كشف الصراع بين الحكومة وقطاع الأطباء في مصر، خسلال صياغة قانون المسئولية الطبية، المثير للجدل ، الكثير من الاشتباكات والأزمات التي تواجه مهنة الطب في مصر..
وعلى الرغم من محاولات تبريد المواجهة من قبل الحكومة، باحراء تشريعي غير كاف، بحذف مادة الحبس الاحتياطي، من القانون، إلا أن الأطباء ما زالوا يعايشون أززمات عدة، باستمرار وجود لجان محاسبة لهم، يس من أعضائها أطباء، بل من النيابة العامة، بجانب غرامات كبيرة تقودهم أيضا للحبس،علاوة على ذلك تتفابم أزمات تدني الرواتب وانخفاض البدلات وضعف الامكانات الطبية بالمستشفيات، وبجانب عدم الحماية الكافية لهم من الاعتداءات..
ورغم أن القانون الذي لا يرضي الأطباء، يواجه رفضا كبيرا بمجتمع الأطباء، إلا أن الحكومة ترى أن هذا القانون يحقق الاتزان ، ورأت فيه انها وانه هو الطريقة الامثل بالتعامل مع قضايا الاهمال الطبي والاخطاء الطبيه
نص القانون أيضًا على إنشاء اللجنة العلaيا للمسؤولية الطبية وحماية المريض، التي تتبع رئيس الوزراء وتعدّ جهة استشارية معنية بالنظر في الأخطاء الطبية، وتتولى اللجنة مهام (النظر في الشكاوى، إنشاء قاعدة بيانات، وإصدار أدلة إرشادية للتوعية بحقوق المرضى بالتعاون مع النقابات والجهات ذات الصلة). فضلًا عن ذلك، يتضمن مشروع القانون إنشاء نظام للتأمين الإلزامي يشمل المنشآت الطبية ومقدمي الخدمات من العاملين في المهن الطبية، من خلال إنشاء صندوق تأمين حكومي، ويتولى الصندوق المساهمة في دفع التعويضات المستحقة عن الأخطاء الطبية، إلى جانب إمكانية تغطية الأضرار الأخرى التي قد تحدث أثناء أو بسبب تقديم الخدمات الطبية، حتى وإن لم تكن مرتبطة بأخطاء طبية.
وترى الحكومة إن القانون “متزن”، وأثناء مشاركته بالجلسة العامة التي عقدها مجلس الشيوخ لمناقشة القانون، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة، خالد عبد الغفار، أن “فلسفة القانون تستهدف تحقيق التوازن والتكامل بين الطبيب والمريض، مشيرًا إلى أن التشريع يمنح الحماية الجنائية للأطباء، ويوفر بيئة عمل آمنة للطواقم الطبية، بعد أن تكررت حوادث التعدي على الأطباء”. كذلك صرح وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي محمود فوزي، بأن القانون الجديد يهدف إلى تعزيز الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض، وتحقيق جودة أعلى في تقديم الخدمات العلاجية، وأوضح أن التشريع يتضمن ضمانات للأطباء، من أبرزها تعريف دقيق للخطأ الطبي، وتحديد الحالات التي تُعفى فيها مسؤولية الطبيب ومقدمي الخدمة الطبية.
اعتراضات الأطباء
بالمقابل تعترض نقابة الأطباء بشكل واسع على القانون، إذ دعت إلى عقد جمعية عمومية طارئة، ، لمناقشة كيفية مواجهته، وقال نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، في تصريحات صحفية إن” القانون الجديد لا يحقق مصلحة الطبيب والمريض. ورغم أهمية التشريع لتنظيم العلاقة بين مُقدم ومتلقي الخدمة الطبية، فالصيغة الحالية لا تحقق الغاية من صدور القانون”. كما أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي، تضامنه مع مطالب نقابة الأطباء، داعيًا إلى إجراء تعديلات جوهرية على القانون قبل عرضه على مجلس النواب، بما يضمن تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء.
