في السابع والعشرين من أغسطس 2024، أعلنت مصادر عسكريةة مصرية وصومالية عن وصول أول طائرتين عسطريتين مصريتين إلى مقديشيو، محملتان بالمعدات العسطرية ضمن الاتفاقات الأمنية المشتركة، وبعد طلب الرئيس الصومالي من السيسي الدعم العسكري لبلاده..
وهو الخبر الذي أثار غضبا اثيوبيا كبيرا، وترقبا دوليا لانزلاق مسار العلاقات الاقليمية في القرن الافريقي، نحو التصعيد العسكري..
ووقّعت مصر والصومال، 14 أغسطس 2024، “بروتوكول عسكري”، خلال زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة، ولقائه عبد الفتاح السيسي… والذي تلى توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الجانبيين، في يوليو الماضي، لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والأمنية بين البلدين، لمواجهة التحديات الاقليمية، في منطقة القرن الافريقي، ومواجهة التحركات الاثيوبية المضادة لمصالح كلا الدولتين، الصومال ومصر…
وخلال لقاء اسيسي والرئيس الصومالي، خطوات دبلوماسية وتجارية من بينها افتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة مقديشو، وإطلاق خط طيران مباشر بين البلدين..
وسبق أن كشف الرئيس الصومالي أن بلاده طلبت من مصر توفير معدات عسكرية والتدريب الإضافي للقوات العسكرية والأمنية الصومالية، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي وسط التوترات المتنامية مع إثيوبيا.
علاوة على إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو، وافتتاح السفارة المصرية في العاصمة الصومالية مقديشيو..
كان الرئيس الصومالي أعرب عن التقدير لدعم مصر المتواصل لبلاده على مدار العقود الماضية، مشدداً على حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة، ومثمناً دور الهيئات المصرية المختلفة في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات.
وخلال زيارة الرئيس الصومالي للقارة، منتصف أغسطس الجاري، تم التوافق على تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المُقبلة، لمواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
تلك التحركات أثارت مخاوف اثيوبية، ودفعت مواقفها نحو التحفز تجاه مصر، خاصة قبل جولة مفاوضات ووساطة تقدها تركيا، بين اثيوبيا والصومال، وبين اثيوبيا ومصر فييما يخص سد النهضة..
أولا: أهمية الاتفاقات وتوقيت التقارب بين الصومال ومصر:
وحمل توقيت التعاون العسكري بين الصومال ومصر العديد من الدلالات، تمثلت في رغبة مصر للعودة إلى الصومال، والتي توّجت أخيراً بفتح مقر جديد لسفارتها في مقديشو بعد عقود غابت فيها مصر عن المنطقة، إلى جانب تناغم مصالح البلدين في ظل توسع أطماع إثيوبيا. وفي ظل تزايد الاهتمام الدولي بدول القرن الأفريقي، خصوصاً الصومال الذي بات محوراً استراتيجياً في التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة، ما يطرح العديد من التساؤلات حول مدى قدرة مقديشو على تبني مواقف دبلوماسية جادة لموازنة نفوذ الدول المهتمة بالمنطقة.
واضطرت مصر وبخطى سريعة لإعادة تموضعها في الصومال، بسبب التحولات الجيوسياسية في منطقة القرن الأفريقي، بعد سنوات غاب فيها تأثيرها على الساحة السياسية الصومالية.
ووفق تقديرات صومالية، فالدور المصري في الصومال لم يكن ملموساً منذ عقود، لكن ما دفع القاهرة للتقارب مع مقديشو هذه المرة هو الضربة السياسية غير المتوقعة التي تلقتها القاهرة في عام 2020، بعد أن تبنى الصومال موقفاً محايداً من قضية سد النهضة إبان قرار جامعة الدول العربية المساند لموقف مصر والسودان، على حساب دولة المنبع إثيوبيا، وهو ما خالف العرف السياسي التقليدي بين البلدين.
وهو ما أشعر مصر بأن إثيوبيا سحبت البساط من تحت قدميها، وأنها بحاجة إلى ترتيب حساباتها تجاه الصومال من جديد..
وعكس التحرك المصري في الوقت الراهن مدى تدارك القاهرة أن ملفاتها ومصالحها في خطر وجودي، في حال استمرت سياستها السابقة تجاه الساحة الصومالية نظراً لظهور لاعبين جدد في المنطقة أكثر انخراطاً في عملية التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع الصومال.
وبات وضحا أن القاهرة تدفع ثمن غيابها عن الساحة الصومالية، وأن إعادة دورها الفعلي قد تستغرق وقتاً أطول ومرهونة بحجم دعمها في الملفات السياسية والأمنية في البلاد، إلى جانب طبيعة التحالفات في المنطقة.
وكانت مصر قد اختارت الصومال أولى محطات زيارات وزير خارجيتها الجديد بدر عبد العاطي يوليو الماضي، في خطوة أظهرت رغبة القاهرة في استعادة دورها في مقديشو. وأكد وزير خارجيتها في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي، عزم مصر تعزيز التعاون مع الصومال في مجالات الأمن والدفاع، أعقبها افتتاح مقر جديد للسفارة المصرية في مقديشو لتوسع مهامها التي كانت مقتصرة على تقديم خدمات التأشيرة فقط. ولتعويض دورها الخجول خلال السنوات الماضية، باشرت القاهرة تغيير قواعد اللعبة في الملف السياسي الصومالي، خصوصاً بعد انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود في 23 مايو 2022 من خلال إرسال رئيس وزرائها مصطفى مدبولي للمشاركة في حفل تنصيبه، وهي خطوة اعتبرها محللون ممهّدة لعودة الدور المصري في الصومال.
ثانيا: السياق الإقليمي للتعاون العسكري المصري الصومالي:
وجاء توقيع الاتفاقات العسكرية وبرتوكول التعاون العسكري، في سياق العديد من التطورات والتفاعلات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية…منها:
-توسع الدور التركي في الصومال والقرن الافريقي:
وتسارعت الخطوات الصومالية لتوقيع اتفاقيات عسكرية مع تركيا ومصر، بعدما تفاقمت التوترات مع إثيوبيا عندما وقّعت أديس أبابا مذكرة تفاهم مع “أرض الصومال” تمنح إثيوبيا – واحدة من أكبر الدول غير الساحلية في العالم – منفذاً بحرياً لطالما سعت إليه.
وسعت تركيا إلى أن تكون وسيطًا بين الصومال وإثيوبيا، حيث استضافت، محادثات، يوليو الماضي، في محاولة لخفض منسوب التوترات المتصاعدة بين البلدين، على خلفية الاتفاق الذي رفضته مصر والدول العربية، وينتظران جولة جديدة من المفاوضات سبتمبر المقبل.
ووقعت تركيا والصومال اتفاق عسكريا سابقا، وبموجب الاتفاق بين تركيا والصومال، ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية الصومالية حتى تتمكن من حماية مياهها الإقليمية بشكل أفضل من التهديدات مثل الإرهاب والقرصنة و”التدخل الأجنبي”، فضلًا عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية.
