«خصخصة شركات الجيش» .. «3» سينايوهات محتملة

يجد الجنرال عبدالفتاح السيسي نفسه في ورطة كبرى، أو بالمعنى العسكري «بين فكي كماشة»، فهو محاصر من كل الجوانب بضغوط متضادة في الاتجاهات والمصالح؛ فالرئيس الإماراتي محمد بن زايد يستغل أزمة مصر الاقتصادي والمالية، ويضغط من أجل التعجيل في إنهاء عمليات الخصخصة التي ستفضي إلى أيلولة عدد من الشركات والأصول المصرية المهمة والحساسة إلى أبو ظبي، ومن هذه المواقع أصول وشركات تابعة للجيش تكاد تصل إلى 30% من جملة قائمة الأطماع الإماراتية.

وصندوق النقد الدولي اشترط أيضا خصخصة الشركات الحكومية وأبرزها شركات تابعة للجيش، وتخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد بما يضر بمبدأ تكافؤ الفرص مع القطاع الخاص قبل الموافقة على القرض الرابع الذي تم الاتفاق عليه الخميس 27 أكتوبر2022م.

في المقابل تماطل المؤسسة العسكرية في القبول بسياسة خصخصة بعض شركات الجيش، وتصر على عدم التفريط فيما تراه امتيازات حصرية لها اكتسبتها على مدار العقود  الماضية، وأن هذا العرق «عرق الجيش بحسب توصيف اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، في 27 مارس 2012م»، ليس من السهولة بمكان التفريط فيه لأي جهة حتى لو كانت وطنية أو عربية تحت لافتة الخصخصة لمساعدة الجنرال السيسي في أزمته المالية التي تعصف به وتهدد استقرار النظام الذي تعتبر المؤسسة العسكرية هي محوره وأساسه وركيزته الأساسية.

وحتى يتجنب السيسي الوقوع تحت الضغوط المتضادة والمتعددة في ظل الحاجة الماسة للسيولة الدولارية للتعامل مع الاحتياجات الملحة التي تفرض نفسها في الوقت الراهن، وفي مقدمتها تراجع المخزون السلعي لعدد من المحاصيل الاستراتيجية نتيجة تراجع السيولة الدولارية؛ فتح السيسي خطوط اتصال مع 4 أطراف خليجية، من أجل وضع كل طرف وديعة دولارية تقدر بنحو “2.5” مليار دولار، بخلاف مسار المفاوضات الجارية بشأن الاستحواذات الاستثمارية من جانب الصناديق الخليجية على عدد من الشركات المصرية”.

لكن القاهرة تلقت ردوداً سلبية من كل من السعودية والإمارات بشأن المطلب الخاص بتقديم ودائع، مؤكدتين استعدادهما للانخراط الجاد في أي مفاوضات بشأن استحواذات جديدة تطرحها القاهرة. وقدمت الإمارات تصورا بعيداً عن الفرص المطروحة من الجانب المصري، مثلت فيه استثمارات تابعة للقوات المسلحة بشكل مباشر، 30 في المائة”.[[1]]

ولعل هذا ما يفسر هجوم عمرو أديب على الجيش وسيطرته على الاقتصاد المصري في برنامجه على قناة “أم بي سي مصر” المملوكة للمخابرات السعودية في “24” أكتوبر 2022مك أكت.[[2]]

لكن مساعي الجنرال باءت بالفشل وبات مجبورا  على  الإذعان الكامل لإملاءات وشروط صندوق النقد الدولي حتى لو كانت على حساب «عرق الجيش» وشركاته وإمبراطوريته الاقتصادية المترامية الأطراف.

فقد تفاوضت حكومة السيسي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، لكن الصندوق رفض منح القاهرة أكثر من 3 مليارات دولار فقط، إلى جانب تسهيل التفاوض حول مليار رابع بخلاف تسهيلات باقتراض خمسة مليارات أخرى من مؤسسات تمويل دولية أخرى، بما يعني أن حزمة التمويل سوف تصل إلى 9 مليارات دولار لمدة أربع سنوات.

ورغم ضآلة القرض إلا أن الصندوق وضع شروطه الخاصة:[[3]]

أولها، تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل، وقد أذعن النظام للشرط الأول وقام بتحرير سعر الصرف فعليا  مرتين في سنة 2022م؛ الأولى كانت في مارس والثانية في أكتوبر، بخلاف (التعويم بالتنقيط) الذي استمر عدة شهور بين التعويمين حتى انخفض الجنيه من 15.7 في مارس إلى 23.2 في نهاية أكتوبر 2022م، بنسبة تراجع تصل إلى 48%!

