بعد الاستقلال بدأت تتنامى لدى الدول الإفريقية فكرة الاتحاد والتجمع، بهدف حماية استقلالها الوليد من ناحية، وخلق تعاون فيما بينها من ناحية أخرى، وهكذا نبتت فكرة التجمعات والمنظمات الإفريقية، والتي بدأت في صورٍ مختلفة، وكانت معظمها مُتعثِّرة ومحصورة في نطاقات ضيقة؛ مُتخذة أشكال اتحادات تعاهديه بين دولٍ متجاورة جغرافيًّا. ثم أخذت الدائرة تتسع شيئًا فشيئًا عن طريق تكوين تكتلات تضم عددًا أكبر من الدول الإفريقية، إلى أن قامت (منظمة الوحدة الإفريقية)، والتي أدَّت أدوارًا مختلفة في مجال إرساء دعائم السلم والأمن داخل القارة، حتى تحوَّلت فيما بعد إلى الاتحاد الإفريقي. وبجانب الاتحاد الإفريقي؛ هناك تجمعات وتكتلات اقتصادية داخل القارة الإفريقية سبقت في قيامها الاتحاد نفسه، وقد عملت على إيجاد فرص تكاملية لاقتصاديات الدول المنضوية تحت مظلتها، بالإضافة إلى محاولات هذه التكتلات لانتهاج سياسات تساعد على تحقيق الأمن والاستقرار داخل منظومتها؛ مثل: التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا (الإيكواس – Ecowas)، والهيئة غير الحكومية للتنمية (الإيجاد)، وتجمع (دول الساحل والصحراء)، وفي هذا التقرير نتناول بشيء من التفصيل نشأة الإيكواس ودورها في غرب إفريقيا، ونقاط الضعف والقوة، مع إلقاء نظرة على قمة الإيكواس الأخيرة في أكرا.
نشأة الإيكواس:
جاء ميلاد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة “إيكواس” في شهر مايو عام 1975 بموجب اتفاقية لاجوس التي وقعتها خمس عشرة دولة من دول المنطقة، بعد جهود ومساع وتجارب كثيرة بذلتها وخاضتها هذه الدول على مدار سنوات طويلة للوصول إلى تكتل يجمع بينها، ويوحد قدراتها الاقتصادية ومواقفها السياسية ويضمن لها الاستقرار الأمني. وعلى الرغم من أن طبيعة منظمة الإيكواس هي طبيعة اقتصادية في أساسها؛ إلا أن قادة ورؤساء الدول الأعضاء أدركوا بعد ظهور بعض المستجدات والمشكلات في المنطقة أنه من الضرورة أن يكون للقضايا السياسية والأمنية وجود ومكان في اختصاصات هده المنظمة، فما كان منهم إلا أن اتفقوا على وضع ميثاق للدفاع المشترك بين بلدانهم في القمة الرابعة للمنظمة بالعاصمة السنغالية داكار عام 1979، وهو الميثاق الذي دخل حيز التنفيذ في العام التالي مباشرة ليكون أول خطوة تتخذ من نوعها في إطار الأمن الجماعي الإفريقي للتجمعات الإقليمية في القارة. وتضم المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في عضويتها الآن أربع عشرة دولة وهي ساحل العاج، وبنين، ومالي، وبوركينا فاسو، والسنغال، وتوجو، وغينيا بيساو، والنيجر، ونيجيريا، وليبيريا، وسيراليون، وغامبيا، وغانا، وجزر الرأس الأخضر.[1]
أهداف الإيكواس:
تطبيق سياسات موحدة في المجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي والثقافي بهدف الإسراع في إقامة وحدة اقتصادية (وقد تم ذلك في يناير 2020 بتطبيق العملة الموحدة إيكو، تشجيع تدفق المعلومات خاصة المتعلقة بالمرأة وسكان الريف والمنظمات الشبابية، ومنظمات رجال الأعمال، وتبنى سياسات سكانية للجماعة متوازنة مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولتحقيق تلك الأهداف تبنت الجماعة 9مبادئ جديدة نصت عليهم في المعاهدة المنقحة عام 1993 في المادة الرابعة من الميثاق سنذكر المبادئ التي كانت محل تدخل من القوى الأجنبية وهى : عدم الاعتداء بين