السينما في بلاد الحرمين.. قراءة في المآرب والمآلات

 

 

 

تتسارع وتيرة الانقلاب الذي يقوده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هوية بلاد الحرمين الشريفين معتمدا على أدوات القمع والإرهاب؛ حيث يقود ولي العهد تحولات ضخمة تعصف بكل الأسس والمرتكزات التي تأسست عليها الدولة السعودية التي أسسها الجد عبد العزيز آل سعود في العقد الرابع من القرن العشرين. هذا الانقلاب الناعم خطير في جوهره وأهدافه كارثي في نتائجه ومآلاته، يدهس كل الأسس والثوابت الدينية التي طالما تظاهر نظام الحكم السعودي باحترامها  استنادا على أن مشروعية النظام يستمدها من حماية الشريعة والعمل بها وخدمة الحرمين الشريفين، قبلة الإسلام ومهده.

وتحت لافتة «الإصلاح» البراقة والخادعة يجري العصف بكل هذه القيم والثوابت والمرتكزات جملة واحدة في سنوات قليلة، منذ أن تولى محمد بن سلمان ولاية العهد في منتصف 2017م؛ لكن شهر ديسمبر 2021م كان حافلا وعاكسا لحجم ومدى هذه التحولات؛ فلأول مرة في بلاد الحرمين الشريفين يتم إقامة مهرجان سينمائي، تتبارى خلاله الممثلات في التباهي بعريهن وملابسهن الشفافة التي تكشف أكثر مما تستر. وخلال الأسابيع القليلة الماضية شهدت الرياض عدة أحداث وفعاليات ترفيهية لافتة. أبرزها إقامة ــ لأول مرة في تاريخ بلاد الحرمين ــ  «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» بمدينة جدة الساحلية خلال الفترة من 7 إلى 15 ديسمبر 2021م.

عاريات في بلاد الحرمين

لأول مرة في التاريخ تفرش حكومة (خادم الحرمين الشريفين) السجادة الحمراء لمشاهير صناعة السينما حيث شارك مئات الممثلات من جميع الجنسيات العربية والأجنية، واللاتي ظهرن بفساتين السهرة وملابسهن المثيرة الشفافة، في بلد كان حتى سنوات قليلة ماضية يفرض العباءة على جميع النساء.[[1]] تقول إلهام شاهين: «لا أصدق أنني أشارك في أول مهرجان سينمائي في جدة، أنا سعيدة جدا من أجل السعودية، تعودت المجيء من أجل الحج أو العمرة، لكني هذه المرة جئت لأشارك في مهرجان سينما وسط نجوم من كل أنحاء العالم؛ هذه طفرة،  وهذا تطور عظيم في تاريخ المملكة».[[2]]

احتفت السعودية بالمهرجان وعدته آلتها الإعلامية دليلا على مدى الإصلاح الهائل والتطور الحضاري الذي تشهده المملكة على يد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ويصف مدير المهرجان محمد التركي يوم الافتتاح بأنه يوم تاريخي في المملكة.[[3]] وشارك على جوائز المهرجان 138 فيلما طويلا وقصيرا من 67 بلدا بـ34 لغة، كما يأتي المهرجان بعد أربع سنوات من السماح بفتح دور السينما في بلاد الحرمين الشريفين في أبريل 2018م. وتوجد حاليا في بلاد الحرمين أكثر من 39 دار سينما بعدد شاشات تجاوز 385 تشغّلها خمس شركات.[[4]]  من جهة ثانية، حظيت المخرجة والمنتجة السعودية هيفاء المنصور بتكريم لافت خلال فعاليات المهرجان بوصفها أول من أخرجت وأنتجت أول عمل سعودي سينمائي طويل جرى تصويره داخل المملكة (فيلم «وجدة» سنة  2012م)، وهو الفيلم الذي نال جوائز عالمية عدة كترحيب دولي  ومباركة لهذه الخطوات السعودية، وبعدها أخرجت المنصور عدة أعمال في مدينة هوليود الأمريكية عاصمة صناعة السينما في العالم.

تتزامن هذه التوجهات التي يقودها ولي العهد السعودي مع أكبر حملة قمع شنتها أجهزتها الأمنية بحق مئات العلماء والدعاة إلى الله؛ الذين جرى  اعتقالهم في 2017م، بتهم سياسية كيدية؛ ثبت أن الأسباب الحقيقية تتعلق بأن هؤلاء العلماء يمثلون أكبر عائق أمام توجهات ولي العهد بوصفهم يمثلون تيار الصحوة الإسلامية الذي يحظى بشعبية جارفة في بلاد الحرمين، وعلى رأسهم الدكتور سلمان العودة وعوض القرني، وعلي العمري وسفر الحوالي وأولاده والشيخ محمد صالح المنجد صالح العمر ومحمد سعد الشريف وعبدالعزيز الطريفي وغيرهم. تجاوز عدد المعتقلين الحقوقيين 20 شخصية، و24 صحفيا وإعلاميا، وأكثر من 60 من حملة الدكتوراه وأكثر من 40 شخصية لهم كتب ومؤلفات هامة. وتعرض معظهم وفقا للحساب “للتعذيب الجسدي بالصعق والضرب والتعليق لساعات من الأذرع والسحل في ساحات السجن، وسط محاكمات سياسية شكلية أمام قضاة يفتقدون إلى أدنى معايير النزاهة والعدالة.