ثاني الشروط، (الخصخصة)، وتخارج الدولة من إدارة عدة قطاعات اقتصادية حيوية وحساسة؛ وأبرزها خصخصة بعض شركات الجيش.

وقد أذعن السيسي لهذا الشرط أيضا، فقد أعلن في حفل إفطار الأسرة المصرية في 26 إبريل 2022م، عن تكليف الحكومة بالبدء في طرح حصص من شركات مملوكة للدولة في البورصة وطرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الحالي، والإعلان عن برنامج بمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة، بمستهدف 10 مليارات دولار سنويا ولمدة 4 سنوات، بمعنى أن برنامج الخصخصة الجديد الهدف منه در نحو 40 مليار دولار على مدار أربع سنوات. [[4]]

في مؤتمر صحافي الأحد 15 مايو 2022م، للكشف عن رؤية الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن طرح مجموعة من الشركات التابعة للقطاع العام (الحكومي) في البورصة المصرية، من بينها 10 شركات لقطاع الأعمال العام، وشركتان تابعتان للقوات المسلحة (الجيش)، مدعياً أن 91% من الدين الخارجي لمصر هي ديون متوسطة وطويلة الأجل، ولا تمثل ضغطاً على الموازنة العامة للدولة.

وتحدث مدبولي عن دمج أكبر سبعة موانئ في شركة واحدة وطرحها في البورصة، وكذلك الحال مع عدد من الفنادق المملوكة للدولة، بالإضافة إلى طرح مشروعات النقل الحديث، وعلى رأسها مشروعا المونوريل والقطار السريع، في البورصة.

جاء ذلك في سياق أكبر من إطلاق ما يشبه مرحلة جديدة من الخصخصة، ستتضح ملامحها في خطة قال مدبولي إنها ستُعلن قريبًا لتمثل «وثيقة ملكية الدولة» التي ستحدد قطاعات اقتصادية كاملة تنوي الدولة التخارج منها لصالح القطاع الخاص، بالإضافة إلى قطاعات أخرى تنوي تقليص ملكيتها فيها، ومجموعة ثالثة من القطاعات التي تنوي الاستمرار فيها، خلال ثلاث سنوات.[[5]]

وكشف مدبولي أن حكومته انتهت من تقييم ما يمثل 9.1 مليار دولار من أصل عشرة مليارات دولار، تمثل قيمة الأًصول المملوكة للدولة التي تنوي طرحها في أول سنة ، وأن حكومته تعمل الآن على تقييم أصول جديدة تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار.

ثالثا الشروط، تقليص الدعم، وهو ما عارضه النظام استنادا إلى تقديرات موقف أجهزته الأمنية التي تخشى من أن يفضي تقليص الدعم في ظل هذه الأوضاع إلى فوضى واحتجاجات قد تخرج عن السيطرة.

لكن النظام في  النهاية أذعن لهذا الشرط على أساس أن تحرير سعر الصرف سوف يفضي تلقائيا إلى تآكل مخصصات الدعم مقارنة بحجم مصروفات الموازنة أو إيرادتها.

ولاننسى أن الحكومة كانت قد رفعت أسعار سلع التموين على البطاقات المدعمة أربع مرات في سنة 2022م (يناير ـ مارس ـ إبريل ـ سبتمبر)؛ بمعنى أن سلع التموين المدعم ارتفعت بنسبة 50% عما كانت عليه السنة الماضية “2021” مع ثبات قيمة الدعم عند 50 جنيهاً لأول 4 أفراد مقيدين على البطاقة، و25 جنيهاً للفرد الخامس.

علاوة على ذلك فإن الرسمية الأرقام تؤكد أن حجم الدعم (90 مليارا لدعم الخبز والغذاء) يمثل 2.9% فقط من حجم إنفاق الموازنة المصرية والبالغ ثلاثة تريليونات و66 مليار جنيه؛ فقد جاءت مخصصات الدعم التمويني بالموازنة الحالية (2022/2023) مماثلة إلى حد كبير لما كانت عليه في العام الماضي بزيادة 2.8 مليار جنيه، والتي تتضمن دعم الخبز، والسلع الغذائية التي يتم توزيعها على البطاقات التموينية والتي يستفيد منها 63.3 مليون مواطن، مقابل 103 ملايين هم مجمل السكان.