الدول الأعضاء والحفاظ على السلام والاستقرار والأمن الدوليين من خلال تبنى علاقات حسن الجوار، التسوية السلمية للمنازعات بين الدول الأعضاء والتعاون مع الدول المجاورة وتعزيز بيئة سلمية كشرط مسبق لتحقيق التنمية الاقتصادية، تعزيز وحماية حقوق الإنسان والشعوب وفقًا لأحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تعزيز وتوطيد نظام الحكم الديمقراطي في كل الدول الأعضاء، وبجانب هياكل الجماعة نرصد أحد الأدوات الخاصة لتحقيق تلك المبادئ وهى الهياكل المؤسسية الآتية: قوة حفظ السلام الإقليمية (الإيكوموج)، الوكالة النقدية لغرب إفريقيا، بنك الإيكواس للاستثمار والتنمية، مركز الإيكواس لتنمية المرأة، ومحكمة عدل الجماعة (لاجوس).[2]
الإيكواس والأزمة في مالي:
لما كان تعزيز وتوطيد نظام الحكم الديمقراطي في كل الدول الأعضاء أحد أهم مبادئ الإيكواس، والتي لطالما عانت دولها من تداعيات الانقلابات العسكرية؛ فقد كان للإيكواس موقف حاسم في مواجهة الانقلاب في مالي. حيث علَّقت إيكواس عضوية مالي في المنظمة وأوقفت التبادلات المالية والتجارية معها بعد انقلاب 18 أغسطس 2020. ثم رفعت المجموعة تلك العقوبات بعد أن عيَّن المجلس العسكري بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا رئيسًا ورئيس وزراء مدنيين انتقاليين، والتزم إعادة السلطة إلى مدنيين منتخبين في غضون فترة أقصاها 18 شهر. لكن منذ ذلك الحين، قاد غويتا انقلابًا جديدًا في مايو أطاح بالرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس وزرائه مختار أواني ونُصب الكولونيل رئيسًا للمرحلة الانتقالية. ودفعت تلك الخطوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لتعليق عضوية مالي مرة أخرى، لكنها لم تتخذ عقوبات إضافية. وفي 26 أكتوبر، أعلنت مالي الممثل الخاص لإيكواس حميدو ذبولي “شخصًا غير مرغوب فيه”، متهمةً إياه بارتكاب “أفعال تتعارض مع وضعه”. وكان بولي قد غادر البلاد غداة إعلان القرار. وأدان قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا طرد بولي.
قمة نوفمبر 2021:
عقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) قمة استثنائية بأكرا في مطلع نوفمبر، لبحث الانتقال السياسي في مالي والتطورات في غينيا. وتطرق جدول القمة إلى مستجدات الفترة الانتقالية في مالي, والتطورات السياسية في غينيا. وكانت محادثات قد جمعت الرئيس الانتقالي المالي العقيد عاصمي غويتا بالرئيس الغاني نانا اندو أكوفو-الرئيس الدوري للتكتل الإقليمي- الذي وجَّه خلالها رسالة إلى السلطات الانتقالية المالية بخصوص إجراء الانتخابات في فبراير القادم. وكان قادة المجموعة الإقليمية قد دعوا في قمة استثنائية بأكرا، السلطات الانتقالية في مالي إلى إجراء الانتخابات في الموعد المحدد في شهر فبراير 2022. أما في غينيا؛ فقد وقف قادة الإيكواس على تطورات الفترة الانتقالية في هذا البلد، في ضوء زيارة الوفد الإفريقي في 28 أكتوبر لكوناكري في مهمة رفيعة المستوى الثالثة من نوعها منذ “التغيير بالقوة” الذي أطاح بالرئيس ألفا كوندي في 5 سبتمبر الماضي. وفي ختام مهمة بعثتها استغرقت ثلاثة أيام, أكدت الإيكواس دعمها للسلطات من اجل انتقال “سلمي” و “شامل”, معربةً عن استعدادها لمرافقة غينيا في إنجاح المرحلة الانتقالية الجارية التي من شأنها أن تفضي إلى العودة إلى النظام الدستوري الطبيعي.[3]
