لماذا تقل احتمالية حدوث قمة ترامب في كوريا الشمالية؟

 لماذا تقل احتمالية حدوث قمة ترامب في كوريا الشمالية؟ نشر موقع VOX تحليلا لأحد الخبراء المتخصصين في الشأن الكوري "روبرت كيلي"، الأستاذ في جامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية،[1] أشار فيه إلى أن هناك مشكلات تواجه القمة التي طال انتظارها بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والتي من المقرر عقدها في 12 يونيو. وأشار الموقع إلى أنه "بعد أن قال مستشار الأمن القومي جون بولتون الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ستسعى لنزع السلاح النووي الكامل والشامل لكوريا الشمالية، قالت كوريا الشمالية علناً إنها لن تقبل مثل هذه النتيجة، وهددت بالانسحاب من الاجتماع إذا لم تعدل واشنطن موقفها". ويرى الموقع أن الولايات المتحدة وكوريا الشمالية توقعتا منذ فترة طويلة نتائج متعارضة تماما من المحادثات، في ظل رغبة الولايات المتحدة في أن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية، في حين تطالب كوريا الشمالية بالاعتراف بها كقوة نووية مشروعة، لكن لم يكن أي من الطرفين مستعدًا لمواجهة واقع الموقف. ويرى "روبرت كيلي" أن الأمر كله يرجع إلى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن، ذو التوجهات اليسارية، وتولى منصبه في وقت كان يهدد ترامب بالحرب مع كوريا الشمالية، وبذل جهودًا كبيرة للتوسط في المفاوضات بين ترامب وكيم لإنهاء التوتر، وجزء من استراتيجيته هو تقديم وعود كبيرة حول ما يمكن أن تحققه المحادثات، حتى فكرة أن يفوز ترامب بجائزة نوبل لإغرائه. ويرى "كيلي" أن البلدين يريدان أشياء مختلفة جوهريًا، وقال أن الاجتماع بين ترامب ومون يستهدف محاولة إصلاح الأمور، لكن لا أحد يعلم نتائجها. ودارت ترجيحات "كيلي" لتطورات الأمر بأن إدارة مون بالغت في تقدير رغبة كوريا الشمالية، ومن المرجح أن تبالغ أيضا في ربط ترامب بمسار دبلوماسي لمنعه من التراجع إلى تهديدات الحرب التي وقعت في العام الماضي والتي أثارت مخاوف كوريا الجنوبية. وفيما يخص الحديث عن ترشيح ترامب لجائزة نوبل لإغرائه من أجل منعه من خوض حرب، يرى "كيلي" أنه من غير المتوقع أن وسائل الإعلام الغربية ناقشت هذا الأمر بجدية. ويرى أن كوريا الشمالية لن تنزع سلاحها النووي، وأن ما دفعها للتفاوض ليس الضغط المفروض عليها، وإنما لأنها أنشأت الردع النووي الكافي مع الولايات المتحدة. ويرى أن ترامب لا يستحق جائزة نوبل، بسبب التهديد بالتدمير الكامل لكوريا الشمالية في الأمم المتحدة. وأشار إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية المحافظة لن تعترف بأن ترامب دفع كوريا الجنوبية للطاولة، وليس كوريا الشمالية، فقد تسبب خطاب ترامب العام الماضي في تخويف الكوريين الجنوبيين، وأصبح على إدارة "مون" تقديم تنازلات لتهدئة الوضع. لذا رأى "كيلي" أنه من الأفضل أن يتم تأجيل القمة لحين العثور على أرضية مشتركة أكبر بين الدول الثلاث، والسماح للخبراء بالتوافق، لكن في نفس الوقت سيفتح تأخير الاجتماع المجال السياسي لبولتون. ورجح أيضا حاجة ترامب لهذه القمة من أجل مزيد من تسويقه في الداخل على أنها فوز سياسي للتغطية على فضائحه، ومن الواضح أن الوقت الذي يسبق انعقاد القمة سيكون مثيرا.   [1] Zack Beauchamp, "Why Trump’s North Korea summit is going off the rails, explained by an expert", VOX, 21/5/2018, available through: https://www.vox.com/world/2018/5/21/17376130/north-korea-trump-kim-jong-un-summit-bbc-dad

تابع القراءة

فوز تيار الصدر في انتخابات العراق – وجهتي نظر بشأن مواقفه السياسية

 فوز تيار الصدر في انتخابات العراق – وجهتي نظر بشأن مواقفه السياسية أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية فوز كتلة "سائرون" التي يتزعمها رجل الدين الشيعي "مقتدى الصدر"، وحصولها على 54 مقعدا، ورغم هذه الأغلبية، لم يرشح "الصدر" نفسه للانتخابات الخاصة برئاسة الوزراء، لكن من الممكن أن يكون له نفوذ في مفاوضات اختيار من يتولى المنصب بفضل سيطرة كتلته برلمانيا. وفيما يخص المواقف الخارجية لكتلة الصدر، فإنها تعارض بشدة أي تدخل أجنبي في العراق، في إشارة لإيران والولايات المتحدة اللتين تقدمان دعما كبيرا للعراق، والحديث عن مصير القوات الأمريكية خاصة وأن الصدر تحدث عن استهداف القوات الأمريكية على الأراضي العراقية التي أعيد نشرها لمحاربة داعش، وهناك أيضا القوات الإيرانية والتركية، في ضوء هذه الفكرة، وهل ستكون تصريحات الصدر واقعية أم أنها ستكون فقط في إطار الدعايا الانتخابية؟، عُرضت وجهتي نظر، أولها من جريدة القدس العربي[1]، والثانية من مركز كارنيجي.[2] مقال جريدة القدس العربي يستبعد تحول الصدر الي قوة معتدلة وطنية ومعادية لايران ومتصالحة مع السنة العراقيين والعرب. فقد أشار إلى العلاقات الدائرة داخل التيار الشيعي العراقي، والخلافات بين الصدر ورجل الدين الشيعي عبد المجيد الخوئي وباقي التيارات الشيعية في العراق، في امتداد للخلاف القائم بين ما يسمى الحوزة الناطقة التي نظر لها والد مقتدى "محمد صادق الصدر"، والحوزة الصامتة، ووصل ذروة الخلاف لاغتيال محمد صادق الصدر، والتي ذهبت جل أصابع الاتهام للمنافسين من الشيعة. وكان "قيس الخزعلي" ابرز قادة الحشد الشعبي الحالي يعتبر العقل المدبر للتيار الصدري بعد الاحتلال إلى العداء بين الصدريين وتياري الحكيم والدعوة المقربين من إيران، وميول الصدريين الوطنية. هذا يثير أسئلة حول إمكانية فصل حركات التشيع في المنطقة عن طهران. لكن ظهرت الإجابة بعدما أصبح الخزعلي وزميله الكعبي قادة أكبر ميليشيات موالية لإيران خرجت من التيار الصدري وأبرز مساعدي مقتدى الصدر. وظن كثيرون إمكانية تحويل الصدر لحليف ضد إيران، خاصة بعد حدوث مواجهات محدودة بين جيش المهدي والولايات المتحدة في النجف والكوفة ومدينة الصدر، خلال العامين اللذين أعقبا سقوط بغداد، والحديث عن إمكانية التعاون والتنسيق بين السنة والشيعة، في الوقت الذي كانت تشتعل مواجهة الاحتلال في المناطق السنية. وبنت حركات سنية آمالا عريضة أو "وهما" على التيار الصدري، واصبح الصدريون وبعض رجال الدين الشيعة حلفاء سياسيين في هيئات أريد لها ان تكون عابرة للطائفية، لكن في 2004 ميليشيات جيش المهدي الصدرية الاحياء السنية في بغداد، وبدأت بعدها سلسلة منظمة من اعمال الخطف والتعذيب والتهجير والقتل في مناطق السنة، ووصل الأمر لقتل القيادات السياسية مثل شقيق نائب رئيس الوزراء صالح المطلك بعد خطفه، وقتل شقيق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وكذلك المئات من الشخصيات الدينية. ومع ذلك فقد استمرت محاولات تقديم تيارات طائفية غارقة في اعمال دموية، على أنها خيارات وطنية لمجرد خلافاتها الداخلية مع جماعات أخرى، خصوصا من قبل بعض حكومات الدول العربية التي فشلت في مواجهة النفوذ الايراني في العراق، فاخذت تفكر في حلول من داخل الصندوق الشيعي المتنفذ في العراق، فتحاول الإمارات والسعودية اجتذاب تيارات شيعية بطلب أمريكي لإمكانية مواجهة النفوذ الإيراني في العراق. وأنفقت الملايين لاجتذاب قيادات شيعية من التيار الصدري وغيره من شيوخ العشائر الشيعية، لكن ذهبت كل هذه الجهود سدى مع انتخابات عام 2010 عندما انحاز الشارع الشيعي بالكامل لانتخاب الاحزاب الدينية التقليدية الموالية لايران، التي شاركت بالنهاية مع مقتدى الصدر في تشكيل الحكومة. وفي الانتخابات الاخيرة، ضم تحالف "سائرون" مدنيين وشيوعيين، مع ان هذه القوى محدودة القاعدة الشعبية ولم تفز في اي انتخابات ماضية بأي مقاعد نيابية تذكر. وكان الوصف الاكثر تناقضا لتيار "سائرون" أنه "تحالف مدني عابر للطائفية"، رغم ان كافة مقاعده حصل عليها كانت حصرا في مناطق شيعية. يعد انتقاء جزئيات لمحاولة إظهار تيار الصدر بأنه معارض لإيران، تبدو أمرا سطحيا، فتاريخيا محمد صادق الصدر نفسه هو تلميذ الامام الخميني، وكل قيادات التيار الصدري الذي انفصلوا عنه لاحقا، تدربوا لاشهر طويلة في معسكرات الحرس الثوري، ويقضي مقتدى الصدر نفسه معظم وقته خارج العراق في إيران، ويحظى بعلاقات مع كبار قادة النظام الامني في ايران. حتى أن المظاهرات التي رردت هتافات "إيرن برا برا" التي دعا لها التيار الصدري في بغداد قبل عامين، كان معظم من رددوها من انصار التيار المدني، الذين خرجوا مع الصدريين في المظاهرات، وقدم الصدر اعتذار لقاسم سليماني عن ذلك، أي أن كل مواقف تيار الصدر وتصريحاتهم لا تعبر عن معارضة فعلية لإيران. واختتم مقال القدس العربي بأن ما بعد انتخابات 2018 لن يختلف عما مضى، وسيسعى التيار الصدري لمعالجة خلافاته مع منافسيه داخل البيت الشيعي، وسيبقى الزعيم الصدري مجرد ظاهرة فلكلورية شعبوية للاستهلاك الدعائي، وسيشارك تيار "سائرون" بالحكومة بالنهاية كما كل مرة. أما التحالفات السنية، فستتركز جهودها على التصارع على المواقع الحكومية الثانوية والوزارات المدرة للعقود المالية، ليظل وضع السنة في منظومة الدولة العراقية الجديدة مهمشا، ما دامت القوى التي تسيطر على الشارع الشيعي والكردي ذات توجهات طائفية. أما مقال مركز كارنيجي في وجهة نظر معارضة للتي أشار إليها مقال القدس العربي باعتبار الصدر رمزاً وطنياً مدنياً محل توافق بين الفئات السنية والشيعية ولديه سياسة مستقلة عن ايران ومتقاربة مع الدول السنية. فقد أظهر أن الصدر نجح في الكشف عن إخفاقات المنظومة السياسية الطائفية العراقية، وإطلاق دعوات إصلاحية، وأصبح يؤدّي دور رجل الدولة الوطني، ويعمل على بناء تحالفات وطنية وإقليمية، ولاسيما مع السعودية، كما أنه يمدّ يده إلى مجموعات علمانية وسنّية في العراقن ويظهر بأنه يبذل جهودا للتصدّي لقبضة النخبة الشيعية على الدولة العراقية، وكبح النفوذ الإيراني في البلاد. ويرى المقال أن هذه الفرصة للإصلاح السياسي لم تظهر منذ 2003، في ظل هزيمة داعش واستعادة الحكومة المركزية السيطرة على الأراضي التي كانت خاضعة لحكومة إقليم كردستان، وتعزيز الجيش الوطني، وتحسُّن العلاقات مع الجيران العرب. لكن لا يزال تأمين الخدمات الأساسية من قبل الدولة في وضع مزرٍ جداً بسبب ما تشهده المؤسسات من فساد. ويظهر التيار الصدري منذ 2003 كمناصر للفقراء، وأصبحت سياسته مرتبطة بأوضاع المجتمعات الشيعية المهمّشة في العراق، بل ويعتبر أن السياسة الطائفية وكذلك الإسلام السياسي خذلا الشعب العراقي، رغم أنه سبق وانخرط في السياسة الرسمية العراقية القائمة على المحاصصة الطائفية، ويريد الآن الثورة عليها، ويرى أن مواجهة التحديات الاجتماعية لن يحدث في ظل غياب مؤسسات حكومية فاعلة ومركزية. على الرغم من انتشار شبكة التيار الصدري في مختلف أنحاء البلاد، شهد هذا التوسع الذي عرفه التيار بعد العام 2003 انحسارا بفعل الانهيار في موارد الدولة، وعجزه عن الإبقاء على شبكات المحسوبيات باهظة الكلفة. تولى الصدر قيادة كتلة الأحرار في الانتخابات البرلمانية الوطنية بدوراتها الثلاث منذ العام 2003، وفي المرحلة السابقة للانتخابات الأخيرة، وجّه أعضاء بارزون في كتلة الأحرار انتقادات علنية إلى ائتلاف "سائرون"،…