وهكذا بلغت مخصصات الدعم التمويني شاملا الخبز وسلع البطاقات في الموازنة 90 مليار جنيه فقط، وهو ما يمثل نسبة 25 في المائة من مجمل مخصصات الدعم في الموازنة الجديدة والبالغ 356 مليار جنيه، وباقي المبلغ يذهب إلى الأثرياء.

 

السيسي بين الجيش وابن زايد

أولا، بحسب موقع الاستخبارات الفرنسي «AfricaIntelligence»، في تقرير له الأربعاء 19 أكتوبر 2022م،  فإن السيسي يجد نفسه في حيرة بين  الاستجابة لطلبات الرئيس الإماراتي الذي يحثه على الإسراع ببيع أصول الدولة للمستثمرين الإماراتيين، وقلق قيادات الجيش المصري الذين عبروا عن ارتيابهم من إجراءات الخصخصة على النحو الذي يعزز الوجود الإماراتي في مواقع استراتيجية مهمة كمنطقة قناة السويس التي يمر بها نحو 12% من التجارة العالمية سنويا.[[6]]

ويؤكد الموقع الاستخباراتي الفرنسي أن هذه الخلافات بشأن منطقة قناة السويس تأتي في موضع بارز من حرب التوترات هذه؛ فاللواءات المصريون لا ينظرون بارتياح للتحمُّس الذي تبديه الإمارات في السباق بين دول الخليج على تأمين استثمارات لنفسها على ضفاف قناة السويس.

ثانيا، أبو ظبي تستهدف ـ حسب الموقع الفرنسي ـ الاستحواذ على “الشركة الوطنية للبترول”؛ لأن الشركة  تملك أصولاً من الأراضي في منطقة شرق دلتا النيل، بالقرب من قناة السويس، ومن ثم، فإن بيع الشركة يمكِّن هيئة الإمارات للاستثمار، أي صندوق الثروة السيادي لدولة الإمارات، من أن يستحوذ استحواذاً مباشراً على أصول تقع على ضفاف القناة.

وهو ما يعزز الوجود الإماراتي على ضفتي القناة بعدما سيطرت أبو ظبي على ميناء العين السخنة في صفقة مريبة سنة 2018م. ويشير الموقع الفرنسي إلى أن أبو ظبي ترى في قناة السويس ركناً أساسياً في خطة تنمية التجارة البحرية التي تتمحور حولها استراتيجية الدولة الخليجية للخروج من عصر الاعتماد على النفط. كما  يضع  بن زايد عينه على «جزيرة الوراق» الواقعة في قلب النيل بين الجيزة والقاهرة، والتي تعمل الحكومة على طرد سكانها لإغراء المطورين العقاريين بالاستثمار فيها.

ويحتاج السيسي إلى موافقة الجيش على استحواذ الإماراتيين على الجزيرة؛ لأن السيسي كان قد أصدر مرسوما رئاسياً منح به القوات المسلحة ملكية عشرات الجزر على النيل، منها جزيرة الوراق. كما يتطلع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد أيضاً إلى الاستحواذ على قطعة أرض تقع عليها ناطحة سحاب تابعة لوزارة الخارجية المصرية على ضفاف نهر النيل، ومن المقرر إخلاؤها بعد الانتقال إلى العاصمة الجديدة في موعد لم يُعلن عنه بعد.

 

موقف الجيش

السيسي من جانبه لا يجرؤ على رفع عينه في عيون الإماراتيين؛ فصاحب اليد السفلى دائما ذليل؛ أما قيادات جهاز المخابرات العامة، فيرون أن تزايد نفوذ الإمارات على هذا النحو يمثل تهديداً للسيادة المصرية في منطقة استراتيجية شديدة الحساسية، علاوة على أن القناة أحد مصادر الدخل الرئيسية في البلاد، فقد بلغت رسوم عبورها العام الماضي أكثر من 7 مليارات دولار.

أما المؤسسة العسكرية فإن السيسي جدد خلال الشهور الماضية محاولاته لإقناعها بضرورة التنازل عن بعض الأصول المملوكة لها وبيعها لدول خليجية، في محاولة للخروج من الأزمة السياسية التي تحيط بالنظام الحاكم في مصر نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.

وكانت آخر تصريحات السيسي بهذا الشأن في الجلسة الختامية لـ(المؤتمر الاقتصادية.. مصر 2022) التي نظمت في الثلاثاء 25 أكتوبر 2022م؛ إذ قال السيسي: «أقول لكل الناس إن جميع شركات الدولة مطروحة للقطاع الخاص، بما فيها شركات الجيش، وهذه فرصة للكل، نحن نريد القطاع الخاص معنا في جميع المشروعات».[[7]]

كما يطالب السيسي المؤسسة العسكرية بإسناد الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنك المركزي، والذي أصبح مهدداً بسبب عجز الموازنة الناتج عن ارتفاع أسعار الحبوب والمواد البترولية عالمياً، وهي السلع التي تستورد منها مصر كميات كبيرة.

