إمكانية اندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل بعد عملية مجدل شمس: الدوافع والموانع

تتجه التطورات على الجبهة اللبنانية نحو التصعيد بعد مقتل 12 شخصًا (بينهم أطفال وصغار سن) وإصابة 30 آخرين منهم 7 في حالة حرجة، جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم بمنطقة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وسط اتهامات إسرائيلية لـ”حزب الله” بالوقوف وراء تلك العملية في الوقت الذي نفى فيه الحزب اللبناني تلك الاتهامات[1]. وقد ظهر خطاب إسرائيلي متطرف يطالب بالرد العاجل والانتقامي على تلك العملية التي يعتبرها البعض الأسوأ منذ 7 أكتوبر 2023، في مقابل دعوات اقليمية ودولية للتهدئة، تجنبًا لدخول المنطقة في حالة من الفوضى العارمة حال نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله[2].

أولًا: طبيعة الأوضاع بين حزب الله وإسرائيل قبل عملية مجدل شمس:

في اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر لعام 2023، ومع بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على غزة؛ أعلن حزب الله على لسان قادته أنه سيساند المقاومة في غزة من خلال “إشغال” إسرائيل على الجبهة اللبنانية، ولكن ضمن “قواعد الاشتباك” المحدودة والمنضبطة التي كانت تسود الصراع بين إسرائيل وحزب الله من دون أن تتطور الأحداث إلى حرب شاملة، وقد ربط حزب الله وقف الحرب مع إسرائيل بإنهاء الأخيرة عدوانها على غزة. انطلق حزب الله من موقفه التضامني مع غزة من عدة اعتبارات:

  1. وحدة الساحات بين فصائل المقاومة ضد إسرائيل، والتضامن البديهي مع القضية الفلسطينية.
  2. إشغال الجبهة الشمالية لإسرائيل بما يضمن نشر الجيش الإسرائيلي لثلث قوته على الحدود مع لبنان، كما بشل المنطقة الشمالية في إسرائيل، بما يخفف من الضغوط على جبهة غزة.
  3. منع تفسير إسرائيل لهدوء الجبهة اللبنانية على أنه ضعف فتبادر فور الانتهاء من حرب غزة وربما قبل انتهائها إلى التفرغ للجبهة اللبنانية ومحاولة تصفية حزب الله بالكامل، وبالتالي اختار حزب الله الدخول في حرب استباقية تلحق أضرارًا بإسرائيل وتجعلها تفكر مليًا قبل أن تحاول فتح الحرب على لبنان.

وعلى هذا الأساس كانت الجبهة اللبنانية تشتعل منذ بداية الحرب على غزة. وقد أسفر المشهد عن الخلاصات التالية:

  1. إشغال ثلث الجيش الإسرائيلي عن المشاركة في عمليات غزة.
  2. إخلاء حوالي 43 مستوطنة، ومغادرة أكثر من 200 ألف إسرائيلي قراهم على الحدود هربًا من قصف حزب الله.
  3. شل النشاط الصناعي والزراعي والتعليمي على امتداد الحدود داخل إسرائيل وبعمق لا يقل عن خمسة كيلومترات.
  4. إلحاق خسائر مادية وبشرية واقتصادية وسياحية غير مسبوقة بتلك المناطق[3].

ولكن مشاركة حزب الله واجهت عدة انتقادات بدعوي أنها لم تكن علي مستوي الحدث وحجم الإبادة التي يشهدها قطاع غزة، وهذه الانتقادات مردود عليها؛ إذا ما نظرنا إلي حجم التحديات التي واجهها الحزب من أجل المشاركة في هذه الحرب، والتي تمثلت أبرزها في:

التحدي الأول: هو الخوف من ألا تلتزم إسرائيل بشروط حزب الله في ألا توقف هي الحرب مع لبنان حتى لو توقفت الحرب في غزة، وحينها سيكون حزب الله أمام معضلة توسع نطاق الحرب وتهديد إسرائيل بتدمير لبنان على غرار ما فعلت بغزة. لذلك فإن حزب الله كان حذرًا جدًا في طبيعة المعركة التي يخوضها، فهو يعلن مساندته لغزة بالدم (حتى الآن أكثر من 400 مقاتل سقطوا في المعارك مع إسرائيل في جبهة الجنوب) فضلًا عن تدمير أجزاء واسعة من القرى الحدودية بالقصف والغارات الإسرائيلية وهجرة سكانها وتضرر القطاعين (الصناعي، والزراعي)؛ لذا فإن حزب الله حريص على الالتزام بقواعد الاشتباك المحدودة، على الرغم أن إسرائيل قد وسعت بعض الشيء هذه القواعد، وبالتالي عدم الانجرار إلى حرب مفتوحة.

والثاني: هو معارضة فئات من اللبنانيين لانخراط حزب الله في الحرب مع إسرائيل بسبب غزة. فعلى الرغم من أن الحكومة اللبنانية لم تتخذ قرارًا بتحريك الجبهة اللبنانية مساندة لغزة فإن رئيس الحكومة “نجيب ميقاتي” قد منح غطاءً شرعيًا لعمليات حزب الله بالقول إنه “لا يمكن وقف الحرب في جنوب لبنان من دون وقف الحرب على غزة”. وكان في جانب من موقفه يعلن ضمنًا أن الطائفة السنية، تسجل موقفًا للتاريخ بأنها مساندة لغزة، في مرحلة عصيبة جدًا من تاريخها، من خلال عدم الاعتراض على عمليات حزب الله[4]. ومن جهة أخري عزز الحزب من تحالفه مع ظهير سني يتمثل بالجماعة الإسلامية التي شكلت ما يعرف بقوات “الفجر” العسكرية لمؤازرة حزب الله في حربه في الجنوب. وهو تحالف ذو دلالة عسكرية متدنية ولكن دلالته السياسية كبيرة ويوفر لحزب الله غطاء من الدعم السني، ويبرهن أن المعركة في الجنوب هي معركة وطنية وليست معركة شيعية فقط[5]. كذلك فإن موقف الطائفة الدرزية من خلال أبرز زعمائها “وليد جنبلاط” كان متفهمًا لما يجري في الجنوب.

ولكن في المقابل واجه الحزب اعتراضات كبيرة علي مشاركته في حرب غزة من قبل الطوائف المسيحية عبر كتلتيهما الكبريين: القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، ولسان حالهم أنه ليس هناك قرار صدر عن الحكومة بمساندة جبهة غزة وأن حزب الله ليس هو من يقرر موعد الحرب ومكانها[6].

وترجع هذه الاعتراضات بالأساس إلي أن تحالف حزب الله مع التيار الوطني الحر كان قد شابهه العديد من العثرات قبل نشوب الحرب على خلفية اختلاف تفضيلات الطرفين حول الانتخابات الرئاسية. فحزب الله سبق ودعم بقوة صعود العماد ميشال عون للرئاسة في عام 2016 فيما يشبه دعم تذكرة صعود لمرة واحدة فقط، على أن يكون الدعم في المرة المقبلة لحليفه المسيحي الآخر سليمان فرنجية زعيم تيار المردة. بينما أراد التيار الوطني الحر أن يكون التحالف الذي جمعه بحزب الله منذ اتفاق “مار مخايل”[7] في فبراير عام 2006 بمثابة دعم مدى الحياة للخيارات الرئاسية التي يقدمها التيار الوطني الحر في مقابل دعم هذا الأخير مدى الحياة لخيار المقاومة لحزب الله. وإذ لم يف حزب الله بوعده الأبدي، أخل التيار الوطني الحر بوعده الأبدي هو الآخر وتلكأ في خدمة ترسيخ شعبية المقاومة في الأوساط المسيحية. والحقيقة أن هذه المهمة تبدو شبه مستحيلة مع بروز المعارضة المسيحية التي تمثلها كل من القوات اللبنانية وحزب الكتائب في معارضة استئثار حزب الله بقرار الحرب والسلم واستمرار امتلاك السلاح خارج سلطة الدولة اللبنانية وما أفضى إليه كل ذلك من استدراج لبنان إلى حرب مع إسرائيل في جبهة الجنوب والتخوف من توسيع الجبهة إلى كامل التراب اللبناني[8].

والثالث: تصاعد الضغط الدولي على لبنان، ففتح الجبهة اللبنانية رغم كل مخاطره على لبنان، إنما يشكل عامل ضغط على إسرائيل عسكريًا واقتصاديًا يجعلها تفكر في الجبهة اللبنانية كعامل لوقف الحرب على غزة. لذا يمكن القول إن الحرب على الجبهة اللبنانية لا تعمل لصالح إسرائيل، لذا سارعت الولايات المتحدة الأمريكية فورًا للتدخل بشكل مباشر، فأرسلت حاملتي الطائرات “فورد” و”أيزنهاور” إلى سواحل شرق المتوسط، وبعثت 2000 جندي لتقديم الدعم والمشورة، ودشنت خط إمداد جوي للذخائر والعتاد. كانت رسالة واشنطن أنها حاضرة في الصراع بثقلها لردع كل من تسول له نفسه المشاركة في القتال، وهي رسالة كانت موجهة بالأساس إلي إيران وأذرعها في المنطقة خاصة “حزب الله”[9].

