حكومة الببلاوي العلمانية في ميزان الديمقراطية وحقوق الإنسان.. توثيق وتحليل

 

حكومة الببلاوي العلمانية في ميزان الديمقراطية وحقوق الإنسان.. توثيق وتحليل

الأربعاء 03 أغسطس 2022م

منذ انتخابه رئيسا للجمهورية بإرادة الشعب الحرة لأول مرة في تاريخ مصر في يونيو 2012م وحتى اليوم؛ تعمل القوى العلمانية على شيطنة العام الذي حكم فيه الإسلاميون مصر بعد فوز الرئيس محمد مرسي، بانتخابات الرئاسة، يصرون على تشويه هذه الفترة عبر أدوات التضخيم والافتراء والاجتزاء؛ رغم أن هذه الفترة تحديدا كانت الأكثر حيوية وديمقراطية في تاريخ مصر الحديث؛ أحزاب متعددة تعبر عن كل أطياف الشعب المصري، انتخابات حرة نزيهة، مجتمع مدني قوي، إعلام متنوع بل منفلت لحسابهم على حساب السلطة المنتخبة، انتهاء عصر زوار الفجر وتبييض السجون والمعتقلات من كل المعتقلين السياسيين، فهي فترة لم يكونوا يحلمون بها على الإطلاق. رغم ذلك تمردوا عليها وحرضوا على الانقلاب العسكري حتى نجح مسعاهم وعادت مصر ديكتاتورية عسكرية مستبدة من جديد، فلا سياسة ولا إعلام ولا حقوق إنسان ولا كرامة إنسانية ولا حتى خبز أو حرية.. مصر اليوم في عهد ما بعد 30 يونيو حتى اليوم (يوليو 2022) ظلام دامس لا نكاد نتلمس فيها بصيصا من نور أو أمل. وفي ذات الوقت يغضون الطرف عن الفترة التي شكلوا فيها حكومتهم الخاصة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي (يوليو 2013 ــ فبراير 2013)، والتي كانت مكافأة من الجيش للقوى العلمانية على دورها الملموس كغطاء مدني للانقلاب العسكري الذي قاده الجيش ومؤسسات الدولة المتمردة على السلطة الشرعية المنتخبة.

إزاء ذلك تسعى هذه الورقة البحثية إلى رصد وتحليل أداء  حكومة الدكتور حازم الببلاوي العلمانية والتي كانت تمثل  جبهة الإنقاذ التي تصدرت مشهد المعارضة للرئيس المنتخب الشهيد الدكتور محمد مرسي خلال العام الذي كان فيه رئيسا للبلاد بعد فوزه بالرئاسة بإرادة الشعب الحرة؛ فعرقلت كثيرا من خطواته، واستنزفت كثيرا من وقته وجهده كان الأولى أن يوجه لبناء البلاد في مرحلة التحول الديمقراطي بدلا من التركيز على المعارك الوهمية المفتعلة؛ ما أأتاح للدولة العميقة (الجيش ــ الشرطة ــ القضاء) ذبح الثورة والمسار الديمقراطي كله، وعادت مصر بمباركة العلمانيين إلى أبشع عهود الظلم والطغيان؛ فكانوا ستارا للمؤسسات العميقة المتمردة التي كانت القائد الفعلي للانقلاب العسكري.

فهل كانت حكومة الببلاوي ديمقراطية؟ وهل كانت توافقية؟ وهل نجحت في اختبار الديمقراطية وحقوق الإنسان أم مارست أبشع صور الانتهاكات وكانت سببا في تمزيق الصف الوطني؟ ولماذا ارتضت تشكيل الحكومة بطريقة غير ديمقراطية وأداة غير دستورية؟ ولماذا باركت المذابح بحق الإسلاميين المدافعين عن الديمقراطية؟ وكيف كان أداؤها الاقتصادي والسياسي رغم الدعم اللامحدود الذي حصلت عليه محليا وإقليميا؟

 

صلاحيات مطلقة ودعم لا محدود

تشكلت حكومة الدكتور حازم الببلاوي التي تسلمت مهامها في 16 يوليو 2013م من ثلاثة مكونات: الأول هي القوى العلمانية التي استحوذت على نصيب الأسد وأبرزها منصب رئاسة الحكومة، الثاني مجموعة اللواءات التي سيطرت على الوزارات المهمة، الثالث،  بقايا نظام مبارك.

وضمت حكومة الببلاوي قيادات بارزة  من جبهة الإنقاذ العلمانية (الديمقراطية!) أبرزهم حازم الببلاوي، رئيس الحكومة والقيادي بالحزب المصري الديمقراطي، والدكتور محمد البرادعي، نائبا للموقت عدلي منصور ورئيس حزب الدستور ومنسق جبهة الإنقاذ، والدكتور حسام عيسى نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي، والدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التعاون الدولي، والوفدي منير فخري عبدالنور، وزيرا للتجارة والصناعة، والناصري كمال أبو عيطة (حزب الكرامة)، وزيرا للقوى العاملة والهجرة، وأحمد البرعي، لوزارة التضامن الاجتماعي، والدكتورة سكينة فؤاد، مستشارة المؤقت عدلي منصور لشئون المرأة،  وكانت نائبة لرئيس حزب الجبهة  الديمقراطية،  والدكتور أحمد  المسلماني، المستشار الإعلامي للمؤقت عدلي منصور، والدكتور مصطفى حجازي، مستشار المؤقت عدلي منصور للشئون السياسية. وخالد تليمة (التجمع) نائبا لوزير الشباب. بينما تم تعيين مئات آخرين من العلمانيين في مؤسسات أخرى كالمجلس القومي لحقوق الإنسان والقومي لحقوق المرأة وغيرها.

حظيت هذه الحكومة بدعم مطلق  وصلاحيات مفتوحة؛ فعكس حكومة الدكتور هشام قنديل التي كانت مؤسسات الدولة العميقة تعرقلها وتتمرد عليها وعلى الرئيس المنتخب، فإن هذه الحكومة العلمانية جاءت بها الدولة العميقة لتبييض صورة الانقلاب وإرسال رسالة للغرب أن مصر تتخلص من الإسلاميين وتتجه نحو العلمانية بشكل مباشر.  وفي أول أسبوعين من عملها تلقت هذه الحكومة مساعدات قدرها  12 مليار دولار  من دول  الخليج، بخلاف التعهد الخليجي بمد مصر بما تحتاجه من وقود. وينقل عن  محمد بن زايد، رئيس الإمارات حاليا وحاكم أبو ظبي، قوله في جلسات خاصة «سنتكفل بإسقاط مرسي حتى لو كلفنا الأمر أكثر من موازنة أبو ظبي».[[1]] ، ففي سبتمبر 2013م، اعترف الببلاوي، أن حكومته حصلت في الأيام التي تلت الانقلاب مباشرة على 12 مليار دولار مساعدات من السعودية والإمارات والكويت.[[2]] وهي مساعدات تبلغ قيمتها أربعة أضعاف المساعدات المالية الأمريكية و البريطانية مجتمعين. هذا بخلاف الأموال الأخرى (السرية) التي حصل عليها الجيش والتي قدرها السيسي نفسه في أحد التسريبات بنحو 30 مليار دولار حتى منتصف 2014م فقط.

