زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا: الدوافع والتداعيات وردود الأفعال

 

تتسم العلاقة الإسرائيلية- التركية فى عهد الرئيس رجب طيب أردوغان – سواء عندما كان رئيس للوزراء أو بعدما صار رئيسًا للبلاد- فى طابعها العام بالتوتر، فقد ابتعد إردوغان كثيراً عن “إسرائيل”، واتخذ مواقف علنية شديدة القسوة منها، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008، ولتنقطع العلاقات بين البلدين عقب اعتراض البحرية الإسرائيلية “أسطول الحرية” إلى قطاع غزة بهدف فك الحصار عنه، فى مايو 2010، وهو الأسطول الذى توقف بعد تعرض سفينة “مرمرة” التركية لهجوم دام خلف قتلى وجرحى[1]. لكن ظل التأرجح في العلاقات سيد الموقف، ففي أعقاب إعلان تركيا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2016، عاد التوتر من جديد جراء موقف تركيا من قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بمجزرة بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة خلال مظاهرات العودة في ذكرى النكبة، فى عام 2018، حيث طلبت من السفير الإسرائيلي بأنقرة مغادرة البلاد، وهو ما ردت عليه تل أبيب بطرد القنصل التركي بالقدس. ومنذ ذلك، أصبحت العلاقات الدبلوماسية على مستوى القائم بالأعمال[2].

ولكن شهدت الأشهر الأخيرة تقاربًا واضحًا بين تركيا وإسرائيل؛ إذ تحدث رئيسا الدولتين مرات عدة منذ تنصيب الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوغ، ولعل من أهمها تهنئة أردوغان له بمنصبه الجديد في يونيو 2021، ثم الإفراج عن سائحين “إسرائيليين” اعتقلا للاشتباه بتجسسهما في نوفمبر 2021، وأعقبه اتصال “هرتسوغ” به لشكره على ذلك، ثم اتصال أردوغان في يناير 2022 لتعزيته بوفاة والدته[3]. وفي ديسمبر الماضي، التقى الرئيس التركي مع أعضاء الجالية اليهودية التركية وأعضاء “تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية“[4]. كما بادر أردوغان في نوفمبر الماضي إلى الاتصال بنفتالي بينيت، هي الأولى له مع رئيس وزراء إسرائيلي منذ العام 2013، للاطمئنان على صحته بعد الإصابة بفيروس كورونا[5].

وفى هذا السياق، فقد جاءت زيارة الرئيس الإسرائيلى إلى تركيا، فى 9 و10 مارس الحالى، والتى تعتبر أول زيارة لرئيس إسرائيلى إلى أنقرة بعد 15 عامًا من أخر زيارة قام بها الرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز إلى تركيا فى عام 2007. وما أظهرته الزيارة من مدى الترحيب التركي بالزيارة من خلال حفل الترحيب المهيب الذي أقيم في أنقرة لاستقبال الرئيس هرتسوغ، حيث حصل على أعلى درجات التكريم وفقًا للمراسم والبروتوكولات. وفيما يخص النقاط البارزة التي تم تناولها في المحادثات بين هرتسوج وأردوغان، فقد اتفقت الدولتان على إحياء الحوار السياسي القائم على احترام الرؤى المتبادلة، وعلى أساس الأهداف والمصالح المشتركة للبلدين، وتم تشكيل لجنة من أجل حل الخلافات ومنع سوء التفاهم بين أنقرة وتل أبيب. وأكد أردوغان على أن وزيري الخارجية والطاقة في تركيا سيزوران إسرائيل قريبًا لإجراء مزيد من المحادثات بشأن زيادة التعاون[6]. وعليه تحاول هذه الورقة الأجابة على مجموعة من التساؤلات التى أثارتها تلك الزيارة، ومن أهمها: ما هى الدوافع التى تقف خلف اقدام تركيا على تحسين علاقاتها مع إسرائيل فى هذا التوقيت؟، وكيف تنظر تل أبيب إلى تحسين العلاقة مع أنقرة؟، وأخيرًا، ما مدى تأثير هذه الزيارة على مكانة تركيا ورئيسها أردوغان لدى الإسلاميين عمومًا والفلسطينيين حصوصًا؟.

أولًا: الدوافع التركية لتحسين العلاقة مع إسرائيل:

يمكن الإشارة إلى مجموعة من الدوافع والأسباب التى تقف خلف قيام تركيا بتحسين علاقتها مع إسرائيل فى هذا التوقيت، وتتمثل أبرز تلك الدوافع فيما يلى:

1- الحرب الروسية الأوكرانية:

اكتسبت زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا أهمية استثنائية كونها أتت في خضم هزة عصفت بالنظام الدولي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وما قد تتركه من تهديد للاستقرار الإقليمي المحيط بهما معاً، خاصة عقب تقارب موقف أنقرة وتل أبيب من الحرب، مما يجعل من الزيارة فرصة لمزيد من تعاونهما الأمني والسياسي. فقد اختار كلا البلدين شكلًا معينًا من الحياد فى تلك الأزمة، إذ وقفا خطابيًا إلى جانب وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، بينما حاولا عدم تعطيل علاقاتهما مع موسكو. كما دخلت الدولتين بقوة على خط الوساطة بين كييف وموسكو في محاولة لوقف الحرب المستمرة، وعرض كلًا من أردوغان وبينيت التوسط. فالتقى الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو بينما تحدث أردوغان معه عبر الهاتف[7]، ومؤخرًا نجحت تركيا بعد مرور أسبوعين على بدء الحرب، في جمع وزيري خارجية البلدين على طاولة واحدة في مدينة أنطاليا جنوب البلاد. وتسعى الدولتين إلى التهدئة بين روسيا وأوكراينا فى ظل وجود مصالح عدة لهما في حدوث هذه التهدئة؛ فتركيا لديها مصالح تجارية واقتصادية واسعة مع أوكرانيا وروسيا، كذلك لديها علاقات متشابكة مع روسيا في ملفات إقليمية في سوريا وليبيا، وفي العمق الآسيوي (أذربيجان وأرمينيا)، الذي تعده موسكو حديقتها الخلفية. وفي المقابل لدى أنقرة علاقات إستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي والناتو والولايات المتحدة الأمريكية.

من جهتها، وجدت إسرائيل نفسها في موقف حساس، وعلى الرغم من أنها حليفة واشنطن الأولى في منطقة الشرق الأوسط ولديها علاقات مميزة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن لديها تفاهمات مهمة مع موسكو في ما يخص الملف السوري، واستهدافها الدائم عسكرياً للوجود الإيراني في سوريا، وهذا أمر لن يتم من دون موافقة روسيا بطبيعة الحال[8]. وبالتالى، يسعى الطرفين إلى محاولة التهدئة وإنهاء هذا الصراع لإدراكهما بأنهما سيكونان أكثر المتضررين فى حالة استمرار تلك الحرب، التى سترغمهما على ضرورة الاصطفاف مع طرف على حساب الأخر وهو ما سيضر بمصالحهما الاستراتيجية بصورة كبيرة. أضف إلى ذلك، فربما ترغب تركيا فى استعادة العلاقات المهتزة مع الولايات المتحدة في عهد بايدن، وهنا قد يكون هناك مجال للنقاش حول قدرة “إسرائيل” على تقديم المساعدة، في ظل نفوذها في دوائر القرار الأمريكي خاصة الكونغرس، وطالما اعتقد الأتراك أن بإمكان “إسرائيل” و”اللوبي” التابع لها التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، فإن تحسين العلاقات معها قد يفيدها على الساحة الأمريكية، ولعل هذا الأمر يزداد أهمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وحاجة أنقرة لعلاقات أفضل مع واشنطن[9]، بعد أن أبرزت حرب أوكرانيا مدى حاجتها للولايات المتحدة وحلف الناتو خاصة بعد لجوء روسيا إلى القوة العسكرية فى حسم خلافاتها مع أوكرانيا، وهو ما يثير تخوف تركيا من رد فعل روسى مشابه ضدها خاصة فى ظل تشابكهما بصورة متناقضة فى العديد من القضايا فى منطقة أسيا الوسطى والبحر الأسود والشرق الأوسط.