ومن جانب آخر، نشط المبعوثون (الأمريكيون، والفرنسيون، والأمميون) للمجيء إلى لبنان والبحث في سبل وقف الحرب. لم يكن المبعوثون الدوليون يسعون فقط لتخفيف الضغط عن إسرائيل بل أيضًا، وهنا مكمن مهم، من أجل تطبيق القرار 1701 بما يعني ضمنًا سحب البساط من تحت أقدام حزب الله وسحب عناصره إلى منطقة شمال نهر الليطاني، أي أن ما لا تستطيع إسرائيل إنجازه في هذه المرحلة القضاء على خطر تواجد حزب الله على الحدود، سيحاول المبعوثون تحقيقه بالمفاوضات من جهة وبالتهديد بحرب إسرائيلية شاملة على لبنان من جهة أخرى.

لم يعترض حزب الله على هذا المسعى لكنه واجه المبعوثين بأنه:

  1. لا كلام في القرار 1701 قبل انتهاء الحرب على غزة.
  2. انسحاب إسرائيل الكامل من مزارع شبعا والنقاط الـ 13.
  3. التزام إسرائيل الكامل بعدم انتهاك السيادة اللبنانية برًا وبحرًا وجوًا.
  4. ضمانات كاملة بعدم تهديد إسرائيل لبنان[10].

وعلي ضوء ما سبق، يمكن رصد وفهم تطور المواجهة بين حزب الله وإسرائيل التي بدأت بمبادرة من حزب الله عبر شن سلسلة من العمليات المحسوبة التي تستهدف تحصينات وتجهيزات وأفراد جيش الاحتلال في “مزارع شبعا” المحتلة. ثم مع توالي اعتداءات الاحتلال ضد المدنيين في جنوب لبنان بدأ الحزب باستهداف المستوطنات شمال إسرائيل وفق معادلة المدنيين مقابل المدنيين.

كما سمح الحزب للتنظيمات الفلسطينية مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، بشن هجمات محدودة انطلاقًا من جنوب لبنان. كذلك عمل على توسيع نطاق شركائه المحليين في دلالة بأن المقاومة خيار شعبي أوسع من الحزب، فسمح لـ”كتائب الفجر”، الجناح العسكري لـ “الجماعة الإسلامية”، بالدخول على الخط عبر تنفيذها هجمات ضد الاحتلال.

شهد مطلع عام 2024 تصعيدًا ملحوظًا إثر اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري ورفاقه في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما وضع حزب الله في حرج لسابقة تعهد أمينه العام حسن نصر الله، بالرد على أي اغتيال تنفذه إسرائيل في لبنان. وبالفعل، رد الحزب للمرة الأولى في الحرب، بقصف قاعدة “ميرون” للمراقبة الجوية، بصواريخ كاتيوشا وأخرى موجهة، ما ألحق أضرارًا بالقاعدة التي تغطي العمليات الجوية من شمال فلسطين إلى سوريا ولبنان وشرق المتوسط.

إثر ذلك، دخلت ديناميكية الفعل ورد الفعل مرحلة جديدة، فرد الاحتلال باغتيال وسام الطويل، القيادي في وحدة “الرضوان”. وفي المقابل، رد الحزب بقصف مقر قيادة المنطقة الشمالية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة صفد بطائرتين مسيرتين، وهو ما مثل فشلًا ذريعًا لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية.

بحلول فبراير الماضي، هاجم طيران الاحتلال للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بعلبك، معقل حزب الله في البقاع، على بعد 100 كيلومتر من الحدود، وهو ما اعتبره الحزب خرقًا لمعادلة الصراع، فوسع هو الآخر نطاق هجماته، فقصف بصواريخ الكاتيوشا ثكنة “كيلع” في الجولان السوري، والتي أصبحت ضمن دائرة الاستهداف المتكررة. كما أطلق صواريخ فلق على قاعدة المراقبة الجوية في جبل ميرون للمرة الثانية ليصبح استهدافها روتينًا دوريًا.

في مايو الماضي، انتقل الحزب خطوة للأمام، إذ قصف بصواريخ موجهة موقع تشغيل منطاد في مستوطنة “أدميت” ما أدى لسقوط المنطاد داخل لبنان. وبعدها بيومين، قصف بطائرتين مسيرتين موقع منطاد مراقبة في “تل هشمايم” على بعد 50 كيلومترًا من الحدود، وهو منطاد متطور يرصد الحركة الجوية من لبنان إلى حدود إيران. واعترف جيش الاحتلال بتضرر المنطاد الذي كلف تصنيعه المشترك مع واشنطن، عشرات ملايين الدولارات. وكذلك نفذ الحزب للمرة الأولى غارة جوية بطائرة مسيرة مزودة بصاروخين على موقع “المطلة”، حيث قصفت الطائرة الموقع قبل أن تصطدم به. وأحدثت تلك الهجمات ثغرة في قدرات الرصد والمراقبة الإسرائيلية.

ردًا على اغتيال “أبو طالب”، قائد وحدة “نصر” التي تشرف على منطقة عمليات تمتد من منطقة بنت جبيل إلى مزارع شبعا، أطلق الحزب في اليوم التالي (13 يونيو) نحو 270 صاروخًا وطائرة مسيرة، استهدف بعضها مصنع ‌‏”بلاسان” للصناعات العسكرية المتخصص في تدريع الآليات، وقاعدة “ميرون” للمراقبة الجوية، ما ألحق أضرارًا مادية بهما، ودمر بطارية قبة حديدية إثر استهدافها بقذيفة موجهة ليبلغ إجمالي القباب التي دمرها منذ بداية الحرب إلى أربعة[11].

وتكشف لغة الأرقام أن حزب الله نفذ قرابة ألفي عملية مختلفة ضد أهداف إسرائيلية متنوعة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، ومنذ أبريل 2024، ارتفع معدل هجماته إلى 10 يوميًا، كما شهد شهر مايو العدد الأكبر منها، وبلغت 325 مقارنة بـ 238 في أبريل، كما نفذ 85 عملية تسلل لطائرات بدون طيار، مقارنة بـ 42 عملية في أبريل، و24 في مارس، و7 في فبراير 2024، أي أننا أمام ارتفاع في هجماته بنسبة 36%، تسببت باندلاع الحرائق في عشرات آلاف الهكتارات، وتدمير عدد من المؤسسات المدنية والقواعد العسكرية.

أما الاحتلال، فنفذ منذ أكتوبر 2023 ونهاية مايو 2024 قرابة 5 آلاف عدوان، شملت قصفًا جويًا، وقنابل مضيئة أو حارقة، وقذائف فوسفورية، وإطلاق نار، وأصابت معظم المحافظات الجنوبية في لبنان، خصوصًا النبطية والجنوب وبعلبك الهرمل والبقاع وجبل لبنان، واندلعت حرائق في 15 مليون متر مربع؛ مع خسائر كبيرة في أشجار الزيتون والسنديان والأشجار المثمرة، وفقد حزب الله 330 من عناصره، إضافة لمئة مدني لبناني[12].

هكذا، ومع حلول يونيو الماضي، بدأت طبول الحرب الشاملة بالتصاعد، فطلبت كندا وألمانيا وهولندا وروسيا والسعودية والأردن والكويت من رعاياها سرعة مغادرة لبنان، بينما ربط الحزب وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية بوقف العدوان على غزة.

وإثر فشل جولة المبعوث الأميركي هوكشتاين في بيروت وتل أبيب في الوصول لتفاهم، ألقى حسن نصر الله خطاباً في 19 يونيو مهد فيه لاحتمال اندلاع حرب واسعة، وهدد قبرص في حال فتح قواعدها ومطاراتها لجيش الاحتلال. خطاب جاء بعد يوم واحد من نشر الحزب لفيديو بعنوان “الهدهد” رصدت فيه طائراته المسيرة أهدافًا حساسة في حيفا، في رسالة بأن قدرات الرصد الاستخباري لدى الحزب متطورة، وأن الحرب معه ستكون مكلفة.

كما عمق الحزب مدى قصفه للشمال المحتل، فوصلت طائراته الانتحارية المسيرة إلى عمق 35 كيلومترًا، لكنه ظل حريصًا على تجنب استهداف العمق الاقتصادي في حيفا وما بعدها. وتكررت وتيرة هجمات الحزب المكثفة في مطلع يوليو بعد اغتيال محمد نعمة قائد وحدة “عزيز” التي تشرف على منطقة القطاع الأوسط والغربي[13].

