مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية بعد قمة الناتو

 كشفت قمة الناتو واجتماع الدول السبع الكبرى الذين حضرهما ترامب في أواخر مايو خلال أول جولة خارجية له عقب توليه مهام منصبه، عن نقاط خلافية بين الجانبين الأمريكي والأوروبي، قد تلقي بظلالها سلبا على العلاقات بينهما، هذه النقاط تتمثل في العلاقات مع روسيا واتفاقية المناخ والتجارة الحرة. فإذا كان ترامب جادا في تحسين علاقة بلاده مع روسيا، فإن هذا سيسبب فجوة في العلاقات الأمريكية الأوروبية، إذ ترى أوروبا وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا أن عودة روسيا بقوة في السياسة الدولية غير مفيد لمصالحها، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي أنتجتها الأزمة السورية، بالإضافة إلى الحديث عن تورط روسيا في الانتخابات الرئاسية لعدد من الدول الغربية ودعمها لليمين المتطرف. كذلك مثّل انسحاب ترامب من اتفاقية باريس بشأن التغيرات المناخية[1]، مزيدا من القلق الأوروبي، وكان ترامب قد هاجم الاتفاقية أثناء حملته الانتخابية وتعهد بالخروج منها، لأنه رأى أن الالتزام بالاتفاقية يعني انخفاض الناتج المحلي للولايات المتحدة بمقدار 2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل. ولذلك فإنه يعتبرها اتفاقية غير عادلة للولايات المتحدة ولا تهتم بالمناخ، إنما بتنمية الموارد المالية لبعض الدول، موضحا أن الموافقة على الاتفاقية كان سيعني فقدان مليونين وسبعمئة وظيفة على الأقل بحلول 2025. وفيما يخص اتفاقية التجارة الحرة مع أوروبا، فقد شن ترامب هجوما كبيرا على ضخامة الصادرات الألمانية من السيارات للولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنه عقب زيارة ميركل للولايات المتحدة، كتب ترامب على تويتر أن ألمانيا مدينة بمبالغ طائلة لحلف شمال الأطلسي، وأن الولايات المتحدة تتكلف الكثير في ملف الدفاع الذي تقدمه لألمانيا، وانتقدها أيضا حين أشار خلال القمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض، بأن برلين لا تسعى للحرب مع إيران، لأنها تريد تأمين إمدادتها من الطاقة والأسواق للصادرات الألمانية، ومن ناحية أخرى، تهتم ألمانيا بمشروع "طريق الحرير" لذلك فهي تعارض المواجهة بين الصين والولايات المتحدة. جدير بالذكر أن العلاقات الألمانية الأمريكية شهدت تراجعا منذ عهد أوباما، ومن الواضح أن ترامب سيكمل المهمة، وذلك إذا ما نظرنا إلى التصريح الذي أدلت به ميركل بأن الأوروبيين يجب أن يقرروا مصيرهم بأيديهم، وأن الاعتماد على الآخرين قد مضى، وضرورة عدم الاعتماد على بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروربي، أو على الولايات المتحدة خاصة بعد الحديث عن رفض ترامب المادة التي تتعلق بالدفاع المتبادل في الناتو، وهذا ربما سيكون في صالح روسيا. كل هذا يمكن تحليله في أن أوروبا تسعى للانفصال عن السياسة الأمريكية في ظل سياسة ترامب التي تقلل من الأوروبيين، لكن هذا الانفصال يحتاج لوقت نظرا لارتباطهما بمستويات متعددة عميقة، بالإضافة إلى أن الانفصال يعني خسارة الولايات المتحدة لمفتاح هام في مواجهة روسيا، لهذا قد يسعى مسئولو السياسة الأمريكية لتحجيم توجهات ترامب، لأن روسيا تنتظر فرصة لإحياء علاقتها بأوروبا وممارسة نفوذ واسع فيها، وفي نفس الوقت عليها أن تواجه الصعود الصيني الذي قد يستغل مشكلات أوروبا الاقتصادية للتقرب منها. [2] وعلى مستوى الشرق الأوسط، هناك دول قد تحقق مكاسب من الفتور الأوروبي الأمريكي، مثل تركيا وإيران ومصر، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة قادرة على الإخلال بأنظمة المنطقة، ومن ناحية أخرى لم يبادر الاتحاد الأوروبي بدور قوي تجاه الربيع العربي. ويرى محللون، أن تدهور العلاقات الأمريكية الأوروبية سيضع أوروبا أمام خيارين فيما يخص الشرق الأوسط، إما الانخراط في تحالف الاعتدال السني الإسرائيلي الامريكي أو الانخراط في المشروع الروسي الذي يسعى لتحجيم القوتين الصاعدتين، تركيا وإيران، لكي لا تنفجر المنطقة أكثر، لكن هناك فرصة كبيرة لإقامة شراكة أوروبية عربية قوية، إذا ما استطاعت فرنسا وألمانيا التحالف ولعب دور استراتيجي في قيادة أوروبا، ولكن عليهما معالجة زوايا محددة مثل ملف الأمن الداخلي والخارجي، والإصلاحات المالية في الاتحاد الأوروبي. [1] تهدف الاتفاقية لمنع ارتفاع معدل درجات الحرارة على الكرة الأ{ضية وإٌبائها دون درجتين مئويتين. [2] "أمريكا وأوروبا والعلاقة التي باتت مهددة"، وكالة الرأي الدولية للأنباء، 3/6/2017، متاح على الرابط                                                                                             