ويرجع مراهنة أنقرة على تل أبيب فى تحسين علاقاتها مع واشنطن بعدما حاولت تركيا استخدام المغازلة مع الروس من أجل كسر الجليد في العلاقة مع الأميركيين، ولكن أفشلت ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية، التي زادت من حساسية حلف الناتو تجاه أي تقارب تركي روسي، الأمر الذي سيهدّد عضوية تركيا في حلف الناتو، وسيفرض عليها عزلة أوروبية وأميركية[10]. وهنا ربما ترغب أنقرة فى قيام تل أبيب بنقل وتبرير وجهة النظر التركية حول ضرورة التواصل مع روسيا إلى واشنطن، خاصة أن إسرائيل هى الأخرى معنية بالحفاظ على قنوات تواصل مع روسيا خاصة فى الملف السورى[11].

2- الاستجابة للحقائق الإقليمية الجديدة:

تبرز قضايا سياسية وأمنية واقتصادية هامة تحفز الاتجاه التصالحي بين تركيا وخصومها الإقليمين. أولها، تعرض علاقاتها الثنائية مع واشنطن إلى هزة مع مجيء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على خلفية شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 وملف حقوق الإنسان. وثانيها، الاستعداد لما بعد الانسحاب الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط، والذى ظهر فى انسحاب واشنطن المتعجل من أفغانستان والعودة القوية لحركة طالبان، وتصاعد التهديد الإيراني، وتعثر المشروع الأمريكي في العراق، بالتزامن مع معارضة المزاج العام الأمريكي للمغامرات الخارجية، ودخول العالم حقبة ما بعد الولايات المتحدة حيث تقلص التزاماتها الأمنية في الشرق الأوسط وتلتفت إلى التهديد الصيني والروسي الناشئين؛ وبالتالي تطلع تركيا لملء الفراغ الناشئ عن التراجع الأمريكي، وهو ما يحتاج إلى التعاون مع القوى الاقليمية الأخرى وعلى رأسها إسرائيل.

وثالثها، رغبتها في احتواء النفوذ الإيرانى المتنامي في المنطقة مع اقتراب توقيع صفقة نووية جديدة بين الولايات المتحدة وإيران ستغير ميزان القوى الإقليمي مرة أخرى، لاسيمّا في ظل تصاعد مظاهر التنافس بين البلدين وتعمق الخلافات بشأن مستقبل سوريا والعراق وأذربيجان وأرمينيا وأفغانستان. ورابعها، إدراكها حقيقة بقاء النظام السوري وامتلاكه مصالح استراتيجية في تسويات ما بعد الحرب وبالأخص قضية إعادة الإعمار ومستقبل الشمال بما يدفعها للتنسيق مع اللاعبين الإقليميين المنخرطين في تلك الأزمة[12]. في الوقت ذاته، فإن هناك مصالح مشتركة بين أنقرة وتل أبيب داخل جارتهما سوريا، فتركيا مهتمة بشمالها لمواجهة الوجود الكردي، بينما تتجه عيون “إسرائيل” إلى جنوبها لطرد الوجود الإيراني.

وخامسها، ما تمثله أذربيجان من ساحة للتقارب التركي “الإسرائيلي”، فهي لتركيا الشريك الأقرب، وتسميان “دولتان في أمة واحدة”، وبالنسبة ل”إسرائيل” تعد حليفًا استراتيجيًا في الصراع ضد إيران وموردًا مهمًا للطاقة، وبناءً على هذه المصالح أقامت باكو علاقات ممتازة مع أنقرة وتل أبيب، وفي خريف 2020، استخدمت أسلحتهما لهزيمة أرمينيا، مما حولها مكاناً تتعاونان فيه بشكل غير مباشر، رغم أن تطور الصناعات العسكرية التركية قد يؤدي مستقبلا لأن تنافس نظيرتها “الإسرائيلية” لتزويد الجيش الأذربيجاني بالأسلحة[13]. ولعله من الجدير بالذكر هنا، هو تزامن زيارة الرئيس الأذربيجانى إلهام علييف إلى أنقرة، فى 10 مارس، مع زيارة الرئيس الإسرائيلى[14].

وسادسها، التغيرات الجيوسياسية التى تقودها “إسرائيل” برعاية أميركية في منطقة الشرق الأوسط، أبرزها (اتفاقات أبراهام) التطبيعية، والبدء بالعمل إسرائيلياً على تحويل تلك الاتفاقات إلى حلف عسكري في المنطقة، ما يعزّز المعسكر المعادي لتركيا على المستوى السياسي، على ضوء الموقف التركي الداعم لجماعة الإخوان المسلمين بعد أحداث ما سُمّي “الربيع العربي”. كما ازدادت المخاوف التركية من تشكّل حلف الغاز الذي يضم اليونان وقبرص ومصر و”إسرائيل”، والذي يؤسّس لمشاريع كبرى لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا، الأمر الذي يؤثّر سلباً على اقتصادات الطاقة التركية بشكل كبير، والأهم على دور تركيا كممر لنقل الطاقة إلى أوروبا[15].

وقد دفع ذلك تركيا منذ عام 2020 إلى الرجوع مرة أخرى إلى سياسة تصفير المشاكل مع خصومها. حيث قررت تحسين العلاقات مع مصر، ولم تتردد في إسكات الإعلام المصري المعارض في تركيا، ما اضطرهم إلى مغادرة تركيا. ومؤخراً، قررت إصلاح العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة وتطبيعها، ولم يتردد أردوغان في زيارة أبو ظبي؛ راعية النشاط المعادي للإسلام السياسي والنفوذ التركى في المنطقة[16]. ويأتى فى ذات السياق تحسين العلاقة مع إسرائيل.

3- مواجهة الأزمات الاقتصادية:

يجمع العديد من المراقبين على أن انفتاح إردوغان مجدداً على العلاقة مع “إسرائيل” يرجع بصورة رئيسية إلى الإشكاليات الاقتصادية التركية المتفاقمة، التي تتمثل في انخفاض قيمة الليرة التركية، ونقص مخزون العملة الأجنبية في تركيا، الأمر الذي يزيد من أهمية العلاقات التجارية مع “إسرائيل” بالنسبة إلى الاقتصاد التركي، وخاصة أن العام المقبل، 2023، عام انتخابات في تركيا، وبالتأكيد يبحث إردوغان عن أي وسيلة للخروج من أزماته الاقتصادية[17]. ولعل ما يؤكد على مركزية البعد الاقتصادى للزيارة، هو وجود وفد تركي مكون من مئة رجل أعمال للقاء كبار رجال الأعمال الإسرائيليين، والتوقيع معهم على عقود تجارية بين البلدين خلال تلك الزيارة. فضلًا عن تركيز أردوغان فى تصريحاته فى اللقاء الذى جمعه بهرتسوغ على التعاون بين البلدين فى ملف غاز شرق المتوسط.