وتقضي الاتفاقية ببناء تركيا سفنا عسكرية وبيعها للصومال، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة، فضلًا عن إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في مقديشو التي ستتكفل بفتح أجوائها للاستخدام المدني والعسكري التركي.
-توتر مصري اثيوبي:
وأيضا، جاء توقيع البروتوكول في ظل نزاع متصاعد بين مصر وإثيوبيا، بدأ قبل أكثر من عقد مع بدء أديس أبابا بناء سد النهضة على مجرى النيل الأزرق، الذي تحصل مصر من خلاله على نحو 85% من إيرادها من مياه النيل، وتفاقم بعد توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي لإنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر. وأثار توقيع البروتوكول العسكري بين مصر والصومال أسئلة حول مدى حرص القاهرة على تقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لدولة الصومال في مواجهة محاولات توسعة النفوذ الإثيوبي في منطقة القرن الأفريقي وبين دول حوض النيل، بدعم من حلفاء إقليميين يقدمون الدعم لأديس أبابا، مثل الإمارات، والتي تُعتبر حليفاً قوياً لمصر، لكنها تتمتع أيضاً بنفوذ هو الأقوى في “أرض الصومال” (إقليم غير معترف به دولياً) عبر قاعدة في مطار بربرة بُنيت عام 2017 وتحولت عام 2019 إلى مطار متعدد الاستعمالات، وأيضاً من خلال تعاون عسكري وتدريب تقدمه أبوظبي لقوات الإقليم منذ 2018، فضلا عن استثمارات شركة موانئ دبي في إدارة ميناء بربرة.
-توغل اماراتي اثيوبي في أرض الصومال:
وكانت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية قد نقلت، في تقرير سابق لها، عن دبلوماسيين، قولهم إن “إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية في أرض الصومال سيكون أحدث خطوة في خطة لتأمين مجال النفوذ الإماراتي في جميع أنحاء منطقة الخليج الأوسع والقرن الأفريقي”. وكانت مصر أول الأطراف الإقليمية تفاعلاً مع الاتفاق التاريخي الذي وقّع في أديس أبابا، مطلع العام الحالي، بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ورئيس إقليم أرض الصومال (صوماليلاند) موسى بيحي عبدي. وبموجب الاتفاق تحصل إثيوبيا على منفذ بحري قبالة سواحل الإقليم الانفصالي مساحته 20 كيلومتراً مربعاً لمدة 50 عاماً، بحيث يُستخدَم منفذاً تجارياً وقاعدة للبحرية الإثيوبية (التي تأسست عام 2019)، مع السماح لإثيوبيا باستخدام ميناء بربرة الواقع على ضفاف خليج عدن في مدخل مضيق باب المندب لأغراض التبادل التجاري. ويشمل الاتفاق اعتراف إثيوبيا بالإقليم دولة مستقلة، وهو أول اعتراف رسمي به في العالم. وفي المقابل يحصل الإقليم على حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، حيث أصدرت الخارجية المصرية بياناً حاداً أكدت فيه ضرورة احترام سيادة الصومال.
-توترات ما بعد الاتفاق الاثيوبي مع أرض الصومال:
وضاعف الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال التوترات منذ ذلك الوقت حول احتمالية نشوب صراع مسلح جديد بمنطقة القرن الأفريقي، والتي يمثل فيها الصومال أهمية استراتيجية للأمن القومي المصري، نظراً لموقعه الاستراتيجي في منطقة القرن الأفريقي وحدوده الممتدة مع منابع نهر النيل.
ويثير اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومالمزيدا من الاحتقان بين مصر وإثيوبيا، علاوة على الأزمة المتفاقمة منذ إنشاء سد النهضة عام 2011. ويمثل النزاع الجديد بين مصر وإثيوبيا بشأن الصومال احتكاكاً إضافياً لما بين البلدين من احتقان على مدار أكثر من عقد..
ووفق التقديرات الاستراتيجية، فإن مصر وإثيوبيا تستطيعان استخدام نفوذهما في المنطقة لدعم وكلاء للبلدين، وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء الوكلاء عناصر أو مليشيات مسلحة، ولكن جماعات من دول الجوار في القرن الأفريقي، حيث إن مصر تتمتع بعلاقات وطيدة مع جيبوتي والسودان والصومال، ولكن في المقابل فإن علاقات إثيوبيا ممتدة مع كل دول حوض النيل ودول القرن الأفريقي على مدار التاريخ..
ومطلع يناير2024، أبرمت أديس أبابا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال للوصول إلى البحر، مع التزامها الاعتراف باستقلال هذه المنطقة التي انفصلت أحاديا عن الصومال.
وقالت السلطات الانفصالية في أرض الصومال أنه في مقابل هذا الوصول إلى البحر، ستصبح إثيوبيا أول دولة تعترف بها رسميا، وهو أمر لم تفعله أي دولة منذ أن أعلنت المنطقة الانفصالية الصغيرة البالغ عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة استقلالها أحاديا عن الصومال عام 1991.
ومن جانبها، نددت مقديشو بالاتفاق ووصفته بأنه “غير قانوني”، وردت بطرد السفير الإثيوبي وهددت بطرد آلاف الجنود الإثيوبيين المتمركزين في الصومال الذين يساعدون في قتال مسلحين متشددين.
وفتح هذا الاتفاق المجال أمام أزمة جديدة بين الجارتين في شرق أفريقيا واللتين كانتا قد تواجهتا مرّتين في القرن الماضي.
-وساطة تركية بين الصومال واثيوبيا:
وضمن السياق السياسي المحيط بالتوتر الاثيوبي الصومالي، يلعب الدور التركي تأثيرا مهما، في القرن الافريقي، عبر وساطة سياسية، لخفض التوتر في منطقة القرن الافريقي..
وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع إثيوبيا والصومال، حيث تدرب قوات الأمن الصومالية وتقدم مساعدات إنمائية مقابل الحصول على موطئ قدم في مسار شحن عالمي رئيسي.
وتتوسط تركيا في القضية التي تثير خلافا بين الجارتين اللتين تجمع بينهما علاقات متوترة، وذلك بهدف السماح لإثيوبيا بالوصول إلى المياه الدولية عبر الصومال لكن من دون المساس بسيادتها الإقليمية.
وعقدت محادثات بين إثيوبيا والصومال في الأول من يوليو الماضي، في العاصمة التركية، التي شهدت أيضا “جولة ثانية” من المحادثات في 13 أغسطس الجاري.
ومن المقرر عقد جولة ثالثة من المحادثات في 17 سبتمبر المقبل في أنقرة.
ووفق تقديرات استراتيجية، فقد انتهت الجولة الثانية من المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا برعاية أنقرة ، دون التوصل إلى حل للأزمة..
