
يوم الأرض.. بين مخاوف الصهاينة وتطلعات المقاومة
يوم الأرض.. بين مخاوف الصهاينة وتطلعات المقاومة قبل نحو 42 عامًا، كانت أراضي منطقة الجليل المُصادَرة إيذانًا بإشعال إضراب عام في أراضي 48، ومن مدينة "سخنين" المحتلة انطلقت أحداث "يوم الأرض"، ومنها أيضًا جابت الجمعة 30 مارس 2018، مسيرات حاشدة شوارع المدينة بمشاركة المئات، حيث التحمت مع المسيرة المركزية في مدينة عرابة. هذا العام كانت ذكرى يوم الأرض لها طابع مُختلف نظرًا لما تعانيه القضية الفلسطينية من تحديات، فمن ناحية ملف المُصالحة المُتعثر خاصة بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطني رامي الحمد الله في غزة وبالتزامن مع ما يُعانيه القطاع من ظروف اقتصادية وإنسانية مُتردية، ومن ناحية أخرى الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن ناحية ثالثة معلومات عن تحركات دولية وإقليمية غير مُعلنة لإتمام ما يُسمى بصفقة القرن والتي تعتبرها المقاومة والمُهتمون بالشأن الفلسطيني تصفيةً لملف القضية الفلسطينية. فماذا حدث في ذكرى يوم الأرض؟ وهل انتهت الأحداث عند هذا الحد أم لازالت تحمل الأيام القادمة تطورات جديدة؟ وما علاقة نلك الأحداث بالتطورات في ملف المُصالحة والتقدم لإتمام صفقة القرن؟ وكيف تنتوي الفصائل الفلسطينية المُقاومة توظيف تلك الأحداث؟ كل تلك التساؤلات وغيرها ستُحاول تلك الورقة الإجابة عليها من خلال السطور القليلة القادمة.. أولاً: أحداث يوم الأرض 2018.. تدفق آلاف الفلسطينيين قرب الحدود بين غزة والكيان الصهيوني في مسيرة احتجاجية أُطلق عليها "مسيرة العودة"، فيما نصبت الهيئة الوطنية العليا للمسيرة الكبرى -التي تضم حركة حماس والفصائل وممثلي اللاجئين- عشرات الخيام على بعد مئات الأمتار عن الحدود بين قطاع غزة والكيان. وتوجه عشرات الآلاف من الفلسطينيين لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى استجابةً لدعوات النفير، ردًّا على جماعات الهيكل المزعوم اليهودية والتي طالبت بإخلاء المسجد لها لتقديم القرابين. وقُبيل ساعات من خروج المسيرة الكبرى، قُتل مزارع فلسطيني، فيما أُصيب آخر في محافظة خان يونس فجرًا، بقصف مدفعي إسرائيلي. وبدأ القمع الصهيوني لتلك التظاهرات، حيث استخدمت قوات الاحتلال طائرات بدون طيار لإسقاط الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وألقت الرصاص الحي على المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل 12فلسطينيًا،وإصابة 1200جريح. وعلى الجانب الآخر من الحدود مع القطاع نشرت قوات الكيان ثلاثة آلاف جندي،وتمركز أكثر من 100 قناص على سواتر ترابية، ومددت أسلاكاً شائكة، وأُعلن أن المنطقة المتاخمة لقطاع غزة منطقة عسكرية مغلقة،في المقابل،تمكّن عشرات الشبان من اجتياز السياج رغم مواجهتهم الرصاص الكثيف.[1] ثانياً: نقاط الربح والخسارة للملف الفلسطيني بعد الأحداث.. أعادت "مسيرات العودة" الزخم والبوصلة إلى القضية الفلسطينية مجددًا، بعد تراجعها مؤخرًا، كما يرى محللون سياسيون فلسطينيون. وقالوا إن "مسيرات العودة" قد حققت نجاحًا كبيرًا لمصلحة الفلسطينيين، رغم الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدوها، ويرى هؤلاء المحللون أن المسيرات حملت معها نقاط ربح للفلسطينيين، أكثر من نقاط الخسارة. وكانت كالتالي.. * نقاط الربح.. وتتمثل في: إعادة البوصلة تجاه قضية فلسطين على كافة المستويات، حيث كان الفلسطينيون عُزلًا، لم يحمل أحد منهم رصاصة واحدة، ومع ذلك تعرضوا للقتل والإصابة، وهو ماكشف البطش الإسرائيلي بحقهم، وأدان إسرائيل أمام العالم. وهكذا استطاع الفلسطينيون من خلال مسيراتهم السلمية أن يكسبوا التأييد الإقليمي والدولي لقضيتهم. كما قاموا من خلال تلك المسيرات بإحداث قلق شديد في العقل الإسرائيلي، ووضعه أمام حيرة في التعامل مع