خلال تفقده المجرى الملاحي لقناة السويس الثلاثاء 30 مارس 2021م، في أعقاب تعطله لأسبوع كامل بعد جنوح حاملة حاويات عملاقة “إيفر جيفين”، أطلق الجنرال عبدالفتاح السيسي تصريحات حملت نبرة تهديد لأثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة وإصرار أديس أبابا على بدء الملء الثاني لخزان السد في يوليو المقبل “2021م”. فقد اعتبر السيسي حرمان مصر من مياه النيل خطا أحمر، وهدد برد لا يمن تخيله سيتردد صداه في المنطقة حال تآثرت إمدادات مصر من المياه بسبب السد، الذي تشييده إثيوبيا على مجرى النيل الأزرق. وقال السيسي: “نحن لا نهدد أحدا؛ لكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”، موضحا أنه لم يسبق له أن تحدث بهذه اللهجة، وأنه لا يهدد؛ لكن “المساس بمياه مصر خط أحمر.. ومن يريد أن يجرب فليجرب” على حد قوله.
وتلقفت الآلة الإعلامية للنظام هذه التصريحات وراحت تضخم فيها من أجل تلميع صورة السيسي المتآكلة، وشعبيته التي باتت في الحضيض بعيدا عن بروباجندا الإعلام التي تقلب الحقائق وتنشر الزيف والضلال بين الناس. تصريحات السيسي تمثل تهديدا مباشرا يصدر لأول مرة؛ رغم أن قوى المعارضة كانت تحذره باستمرار من عواقب سياساته العشوائية على مدار السنوات الماضية بهذا الملف الخطير الذي لا يهدد الأمن القومي المصري فحسب بل يهدد الوجود المصري من الأساس. برامج التوك شو على فضائيات السلطة راحت تضخم في هذه التصريحات، وكذلك جاءت مانشيتات وعناوين الصحف، وحتى كتاب الأعمدة والرأي راحوا يحللون أبعاد هذه التهديدات. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، استمرت الكتائب الإلكترونية هي الأخرى في ترديد تصريحات السيسي عن الخط الأحمر، والدعوة للثقة في قائد الضربة الجوية المنتظرة للسد، والتلويح بالحرب.[[1]]
وفي اليوم السابع، يرى أكرم القصاص أن تصريحات السيسي حاسمة وواضحة وتؤكد أن مصر الصبورة المسالمة، لديها قدرات على حماية مقدراتها، تقدم السلام والتفاوض، لكنها جاهزة للتعامل مع كل السيناريوهات”.
واعتبر الكاتب الصحفي عبدالباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” اللندنية، وهو بالطبع ليس محسوبا على النظام، أن «السيسي يقرع طبول الحرب ضد إثيوبيا ويهدد بالخيار العسكري». ويقول عطوان إن هذه هي “المرة الأولى.. التي يلجأ الرئيس المصري إلى هذه اللهجة التهديدية القوية”. ويُرجع الكاتبُ ذلك إلى عدد من الأسباب، منها إبلاغ إثيوبيا المبعوثَ الأمريكي إلى السودان أنها ستمضي قدما في المرحلة الثانية من ملء خزانات السد، وقيام إثيوبيا بإزالة الغابات من أجل تسهيل مرحلة الملء، وبدء السودان تفريغ خزان جبل أولياء جنوبي الخرطوم للحد من الآثار المتوقعة جراء عملية الملء الأحادي.
وبحسب عطوان نقلا عن مصادر مصرية وصفها بعالية المستوى، فإن السلطات العسكرية المصرية أقدمت على ثلاث خطوات في الأسابيع الماضية في إطار التّحضير للخِيار العسكري الذي بات يتقدّم على الخِيارات الدبلوماسيّة وبشَكلٍ مُتسارع:
- الأوّل: إرسال أنظمة دفاع جوي إلى السودان لحماية أجوائه من أيّ ردّ فِعل عُدواني إثيوبي.
- الثّاني: إرسال مُستشارين عسكريين مِصريين للتّمركز في مِنطقة الحُدود السودانيّة الإثيوبيّة المُتوتّرة حاليًّا، ومُساعدة القوّات السودانيّة.
- الثّالث: إيفاد خُبرات لدراسة “طوباغرافيا” المِنطقة الحُدوديّة السودانيّة الإثيوبيّة القريبة من سدّ النهضة (على بُعد 25 كم)، ووضع الخرائط اللّازمة تَحسُّبًا لتوسّع دائرة الصّراع، أو اللّجوء إلى الخِيار العسكري. ونفت المصادر نفسها إرسال أيّ طائرات حربيّة مِصريّة إلى السودان لأنّه سيَسهُل رصدها عبر الأقمار الصناعيّة، ولكنّ هذا الاحتِمال غير مُستَبعد كُلِّيًّا، والأمر يتَعلّق بكيفيّة التطوّرات.