وبالتزامن مع قرب “الجولة الثالثة من المفاوضات”، ما زال الصومال “يتشبث بوحدة وسيادة أراضيه”، وبالمقابل “ترغب إثيوبيا في الوصول إلى منفذ بحري، بطريقة غير قانونية”، وفق مراقبين..
وتحتضن أنقرة جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين، سبتمبر المقبل..
ثالثا: أفق التعاون المصري الصومالي:
-ارسال مصر مساعدات عسكرية للصومال لأول مرة منذ 4 عقود:
ويوم الأربعاء 28 أغسطس، كشفت مصادر لرويترز، ارسال نظام السيسي مساعدات عسكرية إلى الصومال ، وسلمت مصر مساعدات عسكرية للصومال، الثلاثاء27 أغسطس ، هي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر مع إثيوبيا.
وجاءت تلك التطورات قبل أيام من زيارة السيسي أنقرة في الرابع من سبتمبر 2024، لعقد قمة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، حيث من المرتقب حضور ملف سد النهضة على طاولة المباحثات في أنقرة بين السيسي وأردوغان، الذي تقود بلاده مبادرة للوساطة في أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى.
وفي خطوة تعد الأولى منذ 40 عاما، نقلت وكالة “رويترز” عن 3 مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية وصول طائرات عسكرية مصرية إلى مقديشيو محملة بذخائر وأسلحة.
وبحسب دبلوماسيين ومسؤول صومالي كبير، لم تسمهم رويترز، فإن: طائرتان عسكريتان مصريتان ، وصلتا إلى مطار مقديشو، صباح الثلاثاء، محملتين بالأسلحة والذخيرة.
وبدوره، قال المحلل في “مركز ساهان للأبحاث” رشيد عبدي لرويترز “إذا أرسل المصريون قواتهم إلى الأرض ونشروا قوات على طول الحدود مع إثيوبيا، فقد يؤدي ذلك إلى مواجهة مباشرة بين البلدين، إن خطر اندلاع إطلاق نار مباشر منخفض، ولكن الصراع بالوكالة أمر محتمل”.
وكانت مصر والصومال قد وقعتا منتصف أغسطس ، بروتوكول التعاون العسكري المشترك بين البلدين، إضافة إلى الاتفاق على إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو، وافتتاح السفارة المصرية مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية، وفق بيان المتحدث باسم رئاسة جمهورية مصر العربية وقتها.
وتقول إثيوبيا، وهي دولة حبيسة، إنها تحتاج للوصول إلى البحر. وتصر مقديشو على أن منطقة أرض الصومال، التي لم تحصل على اعتراف دولي على الرغم من التمتع بحكم ذاتي فعلي منذ أكثر من 30 عاما، هي جزء من الصومال.
-برتوكول تعاون عسكري بين مصر والصومال:
وجاءت آخر التحركات المصرية على هذا الصعيد، بتوقيع مصر والصومال، في 14 أغسطس الجاري، على “بروتوكول عسكري”، شهده عبد الفتاح السيسي، والصومالي حسن شيخ محمود، خلال الزيارة التي قام بها الأخير إلى القاهرة..
ورحب الرئيس الصومالي والسيسي بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو، وافتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية مقديشيو، إضافة إلى التوقيع – خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر – على بروتوكول التعاون العسكري.
-اقرار الحكومة الصومالية اتفاقية الدفاع المشترك:
ومؤخرا، عقد اجتماع استثنائي، للحكومة الصومالية لإقرار اتفاقية دفاعية مع مصر..
وذلك في 20 يوليو الماضي، حيث وافق مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر.
وتأتي الاتفاقية بين مصر والصومال كمحاولة احتواء استراتيجي، لدول جوار إثيوبيا، التي بدورها تطمح لفرض نفوذها بـ”القرن الأفريقي”، وأيضاً موازنة النفوذ التركي الواسع بالمنطقة، في ظل إدراك مصر لوضعية الصومال الخاصة، وأهميته للأمن القومي المصري والعربي.
وفي 21 يوليو الماضي، أعلن التلفزيون الرسمي الصومالي، في تدوينة نشرها على منصة «إكس»، عن موافقة الحكومة الصومالية خلال «اجتماع استثنائي» لمجلس الوزراء الصومالي، على اتفاقية دفاعية بين مصر والصومال، تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي.
يحمل الاتفاق الجديد بين البلدين أبعاداً ودلالات مهمة في ظل احتدام الصراع بين كثير من القوى الإقليمية والدولية في منطقة القرن الأفريقي، خصوصاً في ظل «حمى القواعد العسكرية» من جيبوتي إلى الصومال،
وتسعى مصر لتثبت حضوراً قوياً في منطقة تتمتع فيها بعلاقات جيدة مع دولها، في ظل تنامي دور إثيوبيا وتركيا وغيرهما من الدول..
وعدّت الاتفاقية رسالة لأديس أبابا بأن القاهرة حاضرة وبقوة..
ومن خلال الاتفاق، ستوظف مصر كثيراً من مقدراتها فيما يتعلق بتدريب الجيش الصومالي والتعاون الاستخباراتي والأمني، خاصة أن الصراعات في المنطقة لديها تأثير كبير على الأمن القومي المصري، ومن ثم استبقت القاهرة أي مخاطر بتعزيز وجودها بشكل رسمي…
ووفق تقديرات استراتيجية، فإن مقديشو في ظل تنامي النزاعات والحركات المسلحة باتت تحتاج إلى من يقف معها في حماية وحدتها، وتحقيق الأمن والاستقرار…
ويعول صوماليون على الاتفاقية بين الجانبين لحماية سيادة مقديشو من تدخل أي دول أخرى تسعى إلى تفتيت وحدة جمهورية الصومال الفيدرالية، عبر دعم الجيش الصومالي ضد الإرهاب، باعتباره «مربط الفرس وحجر الزاوية» وهو ما سيلاقي ترحيباً واسعاً بالبلاد..
ويلاقي الحضور الاستراتيجي المصري في الصومال رداً إثيوبياً بسبب «الصراع بين الدولتين حول مياه النيل»، رغم أن التعاون المصري – الصومالي أكبر من مجرد مواجهة الاتفاق بين إثيوبيا و«أرض الصومال»..
-جدوى الاتفاق العسكري:
ورغم عدم الكشف بعدُ عن تفاصيل اتفاقية الدفاع المشترك الأخيرة؛ فإنه يمكن توقُّع أنها ستُطوّر التعاون الصومالي المصري بشكل كبير في الفترة المقبلة، وعدم اقتصاره على تقديم القاهرة دعمًا نوعيًّا ومرحليًّا للصومال في أوقات الأزمات (مثل: تزويد الصومال قبل أعوام قليلة بشحنات أسلحة خفيفة لمواجهة تصاعُد عمليات جماعة الشباب المسلحة)؛ وذلك أن الاتفاقية تُمثّل إطارًا قانونيًّا مكتملًا لتعميق التعاون بين البلدين (وكذلك في ضوء تراجع سقف مشروطيات أديس أبابا التقليدية على سياسات مقديشو الخارجية، ولا سيما مع القاهرة)، وإطلاق آفاق هذا التعاون. وبالفعل اعتبر مراقبون في الإقليم أن الاتفاق “يمكن أن يُعيد تشكيل ديناميات الأمن في القرن الإفريقي”، ويُعزّز بشكل واضح قدرات الجيش الصومالي خاصةً في جانب التدريب وتحسين أداء مهامه القتالية ضد الجماعات المسلحة، وكذلك في مواجهة أيّ تدخلات عسكرية محتملة انتهاكًا لسيادة الصومال على أراضيه.