تابع القراءة

استراتيجية تغيير النظم الدمى: إيجاز لتاريخ تكتيك عالمي يستهدف إسقاط حكومات الدول الأخرى

 استراتيجية تغيير النظم الدمى: إيجاز لتاريخ تكتيك عالمي يستهدف إسقاط حكومات الدول الأخرى[1] تنتشر مؤخرا أطروحات تناقش فكرة تغيير النظام الإيراني خاصة عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وأن هناك ضرورة للسعي من أجل تغيير النظام الإيراني تجنبا لحالة توجه النظام لامتلاك أسلحة نووية، المقال القادم الذي كتبه ستيفن والت في فورين بوليسي يضع عددا من الأمثلة التي حدث فيها تدخل من الخارج لتغيير النظم من أجل الإتيان بنظم أفضل، وأن النتائج لم تكن جيدة، بل أدت للعديد من الكوارث، وهذا نص المقال: في مقال لي،[2] أقمت حجة بأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني كان الخطوة الأولى في جولة جديدة من تغيير النظام في الشرق الأوسط. فإذا كان هدفه هو وقف محاولات إنتاج إيران للقنبلة النووية، ومنع سباق تسلح إقليمي، فإن الاتفاقية تقوم بهذه المهمة، وكان ينبغي عليه أن يحاول جعلها دائمة بدلاً من الانسحاب منها. وإذا كان هدفه هو وقف "الأنشطة الإقليمية" لإيران، لكانت الإستراتيجية الذكية هي إبقاءها بعيدا عن أن تتحول لدولة نووية عن طريق العمل مع الآخرين من أجل الضغط على إيران، لكن بدلا من ذلك، يرى ترامب ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو بأن الانسحاب من  الاتفاق الإيراني سيؤدي إلى إعادة فرض العقوبات على إيران، ويأملون أن يؤدي هذا الضغط إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية، أو قيادة المتشددين الإيرانيين لاستئناف برنامج التخصيب النووي واتخاذها ذريعة لحرب وقائية، والتي طالما دافع عنها بولتون. ربما كان الخبراء الاستراتيجيون الأكثر عقلانية قد درسوا أولاً ما إذا كان هذا الهدف منطقيًا، ماذا يعلمنا التاريخ؟ هل أدت الجهود السابقة لتغيير النظام (من قبل الولايات المتحدة وآخرين) إلى تحقيق الفوائد المتوقعة، أم أنها أدت في النهاية إلى جعل الأمور أسوأ؟ هل ينتج عن تغيير النظام فوائد حقيقية بتكلفة منخفضة نسبيًا، أم أن الثمن عادة أعلى من المتوقع، في حين أن الفوائد تميل إلى أن تكون مخيبة للآمال؟ في الواقع، الأجوبة واضحة تمامًا، كما يتضح من التاريخ القصير التالي لتغيير النظام، إنها دائمًا فكرة سيئة للغاية. الانقلاب الإيراني 1953: في الشرق الأوسط، كان هناك ما يسمى "عملية أجاكس" من أجل تغيير النظام بعد الحرب العالمية الثانية، وهي عبرة عن جهود أمريكية وبريطانية مشتركة للإطاحة برئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق في 1953 وإعادة الشاه محمد بهلوي إلى العرش. كانت المؤامرة بمثابة نجاح تكتيكي باهر، وقد يرى البعض أن الشاه كان حليفا قيما للولايات المتحدة حتى عام 1979. لكن الشاه كان عبارة عن جعبة مختلطة كحليف (من بين أمور أخرى، بدأ برنامج الأسلحة النووية الإيراني)، ويعد دور الولايات المتحدة في إعادته للعرش ودعمه من الأسباب الرئيسية التي جعلت الخميني وأتباعه السياسيين معاديين للولايات المتحدة. الدرس: حتى النجاح في المدى القصير والمتوسط ​​يؤدي أحيانًا إلى مشاكل أكبر بكثير لاحقًا. كارثة السويس (العدوان الثلاثي): بعد أن قامت الحكومة المصرية بتأميم شركة قناة السويس في عام 1956 (وهي مناورة قانونية تماما)، تواطأ قادة كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في مخطط هجومي للإطاحة بالزعيم المصري جمال عبد الناصر. وافقت إسرائيل على غزو شبه جزيرة سيناء، متذرعة بتدخل بريطانيا وفرنسا "لحماية القناة". افترض المهاجمون أن الهزيمة ستؤثر على هيبة عبد الناصر وتؤدي إلى الإطاحة به. كانت النتيجة فشلا مهينا: على الرغم من نجاح الهجوم الإسرائيلي، إلا أن المخطط لم يُنفذ بالضبط، وقد أجبرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي احتلتها. لم يستمر ناصر في السلطة فحسب، بل إن تحديه لقوتين استعماريتين سابقتين وإسرائيل قد أدى أيضا إلى ارتفاع مكانته. في النهاية، نجحت حرب السويس في إثبات أن بريطانيا وفرنسا لم تعد قوى عظمى حقيقية. مغامرة اليمن في مصر: لسوء حظ مصر، تعاظمت هيبة ناصر، وفي أوائل الستينيات قرر أن يتدخل إلى جانب القوى التي يفترض أنها تقدمية في الحرب الأهلية اليمنية. في نهاية المطاف، أرسلت مصر أكثر من 50 ألف جندي هناك، وأنفقت الأموال، وانتهى بها الأمر إلى الانسحاب بعد خمس سنوات دون نتيجة. مخطط آرييل شارون الكبير: في عام 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان، ظاهريًا رداً على محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، ولكن في الواقع كجزء من مخطط كبير لوزير الدفاع آنذاك أرييل شارون. في محاولة لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية وتثبيت حكومة موالية لإسرائيل في لبنان، غزت القوات الإسرائيلية جارتها، وأسقطت مجموعة من الطائرات السورية، وطاردت ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولًا إلى بيروت. لكن الخطة برمتها سرعان ما تكشفت، وانتهت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان حتى عام 2000، وكانت النتيجة النهائية هي إنشاء حزب الله. صدام حسين في مواجهة العالم: غارق في الديون في أعقاب الحرب العراقية الإيرانية، في عام 1990 غزا الرئيس العراقي صدام حسين الكويت وحاول ضمه. هذه المحاولة الفاضحة لحل مشاكله الاقتصادية والداخلية العديدة فشلت بالكامل، لأن ائتلافا من القوى الغربية والعربية بقيادة الولايات المتحدة سرعان ما تجمع لإخراج العراق عن الكويت، وتدمير الكثير من قوته العسكرية، ثم تفكيك أسلحته المختلفة من برامج الدمار الشامل. نجح صدام في التشبث بالسلطة، لكن جهوده في "تغيير النظام" في الكويت فشلت فشلاً ذريعًا. الإطاحة بطالبان: عندما رفض نظام طالبان في أفغانستان تسليم أسامة بن لادن إلى الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، انضمت الولايات المتحدة إلى تحالف الشمال الأفغاني وتدخلت لطرد طالبان من السلطة. بعد ذلك ساعدت واشنطن في تنسيق تشكيل حكومة أفغانية جديدة تحت قيادة حامد كرزاي. ثم ماذا؟ أكثر من 15 عامًا وتريليون دولار، ولا تزال الولايات المتحدة غارقة في حرب لا يمكن أن تفوز بها ولا يبدو أنها ستخرج منها. من الواضح أن إسقاط الحكومات أمر سهل؛ لكن من الصعب جدا إقامة واحدة أخرى جديدة. الاتحاد السوفييتي كان لديه تجربة مماثلة عندما حاول هندسة تغيير النظام في كابول وانتهى به الأمر في حرب طويلة الأمد لم يستطع كسبها. الولايات المتحدة في مواجهة صدام حسين، 2003: في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، تبنت إدارة جورج دبليو بوش خطة المحافظين الجدد "للتحول الإقليمي" في الشرق الأوسط، بدءا بغزو العراق والإطاحة بصدام حسين. لقد سقط الشعب الأمريكي وكثير من الصقور الليبراليين والرئيس بوش ونائبه ديك تشيني في مخطط روج له القادة الإسرائيليون مثل شمعون بيرس، بنيامين نتنياهو، وإيهود باراك. لم تواجه الولايات المتحدة صعوبة كبيرة  في هزيمة جيش الدرجة الرابعة في عهد صدام، لكن النتيجة النهائية كانت تمرد مريع، وتوسيع كبير للنفوذ الإيراني، وفي نهاية المطاف، ظهر تنظيم الدولة الإسلامية. كما أودت الحرب بحياة أكثر من 7000 جندي ومقاول أمريكيين وخلفت أكثر من 50.000 جريح، وتسببت في تكبد دافع الضرائب الأمريكي عدة تريليونات من المحافظين الجدد – بمن فيهم جون بولتون- الذين يدافعون عن القرار حتى يومنا هذا، لكن لا…