تابع القراءة

تقييم سياسي لأثر الضربات الجوية المصرية لدرنة الليبية

 في سيناريو مكرر لما حدث عقب قيام تنظيم داعش بذبح مجموعة من الاقباط المصريين في ليبيا، عمد النظام بعد اجتماع مصغر لمجلس الامن القومي إلي توجيه ضربة جوية إلي بعض المناطق في مدينة درنة في الشرق الليبي، وذلك بزعم أن العناصر التى استهدفت الاقباط في محافظة المنيا بصعيد مصر تلقوا تدريباتهم في تلك المناطق، وذلك بالرغم من عدم وجود دلائل حقيقية تثبت هذه المزاعم، خاصة وأنه معروف عن مجلس شورى ثوار درنة أنه سبق وأن قام بمحاربة تنظيم داعش في ليبيا وإخراجه من المدينة، يضاف إلي ذلك أن مناطق الجوار المصرية، تسيطر عليها قوات قائد جيش الانقلاب الليبي خليفة حفتر حليف النظام والداعم الاكبر لضرباته في ليبيا والذي يحاصر درنة منذ اكثر من عام، فضلاً عن عدم وجود مصلحة حقيقية لثوار درنة في توتير الاجواء مع القاهرة في الوقت الذي بدت فيه خلال الفترة الماضية وكأنها تحاول اتباع سياسة أكثر مرونة مع مختلف الاطراف الليبية بالاتفاق مع الامارات التى قامت برعاية لقاءات ثنائية بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق الليبية. وفي إطار هذا السياق تثور العديد من التساؤلات حول أسباب تلك الضربات المتواصلة والسريعة، وأهدافها ونتائجها ومدي قدرتها علي تهدئة الغضب المسيحي جراء حالات الاستهداف المتكررة للأقباط خلال الفترة الأخيرة. والواقع أن ادعاءات النظام الخاصة بمسئولية تلك المدينة عن الاحداث التى شهدتها محافظة المنيا غير واقعية، لعدة اسباب أهمها سرعة تلك الضربات التى جاءت في نفس اليوم الذي تم استهداف الاقباط خلاله، ما يعني أنه لم تتوافر المعلومات الكافية لاثبات تورط اي اطراف خارجية في الحادث، وعلي فرض أن هناك معلومات، فكيف يتم غض الطرف عنها وتركها حتى تحدث الكارثة، خاصة وأنه سبق للولايات المتحدة أن حذرت رعاياها من توخي الحذر خوفا من حدوث عمليات ارهابية في مصر، ما يعني أن هناك معلومات متوفرة وتم غض الطرف عنها وعدم التحرك الا بعد حدوث الكارثة. ورغم أن العديد من المحللين وجه انتقاداته اللاذعة للولايات المتحدة بسبب عدم تبادل المعلومات مع الاجهزة الامنية المصرية فيما يتعلق بالتهديدات المحتملة، إلا أن سرعة رد فعل النظام علي العملية، إنما يعكس علمه بتوقيت العملية، بل قد يكون لاحد اطرافه دور فيها من أجل تسهيل وتبرير عمليات استهدافة لقوات ومناطق تركز الثوار في ليبيا. ويهدف النظام من وراء ذلك إلي دعم خليفة حفترة ومساعدته في كسر شوكة القوات العسكرية في درنة، فعلي عكس العديد من ابناء الشعب الليبي بما في ذلك نواب في مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق الليبية كان حفتر الداعم الاكبر للعملية العسكرية المصرية في ليبيا. يضاف إلي ذلك الاعلان صراحة عن حقيقة الموقف المصري الرافض لحكومة الوفاق، بعد فشل محاولات الاقتراب من حكومة الوفاق والوقوف علي الحياد من الصراع في ليبيا، فعلي ما يبدو أن المحاولات الاماراتية والمصرية التى سبقت تلك الضربة والخاصة باعتماد المسار السياسي خيارا لتحقيق اهدافهم السياسية الخاصة بالتمكين لخليفة حفتر في ليبيا لم تؤتي ثمارها، ما دفعهم للعودة للمسار القديم الخاص بالدعم العسكري واللوجستي لحسم المعركة الليبية لصالحهم. لذلك يتوقع ان تستمر تلك الضربة المصرية، ولكن لا يتوقع أن تحدث النتائج المرجوة، وذلك لتعقد الصراع الليبي ووجود اطراف اقليمية ودولية عديدة مشاركة فيه، وهوما قد يجعل بعض الشركاء خاصة الولايات المتحدة للتدخل من أجل وقف ذلك التدخل، حفاظا علي استقرار الاوضاع الليبية ومنعا لتفاقم الصراع الداخلي بالشكل الذي قد يؤثر علي التدفقات النفطية الخارجية. بل علي العكس سوف تنتج اثارا سلبية لتلك الضربة التى من شأنها ان توتر العلاقات المصرية مع حكومة الوفاق الرافضة لتلك الضربات والتى قد تلجأ لادانة مصر في مجلس الامن،خاصة وان المبررات المصرية غير مقنعة ولا تحمل دلائل حقيقية علي تورط درنة فيما حدث في مصر، وبذلك تكون علاقات مصر بدول الجوار المصرية والليبية قد وصلت الي إدني مستوياتها في ظل النظام الحالي، وهو ما يشكل تهديد حقيقي لاستقرار مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا استمر النظام في هذه السياسات التى من شأنها توتير علاقات مصر بجوارها الاقليمي.

تابع القراءة

رؤية إسرائيلية لمآلات التدخل الأمريكي الحالي في سوريا

 نشرت "بوليتيكو"  وهي صحيفة سياسية يومية أمريكية تنشر من واشنطن_ تقريرا بعنوان : ظباط إسرائيليون[1]. جاء التقرير الذي أعده براين بيندر، محرر الامن القومي فى البوليتكو، ومؤلف كتاب "أنت غير منسي"، حول مجموعة من التساؤلات والمعلومات التي توصل إليها من قادة و مسئولين عسكريين اسرائيليين، حول الاستراتيجية الامريكية فى سوريا. بدأ التقرير بتأكيد عدد من المسئولين عن كون قرارات وممارسات الولايات المتحدة الامريكية الاخيرة فى سوريا والعراق، قد تؤدي الى حدوث كارثة حقيقية، خاصة فى الحالة السورية. أشار التقرير إلى عدم تضرر مرتفعات الجولان الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من جراء الضربات الامريكية ضد مواقع تابعة لداعش، إلا أنه أضاف أن المنطقة الجنوبية، أصبح بها قاعدة عسكرية تابعة لجبهة النصرة، ويرفع عليها علم القاعدة، وقاعدة تدريب أخرى خاضعة لداعش، وهو الأمر الذي يقلق الحكومة الأردنية، نتيجة خشيتها من حدوث مناوشات على الحدود الأردنية – الإسرائيلية فى الجنوب. وأضاف أن المخابرات الإسرائيلية توصلت إلى بعض المعلومات حول مؤامرة تدبر لها داعش، لاستخدام أجهزة الكومبيوتر المحمولة فى تفجير الطائرات، وهو الأمر الذى قد يسبب كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معني. إن أكثر ما يخشاه  قادة اسرائيل، أن تؤدي الاستراتيجية الامريكية فى سوريا والعراق، إلي نشأة جيل جديد من الارهابيين الأشد قسوة وعنفاً، نتيجة تعرض السكان المحليين لمعظم هذه الضربات، وهو الأمر الذى سيؤدي الى ميلاد وضع أكثر صعوبة وتعقيداً. هناك شعور بالارتياح داخل الإدارة الامريكية بسهولة هزيمة داعش، وقد أدي هذا الشعور إلى سيادة مستوى من الحيرة وسط عدد غير قليل من قادة الجيش الإسرائيلي، حيث أذن ترامب لقادته الامنيين، بزيادة عدد القوات الامريكية، المشاركة فى العراق وسوريا، بالاضافة الى تصريح وزير الدفاع جيمس ماتيس: بأن الاستراتيجية الامريكية التى ستوجه لداعش، ستكون الأكثر عدوانية، من أجل "إبادة تلك الجماعة"، وهو الأمر الذي يظهر ضمنيا، تهميش الأضرار الجانبية التى ستأتي من وراء هذه الاستراتيجية، حيث ربما تنتج جيل جديد من الجهاديين. تقلل أمريكا من الدعم المحلي، وتشعر أن داعش مرفوضة فى حاضنتها المحلية، إلا أن سيطرة داعش على الموصل مثلًا التى يقطن بداخلها مليون نسمة، من خلال ثمانية الاف مقاتل فقط على اقصي التقديرات، قد يثبت هذا الامر تناقض ما مع الفرضية الامريكية. يركز الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية، على مواجهة داعش، فى حين أن الوجود الايراني فى سوريا اشد خطورة على امن اسرائيل والغرب من داعش نفسها، حيث دعمت ايران نظام الاسد بميليشات عديدة، يأتي على رأسها مليشيا حزب الله، وفى حالة انتصار الاسد فى الحرب الأهلية المشتعلة، فسوف يرد الجميل الذى قدمته له ايران وحزب الله، ومن الطبيعي أن تجد حزب الله على الحدود الاسرائيلية مواجها لها فى مرتفعات الجولان. ولذا يتمثل الخطر الايراني، فى كونه أكثر دراية بالأمور، وأقوي فى ترسانته، لدرجة تجعله أكثر خطراً من داعش والجماعات الجهادية. "ولكن هل يعني ذلك أن الولايات المتحدة وحلفائها يجب أن يسمحوا داعش بالاحتفاظ بما يسمى بالخلافة في أجزاء من شرق سوريا وشرق العراق؟ "لماذا لا؟" ضابط أطلق النار مرة أخرى. واضاف "عندما سألوا رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل مناحيم بيغن في الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات التي تقف وراءها اسرائيل او ايران، قال" اتمنى الحظ لكلا الطرفين ". يمكن أن يذهبوا إليها، ويقتلون بعضهم بعضا ". الشيء نفسه هنا. لديك داعش قتل القاعدة من قبل الآلاف، تنظيم القاعدة قتل داعش من قبل الآلاف. وهم يقتلون حزب الله والأسد "." التعليق : يشير التقرير الى رغبة اسرائيلية فى عدم التقليل والاستهانة بالاضرار والعواقب العكسية التى ستأتي من القضاء على داعش، كما انها تنتقد فى نفس الوقت ترك الوجود الايراني يتوسع فى سوريا، لذا فما وراء هذا التقرير من معلومات، يمكن أن يفهم منه رغبة فى اعادة الخطر الايراني الى الصدارة مجددا خاصة بعد الهدوء الذى حدث عقب عقد الاتفاق النووي، وعدم حصر الخطر فى داعش والتنظيمات الارهابية، لذا قد يكون من الافضل اسرائيلياً وغربياً، اتاحة المجال لمزيد من الاستمرارية فى المواجهة بين المحور الايراني من جهة، وتنظيم داعش والتنظيمات الجهادية المشابهة من جهة أخرى، حيث ستكون فائدته وفاعليته أكثر، من التورط فى حرب عسكرية غير مأمونة العواقب. [1] Israeli Officers: You’re Doing ISIS Wrong The United States is headed for disaster in Syria, some in Israel are warning. http://www.politico.com/magazine/story/2017/05/22/israeli-officers-to-trump-youre-doing-isis-wrong-215172  

