بين الفينة والأخرى، يثير الاعلام المصري الأحاديث عن احتمالات انهيار سد النهضة الاثيوبي، مركزين على تقارير وانباء الزلازل التي تضرب اثيوبيا، وهو اتجاه قد تغذيه الاجهزة الامنية التي تتمنى حلا للازمة الكارثية التي يمثلها السد على مستقبل حياة المصريين، في ظل تقصير أجهزة النظام وعجزها عن حماية الأمن القومي المصري، آملين في حل يأتي من الطبيعة ، دون جهد بشري من النظام المفترض فيه حماية الشعب المصري..
يأتي هذا ، فيما يستبعد الكثير من الباحثين والدوائر العلمية الموثوقة ، انهيار السد على إثر الزلازل، اذ جرى اتباع الكثير من معامل الأمان الهندسي في بناء السدود..
ويرون احتمال انهيار السد، ضعيف جدا يكاد ان يكون معدوم خاصه ان النشاط الزلزالي في اثيوبيا يبعد اكتر من 560 كيلو متر عن موقع بناء السد…
وفي هذا السياق، يرى العالم المصري عصام حجي، في تصريحات اعلامية، أن “النشاط الزلزالي الحالي في إثيوبيا يتركز في منطقة الأخدود الأفريقي العظيم، والذي يبعد أكثر من 560 كيلومترا من موقع سد النهضة، وهو صدع جيولوجي نشط منذ أكثر من 25 مليون سنة، أي أن هذا النشاط الزلزالي ليس وليد اللحظة، وهو نتاج البراكين التي تنشط بين الحين والآخر بفترات متباعدة تتراوح بين عشرات وآلاف السنين، ويسبق تلك البراكين نشاط زلزالي طبيعي مثلما يحدث اليوم، ومن الطبيعي أن يستمر في الفترة المقبلة، وليس بسبب بحيرة السد كما يشاع إعلاميا…كما أن الكوارث الطبيعية مثل الزلازل لها تأثير كبير على المنشآت مثل السدود، ولكن عند بنائها يتم الأخذ في الاعتبار الطبيعة الزلزالية لموقع البناء ويتم التصميم بمعايير دولية تحمي المنشآت من الهزات المتوقعة، ولذلك فإن الزلازل المدمرة التي حدثت في تركيا والمغرب في العامين السابقين لم تتسبب في انهيار للسدود القريبة منها، وبالتالي فإن احتمالية انهيار سد النهضة بسبب الزلازل الحالية ضعيفة…
ووفق عثمان التوم وزير الري السوداني الاسبق ، فإن الحديث عن انهيار السد بسبب الزلزال فيه مبالغة كبيرة، موضحا أن الفالق الإفريقي، الذي يمر شرق إثيوبيا على بُعد 500 كلم من العاصمة، لا يشكل أي تهديد مباشر للسد الذي يقع على بُعد أكثر من 1000 كلم غربًا.
كما أكد أن الدراسات العلمية التي أجراها معهد رصد الزلازل بجامعة أديس أبابا، أظهرت أن المنطقة التي يقع فيها السد تتمتع بثبات جيولوجي غير مسبوق، ولم تشهد أي نشاط زلزالي ملموس منذ أكثر من 50 عامًا. وأأن ربط بعض المحللين للهزات الأخيرة بمخاطر على السد يعد مبالغة لا محل لها، وأن المعطيات العلمية تدحض هذه التكهنات…كما أن المسافة الكبيرة بين السد والفالق الإفريقي تجعل أي تأثير زلزالي على السد أمرًا غير محتمل، مقارنا مع السد العالي في مصر، الذي يخزن 162 مليار متر مكعب من المياه، والذي ظل ثابتًا رغم الزلازل العديدة التي تعرضت لها المنطقة.
كما استشهد بسد أتاتورك في تركيا الذي صمد أمام زلزال مدمر قريب منه، مما يعكس قدرة السدود الضخمة على الصمود أمام الزلازل العنيفة.