كما تتزامن مع حصار شديد تفرضه السلطات السعودية على كل الحركات الإسلامية المعتدلة التي تقود دعوات الإصلاح والتغيير حيث تم حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها منظمة إرهابية، كما تم حظر جماعة “التبليغ والدعوة” المعروفة باسم “الأحباب” في بلاد الحرمين وسط اتهامات لها بالوثنية والإرهاب.[[5]] في الوقت الذي فتحت فيه السلطات أبوابها لكل منافق يبرر للسلطة أفعالها حتى لو كانت بالغة الشذوذ والانحراف ومناقضة لأحكام الإسلام ومبادئه، مثل التيار الجامي المدخلي.

السينما السعودية في محطات

في عام 2017، حذر مفتي المملكة من تقنين دور السينما في السعودية، معتبرا أن ذلك أمر “مفسد للأخلاق ومدمر للقيم”. وآنذاك، عرضت السينما الوحيدة في البلاد أفلاما وثائقية في متحف للعلوم. وفي العام التالي (2018)، شهدت العاصمة في الرياض افتتاح أول دور سينما منذ أكثر من 3 عقود، من قبل سلسلة “إيه إم سي” (AMC) الأمريكية، بعرض فيلم “النمر الأسود” (Black Panther). ومن ذلك الحين، تم افتتاح حوالي 500 سينما أخرى في المملكة.[[6]] وتستهدف المملكة أن يصل عدد دور السينما إلى “2000” دار في 2030م. هذا التحول المتواصل الذي تشهد بلاد الحرمين الشريفين له ثلاثة دوافع: فالمملكة تحتاج ــ أولا ــ فطام اقتصادها عن النفط. وثانيا، يجب أن تحافظ على رضى سكانها الشباب في مواجهة القمع السياسي. وثالثا، النظام بقيادة ولي العهد في حاجة ماسة لتحسين سمعته على الساحة الدولية في أعقاب مقتل الصحفي  جمال خاشقجي  بطريقة وحشية داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، على يد فرقة موت سعودية بتكليف من ولي العهد، في أكتوبر 2018م.

وخلال السنوات الماضية ــ أيضا ـ  تضاعفت الأعمال السينمائية والتلفزيونية السعودية بشكل كبير في ظل التوجهات الجديدة التي يفرضها ولي العهد والدعم الواسع الذي تحظى به صناعة الترفيه في بلاد الحرمين الشريفين. وجرى إنتاج أعمال بميزانيات ضخمة غالبا ما كانت تستهدف إبراز صورة ما يسمى بالانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه المملكة بعد قرون من الإرث المحافظ وفق قيم الإسلام وأحكامه التي كانت تهيمن سابقا على بلاد الحرمين حكاما ومحكومين، حتى جاء ابن سلمان، ولم ترقه سياسة الأقنعة المتعددة للحكام والملوك؛ فأظهر للعلن ما كان يخفيه صناديد الأسرة المالكة، والذين كان يمارس معظمهم جميع صور وأشكال الفجور والانحراف والانفلات الأخلاقي خلف أبواب قصورهم المغلقة، بعيدا عن أعين الناس، أو يضطرون لممارسة ذلك خارج المملكة في لبنان والقاهرة ودبي أو في أشهر وأرقى الفنادق العالمية. ولعل شبكة إم بي سي ودورها التدميري لشباب الأمة منذ أكثر من عشرين سنة خير برهان على ذلك. فهي أكبر شبكة تبث الأفلام والمسلسلات الأجنبية والعربية والهندية والتي تمولها الحكومة السعودية وتديرها مخابرات بلاد الحرمين!

ورغم هذه الانحرافات المعروفة عن معظم ملوك وأمراء آل سعود، لكنهم كانوا في الظاهر حريصين على إبداء الالتزام بالإرث المحافظ والادعاء بالتزام قيم الإسلام وفق مذهب الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الذي تنسب له الحركة الوهابية التي سيطرت على بلاد  الحرمين لعقود طويلة. وحاليا تستهدف الحكومة السعودية  أن يكون مهرجان جدة السينمائي من بين الأكبر في الشرق الأوسط، ويأملون في أن يحل محل مهرجان دبي السينمائي في الخليج الذي توقّف تنظيمه قبل ثلاث سنوات.  ورغم الإنتاج السعودي الكبير، تحظى الأفلام المصرية والاجنبية بإقبال كبير في دور العرض.

ويمكن رصد المحطات الآتية في تاريخ السينما السعودية:

أولا، تم حظر دور السينما في ثمانينات القرن الماضي بضغوط كبيرة من المؤسسة الدينية التي كانت تحظى بنفوذ واسع في  نظام الحكم وقتها، حتى جرى افتتاح أول صالة سينما في بلاد الحرمين في أبريل 2018م، في أعقاب تتويج ولي العهد محمد بن سلمان منصبه في منتصف 2017م. ومنذ ذلك التاريخ شهدت صناعة السينما في بلاد الحرمين طفرة كبرى مدعومة بتشجيع كبير من السلطة ووسائل الإعلام التي تهيمن عليها أجهزة النظام السعودي. وفي المملكة اليوم أكثر من 39 صالة سينما، بعدد شاشات تجاوز 385، تشغلها خمس شركات وفق تقديرات إعلامية. وتصل بها بعض التقديرات إلى نحو 500 سينما حاليا.