تابع القراءة

زيارة وزير الدفاع الروسي إلى القاهرة الأسباب والنتائج المتوقعة

 قام وزيري الخارجية والدفاع الروسي  بزيارة إلى القاهرة التقى خلالها السيسي ووزير الدفاع المصري، وتناولت المباحثات مواجهة الإرهاب في المنطقة، وبحث سبل التعاون المشترك بين البلدين خصوصاً ملف الضبعة النووي المؤجل وملف عودة السياحة الروسية المتعثر، وذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تغييرات وتهديدات جذرية، تدفع القوى الكبري لتعميق تواصلها مع الانظمة الحاكمة في المنطقة، لتحديد شكل التحرك المستقبلي، ومن ثم تعظيم مكاسبها في حال تم الانتهاء من عمليات إعادة التقسيم والترتيب الجارية في العديد من الدول المحورية. كما تأتي الزيارة بعد اقل من أسبوعين علي زيارة الرئيس ترامب للمنطقة ونجاحه في عقد صفقات عسكرية وتجارية مع السعودية تتخطى المائة مليار دولار، الامر الذي من شأنه أن ينعش الخزينة الأمريكية، ويعيد إلي الولايات المتحدة دورها المحوري في المنطقة، ويهدد من جديد النفوذ الروسي المتصاعد، الأمر الذي يحتاج الي إعادة نظر في الدور الروسي بالشكل الذي يحقق لروسيا ما تصبو إليه، خاصة وأنها حتى الآن لم تجن مكاسب من دورها في سورية. وفي الواقع فإن اللقاء الروسي في القاهرة، يمثل مصلحة للطرفين، فكلاهما لم يحقق أي مكاسب، ولا يتوقع لهم أن يحققا أي مكاسب من التعامل مع دول الخليج بعد تقاربها مع الولايات المتحدة، واعتمادها عليها خلال الفترة المقبلة للحفاظ علي أمنها واستقرارها. لذلك لم يعد أمام روسيا ومصر سوى الاتجاه صوب الشقيقة الليبية للاستفادة من التدفقات النفطية الكبيرة التي تملكها ليبيا، والعمل سوياً علي دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في معركته ضد حكومة الوفاق، وهوما بدأته مصر بعد قيامها بتوجيه ضربات عسكرية إلي مدينة درنة الليبية بزعم قيامها بتدريب المسئولين عن مجزرة الاقباط في محافظة المنيا المصرية، ولأن استمرار مصر في لعب هذا الدور يحتاج الي دعم دولي، إذاً فليس أمامها سوى روسيا التى تحتاج بدورها الي دور جديد في ليبيا يعوض خسائرها في سورية، خاصة وأن الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي لن يقبل بدور مصري كبير ولا حتى بدور روسيا، إلا أن تعاون الطرفين المصري والروسي ودعمهم لحفتر في ليبيا بشكل حقيقي وواقعي علي أرض المعركة يمكن أن يسهم في تقوية مواقفهم. لذلك لا يستبعد أن يحدث تنسيق مصري روسي خلال تلك الزيارة لتحقيق تقدم علي الارض لصالح خليفة حفتر، علي أن تتولي الإمارات عملية التمويل، الأمر الذي يعني أننا قد نكون بصدد تطوير للمعارك في ليبيا خلال الفترة المقبلة، ومن ثم تعقيد الصراع والقضاء علي المساعي السياسية التى شهدتها ليبيا واسفرت عن تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الليبية. لا يمكن القطع بنجاح التعاون الليبي الروسي في الشرق الليبي فنظام السيسي يتحرك في منطقة شديدة الحساسية، فهو يطلب دعم الرئيس الأمريكي للضربات في ليبيا وفي نفس الوقت ينسق علي الأرض مع الروس وحفتر، وكلا الأمرين عليهما تحفظات أمريكية واضحة، فهي إذن لعبة خطرة بالنسبة للنظام.  