فقد أعرب أردوغان عن اعتقاده بأنّ زيارة هرتسوغ تعد “فرصة لإحياء التعاون في موضوع الطاقة الذي بدأ من قبل”، مؤكداً استعداد تركيا للتعاون مع إسرائيل في قطاع الطاقة. وأعرب فى فبراير الماضى عن اهتمام تركيا باستئناف المحادثات مع إسرائيل بشأن استخدام الغاز الطبيعي، وقال: إنّ البلدين يمكن أن يعملا سويّاً لنقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا، لإحياء فكرة نوقشت قبل أكثر من (20) عاماً. ومن المقرر أن يزور وزيرى الخارجية والطاقة التركى إسرائيل في أبريل لإجراء مزيد من المحادثات حول زيادة التعاون. وفي وقت سابق، قال وزير الطاقة الإسرائيلي: “إن تل أبيب مستعدة للتعاون مع تركيا في مجال الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط”.

ويأتى ذلك بعدما عرقل الرئيس الأمريكى جو بايدن مطلع العام الجاري (يناير2022) خططاً لإنشاء خط الأنابيب “إيست ميد” لنقل الغاز الإسرائيلي من شرق المتوسط إلى أوروبا عبر قبرص واليونان، مستثنياً تركيا، بسبب مخاوف واشنطن بشأن جدواه الاقتصادية وتكاليفه البيئية. وقد حظي خط أنابيب “إيست ميد” في السابق بدعم إدارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة[18].

وفى سياق متصل، فقد اعتبر سفير تل أبيب السابق لدى الأردن والاتحاد الأوروبي، أوديد إران، أن تركيا تُعدّ أفضل خيار لنقل الغاز من تل أبيب إلى أوروبا، كاشفاً أن لقاء الرئيسين التركي والإسرائيلي قد يُسفر عن تفعيل هذا الخيار. ولفت إران إلى أن بعض الخلافات بين تركيا وإسرائيل أدت لتعطيل ذلك الخيار في السابق، مضيفاً أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو، أعادت وضع الخيار التركي في المقدمة[19]. فيما قال مراسل الشؤون السياسية في قناة كان  العبرية، عميخاي شتاين، فى تغريدة في حسابه الرسمي، على أن “جهات تركية التقت مؤخرًا مع جهات أمريكية وأن الأخيرة تدفع باتجاه إشراك دولة الاحتلال في أنبوب الغاز من الآبار الإسرائيلية عبر تركيا إلى أوروبا”. وأوضح شتاين أن هذه الخطوة قد توقف الارتباط الأوروبي بالغاز الروسي، وذلك بإحلال الغاز الإسرائيلي بديلا عنه، عبر أنبوب يمر من تركيا وصولا إلى أوروبا[20].

وإن كان هناك تشكيك بخصوص تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا على المدى القريب. فبناء خط أنابيب جديد بين إسرائيل وتركيا سيكون مشروعًا مكلفاً ولن يبدأ تشغيله قبل بضع سنوات. فضلاً عن ذلك فإن العائق الفعلي الذي يعرقل المضي بمشاريع تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا أن هذه المشاريع قد لا تكون ذات جدوى اقتصادية كبيرة على المدى البعيد، بسبب محدودية حجم احتياطي الغاز المكتشف، حتى الآن، إذ يبلغ الحجم الإجمالي المؤكد للغاز المكتشف في شرق المتوسط، من 2009 إلى 2019 ما يقرب من 2,5 تريليون متر مكعب، وهو أقل من الاحتياطيات المؤكدة في أذربيجان (2,8 تريليون متر مكعب)، ونيجيريا (5,4 تريليون متر مكعب) وإيران (32 تريليون متر مكعب). علماً بأن جزءاً ليس بالهين من هذه الكمية سيخصص للاستهلاك المحلي لذا فإن الحجم النهائي المتاح للتصدير محدود.

أضف إلى ذلك فإن الاتحاد الأوروبي يعمل على التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري بحلول عام 2030 وهذا يعني أن اهتمام الأوروبيين باستيراد الغاز الطبيعي من شرق المتوسط يتراجع باطّراد. أيضاً يسعى الاتحاد الأوروبي للاستغناء الكامل عن المواد الهيدروكربونية كمصدر للطاقة بحلول العام 2050، وقد خصص ميزانيات كبيرة لتسريع هذه المسارات خلال الأسابيع الماضية ضمن الخطة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. وبالتالي فإذا كانت تركيا مهتمة ببيع الطاقة إلى أوروبا فقد يكون من الأجدى بالنسبة إليها التركيز على الاستثمار في القدرة على إنتاج طاقة متجدّدة ونقلها إلى أوروبا، بدءاً من مزارع الرياح ووصولاً إلى الهيدروجين الأخضر، وهو مجال آخر مطروح للتعاون بين تركيا وإسرائيل التي سبق وتعاونت مع عدة جهات في المنطقة في هذا المجال.

أما غاز البحر المتوسط فيستمد أهميته فعلياً من قيمته بالنسبة للاقتصادات الإقليمية والمحلية، وليس التصدير العالمي، لأنه قد يوفر على الدول المستوردة للطاقة ميزانيات ضخمة بل وقد يحولها إلى مصدر إقليمي للغاز وقد يسهم في دعم الاقتصادات المتعثرة، كما في حالة قبرص ولبنان، ويحقق طموحات دول محورية في الشرق الأوسط مثل تركيا ومصر إلى أن تصبح مراكز طاقة إقليمية وهو ما سيعزز مكانتها السياسية الإقليمية والدولية التي تتطلع إلى تقويتها باستمرار[21]. وباختصار، فإن هناك احتمالات معقولة باستفادة تركيا من التعاون مع إسرائيل فى موضوع الغاز، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية، حيث تقف تركيا أمام ثلاثة احتمالات:

الأول: استمرار السماح الأمريكي لتركيا بشراء النفط والغاز من روسيا، حيث إن 53% من حاجة تركيا من الغاز يتم استيرادها من روسيا، وهذا احتمال ضعيف خاصة مع تزايد حدة الأزمة الأوكرانية والرغبة الغربية في معاقبة روسيا لدرجة احتمالية المساس بأنبوب الغاز التركي الأول والثاني.

– الاحتمال الثاني: السماح لتركيا بالمضي قدمًا في محاولاتها لاستخراج النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط المتنازع عليها مع اليونان وقبرص، ويبدو أن هذا الاحتمال ضعيف فى ظل المعارضة الأمريكية والأوروبية العالية لذلك.