ثانيا، في يناير 2021م، افتتحت شركة «سينيبوليس» العالمية صالتي سينما بكل من الدمام وجدة، بعدما حصلت على ترخيص من السلطات السعودية تستهدف به إقامة “200” صالة سينما ببلاد الحرمين، وذلك بالتعاون مع مجموعة الحكير وشريكها الإقليمي مجموعة الطاير. وتعتزم الشركة مع شركائها استثمار 300 مليون دولار على مدى 5 سنوات في مشروع تشغيل صالات السينما في المملكة، بجانب توفير فرص وظيفية للمواطنين السعوديين وإطلاق 200 شاشة جديدة بحلول 2023.وأطلقت الشركة موقعا إلكترونيا وتطبيق الهاتف المحمول، لتمكين الجمهور من إجراء حجز مسبق لمشاهدة ما يحبونه من أحدث الأفلام، وشراء الوجبات الخفيفة، فيما تتميز الصالات التي تفتتحها بمقاعد جلدية، وتقنيات سمعية وبصرية حديثة.[[7]] وتسعى السعودية إلى إنشاء نحو 350 دار سينما، تحوي أكثر من 2500 شاشة بحلول 2030، الذي يمثل موعدا لنهاية إنجاز تغيير اقتصادي عملاق في البلاد؛ حيث تأمل السعودية بيع تذاكر بنحو مليار دولار سنويا.

ثالثا، في يوليو 2021م علنت السلطات السعودية عن تدشين إستراتيجية لصناعة المسرح، في مركز الملك فهد الثقافي. واستعرضت الهيئة توجهها لإنشاء مشاريع تعليمية وأكاديمية وإنشاء مسارح بالشراكة مع عددٍ من الجهات، وتوفير التعليم المسرحي وإدراج الأنشطة المسرحية في المؤسسات التعليمية. كما تشمل مبادرة المسرح المدرسي التي تستهدف تدريب 25 ألف معلم ومعلمة خلال ثلاث سنوات ليكونوا مشرفي نشاط مسرحي في مدارس التعليم العام، إلى جانب توفير التخصصات المسرحية ضمن التعليم العالي.[[8]] وتستهدف رؤية “السعودية 2030″، رفع مساهمة قطاع الترفيه من إجمالي الناتج المحلي من 3 إلى 6%، حيث صرح ولي العهد “محمد بن سلمان”، في وقت سابق، بأن بلاده “تستهدف توطين 50% من قطاع الترفيه، إذ ينفق المواطنون 22 مليار دولار على الترفيه في الخارج سنويا”.

رابعا،  في سبتمبر 2021م، أصدر وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودي “أحمد الراجحي” قرارا بالموافقة على تسجيل أول جمعية أهلية للسينما في تاريخ السعودية، تُعنى بقطاع صناعة الأفلام. وترأس إدارة الجمعية “هناء العمير”، كما يشغل “أحمد الملا” منصب نائب الرئيس، و”أحمد الشايب” مشرفاً مالياً.[[9]]

خامسا، في أواخر نوفمبر 2021م، أطلقت هيئة الأفلام السعودية إستراتيجية لتطوير صناعة الأفلام السعودية تتضمن 19 مبادرة تهدف إلى إحداث حراك كبير في قطاع الأفلام بالمملكة، وتوفير بنية تحتية للإنتاج السينمائي وتمكين المواهب والقدرات السعودية. وتعاني صناعة السينما السعودية من نقص في الكوادر المحترفة وفرص التدريب وغياب الاستثمار المحلي والأجنبي، وهو ما تحاول مبادرة هيئة الأفلام معالجته. ودخلت شركة “أم بي سي ستوديوز”، الذراع السينمائية لشبكة القنوات السعودية الشهيرة في الشرق الأوسط، على خط إنتاج أفلام سينمائية عالمية ناطقة باللغة الإنكليزية بميزانيات ضخمة. وتصور “أم بي سي ستوديوز” فيلم “ديزرت واريور” الذي يحاكي ملحمة قديمة تدور أحداثها في شبه الجزيرة العربية في مدينة نيوم المستقبلية التي تبنيها المملكة في الشمال. ويعد الفيلم أكبر إنتاج سينمائي يصور في السعودية على الإطلاق، كما ذكرت الشركة.

الأولوية المطلقة للترفيه

ووفقا لوكالة “بلومبرج” الأمريكية في تقرير لها نشرته في نوفمبر 2021م، فإن السلطات السعودية خصصت 64 مليار دولار في صناعة الترفيه، بهدف تنويع اقتصادها المعتمد على النفط، مشيرة إلى أن جزءا من هذه الميزانية الضخمة موجه لدعم صناعة السينما في المملكة. ويستهدف ولي العهد السعودي بذلك أن تصبح بلاده وجهة لصناعة السينما حول العالم؛ مستدلا على ذلك بأن السعودية تنتج فيلم “محارب الصحراء”، المقرر تمثيله كلية داخل المملكة، وهو من بطولة “أنتوني مكاي”، الممثل الشهير بدور “كابتن أمريكا”، إضافة إلى فيلم “قندهار”، والذي سيتم تصويره في منطقة العلا، من بطولة النجم الهوليودي “جيرارد باتلر”. وبذلك، تسعى السعودية لمنافسة الأردن والمغرب، فطالما اتجهت هوليوود إليهما لتصوير الأفلام التي تجرى أحداثها في الشرق الأوسط، أو استغلال صحاريهما الشاسعة في تصوير أفلام الخيال العلمي. ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن اجتذاب نجوم هوليوود لتصوير أفلام في المملكة، ومن قبلهم الدعاوى الكثيفة لمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي، تأتي ضمن جهود المملكة لتحسين صورتها في الخارج، والمثقلة بسجل انتهاكات حقوق الإنسان.[[10]]

وخلال الأسابيع الماضية من شهر ديسمبر لم تكتف السلطات السعودية بإقامة مهرجان جدة السينمائي بل اقامت عددا من الفعاليات الترفيهية ضمن موسم الرياض الترفيهي.

