علاقات مصر بدول حوض النيل في ظل تفاعلات القرن الإفريقي

علاقات مصر بدول حوض النيل في ظل تفاعلات القرن الإفريقي

تلعب التفاعلات الأخيرة التي تعرضت لها منطقة القرن الإفريقي دورًا كبيرًا في مستقبل التحالفات والتوجهات السياسية لدول المنطقة، فمن جهة تصاعد التوترات في الداخل الإثيوبي، ومن جهة أخرى توتر العلاقات الإريترية الإثيوبية، ومن جهة ثالثة التطورات في الداخل السوداني وتأثيرها على محيط علاقاته، ومن جهة رابعة صعود حسن شيخ محمود في الصومال، كل هذا يفتح المجال أمام الجانب المصري لإعادة تموضعه في تلك المنطقة التي تُعد بوابة هامة لأمنه القومي. فما هي مُحددات العلاقات المصرية بدول حوض النيل؟ وما هي التحديات التي تواجه تلك العلاقات؟ وما هي إمكانيات التعاون مع تلك الدول؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..

 

أولًا: مُحدِّدات العلاقات المصرية بدول حوض النيل:

تتنوَّع محددات العلاقات المصرية بدول حوض النيل بين محددات مائية وأمنية وسياسية واقتصادية، ويقوم كل محدِّد منها بدوره في رسم ملامح ومسار العلاقة بين تلك الدول؛ كالتالي..

 

  1. المُحدِّد المائي: يُعد ملف المياه، وبالتالي أزمة سد النهضة محددًا مهمًا ورئيسيًا للتحركات المصرية تجاه دول إقليم شرق إفريقيا، وفي القلب منها دول حوض النيل، وذلك بالنظر إلى أهمية نهر النيل كمورد رئيسي للمياه لا غنى عنه في مصر؛ ومن ثمَّ تسعى مصر في سياستها تجاه الإقليم إلى الحفاظ على حقوقها المائية التي تتيحها لها الاتفاقيات الدولية، مُتبعة في ذلك الوسائل الدبلوماسية، وذلك بغية تحقيق هدفين رئيسيين: أولهما؛ استمالة مواقف دول حوض النيل في تلك الأزمة وإقناعها بأحقية المخاوف المصرية من تداعيات السد على حقوقها المائية، مع التأكيد على ضرورة التوصل لاتفاق ملزم لقواعد ملء السد وتشغيله. وترى القاهرة أن اتساع الدائرة الإفريقية الداعمة لموقفها، سيُمثِّل قيمة مضافة لها في طرح تلك القضية أمام المجتمع الدولي. وثانيهما؛ السعي إلى تحييد موقف بعض دول الإقليم التي لا تدعم الموقف المصري في الأزمة.[1]

 

  1. المُحدِّد الأمني: بعد تطور مفهوم الأمن القومي الذي كان يركَّز في البداية على حماية الدولة من الأخطار الخارجية وبخاصةٍ الأخطار العسكرية، ثم اتسع نطاقه ليشمل الحماية من الأخطار الداخلية والخارجية في آنٍ واحد، ليظهر فيما بعد مفهوم الأمن الإنساني الذي يتضمن مجموعة من الأبعاد التي تُهدِّد الإنسان، ومنها الأبعاد العسكرية والأمنية، والأبعاد الاقتصادية، والبيئية، والمائية؛ اعتُبر الأمن المائي (وهو قدرة السكان على ضمان الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه ذات جودة مقبولة للحفاظ على الحياة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية) أحد أهم جوانب الأمن الإنساني. وفي هذا السياق؛ يُمكن القول إن أبعاد الأمن القومي المصري بمفهومه العسكري والأمني الضيق يرتبط بالسودان تحديدًا كونه يُشكِّل حدود مصر الجنوبية. وكذلك بمفهومه الواسع؛ فالسودان، رغم كونه دولة الممر لمصر بنسبة 100 %، إلا أنه لا يُشكِّل أي تهديد مائي لها نظرًا لوجود اتفاقية العام 1959 المائية والتي تُحدِّد حصة كلٍّ منهما، فضلًا عن وجود وفرة مائية سودانية؛ إذ تُقدِّر الإحصاءات الرسمية السودانية الموارد المائية التقليدية ب 30 مليار متر مكعب، لا يتم استغلالها بالكامل؛ ومن ثمَّ فإنه لا يُشكِّل تهديدًا للأمن المائي لمصر. بل إن جانبًا من حصته يُقدَّر بحوالي 6 مليارات متر مكعب تذهب لمصر سنويًّا بسبب عدم قدرة السدود السودانية على تخزينها. أما بالنسبة للبُعد الأمني المصري صوب إثيوبيا فإنه يرتبط مباشرةً بالأمن المائي؛ ذلك لأن الهضبة الإثيوبية تسهم بحوالي 71 مليار متر مكعب من مياه النيل عند أسوان (أي 85% من إيراد نهر النيل) تأتي منها 60% فقط من النيل الأزرق الذي يُقام عليه سد النهضة.[2]

 