ثانيًا: عملية مجدل شمس وتزايد الدافعية الإسرائيلية لشن حرب شاملة علي حزب الله:

من خلال استعراض الأوضاع السابقة علي عملية “مجدل شمس” يتبين أن احتمالية وقوع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل قائمة بالفعل، وبالتالي فإن هذه العملية ستعلي من الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بشن حرب علي حزب الله وضرورة التعجيل بها. وهو ما يمكن تلمسه بصورة كبيرة في ردود أفعال المسئولين الإسرائيليين علي هذه العملية. حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت”، أن “حزب الله سيدفع ثمنًا باهظًا بسبب الهجوم الذي نفذه على مجدل شمس في الجولان”[14]. وفي أول تصريح له، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن حزب الله “سيدفع ثمنًا باهظًا لهجوم مجدل شمس لم يسبق أن دفع مثله”[15]. أما وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس فقال: “حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء، ونقترب من حرب شاملة معه”. فيما طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير من رئيس الوزراء نتنياهو بشن حرب على حزب لله فورًا.  أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش فقال معقبًا: “حان وقت العمل ويجب على كل لبنان أن يدفع الثمن، ويجب اغتيال نصر الله ردًا على هجوم مجدل شمس”. من جانبه، قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين: “لبنان يجب أن يحترق”، فيما قال وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي نير بركات: “على إسرائيل تغيير الواقع في الشمال وجعل لبنان وحزب الله يدفعان ثمنًا باهظًا”، ووزير الثقافة ميكي زوهار: “علينا أن نوقف التأجيل المستمر وأن نضرب حزب الله بهجوم قاس وحان وقت العمل”[16]. كما دعا عضو مجلس الحرب الإسرائيلي السابق بيني غانتس إلى “رد كبير” على حزب الله ولبنان، قائلًا إن الوضع على الجبهة الشمالية لا يمكن أن يستمر على هذا النحو[17].

ووسط المخاوف من تداعيات التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، تتوالى دعوات دول غربية (الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والدنمارك والنرويج والسويد وبلجيكا) لرعاياها بمغادرة لبنان[18]. كما ألغت العديد من الخطوط الجوية رحلاتها إلي لبنان مثل الخطوط الجوية  الفرنسية والسويسرية والتركية واليونانية والأثيوبية. فيما أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية عن تأجيل العديد من رحلاتها من وإلى لبنان، لأسباب قالت إنها تتعلق بتوزيع “المخاطر التأمينية على الطائرات”[19].

وهناك مجموعة من الدوافع التي يمكن أن تحفز نتنياهو واليمين المتطرف على الحرب ضد حزب الله، ومنها:

1- خسارة إسرائيل للردع الذي حققته مع حزب الله منذ عام 2006 وحتى نشوب الحرب مع حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، وهو ما يفرض عليها استعادته بمعزل عن مجريات ونتائج الحرب الجارية حاليًا مع حماس في غزة. وقد يظن نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون من حوله أنهم قادرون على الإنجاز، عبر معركة هجومية ضد حزب الله، بدفع قوات الرضوان الخاصة لحزب الله بالابتعاد عن حدود فلسطين الشمالية حتى نهر الليطاني بموجب القرار الأممي 1701، مظنة أن هكذا هدف يمكن تحقيقه بالضغط العسكري بعد أن فشل المسار السياسي[20].

2- رفض سكان شمال إسرائيل الذين تم نقلهم من منازلهم لمناطق بعيدة عن الحدود مع لبنان، للعودة إلى منازلهم قبل إنهاء التهديد القادم من جهة حزب الله، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا عبر هجوم شامل علي الحزب.

3- رغبة نتنياهو في تحقيق أقصى تماسك للائتلاف الذي يقوده بعد انسحاب بيني غانتس من حكومة الطوارئ ومطالبته بإجراء انتخابات عامة مبكرة، وهو ما يحتم عليه (أي نتنياهو)  الاستجابة لمطالب حزبي الصهيونية الدينية بزعامة بتسلئيل سموترتش وايتمار بن غفير بشن حرب شاملة ضد حزب الله، في ظل تهديدهما بالانسحاب من الائتلاف وإسقاطه إذا لم يستجب لمطالبهما سواء بتدمير حزب الله، أو برفض أي صفقة لإنهاء الحرب مع حماس[21]. جدير بالذكر هنا، أن كل من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريش يروا أن الحرب مع حزب الله فرصة للاستيلاء على جنوب لبنان، الذي يعتبرونه جزءاً من “أرض الله الموعودة”[22].

4- الهجوم على حزب الله قد يطيل أمد المعركة، ويمنح نتنياهو المبرر لعرقلة مسار المفاوضات وإجهاض جهود التهدئة بحجة تصعيد حزب الله للحرب والتوتير، وهذا فيه مصلحة شخصية لبنيامين نتنياهو لاستمرار وجوده في السلطة وتأجيل حسم مستقبله السياسي المرهون بتهدئة الأجواء، كما أن ذلك قد يعطيه فسحة للبحث عن انتصار متوهم أو متخيل يعوضه عن إخفاق السابع من أكتوبر[23].

5- رغبة وزير الحرب يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان العامة هآرتسي هاليفي اللذان يجدان نفسيهما في سباق مع الزمن لترميم صورتهما المتآكلة عقب إخفاق أكتوبر الذي بات لصيقًا بهما، بالإضافة إلى تعثرهما الجاري في حربهما الفاشلة على غزة، في تحقيق نصر – ولو وهمي – عبر توجيه ضربة قاصمة إلي حزب الله.

6- تتحدث محافل إسرائيلية تبدي تشجعها لشن الحرب على لبنان، أن الحرب في غزة استنفذت أغراضها، وبالتالي ما يحدث فيها منذ أبريل 2024 حين انسحب الجيش من مدينة خانيونس، هو تكرار لجولات سابقة من القتال، دون أن يحقق فيها إنجازات تذكر تؤثر في سير المعركة، مما دفع هذه المحافل لرفع صوتها عاليًا بالقول: لماذا يواصل الجيش عبثه في شوارع غزة وأزقتها دون هدف حقيقي بعدما تم التراجع الفعلي عن شعار “النصر المطلق”، الأمر الذي يستدعي التوقف عند هذه اللحظة، وإبرام صفقة تبادل مع حماس، وإعلان وقف لإطلاق النار، والتوجه شمالًا حيث الخطر الداهم الحقيقي المتربص بدولة الاحتلال، وفقًا لمن يتبنى هذه الفرضية[24].

7- رغم ما قد تسببه الحرب علي حزب الله في لبنان من تصاعد الضغوطات الدولية علي إسرائيل، فإنه، بحسب وجهات نظر إسرائيلية، على إسرائيل، عندما يتعلق الأمر بمسائل وجودية، ألا تكترث كثيرًا بالرأي العام الدولي والضغوطات الدولية، طالما ضمنت استمرار الدعم والتأييد الأميركيين؛ وإنهم واثقون من أن الولايات المتحدة ستقوم بما يتطلبه الموقف للمشاركة في الدفاع عن إسرائيل إن نشبت حرب شاملة مع حزب الله، على الرغم من التوتر الطارئ في علاقة نتنياهو مع إدارة بايدن[25]، وعلي الرغم من رفض الإدارة الأميركية للحرب الموسعة ضد حزب الله. حيث يري نتنياهو واليمين المتطرف في ضعف الإدارة الأميركية في فترة الانتخابات وحاجتها لدعم اللوبيات الصهيونية في واشنطن، فرصة لابتزازها واستمرار دعمها لإسرائيل إذا ذهبت إلى لبنان في حرب موسعة[26].

8- تري إسرائيل أن حزب الله يقوم بدور قوة متقدمة لصالح إيران، تستخدمها طهران لردع إسرائيل عن استهدافها أو استهداف مشروعها النووي[27]. وعليه تري إسرائيل أنه إذا تطورت الحرب لتصبح إقليمية مع احتمال تدخل إيران، فإن ذلك يعد فرصة لتوسيع بنك أهداف الحسم بما يشمل تدمير البرنامج النووي أو القوة التقليدية لإيران. وربما يجد نتنياهو في ذلك فرصة لتشكيل تحالف اقليمي، بدعم أمريكي غربي، يكون بمثابة مظلة أمنية حامية لأمن إسرائيل، بل ووجودها، يوفر لها مظلة دفاعية، كما حدث في الهجوم الإيراني ليلة 13-14 أبريل 2024 حينما قامت دول حليفة غربية بصد الهجمات ضد إسرائيل[28].

9- تري إسرائيل أن الوضع السياسي الحالي في لبنان يفرض قيودًا على آلية تحرك الحزب وتعامله مع ملف التصعيد مع إسرائيل، فعلى الصعيد الداخلي ما تزال الجبهة اللبنانية مفتتة وغير موحدة، نتيجة عدم توافق القوى السياسية (من ضمنهم حزب الله) على تسمية مرشح لرئاسة الجمهورية، وما تزال البلاد دون حكومة تمتلك صلاحيات حقيقية، إذ إن حكومة “نجيب ميقاتي” الحالية هي حكومة تصريف أعمال بعد اعتبارها في حكم المستقيلة بعد بدء الدورة الجديدة للبرلمان اللبناني، لذا فإنه لا توجد قيادة سياسية موحدة قد تدعم الحزب في أي حرب مستقبلية ضد إسرائيل. علاوة على ذلك فإن الحزب يتوجس من أن انخراطه في مواجهة عسكرية مفتوحة وموسعة مع إسرائيل قد تضعف من موقفه السياسي والعسكري في الداخل اللبناني، خصوصًا في مواجهة خصومه السياسيين لاسيما خصومه الذين يمتلكون قوات شبه عسكرية وقدرات قتالية[29].