قراءة في تهديدات السيسي
وفي قراءة لتهديدات السيسي يمكن رصد الملاحظات الآتية:
أولا، تصريحات السيسي تمثل اعترافا بفشل مسار التفاوض منذ انطلاقه حتى اليوم، وأن ما جرى خلال السنوات الماضية كان مسارا عبثيا لم يسفر عن شيء، كما تعبر تهديداته الأخيرة عن شيء من اليأس من حل الأزمة عبر التفاوض؛ ولذلك لوَّح بالحرب بطريقة غير مباشرة، وتؤكد تصريحاته أنه بات على يقين أن الأزمة لن تحل عبر الوساطات الأفريقية والأمريكية، وتوصل إلى قناعة بأن إثيوبيا تستهدف كسب المزيد من الوقت، ولم يبق إلا شهران تقريبا على موعد المرحلة الثانية من بدء ملء خزانات السد، وأراد أن يوجه رسالة واضحة لأمريكا وأوروبا ومبعوثيهما بأنه لن يتردد في اللجوء للحل العسكري خاصة بعد أن اطمأن للأوضاع في ليبيا، ويتجه نحو توافقات مع تركيا، وبات السودان يقف بالكامل حكومة وشعبا في الخندق المصري لأنه يواجه تهديدا وجوديا أيضا”.
ثانيا، ورغم وجاهة ما ذكرناه في الملاحظة الأولى إلا أن السيسي لا يستهدف بهذه التهديدات التنصل من المسار التفاوضي وإعلان الحرب كما ذهبت الآلة الإعلامية للنظام وكتائبه الإلكترونية، بل الهدف هو دعم المفاوضات وإجبار أثيوبيا على المرونة في التفاوض وعدم البدء في الملء الثاني للسد إلا بعد اتفاق ملزم يراعي مآخذ كل الأطراف. ولعل اختيار السيسي الاهتمام العالمي بأزمة تعطل المجرى الملاحي لقناة السويس، وإطلاق هذه التهديدات لتمثل رسالة “عسكرية” للمجتمع الدولي والقوى الكبرى، وقبل انطلاق مفاوضات كيناشا بأيام من أجل إجبار أديس أبابا على أن تكون مرنة في مفاوضات “الفرصة الأخيرة”. والبرهان على ذلك أن السيسي عاد في ذات التصريحات ورهن القضية برمتها بضرورة التوصل إلى اتفاق، وقال إنه لا بد من التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتعبئة وتشغيل سد النهضة، مشيرا إلى أن “التفاوض هو خيارنا”! وجاءت تصريحات السيسي يوم الأربعاء 7 أبريل 2021م أي بعد تهديداته بأسبوع واحد فقط، وذلك بعد ساعت قليلة من إعلان الخارجية المصرية فشل مفاوضات كينشاشا بالكونغو الديمقراطية، لتؤكد على ذات التوجه؛ حيث خاطب الجانب الإثيوبي متمنيا عدم الوصول إلى مرحلة المساس بـ”نقطة مياه من مصر لإن الخيارات كلها مفتوحة”، مضيفا “نبني مع بعض أفضل من إننا نختلف ونتصارع”. موضحا: “ننسق مع أشقائنا في السودان، وسنعلن للعالم عدالة قضيتنا في إطار القانون الدولي”، متابعاً حديثه قائلاً إن “مسار مياه النيل ربنا اللي محدده واللي عمله ربنا مش هيغيره البشر”. وأضاف السيسي خلال افتتاح المجمع المتكامل لإصدار الوثائق المؤمنة والذكية، إنه استشعر خلال السنوات السابقة عدم راحة الجانب الإثيوبي من ذهاب المياه إلى مصر مكررا:” ده موضوع بإيد ربنا وهو إللي عمله، إللي عمله ربنا مش هيغيره البشر”.[[2]] معنى ذلك أن السيسي لا يزال يتمسك بحبال التفاوض المهترئة رغم ثبوت فشل المسار أو على الأقل الطريقة التي أديرت بها خلال السنوات الماضية. وبالتالي فإن إصرار أثيوبيا من جانبها على الملء الثاني بشكل أحادي يضع هذه التهديدات موضع الاختبار القاسي، لكن تهديدات السيسي تبقى دليلا على أن مصر قد تخلت لأول مرة عن هدوئها ولغتها الدبلوماسية، التي التزمت بها لسنوات تجاه أزمة سد النهضة، من أجل احتواء السياسة الإثيوبية التي تتهمها بالتعنت والتشدد.