أولا، استضافت فعاليات “موسم الرياض 2021م” عددا من أشهر أسماء مطربي المهرجانات الشعبية المثيرة للجدل في مصر، والذين تحظرهم نقابة المهن الموسيقية بدعوى حماية الذوق العام والفن الراقي ومواجهة الفن الرديء والكلمات الهابطة. لكن رئيس هيئة الترفيه السعودي تركي آل الشيخ استضاف يوم 29 نوفمبر 2021م، حمو بيكا وحسن شاكوش وعمر كمال على مسرح “أبو بكر سالم” في بوليفارد رياض سيتي. وهم  من الذين قررت نقابة المهن الموسيقية منعهم من الغناء في 17 نوفمبر 2021م. خطوة هيئة الترفيه السعودية أثارت انتقادات مصرية، خاصة مع ما أثير عن إهداء عائلة السعودي مشعل الشاطري لمطرب المهرجانات عمر كمال، سيارة “بنتلي”، تصل قيمتها إلى نحو 10 ملايين جنيه مصري، بالإضافة إلى درع تكريم محفور عليه اسم المطرب. وفي السياق، أثار استضاف فضائية “إم بي سي مصر” السعودية، لمطرب المهرجانات “سوستة” ببرنامج “يحدث في مصر” الجدل والغضب من إعلاء القناة لشأن مطرب مغمور أطلق مهرجانا باسم “شيماء ارجعي متخافيش”، تحمل كلماته الكثير من الغرابة والإسفاف والاستخفاف بالعقول.[[11]]

ثانيا، نظمت الرياض أيضا في من الثالث حتى الخامس من ديسمبر 2021م سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 بمدينة جدة السعودية، وهو الحدث الأول من نوعه في بلاد الحرمين الشريفين؛ ورافق الحدث فعاليا ترفيهية منه حفل موسيقى ضخم للمغني العالمي جستن بيير.[[12]] ولاستضافة وإنجاح السباق، جرى تجهيز حلبة كورنيش جدة التي بنيت في سرعة قياسية خلال ثمانية أشهر فقط وصممها المهندس الألماني، هيرمن تيلك، الذي يملك في رصيده عددا من التصميمات العالمية لسباقات الفورمولا 1 حول العالم. وتشمل حلبة السباق منعطفًا ما يجعلها الحلبة الأسرع في العالم وهي ثاني أطول حلبة في تاريخ الفورمولا 1 بعد حلبة “سپا-فرانكورشان” في بلجيكا. شارك في السباق عشر فرق تضم عشرين سائقًا بمعدّل سائقين لكل فريق، من بينهم السائقان العالميان البريطاني، لويس هاميلتون، والبلجيكي ماكس ڤيرستابن. بينما شارك في الحفلات الغنائية المصاحبة للسباق فنانون عالميون مثل جستن بيبر، جايسين ديرولو، آيساب روكي، تييستو ودايفيد غيتا.[[13]]

ثالثا، استضافت المملكة أكبر مهرجان موسيقي بالشرق الأوسط في الفترة من (16 ــ 19 ديسمبر 2021م)، بمشارك كبار الفنانين والموسيقيين العالميين على مسارح ساوندستور، ضمن الفعاليات والمواسم التي أطلقتها منصة “روح السعودية”، التي تعرض جميع النشاطات السياحية والفعاليات، المقرر إقامتها خلال شتاء السعودية (من أكتوبر 2021 وحتى مارس 2022). يشارك في المرجان ــ وفقا وكالة الأنباء السعودية “واس” ــ نحو 200 فنان من “هولندا، ونيويورك، وكندا، وروسيا، وفلوريدا، وغيرها”، مؤكدة أن “المملكة تفتح ذراعيها لاستقبال السياح من الداخل والخارج من خلال عدد هائل من الفعاليات”. وكانت المملكة أطلقت التأشيرة السياحية في سبتمبر2019، وتم حينها إصدار 400 ألف تأشيرة خلال 6 أشهر، قبل إقرار تعليق السفر وإغلاق المنافذ والحدود إثر جائحة كورونا.[[14]] وتعتبر هذه النسخة هي الثالثة من مهرجان الموسيقى الراقصة منذ انطلاقه في 2019م؛ حيث تدفع السلطات السعودية مئات الآلاف من الدولارات لمشاهير الموسيقى في العالم من أجل مداخلات للحفل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

