دمج التعليم الازهري بالعام .. هل ينجح السيسي في تنفيذ مخططات الهدم القديمة؟
دمج التعليم الازهري بالعام .. هل ينجح السيسي في تنفيذ مخططات الهدم القديمة؟ رغم تأكيد العديد من خبراء التعليم أن نظام الثانوية العامة الجديد، الذي طرحه الوزير طارق شوقي، بدعم وضح من عبد الفتاح السيسي، قد يؤدي تطبيقه إلى كارثة في ظل إصرار وزير التعليم على تطبيق رؤيته التي عارضها أغلب الخبراء، فقد غاب وسط الجدل تصريح للوزير عن دمج التعليم الازهري في الحكومي. فلم يقدم الوزير أي إجابات مقنعة للكثير من الأسئلة التي تحيط بهذا النظام الجديد وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع بدءا بجاهزية المدارس الحكومية في القري والنجوع لإجراء الامتحانات باستخدام شبكة الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر؟ وانتهاء بمدى الثقة الشعبية في شفافية ونزاهة عملية الامتحان التي سيتم تركها في أيدي إدارات المدارس، خاصة أن ترتيب مصر على مؤشر إدراك الفساد العالمي لا يدعو إلى التفاؤل. ولكن تصريح الوزير "إن هناك مناقشات جادة لبحث إمكانية ضم التعليم الأزهري للتعليم العام معًا خلال المرحلة المقبلة"، التي قال إنها ستشهد تغييرًا شاملًا في منظومة التعليم ما قبل الجامعي، وأنه في حالة دمج التعليم الأزهري بالعام، ستصبح الدروس الدينية والقرآن اختياريًا في المناهج"، لم يلق اهتماما اعلاميا ومر مرور الكرام رغم خطورته. جس نبض كان من الواضح أن ما قاله الدكتور طارق شوقي، وزير التعليم في مؤتمره الصحفي 17 أبريل 2018، نوع من "جس نبض" لرد فعل مؤسسة الازهر، وهيئة كبار العلماء، ولهذا جري التراجع عنه دون نفي النية للتوجه له مستقبلا. فقد أضطر وزير التعليم للقول إن "التعليم الأزهري والمعاهد الأزهرية كما هي"، و"النظام الأزهري، نظام موازٍ للتعليم العام، ولا تفكير في دمجه مع التعليم العام النظامي"، بعدما رفض وكيل الازهر ومجلس جامعة الأزهر بشدة الدعوات التي تنادي بدمج التعليم الأزهري أو إلغائه. وقال عباس شومان وكيل الازهر أنه تواصل مع وزير التعليم للاستفسار عن صحة التصريح من عدمه، ونفي الوزير دمج التعليمين، ولكنه "تحدث عن تصميم نظام جديد لرياض الأطفال بالتنسيق مع الأزهر". وأكد مجلس جامعة الأزهر فى بيان له: "رفضه التام للدعوات المطالبة بدمج التعليم الأزهري أو إلغائه"، ودافع عن دور الازهر في بناء "الوطن". ومع هذا لم تتوقف دعوات دمج التعليم الازهري، وقال فايز بركات عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، "إن التعليم الأزهري بحاجة لإعادة نظر فى المناهج وكيفية تدريسها والهدف المرجو منها، داعيا لاستفادة التعليم الأزهري من تجربة التطوير للتعليم العام. خطة السيسي لتطويع مؤسسة الأزهر تدخل التصريحات التي نقلتها صحيفة الاهرام الرسمية عن الوزير وأوضح فيها ملامح هذا الضم للتعليم الازهري للتعليم الحكومي بقوله: "ستكون المواد الدينية اختيارية، شأنها في ذلك شأن مواد الاقتصاد"، وحرص على تأكيد "أن الخطة بتكليف السيسي"، ويقف وراءها، وسوف يعلنها بنفسه، ضمن محاولات تدجين الأزهر وإدخاله الحظيرة الحكومية بكل قوة ومحاولة تجفيف المنابع وضرب التعليم الديني والأزهري في مقتل. وهي خطة قديمة بدأها العسكر عقب 1952، واستمر كل حاكم عسكري يضع لبنة هدم فيها للتعليم الازهري بما يسمح في نهاية المطاف بهدم هذه المؤسسة الدينية وجعلها شكلية هامشية تابعة للرئاسة، ونزع الاستقلال عنها، ولكنها شهدت عدة خطوات تدميرية قوية منذ انقلاب 3 يونية 2013 منها: 1- المشروع الذي قدمه "محمد أبو حامد" عضو المكتب السياسي لائتلاف «دعم مصر» ذراع المخابرات الحربية في البرلمان، لتعديل قانون الأزهر مدعوما بتأييد نحو مائتي نائب، بحسب زعمه، والذي يسعي لتفريغ المؤسسة من