– الاحتمال الثالث: والذي يواجه صعوبات واضحة ولكنه قد يكون الأكثر توقعاً،  وهو اضطرار مجموعة دول غاز شرق البحر المتوسط التي أقيمت سنة 2019 مع مصر ، الأردن، إسرائيل، إيطاليا، اليونان، فرنسا، الامارات والسلطة الفلسطينية وقبرص، وكان الهدف الرئيس منها هو مواجهة تركيا، للتراجع وإشراك تركيا فيها. وبهذا تكون تركيا قد استفادت سياسياً واقتصادياً من هذه الأزمة، ولا عجب فالحروب والأزمات تعيد تشكيل الاصطفافات والتحالفات الاستراتيجية في بعض الأحيان. وقد يكون الحرص التركي على اللقاء مع الرئيس الإسرائيلي مقدمة ضرورية ولا مناص منها في هذا الإطار[22]. وربما ما يدعم هذا الاحتمال الثالث، أن الرئيس الإسرائيلي قبل زيارته إلى أنقرة، قد زار كلًا من اليونان، ثم قبرص التي زارها في 2 مارس[23].

ثانيًا: الموقف الإسرائيلى من الانفتاح على تركيا:

لا يزال الموقف الإسرائيلي متردداً، وحذراً جداً وغير متعجل بالمطلق فى الانفتاح على العلاقة مع تركيا إردوغان، ويحمل الكثير من الاشتراطات والشكوك، خاصة في السنة الأخيرة قبل الانتخابات التركية، التي بالتأكيد ستكون “إسرائيل” حريصة كل الحرص على أن لا تمنح إردوغان هدايا انتخابية مجانية. ولعل من أهم المؤشرات والدوافع التي تؤكد الحرص والحذر الإسرائيليين تجاه انفتاح العلاقة مع إردوغان:

1- جاءت زيارة هرتسوغ لتركيا بعد التنسيق الكامل بين “إسرائيل” وحلفائها في المنطقة العربية، وفي مقدمتهم مصر والإمارات، ولم تقدم “إسرائيل” على تلك الزيارة إلا بعد حدوث انفراجات في العلاقة بينهما وبين تركيا، كل على حدة، إضافة إلى أن “إسرائيل” كانت حريصة على إيصال رسائل طمأنة إلى كل من اليونان وقبرص بأن الزيارة لتركيا لن تكون على حساب التحالف بينهم، وبالتالي قطعت “إسرائيل” الطريق على أي محاولة تركية للعب على اهتزاز الثقة بين “إسرائيل” وحلفائها في المنطقة.

2- فضلت “إسرائيل” منح نفسها مساحة أكبر من اختبار صدق النيّات التركية، فحرصت على أن تبقى القناة الرسمية بينها وبين تركيا هي الرئيس الإسرائيلي لا رئيس الوزراء، ولا حتى وزير الخارجية. ومن الجدير بالذكر أن النظام السياسي الإسرائيلي يمنح السلطة التنفيذية للحكومة ورئيس وزرائها، ويبقى منصب رئيس الدولة تشريفياً بروتوكولياً، وغير ملزم للحكومة.

3- تركزت الزيارة على الخطوط العامة للعلاقة بين البلدين، وكان القرار المركزي الوحيد الناتج عن تلك الزيارة هو تشكيل لجنة مشتركة مسؤولة عن حل الخلافات، والتعاطي مع الأزمات المستقبلية بين البلدين في الملفات المختلفة[24].

4- من الملاحظ أن هرتزوغ عندما أفصح عن الزيارة المنتظرة لوزير الخارجية التركى إلى تل أبيب حرص على صيغة لا تُظهر من كان المبادر بطلب هذه الزيارة، حيث قال: “علمت من وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أنه ينوي زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية في أوائل شهر أبريل القادم، كما سيناقش مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إعادة تعيين السفراء”. فظاهر التصريح يمكن أن يشير إلى أن إسرائيل لم تدع تشاويش أوغلو لزيارتها، وأن الأخير هو من طلبها. والتفسير الوحيد لتصريح هرتزوج السابق، أنه يرسل رسالة لتركيا بأن لا تبني بشكل مبالغ فيه على زيارته لتركيا. وكان هرتزوج واضحاً أيضاً عندما صرح بوضوح بأن إسرائيل رغم إيمانها بأهمية العلاقات مع تركيا، إلا أنها لن تنفذ كل ما يطلبه أردوغان منها مقابل تحسين العلاقات بين البلدين. كما أكد على أنه ينتظر الأفعال من تركيا لا الأقوال[25].

5- تيقن تل أبيب بأن أنقرة حساسة للغاية تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما اتضح من مواقف تركية رسمية، خاصة من الرئيس أردوغان شخصياً من الحروب “الإسرائيلية” على غزة، والاعتداءات على المسجد الأقصى، مما يجعل اندلاع فتيل أي مواجهة فلسطينية “إسرائيلية” جديدة جرس إنذار لانتكاسة العلاقات مجددًا بينهما. ولعل أبرز مثال على ذلك، أنه بعد إعلان أردوغان في ديسمبر 2020 عن استعداده لتحسين العلاقات مع “إسرائيل”، فسرعان ما هاجمها بشدة خلال حرب غزة في مايو 2021[26].

ومع ذلك، فإن إسرائيل لم تتأخر فى الاستجابة للانفتاح التركى تجاهها، خاصة وأنها ترى فى توقيت هذا الانفتاح – حيث أن هناك قناعة إسرائيلية بأنها تقف حاليًا في موقع قوة في علاقتها المستجدة مع تركيا، فإردوغان هو الذي يرزح تحت الضغط، وهو الذي يطلب الوصال – فرصة كبيرة لتحقيق مجموعة من المكاسب لعل أهمها:

1- ما تناقلته الأنباء والأخبار بأن مطالب إسرائيلية قدمت لتركيا قبيل الزيارة، تضمنت إزالة أو تخفيف تواجد حماس على أراضيها. وهى المطالب التى تأتى فى ظل وجود تقارير إسرائيلية عن تحول اسطنبول لواحدة من أهم مراكز العمل لحركة حماس، وما تنقله أجهزة الأمن الإسرائيلية لنظيرتها التركية من معلومات عن انخراط عدد من كوادر الحركة المقيمين على أراضيها بالتخطيط لهجمات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية[27].

وفى هذا الإطار، فقد أقر مصدر مقرب من حماس وموجود في تركيا، بحسب ما نقلته صحيفة القدس العربى، بأن مسؤولين أتراكا ناقشوا مع قيادة حركة حماس وضع عناصرها ومسؤوليها في تركيا. وقال: “ناقش مسؤولون أتراك مع قيادة الحركة مؤخرًا إيجاد آلية لاستمرار أو مغادرة آمنة لبعض القادة ذوي الصفة العسكرية، لكن لا تغيير بالنسبة للأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية أيضًا” التي تقوم بها الحركة في تركيا[28].

بالإضافة إلى مطلب آخر يرجح أن يكون قد وُضِع على بساط البحث بين هرتسوغ وأردوغان، أو طواقمهما الثنائية، يتمثل بمزاعم الاحتلال عن تزايد نشاط تركيا في القدس المحتلة، واهتمامها بترميم المواقع التاريخية، وافتتاح المؤسسات الثقافية، للتأثير على الرأي العام العربي والإسلامي، بوصفها حامية المسجد الأقصى، ومدافعة عن القدس المحتلة[29].