رابعا، بالتزامن مع فعاليات مهرجان جدة السينمائي، نظمت الرياض مؤتمرا دوليا كبيرا حول الفلسفة في السعودية، شارك فيه نخبة من كبارالفلاسفة في أعرق الجامعات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرها. شارك في المؤتمر الذي امتد لثلاثة أيام، الفيلسوف الأمريكي البارز مايكل ساندل، الأستاذ بجامعة هارفارد الأمريكية، الذي أدار نقاشا (على المواقع الافتراضية) مع 4 طلاب سعوديين جرى بثه مباشرة عبر موقع “يوتيوب”. مناقشات “ساندل” مثلت صدمة لولي العهد السعودي؛  ذلك أن الأكاديمي الأمريكي بدأ النقاش حول طريقة تعامل الحكومة مع تفشي وباء فيروس كورونا. ونقل المناقشة بعدها إلى الأسئلة الأخلاقية حول ما إذا كان ينبغي على المرء حماية أو تسليم قريب له ارتكب جريمة قتل. وردت إحدى الطالبات إنه لا يوجد أحد فوق القانون، وأنها ستسلم أيا كان إلى العدالة، حتى لو كان والدها، الذي تصادف وجوده في القاعة. وقد صفق لها البعض من الجمهور الكبير من الطلاب والأكاديميين السعوديين.  لكن ساندل بعدها وجه ضربات مؤلمة؛ مستشهدا بقصة صينية قديمة عن مأزق الحاكم الذي وجد أن والده قاتل. كان صدى القصة واضحا. فلا يزال ينظر كثيرون إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أنه متورط في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، على الرغم من النفي الرسمي المستمر من جانب الرياض. وكان المغزى واضحا، تتحدثون عن سيادة القانون لكنكم أبعد ما تكونون عن تطبيقه.[[15]]  ويزعم النظام السعودي أنه حريص على إدخال التفكير النقدي في مناهج التعليم السعودية، وكان وزير التعليم السعودي السابق، أعلن العام الماضي “2020” أن الاستعدادات جارية لإدخال التفكير النقدي والفلسفة إلى المناهج الدراسية. واستبدل منذ ذلك الحين، ويبدو أن تلك الخطط معلقة حتى الآن. حيث ينظر كثير من السعودية إلى الفلسفة والتفكير النقدي بوصفها بدعة. لكن هدف النظام هو توظيف التحولات المرتبطة بالدين والمجتمع لتبيض صورة النظام دوليا، فهذا التفكير النقدي مسموح به فقط في نقض بعض أحكام الدين أو العادات المورثة أما مجال الحكم والسياسة فهو من المحرمات القطعية.

انتقادات حقوقية

في المقابل، قرأت منظمات حقوقية هذه التوجهات السعودية والإنفاق ببذخ على هذه الفعاليات والأنشطة واستضافة مطربين ولاعبين عالميين شكلا من أشكال الدعاية للنظام وغسل سمعته دوليا بوصفه أحد أشد نظم الحكم طغيانا واستبدادا في العالم. ودعت هذه المنظمات الحقوقية وفي مقدّمتها منظمة هيومن رايتس ووتش الفنانين المشاركين في مهرجان جدة السينمائي إلى مقاطعة أي فعالية تنظمها السعودية بسبب “نية الرياض في استخدام المشاهير لتلميع سجلها المزري في حقوق الإنسان” على حدّ وصف البيان. ولفت بيان المنظمة إلى أنه لدى المغني العالمي جستن بيبر وزملائه فرصة للوفاء “بالتزاماتهم العلنية” بدعم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.[[16]]

وطالب أحمد بن شمسي، مدير التواصل في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، المشاهير من الفنانين والرياضيين، من كلا الجنسين الذين تتم دعوتهم للمشاركة في فعاليات في السعودية، إما أن يذهبوا إلى السعودية رافعين أصواتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية لتنبيه العالم بالانتهاكات الخطيرة الحاصلة في السعودية وإلا فلمتنعوا عن الذهاب والمشاركة في هذه الفعاليات السعودية. مؤكدا أن مشاركتهم هي جزء من تبييض سمعة السعودية التي تتواصل فيها الانتهاكات الحقوقية. وكانت بعض هذه الحملات نجحت في السابق في لفت انتباه بعض المشاهير حول العالم، من بينهم عارضتا الأزياء العالميتان إميلي راتاجكوفسكي ومارثا هانت اللتان رفضتا المشاركة في فعالية “ميدل بيست” بسبب اعتراضهما على تعامل السلطات السعودية مع حقوق النساء، إضافة إلى المغنية الشهيرة نيكي ميناج وبطلا المصارعة جون سينا ودانييل برايان.

وكتبت خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي السعودي جمال خاشقجي،  مقالا في صحيفة واشنطن بوست التي كان خاشقجي كاتب رأي فيها. المقال يحمل عنوان: ” أرجوك جستن بيبر، لا تغني للنظام الذي قتل خطيبي”. وأضافت ” إنها فرصة فريدة تمكنّك من بعث رسالة قوية إلى العالم مفادها أن اسمك وموهبتك لن يُستخدما لاستعادة سمعة نظام يقتل معارضيه”. لكن كل هذه النداءات ذهبت سدى أمام أدوات الإغراء والغواية السعودية وإغداقها الأموال ببذخ عجيب على كل المشاركين في هذه الفعاليات الترفيهية.