ثالثًا: موانع اندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل بعد عملية مجدل شمس:

في مقابل اللهجة الإسرائيلية العالية بتدفيع حزب الله ثمنًا باهظًا؛ ردًا علي عملية “مجدل شمس”، والتأكيد الإسرائيلي علي مسئولية الحزب عن العملية، نفي حزب الله نفي مسؤوليته عن الحادثة، حيث قال الحزب في بيان: “تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفيًا قاطعًا الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل ‏إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس”، وأضاف: “نؤكد أن لا علاقة ‏للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق، وننفي نفيًا قاطعًا كل الادعاءات الكاذبة بهذا ‏الخصوص”[30]. ولم يكتف الحزب بنفي الاتهام الإسرائيلي وفقط، بل ألقى الكرة في ملعب الاحتلال حين أبلغ الأمم المتحدة أن الحادث سببه سقوط صاروخ اعتراضي إسرائيلي، حسبما نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي[31].

ويرى محللون أن عملية كتلك لو نفذها حزب الله لكان أول المتفاخرين بذلك في ظل التصعيد والتوتير المتبادل مع جيش الاحتلال على الشريط الحدودي بين لبنان والأراضي المحتلة، وأن نفيه لها يرجح استبعاده من الضلوع بها[32]. ومما يثير الشكوك حول طبيعة الحادثة وتوقيتها، أن بلدة مجدل شمس تقع في الجولان السوري المحتل عام 1967 وضمتها إسرائيل لاحقًا، وسكانها هم من الدروز السوريين، وسكانها غير يهود، ولا يعتبرون مواطنين لدى الاحتلال، ولا يحملون الجنسية الإسرائيلية بسبب رفضهم الاعتراف به منذ احتلال الجولان، كما لا تضم مستوطنين، وهي بذلك لا تعد عمليًا هدفًا لصواريخ حزب الله[33]. وكان مذيع القناة 12 الإسرائيلية قد علق على وصف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بأن ضحايا مجدل شمس “مواطنون إسرائيليون من الطائفة الدرزية” بالقول: “إنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين”، مستغربًا من الوصف الذي أطلقه الناطق باسم الجيش[34].

وفي هذا السياق؛ يلمح البعض إلي أن هذه العملية قد تكون مفتعلة من جانب إسرائيل لضرب التقارب الحالي بين حزب الله والزعيم الدرزي وليد جنبلاط الداعم للحزب في مساندته للمقاومة بغزة، وتأليب المكون الدرزي علي الحزب، حيث يعتبر المكون الدرزي (مكون عرقي ديني) أحد المكونات الرئيسية في لبنان، حيث يعيش في هذا البلد العربي ما لا يقل عن 200 ألف من الطائفة الدرزية من إجمالي عدد السكان الذي يزيد عن 5.2 ملايين، وإن كانت هذه العملية لم تنجح في تحقيق هذا الهدف خاصة بعد تأكيد جنبلاط أن “تاريخ العدو الإسرائيلي وحاضره مليء بالمجازر التي ارتكبها ويرتكبها ضد المدنيين دون هوادة، والدعوة إلى الجميع في لبنان وفي فلسطين والجولان من أي انزلاق أو تحريض في سياق مشروع العدو التدميري”[35].

من جانبها، وعلي الرغم من إدانتها وتماهيها مع السردية الإسرائيلية حول الحادث ومسؤولية حزب الله، فإن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن عدم رغبتها في التصعيد إلى حرب شاملة، تكون لها عواقب إقليمية وخيمة. حيث أوضح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن بلاده “لا تريد رؤية تصعيد” في الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بعد الهجوم الذي استهدف الجولان وأسفر عن مقتل 12 شخصًا بينهم أطفال. وقال بلينكن إن “كل الدلائل تشير إلى أن الصاروخ الذي أصاب هضبة الجولان أطلقه حزب الله”، مشيرًا إلى أن واشنطن “تجري حوارًا مع إسرائيل”، ومؤكدًا على ضرورة عدم التصعيد. وشدد الوزير الأميركي على “دعم واشنطن لحق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها، في مواجهة الهجمات الإرهابية”. واعتبر أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة الفلسطيني، “سيكون فرصة لإحلال هدوء دائم على الخط الأزرق” الفاصل بين إسرائيل ولبنان[36].

وبدوره، حذر وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب، من أن شن إسرائيل أي هجوم كبير سيؤدي إلى حرب اقليمية، قائلًا: “طلبنا من واشنطن حث إسرائيل على ضبط النفس في ظل التوتر في الآونة الأخيرة، فيما طلبت الولايات المتحدة من الحكومة اللبنانية كبح جماح حزب الله”[37]. كما بو حبيب إلى إجراء تحقيق دولي أو عقد اجتماع للجنة الثلاثية عبر “يونيفيل” لمعرفة حقيقة الهجوم على “مجدل شمس” في الجولان المحتل. وقال الوزير اللبناني، إنه “يتوقع أن تكون ضربة مجدل شمس من تنفيذ منظمات أخرى أو خطأ إسرائيلي أو خطأ من حزب الله”[38]. وفي تصريح آخر، قال بو حبيب: “تلقينا تطمينات من الدول المعنية تفيد بأن الرد الإسرائيلي سيكون محدودًا، وكذلك رد حزب الله”[39].

وفي الاتجاه ذاته، دعا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى تحقيق دولي في حادث مجدل شمس، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي يحث جميع الأطراف على ضبط النفس[40].

من جهتها حذرت وزارة الخارجية الإيرانية إسرائيل “من أي مغامرات جديدة من الكيان الصهيوني تجاه لبنان بذريعة حادث مجدل شمس”، وأضاف البيان أن “أي خطوة حمقاء من جانب الكيان الصهيوني يمكن أن تؤدي لتوسيع رقعة الأزمة والحرب بالمنطقة”. وتابعت الخارجية الإيرانية أن إسرائيل تسعى عبر طرح سيناريوهات وهمية إلى تشويش الرأي العام بشأن جرائمها في غزة، مشيرة إلى أن حزب الله اللبناني نفى مسؤوليته عن قصف قرية مجدل شمس في الجولان المحتل. وفي الإطار نفسه، حذر القائد الأسبق للحرس الثوري محسن رضائي القادة الإسرائيليين من أنهم سيغوصون في مستنقع أخطر من مستنقع غزة في حال أقدموا على مهاجمة لبنان. وكان السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني قال عبر منصة “إكس” إنه لا يتوقع أن تشن إسرائيل حربًا على لبنان والمنطقة بسبب ما سماها “معادلات القوة المفروضة”، وأكد أن طهران لا تريد تلك الحرب ولا تخشاها. وفي وقت سابق من شهر يوليو 2024، قالت إيران إنها لن تتوانى في الدفاع عن لبنان ضد أي مغامرة إسرائيلية[41].

وثمة عوامل تدفع إسرائيل إلى التردد بشأن الدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع حزب الله، وأهمها ما يلي:

1- نشوء حالة من الردع المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، ناجمة عن نجاح حزب الله في مراكمة ترسانة من الأسلحة الحديثة التي تعدها إسرائيل “كاسرة للتوازن”، ما يجعلها تتحسب لاحتمال تكبد خسائر فادحة في الأرواح والبنى التحتية في حال اندلاع حرب شاملة. ومن المتوقع أن تعمد إيران إلى توفير مختلف أشكال الدعم كي تمكن حزب الله من الصمود، في حال اندلاع مواجهة، بما في ذلك تشجيع الميليشيات الموالية لها في المنطقة على تقديم الدعم والمشاركة في الحرب. وفي ضوء الصمود الذي أبدته فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، يشكك بعض المحللين الإسرائيليين في قدرة إسرائيل على إنهاء الحرب ضد حزب الله بالطريقة التي تبتغيها. وقد حذر تقدير موقف صادر عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب من أن حزب الله يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة الحديثة يمكنها إلحاق أضرار جسيمة بالعمق الإسرائيلي، تشمل 150 ألف صاروخ على الأقل، من ضمنها صواريخ أرض – أرض متوسطة وبعيدة المدى، وصواريخ مضادة للدروع، وصواريخ أرض – بحر. وأشار تقدير الموقف إلى أن ترسانة الحزب من الصواريخ تستهدف شمال إسرائيل ومناطق حيفا والخضيرة وتل أبيب وجنوب إسرائيل، إلى جانب آلاف المسيرات من أنواع مختلفة تشمل مسيرات للتجسس، ومسيرات انتحارية، ومسيرات هجومية مسلحة بصواريخ، يمكنها الوصول إلى أماكن مختلفة في إسرائيل.