ثالثا، هذه التصريحات من جانب السيسي ما كانت لتصدر أيضا لولا التقارب المصري السوداني الأخير على المستوى العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي، واتفاقهما على رؤية واحدة بشأن مفاوضات سد النهضة؛ بل ذهب البلدان (مصر والسودان) في تصريحاتهما الرسمية إلى أبعد من ذلك، وتأكيدهما مرارا على أنهما يواجهان مصيرا مشتركا وقضية وجودية، ووصف الأزمة على أنها مسألة حياة أو موت. وتناوب زعماء ومسوؤلو البلدين الزيارات فيما بينهما بشكل مكثف خلال مارس 2021م؛ بهدف تعزيز التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي، وبلورة موقف موحد مشترك عبرا عنه خلال زيارة السيسي إلى الخرطوم، ولقائه بالمسؤولين هناك، “برفض أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق”. وفي أكثر من مناسبة؛ أكد الطرفان التمسّك باقتراح الخرطوم تشكيل لجنة رباعية دولية يقودها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي (الكونغو الديمقراطية)، وتشمل كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، للتوسط في المفاوضات وإطلاقها في أقرب فرصة ممكنة. وفي حوار سابق مع صحيفة “الشروق” المصرية، حذَّر وزير الري السوداني، ياسر عباس، من أن فشل مساعي المفاوضات قبيل الملء الثاني، سيدفع بلاده نحو الدفاع عن أمنها القومي عبر جميع السُّبل المشروعة، التي تكفلها القوانين الدولية.[[3]] وبعد تهديدات السيسي العسكرية بساعات تم إجراء مناورات عسكرية مصرية/ سودانية يوم الأربعاء 31 مارس 2021م تحت شعار «نسور النيل ـ2»، وهو تدريب جوي مشترك جرى في قاعدة مروي الجوية بالسودان. وشاركت فيها عناصر من القوات الجوية وقوات الصاعقة من كلا البلدين وذلك بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة للعناصر المشاركة في التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية واستعداد القوات لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف المختلفة” بحسب بيان للمتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية.[[4]]
رابعا، قابلت أديس أبابا تهديدات السيسي بشيء من الاستخفاف؛ وذلك بعدة أمور:
- الأول، هو فشل جولة المفاوضات الأخيرة التي أعقبت تهديدات السيسي والتي استضافتها العاصمة الكونغولية “كينشاشا” باعتبارها من ترأس الاتحاد الإفريقي حاليا. ومساء الثلاثاء 6 أبريل 2021م أعلنت حكومة السيسي فشل الاجتماعات الوزارية في كينشاشا بين مصر وإثيوبيا والسودان والتي امتدت ثلاثة أيام من الأحد 4 أبريل حتى الثلاثاء 6 أبريل. وبذلك تعثرت جهود رئيس الكونغو الديمقراطية الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسيكيدي، ومسؤولي مفوضية الاتحاد الأفريقي، للتوصل إلى حلول وسط، تضمن تلبية شواغل كل طرف. وبحسب مصدر إثيوبي مطلع لصحيفة “العربي الجديد اللندنية”، فإن بلاده مستمرة في اتّباع سياسة استنزاف الوقت، والدفع بمصر تحديداً إلى الحافة لاختبار مدى جديتها في تنفيذ التهديدات بالحل العسكري، في ظل ضمانات دولية مختلفة حصلت عليها أديس أبابا بأن القاهرة تخشى اتخاذ خطوة عسكرية خوفاً من العقوبات الدولية. وبالتالي فإن وجهة النظر الإثيوبية تتمثل في استمرار العمل على إنجاز الملء الثاني لسد النهضة في موعده المحدد، أو قبله، وفقاً للدراسات الفنية الأخيرة التي تتفاءل بفيضان مماثل لفيضان العام الماضي، ومن ثم وضع مصر أمام الأمر الواقع، الذي يصعب معه اتخاذ خطوات تصعيد عسكري ضد السد، وإلا فسوف تحل كارثة بيئية غير محمودة العواقب في السودان.[[5]]