  1. المُحدِّد السياسي: تشهد البيئة السياسية لدول حوض النيل حالة من الاضطراب الناتجة عن مجموعة من العوامل من بينها مثلًا ما تواجهه عملية الانتقال السياسي للجار السوداني من تحديات، وما تمر به إثيوبيا من تطورات للحرب مع التيجراي، والأزمة التي تمر بها العلاقات بينها وبين إريتريا بعد فترة من المصالحة، وكذلك صعود حسن شيخ محمود في الصومال القريب من جبهة تحرير تيجراي والذي أسقط صعوده للحكم مثلث التحالف بين الصومال وإريتريا وإثيوبيا. كل هذا إلى جانب ما تشكَّل من تحالفات ساهمت في رسم المسار السياسي في الإقليم كتحالف “مجلس تعاون الدول المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن” الذي أُطلق في يناير 2020 بمشاركة كلٍّ من إثيوبيا وإريتريا والسودان مع بعض دول الخليج وبعض دول القرن الإفريقي، بالإضافة إلى تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية التي دفعت القوى الإقليمية والدولية إلى تعزيز حضورها في الإقليم عبر عدة آليات، من بينها: نشر القواعد العسكرية، والاستثمار في سدود دول حوض النيل وموانئ الساحل الشرقي الإفريقي بما يُمكن تلك القوى من إعادة توجيه وتسيير المعادلة السياسية والأمنية في الإقليم وفقًا لمصالحها وأهدافها، الأمر الذي قد يترتب عليه خلق حالة من التجاذبات السياسية والتوترات الأمنية. وتُهدِّد تلك التغيرات أمن واستقرار المنطقة، كما أنها تؤثِّر بشكلٍ أو بآخر على المصالح المصرية هناك.[3]

 

ثانيًا: تحديات التعاون بين مصر ودول حوض النيل وكيفية التعامل معها:

في ضوء ما تشهده دول حوض النيل من أنماط متعددة من التفاعلات بين القوى الإقليمية والدولية، وما تواجهه من تحديات سياسية وأمنية، تواجه التحركات المصرية نحو توطيد التعاون مع دول الحوض مجموعة من التحديات، والتي يُمكن إجمالها في التالي..

 

  1. الخلافات المُتعلِّقة بالمياه: قضية تنظيم المياه وتوزيعها واستغلالها تزداد خطورة للعديد من الأسباب: أولها؛ عدم وجود تنظيم حقيقي حتى الآن بين دول الحوض يحسم عملية توزيع المياه واستغلالها، خاصةً أن مبادرة حوض النيل لا تزال أمامها أشواط عدة حتى يتم التوافق على أُطرها وتتحول إلى كيان وبناء تنظيمي ملزم وفعَّال، ولاسيما في ظل وجود بعض الدعوات التي تظهر من وقت إلى آخر في بعض دول المنبع مثل كينيا وأوغندا تطالب بحق هذه الدول في التعامل مع مياه النهر عبر إجراءات منفردة، كما أن إثيوبيا التي تسهم وحدها بأكثر من 80% من جملة إيرادات النهر، تُمثِّل عقبة حتى الآن أمام قيام تنظيم قانوني حقيقي يجمع كل دول الحوض، حيث ترى أن من حقها الاستفادة من هذه المياه. بالإضافة إلى أن القيادة الإثيوبية تسعى إلى تقديم نفسها كفاعل إقليمي قوي في منطقتي حوض النيل والقرن الإفريقي. وثانيها؛ وجود تنافس حقيقي بين دول حوض النيل حول إنتاج أنواع معينة من المحاصيل التي تحتاج إلى كميات غزيرة من المياه. وثالثها؛ وجود العديد من الصراعات والعداوات بين دول الحوض، والاقتتال الداخلي في بعضها الآخر كما هو الحال في الكونغو الديموقراطية وأوغندا.[4]

 

وبالنظر إلى تطورات الأوضاع في دول أعالي النيل، خلال السنوات العشر الماضية، نجد أن الفكر الاستراتيجي المصري عجز عن فَهم متغيرات المحيط الإقليمي لمصر، وظل حبيس الأوهام القديمة التي تنظر إلى مصر بحسبانها قوة إقليمية مهيمنة؛ مع بقاء الأوضاع على ما هي عليه في دول حوض النيل. ويُمكن الإشارة هنا إلى ثلاث تحولات كبرى، أثَّرت في التفاعلات المائية بدول حوض النيل، وأفضت إلى أزمة سد النهضة الحالية: أولها؛ الاتجاه نحو التكتل السياسي والاقتصادي بشرق إفريقيا: والذي اتخذ طابعًا مؤسسيًّا عام 1999؛ بالتوقيع على اتفاقية تجمع شرق إفريقيا (كينيا وأوغندة وتنزانيا ورواندا وبوروندي)، ولا شك بأن هذه الحركة الإقليمية بدأت تطالب بإعادة النظر في الاتفاقيات الدولية الخاصة بنهر النيل، وهو ما يعني رفض النظام القانوني الحاكم لحوض النيل والموروث عن العهد الاستعماري. وثانيها؛ استراتيجية السدود والمياه الإثيوبية: والتي تبنَّاها رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميلس زيناوي، وتهدف إلى بناء أكثر من عشرين سد، على رأسها سد النهضة، بما يُحقِّق هدف تحويل إثيوبيا إلى دولة إقليمية كبرى مُصدِّرة للطاقة الكهرومائية. وثالثها؛ التوقيع على مبادرة حوض النيل 1999: حيث تبنَّت جميع الدول النهرية -بما فيها مصر- رؤية جديدة، تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة، من خلال الاستخدام المنصف والعادل لمياه النيل، وقد استمرت العملية التفاوضية إلى أن تمَّ التوصُّل إلى اتفاقية التعاون الإطاري عام 2010، التي وقَّعت عليها غالبية دول حوض النيل، وتستهدف تعزيز الإدارة التكاملية، والتنمية المستدامة، والاستخدام المُنسَّق لموارد مياه الحوض، بيد أن كلًا من مصر والسودان رفضتا هذه الاتفاقية؛ لأنها لم تنص على الحقوق الطبيعية والتاريخية لدولتي المصب، كما أنها سحبت حق النقض الذي تمتعت به مصر -تاريخيًّا- فيما يتعلق بالمشروعات المائية التي تقوم بها دول أعالي النيل.[5]