وعندما تم الإعلان عن المهرجان في وقت سابق من هذا العام، كان المخرج السينمائي، المرشح لجائزة الأوسكار، سامي خان، من بين الأصوات التي دعت الفنانين إلى مقاطعة المهرجان، احتجاجا على سجل المملكة “المزعج” في مجال حقوق الإنسان. وقال خان: “يجب ألا يسمح مجتمع السينما الدولي للمملكة العربية السعودية بأن تشتريه وتستخدمه لتبييض الفظائع المروعة”. وأضاف “ربما سأدفع ثمنا لهذا (الموقف)، لكنني منزعج بشكل متزايد من الطريقة التي تستخدم بها الحكومات القمعية صناعة السينما العالمية لغسل سمعتها”.[[17]]

وتقول صحيفة “التايم” نقلا عن جهات حقوقية، إن المملكة العربية السعودية أنفقت قرابة الـ900 مليون دولار من أجل استضافة فورميولا 1 لعشر سنوات، كما أنها ستنفق 694 مليون دولار لإنشاء عشرات الاتحادات الرياضية، وتدريب أبطال للعالم، تماما كما فعلت الصين قبل عقود من الآن. ولفتت الصحيفة إلى أن هذا كله جزء من استراتيجية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لرؤيته 2030 لتنويع الاقتصاد، والانفتاح على الغرب والسياحة لتوفير فرص جديدة للعمل للجيل القادم. وذكّرت الصحيفة بتقارير حقوقية سابقة، قالت إن الإنفاق السعودي على الرياضة يأتي في إطار تبييض صورتها، على الرغم من الزيادة الكبيرة في القمع خلال السنوات القليلة الماضية.[[18]]

مآلات وسيناريوهات

تتزامن كل هذه الأنشطة والفعاليات الترفيهية  التي تستهدف تبييض صورة بن سلمان، مع مؤشرات تؤكد أن ولي العهد السعودي بات ملكا غير متوج؛ فهو القائد الفعلي للمملكة حتى قبل اعتلائه العرش بشكل رسمي. وفقا لوكالة “فرانس برس”. فهو من يترأس القمم الإقليمية التي تستضيفها بلاده، ويستقبل الضيوف الأجانب. ولطالما اعتبر “محمد بن سلمان” الحاكم الفعلي للسعودية منذ تعيينه وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، لكنه بات ينفرد مؤخرا بالمشهد مع استقباله وحده الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” مطلع ديسمبر 2021، وترؤسه قمة قادة الخليج في الرياض. ونادرا ما تخلف الملك “سلمان” عن حضور قمة الدول الخليجية السنوية وإلقاء كلمة فيها، ومعروف عنه حرصه على مصافحة أكبر عدد من الحاضرين.  ومنذ تفشي كوفيد-19، استقر الملك في منطقة مدينة نيوم المستقبلية التي يجري بناؤها بمبادرة من نجله على البحر الأحمر في شمال غرب المملكة. وكان آخر مسؤول أجنبي التقاه في العاصمة وزير الخارجية البريطاني السابق “دومينيك” راب في مارس/آذار 2020، قبل أن يجتمع بالسلطان العُماني “هيثم بن طارق” في نيوم نفسها في يوليو/تموز السابق. وآخر زيارته الخارجية هي إلى سلطنة عُمان لتقديم العزاء في وفاة سلطانها الراحل “قابوس بن سعيد” في يناير/كانون الثاني 2020م.[[19]]

بالتزامن مع هذه الفعاليات، انطلق ولي العهد في جولة خليجية بدأت في عمان في 6 ديسمبر 2021م، وانتهت في الكويت في 10 ديسمبر بعد توقف في أبوظبي ودبي وقطر والبحرين. وجاءت جولة “بن سلمان” قبل أسبوع من انعقاد القمة الخليجية التي حاولت القيادة السعودية استثمارها لتعزيز أوراق اعتماد “بن سلمان” وتجاوز الصعوبات التي يواجهها في إعادة بناء مكانته الإقليمية والدولية.[[20]] وقبل كل شيء، تُظهر تحركات “بن سلمان” الأخيرة كيف بدأ من جديد على المستوى الإقليمي بعد أن تحطمت صورته العالمية واحترقت في موجة الاشمئزاز الدولي التي صاحبت وتيرة الكشف عن حقائق مقتل “جمال خاشقجي”. وقد يستغرق الأمر أعواما حتى يتخلص “بن سلمان” من صورته كقائد متهور ومندفع. وقد لا يتم إعادة تأهيل صورته بالكامل في بعض الأوساط.ومع ذلك سيخلف “بن سلمان” والده في وقت ما ليصبح “خادم الحرمين الشريفين”، مع كل الثقل الذي يجلبه هذا المنصب من الناحية الجيوسياسية الإقليمية وكذلك الدينية.[[21]]

يريد ولي العهد السعودي من هذه التحولات الكبرى في هوية المجتمع السعودي الدينية والثقافية تحقيق بعض المكاسب للنظام على حساب المجتمع، فما يقوم به بن سلمان هو أكبر عملية تغريب وتدمير لهوية المجتمع السعودي وتحويل المواطن السعودي إلى مجرد مسخ بلا هوية أو دين أو خلق، لا يدين بالولاء سوى للنظام حتى لو على حساب ثوابت الإسلام وقيمه؛ لذلك جرى تدجين المؤسسة الدينية حتى تضفي شيئا من الشرعية الدينية على سياسات وممارسات النظام حتى تكتسب هذه السياسات شيئا من القداسة حتى لو كانت زائفة، ولهذه الأسباب آيضا جرى اعتقال العلماء والدعاة الربانيين الذين لا يخشون أحدا إلا الله، ويحاكمون بتهم كيدية ملفقة حتى يضمن ولي العهد تدمير هذه المخططات دون اعتراض.