تابع القراءة

مواقف الأطراف الليبية والإقليمية من الضربة العسكرية المصرية بليبيا

 أعلنت الحكومة المصرية عن قيام القوات الجوية المصرية –بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية وبالمشاركة مع القوات المسلحة الليبية – بتوجيه ضربات انتقامية على 6 مواقع لجماعات في شرق ليبيا تدعي الحكومة تورطها في هجوم المنيا الذي استهدف حافلة للأقباط. وأكدت الحكومة تدمير كامل المركز الرئيسي لتنظيم "شورى مجاهدي درنة الليبي" الذي تقول مصر أنه تابع لتنظيم القاعدة، بالإضافة لمعسكرات أخرى تابعة لتنظيم داعش، وقد نقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية لحفتر عن إحدى الصفحات التابعة للجماعات الإرهابية بأن تلك الضربات أدت لمقتل الإرهابي "عبد المنعم سالم" الملقب بـ"أبو طلحة" القيادي بمجلس شورى درنة، وأربعة من أتباعه. وفي اليوم التالي انتقلت الغارات من شرق ليبيا إلى وسطها بمدينة الجفرة حيث يسعى حفتر للسيطرة علي هذه المنطقة، إذ استهدفت القوات المصرية "تمركز كتيبة شهداء أبوسليم في منازل بور بيحهب الظهر الحمر"،و كذلك تمركزات بجهاز البنية التحتية بالمدخل الغربي لمدينة درنة" و"تمركز اخر بالقرب من جهاز البنية التحتية القريبة من جهة الجبل". أثارت هذه الضربات بعض المخاوف بشأن انجرار مصر في الصراع الليبي، وأن ذلك سيكون له عواقب وخيمة على مصر سياسيا وعسكريا، مستشهدين بالتجربة المصرية في اليمن في ستينيات القرن الماضي، بل وقد يخلق جدل وخلافات في الداخل المصري، لكن المقربين من الحكومة يقولون بأن هذا يأتي في نطاق الدفاع عن النفس وأن القوات المسلحة المصرية لن تتوانى عن الانتقام ممن يهدد الأمن المصري. وقد جاءت تلك الضربات قبل إعلان أي جهة مسئوليتها عن الهجوم الإرهابي الذي حدث في المنيا، وذلك إثر الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الأركان الفريق "محمود حجازي" لمدينة بنغازي شرقي ليبيا، التقى خلالها "خليفة حفتر"، دون أن يتم إعلان تفاصيل عن اللقاء. وترجع أسباب قيام القوات المصرية بهذه الضربات، إضافة للانتقام من تلك التنظيمات، والرغبة في امتصاص غضب المسيحيين، والتأكيد بأن مقاتلي مدينة درنة يأوون عناصر متطرفة مصرية لهم علاقة بالتفجيرات التي تحدث في مصر، وهناك أسباب وأهداف أخرى قد تتعلق بالرغبة المصرية في تغيير المشهد السياسي الليبي لصالح "حفتر" في درنة التي يحاصرها منذ مدة ولم يستطع دخولها، ومن ثم التخلص من الإسلاميين، لأن داعش – التي أعلنت مسئوليتها عن هجوم المنيا – خرجت من درنة، وأصبح الصراع مقتصرا بين قوات حفتر ومجلس شوى مجاهدي درنة. أو أنها محاولة مصرية للاستفادة من النفط الليبي لتعويض أزمات المشتقات النفطية، أو أن تلك الضربات نوع من أنواع استعراض القوة أمام أية أطراف إقليمية قد تكون داعمة لهذه التنظيمات وتوجهاتها الإرهابية، وقد يعبر هذا أيضا عن التحولات التي تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إقامتها في المنطقة عبر خلق تحالفات داخلها بما يحقق مصالحها، وذلك عبر فرض مصر نفسها كلاعب أساسي في الحرب أمام الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا. أما بخصوص موقف الأطراف الليبية من التحركات المصرية، فقد أعلن مجلس النواب الليبي (الداعم لحفتر) في طبرق عبر الناطق باسمه "عبد الله بليحق" تأييده لتلك الضربات، وطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح من الدول الداعمة للإرهاب، مؤكدا أن ذلك يتم بالتنسيق مع القوات المسلحة الليبية، وأكد هذا ما قاله القائد العام لسلاح الجو بالجيش الليبي اللواء "ركن صقر الجروشي"، في حين استهجن المجلس الرئاسي في ليبيا برئاسة "فايز السراج" ما قامت به القوات المصرية دون التنسيق معه كسلطة شرعية معترف بها دوليا، وعبر عن تطلعه للتنسيق في ظل التحالف الدولي والإسلامي لمواجهة العمليات الإرهابية بالداخل والخارج مع الاحترام الكامل للسيادة الوطنية، واستنكر المجلس أيضا ما تم من ضربات في منطقة الجفرة، معتبرا إياها منطقة تعايش وتسامح ولم تكن يوما طرفا في الصراع السياسي أو المواجهات العسكرية التي شهدتها ليبيا في الفترات الأخيرة.لكن عبّر "علي القطراني" نائب رئيس المجلس الرئاسي –والمقاطع لجلسات المجلس- عن تأييده للضربات المصرية وما تقوم به ضد المجموعات الإرهابية في مصر وليبيا حتى يتم هزيمتها ودحرها، واعتبر حزب "العدالة والبناء" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، أن هذه الغارات تمثل انتهاكا لسيادة الدولة الليبية واستقلالها السياسي وتغولا من السلطات المصرية على القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية بحجة محاربة الإرهاب، داعيا مبعوث الأمم المتحدة "مارتن كوبلر" إلى إلزام الدول الأعضاء في المنظمة بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية الليبية دون تنسيق مع الحكومة الشرعية المعترف بها –حكومة الوفاق الوطني-. وقد قامت مصر عبر بعثتها الدائمة في الأمم المتحدة بتقديم خطاب لرئيس مجلس الأمن يوم 27 مايو تخطره بالضربات التي تمت في مدينة درنة، بأن الضربات التي تقوم بها في ليبيا تأتي في إطار الدفاع عن النفس اتساقا مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. ربما هذا الإخطار يأتي من ضمن أسبابه التخوف من أن يتقدم المجلس الرئاسي الليبي، كونه الطرف الرسمي والمعترف به دوليا الذي اعترض على الضربات، بشكوى للأمم المتحدة بأن ما حدث يعد اختراقا للسيادة الليبية، ويمكن تفسير ذلك بأنه لم يشترك في التنسيق لتلك الضربات، على الرغم من إعلانه المتكرر بدعمه لجهود مصر في محاربة الإرهاب، أي أن استهجان المجلس للضربات لا يعني تأييده للجماعات التي تم توجيه الضربات ضدها[1]، لكنه استهجن عدم تنسيق مصر معه رغم وساطة مصر والإمارات في الاتفاق الذي تم التوصل له بين "حفتر" والمجلس الرئاسي بقيادة "السراج" بشأن تشكيل مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح" و"السراج" و"حفتر"، والاتفاق على حل التكشيلات المسلحة وغير النظامية. وقد طالبت الجزائر –بإيعاز من المجلس الرئاسي الليبي- أن توقف مصر ضرباتها الجوية في ليبيا لأن ذلك لن يسهم في حل الأزمات الأمنية التي تعاني منها مصر، وهنا يثور التساؤل عن مدى تأثير تلك الضربات في المستقبل على التنسيق بين دول الجوار الليبي في حل الأزمة الليبية؟يمكن هذا أن يتضح عقب اللقاء المزمع عقده في الأسبوع الأول من الشهر القادم في الجزائر بين وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر لوضع تصور ورؤية مشتركة لدول الجوار الليبي من أجل مواجهة الإرهاب والتطرف في ليبيا. ويمكن القول أن الموقف الدولي يقف مترقباً وقد حرص السيسي علي الحصول علي دعم ترامب أساساً قبل توجيه الضربة العسكرية حيث حصلت مناقشات سابقة بين ترامب والسيسي حول هذا الموضوع. أما الموقف الفرنسي فيشهد تحولات هامة، حيث كانت فرنسا تدعم حفتر بالأسلحة والمعلومات الاستخبارتية والقوات الخاصة، وبعد تأكيد وفاة جنود فرنسيين في ليبيا في العام 2016 ،قامت في طرابلس ومصراته احتجاجات ّ مناهضة لتورط فرنسا  في  ليبيا، وبدا أن هذه الاحتجاجات، مقرونة بشكاوى رئيس الوزراء فايز السراج المدعوم من الأمم المتحدة قد أحدثت تغيراً في السياسة الفرنسية.، ففي سبتمبر عام 2016 ، ّ زار السراج الرئيس الفرنيس آنذاك فرنسوا أولاند وعد خلاله أولاند بدعم السراج، ومنذ ذلك الحين انحسر الدعم الذي تقدمه فرنسا لحفتر بشكل ملحوظ[2] . فهل يستمر السيسي في توجيه الضربات العسكرية لليبيا اعتمادا ًعلي دعم ترمب والامارات أم يتوقف خشية مزيد من…