من جهة أخرى، جاء إقدام مقديشو على الخطوة لتعزيز قدرتها على مواجهة تهديدات جماعة الشباب، وكذلك الضغوط الخارجية (لا سيما من جارته الكبيرة إثيوبيا).
ولعل ارسال مصر مساعدات عسكرية للصومال، يمثل بداية لتنفيذ الاتفاقية المشتركة وبرتوكول التعاون العسكري..
-مشاركة مصر في قوات “أوصوم” بالصومال:
ومنتصف أغسطس الجاري، أعلن الاتحاد الأفريقي أن مصر ستساهم للمرة الأولى بقوات عسكرية في بعثة الاتحاد، لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال “أوصوم”، في يناير المقبل، لتحل محل بعثة الاتحاد المكونة من بوروندي وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، والتي تنتهي مهمتها في نهاية العام الجاري.
-عدم التعارض بين الاتفاقيات التركية والمصرية مع الصومال:
ويرى المحللون أن القاهرة تضع نصب عينيها في المقام الأول الاتفاق بين إثيوبيا مع “أرض الصومال” يناير الماضي، والذي أثار انتقادات واسعة، ومن ثمَّ تسعى بشكل مباشر لتعزيز علاقاتها العسكرية مع الصومال بشكل خاص ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام؛ لمواجهة ما يمثله الاتفاق الإثيوبي من تهديدات لمصالحها وأمنها القومي، في حين استبعدوا أن يتعارض الاتفاق المصري الصومالي، مع اتفاق مقديشو مع أنقرة.
في حين، فإنه بموجب الاتفاق بين تركيا والصومال، ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية الصومالية حتى تتمكن من حماية مياهها الإقليمية بشكل أفضل من التهديدات مثل الإرهاب والقرصنة و”التدخل الأجنبي”، فضلًا عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية.
وتقضي الاتفاقية ببناء تركيا سفنا عسكرية وبيعها للصومال، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة، فضلًا عن إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في مقديشو التي ستتكفل بفتح أجوائها للاستخدام المدني والعسكري التركي.
وتسارعت الخطوات الصومالية لتوقيع اتفاقيات عسكرية مع تركيا ومصر، بعدما تفاقمت التوترات مع إثيوبيا عندما وقّعت أديس أبابا مذكرة تفاهم مع “أرض الصومال” تمنح إثيوبيا – واحدة من أكبر الدول غير الساحلية في العالم – منفذاً بحرياً لطالما سعت إليه.
وسعت تركيا أن تكون وسيطًا بين الصومال وإثيوبيا، حيث استضافت، محادثات، يوليو الماضي، في محاولة لخفض منسوب التوترات المتصاعدة بين البلدين، على خلفية الاتفاق الذي رفضته مصر والدول العربية، وينتظران جولة جديدة من المفاوضات سبتمبر المقبل.
ثالثا: أهداف التعاون العسكري المصري الصومالي:
وهدفت التحركات المصرية الصومالية لتعزيز التعاون الاستراتيجي للبلدين..وحققت اتفاقات التعاون بين البلدين العديد من الأهداف..
-رسم توازنات استراتيجية بمنطقة القرن الافريقي:
وتعد الاتفاقية العسكرية المشتركة بين الصومال ومصر، أحد مخرجات القمة الصومالية المصرية، مما يؤكد وجود مستويات اقتصادية موازية للاتفاقية، وهو ما يُكْسِب التقارب الصومالي المصري زخمًا أكبر، ويُعزّز حضور مصر لاعبًا رئيسًا في القرن الإفريقي، مما سيمثل حسب مراقبين كثيرين تحديًا للنفوذ والهيمنة الإثيوبيين، ويُؤمّن مصالح مصر بشكل أكبر في إقليم البحر الأحمر، لا سيما أن “سِرّية” بنود الاتفاقية تترك الاحتمالات مفتوحة على وجود تعاون عسكري “غير مسبوق”، وإطلاق شراكة إستراتيجية أكبر وأوسع نطاقًا بين البلدين.
-مواجهة مصر للتحركات الاماراتية الاثيوبية في دولة جنوب السودان:
كما أن الخطوة المصرية تمثّل في واقع الأمر اختراقًا حقيقيًّا في حالة جمود الدبلوماسية المصرية في القرن الإفريقي وحوض النيل في الأعوام الأخيرة (لاعتبارات الرؤية وارتباطات القاهرة بحزمة “تحالفات” وسياسات إقليمية خصمت بقوة من قدرتها على المبادرة، لا سيما منذ انطلاق الأزمة في السودان في أبريل 2023م، كما اتضح أيضًا في تصديق حكومة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي في خطوة بدت مباغتة لمصر تمامًا).
وربما تكون خطوة القاهرة مؤثرة في ضبط توازنات التدخل الإقليمي في الصومال، حتى مِن قِبَل أطراف عربية (لا سيما الإمارات التي تملك حضورًا عسكريًّا في ميناء بربرة، وتمثل رابع دولة تتمتع بهذه الميزة داخل الصومال بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا..
-بين التنسيق المصري الامريكي والتمدد الاماراتي:
كما يبدو أن التقارب المصري الأمريكي في إدارة ترتيبات الأمن في البحر الأحمر (مقارنة بما يُلاحظه مراقبون من تجميد أنشطة ما عُرف بـ”مجلس الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر” ، سيمثل قيمة مضافة للدور المصري في الصومال وقدرة القاهرة على موازنة مصالحها المشتركة مع الأخير على المدى المتوسط على الأقل. لكن تظل -بطبيعة الحال- آفاق هذا التقارب العسكري محكومة بقدرة مصر (التي تواجه مشكلات اقتصادية ضخمة، ولا تزال تُعوّل بقوة على شركائها في الخليج لتخفيف حدتها)، على مواصلة الدفع بقوة نحو سياسة صومالية متحررة من ضغوط وارتباطات القاهرة مع حلفائها الإقليميين، والتي أفضت إلى انكماش الحركة المصرية في القرن الإفريقي وحوض النيل لمستوى غير مسبوق منذ حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك (تحديدًا بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا 1995م).