مُخرجات القمة:
أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا فرض عقوبات فردية على أعضاء المجلس العسكري الحاكم في مالي بسبب إرجاء الانتخابات. وقال رئيس مفوضية إيكواس، العاجي جان كلود كاسي برو، لوكالة فرانس برس، في ختام قمة استثنائية في أكرا عاصمة غانا، إن “كافة السلطات الانتقالية ستتأثر بالعقوبات التي تدخل حيز التنفيذ على الفور”. وأشار إلى أن العقوبات تشمل حظر السفر وتجميد أصول الأعضاء المالية، مضيفًا أنها تطول أيضًا أفراد عائلاتهم. وأوضح أن “مالي أبلغت رسميًا” الرئيس الحالي لإيكواس الغاني نانا أكوفو أدو بأنه لا يمكن إجراء الانتخابات في موعدها المُقرر. وتابع كاسي برو أن “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قررت معاقبة كل المتورطين في التأخير” في تنظيم الانتخابات المقرر إجراؤها في 27 فبراير 2022 في مالي. وبحسب البيان الختامي للقمة، ستتم دراسة واقتراح عقوبات إضافية خلال القمة المقبلة في ديسمبر “إذا استمر الوضع” على ما هو عليه. وخلال قمة عُقدت في 16 سبتمبر في أكرا، طالبت المنظمة الإقليمية الجيش المالي بـ “الاحترام الصارم للجدول الزمني للانتقال” نحو إعادة السلطة لمدنيين منتخبين. في نهاية أكتوبر، شدد وفد من مجلس الأمن الدولي خلال زيارته مالي، على أهمية احترام السلطات الرزنامة الانتخابية للسماح بإعادة تشكيل حكومة مدنية. وقال جان كلود كاسي برو أن إيكواس أبقت أيضًا العقوبات الفردية المفروضة على العسكريين الذين استولوا على السلطة في 5 سبتمبر في غينيا، مع استمرار تعليق عضوية البلاد في المنظمة. وأمهل قادة دول إيكواس غينيا ستة أشهر لتنظيم انتخابات، وشددوا على “الضرورة الملحة للإفراج عن” الرئيس المخلوع ألفا كوندي (83 عام) قيد الإقامة الجبرية منذ الانقلاب.[4]
نقاط قوة وضعف الإيكواس:
تتمتع الإيكواس بمؤسسات مهمة كالمفوضية، والبرلمان والمحكمة، إضافة إلى بنك الاستثمار والتنمية، ومنظمة الصحة لدول غرب إفريقيا وغيرها من المؤسسات. وتمتد الإيكواس في منطقة جغرافية واسعة، إذ تُقدر المساحة الإجمالية بحوالي 5,114,162 كيلومتر مربع؛ كما وصل عدد السكان إلى حوالي 399,458,100 نسمة، أغلبهم من الشباب. كما تمتلك المنطقة إمكانات طبيعية ضخمة، لكونها تتمتع باحتياطات مهمة من البترول والغاز، إلى جانب المعادن كالألماس والذهب واليورانيوم والبلاتين، إضافةً إلى كميات وفيرة من الخشب والفحم ونظام بيئي متنوع مهدد بالتلوث والاستغلال الفاحش. إلا أنه بالرغم من توفر هذه الإمكانات المتعددة، من موارد طبيعية وأراضي شاسعة وموقع جغرافي متميز وكذلك فئة عريضة من الأُطر التي حصلت على خبرات علمية وعملية في الجامعات الأوروبية والأمريكية، فإن منطقة الإيكواس تواجه تحديات كبيرة تعيق مسارها التنموي. حيث تجذب ثروات المجموعة القوى الدولية، والشركات العالمية المتعددة الجنسيات، هذا بالإضافة إلى الأزمات الداخلية التي تعرفها المنطقة، مثل: الفقر والأمراض والفساد والحروب الأهلية والصراع غير السلمي حول السلطة، والنزاعات التي لا تنتهي حول الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية، وكذلك ارتفاع معدلات الجريمة المنظمة والإرهاب العابر للحدود، وهكذا فإن المنطقة تواجه تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية ورهانات جيوسياسية ضخمة؛ مما يؤثر على سيادة هذه الدول ومستقبلها. كما تعاني المنطقة من التجارة غير الشرعية، في الأسلحة والمخدرات والبترول والسجائر والحيوانات والبشر وغير ذلك، وتمتلك تجارة المخدرات مثل الكوكايين بنية بحرية وجوية وبرية للتخزين والمواصلات، عابرة لمختلف دول المنطقة. هذا بالإضافة إلى إشكالية الإرهاب الهجين المتحالف مع المنظمات الإجرامية، ومخاطر النزاع العرقي، وكذا تحديات الأمن الصحي والغذائي وتداعيات ما بعد كورونا.[5]