تابع القراءة

المشهد الأسبوعي 8 يونيو 2017

  المشهد الداخلي المصري:                               قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام الدولة ممثلة في المجلس القومي لرعاية أسر شهداء ومصابي الثورة باستمرار علاج أحد شباب الثورة المصابين منذ يناير 2011، والذي يتلقى علاجا في الخارج تسعى الدولة لقطعه عنه، ولعل هذا الحكم يعكس استمرار مجلس الدولة في تحدي السلطة التنفيذية. تقرر مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية ببرلمان الانقلاب يوم الثاني عشر من الشهر الجاري، وفي هذا الصدد ترددت أنباء حول اجتماع قيادات أمنية مع نواب برلمانيين لترتيب إجراءات إقرار الاتفاقية، وهو ما تصدى له بعض النواب على رأسهم هيثم الحريري بالتوقيع على تعهد بعدم التخلي عن الجزيرتين، وكان تكتل 25/30 هو من أطلق هذه الاستمارة، وجدير بالذكر تبلور مجموعة معارضة داخل البرلمان لا يمكن إغفال دورها خلال الفترة القادمة مهما كان متواضعاً. أقام خالد علي دعوى قضائية للمطالبة بحل مجلس النواب بحجة تقويضه دعائم الحكم، وإهدار نصوص الدستور، والعدوان على استقلال السلطة القضائية بإهدار حجية الأحكام القضائية النهائية والباتة وواجبة النفاذ، وتعريض وحدة البلاد وسلامة أراضيها للخطر، كذلك دعا إلى تبنى حملة إليكترونية تبدأ من يوم السبت القادم فى تمام الساعة التاسعة مساء، حيث يتم استخدام صورة وهشتاج معين للإعلان عن التمسك بملكية الجزيرتين. تبدو في الأفق ملامح تصعيد مسيحي في مصر بسبب تكرار الحوادث الإرهابية التي تستهدفهم، ففي المنيا وبعد أيام قليلة من الحادث الذي استهدف حافلة تقل مسيحيين إلى أحد الأديرة أعلن أقباط قرية «كوم اللوفي» بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، الدخول في اعتصام مفتوح داخل مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لحين استجابة الحكومة لهم في حقهم في بناء كنيسة داخل قريتهم. في إطار مواجهة الدولة لتداعيات الأزمة الاقتصادية تم حبس ٣٢ من عمال أسمنت طرة ٣ سنوات مع الشغل، وهو الأمر الذي يهدف لكبح جماح الحراك العمالي وترهيب الفئات العمالية ومنعها من الحراك مع تزايد الإجراءات الاقتصادية القاسية، ولعل الأمر الملفت للنظر مشاركة القضاء في إطلاق أحكام بسجن نشطاء الحراك العمالي. شهد الشارع المصري عودة على استحياء للحراك الشعبي المعارض من خلال حملة بعنوان "اتحاد الجرابيع" تعتمد على تعليق بوسترات تسئ للنظام الانقلابي بصورة غير مباشرة في مترو الأنفاق، وهو ما يبشر باحتمال ظهور موجة احتجاجية جديدة الفترة القادمة انطلاقا من سوء الأوضاع الاقتصادية. عقد السيسي مؤتمرا مع المحافظين لعرض جهودهم في استرداد أراضي أملاك الدولة، وذلك بعد انتهاء المدة التي قررها مسبقا للانتهاء من هذه المهمة، وأكد السيسي خلال المؤتمر أن الدولة ستفرض أسعارا معينة على واضعي اليد الراغبين في تقنين أوضاعهم، وهي مبالغ كبيرة وصفها السيسي ب " شنط فلوس"، مؤكدا على طرد واضع اليد الغير موافق على شراء الأرض بثمنها كاملا حتى لو كان قد زرع الأرض وعمّرها، وهو ما يؤكد على سياسة الدولة الراغبة في جمع الأموال من المواطنين بأي صورة. أعلن السيسي تعيينه لضياء رشوان رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات، وكانت بعض الأحاديث قد ترددت مؤخرا عن وجود خلافات كثيرة بين وزارة الخارجية والهيئة العامة أفضت إلى المطالبة بتعيين رئيس للهيئة من خارج وزارة الخارجية. في إطار مساعي عزل قطر إقليميا أعلنت مؤسسة الأزهر عن تأييدها لخطوة قطع العلاقات مع قطر بحجة مفارقتها لجماعة المسلمين ولعل ذلك يعكس دفع الأزهر لضريبة استعادة سيطرته على المساحات الدينية وتراجع الدولة عن اختراق هذه المساحات، أي العودة للعلاقة الطبيعية بين الأزهر والدولة والمتمثلة في التأييد الكامل من قبل الأزهر للدولة فيما يتعلق بالسياسات بإضفاء الشرعية عليها مقابل ترك المجال للمؤسسة الأزهرية في النواحي الدينية بالكامل وهي العلاقة التي كادت أن تتغير في الفترة الأخيرة بتدخل الدولة السافر في الشئون الدينية. المشهد الاقليمي والدولي: بعد تصاعد الأزمة في العلاقات المصرية السودانية والتصعيد الذي شهده جبل العوينات الأسبوع الماضي، شهد هذا الأسبوع زيارة لوزير الخارجية السوداني إلى مصر لتلطيف الأجواء وسط تصريحات دبلوماسية تؤكد على قوة العلاقات بين البلدين؛ وفي حين أحجمت مصر عن التصعيد الاعلامي مع السودان فإن زيارة وزير الخارجية السوداني رغبة الخرطوم في تهدئة أجواء التوتر، والاكتفاء بالكشف عن تدخلهم المريب في الشأن السوداني، وذلك علي اعتبار أن حكومة الخرطوم تواجه العديد من التحديات، وهي تخشى من الزج باسمها في الحرب الدائرة ضد الارهاب من قبل مصر التي تتمتع بعلاقات جيدة مع واشنطن. لا زال القصف المصري لبعض المناطق الليبية وليس فقط درنه متواصلا وإن كان بشكل متقطع، ما يؤكد أن تلك الضربات ليست ردا على حادث المنيا الأليم، وإنما تأتي في إطار خطط مسبقة هدفها تقديم الدعم لخليفة حفتر في بعض المناطق التي يعجز عن إحراز تقدم حقيقي فيها خاصة درنة التي يحاصرها منذ أكثر من عام ومناطق الوسط والغرب الليبي الواقعة بالكامل تحت سيطرة حكومة الوفاق المناوئة لحفتر. في إطار الأزمة القطرية الخليجية تم اختراق البريد الاليكتروني للسفير الاماراتي في واشنطن، وظهر كأن الموضوع مرتب بدقة بهدف ضرب الامارات بنفس السلاح الذي استخدمته ضد قطر، وكشفها ليس أمام الشعوب وإنما أمام الرأي العام الامريكي والعربي، وقد تمثل رد الفعل الاماراتي السعودي السريع علي ذلك الامر، في تشكيل تحالف خليجي عربي معاد لقطر، حيث أعلنت الامارات والسعودية والبحرين بالإضافة الي مصر قطع العلاقات مع قطر وغلق الحدود البرية والجوية المشتركة. وبدا أن دخول السعودية في هذه الأزمة كان له انعكاسات سلبية على النظام، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي أرجع السبب في قطع العلاقات مع قطر في دعمها لحماس والإخوان المسلمين، الأمر الذي أثار ردود فعل شعبية غاضبة، قد يدفعها الي تدارك هذا الخطأ الفادح، وهو ما بدأت ارهاصاته على لسان وزير الخارجية نفسه الذي عاد وأكد على أن دول الخليج لا يحتاج الي وساطة أحد وأنها ستحل الازمة في إطار البيت الخليجي، وذلك في إشارة الي الدور الذي تقوم به الكويت وعمان لحل تلك الازمة. كان لأوروبا دور إيجابي في التعامل مع الازمة القطرية بعد أن أعربت كلا من ألمانيا وفرنسا رفضها للإجراءات الخليجية ضد قطر وإعلانهما دعمهما لقطر، الأمر الذي دفع وزير الخارجية السعودي لسرعة القيام بزيارة لألمانيا لتبرير المواقف الخليجية من قطر، وكأنهم يحاولون تشكيل موقف دولي موحد ضد النظام القطري، وهو مالم ينجح حتى الآن، بسبب تشكك الدول الأوربية في دوافع القرارات الخليجية واعتقادهم بأن ترامب وراء ذلك، وأن هذا في النهاية قد يضر بمصالحهم في منطقة الشرق الاوسط. على الصعيد الأمريكي نفسه ظهر انقسام بين المؤسسات الامريكية والادارة الامريكية، ذلك الانقسام الذي دفع ترامب في النهاية بعد مهاجمته لقطر بدعوتها إلى الولايات المتحدة لمناقشة الأزمة والاتفاق مع بقية دول الخليج علي حلول لتلك الازمة. في المقابل أكدت تركيا تضامنها مع قطر وسعيها لحل الأزمة القائمة حاليا، حيث قامت بإرسال قوات عسكرية تركية…