كما تطالب إسرائيل بلجم نبرة الخطاب التركى المعادي لها، ليس على المستوى الرسمي فحسب، بل على المستوى الشعبي والإعلامي أيضاً. بجانب ابتعاد تركيا عن الحركات الدولية الرامية إلى نزع الشرعية عن “إسرائيل”، ووقف المؤتمرات والنشاطات التي تصب في هذا الاتجاه داخل تركيا. وتصر “إسرائيل” على العلنية في مجال العلاقة مع تركيا، ورفع الأعلام والظهور أمام الجمهور في كل اللقاءات[30].

وفى هذا السياق، فقد طالب أحد الكتاب فى صحيفة “إسرائيل اليوم”، بضرورة  تحقيق التطبيع الحقيقي بين البلدين عبر جعل كل اتصال تقيمه إسرائيل مع الأتراك – على كل المستويات – علنياً، ووضع أعلام إسرائيل وتركيا أمام أعين الجمهور. وخلق اتصال مباشر بين الشعبين، إلى جانب مناسبات شعبية يشارك فيها رجال دين، ومنظمات غير حكومية، وحتى فرق كرة سلة وكرة قدم. بجانب تأكيده على ضرورة تمسك إسرائيل بمطلب طرد حماس من أراضي تركيا؛ والإيضاح لاردوغان بأن إسرائيل تتابع الخطاب الجماهيري المناهض لإسرائيل في تركيا عن كثب، وأي محاولة لنزع الشرعية عن إسرائيل ستعد مساً خطيراً بالثقة بين الدولتين[31].

2- تدرك “إسرائيل” أهمية تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع تركيا، لما تمثله الأخيرة من قيادة لمعسكر سياسي له امتدادات فكرية في المنطقة، الأمر الذي سيسهم، مع اتفاقات أبراهام التطبيعية، في أن تصبح “إسرائيل” رمانة الميزان ونقطة الالتقاء بين المعسكر التركي وامتداداته من جهة، ومعسكر دول التطبيع العربي بقيادة الإمارات والسعودية من جهة أخرى، الأمر الذي سيزيد من حالة التطبيع في المنطقة والعالم الإسلامي مع “إسرائيل”، ويسهل عليها توحيد تلك المعسكرات تحت قيادتها في مواجهة محور المقاومة في المنطقة بقيادة إيران[32].

3- لا تمانع إسرائيل التعاون الاقتصادي مع تركيا، بل تتطلع إليه، وتتطلع لسحب تركيا تدريجيًا من الساحة العربية، ومن الساحة الفلسطينية، لا من خلال السياسة، بل من خلال الاقتصاد. فمصالح اقتصادية إسرائيلية كبيرة مع تركيا تعني تركيا أقل حماسا للقضية الفلسطينية كما تراه مراكز الأبحاث الإسرائيلية[33].

4- هناك نقطة قد تستدعي الانتباه “الإسرائيلي” في التقارب مع تركيا، تتمثل في إمكانية فتح الباب أمام الأتراك في غزة، على غرار حلفائهم القطريين؛ أصحاب اليد الطولى في القطاع، رغم أن تدهور العلاقات التركية المصرية أدى لصعوبة وصول أنقرة لغزة، لكن استئناف العلاقات “الإسرائيلية” التركية من جهة، والعلاقات الوثيقة بين تركيا وحماس من جهة أخرى، قد يحيي الدور التركي في غزة، سواء لاعتبارات الدعم الإنساني، أو الدخول على خط صفقة تبادل أسرى بين حماس و”إسرائيل”[34].

ثالثًا: مواقف الإسلاميين من تحسين تركيا لعلاقتها مع إسرائيل:

كما كان متوقعاً، أثارت زيارة رئيس دولة الاحتلال لتركيا جدلاً كبيراً في الأوساط العربية، ما بين من التزم موقفاً مبدئياً بالنسبة له برفض التطبيع مع الاحتلال بغض النظر عن الفاعل؛ وبين من تفهم الزيارة ثقة بالقيادة التركية وإدراكاً لتاريخ العلاقات بين الجانبين. ومردُّ هذا الجدل، الذي يغيب عادة في قضايا التطبيع المُجمع في الأغلب على رفضها، أن الأمر يتعلق هذه المرة بتركيا، وتحديداً الرئيس أردوغان، بما قدمه من إنجازات لبلاده ولمواقفه من مختلف قضايا المنطقة والعالم، وكذلك لمواقفه في القضية الفلسطينية[35].

وقد حاول الكتاب الصحافيون الموالون لأردوغان، وصف ما يحدث على محور العلاقة بين تركيا وإسرائيل بأنه ليس تطبيعًا، في محاولة لتبرير التناقض بين الهجوم الشرس الذي شنّته قيادة حزب العدالة والتنمية، وفي مقدمتهم أردوغان نفسه، على التطبيع العربي، والاستقبال الحافل للرئيس الإسرائيلي في القصر الرئاسي في أنقرة. ويمكن تلخيص ما سطره هؤلاء فيما يلى:

1- أنه في الحالة التركية يجب التنبه الى أن أنقرة تعترف بإسرائيل وتقيم علاقات رسمية ودبلوماسية معها منذ عام 1949، كما أن الرئيس أردوغان وصل إلى الحُكم قبل سنوات طويلة وبلاده تقيم علاقات مع الاحتلال. ما يعنى أن تركيا تقيم أصلاً علاقات مع دولة الاحتلال منذ ما قبل وصول أردوغان إلى السلطة، وهذا يعني أن زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة (وهي مرفوضة ومدانة في كل الأحوال) لا تندرج في إطار التطبيع، ولا تتساوى مع أعمال التطبيع التي تقوم بها بعض الأنظمة العربية حالياً، لأن الزيارة الجديدة لم تفتح باباً جديداً كان مقفلاً أمام دولة الاحتلال، وبالتالي فالعلاقات أصلاً بين أنقرة وتل أبيب «كانت طبيعية» وليست «تطبيعاً حديثاً طارئاً»[36].

2- أن الرئيس الإسرائيلى معروف بإيمانه بحل الدولتين مع الفلسطينيين، وبالتالى فإن أردوغان يحاول فعليًا فى التأثير على السياسة الإسرائيلية لصالح الفلسطينيين. كما إن علاقة هرتزوغ جيدة مع الفلسطينيين، وهو ما تجسد في قيامه بزيارة لقرية كفر قاسم التي ارتكبت فيها إسرائيل مذبحة أودت بحياة ما يقرب من خمسين فلسطينياً عام 1956 وقدم خلال الزيارة اعتذاره لسكان القرية عن المذبحة، وبالتالى فإنه يتم النظر إلى هرتزوغ كرجل سلام[37].

3- إن تركيا إذ تواصل علاقتها بإسرائيل فهي لا تنسى فلسطين، وحين سيزور وزير الخارجية التركي إسرائيل، كما جرى الاتفاق خلال زيارة هرتسوغ، فهو سيعرج على رام الله أيضًا، وكانت هذه رسالة واضحة مفادها أن العلاقات مع إسرائيل ستستمر بموافقة ورضى الأطراف الفلسطينية وتحديدًا فتح وحماس.

وهو ما يتفق مع المواقف التركية التاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية، فخلال السنوات الماضية، وعلى الرغم من استمرار العلاقات بين تركيا وإسرائيل فإن ذلك لم يمنع من حدوث أزمات عديدة بينهما بسبب الموقف التركى المناصر للقضية الفلسطينية، من بينها؛ اعتراف أنقرة بنتائج انتخابات حماس التي تعتبرها إسرائيل منظمة إرهابية، كما استضافت تركيا مسؤولين وممثلين عن حركة حماس.