- الثاني، ما نشرته مدونة تبعة للخارجية الأثيوبية، حيث وصفت تصريحات السيسي بالتبجح المصري المعتاد ونشرتها وزارة الخارجية الإثيوبية على حسابيها الرسميين في فيسبوك وتويتر. وجاء في المدونة أنه “إذا كان (السيسي) يشير إلى حصص المياه التي قسمتها مصر والسودان في عام 1959، فإنه ينبغي نصح فخامة الرئيس السيسي بأن ينساها بسهولة”. وأشارت المدونة إلى أنه بالرغم من أنها المرة الأولى التي يهدد فيها الرئيس السيسي باستخدام القوة، فإن الرئيس السابق محمد مرسي هدد إثيوبيا أيضا، وقبله ومن قبله حسني مبارك. وأضافت أن الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، هدد إثيوبيا في عام 1979 بعد معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل. وتابعت المدنة التي نشرتها الخارجية الإثيوبية في حسابها الرسمي على تويتر “لذا فإن إثيوبيا معتادة على استخدام القوة من مصر، وأكثر من ذلك التهديدات باستخدام القوة، لذلك ما قاله الرئيس السيسي ليس جديدا، وإثيوبيا ستنتظر بينما تستعد لكل شيء ولأي احتمال”. وأكدت المدونة على أن “إثيوبيا تريد من الجميع ألا يستبعدوا، أن جميع الخيارات مطروحة على طاولة إثيوبيا أيضا”.[[6]]
- الثالث، أن أديس أبابا قابلت تهديدات السيسي بالمضي قدما نحو الملء الثاني دون اكتراث لهذه التهديدات أو هكذا أرادت أن تبدو حيث ترافقت مع أنباء عن إعلان إثيوبيا عن بدء عملية لقطع الغابات في محيط سد النهضة استعداداً للملء الثاني في يوليو/تموز المقبل، ما يعني أن لا بوادر لأي حلحلة أو تنازلات من قبل أديس أبابا.
«3» دوافع وراء تهديدات السيسي
وبحسب تقارير إعلامية استنادا إلى مصادر مطلعة فإن تهديدات السيسي تقف وراءها ثلاثة دوافع[[7]]:
الأول، وجود أخطار من التدخل الإماراتي تحت لافتة الوساطة والتي تَبرهن للسيسي وأجهزته المخابراتية أن أبو ظبي تستهدف تفريغ مطالب مصر من مضمونها لتنتهي حتما بانتصار الرواية الإثيوبية وتنفيذ مطالب أديس أبابا على حساب مصر وشعبها. وهو ما يمثل إضرارا كبيرا بمصر استراتيجيا واقتصاديا؛ حيث تسعى أبو ظبي لإقناع القاهرة والخرطوم بحلول فنية جذرية تمكن أثيوبيا في كل الأحوال من الملء الثاني للسد، وتحقق حالة مؤقتة من عدم الإضرار بالسودان ومصر، تنتهي بنهاية فترة الفيضان الحالية، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لجميع الأطراف يضع قيوداً على التصرفات الإثيوبية المستقبلية. وقد يكون الموقف الإماراتي ردا على التقارب المصري التركي الأخير، والخلافات بين القاهرة وأبو ظبي بشأن الملف الليبي بعد أن ثبت أن محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، ورط السيسي في هذا الصراع لسنوات دون فائدة تذكر. وهناك مؤشرات أخرى تكشف شيئا من الصراع المكتوم بين السيسي وبن زايد؛ ومنها اتجاه مستثمرين إماراتيين للانسحاب من عدد من المشروعات وسحب الاستثمارات التي كانوا قد وعدوا بها سابقاً، بحجة سوء الإدارة المصرية لها، بالإضافة إلى تقاعس الإمارات في مدّ يد العون للسيسي في أزمة فيروس كورونا بالتباطؤ الواضح في إرسال اللقاحات. ويأتي ذلك بالإضافة إلى الحديث عن تعاون أبوظبي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتنفيذ مشروعات تنموية لوجستية ستؤثر سلباً على المقومات المصرية، وأهمها قناة السويس، وذلك كلّه على الرغم من القشرة التي تغلف هذا الملف من الاتصالات وتبادل عبارات المحبة والإعزاز بين السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. وقد تحفظت أبو ظبي في بيان رسمي لخارجيتها عن إعلان دعم موقف القاهرة بشأن سد النهضة على عكس السعودية والبحرين ودول عربية أخرى أعلنت دعمها الكامل للقاهرة. فقد جاءت نبرة البيان الإماراتي وصياغته لتحاول الظهور في صورة الوسيط المحايد، داعية إلى “استئناف الحوار الدبلوماسي البنّاء والمفاوضات المثمرة والالتزام بالقوانين الدولية، وصولاً إلى حلّ يلبي مصالح جميع الأطراف”. وفي هذا السياق، فإن التهديد بالعمل العسكري لن يؤدي فقط لإحراج حلفاء السيسي العرب، ومن بينهم الإمارات، واختبار جدّيتهم في مدّ يد العون لمصر، بل أيضاً من شأنه، بحسب رؤية السيسي، أن يخيف أبوظبي على مصالحها الاقتصادية في إثيوبيا، إلى جانب طرح احتمال الحلّ العسكري ليكون في خلفية أي تحركات إماراتية مقبلة للوساطة المنفردة.