تابع القراءة

تصريحات وزير الخارجية الأمريكية بشأن إيران – الأهداف والنتائج المتوقعة

 تصريحات وزير الخارجية الأمريكية بشأن إيران – الأهداف والنتائج المتوقعة صرح وزير الخارجية الأميركي بومبيو إن الإستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه إيران تتكون من 7 محاور، مؤكداً أن الضغط الاقتصادي هو الجانب الأبرز من الاستراتيجية الجديدة، ومشدداً على أن إيران ستتعرض للعقوبات الأكثر قسوة في التاريخ إذا واصلت سياساتها. وتتمثل المطالب الأميركية الـ 12 فيما يلي: 1)    وقف محاولات تطوير سلاح نووي. 2)    السماح لمفتشي الوكالة الدولية بدخول كل المواقع النووية. 3)    وقف إنتاج أي صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. 4)    الكشف عن جهودها السابقة لبناء سلاح نووي. 5)    وقف دعم الإرهاب وخاصة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي. 6)    وقف دعم الميليشيات الشيعية في المنطقة والحوثيين. 7)    سحب قواتها من سوريا. 8)    وقف دعم طالبان وجماعات إرهابية في أفغانستان. 9)    وقف استضافة قيادات القاعدة. 10)          وقف تهديد دول جوارها. 11)          الإفراج عن كافة المعتقلين الأميركيين في إيران. 12)          وقف عمليات القرصنة الإلكترونية. وتعكس المطالب الأمريكية رغبة الإدارة الحالية في تقليم أظافر إيران ومنعها من تطوير ليس فقط قدراتها النووية وإنما كذلك دورها في منطقة الشرق الأوسط وفي المناطق التى تشهد توترات عميقة مثلما هو الحال في سورية واليمن. ويبدو أن الولايات المتحدة باتت تتخوف بشدة من الدور الإيراني، خاصة وأنه يتماهى مع الدور الروسي لدرجة باتت تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما تخشاه الإدارة الأمريكية الحالية التى تحاول وضع حد للنفوذ الروسي والإيراني المتزايد في المنطقة، خاصة وأن الفترة الماضية قد شهدت تعاظم في الدور الروسي مقابل تراجع كبير في الدور الأمريكي. وتخشى الإدارة الأمريكية الحالية أن يؤدي هذا إلي فقدان الأنظمة الخليجية ثقتها في الشريك الأمريكي، وذلك ما يصب في صالح المنافس الروسي الذي يحاول أن يحصل علي أي مكاسب في المنطقة لتعويض الجهود التى بذلها من أجل الحفاظ علي بقاء النظام السوري، لذلك تحاول الإدارة الأمريكية التى ترى في سياسات الرئيس الأمريكي السابق أوباما خطأ فادحاً تدفع الولايات المتحدة ثمنه الآن، وهو ما يحاول ترمب تصحيحه من خلال استعادة ثقة الشريك الخليجي الذي يدفع أموالاً طائلة لإرضاء شريكه الأمريكي وكسب ثقته من جديد. لذلك تبدو المطالب الأمريكية من إيران مقبولة ومبررة وقد تزداد إذا ما أصرت إيران علي التعنت في الالتزام بها ومحاولاتها فضح أو الاستهزاء بالإدارة الأمريكية الحالية، لأن تلك المطالب لا تصب في صالح الولايات المتحدة وحسب، بل وتعيدها من جديد إلي لعب دور أكثر فعالية في منطقة الشرق الأوسط. غير أن ذلك لا يعني أن الأمور قد تتطور إلي حرب مفتوحة أو حتى إلي صراع دولي بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران وروسيا وحلفائهم من جهة أخرى، بل تظل الأمور في إطار الممكن والمقبول من قبل الطرفين، ولا يستبعد أن يتوصلا إلى تفاهمات غير معلنة بحيث تبقى الأمور في النهاية تحت السيطرة الأمريكية، وفي نفس الوقت لا يتم حصار النظام الإيراني واسقاطه مثلما فعلت الولايات المتحدة مع دول أخرى.