كذلك، أوضح “أن تصميم السدود الكبرى، لا يعتمد على الصدفة، بل يأخذ في الحسبان جميع السيناريوهات الزلزالية المتوقعة، مما يضمن قدرتها على مقاومة الهزات الأرضية العنيفة مهما كانت قوتها.
ومن ثم يرى التوم أن الحديث عن انهيار سد النهضة بسبب الزلازل لا يعدو كونه مبالغة لا أساس لها من الصحة، فالمنطقة التي يقع فيها السد تتمتع بالاستقرار الجيولوجي، كما أن تصميم السد الهندسي يعزز قدرته على مواجهة الكوارث الطبيعية، مما يجعل هذه المخاوف بعيدة عن الواقع.
ما هو الفالق الإفريقي؟
يذكر أن الفالق الإفريقي يعد واحدًا من أعظم الظواهر الجيولوجية في العالم، حيث يمتد كشبكة ضخمة من الشقوق عبر قارة إفريقيا، وتعتبر إثيوبيا نقطة محورية في هذا النظام الهائل.
كما يشكل الفالق العظيم، الذي يبدأ من البحر الأحمر في الشمال الشرقي ويمتد إلى بحيرات شرق إفريقيا في الجنوب قلب هذا النشاط الأرضي المتواصل.
وفي إثيوبيا، يتجسد هذا النشاط في مشاهد مذهلة، مثل البراكين النشطة التي تخترق الأرض في منطقة “الدناكل” في شرق إثيوبيا، ويعد “الصدع الإثيوبي” جزءًا أساسيًا من هذا التحول الجيولوجي المستمر.
فالنشاط في هذه المنطقة ليس مجرد ظاهرة جيولوجية بل تاريخ من التغيرات العميقة، حيث تؤدي حركات الصفائح الأرضية إلى تشكل شقوق وفجوات ضخمة في القشرة الأرضية.
كما تترافق هذه التحولات مع براكين وزلازل مستمرة، مما يجعل الفالق الإفريقي واحدًا من أكثر الأماكن نشاطًا في العالم، لكن تأثيره لا يقتصر على الجيولوجيا فقط، فهو أيضًا يخلق بيئات طبيعية متنوعة، من السهول الشاسعة إلى الجبال الشاهقة والبحيرات العميقة، مما يجعل هذه المنطقة مأوى لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة..
من جهة ثانية، يرى استاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعه القاهره عباس شراقي ، والمقرب من السلطة الحاكمة، أن الزلازل الحالية التي تشهدها إثيوبيا والتي تبعد مسافة 500 إلى 600 كم من سد النهضة لا تؤثر عليه، إلا إذا زادت قوتها عن 6.5 درجة، مشيرا إلى وقوع زلزال قرب سد النهضة لمسافة 100 كم في 2023، ولكنه كان بقوة 4.4 درجات، محذرا من
زلازل إثيوبيا وخطورتها، الناجمة عن وزن بحيرة سد النهضة ل، بسبب تخوين مليارات الامتار من المياة..
ووفق شراقي، فقد بدأ النشاط الزلزالي في منطقة الأخدود الإثيوبي في 21 ديسمبر الماضي بمعدلات غير مسبوقة، حيث وصل خلال ديسمبر الماضي، 116 زلزالا بقوة تتراوح بين 4.3 – 5.8 درجات..
ومع تخليلات الخبراء، يبدو أن مسألة انهيار السد، بشكل طبيعي مستبعدة إلى حد كبير..
ولكن العديد من المخاطر تكتنفه، ومنها:
–تسريبات بحيرة سد النهضة:
اذ أدت الزلازل في أثيوبيا إلى بدء نشاط بركان “دوفن” يوم 3 يناير الجاري، بخروج غازات وأبخرة وكتل صخرية ومياه وطين، وذلك بعد غليان المياه على أعماق تصل إلى 10 كم، وقد يكون جزء من هذه المياه من تسريبات بحيرة سد النهضة من خلال أخدود النيل الأزرق، الذي يربط بين بحيرة سد النهضة ومنطقة الأخدود الإثيوبي الرئيسي محل الزلازل الحالية.