ولا ينسى أحد تلك المواجهة الشهيرة عام 2009 مع الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمعون بيريز في منتدى دافوس، حين وصفه أردوغان بقاتل الأطفال، وذلك في أعقاب قتل القوات الإسرائيلية لمئات الفلسطيين عام 2008، وكثيرًا ما وصف أردوغان “إسرائيل” بالدولة الإرهابية والإجرامية ونعتها بأشد الأوصاف التي تتطابق مع عدوانها المتواصل على الفلسطينيين.

كما استشهد 10 مواطنين أتراك وجُرح 50 خلال الهجوم الإسرائيلي على سفينة “مافي مرمرة”، تلك السفينة التي انضمت لأسطول الحرية في 2010  لتقديم 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي كانت إسرائيل تحاصره منذ 2007 ، فداهمت القوات البحرية الإسرائيلية النشطاء الحقوقيين على متن السفينة في المياه الدولية للحيلولة دون وصولها إلى غزة. فقد كانت السفينة مبادرة مدنية بالكامل للمطالبة برفع الحصار عن غزة، وأُريقت دماء تركية في سبيل القضية الفلسطينية.

كانت هذه طبيعة العلاقة بين تركيا وإسرائيل منذ البداية، ولا تزال تركيا المدافع عن حقوق الفلسطينيين أمام إسرائيل. في المقابل، قامت العديد من الدول باسم التطبيع مع إسرائيل بالحد من علاقاتها مع الفلسطينيين وإلغاء حصار غزة تمامًا من أجندتها[38].

4- في نظر أنصار الرئيس التركي ومحبيه، فإن حكومته تتجرع السم من أجل مصلحة البلاد والأمة، وأنها مضطرة أن تتراجع خطوة وربما خطوات للوراء وتنحني للرياح القوية التي تعصف بالمنطقة، التي من شأن مواجهتها أن تقتلع أردوغان ونظامه وتعود بتركيا إلى عصر ما قبل “العدالة والتنمية”. فأردوغان لم يقف متصلبًا ولا متخشبًا أمام التغيرات الضخمة التي تحدث في المنطقة وأدرك جيدًا أفول عقد ثورات الربيع العربي وسقوط مشروع الإسلام السياسي، على الأقل مرحليًا، وعودة الأنظمة السلطوية العتيدة ونهجها الكلاسيكي في التعامل مع القضية الفلسطينية[39]، علاوة على أن معظم صراعات الشرق الأوسط التي وظفتها تركيا لجني مكاسب سياسية آلت إما إلى الفشل (سوريا)، أو الجمود والانسداد سياسي (ليبيا)[40]، ومن ثم كان عليه أن يسارع إلى تغيير سياساته والتواؤم مع الواقع الجديد[41].

5- بروز النسخة المستحدثة من التطبيع التركي لا يمنع الوقوف عند حقيقة أن إقدام تركيا على هكذا خطوة تتحمل بعض وزرها أنظمة عربية وازنة سياسيًا واقتصاديًا، فضلت إشهار سيف العداء لتركيا وسعت جاهدة لإضعافها سياسيًا واقتصاديا كونها سلكت طريقًا مغايرًا لطريقها المتماهي مع الاحتلال، وأوقعتها كثيرًا أمام شعوبها في حرج[42].

6- الخطورة في مساواة الفعل الذي قام به أردوغان بأعمال التطبيع التي يقوم بها بعض الحكام العرب الآخرون، هو أن الأمر يتحول تدريجياً إلى تبرير للتطبيع، وذلك عبر التلبيس على الناس بأن ما فعله أردوغان هو نفس ما فعله غيره، ليصلوا إلى نتيجة مضللة مفادها أنه حتى المتعاطف مع فلسطين هو أيضاً مطبع، وأنه لا بد من إقامة مثل هذه العلاقات، وأن لا أحد يستطيع الصمود، من دون أن يكون مطبعاً مع الاحتلال.. ولذلك وجدنا أن الذين انتقدوا استقبال أردوغان لهيرتسوغ هم أنفسهم المروجون التقليديون للتطبيع[43].

وفى المقابل، فبرأي كثير من المحللين، فإن أنقرة بخطواتها المتسارعة نحو التطبيع مع تل أبيب، تعود إلى الحظيرة الرسمية لأنظمة المنطقة وتتعامل مع القضية الفلسطينية على ذات النهج الذي تتعامل به الأنظمة العربية العتيدة منذ عقود، وهو ما يؤثر بالسلب على القضية الفلسطينية، وذلك من خلال:

1- التقارب التركي الإسرائيلي في المسار الاستراتيجي يشكّل إضراراً كبيراً بالقضية الفلسطينية، والموقف الثابت بشأن سياسة التقارب وفتح علاقات رسمية بـ”إسرائيل”، هو أن أي تقارب من أي دولة كانت مع “إسرائيل”، أو تطوير للعلاقات بها، يشكّل حالة من إضفاء الشرعية على كيانها على الأرض الفلسطينية، ويعطي غطاءً لممارساتها وجرائمها وبطشها بحق الفلسطيني وأرضه ومقدَّساته، كما أنه يشكل طعنة غادرة في ظهور الفلسطينيين.

وتركيا، التي انتقدت سابقاً التطبيع الإماراتي مع “إسرائيل”، ووصفته بالخيانة، وهددت بإغلاق سفارتها في أبو ظبي بسبب التقارب مع “إسرائيل”، هي اليوم تنساق إلى المستنقع ذاته. وهي، عندما تطلب التقارب، وتعود في العلاقات بـ”إسرائيل” أكثر من “إسرائيل” نفسها، فإن ذلك يشكل تراجعاً عن المبادئ والمواقف الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ويضعها في موقف محرج للغاية. وما يُروَّج له الآن، ومفاده أن عودة التقارب والعلاقات التركية الإسرائيلية ستصب في مصلحة القضية الفلسطينية، رُوّج له سابقاً في الإمارات والبحرين والمغرب، وأثبتت التجارب عدم صدقيته مطلقاً [44].

2- الاقتصار على الإعلان عن التمسك بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو عام 1967. ولعل وقوف الرئيس التركي مع نظيره الإسرائيلي في المؤتمر الصحفي عقب جلسة المباحثات الثنائية بين الجانبين، يشبه كثيرًا تلك المؤتمرات التي عقدها عدد من القادة العرب عند استقبالهم لنظرائهم الإسرائيليين. وحديث أردوغان عن حل الدولتين، ومن قبله وزير خارجيته الذي أكد أن التطبيع مع “إسرائيل” لا يعني التخلي عن القضية الفلسطينية، يمثل حديثًا تقليديًا لا يربو أن يكون مساندةً شكليةً للقضية الفلسطينية، كتلك التي ينتهجها القادة العرب عند تأكيدهم على تمسكهم بالمبادرة العربية الفلسطينية.

وفي نظر كثير من المحللين، لم يكن ذكر القضية الفلسطينية الذي تصدر عناوين وكالة الأناضول الرسمية في تغطيتها لزيارة هرتسوغ، إلا ذرًا للرماد في العيون، فأنقرة تدرك جيدًا أن الرئيس الإسرائيلي بلا صلاحيات، والصلاحيات الفعلية في يد رئيس الوزراء نفتالي بينيت الرافض بشكل مطلق لحل الدولتين.