تابع القراءة

القدس تلقي بظلالها على العلاقات الأمريكية التركية

 القدس تلقي بظلالها على العلاقات الأمريكية التركية[1] أدى نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب للقدس في 14 مايو – وفقا لقرار الرئيس دونالد ترامب المثير للجدل قبل خمسة أشهر – والذي تزامن مع إحياء ذكرى الفلسطينيين لحزنهم الوطني النابع من خلق إسرائيل وكذلك مع بداية شهر رمضان، إلى مظاهرات حاشدة قام بها فلسطينيون على السياج الحدودي لغزة واستشهاد أكثر من 60 فلسطينيًا. وفي الوقت نفسه، زاد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، حيث بدأ الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان في طليعة معارضة إعلان ترامب في 6 ديسمبر، في حشد وتوجيه الاستجابة من العالم الإسلامي والمجتمع الدولي، ليس فقط ضد إسرائيل ولكن أيضا الولايات المتحدة. وكان أردوغان قد كرر اعتراضه على تحرك ترامب على شبكة سي إن إن الدولية يوم 8 مايو، ووصفه بأنه "خطأ فادح" يجب على الولايات المتحدة التراجع عنه لأنه "لم يكسب شيئا" من ذلك. في 13 مايو، سخر أردوغان من الولايات المتحدة من قدرتها على الحصول على الدعم في الأمم المتحدة من "سبعة أو ثمانية بلدان صغيرة لا يمكن العثور عليها على الخريطة" وموقفها ضد الدول الـ 128 التي عارضت ذلك على الرغم من "كثرة الاتصالات والعروض المالية التي لا حصر لها. وحذر من أنه "من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة قد تخاطر بفقد حلفائها." وأضاف أردوغان "إن الولايات المتحدة فضلت الحفاظ على وضعها الذي يتجاهل المبادئ الأساسية القانون الدولي، وإرادة المجتمع الدولي والواقع التاريخي والاجتماعي، عن طريق نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، لقد انتهكت الولايات المتحدة جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وأضعفت مصداقيتها أمام المجتمع الدولي وفقدت دورها كوسيط في تسوية هذا النزاع". في يوم النقل، علق أردوغان من لندن قائلاً: "وجدنا أن قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها أمر مؤسف للغاية، نرفض مرة أخرى هذا القرار الذي يتجاهل القانون الدولي وينتهك قرارات الأمم المتحدة، لقد فقدت الولايات المتحدة دورها كوسيط في عملية السلام في الشرق الأوسط بخطوتها الأخيرة التي اختارت أن تكون جزءاً من المشكلة بدلاً من الحل، هناك شخصان مسؤولان عن وفاة الفلسطينيين السيد ترامب ونتنياهو". وفي خطاب آخر في نفس اليوم ، قال أردوغان: "أنا أدين هذه المأساة الإنسانية، هذه الإبادة الجماعية وأولئك الذين يبقون صامتين معها". وأشار إلى التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا حول شمال سوريا، مقارنا الدعم الأمريكي لإسرائيل وتعاونها مع الأكراد وقواتهم. صعد نائب رئيس الوزراء بيكر بوزداج من انتقادات تركيا للولايات المتحدة، ووصف الأمر بأنه "هجوم مشترك على جميع المسلمين"، ووصف الولايات المتحدة بأنها "الجاني، مع إسرائيل"،  وتابع "أن ما اتخذته الولايات المتحدة من مواقف وخطوات تسببت في هذه المجزرة.. هناك دم فلسطيني على يديها. إننا ندين بشدة الإدارة الأمريكية ودولة إسرائيب الإرهابية على الاستبداد والمذابح التي ارتكباها". وقد تابعت وزارة الخارجية التركية إدانتها رسمياً باعتبار الأمر "لاغ وباطل"، وحذرت من أن الولايات المتحدة ستكون مسئولة بشكل كامل عن الآثار، كما أشارت بشكل واضح إلى القرارات المعتمدة بتوجيه تركي قوي في القمة الاستثنائية في اسطنبول لمنظمة التعاون الإسلامي في 13 ديسمبر 2017 والجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر 2017، كدليل على أن "هذه الخطوة غير الشرعية التي اتخذتها الولايات المتحدة" قد "رفضها المجتمع الدولي". ثم شرعت تركيا على الفور في استدعاء سفرائها من الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل لإجراء مشاورات. كما استدعت وزارة الخارجية سفير إسرائيل، الذي وصل إلى أنقرة في 2016 كجزء من التقارب الذي رعته الولايات المتحدة بعد فترة التوقف الدبلوماسي الطويلة الناجمة عن حادث مرمرة في 2010، لإبلاغه بأنه "سيكون مناسبًا أن يعود لبلده لبعض الوقت"، وخضع المبعوث الإسرائيلي لتفتيش جسدي غير عادي في مطار اسطنبول قبل أن يستقل طائرته عائداً إلى تل أبيب. بينما بدأت تركيا ثلاثة أيام من الحداد الرسمي في 14 مايو، والتي قال أردوغان أنها أظهرت أن الشعب التركي "وقف للتضامن مع إخواننا الفلسطينيين"، استهدف المتظاهرون الأتراك السفارات الإسرائيلية والأمريكية في أنقرة. وفي اليوم التالي، عقدت الجمعية الوطنية التركية الكبرى جلسة خاصة واعتمدت إعلانًا مشتركًا باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه الانتخابي، وحزب العمل القومي، وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي الذي أدان الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب تجاهلهما لقرار الأمم المتحدة وتجاهل القيم والإرادة العالمية للمجتمع الدولي. في الوقت نفسه، بدأ أردوغان جهداً دبلوماسياً مستمراً حول القدس باستخدام المنصة الدولية الأوسع التي وفرها وجوده في لندن، بالإضافة إلى لقائه مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وقام بسلسلة من المحادثات الهاتفية مع قادة العالم مثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من فلسطين، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والبابا فرانسيس. بالإضافة إلى تقديم الدعم الكامل للاجتماع الطارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي دعت إليه الكويت. ودعا أردوغان في ديسمبر 2017 لعقد اجتماع طارئ آخر لمنظمة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول يوم 18 مايو، بالتوازي مع اجتماع عام تحت شعار "وقفة ضد الظلم" في نفس اليوم. في اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي، استهدف أردوغان الولايات المتحدة بالقول "على الرغم من كل التحذيرات، استسلمت الولايات المتحدة إلى الدوائر التي تغذي التوتر والمواجهة، بدلاً من أخذ إرادة منظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة في الاعتبار، فضلت أن تتبع نتنياهو وبعض الإنجيليين الراديكاليين… لقد كافأت إسرائيل التي تجاوزت في استخدام أنظمة الفصل العنصري بسياسات الاحتلال الخاصة بها وعاقبت الشعب الفلسطيني الذي يريد السلام. وبقرار القدس، مهدت الولايات المتحدة المسرح لمجازر إسرائيل ودماء الفلسطينيين الأبرياء". هكذا أوضح أردوغان أنه ينوي تصعيد وتوسيع حملته ضد الولايات المتحدة وإسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة في 24 يونيو. من جانبها، اختارت الولايات المتحدة حتى الآن عدم الرد مباشرة على الانتقادات التركية بخلاف إسرائيل التي ردت بالطلب من القنصل التركي في القدس أن يغادر بالإضافة لتوجيه قادتها انتقادات لاذعة لأردوغان. يبدو من المرجح أن هذه القضية ستؤدي إلى تفاقم الضيق الحالي في العلاقات الأمريكية التركية من خلال إضافة بعد آخر إلى قائمة المشاكل المستعصية على جدول الأعمال، والتي تشمل استمرار الدعم العسكري الأمريكي للميليشيا السورية الكردية، والفشل في تسليم رجل الدين المسلم الموجود في الولايات المتحدة فتح الله غولن، وإدانة المسؤول في محاكمة التهرب من العقوبات الإيرانية، والتزام تركيا بشراء النظام الصاروخي S-400 من روسيا، واستمرار احتجاز القس الأمريكي أندرو برونسون. أعلن وزير الخارجية التركي ميفلوت جاسوش أوغلو في 17 مايو أنه يخطط لزيارة واشنطن في 4 يونيو للاجتماع مع نظيره مايك بومبيو "لمناقشة الموافقة على خارطة الطريق في منبج التي تم الاتفاق عليها مسبقا" و"تراجع قوات حماية الشعب الكردية". ومع ذلك ، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت في بيانها إن "المحادثات حول منبج مستمرة، ولم يتم التوصل إلى أي شيء"، وهي علامة على أن المزاج الحالي في واشنطن قد لا يفضي…

تابع القراءة

الصراع في الجنوب الليبي

 الصراع في الجنوب الليبي مقدمة يشير التاريخ الليبى إلى أن الخلاف والصراع بشتى صوره، يبدأ في الشمال بين برقة (الشرق الليبي) وطرابلس (الغرب الليبي)، ويتم حسمه في الجنوب، فالقرارات المصيرية التي أقرها البرلمان في عهد المملكة الليبية، كانت أصوات نواب الجنوب هي المرجِّحة للكفة مثل التعديلات الدستورية عام 1962، التي مهدت لقرار تحويل ليبيا من مملكة فيدرالية إلى مملكة موحدة في ربيع العام 1963، وذلك للحد من تغول سلطات حكومات الأقاليم على حساب الحكومة المركزية[1]. وفى الوقت الذي لم يستطع فيه طرفى الصراع فى الشرق والغرب من حسم الأمور لصالح أى منهما، يتجه الطرفان إلى محاولة السيطرة على الجنوب لدعم نفوذهما وترجيح كفتيهما، فقد شهدت مدينة سبها الواقعة على بعد 660 كيلومتراً جنوب العاصمة الليبية طرابلس اقتتالاً واسعاً، منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي، بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو، قبل أن تدخل على خط المواجهة قوات من الجيش الوطني الليبي، وأخرى تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في اشتباكات دامية خلّفت قتلى وجرحى، ونزوحاً جماعياً قسرياً لعشرات الأسر[2]. وعليه تحاول هذه الورقة التعرف على أسباب الصراع فى الجنوب الليبى؟ أسباب الصراع فى الجنوب الليبى تهميش الجنوب، فهناك نوع من التهميش والتميز ضد الجنوبيين من خلال الإقصاء السياسي والإداري في تولي المناصب السياسية والإدارية العليا في الدولة. فهناك تقارير تشير إلى أن مؤسسات الدولة تدار الآن بـ98 في المائة من كوادر من شرق البلاد وغربها، سواء كان ذاك في الحقائب السياسية أو التمثيل الدبلوماسي أو في المؤسسات الاستثمارية الخارجية والداخلية. بالإضافة إلى حرمان الجنوب من التنمية والخدمات على الرغم مما يمتلكه الجنوب من الموارد الاقتصادية من النفط والغاز والمعادن[3]. ثروات الجنوب، حيث  يتميز الجنوب الليبي باحتوائه على أهم الثروات الطبيعية في البلاد، والتي تتمثل في مخزون النفط والغاز والمعادن والمياه الجوفية المغذية لمنظومة النهر الصناعي[4]. وهو ما يؤدى إلى السعى إلى السيطرة على هذه الثروات من جانب الميليشيات المسلحة إلى جانب الرغبة فى السيطرة على عمليات التهريب، خاصة تهريب البشر، باعتبار ليبيا وبالأخص الجنوب البوابة الرئيسة للهجرة إلى أوروبا، وتجني عصابات التهريب أموالاً طائلة من تهريب الأسلحة والمخدرات والمحروقات[5]. الإنقسامات العرقية، حيث تضم منطقة الجنوب قبائل عربية كأولاد سليمان والقذاذفة وغير عربية كالطوارق والتبو[6]، وتوجد منافسة بين هذه القبائل من أجل الحصول على ثروات الجنوب، وكانت هناك إتهامات من جانب فايز السراج للتبو بمحاولة إحداث تغيير ديمغرافى، والإستعانة بقوات من التبو من الدول المجاورة من أجل السيطرة على الجنوب، وربما لفصله عن ليبيا. إتساع مساحة الجنوب مع وجود كثافة سكانية منخفضة، حيث تحتل المنطقة الجنوبية، بجزئيها الشرقي والغربي، أكثر من ثلث مساحة ليبيا. وتعد الكثافة السكانية بالمنطقة الأضعف في ليبيا، حيث لا تزيد نسبة سكانها عن عشر المجموع العام لسكان البلاد، حسب الإحصاءات الرسمية. وهو ما أدى إلى انتشار عصابات قطاع الطرق التي تمارس السلب والقتل والخطف على المسافرين بالطرقات الصحراوية الطويلة الرابطة بين مدن المنطقة الجنوبية، وبينها وبين المنطقتين الشرقية والغربية، حتى أضحى التنقل بين مدينة وأخرى مغامرة محفوفة بالمخاطر. كما أن إتساع المساحة وقلة السكان مكن تنظيم الدولة من اللجوء إلى الجبال والأودية الواقعة جنوب الجفرة بعد سيطرة قوات البنيان المرصوص على معقلها السابق في سرت، حيث اتخذتها تحصينات لإقامة معسكرات ومنطلقاً لشن هجمات على الطرق القريبة وممارسة السطو[7]، كما أعلن تنظيم الدولة عن تأسيس ولاية فزان، وإن كان لم يتمكن من التوطين وحيازة نطاق جغرافي بعينه كما حدث في سرت، وهو ما يرجعه البعض إلى صعوبة تقبل العامل القبلي لتوطين التنظيم جغرافياً وإن سمح له باختباء بعض عناصره. وترجح بعض التقارير الغربية فرار عناصر وقيادات تنظيمات قاعدية باتجاه الجنوب الليبي، ومنهم مختار بلمختار، وإياد أغ غالي زعيم حركة أنصار الدين الطوارقية، في ظل صلاته مع ابن عمه الشيخ أحمد عمر الأنصاري مؤسس لواء حرس الحدود 315 في أوباري جنوب غرب ليبيا. وأخذت تلك التقارير أهمية كبيرة مع توجه إياد أغ غالي لبناء تحالف جهادي بين الحركات الإرهابية في الساحل الأفريقي في مارس 2017 تحت اسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وضم المرابطون وأنصار الدين وكتائب تحرير ماسينا وإمارة منطقة الصحراء. ومع الضغوط الأميركية والفرنسية على الإرهابيين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ربما تصبح جنوب ليبيا المنصة الأساسية لاختباء عناصر ذلك التحالف[8]. تواجد المليشيات الأجنبية، فهناك المليشيات السودانية "حركة العدل والمساواة السودانية"، التى انتقلت إلى ليبيا منذ 2011، وشاركت في العديد من النزاعات كمرتزقة. أما "حركات المعارضة المالية والنيجرية"، فقد شاركت في الكثير من الصراعات الأهلية في ليبيا، واستعان بهم النظام السابق، والميليشيات الليبية أيضًا بعد سقوط نظام القذافي. بينما يتكون "المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية" من ضباط وعساكر تشاديين منشقين عن النظام الحاكم في البلاد، ويتمركزون في عدة مواقع جنوب سبها. في حين أن "القوات الثورية المسلحة من أجل الصحراء"، ما هي إلا حركة تمرد مكونة بالكامل من التبو وموجهة ضد حكومة النيجر، وقعت اتفاقيات مع الحكومة النيجرية ثم انتقلت مع 2011 للعمل في جنوب ليبيا[9]. وتتمثل الخطورة الأكبر فى استعانة أطراف الصراع الليبي بهذه المليشيات، فقد اتهمت حكومة الخرطوم مجموعات من دارفور غربي السودان مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان بقيادة مني مناوي بالقتال إلى جانب الجيش الوطني الليبي، وربما يفسر ذلك موقف الخرطوم المائل نسبياً لدعم تحالف الإسلاميين ومصراتة ووكلائه المحليين في جنوب ليبيا. بالمثل، لجأت بعض حركات المعارضة لنظام إدريس ديبي في تشاد إلى جنوب ليبيا، خاصة جبهة التغيير والوفاق التي دعمت حكومة الوفاق ومصراتة، وبدا أن الأخيرة تسعى لتوظيف المعارضة التشادية لفك تحالف حفتر – ديبي[10]. تعدد وتغير الولاءات، فهناك إنقسام داخل القبائل حول دعم أحد أطراف الصراع الليبى (قوات حفتر وقوات السراج)، فبالنسبة للطوارق، فالبعض قاتل إلى جانب الزنتان والبعض قاتل إلى جانب قوات مصراتة والبعض قاتل إلى جانب قوات حفتر. وبالنسبة للتبو، في العام 2012، وخلال الحرب الأولى بين التبو وأولاد سليمان، تحالفوا مع مصراتة بينما عارضها أولاد سليمان، وفي العام 2014، انعكست التحالفات، تعاونت المجموعات المسلحة الثلاث الرئيسية من أولاد سليمان في سبها (كتيبة الردع، أحرار فزان، وشهداء سبها) مع مصراتة في حين تلقى التبو الدعم من الجيش الوطني الليبي، وطوال الصراع بين التبو والطوارق، ظل التبو بشكل عام في معسكر الجيش الوطني الليبي، ومع نهاية العام 2016، ومع نضوج محادثات المصالحة مع الطوارق وتدهور العلاقات مع الزنتان، انهار التحالف بين التبو والجيش الوطني الليبي بسبب التصور السائد لدى التبو بانحياز حفتر إلى العرب.  وفي العام 2017، ظلت بعض وحدات التبو متحالفة مع الجيش الوطني الليبي، ووحدات أخرى دعمت مصراتة. وانطبق الأمر ذاته على أولاد سليمان[11]، وتصاعدت الخلافات الأيام الماضية حول تبعية اللواء السادس مشاة الذي ينتمي أغلب أفراده لقبيلة أولاد سليمان، حيث أكد آمر اللواء احميد العطايبي تبعيته لحكومة الوفاق، مما…