كما يرتبط ذلك، بنفس القَدْر على الأقل إن لم يفوقه، بمدى تقبُّل الدول الخليجية الفاعلة في القرن الإفريقي (بصِلَاتها العضوية مع إثيوبيا) بتجدد نشاط الدبلوماسية المصرية، وما قد تَعتبره خصمًا من “لحظتها الخليجية” التاريخية” في إفريقيا بعد تراجُع “مصر الناصرية ودورها في القارة”؛ وهو إرث لا يزال يجد شغفًا ملموسًا في أوساط الصوماليين حتى اللحظة الحالية، ويضيف لاتفاقيات التعاون الثنائي بين القاهرة ومقديشو مقبولية لا تُقارن بغيره من الحضور العربي والدولي وسط الشعب الصومالي.
-مواجهة التمدد الاثيوبي بالقرن الافريقي:
وتضع القاهرة نصب عينيها في المقام الأول الاتفاق بين إثيوبيا مع “أرض الصومال” يناير الماضي، والذي أثار انتقادات واسعة، ومن ثمَّ تسعى بشكل مباشر لتعزيز علاقاتها العسكرية مع الصومال بشكل خاص ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام؛ لمواجهة ما يمثله الاتفاق الإثيوبي من تهديدات لمصالحها وأمنها القومي…
وييستهدف البرتوكول العسكري، وقف التغول الإثيوبي على الأراضي الصومالية، بعد الاتفاق “غير القانوني” بين أديس أبابا وصومالي لاند.
ويرى خبراء أنه “لا يوجد تعارض بين الاتفاق العسكري لمصر وتركيا مع الصومال، طالما كان الهدف واحدًا، بمساعدة مقديشو على استعادة سيادته واستقراره، والمساهمة في تعزيز الأمن والسلم بمنطقة القرن الإفريقي“.
إذ عادت العلاقات بين القاهرة وأنقرة ، بقدر كبير إلى مجراها الطبيعي بعد فترة من القطيعة، إذ شهدنا عودة للمشاورات على أعلى مستوى، بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لمصر، فضلا عن الزيارة المنتظرة للسيسي إلى تركيا.
وتمتلك مصر مقومات وقدرات كثيرة في مجال التأهيل والتدريب العسكري، وبالتالي ستساعد الصومال في تأهيل الجيش بما يُمكنه من مواجهة الإرهاب، والسيطرة على كافة مناطقها وسط التوتر الراهن..
-دعم الأمن القومي المصري:
يشار إلى أن القرن الإفريقي يعد امتدادا للأمن القومي المصري، ولذا سعت القاهرة لإبرام اتفاقيات أمنية وسياسية مع الدول بهذه المنطقة وخاصة الصومال، جيبوتي، إريتريا؛ للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.
-الرد على اتفاقية اثيوبيا مع أرض الصومال:
وتأتي الاتفاقية عقب توقيع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي مذكرة تفاهم في يناير مع إثيوبيا، تمنح الأخيرة بموجبها حقّ استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضي “أرض الصومال” لمدة 50 عاماً، عبر اتفاقية إيجار. وهو ما رفضته مقديشو ومصر، واستدعى اجتماعاً عربياً طارئاً آنذاك أدان الاتفاق، وتضامن مع الموقف الصومالي، الذي عدّها باطلة وغير مقبولة..
وإقليم “أرض الصومال” هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي.
-احتواء استراتيجي للمشاريع الاقليمية بالقرن الافريقي:
وتستهدف الاتفاقية المصرية – الصومالية، وفق الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، «تعزيز العلاقات ودعم الصومال، عبر تدريب الجيش الصومالي، في ظل الحرب الشرسة التي يخوضها ضد الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها (حركة الشباب)، في ظل الخبرات الكبيرة للجيش المصري، ومن دون أي وجود لقواعد عسكرية»، وهو أمر سبق أن نفّذته القاهرة خلال السنوات الماضية.
فالصومال مهم لمصر، كونه «يلعب دوراً كبيراً في الملاحة بالبحر الأحمر لموقعه قرب مضيق باب المندب، الذي يمثل بوابة جنوبية للبحر الأحمر، وهو ما يؤكد الأهمية الجيوسياسية بالنسبة للقاهرة».
-موازنة الدور التركي بالقرن الافريقي:
كما تسعى مصر لموازنة الوجود التركي بالمنطقة، بحسب اللواء سمير فرج.
اذ تولي القاهرة أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وفق وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال استقباله ، مؤخرا، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت فيبر.
وأجرى عبد العاطي أولى رحلاته الخارجية، منذ توليه منصبه مطلع يوليو الماضي، إلى الصومال وجيبوتي، لافتتاح أول خط طيران مباشر بين الدول الثلاث، وهو ما يعكس «عمق وأهمية علاقات مصر مع الدولتين، وحرص مصر على تحقيق قدر أعلى من الترابط مع دول القرن الأفريقي لما تمثله من عمق استراتيجي للأمن القومي المصري»، وفق بيان للخارجية المصرية.
وعكست الاتفاقية إدراك مصر لوضعية الصومال الخاصة وأهميتها للقاهرة،
فاتفاقية الدفاع الحالية تهدف «ترميم ثغرات في جدار الأمن القومي العربي».
كما أن الاتفاق يمثل تأكيداً للمفاهيم المصرية بشأن القرن الأفريقي والبحر الأحمر..
وفي يناير الماضي، استقبل السيسي الرئيس الصومالي، وشهد المؤتمر الصحفي «رسائل قوية» إلى إثيوبيا بشأن اتفاقها مع «أرض الصومال» لاستخدام واجهة بحرية من أراضيها عبر اتفاقية «إيجار»، فضلاً عن رسائل دعم قوية إلى الصومال، تضمنت التذكير بميثاق الجامعة العربية بالدفاع المشترك لأي تهديد له وحماية سيادته.
كان الرئيس الصومالي زار مصر في يناير الماضي بعد أيام من الإعلان عن توقيع مذكرة التفاهم بين إقليم أرض الصومال وإثيوبيا من أجل الحصول على منفذ بحري في نطاق ميناء بربرة، لاستخدامه في أغراض عسكرية وتجارية، وذلك مقابل حصة لصالح صوماليلاند في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.
وتتمسك مقديشيو بأن “أرض الصومال” جزء من الصومال الكبير. ولا يحظى الإقليم باعتراف دولي رغم إعلانه الاستقلال منذ عام 1991.
خامسا: تداعيات التعاون العسكري المصري الصومالي:
-زيادة التوتر بين الصومال ومصر مع اثيويا :
وإلى جانب الخلافات المصرية الاثيوبية حول سد النهضة الاثيوبي، تتزايد التوترات بين الجارتين الصومال وإثيوبيا؛ جراء توقيع الأخيرة في الأول من يناير الماضي مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي، تمهّد لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية وتأجير ميناء بربرة على البحر الأحمر لمدة 50 سنة.
ورفض الصومال هذا الاتفاق، باعتباره “غير شرعي ويشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادته”، وشدد على أنه “لا مجال لوساطة” في الخلاف مع إثيوبيا، ما لم تنسحب من الاتفاق.