بعد الضغوطات، أعلنت لجنة الصحة بمجلس النواب، حذف مادة الحبس الاحتياطي من القانون، وقالت إن القرار جاء استجابة لمطالب الأطباء، فيما أكدت نقابة الأطباء تمسكها بمطالبها وجددت دعوتها للجمعية العمومية الجمعة، وقال الدكتور جمال عميرة – وكيل نقابة الأطباء-، في تصريحات تلفزيونية، إن إلغاء مادة الحبس الاحتياطي بمشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض هو استجابة لواحدة من خمس مواد طلبت النقابة تغييرها، وأضاف أن ” اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب ا لم يناقش أمورًا جوهرية”، مشيرًا إلى أن “مشروع القانون لا يزال ينص على حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، وهو أمر غير موجود بأي مكان في العالم”، وفق قوله.
واستنكرت منى مينا – الأمين العام السابق لنقابة الأطباء- إقرار لجنة الصحة بمجلس النواب تعديلات قانونية، والقول بإنها جاءت استجابة لمطالب نقابة الأطباء، مشيرة إلى أن “البعض يهلل لهذه التعديلات رغم ما تحمله من أعباء جسيمة على الأطباء.”
إذ أن المادة 27 المعدلة تنص على غرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه ومليون جنيه عن الأخطاء الطبية التي تُسبب ضررًا محققًا، بينما تصل العقوبة إلى السجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات وغرامة بين 500 ألف ومليون جنيه إذا كان الخطأ جسيمًا، لافتة إلى أن الغرامة تُعتبر عقوبة جنائية يتحملها الطبيب شخصيًا، ولا تغطيها شركات التأمين التي تقتصر مسؤوليتها على التعويض المدني
كما منح مشروع القانون (المادة 29) النيابة العامة حق حبس الأطباء احتياطيًا في الجرائم التي تقع نتيجة تقديم الخدمة..
كما أن التعريفات القانونية المتعلقة بالأخطاء الطبية ما تزال فضفاضة وتسمح بتفسيرات متعددة، ما يُزيد من مخاطر تحميل الأطباء مسؤولية جنائية في ظل غياب وضوح كافٍ. مشيرة إلى أن المادة 23 من القانون لم تُلغَ، إذ تتيح فرض عقوبات أشد إن وُجدت، رغم أن العقوبات الحالية تُعد من الأشد بالفعل. وشددت على ضرورة مراجعة هذه التعديلات لتفادي التضييق على الأطباء في ظل التحديات التي تواجههم
يشار إلى أنه خلال المناقشات التي شارك فيها نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، ونقيب الأسنان، إيهاب هيكل، بمجلس الشيوخ أكدت النقابة أنها تتمسك بمجموعة من المطالب الأساسية العادلة، منها رفض حبس الأطباء في القضايا المهنية، وقصر المسؤولية الجنائية على الأفعال المخالفة لقوانين الدولة أو الممارسات خارج التخصص الطبي، مع استبدال الحبس بالتعويضات في حالة الأخطاء غير العمدية، مشددة على عدم جواز الحبس الاحتياطي في القضايا المهنية، وضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الجهة المختصة بتقييم الأخطاء الطبية والفصل فيها.
وأضافت النقابة، بحسب بيان، أن مشروع القانون بصيغته الحالية لم يستجب لـ مطالبها المتعلقة بإنشاء صندوق تعويضات يتحمل كامل قيمة التعويضات دون مشاركة الطبيب في التمويل، مشيرة إلى أهمية أن يكون دور اللجنة العليا للمسؤولية الطبية محوريًا في التحقيق والتقاضي، بما يضمن الحياد والعدالة، مع توفير الحماية القانونية للأطباء أثناء ممارسة مهنتهم، بما يحقق التوازن بين حقوق المرضى ومقدمي الخدمات الصحية.