تابع القراءة

السيسي يضيق الخناق على المعارضة السياسية – الاقتصاد هو التالي

 السيسي يضيق الخناق على المعارضة السياسية – الاقتصاد هو التالي يدور الحديث بين الحين والآخر عن النفوذ القوي للمؤسسة العسكرية المصرية وخاصة على المستوى الاقتصادي، من حيث المشاركة في المشروعات القومية والأعمال الهندسية الكبرى، في ذها النطاق نشرت مجلة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريرا عن هذه القضية،[1] والتي أشارت فيها إلى بعض الأمثلة التي أصبح الجيش فيها مسئولا اقتصاديا عن الكثير من المشروعات، وكيف تم تحييد رجال الأعمال والقطاع الخاص، وهذا نص المقال: قبل ثلاث سنوات، أعلنت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن العاصمة الإدارية الجديدة ستكتمل في الصحراء الشرقية بمصر بحلول عام 2022، وتضم شوارع مزدحمة بالأشجار، ومنازل جديدة لخمسة ملايين شخص، وأطول مبنى في أفريقيا. المشروع الآن متأخرا تماما عن الموعد المحدد، وفقا للمطورين العسكريين الذين يعملون على إنجازها، فإن الشئ الوحيد المنتهي هو فندق تابع للقوات المسلحة. وقال المتحدث باسم المشروع خالد الحسيني إن واحدة من ثلاث مراحل قيد الإنشاء. وقال: "لم نخطط لأي شيء آخر غير المرحلة الأولى، يجب أن أكون صادقاً". تقول وول ستريت جورنال إن السيسي فاز بفترة رئاسية ثانية في مارس بنسبة 97٪ من الأصوات، ولم يواجه سوى منافس رمزي بعد أن تم سجن أي مرشح معارض ذي مصداقية أو عزله من السباق. في العالم العربي، يشكل استمرار السيسي مثالاً على الأنظمة التي تستعيد نشاطها والتي تزعم باستمرار النصر على القوى التي أطلقها الربيع العربي عام 2011. مصر هي أيضا مثال على كيفية صعود هذه القوى نفسها، من نواح عديدة، تعكس استراتيجية السيسي صورة الرئيس السابق حسني مبارك، الذي انتهى حكمه الذي دام قرابة ثلاثة عقود بانتفاضة شعبية. مثل السيد مبارك، اعتمد السيد السيسي على دولة أمنية واسعة ونهج اقتصادي يميز الجيش. ويشكو كثيرون في قطاع الأعمال التجارية من أن السيسي ذهب إلى أبعد من ذلك في تهميش المشاريع الخاصة، مما ألحق الضرر بالاقتصاد. من أبرز التصريحات في مقال الوول ستريت قول نجيب ساويرس "انهم يثقون بالجيش أولا، ثم القطاع الخاص الذين يقبلونه"، قالها الملياردير الذي يقول إن بعض خططه التجارية المصرية قد أحبطت بسبب تدخل الدولة، وقال "يمكن للأمن حظر أي مشروع، لديهم شركات خاصة بهم الآن، الأمر ليس جيدا". ينمو الاقتصاد المصري بمعدلات متواضعة تبلغ حوالي 5.4٪ ، وفقاً للبنك المركزي. لكن بالنسبة للغالبية العظمى من المصريين، فإن مستويات المعيشة قد تراجعت وسط ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما زاد من المظالم نفسها التي سبقت الثورة. أثار التضخم والضيق الاقتصادي مظاهرات عبر الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، ففي إيران خلال ديسمبر ويناير، أدى الإحباط الاقتصادي إلى أكثر من أسبوع من الاحتجاجات التي خلفت 20 قتيلاً على الأقل. في تونس، أدت تخفيضات الميزانية إلى حدوث تظاهرات صاخبة واشتباكات مع قوات الأمن في 10 مدن وبلدات تزامنت مع ذكرى الإطاحة بزين العابدين بن علي. في الأردن، جرت اعتصامات واحتجاجات أخرى في يناير كرد فعل على ارتفاع سعر الخبز. اندلعت احتجاجات عفوية في مصر في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن أعلنت الحكومة زيادة مفاجئة في أسعار تذاكر مترو الأنفاق. تعتبر دول الخليج كحكومات غنية أن حكومة مصر تمثل جدارا ناريا ضد تكرار الفوضى الشعبية. قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارة للقاهرة في مارس: "دعوت الله ألا تنهار مصر". وكان السيسي القائد السابق للقوات المسلحة قد تولى السلطة بعد أن قاد عملية الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013. في أعقاب الانقلاب، شنت قوات الأمن حملة ضد مؤيدي مرسي وغيرهم من المعارضين السياسيين، مما أسفر عن مقتل ألف شخص على الأقل وسجن عشرات الآلاف من الأشخاص الآخرين، وذلك وفقاً لجماعات حقوقية. وعد السيسي المصريين بالاستقرار والازدهار، مدعيا الفضل في توجيه مصر بعيدا عن الاضطرابات والحروب التي اجتاحت الدول العربية الأخرى مثل سوريا وليبيا واليمن. ولبعض الوقت، كان السيسي يتمتع بمكانة كبيرة، فوضع أنصاره المستوحون شكله على كل شيء. لكن تراجع هذا البريق، حين أثبت أن الاستقرار بعيد المنال حيث تكافح الحكومة لوقف هجمات الجماعات المسلحة، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية الذي قتل مئات الجنود والمدنيين في السنوات الأخيرة. وقد ظهر الاستياء حتى داخل المؤسسة العسكرية نفسها التي جلبت السيسي إلى السلطة، منذ ديسمبر، قامت الحكومة باحتجاز وتهميش مجموعة من المعارضين الذين تقدموا للطعن في الانتخابات الرئاسية ، بما في ذلك ثلاثة ضباط عسكريين حاليين وسابقين. على الرغم من أن السيسي ساعد في توسيع الصورة الاقتصادية للعسكريين، فإن المرشحين المحتملين للمعارضة من خلفيات عسكرية قد هاجموا سجل السيسي في الأمن والاقتصاد وانعدام الحريات السياسية. ولم يعلق مكتب السيسي أو المتحدث باسم القوات المسلحة على الأمر. يقول المحللون إن السيسي يرى نفسه كجزء من مجموعة عالمية من الحكام الأقوياء. قبل التصويت في مصر، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على فوزه في الانتخابات، وأشاد بالرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أصبح زعيم الصين بالأمر الواقع. تعود وول ستريت لتحليل وضعية الجيس في الاقتصاد حيث تؤكد أن الجيش المصري لعب دورا رئيسيا في الاقتصاد لعقود، فساعدت المشاريع التجارية القوات المسلحة على تعويض التخفيضات في الميزانية التي فرضها مبارك في السنوات التالية لمعاهدة السلام عام 1978 مع إسرائيل. وبحلول نهاية الثلاثين سنة التي أمضاها السيد مبارك، امتلك الجيش محلات السوبر ماركت والفنادق وصنع المكرونة بالإضافة إلى الأسلحة، مستغلا وضعه المعفى من الضرائب والوصول إلى العمالة الرخيصة على شكل جنود مجندين. لكن في ظل السيسي، حقق الجيش مستويات جديدة من القوة الاقتصادية. من المستحيل حساب النسبة الدقيقة للاقتصاد الذي تسيطر عليه القوات المسلحة، حيث لا تكشف الشركات المرتبطة بالجيش عن أرباحها ولا يتم الإعلان عن تفاصيل ميزانية الجيش. إن أي محاسبة تتبعها هيئات رقابة حكومية أصبحت أكثر صعوبة الآن، لأن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر يخضع للمحاكمة العسكرية بعد أن انضم إلى حملة رئاسية معارضة وهدد بالإفراج عن أدلة تجريمية حول القيادة العسكرية. في مقابلة مع تلفزيون الدولة في مارس، قال السيسي إن الجيش يشكل فقط 2٪ إلى 3٪ من الاقتصاد. وقال: "لو كان 50٪ لكنت فخوراً"، وقال "القوات المسلحة هي جزء من الحكومة". ويعتقد الخبراء أن الحجم الحقيقي للدور الاقتصادي للجيش أعلى بكثير من الرقم الرسمي، استنادا إلى ملاحظات المؤسسات التي يقودها الجيش. قال أندور ميلر المسؤول السابق عن مصر في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن السيسي "لا يثق في القطاع الخاص أو رجال الأعمال". عندما جاء السيسي إلى السلطة، لجأ إلى الجيش للمساعدة في إصلاح الاقتصاد المتعثر. وكلف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنظيم توسعة قناة السويس، أحد المشاريع العملاقة التي قام بها. بمباركة السيسي، سرعان ما تعدى الجيش على الشركات المدنية، ألغت الحكومة خطة مدنية بتفريغ الأراضي على طول القناة لبناء منطقة صناعية ومنطقة ميناء. وقال أحمد…