تقديرات الموقف داخل المؤسسة العسكرية متباينة؛ وإذا كان هناك فريق يؤيد السيسي على طول الخط، فإن هناك فريقا آخر لا يظهر ذات الحماسة لتوجهات النظام وسياساته الاقتصادية والاجتماعية؛ وثمة مخاوف من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية المتردية  والإذعان الكامل لشروط وإملاءات صندوق النقد الدولي من انفلات سعر الدولار بشكل يضر بالملايين، بالإضافة إلى شرط الإسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة، وتفكيك الهيئات الاقتصادية الحكومية وإعادة هيكلتها وطرحها للبيع، ما قد يضر بالكثير من الموظفين أيضاً.

وتقديرات الموقف التي رفعتها الأجهزة الأمنية إلى مكتب السيسي تحذر من عواقب الإذعان الكامل لشروط صندوق النقد، كما تخشى أيضا من  اقتناع الكثيرين بأن “سياسة الإصلاح الاقتصادي”، التي وضعها الصندوق وروّج لها النظام على مدار السنوات الماضية، أدت إلى زيادة الفقر وسوء توزيع الدخل وانعدام المساواة، على الرغم من محاولات النظام تحسين صورته الشكلية ببرامج اجتماعية مثل “تكافل وكرامة وحياة كريمة”.

والأهم أن هناك اقتناعاً داخل القوات المسلحة وأجهزة سيادية بالدولة بأن نتيجة القرض الجديد ستكون مزيداً من إفقار المواطنين، لا سيما الطبقة الوسطى منهم والفقراء. في ذات الوقت فإن هناك حالة من القلق تسود المؤسسة العسكرية مع تصاعد حدة الأزمة، خوفاً من أن تتحول إلى تظاهرات غضب جماهيرية يصعب التعامل معها، وقد تؤدي إلى انهيار النظام”.[[8]]

 

لماذا يتلكأ الجيش؟

برصد مواقف الجيش خلال السنوات الماضية، لا سيما من الإعلان عن خصخصة بعض شركاته وطرحها في البورصة وهو الإعلان الذي جاء على لسان السيسي -خلال افتتاح مصنعين تابعين لوزارة الإنتاج الحربي- في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019م. ثم في ديسمبر 2020 أعلنت وزيرة التخطيط هالة السعيد تسمية شركتي “وطنية” لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، والشركة الوطنية للمشروعات الإنتاجية “صافي”، التابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش، تمهيدا للطرح بالبورصة؛  نجد أن الجيش غير متحمس لهذه السياسات.

هذه الخطوة (طرح بعض شركات الجيش في البورصة) جرى تفسيرها بأمرين:

  • الأول، أنها إذعان من جانب النظام لشروط صندوق النقد الدولي الذي يطالب بتخفيف وجود المؤسسات الحكومية -خاصة الجيش- في النشاط الاقتصادي.
  • الثاني، أنها محاولة لحفظ سمعة القوات المسلحة من الانتقادات التي تكررت مؤخرا على الصعيد الاقتصادي، بدخوله منافسة غير عادلة مع القطاع الخاص.

وكانت وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأميركية، أشارت في يونيو/حزيران 2021، إلى تنافس بين شركة من الإمارات وأخرى سعودية للفوز بعقد استثماري في أول شركة مصرية مملوكة للجيش تُعرض على المستثمرين. وأوضحت الوكالة أن الشركة التي ستفوز في المزايدة، ستشترك مع صندوق الثروة السيادي المصري في الحصول على ملكية مشتركة كاملة لشركة “الوطنية” للبترول.

ووفق بلومبيرغ، فإن شركة “بترومين” (Petromin) وشركة “بترول الإمارات” الوطنية -المملوكة بالكامل لحكومة دبي- وشركة “أدنوك” (Adnoc) التي تضخ تقريبا كل النفط في دولة الإمارات وتعد ثالث أكبر منتج للنفط بمنظمة أوبك، وشركة الطاقة العربية، وهي شركة مصرية خاصة لتوزيع الطاقة؛ دخلت كلها في سباق مزايدة كان من المُتوقع أن ينتهى قبل نهاية 2021م.[[9]]

لكن شيئا من ذلك لم يحدث رغم مرور ثلاث سنوات على إعلان السيسي طرح شركات تابعة للجيش في البورصة؛ وهو ما يجري تفسيره بأنه تعبير عن رفض المؤسسة العسكرية التفريط في هذه الشركات المربحة للغاية. لكن رئيس الوزراء أعلن في يوليو الماضي (2022) عن قرب طرح هذه الشركات في البورصة.