وحول الصلاحيات فقد فوضها المؤقت عدلي منصور بكل الصلاحيات من خلال مرسوم رئاسي في 4 أغسطس 2013 يقضي بتفويض رئيس الوزراء حازم الببلاوي في اختصاصات لرئيس الجمهورية تتنوع بين مجالات أراضى الدولة، والتحكم فى قطاعى الأعمال والأعمال العام، والمعاشات والمكافآت، والأزهر والجامعات، والآثار، وكذلك فى مجال العاملين بالدولة، والهيئات الكبرى كقناة السويس، والإدارة المحلية. وهي الاختصاصات التي جعلت حكومة الببلاوي ــ وفقا لوكالة رويترز ــ الأوسع صلاحية في تاريخ البلاد.[[3]]

 

موقف حكومة الببلاوي من الديمقراطية

كل ما فعلته حكومة الببلاوي هو نقض واضح للديمقراطية ومبادئها ونسف لفلسفتها والقيم التي تقوم عليها للأسباب  الآتية:

أولا، على عكس الإسلاميين الذين وصلوا إلى السلطة بتفويض شعبي في انتخابات حرة نزيهة، جاء العلمانيون إلى السلطة على ظهور دبابات الجيش. فهذه الحكومة ممثلة لجبهة الإنقاذ العلمانية التي شاركت في الانقلاب العسكري من أجل الإطاحة بالرئيس المنتخب بإرادة الشعب الحرة. وارتضت بل حرضت على الإطاحة برئيس منتخب ديمقراطيا بأداة غير ديمقراطية وغير دستورية (الانقلاب العسكري). وهو ما يعني عدم إيمان حقيقي بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وهي القيم التي طالما تشدقت بها هذه القوى على مدار عقود طويلة؛ وأمام الاختبار العملي سقطت سقوطا مروعا،  ستكون له تداعيات لاحقا على مستقبل هذه القوى في مرحلة ما بعد السيسي. وقد تعرض بعض رموز هذه الحكومة للإحراج من دبلوماسيين أجانب في الفترة التي تلت الانقلاب؛ حيث طالب أحدهم دبلوماسيا غربيا بعدم الذهاب إلى اعتصام رابعة؛ لأن الإسلاميين متطرفون لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بدولة القانون؛ فما كان من الدبلوماسي الغربي إلا أن نظر شذرا إلى صاحبنا العلماني هذا وقال: أنت لست مؤهلا لأن تعطيني محاضرة عن القانون والديمقراطية، فأنا أدرى منك بالقانون، ولا تنس أنك جئت إلى منصبك هذا على ظهر دبابات الجيش وليس بتفويض من الشعب!

ثانيا، القوى العلمانية التي عارضت بشدة الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس  مرسي في 21 نوفمبر 2012م والذي استهدف به تحصين المؤسسات المنتخبة من الشعب (مجلس الشوري ــ الجمعية التأسيسية لسن الدستور ــ قرارات الرئيس المنتخب) من تغول السلطة القضائية والدولة العميقة التي كانت تعرقل باستمرار أي خطوة نحو التحول الديمقراطي، واعتبرت ذلك برهانا على استبداد  الرئيس رغم أن هذا الإعلان الدستوري كان مؤقتا لحين الاستفتاء على الدستور الذي بدأ على مرحلتين في 15 و22 ديسمبر وتم إقراره في 25 ديسمبر، بمعنى أن هذه الصلاحيات التي غل بها الرئيس عبث وآلاعيب السلطة القضائية كان محصورا في (35) يوما فقط هي المسافة بين الإعلان الدستوري (21 نوفمبر) والعمل بالدستور (25 ديسمبر)، ورغم ذلك لغى الرأل ألغى الرئيس هذا الإعلان في 8 ديسمبر لترضية المعارضة العلمانية وتهدئة الموقف لحرصه على لم الشمل رغم أن هذه القوى لم تكن هي المستهدفة إطلاقا بالإعلان الدستوري. هذه القوى العلمانية نفسها هي التي قبلت  بانقلاب السيسي وتجميد الدستور الذي استفتي عليه الشعب بنسبة موافقة بلغت 63.8%، وقبلت الإطاحة بالرئيس المنتخب بأداة غير ديمقراطية وغير دستورية، وقبلت أيضا بتنصيب رئيس غير منتخب على رأس البلاد يتمتع بكل الصلاحيات المطلقة حيث تجمعت له كل السلطات الثلاثة (القضائية والتنفيذية والتشريعية)؛ فالمؤقت عدلي منصور كان على رأس السلطة التنفيذية بوصفه رئيسا للجمهورية، وعلى رأس السلطة القضائية بوصفه رئيسا للمحكمة الدستورية، وكان في ذات الوقت يتمتع بصلاحيات التشريع كاملة يصدر الإعلانات الدستورية بوصفه سلطة تأسيسية ويسن القوانين كذلك وهي صلاحيات فرعونية مطلقة لم يسبقه إليها أحد. كل ذلك جرى بمباركة هذه القوى العلمانية التي تمردت وتآمرت على الرئيس المنتخب لحرصه على الثورة وحماية المؤسسات الديمقراطية المنتخبة بإرادة الشعب الحرة.

ثالثا، هذه القوى العلمانية التي ابتزت الإسلاميين بدعوى الوفاق الوطني وتمكنت من الحصول على وزن نسبي في اللجنة التأسيسية لدستور 2012 يفوق بكثير وزنها الحقيقي في المجتمع وفق نتائج الانتخابات البرلمانية النزيهة التي جرت بعد ثورة يناير، وتحالفت مع أركان الدولة العميقة من أجل عرقلة أي تحول ديمقراطي عبر تكتيكات الانسحاب من اللجنة التأسيسية قبل الانتهاء من أعمالها لرفضها الاحتكام إلى التصويت كإجراء ديمقراطي لحسم الخلاف في المواد الخلافية في مشروع الدستور بعدما تم التوافق على أكثر من 90%  من مواده. هذه القوى عصفت ــ بعد الانقلاب ـ  بأى معنى للتوافق الوطني عندما شكلوا حكومتهم، وباركت هذه الحكومة وشاركت في إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي نهائيا، بل باركت سحقهم وإقصاءهم من الحياة إما بالقتل أو الاعتقال وباركت كذلك شيطنتهم واغتيالهم معنوينا وماديا بنهب أموالهم وثرواتهم ظلما وعدوانا تحت لافتة «مكافحة الإرهاب». ورحبت هذه القوى وحكومتها العلمانية بلجنة تأسيسية لدستور 2014 غير منتخبة ولا تمثيل فيها لأكبر تيار سياسي في البلاد دون اعتبار لأي توافق وطني كما كانوا يتظاهرون من قبل. فكانت هذه اللجنة (لجنة العشرة ثم لجنة الخمسين) تعبر عن لون واحد وطيف واحد هم العلمانيون والمؤيدون للجيش؛ فغاب عنها التوافق وافتقدت أي تنوع أو اختلاف أو تمثيل كافة الأطياف كما كانوا يزعمون من قبل. وفي يوم الاستفتاء الأول فقط على مسودة الدستور (13 و14 يناير 2014) قتل نحو 11 مصريا  وأصيب العشرات واعتقل المئات في محافظات الجمهورية من الرافضين للانقلاب، او الداعين إلى التصويت بلا، فقد كانت حكومة الببلاوي تعتقل أي مصري يدعو إلى التصويت بلا؛ وهو ما دفع حزب مصر القوية إلى مقاطعة الاستفتاء رغم أنه كان يتبنى المشاركة والتصويت بلا.[[4]] وبذلك تم تمرير دستور إقصائي من البداية تشكل بنكهة علمانية خالصة تحت رعاية المؤسسة العسكرية التي فرضت نفسها وصيا على الشعب وأهدرت إرادة الناخبين في  جميع الاستحقاقات الديمقراطية النزيهة التي جرت في أعقاب ثورة يناير فكل المؤسسات المنتخبة الرئيس والبرلمان والدستور تم وأدها بعنف ووحشية؛ في توجهات شديدة الوضوح بعدم سماح الجيش باستكمال أي مسار ديمقراطي في مصر!.

رابعا،  استغلت الحكومة تفجير مديرية أمن الدقهلية مساء الثلاثاء 24 ، وهو التفجير الذي أدى إلى مقتل 16 وإصابة نحو 150 آخرين وفق بيان وزارة الداخلية، وفي اليوم التالي الأربعاء 25 ديسمبر 2013م، وأصدرت الحكومة قرارا أعلنه وزير التضامن الاجتماعي الدكتور أحمد البرعي، باعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا؛ وتحميل الجماعة مسئولية التفجير!  وهو قرار عجيب في شكله ومضمونه؛ ذلك أن استبقت أي تحقيقات بشأن تحديد هوية المتهمين فاتهمت الجماعة دون بينة وقررت العقوبة بذاتها في سابقة خطيرة وغير مسبوقة.[[5]] لاحقا أعلن تنظيم بيت المقدس مسئوليته عن الحادث؛ لكن الأكثر خطورة اتضح لاحقا وهو أن الذي نفذ الحادث مرشد يتعاون مع الأمن الوطني كان معتقلا وجرى إخراجه بمعرفة الجهاز، حسبما نقلت “المصري اليوم” عن مصادر أمنية سيادية.[[6]] اتضح لاحقا أن هذه المصادر هي رئيس جهاز المخابرات اللواء محمد فريد التهامي الذي تمت إقالته وإحالته إلى التقاعد وتعيين اللواء خالد فوزي بديلا له في ديسمبر 2014م عقوبة له على تسريب هذه المعلومات الخطيرة.