تابع القراءة

المشهد السياسي من 18 مايو إلى 25 مايو 2018م

 المشهد السياسي أولاً: المشهد الداخلي 3    حزبان مصريان جديدان برعاية الاستخبارات العامة والحربية، النظام المصري بصدد البدء في إجراءات تأسيس "حزبين كبيرين"، أولهما تحت رعاية جهاز الاستخبارات العامة، ليكون حزباً حاكماً، والثاني تحت رعاية جهاز الاستخبارات الحربية، ليكون كياناً للمعارضة من داخل النظام ذاته، وسيكون ما يسمي بائتلاف "دعم مصر"، الذي يستحوذ على قرابة الثلثين في مجلس النواب، هو النواة الرئيسية للحزب الحاكم، في حين أنّ حزب "مستقبل وطن" سيكون نواة للحزب المعارض في المقابل، والجدير بالذكر أن الاستقرار على تكوين حزبين بدلاً من حزب واحد، يعود إلى حالة الفراغ الحزبي التي كشفتها الانتخابات الرئاسية المنقضية، وعدم وجود كيان معارض له زخم في الشارع، فتلك الديمقراطية الكرتونية والحياة الحزبية المصنوعة وفقًا لتعليمات وخطة محكمة قد تنتهى بمشهد يسعد قادة النظام ولكن تلك التفاصيل وما يجرى في الكواليس والمطابخ السياسية يعكس وكأننا دولة تتأسس من الصفر، وبالتالي فإن النظام يتجاهل كل الحقائق ويصنع حقائق جديدة ليعيش عليها سنوات قادمة. 3    استقالة البدوي عقب عسكرة الوفد، أعلن أبو شقة رئيس "حزب الوفد" انضمام المتحدث السابق باسم الجيش العميد محمد سمير، إلى عضوية الحزب، وتعيينه في منصب مساعد رئيس "الوفد" لشؤون الشباب، وذلك في إطار مساعي نظام السيسي لعسكرة الأحزاب الفاعلة، بوصفه أحد أقدم الأحزاب "الليبرالية" في البلاد، الغريب في الأمر أن الوفد تحديدًا هو من الناحية الأيديولوجية متناقض مع دولة الضباط تمامًا إلا أن البقاء للمصلحة لا للأيديولوجيا المؤسسة، ومن الواضح أن الذين ورثوا الحزب خالفوا الوصية، تقدم الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق، باستقالته هكذا "اتقدم باستقالتي من عضوية المجلس الاستشاري لأسباب أحتفظ بها لنفسي.. مع تمنياتي لكم بالتوفيق في إدارة حزبنا العريق"، البدوي تحديدًا يبدو أنه تعرض لضغوط من لحظة انتخابات الرئاسة، هذه الضغوط دفعته لقرارات متهورة من الواضح أنها قامت بتشويهه في المجال العام ونقص في نظر كثيرين فأغلب الظن أنه آثر الاحتفاظ بما تبقي من ماء وجهه وينسحب من الحياة الحزبية ويهتم بأعماله الخاصة وحياته الشخصية ويتزامن ذلك مع سنه الكبير. 3    المصريين الأحرار يهدد نوابه: من يحضر إفطار مستقبل وطن نعتبره مستقيلًا، قال رئيس حزب المصريين الأحرار إنه في حال حضور النواب التابعين للحزب، إفطار حزب مستقبل وطن سيتم اعتباره مستقيلا من الحزب، وأضاف "خليل" في مداخلة هاتفية بالإعلامي أحمد موسى في برنامجه "على مسؤوليتي" المذاع على قناة "صدى البلد"، أن قانون الأحزاب السياسية ينصب على قيام النائب بتقديم استقالته من الحزب التابع له قبل الانضمام إلى حزب آخر، وتابع: "نحن في حاجة إلى توافر حياة سياسية جديدة، ومن يرغب في الاستقالة من الحزب لن نقف في وجهه ولن نعترض على رغبته"، وأكمل: "حزب المصريين الأحرار مستمر في عمله حال تقدم أعضاء مجلس النواب التابعين للحزب باستقالتهم"، مضيفا: "سنخوض انتخابات المحليات"؛ من المؤكد أن الحزب على وشك التفكك والاختفاء بعد رحيل ساويرس عنه، هو في حالة من التخبط والتهديدات والاستقالات والمنافسة الغريبة، ربما تفككه هدف للدولة وعناد خليل قد يؤدي إلى اختفاء الحزب من الحياة السياسية. 3    نواب يحذرون من تسلل الإخوان في انتخابات المحليات، رأى برلمانيون على ضرورة أن تعي الدولة المصرية، تسلل العناصر المناهضة لها خاصة الإخوان في هذه الانتخابات، مطالبين بضرورة الوعي لدي الشعب المصري لاختيار عناصر قادرة على رقابة ومحاسبة الإدارات المحلية والقدرة على مكافحة الفاسدين بها وتفعيل التنمية بمختلف أرجاء محافظة، فعلي على الرغم من السيطرة الكاملة على كل مفاصل الدولة من قبل أنصار النظام، وعلى الرغم من السيطرة القبضة الأمنية المستعرة إلا أن القلق في قلوبهم من أي شخص يعارض أي شيء فعادة ما يصاب اللص بالخوف الدائم. 3    وول ستريت: هذه إمبراطورية الجيش المصري في عهد السيسي، أشار جارد مالسين في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى تحديات السيسي بعدما سجن أو خوّف من فكر في تحديه في انتخابات الرئاسة، ويقول الكاتب إن "السيسي هو مثال على الأنظمة المتزايدة في العالم العربي، التي تدعي الانتصار على القوى التي أطلق لها الربيع العربي عام 2011، ومصر هي المثال على استمرار هذه القوى بالغليان تحت السطح"، وتقول الصحيفة إن الجيش زحف بتأثيره في كل مكان، من خلال شبكة من الضباط الحاليين والسابقين، الذين يترأسون إدارة مجالس شركات، ويملكون حصصا في القطاع الخاص، لافتة إلى أن الطبقة العسكرية تساعدهم في الحصول على سيطرة وأرباح حتى في الأعمال التي لا يملكها الجيش مباشرة، حيث تقول الخبيرة في اقتصاد مصر في جامعة جورج تاون، شانا مارشال: "لديهم إصبع في كل كعكعة"؛ ويفيد مالسين بأن المسؤولين الأمنيين والعسكريين قاموا بهندسة السيطرة على ثلاث قنوات تلفزيونية خاصة، وسيطر المتحدث السابق باسم الجيش على قناة "هنا العاصمة" في كانون الثاني/ يناير 2017، وقامت شركة أمنية يترأسها مسؤول سابق في الاستخبارات بالسيطرة على قناة "الحياة" منتصف العام الماضي. والعصار يرد: 75% من اقتصاد مصر قائم على القطاع الخاص، والجيش لا يستهدف الربح، قال محمد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربي، «إن 75% من الاقتصاد المصري قائم على القطاع الخاص، والذي يعد شريكًا مهمًا في تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى»، وأَضاف الوزير أن المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بتنفيذها تتم بالتعاون مع شريك من القطاع الخاص وشريك أجنبي تستهدف نقل الخبرة إلى مصر، مؤكدًا وجود حالة تكامل مع القطاع الخاص، وأكد أن هناك 22 منفذًا لبيع المنتجات المدنية للوزارة على مستوى محافظات الجمهورية، يوجد 4 مراكز منها في القاهرة و3 بالإسكندرية. 3    السيسي يقرر إعفاء الاقتصاد غير الرسمي من الضرائب 5 سنوات، طالب السيسي، الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، الانضمام تحت مظلة الدولة للاستفادة من التسهيلات التي تقدمها البنوك لزيادة إنتاجها، وأكد أنه سيتم إعفاء من يتطوع من الذين يعملون في ذلك الاقتصاد من الدخول تحت مظلة الدولة من الضرائب لمدة 5 سنوات، وطالب الحكومة بإيجاد حلول لإعفاء أو تقليل قيمة التأمينات الاجتماعية للاقتصاد غير الرسمي، وأغلب الظن أن هذا التصريح من الوعود التي لا ترتبط بالواقع هدفه السيطرة علي الاقتصاد غير الرسمي وضمه لقبضة النظام بشكل تدريجي. 3    عُطل في خطي المترو – خدمة ما بعد رفع أسعار التذاكر، تعطل المترو في الخط الأول ثم في الخط الثاني يوم الثلاثاء مما أدى إلى سير الركاب على القضبان تحت الأرض في شكل عبثي للغاية يعكس فقر بنية مصر التحتية. 3    الحكومة تدرس بيع 100 شركة للقطاع الخاص، تدرس الحكومة بيع حصصها جزئياً أو كلياً لصالح القطاع الخاص، وكشف محمود منتصر، نائب رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي، أن مجلس الإدارة يقيّم حالياً حصصه ومساهماته في أكثر من 100 شركة مشتركة وقطاع خاص، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي هو تعظيم قيمة الأصول المملوكة للبنك، موضحاً أن البنك يدرس التخارج الجزئي من بعض الشركات لصالح مستثمرين، أو التخارج…