وبحسب وكيلة نقابة الأطباء السابقة، منى مينا، فإن النقابة منذ أكثر من عشر سنوات، كانت أول جهة تطالب بإصدار قانون المسؤولية الطبية، بهدف وضع طريقة محاسبة علمية ومهنية لأي اتهام بالإهمال الطبي أو الخطأ الطبي، وتقدمت بقانون في وقت سابق، وتم إهماله، وبعدها تم إقرار القانون الراهن (المثير للجدل). تضيف: “نحن لا ننكر وجود أخطاء طبية، أو بعض حالات إهمال ربما يصل عدد منها إلى الإهمال الجسيم، هذه الأمور موجودة كأي مهنة أخرى، لكن المشكلة تكمن في ضرورة وجود قانون يفرق بين المضاعفات الطبيعية لأي تدخل طبي، والأخطاء الطبية، والإهمال الجسيم.”
فيما يتفق معها أحمد حسين – عضو مجلس النقابة السابق-، إذ يؤكد أن أطباء مصر لا يرفضون القانون بالمطلق، ومنذ سنوات يطالبون بوضع قانون عادل وموضوعي للمسؤولية الطبية. يضيف: “مثل هذه القوانين موجودة في غالبية الدول التي تطبق أنظمة صحية مستقرة ومحترمة وتراعي مصالح المرضى. هذه الدول نجحت في تحقيق حالة من الرضا لدى المرضى تجاه أنظمتها الصحية. دائمًا أضرب مثالًا على الإمارات والأردن باعتبارهما الأقرب إلينا في المنطقة، وأرى أن القانون المطبق في الإمارات يمثل نموذجًا جيدًا يمكن أن يحتذى به”.
من جهته، يصف أسامة حمدي – أستاذ الأمراض الباطنية والسكري بجامعة هارفارد- القانون بأنه “المسمار الأخير في نعش الطب في مصر”..
ووفق تقديرات لأطباء، فإن عدد الأطباء الذين هاجروا من مصر، نحو نصف أطباء مصر إلى خارجها، ومع القانون الجديد سيهاجر بالتأكيد، أو يمتنع عن العمل معظم الباقين إذا أُقِرَّ القانون الذي يسمح بمعاقبة الأطباء بالسجن الاحتياطي، أو عقوبة السجن لأخطاء المهنة، لتصبح مصر ربما أول دولة في العالم بلا أطباء! لا أتصور أن نواب الشعب ما زالوا لا يدركون ما هم مقبلون عليه مع هذا القانون الشاذ والأوحد في العالم، وأنهم يضعون بذلك القانون المشين أمن مصر القومي على حافة الهاوية. أتمنى وكلي حسرة أن يوقف أحد العاقلين هذا العبث وينهيه!”
تأجيل عقد الجمعية العمومية بضغوط أمنثة
ومع ضغوط أمنية بمجلس النواب على نقيب الأطباء، جرى تأجيل الجمعية العمومية للأطباء، التي سبق وأن دعت لها نقابة الأطباء، وذلك لتفادي تصعيد مجتمي ، تسعى السلطة لتجاوزه مع تفاقم الغضب الشعبي من انهيار مستوى الخدمات الصحية وارتفاع أسعار جميع السلع وتزايد الفقر داخل المجتمع المصري، وهو القرار الذي أجبرت عليه نقابة الأطباء، وهو ما أثر غضبا بين الأطباء، واستقالات بمكاتب أعضاء النقابة..
وعبر العديد من الأطباء عن غضبهم وصدمتهم من تأجيل جمعيتهم العمومية من قبل النقيب، مؤكدين أنها كانت فرصة كبيرة لإظهار اصطفافهم في وجه قانون يقولون إنه يستهدفهم، حتى بعد تعديلاته التي وصفوها بغير الكافية وغير الواضحة.