وفي حال حدوث حرب شاملة، يمكن أن تتعرض بنى تحتية وأهداف استراتيجية إسرائيلية مختلفة لهجمات مكثفة من حزب الله قد تشلها جزئيًا أو كليًا. ولن تتمكن مختلف الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك سلاح الجو، من منع عدد كبير من الصواريخ من بلوغ أهدافها، خاصة أن حزب الله في إمكانه إطلاق أكثر من 5000 صاروخ من أنواع مختلفة في اليوم الواحد. وتأتي في مقدمة البنى التحتية التي يتوقع الإسرائيليون استهدافها شبكة الكهرباء، ومنظومة الاتصالات، وطرق المواصلات البرية والبحرية والجوية، بما في ذلك المطارات والموانئ ومحطات السكك الحديدية. ويعد استهداف البنى التحتية لشبكة الكهرباء أحد أهم الأخطار التي تواجهها إسرائيل، ويشمل ذلك منشآت توليد الكهرباء ومصادره، بما فيها منشآت الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط. وقد صرح المدير العام للشركة الحكومية التي تدير منظومة الكهرباء في إسرائيل بأن في استطاعة حزب الله توجيه ضربات إلى المواقع الحيوية في إنتاج الكهرباء في إسرائيل، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تعطيلها أيامًا طويلة[42].

أحد أهم خطوات الحزب في هذا الإطار، الفيديو الذي نشره تحت مسمى “ما عاد به الهدهد”، وشمل أهدافًا كثيرة للاحتلال رصدتها المسيرات (ميناء حيفا والمواقع العسكرية وشبه العسكرية الإسرائيلية في الميناء وجواره)، وهو ما فهمه الكثيرون كرسالة سياسية – أمنية تقول إن هناك أهدافًا أخرى – غير المنشورة – قد رصدها الحزب، وبعضها أهداف حساسة ومهمة، وإن القادر على رصدها قادر على استهدافها هي وغيرها في حالة الحرب الموسعة، وبالتالي فإن أي حرب قد يشنها الاحتلال على لبنان لن تكون نزهة أو دون ثمن، بل ستكون لها كلف كبيرة[43].

كذلك تشير التقديرات إلى أن على إسرائيل أن تواجه في حالة الغزو البري شبكة أنفاق تمتد تحت لبنان، والتي يقول بعض المحللين الإسرائيليين أنها أكثر اتساعًا من تلك التي تستخدمها حماس. فضلًا عن ذلك، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن القتلى من الإسرئيليين والجنود في حال وقوع الحرب سيكونون بالمئات، والجرحى بالآلاف، فضلًا عن تحدي عدم توافر الملاجئ لعشرات الآلاف من الإسرئيليين، في حال تمكن حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان من السيطرة على منطقة الجليل، وأسر عدد من الإسرائيليين، لتتكرر أزمة الأسرى في غزة[44].

هذه التحديات العسكرية غير المسبوقة سيواجهها الاحتلال في حال اقتصرت المواجهة على حزب الله وحده، ولكن في حال انضمام قوى اقليمية أخرى للحرب: في سورية والعراق واليمن وإيران – وهو أمر مرجح وسيكون بصورة تفوق بكثير انضمامهم لحماس – فسيكون الاحتلال بالتأكيد أمام اتساع لرقعة المواجهة، ومضاعفة لخسائره. ولذلك فإن هذه الجزئية بالذات ستشكل نقطة محورية في اتخاذ القرار الإسرائيلي باتجاه لبنان، على اعتبار أنه سيكون أمام تحقق فعلي لسيناريو “الحرب متعددة الجبهات” الذي أسماه البعض “سيناريو يوم القيامة”؛ نظرًا للمخاطر التي تواجه الاحتلال في حال تحققه بالفعل[45].

ومن الناحية السياسية، فلا شك أن انخراط حزب الله في صراع عسكري مع إسرائيل وخروجه من هذا الصراع منتصرًا أو على الأقل محتفظًا بجزء كبير من قدراته العسكرية سيمنح الحزب أفضلية كبيرة على الساحة السياسية اللبنانية، وسينبع ذلك بشكل أساسي من عاملين، الأول هو ترسيخ وتعزيز شرعية المقاومة، التي بنى عليها الحزب جزءًا كبيرًا من وجوده السياسي في لبنان، وما يتصل بذلك من شرعنة احتفاظ حزب الله بسلاحه، العامل الثاني هو تعزيز الشعبية الجماهيرية للحزب ليس فقط في لبنان ولكن أيضًا في العالم العربي والإسلامي، حيث تضررت صورة الحزب بعد مشاركته في الحرب الأهلية السورية، وما طالته من اتهامات تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا جعلت صورته كقوة مقاومة والتي تشكلت بعد حرب 2006 ضد إسرائيل تتلاشى جزئيًا [46].

وبعد ذلك كله، وحتى إن نجح الجيش الإسرائيلي في تدمير بنية الحزب التحتية في جنوب لبنان ودفعه إلى شمال الليطاني، فليس من الواضح بروز قوة محلية أو دولية قادرة على التحكم في جنوب لبنان ومنع حزب الله من الاقتراب مجددًا من الحدود مع إسرائيل. ففي ظل الانقسام السياسي اللبناني الداخلي وضعف الحكومة اللبنانية، يبدو من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، فرض سيادة رسمية لبنانية على الجنوب. كما أن الانقسام الدولي والتدافع بين القوى الكبرى سيحبط أية مساع أممية لتشكيل قوة دولية تكفل الحفاظ على الأمن في الجنوب وتمنع عودة قوات الحزب إليه[47].

2- يعاني الجيش الإسرائيلي الإنهاك والتعب، وتآكل معنوياته وضعف جاهزيته للقتال، من جراء حربه الطويلة في قطاع غزة. ويتطلب شن حرب برية ضد حزب الله، فضلًا عن ذلك، استدعاء قوات الاحتياط المستنزفة وتعريض الاقتصاد الإسرائيلي لمزيد من الخسائر إضافة إلى تلك التي لحقت به خلال الأشهر التسعة الماضية. ويفضل الجيش الإسرائيلي عدم التورط في حرب شاملة مع حزب الله ما دامت الحرب على قطاع غزة مستمرة. ورغم مرور نحو تسعة أشهر على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على سكان القطاع الذي دمرته وجعلته غير صالح للحياة البشرية تقريبًا، فإن إسرائيل لم تستطع حتى الآن تحقيق أهداف الحرب المعلنة، خاصة منها القضاء على المقاومة الفعالة لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى. وحتى بعد أن ينهي الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في رفح، وينتقل إلى ما يطلق عليه بـ “المرحلة الثالثة” من الحرب، التي تتطلب نشاطًا عسكريًا مستمرًا في مختلف أنحاء القطاع أشهرًا عديدة قادمة، بحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن ذلك يستدعي بقاء قوات كبيرة في غلافه، وفي عدة محاور داخله. ويفضل قادة المؤسسة العسكرية، بوضوح، الحصول على تهدئة تستمر عامين، على الأقل، حتى يتمكن الجيش من استعادة قدراته واستعداداته لشن حرب كبيرة ضد حزب الله، قد تتطور إلى حرب اقليمية.

3- ما زال المجتمع الإسرائيلي يعاني صدوعًا عميقة بفعل محاولة الانقلاب القضائي التي لم تكتمل بقيادة نتنياهو، وفي الوقت نفسه لم يخرج من صدمة عملية طوفان الأقصى التي أفقدته ثقته بمؤسسات الدولة كلها، وبالقيادتين السياسية والعسكرية، نتيجة الفشل في منع العملية والإخفاق في تحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة، لا سيما استعادة المحتجزين الإسرائيليين[48]. وتعالت مؤخرًا الخلافات على إعفاء المتدينين الحريديم من التجنيد وتعالي أصوات عائلات الجنود ودعوة أبنائهم لترك الجيش والتمرد، إضافة إلى اتهام قطاع واسع جدًا من المعارضة لبنيامين نتنياهو بأنه يخوض حربًا باسم إسرائيل لحسابات شخصية وسياسية تتعلق به وبحلفائه في الحكومة من التيار القومي الديني المتطرف أمثال وزير المالية سموتريتش، ووزير الأمن القومي بن غفير[49]. وإضافة إلى ذلك، لا تفتأ حدة الخلاف تتعاظم بين حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الفاشية من ناحية، والمؤسسة العسكرية والأمنية من ناحية أخرى، حول جملة من السياسات المتصلة بإدارة الحرب وأهدافها، في حين تتراجع شرعية الائتلاف اليميني المتطرف الفاشي، رغم استمرار تمتعه بأغلبية في الكنيست.

4- تعارض الإدارة الأميركية شن إسرائيل حربًا شاملة ضد حزب الله، وتشجع الطرفين على عدم توسيع المواجهة بينهما، وتعمل على التوصل إلى اتفاق حدودي بين إسرائيل ولبنان بشأن الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل، شبيه باتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بين الطرفين في عام 2022، على نحو يضمن تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 وهدنة دائمة، وربما إعادة مزارع شبعا إلى لبنان. وتدعي أوساط مطلعة على مجريات الوساطة الأميركية أن الاتفاق شبه جاهز ومقبول من “الأطراف”. والجدير بالذكر هنا أن موقف الإدارة الأميركية يعد ذا أهمية بالغة في أي قرار تتخذه إسرائيل فيما يتعلق بشن حرب على لبنان لأسباب كثيرة؛ أبرزها اعتماد الجيش الإسرائيلي على الأسلحة والذخائر الأميركية، فضلًا عن حاجة إسرائيل إلى دعم أميركي مباشر في حال اتساع نطاق المواجهة ليشمل سائر حلفاء إيران في المنطقة[50].