الثاني، فيتمثل في الأخطار الغربية التي أصبحت أكيدة لدى السيسي جرّاء الفتور الأميركي الواضح والتلكؤ الأوروبي، إزاء الاستجابة لمقترح آلية الوساطة الرباعية لحلّ القضية (بمشاركة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة). فالإدارة الأميركية الجديدة لم تحسم أمرها، وهي لا تزال تتلمس طريقها، وتربط الانخراط في الوساطة بموافقة جميع الأطراف، كما تبدو في تصرفاتها رغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه، واقتصار جهودها على منع تطور القضية إلى مواجهة عسكرية بين مصر وإثيوبيا. كما أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لديهما مخاوف من تولد “حساسيات” مع الاتحاد الأفريقي بسبب اختلاف الاتجاهات الفنية بين بعض العواصم الأوروبية ومفوضية الاتحاد حول الأزمة. وبات السيسي مقتنعا بأن إدارة جو بايدن لن تمنح أفضلية لمصر مجاناً، خصوصاً في ظلّ الخلافات الجذرية بين الطرفين حول عدد من الملفات، على عكس إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وبالتالي فإن طرح ورقة الحلّ العسكري والتهديد به، قد يجبرها على التحرك خوفاً على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. والأمر نفسه يتعلق أيضاً بالدول الكبرى التي تتابع الموقف، ولها مصالح في كلّ من مصر وإثيوبيا، بل شاركت بعضها في إنشاء وتمويل السد، كالصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وكذلك روسيا التي تعتبر من الداعمين العسكريين للبلدين. وقد أصيبت مصر بخيبة أمل كبيرة من موقف معظم هذه الدول حتى الآن، خصوصاً عند لجوئها في الصيف الماضي إلى مجلس الأمن.
الثالث، العمل على تثبيت التعاون المستقر والهش في ذات الوقت، مع السودان، والذي تستغله إثيوبيا لمحاولة استمالة الخرطوم إلى مواقفها وإظهار مصر وحيدة على طاولة التفاوض. وتعود هذه الهشاشة إلى وجود شخصيات ومجموعات في حكومة عبد الله حمدوك ووزارتي الخارجية والري في الخرطوم، يرون أن سدّ النهضة مشروع يحقق المصلحة السودانية، وأن المخاوف المصرية لا ينبغي أن تهم السودانيين. وقبل ساعات فقط من تهديد السيسي، بدأت إثيوبيا، حلقة جديدة في مسلسل تلك المحاولات، عندما قدمت طرحاً جديداً في صورة اتفاق ثلاثي مؤقت، بامتداد فترة الملء الثاني إلى شهرين كحدّ أقصى، مع عدم اضطرار الدول الثلاث إلى عقد مفاوضات مطولة جديدة حول قواعد الملء والتشغيل قبل الملء الثاني، ومن ثم تأجيل المفاوضات الأساسية، إلى ما بعد هذه المرحلة من الملء. وهو الطرح الذي يراعي المخاوف السودانية بشأن السدود السودانية ولا ينظر إلى مشكلة تراجع حصّة المياه النهائية الواصلة إلى السد العالي. ويأتي ذلك فضلاً عن إعلان إثيوبيا أخيراً، للمرة الأولى، أنها منحت السودان، منفرداً، البيانات الخاصة بتأمين سد النهضة وخريطة التصرفات، لكنها في المقابل لم تعط مصر أي بيانات تتعلق بفترة الملء أو كيفية التشغيل. وحدث هذا التطور بعد وقت قليل من زيارة السيسي للخرطوم في 6 مارس الماضي، والتي شهدت إعلانه التوافق مع قيادات المجلس السيادي الانتقالي، حمدوك، على ضرورة التوصل إلى اتفاق عادل وشامل قبل الملء الثاني للسد، ورفض أي خطوات فردية تصعيدية واللجوء إلى آلية الرباعية الدولية المقترحة. وكانت “العربي الجديد” نشرت في 17 مارس الماضي معلومات عن صدور تعليمات من الاستخبارات العامة المصرية إلى وسائل الإعلام بتصعيد الحديث عن “ضرورة الحسم بالقوة”، طالما استمرت أديس أبابا على موقفها. وجاء ذلك بعدما كان السيسي قد رفض في يوليو/تموز الماضي”2020″، التلويح بتهديد الإثيوبيين وبالعمل العسكري.