كما أعلنت جامعة الدول العربية وعدد كبير من أعضائها بينهم مصر رفضها الاتفاق وتأكيدها سيادة الصومال على أراضيه كافة. ومع تلك التطورات بين الصومال ومصر، فمن المرجح زيادة حدة التوترات مع اثيوبيا في منطقة القرن الافريقي وأعالي النيل..
وتتصرف أرض الصومال، التي لا تتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانها الانفصال عن الصومال عام 1991، باعتبارها كيانا مستقلا إداريا وسياسيا وأمنيا، مع عجز الحكومة المركزية عن بسط سيطرتها على الإقليم، أو تمكن قيادته من انتزاع الاستقلال.
يذكر أن إثيوبيا أصبحت دولة حبيسة منذ انفصال إريتريا المطلة على البحر الأحمر، رسميا عنها عام 1993.
-احتمالات تصعيد عسكري بعد ارسال مصر مساعدات عسكرية للصومال:
وتذهب تقديرات استراتيجية مختصة بالقرن الافريقي، إلى امكانية وصول قوات عسكرية مصرية للصوومال في مواجهة اثيوبيا. وذلك في ظل ما تفعله أديس أبابا بـ”ورقة سد النهضة”، وقد أرسلت مصر طائرات عسكرية محملة بالمساعدات العسكرية، التي تراها اثيوبيا تدخلا مصريا مرفوضا في أمن واستقرار منطقة القرن الافريقي…
فيما تذهب تقديرات استراتيجية مصرية إلى أن التواجد العسكري المصري في الصومال “ضرورة” لمنع وجود “أي منفذ بحري لإثيوبيا، ووقف التمدد الإثيوبي نحو البحر”..
وعسكريا، تحل إثيوبيا في المرتبة 49 بين أقوى جيوش الأرض، بينما تحتل الصومال المرتبة 142، وفق موقع “غلوبال فاير باور“.
قيما تحتل مصر صدارة الجيوش العربية، ومراكز متقدمة على الصعيد العالمي بين الثامن والعاشر عالميا…
فيما يرى مراقبون أن الصومال ليس مستعدا لصدام مع إثيوبيا، ويسير عبر “القنوات الدبلوماسية”، بما في ذلك مراعاة القانون الدولي، والمواثيق الأممية.
ومن خلال قراءة المشهد الموتور بالمنطقة، فإن الصومال بصدد “تعزيز قدراته العسكرية”، ولذلك فإذا لزم الأمر فسوف يستقبل “قوات من الجيش المصري”، وفقا للاتفاقية العسكرية المبرمة بين البلدين مؤخرا.
وتعد إثيوبيا الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم التي “لا تملك منفذا على البحر” منذ انفصال إريتريا عام 1991، وإعلانها استقلالها في 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود.
فيما يربط مراقبون مسار حل الأزمة إذا كان “دبلوماسيا أم عسكريا”، بـ”الخطوات القادمة لرئيس الوزراء الإثيوبي“.
-غضب اثيوبي من مصر:
وفور ارسال مصر معدات عسكرية لاثيوبيا، اتهمت الحكومة الإثيوبية، القاهرة بالتدخل في شؤون الصومال، وذلك بعد أنباء عن إرسال مصر مساعدات عسكرية إلى مقديشو.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان لها الخميس 29 أغسطس ، إن مصر قدمت مساعدات عسكرية للصومال، واعتبرت أن ذلك يرقى إلى مستوى “تدخل خارجي”، موضحة أن بعثة حفظ السلام المقرر نشرها في الصومال، بخلاف بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية “أتميس”، يمكن أن تزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي.
وأضافت الخارجية الإثيوبية أن “إثيوبيا تراقب بعناية التطورات في المنطقة التي قد تهدد أمنها القومي“.
والأربعاء، أعلن السفير الصومالي بالقاهرة علي عبدي أواري، عن بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى العاصمة مقديشو.
وأوضح أن هذه الخطوة تمثل “تمهيدا لمشاركة مصر في قوات حفظ السلام، التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال “أميصوم”، والتي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية “أتميس” بحلول يناير 2025“.
واعتبر أنها أولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التي عقدت بالقاهرة في 14 أغسطس الجاري، بين السيسي، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وشهدت توقيع “اتفاق دفاعي مشترك بين البلدين..
-ترسيخ دبلوماسية القمم الرئاسية بين مصر والصومال:
ورسخت القمة المصرية الصومالية، ألأخيرة، نهجا جديدا في العلاقات بين البلدين، وهو انتظام آلية القمم الرئاسية، أو ما يعرف بدبلوماسية القمة، حيث تعد تلك القمة هي الرابعة بين السيسي ومحمود خلال العامين الماضيين..
ووجهت القمة العديد من الرسائل الاستراتيجية للمحيطين الإفريقي والدولي أبرزها:
1. تأكيد قيادتي البلدين على العلاقات التاريخية والتحالف الاستراتيجي بينهما.
2. توقيع اتفاق للتعاون العسكري يرسخ مرحلة مهمة من التعاون، في ضوء الجهود المصرية لدعم وبناء القدرات الوطنية الصومالية في المجالين الشرطي والعسكري، من خلال آلية التدريب، والإمداد بالمعدات والأجهزة، والمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الأمنية الصومالية.
3. تمسك القاهرة بموقفها المبدئي بوحدة الأراضي الصومالية، ورفض تقسيم الصومال، أو الاعتراف بالأقاليم الانفصالية، وهو أمر راسخ منذ اندلاع الحرب في الصومال 1991.
4. تعويل الصومال على الدعم المصري في مواجهة الاتفاق العسكري بين إقليم أرض الصومال وإثيوبيا، وهو الأمر الذي أكدته زيارة “محمود” للقاهرة يناير الماضي، عقب توقيع الاتفاق، واستقبال مقديشو ، وفد مصري رفيع المستوى.
5. استمرار التنسيق المصري مع الأطراف الإقليمية الفاعلة – تركيا- لتجنيب مقديشو تداعيات هذا الاتفاق، والحفاظ على سيادة الصومال.
6. التشبيك المصري مع الجهود الإقليمية لحفظ الأمن في الصومال ، من خلال إعلان القاهرة المشاركة في بعثة حفظ السلام الأفريقية بالصومال مطلع عام 2025.”
كما أن توقيع اتفاق دفاع مشترك بين مصر والصومال استكمالا لخطوات مصرية مدروسة تمت خلال الفترة الماضية للوقوف مع الصومال لدعم وحدته وسيادته على أراضيه خاصة في ضوء الاضطرابات الأمنية التي يشهدها الصومال منذ عدة عقود وكذلك في ضوء الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا بشأن حصول إثيوبيا على تسهيلات بحرية في ميناء بربرة على البحر الأحمر مقابل الاعتراف بأرض الصومال ومزايا أخرى، وهو الاتفاق الذي صرحت مصر بأنها ترفضه ولا تعترف به لأنه يمس سيادة الصومال ووحدة أراضية وأيضًا في ضوء الصراع بين الطرفين حول سد النهضة الإثيوبية وما أثارة من إشكاليات عديدة تتعلق بالنوايا الأثيوبية الحقيقية من وراء بناء السد حيث لم تقم إثيوبيا بإبداء حسن النوايا تجاه دول المصب منذ البدء في تدشينه في عام 2011 وهو الذي شهد اضطرابات امنية وسياسية في مصر..