الطبيب من المستشفى للسجن
ويخشى الأطباء من معاقبتهم بالحبس الاحتياطي، في حال وقوع أي خطأ طبي، قد لا يكون حسيما، ، من خلال قانون العقوبات، رغم التعديل الأخير في قانون المسؤولية الطبية الذي قصر الحبس على حالة الخطأ الطبي الجسيم.
وبحسب مسودة قانون المسؤولية الطبية، تصدر لجنة فنية سيتم تشكيلها بموجب القانون تقريرا بخصوص الأخطاء الطبية، لكن تقارير هذه اللجنة غير ملزمة لجهات التحقيق، وهي إحدى النقاط التي يعارضها الأطباء في القانون.
كما يطالب الأطباء بأن يكون تقرير اللجنة الفنية يجب أن يكون ملزما لجهات التحقيق والقضاء في الفصل في درجة الخطأ الطبي، وليس مجرد التعامل معه كخبير فني.
من جهتها ترى الدكتورة ريهام فاروق أخصائية طب الأطفال بمستشفى عين شمس العام أن القانون لا يفرق بشكل واضح بين المضاعفات الناتجة عن المرض أو العلاج، والخطأ الطبي، والخطأ الطبي الجسيم من وجهة نظرها “يفتح الباب للشكاوى الكيدية والابتزاز والنيل من سمعة الطبيب
ويشعره بانعدام الأمان في بيئة العمل“.
بين الهجرة أو الطب الدفاعي
ومع تطبيق القانون، سيصبخ الأطبء بين خيارين لا ثالث لهما، إما اللجوء للطب الدفاعي أو الهجرة خارج مصر، هكذا يقول الدكتور عمرو أبو العلا استشاري الجراحة العامة والمناظير، رغم خبرته التي وصلت إلى ٣٠ عاما.
ويضيف الطبيب في حديث صحفي، إنه لا يعارض حبس الطبيب بسبب الممارسات غير القانونية كالإجهاض غير المبرر مثلا، لكنه يرى أن صياغة القانون غير الواضحة بشأن الخطأ الطبي ستجعل الأطباء يتخوفون من إجراء التدخلات في الحالات المرضية عالية الخطورة لتجنب تعرض الطبيب لأي ضرر، كما سيدفع الكثير من شباب الأطباء للهجرة.
أما الطب الدفاعي أسلوب يعتمده الأطباء من أجل الدفاع عن أنفسهم من خلال تجنبهم التعامل مع المرضى المعرضين للخطر الشديد، وتجنُّب اتخاذ الإجراءات الطبية عالية المخاطر معهم خوفًا من حدوث مضاعفات أو وفاة للمريض قد تعرضهم للمساءلة القانونية.
أما أحد الأطباء الشباب فقال “سيعزف معظمنا عن التخصصات الملحة مثل جراحات المخ والأعصاب والأوعية الدموية والقلب، والصدر، والعناية المركزة، والتخدير.. خلال عشر سنوات ستختفي هذه التخصصات في مصر“.
ويرى الاطباء أنه من غير المنطقي أن تبدأ الغرامة على أقل خطأ طبي مثل مشكلة في تركيب إبرة وريدية بـ 100 ألف جنيه حتى مليون جنيه، ويقول “في هذه الحالة قد يتم حبسي أيضا لعدم قدرتي على السداد حتى وإن ساهم صندوق التأمين الطبي فقد لا يغطي كل الغرامة“.
وأردف الطبيب أنه أصبح يطلب من المريض عمل أشعة وتحاليل، حتى لو حالته بسيطة كنوع من المستندات لتأمين نفسه كطبيب ما قد يؤخر علاج المريض لاسيما في ظل ضعف الإمكانيات في المستشفيات الحكومية.
من جهته يرى الطبيب مؤمن توحيد أخصائي العظام أن كل ما سبق سيزيد من معدلات هجرة الأطباء من مصر لاسيما في ظل تدني الرواتب بمصر.