 

  1. قضايا الاستقرار السياسي في حوض النيل: تعاني دول المنطقة من مشكلات عدة، انعكست بشكلٍ مباشر على أنظمة الحكم والسياسة، الأمر الذي أدى إلى عدم استقرارها وتغيرها بشكل مستمر ودائم بشكلٍ انعكس على طبيعة العلاقات بينها وبين الدولة المصرية من آنٍ لآخر، ويُمكن في هذا السياق أن نميز بين ثلاثة مستويات لحالة عدم الاستقرار السياسي التي تسود دول الحوض: أولها؛ التغير العنيف للقيادة السياسية، وثانيها؛ الصراعات العرقية والإثنية والتي أدت إلى تصعيد التوترات الاجتماعية والسياسية بين هذه الجماعات المتمايزة وظهور نمط الدولة الفاشلة، وثالثها؛ المحاولات الانفصالية والحروب الأهلية كما في السودان إثيوبيا والصومال وأوغندا، وخلافات الحدود كتلك التي بين إثيوبيا والسودان، وبين السودان وكينيا، وبين إثيوبيا والصومال.[6] ورابعها؛ تنامي ظاهرة الإرهاب لاسيما في ظل ما تتسم به البيئة الأمنية والسياسية والاقتصادية الإقليمية من هشاشة وضعف، وهو ما يُعظِّم من حجم التحديات التي تواجهها القاهرة إما لطرح نفسها كشريك أمني وعسكري مهم أو لتأمين ما تنفذه من مشروعات تنموية من أية هجمات إرهابية، مما يضع مصر أمام اختبار حقيقي لحدود قدراتها وخبرتها في هذا الملف أمام شركائها الأفارقة.[7]

 

  1. العامل الخارجي وأثر التنافس الدولي: تشهد دول حوض النيل صعودًا لنفوذ العديد من القوى الإقليمية والدولية، مثل؛ الصين، والولايات المتحدة، وروسيا، وغيرها، فضلًا عن النفوذ الإثيوبي في محيطه الإقليمي في ظل ما تتمتع به تلك الدول من أهمية جيوستراتيجية بالغة. وتسعى هذه القوى الإقليمية والدولية إلى ترسيخ نفوذها في تلك الدول، سواء عبر بوابة تعزيز التعاون الأمني والعسكري أو عبر بوابة تحقيق التنمية الاقتصادية أو من خلال توفير الدعم السياسي في المحيط الإقليمي والدولي. ويفرض هذا الوجود الدولي والإقليمي في دول حوض النيل تحديًا متناميًا أمام مصر التي ينبغي أن تتحرك بخطى متسارعة ومتزنة عبر ملفات الشراكة متعددة الأوجه التي تحتل صدارة اهتمام الشريك الإفريقي، بما يُمكنها من مواجهة هذا التحدي وترسيخ أقدامها في الإقليم.[8]

 

وهكذا؛ فإن هناك مجموعة من التحديات التي يُمكن لها أن تُعرقل التوجهات المصرية نحو دول حوض النيل، والتي سيتوجب على مصر التعامل معها من خلال توظيف الفرص المتاحة واستغلالها لتحقيق مزيد من سُبُل التعاون لتوطيد العلاقات التعاونية بين تلك الدول ومساعدتها على تحقيق التنمية دون الحاجة للجوء لقوى دولية أو إقليمية أخرى، من شأنها أن تُقوِّض التحركات المصرية من ناحية، وتسعى لتحقيق مصالحها دون النظر للمصالح الإفريقية من ناحية أخرى.

 

ثالثًا: العلاقات المصرية بدول حوض النيل وإمكانيات التعاون:

لا يوجد للقاهرة سوى نفوذ ضئيل بدول حوض النيل، الأمر الذي دفعها لمحاولة تشكيل سلسلة تحالفات في المنطقة، إضافةً إلى محاولة اكتساب القوى الدولية والإقليمية لصفها في نزاعها والسودان مع إثيوبيا حول مياه النيل. وفيما يلي عرض لشكل العلاقات المصرية بدول حوض النيل..