 

قيمة اقتصاد الجيش

هناك تباين في تقدير نسبة هيمنة الجيش على الاقتصاد  المصري؛ فبينما يقدرها مصطفى مدبولي رئيس الحكومة بـ(1%) فقط. يرتفع بها السيسي  إلى (3%)، لكن جهات أخرى تصل بهذه النسبة إلى نحو 60% من نسبة الاقتصاد المصري؛ استنادا إلى أن الجيش ومنذ اتفاق كامب ديفيد سنة 1979م، كون إمبراطورية اقتصادية مترامية الأطراف؛ فالسادات من أجل إقناع الجيش باتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني بدعوى التسوية السلمية للصراع، أصدر سنة 1977 قرارا جمهوريا منح بمقتضاه حق امتياز إدارة جميع الأراضي غير الزراعية وغير المستثمرة للجيش، وهو القرار الذي جعل المؤسسة العسكرية أكبر قيِّم على الأراضي المصرية، وذكرت تقديرات أنها تصل إلى 87% من مساحة البلاد.[[10]]

بينما يقدرها آخرون بأكثر من ذلك؛ لذلك كان انقلاب 03 يوليو في بعض أسبابه مدفوعا بحماية بيزنس المؤسسة العسكرية سواء فيما يتعلق بسرية موازنة الجيش التي تكتب رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة دون أي مراقبة من أي جهة، أو بالنسبة لشركات الجيش ومشروعاته والتي تقدر بين (40 إلى 60%) من جملة الاقتصاد المصري، وهي المشروعات التي تجاوزت حدود الاقتصاد الموجه لخدمة وحدات الجيش في أوقات السلم والحرب والتي لا اعتراض عليها مطلقا ما دامت تعزز من قدرة المؤسسة العسكرية على توفير احتياجاتها، إلى احتكار كل مفاصل الاقتصادي المدني المصري، وامتدت بنفوذها إلى السيطرة المطلقة على معظم  أوجه النشاط التجاري والاقتصادي.

وقد رأى الجنرالات أن الثورة والمسار الديمقراطي يمثلان تهديدا مباشرا لهذه الإمبراطورية، وقد أكد اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، في  مؤتمر صحفي عقد يوم 27 مارس 2012م، عن هذه المخاوف مشددا بعبارات تهديد  «أموال الجيش ليست من أموال الدولة ولن نسمح للدولة بالتدخل فيها؛ لأنها ستخربها وسنقاتل دفاعاً عن مشروعاتنا، وهذه معركة لن نتركها، والعرق الذي ظللنا 30 سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح لغيرنا أياً كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة».

وهناك 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات، وفق تقديرات البنك الدولي. ويسيطر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للمؤسسة العسكرية على 32 شركة، تم إنشاء ثلثها بعد عام 2015، وفق تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times). ويملك الجيش 51% من أصول شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقع على بعد 60 كيلومترا شرقي القاهرة، وتقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار.

وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بعثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” (Human Rights Watch) و”مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” و”مبادرة الحرية”؛ برسالة إلى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، داعية إياه إلى أن يطلب من الحكومة المصرية الكشف عن المعلومات المالية حول الشركات المملوكة للجيش كجزء من التقارير المطلوبة عن الشركات التي تملكها الدولة.[[11]]

 

سيناريوهات محتملة

كان السيسي يعول كثيرا على طرح مجموعة من الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية في البورصة، في ظل اهتمام بالغ من جانب الصناديق الخليجية بهذه الفئة من الشركات. لكن خلافاً وتبايناً كبيراً وقع بين قادة المؤسسة العسكرية، والقيادة السياسية المصرية، بشأن خطوة طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة، ما أدى لتأجيل تلك الخطوة التي كان مقرراً أن تكون أولى حلقاتها نهاية سبتمبر/أيلول الماضي(2021)، ما أثر سلباً على حجم العوائد الدولارية التي كان يعوّل عليها السيسي  في المفاوضات مع صندوق النقد”.