قوتها عبر: إعادة تشكيل الهيئات الثلاث: المجلس الأعلى للأزهر، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، بما يسمح بتدخل السلطة في ترشيح علماءها لا بالانتخاب الداخلي بينهم. ويدعو القانون أيضا لعدم انفراد هيئة كبار العلماء بإجراءات اختيار شيخ الازهر عند خلو منصبه وإلغاء بقاؤه في منصبه مدي الحياة، بتحديد مدة ولايته بثمان سنوات (الشيخ الحالي أحمد الطيب عين في 19 مارس 2010 ما يعني انتهاء ولايته بحسب القانون لو طبق). ويكتسب شيخ الأزهر، وفقا لقانون الأزهر الذي أُقرّ في يناير 2012، ونص على انتخاب شيخ الأزهر وانتهاء خدمته ببلوغه سن الثمانين، "حصانة" في منصبه تجعله غير قابل للعزل، إضافة إلى أن تقاعده لن يكون قبل 9 سنوات حين يتعدى الـ 80 عاماً، وفقاً للقانون. وكان أهم ما ركز عليه مشروع "ابو حامد" المدعوم من المخابرات الحربية هو قصر اشراف الازهر علي بعض المعاهد الأزهرية و"نقل تبعية باقي المعاهد والمدارس الأزهرية إلى وزارة التربية والتعليم"، بخلاف استقلالية كاملة لجامعة الأزهر عن المشيخة (بهدف التمهيد لتنفيذ خطة دمج التعليم الازهري في العام)، وعقب تصريحات وزير التعليم الاخيرة بضم التعليم الأزهري للتعليم العام وما واجهه من هجوم، قال ابو حامد أنه يستعد لعرض مشروعه على لجنة الاقتراحات والشكاوى. 2- في ديسمبر 2016، أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، عبر العضو الناصري "جمال فهمي" رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، القومي عزمه دراسة مقترح بدمج التعليم الأزهري بالتعليم العام، مؤكدا أنهم ناقشوا "إنهاء الازدواج بين التعليم العام والتعليم الديني"، بدعوي أن "التعليم الديني ظاهرة خطيرة تصنع بيئة خصبة للأفكار المتطرفة والمنحرفة". 3- طالب نواب بالبرلمان على خلفية حادث تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة عام 2016، بإلغاء التعليم الأزهري أو تقليص عدد المعاهد الأزهرية في مصر، وهو ما نادت به جمعية "مصريون ضد التمييز الديني"، التي طالبت بإلغاء التعليم الأزهري في مرحلة التعليم الأساسي، وقصره على التعليم الجامعي، بدعوي أن التعليم الازهري يؤدي للتطرف وكثير من المتطرفين كانوا من مشايخ الازهر مثل الراحل عمر عبد الرحمن مفتي تنظيم الجهاد والعديد من العلماء الاخرين، وكان من الواضح أن الهدف هو تهميش وإسكات الأصوات الحرة من علماء الازهر الرافضة لعلمنة المجتمع ونشر الفساد. 4- عقب الحملات التي شنتها اجهزة امنية ضد طلاب الصين المسلمين (الاويغور) عام 2017، وتكشف أنها جاءت بطلب من حكومة الصين الشيوعية، شنت وسائل اعلام النظام هجوما على الطلاب المبعوثين بدعاوي انهم نوايا ارهابيين في دولهم، ودعوا لدمج التعليم الازهري في الحكومي للسيطرة عليه، برغم أن هذا الدمج قد يدفع أكثر من 100 دولة للتوقف عن إرسال مواطنيها للتعلم بمصر (الازهر)، ويقضي على ما تبقي من قوة ناعمة للأزهر في العالم. 5- في اعقاب هجوم السيسي المستمر على مؤسسة الازهر ودعوته لها بتجديد الخطاب الديني، نشرت جريدة "المصري اليوم" في يونيو 2016 ما قالت إنه وثيقة مفصلة سميت بـ «وثيقة تجديد الخطاب الديني»، وحملت نتاج مناقشات استمرت لمدة عام بين مؤسسة الأزهر برئاسة شيخه أحمد الطيب، ومجموعة من المثقفين، منهم أستاذ النقد الأدبي الدكتور صلاح فضل الذي عهدت إليه المشيخة بمهمة تحرير الوثيقة، بالإضافة إلى مصطفى الفقي والدكتور السيد ياسين والمستشارة السابقة لمؤسسة الرئاسة سكينة فؤاد، وآخرين. وتطرقت الوثيقة بشكل غير مباشر إلى قضية المناهج التعليمية وضرورة مراجعتها، ولكنها لم تفصل المناهج التعليمية الأزهرية عن باقي المناهج التعليمية في باقي المدارس الحكومية وحتى الدولية والخاصة. ونصت الوثيقة تحديدا على "ضرورة…