3- يدعم الطرح القائل بتغيير نهج القيادة التركية في التعامل مع القضية الفلسطينية، ليس التراجع في حدة الانتقادات التي يوجهها أردوغان إلى “إسرائيل” فحسب، بل في سعيها نحو تقوية علاقاتها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقابل الفتور الذي يسود علاقاتها مع حماس. خاصة بعد استجابة أنقرة لمطالب تل أبيب، باستبعاد بعض قيادات وعناصر حماس من الأراضي التركية، وتأكيد الأخيرة حرصها على عدم تقديم أي دعم عسكري لحماس أو إدارتها لأي عمليات عسكرية ضد تل أبيب من تركيا، وأن وجود حماس على أراضيها يقتصر على الجناح السياسي فحسب.

4- أن التطبيع مع تل أبيب، لم يكن وليد أي تغير في النهج الإسرائيلي إزاء حقوق الشعب الفلسطيني، بل إن هذا التطبيع يأتي في وقت تعاني فيه القضية الفلسطينية أشد المعاناة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القدس والأقصى وغزة وتواصل الاستيطان، بل جاء استجابةً لمصالح أنقرة وحكومتها. وهو ما يتوافق مع السياسة التركية التاريخية فعندما توترت العلاقات مع تل أبيب في السنوات الماضية، كان السبب هو الهجوم الذي استهدف مواطنين أتراكًا، أي كان ظرفاً داخلياً وسبباً محلياً، مثل حادث سفينة “مرمرة”، كما أن تركيا لا تزال متمسكة بعلاقاتها مع حماس، كنكاية فى إسرائيل التى تقوم بتقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني الذي تخوض تركيا معه حربًا حقيقية حاليًّا في مدن الجنوب الشرقي التركية[45].

في الاتجاه نفسه، وفي معرض محاولة إسرائيل إحراج أردوغان، فقد تم الإعلان أثناء زيارة هرتزوج عن تمرير الكنيست لقانون يمنع منح الجنسية للمتزوجين من مواطنين من عرب إسرائيل فلسطينيين أو فلسطينيات، وهو ما يعني عملياً تشتيت العائلات التي ينطبق عليها القانون. والأمر المؤكد أن صورة أردوغان التي كان يحرص عليها كنصير لحقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين في الأراضي المحتلة سوف تتشوه[46].

أيضًا تأتي هذه الزيارة، في ظل تصاعد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية عقب معركة سيف القدس التي خاضتها المقاومة الفلسطينية بمايو الفائت، وما تبعها من تقارير دولية تُدين جرائم الاحتلال الصهيوني وتطالب بمحاسبته على جرائمه بحق الفلسطينيين وليس أدل على ذلك من تقرير “أمنستي” الذي وصف ممارسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين بالفصل العنصري وارتقاها إلى جرائم ضد الإنسانية؛ وقبل ذلك تصاعد انتهاكات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص. طبعا شكلت هذه الزيارة طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يحتاج في هذا التوقيت الحساس إلى تضافر الجهود الدولية للوقوف بجانبه ووقف الانتهاكات الصهيونية بحقه؛ وليس التطبيع مع الاحتلال ورفع أعلامه في العواصم العربية والإسلامية وتبادل الأحضان والقبلات معه[47].

5- إشارة الجانب الإسرائيلى إلى القدس – التي تصر إسرائيل على أنها موحدة وعاصمة أبدية لها-  كمكان لعقد اللقاء الذى سيجمع وزير الخارجية التركية والإسرائيلى. وهو ما سيضع الرئيس التركي في مرمى نيران الغاضبين من زيارة هرتزوج، إذ كيف يمكن لوزير الخارجية التركي أن يلتقي نظيرة الإسرائيلي في القدس التي تتضمن الجانب الشرقي الذي احتلته إسرائيل عام 1967، والتي طالما زعم أردوغان أنه من أشد المدافعين عن هويتها الفلسطينية والإسلامية!، وحتى إجراءه في القدس الغربية لن يعفي أردوغان ووزير خارجيته من الانتقادات طالما أن الإعلام الإسرائيلي سيشير لمكان اللقاء دون إلحاق كلمة الغربية بالقدس.

وعليه فإن صورة أردوغان التي كان يحرص عليها كنصير لحقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين في الأراضي المحتلة سوف تتشوه،  خاصة أن الهجوم بدأ مبكراً عليه حينما أعلنت حركة الجهاد الفلسطيني في بيان رسمي لها إدانتها لزيارة هرتزوج لتركيا، حيث قالت أنها “تستنكر بشدة استقبال هرتزوج في تركيا على وقع التصعيد العدواني الإسرائيلي في القدس”، معتبرة أنها “تمثل انحيازاً للعدو (إسرائيل) في مواجهة جهاد الشعب الفلسطيني”. وأضاف البيان  أن “السعي لاستعادة العلاقات مع إسرائيل بذريعة مصلحة هذه الدولة أو تلك هو خذلان للقدس وفلسطين”. أما حركة حماس فقد قالت في بيانها: “نتابع بقلق بالغ زيارات مسئولي إسرائيل وقادته لعدد من الدول العربية والإسلامية، وآخرها زيارات هرتزوج  لعدد من دول المنطقة (دون ذكر اسم تركيا)، ونجدد التّأكيد على موقفنا المبدئي برفض أشكال التواصل كافة مع عدونا الذي ينتهك حرماتنا ويدنس ويقوم بتهويد القدس والأقصى ويواصل حصاره وعدوانه على أهلنا في قطاع غزّة”[48].

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي العربية، سخر كثيرون من بعض الألقاب التي اشتُهر بها أردوغان على غرار “خليفة المسلمين” و”أسد السنة”، رافضين أي محاولة لتبرير اللقاء بوصفه “دهاءاً سياسياً” أو ما شابه. واتهموا أردوغان بأنه كان “يتاجر” بالقضية الفلسطينية لا أكثر. واستنكر معلقون “الاستقبال المهيب” و”الحفاوة البالغة”، وبخاصة عزف النشيد الوطني الإسرائيلي، مشددين على أنه “لا يوجد تطبيع على راسه ريشة”[49].

ومن المؤكد أن ردات الفعل الغاضبة من الفلسطينيين تجاه تركيا ستشتد إذا ما تمت زيارة تشاويش أوغلو للقدس، ولن يكون أمام أردوغان إلا الاختيار بين تحسين علاقته بإسرائيل أو الحفاظ على ما تم بناؤه من جسور مع الفلسطينيين والشوارع العربية والإسلامية على مدى سنوات سابقة.

والأهم من ذلك أن أردوغان يعرف تماماً أن إيران ستستغل أي تحسن في العلاقات التركية- الإسرائيلية لجذب الفلسطينيين أكثر نحوها خاصة حركة حماس التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع تركيا، وسيعني ذلك إضعاف أي دور تركي محتمل للانخراط في أي تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويمكن لإيران أن تستغل زيارة هرتزوج لتركيا ولفت الانتباه إلى حقيقة أن هرتزوج كان مهندس عملية السلام الإبراهيمي لكي تضع تركيا في موقع الدولة التي تراجعت عن إدانتها الشديدة للاتفاقات التي تم توقيعها بين إسرائيل وعدد من الدول العربية في العامين الماضيين، لتصبح (أي تركيا) مرشحة لتكون إحدى الدول الإسلامية التي ستنضم لهذه الاتفاقات مستقبلاً[50].