ولا يبدو أن إسرائيل ستكون قادرة علي إقناع واشنطن بخوض حرب شاملة ضد حزب الله، حيث لم يعد سرًا حالة التوتر المتصاعدة بين تل أبيب وواشنطن على خلفية تأزم الحرب في غزة، وعدم انصياع الاحتلال للرغبة الأمريكية بوقف العدوان الجاري على غزة. كما أن واشنطن قد لا ترى في عملية عسكرية ضد الحزب ولبنان معركة وجودية كما وصفت العدوان على غزة حينها. بالإضافة إلي الرغبة الأمريكية في تحقيق الهدوء في المنطقة عشية انتخاباتها الرئاسية الوشيكة. وفي الوقت ذاته، لا تخفي واشنطن مخاوفها من تمدد الحرب اللبنانية الإسرائيلية المحتملة لتشمل:

– عسكريًا: من خلال استهدافات متزايدة لقواعد أمريكية منتشرة في المنطقة في حال انضمام إيران واليمن وسورية والعراق، الأمر الذي يعني إشعال المنطقة عسكريًا.

– اقتصاديًا: بما يترتب على تصعيد هجمات الحوثيين في باب المندب والبحر الأحمر، وتأثيرها المؤكد على أسعار النفط.

– سياسيًا: من خلال إرجاء ملف التطبيع الإسرائيلي مع السعودية، وعودة التوتر بين إيران وجاراتها العربية.

وعليه، يمكن للمؤسسة العسكرية في الجانبين، تل أبيب وواشنطن، اللتان تظهران انسجامًا أكثر مما هو سائد في المؤسستين السياسيتين لديهما، أن تتوصلا إلى تفاهمات معينة لتوجيه ضربة ما إلى حزب الله، تكون كفيلة بألا تجر المنطقة إلى حرب شاملة[51]. وفي هذا السياق، كان لافتًا أن وزير الدفاع يوآف غالانت استبق عودة نتنياهو من واشنطن، وأجرى تقييمًا للوضع العسكري مع قادة الأجهزة الأمنية، وحدد طبيعة الرد العسكري على حزب الله بعد حادثة مجدل شمس، وهذا يعني تفريغ اجتماع مجلس الحرب برئاسة نتنياهو من أي محاولة لنتنياهو للإمساك بزمام الحرب ومداها وطبيعتها، ما يثبت نظرية أساسية أن غالانت ملتزم بالضوابط الأميركية تجاه لبنان[52].

5- على خلاف موقفها المبدئي المتحفظ الذي جاء تاليًا على تنفيذ عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من حرب إسرائيلية على قطاع غزة، بداية من 7 أكتوبر 2023، وجهت إيران تهديدات مباشرة إلى إسرائيل من العواقب المحتملة التي يمكن أن تنجم عن إقدامها على شن حرب شاملة ضد حزب الله اللبناني. فقد قدم القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، في 12 يونيو 2024، ما أسماه بـ”نصيحة” إلى تل أبيب من “عدم السقوط في البئر اللبنانية”. لكن التهديد الأهم تضمنه منشور للبعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على موقع “إكس”، في 29 من الشهر نفسه، والذي جاء فيه أنه “إذا شرعت إسرائيل في عدوان شامل على لبنان فسوف تندلع حرب إبادة”، مضيفًا أنه “في مثل هذه الحالة، كل الخيارات مطروحة، بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة”. هذا التباين في الموقف الإيراني تجاه الحرب التي وقعت بالفعل في غزة والحرب الشاملة التي يحتمل أن تقع في لبنان يطرح دلالات رئيسية ثلاث:

تتمثل الأولى، في أن هناك فارقًا لا يمكن تجاهله في موقع حزب الله وحركة حماس في الاستراتيجية الإيرانية، ليس فقط لاعتبارات مذهبية، رغم أهمية ذلك من دون شك، وإنما أيضًا لأسباب تخص الحسابات السياسية البراجماتية لإيران. إذ أن المهام التي يقوم بها الحزب، وفقًا لهذه الاستراتيجية، تفوق، إلى حد كبير، تلك التي تتولاها حماس. وطبقًا لذلك، فإن الحزب يعد تنظيمًا عابرًا للحدود يتحرك وينشط في دول مختلفة أينما تقتضي مصالح إيران ومصالحه ذلك. في حين أن حماس تمثل تنظيمًا محليًا فلسطينيًا هدفه المعلن هو تحرير فلسطين. ويبدو هذا الفارق واضحًا في تعامل الحزب والحركة مع الأزمات الاقليمية المختلفة، لاسيما الأزمة السورية. ففي حين أنه كان للحزب دور رئيسي في الصراع المسلح الذي تصاعدت حدته في سوريا بداية من مارس 2011، إلى جانب القوات النظامية السورية، نأت الحركة بنفسها عن الانخراط في هذا الصراع إلى جانب النظام السوري، على نحو كان له دور رئيسي ليس فقط في إعادة تحديد اتجاهات علاقاتها مع الأخير، الذي وضع هذا الموقف ضمن حساباته إزاء الحرب في غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، وإنما أيضًا في دفع إيران نفسها إلى وضع متغير جديد في حساباتها تجاه العلاقات مع حماس، وهو متغير الحسابات الخاصة للأخيرة، التي ترتبط بعلاقات مع أطراف عديدة من الدول والفواعل من غير الدول مثل قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين.

ذلك لا يعني بالطبع أن مصير حماس لا يهم إيران. بالعكس، فإن الأخيرة تبدي اهتمامًا خاصًا باستمرار الحركة ضمن ما يسمى بـ”محور المقاومة الاقليمي”، خاصة أن ذلك يخدم إدارتها للصراع مع إسرائيل، الذي تحول، كأحد ارتدادات الحرب في غزة، إلى صراع مباشر ومفتوح، حتى وإن كان مضبوطًا ومرتبطًا بحسابات إيرانية وإسرائيلية وأمريكية. فضلًا عن أن استمرار دعمها لحماس، والفصائل الفلسطينية الأخرى، يخدم رؤيتها القائمة على نفى “تطييف” دعمها للمليشيات المسلحة في المنطقة.

وتنصرف الثانية، إلى أن إيران فوجئت، على الأرجح، بعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حماس، لكنها كانت على علم مسبق بعمليات “وحدة الساحات” التي أطلقها حزب الله، وهذا أيضاً فارق لا يمكن تجاهله. في الأولى، بدا ذلك، في رؤية طهران، محاولة من جانب حماس لإدارة صراعها مع إسرائيل وفقًا لحساباتها الخاصة وبصرف النظر عن حسابات حلفائها. وفي الثانية، جرى ذلك طبقًا لتنسيق واضح بين طهران والحزب وازن بين دوافع دعم حماس في مواجهة إسرائيل طبقًا لما يسمى بـ”وحدة الساحات”، وبين اعتبارات براجماتية تخص حسابات طهران مع تل أبيب وواشنطن في آن واحد.

وتتعلق الثالثة، بحدود الخيارات المتاحة أمام إيران في الحالتين. ففي حالة حماس، ورغم أنها مع إيران سوف تعتبران مجرد البقاء على الأرض بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية “انتصارًا” في حد ذاته، حتى مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع بسبب العدوان الإسرائيل الغاشم، فإن القضاء على الجزء الأكبر من قدراتها العسكرية قد لا يمثل بالضرورة مشكلة كبيرة بالنسبة لإيران، التي ربما يكون متاحًا أمامها خيارات أخرى للتعامل مع التوازنات الجديدة التي سيفرضها ذلك على الأرض. أما في حالة حزب الله، فإن الوضع مختلف. إذ أن القضاء على الجزء الأكبر من قدرات الحزب – إن حدث – سوف يمثل أزمة لا تبدو هينة بالنسبة لإيران، لأن الخيارات المتاحة أمامها للتعامل مع التوازنات المحتملة في هذا الصدد لن تكون متعددة، في ظل الأهمية الخاصة التي توليها طهران للحزب ودوره الاقليمي[53].

6- تهديد روسيا بدعم الجهات المعادية لأميركا وأوروبا بالسلاح سيشكل تحديًا جديدًا وكبيرًا في إمكانية تطور الصراع في المنطقة، خصوصًا إذا دخل حيز التنفيذ؛ للرد بالمثل على الإجراءات الأميركية التي سمحت لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية والأوروبية؛ لضرب أهداف في العمق الروسي، مما سيؤدي إلى اختلال كبير في موازين القوى، لذا فهناك متغيرات دولية يجب أخذها بنظر الاعتبار في اتخاذ أي قرار يخص التوسع في جبهات جديدة مع لبنان التي يمكن أن تفتح جبهة سوريا، رغم التحديات في ذلك[54].