 

  1. إريتريا وجنوب السودان: لفترة من الفترات بدا أن مصر تراهن على إريتريا خصم أديس أبابا اللدود والصلب في سياستها في القرن الإفريقي، بدأ هذا على استحياء في عهد مبارك، ثم تبلور أكثر في عهد السيسي في ظل نفوذ حليفته الإمارات في أسمرا الذي وصل لتأسيس قاعدة عسكرية إماراتية هناك. ولكن هذا الرهان سرعان ما فشل إثر تحالف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في مواجهة عدوهم المشترك جبهة تحرير تيجراي. وبالنسبة لجنوب السودان؛ فرغم العلاقات المصرية السودانية التاريخية، فإن القاهرة احتفظت بعلاقات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تقود تمرد جنوب السودان ضد الخرطوم بهدف نيل حق تقرير المصير، والذي انتهى باتفاق سلام أدى إلى انفصال الجنوب. وزادت هذه العلاقة بين القاهرة وجوبا تحسنًا خلال فترة توتر الأجواء بين القاهرة والخرطوم، خاصةً بعد اتهام القاهرة لنظام البشير بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، حيث أفادت تقارير بدعم القاهرة للحركة في مواجهة السودان. وفي الوقت ذاته، كانت الجبهة الشعبية لتحرير السودان لديها علاقات تاريخية مع إثيوبيا. وانعكس ذلك في تقلُّب مواقف جنوب السودان بأزمة سد النهضة. ويُمكن القول إن جنوب السودان محور لتنافس مصري- إثيوبي قديم عززه نزاع سد النهضة. وبين القاهرة وجوبا تعاون واسع في المجالات كافة، حيث أخذت مصر على عاتقها دعم الدولة الوليدة منذ استقلالها عن السودان عام 2011. كما اعتبرت جوبا مخاوف الخرطوم من الملء الثاني الأحادي لسد النهضة الإثيوبي، مشروعة، خلال لقاء مشترك بين الجانبين. يمكن توقُّع أن مواقف جوبا من أزمة سد النهضة قد تكون مرتبطة بشدة بتطورات علاقتها مع السودان، لاسيما مدى تجاوب الخرطوم مع مطالب الحركة الشعبية لتحرير السودان- جناح الشمال فيما يتعلق بحقوق المناطق التي تعتبرها ممثلة لها، وهي مطالب تشمل العلمانية في الحكم وتقليل المركزية بشكل كبير، وتغيير طابع الجيش السوداني، كما بدا في الاتفاق الإطاري، الذي وقعته الخرطوم مع الحركة الشعبية- جناح الشمال، مؤخرًا بوساطة من جنوب السودان. وفي النهاية يظل جنوب السودان دولة ضعيفة وصغيرة ومنقسمة حصلت على استقلالها للتو، ولديها مشاكل داخلية كبيرة، وبالتالي على الأرجح فإنها تحاول الاستفادة من التلاعب بين الدول الكبيرة في المنطقة، لاسيما مصر وإثيوبيا.[9]

 

  1. أوغندا ورواندا وبوروندي والكونغو: تتبع القاهرة في الفترة الأخيرة سياسة احتواء لإثيوبيا في دول الجوار، وفي هذا الإطار، وقَّعت مصر اتفاقًا لتبادل المعلومات العسكرية مع أوغندا، في أبريل 2021، وأعقبه توقيع بروتوكول تعاون عسكري مع بوروندي، وهما من بين 11 دولة تقع على حوض نهر النيل. وارتبط الاتفاق بصورة مباشرة بنهر النيل، حيث نقل البيان الأوغندي عن اللواء سامح الدجوي- الذي ترأس وفد المخابرات المصرية إلى كمبالا- قوله إن بلاده وأوغندا تتقاسمان مياه النيل، وأن ما يؤثر على الأوغنديين يؤثر بشكل أو بآخر على مصر. وبالتزامن مع ذلك أعلن الجيش المصري توقيع مصر وبوروندي بروتوكول تعاون عسكري يتضمن التعاون في مجالات التدريب والتأهيل بما يتيح تبادل الخبرات بين الجانبين. ويُعد الاتفاقان السابقان ثالث توقيع مماثل لمصر خلال شهرين؛ وذلك بعد توقيع القاهرة والخرطوم في مارس 2021 اتفاقية تعاون عسكري، إضافة إلى تنفيذ البلدين مناورات جوية مشتركة، وتبادل زيارات رفيعة، في وقت كان قد تصاعد فيه حديث المسؤولين المصريين عن وصول المفاوضات مع أديس أبابا إلى طرق مسدودة، وتحذيرات من نشوب صراع مسلح بسبب السد الإثيوبي. أما الكونغو؛ فمن المُلاحظ أن مواقف الكونغو تبدو أكثر تفهمًا لمصالح دولتي المصب مصر والسودان أكثر من أغلب دول المنابع الأخرى، ويبدو هذا الموقف قديمًا وسابقًا في الأزمة الأخيرة وما تبعها من تحركات مصرية. وهناك علاقات جيدة تاريخيًا بين مصر والكونغو، وقد يرجع أحد أسباب ذلك إلى أن الكونغو دولة غنية بموارد المياه، إذ تمتلك ثاني أطول نهر في إفريقيا وهو نهر الكونغو، بل إن هذا النهر أكبر، من حيث كمية المياه التي يحويها من النيل، إذ يُعد ثاني نهر في العالم من حيث كمية المياه التي يحملها في مجراه بعد الأمازون، كما أنه أعمق نهر مسجل في العالم. وقد يكون أحد أسباب مواقف كينشاسا أن بعض منابع نهر الكونغو تبدأ خارج الكونغو الديمقراطية، بشكل يجعلها دولة مصب جزئيًا (حتى لو كانت معظم منابعه من داخل البلاد). وتظهر العلاقات الجيدة نسبيًا بين القاهرة وكينشاسا في المساعدات التي وجهتها مصر للكونغو، ولكن تظل الكونغو دولة غير منخرطة بقوة في أحداث القرن الإفريقي، وهي رغم مواردها الهائلة، دولة خارجة من أزمات وحروب أهلية، بحيث كانت تستحق لفترةٍ وصف “رجل إفريقيا المريض”. وهي ليست لديها حدود مباشرة مع إثيوبيا، ومن ثمَّ فإن تأثير مواقفها معنوي، خصوصًا مع توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي.[10]