 

انتهاك حقوق الإنسان

أولا، (حكومة المذابح): الحكومة العلمانية برئاسة الببلاوي والتي جاءت على رأس السلطة بدون تفويض شعبي أو عبر انتخابات حرة نزيهة، وقعت في عهدها القصير نسبيا أبشع المذابح الدموية في تاريخ مصر الحديث والمعاصر  التي أفضت إلى مقتل آلاف الضحايا والأبرياء، كما حدث في ميدان رابعة العدوية. والنهضة ومصطفى محمود ومذبحة 6 أكتوبر بشارع التحرير بالدقي وغيرها.[[7]] في اعقاب مذبحة رابعة كتب فهمي هويدي معلقا على موقف السلطة «أيا كانت الحجج والذرائع، فإن القتل الذى تم بأمر من السلطة سواء فى القاهرة أو خارج حدودها لا يمكن تبريره لا قانونيا ولا وطنيا ولا أخلاقيا. ولا يحسبن أحد من رجال السلطة ــ مهما علا مقامه ــ أن ما جرى يمكن قبوله حتى إذا تم فى ظل تفويض شعبى مهما كانت قيمته، ذلك أننا لا نفهم ولا نتصور أننا بصدد تفويض بالقتل يحصد أرواح عشرات المتظاهرين أو المعتصمين السلميين، ويغرق الوطن فى بحر من الدماء. إننا بإزاء فتنة كبرى لوثت عقول وضمائر كثيرين ممن احتفوا بالمذبحة أو حاولوا تبريرها، بقدر ما لوثت بالدماء أيدى كل القائمين بالأمر فى مصر، سواء الذين أصدروا أوامر القتل أو الذين حرضوا عليه أو الذين سكتوا عليه. ومن المخجل أن يكون على رأس الدولة فى الوقت الراهن رجل ترأس المحكمة الدستورية. ومن المحزن أن يترأس الحكومة صديق استقال من منصبه كنائب لرئيس الوزراء فى حكومة الدكتور عصام شرف لأن ضميره لم يحتمل الاستمرار فى موقعه بعد مذبحة ماسبيرو التى راح ضحيتها ثمانية وعشرون شخصا، ثم يلتزم الصمت بعد مذبحتى رابعة العدوية والحرس الجمهورى وفى حين يتساقط القتلى فى أنحاء مصر كل يوم. أما أصدقاؤنا الآخرون الذين توزعت عليهم مناصب الوزارة ونالوا من الرتب ما نالوه، فلا اعرف كيف يسمح لهم ضميرهم الوطنى أو موقفهم الأخلاقي بالوقوف متفرجين على جثث القتلى ودمائهم النازفة.[[8]]  لم يبد الببلاوي أو أحد أفراد حكومته باستثناء (الدكتور محمد البرادعي) لاحقا ندما على المشاركة في هذه المذبحة بل صرح في يونيو 2014 بعد إقالته من الحكومة بأن ضميره مرتاح قائلا: «إنه «مرتاح الضمير 100%» لما تم في فض رابعة العدوية، مضيفًا: «أنا مسؤول أمام ربنا، وهو اللي هيحاكم الناس».[[9]]

ثانيا، «حكومة الاعتقالات والتعذيب»: في عهد حكومة القوى المدنية الديمقراطية برئاسة الببلاوي عاد زوار الفجر من جديد وعادت آلة التعذيب إلى سابق عهدها بل أشد؛ وتحولت الشرطة وأقبية ومقرات الأمن الوطني والمخابرات إلى مسالخ بشرية ومورست أبشع صور التعذيب والتنكيل بحق (21 ألف معتقل سياسي خلال هذه الفترة) من المصريين المؤمنين بالديمقراطية والمدافعين عن إرادتهم الحرة ضد الانقلاب العسكري العلماني. وبينما كان العلمانيون يتمتعون بنشوة الانتصار وملذات السلطة ، كان المصريون الديمقراطيون الإسلاميون من أبناء ثورة يناير، يقاسون أشد أنواع العذاب في الأقسام والسجون والمعتقلات؛  و«حين أعرب البرلمان الأوروبي ـ في فبراير 2014 ـ  عن إدانته لمثل تلك الممارسات فإن وزارة الخارجية بحكومة جبهة الإنقاذ، اعتبرت موقفه مرفوضا شكلا وموضوعا، وقالت فى بيانها إنه لا يحق للبرلمان أن يتدخل فى الموضوع».  ويعلق على ذلك الكاتب الكبير فهمي هويدي متسائلا: «من كان يتصور أن يكون ذلك مصير شباب الثورة؟ ومن يصدق أن تقف كل مؤسسات الدولة متفرجة على ما يجرى؟ وهل يمكن أن تكون تلك من سمات مرحلة ما بعد 30 يونيو. ومقدمات الرئاسة الجديدة؟ ــ اننى اترك لغيرى أن يجيب، لكن ما استطيع قوله إن ما جرى ويجرى لأولئك الشباب جريمة تلوث بالعار صفحة كل الذين يتصدرون المشهد السياسى الراهن فى مصر، ولا استثنى منهم أحدا».[[10]] وفي أعقاب جريمة الذكرى الثالثة للثورة (يناير 2014) قتل نحو 103 مصريين، واعتقل أكثر من ألف بينهم نحو 67 قاصرا وعشرات السيدات والفتيات؛ يقول هويدي: لقد أحزننى ما قرأته على لسان الأستاذ عبدالغفار شكر فى جريدة الأهرام حين قال إنه لا يستطيع أن يطالب الحكومة المصرية بمنع القبض على المتظاهرين وبعضهم يحمل أسلحة وقنابل مولوتوف ويعتدى على الناس. ذلك أننى لم أتوقع من مناضل يسارى له تاريخه الحافل أن يحدثنا بلغة رجال الأمن بعد تعيينه نائبا لمجلس حقوق الإنسان. متجاهلا ان المتظاهرين الذين قتل منهم أكثر من مائة فى الذكرى الثالثة للثورة لم يحملوا سلاحا ولم يعتدوا على أحد، الأمر الذى جعله يتهم الضحية ويبرئ الجناة». ليخلص إلى أن  “القومي لحقوق الإنسان والقومي للمرأة” وباقي المنظمات الحقوقية التي تواطأت بالصمت على هذه الجرائم ما هي إلا «ديكور» لتجميل الوضع العام فى المحافل الدولية. وحين نتعمق فى الأمر أكثر سنجد أن المشكلة ليست فقط فى عجز تلك الهياكل «الديكورية»، ولكنها أيضا فى الأنظمة السياسية التى تحرص على التجمل بأمثال تلك «الديكورات»، التى تخفى بها قبضتها على السلطة والمجتمع.[[11]]

وقد وثقت “هيومن رايتس ووتش” هذه الانتهاكات الصارخة في تقرير لها الخميس 06 فبراير 2014م؛ تحت عنوان  «الذكرى الثالثة للثورة شوهتها وحشية الشرطة». وكانت المنظمة الدولية ذاتها قد أصدرت تقريرا فى 23 يناير ــ قبل يومين من حلول المناسبة ــ تحت العنوان التالى: خارطة الطريق إلى القمع، لا نهاية تلوح فى الأفق لانتهاكات حقوق الإنسان. والتقريران يرسمان صورة قاتمة للوضع فى مصر. وقد فصَّل فيها التقرير الذى صدر فى 23 يناير، والذى جاء فى 49 صفحة. إذ خلص إلى أن مصر شهدت خلال الأشهر السبعة الأخيرة (في ظل حكومة جبهة الإنقاذ العلمانية) «ضربات موجعة سددت إلى حقوق الإنسان، ارتكبت فيها الدولة أعمال عنف على نطاق غير مسبوق.. حتى باتت مطالب 25 يناير فى الكرامة وحقوق الإنسان بعيدة المنال أكثر من أى وقت مضى».. إذا انحدرت مصر سريعا باتجاه مسار المزيد من القمع والمواجهة، حيث عمدت السلطة إلى تضييق الخناق على حرية التعبير عن الرأى والتجمع، كما سنَّت «قوانين قمعية تسهل على الحكومة إسكات صوت منتقديها وقمع الاحتجاجات، وإطلاق العنان لقوات الأمن كى تتصرف فوق القانون كما يحلو لها، ودون إمكانية مساءلتها عما ترتكبه من انتهاكات.. حتى أصبح العرف السائد الآن هو القمع والإفلات من العقاب».[[12]] الأمر الذي يمثل ردة ساحقة لكل مكتسبات ثورة يناير وانتصارا  للثورة المضادة التي اعلت من شأن البطش والعنف على حساب إرادة الأمة وسيادتها.