مظاهر التأثير الأجنبي على القرار السياسي للإيكواس:
بالرغم من ظهور موقف الإيكواس بالموقف القوي والرافض للتغيرات غير الشرعية في المنطقة؛ إلا أن مواقف الإيكواس من أزمات مماثلة اتسمت في كثير من الأحيان بالازدواجية، الأمر الذي أرجعه البعض لتضارب مصالح الدول الأعضاء واختلافها من أزمة لأخرى. فمثلًا؛ في التسعينات تدخلت الإيكوموج لتسوية الصراعات الداخلية في كل من ليبريا 1990، سيراليون ( 1997) وغينيا بيساو (1998)، وساحل العاج (2002)، والنزاع بين ليبريا وغينيا وسيراليون بسبب هجوم قوات المعارضة على الأراضي الوطنية لكل منهم خاصة ليبريا وغينيا عام 2000 وهذه حالة من مظاهر ضعف الإيكواس في التدخل خاصةً في رفض ليبريا تدخل الإيكواس بإرسال بعثة المراقبة المكونة من 500 مراقب عسكري وفضلت ليبريا التباحث مع غينيا بشكل فردى، فالبعض يرى أن مبادئ الإيكواس يتم تطبيقها بازدواجية، وأن الإيكواس يتم إدارته بحسب الإرادة والمصلحة المنفردة لكل دولة هذه الإرادة تُساق بعضها بإرادة الغرب، ونجد الشواهد على ذلك في الحالات الآتية: أولًا: عدم تحرك السنغال، أو الإيكواس، أو المجتمع الدولي ومجلس الأمن، عندما قاد النقيب سونغو انقلابًا في مالي على الرئيس المنتخب أمادو توري، في مارس 2012، برغم لجوء الأخير إلى السنغال التي استقبلته كلاجئ؛ وليس بوصفه رئيسًا شرعيًّا. ثانيًا: عدم التحرك عندما قام الجنرال الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بانقلابه، في أغسطس 2008، على أول رئيسٍ موريتانيٍ مُنتخب، هو سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، بعد عام واحد من حكمه، حيث لم تتحرك السنغال ولا مجلس الأمن ولا المجموعة الأوروبية، ولا فرنسا صاحبة الإرث الاستعماري في موريتانيا وصاحبة النفوذ فيه، لإعادة الرئيس المنتخب. ثالثًا: انتخابات جامبيا 2016، حيث تم الترحيب بتدخل الإيكواس في الضغط على الرئيس الجامبي السابق يحيى جامع لتركه الحكم بعد إعلان خسارته في الانتخابات الجامبية والضغط عليه للاعتراف بنتيجة الانتخابات، حيث أعلنت الأمم المتحدة دعمها من خلال مجلس الأمن وكذلك الاتحاد الإفريقي أشاد بالتدخل العسكري للإيكواس بقوات قوامها 7 ألاف جندي من (السنغال، نيجيريا، غانا، مالي، توجو)، وكانت قد توترت العلاقات بين جامع وبريطانيا المستعمر الأم، نتيجة انسحابه من رابطة الكومنولث في 2013 واصفًا الرابطة بنموذج الاستعمار الجديد، بالإضافة للخلاف التاريخي بين الطرفين حيث في عام 2011 اتهم جامع بريطانيا بدعم معارضيه، واتهمت بريطانيا جامع بأن جامبيا سجلها سيئ في مجال حقوق الإنسان، والذي شمل سلسلة إعدامات نفذت في فترة ولايته. بالإضافة لتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة الذي نتج عنه تعليق المساعدات الإنسانية عن جامبيا منذ 1994 وحتى 2002. هذه المواقف التي استفزت الغرب أجمعت الغرب على وضع جامبيا محل اتهام دولي أبرزه مقرًّا لعمليات غسيل أموال تابعة لحزب الله اللبناني، فضلًا عن كونها معبرًا لتجارة المخدرات القادمة إلى أوروبا من أمريكا اللاتينية، كما ساهمت في دعم قرار الإيكواس بالتدخل بحجة تنفيذ مبدأ تعزيز وتوطيد نظام الحكم الديمقراطي في كل دولة من الدول الأعضاء.[6]