تابع القراءة

درنة من الحصار إلى الحرب

 درنة من الحصار إلى الحرب مقدمة في الوقت الذي تعمل فيه عديد من الجهات المحلية والدولية على إيجاد حل للأزمة الليبية المتواصلة منذ سنوات بطريقة سلمية، أعلن حفتر خلال كلمة ألقاها في الـ7 من مايو/أيار 2018، في حفل تخريج الدفعة الحادية والخمسين من الكلية العسكرية "أن ساعة الصفر لتحرير درنة قد دقت"، وأضاف "المساعي السلمية لمدينة درنة استمرت أكثر من ثلاث سنوات بواسطة عقلاء المدينة ونشطاء من شباب لنجنبها ويلات الحرب حتى بلغت تلك المساعي طريقًا مسدودًا"[1]، لتبدأ بعدها قوات حفتر العمليات العسكرية لاقتحام درنة، وقد شهدت ضواحي المدينة خلال الأيام الماضية مواجهات وغارات جوية نفذتها طائرات تابعة لحفتر، وتحاصر قوات حفتر منذ عدة أشهر المدينة الساحلية التي يسكنها 150 ألف نسمة، وتخضع درنة التي تبعد بأكثر من ألف كيلومتر عن العاصمة طرابلس لسيطرة "مجلس شورى المجاهدين". وكانت المدينة قد سقطت عام 2014 في قبضة داعش الذي طرده "مجلس الشورى" منها في تموز/يوليو 2015 بعد معارك دامية[2]. أهمية درنة بالنسبة لحفتر تعتبر درنة هي آخر معقل رئيسي للمعارضين للكيان المعروف اعلامياً باسم الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر في شرق ليبيا، وأقتصرت سياسة حفتر فى السابق على تطويق المدينة وحصارها مع شن غارات جوية بين الحين والآخر، إلى أن قام حفتر بإعلان بدء العمليات العسكرية لإقتحام المدينة[3]، ليعقبها قصفاً جوياً ومدفعياً مكثفاً، عقب ارتفاع وتيرة الاشتباكات والتصعيد العسكري بين قوات مجلس شورى مجاهدي درنة من جهة، وقوات عملية الكرامة في الجهة المقابلة، وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى[4]. وقد أعلن مقاتلو مجلس شورى مجاهدي درنة استعادة مواقع سيطرت عليها في وقت سابق قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وقالت مصادر من مجلس شورى درنة إن الاشتباكات بين الجانبين أسفرت عن مقتل تسعة من مقاتلي قوات حفتر وإصابة ثلاثين مقابل مقتل أحد عناصر المجلس وإصابة ثلاثة، وتمكن مقاتلو المجلس من تدمير دبابة وعربتين عسكريتين، إحداهما من نوع تايغر[5]. وفى محاولة لضم مقاتلين جدد من المدينة وإتاحة المجال لمن يرغب في الانضمام، أعلن مجلس شورى مجاهدي درنة عن حل نفسه وتكوين جسم مسلح جديد تحت اسم قوة حماية المدينة[6]. وفى المقابل يؤكد محمد القبائلي، أحد مسؤولي المكتب الإعلامي لقوات حفتر، إن تقدماً كبيراً حققته كتائب حفتر بإتجاه المدينة، موضحاً أن منطقة الفتائح الضاحية الشرقية للمدينة تكاد تكون تحت سيطرة قوات حفتر،  وأشار القبائلي إلى أن محور الظهر الحمر جنوب المدينة تجري فيه اشتباكات كبيرة باستخدام الأسلحة الثقيلة والدبابات، معتبراً أنها الجبهة الأصعب بالنسبة لقوات حفتر، حيث تتركز أغلب قوة مجلس شورى المدينة فيه[7]. وفى ذات السياق، فقد أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العربية الليبية العميد أحمد المساري، فى بيان صحفى فى 15 مايو، أن قوات الجيش قد تمكنت من السيطرة على مواقع في محور الظهر الحمر ومحور الحيلة ومحور مرتوبة في مدينة درنة[8]. ويسعى حفتر من خلال السيطرة على درنة من إحكام سيطرته على كل الشرق الليبى، فلم يتبقى فى الشرق سوى درنة التى تمثل معارضة مسلحة لحفتر. كما أن ذلك قد يرسل رسالة تهديد وتخويف لخصومه فى الشرق والغرب، وربما تعطى دفعة لحفتر فيما بعد للتوجه نحو طرابلس. كما أن هذه الحرب تهدف إلى التعتيم على الحالة الصحية لحفتر[9]. ويسعى حفتر أيضاً من خلال الحرب على درنة إلى إيجاد ساحة حرب جديدة من أجل إفراغ مدينة بنغازي من الكتائب القوية، خصوصاً المنتمية إلى قوات "الصاعقة"، التي لا تزال على خلاف مع حفتر، فقد شهدت بنغازى وقوع خلافات متزايدة بين فصائل مسلّحة قبلية، بسبب تزايد حملة الاعتقالات التي تنفذها أجهزة حفتر في صفوف قيادات قبلية، إلى جانب الشعور بالحنق في صفوف قوات الصاعقة، إثر اعتقال حفتر أبرز قادتها وهو الرائد محمود الورفلي، كما أقيل آمرها الأعلى ونيس بوخمادة من رئاسة الغرفة الأمنية بالمدينة[10]. الدعم المصرى والإماراتى لحفتر تلعب مصر دوراً كبيراً فى عملية اقتحام درنة، فقد بدأت هذه العملية فور عودة حفتر من زيارته  للقاهرة. وتنقل مصادر عن المبعوث الدولي لليبيا غسان سلامة حديثه عن أن درنة لم تكن أولوية لدى حفتر، وأنه كان يرغب في التوجه لمهاجمة العاصمة طرابلس، وأن مصر هي من دفعت حفتر نحو درنة. كما أن حضور رئيس اللجنة المصرية المكلفة بالملف الليبي اللواء محمود الكشكي الاحتفال  بـعملية الكرامة، الذي أعلن فيه حفتر حربه على درنة، بمثابة رسالة دعم مصري لحرب حفتر[11]. كما ظهرت تقارير تشير إلى أن ضباطاً مصريين وصلوا أكثر من مرة إلى معسكر لملودة القريب من درنة، في إطار إعداد الخطط العسكرية اللازمة لاقتحام المدينة[12]. كما قامت مصر بالقصف الجوي على أهداف محددة في درنة، فى 7 مايو الحالى. وتقوم مصر بإمداد حفتر بالذخيرة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، في ظل حظر التسليح على ليبيا، المفروض من قبل مجلس الأمن[13]. وترجع أسباب رغبة مصر فى سيطرة حفتر على درنة لرغبتها في بسط قوات حفتر (حليفها الاستراتيجى) نفوذها على كامل مدن الشرق الليبي، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية للمدينة نظرًا لموقعها الجغرافي بالقرب من الحدود مع مصر على الطريق المؤدي إلى بنغازي ووقوعها على الساحل الليبي في منطقة الشرق، إضافة إلى إتهام مصر للجماعات الإسلامية في درنة بأنها تأوي بين صفوفها "إرهابيين" متورطين في الهجمات التي تستهدف الجيش المصري في سيناء ومناطق أخرى من مصر[14]. أما فيما يتعلق بالدعم الإماراتى،  فتشارك الإمارات في الحرب عبر طائرات مسيرة تنطلق من قاعدة الأبرق التي تبعد نحو مئة كيلومتراً عن درنة، وتم نقل هذه الطائرات من قاعدة الخادم العسكرية التي أقامتها الإمارات في شرق ليبيا إلى مطار الأبرق، وقد شاركت هذه الطائرات في القصف الذي طال المدينة فى بداية مايو الحالى[15]. وقد تم الإعلان عن افتتاح خط جوي بين دمشق ومدينة بنغازي (شرقي ليبيا) لاستضافة وتنظيم معرض صنع في سوريا في شرق ليبيا والذي يبدأ يوم 19 أيار/ مايو. وفي الـ17 من شباط/ فبراير الماضي، زار وفد تجاري برئاسة وزير الاقتصاد في الحكومة الموالية لحفتر، سوريا لبحث "سبل إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين البلدين"، والتقى الوفد بعدة مسؤولين ومنهم مفتي النظام السوري. وتعليقا على هذا الخط الجديد، قال رئيس حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبدالله الرفادي، إن "هذا المشروع وهو فتح خط جوي بين دمشق وبنغازي تعمل عليه دولة الإمارات منذ أكثر من سبعة أشهر، وهو غطاء لتزويد "ميليشيات" حفتر بالسلاح سواء أكان روسيا أو إسرائيليا أو فرنسيا وبصورة سريعة"[16]. تواطؤ المبعوث الدولي: يلتزم المجتمع الدولي الصمت  إزاء قرار حفتر اقتحام مدينة درنة، واعتبر كثيرون أن صمت المجتمع الدولي يمنح جيش حفتر ضوءاً أخضر لبدء المعركة. ويرى هؤلاء أن المجتمع الدولي لو كانت لديه تحفظات بشأن المعركة لأصدر بيانات إدانة أو استنكار[17]. وقد ذكر عضو مجلس الدولة احمد لنقي بأن خالد المشري رئيس مجلس الدولة التقى المبعوث الاممي غسان سلامة في…