 

ثالثا، (حكومة القوانين والقرارات الاستثنائية):  

  • أولا، سن قانون منع التظاهر حيث وافق المؤقت عدلي منصور في 24 نوفمبر 2013  علي قانون قدمته له حكومة الببلاوي تحت مسمى “تنظيم حق التظاهر”، حيث يحتم القانون على من يريد التظاهر الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية وإلا يتعرض لعقوبات من بينها الحبس، وهو القانون الذي أثار غضب مؤيدين ومعارضين للسلطة العسكرية والحكومة العلمانية والذين تظاهروا ضد القانون ما أدى إلى اعتقال عدد منهم. ويرى الفقيه الدستوري الراحل المستشار طارق البشري أن توقيت إصدار هذا القانون وما قد يليه مما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب، أن ذلك لم يرد مصادفة ولا كان مجرد رد فعل للمظاهرات التى تجرى فى مصر منذ وقوع الانقلاب العسكرى». ويؤكد أن «فى هذا السياق (سياق الانقلاب) من الطبيعى جدا أن يصدر قانون منع التظاهر ليجرم الفعل الوحيد الذى يمكن به أن يعبر الشعب عن رأيه بحرية فى ظل هذه الظروف الانقلابية». وينتهي إلى أن قانون منع المظاهرات ليس مجرد قانون يصدر ليواجه مظاهرات، إنه صلب العمل الدستورى الذى يراد وضعه وتقريره ليجرد الشعب من صميم قدرته على الحركة ليمسك زمام أمور بلده بنفسه. إنه جزء من صميم العدوان على ثورة 25 يناير».[[13]]
  • ثانيا، تحويل الحبس الاحتياطي إلى عقوبة في حد ذاته وذلك بالموافقة على تعديل تشريعي على بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية  بما يسمح بمد فترات الحبس الاحتياطي دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في المادة 143 إذا كانت التهمة التي يحاكم بها عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد وهو القرار الذي أصدره عدلي منصور رقم 83 لسنة 2013م.[[14]]
  • ثالثا، أصدر الببلاوي في 31 أكتوبر 2013، قرارا بعودة الشرطة للجامعات والتي كان قد تم منعها في أعقاب تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا في 2011 بمنع تواجد الحرس الجامعى داخل الحرم. وبموجب قرار الببلاوي، منحت الشرطة حق دخول الحرم الجماعى، بناء على استدعاء من رئيس الجامعة أو بإذن مسبق من النيابة العامة. وفى 21 نوفمبر 2013، تطور القرار لمنح قوات الشرطة الحق في دخول الحرم الجامعي دون إخطار أو إذن مسبق، متى رأت وجود مخاطر على الأرواح المتواجدة بالحرم الجامعى أو تهديد لمنشآتها.[[15]]
  • رابعا، في 11 سبتمبر 2013م، أصدر عدلي منصور بموافقة الحكومة قرارا جمهوريا بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات ، يسمح فيما وصفها بالحالات العاجلة، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر، بناء على ترخيص من الوزير أو المسئول المختص. وهو ما يفتح بابا واسعا للفساد والوساطة والمحسوبية بسبب تعديلهم قانون المناقصات والمزايدات الذى يسمح بالتعاقد بالأمر المباشر.[[16]]
  • خامسا، إهدار أموال الشعب بالتعاقد مع شركة دعاية وعلاقات عامة أمريكية “جلوفر بارك” لتبييض صورة السلطة العسكرية الانقلابية في الولايات المتحدة الأمريكية لا سيما مؤسسات الحكم كالبيت الأبيض والكونجرس. والمدير التنفيذى للشركة هو أريك بن زيفى، إسرائيلى الجنسية، وسبق له الخدمة فى الجيش الإسرائيلى، كما قدم سلسلة من الاستشارات أثناء الانتخابات المختلفة فى إسرائيل، ووفقا للموقع فإن الشركة تقدم خدمات لعدد من الشركات الكبرى فى العالم، من بينها آبل وكوكاكولا، بينما يعتبر جهاز أبوظبى للاستثمار، أهم عملائها الأجانب.[[17]]
  • سادسا، القرار الوحيد الذي تتباهى به حكومة الببلاوي هو الإعلان في 18 سبتمبر 2013 عن تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، ليصل إلى 1200 جنيه بدءًا من يناير 2014، وهو القرار الذي اعتبره الببلاوي أحد أهم إنجازات حكومته. لكن المرشح الرئاسي الأسبق المحامي خالد علي أكد بعد إقالة حكومة الببلاوي أن هذه الحكومة «استغلت «الحد الأدنى» سياسيا ولم تنفذه».[[18]] وقال القيادي اليساري الراحل البدري فرغلي حين كان رئيسا لاتحاد أصحاب المعاشات، أن حكومة الببلاوي استولت على أموال أصحاب المعاشات ومنحتها لرجال الأعمال». وأضاف «فرغلي»، في لقاء تليفزيوني على قناة «mbc مصر»، الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، الأحد 23 فبراير 2014: «حكومة الدكتور حازم الببلاوي نهبت أموال المعاشات واستولت على أموال 9 ملايين مصري، ووضعتها في جيوب رجال الأعمال والمستثمرين». وقال: «توصلنا إلى كل من ساهم في نهب أموال أصحاب المعاشات، ولن نتراجع عن استرداد هذه الأموال التي تقدر بـ162 مليار جنيه، والتي تذهب فوائدها إلى المستثمرين لبناء المنتجعات، بينما يموت أصحاب المعاشات جوعًا».[[19]] ويؤكد كمال عباس، منسق دار الخدمات النقابية والعمالية، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن قرار تحديد الحد الأدنى للأجور، تسبب في تفجير الاحتجاجات العمالية، بعد أن اكتشف العمال أن القرار كان عبارة عن بيع وهم سياسي».[[20]]

 

الموقف من الفساد

لم يعرف عن حكومة الببلاوي أي موقف حاسم تجاه الفساد الضارب في كل مؤسسات الدولة؛ فقد وجهت جهدها كله نحو قمع الإسلاميين المدافعين عن الديمقراطية وإرادة الشعب الحرة. وفي يوم الإثنين 17 فبراير 2014م، جاء بيان المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وقتها والذي أقيل لاحقا  بسبب كشفه حجم الفساد في الدولة ، ليؤكد تغول الفساد في جميع مؤسسات الدولة؛ ومن أبرز مشاهد الفساد:[[21]]

