكة واستعداده للسطو علي مقعد الملك حتى في حياته، لهذا لم يغفرها له محمد بن سلمان. وبدأت علاقته تسوء بالسلطة عقب إصدار الخارجية السعودية بياناً في ديسمبر 2015، وآخر في نوفمبر 2016 يؤكد أن "جمال خاشقجي لا يمثل المملكة، والتحذير من التعامل معه على أساس تمثيله لأي جهة رسمية سعودية، ثم منع مقالاته في صحيفة الحياة اللندنية المملوكة للأمير خالد بن سلطان في سبتمبر 2017 عقب كتابته تغريده تضامن فيها مع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة. بل أن السبب الاول لـ "طلاق" الرياض من خاشقجي كان بسبب انتقاده ترامب وليس النظام السعودي، الذي ما إن أعلن أن الرجل الذي انتقد نظام ترامب لا يمثل الرياض بدأ يذكر اسمه على أنه شخص معارض، كما يرصد هذا "ياسين اقطاي" مستشار الرئيس التركي. ولاحقا تزايد عداء بن سلمان له، حين انتقده خاشقجي قائلا: "مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، وعد بتبنّي إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وتحدّث عن جعل بلادنا أكثر انفتاحًا وتسامحًا، كما وعد بأنه سيأخذ بعين الاعتبار الأمور التي تقوّض تقدمنا، مثل حظر المرأة من قيادة السيارة، لكنني لا أشهد الآن سِوى موجة اعتقالات". ومع هذا ففي حواراته كان جمال خاشقجي، يمدح وينقد، ويعترض ويوافق، ويؤيد بعض الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد محمد بن سلمان، ويعارض بعضها أيضاً، ولم يكن معرضا على طول الخط او راديكالياً، ولم يطالب بإسقاط حكم العائلة السعودية للبلاد كما يفعل غيره من المعارضين في الخارج. ولكن الرسالة الثلاثية التي سعي ولي العهد لتوصيلها لجمال وغيره هي أن: "انتقاد الأنظمة الديكتاتورية العربية له ثمنٌ يصل الموت"، وأن "يدُ القتل طويلة في هذه المنطقة"، وأنه "لا امان لأحد". كيف اخرجوه من القنصلية وقتلوه؟ كانت كل السيناريوهات التي نشرت في وسائل الاعلام التركية عقب تفريغ الكاميرات الامنية تؤكد أن خاشقجي دخل ولم يخرج، وأنه تم رصد دخول 15 سعودي بعضهم من الشرطة الي القنصلية عقب دخوله، ثم رصد نقل سيارة سوداء زجاجها مغطي لصناديق من داخل القنصلية للخارج. ونقلت نيويورك تايمز عن ثلاث مصادر مطلعة تأكدها من إشاعة اغتيال الاعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي. وهذا الامر أكده أيضا "ياسين اقطاي" مستشار الرئيس التركي الذي قال: "من المحتمل أن يكون قد أخرج من القنصلية بطريقة غير عادية، أي على متن سيارة سوداء الزجاج، وهو أمر يقع تحت عهدة القنصلية لا محالة، وهناك احتمال آخر لدينا، ألا وهو أن خاشقجي لا يزال محتجزا داخل القنصلية، والسلطات السعودية تقول عكس ذلك، لكنها عاجزة عن توضيح الأمر". ورغم أن رسائل أردوغان للصحفيين الذين سألوه عن مصير خاشقجي كانت مطمئنة نسبيا، إلا أن رسائل مستشاري أردوغان لوسائل الاعلام الاجنبية والعربية، وما تسرب الي واشنطن بوست ووكالة رويترز عن احتمالات تعذيبه وقتله، بل وتقطيعه، في مقر القنصلية السعودية بإسطنبول ثم نقله خارجها، كانت تشير لإخفاء اسطنبول الحقيقة أملا في مراجعة السعودية نفسها قبل أن تندلع ازمة عنيفة بين البلدين لا تحتاجها أنقره حاليا في ظل صراعها مع ترامب. حيث جاءت كل المعلومات المسربة عبر "مصادر خاصة" تؤكد إن خاشقجي تم التحقيق معه تحت التعذيب وتم تصويره بفيديو ثم قتل، وأن الفيديو تم إرساله إلى جهة في السعودية. وطرحت شبكة NBC الإخبارية الامريكية، سيناريو اخر، ملمحه إلى فرضية استدراج خاشقجي من واشنطن، حيث يقيم، إلى إسطنبول، وأنه على الرغم من إقامته في أميركا، وامكانية تقدمه بنفس الطلب (بشأن زواجه) إلى سفارة بلاده هناك، وسعيه سابقاً للحصول على الأوراق المطلوبة من السفارة السعودية في واشنطن، لكنه وُجّه لاستخراجها من القنصلية السعودية في إسطنبول، وحددوا له الوقت والساعة، ما يشير…