7- على صعيد المكانة الدولية لإسرائيل، وشرعيتها، فإن تلك الحرب ستتسبب في انزلاق إسرائيل نحو المزيد من العزلة الدولية، وذلك مع توقع الدمار الواسع النطاق في لبنان ووقوع الآلاف من الضحايا المدنيين، مع وجود عناصر في إسرائيل من أطراف اليمين المتطرف ترى أن العزلة عن العالم أمر إيجابي، وسيكون مفيدًا في تحييد التأثيرات والضغوط الخارجية على إسرائيل، من أجل “تحقيق النصر المطلق”، واستعادة الردع بما لا يقيدها بقواعد حماية المدنيين من أجل إلحاق خسائر فادحة بلبنان و”محور المقاومة”. وبالتالي ستزداد التحركات لعزل إسرائيل دوليًا ونزع الشرعية عنها، تزامنًا مع التحركات الخاصة بغزة، خاصة وأن الحرب الشاملة على لبنان كان بالإمكان منعها من خلال وقف دائم للنار في غزة، يليه تسوية بوقف التصعيد على الجبهة الشمالية، وهذا ما أكد عليه الحزب كثيرًا بعدم رغبته في التصعيد أو الدخول في حرب، وأن موقفه مساند لجبهة غزة[55].

8- سيؤدي الدخول في حرب شاملة ضد حزب الله إلى إضعاف قوة العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي في غزة للقضاء على حماس، وبالتالي قد تنتهز الأخيرة الفرصة لاستعادة سيطرتها على القطاع، مما يعني عمليًا التخلي عن الهدفين الكبيرين للحرب هناك وهما: استعادة الرهائن، والقضاء على حكم حماس في غزة[56].

رابعًا: مستقبل الصراع بين حزب الله وإسرائيل بعد عملية مجدل شمس:

يمكن القول إن هناك ثلاثة سيناريوهات بشأن الحرب المتوقعة من حيث حدود التصعيد والأطراف المتصارعة، وهل ستكون حربًا محدودة بهدف ردع حزب الله، أم ستكون حربًا شاملة في لبنان، أم ستصل لحرب إقليمية بمشاركة إيران.

1- العملية العسكرية المحدودة: التي تتضمن توجيه ضربات جوية مركزة باتجاه أهداف للحزب في الجنوب اللبناني والضاحية، لا سيما مواقع عسكرية وتخزين أسلحة، وربما استهداف كوادره الميدانية. مثل هذا الخيار يبدو بنظر صانع القرار الإسرائيلي “مقدورًا عليه”، ويمكن تحمل ردود الحزب عليه، لأنه سيعلم أن الاحتلال ليس بوارد توسيع دائرة النار لتشمل حربًا شاملة. في الوقت ذاته، يمكن للاحتلال تسويق مثل هذا الخيار لدى الأمريكيين غير الراغبين بزيادة جبهات القتال في المنطقة[57]. إلا أن ذلك السيناريو تظل فرص تحقيقه محدودة؛ لأن تلك العملية لن تساهم في ترميم وعودة الردع الإسرائيلي، ونتائجها غير كافية لطمأنة وعودة النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال[58]. كما أنها لن تكون علي مستوي التصريحات الإسرائيلية العالية بتدفيع حزب الله ثمنًا باهظًا بعد عملية “مجدل شمس”.

2- عمليات في العمق اللبناني: تستهدف مرتكزات حساسة لحزب الله، وهو السيناريو المرجح، فإسرائيل امتنعت حتى الآن عن قصد عن مهاجمة بنى تحتية مدنية لدولة لبنان يستخدمها حزب الله بشكل غير مباشر كجسور هامة، وطرق سريعة مركزية، ومحطات توليد طاقة ومطارات وموانئ؛ مثل الميناء البحري الرئيسي بمدينة بيروت. وبالتالي؛ فقصف هدف كهذا سيطلق إشارة إلى الحكومة في بيروت بأنه حان الوقت لأن تلجم حزب الله قبل أن يتحمل كل مواطني الدولة النتائج. كما أنه يوجد للهجوم هدف إعلامي أكثر منه عملي وهو صور النار وعواميد الدخان الهائلة في الأشرطة، وهذه الصور واللقطات ستهدئ الرأي العام في إسرائيل[59].

3- الحرب الشاملة: في ظل استباحة الحزب للجبهة الشمالية، وتصاعد الاتهامات الموجهة للحكومة والجيش من المعارضة والرأي العام بالفشل والإخفاق أمام الحزب، مما يستدعي منهما الذهاب لهذا الخيار المكلف والخطير على الجانبين، وربما المنطقة بأسرها. وعلى الرغم من عدم وجود فرص كبيرة لتحقق هذا الخيار “الانتحاري”، فلا يجب استبعاده كليًا في ظل وجود حكومة يمينية فاشية ترى أن مهمتها الأساسية هي إشعال النيران في كل الجبهات، بزعم استعادة الردع الإسرائيلي المتآكل، وإعادة تثبيت دولة الاحتلال كـ”شرطي المنطقة”[60].

4- التسوية الدبلوماسية: يتمثل هذا المسار في التهدئة ووقف الاشتباكات بين الطرفين. وهو ما يعتمد على عاملين أساسيين يقضي أولهما إلى الثاني. إذ يتمثل الأول في نجاح مقترح صفقة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في التهدئة ووقف إطلاق النار؛ وذلك وفقا لربط “حزب الله” مواجهاته باستمرار الحرب في القطاع وأنه سبق وأوقف عملياته في الهدنة المؤقتة في نوفمبر 2023، إضافة إلى تصريح بايدن أثناء عرضه لمقترح الصفقة بأن على الإسرائيليين قبول الصفقة وستعمل الولايات المتحدة دبلوماسيًا لحل مشكلتهم على الحدود اللبنانية. وهذا ما سيبنى عليه عامل التهدئة الثاني المتمثل بجهود دولية دبلوماسية للتسوية، تعمل من خلال وسطاء فرنسيين وأمريكيين على الدفع نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي “1701” المجمد منذ انتهاء الحرب عام 2006[61].

ختامًا؛ بحسب الرواية الإسرائيلية ورد حزب الله، فمن المرجح أن يكون الصاروخ الذي سقط في “مجدل شمس” قد أطلق فعليًا من الأراضي اللبنانية، من مزارع شبعا تحديدًا، لكن لم يكن الهدف منه السقوط في مجدل شمس، لكن اعتراض صاروخ إسرائيلي له أدى إلى سقوطه في تلك المنطقة[62].وقد تكون عملية “مجدل شمس” بالفعل الشرارة التي قد تمهد لمواجهة شاملة، لكن الجانبين لا يرغبان في التصعيد إلى هذه الدرجة على الأقل في الوقت الراهن، كما أن إسرائيل لو كانت معنية بدخول حرب شاملة على الجبهة الشمالية لفعلت ذلك مبكرًا؛ لأن ما كان يحصل فعليًا خلال المعارك الماضية يعد كافيًا للذهاب إلى حرب أشمل إذا كانت تريد ذلك[63]. ولو كانت إسرائيل قادرة فعلًا على خوض حرب أوسع، لما انتظرت نحو عشرة أشهر على الدمار الكبير الذي لحق بالمستوطنات الشمالية، وبقاء المستوطنين طوال الفترة الماضية خارج مناطقهم، وتكبدها خسائر بشرية في حياة جنود ومستوطنين. وعليه، قد توجه إسرائيل ضربات أكثر شدة لحزب الله، ولكنها محدودة، كذلك فإن التطورات التي قد تعقب ذلك، ترتبط أيضًا بالحزب وليس بإسرائيل فقط، إن قرر امتصاص الضربة المحتملة أو تصعيد رده[64].


[1] “ارتفاع حصيلة قتلى مجدل شمس ونتنياهو يتوعد حزب الله “بدفع ثمن باهظ””، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/27/%d9%82%d8%b5%d9%81-%d9%88%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%88%d9%82%d8%aa%d9%84%d9%89-%d8%a8%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7

[2] ” عملية مجدل شمس.. من المستفيد من توسيع رقعة الحرب؟”، نون بوست، 28/7/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/231722/

[3] “موقع الساحة اللبنانية  من التطورات الخطيرة الجارية في المنطقة”، مجلة شؤون عربية، 23/6/2024، الرابط: https://arabaffairsonline.com/%d9%85%d9%88%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

[4] المرجع السابق.

[5] “حسابات حزب الله إزاء احتمالات اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6/7/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21211.aspx

[6] “موقع الساحة اللبنانية  من التطورات الخطيرة الجارية في المنطقة”، مرجع سابق.

[7]  وقع الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر(آنذاك) العماد ميشال عون التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني، في كنيسة مار مخايل على تخوم الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت. للمزيد انظر: “نص ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر المعلنة بتاريخ 6 شباط/فبراير 2006″، 6/2/2027، الرابط: https://almanar.com.lb/1481863

[8] “حسابات حزب الله إزاء احتمالات اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل”، مرجع سابق.