ودائما ما يشتكي الأطباء في مصر من تدنى الرواتب، وظروف العمل السيئة خاصة في المستشفيات الحكومية، حيث يبلغ متوسط راتب الطبيب الشاب في مصر نحو 3700 جنيه مصري (أي ما يعادل 73 دولار)، بحسب تقرير لنقابة الأطباء المصرية صادر في أبريل 2022.
ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد تراجع عدد الأطباء في القطاع الحكومي المصري على نحو ملحوظ، إذ انخفض العدد من حوالي 113 ألف طبيب في عام 2014 إلى 73.4 ألف طبيب في عام 2020.
في المقابل، لم تؤدِّ زيادة أعداد المقبولين في كليات الطب وإنشاء كليات جديدة إلى تخفيف الأزمة، بل ارتفعت أعداد الاستقالات، إذ بلغت حوالي 11,500 طبيب خلال المدة من 2019 حتى مارس 2022، وفق تقرير لنقابة أطباء مصر عام 2022.
وأرجعت دراسة للجامعة الأمريكية في القاهرة نُشرت في نوفمبر 2024 أبرز أسباب هجرة الأطباء من مصر إلى ضعف البنية التحتية الصحية، والرواتب المتدنية، وظروف العمل غير الملائمة.
وذكرت الدراسة أن الأطباء يهاجرون إلى دول ذات أنظمة صحية متطورة، موضحة أن 56% من الأطباء المصريين يعملون في الخارج، مع تفضيلهم الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية لأسباب مهنية، ودول الخليج لأسباب مالية.
ولعل ما يفاقم هجرة الأطباء المصريين، تعرضهم لظروف صعبة للغاية على المستوى التعليمي والوظيفي، بالإضافة إلى مشكلات المنظومة الطبية ذاتها،.
وذكر احد الاطباء المهاجرين، أسباباً مختلفة لهجرة الأطباء من مصر، أبرزها “البحث عن درجة علمية معترف بها عالمياً”، خاصة أن الشهادة المصرية لم يعد لها نفس القبول القديم في دول العالم، لا سيما دول الخليج العربي.
وأوضح “كي تحصل على شهادة طبية في مصر يجب الدراسة لنحو 5 سنوات على الأقل، بخلاف سنوات الدراسة الستة المعتمدة، وخلالها يجب عليك العمل في وحدات صحية لمدة تتراوح ما بين العام والعامين، ثم التحضير للماجستير والدكتوراه، ويستغرق هذا نحو ثلاث سنوات، بخلاف أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، والتي تصل إلى نحو ثلاث سنوات للأطباء الذكور، لهذا يفكر كثير من الأطباء في ترك مصر والعمل والدراسة في الخارج، ومن ثم التحرك باتجاه الخليج أو الاستمرار في أوروبا وأميركا“.
إلى جانب السبب العلمي، هناك أسباب أخرى ، مثل الاعتداء على الأطباء داخل المستشفيات بجانب ضعف المرتبات، وكثرة ساعات العمل، إذ تصل مدة عمل بعض الأطباء لنحو 24 ساعة كاملة، بجانب ضغط الحالات، إذ يستقبل بعض الأطباء خلال ساعات عملهم أكثر من 200 حالة، وهي أعداد تفوق قدرة البشر على العمل والتركيز
ومنذ ستينيات القرن الماضي، يعاني الأطباء من الإهمال وتدني الرواتب، وتسلل الفساد المالي والإداري والمحسوبية إلى المنشآت الطبية العتيقة، حتى أصبحت البيئة غير مناسبة مطلقاً للأطباء الأكفاء.
ومن هنا بدأ العديد من الأطباء في البحث عن فرص عمل أخرى خارج مصر، حيث كان الخليج العربي الوجهة الأولى، ومع الوقت اتجهت بوصلة الهجرة إلى أوروبا وأميركا”، مشيراً إلى أن بعض الأطباء يعودون إلى مصر بعد الحصول على شهادات علمية متقدمة.