 

  1. تنزانيا وكينيا: أفادت تقارير بأن مصر تنفذ مشروع سد ومحطة جوليوس نيريري؛ للسيطرة على فيضان نهر روفيجي في تنزانيا، وهي من الدول الكبيرة بشرق إفريقيا، ولا يُعرف هل يتم الأمر بمنحة مصرية كاملة أم جزئية أم أن الشركات المصرية تقوم بدور المقاول فقط. وأُعلنَ أن الحكومة التنزانية قد قررت في ديسمبر من عام 2018، إسناد عقد إنشاء المشروع إلى شركات مصرية بتكلفة 2.9 مليار دولار. وهو يُعد مشروعًا قوميًا عملاقًا، تنفذه شركتا المقاولون العرب والسويدي إلكتريك، تحت إشراف الحكومة المصرية، التي وقعت في ديسمبر عام 2018، عقد المشروع، بحضور رئيس جمهورية تنزانيا الاتحادية، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري. وفي نوفمبر 2020، أُعلن أن الشركات المصرية استطاعت إنهاء أعمال الحفر لسد جيوليوس. ويُعد هذا المشروع هو الأول من نوعه لمصر في الخارج، ويقدم المشروع إمكانية للتعاون بين دول المنبع ودول المصب بطريقة تفيد جميع الأطراف. أما كينيا؛ فتُعد من أهم دول حوض النيل ومنطقة شرق إفريقيا، ولها حدود مباشرة مع إثيوبيا. ولم يُنشر أن مصر وقَّعت اتفاقات مماثلة لاتفاقياتها مع بوروندي وأوغندا مع كينيا، ولكن هناك خلافات كينية- إثيوبية متعددة الأوجه، والتي تتضح في موقف كينيا في جلسة لمجلس الأمن حول الوضع بإقليم تيجراي الإثيوبي، وهو موقف كان مخالفًا لرغبات إثيوبيا، حيث كانت نيروبي مسانِدة لعقد الجلسة وللمواقف المنتقدة لأديس أبابا وتعاطيها مع الأزمة السياسية والإنسانية في تيجراي.[11]

 

رابعًا: مُحركات ومُقترحات لمستقبل التعاون المصري مع دول حوض النيل:

يُمكن تحديد محركين يُشكِّلان دوافع لرسم معالم مستقبل التعاون الإقليمي بين مصر ودول حوض النيل في مرحلة ما بعد سد النهضة:

 

  1. سلوك العقرب في مواجهة سلوك النعامة؛ فمن المعروف أن المياه التي تُستهلك في دول المنبع لا تتدفق إلى دول المصب. وبناءً على ذلك؛ فإن العلاقات بين دول المنبع والمصب تسير عادةً وفقًا لقاعدة الاستخدام التنافسي أو حتى الصراعي للموارد المائية، وعليه؛ تبرز أهمية التواصل والحوار المباشر لتجنُّب هذا السلوك الصراعي. ويُعد خطر العلاقات بين دول المنبع ودول المصب لا يرجع في المقام الأول لسلوك العقرب (أي الإضرار البالغ بالخصم)، بل إلى سلوك النعامة (أي دفن الرأس في الرمال، وتجاهل التطورات التي تحدث). ويتبيَّن من أسلوب الحوار المباشر أنه عامل محدِّد رئيس في تصحيح هذا الوضع؛ لأنه أساس لبناء الثقة، وتبادل المعلومات، ووضع خيارات إدارية مقبولة لدى الطرفين. ومن العوامل الرئيسة الأخرى- التي ينبغي مراعاتها- توازن القوى بين دول المنبع ودول المصب، بالإضافة إلى الإطار القانوني والمؤسسي الذي يحكم هذا التفاعل.[12]