 

 

[1] ” أسطول الحرية 1″، الجزيرة نت، 30/6/2015، الرابط: https://bit.ly/3thwNp2

[2] ” تركيا تطرد سفير إسرائيل وتل أبيب تطرد قنصلها بالقدس”، الجزيرة نت، 15/5/2018، الرابط: https://bit.ly/3Jj1L5V

[3] ” “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مركز رؤية للتنمية السياسية، 14/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3Ji8zkh

[4] “تركيا وإسرائيل.. تقارب حتمي في ظل تهديدات الأمن الإقليمي”، المرصد المصرى، 16/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3KQSG4x

[5] “هرتسوغ في أنقرة.. الأسئلة الخطيرة لما بعد الزيارة”، الميادين، 11/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3N7aYRh

[6] “تركيا وإسرائيل.. تقارب حتمي في ظل تهديدات الأمن الإقليمي”، مرجع سابق.

[7] ” التقارب التركي الإسرائيلي: ما جنته الاتفاقات الإبراهيمية”، مصر360، 13/3/2022، الرابط: https://bit.ly/37CQtvl

[8] ” صراع الوساطة وخلفياته… لماذا تستعجل تركيا وإسرائيل إنهاء الحرب في أوكرانيا؟”، رصيف22، 11/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3KQJtte

[9] ” “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مرجع سابق.

[10]“كيف تنظر “إسرائيل” إلى مستقبل العلاقة مع تركيا وإردوغان؟”، الميادين نت، 12/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3CPK9MI

[11] ” التقارب التركي الإسرائيلي: ما جنته الاتفاقات الإبراهيمية”، مرجع سابق.

[12] “إعادة الاصطفاف… التوجهات التركية الجديدة في الشرق الأوسط”، المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، 13/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3KNOK4x

[13]” “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مرجع سابق.

[14] ” أردوغان: الرئيس الإسرائيلي يزور تركيا الأربعاء”، الأناضول، 8/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3IhFWST

[15] “كيف تنظر “إسرائيل” إلى مستقبل العلاقة مع تركيا وإردوغان؟”، مرجع سابق.

[16] “زيارة هرتسوغ لتركيا.. انعطافة إردوغان”، الميادين نت، 11/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3tULI7S

[17] “كيف تنظر “إسرائيل” إلى مستقبل العلاقة مع تركيا وإردوغان؟”، مرجع سابق.

[18] ” تركيا وإسرائيل: تعاون في مجال الطاقة في منطقة شائكة شرق المتوسط”، حفريات، 14/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3KMBH3o

[19] ” ديبلوماسيّ إسرائيليّ: تركيا أفضل خيار لنقل غاز تل أبيب إلى أوروبا”، الأخبار، 10/3/2022، الرابط: https://bit.ly/360IMP7

[20] ” تركيا تدفع بخطة لإرسال غاز الاحتلال إلى أوروبا عبر أراضيها”، عربى21، 10/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3CKMmcd

[21] “الحرب الأوكرانية إذ تعيد ديناميات الغاز في شرق المتوسط.. لصالح من؟”، تى أر تى عربى، 17/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3KW1XIN

[22] ” التداعيات الأوكرانية: غاز، تركيا وإسرائيل”، حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية، 15/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3tekwBJ

[23] ” إسرائيل تخوض مساع دبلوماسية مع تركيا وقبرص واليونان”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 1/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3IifKaT

[24] “كيف تنظر “إسرائيل” إلى مستقبل العلاقة مع تركيا وإردوغان؟”، مرجع سابق.

[25] “زيارة هرتزوج لأنقرة: لا ضمانات لتحسن العلاقات الإسرائيلية- التركية قريباً”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 14/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3q76Czu

[26] “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مرجع سابق.

[27] المرجع السابق.

[28] ” أنقرة تناقش مع قيادة «حماس» وضع مسؤوليها في تركيا بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي”، القدس العربى، 16/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3JydSwd

[29] “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مرجع سابق.

[30] “زيارة هرتسوغ لتركيا.. انعطافة إردوغان”، مرجع سابق.

[31] ” هرتسوغ في أنقرة.. تطبيع بنسخة تركية أم “التفافة أردوغانية”؟”، القدس العربى، 9/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3CQCcXA

[32] “كيف تنظر “إسرائيل” إلى مستقبل العلاقة مع تركيا وإردوغان؟”، مرجع سابق.

[33] ” أنقرة و(تل أبيب) بين الموضوعية والمبالغة”، فلسطين أونلاين، 13/3/2022، الرابط: https://bit.ly/36pfOIl

[34] “زيارة “هرتسوغ” إلى تركيا.. دلالات “إسرائيلية””، مرجع سابق.

[35] ” هرتسوغ في تركيا: الإدانة وما بعدها”، عربى21، 14/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3Ih6HHb

[36] “هل أردوغان مطبع؟”، القدس العربى، 14/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3IcGw4o

[37] “زيارة هرتزوج لأنقرة: لا ضمانات لتحسن العلاقات الإسرائيلية- التركية قريباً”، مرجع سابق.

[38] ” هل زيارة رئيس إسرائيل إلى تركيا تعني “التطبيع” معها؟”، الجزيرة نت، 13/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3IkGiIm

[39] “لقاء أردوغان وهرتسوغ.. هل تخلت أنقرة عن القضية الفلسطينية؟”، نون بوست، 10/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3JkLo8R

[40] “إعادة الاصطفاف… التوجهات التركية الجديدة في الشرق الأوسط”، مرجع سابق.

[41] “لقاء أردوغان وهرتسوغ.. هل تخلت أنقرة عن القضية الفلسطينية؟”، مرجع سابق.

[42] “التطبيع التركي الإسرائيلي من جديد فماذا بعد؟”، فلسطين أونلاين، 17/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3MYuNdq

[43] “هل أردوغان مطبع؟”، مرجع سابق.

[44] “هرتسوغ في أنقرة.. الأسئلة الخطيرة لما بعد الزيارة”، الميادين، 11/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3N7aYRh

[45] “لقاء أردوغان وهرتسوغ.. هل تخلت أنقرة عن القضية الفلسطينية؟”، مرجع سابق.

[46] “زيارة هرتزوج لأنقرة: لا ضمانات لتحسن العلاقات الإسرائيلية- التركية قريباً”، مرجع سابق.

[47] ” مقال: هرتسوغ في أنقرة.. ماذا بعد؟!”، الرسالة نت، 12/3/2022، الرابط: https://bit.ly/3qddLhH

[48] “زيارة هرتزوج لأنقرة: لا ضمانات لتحسن العلاقات الإسرائيلية- التركية قريباً”، مرجع سابق.

[49] “”لا يوجد تطبيع على راسه ريشة”… رئيس “إسرائيل” في ضيافة “خليفة المسلمين””، رصيف22، 10/3/2022، الرابط: https://bit.ly/37uK2dD

[50] “زيارة هرتزوج لأنقرة: لا ضمانات لتحسن العلاقات الإسرائيلية- التركية قريباً”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022