تابع القراءة

أبعاد الأزمة القطرية الخليجية

 أعلنت دول خليجية –الإمارات والسعودية- إضافة إلى مصر قطع علاقاتها مع قطر الإثنين 5 يونيو 2017، وذلك في تحرك منسق بعد أن اتهمتها هذه الدول بدعم "جماعات إرهابية وطائفية "وإيران، وآثر ذلك أعلنت دولة المالديف والنظام المأزوم في اليمن وحكومة شرق ليبيا –خليفة حفتر- انضمامها للتحرك الخليجي المصري ضد حكومة الدوحة[1]. وقد أُثار التحرك العنيف الذي قادته هذه الدول ضد قطر إلى تفجر سيل من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية الدافعة لهذا التطور السلبي غير المسبوق في العلاقات الخليجية/الخليجية، والتكهنات حول المآلات المتوقعة والمنتظرة لهذا التصعيد، وأيضاً حول الخطوة القادمة التي يمكن أن تلجأ لها هذه الدول في معركة تكسير العظام التي تقودها ضد النظام القطري، أوراق الضغط التي تمتلكها قطر في مواجهة الهجوم غير المسبوق التي تقوده الدول المذكورة عليها، والذي حدا بالبعض القول أن ما يجري حاليا هو عملية محكمة لخنق دولة قطر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وعزلها عن العالمين العربي والدولي، وإعلان الحرب الدبلوماسية والاقتصادية عليها كتمهيد للمرحلة الأخيرة وهي الحرب العسكرية[2]. وقد تضمنت قرارات الدول الست التي أعلنت قطع علاقاتها مع قطر، مجموعة من الإجراءات التي توقف كافة التعاملات مع الدوحة، حيث شملت قطع العلاقات مع قطر بما فيها الدبلوماسية، وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، ومنع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى أراضي تلك الدول، وإمهال المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوما للمغادرة، ومنع الرعايا من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، وإغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة، واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورها بالأجواء والمياه الإقليمية لتلك الدول من وإلى قطر وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني[3]. وفي أول رد فعل قطري على التصعيد ضدها، أعربت وزارة الخارجية بدولة قطر في بيان لها عن بالغ أسفها واستغرابها الشديد من قرار كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة و مملكة البحرين بإغلاق حدودها ومجالها الجوي وقطع علاقاتها الدبلوماسية، وقد وصفت هذه القرارات بأنها غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة، مؤكدة أن الهدف الحقيقي لهذه الإجراءات هو فرض الوصاية على الدولة، مشددة على أن هذا بحد ذاته انتهاك لسيادتها كدولة وهو أمر مرفوض قطعيا، مضيفة أن الادعاءات التي وردت في بيانات قطع العلاقات التي اصدرتها الدول الثلاث تمثل سعيا مكشوفا يؤكد التخطيط المسبق للحملات الاعلامية التي تضمنت الكثير من الافتراءات[4]. وتظهر لهجة البيان أن الدوحة لا تنتوي على الأقل في الوقت الراهن الخضوع للضغوط والقبول بالتراجع عن سياساتها التي خلقت كل هذا الرفض والمعارضة. والغريب في البيان أنه لم يشر إلى موقف القاهرة إلا في سطر واحد هامشي من البيان، جاء فيه أنه "لا توجد مبررات شرعية لهذه الاجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر والهدف منها واضح وهو فرض الوصاية على الدوحة"[5].   محددات الموقف الخليجي المصري من الدوحة: البحث في الأسباب التي دعت هذه الدول للجوء لهذه الإجراءات التصعيدية مع قطر يكشف عن عدد من المحددات القوية التي بالفعل تجعل من المنطقي وغير المستبعد أن تتزايد الضغوط الخليجية/المصرية بهذا الشكل غير المسبوق على قطر. أولاً: الموقف من الربيع العربي. بينما عرفت الدول الخليجية برفضها للربيع العربي، بل ومعاداتها له، أو على الأقل تخوفها منه ورفضها له، عرفت قطر بدعمها للتحركات الشعبية المناهضة للأنظمة التسلطية القائمة في بلادهم، ووقوفها إلى جانب هذه التحركات، وما لعبته مجموعة الجزيرة الإعلامية وغيرها من المؤسسات الإعلامية التي تدور في فلكها والمدعومة قطريا في تغطية هذه التحركات الشعبية الغير مسبوقة، وكشفها عن الممارسات الاستبدادية وغير الانسانية التي مارستها النظم الحاكمة في مجابهة هذه المساعي الشعبية للتغيير، وكيف أسهمت تغطيتها لهذه الأحداث في خلق رأي عام داعم لهذه التحركات وناقم على النظم الحاكمة وسياساتها قبل تفجر الاحتجاجات وأثنائه. وحتى مع تعثر التجارب الثورية في الدول التي شهدت اندلاع أحداث الربيع العربي واصلت الدوحة دعمها للحركات الثورية وللاتجاهات الثورية وواصلت الاعلان عن معاداتها للثورات المضادة التي انتعشت محاولِة استعادت زمام السيطرة على الامور، مدعومة مادياً ولوجستياً من أنظمة الحكم في السعودية والإمارات، خلق هذا الموقف القطري تباين واضح في السياسات داخل البيت الخليجي وقد استمر هذا التباين في الترسخ مع مرور الوقت. ثانياً: الموقف من قوى الإسلام السياسي. مواقف الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات من قوى الإسلام السياسي تتحدد على خلفية ما تركته الثورة الإيرانية في 1979 من انطباعات لدى هذه النظم، والتي يأكلها الخوف من تكرار هذا النموذج في الدول التي شهدت حراك ثوري نجم عنه وصول الإسلاميون إلى سدة الحكم، خوف تغذى على ايمان هذه النظم أن قوى الإسلام السياسي بمجرد ترسخ اقدامها في الحكم لن تتوقف عن تصدير ثورتها للدول الخليجية، وعلى الخوف من أفول نجم النسخة الخليجية/السلفية من الإسلام الذي أسست هذه الدول سلطانها عليه جراء الصعود الكبير لمشروع الإسلام السياسي، وفي النهاية تغذى كذلك على تحسب هذه الدول من انتقال عدوى الثورة -في حال نجاحها في تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي في المنطقة- إلى دول الخليج. خلق هذا التخوف من قوى الاسلام السياسي سياسات عدوانية قادتها بالأساس الرياض وأبو ظبي ضد تجارب الحكم الإسلامية في دول الثورات. على العكس من ذلك عرفت قطر بدعمها للإسلاميين واحتضانها لهم وتعظيمها لحضورهم في المنطقة والعمل على انجاح تجاربهم الوليدة في الحكم في دول الثورات؛ وذلك من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، حتى مع تعثر تجاربهم في الحكم استمر هذا الدعم، وتعاظم هذا التأييد، ووجدت القوى الإسلامية في قطر ملاذاً أمناً مع اشتداد هجمات قوى الدولة العميقة على التشكيلات الإسلامية الثورية في دول الربيع العربي، وقد جذرت هذه المواقف الفجوة بين الدول الخليجية -السعودية والإمارات- وقطر. ثالثاً: يرى البعض أن ملفات الخلاف بين كل من السعودية والإمارات وقطر ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قد تكون سابقة حتى على ثورات الربيع العربي التي أججت هذه الخلافات وسعًرتها، وبالتالي لا يمكن رد هذا التصاعد الرديكالي في المواقف الخليجية –الامارات والسعودية- تجاه قطر إلى هذه القضايا الخلافية العالقة منذ سنوات، وأن ما حدث من تصعيد يقترب من حافة اعلان الحرب بين هذه الدول يرتبط في الحقيقة بزيارة الرئيس ترامب للرياض -القمة الخليجية الأمريكية- في 21 مايو 2017[6]، والتفاهمات التي جرت فيها، فيما عرف إعلامياً بصفقة القرن، وأن الحملة الراهنة ضد النظام القطري يستهدف إرغام الدوحة على القبول بما جرى الاتفاق بشأنه مع واشنطن، فيما يخص الحرب على الإرهاب ومجابهة التطرف على الدوحة تقليص دعمها لقوى الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس باعتبارهم تنظيمات إرهابية –حركة حماس كما جاء على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة الرياض[7]– ومتطرفة –جماعة الوان المسلمون، وحتى لا يقف الدعم القطري…