الفلسطينيين، فهو غير قادر على خوض حرب تجاه المدنيين، وغير قادر على الصمت. كما جمعت مسيرات العودة الفلسطينيين أخيرًا تحت راية موحدة، بعد انقسام فلسطيني مرير ما زال قائمًا منذ أكثر من 11 عام، وأرسلوا رسالة قوية للعالم بأنهم لن يتخلوا عن حق عودتهم إلى أراضيهم التي هجرتهم منها إسرائيل عام 1948 ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام مشاريع التصفية التي تستهدف قضيتهم، وأبرزها صفقة القرن، والقرارات الأمريكية الأخيرة. * نقاط الخسارة.. كانت الخسارة الوحيدة بالنسبة إلى الفلسطينيين هي الشهداء والجرحى الذين سقطوا في أحداث الجمعة.[2] ثالثًا: أسباب وخلفيات تصاعد حدة المواجهات.. يوم الأرض هذا العام كما سبق وأشرنا يأتي في ظل ظروف حرجة يمر بها الملف الفلسطيني، حيث: * تعثر ملف المصالحة.. كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد حذّر بأن حركة حماس ستتحمل العواقب إذا لم تسلم قطاع غزة إلى الحكومة الفلسطينية، مشددًا في مؤتمر صحافي مع نظيره البلغاري رومن راديف في مقر الرئاسة برام الله على أن حماس مُطالبة بتسليم كل شيء لحكومة الوفاق الوطني، وأولها الأمن وبشكل فوري، وبعد ذلك سنتحمل المسئولية كاملة عن قطاع غزة، وإلا ستتحمل حماس عواقب إفشال الجهود المصرية المشكورة، الساعية لإنهاء هذه الحالة. وكان قد أعلن سابقًا عن نيته اتخاذ إجراءات وطنية وقانونية ومالية ضد قطاع غزة، متهمًا حركة حماس بمحاولة اغتيال الحمد الله وفرج، وهاجم حماس بشكل غير مسبوق قائلاً: "إنهم أهل الاغتيالات والقتل"، موضحاً أنه لا يريد منهم أي تحقيق أو معلومات، أو أي شيء. وتشير تصريحات حركة فتح بوضوح إلى نية عباس إعلان القطاع إقليماً متمرداً إذا لم تسلمه حماس إلى الحكومة الفلسطينية. [3] ومن جانبها رفضت حماس اتهامات الرئيس لها بالمسئولية عن محاولة اغتيال الحمد الله وتهديداته لحماس والقطاع. وأعلن فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة أنه إذا كان أبو مازن جادًا في مواجهة صفقة القرن وإفشالها فليرفع العقوبات عن غزة ويدعم صمود أهلها ويوفر لهم عوامل القوة، ويعزز المقاومة في الضفة والقدس، وليكمل مشوار تحقيق الوحدة. كما صرّح برهوم بأن مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار شكل من أشكال المقاومة وعنوان لحالة المواجهة والتحدي لفرض معادلة جديدة في مشوار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي لنقل القضية الفلسطينية وحق العودة إلى مراحل متقدمة تحول دون تمرير أية مشاريع من شأنها المساس بحقوق شعبنا وتقطع الطريق على كل مخططات العدو ومشاريعه.[4] * تسارع الخطوات باتجاه تنفيذ صفقة القرن.. – عن الصفقة.. هي الصفقة التي سعى إليها الجانب الصهيوني نظرًا لما وجد من عوار –من وجهة نظرهم- في مقترح حل الدولتين. فمن ناحية يجب على إسرائيل وفلسطين أن توجدا في شريحة ضيقة ومزدحمة بالسكان من الأرض، ومن ناحية أخرى فإن هاتين الدولتين ستكونان محاطتين بدول ذات مساحات هائلة من الأرض وعدد قليل من السكان (الأردن ومصر والسعودية). والشيء الذي تتمتع به هذه الدول هو وفرة الشيء الذي تحتاجه بشدة إسرائيل وفلسطين: أرض أكثر. فكانت الصفقة والتي تقضي بأن تقوم مصر بالتنازل لغزة عن مساحة 720 كم2 والتي تساوي حوالي 12% من أراضي الضفة الغربية والتي سيتنازل عنها الفلسطينيون للإسرائيليين. وفي مقابل الأرض التي ستتنازل عنها مصر للفلسطينيين، فإن مصر ستأخذ من إسرائيل مساحة قد تصل إلى 720 كم2 في منطقة فيران جنوب غرب صحراء النقب، وستقوم إسرائيل بنقلها إلى السيادة المصرية، ولكن بالنظر إلى التعويضات الأخرى التي ستحصل عليها مصر فقد تكون هذه المساحة أصغر من ذلك. حيث تتضمن الصفقة –على حد زعمهم: – فوائد للفلسطينيين: توسيع مساحة غزة طبقا للمبادئ المطروحة يعطي ساحلها زيادة قدرها…