ةتتسبب درجات الحرارة العالية فى غليان المياه وزيادة الضغط، وخروج الغازات والأبخرة من خلال التشققات التى أحدثتها الزلازل التي وقعت في الفترة الماضية..
وبحسب شراقي، فإن الظاهرة تحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية لتأكيد أو نفي هذه النظرية، لافتا أن السلطات الإثيوبية أجلت حوالى 80 ألف شخص في الأيام الأخيرة..
–تأثيرات مستقبلية:
وبين التهويل من الزلازل والبراكين الطيسعسة، والتهوين منها، يبقى أن سد النهضة سيترك تأثيرات مستقبلية وخيمة على مصر، تتمثل في فقدان ثلث الأراضي الزراعية مع نضوب المياه الجوفية وتراجع الثروة السمكية، وزيادة ملوحة الأراضي، فضلاً عن خسائر اقتصادية كبيرة.
وهو ما يؤكده الأكاديمي المصري محمد سليمان الزواوي، بأنّ “فشل مفاوضات سد النهضة كان متوقعاً بالنظر إلى تاريخ سلوك المفاوض الإثيوبي، الذي تُعد استراتيجيته الرئيسية هي كسب الوقت عن طريق استخدام المفاوضات أداةً وليس وسيلةً للوصول إلى حلول مشتركة“.
وكان الهدف الرئيسي لإثيوبيا على المدى البعيد، هو تقليل حصة مصر من المياه وبيع المياه لدول المصب، فيما تكافح مصر إلى عدم تقليل حصة المياه أو شرائها من دولة المنبع مع إطالة أمد عملية ملء خزان السد، ووضع إطار قانوني ملزم ينظم عملية تصريف المياه.
–تأثيرات علي السودان :
ولا تختلف تأثيرات السد الإثيوبي على السودان كثيراً عن تأثيراته المصرية، لكن يضاف إليها أنّه يعد بمثابة قنبلة موقوتة، سيبتلع في حال انهياره، معظم السدود والقرى والمدن السودانية، في حالة انهيار السد، بشكل طيسعس او عسكري او مخابراتي، بعد امتلائه بمليارات الامتار من المياة..
ويرى مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، الدكتور أحمد المفتي، أنّ فشل مفاوضات سد النهضة، جاء لصالح إثيوبيا؛ لأنّ المفاوضات تقنن لها أعمالها الأحادية، ولا تجبرها على الوفاء بأيّ من التزاماتها.
يلفت المفتي إلى أنّ الخبراء المتحفظين على سد النهضة يرون أنّ تأثير فشل المفاوضات على السودان ومصر أكبر بكثير مما يتخيله البعض، لأنّ المفاوضات ينبغي أن تتوصل إلى موافقة إثيوبيا على ما هو أهم من قواعد الملء والتشغيل، والخطوط الإرشادية.
ويوضح أنّ بنود التفاوض تشتمل على إلزام إثيوبيا باتخاذ إجراءات وخطوات محددة في حال انهيار السد بشكل كلّي أو جزئي لأي سبب من الأسباب، وسيكون ذلك على نفقة إثيوبيا، كما يُلزمها بدفع تعويضات فورية وعادلة، عن كل ضرر يُحدثه السد، بما في ذلك فقدان ري الجروف، وكمائن الطوب الأحمر، وتغذية المياه الجوفية، والري والغابات، وتهجير السكان، والآثار البيئية السالبة.
ويتابع المفتي –وهو عضو سابق في لجنة التفاوض حول السد– قائلاً: “المفاوضات اشتملت أيضاً كل ما يتعلق بالأمن المائي وإلزامية التحكيم، وتقديم جميع المعلومات الهيدروليكية في الوقت المناسب، حتى يستطيع السودان تشغيل خزاناته، بكفاءة عالية، مع إلزامها بعدم التحكم في المياه لأغراض سياسية، وعدم بيع المياه إلا بموافقة الدول الثلاث“.