  • أولا، إن أعضاء نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة والجيزة وهيئة الرقابة الإدارية ومسئولين مرموقين سابقين وحاليين استولوا على أراض فى الحزام الأخضر بمنطقة أكتوبر مساحتها 35 ألف فدان بالمخالفة للقانون، الأمر الذى ضيع على الدولة نحو 4 مليارات جنيه جراء تخصيص الأراضي لغير مستحقيها وبأسعار زهيدة. وعندما أرادت اللجنة المختصة التابعة للجهاز فحص مستندات المنطقة الخضراء منعت بأمر من النيابة من الاطلاع على 295 ملفا لشخصيات رؤى التكتم على أوضاعها، وأن مسئول جهاز المحاسبات المختص بالموضوع تلقى تهديدا حذره من عواقب الاستمرار فى أداء مهمته باعتبار أن من شأن ذلك تسليط الأضواء على فساد عدد من كبار المسئولين السابقين والحاليين.
  • ثانيا، رفض وزارة الداخلية التعامل مع جهاز المحاسبات، حيث رصد الجهاز مخالفات فى جهاز الأمن الوطنى وحده بقيمة مليارين ونصف مليار جنيه.
  • ثالثا، بعض مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية مارست اعتداءات على مجرى نهر النيل وبعضها أقدم على ردم أجزاء منه وإقامة مبان خرسانية عليها. وقد قدرت المخالفات المتعلقة بنهر النيل بنحو 18 مليار جنيه.
  • رابعا، تقدم جهاز المحاسبات ــ حسب البيان ــ بـ 428 بلاغا للنائب العام عن مخالفات وانحرافات فى مختلف أجهزة الدولة. لكن النيابة لم تبت في 265 بلاغا وحفظت 28 بلاغا اخر. كما قدم الجهاز 227 بلاغا مماثلا إلى جهاز الرقابة الإدارية فلم يبت فى 161 منها وحفظت الرقابة 17 بلاغا. فى الوقت ذاته فإن الجهاز قدم 65 قضية لجهاز الكسب غير المشروع فلم يبت إلا في ثلاث فقط وتم حفظ 6 قضايا. ويتعذر العثور على تفسير بريء للتقاعس عن التحقيق في تلك البلاغات والعزوف ليس فقط عن النظر فيها، وإنما أيضا عن إخطار جهاز المحاسبات بالأسباب التي أدت إلى تجاهلها وعدم البت فيها.
  • خامسا، كما تحدث المستشار جنينة عن الفساد فى مجال النقل البحري، وعن المخالفات في شركات النفط، وعن إسراف أجهزة الدولة فى تعيين المستشارين فى حين أن ذلك دور مجلس الدولة الذى يضم قسما للفتوى والتشريع. وأشار فى هذا الصدد إلى أن الـ 2906 مستشارين الملحقين بتلك الأجهزة تقاضوا أكثر من نصف مليار جنيه فى العام المالى الأخير (في عهد حكومة الببلاوي) منها 100 مليون و900 ألف منحت لمستشارين عينوا بعد بلوغ سن الستين.
  • سادسا، أبدى جنينة دهشته إزاء قيام وزارة العدل بحكومة الببلاوي بإعداد مشروع للتصالح مع النيابة بشأن المخالفات التى وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية، التى ضعف فيها دور الدولة جراء الظروف التى مرت بها البلاد. محذرا من خطورة هذه الخطوة؛ لأن تلك الفترة شهدت اندفاعا من جانب كثيرين لمخالفة القانون والاعتداء عليه، ويشكل المشروع المقترح غطاء يسوغ تلك الانحرافات ويكافئ الانتهازيين والجشعين والمنحرفين.

عقب  إقالة الحكومة في 24 فبراير 2014م، غير مأسوف عليها وسط إجماع شعبي  على فشلها في كافة القطاعات والملفات[[22]]؛ لاحقت وزراء حكومة جبهة الإنقاذ اتهامات بالفساد وإهدار المال العام، بعد تحويل الجهاز المركز للمحاسبات عددًا من التقارير للقضاء. فبين اتهامات لوزير العدل المستشار عادل عبد الحميد بحصوله على 2 مليون جنيه بدون وجه حق، ومطالبته بإعادتها للدولة، وأخرى تتهم وزير الإسكان المهندس إبراهيم محلب بإهدار 4 مليارات جنيه، في مخالفات أراض لم يتم إعادتها للدولة، وثالث ينذر بكارثة وهي إيرادات وأرباح وهمية جمعتها وزارة الكهرباء برئاسة أحمد إمام من الشركات المستهلكة للطاقة بدون سند قانوني، واتهامات أخرى للدكتور محمد أبو شادي وزير التموين، بعد اتهام مدير مكتبه بتلقي رشوة، وإهداره شركة الصوامع لـ89 مليون جنيه. [[23]]

 

الموقف من سد النهضة الإثيوبي

أزمة سد النهضة الإثيوبي التي تم توظيفها على نحو واسع  من أجل التشهير بالرئيس مرسي وعدم قدرته على مواجهة التعنت الإثيوبي؛ تم إهمالها تماما في عهد حكومة الببلاوي التي لم يكن لها هم سوى سحق المصريين المؤمنين بالديمقراطية المدافعين عن إرادتهم الحرة؛ فتراجع الاهتمام بها سياسيا وإعلاميا؛ فقد كانت الدولة بكافة مؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية والإعلامية مشغولة بسحق ما تبقى من ثورة يناير والمؤمنين بها تحت لافتة «الحرب على الإرهاب المحتمل»!   فالرأي العام كان منفصلا عن القضية تماما. فلا تعبئة ولا تنبيه ولا إذكاء لوعى المواطن العادي بالخطر المحتمل. حتى الكتاب الجديد الذى أراد وزير التربية والتعليم وقتها أن يرفع به مستوى وعى تلاميذ المدارس (كتاب القيم والأخلاق والمواطنة) وجدناه قد اعتنى بتحفيظ الأجيال الجديدة كلمات السيسى عن أن «مصر أم الدنيا وستبقى قد الدنيا»، ولم يذكرهم بأن المياه شريان الحياة فى مصر ولا ينبغى أن نهدرها. وعلى صعيد الفتاوى وجدنا اهتماما باقناع الناس بتطليق الزوجة الإخوانية وبأن التصويت للاستفتاء واجب شرعى، وأن إضراب الأطباء محرم شرعا، ولم نجد تفكيرا بتوعية الناس بالموضوع. علما بأن النصوص الشرعية التى تحض على عدم الإسراف فى المياه تحقق المراد وزيادة. وهذه مجرد أمثلة على التراخى والهزل فى المسألة. ولا أريد أن أضيف أمثلة أخرى عن المياه التى تسيل فى الشوارع والمساجد طول الوقت أو عن البحيرات وملاعب الجولف التى تظهر فى إعلانات التليفزيون كى تجذب الناس إلى المنتجعات الجديدة. وتعليقا على ذلك يتساءل هويدي: «إذا لم نكن جادين فى إدارة الأزمة، وإذا لم نكن متحمسين لتحميل المجتمع مسئوليته إزاء تداعياتها، فلماذا نكتفى بتوجيه اللوم إلى الإثيوبيين ونأخذ عليهم عدم تجاوبهم مع مجهوداتنا؟ ــ والسؤال له صياغة أخرى كالتالى: إذا كان أداؤنا يشوبه ذلك القدر من الهزار، فلماذا نطالب الإثيوبيين بأن يأخذوا كلامنا على محمل الجد؟».[[24]]

واتخذت الحكومة في هذا الملف إجراءين عمليين: الأول في 10 فبراير 2014 حيث أعلن وزير الري رسميًّا فشل المفاوضات مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة، بسبب التعنت من الجانب الإثيوبي حسب بيان وزارة الري، التي أعلنت أن كل المقترحات التي قدمتها مصر لحل المشكلات العالقة قد قوبلت برفض إثيوبي غير مبرر ويصل لدرجة التعنت، مما يثبت أن الجانب الإثيوبي لم ينظر للمشكلة الحالية بالقدر الكافي من الاهتمام والجدية.  الثاني هو رفع أسعار مياه الشرب على المصريين؛ حيث أقرت الحكومة في يناير 2014 زيادات في تعريفة مياه  الشرب ليتم رفع متر المكعب من المياه إلى 35 قرشا بدلا من 24 قرشا بزيادة تصل إلى 50% من الأسعار القديمة.[[25]]

 

إقالة مهينة

وكما جاءت حكومة الببلاوي بأوامر من السلطة العسكرية الانقلابية دون تفويض من الشعب في 16 يوليو 2013م،  أطيح بها بنفس الطريقة وأجبرت على الاستقالة بقرار مفاجئ صدم الوزراء أنفسهم بعدما استدعاهم رئيس الحكومة بشكل مفاجئ، وأخبرهم بأن على الحكومة أن تتقدم باستقالتها في 24 فبراير 2014م.[[26]] ولكل هذا السجل المتخم بالخزي والعار والقتل والبطش والتعذيب والاعتقالات وتلفيق التهم للرموز الإسلامية الثورية؛ قال الببلاوي في مايو 2017م إنه لن يكتب مذكراته كرئيس للحكومة  بعد 30 يونيو؛ معللا ذلك بأنه لا يجد الوقت ليكتب فضلا عن أنه لم يسجل يوميات ليعود إليها، ويرى أن افضل ما يمكن عمله مع هذه الفترة الشديدة الصعوبة هو نسيانها.[[27]] رغم أن الببلاوي كان قد كتب مذكراته كوزير بحكومة الدكتور عصام شرف في كتابه «أربعة شهور في قفص الحكومة»، الذي كتبه عن فتره توليه وزارة المالية زمن المجلس العسكري. {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.