تابع القراءة

قراءة في عملية اختراق البريد الإليكتروني للسفير الاماراتي بواشنطن

 اثارت عملية اختراق البريد الاليكتروني لرجل الامارات في الولايات المتحدة الأمريكية " يوسف العتيبة" ردود فعل عديدة علي المستويين العربي والأمريكي، إذ عكست التسريبات الدور الذي تلعبه الإمارات لدى صناع القرار في الولايات المتحدة لتعظيم دورها في المنطقة، حتى ولو كان ذلك علي حساب مصالح الشعوب والأنظمة العربية بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي. وعلي الرغم من أن التسريبات لم تأت بجديد، إذ يعلم الرأي العام العربي الدور المشبوه الذي تلعبه الامارات سواء فيما يتعلق بإجهاض ثورات الربيع العربي، أو بتأليب الإدارات الامريكية علي شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، هذا بخلاف تعاونها الوثيق مع العدو الصهيوني الذي تعتبره الشريك الاقرب لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن توقيت التسريبات ومضمونها إنما يكشف حقيقة الدور الامارات المعادي للعديد من الأنظمة العربية بما فيها النظام السعودي نفسه، والساعي لتقزيم دور شركاءه في دول مجلس التعاون وعلي رأسهم قطر التى تمثل رأس الحربة المقوض للمشاريع الاماراتية في المنطقة، كون الامارات الدولة الأكثر مساعدة لمعارضي الدور الاماراتي من الاسلاميين في مختلف الدول العربية، وهذا ما يفسر سر العداء الاماراتي لتيار الاسلامي السياسي في مصر واليمن وليبيا وسورية وغيرهم من الدول العربية، وسعيها لانفاق مليارات الدولارات من أجل تقزيم أدوراهم، ومنعهم من الممارسة السياسية المشروعة، حتى ولو كان ذلك علي حساب الحرية والديموقراطية. وتتمثل أهمية ذلك الأمر كذلك في أنه لا يكشف حقيقة الدور الاماراتي المشبوه في الدول العربية المختلفة، وإنما كذلك حقيقة العلاقات الاماراتية بالكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني الموالي له في الولايات المتحدة، وبيان كم التوافق ما بين الطرفين، وذلك علي حساب المصالح العربية والاسلامية في المنطقة وخارجها. كما تتمثل أهمية هذا الاختراق في أنه قد يقوض المساعي الاماراتية المستقبلية الخاصة بإعادة تشكيل منطقة الخليج وفقا لاهواء حكام الامارات ورؤاهم الضيقة، والتى من شأنها أن تسهل عملية اختراق المنطقة من قبل الاعداء المتربصين بها مثلما حصل في سورية ويحصل في اليمن. أما أهم ما قد يسفر عنه الاختراق فيتمثل في احتمالات تغيير الولايات المتحدة لسياساتها تجاه الامارات، إذ من شأن ذلك أن يقلل من ثقة اعضاء الادارة الامريكية في الدور الاماراتي الذي يستهدف بالاساس قيادة العمل العربي، تجنيد صناع القرار في الولايات المتحدة، وفقا لما يصب في الصالح الاماراتي تحت اطار  تسهيل تنفيذ السياسة الامريكية والصهيونية في منطقة الشرق الاوسط. وبالاضافة لما سبق فإن تسريبات البريد الاليكتروني للسفير الاماراتي بواشنطن يوسف العتيبة من شأنها أن تقوض الدور الاماراتي في المنطقة، وهذا علي ما يبدو هو سبب لهم صدمة وغضب شديد دفعهم لسرعة التنسيق مع المملكة لمقاطعة قطر، وعقابها علي الوقوف في وجه الامارات وتقويض مساعيها الخبيثة في المنطقة، فالامارات لم تكن تتوقع أن يحدث ذلك لممثلهم الاقوى في الخارج وحلقة الوصل الرئيسية بينهم وبين الادارة الامريكية، مما يجعلهم في مأزق بعد انكشافه بهذا الشكل وصعوبة الاعتماد عليه في المستقبل، فضلا عن فشل كل الترتيبات التى كانت تعد لها الامارات والخاصة بمنافسيها في المنطقة وعلي راسهم قطر وتركيا، لذلك يتوقع ان نرى خطوات غير مدروسة تعود بالسلب ليس فقط علي قطر وإنما علي دول منطقة الخليج مجتمعة وعلي راسها السعودية والامارات.