بذلك قد يحقق ولي العهد السعودي مكسبين مهمين: الأول، هو تبييض صورة النظام المشوهة أصلا بوصفه أحد أبرز نظم الاستبداد والطغيان في العالم، لكن هذا النظام حظي بمزيد من التشويه في أعقاب السلوك الإجرامي الوحشي في مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل مقر القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية في 2018م. الثاني، هو الفوز بمباركة ما يسمى بالمجتمع بالدولي بهذه التوجهات التي تنسف الأسس والثوابت التي قامت عليها المملكة في هويتها التي يراد لها أن تصبح  نسخة من المجتمعات العربية التي جرى تفكيكها وتدمير هويتها وبنيتها الاجتماعية والدينية، وتحويلها إلى مجتمعات علمانية في السياسة ونيوليبرالية رأسمالية في الاقتصاد. بما يحد من الهوية الإسلامية وصولا إلى محطة القضاء على هذه الهوية.

إزاء هذه المعطيات يتعين وضع تنبؤات بمستقبل هذا النظام ومستقبل تلك التحولات الكبرى التي تمضي وفق مخططات مدروسة وينفق عليها ببذخ شديد.

السيناريو الأول، هو نجاح ولي العهد في تمرير هذه المخططات التي ترتبط ارتباطا عضويا به  وجودا وعدما؛ بمعنى أن هذه المخططات  ــ وفق هذا السيناريو ــ  ستحظى بقوة الدفع اللازمة والتشجيع المستمر ما بقي ولي العهد على رأس النظام السعودي، وقد تزول بزواله، وتنتهي بخروجه من المشهد سواء بانقلاب عسكري أو سياسي أو حتى باغتياله أو وفاته بشكل طبيعي. وتشير كثير من الدلائل أن ولي العهد ماض في مشروعه دون اكتراث للعواقب أو الاعتراضات الكثيرة التي تواجه مشروعه، سواء داخل  الأسرة الحاكمة أو في المجتمع السعودي؛ وبرصد محتوى الصحافة ووسائل الإعلام السعودية فلا حديث سوى عن الإشادة والثناء البالغ لهذه السياسات ولمشروع ولي العهد،  واختفى تماما أي إشارة تعارض هذه  التوجهات وتلك السياسيات. وتؤكد التقارير والتحليلات في كبرى الصحف العالمية أن ولي العهد السعودي بات هو الملك غير المتوج، فهو يمارس جميع صلاحيات الملك دون استثناء في ظل اختفاء العاهل السعودي الملك سلمان عن الأنظار منذ نحو سنتين. وفق هذا السيناريو فإن نظام محمد بن سلمان سوف يحظى بمباركة جميع الدول والقوى الكبرى في العالم التي تبارك  انسلاخ السعودية والمجتمع السعودي من هويته. وسوف تتغاضى هذه الدول وحتى المؤسسات الدولية عن جرئم ولي العهد وانتهاكاته في سبيل أن يصل قطار هذه المخططات الي منتهاه المرسوم بإتقان. ولعل هذه الأنشطة الترفيهية تستهدف تمهيد الطريق نحو خطوة سياسية مرتقبة هي عزل الملك وتتويج بن سلمان ملكا على بلاد الحرمين في ظل شيخوخة سلمان (86 سنة) ومعاناته من بعض الأمراض، أهمها الخرف. فيما يذهب آخرون أن بقاء الملك مهمشا بلا صلاحيات حقيقية قد يمثل أعظم فرصة لنجله الشاب، فوجود الملك يمثل أكبر غطاء لابن سلمان الذي يفعل ما يشاء في بلاده بعدما أمسك بكل مفاصل ومفاتيح السلطة في بلاد الحرمين.

السيناريو الثاني، هو فشل ولي العهد في تمرير هذه المخططات، وذلك لأن المجتمع السعودي الذي يغلب عليه الطابع المحافظ لن يقبل بهذا الانقلاب المفاجئ والسافر، ولعل استعجال ولي العهد في تمرير هذا الانقلاب على الهوية السعودية، وطمعه الشديد في العرش السعودي، قد يكون سببا في فشله؛ لأنه بذلك يستفز مواضع القوة والمناعة داخل المجتمع السعودي في ظل الخلافات التي تعصف بالأسرة الحاكمة والطريقة التي تعامل بها بن سلمان مع منافسيه داخل الأسرة الحاكمة، والتي تسببت في تكوين عداءات كثيرة معظمها مستتر خشية التنكيل والانتقام، لكن هؤلاء الخصوم لن يتهاونوا مطلقا إذا أتيحت لهم فرصة الإطاحة بولي العهد. ما يضع المملكة أمام سيناريو الصراع على العرش. والذي قد ينتهي باغتيال بن سلمان أو الإطاحة به بانقلاب داخل الأسرة المالكة.