والمشاورات الجارية بين المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية، بشأن تحريك المشهد الاقتصادي لاسترضاء صندوق النقد الدولي وجهات التمويل الدولية، لا تزال مستمرة وسط تمسك من جانب قادة المؤسسة العسكرية بجعل تلك الخطوة آخر الحلول، وعقب نفاد كل الحلول الأخرى.

أما قادة القوات المسلحة المعنيين بهذا الملف، فينظرون إلى الكثير من الامتيازات الاقتصادية التي تم سحبها منهم أخيراً لصالح جهات سيادية أخرى، وأنه في الوقت الذي يتم فيه الضغط على القطاع الاقتصادي للقوات المسلحة، يسحب الكثير من امتيازاتهم لصالح جهات أخرى بدلاً من تعويضها”.

على كل حال، لا يمكن توقع ردود فعل الجيش على هذه السياسات التي يتبناها السيسي؛ لأن تركيبة الجيش مبنية منذ تأسيسه في عهد محمد علي باشا على يد سليمان باشا الفرنساوي على قواعد صارمة تجعل من المستحيل أن يدلي الجنرالات الكبار بأي شيء يمس السياسة العامة للدولة بما يخالف توجهات النظام الرسمية؛ فالجيش في مصر على الدوام هو سيف الحاكم وخادمه ما دام هذا الحاكم ينتمي إلى المؤسسة العسكرية.

إضافة إلى ذلك فإن القوى الخارجية لاسيما الأمريكية والأوروبية ستواصل الدعم لنظام السيسي، ولكن هذه القوى لاسيما الغربية تواجه إشكالية بسبب الظروف التي مرت بها بسبب جائحة كورونا واضطرارها إلى دعم اقتصاداتها المحلية وحاجتها للتعامل مع الآثار المترتبة على الحرب الأوكرانية.

وحول إمكانية استمرار نظام السيسي في الحكم، فإن رغم القوة الظاهرة للنظام وقبضته المشددة إلا أن الائتلاف الحاكم يعاني من الهشاشة وهو ائتلاف يضم الرئاسة من جهة وحلفائه من جهة أخرى وهم القوات المسلحة، وهي شريك وليست فقط تابعا له، ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بشكل خاص، التي لها درجة من الاستقلالية من أجل مصالحها، فضلا عن كبار المدراء في الدولة مثل القضاء والشركات الكبرى التي لها مصالح خاصة.

«هذا الائتلاف الحاكم  ــ وفقا للمحلل السياس يزيد الصايغ ــ نجح منذ الانقلاب في تفريغ وتجفيف الساحة السياسية كليا من كل القوى سواء كانت حزبية أو نقابية أو طبقية أو اجتماعية، كالأحزاب ورجال الأعمال والشرائح العمالية”، كما أن البرلمان المصري أصبح  عبارة عن “دمية متحركة».

ويفسر ذلك أنه «عبر التاريخ، أي نظام شمولي أو سلطوي في العالم يحتاج دائما إلى حلفاء في المجتمع مثلما كان الحال مع ستالين أو هتلر أو صدام حسين مع الاختلافات الكبيرة بينهم». وينتهي إلى أن «المشكلة في مصر أن عملية تفريغ المشهد السياسي من أي قوى ذات مصداقية لا تعتمد على الدولة ولا على الرئيس بشكل زبائني أو نفعي، حتى الأحزاب التي كان يتفق معها السيسي لم يعد لها مكان فعلي، ما يعني استحالة أي انتقال سلمي للسلطة، حتى إلى المتعاونين مع النظام».

وبالتالي فهذه هي السيناريوهات المحتملة:

الأول، إذعان المؤسسة العسكرية وانصياعها الكامل لسياسات النظام حتى لو فرض شروطه عليها بخصخصة بعض شركاتها وطرحها في البورصة لمستثمرين خليجيين أو مصريين.

الثاني، هو التلكؤ في الاستجابة لرغبات النظام والمماطلة في طرح هذه الشركات إلا في إطار صفقة تضمن تعويض الجيش عن الشركات التي سيطرحها في البورصة حسب رغبة النظام.

الثالث، هو الصدام مع السيسي، ورفض توجهاته؛ لا سيما وأن هناك شبه إجماع داخل المؤسسة العسكرية أن المسار الحالي قد فشل بالفعل والتمادي في حالة الإنكار سوف يؤدي إلى مزيد من النزيف بما يجعل القدرة على معالجة هذ الأوضاع لاحقا شديد الصعوبة، وأن كل يوم يبقاه السيسي في الحكم هو مزيد من النزيف والخسائر.