 

تفسير موقف العلمانيين

هناك تفسيرات تعزو موقف العلمانيين في مصر وربما في العالم العربي من العداء السافر للديمقراطية كما جرى في تحالفهم مع الدولة العميقة لإسقاط رئيس مدني منتخب بإرادة الشعب الحرة بأداة غير دستورية وغير ديمقراطية إلى فشلهم في الفوز بثقة الجماهير لأنهم يتبنون خطابا سياسيا علمانيا يخالف الأفكار والمعتقدات الإسلامية السائدة والمستقرة في المجتمع.  ويعزو بعض الخبراء والمحللين موقفهم ذلك إلى الغلو والتطرف في تبني العلمانية باعتبارها بديلا للإسلام ذاته. هذا التيار بذاته يرفض أصول المرجعية الإسلامية فيما يتعلق بالنظرة الكلية التي يتبناها الإسلام رابطًا بين المرجعية الدينية والحياة المدنية. هذا التيار لا يوافق مطلقا على إعادة تصدير الإسلام في صورة مختلفة، إنما يريدون إزاحة الدين جانبا بلا رجعة. ومع عدم قدرتهم على ذلك فإنهم يتحالفون مع السلطة المستبدة من أجل تحقيق هذه الأهداف بإبعاد الإسلام عن التأثير في الحياة والمجتمع وفرض العلمانية على المجتمع بقوة السلطة والسلطان. معنى ذلك أن هناك تطابقا في الرؤى بين السلطة العسكرية المستبدة والقوى العلمانية بشأن تكريس العلمانية في مصر على حساب القيم الإسلامية؛ وبينما يرى العلمانيون ضرورة إزاحة الإسلام تماما من التأثير في المجال  العام، ليكون محصورا في الزوايا بوصفه شأنه فرديا، ترى السلطة العلمانية أنه يتعين توظيف  الإسلام نفسه لخدمة أجندة السلطة ومآربها، وإضفاء مسحة شرعية دينية على السلطة العلمانية نفسها.

علاوة على ذلك فإن سلوك النخبة العلمانية يبرهن على تمكن داء الكبر منها؛ «فهم ـ وفقا للكاتب الكبير فهمي هويدي ــ  يحتكرون ويصادرون لحسابهم مصطلحات المدنية والديمقراطية والليبرالية بل والتقدم في حين اعتبروا أن كل من عداهم مطرودون من تلك الساحات ومحظور عليهم الانتساب إلى أي منها، وهو ما يعد نهجا فى الاقصاء أقرب إلى التكفير، فإذا كان بعض المتطرفين الإسلاميين يعتبرون أنهم الفرقة «الناجية» وان جنة الله لا تسع غيرهم، ولذلك فإنهم يسارعون إلى إخراج غيرهم من الملة الدينية، فإن إخواننا هؤلاء باحتكارهم القيم السياسية الايجابية يفعلون نفس الشىء. إذ يعتبرون أنفسهم الفرقة السياسية الناجية التى ينبغى أن يعهد إليها دون غيرها تولى زمام الأمور، ولذلك فإنهم ينفون عن غيرهم أية صفة ايجابية ويخرجونهم من الملة الوطنية بضمير مستريح».[[28]] وقد أضاف أحدهم[[29]] خوف العلمانيين من المجتمع كمفسر لتبنيهم مقولات غير ديمقراطية منذ 2011 حتى اليوم مثل مطالبهم بالتمييز بين الوزن النسبي لأصوات المتعلمين وغير المتعلمين في الاستفتاءات والاستحقاقات الانتخابية إلى تمرير وثائق مبادئ فوق دستورية لإقرار وضعية الدولة فوق الدولة للمؤسسة العسكرية وتمكينها من التدخل المستمر في شؤون الحكم والسلطة”. هذا الخوف من المجتمع هو المحرك القوي لإطلاقهم الأحكام الاستعلائية على تفضيلات الأغلبية السياسية والانتخابية، واستعدادهم للتحالف مع الاستبداد والسلطوية والانقلاب على الديمقراطية نظير إسكات المواطن وتهجيره من الفضاء العام، نظير إخضاع واستتباع ما يصنفونه زيفا كالمجتمع اللاعقلاني”.

ويفسر الدكتور رفيق حبيب موقفهم هذا بالتحالف مع السلطة الاستبدادية في مقال له بعنوان « “البحث عن ديمقراطية عسكرية”، بأن «الدولة التي تريدها النخبة العلمانية تقوم على دور خاص للنخب العلمانية، بحيث تفرض هذه النخب طبيعة وهوية الدولة، ويقوم الجيش بحماية ما تفرضه النخب على الدولة، ويؤمّن لتلك النخب دورا يفوق الإرادة الشعبية الحرة، ويعلو على إرادة الناس». فالعلمانيون يريدون فرض وصايتهم على المجتمع  ومنحهم سلطة فرض العلمانية وإقصاء أي تيار يرفض هذه الوصاية العلمانية بقوة الجيش والسلطة العسكرية المستبدة».

وتتبنى الجيوش العربية العلمانية ليس باعتبارها عقيدة بديلة للإسلام كغلاة العلمانيين، بل كشرط أملته دول الاحتلال قبل رحيلها في منتصف القرن العشرين في إطار صفقة بناء وتصميم وهندسة المشهد في المنطقة وفرض نمط حكم استبدادي على دول المنطقة ضمن إطار تكريس الدولة القومية  في أعقاب الحرب العالمية  الثانية؛ للحيلولة دون قيام دولة إسلامية متحدة كما كان في عصور الخلافة الإسلامية. بمعنى أن الجيوش تحتكر السلطة في بلادنا بناء على صفقة مع المحتل السابق الذي خرج من البلاد لكنه ترك نمط حكم علماني استبدادي قادر على تحقيق مصالحه وضمان حمايتها بوصف هذه السلطة وكيلا حصريا للاحتلال يفرض تصوراته على بلادنا بأدوات البطش والطغيان والإرهاب.

 

الخلاصة والتوصيات

أولا، المواقف العلمانية المؤيدة للطغاة في بلادنا إنما تستند إلى ثلاثة جذور: الأول، علمانية عقدية ترفض الإسلام ذاته وترفض الاحتكام إلى مبادئه وأحكامه، وترفض أن يكون له دور في الحياة؛ وبالتالي هم يحاربون التيارات والحركات الشعبية والسياسية المنظمة الداعية لحكم الإسلام ويبررون سحقها بوصفه عملا بطوليا لحماية الدولة نفسها من الإرهاب الإسلامي. الثاني، هو موقف نفعي يقوم على أساس الصفقة المشبوهة بين السلطة العسكرية المستبدة من جهة والرموز والقوى العلمانية بوصفهم يؤدون دورا مهما في إضفاء شرعية ثقافية على السلطة ومواقفها؛ لذلك تفتح لهم الدولة أبواب المناصب الحساسة في مؤسسات الدولة الإعلامية (صحف ومواقع وفضائيات ــ دراما ــ سينما) والثقافية والحكومية، ويتم تضخيمهم إعلاميا رغم أنهم تقريبا بلا شعبية تذكر. فوجود ديمقراطية حقيقية يعني صدارة الإسلاميين للمشهد، ودخول العلمانية في غيبوبة الموت؛ وهم يفضلون موت الوطن ودماره مع الدكتاتورية على موت أفكارهم البالية المعادية للإسلام في  جوهرها. ورغم ذلك فلا يجب التعميم مطلقا؛ لأن التجربة برهنت على وجود رموز علمانية تملك ضميرا يقظا وحسا وطنيا كبيرا ونبلا يضرب به المثل في الإنسانية والانتماء للوطن. ومع هؤلاء يجب إدارة حوار (إسلامي ـ علماني) من أجل مصر وحاضرها ومستقبلها؛ فالمستقبل لهم دون غيرهم.   الثالث، أن العسكر والعلمانيين ينفذون أجندة الغرب بشأن تجذير العلمانية في بلادنا وسحق التيارات الإسلامية التي تملك حاضنة شعبية معتبرة يمكن أن تمثل تهديدا للنفوذ والمخططات الغربية التي تستهدف مصر والمنطقة.