ومن خلال الدلائل والمعطيات القائمة، لم يعد هناك وجود ظاهر لأي معارضة لولي العهد بعدما تمكن من كل خصومه داخل الأسرة المالكة وخارجها، فاعتقل المئات وصادر أصول وأموال وثروات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. معنى ذلك أن بن سلمان قد ينجح في مسعاه إلى حين، وسط ترحيب ومباركة دولية، وقد ينجح في اعتلاء العرش السعودي دون معارضة تذكر، لكنه حتما  سيواجه رفضا واسعا لانقلابه على الهوية الإسلامية في بلاده حتى لو حاول التغطية على هذه المعارضة بالصخب والضجيج الإعلامي من جهة والقمع المفرط من جهة ثانية؛ فعلى ما يبدو فإن مناعة المجتمع السعودي ضد عمليات التغريب لن تقبل بهذه المخططات، وفقا للقاعدة الفيزيائية والاجتماعية الشهيرة «لكل فعل رد فعل ، مساو له في المقدر ومضاد له في الاتجاه». ويبقى مستقبل بلاد الحرمين مفتوحا على كافة الاحتمالات مهما كان الظاهر غير ذلك؛ فوراء الصمت الكبير داخل المجتمع السعودي تفاعلات واسعة ليس له صدى في الوقت الراهن لكنها قد تنفجر مستقبلا بما يحمي المملكة من انقلاب ولي العهد.

 

 

 

[1] بالصور .. أجمل إطلالات النجمات بمهرجان البحر الأحمر السينمائي/ العربية نت ــ 07 ديسمبر 2021م//باسل النجار/عُري وملابس فاضحة .. السعودية تحاكي مهرجان الجونة عبر مهرجان البحر الأحمر بجدة!/ وطن سرب ـ 7 ديسمبر 7, 2021

[2] إلهام شاهين عن مهرجان البحر الأحمر: “كنت متعودة آجي السعودية أعمل عمرة أو حج والمهرجان طفرة”/ عربي بوست ــ 08 ديسمبر 2021م

[3] “يوم تاريخي في المملكة”.. القوة السعودية “الناعمة” تفرش سجادتها الحمراء/ الحرة نقلا عن فرانس برس  ــ 06 ديسمبر 2021

[4] مهرجان البحر الأحمر السينمائي: السينما السعودية تخرج إلى الضوء من خلال أول مهرجان لها في جدة/ بي بي سي عربي ــ 7 ديسمبر/ كانون الأول 2021

[5] التبليغ والدعوة: من هم “الأحباب” ولماذا يحذر خطباء الجوامع في السعودية منهم؟/ بي بي سي عربي ــ 11 ديسمبر/ كانون الأول 2021

[6] “هوليوود الصحراء”.. السعودية تكافح لتحقيق حلمها رغم العوائق الثقافية والسمعة الملطخة/ الخليج الجديد  ترجمة عن إيكونوميست البريطانية ــ السبت 18 ديسمبر 2021

[7] السعودية تخطط لافتتاح 200 صالة سينما خلال عامين/ الخليج الجديد ــ الخميس 14 يناير 2021

[8] بعد السينما.. السعودية تعلن بدء استراتيجية لإنشاء مسارح/ الخليج الجديد ــ الخميس 15 يوليو 2021

[9] برئاسة هناء العمير.. إطلاق أول جمعية للسينما في تاريخ السعودية/ الخليج الجديد ــ الأربعاء 8 سبتمبر 2021

[10] بلومبرج: السعودية تخطط لتصبح وجهة لصناعة السينما حول العالم/ الخليج الجديد ــ  الأحد 7 نوفمبر 2021

[11] محمد مغاور/لماذا استضاف “موسم الرياض” مطربي المهرجانات رغم منع مصر لهم؟/ “عربي 21” ــ الإثنين، 06 ديسمبر 2021

[12] ماكس فرستابن: هل كانت استضافة السعودية وقطر لفورمولا 1 “تبييض سمعة”؟/ بي بي سي عربي ــ 10 ديسمبر/ كانون الأول 2021

[13] نسرين حاطوم/ فورمولا 1 تبدأ في السعودية وسط انتقادات من منظمات حقوقية/ بي بي سي عربي ــ 3 ديسمبر/ كانون الأول 2021

[14] السعودية تستضيف “أكبر” مهرجان موسيقي بالشرق الأوسط/ “عربي 21” ــ الجمعة، 03 ديسمبر 2021

[15] انظر بتصرف.. سيباستيان آشر/ مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة.. “خطوة أولى” في السعودية وسط حساسيات دينية وسياسية/ بي بي سي عربي ــ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021

[16] HRW” تدعو الفنانين لفضح انتهاكات السعودية أو “الانسحاب”/ “عربي 21” ــ الأربعاء، 15 ديسمبر 2021

[17] نقاد يتهمون السعودية بـ”تبييض صفحتها” على حساب مهرجان الأفلام/ الحرة ــ 12 ديسمبر 2021

[18] التايم: السعودية تنفق الملايين على الرياضة لتبييض صورتها/ “عربي 21” ــ  السبت، 11 ديسمبر 2021

[19] فرانس برس: محمد بن سلمان ملك غير متوج/ الخليج الجديد نقلا عن فرانس برس ــ الجمعة 17 ديسمبر 2021// باسل درويش/الغارديان: غياب الملك عن القمة يشي بانتقال السلطة لابن سلمان/ “عربي 21” ــ الأربعاء، 15 ديسمبر 2021

[20] بن سلمان يعيد تأهيل صورته إقليميا لتعويض النفور الدولي/ الخليج الجديد ــ الجمعة 17 ديسمبر 2021

[21] بن سلمان يعيد تأهيل صورته إقليميا لتعويض النفور الدولي/ الخليج الجديد ــ الجمعة 17 ديسمبر 2021  (مرجع سابق)

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022