سيناريوهات إثيوبيا[[8]]
السيناريو الأول هو أن تعلن إثيوبيا أنها لن تضر بحقوق مصر والسودان المائية، وأنها منفتحة على المفاوضات التى يرعاها الاتحاد الإفريقى، وفى نفس الوقت تصر على إكمال الملء الثانى لسد النهضة، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق قانونى وملزم. هذا السيناريو، أعلنته إثيوبيا بالفعل، ورفضت خلاله أى تأجيل للملء الثانى بحجة أنه يجعلها تخسر ٢ مليار دولار. وأغلب الظن أن إثيوبيا ستكون حريصة جدا وهى تنفذ الملء الثانى على عدم تأثر حصة مصر من المياه هذا العام، حتى تقول للعالم كله: نحن نفذنا الملء، وفى نفس الوقت لم تتأثر حصص مصر والسودان. وسيكون من حسن حظ إثيوبيا أن يأتى إيراد النيل عاليا هذا العام، مثلما كان العام الماضى، بحيث إنه أدى إلى فيضانات كثيرة فى السودان.
السيناريو الثانى، هو التصعيد وهو ليس مستبعدا بل هو مفيد جدا لآبى أحمد لتوحيد الجبهة الإثيوبية الداخلية شديدة الهشاشة، والتى زادت فى الشهور الأخيرة بعد حرب آبى أحمد وجماعته العرقية الأورومو، ومعهم الأمهرة وإريتريا، ضد عرقية التيجراى. هذه الحرب الأهلية تركت ندوبا وجروحا وتشوهات فى هذا البلد، يصعب أن تلتئم بسهولة، بل المرجح هو حرب عصابات مستمرة اعترف بها أحمد قبل أيام. المجتمع الإثيوبى يعانى مشاكل اجتماعية واثنية وسياسية واقتصادية كثيرة جدا، والعلاقات بين عرقياته شديدة التوتر والتوجس والريبة، ورأينا كيف تحالف كثيرون ضد التيجراى، للانتقام من تفردهم بالسلطة منذ إطاحة نظام منجستو هايلى ماريام الماركسى أوائل التسعينيات من القرن الماضى. رئيس الحكومة الإثيوبية يراهن على أن أى مواجهة مع مصر تعنى توحيد البلاد الممزقة، خصوصا أن قادة إثيوبيا منذ مئات السنين يخدعون شعبهم، بأن كل مشاكلهم خصوصا الفقر والتخلف سببها مصر، التى يكذبون عليه، ويقولون له إنها تحصل على الحصة الأكبر من مياه النيل علما أنها تحصل على ٥٥ مليار متر مكعب فقط، مقابل أكثر من ٩٠٠ مليار متر مكعب لإثيوبيا، والمشكلة الأساسية لديهم إضافة إلى الهضاب غير المستوية هى غياب الموارد والتمويل والكفاءة الفنية. رهان أبي أحمد على التصعيد يستهدف به أيضا توحيد الإثيوبيين خلف مشروعه وفق نظرية “صناعة العدو”، كما أن ذلك سيفيده انتخابيا في الانتخابات المرتقبة منتصف هذا العام.
السيناريو الثالث، قد تحاول إثيوبيا المزج بين السيناريوهين أى استمرار المراوغة والخداع، وفى نفس الوقت التصادم مع مصر، خصوصا أن بعض مسئوليها بدأوا يلمحون إلى أن النهر نهرهم وأن من يريد المياه عليه أن يدفع».
سيناريوهات مصر
السيناريو الأول، هو الانسحاب من المفاوضات، وأولها الانسحاب من المفاوضات بما فيها “إعلان المبادئ”، حيث إنها أصبحت بلا جدوى، مع بقاء احتمال مشروط بعقد قمة تجمع قادة الدول الثلاث مجددا للتوصل لحلول. فسحب التوقيع على اتفاق المبادئ الذي وقع عليه السيسي في 23 مارس 2015م والذي شرعن بناء السد يمكن أن يكون نوعا من الضغط وإشهارا للجميع بسحب شرعية بناء السد، طالما أنه لا يوجد اتفاق على الملء والتشغيل.
السيناريو الثاني، قد يتجه السيسي نحو عقد لقاءات على مستوى القادة لإعطاء فرصة أخرى للاتحاد الأفريقي بقيادة الكونغو، مطالبا بأن تكون هذه المرة محددة بجدول زمني ومشروطة بتوقف إثيوبيا عن أي إنشاءات من شأنها البدء في الملء الثاني لبحيرة السد.