 

  1. الأدوار الدولية والإقليمية؛ حيث تمارس الجهات الخارجية دورًا بارزًا في رسم معالم اتجاهات التعاون- أو الصراع المستقبلي- في حوض النيل. لقد كانت دول أعالي النيل مُقيدة في القيام بتطوير شبكات المياه؛ إما بسبب عدم توافر القدرة المالية والتكنولوجية اللازمة، وإما بسبب التأثير المصري على القوى المانحة الدولية، ولكنها اليوم أضحت قادرةً على القيام بهذه المشروعات؛ بفضل وجود الصين بوصفها شريكًا دوليًّا جديدًا. ومن جهة أخرى؛ أضحى للدول العربية الخليجية، مثل السعودية والكويت والإمارات، وجودٌ بارزٌ في منطقة حوض النيل، فالقاسم المشترك بينها أنها مستورد رئيس للمنتجات الزراعية، وقدرتها محدودة على الإنتاج الزراعي المحلي، ما يجعل أمنها الغذائي على المحك، وفي المقابل؛ فإن لهذه الدول علاقات ودية ومستقرة مع مصر، ولعل ذلك يُعزِّز من قيامها بالوساطة لنزع فتيل الأزمة الراهنة في حوض النيل، لاسيما بين مصر وإثيوبيا. ومع ذلك؛ تظل الاستثمارات الخليجية في كلٍّ من السودان وإثيوبيا- تحديدًا- في مجالات الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية مصدر قلق شديد لمصر، حيث إنها تؤدي إلى التوسع في استخدام مياه النيل لأغراض الري والاستهلاك المحلي في هاتين الدولتين. وتشير كل الدلائل إلى أن التطورات المتسارعة، الخاصة بمشروعات استغلال موارد مياه النيل، تجري على قدمٍ وساق في دول أعالي النيل؛ بصرف النظر عن المخاوف المصرية المتزايدة.[13]

 

ومن المعروف أن التطورات الاقتصادية والأمنية في القرن الإفريقي ودول حوض النيل أدَّت إلى زيادة أهمية المنطقة كموقع جيوستراتيجي، مما أدى إلى انتشار القواعد العسكرية الأجنبية، المصحوبة في كثير من الأحيان بمقاربات القوة الناعمة مثل استثمارات الشركات الأجنبية من جهة، وتزايد النفوذ الإثيوبي المدعوم من عدة جهات خارجية من جهة أخرى. ولعل ما يحدث من تطورات -سبق رصدها في أوراق سابقة- في منطقة القرن الإفريقي؛ يُمكن اعتباره فرصة لمصر لإعادة تنظيم شبكة علاقاتها في المنطقة، وتقوية سياستها لاحتواء النفوذ الإثيوبي؛ وذلك من خلال..

 

  1. الدعوة لإعادة النظر في اتفاقية عنتيبي: عام 2010 وقَّعت بعض دول منبع نهر النيل -إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا- اتفاقية إطارية تُمثِّل الإطار القانوني لمبادرة حوض النيل، في مدينة عنتيبي الأوغندية لطلب حصة إضافية من مياه النيل، وفى العام التالي انضمت بوروندي إلى الاتفاقية، الهادفة إلى التخلص من معاهدات الحقبة الاستعمارية التي تمنح مصر والسودان نصيب الأسد من مياه النهر، وفقًا لاتفاقية عنتيبي. وترفض مصر والسودان حتى الآن الانضمام إلى الاتفاقية، بهدف إعادة النظر في سُبل استغلال مياه النيل، حيث تريان أنها قد تؤثر على حصتهما من مياه النيل المنصوص عليها في اتفاقيتي 1929 و1959، الخاصتين بتوزيع حصص مياه النيل بين دوله. وفي ظل الوضع الحالي وما تشهده المنطقة من تفاعلات، مع المحاولات المصرية للتقارب مع دول حوض النيل؛ ربما حان الوقت لدعوة مصر لتلك الدول إلى إعادة النظر في توقيعها على تلك الاتفاقية، مع العمل على تفعيل مشروعات مبادرة حوض النيل من قِبل مصر للتأكيد على الدعم المصري لتحقيق دول الحوض للتنمية التي تنشدها بعيدًا عن مصالح القوى الإقليمية والدولية التي تدفعها لتوظيف حاجة دول حوض النيل إلى التنمية لتحقيق مصالحها على حساب المصالح المصرية.