-تعقيدات بملف سد النهضة الاثيوبي:
ومن ضمن تداعيات ترقية التعاون السياسي والعسكري المصري الصومالي، اتجاه اثيوبيا للتصعيد ضد مصر، في ملف سد النهضة، وهو ما يمكن قراءته في التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الاثيوبي، أبي أحمد، حول اكتمال سد النهضة في ديسمبر المقبل، واحتجاز اثيوبيا نحو 71 مليار متر مكعب من مياة النيل..
وقبل ساعات من ارسال مصر مساعدات عسكرية للصومال، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اكتمال بناء سد النهضة بنسبة 100% بحلول ديسمبر المقبل، واصفا ذلك بالإنجاز التاريخي.
وأضاف أن نسبة إجمالي المياه في بحيرة السد بلغت 62.5 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن تبلغ حتى ديسمبر المقبل ما بين 70 إلى 71 مليار متر مكعب، من إجمالي السعة الكلية للسد البالغة 74 مليار متر مكعب، موضحا أنه سيتم تشغيل 3 توربينات أخرى في ديسمبر المقبل، ليبلغ اجمالي التوربينات 7 توربينات، فضلا عن القيام بحجز 900 مليون متر مكعب يوميا منذ الأسبوع الماضي.
وتعليقا على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، قال وزير الموارد المائية والري السابق، محمد نصر علام، إن “الهدف الرئيسي من الإعلان هو الإشادة بالإنجاز الإثيوبي وتشييد سد النهضة وعدد من التوربينات لتوليد الكهرباء”،
وشدّد على أن “الخطورة تتمثل في عدم اعتراف إثيوبيا بحصتي مصر والسودان، في مياه النيل، وبالتالي ما قد يتم توفيره من المياه لهما من خلال سد النهضة قد يكون أقل من احتياجاتهما”.
كما أن هذه التصريحات مخالفة لقواعد أساسية للقانون الدولي، حيث تحتجز أثيوبيا ، حوالي 125% من تدفق النهر لنفسها دون دولتى المصب، كما تستخدم المياه في الزراعة وتوليد الكهرباء بدون التنسيق مع دولتي المصب.
كانت مصر قد أعلنت وقف مشاركتها في مفاوضات سد النهضة بسبب التعنت الإثيوبي في المفاوضات التي جرت مؤخرا.
-الاتجاه نحو صياعة تحالف اقليمي رباعي:
ويأتي التعاون العسكري بين الصومال ومصر بشكل مختلف عن أي تعاون آخر، بسبب المخاوف المشتركة من تداعيات الطموح الإثيوبي لإيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر، في تهديد للملاحة في مضيق باب المندب وإمكانية عرقلة خطوط الملاحة المؤدية إلى قناة السويس، بالإضافة إلى العداء التاريخي المشترك تجاه إثيوبيا، إلى جانب رغبة الطرفين في تشكيل تحالف رباعي بين الصومال ومصر وجيبوتي وإريتريا لمحاولة تطويق وردع المساعي الإثيوبية في المنطقة.
ووفق تصريحات الرئيس الصزمالي بالقاهرة مؤخرا، فإن كل هذه العوامل جعلت التعاون بين البلدين أمراً ضرورياً على أرض الواقع.
وسبق أن طالبت مصر مطلع أغسطس الحالي، بالمشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، بعد انتهاء مهمة قوات الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال “أتميس” في ديسمبر المقبل، في محاولة لسد الفراغ الأمني الذي قد يسببه انسحاب هذه القوات، وهو ما أثار المخاوف الإثيوبية تجاه هذا القرار. وجاء ذلك في وقت قرر فيه مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في يونيو الماضي إرسال بعثة جديدة لحفظ السلام في الصومال مطلع 2025.
-نجاح صومالي في تغطية انسحاب قوات حفظ السلام الافريقية المحتمل في ديسمبر:
ووفق مراقبين، فإن الحكومة الصومالية تسعى إلى موازنة النفوذ الدولي والإقليمي المهتم بالمنطقة، خصوصاً بين تركيا ومصر، ولهذا فإن توقيت زيارة شيخ محمود إلى القاهرة وتوقيع بروتوكول تعاون عسكري بين وزارتي الدفاع في الصومال ومصر تزامن مع بدء وصول السفن التركية إلى سواحل الصومال، لتأمين عمليات التنقيب عن النفط، ومواجهة التهديدات الأمنية التي تواجهها السواحل الصومالية.
يشار إلى أن الصومال ومنطقة القرن الأفريقي ميدان تنافس على المصالح بين القوى، مما فرض على الصومال تبنّي استراتيجية توازن بين تلك القوى لتحقيق مصالحه الخاصة.
السياسة الخارجية الصومالية متجهة نحو منطق التوازن، خصوصاً بعد نجاحها الدبلوماسي التاريخي في الصراع البحري مع كينيا في عام 2016، والأزمة الحالية مع إثيوبيا، وكيف واجهت أديس أبابا رغم ثقلها السياسي في المنطقة.
كل هذه العوامل وجّهت إشارات إيجابية أن الصومال قادر على مراعاة التوازن مع شركائه في المنطقة.
وكانت الصومال وقع أربع اتفاقيات تعاون عسكرية مع أربع دول، هي تركيا ومصر والإمارات وأوغندا، في محاولة لسد الفراغ المحتمل بعد انسحاب قوات “أتميس” في نهاية ديسمبر المقبل، لكن هذا التعاون لن يتسبب في حدوث صدام بين هذه الدول، نظراً لاستعداد الصومال لإدارة طبيعة الدعم الذي سيقدم له كل من كل هذه الأطراف وتوجيهه حسب حاجاته الملحة.
-تسليح جديد لاثيوبيا ردا على الاتفاقيات المصرية الصومالية:
ومؤخرا، تداولت عدة تقارير إخبارية أنباء عن أن إثيوبيا تجري حاليا محادثات مع عدد من الدول للحصول على حاملة طائرات، ومن المتوقع أن يتم إبرام الصفقة في غضون شهرين، وفي حالة إتمام مذكرة التفاهم، من المتوقع أن تتمركز حاملة الطائرات في القاعدة البحرية الإثيوبية في أرض الصومال، في حال دخل الاتفاق الاثيوبي مع أرض الصومال حيز التنفيذ.
ووفق تقارير لموقع المنشر، فإن الخيار الأول أمام أثيوبيا، هو حاملة الطائرات الأمريكية USS Peleliu ، وهي سفينة هجومية برمائية أمريكية، وهي حاليا تخضع حاليا للصيانة والإصلاحات، وإذا تم اختيار حاملة الطائرات الأمريكية USS Peleliu، فمن المتوقع أن تتم الصفقة خلال الشهرين المقبلين، حيث ستكون السفينة جاهزة للخدمة بعد انتهاء أعمال الصيانة.