السيناريو الثالث، هو اللجوء التحكيم الدولي ومجلس الأمن، وهو مسار مرجح في أعقاب فشل مفاوضات كينشاسا بالكونغو الديمقراطية، على أمل أن يسفر هذا الإجراء عن توصية من مجلس الأمن بإلزام أثيوبيا بعدم اتخاذ إجراءات أحادية لحين حل الصراع. وأيد هذا الطرح، الدبلوماسي محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية سابقا، حيث دعا القاهرة والخرطوم إلى التقدم سريعا بشكوى رسمية للمجلس استكمالا لخطاب مصر، الذي بعثت به للمجلس في مايو/أيار الماضي”2020″. وطالب مرسي، عبر صفحته بموقع “فيسبوك” أن تتضمن الشكوى طلب تدخل المجلس استنادا إلى أن استكمال وملء بحيرة السد بدون اتفاق مسبق وواضح يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وأن هذا الأمر ليس موضوعا فنيا أو اقتصاديا عاديا، وأنه بمثابة إعلان حرب على البلدين يمنحهما الحق في اتخاذ كل ما بيدهم من تدابير وإجراءات للحفاظ على حقهما في مياه النيل. لكن هذا المسار يحتاج إلى شبكة علاقات دبلوماسية؛ كي تتم مناقشة وإصدار القرارات، لكن في ظل التوازنات الحالية بين مصر وإثيوبيا، من غير المتوقع أن يكون المجلس أحد مسارات الحل السياسي. وبالتالي فإن أي تدخل دولي قد يفضي إلى تأجيل الأزمة وقد لا يكون مجديا، حيث سيكون طويل المدى مع بقاء الخطر المائي قائما. كما أن لمصر تجربة سلبية سابقة العام الماضي، حين أحال المجلس ملف السد إلى الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى وجود روسيا والصين عضوين دائمين في مجلس الأمن، حيث يمكنهما استخداما حق الفيتو في مواجهة أي قرار ضد إثيوبيا. وأثناء مذابح الجيش الأثيوبي لآلاف من شعب التيجراي تخلّى المجلس عن إصدار بيان يدعو إلى إنهاء العنف في الإقليم الإثيوبي، والذي استمر عدة أشهر، بسبب معارضة موسكو وبكين، وفق تقارير صحفية غربية.
السيناريو الرابع، هو القيام بعمل عسكري لتدمير السد. فبحسب اللواء فايز الدويري فإن المناورات الجوية “نسور النيل ـ2” بين مصر والسودان استهدفت سيناريو لضرب السد حال تم اللجوء إلى عمل عسكري كحل أخير. وأن مصر تستطيع استخدام قاعدة مروى السودانية لتنفيذ تلك الضربة إذا شارك السودان فيها. هذا السيناريو ـ بحسب الدويري ـ يتضمن التركيز على سلاح الجو، سواء باستخدام طائرات اعتراضية أو طائرات للهجوم الأرضي، وكذلك استخدام القوات الخاصة (الكوماندوز). وأوضح أن مصر تمتلك طائرات سوخوي “35” الروسية والتي تستطيع حمل 9 أطنان ونصف من المتفجرات، وتستطيع الطيران لمسافة تصل إلى 3700 كيلومتر. كما أن مصر تستطيع ضرب السد بمفردها من دون استخدام القدرات العسكرية السودانية، وذلك عبر استخدام قاعدة برنيس العسكرية، التي تبعد مسافة 1800 كيلومتر عن السد، وبما أن مدى الطائرة العملياتي يبلغ 1600 كيلومتر، فإن الطائرات المصرية تستطيع بلوغ سد النهضة وقصفه إذا خففت من حمولتها لصالح زيادة سعة خزانات الوقود، وستصبح طائرات الرافال وسوخوي 35 في حماية طائرات (ميغ 29) التي ستقوم بدور الاعتراض.[[9]] لكن عضو مفاوضات دول حوض النيل سابقا، وخبير القانون الدولي للمياه السوداني، الدكتور أحمد المفتي، يرى أن “بدء ملء سد النهضة الإثيوبي يعني تصعيد الأزمة بنسبة 100%، حيث إن أديس أبابا بتلك الخطوة لا تترك أي خيار للسودان ومصر، إلا المواجهة أو الاستسلام، ولا توجد أي خيارات أخرى”. وبشأن فرص اللجوء للخيار العسكري، أضاف أن الخيار العسكري لم يكن سهلا منذ البداية، لكن عندما يمتلئ السد بالفعل سيصبح الأمر أكثر صعوبة، وأكثر خطورة، وأنه “بعد الملء الكامل للسد سوف تكون هناك خطورة كبيرة على السودان، وبالطبع ستأخذ مصر تلك الخطورة في الاعتبار حال لجوئها للخيار العسكري”.([10])
وثمة بعض العقبات أمام هذا المسار قد جرى حلها عبر التحالف العسكري مع الخرطوم: أولها يتمثل في التوقيت الأنسب لضرب السد، وبحسب خبراء فإن ضربه بعد ملء خزانه ستكون له آثار كارثية على دول جوار إثيوبيا ومن بينها السودان الذي قد يتعرض للفيضان الناجم عن انهيار السد، الذي قد يصل إلى مصر، لذلك فإن الأنسب هو ضرب السد في مراحل بنائه الأخيرة وقبل ملء الخزان، بحيث تصبح إعادة بنائه شبه مستحيلة. ثانيها، أن علاقات أديس أبابا الدولية قد تحد من قدرات مصر على توجيه ضربة عسكرية للسد؛ فأثيوبيا تربطها علاقات وطيدة بقوى كبرى مثل الصين وفرنسا، وربما يشكل توجيه مصر ضربة عسكرية لسد النهضة رد فعل غاضبا من هذه الدول. أضف إلى ذلك مشكلات مصر الداخلية، إذ تعاني من وضع اقتصادي بالغ البؤس، فضلا عن الوضع السياسي المأزوم لنظام السيسي الذي ربما يستبعد فكرة الدخول في حرب قد تشكل تهديدا لبقائه، لا سيما إذا فشلت العملية أو لم تسفر عن حل للأزمة.