ثانيا، أحد أهداف هذه الورقة البحثية هو رصد وتوثيق مواقف كل القوى السياسية من تجربة الثورة والانقلاب في مصر؛ وكذلك رصد وتحليل مواقف مؤسسات الدولة العميقة التي تمردت على السلطة الشرعية التي فوضها المجتمع بانتخابات حرة نزيهة؛  حتى نستخلص منها الدروس والعبر  لقابل الأيام والتجارب وحتى نكون على دراية كاملة ودراسة شافية لكل الأطراف فلا ننجر إلى فخاخ أو تنطلي عليها شعارات تناقض ما تأسست عليها هذه القوى وتلك المؤسسات. كذلك فهم طبيعة العلاقة والمصالح المتبادلة بين القوى العلمانية من جهة والدكتاتورية العسكرية من جهة  أخرى، وعلاقة  هذه الدكتاتورية العسكرية بالقوى الأجنبية التي احتلت بلادنا لعقود طويلة قبل التحرر السلس في منتصف القرن الماضي والذي اتضح لاحقا أنه تحرر شكلي عبر صفقة مشبوهة انعقدت في دهاليز الغرف المظلمة من وراء الشعوب المقهورة. ولعل هذا يفسر أسباب عدم تدخل بريطانيا لحماية الملك فاروق ضد انقلاب حفنة من الضباط  متوسطي الرتب في3 يوليو 1952م؛ فالاحتلال الإنجليزي كان على علم بكافة التفاصيل وهو من سمح بالانقلاب وفوض الجنرالات بحكم البلاد نيابة عنه  وعن القوى الغربية الصاعدة وقتها (الولايات المتحدة الأمريكية) بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

ثالثا، فشلت حكومة جبهة الإنقاذ العلمانية فشلا ذريعا في كافة الملفات؛  ورغم أن الحكومة رفعت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا أنها ناصبت القيمتين العداء؛ فقد تولت السلطة بدون تفويض شعبي وعلى أنقاض حكومة شرعية منتخبة بإرادة الشعب الحرة جرى الإطاحة بها بأداة غير ديمقراطية وغير دستورية وهي الانقلاب العسكري. فقد ارتكبت حكومة الببلاوي أبشع المذابح الجماعية في تاريخ مصر الحديث والمعاصر(النصب التذكاري ــ رابعة ــ النهضة ــ مصطفى محمود ــ رمسيس ــ 6 أكتوبر 2013 ــ ذكرى ثورة 25 يناير الثالثة في يناير 2014 وغيرها الكثير)، كما اعتقلت حكومة الببلاوي نحو 21 ألف مصري  وفقا لتقرير هيومن رايتس ووتش. وعادت في عهدها آلة التعذيب  وتحولت السجون وأقسام الشرطة إلى مسالخ بشرية وعاد زوار الفجر من جديد بعدما تم غل يد هذه الأجهزة بثورة يناير.

رابعا، كما فشلت حكومة الببلاوي اقتصاديا رغم الدعم المالي السخي من دول الخليج والذي وصل إلى 12 مليار دولار في الأسابيع الأولى للانقلاب باعتراف الببلاوي نفسه.  وفشلت سياسيا  بممارسات الإقصاء والتعذيب والاعتقالات تحت لافتة الإرهاب المزعوم كغطاء لكل هذه الجرائم. والاستفتاء الوحيد الذي جرى تحت إشرافها تم بإقصاء أكبر تنظيم شعبي في البلاد وتزوير نتائجه على نحو واسع باعتقال كل من  تبنى المشاركة والتصويت بلا، كما تم مقتل (11) مصريا في اليوم الأول للانقلاب بخلاف اعتقال المئات؛ لذلك أطلق المصريون عليه “دستور الدم”.

خامسا، بعد هذا الرصد والتوثيق والتحليل لم يعد هناك مجال للتيار العلماني ـ باستثناء شخصيات قليلة ثبت نبلها ووطنيتها ــ أن يدعي أنه ديمقراطي أو يقبل بالتعايش المشترك فهو تيار في معظمه استئصالي إقصائي إلى أبعد الحدود؛ وهم على الدوام بيادق جاهزة تستخدمها الدكتاتورية العسكرية لتكريس الطغيان وفرض العلمانية بأدوات البطش والإرهاب. فهم قواه الناعمة وصوته المثقف الذي يقدم الخطاب الاستبدادي للسلطة بغلاف شفاف وبراق لتضليل الجماهير وخداعها  بدعوى حماية الدولة من السقوط ومكافحة الإرهاب المحتمل.

سادسا، الحقيقة المؤلمة التي انتهت إليها تجربة الثورة والانقلاب أن القوى العلمانية ــ في غالبيتها ـ والتي تتشدق كثيرا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان خلال سنوات ما قبل الثورة  كشفت عن عدائها السافر للديمقراطية  والتداول السلمي للسلطة عمليا، وعندما جاءت نتائج الديمقراطية لصالح خصومها من الإسلاميين كفرت بها ولم تسلم مطلقا بنتائجها، ولم يروا الشعب أهلا لهذه الديمقراطية لأنه لم ينتخبهم. والعجيب أنهم كشفوا عن عنصرية متجذرة في نفوسهم  وبغضا عظيما للمخالفين لهم على نحو صادم؛ وهو ما ينسف أي دعاوى عن قبولهم بالتعايش المشترك والقبول بالآخر؛ فهي مجرد لافتات وشعارات يسترزقون بها ويتجملون بها أمام العالم الخارجي. يبرهن على ذلك تحريضهم على المؤسسات المنتخبة بإرادة الشعب الحرة، والتحالف مع الدولة العميقة لتقويض التجربة الديمقراطية، ثم التحريض على ذبح الإسلاميين بعد الانقلاب ومباركة هذه المذابح والبحث عن تبرير لها ، واعتبار المتورطين في هذه الدماء من ضباط الجيش والشرطة أبطالا يستحقون أنواط الشجاعة والوطنية. وهذا سلوك موغل في الكراهية على النحو الذي عاينه العالم مع النازيين والفاشيين والصهاينة. بينما كان الإسلاميون يبذلون دماءهم وحريتهم وأموالهم في سبيل الدفاع عن ثورة يناير وتجربتهم الديمقراطية الوليدة ورئيس الدولة المنتخب بإرادة الشعب  الحرة.

 

 

[1] أسرار الطعنة الإماراتية بخاصرة حكم “مرسي” في مصر/ الخليج أون لاين ــ 26 نوفمبر 2017

[2] الببلاوي: مصر حصلت على 12 مليارا مساعدات/ الجزيرة نت ــ 12 سبتمبر 2013م

[3] أهم 10 قرارات للرئيس المؤقت عدلي منصور/ أصوات مصرية  ــ الخميس 05 يونيو 2014م  (أصوات مصرية  هو موقع إخباري عربي كانت له سمعة مهنية جيدة في الأوساط الصحافية، أنشاته مؤسسة تومسون رويترز صاحبة  وكالة رويترز الشهيرة منتصف 2011م، مرحلة الثورة والحريات، وكان فريق التحرير يقيم فعليا في مقر وكالة رويترز  بالقاهرة حتى توقف عن البث في مارس 2017م بعدما اعلنت المؤسسة  عن توقف الممول الرئيس (الخارجية البريطانية) عن تمويل المشروع.  انظر أ يضا: عماد عمر/ أصوات مصرية.. الكلمة الأخيرة/ أصوات مصرية ــ  15 مارس 2017// محمد بصل/ القائمة الكاملة للسلطات التى فوضها منصور للببلاوى/ بوابة الشروق ــ الأحد 4 أغسطس 2013 ……

[4] الاستفتاء الدستوري في مصر: قتلى وجرحى في يوم التصويت الأول/ بي بي سي ــ 14 يناير/ كانون الثاني 2014

[5] وفي مساء الإثنين 07 أكتوبر 2013، كشف الببلاوي في مداخلة هاتفية ببرنامج «هنا العاصمة»، الذى يذاع على فضائية «سى بى سى»، أن حكومته شكلت لجنة لحظر جماعة الإخوان ومصادرة أموالهم ومقارهم.. انظر: كريم البكرى/«الببلاوي»: شكلنا لجنة لحظر «الإخوان» ومصادرة أموالهم ومقارهم/ بوابة الشروق ــ  الإثنين 7 أكتوبر 2013 …. وقد استغلت الحكومة تفجير مديرية الدقهلية لإصدار قرار اعتبار الجماعة منظمة إرهابية رغم إعلان بيت المقدس مسئوليته عن الحادث..