 

  1. حسن شيخ محمود في الصومال والصراع الإثيوبي مع التيجراي: وفي الصومال يُعد النفوذ المصري محدود أو غير موجود، مقابل نفوذ إثيوبي سابق ما زال قائمًا ونفوذ متصاعد لقطر وتركيا، وكذلك نفوذ إماراتي في جمهورية أرض الصومال الانفصالية، وهو نفوذ يبدو بدون فائدة لمصر نظرًا لتحالف أبو ظبي مع إثيوبيا من ناحية ولأن أرض الصومال لديها علاقات وثيقة بدورها مع أديس أبابا من ناحية أخرى. بل على العكس ربما يزيد الهوة بين مصر -الحليفة الإماراتية- والصومال نظرًا لدعم الإمارات للحكومة الانفصالية في أرض الصومال. إلا أن صعود حسن شيخ محمود الرئيس التوافقي في الصومال يُعد فرصة لمصر لتقوية علاقاتها بالصومال كمنفذ لدول القرن الإفريقي وحوض النيل؛ وذلك سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي، الذي سيترأس قائمة أولويات الرئيس الصومالي الجديد، والذي يُمكن أن تنافس مصر من خلاله نفوذ القوى الدولية هناك، وتحل محل إثيوبيا كحليف استراتيجي للصومال خلال عهد فرماجو. ويُمكن لمصر أيضًا من خلال هذا المسار النفاذ لملف التيجراي -ولو بشكل غير مُعلن- الذي تجاهلته مصر منذ تفجره في محاولة منها للحفاظ على العلاقات الودية مع الجانب الإثيوبي الذي لطالما تجاهل ذلك، وألمح في أكثر من مناسبة عن دعم مصري لقوات التيجراي. ولكن تقوية العلاقات المصرية الصومالية في ظل حكم حسن شيخ محمود يتطلب جرأة من النظام المصري للتعامل مع الرجل المحسوب على الإخوان المسلمين، الجماعة التي لطالما عمل نظام السيسي خلال سنوات حكمه على شيطنتها ونعتها بالإرهابية. وربما كانت مشاركة مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري نيابةً عن السيسي في حفل تنصيب شيخ محمود محاولة لجس النبض في هذا الاتجاه.

 

  1. تفعيل دور الأزهر: يعتبر الأزهر مؤسسة من أهم المؤسسات الدينية والثقافية والعلمية، وأقدمها في العالم الإسلامي بشكلٍ عام، وفي قارة إفريقيا بشكلٍ خاص؛ لما له من عمق تاريخي وصدى كبير ووجود دائم في القارة؛ حيث يعتبر الأزهر أحد الأدوات المؤثرة في الدور المصري في قارة إفريقيا، لاسيما أنه المؤسسة التعليمية والدينية التي يُقبل عليها الطلاب الأفارقة الوافدون إلى مصر. كما ينتشر مبعوثو الأزهر في مناطق مختلفة داخل القارة لتعليم اللغة العربية، ونشر الدين الإسلامي. يُضاف إلى ذلك وجود مراكز ومعاهد إسلامية تابعة له منتشرة داخل القارة. وينشط دور الأزهر في القارة سواء من خلال الأروقة الإفريقية المُخصصة للوافدين من طلاب العلم، أو من خلال رعاية الطلبة الوافدين أنفسهم، أو من خلال المؤتمرات العلمية ونشر اللغة العربية، أو البعثات والقوافل العلمية المنتشرة في معظم الدول الإفريقية، أو المعاهد والمراكز التعليمية، أو الدورات التدريبية التي تحتضنها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر لأئمة ودعاة العالم، أو البعثات الطبية وبعثات الإغاثة، وكذلك دور الأزهر في مكافحة الإرهاب والتطرف من خلال “مرصد الأزهر لمكافحة التطرف”، أو اللجان الخاصة بإفريقيا والتي تختص بالعمل على وضع البرامج والخطط والأنشطة التي من شأنها دعم أبناء وشعوب القارة الإفريقية، فضلًا عن تسيير القوافل الإغاثية والطبية للدول الإفريقية الأشد احتياجًا. إلا أن أحد أهم السلبيات التي تم رصدها في دور الأزهر في إفريقيا؛ تركز الدعوة على دول دون غيرها، ولعل أبرز مثال هو دولة إثيوبيا التي تم تجاهلها من قبل الأزهر، سواء بعدم إرسال بعثات أو الاهتمام بنشر صحيح الدين الإسلامي بها.[14] ويتركز نشاط الأزهر على دول الساحل الإفريقي، الأمر الذي يستدعي إعادة تنشيط لدور الأزهر في دول حوض النيل، والعمل بدعم من النظام على تأمين ولوج مؤسسة الأزهر لتلك الدول في محاولة لتقوية الروابط الثقافية معها كمقدمة لدعم عمل دبلوماسي شعبي هناك يدعم التوجهات المصرية.

 

  1. تدعيم العلاقات مع جيبوتي: تبذل مصر محاولات حثيثة للتودد لجيبوتي، حيث زارها السيسي منتصف العام الماضي، واستقبل رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي، في القاهرة مطلع هذا العام. واقترح من جديد، فضلاً عن الشراكة العسكرية التي يتحدث عنها منذ عام، مشاريع مختلفة للوجستيات وتطوير الموانئ. ولكن رغم ذلك، فقد اقتصرت علاقات الرئيس الجيبوتي مع القاهرة على عدد محدود من المبادرات الدبلوماسية. فقد عارض كلا البلدين، على سبيل المثال، بشدة دخول الكيان الصهيوني بصفة مراقب في الاتحاد الإفريقي. ويدرك الرئيس الجيبوتي أن التحول نحو التحالف مع مصر ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات مع إثيوبيا، العميل الرئيسي لموانئ جيبوتي. الأمر الذي يفرض على مصر تقوية تواجدها في جيبوتي بشكلٍ يجعلها منافس قوي لإثيوبيا هناك، وربما بالاستعانة بالحليف الإماراتي مع عدم التعويل عليه، فهو حليف لإثيوبيا في ذات الوقت.