وكشفت دراسة حكومية مصرية، أن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء في مصر، باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ حوالي 212 ألفاً و835 طبيباً، يعمل منهم حالياً في جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص، حوالي 82 ألف طبيب فقط، أي بنسبة 38% من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة.
وتعني تلك الإحصائية أن 62% من الأطباء المسجلين في مصر، خارج المنظومة الطبية، إما بسبب السفر إلى الخارج للعمل أو لاستكمال الدراسات العليا، أو بسبب الحصول على إجازات بدون راتب، أو الاستقالة نهائياً من العمل الحكومي.
وتخلص الدراسة، إلى أن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.
ويفيد الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، بانخفاض عدد الأطباء إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021 بانخفاض بلغت نسبته 3.3%.
وذكرت بيانات لنقابة الأطباء المصرية، أن نحو 11 ألفاً و536 طبيباً استقالوا من العمل الحكومي خلال 3 سنوات فقط في الفترة من 2019 وحتى مارس 2022.
وبحسب تلك البيانات، فإن عام 2023 شهد استقالة أكثر من 4300 طبيب مصري يعملون بالمستشفيات الحكومية، وهو العدد الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيب كل يوم، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
ووفق نقابة الأطباء المصرية، فإن متوسط راتب الطبيب المقيم في مصر 3700 جنيه مصري (نحو 82 دولاراً)، ومتوسط معاش الطبيب بعد نحو 35 عاماً من العمل الحكومي 2300 جنيه (نحو 51 دولاراً)، بينما أشارت هيئة التأمين الصحي إلى أن متوسط راتب الطبيب في نظام التأمين الصحي الشامل الذي تم تطبيقه في بعض محافظات مصر يصل إلى 17 ألف جنيه (نحو 377 دولاراً) في الشهر
في ظل كل هذه الظروف يكون مطلوب من الطبيب العمل والتركي في كل الحالات حتي ابسطها خوفا من السجن او توقيع الغرامات عليه التي لاتتناسب تماما مع دخله البسيط وهو يري اوروبا تفتح الباب علي مصرعيه تناديه للعيش في حياه كريمه يجد فيها كل حقوقه ويستطيع الالتزام بتأدية واجباته بهدوء وسلام داخلي غير قلق من ان يعتدي عليه احد او يسجنه نظام يتسم بكل انظمة الفساد واهدار الحقوق ويحصل علي درجات علمية معترف بها دوليا ويستطيع ان يكمل دراسته ليصبح مؤثر في عالمه الخاص ويأدي رسالته الساميه بدون اي قمع او سلب ابسط الحقوق
كما لابد ان تتيقن الحكومة ان مهنه الطب واحده من اسمي المهن المطلوبة بشكل دائم وان غيابها يعني توقف الحياه بالنسبه لشعب يعاني من الامراض والفقر والجوع
وفوق كل ذلك، فإن العملية الطبية دائما ما تتأثر بجودة المستشفي وجميعنا يعرف مدي جودة المستشفيات الحكومية وهذا قرار من الحكومة بغسل يدها واهمال فكرة تصحيح مسار المستشفيات المصرية
ومع استمرار سعي الحكومة لاقرار القانون، ورفض الأطباء، فإن المشكلات الصحية ستتفاقم بما يهدد الأمن القومي المصري، وتضييع الفرص لتحول مصر لرقم مهم في توفير الخدمات الصحية، بم تتمتع به مصر من كفاءات طبية ناجحة في كل أنحاء العالم..
………………
المراجع:
الشرق ، مصر.. “هجرة الأطباء” تتصاعد وجهود حكومية لسد العجز، ديسمبر 2024
زاوية تالته، 88% من الأطباء تعرضوا لعنف لفظي، و42% لعنف جسدي… وقانون المسؤولية الطبية يهددهم بالسجن، 24 نوفنبر 2024
بي بي سي، بدأتُ رفض علاج بعض المرضى”: جدل في مصر حول قانون “المسؤولية الطبية“، 2 يناير 2025