تابع القراءة

قراءة في عملية اختراق البريد الإليكتروني للسفير الاماراتي بواشنطن

 اثارت عملية اختراق البريد الاليكتروني لرجل الامارات في الولايات المتحدة الأمريكية " يوسف العتيبة" ردود فعل عديدة علي المستويين العربي والأمريكي، إذ عكست التسريبات الدور الذي تلعبه الإمارات لدى صناع القرار في الولايات المتحدة لتعظيم دورها في المنطقة، حتى ولو كان ذلك علي حساب مصالح الشعوب والأنظمة العربية بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي. وعلي الرغم من أن التسريبات لم تأت بجديد، إذ يعلم الرأي العام العربي الدور المشبوه الذي تلعبه الامارات سواء فيما يتعلق بإجهاض ثورات الربيع العربي، أو بتأليب الإدارات الامريكية علي شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، هذا بخلاف تعاونها الوثيق مع العدو الصهيوني الذي تعتبره الشريك الاقرب لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن توقيت التسريبات ومضمونها إنما يكشف حقيقة الدور الامارات المعادي للعديد من الأنظمة العربية بما فيها النظام السعودي نفسه، والساعي لتقزيم دور شركاءه في دول مجلس التعاون وعلي رأسهم قطر التى تمثل رأس الحربة المقوض للمشاريع الاماراتية في المنطقة، كون الامارات الدولة الأكثر مساعدة لمعارضي الدور الاماراتي من الاسلاميين في مختلف الدول العربية، وهذا ما يفسر سر العداء الاماراتي لتيار الاسلامي السياسي في مصر واليمن وليبيا وسورية وغيرهم من الدول العربية، وسعيها لانفاق مليارات الدولارات من أجل تقزيم أدوراهم، ومنعهم من الممارسة السياسية المشروعة، حتى ولو كان ذلك علي حساب الحرية والديموقراطية. وتتمثل أهمية ذلك الأمر كذلك في أنه لا يكشف حقيقة الدور الاماراتي المشبوه في الدول العربية المختلفة، وإنما كذلك حقيقة العلاقات الاماراتية بالكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني الموالي له في الولايات المتحدة، وبيان كم التوافق ما بين الطرفين، وذلك علي حساب المصالح العربية والاسلامية في المنطقة وخارجها. كما تتمثل أهمية هذا الاختراق في أنه قد يقوض المساعي الاماراتية المستقبلية الخاصة بإعادة تشكيل منطقة الخليج وفقا لاهواء حكام الامارات ورؤاهم الضيقة، والتى من شأنها أن تسهل عملية اختراق المنطقة من قبل الاعداء المتربصين بها مثلما حصل في سورية ويحصل في اليمن. أما أهم ما قد يسفر عنه الاختراق فيتمثل في احتمالات تغيير الولايات المتحدة لسياساتها تجاه الامارات، إذ من شأن ذلك أن يقلل من ثقة اعضاء الادارة الامريكية في الدور الاماراتي الذي يستهدف بالاساس قيادة العمل العربي، تجنيد صناع القرار في الولايات المتحدة، وفقا لما يصب في الصالح الاماراتي تحت اطار  تسهيل تنفيذ السياسة الامريكية والصهيونية في منطقة الشرق الاوسط. وبالاضافة لما سبق فإن تسريبات البريد الاليكتروني للسفير الاماراتي بواشنطن يوسف العتيبة من شأنها أن تقوض الدور الاماراتي في المنطقة، وهذا علي ما يبدو هو سبب لهم صدمة وغضب شديد دفعهم لسرعة التنسيق مع المملكة لمقاطعة قطر، وعقابها علي الوقوف في وجه الامارات وتقويض مساعيها الخبيثة في المنطقة، فالامارات لم تكن تتوقع أن يحدث ذلك لممثلهم الاقوى في الخارج وحلقة الوصل الرئيسية بينهم وبين الادارة الامريكية، مما يجعلهم في مأزق بعد انكشافه بهذا الشكل وصعوبة الاعتماد عليه في المستقبل، فضلا عن فشل كل الترتيبات التى كانت تعد لها الامارات والخاصة بمنافسيها في المنطقة وعلي راسهم قطر وتركيا، لذلك يتوقع ان نرى خطوات غير مدروسة تعود بالسلب ليس فقط علي قطر وإنما علي دول منطقة الخليج مجتمعة وعلي راسها السعودية والامارات.

تابع القراءة

دلالات الاضطراب في الموقف الامريكي من الأزمة القطرية الخليجية

 يثير الموقف الامريكي من المقاطعة الخليجية لدولة قطر العديد من الاسئلة، حيث يبدو وكأن هناك تناقض ما بين موقف المؤسسات الرسمية خاصة الدفاع والخارجية واللذين أكدا علي عمق العلاقة مع قطر، وحرصهما علي استمرار التعاون خاصة في المجالات الامنية، واعتبارهم قاعدتهم العسكرية في الدوحة قاعدة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بمكان آخر، وفي مقابل هذا يبدو موقف الرئيس ترامب وكانه راض عن المقاطعة الخليجية، حيث عبر في تويته له علي موقع تويتر ان نتائج جولته في الخليج بدأت في الظهور خاصة فيما يتعلق بمحاربة الارهاب، مشيرا إلي أن القادة العرب اشاروا له أن القضاء علي الارهاب يبدأ باتخاذ مواقف حاسمة مع قطر. ويعكس الموقف الأمريكي حالة من الانقسام الشديد في المواقف والرؤى ما بين ترامب والمؤسسات الأمريكية، إذ يبدو أن هناك حالة من عدم الرضا داخل المؤسسات الأمريكية خاصة وزارة الدفاع مما أحدث خوفاً من أن يقود الي صراع غير مدروس بين دول الخليج الرئيسية وبشكل قد يؤثر علي المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة، إذ جاء القرار الخليجي في الوقت الذي يستعد فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لخوض معركته العسكرية مع تنظيم داعش في الرقة، ومن ثم فهي تحتاج لتكاتف جهود العالم حتى تنتهي من تلك المعركة غير مضمونة العواقب. أما ترامب فالواضح أنه كان علي علم بتفاصيل العملية التى اعتبرها ثمره لجهوده في منطقة الخليج وبداية للقضاء على الارهاب، وعلى ما يبدو أن ترامب متأثر بشكل كبير بالادعاءات الاماراتية والسعودية الخاصة بدور قطر في دعم حماس وجماعة الاخوان، ويعتقد ان الخطوة الخليجية قد ترغم قطر في النهاية على الرضوخ للإرادة الخليجية المتوافقة مع رؤية ترامب الخاصة بمستقبل الاوضاع في المنطقة، وبذلك يصبح الطريق أمام صفقة القرن ممهدا لتحويله من إطار الخطط والأفكار الي واقع عملي ملموس. ولكن لأن العملية تبدو محفوفة بالمخاطر خاصة بالنسبة للمصالح الامريكية ولوجودها العسكري الاستراتيجي في المنطقة، فيتوقع أن تبقى الولايات المتحدة على الحياد، بل قد تدفع في اتجاه تهدئة التوترات الخليجية وإعادة الامور الي ما كانت عليه في السابق، خوفا من أن يسفر ما يحدث عن ظهور تحالفات جديدة تكلف الولايات المتحدة كثيراً ويصعب السيطرة على تطورات الأوضاع في نهاية المطاف. وقد لوحظ تراجع في نبرة الخطاب الأمريكي المعادي لقطر بعد رد الفعل الأوربي القوى من قبل ألمانيا وفرنسا والرافض بشدة للحصار الخليجي المفروض علي قطر، واعتباره " ترامبيات" من شأنها أن تهدد أمن المنطقة والعالم، وهو موقف يعكس عدم ثقة أوربا في مواقف وسياسات الرئيس الامريكي ترامب التى باتت تهدد المصالح الغربية في المنطقة والعالم. كما كان لموقف تركيا القوى خاصة بعد تصديق البرلمان التركي علي اتفاقية التعاون الامني مع قطر، وهي مواقف من شأنها أن تقوى من الموقف القطري وفي مواجهة الهجمة الخليجية الشرسة ضد النظام القطري ومحاولة كسر إرادته، لذلك لوحظ اسراع الرئيس ترامب الذي بدا وكأنه موافق علي الاجراءات الخليجية ضد قطر ، في تغيير مواقفه والتعبير عن رغبته في رعاية وساطة لحل الأزمة الخليجية داعياً أمير قطر لزيارة الولايات المتحدة لوضع نهاية للأزمة الحالية، وإن كان الواضح أن ترامب إنما يرغب في الضغط علي قطر من أجل الاذعان للارادة الخليجية خاصة الاماراتية ووقف التصعيد مع دول الخليج، من أجل استكمال مخططات وصفقات ترامب الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط، وإن كان لا يتوقع لتلك المساعي أن تلقى النجاح المطلوب بسبب عدم ثقة القيادة القطرية في مواقف ترامب، ورغبتها في عدم الاذعان للضغوط الخليجية التى ترغب في انهاء الدور القطري في المنطقة لصالح الامارات والسعودية، خاصة وأنها تعلم أن الوقت يلعب لصالحها بسبب التحديات التى تواجهها السعودية والتى قد تجعلها لا تتمادي في معاداة قطر لان ذلك في النهاية لا يصب في صالح دول الخليج بقدر ما يصب في صالح ايران والولايات المتحدة واسرائيل.

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022