لهذه الأسباب، فإن أجهزة السيسي تفضل استراتيجية المزج ما بين الدبلوماسية والضغط والتهديد وإبلاغهم بوضوح أن أى مساس بحصة مصر المائية سيعنى ضربهم وحرمانهم من أى ثمار للتنمية. وأنه فى اللحظة التى سيحرم فيها مواطن أو فلاح أو حقل زراعى مصرى من المياه، فلن تنعم إثيوبيا إطلاقا بمياه السد أو الكهرباء المتولدة منه. ولعل هذا كان الهدف من تصريحات السيسي الأخيرة، وهو التوجه الذي سيتبه النظام واللغة التي ستتواصل خلال المرحلة المقبلة مع اقتراب الملء الثاني لخزان السد؛ فقد بات السيسي وأجهزته على يقين كامل بأن أثيوبيا لا تعترف إلا بلغة القوة، ولا شيء غيرها. لكن أثيوبيا قابلت ذلك كله باستعلاء كبير وأفشلت جولة المفاوضات في كينشاسا ووضعت تهديدات السيسي أمام اختبار قاس؛ فإما أن يرضخ أمام أثيوبيا ويقبل بالأمر الواقع، أو حتى يلجأ إلى التحكيم الدولي وهو ما يسمح لأديس أبابا بفرض الأمر الواقع أيضا، أو يتجه إلى عمل عسكري مباشر قد ينجح فيه فيرمم شعبيته المتآكله، وقد يفشل فيكون ذلك نهاية مرحلة حكمه والدخول في مرحلة جديدة بأدوات جديدة ترعاها أيضا المؤسسة العسكرية. وبالتالي فإن مصر والمنطقة كله على شفا مرحلة شديدة التعقيد وبالغة الفوضى.
[1] أذرع السيسي تعلن فشل مفاوضات #سد_النهضة وتروج للحرب/ العربي الجديد ــ06 ابريل 2021
[2] السيسي لإثيوبيا: التعاون أفضل من الخلاف وجميع الخيارات مفتوحة/ العربي الجديد ــ 07 ابريل 2021
[3] السيسي اعتبر النيل خطا أحمر.. رسالة تهديد للخارج أم تبريد للداخل؟/ الجزيرة نت 1 أبريل 2021
[4] تدريب جوي بين مصر والسودان “لقياس مدى الجاهزية لتنفيذ عمليات مشتركة”/ العربي الجديد ـ 31 مارس 2021
[5] فشل اجتماع سد النهضة: إثيوبيا تختبر جدية التهديد المصري/ العربي الجديد ـ 07 ابريل 2021
[6] “اعتدنا على التهديدات”.. الخارجية الإثيوبية تغرد مقالا يستخف بتصريحات السيسي/ الحرة – 02 أبريل 2021
[7] أزمة سد النهضة: 3 دوافع وراء تهديدات السيسي/ العربي الجديد ـ 31 مارس 2021
[8] عماد الدين حسين/ السيناريو الذى ستلجأ إليه إثيوبيا/ بوابة الشروق ــ الأربعاء 7 أبريل 2021
[9] ما مدى قدرة سلاح الجو المصري على توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة؟ (فيديو)/ الجزيرة نت 1 أبريل 2021
[10] طه العيسوي/ “سد النهضة”.. خبير سوداني: الخيار العسكري بات أكثر خطورة/ “عربي 21” الأربعاء، 03 يونيو 2020