المرجح بين هذه السيناريوهات في ظل المعطيات الحالية هو السيناريو الثاني، (التلكؤ في الاستجابة لرغبات النظام وعدم التفريط في شركات الجيش إلا في إطار صفقة تضمن تعويض المؤسسة العسكرية عن كل ما ستتنازل عنه).

ولكن يبقى التساؤل المهم: وهل يمكن أن تدخل المؤسسة العسكرية في صدام مع السيسي وتنقلب عليه وتطيح به إذا رأت في بقائه تهديدا لها ولمصالح جنرالاتها؟

يحب قادة المؤسسة العسكرية على الدوام التأكيد على أن الجيش مؤسسة وطنية ليس من أخلاقياتها تدبير الانقلابات العسكرية؛ لكن الحقيقة أن هذه ترهات وأكاذيب؛ لأن المؤسسة العسكرية تحكم مصر منذ عقود بالحديد والنار بانقلاب عسكري في 23 يوليو 1952م، وللتخفيف من حدة الوصف (انقلاب عسكري) جرى تسمية ما جرى بالحركة المباركة، للتغطية على الجريمة، ثم أطلقوا عليها (ثورة 23 يوليو)، مجازا أو سطوا للمعنى واغتصابا له؛ لأن الجيوش تقوم بانقلابات، بينما الشعوب هي من تقوم بالثورات.

وعندما ثار الشعب على حكم الجيش في 25 يناير 2011م، دبر الجيش انقلابا  جديدا أكثر وحشية وإجراما؛ ليسترد به الحكم والسلطة، ويعيد فرض وصايته على الشعب والأمة كلها.

وبالتالي فإن الجيش ممثلا في كبار قادته على استعداد لفعل أي شيء إذا وجد هؤلاء أن بقاء السيسي يمثل تهديدا لمصالحهم ومصالح المؤسسة.

قد يقول قائل: لكن فاروق ومرسي لم يكونا من أبناء المؤسسة كالسيسي؟ ا طأ أط

هذا صحيح، لكن أصحاب هذا الرأي يتجاهلون أن الجيش قد انقلب على أول رئيس للجمهورية بعد 23 يوليو وهو اللواء محمد نجيب، ابن المؤسسة وقائد الثورة الذي تغطي به الضباط الصغار، وتم وضعه سنة 1954 رهن الإقامة الجبرية.

كما تصارع قادة المؤسسة على الحكم وقتل بعضهم بعضا؛ كما جرى بين عبدالناصر وعبدالحكيم عامر بعد هزيمة يونيو 1967م، وكاد يحدث انقلاب عسكري على السادات في بدايات حكمه من جانب ما أسماها “مراكز القوى” لولا أنه سبقهم بخطوة واعتقل المتورطين جميعا في هذا المخطط (ثورة التصحيح 1971)، ثم تم اغتيال السادات على يد ضابط بالجيش في مشهد مريب قد تكون بعض أجنحة الجيش والمخابرات متورطة في هذه الجريمة بالتواطؤ على أقل تقدير، ويرى البعض أن الجيش انقلب على مبارك أثناء ثورة 25 يناير، وأن الجيش استغل ثورة الجماهير للإطاحة به عندما رأي الجيش أن الانحياز لمبارك يمثل تهديدا لمصالحه وإمبراطورتيه الاقتصادية، ولولا تدخل الجيش ـ بحسب هؤلاء ـ لما تم الإطاحة بمبارك؛ فهل يعز على الجيش أن يطيح بالسيسي إذا وجد في بقائه  تهديدا لمصالحه؟!

ويجب ألا ننسى في خضم هذا النقاش، أن المؤسسة العسكرية وفقا لتعديلات 2019 على الدستور بات من صلاحيتها الإطاحة بأي نظام سياسي إذا رأت أن هذا النظام يهدد المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها؛ حيث تنص المادة (200) على أن «القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد، والدولة وحدها هى التى تُنشئ هذه القوات، ويحظر على أى فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية».