[9] ” هل يخوض “حزب الله” معركة أعمدة؟”، متراس، 9/7/2024، الرابط: https://metras.co/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%ae%d9%88%d8%b6-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%85%d8%b9%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%af%d8%a9%d8%9f/

[10] “موقع الساحة اللبنانية  من التطورات الخطيرة الجارية في المنطقة”، مرجع سابق.

[11] ” هل يخوض “حزب الله” معركة أعمدة؟”، مرجع سابق.

[12] “الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 21/6/2024، الرابط: https://www.alzaytouna.net/2024/06/21/%d8%aa%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d9%87/

[13] ” هل يخوض “حزب الله” معركة أعمدة؟”، مرجع سابق.

[14] “بعد حادث مجدل شمس.. جالانت يصدق على خطط عملياتية في لبنان”، القاهرة الإخبارية، 28/7/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/89465/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[15] “ارتفاع حصيلة قتلى مجدل شمس ونتنياهو يتوعد حزب الله “بدفع ثمن باهظ””، مرجع سابق.

[16] ” تهديدات “بالجملة” للبنان بعد “حادث الجولان”.. سموترتش يطالب باغتيال نصرالله، ونتنياهو: حزب الله سيدفع ثمناً لم يدفعه من قبل”، عربي بوست، 27/7/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/07/28/%d8%aa%d9%87%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%84%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%ad%d8%a7%d8%af%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d9%84/  

[17]” إسرائيل تقصف البقاع وتتوعد حزب الله ولبنان يحذر من حرب إقليمية”، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/28/%d8%b9%d8%a7%d8%ac%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a-%d9%82%d8%b5%d9%81%d9%86%d8%a7-%d9%85%d8%ae%d8%a7%d8%a8%d8%a6

[18] ” دول غربية تدعو رعاياها لمغادرة لبنان وسط تحذيرات من حرب “شاملة””، الجزيرة نت، 29/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/29/%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[19] ” لبنان.. رحلات جوية بين التأجيل والإلغاء وسط مخاوف من “الرد الإسرائيلي” على هجوم الجولان”، الحرة، 29/7/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/lebanon/2024/07/29/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86

[20] “حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني”، الجزيرة نت، 14/6/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/6/14/%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D9%82%D8%AF%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9

[21] “حرب “اللا خيار” الإسرائيلية في مواجهة حزب الله”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 13/6/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21197.aspx

[22] “حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله”، مرجع سابق.

[23] “حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني”، مرجع سابق.

[24] “الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مرجع سابق.

[25] “الجبهة اللبنانية: تقييم نذر الحرب الشاملة”، مركز الجزيرة للدراسات، 26/6/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/5955

[26] “حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني”، مرجع سابق.

[27] “إسرائيل وحزب الله: احتمالات الحرب الشاملة”، مركز الجزيرة للدراسات، 24/6/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/5951

[28] “حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6/7/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21210.aspx

[29] “تطورات مفصلية: فرص ومحاذير التصعيد المحسوب بين حزب الله وإسرائيل”، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، 3/7/2024، الرابط: https://ncmes.org/3586/

[30] ” حزب الله ينفي مسؤوليته عن قصف بلدة مجدل شمس بالجولان”، وكالة الأناضول، 28/7/2024، الرابط: https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%8A%D9%86%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D8%B9%D9%86-%D9%82%D8%B5%D9%81-%D8%A8%D9%84%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86/3287203

[31] ” أكسيوس: “حزب الله” أبلغ الأمم المتحدة أن “حادث مجدل شمس” تسبب به صاروخ اعتراضي إسرائيلي”، عربي بوست، 27/7/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/07/28/%d8%a3%d9%83%d8%b3%d9%8a%d9%88%d8%b3-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a3%d8%a8%d9%84%d8%ba%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a3/

[32]  “عملية مجدل شمس.. من المستفيد من توسيع رقعة الحرب؟”، مرجع سابق.

[33] ” الدويري: علامات استفهام حول مصدر صاروخ مجدل شمس بالجولان”، الجزيرة نت، 27/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/27/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%8a%d8%b1%d9%8a-%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%81%d9%87%d8%a7%d9%85-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%85%d8%b5%d8%af%d8%b1-%d8%b5%d8%a7%d8%b1%d9%88%d8%ae

[34] ” تعليق لمذيع إسرائيلي خلال مؤتمر لهاغاري يكشف التمييز تجاه سكان الجولان (شاهد)‏”، عربي21، 28/7/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1614369/%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%82-%D9%84%D9%85%D8%B0%D9%8A%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D9%8A%D9%8A%D8%B2-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF

[35] ” تهديدات “بالجملة” للبنان بعد “حادث الجولان”.. سموترتش يطالب باغتيال نصرالله، ونتنياهو: حزب الله سيدفع ثمناً لم يدفعه من قبل”، مرجع سابق.

[36] ” واشنطن بعد هجوم الجولان: لا نريد تصعيدا بالصراع”، الحرة، 28/7/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/israel/2024/07/28/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A7-%D9%86%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9

[37] ” وزير الخارجية اللبناني يحذر من الحرب الشاملة في حال الهجوم على لبنان”، عربي21، 28/7/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1614364/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[38] ” لبنان يطالب بتحقيق دولي لمعرفة حقيقة هجوم “مجدل شمس””، القاهرة الإخبارية، 28/7/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/89466/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A8%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%B3

[39] ” وزير خارجية لبنان: الوسطاء أبلغونا بحجم الضربة الإسرائيلية المتوقعة”، عربي21، 28/7/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1614465/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B3%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D8%A8%D9%84%D8%BA%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%A8%D8%AD%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A9

[40] ” دعوة لتحقيق دولي بحادث مجدل شمس وإيران تستبعد حربا إسرائيلية على لبنان”، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/27/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AF%D8%AF-%D9%88%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%82%D9%84%D9%82%D8%A9

[41] ” إيران تحذر إسرائيل: أي مغامرة في لبنان ستوسع رقعة الحرب”، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/7/28/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[42] “المواجهة بين حزب الله وإسرائيل واحتمالات اندلاع حرب شاملة”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 3/7/2024، الرابط: https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/hezbollah-israel-conflict-chances-of-war-breaking-out.aspx

[43] “حزب الله بين منع الحرب على لبنان ورفع كلفتها”، الجزيرة نت، 25/6/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/6/25/%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B1%D9%81%D8%B9

[44] “حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله”، مرجع سابق.

[45] ” الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مرجع سابق.

[46] “تطورات مفصلية: فرص ومحاذير التصعيد المحسوب بين حزب الله وإسرائيل”، مرجع سابق.

[47] “الجبهة اللبنانية: تقييم نذر الحرب الشاملة”، مرجع سابق.

[48] “المواجهة بين حزب الله وإسرائيل واحتمالات اندلاع حرب شاملة”، مرجع سابق.

[49] “حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني”، مرجع سابق.

[50] “المواجهة بين حزب الله وإسرائيل واحتمالات اندلاع حرب شاملة”، مرجع سابق.

[51] ” الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مرجع سابق.

[52] “هل يؤدي صاروخ مجدل شمس إلى حرب؟”، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/7/28/%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AE-%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D9%87%D9%84-%D8%B3%D8%AA%D8%A4%D8%AF%D9%8A-%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D8%A5%D9%84%D9%89

[53] “إيران واحتمالات الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19/7/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21214.aspx

[54] “إسرائيل وحزب الله.. هل يتدحرج التصعيد لحرب شاملة؟”، الجزيرة نت، 12/6/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/6/12/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AA%D8%AF%D8%AD%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF

[55] “حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله”، مرجع سابق.

[56] “حرب “اللا خيار” الإسرائيلية في مواجهة حزب الله”، مرجع سابق.

[57] ” الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مرجع سابق.

[58] “حسابات إسرائيل تجاه الحرب المحتملة مع حزب الله”، مرجع سابق.

[59] “4 سيناريوهات “إسرائيلية” للهجوم المحدود على لبنان ردا على حادثة مجدل شمس”، عربي21، 29/7/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1614571/4-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%AF%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%B3

[60] ” الخيارات الإسرائيلية تجاه العدوان على لبنان”، مرجع سابق.

[61] “مسارات تطور التصعيد بين حزب الله وإسرائيل”، ستراتيجيكس، 30/6/2024، الرابط: https://strategiecs.com/ar/analyses/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84

[62] “عملية مجدل شمس.. من المستفيد من توسيع رقعة الحرب؟”، مرجع سابق.

[63] ” بعد حادثة مجدل شمس.. هل تغامر إسرائيل بحرب شاملة في لبنان؟”، الجزيرة نت، 28/7/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/longform/2024/7/28/%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%ad%d8%a7%d8%af%d8%ab%d8%a9-%d9%85%d8%ac%d8%af%d9%84-%d8%b4%d9%85%d8%b3-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%ba%d8%a7%d9%85%d8%b1-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84

[64] “احتمالات وعواقب شنّ الاحتلال حرباً على لبنان بعد واقعة مجدل شمس”، العربي الجديد، 28/7/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%A8-%D8%B4%D9%86%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%8B-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%B3

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022