الخُلاصة؛ تزداد الصعاب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في القارة الإفريقية، وبالرغم من الجهود التي قامت ولا تزال تقوم بها المنظمات الدولية والإقليمية لحفظ وتحقيق السلم والأمن والاستقرار في ربوع القارة الإفريقية؛ فإن المشهد الإفريقي الذي يعج بالكثير من النزاعات والصراعات يكشف العديد من التحديات التي تواجه تحقيق الاستقرار، خصوصًا مع تسارع الأحداث العالمية التي أدت إلى حدوث تحولات متسارعة في بنية النظام الدولي والإقليمي؛ ما ألقى بظلالٍ عديدة على عمل المنظمات الدولية والتكتلات الإقليمية؛ فظهرت على السطح تحديات جمة تقلِّل من فاعلية أدوار تلك المنظمات. وبينما تعاني المنظمات والتجمعات الإقليمية الإفريقية في سبيل تحقيق أهدافها، فأغلب الدول الإفريقية تفتقر للإرادة السياسية ما يجعلها هشة في وجه الضغوطات الخارجية ذات الأبعاد العقابية، خصوصًا إذا ما ارتبطت بالحرمان من الهبات والمساعدات؛ الأمر الذي أدى إلى إضعاف مواقف الدول الإفريقية تجاه منظماتها وتكتلاتها الإقليمية، في الوقت نفسه الذي تشهد فيه هذه التجمعات الإفريقية صراعات خفية بين الدول المحورية في إفريقيا، فضلًا عن أن أغلب المنظمات والتجمعات الإقليمية الإفريقية تعج بالعديد من المشكلات البنيوية والهيكلية والمالية؛ ما أفقدها -في كثيرٍ من الأحيان- احترام الأطراف المتنازعة للاتفاقيات والمواثيق التي تتبناها في سبيل حفظ الأمن والاستقرار في عدة دول إفريقية. وهكذا يُمكن القول بأنه على الرغم من النجاحات النسبية التي حققتها بعض المنظمات الإفريقية مثل الإيكواس؛ فإن هناك العديد من المعوقات التي قلَّلت من فاعلية أدوار تلك المنظمات والتكتلات في الوقت الراهن، لأسباب متشابكة ومعقدة، ترتبط بطبيعة النظام العالمي الحالي الذي يعاني حالة السيولة المصحوبة بمحاولات بروز تعددية قطبية (الصين، روسيا)، وفاعلين جدد غير دوليين، ساهم كل ذلك في صعود ظاهرة الفوضى الناشئة داخل الدولة الإفريقية.
[1] ” المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”، الهيئة العامة للاستعلامات، متاح على الرابط: https://cutt.us/kT6Zr
[2] د. محمد إبراهيم الحسن، “دور المنظمات الدولية والإقليمية في تحقيق السلم والأمن في إفريقيا”، قراءات إفريقية، 26/8/2016. متاح على الرابط: https://cutt.us/rJuhb
[3] “إيكواس: قمة استثنائية بأكرا لبحث الأوضاع السياسية في مالي وغينيا”، وكالة الأنباء الجزائرية، 7/11/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/h7R2r
[4] “”إيكواس” تفرض عقوبات على العسكريين في مالي”، العين الإخبارية، 8/11/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/Fcq6t
[5] د. ميار الإدريسي، “مستقبل التكتل الاقتصادي لغرب إفريقيا”، أحداث، 7/6/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/xvVip
[6] هدير داود، “أثر الضغوط الخارجية على القرار السياسي في تكتل الإيكواس دراسة حالة “طلب المغرب لعضوية الإيكواس””، المركز الديمقراطي العربي، 21/3/2020. متاح على الرابط: https://cutt.us/OksWk