وهو النص الذي يقنن فعليا  أي انقلاب عسكري قادم. وما يقوم به السيسي اليوم من إغراق البلاد في مستنقع الديون وعدم القدرة على إدارة البلاد على نحو صحيح، والعجز عن حماية أمنها القومي ممثلا في الأمن المائي وأزمة سد النهضة؛ فإن هذا أكبر تهديد  للمقومات الأساسية للدولة ومدنيتها. علاوة على ذلك فإن الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي تضمن فقرة مستفزة نصها «(سيلعب شركاء مصر الدوليون والإقليميون دورا حاسما، في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها»؛ ما يؤكد أن مصر باتت تحت وصابة صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليون والإقليميون.[[12]]

فالمادة (200) من الدستور جعلت الجيش فعليا شريكا في الحكم ومهيمنا بل وصيا على النظام السياسي. وبالتالي فالجيش لا يحتاج إلى غطاء شعبي ليتحرك ضد السيسي إذا أراد قادته ذلك؛ لأن الغطاء الدستوري كاف للغاية، والوضع الراهن سيجعل الترحيب بهذه  الخطوة كبيرا قد تسترد به المؤسسة العسكرية بعض شعبيتها التي تآكلت.  وبينما يرى المحلل السياسي يزيد الصايغ، في مداخلة على قناة “مكملين” مساء السبت 18 يونيو 2022م، أن  مشكلات مصر المستعصية لا سيما في الملف الاقتصادي قد تجبر المؤسسة العسكرية على الانسحاب من المشهد السياسي والتخلي عن السلطة. [[13]]

إلا أن تجارب حكم الجيش تؤكد أن هذا سيناريو قد يكون مستبعدا؛ ولكن هل يقبل الشعب بجنرال جديد أقل فشلا واستبدادا وطغيانا من السيسي؟! أم أن الأوضاع آلت إلى نقطة حرجة لم يعد ينفع معها سوى الصدق ورد السيادة للشعب صاحب السلطة الحقيقي يفوضها لمن يشاء وفق آليات دستورية وديمقراطية حقيقية وليست مزيفة؟!

 

 

 

______________________________

[1] مصر: محاولات لإقناع المؤسسة العسكرية ببيع بعض الأصول/ العربي الجديد ـ 14 أكتوبر 2022// إبعاد الجيش عن الاقتصاد والغضب الشعبي .. خبير اقتصادي يكشف لـ«رصد» أسباب تعثر قرض صندوق النقد/ شبكة رصد ــ الخميس، 6 أكتوبر 2022

[2] https://www.youtube.com/watch?v=qhlt02eID9U

[3] «صندوق النقد» يجدد مطالبته لمصر بمرونة أكبر في سعر الصرف وتحجيم دور الدولة في الاقتصاد/ مدى مصر ــ الأربعاء 27 يوليو 2022م

 

[4] تم  استقاء هذه الأرقام والتصريحات من مانشيت الأهرام : انظر إسماعيل جمعة/ وطن يتسع للجميع.. الرئيس خلال حفل إفطار الأسرة المصرية: عهدى معكم دائما الصدق والإخلاص فى العمل والتجرد من أجل الوطن/ الأهرام اليومي ــ الأربعاء 26 من رمضان 1443 هــ 27 أبريل 2022 السنة 146 العدد 49450

 

[5] بيسان كساب/ موانئ ومشروعات نقل وفنادق وشركات.. الحكومة تعلن خطتها لبيع ممتلكاتها/ مدى مصر ــ الأحد 15 مايو 2022م

[6] الإمارات تضغط للإسراع ببيع أصول الدولة، وقادة الجيش المصري “يرتابون”.. موقع استخباراتي: السيسي في حيرة/ عربي بوست ــ 19 أكتوبر 2022م

 

[7] السيسي: جميع شركات الدولة مطروحة للقطاع الخاص.. ومن يتقاضى أقل من 10 آلاف جنيه لا يستطيع العيش / العربي الجديد ــ 25 أكتوبر 2022

 

[8] مصر: تعثر مفاوضات التمويل يضع الجيش بقلب الأزمة/ العربي الجديد ــ 03 مايو 2022

[9] عمرو جمال/ بعد 3 أعوام من وعد السيسي.. مصر تؤهل لأول مرة شركات تابعة للجيش للطرح في البورصة/ الجزيرة نت ــ 24 يوليو 2022م

[10] المؤسسة العسكرية في عهد السيسي من مالك إلى مستثمر للأراضي ساسة بوست بتاريخ 17/4/2016 

[11] عمرو جمال/ بعد 3 أعوام من وعد السيسي.. مصر تؤهل لأول مرة شركات تابعة للجيش للطرح في البورصة/ الجزيرة نت ــ 24 يوليو 2022م

[12] نص مثير باتفاق صندوق النقد.. هل أصبحت مصر تحت الحماية؟/ “عربي 21” ــ  الجمعة، 28 أكتوبر 2022

[13] يزيد الصايغ يتحدث عن مستقبل حكم السيسي بمصر (شاهد)/ “عربي 21” ــ الثلاثاء، 14 يونيو 2022

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022