وحول مخاطر انهيار السد على السودان، يبيّن المفتي نقلاً عن وزير الري السوداني، أنّ انهيار السد سوف يُغرق نحو 20 مليون مواطن، لأنّ التخزين الحالي في سد النهضة بلغ 40 مليار متر مكعّب، وعلى ارتفاع شاهق، في حين أنّ سعة خزان الروصيرص السوداني تبلغ 7.5 مليار متر مكعب، بمعنى أنّه لا يستطيع استيعاب المياه إذا ما انهار سد النهضة، إضافةً إلى ذلك لا توجد ترتيبات طوارئ لتصريف المياه، مثل مفيض توشكا في مصر.
وينتقد المفتي موقف الحكومات السودانية المتعاقبة منذ بداية المفاوضات عام 2011، التي “فرّطت بشكل كبير في حقوق السودان المائية، وحصرت مطالبها في قواعد الملء والتشغيل والخطوط التوجيهية فقط“.
ويشدد المفتي على أنّ “التنسيق بين القاهرة والخرطوم والتعاون المتعلق بتوحيد المواقف التفاوضية، أمر إلزامي نصّت عليه اتفاقية 1959، المبرمة بينهما، ولكن ما يساعدهما على التعاون والتنسيق، هو تطابق مواقف كل منهما، مع بعض الاختلافات في اهتماماتهما، إذ إنّ السودان همّه الأول سلامة السد، في حين أنّ ذلك لا يشكّل أولوية لمصر، بسبب بُعدها الجغرافي من السد، ولأن لديها ترتيبات لاستيعاب مياه انهيار السد“.
–أزمات مناخية بالمنطقة:
ورغم أنّ الأمور لا تزال حالياً تحت السيطرة، لكنّ خبراء حذّروا من أنّ أزمة المناخ قد تزيد التوتّرات في منطقة سد النهضة، لا سيّما مع تضاؤل فرص التوصّل إلى حلول دبلوماسية لتسوية النزاع الثلاثي حول مياه النيل..
–فشل الدبلوماسية الناعمة:
ومنذ اتفاق كل من القاهرة وأديس أبابا في يونيو 2014 على استئناف مفاوضات سد النهضة بعد نحو عام تقريبًا على توقفها، في أعقاب تسريب الاجتماع الشهير الذي عقده الرئيس الراحل محمد مرسي مع بعض الشخصيات العامة في ذات الشهر من 2013، لبحث سبل الضغط على إثيوبيا لإثنائها عن فكرة إكمال بناء السد، التزم المفاوض المصري بما يعرف بـ”الدبلوماسية الناعمة”.
وعلى مدار عشرة أعوام كاملة لم تتخذ القاهرة إجراءً واحدًا ضد أديس أبابا، التي أصرت على استكمال بناء السد وإتمام عمليات الملء الأربعة، مكتفية بالشعارات والتصريحات الشعبوية الرنانة، الصادرة عن رأس هرم السلطة، والتي كان يتلقفها الإعلام بمانشيتات النصر والتفوق الساحق.
الكارثة والنقطة المفصلية في مسار تلك المفاوضات كانت بتوقيع السيسي ونظيره السوداني السابق عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هايلي ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة” التي عُرفت إعلاميًا باسم “اتفاق المبادئ” في مارس 2015، وهي الوثيقة التي منحت أديس أبابا الضوء الأخضر لبناء السد، كونها اعترافًا رسميًا بموافقة القاهرة على هذا المشروع.
وفي أعقاب تلك الاتفاقية بدأ الإثيوبيون الترويج لمشروعهم والحصول على الدعم الدولي المطلوب لتمويل بنائه، والذي كان يشترط موافقة دولتي المصب: مصر والسودان، لمنح الحكومة الإثيوبية التمويل اللازم، أي أن تلك الوثيقة كانت “الهدية” التي قدمتها مصر لإثيوبيا لتمرير أكبر مشروع في تاريخها الحديث، وفي نفس الوقت المستند الرسمي الذي لا يمنح المصريين حق الاعتراض على هذا المشروع.
وما إن استفاق النظام على تلك الكارثة، حتى حاول تحسس خطواته وتحركاته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعدما ورط الدولة والشعب ووضع أمنهم المائي على المحك، فبدأ في طرق باب المجتمع الدولي، تارة على أعتاب الولايات المتحدة، وأخرى لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكنها المحاولات التي كانت أقرب للاستجداء، لأن الموافقة المصرية في 2015 أنهت الأمر مبكرًا، وأوصدت الأبواب أمام أي محاولة لتدارك الأمر.