وبعد إتمام مذكرة التفاهم، من المتوقع أن تتمركز حاملة الطائرات في القاعدة البحرية الإثيوبية في أرض الصومال.
ووفق التقارير الاخبارية، فإن الصين تبني سرا حاملة طائرات لصالح إثيوبيا، وإذا تم اعتماد الخيار الصيني، فمن المتوقع أن تمتلك إثيوبيا الحاملة في غضون 6 أشهر إلى سنة.
وسيتم تمركز الحاملة في القاعدة البحرية الإثيوبية في أرض الصومال بعد إتمام الاتفاق.
فيما يوفر الخيار الأمريكي سفينة ذات تاريخ طويل في الخدمة، فإن الخيار الصيني يقدم توقيتا أكثر مرونة وربما تكلفة أقل.
وتأتي الخطوة الأثيوبية كأكبر تحرك استراتيجي لردع مصر، إزاء ما يدور في الأفق السياسي من تشاحن سياسي حول إصرار أثيوبيا على المضي منفردة في ملء سد النهضة، وتشغيله بشكل منفرد، وسعي أديس أبابا لإجبار مصر على التسليم بما تمن به أثيوبيا على مصر من مياه النيل، التي جرى خصم أكثر من 50% منها مع الملء الخامس، الذي يكتمل خلال أيام.
وسط إصرار على تحويل النيل لبحيرة أثيوبية، عبر بناء عدد كبير من السدود على النيل، لتوليد الكهرباء، وكذا إدخال جنوب السودان ضمن دائرة اتفاقية عنتيبي التي تدخل حيز التنفيذ بتوقيعها مؤخرا، بدعم إماراتي أثيوبي، ودفع الإمارات نحو 13 مليار دولار استثمارات في جوبا، من أجل مشاريع زراعية واسعة بجنوب السودان.
سادسا: مستقبل الأوضاع في القرن الافريقي:
ويُتوقع في الفترة المقبلة انكشاف الوضع عن ردود أفعال مختلفة تجاه توقيع الصومال ومصر اتفاقية التعاون العسكري المشترك. ويُتوقع أن تبادر إثيوبيا بتعميق تهديداتها للصومال والمُضي قدمًا في البحث عن سُبُل تحقيق متطلبات مذكرة التفاهم مع “جمهورية أرض الصومال” بالتوازي مع ترقُّب جولة محادثات ثالثة مع مقديشو برعاية تركية، وهو سيناريو يُعزّزه سلوك الخارجية الإثيوبية في أزمات مشابهة (خاصة ملف سد النهضة) باتباع مسارات متعددة رغم تصدير تبنّي سياسات تهدئة وتوافق.
كما يُتوقع بشكل كبير أن تتدخل أطراف عربية للحيلولة دون اتساع أُفُق التعاون العسكري المصري الصومالي واقتصاره على مستويات تدريب معقولة وقاصرة على ملف مواجهة الإرهاب. أما الصومال فإنه يبدو من ردود الفعل الأولية للرئيس حسن شيخ محمود في القاهرة، وكذلك لدى عدد من المعنيين الصوماليين، وجود ترحيب غير مسبوق (بعد مطالب متكررة من نُخَب صومالية في واقع الأمر بعودة مصر للصومال) بالاتفاقية، بل والتعويل عليها في حماية الصومال من التهديدات الخطيرة والمتصاعدة التي باتت مستدامة في الأعوام الأخيرة.
على أيّ حال، فإن المتغيرات على الأرض ستكشف عن حجم آثار الاتفاقية وقدرتها على إعادة ضبط العلاقات المصرية الصومالية، ثم اختبار مدى جدية القاهرة في اتباع سياسات خارجية إفريقية أكثر حسمًا وقوةً في حماية مصالحها واستعادة دَوْرها كواحدة من أهم الدول الإفريقية في مجال العمل على حماية أمن وسيادة واستقرار دول القارة الإفريقية.
ولعل الأيام المقبلة ستشهد تحركات على الأرض قد تدفع نحو مواجهة دبلوماسية وسياسية ، وربما عسطرية..اذ قامت اثيوبيا باعلان افتتاح سفارة لها بمنطقة أرض الصومال، وقامت بارسال قوات لها ونشرها على أرض المنقطة الانفصالية، في رد مباشر على التحركات المصرية، بارسال مساعدات عسكرية للصومال…
…………………
مراجع:
عربي 21، إثيوبيا تتهم مصر بالتدخل في الصومال بعد إرسالها مساعدات عسكرية، 29 أغسطس 2024
سكاي نيوز عربية، الاتفاقية الدفاعية المصرية – الصومالية لاحتواء «الطموح» الإثيوبي وموازنة «النفوذ» التركي، 21 يوليو 2024
العربي الجديد، إثيوبيا في ميزان البروتوكول العسكري بين مصر والصومال، 16 اغسطس 2024
سكاي نيوز عربية،ما أهداف الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر؟، 15 أغسطس 2024
CNN عربي ، توقيع اتفاق دفاع مشترك.. مصر: نرفض أي تدخل في شؤون الصومال، 14 أغسطس ,2024
الأناضول، رئيسا مصر والصومال يؤكدان رفض الإجراءات الأحادية في القرن الأفريقي، 5/7/2024
الجزيرة، رئيسا مصر والصومال يؤكدان رفض الإجراءات الأحادية في القرن الأفريقي، 5/7/2024
الجزيرة، وساطة تركية بين الصومال وإثيوبيا بشأن الخلاف حول ميناء بربرة
سكاي نيوز عربية، ما أهداف الاتفاق العسكري بين الصومال ومصر؟، 15 أغسطس 2024
الحرة، بين “الوساطة التركية” و”التحركات المصرية”.. ما مصير الأزمة بين الصومال وإثيوبيا؟، 18 أغسطس 2024
د. محمد عبد الكريم أحمد ، اتفاقية التعاون العسكري بين مصر والصومال: علاقات تاريخية وتحديات مشتركة، قراءات افريقية ، 18 أغسطس 2024
عبير مجدي، تداعيات اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال على الأمن الإقليمي، مركز رع للدراسات، 8 يناير، 2024
روسيا اليوم، هل تواجه مصر إثيوبيا عسكريا دفاعا عن الصومال؟.. خبراء يتحدثون، 16 أغسطس 2024
العربي الجديد، التعاون العسكري بين الصومال ومصر… مواجهة نفوذ إثيوبيا، 20 اغسطس 2024
الحرية والعدالة، تفاوض أثيوبيا على شراء حاملة طائرات وعلاقته بمصر وسد النهضة!، 17 أغسطس، 2024
عربي 21، قوة عسكرية مصرية للصومال.. استعادة دور مفقود أم نكاية بإثيوبيا؟ 25 أغسطس