 

[6] يسري البدري /أخطر مفاجآت تفجير «مديرية أمن الدقهلية»: الانتحاري عمل مرشدا لـ«الأمن الوطني»/ المصري اليوم ــ  السبت 20 ديسمبر 2014م

[7] آشتون تحمل مسؤولية أحداث مصر لـ”حكومة الببلاوى”/ مصر العربية 16 أغسطس 2013

[8] فهمي هويدي/ الفتنة الكبرى/ بوابة الشروق ــ الأحد 28 يوليه 2013

[9] باهي حسن/بالفيديو.. «الببلاوي»: «ضميري مرتاح 100% عن فض رابعة وربنا اللي هيحاسبني»/ المصري اليوم ــ  الأحد  08 يونيو 2014م.. وأضاف «الببلاوي» في حوار على قناة «دريم» مع برنامج «العاشرة مساء»: «ربنا هو اللي هيحاكم الناس على ما ارتكبته من أخطاء، ولا تنس أنه في أحيان كثيرة تضطر تقوم بأعمال يترتب عليها ضحايا حماية لناس أكتر ممكن يكونوا ضحايا، وفي الحروب لما بلد بتتعرض لهجوم من بلد تانية البلد بتبعت أولادها يحاربوا وبيموتوا ومش بنقول إن البلد بتقتل أولادها لأنك حميت البلد والشعب بالكامل». وتابع: «قرار صعب، إنك تشوف دم مصري، سواء كان في رابعة أو خارجها، لكن في الأخر يهمك ما تعتقد أنه المصلحة الكبرى، وفيه رب العباد اللي هيحكم». وأوضح: «كل واحد مسؤول أمام ضميره، وأنا مرتاح 100% لما حدث».

[10] فهمي هويدي/ كلهم شركاء فى الجريمة/ بوابة الشروق ــ الأربعاء 12 فبراير

[11] فهمي هويدي/ ديكورات الديمقراطية/ بوابة الشروق ــ الإثنين 3 فبراير 2014

[12] فهمي هويدي/ فى مرأة الحقيقة/ بوابة الشروق ــ الأحد 9 فبراير 2014  

[13] طارق البشرى/ قانون منع المظاهرات ودلالته الدستورية فى النظام السياسى لمصر/ بوابة  الشروق ــ الخميس 5 ديسمبر 2013 //6 إبريل: هناك «ارتداد» على ثورة يناير.. وعلى الببلاوي العودة إلى مسارها/ بوابة الشروق ــ  الجمعة 13 ديسمبر 2013

[14] قرار جمهورى بتعديل مدة الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية/ بوابة الأهرام 25 سبتمبر 2013

[15] نادية أبوالعينين/ حقوقيون: عودة الشرطة للجامعة يولد العنف/ مصر العربية  13 أكتوبر 2014

[16] محمد الجالى ونور ذو الفقار/قرار جمهورى يسمح بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات/ اليوم السابع الخميس 12 سبتمبر 2013م// خبراء اقتصاد: تحصين عقود الاستثمار يهدر حقوق الدولة والمواطن/  المصري اليوم ــ الثلاثاء 25 فبراير 014م

[17] محمد المنشاوي وسمر الجمل/ جلوفر بارك» تلتزم بتقديم استشارات دبلوماسية وفتح قنوات اتصال مع أعضاء الكونجرس…الحكومة تتعاقد مع شركة «لوبي» أمريكية في الدعاية.. و«الخارجية» ترفض التعليق/ بوابة الشروق ــ الجمعة 18 أكتوبر 2013

[18] خالد علي: حكومة «الببلاوي» استغلت «الحد الأدنى» سياسيا ولم تنفذه/ المصري اليوم ــ الأحد 02 مارس 2014م

[19] معتز نادي/ البدري فرغلي: «الحكومة وضعت أموال المعاشات في جيوب مستثمرين ورجال أعمال»/ المصري اليوم ــ الأحد 23 فبراير 2014م

[20] كمال مراد/ كمال عباس: العمال اكتشفوا أن الحد الأدنى للأجور «وهم سياسي»/ المصري اليوم ــ الأربعاء 25 يونيو 2014م

[21] فهمي هويدي/ مؤسسة الفساد تتحدى/ بوابة الشروق ــ  الأربعاء 19 فبراير 2014

 

[22] محمد السوداني/استقالة “حكومة الدم”.. ترحيب بالإجماع/ مصر العربية 02 مارس 2014… حمزة صلاح/واشنطن بوست: سقوط حكومة “العرائس المتحركة”/ مصر العربية 24 فبراير 2014 … أنس زكي/حكومة الببلاوي لا بواكي لها/ الجزيرة نت 25 فبراير 2014// الاشتراكيون الثوريون:حكومة الببلاوي الأكثر فشلاً وبطشاً بالمعارضين/ العربي الجديد ــ 27 فبراير 2014..حيث وصفت حركة “الاشتراكيون الثوريون” حكومة الببلاوي بأنها “الأكثر فشلاً بعد ثورة يناير”، وأنها “تفوقت في استخدام أقصى درجات البطش بالمعارضين، ليسقط على أياديها آلاف القتلى ولتعتقل عشرات الآلاف من كل الاتجاهات السياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار”.

[23] محمد معوض /”الفساد” يلاحق وزراء حكومة الببلاوي/ مصر العربية   27 فبراير 2014 .. يوسف إبراهيم/المناقصات بالأمر المباشر.. أنت في “مغارة الببلاوي”..القانون صدر فى غياب البرلمان..وخبراء: الحكومة تشجع الرشاوى/ مصر العربية 17 سبتمبر 2013 // وقد أكد محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن أداء حكومة الدكتور حازم الببلاوي كان يسوده الكثير من الارتباك والتعهد باتخاذ الكثير من القرارات و إن ظلت في اطار الوعود بلا تنفيذ ما ساهم في سرعة تقديمها لاستقالتها. وقال إن الحكومة لم يكن لديها رؤية حول المستقبل فضلا عن اتخاذها قرارات وصفها بالعاجلة وكان لها اثار سلبية على الجماهير.. انظر: أميرة صالح /«البهي»:الارتباك سمة حكومة الببلاوي/ المصري اليوم ــ الثلاثاء 25 فبراير 2014م

 

[24] فهمي هويدي/ الهزار والجد فى مسألة السد/ بوابة الشروق ــ الأحد 16 فبراير 2014

[25] أحمد عبد الحافظ/ ننشر الأسعار الجديدة لمياه المنازل والمتاجر/ بوابة الشروق ــ الإثنين 28 أبريل 2014

[26] آية أمان ويوسف وهبى/«الشروق» ترصد كواليس اجتماع «الاستقالة».. الببلاوي صدم وزراءه بالقرار في اجتماع مفاجئ/ بوابة الشروق ــ الإثنين 24 فبراير 2014م// صحيفة: «الببلاوي» أُجبر على الاستقالة.. و«منصور» يلتقي «محلب» قريبًا/ المصري اليوم ــ الثلاثاء 25 فبراير 2014م

[27] مصباح قطب/«الببلاوي»: لن أكتب مذكراتي كرئيس حكومة بعد إزاحة الإخوان/ المصري اليوم ـ الثلاثاء 09 مايو 2017م

 

[28] فهمي هويدي/ الكل فى الاستحواذ سواء/ الشروق ــ الخميس 4 أكتوبر 2012

[29] انظر مقال الدكتور عمرو حمزاوي تحت عنوان « عن تبرير العلمانيين المصريين للاستبداد» المنشور بصحيفة “القدس العربي” بتاريخ 5 أغسطس 2019م

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022