ومنذ 2015 وحتى اليوم، ويعزف المفاوض المصري على أوتار القانون الدولي واللوائح الخاصة باتفاقيات مياه النيل، لكنها الأوتار التي لم يصغ لها الإثيوبيون الذين لم يرفضوا الهدية الثمينة التي قدمها لهم النظام المصري بقيادة السيسي، وانخرطوا في سباق مع الزمن لإنهاء مشروعهم القومي الذي بات ينظر إليه آبي أحمد وحكومته على أنه مسألة حياة أو موت بالنسبة له في ظل صراع النفوذ مع المعارضة داخليًا.
وأمام هذا المشهد تبنى النظام المصري خطابًا شعبويًا هشًا، حاول من خلاله وعبر أذرعه الإعلامية التقليل من الكارثة التي ارتكبها بتوقيعه على اتفاقية المبادئ، ومنح أديس أبابا الوقت الكافي لإتمام المشروع، عبر استراتيجية التسويف والدبلوماسية الناعمة، حتى التهديدات التي باتت تصدر عنه بين الحين والآخر، تعاملت معها الحكومة الإثيوبية من باب الشو والاستعراض وامتصاص غضب الشارع المصري دون أي رد فعل يتناسب وحجم تلك التهديدات.
وبعد عشر سنوات كاملة من المفاوضات الجافة والعقيمة والتسويف الإثيوبي الممنهج، والوعود التي لا تتوقف بالحفاظ على حصة المياه التقليدية، وجد النظام المصري نفسه أمام أمر واقع، سد على مشارف إتمام بنائه، احتجاز كميات كبيرة من المياه أمام خزان السد، وهو ما دفعه للبحث عن البدائل، والتعامل مع الموقف على أنه أمر واقع لا محالة، فاضطر إلى إجبار المواطنين على التقشف وشرب مياه الصرف الصحي المعالجة، والاضطرار إلى تغيير الدورة الزراعية وتحميل الدولة فوق طاقتها كلفة اقتصادية باهظة للتعاطي مع تداعيات هذا المشروع، هذا بخلاف تعريض حياة الأجيال القادمة للخطر في ظل تزايد الاحتياجات وتناقص الموارد وافتقاد الرؤية لتحديات المرحلة المقبلة
–اشكالات سياسية أبعد:
وإلى جانب الأزمات الجغرافية والديمغرافية التي تضرب مصر، وزراعتها وأراضيها والجفاف والعطش تثور العديد من الاشكالات السياسية الأخرى..ومنها:
–علاقة إسرائيل بسد االنهضة :
ففي تصريح مفاجئ ، حمّل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إسرائيل مسؤولية تأزم مباحثات سد النهضة الإثيوبي الذي اعتبره “خرابا” لدولتين عربيتين هما مصر والسودان.
وقال أبو الغيط –في لقاء تلفزيوني، مؤخرا، إن إثيوبيا وضعت حجر الأساس لـ“سد الخراب الذي أطلق عليه سد النهضة، وإسرائيل وجدته شهر عسل تاريخيا وفرصة عظمى، لكنها (إسرائيل) ستدفع ثمنه بعد 20 سنة“.
وفي ما يخص مجلس الأمن وتفاعله مع ملف السد، عزا أبو الغيط اعتبار مجلس الأمن قضية المياه حساسة لكنها ليست مهددة للأمن والسلم إلى وجود خلافات على المياه بين أعضاء في المجلس، محذرا من تداعيات محتملة بعدم التوصل إلى آلية واتفاق بين الدول الثلاث…
وفي تصريحات اتفق دبلوماسيان مصريان سابقان عملا مساعدين لوزير الخارجية سابقا على تأييد اتهامات أبو الغيط لإسرائيل في عدم تسوية أزمة السد، واستقواء أديس أبابا بتل أبيب وقوى أخرى في هذا الملف، غير أنهما أبديا عدم دراية بكيفية دفع إسرائيل ثمن بناء السد بعد 20 عاما كما جاء على لسان الأمين العام للجامعة العربية.