تابع القراءة

تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني

 تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني في موعد أبكر مما تم الحديث عنه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثامن من مايو انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة العمل بالعقوبات التي كانت مفروضة على طهران، وأوضح في خطابه أن "الاتفاق لم يضمن الحد من نشاطات إيران الخبيثة". تبكير موعد الانسحاب جاء كصدمة لـ"المرونة" التي كان يبديها ترامب أمام الأوروبيين من أجل التوصل لمخرج يوسع الاتفاق بدلا من إلغائه، بل وبدا صادما لأطراف داخلية، منهم جمهوريين في الكونجرس وعدد من كبار المحافظين، وعدد من أركان الإدارة مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس، وعسكريين ودبلوماسيين.[1] دمج ترامب في كلمته بين عدة أمور: دعم إيران لجماعات مسلحة والإرهاب في المنطقة، وامتلاك إيران لصواريخ بالستية، وتعاظم نفوذ إيران الإقليمي، والاتفاق النووي مع الغرب، بما يعني أن جوهر الكلمة ليس الملف النووي أو ضرورة إعادة التفاوض عليه، إنما موقع وسياسات إيران في معادلات الشرق الأوسط.[2] يناقش هذا التقرير عددا من العناصر حول الموقف الأمريكي في الداخل من هذا القرار، ثم الموقف الإيراني وتداعيات القرار على إيران واحتمالات التعامل الأمريكي مستقبلا مع النظام السياسي هناك، وعنصر خاص بموقف الدول المستفيدة من الاتفاق وكيف ستتعامل مع الوضع الجديد، والعنصر الأخير يتناول إسرائيل ومدى استفادتها من القرار، وطبيعة المناقشات الدائرة في الداخل الإسرائيلي بشأنه، واحتمالات حدوث مواجهات عسكرية مستقبلية بين إسرائيل وإيران. ماذا عن الموقف الأمريكي؟ تتجه تحليلات إلى أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق جاء بلا خطة بديلة، وأن أدائه أقرب للأداء المسرحي وليس السياسي، الذي يتم وفق خطط وخيارات، لكن لم تخل قراءة هذا التطور دون ربطه بمجئ جون بولتون ومايك بومبيو لفريق ترامب الرئاسي، لتصبح هناك جبهة لا تتردد في خلق أزمة مع الخارج. وقد تساءل باتريك بيوكانن، أحد أبرز رموز المحافظين التقليديين والمرشح الرئاسي الجمهوري سابقاً، عما إذا كان ترامب ينوي العمل لترجمة شعار "أميركا أولاً أم إسرائيل أولاً؟.[3] للفريق الرئاسي دور في تسويق قرار ترامب، فيعد المؤتمر الصحفي الذي عقده جون بولتون عقب قرار ترامب بمثابة وسيلة لتسويق القرار داخليا، وقام مايك بنس نائب ترامب بمشاورات مع الكونجرس للتمهيد لإعلان ترامب، خاصة وأن هناك العديد من الأعضاء غير مؤيدين للانسحاب من الاتفاق، ثم نشرت وزارة الخزانة قائمةً بالإجراءات والعقوبات التي سيتم إعادة فرضها على إيران، والتي تم تعليقها في السابق نتيجة للاتفاق النووي، وطالبت مذكرة رئاسية من وزارة الدفاع باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة للتعامل مع أي إجراءات عدائية يمكن أن تقوم بها إيران ضد الولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها. الكونجرس ليس له دور أو علاقة بقرار ترامب، لأن الاتفاق تنفيذي يخضع لسلطات الرئيس، ولكن ما يمكن أن يقوم به الكونجرس يتمثل في أمرين، الأول ضرورة موافقته على فرض عقوبات جديدة على إيران، وهذا الأمر من المستبعد أن يتم في الأجل القريب، والثاني هو احتمال قيام مجلس الشيوخ بعقد جلسات استماع حول تداعيات هذا الانسحاب، وسياسة الإدارة بشكل عام في التعامل مع الملف الإيراني.[4] وأصدر مكتب باراك وميشيل أوباما بيانا حول الملف النووي الإيراني، يشرح بعض مبررات ودوافع إدارته لإبرام الاتفاق، ومنها أن الاتفاق يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي ويسد عليها كل الطرق لذلك، لكن ما لم يقله أوباما أن رهانه الأساسي تمثل في فتح السوق الإيراني أمام الشركات الأمريكية الكبرى التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، فيستطيع عبرها تغيير المعادلات الداخلية في إيران عبر التحالف مع الدولة العميقة في إيران، ما يمكنه من تغيير النظام من الداخل أو تحييد القوى الراديكالية فيه.[5] هل ستترك إيران الاتفاق؟ جاء رد الفعل الإيراني هادئا بعض الشئ، ومن الرسائل التي حملتها كلمة روحاني، كانت طمأنة الإيرانيين فيما يخص الوضع الاقتصادي، والتأكيد على استمرار التزام بلاده بالاتفاق، الذي كان يعتبره النظام الإنجاز الوحيد خلال الأعوام الخمسة الماضية.[6] أشرفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مرحلة التطبيق العملي للاتفاق، وأصدرت 11 تقريراً جاء فيها أن إيران التزمت بتعهداتها، وأصدرت اللجنة المشرفة على تطبيق الاتفاق في الداخل الإيراني التي تعرض تقارير دورية، يؤكد غالبيتها وجود خلل في التطبيق من قبل الأطراف الأخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة المتهمة بعرقلة فتح علاقات اقتصادية بين إيران والعالم، وانتقدت أيضا عدم مساعدة الأوروبيين في وصل طهران بالنظام المالي الدولي، وعدم استئناف العلاقات المصرفية معها كما كان مفترضاً.[7] من المتوقع أن يتسبب القرار الأمريكي في شل حركة البنك المركزي الإيراني، وحظر التعامل مع الشركات التابعة للحرس الثوري، مع توقعات بتدهور سعر صرف العملة الإيرانية، خاصة وأنه لا يزال تأثير الأوضاع الداخلية في إيران إثر الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد في محافظات عدة. فقد شهدت السوق الإيرانية تقلبات عنيفة في سعر الصرف الأشهر الماضية، مما أثر على أصحاب المدخرات الذين سعوا لتحويل مدخراتهم للدولار، وعملت الحكومة الإيرانية على تحويل كافة تعاملاتها لليورو، من أجل تفادي سيطرة السلطات المالية الأمريكية على حركة تعاملات إيران الدولية، ولعمل ضغط غير مباشر على الولايات المتحدة عبر دعم دعوات عدم سيطرة الدولار على الحركة المالية الدولية، وقد تتوجه إيران إلى عملات أخرى بجوار اليورو، كاليوان الصيني، مما قد يساهم في توطيد علاقتها بالصين.[8] من ناحية أخرى، يمكن أن تستفيد إيران أيضا من ارتفاع أسعار النفط كدولة من الدول الكبرى المصدرة للنفط، لكنها ستلجأ لسياسة تسمى "النفط الرخيص" عن طريق عرض النفط بسعر أقل من السعر العالمي، من أجل إغراء الدول المستوردة التي لا تريد الإضرار باقتصاداتها، وهو ما قد يجعل هناك دولا تطلب استئناءات من العقوبات الاقتصادية على إيران، يضاف إلى هذا، أن العقوبات المزمع فرضها على إيران ستصبح سارية المفعول خلال ستة أشهر فقط، بما يقلل تأثير العقوبات على الأقل في المدى القريب. وبهذا ستحقق سياسة النفط الرخيص لإيران أكثر من ميزة، أولها كسر حصار العقوبات الاقتصادية عليها، والحفاظ على وجود حلفاء لها في مواجهة أمريكا، والحصول على احتياجاتها من الدول التي تحظى بعرض النفط الرخيص، بما يقلل مهمة تدبير عملات صعبة.[9] لذا يرى تحليل لمركز كارنيجي أن العقوبات هي مجرد أداة، وليست الأساس؛ فحتى إن تباطأت وتيرة التقدم النووي الإيراني خلال أعوام المفاوضات، لكنها لم تتوقف بشكل نهائي.[10] ووضع تحليل لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى خيارات أمام الإدارة الأمريكية للتعامل مع الوضع الجديد:[11] –       إما أن يسعى ترامب لإبرام اتفاق جديد لتصحيح الاتفاق الأصلي، عبر وضع قيود دائمة على التخصيب، وفرض حظر على تطوير الصواريخ الباليستية واعتماد نظام تفتيش أكثر قوة، وتقييد أنشطة إيران بالمنطقة، وهذا يعني الحاجة لورقة ضغط قوية تجبر إيران على العودة لطاولة المفاوضات، فهذا الخيار يضمن لترامب تقليل الفجوة مع دول أوروبا. –       اللجوء لخيار تغيير النظام الإيراني، وهذا يتطلب العمل على تقييم النظام عبر إبراز فساده، والتأكيد على أن مساعي إيران الإقليمية ستشكل خطرا على المصالح الأمريكية، أو عن طريق المراهنة على…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022