 

الخُلاصة؛ رغم أن مصر بدأت تولي دول حوض النيل، وشرق إفريقيا اهتمامًا لافتًا، فإن السياسة المصرية تجاه القرن الإفريقي تظل تقوم بشكل أساسي على محاولة دفع القوى الإقليمية مثل الإمارات والسعودية، والدولية مثل الولايات المتحدة والصين روسيا، إلى الضغط على إثيوبيا لمراعاة مصالح مصر في مياه النيل. ولكن من الواضح أن هذه السياسة غير ناجحة على الإطلاق، فالصين رغم علاقتها الوثيقة مع مصر، تعتبر إثيوبيا دولة مركزية بالنسبة لها في إفريقيا، وبكين لديها استثمارات ضخمة هناك، كما إنها تساهم في تمويل سد النهضة، وروسيا كما ظهر من مواقفها عند إثارة أزمة سد النهضة، في مجلس الأمن، مواقفها أقرب لإثيوبيا، كما أنها مع الصين تدافع عن قمع آبي أحمد للتيجراي في مواجهة الانتقادات الغربية. أما الولايات المتحدة، فبعد أن فرض الرئيس السابق دونالد ترامب عقوبات على إثيوبيا بعد رفضها التوقيع على الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بوساطة أمريكية في واشنطن، سارعت إدارة بايدن برفع هذه العقوبات، فور توليها السلطة، لتتحول إلى وسيط محايد مستعد لطرح الاقتراحات ونقل الأفكار دون ممارسة ضغوط في هذا الشأن، وسط مؤشرات على أن إدارة بايدن تخشى الضغط على إثيوبيا؛ حتى لا تذهب أكثر باتجاه الصين أو يؤدي الضغط إلى تفاقم الأزمات الداخلية الإثيوبية القائمة أصلًا. وبدا واضحًا أن إدارة بايدن لديها إرادة لفرض عقوبات على أديس أبابا في ملف حقوق الإنسان وحرب التيجراي، وليس أزمة سد النهضة. وهكذا يتضح أن التأثير المصري في القرن الإفريقي لن يتحقق إلا بوجوده على الأرض، وامتلاك أوراق ضغط، من ضمنها إقامة علاقات وثيقة مع الحركات والدول التي لديها تناقضات مع أديس أبابا.

 

[1] بسمة سعد، “السياسة المصرية تجاه إقليم شرق إفريقيا.. المحددات والآليات والتحديات”، Trends، 3/9/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/XIOf1

[2] بدر حسن الشافعي، مصر وإثيوبيا وصراع الهيمنة على حوض النيل: صد النهضة نموذجًا، (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، ط1، يوليو 2021)، ص ص. 41- 49.

[3] بسمة سعد، مرجع سبق ذكره.

[4] هاني رسلان، “تفاعلات البيئة السياسية في حوض النيل”، في: د. أحمد ابراهيم محمود، هاني رسلان، محمد فايز فرحات، د. محمد سالمان طايع، حوض النيل فرص واشكاليات التعاون، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 2009).

[5]  د. حمدي عبد الرحمن، “مستقبل التعاون في حوض النيل في مرحلة ما بعد سدّ النهضة”، قراءات إفريقية، 3/5/2018. متاح على الرابط: https://cutt.us/uKvvM

[6] هاني رسلان، مرجع سبق ذكره.

[7] بسمة سعد، مرجع سبق ذكره.

[8] بسمة سعد، مرجع سبق ذكره.

[9] “محنة مصر بالقرن الإفريقي.. قصة شبكة التحالفات الجديدة التي تحاول القاهرة نسجها حول إثيوبيا”، عربي بوست، 14/2/2022. متاح على الرابط: https://cutt.us/Uzyq8

[10] “محنة مصر بالقرن الإفريقي.. قصة شبكة التحالفات الجديدة التي تحاول القاهرة نسجها حول إثيوبيا”، مرجع سبق ذكره.

[11] “محنة مصر بالقرن الإفريقي.. قصة شبكة التحالفات الجديدة التي تحاول القاهرة نسجها حول إثيوبيا”، مرجع سبق ذكره.

[12]  د. حمدي عبد الرحمن، “مستقبل التعاون في حوض النيل في مرحلة ما بعد سدّ النهضة”، مرجع سبق ذكره.

[13] د. حمدي عبد الرحمن، “مستقبل التعاون في حوض النيل في مرحلة ما بعد سدّ النهضة”، مرجع سبق ذكره.

[14] رضوى زكريا رضوان، “الأزهر في إفريقيا”، قراءات إفريقية، 23/6/2019. متاح على الرابط: https://cutt.us/p5Nl7

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022