يشار إلى انه مع استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا وإسرائيل، عام 1989، تحسنت العلاقات بين البلدين بعد قطيعة أفريقية موسعة لتل أبيب عقب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
وفي تسعينيات القرن الماضي أبرمت إسرائيل عدة اتفاقيات عسكرية وأمنية مع إثيوبيا –على رأسها اتفاقية عام 1998- منحت إسرائيل تسهيلات عسكرية واستخباراتية في الأراضي الإثيوبية، ثم تم التأكيد على هذه الاتفاقية في اتفاق إستراتيجي آخر في أواخر عام 1999.
كما أن تعميق العلاقات مع أديس أبابا يعد جزءا من إستراتيجية إسرائيلية بقارة أفريقيا، إذ أعلن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عام 2016 عن سياسة أفريقية جديدة تسمى “العودة إلى أفريقيا“، لتوسيع علاقات بلاده مع دول مثل إثيوبيا واستكشاف دول جديدة، ونتيجة لذلك قام نتنياهو بجولة في عدة دول بشرق أفريقيا فيما كان يستكشف دولا جديدة في غربها.
غير أن إسرائيل واجهت انتكاسة لعقد قمة كان من شأنها جمع القادة من الدول الأفريقية وإسرائيل عام 2017.
–تمدد اماراتي في الخاصرة المصرية:
وإلى جانب التمدد الاسرائيلي، تتوسع الامارات ، عبر مشاريع ستثمارية في سد النهضة، ومشاريع زراعية كبرى، تروي من مياه النيل، في اثيوبيا، واضعة سلطاتها واموالها إلى جاب اثيوبيا، في مواجهة مصر، التي تتضرر بشدة من سد النهضة.
وفي فترات عدة ، مارست الامارات وساطات منحازة بين مصر واثيوبيا، وكانت احد الاسباب الخفية في فشل المفاوضات..
وإلى جانب الامارات اسرائيل، تدعم الكثير من القوى الدولية لاجراءات الاثيوبية في مواجهة مصر، كونها موقعة على اتفقية مشتركة، وهوما يتفق مع سياسات الوهن المصري، في مواجهة اثيوبيا، المنطلقة في مشروعاتها لزرعية الطبرى..
ويبرز الرهان المصري على انهيار السد ضربا من العجز العسكري والسياسي المصري، قد لا يحدث اساسا، مالم تتحرك مصر بقوة نحو احقاق حقوقها المعترف بها تاريخيا، وانسانيا منذ عقود من الزمن..
واجمالا، فإن بناء السد يعد قنبله موقوتة ستنفجر في اوجه الشعب المصري عاجلا ام اجلا وستصبح الزراعة امر في غاية الصعوبة في ظل نقص معدلات المياة وسنضطر الي استيراد ابسط المزروعات مما سيفاقم أزمات الديون والاحتياج الي دولارات لتغطية احتياج المواطن الي ابسط السلع، وفي ظل تخاذل حكومة السيسي اصبحت مصر هي اليد الاضعف في كل الملفات الافريقية..
……………
المراجع:
اسامه حماد ، هل تؤثر زلازل إثيوبيا المتتالية على سد النهضة؟ ، تيليجراف مصر
حازم بدر،130 زلزالا في 14 يوما.. هل ينهار سد النهضة قريبا؟، ، الجزيرة نت
العربية .نت، هل يهدد زلزال إثيوبيا سد النهضة؟.. وزير سوداني يوضح،
Trt بالعربي
بعد فشل مفاوضات سد النهضة كيف سيؤثر ذلك علي مصر والسودان
نون بوست، بعد فشل القاهرة في معركة “سد النهضة”.. هل يواجه محور “فيلادلفيا” المصير ذاته؟
محمود سامي، خراب وشهر عسل.. لماذا اتهم أبو الغيط إسرائيل بأزمة السد الإثيوبي؟ وكيف ستدفع الثمن؟، الجزيرة نت